آخر 10 مشاركات
عشيقة الإيطالي (1) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          220 - همسات - جيسيكا ستيل (الكاتـب : monaaa - )           »          261-سحابة من الماضي - ساره كريفن ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          18 – بعدك لا أحد - مارجورى لوتى -كنوز أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          604 -الحب أولاً وأخيراً - ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          مُقدرة لمصاص الدماء(8)للكاتبة:Bonnie Vanak(الجزء1من سلسلة القدماء)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          العاطفة الانتقامية (19) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          130-كلمة السر لا-أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-03-21, 07:02 PM   #41

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


المقدمة
رفعت نورين وجهها المحتقن بالدموع للمرآة أمامها.. تطالع عينيها المتمردتين وقد سال منهما الكحل الأسود على وجهها ملطخًا خديها الأحمرين بخيوط سوداء..
كل ما فيها كان يرتجف من الخوف وكل ما حولها يسوده الكرب والصمت..
ترتدي الثوب الذي ستزف فيه إلى ابن عم الرجل الذي قٌتل على يد ابن عشيرتها..
فقد قُرر بموجب التقليد الذي تمليه العادات العشائرية لحقن الدماء أن تكون هي ضحية زواج الدم بما أنها إحدى بنات العشيرة المعتدية.. وأقرب فتاة للقاتل صلةً ودمًا..
وساعات قليلة متبقية لهم للمجيء لأخذها..
وهبتها عشيرتها إليهم.. وكأنها سبية.. وكأنها سلعة مقايضة تحدث بموجبها النزاعات..
وكله.. تحت عنوان.. الثأر..
كفكفت نورين عبراتها التي لا تنتهي واستجمعت قواها بوهن لتخطو نحو الباب وتفتحه قليلا لتقف خلفه متوارية عن الأنظار..
أمها ريحانة لم تكف عن البكاء منذ ساعات.. ووالدها حسن يجلس بجوارها بنظرات شاردة ممزقة وتجهم حزين يخفي بشق الأنفس عجزه وقلة حيلته.. يكتفي بأن يربت على كتف زوجته بين الدقيقة والأخرى..
التفت حسن لزوجته يطلب منها بصوتٍ أٌقرب للرجاء
((توقفي عن البكاء يا ريحانة.. لا ينقصنا بكائك هذا ليزيد الوضع سوءً))
فتحت ريحانة عينيها بتشوش عميق فتكاد لا ترى شيء من بين دموعها ثم قالت مستنكرة بصوتٍ مختنق
((ألا يحق لي حتى أن أتحسر على ابنتي التي سنسلمها إلى مقصلة إعدامها بيدينا؟))
نكس حسن رأسه شاعرًا بالعار البالغ وهو يرى نفسه عاجزًا على أن يحمي ابنته الكبيرة ومدللته.. إلا أنه قال بصوتٍ متحشرج
((لماذا تتحدثين بهذا الشكل؟ ألم أخبرك بأني تحدثت مع الرائد معاذ الكانز وأكد لي بأنها ستتزوج من خيرة أبناء الكانز.. وأمام الناس فقط سيظهر بأنه زواج دية.. إلا أنه في واقع الأمر سيكون زواجًا طبيعيا.. وإلا لما كنت سأقبل بأن أضحي بأبنتنا بهذا الشكل!))
عقدت ريحانة حاجبيها بقوة وهي تتمتم باستهجان
((استفق يا حسن.. ابنتك ستكون دية لحقن الدماء ولا شيء أكثر مهما قالوا.. ابنتك التي لم تتلقَ في بيتك إلا الدلال ستواجه الهوان في بيت ابن الكانز.. لست امرأة جاهلة يا حسن.. لدي تصور واضح عن الظروف التي تعيشها الفتيات اللاتي يتم أخذهن كضحايا زواج الدم.. وكيف سيعشن تحت ضغوط نفسية شديدة لا يمكن تحمّلها))
ابتلع حسن ريقه الجاف بألم ثم استرسل لها يرجو تفهمها ومؤازرتها له
((كفاكِ تشاءمًا بمصير نورين يا ريحانة))
أطرقت ريحانة فجأة ثم قالت بنبرة خافتة كأنها تجد صعوبة بالكلام
((لولا ما حدث مؤخرًا كنا سنوافق على طلب ابن صديقك في الزواج منها والسفر بها للخارج حيث يعمل ويدرس.. وكانت ستحقق حلمها في إكمال دراستها العليا هناك))
أحرقت العبرات المتساقطة قلب نورين قبل بشرة وجهها وهي تصغي لكلمات أمها..
لقد أضاعوا فعلا عليها حلمها الذي كان يطاردها منذ سنين في إكمال دراساتها العليا في الخارج.. كانت فقط على شفة حفرة من تحقيقه!
رفعت ريحانة عينيها تواجه زوجها وهي تكمل بشكل مباشرة
((لكن تحطم كل هذا الآن وستتزوج ابنتنا الوحيدة المدللة من أحد أبناء الكانز وسيتم معاملتها هناك كالخادمة.. سيتحتم عليها أن تنفذ الأوامر وتلبي طلبات عائلتهم بدون أن تستطيع الاعتراض.. ستعيش طوال حياتها عندهم مذمومة وعلى الهامش تحت وطأة العار والعذاب الأبدي))
أطبق حسن جفنيه وهو يبتلع غصة الحسرة ثم قال بصوتٍ باهت
((أيًا كانت الظروف يا ريحانة نحن مضطرون لهذا.. فلا سبيل لحل معضلة الدم هذه إلا بزواج ابنتنا من أحد أبناء عشيرة الكانز.. خاصة وانهم يعتبرون أني القريب الوحيد المتبقي للقاتل))
وعمّ صمت مقيت المكان..
فأطلقت نورين التي كانت لا تزال واقفة خلف الباب مكانها تسترق السمع لهما نفسًا مرتجفا بقلب يتوق للموت..
فحتى والديها قررا أن يقف مكتوفي الأيدي ويسوقاها للموت..
بترت والدتها هذا الصمت وهي تتساءل
((من ستتزوج منه هو وليد الكانز.. رجل متزوج صحيح؟))
أومأ حسن رأسه وهو يجيبها
((نعم ولكن لا تقلقي فزوجته عاقر))
متزوج! اسمه وليد!
بهت وجه نورين وتراجعت خطوات للخلف وهي تعرف أول معلومتين عن الرجل الذي ستزف له بعد ساعات..
لم يعجب ريحانة محاولته لتصغير سوء ما ينتظر ابنته فقالت تعيده لقسوة وحنظل الواقع
((أكم سمعنا يا حسن عن قصص فتيات أمثالها كانوا بمحلها وانتهى الحال بهم مقتولات ثأرًا لكن تم الادعاء أنهن متن منتحرات أو بسبب أحد الحوادث المؤسفة))
أظلمت عينا حسن وقد انحنى حاجباه قليلاً وكأنما زوجته لكمته بقوة..
فلم يستطع النطق بأي شيء وهو يشعر بقلبه يخفق برعب.. عقله في شتات مرير من فكرة أن يحل مستقبلا أي مكروه أو خدش صغير بابنته الوحيدة مع عائلة الرجل الذي ستزف له..
ظل حسن ينظر لزوجته وأنفاسه لاهثة.. قبل أن يقول أخيرا بصوتٍ مبحوح وإختضاض يهدد أمام زوجته بانفعال بدا باهتًا لها
((توقفي يا ريحانة عن كلامك هذا.. اقسم لك برب السماء بأنه لو مس ابنتي أي سوء فسأحملها واذهب بها وبكم جميعا لخارج البلاد إلى مكان لا يعرفه أحد.. وليذهب الباقون للجحيم))
ولم يشعر أحد منهما للواقفة خلف باب الغرفة الأخرى.. وكيف شحب وجهها بشدة حتى أصبح لوح من الرخام الأبيض..
رفعت نورين يديها تحتضن جسدها المرتعش.. وكل خلية في جسدها تنتفض برعب جزع وهي تتصور حياتها بعد أن تتزوج من ابن الكانز..
لم يبقَ لها إلا نفسها لتؤازرها.. حتى والديها تخلو عنها لسلامة أخيْها وباقي العشيرة..
ما ذنبها هي لتكون ضحيتهم وحقن دماء للعشيرتين إذا تورط شباب من عشيرتها مع عشيرة الكانز في صراع كبير.. ثم تطور الأمر ليتم طعن ذاك المدعو يحيى الكانز على يده!
هزت نورين وجهها الشاحب الذي يحاكي شحوب الموتى برفض..
لا.. لن تقبل بما يريدون منها أن تقبله..
هي ترفض الإذعان.. ترفض الانصياع.. ترفض السقوط في حفرة السلطة الذُّكورية..
لن تسمح لهم أن ينالوا من أدميتها..
ستتمرد على الظروف وستسخط على ضغط التقاليد والأعراف والعادات القَبَلِيَّة التي لا تتفق مع حقّها في تقرير مصيرها..
وبشق الأنفس حاولت نورين تمالك نفسها واستدارت للخلف تهرع مهرولة نحو شرقة شقتهم في الطابق الأرضي..
أمسكت بيديها المرتجفين ثوبها الثقيل ترفعه ثم قفزت من الشرفة دون صعوبة تذكر..
وبدأت تركض بعيدًا فوق السهول الخضراء..
ومع كل خطوة تخطوها بعيدا تجر معها معنى آخَر لحياة لن تقوَ على تحملها..
سترحل بعيدا..
هي في صراع من أجل البقاء.. من أجل الحياة التي يحاول حتى والديها سلبها منها..
ستقاوم.. وستناضل من أجل أن تبقى على رمق الحياة..
لم تعبئ التفكير إلى أين ستذهب وماذا ستفعل بعد..
بل كان جل اهتماما هو أن تهرب هي وحقيبة أحلامها بعيدًا..
حتى توقفت مكانها لاهثة بغته وهي تسمع دوى إطلاق النار.. بل زخات من الرصاص المتطاير في الهواء..
صرخت رعبًا وهي تركض بغريزية خلف ساق شجرة ضخمة تحتمي بنفسها حتى ينتهي عرس إطلاق النار..
وقلبها فزع من سبب إطلاق هذا الكم الهائل من الرصاصات..
من يقوم بإطلاقه؟
وهل هم قريبين من بيت عائلتها؟
شعرت طوال هذه الدقائق بسنوات تمر عليها وهي مختبئة مكانها عاجزة عن التحرك أو القيام بأي شيء تلتزم الحذر الشديد وترهف السمع لأي صوت من حولها..

شعرت نورين بحركة شخص ما يسير بين الأشجار فأوجست خيفة من أن يكون أحد مطلقي النار قد تبعها ويريد النيل منها..
وبمجرد أن شعرت باقتراب الخطوات منها حتى التقطت غصن شجرة كان ملقيا أرضًا ثم رفعته وكأنها تمسك سيف..
توقفت خطوات الشخص الذي يحاول الاقتراب على بعد أمتار منها فعقدت حاجبيها بتوجس بينما لا تزال تلهث من الفزع..
فانخفضت قليلا ببطء حتى نزلت على ركبتيها لتخرج رأسها من خلف الشجرة ناظرة بحذر نحو الشخص الذي عاد يتحرك ولكن باتجاه معاكس لها..
استغلت نورين انشغاله بإعطائها ظهره لتقفز بسرعة ولَّدها خوفها وتقوم بضرب ظهره..
ورغم هشاشة الغصن الذي كانت تمسكه نورين إلا أنه تكسر عندما ضربته بالشخص الذي اتضح أنه شقيقها الأصغر المراهق صالح الذي سقط على ركبتيها صارخًا من الألم..
أوقعت نورين الغصن المكسور أرضا وشهقت خوفا على أخيها وهي تنخفض له قائلة بفزع بينما تتفحصه
((صالح.. صالح هل أنتَ بخير؟ ماذا تفعل يا أخي هنا؟))
شد صالح على أسنانه يتحامل على الألم الذي يشعر به وفتح إحدى عينيه المغمضتين يقول معاتبًا بخوف صادق واهتمام
((أين كنتي يا اختي؟ لقد كان هناك إطلاق نار وأمي كانت تصرخ باكية بأنك لست في البيت.. بمجرد أن انتهى إطلاق النار حتى خرجت من البيت باحثًا عنك))
ازدردت نورين ريقها وهي تشعر بتأنيب الضمير..
هل جننت لتفكر بالهرب دون أن تعبأ أو تفكر بعائلتها وبدون حتى أن تمتلك مكان معينا لتحتمي به!
فقالت بصوتٍ متحشرج معتذر وهي تمسك كلتا كتفي شقيقها
((صالح حبيبي أنا اعتذر لخروجي من البيت دون إخباركم.. لكن لا تقلق أنا بخير))
ثم أتبعت كلامها بوابل أسئلتها
((لكن هل تعرف من كان يطلق النار ولماذا؟ هل تأذى أحد منكم؟ هل أبي وأمي وسعيد بخير جميعهم؟))
أومأ صالح برأسه بإيجاب ثم هدر
((لا تقلقي كلهم بخير.. لا توجد أي إصابات.. لا نعرف من الجماعة التي كانت تطلق النار ولكن كاد أن يتوقف قلب أمي وأبي عليك جزعًا عندما سمعا لم يجداك في غرفة نومك.. دعينا نعود يا نورين حالا لبيتنا قبل أن يشعرا بغيابي أنا الأخر))
لفت نورين ذراعيها حول أخيها وهي تقول
((حسنا لا تقلق.. المهم أن الجميع بخير ولم يطالهم أي أذى))
استقامت نورين واقفة وأمسكت يد صالح تساعده بالوقوف وسارا عائدين نحو منزلهم وسلكا نفس الطريق الذي هربت منه نورين حتى لا تضطر للمرور بأي من بيوت سكان القرية ولفت الانتباه لشكلها وهي ترتدي هذا الثوب..
طرقت باب منزلهم الخلفي وما إن فتحت والدتهم الباب ورأتها حتى شهقت بصدمة وهي تعانقها وتشد ذراعيها حولها هادرة بصوتٍ متهدج من فرط البكاء والنحيب
((أين كنتي يا نورين؟ خفت أن يحدث لك مكروه))
حررتها والدتها وابتعدت عنها قليلا تحيط وجه ابنتها بيديها وهي تكمل متسائلة بنفس النبرة
((لقد بحثنا عليكِ ولم نجدك.. خفنا أن يكون قد اختطفك أحد المسلحين الذين أطلقوا النيران))
حاولت نورين الابتسام لتطمئن والدتها أنها بخير إلا أنها فشلت.. فنكست وجهها وهي تقول بخفوتٍ محرجة
((كنت أريد الهرب من القرية كلها))
شهقت ريحانة وهي تضع يدها على صدرها
((إلى أين كنتي تنوين الذهاب يا ابنتي؟))

soha, سبنا 33, fazh and 12 others like this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 27-05-21 الساعة 02:48 AM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-21, 07:03 PM   #42

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


جلست ريحانة على إحدى الأرائك وهي تحتضن جسد ابنتها.. ومن حولها ولديها الأصغرين صالح وسعيد..
وجميعهم جالسين متصلبين في الصالة بانتظار عودة حسن الذي طُلب منه قبل ساعات أن يحضر اجتماع طارئ في المضافة لسبب متعلق بإطلاق العيارات النارية..
وكان الصمت يعم الأجواء.. والقلق يغزو المكان ويثقل الصمت بشكلٍ مريع..
فجأة تحرك الجميع من جلستهم وعلامات الترقب تعلو وجوههم وهم ينظرون إلى باب المنزل يُفتح..
دلف حسن للداخل برفقة أخته الكبرى يسرى ثم قال بصوتٍ عميق وهادئ رغم الإنهاك الواضح عليه كما وجهه بينما يهم بالجلوس على إحدى الأرائك
((السلام عليكم..))
رفع حسن وجهه المنكس لابنته ثم فغر فاه قليلا قبل أن يقول بدهشة متأخرة الاستيعاب
((أين كنت يا نورين متواجدة قبل أن اخرج من البيت؟))
شحبت ملامح ريحانة ونورين وارتبكتا خاصة مع تواجد يسرى عاقدة الحاجبين بمحاولة معرفة ما يقصده..
ولم تكن تريد إحداهما قول شيء إلا أن سعيد الصغير تمتم بعفوية
((لقد كانت اختي تحاول الهرب خارج القرية بمظهرها هذا لأنها لا تريد الزواج))
ضربت يسرى صدرها بيدها بصدمة.. في حين اتسعت عينا حسن وفغر فمه لا يصدق ما سمعه.. ثم سأل ببطء مخيف حذر
((هل كنت يا نورين تحاولين الهرب؟ إلى أين كنتي تريدين الذهاب بعيدا؟ هل يعقل أن تفعليها أنتِ.. أنتِ يا ابنتي..))
انكمشت نورين على نفسها وهي ترى غضب والدها يتصاعد ويشير بيده ملوحًا وأخر الكلمات تختنق في حلقه لا تخرج..
إلا أن والدها في النهاية عاد ينكس رأسه ويدفن وجهه في كلتا كفيه..
وساد صمت تام بين العائلة جميعها..
اتسعت عينا يسرى لا تصدق رد فعل أخيها.. نعم هي تعرف أنه رجل ضعيف ولا يمون حتى على أولاده..
لكن محاولة هروب ابنته في هذا اليوم وبالتالي إفساد أتفاق سيؤثر على عشيرتين كبيرتين فليس أمرًا هينًا إطلاقًا..
فلم تجد أمامها إلا تصرخ جازعة باستهجان على نورين
((هل حاولتِ حقا الهروب اليوم؟ إذا فقد كنت تأملين عدم حدوث الزواج هذا ورفض ابن الكانز له جاء من مصلحتك.. أليس كذلك؟))
هزت نورين رأسها نافية والعبرة تخنقها بينما تشدد من احتمائها بأمها التي لا تزال تحتضنها بذراعها..
في حين رفعت ريحانة حاجبيها بذهول متمتمه
((رفض ابن الكانز الزواج!))
وسرعان ما نظرت لزوجها تسأله باستفسار
((هل رفض وليد الكانز الزواج من ابنتنا يا أبا صالح؟ وهل لهذا الأمر علاقة بإطلاق النيران صباحا؟))
أومأ حسن برأسه إيجابا ثم أجاب بصوتٍ مثقل بالإنهاك
((نعم.. من أطلق النار قبل ساعات لقد كانوا بعض المسلحين الذين ينتمون لهم وقد ألقوا بعض القنابل اليدوية على منزلنا والمنازل المجاورة.. لكن لا تقلقي لم تكن لديهم أي نية لقتل أحد.. بل مجرد تحذير شديد اللهجة.. فقد أخذوا رفض وليد الكانز الزواج من نورين كرفض أن تكون دية ابن عمه شيء غير الدم))
اتضحت ملامح القلق البالغ على ريحانة وهي تستفهم زوجها بحذر
((وهل رفضه الزواج من نورين يعني انهم يرفضون أن يكون الحكم بزواج الدية لأنهاء الصراع القائم؟))
قال حسن بشيء من الهدوء
((لقد تم التراجع عن الشخص الي سيتزوج من نورين لا على الحكم بأن تكون الدية هي الزواج))
ازدادت ريحانة ارتباكًا وهي تتريث برؤية وجوههم بينما تتساءل
((ولماذا رفض وليد؟))
أسندت يسرى جسدها على ظهر الأريكة ثم قالت
((لقد قالوا بأنه كان رافض منذ البداية فكرة أن يتزوج هو.. لكن لا تقلقي.. عشيرة الكانز لا نية لها لتطور الصراع بين الطرفين.. فإذا كان ابن عم المغدور الأول يرفض الزواج.. فله عم أخر لديه من الشباب خمسة.. ستزف على أوسط أولاده.. يا ربي.. ماذا كان اسمه؟ ماذا كان اسمه؟))
ضيقت يسرى عينيها وكأنها تعتصر ذاكرتها بمحاولة تذكر اسم من ستزف نورين إليه..
في حين رحل ذهن نورين لعالم أخر شعرت أثناءه بدقات قلبها تصرخ ألما..
لم تشعر يومًا بحياتها بهذا القدر من المهانة والإذلال..
قالوا صباحًا لها بأنها ستزف على رجل يدعى وليد.. والآن يخبرونها بأنه تم استبدال الرجل الذي ستتزوجه وخلال ساعات..
وكأنها حرفيا سبية أو جارية يتحكم أسيادها بمن سيبيعونها..
انتشر الصمت بين جميع من في لصالة لدقائق قبل أن تكسره ريحانة متسائلة بخفوت ونبرة مثقلة بالألم والقلق على ابنتها
((وماذا سيحدث يا يسرى لو لم تتزوج نورين من أحد أولاد عم قتيلهم؟))
رفعت يسرى حاجبها الأيسر وهي تقول بنبرة محذرة
((لا تفكري يا ريحانة بأي شيء بعيد عن زواجها.. علينا تسوية الأمر بأسرع وقت ما.. قبل أن يتطور الوضع ويؤدي إلى مواجهة علنية بين العشيرتين ويسقط فيها ضحايا من الطرفين.. وابنيك الاثنين صالح وسعيد على طرف المدفع.. فهما ليسا طفلين))
دب الرعب والفزع داخل قلب ريحانة إلا أنها تمالكت نفسها وقالت بصوتٍ خفيض مرتجف
((لا.. بعيد الشر.. فليحفظ الله أولادنا جميعهم))
التفت حسن هنا يتحدث مع زوجته بصوته المتعب قائلا
((لذلك كل من في القرية يطالبني بأن تكون ابنتي الدية وتتزوج من أحد أولاد عم المقتول والا فأنه لن يسلم أحد من الأذى والحزن والمصائب التي ستطالنا جميعا في ظل التناحر بين العشيرتين))
كانت ريحانة تناظر ملامح يسرى القاسية طوال حديثها لتقول بأسى
((يا إلهي.. انهم مريعين))
زادت عليها يسرى وهي تقول الأسواء
((بل وأكثر.. لقد تسبب شبابهم في يوم الحادثة بإحراق كمٍ هائل من أشجار مزارعنا ومنع سيارات الإطفاء من إخمادها ولولا ستر الله لكان هناك خسائر بشرية.. وكأنهم متعطشون للدماء لأقل الأسباب))
رفعت ريحانة عينيها الدامعتين تقول بصوتٍ متحشرج
((متى ينتهي هذا الكابوس يا ربِ))
تدخل حسن ليقول لزوجته
((لذلك علينا تعجيل هذا الزواج ونحمد الله أن الحكم تم على زواج ولم تكن الدية دية دم))
تشنج وجه نورين للحظات قبل أن تتجرأ وتطلع لوالدها وتقول عاليًا بصوتٍ مرير مستنكر
((قتلوا وهددوا وروعوا بلا أي حسيب ولا رقيب في العلن.. فكيف تأمن على ذهابي لعائلة أناس متعطشين للدم وإراقته!))
بهت وجه ريحانة لصحة كلام ابنتها فقالت ودموعها تعود لتتجمع في عينيها
((ابنتك محقة يا حسن.. انهم متعطشين للدماء ويريدون روح بدل تلك التي أزهقت ولن يردعهم هذا الزواج))
فغر حسن شفتيه لما سمعه إلا أنه اعترض بشدة كمن هو مصر أن يخدع نفسه وهو يقول بقوة بغضب ظاهري
((اتفاقنا نحن العشائر مع بعضها لا مع الشباب الأهوج.. ولا يمكن أن يخل أحد به.. الثأر يحصل فقط بين ذكور العائلة ولا يمكن لطرف أن يدخل امرأة.. ليست من شيمنا نحن))
رفعت نورين حاجبها باعتراض ثم قالت بمرارة ساخرة
((أبي.. أنا لا أريد أن أضحي بنفسي.. لا أريد أن أزف لاحد منهم.. لم أوافق حتى على رفضك لابن صديقك الذي تقدم لطلب يدي..))
لم يكمل حسن كلامه واخته الكبرى تنقض وتتهجم على ابنته تصفع وجنتها بقوة أدارت وجهها للجهة الأخرى..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-21, 07:04 PM   #43

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

شهق الجميع بفزع إلا أن يسرى لم تتوقف عند هذا الحد بل شدت خصلات شعرها الأشقر بإحدى يديها وهي تصرخ عليها بغل وشر
((اخرسي يا بنت.. إياكِ أن تفكري بالرفض فهو ليس خيارا متاحًا لك.. ستزفين من الرجل الذي يقبل زواج الدية هذا بدون أي حرف معترض))
حاول حسن وزوجته وولديه إبعاد يسرى عن نورين بلا فائدة.. كلما حاولوا إفلات قبضتها الممسكة بشعرها زادت صرخات نورين المتألمة وهي تشعر بمنابت شعرها تقتلع..
فرجا حسن أخته أن تبتعد
((توقفي يا يسرى.. على رسلك عليها.. ألا تريين البنت ترتجف رعبا))
أخيرا استطاع سعيد الصغير عضّ ساعد عمته لتصرخ الأخرى متألمة وتسحب يدها..
لوحت يسرى يدها وهي تتأوه بألم ثم زعقت بملامح ممتقعة من بين أنفاسها اللاهثة
((ألم تسمع ابنتك يا أخي ماذا تريد؟ إنها ترفض الزواج حتى لو كان من سيتأذى منه هو أخويها الاثنين الصغيرين))
انحنى حسن على ابنته ومد أنامله يمسح دموع ابنته التي كانت تجهش بكاء حاد هي وأمها بينما يقول
((لا يا يسرى.. ابنتي ليست أنانية وهي لن تعرض حياة أخويها أو أحد أقاربها للخطر.. فقد سبق واتفقنا معها بأن هذا الثأر سيحل بزواج الدية بهدف حقن الدماء والتراضي وسد الطريق أمام المشاحنات والخلافات مستقبلاً.. صحيح يا نورين العزيزة؟))
لوهلة شعرت نورين بالضعف وأرادت أن تخضع لكلام والدها وضغطه العاطفي عليها..
لكنها تراجعت..
فهي ليست مخطئة بما تطلبه..
بلادهم تعاقب من يُكره شخصًا على الزواج من دون رضاه.. وهؤلاء الرجال يخترقون القوانين ويفعلون ما ينافي الدين والشرع..
هي ترفض إطلاقا أن تكون هي الضحية التي لا مفر أمامها إلا الخضوع لسكينهم وكأنها تعيش في عهد العصور الوسطي..
فتحت عينيها الممتلئتين بالدموع وقالت بصوتها المتهدج كلامًا متقطع من بين شهقاتها
((غير صحيح يا أبي.. لقد تراجعت.. أنا لن امضي قدما بهذا الزواج.. وهذا لا يعد أنانية.. فأنا لست سلعة قابلة للاستبدال والتعويض فداءً لحل النزاعات العشائرية التي تنشب بين الحين والآخر بيننا وبين عشيرة الكانز))
عقد حسن حاجبيه يحتج
((ولكن يا نورين لو رفضتي الزواج فناهيك عن تعرض الكثير للخطر.. فستنزلين من هامتي أمام كل وجهاء القرية.. لن يقبلوا أن أتملص أنا من المسؤولية والقاتل ليس لديه أحد أقرب مني له))
مدت ريحانة يدها تمسح أثار دموع وبكاء ابنتها وهي تقول
((والدك محق يا ابنتي))
هزت نورين رأسها برفض قاطع من والدتها المتأرجحة كل دقيقة برأي
((توقفي أمي أنا لا أريد.. ولن أستطيع.. توقفا عن إقناعي والتضحية بي))
إلا أنها عاد تستعطفها مجددا بالقول
((ولكن ماذا بيدنا غير هذا! ماذا سيفعل أبوك يا نورين وهو مكبل هناك وأسير للأحكام العشائرية!))
صرخت نورين عاليًا
((ليست مشكلتي.. أنا لن أضحي بنفسي.. لا يمكنكم يا أبي أن تحرموني من ابسط حقوقي وهي اختيار الزوج الذي أريده.. أنتم تحاولون سلبي حريتي وكرامتي في الإقبال على هذا الزواج))
ولم يستطع حسن أن يرد إلا بصوتٍ ضعيفٍ
((صدقيني يا ابنتي لولا ما سمعت من كبير الكانز من ضمانات لما كنت وافقت على زواجك من أحدهم.. فلا تخافي))
تساءلت نورين تكشف زيف كلام وثقة أبيها بما يقوله
((وماذا إذا لم تحدث ضماناتهم.. ماذا ستفعل وقتها يا أبي؟))
قال والدها مهددا بأسلوب لم يمس أحد
((إذا تجرأ ولمس أحد شعرة منك من عائلة الكانز فصدقيني سأقيم الدنيا عليهم ولن أقعدها))
حاولت نورين كبح دموعها وهي تقول
((وبعدها؟))
تلعثم والدها بخزي قبل أن يقول محاولا أن يظهر القوة
((وبعدها سأطلقك منه.. نعم أعدك بأني سأحاول فعل ذلك.. وسنسافر بعدها للخارج لبلد مجهول لتتخلص من وبالهم))
ابتسمت نورين بمرارة وهي تقول متهكمة بصوتها المرتجف
((هل تظنني طفلة لتخدعني بهذا الكلام؟ أنا..))
بترت نورين كلامها عند تهجم عمتها مرة ثانية عليها وقد نفذ صبرها وسئمت مسايرة والدها لها طوال الدقائق السابقة بلا أي طائل يرجى..
أمسكت يسرى بمقدمة ثوب نورين تقربها منها بقسوة بينما تصرخ فيها ساخطة
((نعم أنتِ طفلة.. وطفلة أنانية لا تعرف كيف تطيع كلام الكبار.. ستتزوجين من احدى أبناء الكانز شئتِ أم أبيتِ))
عاد الجميع يبعد يسرى التي كانت تهزها بقوة وصرخ حسن بأخته بعدم رضا
((توقفي يا يسرى واتركي الفتاة.. لن ينفع هذا الأسلوب معها))
إلا انه السخط والغضب اكتسحا يسرى أكثر من جرأة رفض ابنة أخيها لتقول
((معك حق لن ينفع معها هذا الأسلوب.. الضرب هو علاجها))
وكانت يسرى فعلا قد رفعت يدها تهم بصفه وجنة نورين مجددا حين ظهر امسك هنا حسن بمعصم أخته يمنعها من تكرار الصفعة وينفضها عنه..
فابتعدت نورين للخلف أكثر لكن لم تفقد شجاعتها وهي تقول
((حتى لو جلدتني فلن أتراجع عن موافقتي.. سأضرم بجسدي النار لو اضطررت لذلك..))
قالت يسرى وهي تبصق الكلمات من فمها وقد احمر بياض عينيها من شدة الغضب والسخط على ابنة أخيها
((اضرمي النار فوق جسدك يا عديمة الحياء وأريحينا منك..))
وكانت تريد يسرى الاقتراب من نورين إلا أن ريحانة أسرعت تحتضن ابنتها من يسرى وهي ترجوها منتحبة
((ابتعدي عن البنت أرجوكِ))
ضمت ريحانة ابنتها وكأنها تريد دفنها في صدرها.. وبثها قليلا من امأن لا تمتلكه..
مما جعل يسرى تظهر الاشمئزاز على وجهها وهي تتمتم
((أيتها الخبيثة الأنانية عليك أن تحمدي الله على تدخل بعض الوسطاء على العشيرتين واقتراح زواج الدم عليهم والا لكانت تحولت حياة كل فرد من عائلة الهنادل لجحيم بدلا من رفض الحكم بكل شجع))
نظرت نورين لوالدها الذي كان يأخذ دور المتفرج الضعيف..
بمجرد أن انتبه حسن لنظراتها حتى أشاح بوجهه على الفور ولم يتحمل أن ترمقه ابنته بعتاب لو كان له صوت لصرخ منهارًا به..
هدأت أنفاس يسرى لتهسهس بعدها بصوتٍ خافت حاد تجذب انتباه نورين لها
((الأمر يا صغيرة أكبر من والدك نفسه.. أنه امر عشائري تم بعد الاجتماع من كل وجهاء الهنادل.. وما عليك إلا السمع والطاعة))
ثم نظرت لأخيها تسترسل بنبرة جافة بملامحها الصارمة وتعابيرها الحازمة
((أخبر ابنتك بأنهم كانوا يريدون أن تسيق خمس عذروات منا للزواج من خمسة شباب من عشيرة الكانز وكأن بناتنا سبايا.. ولكن بعد تدخل الوسطاء بين الطرفين تم الاتفاق بأن تتزوج أقرب فتاة بالدم من القاتل لأحد أبناء عم المغدور لينتهي هذا النزاع))
شحب وجه نورين لما قالته عمتها..
لكن على الأقل هي فهمت الآن إصرارها على جعلها تتزوج من احدى أولاد عم المقتول على الفور بهذا الشكل الفج الواضح.. ودون مدارة أو تلوي..
هي تخشى أن تتطور مطالب عشيرة الكانز ويعودوا لطلبهم السابق فتقحم ابنتها هي الأخرى في الحكم مع غيرها..
انتبهت نورين لعمتها تحدجها بعينين تقدحان شررا قبل أن تستدير وتعطيها ظهرها مغادرة المنزل كله..
منظر ابنته الوحيدة يقطع نياط قلب حسن الذي قال بصوتٍ متحشرج
((سامحيني يا ابنتي.. أنتِ لا تهونين عليّ.. والله لا تهونين.. لكن الأمر أكبر مني كما قالت عمتك.. أنه حكم وقرار عشائري))
رفعت نورين عينيها لأبيها ليتابع بوهن
((ستزفين لأحد أبناء الكانز بعد أيام.. ولن يحدث لك أي مكروه.. وإذا ما حدث لا سمح الله.. سأسحبك من قعر بيتهم وأسافر بك أنتِ وأخوتك لخارج القرية.. بل البلاد كلها لنأمن على أنفسنا من غدرهم.. ولن اهتم بحال الباقي))
ثم عاد يجلس على الأريكة منكسا وجهها.. وقد كان القهر محفورا بدقة في تفاصيل وجهه.. وهو يجد نفسه كشخص ضعيف وعاجر أمام عائلته لا يملك من هيبة وشموخ الرجال شيء..
فبدا شكله الواهن في هذه اللحظة أمام زوجته وأولاده لوحة تجسد كآبة إنسان وعبثية وجوده بالنسبة لهم..
============



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 27-05-21 الساعة 03:03 AM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-21, 07:04 PM   #44

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

انتصب أخر من تبقى من وجهاء عشيرة الكانز في مجلس منزل يعقوب الكانز عقب انتهائهم من حديثهم الأخير المتعلق بدية ابن عشيرتهم الذي قُتل على يد أحد أبناء عشيرة الهنادل..
كان خروج أخر واحد منهم تزامنًا مع دلوف مؤيد.. الابن الثاني ليعقوب..
وقف مؤيد بطوله المهيب وملامحه القاسية مكانه عند مدخل مجلس الديوانية الذي يعمه الهم الهادئ يتطلع لأبيه المتكأ في مجلسه..
ثم حرك بصره نحو أخوته الأربعة الجالسين..
مصعب.. مالك.. مازن.. ومعاذ الذي كان يجلس بجانب والدهم مؤازرًا إياه..
ملامحهم جميعا كانت مكروبة وأثار الغم محفورة بدقة في تفاصيلها..
انتصب مؤيد وخطا نحو والده يستهل الحديث قائلا بملامح وجه متصلبة
((علاما خُتم المجلس هذا والذي قبله؟ أريد ملخصًا))
بهدوء رفع معاذ الأخ الأكبر عينيه لشقيقه مؤيد.. الذي ومنذ نبأ قتل ابن عمهم يحيى وقد استطاع بصعوبة أن يجعله يلجم غضبه المنفلت ويغادر القرية كلها حتى لا يتهور تبعا لرعونته وقلة صبره وحكمته فيكون أول المحرضين لباقي أبناء العشيرة ليقوموا بفعل ما لا يحمد عقباه.. ثم أجابه بهدوء
((ملخص كل الأحاديث التي دارت في مجلس بيتنا وفي مضافة العشيرة هو أننا توصلنا لحل يمنع إهدار دم الطرفين))
بدا أن مؤيد فهم قصده فقال مستهجنا
((هل ستقبل بكل بساطة أن تمر دماء يحيى دون ثأر أو دية؟))
عقد معاذ حاجبيه وارتسم أثر الانزعاج على وجهه وهو يجيب أخيه بصلابة
((الثأر انتهى بموت قاتل يحيى في حادث سيارته أثناء فراره من القرية بنفس اليوم الذي قتله.. وعلينا الآن أن نتوقف عن التفكير بأي شيء لا يساعد في حقن الدماء والحفاظ على هدوء القرية وما يجاورها))
علا صوت مؤيد وهو يقول
((القصاص الذي اخترتموه لعشيرة قاتل ابن عمنا فيه هذر لدمائه هو.. هل طلبتم مني الابتعاد لخارج القرية لأيام حتى تتخذوا هذا الحل في النهاية؟))
لم يأبه يعقوب الكانز لكل الهذر الذي خرج من فاه ابنه منذ قدومه ولم يعره أذنا صاغية له.. إلا أنه هنا لم يمنع نفسه أن يزجره فجأة وسط الكلام
((اسكت أيها الأهوج.. ألا حديث لك من بعد موت يحيى إلا عن الثأر والدم وإزهاق أرواح أبرياء؟))
قال مؤيد بتهافت
((لأنه بالثأر للدم فقط نحافظ على شرفنا وكرامتها الذي يحاول أبناء عشيرة الهنادل المس فيه))
قال معاذ بنبرة لا تلين وهو يشدد على كلماته
((ليس بالثأر يا أخي إلا الدمار والهلاك))
مسد يعقوب صدغيه بقوة قبل أن يقول بحدة وبعلو نبرات صوته
((يكفي.. ما زلت أنا هنا))
لجم مؤيد غضبه المستعر بصعوبة وحاول أن يبدي هدوءً واحترامًا لأبيه وهو يعترض
((ولكن يا أبي..))
فرد يعقوب الكانز كفه مقاطعا إياه بهدوء بالغ.. ثم قال بتقرير لا تراجع فيه أبدًا
((لقد قررت مع باقي وجهاء القرية واي حديث ستقوله الآن لا طائل منه))
تجلد مؤيد يتابع تساؤلاته باستنكار
((ولكن يا أبي كيف استطاع وجهاء القرية كلهم الموافقة على أخذ ثأرنا بهذا الشكل))
كان يعقوب يعرف مقدما بأن هذا الحديث لن يعجبه وهو الأدرى برعونة وتهور ابنه الثاني مؤيد على عكس باقي أشقائه..
فهتف به بصرامة ولديه فكرة تامة عما يدور بعقل ابنه
((مؤيد.. هل تعترض على كلامنا؟))
أومأ على مضض يكبح لجام غضبه بصعوبة
((أعوذ بالله يا أبي.. لكن..))
تنهد يعقوب ثم قال ما في صدره بنبرة تصميم لا تلين
((لا أحد منا يا مؤيد يريد أن يقف بين يدي خالقه وقد علق في ثوبه ولو قطرة دم))
أزره معاذ بصوتٍ رخيم
((وقرارك أنت مع باقي الوجهاء يا أبي هو عين العقل))
تصلب وجه مؤيد مصدوما وهو يرى مجرى الكلام ينتهي بمسار بعيد عن الثأر بالدم..
فلم يستطع منع نفسه أن يهتف مصعوقًا بالغضب والاحتجاج قهرًا على كرامة عشيرته وشرفهم قبل قهره على وفاة ابنه عمه
((إذن سيُهدر دم يحيى دون أن نثأر له؟ هل تريد الناس من حولنا أن يقولوا أولاد عم قتيل عشيرة الكانز أهدروا دمه وقبلوا المال دية لدمه؟))
أخذ معاذ نفسًا عميقًا وزفره بداخله يكتمه احترامًا لأبيه الذي يجلس بجانبه ثم قال
((أنت تعرف يا مؤيد أن أبناء عشيرة الكانز لا يقبلون المال دية))
عقد مؤيد حاجبيه وقد بدأ التصلب يمسك أطرافه..
وبدا أن لديه فكرة عما يقصده أخيه.. فتراجع للخلف قليلا وسأله بصوت حذر
((إذا كنا لن نقبل الدم دية ليحيى.. ولن نقبل أيضًا المال.. فماذا سنقبل أذن دية له يا معاذ؟ هل ستكون الدية هي..))
أكد معاذ اعتقاده وهو يهز رأسه قبل أن يقول مجيبا
((لقد سبق وقررنا بأن يعقد زفاف الدية لننهي هذا الثأر.. وكان من المفترض أن يتم في الأمس إلا أنه تم تأجيله لعدة ايام))
عقد مؤيد حاجبيه قليلا وهو يتساءل بتركيز
((ومن سيتزوج تلك الدية؟ الأقربون ليحيى رحمه الله هو نحن الخمسة أولاد عمه.. ووليد ابن عمه الأخر.. من منا سيتزوج الدية؟))
أجابه معاذ وعيناه تركزان في تعابير مؤيد كأنه يختبر ردة فعله
((كان من المقرر أن يكون وليد.. إلا أنه رفض لاحقًا.. لذا سيكون واحدًا منا))
مسح مؤيد ذقنه بيده وهو يرمق أخيه بعين فطنه ثم تساءل بهدوء
((ومن هو؟))
بذات النبرة الهادئة أجابه معاذ
((بالتأكيد يا مؤيد أنت لست مشمولا في الاختيار ولا مازن بما أنكما متزوجان))
تجهم وجه مؤيد وهو يكرر سؤاله بصرامة لا يكاد يطيق لحظة صبر أخرى
((من سيكون يا معاذ؟))
التفت معاذ جانبا إلى حيث يجلس أخيه الأوسط.. مصعب.. شارد الذهن في الفراغ بوجه غير مقروء..
منذ مقتل ابن عمهم يحيى الذي كان بمثابة أخ وصديق له وهو محافظ على هدوءه بشكل مريب ومستكين دون أن يبدي أي لمحة هوان أو ضعف..
لحظات وقال مصعب وقد تحولت كل نظرات من في الديوانية له
((سأتزوج منها يا أبي كما سبق وأجبتك قبلا موافقًا))
ثم اعتدل مصعب بجسده المتعب كما تقاسيم وجهه واقفًا يدمدم
((سأغادر يا أبي.. استودعكم الله))
واتجه نحو مخرج الديوانية إلى الخارج ديارهم.. وقريتهم.. إلى مكان خلوته التي لم يسبق وان توجه لها برفقة أحدهم إلا يحيى.. ومن بعد أخته رشا..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-21, 07:05 PM   #45

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

بعد مغادرة كل إخوته اغلق معاذ باب الديوانية قبل أن يعود جالسًا بجوار أبيه..
فتطلع يعقوب له.. بكر وولده الأكبر.. أكثر أولاده حكمة قولا وفعلا..
منذ كرب وفاة ابن أخيه وهو أكثر من يستمع له بإنصات بالغ وقلب مؤازر..
التقط معاذ نظرات والده فسأله بهدوء وهو ينظر مباشر في عينيه
((ألست راضيا يا أبتي على اختيار مصعب للزواج منها؟))
ينظر في داخل عيني ابنه
((بل قلق يا معاذ.. مصعب كان يعتبر يحيى أكثر من أخيه ورفيق دربه.. أخشى أن يتعامل مع ابنة الهنادل التي لا ذنب لها بفعلة قريبهم وكأنها المدانة والقاتلة.. تزوجها أنت يا معاذ.. لقد مضى ما يزيد عن ثمانية سنوات على وفاة زوجتك))
بدا معاذ متحرجًا مما سيفضي به وهو يقول بضيق
((لن أستطيع يا أبي أن أتزوجها))
قال يعقوب لابنه بملامح منعقدة بتكدر
((أتفهم يا معاذ رفضك الزواج من بعد وفاة زوجتك المرحومة حتى ولو من أجل جلب أم تهتم وترعي بصغيرتكما دارين آنذاك.. ولكن الوضع مختلف الآن.. وأنتَ مثلي لا تقبل ظلما لفتاة لا ذنب لها بجريمة قريبها.. أنت أفضل من قد يتزوج الفتاة التي اختيرت لتكون عروس الدم بدون أن تظلمها))
تحرك معاذ في مكانه ثم قال بتردد خافت وغريب عليه وهو يبعد عينيه عن مرمى نظر والده
((أبي لقد سبق واتفقت مع احدى الفتيات التي اعرفها أن يعقد قرانا بعد مدة قصيرة ولن أستطيع أن أخلي باتفاقنا بعد أن أعطيتها وعدًا))
اتسعت عينا يعقوب بذهول واضطراب وهو يتمتم
((أنت ستتزوج!))
تحرج معاذ مما أعلنه لوالده فجأة بلا أي مقدمات.. في حين استرسل يعقوب حديثه بذات الذهول وهو يشرح
((لم يسبق وان فتحت لنا موضوع زواجك.. أنت ترفض كل محاولات والدتك المستميتة في تزويجك بعد وفاة زوجتك حتى وأنت الآن على مشارف السادسة والثلاثين.. لتأتي الآن وتفاجئني بأنك ستتزوج بعد مدة قصيرة))
جاش صدر معاذ بمشاعر عشق لزوجته المتوفاة كأنه عاد عشريني القلب للحظات قصيرة..
إلا أن نظرات والده أخرجته من صراعاته فالتفت معاذ يرد متنهدًا ببؤس لا يشبه مزاج رجل مقدم على الزواج بعد طول جفاء ليقول
((أبي صدقني لا يعرف أحد بشأن زواجي إلا قلة قليلة ولن يعلم به أحد إلا في الوقت المناسب.. أريدك أن تمهلني بعض الوقت قبل أن اشرح لك كل شيء.. أرجوك ثق بي))
أومأ يعقوب برأسه يستجيب لرغبه ولده الذي مسح جبينه من حبيبات عرق تجمعت في غفلة منه ثم قال بمحاولة تغيير موضوع زواجه المعقد
((أتفهم يا أبتي قلقك لاختيارنا مصعب للزواج منها وهو الذي كان أكثرنا قربًا من يحيى وأكثر من تأثر بعد وفاته.. ولهذا كنت أتمنى من مالك أن يتزوجها))
نطق يعقوب بما في جوفه منذ بداية حديثهما
((وهذا ما كنت سأقترحه عليكم بحالة لم تكن أنت من ستتزوجها))
صمت معاذ للحظات ثم أجلّى حنجرته قبل أن يقول
((لكنه رافض.. كليا.. لذا مصعب سيكون هو أفضل من يتزوجها بدون أن تقلق من أن يظلمها))
شردت عيني يعقوب في الفراغ أمامه ولم يقل شيء.. بل دمدم عقب دقائق وكأنه يحدث نفسه
((فليربط الله على قلبك يا مصعب وعلينا جميعا))
بخفة هز معاذ رأسه متمتمًا
((آمين))
========
بمجرد أن فُتح باب غرفة زاهية ودلف منها التؤام.. مالك ومازن أصغر أولادها ملقين السلام عليها حتى التفتت لهما تتأكد غافلة عن رد السلام
((أخبراني هل ما قاله مؤيد لي صحيح؟))
أغلق مالك الباب عليهم ف يحين أومأ مازن برأسه ثم أجاب
((نعم أمي لقد اتفقوا على أن ينهوا هذا الثأر بزواج الدية.. سيتزوج مصعب من قريبة قاتل يحيى))
اعتدل مؤيد في جلسته ونظر لأمه مباشرة يخبرها
((معاذ هو من حرض الجميع على الموافقة على زواج الدية بحجة حقن الدماء بين العشيرتين والا ما كنا لنوافق على هذا الأمر))
شرد نظره في الفراغ وذهنه يفكره بغيظ تجاه أخيه معاذ الذي يكبره بثلاث سنوات.. الرائد معاذ الكانز..
فرغم كونه يعيش منذ توظيفه في العاصمة إلا أنه بفطرة عجيبة متأصله به يعرف كيف يجتذب رجال ووجهاء عشيرتهم من أعلاهم مكانة الى أحطهم منزلة ليوافقوا على غايته من البداية..
ثابر بجهود حثيثة واستطاع فقط خلال أيام من مقتل ابن عمهم فعل ما يريده هو من إيجاد حل يحقن دماء العشيرتين يمنعه من الأخذ بثأر ابن عمه..
في حين اعترضت امه زاهية بملامح آنفة وممتعضة
((لماذا لا يتزوج وليد منها؟ أليس يحيى ابن عمه هو الأخر؟))
هدر لها مازن
((لقد كان مقررا أن يفعل.. لكنه رفض))
تمتمت زاهية من بين أسنانها بسخط
((ولماذا قد يرفض.. لقد مضت سنين كثيرة على زواجها وكلا من زوجته العاقر وهو أدركا الثلاثين من العمر.. فلماذا لا يتزوجها هو.. هل أعماه حبه لها إلى هذا الحد!))
حدة نظرات والدته وتصلب خلجاتها جعل مازن يقول ممازحًا لها
((ألم تذمري يا أمي سابقًا من تكرار رفض مصعب للفتيات اللواتي تعرضيهن عليه للخطبة! ها قد جاءت عروس جاهزة لولدك صعب الإرضاء))
شرد عقل زاهية يفكر لدقائق عم الصمت فيها قبل أن تقطعه وهي تقول من بين شفتيها الحازمة
((لكني لست راضية أن يتزوج منها.. كما لم أكن راضية عن زواجه الأولى من ابنة عمه الذي انتهى بشكل كارثي))
قال مؤيد بصوتٍ متباعد
((إجارة مصعب قراره المصيري لمعاذ وقبوله الزواج من عروس الدم كان مستغربا بالنسبة لي.. وكأنه ليس نفس الرجل الذي ملك قبل سنوات إرادة حقيقية خولته الزواج من الفتاة التي يريدها حتى لو ترتب عليه الأمر استخدام النهوة وحجر ابنة عمه له وكسب عداوات عمه))
سحب مازن الذي جلس بجانب والدته نفسًا كبيرًا ثم حاول الابتسام ليقول ممازحًا
((نعم زواجه الأولى بالنهوة والثاني زواج دية.. على ما يبدو أن حظه العاثر لن يسمح له أن يتزوج بشكل طبيعي مثل الأناس العاديين في أي مرة))
تقاطع حاجبي زاهية لما سمعته وهو تفكر بابنها..
منذ مقتل يحيى وكان مصعب هو أكثر من طالته يد الحزن فيهم..
فبات متجهم الوجه قليل الكلام بل معدومه.. لا ينجح أحد في فك كآبته وجموده ولا بماذا يفكر..
فيحيى ليس ابن عمه وشقيق طليقته وحسب.. بل أقرب أصدقائه..
كيف وافق مصعب على الزواج منها؟
وبماذا يدور عقله بأن يفعل؟
شعرت زاهية بفزع يتسلل لقلبها من القادم وبماذا يدور بعقل ابنها وسبب موافقته على الزواج.. خاصة وأنه لا يزال أسيرا لابنة عمه التي استطاعت أن تفر منه قبل سنوات.. ======



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 27-05-21 الساعة 03:38 AM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-21, 07:06 PM   #46

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

داعبت زاوية وليد ابتسامة انتصار وهو يرى إشعار قبولها صداقته على موقع التواصل الاجتماعي الذي كان معلقا لسنوات..
استلقى وليد على وأراح جسده على ظهر السرير وهو يكتب لها
"مرحبا"
"المحامي الخاص بي محتاج لأن يتحدث معك يا وليد بأقرب وقت ممكن"
"ممتاز"
رفع أنامله يمرره بين خصلات شعره.. وهو يعود ليكتب لها
"كيف حالك؟"
لم ترد عليه.. ولم يتوقع غير ذلك..
فهي أساسا لم تزل الحظر الذي تضعه عليه إلا بعد أن عرفت أنه المحامي الخاص بالطرف الذي رفع عليها القضية..
تنهد ووليد وقد قرر أن يستغل قبولها طلب الصداقة هنا ليتجول في حسابها الإلكتروني..
لم تكن من النوع الذي ينشر عليه أي شيء خاص أو مثير للاهتمام عنها.. فقط بعض المنشورات التي تحفز التفكير الإيجابي..
ربما بسبب أنها تضيف على حسابها الكثير من الأشخاص المختلفين.. كمديرها الحالي ورؤساء عملها وزملائها وأصدقائها.. وجيرانها..
قرر أن يعزف على أوتار حنينه إلى ماضيهما ويدغدغ ذاكرته فبدأ يتصفح صورها..
وبدأت مشاعرة تثار بينما يستعرض شريط ذكرياته معها.. فصورها المدرجة على حسابها كانت قبل سنوات طويلة جدا.. ربما بالفترة التي كانا الاثنين سويًا..
بدأ يتنقل بصورها.. كل صوره لها ذكرى.. وكل ذكرى لها حكاية جمعتها معه.. تجعله يعود بأفكاره لزمانهما ويفتش بين ثنايا الضحكات عن سعادتهما السابقة..
وصل عند احدى صورها التي شعر بأنه يمكن تحسس نبض روحها وبدأ يحدق بوجهها البهي وعينيها الكحيلتين الخضراوين اللتان لطالما تغزل بهما.. وبعشقها المفرط للكحلة الثقيلة كالجدات والأمهات في الماضي..
بدء يقلب المزيد من صورها وكل صورة تستحوذ على أحاسيسه أكثر من التي قبلها وتجتذبه إلى السعادة التي انفلتت من يديه..
إحدى هذه الصور كانت توثق لوقف لحظة تخرجها من المدرسة وهي ترتدي الروب.. وتبدو في الصورة خجولة لا تألف الكاميرا وبوجه طافح بالبراءة والصفاء..
أو ربما لأنه التقط هذه الصورة لها بعد أن أخبرها بأن عائلته سيخطبانها له..
صورة أخرى لها كان هو من التقطها لها في وقت كان حافل بالأحلام والحماس وهي واقفة عند بوابة كلية المحماة..
توقف وليد عند إحدى الصورة التي بدت فيها متجهمة.. لان علاقتهما أثناء التقاطها كانت متوترة وقد بدأت المشاكل الصغيرة تظهر تدريجيا.. وصار الاختلاف هو السمة الواضحة حتى على أبسط الأشياء بينهما..
تنهد وليد وهو يعود للوحة الدردشة يكتب لها مجددًا
"سأحدد لقاء لنتحدث في الموضوع"
ثم اغلق هاتفه على الفور ورماه فوق السرير بدون أن ينتظر أي ردٍ منها..
متنهدا بإنهاك..
رؤية كل هذه الصور كان أمرا شاقا على نفسه!
مرت كل هذه السنين ولا زالت نفس المشاعر في داخله..
فقد محا الشوق والجفاء الطويل كل الذكريات السيئة بينهما وضخّم الجميلة..
أغمض عينيه وارتسمت ابتسامة عذبة على محياه وهو يفكر بأنه قد حان الوقت المناسب.. الآن.. ليقع في هوا كحيلة العينين.. مرة أخرى..
============



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 27-05-21 الساعة 03:49 AM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-21, 07:07 PM   #47

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

دخل مازن مجلس منزلهم حيث يتواجد والده وشقيقه الأكبر معاذ..
تقدم لهما يضع صينية فوق المنضدة الصغيرة ثم قال بابتسامة مرحة
((لقد أخبرتني أمي أنك طلبتني فأعددت شطائر كبد وسجق لنا نحن الثلاثة وجئت حالا))
بدأ مازن يفرد الشطائر له ولمعاذ مسترسلا ورائحتهم المحببة له تمر بأنفه
((هذه الشطائر هي ما كنت أدمنها طوال فترة وجودي في الخارج..))
بصوتٍ يسيري فيه برودة الثلج كسر يعقوب الكانز كلام ابنه المفحم بحيوية شبابه
((متى ستحجز طيارتك للعودة للخارج؟))
اختلج قلب مازن وتخبط بين ضلوعه لذكر والده موعد رحيله..
يريدونه أنه يعود.. للغربة..
حيث يعيش حياته هناك بلا طعم.. وسجنا بلا حكم أو نهاية..
فقال وهو ما يزال يحتفظ بابتسامته ويشغل نفسه بفتح الشطائر
((أبي لم يمر الكثير على موت ابن عمي يحيى.. كيف تريد مني السفر بسرعة؟))
امسك مازن الشطيرة ورفعها لفمها يقضم قطعة منها ثم قال متلذذا
((إنها لذيذة جدا عليكما تجربتها))
عقد معاذ حاجبيه باقتضاب وهو يرى أخيه يأكل بضمير من الشطيرة أمامه بلا اهتمام بجدية الموضوع الذي يتحدثون به فقال بصوتٍ غلفه البرود
((توقف عن اختلاق الحجج يا مازن.. زوجتك ليست مرتاحة لوجودك.. أحجز لأقرب طائرة للسفر.. من أجل سلامتك أيضًا عليك المغادرة يا مازن بأسرع وقت ممكن.. ويفضل بعد زواج مصعب مباشرة))
توقف مازن الذي يلوك الشطيرة بفمه عما يفعله وقد تبدلت ملامحه لأخرى جدية بعيدا عن شقاوته المتأصلة به.. ثم قال برأس شامخ معترضا
((ولكن يا معاذ..))
قاطعه معاذ بنبرة حاسمة لا تقبل الجدال
((لا تراوغ أكثر يا مازن.. لقد كان اتفاقنا هكذا من البداية ولسنا مستعدين أنا ووالدك أن نخل به مع أحد من أجلك))
وضع مازن الشطيرة بيده فوق الصينية.. ثم تراجع للخلف دون أن يحيد بعينيه عن عيني معاذ الجالس أمامه ثم قال ببرود
((وماذا بشأن أمي؟ لقد أخبرتها بأني سأبقى لمدة أطول قبل أن أغادر ثانية))
تنهد معاذ بخفة قبل أن يرفع لها عيناه مغمغما
((قل لها أي شيء.. تريد أن تكمل دراسات عليا.. أو بدأت بمشروع صغير ولا تستطيع أن تضل بعيدا عن إدارته أو أي شيء أخر.. ليس صعبا عليك))
نظر مازن له ورسم ابتسامة مهزوزة على محياه وهو يقول
((لا أحب الكذب))
صمت معاذ للحظات وهو يحدق بوجه أخيه.. ثم أضاف بنبرةٍ خفيضة تحمل بعض القسوة مما ظهر في عينيه
((سأحجز لك موعدا بنفسي وأرسل لك التذكرة للسفر))
عاد ليصمت مجددًا ثم ابتسم متابعًا بلطفٍ زائد وهو ينظر ناحية أبيه
((سأعود الليلة للمدينة فاليوم هو أخر أيام الإجازة التي طلبتها.. السلام عليكم يا أبتي))
غادر معاذ المكان.. فالتقط مازن ما تبقى من شطيرته وحشرها كلها في فمه ثم نظر لوالدها مبتسمًا.. والابتسامة المغتصبة بدت كتعبير امتعاض وهو يخبره بتأنيب مبطن
((سأغادر يا أبي كما تريد أنتَ ومعاذ.. المهم أن تسعدا حتى ولو ترتب الأمر أن أعيش وحيدا هناك أتذوق مر الغربة وقسوتها وأتجرع شعور الحنين لحظة بلحظة))
استقام مازن واقف وشرد بنظره بعيدا ثم غمغم بخفوت كمن يتحدث مع نفسه
((لا داعي لأتحدث عما أكابده من شوق لكم ولوطننا هناك.. فلا يحسُّ بالألم إلا من تذوق مُرّ ضرباتهما))
قال مازن كلماته الأخيرة بينما يغادر المجلس في لهجة جعلت البرودة تسري بأوصال والده ويضطرب كمدا عليه..
وهذا ما جعله يتجاوز عن قلة احترامه له.. فهو يكاد يشعر كم هو مر كلمة "الغربة" من فم ولده..
لكنها كلها ضريبة يدفعها كرهًا على أفعاله في الماضي..
ولا يتمنى لأجله إلا أن يتأقلم على الحياة هناك فيجد العيش أقل صعوبة.. رغم مشقته ببعده عنه إلا أنه يفعل ذلك في سبيل حمايته..



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 27-05-21 الساعة 03:54 AM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-21, 07:08 PM   #48

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

وقفت نورين أمام المرأة تتأمل فستانها.. أقل من ساعة وسيأتون لأخذها من هنا..
شعرت بقدميها تخوناها وبالعبرات المتجمعة في عينيها تلسعانها بغية أن تحررهما..
تمالكت نفسها وجلست فوق طرف سريرها ببؤس.. ووجهها الشاحب يعبر عن فصل المأساة التي ستعيشها في حياتها..
رفعت نورين وجهها تسأل ابنة عمها يسرى التي تواجدت معها لتساندها الليلة وتؤازرها
((متى ستأتي الجاهة يا رفاء؟))
أجابتها رفاء وهي تغلق أخر حقيبة
((بعد قليل))
عادت نورين تطرق برأسها وتغرق في بؤسها.. وحين طال الصمت ولفهم كسرته رفاء وهي تقول متحسرة بصوتٍ بليد
((من تخيل يومًا يا نورين بأنك ستتزوجين بهذا الشكل المأساوي.. بلا مراسم حناء ولا أغاني توديع العزوبية.. بل بدون أن يتم إقامة تعليله أو زفة أو حمام لعريسك ترافقها أغاني شعبية وأهازيج.. ستزفين له بدون أن يدق أحد الطبول أو تقام دبكات رجالية تثير الحماس))
تحررت أخيرا عبرات عيني نورين بصمتٍ لتحرق قلبها.. وقالت بمنطقها وهي تشرد بنقطة وهمية على الأرض
((كل ما تقولينه هي أمور سطحية لا تسمن ولا تغني من جوع.. ولا لا تؤسس العلاقة الزوجية.. بل الأنكى أني سأتزوج اليوم من رجل بلا أي سابقة معرفة وبدون أن اعرف جوانب شخصيته.. الأمور الوحيدة التي عرفها أبي عنه وأخبرني إياها أنه الابن الأوسط ليعقوب الكانز من بين خمسة شباب.. اسمه مصعب وعمره في الثلاثين ويعمل ممرض في إحدى المشافي.. وهو..))
ابتلعت نورين ريقها وهي ترفع وجهها لابنة عمها قائلة ببراءة وتردد
((وهو عازب.. اقصد مطلق.. منذ سنين طويلة.. لكن على الأقل ليس متزوجًا.. فأنتِ تعرفين أنه كان من المفترض أن أتزوج ابن عمه وليد الذي كان..))
أكملت رفاء عنها الكلام وهي تومئ برأسها
((نعم اعرف وليد المتزوج.. لكن سمعت أنه كان من البداية يرفض الزواج))
ثم تحركت لتجلس بقرب نورين بلهفة مكملة بنبرة هامسة محذرة
((نورين هناك امر عليك أن تعرفيه عن ماضي عريسك هذا الذي ستتزوجين به اليوم.. مصعب الكانز))
شعرت نورين بالاختناق وهي تقول بينما تمعن النظر بوجه ابنة عمها
((امر مثل ماذا؟))
ضيقت رفاء عينيها وهي تقول
((سمعت إشاعات تخص زواجه الأول.. لقد كان متزوجا من ابنة عمه.. فتحريت مصادري الخاصة لأتأكد من دقتها.. واتضح أنها صحيح.. لكنها لن يسرك معرفتها))
شعرت نورين بقلبها يدوي لتكمل رفاء بنبرة خافتة وعينين غائمتين بالاقتضاب
((قبل سنين.. نهى مصعب وحجر على ابنة عمه ورفض أن تتزوج خطيبها الذي كانت مخطوبة له بالفعل حينها.. وهدده إذا لم يفسخ خطبته بها أن يحمل كفنه بين يديه وكفنها هي أيضًا))
انعقدت ملامح نورين وتجمدت للحظة..
ولم تشك بكلام ابنة عمتها أبدًا بأن مصعب تزوج أول مرة بهذا الشكل..
أليس الناس هنا معروفون بتمسكهم الشديد بعاداتهم وتقاليدهم البالية.. وسبق وحدث الكثير من صدامات بين العشائر في المناطق الريفية بسببها!
همست نورين متسائلة بحشرجة وترقب
((وهل والد أبيها أو أخيها رحمه الله وافقاه؟))
تغضن جبين رفاء وهي تجيب
((بالتأكيد لا.. خاصة والدها كان معترضًا اعتراضًا شديدا على زواجها من مصعب فقد رأى خطيبها أكفأ منه ويحب ابنته وأراد منها أن تتزوجه هو.. وحاول والدها أن يتوسل مصعب للعدول عن نهيه وحاول أن يتوسط للكثير من وجهاء القرية.. إلا أنه التيار كان اقوى منهم جميعا.. وتمسك مصعب بالأمر وأرغمهم على تزويجه إياها في نهاية المطاف))
حقنت نظرات نورين المزيد من الألم داخل قلبها عليه فكم هو ظلم مرير ألا يحق حتى للأب والأخ الاعتراض على زواج ابنتهم رغما عنها لأنه تقليد تعمل به العشيرة!
تغرغرت عينا نورين بدموع أخرى فأطرقت بأناملها تمسحها وهي تسمع رفاء تكمل
((المهم.. ابنة عمه اضطرت في النهاية على الموافقة منه بعد أن تعرضت للكثير من العنف الجسدي والضرب المبرح.. لقد كانت الكدمات واضحة جدًّا على وجهها في حفل زفافها منه فمساحيق التجميل لم تخفِ جروحها وكدماتها كلها))
شاب صوت نورين ما يشبه حشرجة بكاء وهي تقول
((كم هو رجل حقير.. لو كان يحبها فعلا إلى هذا الحد لكان أعطاها حرية الاختيار لا إجبارها عليه بهذه الطريقة!))
صدرت من رفاء صوت معترض شعبي قبل أن تقول
((ومن قال لك أنه فعل كل ما فعله لأنه يحبها! لقد فعل ذلك فقط بغية إذلالها هي ووالدها.. هكذا قالوا.. والآن يتبجح بأنه يريد أن يأخذ ثأر قاتلي أخيها بالزواج منك.. لو أحب فعلا ابن عمه يحي لما أذل شقيقته ووالده))
تزايدت وتيرة أنفاس نورين الثائرة..
فإذا كانت ابنة عمه هي طليقته وضحيته الأولى.. وضحية العرف العشائري "النهوة" الذي يعطيها هذا الحق بصفته ابن عمها ليتزوجها حتى لو رفضته..
فهي ضحيت مصعب الثانية باسم عرف وتقليد أخر ظالم يتم العمل فيه..
تساءلت نورين وهي تحث رفاء على الإكمال
((وكيف طلقها بع ذلك؟))
((لقد هربت للخارج لأحدى الدول الأوروبية حيث تعيش والدتها واستطاعت انتزاع حقها في الطلاق منه هناك))
راحة بسيطة تسللت لداخل نورين عند معرفتها طريقة تحرر ابنة عم مصعب عنه.. فقالت في حماس مختلط بالحسرة
((لقد أحسنت صنيعا.. لو كان لي والدة تعيش في الخارج لكنت فعلت نفس الشيء))
زمّت رفاء شفتيها لتقول معزية
((لو كان.. لكن للأسف والدتك لا تعيش في الخارج))
قالت بعد لحظات بصوتٍ مختنق
((لذا لا يوجد أمامي إلا أن اخنق نفسي واجنبها هذا الحكم الذي يجنبني إرادتي ويكبل حريتي ويحولني إلى محض جسد يجرع مضاضة الموت بين الحين والآخر))
انقطعت أنفاس نورين هنا وتثاقلت بقوة حتى أنها شكت أنها ستفقد الوعي في التو..
فجأة صارت فكرة زواجه منها تقتلها أكثر وأكثر..
رفعت نورين بكلتا يديها ثوبها الثقيلة قليلا ثم ابتعدت تسير نحو شرفة غرفتها..
كبلت رفاء ذراعها بينما تزعق بها بامتعاض
((أيتها الحمقاء أين تذهبين؟ إياك التفكير بالهرب مجددا))
انفجرت نورين بالبكاء وهي تقول بعزم
((بل سأفعل.. سأفعلها هذه المرة))
شددت قبضة رفاء على ذراع نورين بقسوة وسحبتها لها بينما توعيها
((هروبك سيسعد الكثير ممن لا يريدون أن يحقن الدماء.. توقفي عن تفكيرك الجنوني))
استدارت نورين نصف استدارة لجهة رفاء تطالعها بوجهها الملطخ بالدموع..
ثم تهاذل كتفيها بتخاذل وأطرقت رأسها يائسة مستسلمة..
فُتح الباب من قبل ريحانة التي جاءت مسرعة ما إن سمعت بصوتٍ الصراخ يعلو هنا.. وأغلقت الباب خلفها تقول بألم وهي ترى دموع ابنتها تجري مدرارًا
((نورين حبيبي لماذا عدتي للبكاء؟))
فتحت ريحانة كلتا ذراعيها تعانق ابنتها وهي تهدهدها في حين كتفت رفاء ذراعيها وتقول
((من الجيد أنك لم تضعي الزينة على وجهها.. فهي تبكي بمعدل أربع مرات في الساعة وتضل تغسل وجهها))
أجلست ريحانة ابنتها على السرير وجلست بجانبها.. رفعت ريحانة كفها تغطي بها فمها المرتعش وهي تتأوه بصوتٍ مكتوم كي لا تنفجر في البكاء في هذه اللحظة.. تم تطلعت لابنتها تقول
((نورين حبيبتي.. عمتك سترافقك بدلا معي.. هي اقوى وأشجع مني.. اتصلي بي بمجرد أن تصلي يا نورين مع زوجك لمنزلهم.. اتفقنا؟))
رفعت نورين حاجبيها وقد زادها خوفها عدم قدوم أمها معها..
لكنها تفهمتها..
فتحت فمها تقول
((حسنا يا أمي..))
بترت نورين كلامها وقد خرج صوتها متحشرجًا غير واضحًا من حلقها المتورم..
ثم تمكنت أخيرًا من النطق بصعوبة وهي تبتسم زيفًا من بين دموعها المنهمرة
((لا تقلقي يا أمي سأفعل))
ثم قالت ريحانة بحرج
((والدك لن يستطيع توديعك سيكون مع وجهاء القرية في الأسفل.. لا بأس صحيح؟))
أطرقت نورين رأسها تومئ بموافقة.. لا بد أن والدها يشعر بالعار..
حاوطتها ريحانة بكلتا يديها المرتعشتين ابنتها مدمدمه
((سامحيني يا ابنتي أنا ووالدك من اجل هواننا وقلة حيلتنا.. لكننا لم نجد حلا أفضل من هذا.. ليس من اجل القبيلة بل من أجل أخويك أيضًا.. فالثأر سينال أي ذكر في العشيرة بلا فرق بين كبير أو صغير))
ابتسمت نورين بخفة ورفعت يدها تربت على كتف أمها باطمئنان وتسامح
((لا بأس يا أمي.. حقا))
التفتت نورين تطلع لابنة عمتها ثم اعتدلت واقفة.. فساعدتها رفاء في الدخول للحمام لغسل وجهها بينما ترفع ثوبها حتى لا يلامس الأرض..
جففت نورين وجهها قبل أن تسمع أصوات رجال في الخارج لتعرف بقدوم الجاهة..
التفتت نورين لابنة عمها تقول بصوتٍ عميقٍ خفيضٍ
((هيا بنا يا رفاء))
أغلقت رفاء خلفهما الباب لتنخرط ريحانة أخيرا ببكاء قوي كتمتها بصعوبة..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-21, 07:08 PM   #49

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

كان موعد الجاهة التي يرأسها يعقوب الكانز في تمام الساعة الرابعة.. فاستعدت عائلة نورين لاستقبال جاهتهم مع كبار ووجهاء القرية الذين أخذوا مواقعهم..
أقاموا مراسم قبول الدية.. وتم عقد القران بين مصعب ونورين..
وحتى الآن لم يكن قد حدث بعد أي لقاء أو تواصل بين الاثنين..
أخيرا وقفت نورين عند مخرج منزلهم تضم أمها لمرة أخيرة ويحوطها نساء عائلتها اللاتي يطالعنها بالشفقة وأخريات بنميمة شامتة..
عانق صالح أخته الكبيرة بنظراته ليتحطم فؤاده لهيئتها الكسيرة وهو ينتبه لرجفة شفتيها التي تحاربها بالضغط عليهما قبل أن تقول
((إلى اللقاء جميعا))
استقلت نورين السيارة التي كان يوقفها مصعب أمام منزلهم في المقعد الخلفي وجلست بجانبها عمتها..
بمجرد أن تم إغلاق باب السيارة خلفهم حتى تحرك مصعب بها يسير نحو منزلهم..
ساد صمتٌ ثقيل في السيارة بينهم لا يقطعه إلا عنف أنفاسها.. فيثير بداخلها ضجيج لا تَعرف أسبابه السكينة..
حتى الآن لم ترَ شكله.. ولم تسمع صوته..
كانت مطرقة الرأس لا تجرؤ حتى رفع عينيها ومطالعة المرآة الأمامية لتستشف شيء من ملامح من يقود السيارة بهم..
سمعت همس عمتها توبخها بغضب
((توقفي عن الارتجاف يا بنت.. وأبدِ شيئا من الصلابة والتماسك))
أغمضت نورين عينيها ولم تتجاوب مع امر عمتها.. ولم تملك أن تسيطر على جسدها المرتعش..
عشرون دقيقة مسافة الطريق وكان مصعب يركن السيارة أمام منزل عائلته الضخم..
سمعت همسه الخشن يتوغل الى أعماق أذنيها مسبّبًا لها رعبًا لا يُطاق
((لقد وصلنا.. ترجلا من السيارة))
تجرأت نورين لترفع وجهها للأعلى قليلا محاولة أن تكتم لهاثها المرعوب منه لتجده بالفعل يستدير قليلا للخلف من مكانه بهدوء يحدق بها بوجه جامد قمحي لا تعابير به..
على عكسها هي من كانت تنظر له بانشداه.. عينيها بعينيه اللامعتين بلون بني كما لون حدقتيها هي..
لم يكن هناك شيء بمظهره أو شكله يثير الخوف..
ورغم أن ملامحه لم تكن مقروءة إلا أنها كانت تشع منه سماحة وقبول بشكل رهيب..
لم تدرِ كم بقيت تحدق به لكن بمجرد أن وعت على نفسها حتى التفتت جانبا تزدرد ريقها..
ومدت يدها المترددة تفتح مقبض السيارة لتترجل من السيارة وتتبعها عمتها التي ساعدتها في رفع ذيل ثوبها الطويل نسبيا..
طالعت نورين بعينيها المنزل الضخم الذي نزلوا عنده.. كان من ثلاث طوابق وأقرب لكلمة قصر..
تابعت التقدم للداخل مع عمتها في حين ترجل مصعب من السيارة ووقف عندها بانتظار قدوم بقية رجال عائلته..
بمجرد أن اقتربتا من البوابة حتى كانت إحدى النساء اللاتي يعملن في المنزل تفتحها لها فدلفت للداخل بخطوات حذرة وبطيئة وهي تشعر بازدياد دقات قلبها..
ولم تخرج من شرودها إلا على صوت عمتها المفعم بالدهشة وهي تقول بهمس ذهول
((انظري ما أجمل القصر من الداخل.. وكأنه قصر قديم لأحد الباشوات أو ما شابه.. متحمسة لأرى جناحك الذي ستسكنين فيه مع زوجك.. متأكدة بأنه سيكون في قمة الذوق والأناقة والروعة))
التفت نورين بامتقاع نحو عمتها وقالت بنبرة تشوبها الغضب
((إذا كان يذهلك لهذا الحد فيمكنك أن تخبريهم أن يطلبوا ابنتك لتكون عروس دية بجانبي.. المرحوم قتل غدرًا ويستحق أن يتم تقديم أكثر من عذراء كقربان لإنهاء النزاع والصلح))
كشّرت يسرى وجهها وهي ترد بحدة عليها هامسة
((اخرسي أيتها الحقيرة.. ما ذنبي ابنتي لتقضي على شبابها لذنب اقترفه ابن قريبي))
ثم عادت تنظر للأمام متمتمه من بين أسنانها
((خبيثة مثل أمك فعلا.. سأخبر رفاء التي أمضت الأيام الماضية بطولها شاردة حزينة عليك عن نواياكِ الباطنة الخبيثة تجاهها))
قالت نورين بقهر نابع من داخلها ويديها تتقبضان
((هذا لأنك توقنين من حقيقة أن أي فتاة لا تقبل أن تتزوج من رجل بهذه الطريقة))
همست لها يسرى بغل وهي ترميها بسهام نظراتها المثقلة بالكراهية تجاهها
((ومنذ متى كانت ويتم استشارة البنت وأخذ موافقتها عندنا؟ البنت لا تستشار عند اختيار العريس لها ولا تستطيع رفض قرار أبيها.. فالبنت التي ترفض الزوج الذي تختاره الأسرة تعتبر متمردة على أهلها وتستحق الموت))
نظرت نورين للأمام وهي تتقدم لداخل وقالت بمحاولة تغيير الموضوع بصوتٍ مختنق
((سأتصل بأمي.. لقد أوصتني أن افعل ذلك بمجرد وصولي لتطمئن))
توقفت نورين موضعها وهي تنتبه لامرأتين واقفتين أمامها وبدتا وكأنهما في انتظارها.. امرأة شابة حسنة الشكل وأخرى كبيرة بملامح وقورة في السن تقول له عاملة المنزل
((ها قد وصلت العروس وعمتها يا حاجة زاهية))
عرفت نورين بأن المرأة الكبيرة الجالسة هي والدة مصعب.. نظرت في عينيها اللتين تحدقان فيها وتأمرانها بلا صوت بأن تقترب..
أطاعتها نورين بتوجس وشعرت من نظراتها التي تتشرب ملامحها بلا إعجاب أنها لا تروقها..
قالت زاهية بصوتٍ محايد هادئ لنورين
((كيف حالك يا عروس؟))
أطرقت نورين رأسها وهي تجيب بصوتٍ خافت يكاد لا يُسمع
((أنا بخير))
قالت زاهية وهي تنظر لها ويسرى
((يمكنك الجلوس هنا))
فعلت كل من نورين ويسرى وجلستا في مقاعد مقابلة لها..
تدخلت إحدى النساء اللاتي كن واقفات لتقول بملامح تلتهم هيئة نورين مرحبة ظاهريًا
((أنا رتيل.. زوجة مؤيد.. شقيق مصعب الأكبر))
رفعت نورين عينيها لرتيل تطالعها باستكشاف مهيب..
بدت أمرأه في نهاية العشرين من عمرها.. بشرة حنطاوية بملامح جذابة للغاية..
الشال كانت تحيطه حول شعرها بشكل فضفاض سمح لشيء من خصلاتها السوداء كما لون حدقتيها بالظهور..
أومأت لها نورين برأسها لها بتردد هامسة بخفوت
((مرحبا بكِ))
عادت رتيل تطالعها بعينين مستكشفتين تطالع ثوب نورين بشيء من العبوس.. فهو مطرز بالكامل من الأحجار اللامعة.. عليه لمسات الورود القليلة البارزة كما على الطرحة..
الذيل الطويل المنسدل من منطقة الخصر فيظهر قوامها النحيف.. وحتى الحزام الكريستال الذي يزينه..
همست رتيل بالقرب من أذن حماتها بغل
((وكأنها ذاهبة لزفاف حقيقي وليست عروس دية.. ثوبها جميل ومصنوع بترف))
جفلت رتيل على الصوت الرجولي القادم نحوهم مناديًا باسمها لتنظر ناحيته هاتفة وهي تعدل حجابها وتخفي خصلاتها الظاهر
((قادمة يا مؤيد))
سارت رتيل بخطوات رشيقة وهي تتقدم من زوجها قائلة له بهمس وهي تخفي فمها
((لقد جاءت العروس وعمتها.. أين هو أخوك مصعب؟))
صمت مؤيد ولم يرد.. بل نظر بطرف عينه بعبوس إلى حيث تجلس أمه.. وعروس الثأر التي أخرجت هاتفها من الحقيبة الصغيرة المطرزة بخطوط ذهبية بحوزتها وبدأت تطلب رقما ما..
زوجته رتيل بذقنه نحو العروس يملي عليها بفعل ما..
فهمت رتيل ما يريد زوجها فأطاعته ببرود وخطت تتقدم نحو نورين..
شعرت يسرى بالنظرات مصوبة كلها مصوبة نحو نورين المشغولة بهاتفها.. فلكزتها بقوة مدمدمه بصوتٍ خافت
((اخفِ الهاتف يا غبية.. هل هذا وقت مناسب للتحدث عليه؟))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-03-21, 07:09 PM   #50

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

تجاهلت نورين كلام عمتها وابتعدت عنها قليلا لتتفادى ضرباتها بينما تتلقى رد أمها فتقول بابتسامة
((أهلا يا أمي.. آه))
بترت نورين كلامها وهي تشعر برتيل تسحب الهاتف من يدها ثم تغلقه بانعدام ذوق..
ظهر الاستهجان واضحا على وجه نورين وعينيها المتسعتين من فعلة رتيل التي بررت ما قامت به بصوتٍ متسلط ممتعض وهي ترفع إحدى حاجبيها
((أخبرتك عمتك أن تخفي الهاتف لتخفي الهاتف ولم تنصتي لها.. حدجتك بنظراتي لعلك تخفينه ولم تفعلي.. فكان عليّ أخذه لأنه لا يبدو أنك من النوع المطيع))
تقدم مؤيد يأخذ الهاتف من زوجته بحركة خاطفة من يدها المرتفعة بقسوة ولامبالاة جعلت رتيل تتأوه بألم وهي تلتفت له..
مسدت رتيل رسغها وهي تغمغم معاتبة لزوجها
((اطلبه مني يا مؤيد في المرة المقبلة لقد آلمتني))
شهقت كل من يسرى ورتيل بلا صوت على مؤيد وهو يقذف الهاتف نحو الحائط بقوة لتتفكك أجزاؤه..
ارتسمت ابتسامة باردة على محيا مؤيد وهو يحدق في عيني نورين المهتزتين دون أن يرف له جفن مما فعله.. بل يعدها بالكثير مما ينتظرها في هذا البيت..
ارتعد قلب نورين في صدرها من نظرات مؤيد فأشاحت بنظرها بعيدا عنه نحو الزاوية حيث أجزاء هاتفها المهمش أرضًا لتدفق الحسرة في قلبها..
فأغمضت عينيها بيأس لمصيرها القادم ودموعها تنزلق على وجنتيها باستمرار وكأنها دماء جارية أريقت بما فيه الكفاية..
صدح صوت زاهية عاليا وهي تأمر ابنها بينما تعتدل واقفا
((غادر يا مؤيد ريثما نصعد نحن النساء برفقة العروس فوق))
إشارة واحدة من صوت والدته الآمر الناهي ونظرة عينيها المتحجرة ناحيته بألا يتجاوز حدوده في أفعاله جعلته يومئ لوالدته باقتضاب ويغادر الدار بصمت..
شعرت بالخوف فعليا مما ينتظرها..
قالت زاهية بنبرة هادئة وهي تسير للأمام
((لنصعد نحو جناح العروس))
وقفت يسرى على الفور وشدت ذراع نورين لتتبعهم..
أمسكت نورين ثوبها ترفعه وهي تلحقهم ثم بدأت تصعد الدرج ببطء..
حتى وقفت أخيرا فوق عتبة باب الجناح الذي تم تجهيزه خلال الأمس فقط ليكون مناسبا ولها بعد زواجهما..
طالعت نورين المكان وعينيها تتجولان حوله.. وما أن رفعت قدمها تنوي الدخول حتى انسحبت الدماء من وجهها وهي تلاحظ وجود بندقية بطول الذراع مركونة عند الزاوية..
فتراجعت خطوات للخلف وهي تتمتم كالبلهاء من فرط الخوف
((هل.. هل هذه بندقية؟))
قالت رتيل ببرود من خلفها
((نعم بندقية.. نظرك ممتاز.. والآن استعدي سيأتي مصعب))
ولم تكن نورين تحتاج وقت أطول لتدرك سبب وجود هذه البندقية..
لن تكون الدقائق الأتية هينة عليها وهي التي ظنت أن عادة منديل الشرف لم تعد موجودة تقريبا.. لكن يبدو أنها ستحظى بامتيازات أخرى لكونها عروس غير تقليدية.. وعشيرة الكانز تريد التأكد من أن السلعة والدية التي تم تقديمها لهم ليست معطوبة..
شعرت نورين بقواها تخور فلم تعد ساقيها قارتان على حملها أو حثها للدخول..
وبختها عمتها بنزق وصرامة
((هيا ادخلي يا بنت.. لماذا تسمرتِ؟))
وعندما لم تستجب نورين التي بدت في عالم أخر لها قبضت يد يسرى بقسوة ذراعها وهي تجرها للداخل متمتمه من بين أسنانها بتوعد
((هيا ادخلي.. فورًا))
دخلت نورين للداخل شبه مجرورة خلف عمتها وصدرها يعلو ويهبط..
ووقع نظرها على السرير الضخم الذي سيتم ذبحها بعد ساعات عليه على يد زوجها المزعوم.. ودقات قلبها تقفز صاخبة عن معدلها الطبيعي.. فلم تتمالك نورين أعصابها أكثر فبدأت تبكي وتقول من بني شهقاتها الخافتة
((أريد العودة للمنزل))
شعرت يسرى بالإحراج من نظارات المرأتين لهما وبالأجواء تزداد توترًا..
فلجمت غضبها الذي كانت تستشيط به نحو نورين بشق الأنفس ونظرت لها مغمغمه بلطف مصطنع حتى لا تروعها أكثر
((لا تبكي.. لا تبكي يا ابنة أخي الجميلة.. كل شيء سيكون بخير))
هزت نورين رأسها يمنة ويسارًا بغير اقتناع.. لا تصدق عمتها.. لا شيء سيكون بخير..
تخصرت رتيل تقول بخفوت وهي تلوي ثغرها
((كم عمر العروس يا عمتي؟ وجهها طفولي لكنه لا يقول بأنها صغيرة أو قاصر لا تدرك ما حولها))
تمتمت زاهية باقتضاب رغم احتفاظ ملامحها بالهدوء
((أي قاصر يا رتيل.. إنها في الرابعة والعشرين من عمرها.. جامعية.. تدرك ما حولها أكثر مني ومنك))
استنكرت نورين استهجانهم منها في داخلها من خوفها فهل هي معدومة الحقوق تماما إلى حد تعجبهم الرهيب هذا من رفضها؟
غمغمت لها عمتها يسرى برجاء شديد بوجهها المحتقن وكأنها في موقف لا تحسد عليه
((أنتِ عروس الدية التي ستوقف حقن الدماء فإياكِ أن تفعل ما قد يهين أو يكسر من هامة عشيرتك))
ارتعشت كل خليه في نورين..
عمتها محقة.. فهل عليها الخضوع لهم والبدء والاستعداد من الآن للعيش تحت وطأة الذل والهوان لطوال حياتها هي وذريتها؟
لم يرق أبدًا المشهد لزاهية التي استدارت تعطي ظهرها لهم.. وتنزل الدرج بوجه مكفهر لتلاقي ابنها مصعب واقفا في بداية الدرج يتطلع لها بهدوء متأصل فيه..
تابعت زاهية نزول الدرج بوقار حتى وقفت مقابل ابنها.. فهمست له عابسة بنبرة ذات مغزى
((الفتاة بدأت تبكي بمجرد وصولها لجناحك وترغب بالرحيل مستنكرة ما سيحدث بعد قليل.. لم ترحني تصرفاتها أبدًا.. وكأنها تخفي حقيقة مخزية وتخشى فضحها))
ظل مصعب للحظات طويلة يطالعها في صمت ثقيل قبل أن يقول لها متسائلا بصوتٍ عميق خافت
((إلى ماذا ترمين يا أمي؟))
رفعت زاهية ذقنها تقول بصرامة
((إذا ما كانت الفتاة ليست بكر.. فلن نسكت حتى لو ترتب على الأمر غرق القريتين بمن فيهم في بحر من الدماء.. أنتَ ابن يعقوب الكانز وبمثل هذه الأمور نحن لا نتهاون.. كله إلا هامة كرامة أحدكم أو مس الشرف.. وربما قد يعون تزويجها منك هي بالذات متعمدا منهم حتى لا يوقفوا الصراع بيننا))
أفرغت زاهية ما بجعبتها وتابعت تصير بثبات بعيدا عنه..
في حين رفع مصعب نظره لفوق.. إلى عمة عروسه وزوجة أخيه وهما تنزلان..
العمة بدت ملامحها متغضنة بينما تفرك كفيها.. وزوجة أخيه مؤيد بدت شاردة الذهن وهي تحاول تعديل الوشاح المرخي الذي يحيط بوجهها وكأن هناك شيء مريب يحدث هنا وسيكون مادة دسمة لتثرثر فيها مع باقي النسوة هنا..
احتلت عينا مصعب الصرامة وهو يصعد الدرج ثم دخل إلى جناحه واغلق الباب خلفه بهدوء لم يمنع نورين التي كانت تدفن وجهها بين كلتا يديها من الشعور به..
تحفزت لترفع وجهها الملطخ بالدموع له هامسة بخوف وتلعثم للذي يحدجها بجمود مريب
((أين.. عمـــ.. عمتي؟))
=======
انتهى.



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 27-05-21 الساعة 04:27 AM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:48 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.