آخر 10 مشاركات
وإني قتيلكِ ياحائرة (4) *مميزة ومكتملة *.. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رواية أسمعُ عواء الهوى (الكاتـب : روز علي - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-07-21, 06:39 PM   #2521

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الرابع عشر

شعرت به بعد دقائق يدلف للغرفة.. يطفئ النور.. يقترب منها.. ثم يدخل الفراش ويضع يده على كتفها هادرا بصوتٍ أبح
((رتيل انظري لي..))
نفضت كفه من على كتفها ورفضت النظر له مما جعله يلتصق بها ويدفن وجهه في شعرها..
حاولت أن تبعده عنها وتنسل من محبسها بين ذراعيه بقوة هادرة بصوتٍ متهدج
((ابتعد عني يا مؤيد.. أريد النوم))
لم يعطها مجالا فأردفت بصوتٍ يلفه استهجان تناقضاته
((توقف عن العبث بمشاعري والتلاعب بأعصابي.. توقف عن التصرف وكأنك مجنون أو تعاني من خطب ما في عقلك!))
لكنه جذبها نحوه أكثر يعتصر ضلوعها في أحضانه هامسا وهو يضع شفتيه فوق بشرة وجهها
((أنا لا أعبث.. سنتحدث لاحقا))
اشتدت شفتاها كالوتر تنفر رفضا لتقول
((أنا الآن أريد النوم.. لذا رجاء ابتعد عن زوجتك القبيحة))
إلا أنه أسكتها عندما انحدر بفمه نحو شفتيها بينما تسللت يديه أسفل منامتها لتجوب جسدها..
هامسا لها بصوتٍ أجش بالرغبة
((زوجتي أنا جميلة))
رغم الرفض الذي كانت تصر عليه أمامه.. إلا أن اجتياحه اللحوح وهو يقبل عليها بكل هذه الرغبة كان أقوى من أن تصر على رفضها..
لم تكن تصدق ما يحدث.. لقد كان حقا راغبا بها أكثر من أي مرة مضت..
لكن إذا كان يقمع كل تلك الرغبة بها فلماذا فعل ما فعله قبل قليل؟
تلاشت تلك الأفكار السلبية وتوقفت عن التفكير بأي شيء إلا الغرق معه في هذه الدوامات..
.
بمجرد أن انتهى الأمر بينهما حتى سارعت رتيل ترفع الغطاء توارى نفسها وترفع نظرها لزوجها الذي يستلقي على ظهره بجانبها فوق السرير..
يتوسّد رأسه كفّيه وهو يرمق السقف بشرود وبملامح خالية من أي تعبير..
مرّ على هذا الحال دقائق قبل أن يقول لها دون أن ينظر لها وهو على وضعه
((لم أحب مظهرك وأنتِ تحاولين أن تكوني مغوية، لسنا متزوجان حديثا وأنتِ تعرفين طباعي جيدا وتعرفين بأني لا أحب رؤيتك ترتدين مثل هذه الملابس.. تشعريني بأنك امرأة أخرى.. أخرى مثيرة للاشمئزاز))
اهتزت حدقتاها مما تسمعه منه وخفق فؤادها بألم.. إلا أن عيناها سرعان ما برقتا بقسوة وردت عليه بجفاء
((معك حق.. يفترض بي أنأعرف بعد ثمانية سنوات من الارتباط بك طباعك وتناقضاتك جيدا.. أعتذر منك يا أستاذ مانع على تفكيري السخيف بأنك صرت أقل رجعية وتزمتا وبأنه لا خطأ في محاولة أن أبدو مثيرة وجميلة لزوجي حتى أسعده))
هتف بها بشيء من العدوانية وهو ينظر جهتها
((ومن طلب منك أن تكوني مثيرة أو تحاولي إسعادي؟ أنا سعيد دون محاولاتك هذه.. لو لم أكن كذلك لما أبقيتك على ذمتي طوال هذه السنين))
اعتدلت رتيل جالسة وهي تحكم لف الغطاء من حولها ثم مال ثغرها في ابتسامة مريرة تناقض ألمها الذي غرس في كل خلية نابضة لما قاله الآن لتقول باستهزاء
((هل تهددني بالطلاق؟))
عقد حاجبيه يغمغم بخشونة
((لم أهددك بشيء.. وإياك أن تنعتيني مرة أخرى بأستاذ مانع.. لن أكون متساهلا معك إذا قلتيها مجددا.. بسببك صار الولدين يكررانها عليّ أيضًا بانعدام احترام كلما أرفض لهما طلبا))
هتفت به بعنف وانفعال منفلت
((عندما تتوقف عن "منع" السعادة والهناء وراحة البال من الدخول لحياتنا سأتوقف عن نعتك بأستاذ مانع))
شدّ على أسنانه وضرب ظهر السرير بيده وهو يقول
((تبا لك..))
تنهدت بعمقٍ تجلي حشرجةً بالية لا تدرك مصدرها ثم خفت انفعالها وهي تسأله بعتاب حزين
((أنا لم أنسَ كيف رفضتني في البداية بطريقة مهينة لأنوثتي وكرامتي.. إياك أن تكررها))
زفر مؤيد بوجومٍ وأشاح بعينيه جانبا وهو يبرر
((لم أقصد ذلك، أنا فقط كنت مصدوم ومتفاجئ مما كنت ترتدينه من قطع خليعة ترتديها الراقصات والنساء المبتذلات))
هتفت فيه باستنكار ونظراتها المتسائلة بتعجبٍ ترشقه
((نساء مبتذلات! ولكن أنا أرتدي هذه القطع الخليعة أمام زوجي!))
أغمض مؤيد عينيه يبتلع غصة مسننة ويرد
((لا داعي للنقاش في هذا الموضوع أكثر.. فقط لا ترتديها لأنها لا تناسبك))
صدر منها صوت مستهزئ قبل أن تسأله بمرارة
((ولماذا لا تناسبني؟ ولماذا شعرت بأني امرأة أخرى فيها؟))
فتح عينيه ينظر تجاهها يقول بجدية مؤكدا
((فقط بدوت حقا امرأة أخرى مبتذلة فيها ولا تسألي أكثر من ذلك))
تملكها شعور بالقهر والغيظ مما قاله فرفعت ذقنها بشموخ ثم استنكرت في عبوس حانق
((ليس هناك أحد مبتذل غيرك أنتَ لترفضني بعدما تجملت لك وحاولت أن أكون مثيرة أمامك))
غمر وجهه بكفيه يمسحه..
بدا أكثر إجهادا من أن يستمر في الخوض بهذا الجدال..
رفع وجهها ثم قال لها بهدوء قاتم
((بالنسبة لي فمنامات نومك أكثر إثارة من تلك الملابس الخليعة لهذا لم أراكِ مثيرة!))
تطلعت له بنظرات متعجبة!
ألهذا بعدما غيرت ملابسها اقترب منها؟
هل من المعقول أن منامتها العشوائية البسيطة أثارته أكثر من غلالة النوم الفاضحة وبالكاد تخفي شيئا من جسدها التي كانت ترتديها؟
أخفضت عينيها بتفكير..
مزاج مؤيد معها في العلاقة الزوجية غريب جدًّا.. جدًّا..
فإذا كان لا يقترب منها إلا عندما يكون هو المبادر.. وتكون هي أمامه عفوية.. متمنعة.. خجولة..
وفي ذات الوقت أن تبدي استعدادًا.. اهتمامًا.. تجاوبًا.. يوازي حرارة رغبته.. لكن بشكل غير مباشر..
فلماذا يصر على التسكع وإبداء الإعجاب بالنساء المنفلتات اللاتي يقابلهن في المدينة بذريعة العمل!
تعانقت شفتاها وتشابكت رموشها فرسمت أمام عينيه لوحة شجن عذبة وهي تتمتم
((حسنا يا مؤيد))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 06:40 PM   #2522

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي



جلست سهر على السرير وفتحت إحدى المغلفات تخرج منها صورها ثم تطلعت لشيرين بوجه بلا ملامح وهي تقول
((سأسألك سؤالا لأختبر ذاكرتك فيه.. من هذا الشاب؟))
نظرت شيرين إلى حيث تشير سهر بإبهامها إلى أحد الوجوه في الصورة للحظات.. ثم شق ثغرها شبح ابتسامة متهكمة قاطعة الصمت أخيرًا وهي تقول
((إنه نائل.. كان زميلا لي أيام الجامعة.. لم تكن الضحكة تفارق شفتيه إلا ّوقت الامتحان))
تجهمت ملامح سهر الناظرة لها.. إلا أن شيرين ردت عليها بتسامح ونبرة عتب رقيق
((أكرر لك بأني أعذرك تماما.. حتى تسمعي ذات القصة من طرفين متناقضين.. تلك الرسائل التي كتبتها لزميلي في الجامعة لا تعد خيانة فقط كنت وقتها منفصلة عن وليد ثم أي شيء قمت به خطأ في حقه كان ردود أفعال لمواقف وليد الغير مخلصة وغير المنصفة تجاهي..))
خرج من شيرين نفس عميق قبل أن تنفرج ملامحها لأخرى ساكنة وتشرد عينيها في ظلال الماضي وتسرد ما حدث
((والدته كانت رافضة كليا زواجي منه.. فأصول والدي من خارج القرية.. صحيح أن أمي من القرية لكنها كانت من عائلة بسيطة جدًّا وميسورة الحال))
بدأت سهر تنظر لوجه صديقتها بتمعن أكبر.. تراقب ملامح وجهها وعينيها الشاردتين الحزينتين.. قبل أن تسألها بنفس تجهمها
((وهو خطبك رغما عنهم؟))
أومأت شيرين وهي تكمل
((نعم وافقوا على مضض بشرط ألا نتزوج أو يحدث عقد قران قبل أن ننهي نحن الاثنين دراستنا الجامعية، فلا والده ولا والدته كانا قادرين على رفض ما يريده أو يرغب به، حتى لو عنى الأمر أن يتزوج ولدهما الوحيد من فتاة لا تليق به، وهكذا مضت خطبتنا لسنوات نعيش فيها أجمل مشاعر الحب من بعيد لبعيد وكل ما بيننا اتصالات ورسائل وزيارات بحضور أفراد العائلة.. كانت أياما جميلة ونقية.. حتى حان موعد التخرج))
بدت تعابير شيرين لصديقتها غير مفهومة وهي تتعمق أكثر بالخوض في غمار ماضيها..
وكأنها ترى وجهها لأول مرة.. فتمتمت بتساؤل
((ماذا حدث بعد تخرجكما؟))
شبكت شيرين أناملها وهي تكمل
((وليد أنهى جامعته قبلي بسنة من فرط اجتهاده.. وبدأ يتدرب في مكتب محاماة في حين كنت لا زلت أدرس في جامعتي.. وهنا بدأ يتغير تدريجيا معي حتى عدت لا أعرفه))
تساءلت سهر وهي تتبع نظراتها
((ما الذي تغير؟))
قست ملامح شيرين ولمع الألم في عينيها وهي تجيبها
((كانت هناك متدربة معه في نفس المكتب.. لها أصول غربية من طرف أمها.. وبدا أنه مهتم بها بشكل كبير، عرفت بالأمر صدفة عندما فاجأته بقدومي مباغتة حيث يتدرب، وهنا عرفت سبب قلة اتصالاته وتغير أحواله وغيرته المفتعلة عليّ التي كان يتذرع بها ليخاصمني ويتوقف عن زيارتي، لقد كان كل هذا من أجل أن يقصيني ويزيحني عن طريقه معظم الوقت ليهنأ له الحال مع تلك المتدربة..))
دون أن تشعر شيرين كانت تشد من إحكام كفيها المشتبكتين وهي تضيف
((كان ينكر اهتمامه بها ويدعي أن غيرتي غير مبررة.. لكن كان قد طفح الكيل معي فخيرته بين أن يترك تدريبه في مكتب المحاماة هذا وبين أن يتركني، وهو رد عليّ بغروره المتأصل به بأن ليس هو من يُلقى عليه الأوامر.. وهكذا تابع تجاهلي وزادت جرعة اهتمامه في تلك المتدربة التي بدأت تبادله هذا الاهتمام وقد كان سعيدا لأني تركته وأرحته من تذمري المستمر فهو كان يريد وجودي وفي نفس الوقت التسكع والتحدث مع تلك المتدربة دون أن يجد مني أي اعتراض))
عقدت سهر حاجبيها وتجعد جبينها باستنكار فوري وهي تتساءل
((فقررتِ أن تبادليه الخيانة وتتخذي لك صديق كما فعل هو؟))
هتفت شيرين على الفور بانفعال ودفاعية
((غير صحيح لم أفعل فلم نفسخ خطبتنا وقتها بعد.. حتى جاءت والدته لمنزلنا وافتعلت شجارا معنا وأهانت أمي وقللت من عائلتها البسيطة فقامت بطردها من منزلنا، وبالطبع أخبرت ولدها الحبيب عن طرد والدتي لها وجاء هو عندنا يأمر والدتي أن تأتي لمنزلهم وتعتذر من أمه))
تمتمت سهر من بين أسنانها بغل شاتمة إياه
((ا-ل-م-ن-ح-ط، ا-ل-ن-ذ-ل))
أكملت لها شيرين وهي ترخي جفنيها نصف ارتخاء
((أمي كادت أن تجن عندما قال لها وليد بأنه سينهي كل علاقاته بي لو لم تعتذر وكانت مستعدة للركوع على قدميها وتوسله هو وأمه من أجلي، لكن أنا منعتها وأخبرتها عن أمر المتدربة وأن وليد فقط يريد سببا ليفسخ علاقته بي ويرتبط بها))
تساءلت سهر بلهفة
((فنفذ وليد وعده لك وفسخ خطبته؟))
زفرت شيرين نفسا ضائقا وهي تجيب
((نعم فعل ذلك وكان سعيدا، بل في قمة سعادته، وأذكر آنذاك بأني ذهبت مرة مع صديقاتي للتسوق ورأيته صدفة مع تلك المتدربة يتناولان الطعام في إحدى الكافيهات، أنهرت كثيرًا وقتها، ولم أستوعب كيف نسى كل ما بيننا من حب ومشاعر لأجل متدربة لم يكن يعرفها قبل شهور قليلة))
تساءلت سهر بفطنة
((إذن وقتها بدأت علاقتك مع ذاك الشاب؟))
تنهدت شيرين قبل أن تومئ برأسها إيجابا وتهدر
((نعم كنت قد فسخت خطبتي بشكل رسمي عن وليد وكل من في القرية يعرفون ذلك.. ولم أكن قد رأيته وجها لوجه منذ أشهر.. وفي يوم تخرجي اعترف لي أحد زملائي يُدعى نائل بحبه لي وسألني إذا ما كنت موافقة أن يأتي مع عائلته ليطلبني.. ولأنني كنت أعيش فراغا عاطفيا وافقت على الفور))
سألتها سهر باستغراب
((ووافقوا والديك؟))
لف الضيق صوت شيرين وهي تقول
((نعم وافقوا من أجلي وقالوا بمجرد أن يستعد نائل ويكون نفسه سيشهرون خطبتنا في حفل عقد القران.. وأثناء ذلك كنت أكتب له الكثير من رسائل الحب وأخطط معه لمستقبلنا))
((وبعدها؟))
((أخبر نائل والدي بأنه فقد الأمل بإيجاد عمل هنا ويريد السفر ولن يقدر على عقد قراننا قبل أربع أو خمس سنوات فرفض والديّ أن يربطاني به كل هذه المدة وقالا لعائلته بأنه ليس هناك نصيب بيننا، وأنا تلقائيا تركت نائل بعد أن عرفت بأنه ليس هناك أمل في علاقتنا.. حدث الأمر تزامنا مع شعور وليد بالضجر من تلك المتدربة ومعاودته التواصل معي))
ارتفع حاجبا سهر وهي تسألها باستهجان
((تركها هكذا بكل بساطة وعاد لك؟))
هزت شيرين كتفيها وهي تقول
((نعم وقال لي بأنه قد ملها، فقد كان ما جذبه لها في البداية شخصيتها الغربية وجمالها وتعجبه من فكرة أنها لا تعيره أي اهتمام كباقي الفتيات من حوله.. لكن بمجرد أن بادلته الاهتمام وبدأت تحبه وتتمنى قربه والاستحواذ على قلبه، حتى بات الأمر مملا بالنسبة له، فقرر تجنبها وترك المكتب بما أن مدة التدريب كانت قد انتهت))
سألتها سهر بانزعاج واستنكار
((وأنتِ سامحته وعدتي له بمجرد أن طلب ذلك؟))
ضحكت شيرين ضحكة عجيبة وهي تجيب بصوت أجش ساخر
((نعم سامحته بكل بساطة بمجرد أن أخبرني بأنه لا يجب أن نسمح لمشاكل الكبار أن تؤثر علينا، وبأنه لم يكن راضيا أن تقلل والدتي من شأنها وقدرها وتعتذر من أمه، فعدت له.. وبالتأكيد والديه مجددا لم يملكا أن يرفضا طلبه في العودة لي..))
بترت حديثها السابق وقد خانها صوتها وخنقتها العبرات لكنها تمالكت نفسها وهي تكمل
((لا أدري كيف سامحته على خيانته لي لكن شعرت بلهفته حقا عند عودته وبأنه لا يستطيع أن يعيش من دوني وأن تلك المتدربة ما هي إلا انبهار مزيف ونزوة سرعان ما فاق منها، كما أنه توقف عن رؤيتها وقطع كل علاقاته ووسائل الاتصال معها فكانت تتصل بي منتحبة تهدد بالانتحار إن لم يعد لها.. كل هذا عزز غروري الأنثوي وشجعني على أن أعود له))
ترققت ملامح سهر تعاطفا معها فحاوطت كتفها بذراعها وهي تضمها بمواساة في حين أكملت شيرين بصوتٍ متحشرج
((وجاء يوم زفافنا الكبير حيث تم دعوة كل من في القرية وتم إقامة الولائم والذبائح من اجل هذه المناسبة.. كنت أتجهز للزواج منه في أسعد أيام حياتي كما ظننت في ذلك الوقت، قبل أن أفاجئ بنائل يرسل كل الرسائل والغراميات التي كتبتها له عندما كنت على علاقة معه لوليد ولوالديه.. كتب نائل أيضًا رسالة لوليد يخبره أني أحبه هو ولكني تركته من أجل مال وليد واتهم والديّ أيضا بأنهما ذليلان وعبدين للمال))
قالت سهر من بين أسنانها بغضب مشتعل
((اللعين الكاذب.. أين هي أراضيه الآن؟))
أجابتها شيرين وهي ترفع أناملها وتمسح عبراتها المتساقطة على وجنتيها
((لقد سافر لبلاد أخرى في نفس اليوم الذي قام بإرسال كل تلك الرسائل لوليد وأفسد حياتي، كان مصرا بأني تركته بعد أن عاد وليد لحياتي لا لأنه كان يريد ربطي به سنوات قبل عقد القران، وطبعا باقي القصة أنتِ تعرفينها.. وليد بعد أن قرأ ما كتبته لنائل سألني عن صحتها وعندما لم أنكر شيء يُصعب الإنكار شعر بجرح في كبريائه.. وقام بتركي في نفس هذا اليوم وتزوج من فتاة أخرى على ذوق والده))
جرت تعابير القهر والشعور بالظلم على محيا شيرين كالسيول العارمة لتزيد من دموعها المنزلقة..
بينما غمغمت سهر بنبرة قوية شرسة وقد بدت الأمور بالنسبة لها ساطعة الوضوح وهي تضرب يدها فوق مسند السرير الخشبي
((الآن توضحت الصورة لي))
فجأة غمرت شيرين وجهها بكفيها وأخذت تجهش بالبكاء وتقول بصوتٍ متقطع
((وكأن ما فعلوه بي غير كافي، قامت والدته بنشر ما حدث وقذف سمعتي.. قالت بأني كنت أواعد رجلين في نفس الوقت وأتلاعب بهما وتحت علم والديّ الاثنين.. بقيت لأيام أؤكد لنفسي بأن وليد حتى لو تركني فلن يسمح أن يفتري عليّ أحد وسيبوح بالحقيقة في أرجاء القرية.. لقد اتكلت كثيرا على حب ظننته يسكنه كما يسكنني.. تصورت بغباء أن كل المرارة التي تلبدت بغيومها الكريهة في سمائنا لن تمحو بشكل كامل حلاوة عاطفة مجنونة جمعتنا لسنوات.. لكنه لم يفعل))
أبعدت سهر وجهها تناولها منديلا لتمسح دموعها بينما تقول لها بهدوء جاد
((سأقتله بنفسي.. وأخبره ألا يحلم بالاقتراب منك..))
أخذت شيرين نفسا عميقا ثم أطلقته ببطء لتقول بعينين باردتين عازمتين
((لا يا سهر بل سنكمل زواجنا، وسيكون بأقرب وقت ممكن.. أنا لا أفعل هذا من أجل والدك وحسب.. بل من أجلي أيضًا، لأسباب أخرى معقدة لن يفهمها أحد غيري))
ثم ذابت البرودة من عينيها دون أن تتلاشى العزيمة منهما بينما تهمس
((أريدك فقط أن تظلي بجانبي يا سهر.. ولا تخبري والديك بشيء وتعشميهما قبل أن نتأكد من أن وليد لا يتلاعب معنا))
وما كان لسهر إلا أن تومئ بخضوع..
كانت شيرين متأكدة بينها وبين نفسها بأنها لن تمضي قدما في زواجها من وليد إلا من أجل والد سهر لكنها كانت مضطرة في إقناعها بذلك.. فكانت لهجتها باترة.. قاطعة.. لا تقبل النقاش..
هي من الأساس فقدت الأمل في الزواج مرة أخرى.. كما أن وضع والد سهر السيء لا يحتمل التأجيل أكثر..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 06:42 PM   #2523

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

عصرا.. في الحديقة الخلفية..
جلست سمية هي وطفلها تستظل تحت شجرة معمرة وراقة وبعض من أشعة الشمس تداعب وجنتيها بدلال بينما رائحة العشب الطبيعي تنعش رئتيها..
النسمات التي كانت تهفهف من حولها تتلاعب بحجابها الخفيف..
وبينما كانت مستغرقة في التفكير جفلت على صوت مالك يلقي السلام وهو يقترب منهما..
فسارعت تعيد خصلات شعرها الثائرة بفعل الهواء العليل أسفل حجابها..
أما يزيد هتف ببهجة وهو يستقيم واقفا
((أبي هنا!))
خرجت من حالة الاسترخاء التي تعيشها لتهمس بجزع مؤنبة ابنها
((يزيد.. كيف تقولها هكذا! وبصوت عالي أيضًا!))
انكمشت ملامح يزيد بشعور بالذنب ليصلها صوت مالك وهو يقترب منها واضعا يديه بجيبي بنطاله الجينز
((أنا من أخبرته بذلك يا سمية، سأحسم الأمور قريبا وأضعها في نصابها الصحيح))
زمّ يزيد شفتيه وخطا نحو أبيه الذي وقف أمامه بطوله الفارع وهو يوجه نظراته الصلبة لسمية..
هدرت سمية بنبرةٍ متحشرجة تحمل اللوم والعتاب
((هل هذا أسلوب جديد من أساليبك يا مالك لتضغط عليّ؟))
جلس مالك بجانبها متربعا ومحافظا على مسافة جيدة بينهما ثم أجلس يزيد بحجره..
ارتسمت نظرة غامضة ضائقة بعينيه لا تحمل نفس المشاعر الودودة السابقة ثم هدر لها ببرود تام
((لا.. الأمر ليس كذلك.. الأمر لا دخل به بزواجنا.. إنه فقط متعلق بيزيد.. أنا لن أتحمل جهل عائلتي بأني والد لطفل في السابعة من عمره بالفعل حتى الآن، أريد أن أخبرهم اليوم قبل الغد بأني والده..))
اتسعت عيناها لما قاله وبدا وكأن شحنات كهربائية مخيفة تنتقل بينهما.. لتقول بثورة
((أنتَ تمازحني صحيح؟))
أجابها بخشونة وجدية
((لا.. أبدًا))
تصاعد التوتر بينهما وأصبح مختلطًا بمشاعر كثيرة مشوشة لكن مستعرة ليطفو الغضب على السطح فتقول له بعينيها الشرستين
((لكن هذا ضد ما اتفقنا عليه، إذا ما علم والديك أن يزيد ابنك ومن صلبك.. فسيثوران عليّ بل سيحرمانني منه..))
رد عليها بغضب نبع وتفجر بتدفق من تراكماته تجاهها
((توقفي عن هذه الترهات والخيالات المرضية فقد تعبت في مجاراتك بها طوال السنين الماضية.. لكن الآن قد طفح الكيل.. أنا لن أصبر أكثر.. لن أتحمل أن يتم معاملة ابني كدخيل من قبل أفراد عائلتي.. سأخبر عائلتي ومهما غضبوا عليّ فلن يطول الأمر.. ربما سيشعر أبي بشيء من السخط تجاهي لأني أخفيت هذه الحقيقة عنه لكن أمي ستعرف كيف تخمد غضبه، لن يهون عليها أن يبقى غاضبا مني.. قد يهون الجميع على أمي إلا أنا))
اختنقت داخل عينيها عبرة عجز لكنها امتصتها سريعا وهي تغلق جفنيها سريعا.. لكن سرعان ما فتحتهما وهي تقول متشدقه بتهكم
((أنت تتحدث بثقة كبيرة يا مالك))
ازدرد مالك ريقه وهو يعاند إحساسه القاتم بأن والديه لن يتقبلا أمر يزيد دون عقبات..
بل وأجبر مشاعره على الاستبشار خيرًا وتحقق كل ما يتمنى.. ثم قال بواجهة ثابتة
((معرفة والديّ بحقيقة يزيد ستجعل عودتنا لبعضنا أسهل ولن تجعلهما ينتزعانه منك كما يصور لك خيالك المريض.. الأمر أبسط مما تتوقعين..))
تحرك رأسها قليلا بتشنج وشفتاها تشتدان كالوتر فتحاول الاعتراض
((ولكن يا مالك..))
قاطعها بنبرة صلبة مغلفة بالجفاء
((سمية أنا لا آخذ مشورتك بل أُعلمك بالفعل بأني سأحدث والديّ في نهاية الأسبوع عن حقيقة يزيد.. كوني مستعدة.. الأمر ليس متعلقا بك فقط بل بابني، إذا كان لا يهمك كل ما يتعرض له وإذا كان قلبك ميتا تجاهه فأنا لن أظل مثلك))
همست بلهجة باترة
((توقف عن الافتراء عليّ.. أنا أكثر من يهتم بيزيد في هذا العالم.. إنه كل ما أملكه في هذه الحياة))
رفع مالك حاجبيه وهو يصر على القول
((أنتِ تملكينني أيضًا.. هذه حقيقة أخرى تصرين على إنكارها.. أما بشأن يزيد فلو حقا كنت تهتمين بشأنه لكنت أنتِ من أصريت على عودتنا لبعضنا وأن نعلن زواجنا أمام كل من في القرية من أجله!))
قالت له بإصرار من بين أسنانها
((لماذا علينا أن نعود لبعضنا من أجله؟ ولماذا علينا أن نعلن زواجنا أمام من في القرية حتى يظهر يزيد للنور باعتباره ابنك أنتَ؟ لماذا تشعرني أنه جاء بطريقة غير شرعية؟ تستطيع أن تعلن بأنه ابنك لكل من في القرية دون الحاجة لنا أن نتزوج مرة أخرى يا مالك))
أظلمت ملامحه حتى صارت خضراويه أكثر عمقًا.. وألمًا لا نهاية له.. يحدق في وجه امرأة أحبها بكل جوارحه.. وهي ترفضه بكل شراسة رغم اعترافها بحمل مشاعر له..
تحدث أخيرا بصوتٍ فاتر أجوف
((ما لا أستطيع مسامحة نفسي عليه حتى الآن يا سمية أني سمحت لك بالضغط عليّ وبالتالي التحكم بي واستغلال صغر سني بقلة خبرتي وسذاجتي حتى أطلقك.. لكن لن أسمح لك أن تتولي زمام أمورنا نحن الثلاثة))
بدا الجرح الذي تسببت به لخضراويه شاحبا..
لا تصدق أنها السبب بألمه!
وبذات الوقت كانت لا تزال مصرة بأن تفعل ما تفعله لأجله.. ولأجلها هي.. فهي لن تتحمل الدخول في علاقة مستقبلها الفشل..
لم تجد أمامها إلا أن تبدأ بمهاجمته ووضع اللوم عليه.. فسارعت تقرب يزيد منها وتضع كلتا يديها فوق أذنيه تمنعه من الاستماع لكلامها وهي تقول بحدة مهاجمة
((عمرك كان يزيد عن العشرين عاما عندما تزوجنا، فلا تشعرني بأنك كنت قاصرا، أنا المسكينة والتي على الرغم من حكمتي ورزانتي وقعت تحت تأثير إغوائك فاستطعت استغلال تلك الفترة العصيبة التي كنت أمر بها بعد طلاقي من زوجي أقبح استغلال))
قال مالك باختناق وفكه يتوتر بتصلب
((إغوائك! لماذا تصوريني الآن بأني شاب د-ن-ي-ئ و-ح-ق-ي-ر! ألم توافقي على مبادرتي في الزواج منك بكل قواك العقلية؟))
ظهر بسواد حدقتيها الحالك طيف ناري وهي تتحفز بكبريائها بينما تجيب
((نعم وافقت أن أتزوجك زواج صوري لأن أمي أقنعتني أني بحاجة لرجل يرافقني إلى حيث يقع ذلك المنتجع العلاجي في مدينة بعيدة عنا ولا أكثر من ذلك))
لم يعرف كيف تمكن من الابتسام الباهت المرير وهو يعقب بنبرة خافتة
((وأمك أخبرتني أن أتبع معك قاعدة "يتمنعن وهن راغبات"))
شعت عيناها غضبًا ووجهها ازداد احمرارًا من وقاحة غمزته فوجدت لسانها ينطلق وهي تقول بحنق
((كاذب كنت تعرف بأني لا أحبك ولا أراك أكثر من أخ وصديق، ومع ذلك استغللت ضعفي وزواجنا الشرعي وذهبت لتثبته في المحكمة قبل أن تبدأ في التسلل لغرفتي في الفندق.. لا مرة أو مرتين.. بل لأشهر..))
قال لها بصوت خافت وأنفاس يشعرها تخرج من فمه حارة للغاية
((لقد انصهرتِ بين ذراعيّ من أول ليلة اقتربت فيها منك، فكيف لي أن أعرف بأنك ترفضين ما يحصل؟ لم أكن أعرف أن العلاقة الجسدية بالنسبة لك شيء مختلف تماما عن الحب..))
كان يرى ارتجاف جسدها بأُم عينيه لكنها تقاومه وهي تقاطعه بهدوء يشوبه الضيق
((اصمت يا مالك وتوقف عن هذه الحركات الصبيانية..))
ذاك النفور الذي تحاول إظهاره نحوه.. خاصة وهي تتحدث معه كأنه لا زال ذاك الشاب عديم الخبرة وصغير السن!
ومن دون وعي ضربت الدماء بعقله فجأة ليقول بمنتهى الوقاحة
((لماذا أصمت؟ ما الخطأ الذي قلته؟ هل تحبين أن أذكركِ أكثر بتلك الليالي التي كنت تضيعين فيها تماما بين يدي هذا الشاب رغم أنك لم تكوني تحملين له شيء من الحب بل لم تكوني تعتبريه حتى رجلا بالنسبة لك! لا تنكري بأني كنت أعرف كيف أجعل عواطفك تتقد بداخلك قبل أن أنالك كاملة دون أن أسمع منك همسا بكلمة اعتراض! لقد كنت أنجحُ في جعلك تنجرفين بأقصى ما لديك معي))
اختض جسدها داخليا برعشة عند ذكره تلك التفاصيل العاطفية لتسارع بالوقوف على قدمين مرتجفتين بالغضب وتقول بنبرة جادة قاطعة
((اصمت ولا تتحدث بهذا الشكل فأنا لم أعد أحل لك وما تقوله هو منتهى الفجر.. نحن لم نعد زوجين.. لا تتخطى حدودك معي حتى بالكلام يا مالك))
كانت خفقات قلبها تتصاعد بعنف قوي وهي عالقة بتلك التفاصيل العاطفية..
لم تعِ سمية أنها أبعدت يديها اللتين كانتا تسدان أذني يزيد عنه وبدأ يصغي لما يسمعه..
أما مالك فقد فاتسعت ابتسامته وهو يمعن النظر بخديها المُحمرين ونظراتها الغاضبة التي تحدجه بها.. قبل أن ينحسر المزاح عن وجهه وهو يسمعها تردف بجدية
((دعنا نعود للموضوع الأول.. مالك.. مسألة إخبار والديك عن يزيد ليست بسيطة كما تظن.. ليس من السهل إيجاد طريقة تخبرهم من خلالها عن زواجنا في الماضي وإنجابنا له دون أن تتسبب بذبحة صدرية لأحدهما، عليك أن تتروى في مسألة إعلامهم بأمر كهذا.. من أجلهما))
استقام مالك من مكانه واقفا مقابلها يقول حانقا نافذ الصبر
((سمية لا تحاولي ثنيي عن الأمر، أنا سأخبرهم ولن أتراجع عن قراري، وبكل الأحوال فالحقيقة هذه لن تبقَ مستترة طويلة.. أستاذ يزيد ومدير مدرسته وأساتذته في المرحلة التمهيدية يعرفون بأنه ابني والله أعلم إن أخفوا السرأم أفشوه لآخرين، بالمناسبة.. أنتِ لا فكرة لديك عن نظراتهم المشمئزة والمُحقرة التي يوجهونها لي كلما نظرت في وجه أحدهم، يظنون بأني من أريد إخفاء هذه الحقيقة وأظلمك وأظلم ابني معي))
رق وجه سمية قليلًا شاعرة بالذنب والغضب من نفسها..
لكنها تمالكت نفسها وقالت برفق
((مالك.. أنا أتفهمك ولكن.. لن أستطيع أن أغامر بخسارة ابني لمحض توقعات فقط.. أنا لن أستطيع خسارته.. لن أتحمل أن أسمح لهم أن يأخذوه وأقتات أنا على رؤيته فقط من حين لآخر.. لو تنتظر أكثر حتى يكبر ويعي على نفسه بحيث لو حاول والديك انتزاعه مني يكون هو لهم بالمرصاد..))
ثم بدأت شفتاها ترتعشان وهي تبتسم قائلة بصوت مبحوح يفيض توسلًا رقيقًا لا يقاوم
((أما علاقتي بك فهي مستحيلة قبل أن تبدأ مجددا، لذا عليك التفكير بنفسك ومستقبلك، وصدقني بعد زواجك من فتاة أخرى تناسبك ستكون ممتنا لأني منعتك من الانجرار نحو رغبة متهورة))
خنقه وجيب قلبه وهو يقول لها بثبات
((أنا لن أستطيع الاقتراب أو الزواج من غيرك يا سمية.. خاصة بأنه سبق وتزوجنا.. لو لم نتزوج.. ولو لم أقترب منك.. لكان الأمر.. ربما أقل وطئا))
ازدردت سمية ريقها وقلبها يخفق بـ..
هل هو توتر أم انتشاء ما يجعل قلبها يخفق هكذا؟
تمالكت نفسها وهي تقول بخفوت تستمر بوضع الحواجز بينهما
((ليس وكأننا تزوجنا زواجا طبيعيا.. استمر الأمر لأشهر فقط.. لا تضخم من الأمر))
انقبضت يدا مالك وتيبست ملامحه وبدت خضراويه بئرين من جحيم يطفو من صدره المستعر ليرد بتحشرج
((لا فكرة لديك ما هو الشعور الهائل بالفراغ الذي ينتابُني حينما اعتدت أنك من حقي في هذه الشهور ثم انتزع مني هذا الحق فجأة))
ظلت سمية على صمتها.. وهي تشعر بالتشتت من حولها يزداد..
استدار مالك على عقبيه يعطيها ظهره وهو يقول بصلابة
((أنا سأذهب فلدي الكثير من أوراق الامتحانات التي عليّ أن أفرغها على دفتر العلامات ثم الحاسوب.. هل تريدين شيئا مني؟))
دس كفيه في جيبي بنطاله عندما رفعت وجهها تناظر ظهره وتسأله وهي تزم شفتيها ببراءة
((ابعث لي الأوراق لأفرغ العلامات عوضا عنك.. أعرف أن هذا أكثر ما تكرهه في مسألة التدريس))
التف نصف استدارة لها يقول بجدية مصطنعة وقد تخلى عن الوجوم فعلا
((أساسا كنت سأرسلهم لك لتفرغيهم بالفعل، فأنا لا أثق بأحد غيرك في نقل العلامات بحذر وحيطة شديدة دون أن يظلم أحد طلابي))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 06:44 PM   #2524

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

ابتسمت له بود ليعود هو وينظر أمامه ماضيا بخطوات ثابته نحو الباب الخارجي للمطبخ وضحكته الخافتة تصلها فتتلاعب بقلبها.. بشكل مؤلم..
أطلقت تنهيدة بائسة وسعت الكون ثم ناظرت يزيد بملامحه الحائرة وفي عقلها مائة سؤال وسؤال عن مستقبلها معه..
.
.
أغلق مالك باب المطبخ خلفه ليشهق جافلا يهتف بغير تصديق
((أم فهد؟ ماذا تفعلين هنا؟))
كتفت رتيل ذراعيها ثم قالت بنظرات متسلية
((لا تقلق لا أحد في المطبخ إلا أنا ونجوم.. كنا ننظر لك أنتَ وسمية من هذا الباب بمواربة منذ أن جئت وجلست عندها))
سألها بتوجس وهو يميل برأسه نحو رتيل ونجوم
((هل سمعتما أي شيء من حديثنا؟))
رفعت حاجبيها بتعجب من توتره لكنها أجابته بمنطقية
((كيف سنسمع شيئا من هنا؟))
تجهمت ملامح مالك وهو يقول
((ليس وكأنني خائف من أن يسمع أحد شيء.. لكن..))
تنحنح في نهاية حديثه يجلي صوته للحظات قبل أن يقول بهدوء
((على كل حال يا زوجة أخي، سأتزوج قريبا أنا وسمية، لذا أرجوك لا تفتعلي أي إشاعات قبل أن أتحدث مع والديّ بهذا الخصوص))
لف الفضول وجه رتيل متسائلة
((ومتى ستتحدث؟))
رد مالك عليها بنبرة فاضت حزما
((في أقرب فرصة في هذه الأيام، لا طاقة لي لأتحمل الانتظار أكثر..))
لوت رتيل فاهها قبل أن تقول متهكمة
((كل من في المنزل يعرف بك أيها العاشق، لا أدرى ماذا كنت تنتظر قبل أن تتخذ هذه الخطوة؟ المزيد من سنوات الانتظار؟))
تنهد مالك قبل أن يجيب
((معك حق، كان عليّ أن أعمل على الموضوع بشكل أسرع))
رفعت رتيل حاجبها تحاول مجاراة جديته وهي تقول له دون أن تنحسر ابتسامتها
((على كل حال، الأيام القادمة ستكون في غاية الإثارة، فوالدتك لن تكون لينة معك بموضوع كهذا.. إنها حتى تكره يزيد المسكين الذي لا ذنب له إلا أن ابنها المفضل يحب أمه..))
رفع مالك عينيه المتمردتين إليها يقول بصرامة
((أنا لست شابا في بداية عمره، بل في الثامنة والعشرين ولست أنا من ينتظر أحد والديه أن يزوجوه))
ضحكت رتيل ثم همست مصفرة بصوتٍ حار قبل أن تغادر المطبخ
((أيها الخطير! لكن لا بأس لن أستخف بك وسأرى كيف ستقنع والدتك))
رغم الخوف الذي تسلل لداخله ولا يشعر مصدره لمعت حدقتيه بشيء من الأمل..
عليه ألا يتشاءم فقد اقترب أخيرا من أن يحصل على سعادته واستقراره مع سمية ويزيد..
ذاك الحلم الذي داعب خياله الأبوي وقلبه لسنوات..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 06:45 PM   #2525

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

قال قصي يوجه سهر التي كانت تقود السيارة
((ركزي يا باربي أثناء القيادة وانظري فقط أمامك..))
نظرت إليه رافعة حاجبها تقول بابتسامة
((أنا آسفه لكن هذه السيارة.. إنها فقط تسرق الأنفاس.. مذهلة.. لا أصدق أني أقودها بهذه السلاسة))
قال قصي بصراحة وهو يكتف ذراعيه
((لقد كنت أحاول منذ مدة الحصول على سيارة مماثلة لها..))
قالت له بإعجاب حقيقي غير مألوف لها
((لست شغوفة بالسيارات، لكنها تبدو رائعة، مبارك يا قصي.. أنا سعيدة لأنك جعلتني أقود غاليتك هذه، فأنا أعرف بأنك تعتبر أسطول سياراتك مثل أبنائك))
تمتم قصي ببساطة
((إنها لك..))
لاحظ تغير تعابيرها إلى الدلال والغنج اللطيف وهي تقول له
((بالتأكيد فكل شيء يملكه زوجي المستقبلي هو لي، وكل ما أملكه أنا حتى قلبي فهو له))
مالت زاوية شفتاه بابتسامة جانبية وهو يقول لها متفاخرا
((أنا أتحدث بجدية، هذه السيارة اشتريتها لك..))
تغيرت ملامحها للتجهم وهي تناظره لتتساءل
((ماذا؟ كيف؟))
كانت سهر تحاول إيقاف السيارة حتى تستطيع التحدث معه وهو يجيبها
((عرفت بأنك لم تغيري سيارتك.. منذ.. ربما عشر سنوات.. شعرت بالعار من فكرة امتلاكي لعدد من سيارات وتغيريهم بشكل منتظم في حين أني لم أفكر ولو لمرة بتجديد سيارتك))
اختض جسديهما للأمام قليلا ولولا حزام الأمان الذي كان يحاوط كل منهما لكان اصطدما في زجاج السيارة الأمامي..
لم تهتم سهر لذعرها وهي تسأله بلهفة
((هل أنتَ بخير؟))
ابتسم لها وهو يقول مطمئنا بينما صدره يتنفس بقوة
((نعم.. لا تقلقي.. فقط اركني السيارة على جانب الطريق..))
شغلت السيارة تركنها حيث أشار بينما تقول له بمشاعر مرتبكة
((قصي.. الأمر ليس أنني لا أملك ثمن سيارة جديدة، لكن سيارتي لطالما كانت تفي بالغرض وأنا حقا لست شغوفة بعالم السيارات.. لكن.. هذه الهدية باهظة جدًّا.. أنا لن أستطيع تقبلها))
هدر قصي بانتشاء متلذذ في نبرته
((هراء.. لقد اشتريتها لك وهذا أمر غير قابل للنقاش))
حاولت الاعتراض بجدية
((ولكن أنا أشعر بأنك تحب هذا النوع من السيارات، ولا شيء يجعلك تشعر بالسعادة أكثر من الحصول على سيارة جديدة لذا لا أظن بأن عليّ أن أقبلها))
صحح لها وهو يفتح مقبض بابه
((بل رؤيتك تقودينها براحة وبهجة سيجعلني أكثر سعادة))
دار قصي حول السيارة نحو سهر يفتح بابها يساعدها في الارتجال منها وهي تهدر له
((قصي أنا حقا لا أعرف كيف أشكرك! أنتَ رجل المفاجآت حقا))
لم يرد عليها قصي بل سحب مفتاح السيارة وناولها لأحد الموظفين ليهتموا بركن السيارة..
ثم تشابكت كفه بكف سهر وهو يقول لها ونظره مصوب نحو واجهة مطعم فخم وراقي
((مطعم جديد تم افتتاحه حديثا، أحببت حقا أن أذهب له معك))
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 06:46 PM   #2526

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

غادر النادل بعد أن أخذ طلباتهما الاثنين.. فبدأ قصي بتجاذب الحديث معها متسائلا بفضول حقيقي
((إذن هل ستتزوج هذه المرة صديقتك شيرين حقا؟))
خرجت سهر من شرودها على سؤاله وهي تومئ له
((نعم.. ستتزوج.. وهذه المرة إياك أن تعتذر، عليك أن تحضر معي وترافقني لحفل زفافها؟))
ازدرد قصي ريقه بارتباك ثم همس معترضا بصوت واهٍ
((باربي ولكن.. أقصد..))
تنهدت قبل أن تقول بجدية غير مألوفة به هومعها
((قصي لا تعتذر أرجوك.. هل أنت مستاء منها لأنها لم تحضر حفل عقد قراننا قبل سنتين ونصف إلىآخره؟ أخبرتك وقتها بأنها لم تستطع أخذ إجازة من عملها!))
سارع قصي ينفي ما تظنه سهر هادرا بشيء من التوتر
((لا سهر، الأمر ليس كذلك أنا لست طفوليا بهذا الشكل!! الأمر فقط أني أيضا قد أكون مشغولا في عملي..))
قاطعته سهر بمنطقية واحتدام
((قصي هي مجرد موظفة في شركة لا ترحم فعذرها كان مقبولا.. أما أنت فتدير شركة عائلتك ولن يحاسبك أحد لو أخذت إجازة أو ساعات مغادرة.. أنا لن أقبل إلا أن تحضر يا قصي.. أو سأحزن منك فعلا))
وهو يقول متلمسا تفهمها
((لا يا باربي.. لا يهون عليّ أن أكون سببا في حزنك.. صدقيني سأحاول أن آتي لحفل زفاف شيرين.. لكن لن أعدك..))
تمتمت سهر بضيق وهي تشيح بعينيها جانبا
((معنى هذه الجملة أنك لن تأتي، حسنا فهمت))
ضيق قصي عينيه بتدقيق عليها..
سهر مؤخرا لا تبدو طبيعية معه!
باتت تشح في مكالمتها ورسائلها له وتتعمد قدر الإمكان إخفاء شوقها ولهفتها عنه..
وبلا شك أمها هي السبب في ذلك!
حتى أن فرحتها قبل قليل كانت مصطنعة وكأنه لم يهن عليها ألا تجامله مقابل ما تكبده في إحضار هديته الباهظة لها!
خرج قصي من دوامة أفكاره على صوت سهر وهي تقول متذمرة بينما ترفع الفرو الأبيض الفاره على كتفيها حينما شعرت بنسمات الهواء تتحرك
((أحب الجلوس هنا وقضاء الوقت ولكن الجو بارد قليلا، لماذا لم تزرني وتظل في بيتي كما اقترحت عليك قبل الخروج؟))
مد قصي يديه يسحب كفها الناعمة ثم أحاطها وهو ويضغط عليها برفق ليقول متأسفا بدفيء
((لأني أريد الخصوصية معك، فأنتِ تعرفين بأن أمك وصديقتك تبقيان أيام العطل في منزلكم.. ولم أجد من اللائق دعوتك لشقتي وحيدة حتى لو كان بيننا عقد قران..))
تنهدت سهر بإجهاد ثم سألته ببرود بنبرة ذات مغزى
((وماذا فيها لو دخلت منزلنا أثناء وجود أمي؟ هل تخشى أن تجلب لك سيرة تعجيل حفل زفافنا؟))
تكدرت ملامح قصي وهو يقول بصراحة مطلقة
((نعم.. معك حق.. صرت أخشى من هذا الموضوع.. ومن كلامها الفج واتهاماتها المجحفة الصريحة بأني أماطل بلا داعي وأخدعك))
ارتشفت سهر القليل من مشروبها الدافئ بغير شهية ثم قالت ببرود
((ليست اتهامات مجحفة، أنت حقا تتصرف كما لو أنك تتهرب من الزواج مني.. كل شيء فيك حالم ورائع حتى يحين موعد تحديد الزفاف، وقتها تنقلب هيأتك تماما وتبدي الاستياء لي وتبدأ بالتهرب من الإجابة..))
رفع قصي نظراته المتفاجئة لها ليقول معترضًا بقوة ومتفاجئا من مسار تفكيرها الذي بدأت تتخذه
((سهر، الأمر ليس كذلك، أنا فقط لا زلت بحاجة للمزيد من الوقت قبل أن أدخر المال لشراء الفيلا وإقامة العرس الأسطوري الذي تحلم به والدتك من أجلك، أنت تعرفين بأنها لن تقبل أقل من ذلك..))
قاطعته سهر بعبوس مقترحة وداخلها يجيش معترضا
((لا داعي لكل هذا.. يمكننا أن نكتفي بزفاف وشراء منزل بسيط يصح أن يكون في الحد الأدنى المقبول في سلم مجتمع والدتي الراقي.. المهم أن نتزوج..))
قلب قصي عينيه للأعلى بضجر مثيرا استفزازها قبل أن يقول لها
((سهر.. أقسم لك بأني متلهف أكثر منك لإتمام زواجنا وأكاد أموت توقا لأجعلك امرأتي قولا وفعلا ولكن.. ولأصارحك.. فأنا حقا لا أملك سيولة تخولني حتى أن أشتري لك منزلا أو أقيم زفافا يناسب معايير الحد الأدنى لمجتمع والداك الراقي))
كزّت سهر أسنانها وهي تراه يتحدث معها عن هذا الموضوع كما عادته مستريحًا مسترخيًا لا مهتما كما يدعي..
فاستنهضت كل عزيمتها وهي توبخه
((والسيارة التي اشتريتها وهاديتها لي قبل قليل؟ بدون أن أعرف ثمنها بالضبط أقدر أنها كلفتك ثروة صغيرة.. هذا باستثناء طبعا رحلتك القصيرة الأسبوع الماضي مع أصدقائك الى مدريد لمدة يومين والتي كانت ستطول لو أنك استطعت أخذ إجازة أطول من شركتك؟ توقف فقط عن الإنفاق بهذا الترف والبذخ على سفرك وسياراتك وملابسك.. وخلال فترة معقولة ستوفر المبلغ المطلوب..))
كبح قصي لجام غضبه الذي تولد في هذه اللحظة وهو يغمض عينيه ويسبلهما.. يحاول اكتساب أكبر قدر ممكن من الحُلمَ والصبر..
لم يفقد ولا مرة طوال فترة تعرفه عليها أعصابه.. لم يفلت أمامها شيء من غضبه أو عصبيته..
لم ترَ منه إلا وجه العاشق المتفهم الذي لا يبحث عن شيء إلا إسعادها.. ولن يفعل الآن عكس ذلك..
زفر قصي نفسًا كان يكتمه ببطء.. ثم قال ببرود واعتراض
((لا أستطيع يا سهر.. هذا هو أسلوب حياتي المعتاد عليه منذ أن ولدت.. لا أستطيع تغييره ولو ليوم واحد.. لذا أتمنى أن تستمري على تفهمك ولا..))
قاطعته سهر بثبات انفعالي دون أن تظهر المشاعر التي تخفيها رغم أن عيناها تفضحانها كما رعشة كفيها
((حسنا.. ممتاز.. لقد وصلتني الفكرة، كانت أمي محقة تماما.. أنت لا تراني إلا صديقة وحبيبة تحب قضاء وقتك معها للمتعة فقط، ولا تريد أن ينتهي الأمر بنا للزواج والمسؤوليات، لكن أنا آسفة يا قصي لأني مضطرة أن أنهي كل شيء بيننا لأني لا أملك وقت لأضيعه أكثر مع أمثالك..))
تناولت سهر حقيبتها الجلدية الباهظة واستقامت واقفة من مكانها تنوي المغادرة..
اتسعت عينا قصي لردةفعلها غير المتوقعة وسارع يتشبث بذراعها مغمغما
((سهر لحظة.. توقفي..))
قاطعته بصلف متعجل لتختصر وهي تنفض ذراعها عن يده
((قصي.. قصي.. لا تثر جلبة من حولنا لو سمحت.. أنا حقا بحاجة أن أختلي بنفسي والتفكير بشكل أعمق في علاقتنا، لا تتصل بي الفترة المقبلة لو سمحت لأني لن أرد عليك))
كانت سهر تغلي غليانًا وهي تحث الخطى للخارج.. تقف على الشارع العام وتطلب سيارة أجرة.. في حين تهالك قصي على كرسي يعاود الجلوس..
يبدو أنه أخفق في حساباته وظنونه..
سهر التي لم يبدُ عليها يوما اهتماما بتسريع زواجهما بدأت الآن أفكارها تأخذ منحى مختلف..
تقبضت يده وضرب بها المنضدة غير آبها لنظرات من حوله التي جذبها له..
تبا لكل شيء وللعجز الذي يحاوطه.. صدقا لو كان الأمر بيده لتزوجها منذ أول مرة وقعت عيناه عليها..
تجلى الإجهاد على وجهه فجأة..
عمه يماطل في تحقيق وعده له وهو بالمقابل يماطل في إتمام زواجه من سهر..
متى سيصل إلى مرحلة يقتنع فيها أن عمه الذي يكره وجوده لن يحقق شيئا مما وعده له وبالمقابل فليس أمامه إلا البوح بحقيقته لسهر ويأمل منها التفهم حتى لا يخسرها..
أساسا مع وجود شيرين في نفس مكان الشركة والقسم ففرصة كشف كذبه وخداعه ستكون كبيرة!
لذا عليه أن يكون حذقا ويفصح هو بالحقيقة لسهر قبل أن يشي أحد به وتعرفها من غيره!


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 06:47 PM   #2527

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في منزل والد جمان..
في المطبخ تعد قالب الكعك وتزينه برفقة الصبية ريمة التي تواظب على زيارتها بين حين وآخر كانت تعمل عندها عندما كانت متزوجة بوليد..
قالت ريمة فجأة بحنق طفولي واقتضاب
((أنا قررت يا سيدة جُمان بأني لن أتزوج، فإذا كان حدث ما حدث معك فكيف بي أنا؟))
ابتسمت جُمان بخفة لاحتقان الصبية أمامها قبل أن ترد
((لا تقولي يا ريمة هذا! أنتِ لا زلت مراهقة وفي مقتبل عمرك على هذا التفكير السلبي))
قالت ريمة مستنكرة بانفعال طفيف
((ليس تفكيرا سلبيا بل إدراك للواقع، الحب لا يأتي منه إلا الألم.. وأساسا لا فائدة منه))
هزت جُمان رأسها نافية قبل أن تقول لها بروية شديدة
((هذا غير صحيح يا ريمة، فالحب والمشاعر والعواطف أمور مهمة جدا لي ولك ولكل البشر، وبدونهم تصبح الحياة قاسية وبلا مذاق ممتع لها مهما أنجزنا ونجحنا في حياتنا العملية والدراسية، ولكن الحب على رونقه وجماله يحتمل الفراق ويحتمل حرية طرفيه ويحتمل ألوانا من المشاعر المختلفة داخل العلاقة نفسها.. غضب.. ألم.. مسافات تقترب وتبتعد..))
اهتز فؤاد جُمان فجأة بينما تستطرد بصوتٍ أجش
((أنا حقا أتألم وأتجرع لوعة الفراق والفقد، ولكني مؤمنة بأني بعد فترة طالت أو قصرت أستطيع إكمال مشوار حياتي..))
أخذت ريمة عدة أنفاس كأنها تستعد لقتال الضواري ثم كتفت ذراعيها تقول بغضب موقود تكتمه
((أنا أتمنى أن يُجازى على ما فعله بك، ويرد له في أكثر شيء يحبه ويتمناه في عمره هذا، فدخوله العابث في مسار حياتك، وتركك بهذا الشكل القاسي هو شيء دنيء))
أطلقت جُمان تنهيدة قبل أن تقول بصوتٍ دافئ
((ريمة حبيبتي لا تتحدثي بهذا الشكل ولا تتمني السوء له..))
اتسعت عينا ريمة تهدر باهتياج واستنكار
((هل أنتِ من تقولين هذا؟))
ابتسمت جُمان قليلا وهي تطرق بوجهها ثم هدرت بصوتٍ ناعم
((نعم أنا من أقولها، فعندما تنتهي علاقتي بأحد أكره أن أضره أو أمسه بشيء.. حتى لو كان من خلال الكلام أو الدعاء عليه))
نفخت ريمة وجنتيها وهي تتمتم بغير رضا
((أنتِ طيبة جدًّا..))
أحنت جُمان رأسها قليلا تغالب طعنات الألم وهي ترد بحشرجة
((لزام عليّ أن أكون كذلك، فنحن بين رحلة حضور وغياب.. فلماذا قد أتسبب بسرقة فرحة أحد، أو قهر قلبه!))
لم تمتلك ريمة إلا أن تشيد بجمال روحها رغم عدم رضاها
((أنتَ يا سيدة جُمان لا تعوضين، ولا تستبدلين، ولا تقارنين، ولا تتكررين.. وبعد أن يتزوج من تلك الأخرى، سيندم ويبكي ويرجو الله أن يعيد الزمن إلى الوراء حتى لا يترك امرأة رائعة مثلك..))
أما تلك المرأة التي سيتزوجها فـ..))
رفعت جُمان حاجبها باعتراض تبتر كلمات ريمة
((توقفي يا ريمة.. وما ذنب تلك المرأة التي سيتزوج منها في الأمر؟ مشاعر وليد نحوها تخصه وحده.. هي لم تجبره.. ولم تكن بينها وبينه علاقة حسب ما أظن عندما كنا متزوجين.. لذا..))
أومأت ريمة طائعة بحنق ثم قالت
((حسنا، ولكن يقال بأن المرأة التي سيتزوج منها السيد وليد هي نفس المرأة التي كان خاطبا منها قبل سنوات.. لكن.. لا أفهم سبب عودته لها.. هل سحرته؟))
تجمدت ملامح جُمان للحظة لكنها سرعان ما تجاوزت ردة فعلها وهي تتمتم بينما تهز كتفيها
((إنه فقط لا زال يحبها.. فهل الحب يحتاج لسبب؟))
عادت جُمان تركز في تزيين قالب الحلوى لاهية عن عذابات روحها التي تيقظت..
في حين أسبلت ريمة أهدابها للأسفل بعقل شريد لدقائق قبل أن يصدح رنين هاتفها لتشهق متنبهة بأن الوقت طال دون أن تشعر به.. وتقول بعجلة
((لقد تأخرت على أمي.. سأذهب.. إلى اللقاء))
ابتسمت لها جُمان وهي ترافقها حتى الباب
((رافقتك السلام يا ريمة))
أغلقت جُمان الباب خلف ريمة ثم عادت للمطبخ تكمل إعداد قالب الحلوى بملامح شاردة حزينة... حتى شعرت بأحد يدخل المطبخ ويقف ليراقبها طويلًا بصمت..
عرفت بأنه والدها الذي كان يجلس في الصالة يصغي لمعظم حديثهما..
لم تكن جُمان قادرة على الالتفات إليه.. لم يكن لديها الطاقة حتى كسر والدها هذا الصمت هادرا بسؤال طال كتمانه في داخله
((وأنتِ لماذا استسلمت هكذا وانسحبت من حياته بهذه البساطة؟))
(لقد كنا متزوجين لأكثر من عشر سنوات، وعلى ما يبدو لمأستطع جعله يحبني.. ولا حتى بمقدار يسير من حبه لها.. كما بات وجوده معي في البيت واقعًا باهتًا لا يحمل في نفسي شيئًا من الحب))
قال والدها معترضا
((لكن لا يمكنك أن تسمحي لها..))
توقفت جُمان عما تفعله وقالت مقاطعة والدها بتهذيب
((أرجوك أبي.. يكفي..))
همس اسمها بألم
((جُمان..))
استمرت بمتابعة ما تفعله وهي تقول بصوتٍ مختنق
((صدقني يا أبي ليس بيدك كسب قلوب الناس ولو بذلت ما بذلت مِن جهدٍ، وليس من اليسير استمالة قلب زوجٍ آثَر غيري، الاستمرار في العيش في هذا العذاب من أجل أمل كاذب هو أكبر عذاب))
تابعت جُمان عملها بهدوء حتى سمعت صوته المتحشرج يهمس
((ما الذي يجعلك يا ابنتي تقولين هذا الكلام؟ كل من حولنا يستطيع أن يرى بوضوح الشمس أن وليد كان يحبك.. لو لم يكن يحبك لما حرص كل الحرص على الحفاظ على كرامتك ولما صبر على عدم إنجابك))
ردت عليه مباشرة وبتلقائية
((أبي أنا امرأة ولي حدسي.. وليد كان يفعل كل تلك الأمور أثناء زواجه مني لأنه كان يشعر تجاهي بالشفقة والمسؤولية..))
بترت جُمان كلماتها وهي تبتلع غصة في حلقها ببطء..
تقدر حزن والدها عليها لكن كيف يريد منها أن تبقى بحياة وليد وتقتنع بأنها المرأة التي بلا طعم ولا رائحة ولا لون في حياته.. وأن تقبل العيش في البقعة الباهتة الصامتة من حياته..
فهو لا زال واقعا في حب خطيبته القديمة.. التي لا تفوقها جمالا ولا أدبا ولا أخلاقا.. ولكنها هي المرأة التي أحبها..
قال والدها معترضا
((لكن كل هذا هو معنى من معاني الحب))
تمتمت متهكمة بخفوت
((نعم حب الصداقة أو حب الأخوة مثلا؟))
لفت جدية أكبر صوت والدها وهو يقول
((جمان.. لا توجد صداقة أو أخوة بين رجل وامرأة))
تمتمت له وهي تهز رأسها
((نعم معك حق، لهذا أعود للنقطة الأولى وهي بأنه لم يكن يبادلني الحب..))
تركت جُمان ملعقة الزينة من يدها وهي ترفع وجهها له هادرة بعينين بارقتين
((وحين يكون الحب من طرف واحد فهو ليس حبا وإنما استنزافا للمشاعر.. فالحب حتى يصبح حبا يحتاج لأن تكون المشاعر والاحتياج لها متبادلان بين الشخصين هما لا غيرهما))
أومأ والدها بنفس الانطباع..
هي مدركة بأنه يشعر بمأساتها.. قلبها الجريح.. آهاتها الصامتة.. حزنها العميق..
‏فكل الأشياء من حولها تدعوها ِلتبكي إلا أنها لا تزال تظهر واجهة الصلابة..
قال أخيرا لها بعد فترة صمت بصوتٍ حنون ودافئ
((ولكن يا ابنتي لا تنسي بأنه من حقك أن تشعري بألم الفراق والانفصال عمن كنت تشاركينه حياتك ولا بأس من التعبير عن مشاعرك بين الحين والآخر يا ابنتي.. فالمثالية الزائدة عمل لا إنساني.. لا يوجد كائن بشري قادر على ضبط مشاعره في كل وقت إلا كذوب مُتصنع))
بادلته بسمة صافية لتظهر معها إشراقة وجه نفض عنه التعب والإرهاق في هذه اللحظة
((سأفعل يا أبتي.. لكن باعتدال.. ودون أن أحاول دفع مشاعري لتؤذيني وأسمح لها أن تبقى طوال الوقت حاضرة، ففي النهاية عليّ أن أمضي قدما في حياتي))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 06:48 PM   #2528

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

دلفت نورين إلى مجلس النساء حيث حماتها تجلس حاملة صينية بها فنجاني قهوة عربية مركزة..
تقدمت قليلا تسير فوق السجادة السميكة التي كتمت صوت خطواتها فلم تشعر بها زاهية الواقفة أمام نافذة المجلس الواسعة المطلة على الحديقة بينما تضع الهاتف بالقرب من أذنها..
وضعت نورين الصينية فوق الطاولة ثم انتصبت قامتها وتقدمت خطوة باتجاه حماتها.. لكنها ضيقت عيناها وهي تمعن النظر في وجه حماتها الظاهر على الزجاج العاكس فتجد وجها غريقا بالحزن..
فغرت نورين شفتيها بتعجب تنوي سؤال حماتها قبل أن يصدح صوتها بانفعال ثابت للشخص الذي تتحدث معه أخيرا
((إذن لا خطط مستقبلية في بالك عن العودة للبلاد حتى بعد تخرجك يا مازن؟))
وصلها صوت ابنها وهو يقول بصوتٍ منهك يرجو تفهمها
((نعم يا أمي، أريد أن أبقى في الخارج وأعمل هناك بدون أن أعتمد على نقود أبي.. أريد أن أكون عصاميا وأبني نفسي بنفسي..))
صدر صوت مستهزئ من زاهية!
من يريد أن يكون عصاميا ولا يعتمد على نقود والده!
مازن! ابنها هي مازن!
لكن ورغما عنها عادت تقول له بحرقة قلب
((ألا يمكن لك أن تكون عصاميا إلا في الخارج يا مازن؟))
بدت أنفاس مازن تائهة وهو لا يعرف ماذا يجيب أمه وبماذا يعتذر أكثر.. إلا أنه حسم أمره بعزم وتصميم وهو يجيبها
((نعم يا أمي للأسف لن ينفع إلا في الخارج لقلة فرص العمل وضعف الرواتب مقارنةً بتكاليف الحياة اليومية في بلادنا..))
رفعت الحاجة زاهية يدها تمسح وجهها وهي تقول بصوتٍ متحشرج
((لقد اقتنعت بسفرك يا مازن وسمحت لك بالذهاب فقط لأنك أقنعتني بأنه أمر مؤقت.. سينتهي بمجرد إنهائك دراستك.. لكن يبدو أن الأمر سيطول أكثر..))
صمتت قليلا قبل أن تستطرد بنبرة تخنقها العبرة وغصة البكاء
((لكن ألم تفكر قبلا يا مازن كيف ستصمد زوجتك على رحيلك طوال هذا الوقت؟))
بدت مترددة فيما ستضيفه ولكن قست على قلبها المغمور بأمومة خالصة.. وعلى ابنها على حد سواء وهي تقول بجدية واحتدام
((أنت أناني يا مازن.. تسير وراء نزواتك في الخارج ولربما متزوج وتخفي عنا الأمر بينما تترك زوجتك تقوم بمسؤوليات الأم والأب معًا لابنتك الوحيدة.. وبالمناسبة أنا أدرك كذب ياسمين عليّ بشأن تواصلها معك.. وأنا أعذرها.. فهي لا ترغبك ولا تريد منك أي تواصل لأنك ترفض العودة وترفض أيضًا استقدامها عندك متعذرا بحجج واهية..))
صمتت زاهية وهي تلهث بروحٍ تذوي ببطء.. ولم يصلها أي صوت من ابنها.. فأطبقت عينيها بشدة ثم همست أخيرًا بصوتٍ جامد
((هل تسمعني يا مازن؟))
أخيرا جاء الرد منه بأن قطع الخط وفصله..
فتحت زاهية عينيها وهي تزدرد ريقها مبتلعة ألمها في جوفها وشوقها العارم لأصغر أبنائها يعذبها.. لقد أضناها بعده..
ولم تعد رؤيته على شاشة الهاتف وسماع صوته من هناك تخفف من لوعتها..
لكم تتمنى أن يعود هنا لأرض الوطن ويعيش تحت جناح والده..
وما كادت زاهية تبعد الهاتف عنها وهي ترفع هامتها المتطأطئة تعبًا وكمدًا..
استدارت على عقبيها حتى اتسعت عينيها قليلا وهي تتمتم بتعجب
((منذ متى وأنتِ هنا يا نورين؟))
أخفضت نورين عينيها وهي تفرك أصابعها ببعضهم في حركة أصبحت ملازمة لها عند توترها قبل أن تقول مبتسمة بتشنج وإحراج
((لقد كنت واقفة هنا منذ مدة، لكنك لم تشعري بي.. وقد جلبت فنجاني قهوة لي ولك))
ظلت زاهية ترشقها بوجومٍ شديد ثم قالت بعد هنيهة
((اجلسي هنا ودعينا نتذوق قهوتك))
انفجرت ملامح نورين بإشراق لمبادرة حماتها ثم جلستا متقاربتين ترشفان القهوة وتستنشقان باستمتاع بخارها الشهي الرائحة..
وضعت نورين فنجانها أولا ثم التفتت إلى حماتها تسألها بشيء من التوتر والتردد
((لقد تزوج ابنك ياسمين وبالكاد كان قد أتم الواحد والعشرين من سنه صحيح؟ فهو توأم مالك وبعمره..))
لم تعترض زاهية على نبش نورين للماضي بل ابتسمت بمرارة وهي تغمغم مجيبة بتنهد
((نعم وهي كانت في الثامنة عشر من عمرها))
تساءلت نورين باستغراب عفوي
((كيف وافقتم على زواجهما بهذا السن الصغير؟))
تنهدت زاهية قبل أن تجيبها بعقل شريد
((لا أدري.. لا أدري شيء.. زواجهما كان يلفه الغموض واللبس.. لم يكن حتى مازن قد أنهى تعليمه الجامعي..))
عقدت نورين حاجبيها تسألها
((كيف يعني؟ اشرحي لي..))
ضاعت عينا زاهية في دوامات الماضي والذكريات تذبحها ببرود.. رفعت فنجان القهوة ترتشف منه ثم أجابت بنظر شارد
((كان الغم والكآبة يلفان منزلنا بعد وفاة زوجة ابني الأكبر معاذ بعد صراعها الطويل مع المرض فولادتها لدارين أنهكتها.. وأردنا أنا نفرح قليلا وندخل الفرح لمنزلنا فقمنا بعد سنة بتزويج مؤيد من رتيل.. ولم يكن قد مر أشهر قليلة حتى تفاجأت بيعقوب يخبرني في نفس اليوم بأنه سيعقد قران مازن على زميلة له في الجامعة يحبها))
أسرّ الذهول نورين للحظات قالت فيهنَّ بتساؤل
((ماذا! كيف زوجه من زميلته هكذا بدون لا مقدمات ولا شيء؟))
عمّ الصمت بينهما وعادت زاهية ترفع فنجانها ترتشف من قهوتها السوداء وملامحها تنغلق على ألمها وهي تجيبها
((في البداية ظننت أن زوجي يمازحني مزاحا غير مألوف فيه.. لكن ملامح وجهه الصارمة والمنهكة لم تدع أي مجالا للشك في جديته))
سألت نورين بتركيز واستيعاب ما حدث
((ألم تسأليه عن سبب قبوله أن يزوج مازن بهذا الشكل والسرعة!))
وضعت زاهية فنجانها فوق المنضدة برنين لقى صدى بقلبها لتجيب بهدوء
((أخبرني أن مازن معجب بها ويحبها منذ أول يوم التحقت فيه إلى نفس جامعته ثم أخبر أبيه فطلبها له.. لكنه لاقى الرفض من عائلتها لصغر سنه.. وكان والد ياسمين يريد تزويجها من رجل آخر آنذاك لكن إلحاح زوجي عليه جعله يرضخ لطلب الزواج بشرط أن يتم على الفور دون الحاجة لإقامة احتفال أو أي شكليات.. طلبها في نفس اليوم وأقاموا حفلا بسيطا عند دارهم ثم جلبوها إلى هنا.. تخيلي بأننا لم نكن أساسا قد جهزنا أثاثا أو أعددنا جناح يليق بهما كزوجين بعد!))
أطرقت نورين بنظراتها تتمتم بحيرة
((شيء مثير للريبة..))
رفعت زاهية بغتة رأسها بشموخ وقالت بحسم صارم منتهٍ
((قد يتناهى لعقل أي أحد يعرف بقصة ابني بأنه قد أخطأ معها لذا وافق والدها على تزويجها منه وتم الأمر على عجل دون أن يدعوا أحد.. لكن مُحال.. أنا من ربيت ابني وأعرف أنه من المستحيل أن يقرب الحرام أو يمسه))
شهقت نورين في نهاية حديث حماتها وهي تفهم ما ترمي له لتسارع نافية بلهفة وهي تلوح بيديها
((من المستحيل أن أفكر هكذا يا عمتي.. لم أظن به هذا السوء))
تنهدت زاهية وهي تقول بنفس الصرامة
((أنا قلت لك هذا الكلام تحسبا فقط، لأنه حتى أنا خطر على بالي والعياذ بالله بسبب ظروف زواجها مثل هذه الظنون.. ولولا أن يعقوب أقسم لي أغلظ الأيمان أن مازن لم يمسها ولم يقترب منها قبل عقد قرانهما.. لربما ظل للشك مكان في قلبي.. لكن الحمدالله تربيتي في ابني لم تخيب..))
تنحنحت زاهية بوقار قبل أن تقول بحزم
((ولكن يا نورين إياك ذكر هذه التفاصيل أمام أي أحد..))
أومأت لها نورين بتفهم وهي تربت بلطف فوق كفها وقد اتضح لها شيء من غموض علاقة ياسمين بمازن الذي لم تراه حتى الآن ولا مرة..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 06:49 PM   #2529

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


في مكتب معاذ..
حيث هو منهمك في كتابة تقرير ما طرق أحد الضباط الذي يرتدي زيا تقليديا الباب ثم تقدم منه يقول بتفكه
((اليوم هو إجازتك ومع ذلك تعمل يا حضرة الرائد.. إذا كنت مصرا على عدم الزواج حتى هذا العمر.. فأنا أعرف مكانا يمكننا أن نقضي فيه وقتا مسليا مع أجمل الفتيات في الإجازات.. ما رأيك يا حضرة الرائد؟))
توقف معاذ عن الكتابة ثم رمق الضابط صقر الذي يعمل تحت إمرته من بين رموشه بنظرات يتطاير منها الشرر قبل أن يصيح به بصرامة
((هل أنتَ واعي لم تدعوني له؟))
انحسرت على الفور الشقاوة الظاهرة على ملامح الضابط صقر وهو يقول سريعا بندم
((أعتذر منك يا حضرة الرائد.. كنت أمازحك))
همّ معاذ بتعنيفه بالمزيد من الغضب المكبوت في داخله.. إلا أنه تمالك أعصابه بشق الأنفس قبل أن يهز رأسه له بمعنى أن يغرب من أمام وجهه..
شد الآخر جسده ورفعه في حركة رأسية قبل أن يؤدي التحية بكفه
((تمام يا حضرة الرائد))
غادر المكتب وهو يقفل الباب خلفه مما جعل معاذ يطيح بكل ما أمامه على المكتب أرضا..
هدأ للحظات يتنفس بانفعال قبل أن يجلس بإجهاد ثم يغمر وجه بكفيه..
لا يصدق كيف فجر كل الغضب المكبوت بداخله دفعة واحدة وصاح قبل قليل بصوتٍ أفزع كل من وصله..
رغم أن الضابط تجاوز حدوده في المزاح إلا أنه لم يكن يستدعي الأمر أن يتعامل معه بهذا الجفاء والاحتدام..
وهو يعرف أن سبب الغضب المندلع في صدره هو أن اليوم يصادف حفل خطبة وليد وشيرين البسيطة..
هو الآن رائد يعمل داخل مؤسسته وخلال دوامه الرسمي وعليه أن ينسى كل شيء عدا ذلك..
رفع معاذ وجهه وشرد بعقله بعيدا وهو يتكئ على ظهر مقعده ويعود للتفكير بشيرين..
تشدق بعينين تلمعان قسوة..
لم يغفو له جفن منذ أن جاءت بطاقات الدعوة له بسبب الأفكار المقيتة التي كانت تعصف بعقله..
لقد عرفت حقا كيف تتلاعب به وتستغله لتنتقم مما فعله وليد بها.. ونجحت!
فهو لم يخبر وليد عن خطتها بالزواج منه زواجا صوريا أبدًا..
لأنه وببساطة معاذ.. ابن عشيرة الكانز.. ابن دار الرفعة والشأن.. لم يكن ليتصرف إلا بما يتناسب مع مبادئه وهيبته وشرف نفسه وطيب أصله..
ثم ليس وكأنه أحبها أو شعر بشيء تجاهها..
لا ما في الأمر أنه شعر بشيء من الميل لها فلم يجد أفضل من أن يتزوجها حتى يكون سندا لها في وحدتها وضعفها من جهة..
وتكون هي له واجهة أمام الناس ينجب منها ذرية ويعف كرجل حاجاته التي أنكرها على نفسه بعد أن توفت حبيبته سناء..
فالدوائر الاجتماعية من حوله غير متفتحة وتمارس ضده ضغوطا تقليدية دون أن تستوعب بأن اختياره بعدم الزواج هو خيار شخصي..
وهو لم يعد يتحمل نظرة المجتمع له كرجل في السابعة والثلاثين من عمره لا زال أعزبا ومحاصرته بالأسئلة لمَ لا تتزوج وقد مرّ على وفاة زوجتك ثمانية سنوات؟
هل تعاني مشكلة ما؟
هل تسلك طريق الحرام لتعف نفسك؟
لكن على كل شيء أن يتغير وعليه أن يفكر جديا بإخبار والدته أن تبحث له عن زوجة..
قاطعت طرقات صقر نفس الضابط السابق على الباب خلوة معاذ.. والذي ما إن سمح له بالدخول حتى دلف للداخل يؤدي التحية العسكرية قبل أن يقول بارتباك
((حضرة الرائد، هذه المرة جئت لأشكو لك تصرفات طائشة للملازم حمد))
اتسعت عيني معاذ بدهشة قبل يغمضهما وهو يخفض رأسه بإنهاكٍ حتى استند به لكفه وهو يغمغم بخشونة
((ذاك الملازم الأول يسبب لنا مشاكل كثيرة ويظن بأنه ملك زمام الكون.. تبا له))
رفع معاذ رأسه للضابط أمامه يسمعه يضيف
((كل يوم عن يوم وتصرفاته تصبح أكثر تهورا ونزقا، لا ينقص إلا أن يعلق بعض المساجين ويضربهم بالكرابيج دون أن ينهاه عنه..))
احتدمت ملامح معاذ وفغر شفتيه ينوي التحدث قبل أن يفاجئ بصوتٍ شخص متشدق مقيت يصدر من رجل يدلف للداخل
((هل تشكوني للرائد معاذ مجددا الآن؟))
بدا في الضابط صقر شيء من الهلع من تصرفات الملازم حمد.. فهو يعرف بأن هذا الملازم السادي ليس عاديا.. ولديه من الوساطات والمعارف ما يؤهله لفعل ما يشاء هنا سواء بزملائه أو المساجين دون أن يرف له جفن..
انتفض معاذ من مكانه على الفور وقد ثارت ثورته من انعدام احترام الملازم حمد أمامه.. ثم صرخ فيه بقوة فيغدو وجهه كوجه أسدٍ غاضب
((قف باحترام عندما تدخل هنا أيها الملازم الأول..))
ارتجف شيء من الملازم الأول حمد وهو يطالع بوجوم معاذ.. يتأمل وقفته الصلبة بملابسه العسكرية التي تظهر جسده العريض القوي فيها بمهابة فخمة الرجولة..
لكنه تنحنح متماسكا يذكر نفسه بأنه ليس مجرد ملازما أول..
لكنه تحلى بشيء من الحذر أمام الرائد الذي يقف أمامه..
ابتسم تلك الابتسامة المقيتة قبل أن يتشدق بفجاجة
((ماذا الآن؟ أخبرتني أن أتوقف عن سياسة العقاب الجماعي للعنبر كله وتوقفت.. والآن هل هناك من شيء آخر بحاجة أن تزجرني وتوبخني عليه؟))
هدئت ملامح معاذ دون أن تظهر أي تعبير يعكس ما بداخله وهو يهتف به بنبرة جليدية
((إياك أن ترفع يدك على سجين هنا، والا فلا تلوم إلا نفسك))
ثم تقدم معاذ منه يكمل بنبرة ذات مغزى
((نصيحتي لك ألا تغتر كثيرًا في نفسك وقوتك، فربما ينتهي بك المطاف واقعا في كارثة أو مصيبة تضيع مستقبلك وتذل نفسك.. أو حتى تضعك في السجن..))
أنكر حمد كلامه واستهجانه ورفضه من فرط التهور القابع في داخله
((أنا ينتهي بي الأمر مسجونا!))
ارتفع حاجب معاذ من فجاجة وقاحته واستخفافه ثم مال برأسه نحوه يحدق به بنظرات غامضة للحظات قبل أن يقول بهدوء قاتم
((أعذرك فما زلت في أوج شبابك، لكن ستدرك عظمة هذه المعاني وقيمتها في سنوات نضجك وعقلك.. عليك أن توازن بين اعتدادك كضابط بنفسك وقوتك في الحق، وبين تواضعك للناس وانكسارك أمام رب الناس، فأنتَ في النهاية حارس للقانون وليس أول من يخرقه..))
شدّ حمد على أسنانه ولم يرد على معاذ المزعج بالنسبة له..
فرغم كل وساطته وخلفيته الاجتماعية والعسكرية التي لا يستهان بها إلا أن الرائد أمامه حاد وصريح لا يخشى في الحق سلطان ولا غفير.. وليس من الحكمة أن يعلق معه..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-21, 06:50 PM   #2530

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


في مكتب وليد..
توتر فك وليد.. تحشرجت أنفاسه.. أغمض عينيه لينقر بظاهر إبهامه على جبهته وشيء به يثور كما اعتاد عند فورة أعصابه..
قاطع أخيرا الرجل الذي يتحدث معه على الهاتف بجفاء
((كن واضحا معي يا هذا.. ما الذي تريد أن تصل له بعد هذه المقدمة الطويلة؟))
بدا الرجل على الهاتف خائفا ومرتبكا وهو يجيبه بصوت أجش خفيض
((أريد أن أخبرك بأني تراجعت عن التطوع للتبرع لقريبي السيد فايد أبا سهر..))
ضرب وليد بكفه منضدة مكتبه يثور هائجا ليقف بتحفز وهو يصرخ به
((لماذا أيها الأحمق؟ ألم أخبرك بأني سأدعمك وأطلب من محامي صديق لي تولي تلك القضية المرفوعة ضدك وأدفع من حر مالي كل تلك الغرامات؟))
تلعثم الرجل من على الطرف الأخر قبل أن يجيب بتوتر
((لقد قرر الطرف الآخر مسامحتي على كل شيء مقابل التزامي بدفع كل ما تكبدوه من خسارات مالية، وأقاربي مستعدون لدعمي ماليا، لذلك لا حاجة لي الآن لمساعدتك يا سيد وليد))
هتف وليد بسخط وشراسة
((أيها الأحمق، والد سهر هو قريبك، حتى لو كان دون مقابل ألن ترغب في التبرع له بجزء من كبدك وإنقاذ حياته؟))
ازداد التوتر المشوب بصوت الرجل وهو يقول بنبرة أقرب للتوسل
((لا.. لا أريد يا سيد وليد، ثم.. ثم إن فكرة التبرع بشيء من جسدي تثير ذعري))
هتف وليد به باستنكار نبرته الهائجة
((مما قد تخاف أيها السخيف؟ كبدك بشكل عام لن يتأثر لو تبرعت فخلاياه ستجدد وترمم نفسها بنفسها))
ازدرد الرجل ريقه قبل أن يقول بصوتٍ مرتجف
((لا أريد يا سيد وليد، لقد سمعت من أحد زملائي بأنه قام بها وحصل له ردّ فعل تحسّسي كمضاعفات للعملية نتيجةً للتخدير وتشكّل فتق في بطنه وندبات في جلده، هذا غير أن شعوره بالألم والانزعاج لم يختفي بسرعة))
صرخ به وليد متشدقا بسخرية قاتمة
((هل أنتَ مجنون؟ هذه الأضرار هي نفس الأضرار التي تنتج بسبب أي عملية جراحية))
لم يجب الرجل بشيء فعم الصمت بين الاثنين لا يسمع إلا وتيرة أنفاس وليد المنفعلة في تزايد..
أغمض وليد عينيه للحظات ليقول بتشدد من بين أسنانه
((أين أنتَ يا هذا؟))
ازدادت وتيرة أنفاس الرجل ارتعاشا وخوفا من وليد.. يخشى بطشه بعد أن نقض عهده معه.. لكن سلامة نفسه كانت أكثر أهمية..
ردد على نفسه بأنه يعيش في بلدة أخرى وبأن وليد لن يصله بسهولة..
فتشجع قائلا بثبات مزيف
((أعتذر منك.. ولكن لا أريد.. سامحني أرجوك يا سيد وليد.. إلى اللقاء))
بمجرد أن انقطع الصوت نظر وليد للهاتف أمامه وسرعان ما جحظت عيناه وتسمر مكانه وهو يدرك بأن الآخر أنهى المكالمة..
سارع يقوم بالاتصال عليه مجددا ليجد أن الخط بات مفصولا..
لم يجد أمامه إلا أن يرمي ما طالته يده من أوراق وأدوات أرضا يهدر بلهاث عصبي
((تبا لك))
جلس وليد على كرسيه يغمض عينيه وهو يهز ساقه بعصبية..
لقد بحث بجد عن أقارب سهر الذين يعيشون في الخارج وحاول أن يطلب منهم واحد واحدا إجراء الفحص اللازم للتبرع لوالد سهر..
وما إن وجد أخيرا الرجل الذي يملك فحوصا متطابقة وتصح عليه شروط التبرع حتى استغل حاجته للمال مقابل التبرع بجزء من كبده لوالد سهر..
وعندما وافق استطاع بطرقه الخاصة تزوير التقرير الطبي الذي أعطاه لشيرين ليظهر لها بأنه هو المتبرع..
كان ليقول لها بعد زواجهما وضمانه لها أن المتبرع قريب سهر لا هو.. لكن لولا جهوده الحثيثة في البحث عنه وإجباره على الفحص والتبرع لما فعل ذلك..
فتح وليد عينيه وبريق العزم يتوهج من عينيه..
ليترك كل هذا جانبا..
مبدئيا فشيرين لا يجب أن تعرف بأي شيء قبل أن يتم الزواج!
لقد حاول الانتقام بعد ما عرف أنها فعلته بالسابق وتركها في نفس يوم زواجهما وكان يريد المضي بحياته ونسيانها ولكن قلبه فشل في ذلك..
وعليه أن يوقن بأن روحه وقلبه على حد سواء لن تجدا السلام إلا إذا تزوجها وصارت ملكه..
وحينها يمكنه الثأر منها لكل ما فعلته ثم العيش معها حياة طبيعية كأي زوجين..




*****



كان يزيد مستغرقا في حل واجباته عندما دلفت والدته لغرفته وهي تتحدث على الهاتف هادرة
((نعم يا مالك أنا بالفعل أنهيت نقل العلامات ووضعتهم بمغلف بُني وناولتهم لنجوم لتعطيهم لك..))
أسقط يزيد القلم من يده وانتصبت أذنه وهو يرخي قبضته الأخرى عن كتابه بينما يتابع والدته تقول
((لا شكر على واجب.. طابت ليلتك..))
وضعت سمية هاتفها على منضدة جانبية ثم أمسكت جهاز التحكم عن بعد تشغل التلفاز وتقول
((أنهِ يا يزيد نسخ درسك حتى أراجع ما كتبته، لقد اقترب موعد نومك))
استوى يزيد واقفا من على كرسيه الصغير واتجه إلى حيث تجلس والدته على الأريكة يسألها ببراءة
((هل ستتزوجين يا أمي من أبي مجددا؟))
فغرت سمية شفتيها قليلا متعجبة مما سمعته من ابنها وهي تحرك رأسها نحوه..
كرر يزيد سؤاله بشيء من التردد
((أمي هل ستعودين له أم لا؟))
جفلت سمية التي كانت شاردة في النظر له وسارعت تغلق التلفاز ثم تحمل ابنها وتجلسه في حجرها وهي تقول
((هل فهمت شيئا من حديثي مع مالك عصر اليوم؟))
أومأ يزيد برأسه وقال
((نعم أمي سمعته وفهمت بأنك ترفضين العودة له))
انتبهت سمية لتقوس شفتي ابنها بعبوس، فسألته سمية بصوتٍ متحشرج
((هل ستكون سعيدا لو عدت له؟))
حطت ببصرها على عينا يزيد اللامعتين تتلمس فرحته البريئة والفائضة لمجرد معرفته باحتمالية عودتها لأبيه!
بينما هز يزيد رأسه بلهفة يقول بيأس متمنيا من صميم قلبه
((نعم.. نعم هذا ما أحلم به يا أمي أن نعيش نحن الثلاثة في مكان واحد))
أشرق وجه يزيد وهو يتوقع موافقة أمه وارتسم على محياه أجمل ابتسامة صادقة.. رقيقة.. مُشبعة بالبراءة.. وملوثة بالحزن.. حزن اُطعم بالإصرار على نيل أمنياته البسيطة بالعيش بين أحضان والديه!
لكنها خيبت ظنه وهي تحدثه بشيء من التردد
((ربما لا نتزوج.. لذلك لا أريد أن أعشمك بشيء لست متأكدة منه))
انحسرت البهجة من وجه يزيد وهو ينكس نظره أرضا ويهز رأسه متفهما..
تجمعت الدموع في عيني سمية بينما تلك الخيبة الطافحة على وجه ابنها البريء تخدش جدار قلبها..
كانت تشعر حرفيا بنيران تحيط قلبها قبل أن تكويه بها..
كرهت نفسها وكل جزء بها..
ليتها كانت تليق بمالك.. ليت تلك الفوارق بينهما لم تكن موجودة..
وقتها لما كانت رأته أخا وصديقا فقط.!
وقتها لما قبلت أن تتزوج غيره من البداية!
وقتها لم يكن يزيد ليعاني النبذ من طرف عائلة والده الذين يجهلون حقيقته!
زاد بهوت وجه سمية ونصال وجع وحيدها وألمه يفتت جدار صلابتها..
وبشق الأنفس أخفت شهقة بين شفتيها بينما تهدر بصوتٍ متهدج وهي تغمر وجه ابنها بكلتا يديها
((لكن حتى لو لم نعد يا يزيد لبعضنا فعليك أن تعرف بأن والدك يحبك، هو من أفضل الآباء في هذا العالم، إنه دائما ما يبذل جهده لإسعادك، عليّ الاعتراض بأني لم أتوقع منه ربع ما يفعله كأب لك، ومهما أفعل أنا له كرد جميل فسيكون قليل بحقه، أنا حقا ممتنة له لأنه باهتمامه ومسؤوليته نحوك خفف من ذنبي تجاهك..))
توهجت عينا سمية وهما تمران على صفحة وجه ابنها العابس..
ثم غمرت أصابعها في شعره المموج الكثيف الذي ورثه من مالك.. بينما ورث لونه حالك السواد منها..
إنه يماثل مالك شكلا وشخصية!
صحيح أن الهدوء لطالما كان متأصلا في مالك على عكس يزيد المشاغب لكن كلاهما فيهم نفس صفة التمرد والصلابة والعناد..
ابتسمت بحنو وهي تفكر بأنه سيكون في منتهى الوسامة كأبيه بمجرد أن يكبر في العمر أكثر..
خرجت من شرودها على صوت طرقات الباب..
اعتدلت واقفة تتجه نحوه وما إن فتحته حتى جحظت عيناها بغير تصديق وهي تتمتم ذاهلة
((أنتَ؟ كامل؟ لماذا جئت لمنزلي؟))
*****
انتهى الفصل.


بشعر انه فصل اليوم الافضل يكون الاخير لأنه اكيد الكل مشغول بهذه الايام الفضيلة وبعد العيد نستأنف التنزيل ..
شو رأيكم؟ خبروني بالتعليقات وكل عام وانتم بخير..
ولا تحرومني من تعليقاتك الجميلة على فيصل اليوم


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:24 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.