آخر 10 مشاركات
قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )           »          7- جنة الحب - مارى فيراريللا .. روايات غادة (الكاتـب : سنو وايت - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          409 - غدا لن ننسى - تريزا ساوثويك (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          من يقنع الظلال ؟ أنك فـ أهدابي.*مكتملة* (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          الصقر (50) The Falcon للكاتب اسمر كحيل *كاملة* (الكاتـب : اسمر كحيل - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-07-21, 06:41 PM   #2881

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


الفصل السادس عشر



عقدت رتيل حاجبيها ناظرة له باستنكار

((لماذا تضحك يا مؤيد؟))

تعالت ضحكاته أكثر ورأسه يرتد للخلف حتى دمعت عيناه فضغط عليها للحظات حتى هدأ لتظل ابتسامة عالقة على شفتيه وهو يقول

((أمي ستُجن، بل ستفقد عقلها عندما تعرف بأن ابنها المدلل سيتزوج من تلك البستانية وأبي بصفه))

عادت ضحكاته تتعالى فلم تستطع رتيل ألا تبادله الضحك.. لكنها تملكت نفسها وقال بوجه محتقن بالكاد تقدر على كبت ضحكاته

((إنها أمك يا مؤيد.. لا تشمت))

قال من بين ضحكاته الصاخبة

((ألم تدلل تؤاميها الصغيرين على حسابنا نحن! فلتحصد إذن))

لكزته بيدها وهي تقول موبخه

((وما شأنك بها.. فلتدلل من تريد.. أنت أيضًا وأخوك مؤيد المفضلين عند والدك.. ولم يعترض أحد!))

نظر مؤيد لها بتشكيك هادرا

((وأنتِ أيضًا لا بد أنك سعيدة بأن البستانية ستتزوج أخي وتصير سلفة لك فعلى حد علمي تحبينها كثيرًا..))

نفخت رتيل وجنتيها قبل أن تقول متهكمة بحركة تمثيلية

((نعم أحبها كثيرًا.. لا تتصور سعادتي))

تنحنح بملامح جادة ليستعيد تركيزه قائلا

((على كل حال، فمالك ذاك أكثر إخوتي جنونا، سيندم في المستقبل.. أنا متأكد))

هزت كتفها قبل أن تقول بحيادية

‏((ولكن اشعر بأنه يحبها من قلبه، حب غرب لكنه الحب يا مؤيد.. يقال بأنه لا يجمع إلا المختلفين.. كإثنين بينهما فارق كبير في العمر، أو أحدهما له ماضي والآخر يحب لأول مرة.. أو.. أو زوج متزمت ورجعي وزوجة مسكينة ومظلومة))

أخر مثال خرج من رتيل وهي تشدد على كلماته فنظر لها مؤيد بامتعاض وقال

((وما أدراك بأمور الحب وهذه الترهات؟))

ردت عليه بتلقائية

((اقرأه في المجلات المختصة بشؤون المرأة))

أمرها مؤيد حانقا

((أحرقي كل هذه المجلات السخيفة، كلها فجور وكلام يشجع على هدم البيوت..))

تجهمت في وجهه لكنها لم ترد عليه بل دفعته برفق ليستلقي على بطنه وبدأت تحرك يدها على ظهره بلطفٍ بالغ تحاول تخليصه من تشنجات عضلاته المؤلمة فقد ذهب نيابة عن والده للمزرعة منذ الصباح الباكر وبدا مجهدا عند العودة..

بمجرد أن انتهت استلقت على ظهره واحتضنت جذعه..

بدأت أناملها تتراقص على بشرته الكستنائية العارية ليجتاحه شعور لذيذ أجمل من أن يأمرها بالتوقف والابتعاد عنه كما هو معتاد عندما تقترب منه..

طبعت قبلةً رقيقةً على وجنته وهمست تطلب بدلال

((مؤيد حبيبي.. أريد أن اذهب الأسبوع القادم عند أمي..))

فتح مؤيد الذي كان مسترخيا عينيه فجأة وقال بشيء من الحنق

((ألا تلاحظين أن زياراتك لامك باتت مؤخرا امر مبالغ فيها خاصة وأنك تبيتين عندها لأكثر من يومين؟ يمكنك الذهاب غدا ولكن سأخذك في المساء ولن تنامي عندها))

ابتعدت عنه تنظر له باحتجاج..

لن تستطيع الاستمتاع بوقتها عند غنوة إذا لم تجلس هناك ليومين على الأقل تتسكع معها في أرجاء المدينة!

كتفت ذراعيها تقول معترضة

((ستكون يا مؤيد في المدينة فماذا يفرق معك وجودي من عدمه هنا؟))

تجهمت ملامح مؤيد وهو يعتدل شبه جالس مكانه..

وكان يريد أن يزجرها بصوتٍ عالي عندما فتح ابنه فهد الباب دون أن يطرقه مناديا أمه..

سارع مؤيد يتناول قميصه المنزلي ويرتديه بينما يوبخ ابنه

((كم من مرة عليّنا أن أنبه عليك أنتَ وأخيك ألا تدخلا غرفة النوم قبل أن أأذن لكما؟))

ثم ناظر زوجته يقول لها بحدة

((ارتدي شيئا ساترا فوق هذا الثوب الساتر يا رتيل.. كم من مرة عليّ أن أنبهك ألا ترتدي مثل هذه الأشياء حتى لو كنت بمفردك في الجناح؟ هل يعجبك أن يراك ابنك بهذا الشكل؟))

أغمضت رتيل عينيها تحث نفسها على الصبر وهي تعتدل واقفة من عليّ السرير لتغير ثوبها وتجنب نفسها الاستماع لمحاضرة زوجها الخلوق المحترم!

في حين تطلع فهد الذي كان يمسك صندوقا من الصور بوالده ببراءة وقال معتذرا وهو يزم شفتيه

((أنا اسف ولكن أمي طلبت مني أن اختار صوري المفضلة من هذا الصندوق لتضعهم بألبوم خاص بي وها قد انتهيت من الاختيار))

ضيق مؤيد حاجبيه باستهجان وقال بحيرة مشوبة بالتعجب

((ما قصة الألبومات هذه؟ اسمعها منك كل فترة وأخرى))

تبدلت نظرات فهد للتأنيب وهو يقول بتلميح طفولي

((عمي مالك يظل يتصور مع يزيد وصنع له أكثر من البوم لصورهما معا.. فأخبرت أمي وقالت بأنها ستبحث لي عن صور قديمة وحديثة لي تجمعهم عندها وتصنع كل شهر البوم خاص بس لوحدي))

عندما بدا أن فهد لم يحتمل ثقل الصندوق أكثر وضعه على السرير وبفضول عادي تحرك نظر مؤيد عليه يقلب بعشوائية بين الصور داخله والتي كانت معظمها لفهد قبل أن يضيق عينيه بتدقيق على إحدى الصور التي وقع بصره عليها..

ببطء وتردد مد يده يمسك الصورة ويقربها من عينيها يمعن النظر في المرأة الظاهرة بها متسائلا عن هويتها..

كانت الصورة لامرأة شقراء بشعر قصير ومساحيق تجميل صاخبة تقف من بعيد في منزل عادي.. وبدت أيضًا.. مألوفة جدًّا له.. أين يا ترى رآها؟

لو كانت الصورة ملتقطة لوجهها بشكل أكبر ربما لعرف من هي!

((مؤيد كيف تنظر لخصوصياتي؟))

خرج مؤيد من شرودها جافلا على زوجته وهي تسحب الصورة من بين يديه بحدة..

توتر مؤيد وتلعثم قائلا

((أنا.. لم افعل.. لم اقصد.. أعني..))

ثم تماسك قليلا يهاجمها بعدوانية كأفضل وسيلة للدفاع

((أي خصوصيات هذه التي وضعتها في هذا الصندوق وأعطيته لطفلك!))

اتسعت عينا رتيل وسارعت تقول مبررة بشيء من الارتباك

((لقد جمعت صور فهد ووضعتهم في هذا الصندوق وأعطيته له ليختار صوره المفضلة.. لم انتبه لوجود هذه الصورة هنا.. لكن كيف تنظر بهذا السفور للمرأة في الصورة! هل هذا غض البصر الذي تعلمته يا مؤيد؟))

تغضن جبين مؤيد بالضيق وقال بفضول ظاهري مغيرا الموضوع

((هل هذه صورة شخصية لممثلة أو مغنية ما؟ تبدو مألوفة بشكل رهيب.. لكن لا أستطيع تذكر أين رأيتها!))

اتسعت عينا رتيل ونظرت له بتفكير وشك.. ثم قالت مختلقة

((لا ليست صور ممثلة.. صور إحدى صديقاتي..))

مال وجهه باستهجان ثم تساءل

((وماذا تفعل صور احدى صديقاتك عندك؟ انظري لملابسها القصيرة وزينة وجهها))

دب الخوف في رتيل لكنها اجابته

((هذه الصور لها في منزلها.. ما المشكلة أن تتصور مكشوفة في منزلها؟))

لمع بريق مخيف في وجه مؤيد وهو يقول مستنكرا

((المشكلة هي سحبها للصور.. ماذا إذا رآها أحد غريب ولو عن طريق الخطأ كما فعلت أنا الآن؟ ماذا لو قام أحد أولادها بإعطاء صورها لأخرين مثلما فعل ابن سمية كما أخبرتني))

ثم بصرامة لا تحمل شيء من التهاون رفع مؤيد سبابته يحذرها

((إياك يا رتيل أن تسحبي صورك وتعطيهم لاحد حتى لو كنت ساترة تماما.. لا أتحمل أن تصل صورك لأي رجل غريب يمعن فيها بقدر ما يشاء))

تحرك حلق رتيل ثم رسمت تعابير مبتسمة وهي تقول بدلال

((هل هذه غيرة؟))

أمسك مؤيد مرفقها بقسوة يقربها منه وهو يقول بنبرة شديدة وعينين مخيفتين تبرقان تهديدا

((رتيل بمثل هذه الأمور نحن لا نتهاون أبدًا..))

ثم نفض ذراعها بقسوة يبعدها ويغادر المكان بعصبية..

دعكت رتيل مكان إمساكه بذراعه بألم وهي تمتم شاتمة إياه قبل أن تصدر منها ضحكة خافتة وهي ترفع الصورة وتعيد النظر لها!

كانت هي المرأة في الصورة.. التقطتها غنوة لها في احدى المرات التي كانت في بيتها وتضع زينة وجه وباروكة لشعر أشقر قصير وترتدي ثيابا جميلة وكاشفة قليلا..

لطالما ظنت أن الصبغة الشقراء تناسب شعرها وبشرتها الحنطية!

هل حقا ظنها ممثلة أو مغنية مألوفة؟

من الجيد أن زوجها المتزمت لم يسبق وأن رآها تضع زينة وجه مشابهة لها أمامه والا لكان تعرف عليها بسهولة!


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:43 PM   #2882

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في غرفة الجلوس..

وضعت زاهية الهاتف على المنضدة جانبها متنهدة ببؤس ثم قالت وهي تهز رأسها يائسة

((أنه لا يرد مجددا..))

انتبهت على نظرات زوجها المتسائلة بحيرة لها لتناظره هادرة بحزن

((مازن.. لا يتصل بي.. ولا يرد على اتصالاتي.. يقاطعني منذ أخر مكالمة جرت بيننا))

عقد الحاج يعقوب حاجبيه وهو يضع فنجان القهوة على المنضدة أمامه قائلا بسخط

((ولماذا هذا العاق لا يرد عليك؟))

ابتلعت زاهية شيء ما في حلقها وهي تنظر إلى زوجها بعينيها الحزنتين.. وكأنها تعاتبه سلفا.. وكأنها تخبره ألا ينعت ابن قلبها بالعاق"..

لم تدرِ كيف أفلتت الكلمات من بين شفتيها دون أن تستطيع منعها

((أساسا أنا من أخطأت.. فأخر مرة تكلمت فيها معه كانت لهجتي شديدة.. وربما أحزنته وضاق صدره مما سمعه مني.. لهذا لا يريد التحدث معي))

تحدث يعقوب بغلظة واستياء

((حتى ولو كان الأمر كذلك فلا تبرير لمقاطعته لك! أنتِ أمه يمكنك الحديث معه كيفما تريدين بل وتكسري رقبته أيضًا دون أن يحق له الاعتراض.. سأتحدث الآن معه.. وإذا تجرأ على رفض اتصالي سأحرمه من مصروفه الشهري الذي أرسله له))

نهرته زاهية برجاء وبصوت منخفض

((لا يا يعقوب أرجوك لا تتحدث أنتَ معه، ستزيد الأمور سوءً.. دع أحد من إخوته يتحدث معه.. مصعب أو مالك.. أو حتى مؤيد.. لكن معاذ لا.. أنه لا يقل قسوة منك على أخيه الصغير))

تنهد يعقوب بغير رضا.. ولم يقاطع الجو المتوتر بينهما إلا صوت مالك وهو يقوم بطرق باب الغرفة المفتوحة هادرا بابتسامة

((السلام عليكم يا والديّ..))

رد الاثنين السلام على ابنها ثم ناظر يعقوب زوجته هامسا

((سنتحدث يا زاهية فيما بعد عن مازن..))

شيء من الاستغراب لف ملامح مالك عند ذكر سيرة أخيه لكنه سرعان ما نسيه وابتسامته تزداد اتساعا عندما طلب والده منه أن يجلس بجانبه بصوته الرخيم المميز..

جلس مالك حيث يطبطب والده بجانبه على الأريكة وهو يأخذ نفسا عميقا بينما يحث نفسه على التفاؤل..

لن تكون المواجهة الآن مع والدته صعبة طالما والده موافق..

قالت زاهية مبتسمة بإجهاد

((تبدو سعيدا اليوم يا مالك.. أخبرنا ماذا هناك؟))

بشيء من التردد وبصوت خافت أجاب

((لقد فاتحت أبي برغبتي في الزواج قريبا..))

تلاشت الابتسامة من زاهية وتيقظت حواسها وهي تتساءل بينما توزع أنظارها للاثنين

((تريد الزواج وجئت لي لأبحث لك عن عروس مناسبة؟ هل هذا ما تقصده يا مالك؟))

أجابها مالك بنفس نبرة صوته الخافتة وهو يسبل أجفانه

((لا أمي.. لقد اخترت المرأة التي أريد الزواج منها))

تضرجت وجه زاهية بحمرة الغضب وهي تقول بشيء من الانفعال

((وهل عندي فكرة عن هوية المرأة التي تريد الزواج منها؟))

رفع مالك وجهه قائلا بهدوء رغم التوتر الذي بدأ يتسرب إلى جسده

((نعم أمي تعرفينها جيدا))

تحدثت مباشرة وهي تقف على قدميها بحدة وتقول

((وهل تظن بأني سأسمح لك أن تتزوج امرأة مثلها بكل تلك الفوارق بينكما؟))

وقف مالك من مكانه يقول بنفس الهدوء وهو يناظر بطرف عينه أباه الذي لم ينطق بحرف بعد

((أمي بغض النظر عن كل الفوارق، هي المرأة الوحيدة التي أحبها وأريدها، ولن اقبل الزواج من غيرها حتى لو ظللت عازبا لأخر يوم في حياتي))

شهقت زاهية وهي تضرب على صدرها وتقول

((يا إلهي.. هل وصل الأمر بك أن تتحدانا من أجلها؟ ماذا فعلت بك لتسحرك طوال هذه السنوات؟))

حاول مالك بتوتر التعقيب

((أمي أنا من ألاحقها وانا من أحبها، هي حاولت كثيرًا أن تبعدني عنها ولكني لا زلت لا أرى غيرها زوجة لي))

هتفت الحاجة زاهية به متسائلة بقهر

((لماذا هي بالذات! ما الذي تمتلكه هي دون غيرها من النساء؟))

غامت عين مالك وهو يقول بعاطفة لا تتناسب مع هذا الموقف

((أمي هي الوحيدة الّتي بوجودها حولي تمحي أي حزن أو غم مثقل في داخلي وكأنه لم يكن.. مهما تساءلت بيني وبين نفسي عن سبب حبي لها، لا أجد جوابا إلا أن قلبي أحبها منذ البداية، إنها تشبهك في حنوك عليّ واهتمامك بي..))

جحظت عينا زاهية بغضب وقالت بحدة

((هراء.. أنا لن اسمح لك بالزواج منها.. لو كنت قصرت بشيء في حقك لعذرتك على حب امرأة بصفاتها وعمرها.. لكن.. لكن..))

حاول مالك أن يمسك كفيّ والدته ويقول برجاء

((أمي أنتِ أفضل أم قد يحظى لها أحد.. أكثر ما احبه بسمية هو شبهها بك.. بعطفك وحنانك واهتمامك الصادق بي.. أنها تشبهك برقتك ورجاحة عقلك))

بنفس الحدة السابقة قالت زاهية والدموع رغما عنها تتجمع في عينيها

((هناك الكثير من الأخريات اللاتي قد تجد عندهن كل ذلك وأكثر فإنساها وجد غيرها يا مالك))

شردت خضرة عينيه وهو يقول بكلمات مثقلة بالعشق

((لن أقدر يا أمي فقد ملأت سمية كل قلبي منها ولم يتبقَ أي مكان خالي لسواها))

حررت كلتا يديها منه بانفعال تتمتم كمن تحدث نفسها

((ولكن لماذا؟ لماذا؟ إنها حتى ليست بذاك الجمال الذي يسلب اللب لأقول بأنه ما جعلك مسحور بها طوال تلك السنين!))

أخذت زاهية نفسا عميقا مرتجفا تحاول أن تتمالك أعصابها قبل أن تسترسل بلهجة حاسمة لابنها

((إيجاز نقاشنا هذا يا مالك هو أني لن اسمح لك أن تتزوجها، لن اسمح لك أن تفعل هذا بنفسك يا مالك.. بنيّ لا تنزل من قيمتك... أنتَ أفضل من أن تتزوج امرأة بمواصفاتها..))

تضرج وجه مالك بالألم معاتبا أمه برقة

((أمي لم اعهد قاسية هكذا أمي.. أنتِ تقسين بكلامك هذا عليّ قبل أن تقسي عليها))

قللت زاهية من احتدام تعابيرها قليلا ثم قالت دون أن يرف لها جفن

((افعل هذا لمصلحتك مالك، فأنا لا أرى أي إيجابيه ولو واحدة فيها تجعلني أتنازل واقبلها زوجة لك.. إنها مطلقة مرتين.. وأم لطفل.. تكبرك بسبع سنوات.. لا مستواها الاجتماعي ولا الثقافي يشبهك))

هنا جاء صوت الحاج يعقوب واضحا هادئا في حزم وهو يجد بأنه قد حان وقت تدخله الآن

((كل هذا هو نصيبها من الله يا زاهية.. لا ذنب لها فيه.. ثم لا يجب عليك أن تتحدثي وتعامليها مع صفة "مطلقة" وكأنها وصمة عار.. ولا تصلح أن تكون زوجة لابنك))

ارتبكت زاهية وشحبت ملامحها قليلا وهي تدرك أن زوجها الذي التزم الصمت منذ البداية يقف بصف ابنه.. فتمتمت بلا تصديق

((كيف تقول ذلك وكنت أكثر المستائين من قرب مالك من ابن سمية! كنت تطلب مني أن اللح عليه في الإسراع في الزواج كباقي إخوته لأجدك اليوم تعينه لينساق للهاوية!))

رد يعقوب بنفس الهدوء والوقار المتأصل فيه

((ولا زلت حتى الآن على رأيي فيهما الاثنين سويا، لكن طالما ابنك مُصر على الزواج بها فأنا لن احرم ما احله الله له خاصة واني لا أعيب في أخلاق المرأة.. لدي بعض التحفظات عليها ولكن في النهاية أريد أن أعين ابني على بِري))

برقت خضرة عينا مالك بامتنان وتأثر لوالده في حين ازداد ارتباك زاهية ولم تجد ما تقول بينما أكمل الحاج يعقوب قائلا

((لأنه الله أكرمنا بكل هذه النعم من حولنا فلا يجب علينا أن نشكره بأن نعتبر أنفسنا من عِلية القوم ونترفع عمن هم اقلوا منا حظا يا زاهية.. فلا تصوري ابنك وكأنه مخلوق من غير طين ولا يقبل بفتاة أقل منه؟))

لف الخجل والندم وجه زاهية بسبب طريقة حديثها السابقة وهي تتمتم بينما تجلس على طرف الأريكة

((أنا لم اقصد أن أبدو بمظهر إنسانة مغترة ومتعجرفة، قصدت فقط أن أقول بأنهما غير ملائمين لبعضهما فمن أسس الزواج الناجح التوافق في معظم الأمور بين الزوجين))

مسح الحاج يعقوب على وجهه مستدعيا الصبر قبل أن يقول موافقا بقناعة راسخة

((وهذا ما كنت أحاول قوله له، لكن إذا كان مصرا فليقدم على ما يريده وليتحمل هو نتيجة قراره.. أنه ليس صغيرا.. وفي النهاية أنا كأب لا أريد إلا سعادة أبني وزواجه من امرأة تكون له زوجة صالحة ومعينة على هذه الدنيا، لو كنت تحبين ابنك بحق لما اختلف موقفك عني))

بررت زاهية وعينيها تفيضان من الدمع

((بل احبه.. لا أحد قد يراهن على حبي له.. لكن إذا وافقت على زواجه منها.. فماذا سيقول الناس وكل من في القرية؟ ماذا لو تسألوا فيما بينهم عن السر الذي جعل الحاج يعقوب يزوج ابنه للبستانية التي تعمل عنده.. هذه المرة أنا لا اقصد التقليل منها.. لكن ماذا سنبرر لهم؟))

خرج يعقوب عن ثباته وهو يقول هادرا بصوتٍ محتد

((وما شأننا بالناس وكلامهم؟ لطالما ابني لم يتعدّ حدود الله فأنا لن اهتم بشيء أخر ولست مستعدا أن احرم ابني من فرحته لأجل أحد))

ازدرد مالك ريقه وهو يلاحظ ازدياد احمرار الظاهر على ملامح والدته والناتج عن ارتباكها أمام أبيه..

فجلس بخفة بجانبها يعيد احتضان يديها وقد أشفق عليها فكل انفعالها السابق كان مصدره حبها له ورغبتها بالأفضل من وجهة نظرها له..

التفتت زاهية تنظر في وجه ابنها وعيناها تتيهان في ملامحه الوسيمة ثم غمغمت بصوتٍ محشرج

((لا أحد يحبك يا مالك ويريد مصلحته مثلي.. الأمر فقط.. أني..))

قال مالك بتأثر وصدق

((أنا أكثر من يعي هذه الحقيقة، ولهذا اعتبر نفسي من أكثر البشر حظا لأنك أمي واحمد الله على ذلك.. لكن صدقيني لا أريد من هذه الدنيا إلا أن تكون سمية هي زوجتي وأعيش معها هي تحت سقف واحد))

كتمت زاهية شهقة خارجة منه ليعاود مالك توسلها برجاء وبمحاولة تشرب حزنها

((أرجوكِ يا أمي وافقي على اقتراني بالمرأة الوحيدة التي أحببتها.. أنتِ تعرفين بأن لن أقدر على الإقدام إلى هذا الزواج دون موافقتك..))

قالت الحاجة زاهية لابنها متذمرة

((لا اصدق ذلك.. أنتَ فقط تحاول تخفيف ذنبك تجاهي))

حرر مالك احدى يديها واخذ يلامس خصلات شعر والدته التي ورث منها لونه وقال

((لا أمي أنا صادق، من المستحيل أن أقدر على الارتباط بها دون موافقتك ورضاك.. لن أستطيع فعل ذلك دون رضى أغلى إنسانة على قلبي.. وفي حياتي.. حتى أبي يدرك حقيقة أني احبك أكثر منه))

أخر جملة قالها هامسا في أذنها فخرجت ضحكة متحشرجة من يعقوب قبل أن يقول بروح رياضية

((قلها بصراحة يا مالك فأنا أيضًا كنت أحب أمي أكثر من أبي رحمهما الله))

شعرت زاهية بالغصة تؤلم حلقها لكنها دفعته عنها وهي تقول بحزم مزيف بعد لحظات بينما تضع عينيها في عيني ابنها

((حسنًا موافقة أنا على زواجك من تلك البستانية يا مالك ولكن عندي شرط بخصوص ابنها.. بالتأكيد لن يعيش معها ومعك))

ابتسم مالك بحزن وعينيه يطفو فيهما ألم مبرح ثم قال بهدوء

((بالتأكيد يا أمي، سبق وتناقشنا أنا وأبي في هذا الموضوع))

اتسعت عينا زاهية بذهول لسرعة بديهية وتلقائية إجابته.. ثم تمتمت له بتساؤل

((وأين سيذهب؟ امه وحيدة لا معارف مقربين لها))

هز مالك كتفيه يقول ببساطة بثَّت الريبة في قلب والديّه

((لوالده يا أمي.. هو من سيتولى رعايته.. بعد أن توافق عائلته))

رغم التعجب والريبة التي كانت تشعر بها زاهية إلا أنها تمتمت بتيه

((والده! صحيح والده هو أولى فيه عند زواجك من امه))

ثم طالعت ابنها تقول بتأكيد وحزم

((ما أقوله لمصلحتك يا مالك.. فكيف ستهتم بك سمية وبأولادكم إذا انشغلت فيه.. ثم أنه ليس طفلا رضيع.. والده كيفما كان سيعرف كيف يعتني به))

وافقها مالك القول دون أدنى اعتراض

((معك حق.. أنا معكما في هذا الموضوع.. الابن لعائلة أبيه))

ظلت زاهية تنظر في ملامح ابنها بتوجس للحظات طويلة تحاول أن تستشف شيء فيه قبل أن تتساءل بريبة عميقة

((ولكن هل حقا سمية موافقة على ترك ابنها عند عائلة طليقها؟ هل هي من قالت لك ذلك بوضوح؟ أخشى أن تغير رأيها))

قال ملك بمواربة وببسمةٍ لطيفةٍ لا تتناسب مع توقعاتهما

((نعم أمي.. لا نقاش في هذا.. الآن أريد سماع موافقتك))

امتقعت ملامح الحاجة زاهية.. وشعرت بكره أكبر تجاه سمية..

فهل هي نفس تلك المرأة التي هتفت بعنف في أمس قريب بأنها لن تتزوج أبدًا وستهب حياتها كلها من اجل تربية ورعاية صغيرها!

لكن الآن وقد تغير العريس المُتقدم لها وأصبح مالك.. ابن الحاج يعقوب الكانز.. كبير وجهاء القرية.. اختلف الأمر معها وصار لابنها والد يهتم به ومستعد لأخذ حضانته منها إذا ما تزوجت!

تنهدت الحاجة زاهية بعنف.. ورغم عدم رضا قلبها الكامل إلا أنها شعرت بلزوم إسعاد قلب ولدها والموافقة..

ابتسمت بارتجاف وهزت رأسها بوهن موافقة أمام ملامح ولدها العاشق

((سأوافق يا مالك.. فقط لأجلك.. لأني لا أريد إلا سعادتك أنتَ ولن أتحمل حزنك))

انفجرت أسارير مالك وهو يقول ببهجة

((هل تقولينها من أعماق قلبك؟))

ردت زاهية على مضض دون أن تنحسر ابتسامتها

((يمكنك قول ذلك))

سألها مالك بلهفة

((إذن منك أنتِ سأسمع أول زغاريد حفل زفافي بسمية))

سالت دموع التأثر على وجنتي زاهية وهي تقول بصوتٍ مرتعش تتغالب على ألمها

((نعم أول زغرودة ستكون مني أنا..))

قال الحاج يعقوب حاثا زوجته وهو يلامس كتفها

((إذن هي اسمعينا واحدة يا زاهية))

انحسرت ابتسامة زاهية قليلا وهي تقول

((لا ليس الآن، ما زال الوقت باكرا))

عقد الحاج يعقوب حاجبيه قائلا باعتراض

((لا ليس باكرا ولا شيء من هذا القبيل.. سأطلبها له في أسرع وقت نقدر عليه..))

أدرك مالك مدى الضغط الذي تعيشه أمه فقال لوالده

((لقد قالت أمي لك لاحقا فلا داعي لنستعجلها))

ثم ناظر أمه يقول لها بعينين تذوبان تأثرا وحبا لها

((أنا احبك أمي.. أنتِ أغلى إنسانة في حياتي))

أمال مالك رأسه واخذ يلثم يداها الحانيتان في سعادة لا توصف..

ثم قام بعدها وتوجه ناحية أبيه يقبّل يده وهو يقول بامتنان وعرفان

((أبي شكرا لك.. لولاك لما تجرأت على مواجهة أمي.. أنا محظوظ بك..))

غامت عينا الحاج يعقوب بحنان لتلك البهجة الخالصة في خضرة عينا ابنه.. خاصة مع ذاك الصدق والعشق المختلط بنبرته.. فقال له بصوتٍ أجش

((والله يا مالك لا أريد من هذه الدنيا إلا رؤيتك أنتَ وإخوتك تعيشون في سعادة وهناء.. مبارك بنيّ))

عاد مالك يكرر امتنانه بعاطفة

((شكرا لك يا أبي.. حفظك الله لنا..))

ابتسمت زاهية قليلًا على هذا المشهد رغم أن الألم لا يزال حيًا في عمق عينيها على إصرار ولدها في اختياره..

تنهدت وهي تمد ذراعيها وتجذب ابنها إليها وتضمها إلى صدرها بينما تلثم شعره..

في حين قال يعقوب وهو يطبطب فوق كتف زوجته بكلمات مواسية لا يعلم انه لا يواسي بها إلا نفسه

((ستكونين فخورة وسعيدة بنفسك لأنك اعنت ابنك على ما يحب ويريد))

في هذه اللحظات دخلت عليهما دارين بمرح كما حالها كلما تعود من الخارج بعدما تكون تقضي الوقت مع أبيها.. فابتسم الجدين ببشاشة لها وتساءل الحاج يعقوب وهو يحثها على الاقتراب منه بيده

((لماذا تأخر والدك في إعادتك هنا يا دارين؟))

اقتربت دارين من جدها قافزة بسعادة وتناولت يده تقبلها فتحوز منه على كلمات الرضا قبل أن تجيبه بصوتٍ مبهج

((لقد ذهبنا أنا وهو لإحدى المطعم بعد أن انتهينا من زيارة قبر أمي كما العادة))

عقبت الحاجة زاهية بعتاب مرح

((هل رأيت كيف يخرج معك وينزهك كلما اتيحت الفرصة له، لذا لا تلوميه عندما يهملك في فترة من الفترات وتضغطي عليه بالعتاب والاتهامات المجحفة، فطبيعة عمله تجبره أن يسكن بعيدا عنا ولا يتفرغ لنا بشكل كامل))

عقدت دارين حاجبيها بطفولية وقالت معترضة

((جدتي نحن لا نذهب لزيارة قبر أمي إلا مرة أو مرتين في الشهر أي أني لا أرى أبي واخرج معه إلى مكان مميز للتنزه أو تناول الطعام إلا قليلا، فكيف يكون هذا كافيا؟))

ثم تراخت ملامحها الحانقة قليلا وتطلعت لمالك تقول بمكر لذيذ وكأنها أمسكت به متلبسا

((أما الآن فقولوا لي من الذي سيتزوج؟ عمي مالك؟))

انفرجت ضحكة عن مالك ليهز رأسه لها بإيجاب ويمد كلتا يديه ويقرص وجنتيها الممتلئتين هادرا

((نعم سأتزوج والعقبى لك بعد أن تنهي مدرستك وجامعتك))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:44 PM   #2883

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أغلقت نورين باب جناحها خلفها بعدما دلفت للداخل ثم قالت متسائلة لمصعب الجالس بين كومة صناديق على الأرض

((ذهبت لسمية وعدت من عندها وأنت لا تزال تنظم أغراضك؟))

أجابها وهو يعتدل واقفا يبدأ بإغلاق أول صندوق

((لقد كدت انتهي.. لقد قمت بتجميع هذه الزوائد التي لا حاجة لها وسأتخلص منها))

هزت رأسها مغمغمه ((جيد))

بمجرد أن بدأ بإغلاق الصندوق حتى لمح الكتاب الذي وضعه جانبا.. فسعل قليلا قبل أن يناظرها متهجما بطرف عينيه ويسألها

((ألم تلاحظي بأنك لم تسأليني منذ مدة عن موضوع الكتب؟))

شبكت كفيها ببعضهما خلف ظهرها وقالت وهي تطالع الصناديق بفضول متأصل بها عندما يتعلق الأمر بأي شيء يخص مصعب

((لم افهم قصدك))

أمسك الكتاب وناظرها يقول بشيء من التردد

((أعني ألن تطلبي مني أن اجلب لك كتب سبق وقرأتها لتقرئيها وتتناقشي بها معي؟))

توقفت مكانها تبادله النظر باستغراب وقالت

((نعم ولكني أنهيت قراءة كل الكتب التي قرأتها ولم يعد لديك شغف لقراءة المزيد.. هكذا قلت لي))

رفع الكتاب الذي يمسكه ولوح به قائلا

((ما زال هناك كتاب أخير قرأته ولم أطلعك عليه، لكن هل تحبين قراءة الروايات؟))

فجأة تبدلت ملامحها إلى أخرى متسلية وهي تميل له هادرة

((لا لم يسبق وأن قرأت رواية.. لكن إذا اقترحت عليّ سأفعل.. اهم شيء أن تكون رواية رومانسية))

تجهمت ملامحه وهو يرد عليها

((لا إنها ليست رومانسية لا من قريب ولا من بعيد))

زمّت شفتيها تقول بإحباط

((ماذا تقصد!))

تنهد وبدا أنه يجاهد فيما يقوم به لحاجة أن تقرأها هي ثم قال

((اقصد أني أريد أن اقترح عليك رواية أحبها وسبق وقرأتها عدة مرات تتعلق بإنسان يبحث عن حريته.. فهل تحبين قراتها أنتِ الأخرى؟))

عقدت عينيها تشعر بالريبة منه.. فتناولت منه الكتاب تتفحصه سريعا متسائلة بوابل من الأسئلة الفضولية التي خطرت على بالها

((لمن هذه الرواية؟ ما اسم الكاتب؟ ليس هناك أي تفاصيل مكتوبة على الغلاف أو الصفحات الأولى حتى لو سيرة ذاتية أو اسم دار النشر))

كتف ذراعيه وهو يجيبها

((سأخبرك المزيد عن هذه الرواية لاحقا، لكن اقرئيها أولا))

عادت تطالعه وهي تقول

((تبدو كبيرة بالنسبة لرواية، هل سبق وقرأتها كاملة؟))

أجابها مصعب بهدوء

((نعم فعلت في الماضي وقرأتها في المشفى بين مناوباتي.. لأصارحك كانت البداية مملة قليلا فكنت اقرأ على مضض لكن شعرت بشيء من الحماس لاحقا ولم اتركها قبل أن أكملها للنهاية..))

ردت عليه وعيناها تعودان لتشردان في الكتاب بتدقيق

((تبدو رواية مثيرة للاهتمام طالما أنها نالت إعجابك أنت الكاره للقراءة))

لم يعقب في البداية لكنه عاد يسألها بجدية بالغة

((إذن هل تريدين أن تلقي نظرة عليها.. ثم تخبريني فيما بعد رأيك بها؟))

اتسعت عيناها قليلا وعادت تحتل التسلية ملامحها وهي تقول بدهشة مصطنعة

((وتريد رأيي أيضًا؟ هل حقا تريده؟ أنت تكره أن تناقشني بالكتب!))

بدا عليه الحنق وهو يقول

((نورين أنا جاد.. أريد رأيك فيها))

ازدادت ابتسامتها الحلوة اتساعا وهي تقول

((حسنًا.. سأقرأ هذا الكتاب لكن ماذا قلتي لي هو نوع الرواية؟))

تنهد قبل أن يجاوبها برتابة وهو يعطيها ظهره ويعيد إغلاق ثاني صندوق

((كما قلت لك سابقا، إنها رواية تتحدث عن أنسان يناضل من اجل حريته وحرية شعبه، في العصور الوسطى في احدى الدول الأوروبية))

خطت ووقفت أمامه تسأله باهتمام

((لكن أخبرني على الأقل ما هو اسم الكاتب.. يبدو أن هذه الرواية لم تعرض للنشر من قبل وان صاحبها قام بطباعتها من اجل نفسه فليس لها عنوان حتى!))

خفت صوته وهو يقول

((نعم صحيح، لان الكاتب ببساطة ليس معروف، أنا فقط اعرفه))

ضيقت عينيها للحظات طويلة ثم تساءلت

((أنتَ لست الكاتب.. صحيح؟))

صدرت منه ضحكة خافتة قبل أن يقول بصراحة

((صدقيني لم أكن لأضحي بساعات راحتي ووقت فراغي المحدود في هذه الحياة في كتابة أو قراءة شيء..))

تمتمت نورين بمنطقية ولا تزال الحيرة تلفها

((نعم وانا أكثر من يشهد على هذا.. فأنتَ لست من النوع المولع بالكتابة أو القراءة لذا اهتمامك بهذه الرواية بالذات مثير للريبة!))

قال لها بصوتٍ عادي وهو يخاطبها

((نورين بعيدا عن أي شيء أخر.. أعطِ نفسك الفرصة للتفكير والتأمل مع هذه الرواية فأنا أريد رأيك الحقيقي بها))

قالت له مستجيبة

((نعم سأفعل..))

عاد يلح عليها باهتمام

((أريد منك أن تجعلي قراءتك لها كعملية بحث واكتشاف مستصحبة الصبر والجلد لكي تفهمي وتستوعبي ما تقرئي))

قالت بشيء من الامتعاض والتوجس وهي تعيد تضييق عينيها

((تشعرني يا مصعب بأنك ستختبرني بعد أن انتهي من قراءته وانا لا أريد أن أعيش ضغط أيام الامتحانات والمشاريع في الجامعة مجدد.. لو كنت أكملت دراستي بعد الماجستير لما مانعت ذلك.. لكن أنا فعليا لا أكمل شيء))

اخفض مصعب بصره ورفع أنامله يدلك جبينه كمن لا يعرف كيف يشرح الأمر الآن.. فعادت تقول نورين تخفف من وطأة ضغطها عليه

((على كل حال أخبرني ما قصة كاتب هذه الرواية؟))

وافقها مصعب القول

((اقرئيها أولا ولاحقا نتحدث في هذا الموضوع))

خبأت الكتاب جانبا لتقرأه لاحقا متمتمه ((حسنا..))

ثم عادت تنظر له وهي تسأله

((ما كل هذه الملابس التي جمعتها؟))

أجابها مصعب وهو يهم بإغلاق أخر صندوق

((معظمها باتت واسعة عليّ سأتخلص منها.. أو ربما أتبرع بها.. المهم سأدبر لها تصريفه))

اتسعت عينا نورين ما إن وقع نظرها على تلك السترة التي تعلو باقي الملابس وسارعت تتناولها قبل أن يغلق الصندوق هادر

((هذه السترة الصوفية جميلة عليك، لا تتخلص منها))

عقد حاجبيه يقول معترضا

((لم ارتديها أبدا هذا الشتاء.. أنتِ من كنتي ترتدينها يا نورين..))

قهقهت وهي تتأمل السترة ثم تقول

((صحيح أحب ارتداء ستراتك.. رغم أنها تبدو رجالية إلا أنها جميلة عليّ وتجمع بين النمط الكلاسيكي الأنيق والكاجوال العصري.. هذه أخر صيحات الموضة..))

قال متهكما رغم جديته

((اشعر بالسوء لأجلك فأنا سأتخلص منها..))




Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:45 PM   #2884

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

هتفت تتوسل إليه وهي تتشبث بذراعه

((لا أرجوك.. احتفظ بها.. أنا أحبها جدًّا))

مد يده لتعطيه السترة وهو يقول بحزم

((أريد أن أتخلص من أي شيء لا احتاجه.. أكره تكديس الأشياء أو الاحتفاظ بأشياء اعرف باني لن احتاجها..))

ألحت في توسلها الرقيق له وهي تبعد السترة عن مرمى يده

((ولكن أنا سأحتفظ بها عندي إذا كنت تتخلص من الملابس من اجل المساحة في الخزانة))

لم يتأثر بتوسلها وهو يقول متشبثا بعناده

((لا نورين.. ضعيها في الصندوق..))

رسمت ابتسامة جانبية ثم لمعت عيناها وهي تقول بمشاكسة

((إذا كنت تريدها فالحق بي))

كانت تسير نحو الباب وتفتح مقبضه عدما هتف مصعب به بتحذير

((نورين لست صغيرة لألحقك.. هاتيها))

هزت راسها نافية هادرة من بين ضحكاتها

((سأخبها في مكان أخر، إلى اللقاء))

قال مصعب بنظرات محذرة من التمادي

((لا تجبرني على اللحاق بك))

فتحت الباب وخرجت منها هاتفة ((إلى اللقاء))

التمعت عيناه بتوعد هاتفا بعلو صوته

((تعالي إلى هنا يا نورين))

صرخت بتحد وثد خرجت من الجناح بالفعل

((لن آتي.. الحق بي وخذها))

ثم هرولت سريعا تنزل الدرج وبالكاد كانت تكتم ضحكاتها الصاخبة التي تدوي في أنحاء القصر..

وصلها صوت وبدا بأنه خرج من الجناح أخيرا

((حسنًا سأخذها ولكن حينها ستعاقبين.. ستعاقبين بنفس المكان الذي اقبض فيه عليك وحتى لو كان حولنا أحد))

أنهت نزول الدرج مهرولة وهي تقول بشقاوة من بين أنفاسها المتصاعدة

((لن تستطيع الإمساك بي))

ركضت نحو الصالة ثم إلى المطبخ تنوي إخفاء السترة في احدى المخازن وقد عرفت بأنه ضيعها ولم يعد خلفها..

بمجرد أن اقتربت من المطبخ حتى قلت سرعة جريها تدريجيا وشعرت بنفسها يكاد يتقطع من الإجهاد بسبب امتلاء معدتها بالأطايب التي أكلتها عند سمية قبل قليل..

دخلت نورين للمطبخ وضحكاتها لا تزال عالية وسرعان ما شهقت بذهول وتلاشت هذه الضحكات عندما لاحظت وجود مؤيد يقف عند الرخام بينما يرتشف من كوب شاي قام بإعداد بنفسه..

شحب وجهها قليلا وهي تنتبه أنه لا أحد في المطبخ غيره فالآن هو وقت راحة العاملين فيه..

وقعت أنظار مؤيد المخيفة عليها فلم تتجرأ أن تمر إلى داخل المطبخ وتتجاوزه لتصل للباب الخارجي تحت أنظاره..

رفع مؤيد الذي بدت تقاسيم وجهه في هذه اللحظة مثيرة للرعب حاجبيه وهو يدقق النظر فيها..

يلاحظها تقف متسمرة مكانها بينما تتنفس بقوة من إثر هرولتها..

لكن سرعان ما تزحزحت نورين من مكانها واستدارت تعود أدراجها لا تجرأ للدخول للمطبخ وهو موجود..

كانت خفقات قلبها في تزايد..

من هرولتها قبل قليل أم من رؤيته فلا تعرف..

عادت للصالة بتوتر شاردة الذهن قبل أن تسمع صوت مصعب الظافر

((ها قد وجدتك يا عفريته))

شهقت بخوف وهي تدور حول منضدة ما تقول بدفاعية

((لا تحلم أن تمسك بي))

صدر منه صوت ضحكة ساخرة رغم جدية حنق ملامحه ثم قال

((لن تستطيعي أن تظلي هاربة للأبد، لقد أمسكتك تقريبا))

لكنها ظلت تراوغ وتناور للإفلات منه رغم محاصرته لها..

حاولت أن تسرع الخطى للباب الخارج من الصالة إلا أنه كان أسرع منها وأمسكها من اعلى ذراعيها هاتفا بنفس تجهمه

((ها قد أمسكت بك يا عفريتة))

رفعت له الكنزة ورمتها على الأريكة هادرة بلهاث

((أنا آسفة، لم اعد أريد السُترة، تبرع بها للأقل حظا ولمن هم بحاجة لها أكثر منا..))

لمع شيء من الشقاوة في عينيه لم تنتبه لها ثم قال وهو يميل بوجهه منها

((سأخذها بكل الأحوال لكن ليس قبل معاقبتك بعد كل هذه الفوضى التي تسببت بها من اجل السترة))

استطاعت أن تلتقط صوت أنفاسه والتي باتت تعلم منها مقياس استفزازه.. فحاولت أن تتملص من قبضته وهي تهتف

((اعتذر منك.. أنا آسفة.. مصعب لا تدع عصبتيك النادرة تنفلت الآن، لقد أردت أن أمازحك قليلا، الأمر لا يستحق الغضب..))

لكن صمتت للحظات بينما انحنت عيناه بتأثير جبار وبدأت أنفاسه الحارة تتهدج قليلا.. تلفحها وتوهن المتبقي من قدرتها على المقاومة..

وحين تكلم قال أخيرًا بصوتٍ ساخر رغم الدفء الذي لم يستطع إخفائه في نبرته

((لست أنا من تجعله زوجته يركض خلفها بأرجاء المنزل))

خرجت ضحكة ناعمة مرتجفة من بين شفتيها وهي تلمس عبثه الآن..

مال برأسه جانبًا حتى يتمكن من مس جبينها بشفتيه مرة بعد مرة بكل نعومة..

ارتفعت على ركبتيها تحيط عنقه بذراعيها لتقربه منها أكثر لتشعر بدفئه الذي لم تعرف مثيله في حياتها من قبل بينما هو يتابع تقبيل وجهها بحرارة..

أراحت رأسها على كتفه.. فهمس في أذنها ويده تداعب خصرها

((لن أمرر الأمر دون عقاب..))

سألته مبتسمة بصوتٍ منتشي وأنفاسه تداعبها

((وماذا ستفعل إذن؟ خدعة خلية النحل لم تعد نجدي نفعا معي يا مصعب..))

رفع حاجبيه متعجبا وهو يهمس لها من بين أنفاسه المتحشرجة بخفوت بينما يكتم ضحكته

((حقا أيتها العفريتة لم تعد تنطلي عليك؟ إذن سأجرب غيرها الآن..))

لم ترد عليه واكتفت بالمحافظة على ابتسامتها الشقية لما قاله..

ولم يكن ينقص هذا المشهد إلا شعورهم بسعال رجولي خشن عالي جعلتهما ينتفضان بعيدا عن بعضهما..

قال مؤيد وهو يمر من الصالة مكشرا بغضب ثم غمغم باشمئزاز

((استغفر الله العظيم.. ما هذه الميوعة! ألم تستطع أن تنتظر أن تفعل ما تفعله بغرفة النوم بدلا من الصالة! أم الحديقة في الخارج أمام الملأ مناسبة أكثر لك؟))

بدا شعور مصعب بالإحراج واضحا جدًّا إلا أنه هتف به باستياء يردعه

((يكفي يا مؤيد، فهمنا يا أخي، نسيت أين أنا ولم اعرف بوجودك قريبا من هنا))

رماه مؤيد بنظرة أكثر اشمئزازا من السابقة ومقللة منه قبل أن يتجاوزهما مبتعدا..

نظر مصعب بغتة نحو نورين يقول بتأنيب وقد ظهر غضب حقيقي على وجهه

((هل أعجبك ما سمعته بسببك يا هانم، إنه محق.. انظري للموقف الذي وضعتينا به؟ جعلتني أنسى أين نحن.. تخيلي لو مر أحد والديّ من هنا!))

عبست ملامحها من تأنيبه المجحف لها.. ليس وكأنها هي من غمرته في القبل بل هو!

لكنها أرادت أن تخفف من حدة الموقف فسارعت بحركة فجائية بدغدغته ضاحكة..

لكن سرعان ما خفتت ضحكاتها وهي تستشعر عدم تأثر جسده الصلب بشيء..

رفعت وجهها له لتجده يناظرها بملامح جامدة ثابتة التعبير..

ابتعدت عنه قليلا وأدركت بأن الوقت لم يكن مناسبا لهذه الحركة الطفولية..

فنكست رأسها تحاول ألا تتمادى أكثر وكانت تريد أن تتجاوزه لتغادر لكنها شهقت عندما قيد رسغها وجذبها نحوه..

اتسعت عيناها عندما دفعها لترتمي على ظهرها فوق الأريكة برفق..

قبل أن يبدأ بدغدغتها ولم تستطع إلا أن تُطلق ضحكةً رنانة.. أغمضت نورين عينيها بقوة وقالت من بين ضحكاتها

((يكفي.. يكفي إلى هنا..))

توقف لوهلة يكتفي من عقابها هذا ثم ابتسم لها هو يتأملها..

ضحكتها هذه قريبا ستخل بتوازنه!

عند هذه الفكرة ذهب يعلوها ليدغدغها أكثر بلا رحمة غير آبها لتوسلاتها وهي بالكاد تلتقط أنفاسها وتقول

((لا أرجوك.. أرجوك.. سأموت يكفي))

كان صوتها مجهد من شدة الضحك وقد التمعت الدموع في عينيها..

ولم يكون ليبتعد عنها منتفضا لولا صوت مؤيد الذي عاد أدراجه للصالة يهتف بتعجب مستنكر

((أما زلتما هنا!))

سارعت نورين تعتدل واقفة وهي تلملم خصلاتها الثائرة من تحت الحجاب وتغادر مهرولة المكان ويلحقها مصعب حتى لا يسمع المزيد من شقيقه الذي هتف له

((اذهب لجناحك يا مصعب، سأخبر أبي وإذا لم يطردك أنتَ وزوجتك من هنا فسأنتقل من هنا إلى مكان أخر أنا وعائلتي فأنا بصراحة عليّ أنا أخاف على طفليّ من الانحراف))

ثم غمغم بغيظ مستعر يعاني في كبحه بينه وبين نفسه

((مثيرين للاشمئزاز!))

وكان مصعب قد ترك السترة على الأريكة في الصالة.. وكأنه ظل يلاحقها ليجاريها في عبثها معه وحسب لا أكثر..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:45 PM   #2885

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


اتسعت عينا سمية وهي تتساءل بلا تصديق لمالك الواقف أمام باب بيتها

((وأيضا والدتك موافقة يا مالك؟))

لمعت عيناه ببهجة خالصة ممتزجة بعذاب الشوق والعشق بينما يؤكد عليها

((نعم يا سمية.. قريبا سنجتمع نحن الثلاثة تحت سقف واحد.. بالكاد أتحكم بنفسي حتى الموعد الذي سنحدده لزفافنا، أتمنى أن يعقد قراننا من جديد الأسبوع القادم.. وهذه المرة سنتمم زواجنا وستنتمين لي بعقد لا رجعة فيه))

ازدردت لعابها على عسر ثم قالت له بحنق

((لا افهم لماذا لا تستوعب بأن العائق الوحيد الذي يحول دون موافقتي ليس عائلتك فقط!))

مسح على وجهه بنفاذ صبر وقال متهكمًا

((نعم اعرف بشأن العوائق الأخرى، أنتِ لا تثقين بي وموقنة بأن زواجنا لن يستمر كثيرًا بسبب تلك الفوارق.. ولكن أنا احبك وأنتِ تبادليني شيئا من هذا الحب فدعينا ننسى أي شيء أخر ونتزوج، وبعد الزواج سأحرص مليا على دحض كل تلك الظنون والشكوك من قلبك.. فافهمي حبي وشوقي ولا تعقدي الأمور أكثر من ذلك))

قطبت ما بين حاجبيها بتساؤل منفعل رغم هدوئها لتقول

((مفهوم الحب واضح يا مالك ولكن الالتزام بالوعود هو المعدوم، أنتَ تعلن بكل صراحة وجراءة أنك تحبني لكن هل كلفت نفسك عناء التفكير إذا ما كنتَ قادرا على الوفاء بالعهد؟ وهل تعي حجم مسؤولية تكوين أسرة معي؟ بظروفنا وأوضاعنا هذه؟))

ارتسمت البلاهة على ملامح مالك وهو يتمتم

((ماذا!))

صمتت لثواني تستجمع قواها الواهية وهي تستطرد

((أنا سأجيب نيابة عنك يا مالك.. لا أنتَ لم تفكر.. فكل ما يهمك هو أن تعيش اللحظة وإذا ما تغير أي شيء في مشاعرك أو موقفك في المستقبل القريب أو البعيد تجاهي يمكنك أن تستبدل تلك المرأة التي اخترتها مع تقلب الفصول.. ولتذهب بدموعها للجحيم))

تجهمت ملامح مالك ليتحدث معها بجدية يشوبها الحزم

((أتفهم أفكارك وكلامك يا سمية.. ولكن لا املك لك ردا أخر، وهو أنا لن أستطيع أن اثبت لك صدق مشاعري إلا من خلال الحياة التي سنعيشها معًا بعد زواجنا، لذا أرجوكِ لا تحاولي المماطلة في الموافقة فأنا لا طاقة لي للانتظار والتحمل أكثر فقد تعبت من تلك المحاذير الموجودة بيننا ومن تلك الواجهة الخشبية التي تصدرينها لي دائما حتى تبعديني عنك))

رفعت سمية نظرها لتجد عينيه تطوفان بخضرتهما المتوسلة فوق وجهها ليكمل بعاطفة وشجن جميل

((مهما أنكرت يا سمية لكن الحقيقة هي أنك ملكي أنا منذ البداية.. منذ أن كنتي في حياتي.. منذ كنا نتجاذب أطراف الحديث من وقت لأخر.. منذ أن رأيت فيك صديقة.. منذ أول مرة لهج لسانكِ بالدعاء لي.. منذ زواجنا الأول.. منذ إنجابك قطعة مني ومنك.. منذ أن أصبحتِ الحقيقة الوحيدة الثابتة في يومي..))

لانت تعابيره وهو يرى الدموع تترقرق في مقلتيها ثم تنهد بعمق وهو يمرر أنامله بين خصلاته المموجة قائلًا

((إذن هل ستريحيننا نحن الثلاثة وتوافقي؟ أم هيهات لقلبك القاسي أن يرأف بنا ويلين؟))

فغرت شفتيها قليلا ليقول لها بتحذير مغلف بالمرح

((سمية عليك أن تعلمي بان لصبري حدود، أنا لن أتحمل أكثر من هذا.. إذا ما تجاوزت حدودي معك فلا تلوميني.. فأنتِ لا تتصوريني في كم مشهد احتجت أن أضمك واحتضنك في فرح أو مواساة دون أن أقدر.. أنا بحاجة أن أتخلص من القيود التي تلجمني عن كل هذا))

قالت مؤنبة إياه برقة على تجاوزه الحدود بخفوت

((مالك.. يكفي..))

قال بإصرار دون أن يرف له جفن

((لا لن اكتفي قبل أن اسمع موافقتك، أرجوكِ قوليها على الفور وكفي عن كونك مفسدة لذة.. سوداوية.. محبطة.. مخيبة أمال..))

احتدمت ملامح سمية وكانت تنوي الرد عليه بخشونة قبل أن تشعر بابنها يهز ثوبها قائلًا بإلحاح وتوسل طفولي

((أمي وافقي أرجوك))

بدا وكأنها أخيرا انتبهت لوجوده منذ أن طرق مالك باب منزلها..

بخفوت حاني غلف دهشتها قالت ليزيد الذي يظلل وجهه الخشية والانقباض وتشي خطوط جسده بالإحباط والحزن

((يزيد.. حبيبي.. اهدأ قليلا))

لكنها كانت في هذه اللحظات تعيش دوامة من الصراعات..

من جهة عقلها وبقايا تحفظها يحثها على إكمال رفضها لمصلحتهما هما الاثنين.. ومن جهة أخرى يلجمها وجيب قلبها لتوافق وتعيش حلمها الذي ترفض الاعتراف به حتى بينها وبين نفسها في الاجتماع معه ومع يزيد تحت سقف واحد..

حسمت أمرها متنهدة قبل أن تقول بانكسار وخفوت

((أنا بارعة في صبّ نكدي عليك.. اعلم.. لكني أرجوك اعذرني فأنا أخشى يا مالك أن يمر العمر وتختبر عشق حسناوات يصغرنك، وأعود وحيدة مجددا.. أو أن تندم بعد زواجك مني وتشعر بأنك ظلمت نفسك.. أنا لا زلت اشعر بتخبط وحيرة، لذا أناشدك الصبر وعدم الضغط عليّ حتى احسم امري.. حتى أعاضد عقلي قبل أن أصل بقراري النهائي دون ندم أو تردد فأنتَ لا تتصور رهبة الأمر بالنسبة لي يا مالك))

ناظرها بإحباط وخيبة امل يقول

((ولكن إلى متى؟ إلى متى يا سمية؟ هل تعرفين كم هو عمر يزيد؟ نحن منفصلين منذ ولادته بالضبط.. ومنذ ذاك الوقت وانا أحاول بقدر استطاعتي الابتعاد عنك وإعطائك مساحة للتفكير حتى لا تشعري بأني اضغط عليك.. وإلا كان بإمكاني وفي نفس اللحظة أن أخبر كل عائلتي، لكنني رفضت أن أنالك قبل أن أُكون نفسي وأصبح رجلا يليق بك وقادر على تحمل المسؤولية فتوافقي على حبي دون أي ضغط أو تردد..))

أغمضت سمية عينيها توبخ ذاتها وتشتم انفعالاتها العاطفية.. والعقلانية أيضًا مغمغة

((أنا آسفة لك يا مالك أنتَ ويزيد..))

تنهد مالك بضيق وتمتم بنبرة متفهمة

((لا داعي يا سمية للاعتذار..))

فسألها بابتسامة وهو ينخفض ليحمل يزيد

((أنا لن انتظر لثانية أخرى والا سأموت وادفن قبل أن اظفر بموافقتك لذا أخبري الشقي هذا.. هل أنتِ موافقة أو لا؟))

عقدت حاجبيها تقول

((لا تدخل يزيد في مواضيع الكبار))

رفع مالك حاجبيه وهو يقول متلاعبا

((حسنًا إذن اعطي موافقتك لي أنا لا ليزيد))

ردت عليه بحنق

((بل سأعطيها له هو))

تبسم في وجهها وهو يقول بتسلية

((اعطيها لابنة الجيران المهم أنك موافقة))

ارتبكت سمية وقد أدرك أنها لا تجاري قدرته بالكلام وهو لم يعد يصبر فقالها صريحة وبقرار محتم عليهما معًا

((الأسبوع القادم سيكون عقد قراننا يا سمية، هل فهمتِ؟))

زمّـت شفتيها تقول بانزعاج

((حسنًا.. سأكون أنانية واهتم فقط بمصلحتي وبمصلحة ابني وسأوافق على عرضك هذا الذي لا يعوض))

ما قالته كان بمرح يخالف جديتها المصطنعة فبعثرا البهجة والانشراح بصدر مالك..

تنفس الصعداء ودفء القرب منها وحرارة التواصل معها وحمى الرغبة بأن تكون له ومعه كلها تتسلل لقلبه..

في حين امتلكت يزيد البهجة من الوريد للوريد وهو يفهم من كلمات والدته بأنها ستعود لهم..

علت نبرة سمية تمسدها برسمية تخفف من حميمة المشهد بينهما

((مالك الآن انزل يزيد واذهب من هنا، كم من مرة عليّ أن أقول لك بأني لا أحب وقوفك طويلًا أمام باب منزلي!))

تفهم مالك بأنه تراوغ لتشتت محاصرته لها فقال

((أهمية الموضوع الذي جئت لأجله أنساني كل شيء من حولي.. المهم سأذهب قبل أن تتراجعي فأنا لا ينقصني أن يفسد زواجنا شيء بعد أن انتزعت موافقة والديّ بشق الأنفس ودون الحاجة لذكر يزيد))

هلعت ملامح سمية فجأة وقالت بقلق وخوف

((اشعر تلقائيا بألم حاد في معدتي عند ذكر هذه السيرة.. كيف سنخبرهم عن الماضي وكيف سنبدأ الشرح عن يزيد! لن تكون ردة فعلهم بسيطة!))

تنهد مالك قبل أن يقول بجدية

((لأصارحك القول في البداية كنت أظن بأن موضوع يزيد هو الطريقة الوحيدة لجعلهم يباركون زواجنا.. لكن فجأة بدأت أجد أن هذا الموضوع لو كشف فسيكون سببا لينفرو من زواجنا.. الأفضل أن نتزوج أولا وبعدها بثواني سأخبر أبي.. حسنًا يا سمية؟))

رمقهما يزيد بنظرةٍ حزينة ثم تساءل بتردد منكسا وجهه

((هل أنا مصدر مشكلة لكما؟))

ارتعشت شفتا سمية وهي تناظر ابنها وتهز رأسها مجيبة باختناق

((لا تقل هكذا..))

في حين رفع مالك ذقن طفله بأنامله وخاطبه بصوتٍ أجش

((لا يا حبيبي أنتَ لست مصدرا لشيء في حياتنا إلا الأمل والحب والبهجة.. من الآن سأخبر أمي أن تعد لنا جناحا.. ستكون هناك غرفة مرافقة لغرفتنا لك أنتَ.. بعد أن أخبر جديك عنك سأذهب معك بنفسي لنختار أثاث غرفتك وديكوره..))

قالت سمية له تنبهه

((مالك لا داعي لكل هذه العجلة..))

ناظرها يقول بحسم وهو يشدد من ضم يزيد

((بمجرد أن ينتهي زفاف وليد سيأتي دورنا.. الأسبوع القادم))

عاد خوف رهبة المواجهة والقلق منها يتسرب لسمية فارتسمت ابتسامة حالمة حبت ببطء على شفتيه تشاكس قسماته الجادة..

عليه أن يخطو بحذر وتمهل نحوها حتى لا يحول تخبطها وخوفها دون موافقتها..

سمعها تقول بصوتها المرتبك وهي تبوح له

((أنا هلعة بل عاجزة عن مواجهة والديك، لا بد أن أمك نادمة على كل خير قدمته لي ولعائلتي.. لقد تفضلت عليّ بسماحي للعمل هنا لأكافئها في الوقوع بحب ابنها بل والزواج منه))

مع نهاية حديثها استحالت ابتسامته الى قهقهة عالية ليقول

((تتحدثين وكأنك ستتزوجين من زوجها لا ابنها..))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:46 PM   #2886

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

بعد أن أمضت رتيل ساعات في الإشراف على الطهي في المطبخ وممارسة بعض التمارين الرياضية الشاقة في غرفتها.. رأت أن الوقت قد حان لتمنح نفسها بعض الطقوس اليومية البسيطة التي تعود بمنافع عديدة على صحة جسمها وتشعرها بالاسترخاء والراحة..

ولم يكن هناك أجمل من تدليل نفسها بحمام منعش يمنح جسدها العطر الفواح.. وبشرتها ملمسا ناعما ومتوهجا ويزيل آثار التوتر والتعب..



ملأت حوض الاستحمام بالماء.. وشغلت موسيقى هادئة في الخلفية ثم أشعلت تلك الشموع العطرية التي كانت قد اشترتها من اجل ليلة رومانسية لها ولمؤيد.. قبل أن يتضح بأنه لا يستحقها بعدما فعله بها في تلك الليلة..

تأوهات باسترخاء وهي تغمر نفسها في الماء الحار الممتلئ بالفقاقيع والرغوة ذات رائحة طيّبة والغنية بالمكوّنات الطبيعية والزيوت الأساسية..

بدأت تقوم باستخدام الزيت لتدليك وجهها عندما سمعت صوت وقع أقدام نحو الحمام..

فُتح عليها الباب فجأة ليطل زوجها منه والذي سرعان ما استدار يقول بصدمة

((رتيل ماذا تفعلين وكيف تستلقين في الحوض بهذا الشكل؟))

نظرت إليه قليلا كيف يشيح بنظره بعيدا يغض البصر عنها فأغمضت عينيها تجز على أسنانها بقوة ثم فتحهما لتجيبه بهدوء كأنها تخاطب شخصا مجنونا بلا عقل

((ادخل.. ادخل يا مؤيد اعتبر نفسك مثل زوجي))

ببطء وتجهم التفت مؤيد نحوها وكادت أن تضحك ملء شدقيها عليه لكنها اكتفت بابتسامة جميلة وهي تسمعه يقول بوجوم

((ماذا تفعلين الآن؟))

قالت رتيل الي كانت تغمرها جسدها كله باستثناء رأسها تحت ماء الحوض المليء بالفقاعات والرغوبة الملونة

((كما ترى.. أقوم بالاهتمام بنفسي والاسترخاء لأجهز نفسي لحفل زفاف ابن عمك الليلة))

غمغم مؤيد مغتاظ وهو يرشقها بنظرات ساخطة

((أخر مرة سنذهب لزفاف.. صدقيني))

رفعت حاجبيها تقول باستفزاز

((لماذا! كل هذا لأني اهتم بنفسي؟))

هتف بها بغير رضا

((ما الحاجة لامرأة متزوجة أن تهتم بنفسها قبل الذهاب للزفاف؟ إذا كنت أنا زوجك اقبل بك كيفما كنت فلماذا تحبين الاهتمام بنفسك!))

ابتسامة جانبية لم تعلم أكانت ساخرة أم منكسرة ارتسمت على وجهها وهي تقول

((اهتم بنفسي من اجل نفسي وحسب، لا تقلق لن ارتدي أي شيء قصير ولن أضع زينة على وجهي في الزفاف))

سألها بحنق وهو يمعن النظر بها كلها

((متى ستنتهين؟ أريد الاستحمام أنا الأخر))

تراخى جسدها أكثر في الماء وقالت

((لم أقم بحمام الزيت ولا التقشير، اخرج لا زال أمامي الكثير حتى انتهي))

حدجها بحنق وقبل أن يستدير قالت له منبهة

((مؤيد تذكر ما اتفقنا عليه، لا تطلب منا أن نرحل قبل ينتهي الزفاف للنهاية أو على الأقل بعد أن يعرضوا البوفيه.. إذا أردت ألا تستمتع لمناحة أولادك بعد الحفل))

تساءل مؤيد بامتعاض وعيناه تطالان بالنظر لرسم مفاتنها ونحرها المكشوف بعدم غفلة منها

((أي طلبات أخرى يا هانم؟))

حركت حاجبيها بمشاكسة هادرة وهي تغمزه

((أخبر نجوم أن تعد لي بعض الشاي والفاكهة والماء المُنكّه بالليمون.. ثم لا تراجعني بشيء قبل أن اخرج فأنا لا ينقصني شيء يشتت انتباهي ويعكّر صفو استمتاعي برفاهية الاسترخاء والهدوء والانتعاش هنا))

رفعت رتيل يدها تدلك وجهها بنعومة وشيء في مؤيد جعله يتسمر مكانه ويراقبها باهتمام وبدقيق رجولي..

فهبّت الغيرة المتأصلة في أوردته على روحه وهو لا يفهم منطقه بمنع نفسه من التمتع بكل هذا الجمال المتشكل على هيئة زوجته!

أما رتيل فكانت تشعر بنظراته لكنها لم تشعره بذلك..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:47 PM   #2887

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

جفل قصي على صوت قائد فريقه العالي وهو يقول بينما يتطلع لساعة يده

((ألم تنتهي نوبتك الصباحية لهذا اليوم قبل ساعة يا قصي؟ إنها الخامسة مساء بالفعل))

همهم قصي وهو يضيق عينيه بتفكير يتذكر بأن ساعات عمله في الشركة بالفعل انتهت قبل الساعة من الآن في نوبة هذا اليوم..

فعاد قائد فريقه معتز يقول بتأكيد

((نعم يا قصي أنا متأكد من أن نوبتك اليوم تنتهي في الساعة الثامنة.. أي أنك قد عملت اليوم لساعة إضافية بالفعل..))

اغلق قصي حاسوبه وتمطى وهو يقول بإجهاد

((نعم صحيح، لم اشعر بالوقت بكل صراحة..))

رفع معتز سبابته محذرا بصرامة كمن تذكر شيئا

((إياك أن تطالب ثمن هذه الساعة الإضافية.. لن تنال شيئا مقابلها.. فعقد العمل يقول بأننا لن ندفع لك ثمن أي عمل إضافي قمت به من تلقاء نفسك، وبالفعل لم نطلب منك أن تعمل اليوم ساعة إضافية))

مال قصي بشفته بامتعاض ثم قال ساخرا

((ليس وكأن المبلغ الإضافي الذي سأخذه مقابل عملي لقاء هذه الساعة قد يفرق على راتبي الضئيل الذي أتقاضاه من هنا..))

رفع معتز حاجبيه يغمغم باستنكار مستغرب

((سبق ومر عليّ الكثير من الموظفين الذين يغادرون عملهم قبل انتهائه بوقت بحجة النسيان أما أن يعملوا أكثر من ساعات عملهم الرسمية بذريعة النسيان فأنتَ أول من يفعلها))

اغلق قصي حقيبته ثم رفع أنامله يدلك جبهته ويقول بإنهاك

((معك حق، لقد كنت منغمسا في تلقي المكالمات ونسيت الوقت وما حولي.. كنت فقط أركز في كيفية حل مشاكل العملاء..))

همهم معتز ثم قال بفضول

((حالك متغير هذه الأيام، لقد صرت موظفا مواظبا تأتي قبل العمل بوقت ولا ترحل إلا بعد أن ينتهي على أتم وجه، حتى مواعيد راحتك لا تأخذها كاملة من شدة اجتهادك.. ما هو سرك؟))

تمتم قصي باستياء وغيظ

((لم يمر إلا شهر واحد على التزامي هذا فلا تحسدني من الآن، عجيب أمرك يا معتز))

سأله معتز باستغراب

((ما هو العجيب؟))

قال قصي بحنق بالغ

((لا يعجبك تسربي وإهمالي لعملي في السابق والآن لا يعجبك التزامي واجتهادي.. لذلك من الغد سأعود لقصي القديم))

مال معتز بوجهه له يرسم له تعابير متهكمة باطنها محذرة وهي تقول

((ستعود لقصي القديم؟ هل تعرف بأنه ينقصك خطأ واحد قبل أن يتم فصلك من هذا العمل ونودعك للأبد؟ إياك أن تغتر وتظن بإمكانك أن تنجو بفعلتك مثل المرة الماضي عندما طالب مدير القسم من المشرفة شيرين أن تسامحك وتتجاوز عن خطأك ذاك.. فمدير القسم لا يعرف بوجودك من الأساس ولا يهتم بشأنك هو فقط وقف بجانبك لأنه كان يريد أن يستفز شيرين لينال منها خطئا واحدا ليزيحها من منصبها.. لا أكثر ولا أقل.. وأنتَ لست محظوظا كفاية لتسلم الجرة معك في كل مرة))

قال قصي بضجر وسخرية

((حقا يا معتز!))

أجابه قائد فريقه باهتمام وجدية

((نعم يا حبيبي وهل تظن بأننا سنظل نسايرك ونتحمل إهمالك ونتجاوز أخطائك في عملك هنا؟ لا يا حبيبي دلالك هذا مارسه في شركة الوالد أما هنا فلا أحد يتحمل الأخر..))

شيء من العبث.. أو حتى الحسرة توهجت في عيناه ثم تمتم

((هل حقا أستطيع ممارسته في شركة الوالد؟ لأني اشك بذلك))

لوح معتز بيده هادرا بتأكيد

((ولماذا تشك؟ على العكس لو كان والدك رجلا مقتدرا فاطلب منه أن يشتري لك محل تجاري ويوظفك فيه وبعدها تدلل وغب عن العمل بقدر ما تشاء ولن يحاسب أحد ابن صاحب المكان))

لكن قصي غمغم بغيظ

((حقا لن يحاسب أحد الموظف إذا ما كان ابن صاحب المكان؟ لأني لا زلت اشك بذلك))

مال معتز ليتكئ على الحائط متسائلا بفضول

((دعك من شكوكك هذه الغير مفهومة وأجبني.. كم هو عمرك يا قصي؟))

عقد قصي حاجبيه وهو يجيبه باستغراب

((في عيد ميلادي القادم سأكون في الرابعة والثلاثين..))

اتسعت عينا معتز قليلا وبدا أنه تفاجئ كثيرًا من عمر قصي الذي ظنه أصغر بكثير مما يبدو عليه..

ليس بسبب مظهره الخارجي وتوهج الشباب والعنفوان الذي يعطيه عمرا أقل بل بسبب روحه المرحة والبسيطة وشخصيته اللامبالية ومزاحه خفيف الظل.. تنحنح معتز قليلا قبل أن يقول معقبا

((تصغرني بعدة سنوات أنتَ، لكن بكل صراحة أنتَ لم تعد صغيرا.. من في مثل سنك يمتلكون منزلا وسيارة ووظيفة تدر عليه هو وعائلته راتبا محترما.. عملك كموظف في خدمة العملاء هنا لا يناسب رجلا ثلاثيني لا من الناحية المالية ولا من الأمان الوظيفي.. عندما كنت مثلك موظف خدمة عملاء لم يكن يكفي راتبي إلا ثمن السجائر والمواصلات.. ولو لم أترقَ هنا وأصبح قائد فريق براتب مضاعف لكنت تركت هذا العمل وبحثت عن غيره))

تراخى قصي في جلسته وقلب عينيه للأعلى..

كيف لو يعرف معتز بأن راتبه الشهري الذي يتقاضاه من عمله في هذه الشركة يدفعه كل شهر ثمنا لرسوم ناديه الرياضي الذي لم يعد يذهب له أكثر من مرة أسبوعيا وقد أصبح يحب ممارسة الرياضة في البيت حيث هناك صالة ضخمة مجهزة له!

رسم قصي ملامح توافق كلام قائد فريقه وهو يقول له بنبرة ذات مغزى ليس موجها له

((معك حق.. الراتب هنا ضئيل جدًّا رغم أن كل فرع من فروع شركة القاني تضم ألف موظف على الأقل..))

امسك معتز كتفه وهو يسأله بجدية بالغة

((إذن لماذا لا تؤمن على نفسك وتبحث عن عمل أخر؟ ما هي شهادتك؟ اذكر بأني قرأت في سيرتك الذاتية بانك خريج هندسة من جامعة في الخارج، نعم أتذكر هذا جيدا فقد لفتني امر دراستك في الخارج))

ظهر شيء من الارتباك على قصي وهو يجيبه بأول ما خطر على ذهنه

((نعم معك حق، سبق ودرست هندسة إنشاءات في الخارج عندما كنت اسكن هناك مع عائلتي قبل أن أعود هنا.. لكن هي جامعة بسيطة وليست حتى ذات صيت عالي.. لا يغرنك اسمها الإنجليزي))

قال معتز ببساطة وهدوء

((نعم بالتأكيد وهل أناس بسيطين من أمثالنا يمكن أن يلتحقوا بتلك الجامعات الإنجليزية دون أن تملك عائلته ثروة طائلة أو يملك هو عقلا منفردا بعقليته يتيح له منحة!))

تنهد قصي ببؤس وقال

((هذا ما كنت أقوله.. فأنا تخرجت قبل عشر أو تسع ولكن لم اعمل ولو لشهر واحد في شهادتي.. وإذا لم أكن قد عمت بها سابقا فبالتأكيد لن أجد الآن عملا بها..))

هز معتز راسها متفهما لكلام قصي الذي استقام واقفا من مكانه وهو يحمل حقيبة ظهره ويلوح له بالسلام..

خرج قصي من قاعة العمل وعن الممر لمح مشرفته شيرين ولم ينسىَ رشقها بتلك النظرات الساخطة وهو يتجاوزها..

وقفت شيرين تنظر لظهره وهو يغادر هذا القسم من المبنى ثم ناظرت معتز الذي كان يسير نحوها لتقول بانزعاج

((انظر له كيف يرشقني بنظرات تحمل كره العالم كلما رآني! يبدو حقا حانقا عليّ))

عقب معتز على كلامها

((لقد لاحظت ذلك، لقد تغير قصي جدًّا.. كان في الماضي شخصا فكاهيا وحليما يتقبل أي مزحة أو حتى سوء معاملة ببشاشة ورضا وصدر رحب متسامح لكن الآن بات شخصا كئيبا لا يرمي ابتسامة لأحد حتى..))

ضيقت شيرين عينيها بشك ثم قالت مستغربة

((تتحدث كثيرًا عن قصي يا معتز.. هل هو الموظف الوحيد الحزين في قسمنا هذا؟ صرت اشك بأنك لا تحفظ حتى أسماء الباقيين!))

لف الارتباك معتز وهو يحاول التبرير

((الأمر ليس هكذا.. لكن هو الموظف الوحيد الذي أتعبني بإهماله وعدم مبالاته منذ أن عملت هنا.. ولفتني كثيرًا أن اعرف سر تغيره مؤخرا))

اجابته شيرين بإيجاز ووضوح

((سر تغيره هو نقلي له لمكان أخر أكثر صعوبة وانشغالات..))

قال معتز لها وقد أثر عليه بؤس وحزن قصي

((معك حق.. ربما هذا هو السبب.. شيرين أعديه لمكانه الأصلي حرام عليك لقد نال عقوبته كاملة بل وأكثر..))

شعت خضرة عينا شيرين بالغل وهي تقول برفض قاطع مشوب بالسخرية

((لا أريد ولن افعل.. بسببه تلقيت توبيخا من رئيس القسم.. سيبقى هناك لمدة أطول.. وليدع جزيرة الواق واق التي فضلّ الذهاب إليها ولو على حساب طرده من هنا أن تنفعه))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:47 PM   #2888

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي






كان مؤيد يناظر بامتعاض طلة زوجته الآسرة وهو يراها ترتدي فستانا نبيذيا أنيقا بحمّالتين رفيعتين وبطبقات ثلاث مقصوصة بشكل عرضيّ تعلو إحداهما الأخرى ببساطة آسرة وحزام ذهبي حت صدرها محدّدا إيّاها بفتنة مهلكة..

فقال لها بعبوسه وملامحه المشدودة

((هل سترتدين هذا الثوب الضيق الخليع هناك في حفل الزفاف؟))

حادت رتيل بنظراتها بعيدا عنه وهي تمسك العباءة لترتديها فوق الثوب

((نعم.. ما المشكلة؟ لن اخلع العباءة إلا بمجرد أن يغادر ابن عمك العريس قاعة النساء))

هتف بها بغضب مشتعل وهو يمسكها من كتفيها ويديرها ليناظر ظهرا المكشوف

((أنا لن اسمح لك بارتداء شيء كهذا حتى لو أمام النساء))

هتفت به بحنق واضح

((تتحدث وكأني ارتدي شيئا يظهر الكثير مني!))

ازداد غضب مؤيد وهو يراها تتحداه بلا مبالاتها لكن صرخ بها وهو ينبهها

((نعم.. انظري لانعكاس ظهرك للمرآة.. أنه مكشوف من الخلف بشكل كبير..))

ابتسمت بدلال تغيظه بادعاء البراءة ثم قالت

((لا ليس مكشوف الظهر كثيرًا..))

ثم عقدت حاجبيها فجأة تقول له بتحذير

((وإياك أن تحاول دفعي لأبدله، لن افعل.. منذ ساعات وانا أتجهز يا مؤيد..))

لم تكن قد أكملت كلامها وهي تشعر به يقترب منها بغضب مستعر يلمع ف عينيه ويمسك شعرها المرفوع بمحاولة فكه فصرخت به بهلع وهي تضرب يده وتبعدها عن شعرها هادرة

((ماذا تفعل؟ اترك شعري.. اتركه..))

ابتعد مؤيد عنها مزمجرا بسخط

((أطلقي العنان لشعرك الطويل ليخفي شيئا من ظهرك المكشوف))

تشدقت بسخرية ثم هتفت به بضيق وانفعال

((هل تعرف كم ساعة بقيت في صالون التجميل لأقوم بهذه التصفيفة؟))

كاد مؤيد أن يسحق أسنانه وهو يرمقها بغيظ.. بل أوشك أن يشد شعرها ويقتلعه ليخفي ظهرها المكشوف وبانت رغبته هذه جلية في عينيه..

ثم قال لها بلهجة قاطعة

((يا أن تبدلي الآن هذا الثوب بأخر أكثر حشمة أو تخفي الجزء المكشوف من ظهرك بشعرك..))

ضيقت عينيها المشتعلتين بنار الغضب وكادت هي الأخرى أن تقتله في هذه اللحظة لكن انفرجت ملامحها فجأة وقالت بلامبالاة وهي تتوجه لخزانة ملابسها

((لحظة.. عندي وشاح ملائم تماما لهذا الثوب سأرتديه فوق كتفي وسيغطي ظهري.. لا تقلق لكن لن أفسد تصفيفة شعري أو أغير ثوبي هذا))

ظهر شيء من الرضا على وجه مؤيد إلا أنه قال لها بتهديد شرس

((حسنا يا رتيل لكن إياك أن تخلعي هذا الوشاح هناك، هل فهمتِ؟))

رسمت رتيل ابتسامة متشنجة وهي تقول

((رغم أنه لا خطأ في ثوبي هذا أمام النساء ورغم أنك رجل متزمت ورجعي لكن لا بأس سأفعل كما تريد..))

قال مؤيد بخشونة وجدية

((رتيل انعتيني بما شأتِ، لكن مجددا أحذرك إياك أن تتحرري من هذا الوشاح))

فاجأته وهي تميل رأسها برقة تتلاعب بنظراتها ما بين استعطاف وتدلل لتهمس له

((على الأقل قل بأنك تغار عليّ من حسد وعيون النسوة هناك لذلك تريد مني إبقاء الوشاح على كتفيّ.. جمّل أوامرك المتخلفة ولو ظاهريا واكذب عليّ))

ظل على تجهمه وهو يقول بجدية تلف كلماته متجاهلا سخريتها

((رتيل أنا لن أكون موجودا هناك لكن أثق بأنك لن تخالفي ما قلته.. رغم كل سيئاتك إلا أني أثق بأنك زوجة مطيعة وصالحة وستلتزمين بأوامري))

شحب وجهها قليلا وتمنت لو لا يلاحظ مؤيد الاختلاف الذي طرأ على تقاسيمها وهي تبتلع غصة مسننة ثم تقول وهي ترفع ذقنها بصوتٍ مخنوق

((مؤيد.. استرخي قليلا.. طالما قلت لي أن استر ظهري ولا اظهر منه شيء فلن افعل حتى لو كان سيقلل من جمال الثوب.. منذ متى وانا أخالف ما تأمرني به!))

أكد مؤيد على كلامه وهو يقول باطمئنان وثقة يحسد عليها

((نعم أنا اعرف.. أفضل شيء في حياتي امتلاكي زوجة مثلك حتى لو تركتها لوحدها أستطيع استئماني بيتي وأولادي عندها وكلي ثقة بان قدمها لن تخطو خارج البيت إلا بعلمي وستحفظ أمانتي))

حاولت رتيل أن تمتلك أعصابها وهي تحث نفسها ألا تتأثر من الكلام الذي سمعته منه.. ولتخفف شيء من تأنيف ضميرها ذكرت نفسها بتسكعه مع تلك النسوة تحت رداء الزمالة والعمل!

حثها مؤيد وهو يناولها العباءة

((هيا ارتدي العباءة والحجاب فوق هذا الثوب المقيت ولنخرج الآن قبل أن نتأخر))

.

.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:48 PM   #2889

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

بدأ حفل زفاف وليد وشيرين صدح صوت الموسيقى صاخبا بأغاني حماسيّة تليق بحفلات الزفاف.. لكن حتما لم تكن الأغاني حماسية بشكل كافي لتبدو العروس بهذا الشكل..

مر بعض الوقت حتى تم عرض بوفيه العشاء في حفل الزفاف تطلعت رتيل تسأل نورين بفضول

((لماذا لم يأتي زوجك للحفل؟))

هزت نورين كتفها وهي تجيب بصراحة

((لا أدري.. أنه كتوم بشأن وليد لكن يبدو أنه لا يحبه أبدًا.. ولولا ذهاب والدته لما طلب مني أن اذهب معها))

ظهر شيء من التردد على رتيل وهي تقول غير قادرة على الكتمان

((هل تعرفين بان هذا المدعو وليد هو من كان يجب أن يتزوجك!))

امتقع وجه نورين وهي تقول

((نعم اعرف وحمد الله أنه لم يفعل، كنت أظن أنه معترض على الزواج من اجل زوجته لكن اتضح بأن في عقله قصة أخرى))

هزت رتيل وجهها وهي تقول

((معك حق.. كلنا صدمنا بخبر طلاقه من جُمان.. لا أدري أين ذهب بالحب والهيام الذي كان يظهره لها أمامنا.. كان يقول بانه يعشقها ويحبها وبان الله أبدله بخير من تلك المدعوة شيرين.. وبعد كل هذه السنين يطلقها من اجل شيرين لا من أجل عدم إنجابها.. الرجال في قمة الحقارة..))

عقبت نورين باستياء

((لست مهتمة بصراحة أن اعرف شيئا عن حياته العاطفية.. فقط احمد الله باني لم يكن من نصيبي.. حتى شكله فهو غير مريح رغم حسن مظهره))

قالت رتيل هازئة

((معك حق أنه مكروه في كل هذه القرية لتجبره وعجرفته.. أكثر من مؤيد))

ثم سرعان ما اتسعت عيناها وهي تهتف لابنها بردع

((فهد كل على مهلك، لن يأخذ أحد الطعام من أمامك.. امضغ الطعام بفمك أكثر من مرة قبل ابتلاعه))

قال فهد الذي كان يقوم بتعبئة الطبق الواسع من الأطباق أمامه

((أمي أريد أن اللحاق بتجريب اكل شيء من كل صنف معروض..))

عادت تقول له رتيل حاثة

((قال والدك بانه لن يستعجلنا الرحيل مثل العادة وبأنه سينتظر للنهاية.. لا داعي للاستعجال يا فهد))

تطلع فهد لامه يقول بحنق

((قد يغير رأيه باي وقت وعليّ أن اكل كل شيء هنا يا أمي))

تنهدت رتيل بيأس من صغيرها ثم تطلعت لنورين تقول لها بجدية

((ولداي الاثنين خائفين ألا يسمح لهم الوقت للأكل من بوفيه الحفل وكأن الطعام الذي يعرض عليه قادم من الفضاء ومختلف عن طعام المنزل.. فلا تظني بهما السوء لمجرد انهما يريدا تجربة كل شيء كالمشردين يا نورين))

هزت نورين رأسها بتفهم ((لا تقلقي يا رتيل))

.

.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:51 PM   #2890

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي




أذعن وليد الذي كان جالسا بجانب شيرين لأمر قلبه والتفت يناظرها.. لم يراها جيدا منذ أن خرجت من صالون التجميل..

بدأ يحدق ويتشرب بنظره كل تقسيم من وجهها.. حتى وصل لعينيها الخضراوين المكحلتين البهيتين..

التفتت شيرين بعد أن ارتدت الذهب في الحفل لوليد تسأله بعفوية وشيء من التوجس

((لماذا تناظرني بهذا الشكل؟ هل أبدو جميلة؟ لقد اكتفيت الليلة بوضع لمسات بسيطة فوق وجهي من الكحل وأحمر الشفاه..))

رد وليد بصوت أجش

((هذا الكحل الذي يليق على عينيك العربيتين هو أكثر من كافٍ بالنسبة لي وثَمِلٌ أنا بسحره..))

أمسك ذقنها حتى لا تبعد نظراتها المضطربة عنه يتابع بخفر حركة عنقها الأبيض كلما ابتلعت ريقها توترا لكنها نفضت يده تقول

((نعم اعرف، لطالما أحببت الكحل العربي عليّ.. ربما لأنه يشعرك بأنه من أصالة الماضي..))

أومأ وليد لصحة كلامها ثم أمرها بهدوء

((صحيح، ابتسمي قليلا.. أنتِ أول عروس تبدو متجهمة بهذا الشكل في حفل زفافها رغم أنها ستتزوج برجل لم تكن تحلم بأن ترتبط به مرة ثانية.. رجل هو مطمع لكثير من النساء ومن هن أفضل منها))

هاجت خضرة عينا شيرين غضبا كاره وهي تقول ببغض

((ما كنت لأتزوجك وأعطيك فرصة الانتقام مني والتشفي لولا والد سهر))

رفع حاجبيه يقول بعبث ولم تدري شيرين بأنه كان يختبر ردة فعلها ويقيمها قبل أن يقول

((إذا كنت تزوجت مني من اجل والد سهر فتخيلي أن يتم هذا الزواج دون أن أتبرع لوالدها؟))

همست له بعدوانية

((لا تمزح في موضوع سهر.. والا سأقلب الزفاف عليك بلامبالاة))

زمّ شفتيه بحنق واضح منها لكنها تمادت وهي تضيف

((اليوم ليست ليلتك يا عريس، فأنتَ تتذكر اتفاقنا بانك لن تقترب مني قبل عملية والد سهر.. سأخبر سهر أن تبشر والدها في الغد..))

التزم وليد الصمت وهو يناظرها بوجه خالي التعابير قبل أن يقول بنبرة فاترة قليلا

((سنرى الليلة يا شيرين..))

جحرته بعينيها ليقول بابتسامة جانبية

((لا تنظري لي بهذا الشكل! أنا هكذا.. مميز دائما بكل شيء واملك في جعبتي الكثير بما يذهل من يتعامل معي))

حركت حاجبيها وهي تقترب منه بجرأة ووجهها مقابلا لوجهه لتهمس وعيناها تتحديان عينيه

((إذن لا تدع تميزك هذا يغرك يا وليد))

مال ناحية خدها يلثمه بشفتيه قبل أن يميل أكثر ويهمس قرب أذنها

((لا تقلقي فتميزي لم يغرني قط بل زادني ثقة))

لامست ظاهر يده وهي تقول له بجدية

((هيا اذهب إلى قاعة الرجال، طال بقاؤك هنا..))

ظل ينظر في عينيها وهو يقول

((لن اذهب قبل أن اخذ قبلة.. ولو صغيرة))

فعلت المثل وهي تميل بشفتيها لخده تلثمه هامسة

((حسنا بما أني سأعيش معك عمرا طويلا فمن الآن سأجبر نفسي ع قربك))

ثم ابتسمت ابتسامة حلوة رغم تشنجها وهي ترمش بإغراء مفتعل وقالت

((هيا اذهب الآن، سأشتاق لك يا حبيبي.. راضي الآن؟))

كان يعرف بأن وقت هنا طال وعليه المغادرة وتلقي التهاني مع الرجال في القاعة الأخرى.. لكن كل شيء يجبره على البقاء هنا..

أفلتت عيناه من سيطرته فهامتا بحرارة مشتعلة من وجهها لعنقها لفتحة فستانها ثم لامست فتنة ورشاقة قدها الذي أظهرته قصة فستان زفافها الأبيض المثيرة والأنيقة..

جف حلقه وهو يفكر بأنه الليلة.. سيذهلها حقا!

وقف وليد من مكانه للمغادر لعله يسيطر على موجة رغبته فيها التي ضربته بشكل الآن بعنف..

ساعات.. فلينتظر فقط ساعات وستكون له.. الليلة..

سيثمل.. سيغرق فيها..

.

.

بمجرد أن انتهى حفل الزفاف قامت سهر بتوديع صديقتها التي استقلت السيارة تحثها

((قد تستغربين كلامي.. لكن لمست حبه الآن لك.. صحيح أن ما قام به في الماضي تجاهك لا يغتفر، لكن عليك أن تحاولي النسيان وتجاوز ما حدث بما أنك اخترت الزواج منه، حاولي الانسجام معه وإكمال حياتك معه والإنجاب..))

قالت لها شيرين بصوتٍ خافت وكئيب

((للأسف هذا ما سأفعله، لا لشيء إلا لشح الفرص والخيارات المتاحة أمامي.. رغم أني..))

رفعت سهر حاجبيها لتحثها على الإكمال فقالت شيرين باستسلام

((رغم أني أواجه صعوبة في تقبّل وليد بعدما أنهيته من حياتي في الماضي.. حتى وهو الآن يحاول أن يكون أقل سوءً من قبل.. لكن لسبب أو لأخر لا أحبذ فكرة التعايش معه للمرة الثانية.. لكن مجددا سأحاول ذلك فعليّ أن أحاول التشبث بأي يشيء يصل للراحة أو إلى جزء من السعادة))

ابتسمت سهر لها وهي تلوح لها بكفها تقول بعاطفة

((إلى اللقاء يا شيرين.. لا اصدق أنك تزوجتِ حقا))

بالكاد منعت شيرين نفسها من البكاء وهي تشدد على عناقها ثم تبادلها الوداع..

أسرعت سهر في هذا الليل الخطى نحو أمها التي كانت تنتظرها في السيارة.. استقلت سهر سيارتها وكانت تريد تشغيل المحرك عندما أمسكت أمها مرفقها تقول باستياء

((شيرين خُطبت ثم أفسد زواجها ثم خطبت ثم تزوجت وأنتِ لا زلت تنتظرين قصي ذاك المحتال ليتمنن علينا ويقيم حفل الزفاف))

تنهدت سهر ببؤس وتوسلت لامها

((أمي أرجوك لا تفسدي عليّ فرحتي بصديقتي..))

ضغطت تمارا أكثر على مرفق ابنتها فأوشكت أن تطلق آهة توجع بينما تهدر فيها بخفوت وغيظ

((حسنا سأسكت وادعك تفرحين بخيبتك، انه حتى لم يعرفنا على عائلته، ووالدك بارد بخصوص هذا الموضوع بشكل رهيب، دائما يخبرني أن اصبر وأثق بقصي.. يا رب رحماك ما سر ثقته هذه وبروده تجاه قصي))

قالت لها سهر بانفعال وضيق

((أمي لأصارحك فأنا لا اتحدت مع قصي أبدًا ولا أرد على اتصالاته.. أخبرته أن يعرفنا على عائلته وان يُعجل بالحفل أو سيكون فسخ كل ما بيننا هو الحل الوحيد.. صدقيني اقتنعت بكلامك وبدأت اخذ الموضوع بجدية أكبر من السابق))

حررت تمارا مرفق ابنتها أخيرا وهي تقول بقهر مكتوم

((أحسنتِ.. صدقيني فحتى الأعمى يدرك بأنه مرتاح ماديا ولا يعاني من أي ضائقة مالية.. إنه فقط محتال يريد الاستمتاع برفقة فتاة جميلة مثلك تشبه دمية الباربي وبمجرد أن ينتهي منك سينهي كل شيء.. ولولا الأمل البسيط في داخلي بانه يحبك ولن يتخلى عنك والا لكنت أنهيت كل شيء بينكما))

بدأت سهر في قيادة سيارتها وعمّ الصمت بينهما إلا من صوت المحرك عندما قالت والدتها بغتة باستغراب يلفه الفضول

((لم تبدُ شيرين سعيدة.. عجيب أمرها.. عشيرة هذا المحامي مرموقة ووضع عريسها الاجتماعي والمالي ممتاز))

تمتمت لها سهر التي كانت تشعر بالقلق من حال صديقتها

((دعي صديقتي في حالها يا أمي.. أرجوكِ.. تمنى لها فقط أن تسير الأمور في هذا الزواج على نحو جيد..))









*******




بمجرد أن أنهت شيرين من حمامها الحار حتى دلفت لغرفة النوم وهي تلف شعرها الأسود بمنشفة صغيرة..

كانت تجلس بين حقائبها تحاول تفريغ البعض منها وإخراج منامة مريحة بعد هذه الليلة المتعبة عندما داهمها صوت وليد الخشن

((هل انتهيت بالفعل يا شيرين من الاستحمام؟))

تطلعت شيرين ناحية وليد الذي بدا وانه قد أنهى الاستحمام في الحمام الأخر.. ثم انتهبت على نظراته المتفحصة لها وهو يراها بمئزر الحمام القصير.. فتنحنحت تخبره بصوتٍ واجم

((عليك أن تختار النوم في مكان أخر في المنزل، فأنتَ تتذكر اتفاقنا! وغدا في الصباح علينا البدء في أول تدابير موضوع التبرع لوالد سهر..))

وضع وليد يديه في جيبي بنطاله القطني ودلف للداخل يقول بصوتٍ عادي

((بخصوص هذا الموضوع فأنا لدي بعض الكلام لأتحدث به معك..))

انقبض قلب شيرين وما يمهد لها وليد بكلامه لا يريحها.. ابتلعت ريقها قبل أن تسأله

((هل تقصد موضوع التبرع لوالد سهر؟ ماذا حدث؟ إياك أن تقول بأنك ستتراجع!))

تحدث وليد بنبرة عادية وكأنه يعلن عن شيء بسيط اعتيادي

((تحليلاتي لم تطابق المعايير المطلوبة فلن أستطيع من الأساس التبرع له))

امتقع وجه شيرين وكأنه أصابها بمقتل! فسألته بصوتٍ مرتجف بامتعاض

((وليد هل تظن مزاحك مضحك؟ هل ترى أن الظرف الآن مناسب للضحك بعد أن عدنا من حفل زفاف طويل ومرهق؟))

أجابها وليد مستدعيا كل قدرته التمثيلية ليدعي بحزن

((أنا لا امزح لكن تحليلاتي غير متطابقة مع والد سهر ولا يمكنني أن أتبرع له رغم رغبتي الحقيقية في ذلك))

همست شيرين بتشكك وكأنها ترفض مواجهة حقيقة بأنه خدعه بكل سهولة ودون أن يرف له جفن

((ولكن ماذا عن التقارير الطبية التي رأيتها أنا وسهر وتأكدنا من صحتها..))

زمّ وليد شفتيه يقول ببساطة

((إنها صحيحة بالفعل، لكنها تعود لرجل أخر.. استطعت بطرقي الخاصة أن أزور الاسم وادعي بأنها لي..))

هدرت من بين أسنانها بكلمات تقطر قهرا

((إذن تعترف بدم بارد الآن بأنك خدعتني!))

قال وليد وعينيه تفيضان بالتجبر والسلطة

((ليس تماما، فأنا أمضيت وقت طويل ومجهد في البحث عن أقارب سهر خاصة أن معظمهم يعيشون في الخارج، وطلبت منهم أن يجروا فحوصات معينة فانطبقت التحليلات على رجل واحد فطلبت منه أن يتبرع لوالد سهر وهو وافق مقابل بعض الخدمات مني.. بالنهاية وبالنسبة لوالد سهر أن يجد متبرع ولن يهمه هويته..))

عقدت حاجبيها بقهر دفنته خلف أسوار مقلتيها اللتين تسلحتا بالعنفوان وهي ترفع ذقنها متسائلة بسذاجة

((حسنا.. معك حق.. إذن سيتبرع ذاك الشخص متى لوالد سهر؟))

زمّ وليد شفتيه مفكرا ثم قال وهو يقترب منها

((هنا المشكلة.. لقد تراجع في أخر اللحظات، قال بانه لم يعد بحاجة لخدماتي وخائف من الخوض في غمار هذه العملية الجراحية رغم أنه لا يوجد ما يثير القلق فيها))

تجمدت شيرين وهي لا تزال على صدمتها وحدقتيها تهتزان بينما تتساءل

((ما الذي تقصده؟ لا يوجد متبرع الآن لوالد سهر؟))

هز وليد كتفيه يجيبها وهو يشرف فوقها بثقة قائلا

((لا أريد الحكم من الآن، لا زلت قادرا على ابتزاز ذاك الرجل لإجباره على التبرع.. سأحاول حقا أن تتم عملية التبرع لكن لا أعدك بذلك..))

انتفضت شيرين في مكانها واقفة تقفز لتصرخ به في جنون

((أيها الحقير منذ متى ومثل هكذا عملية تتم بالإجبار أو الابتزاز أو استغلال حاجة الناس! لا حق لك لإجبار أحد على التبرع؟ الليس عندك ذرة خوف من الله أو أن ترتد لك أعمالك عليك؟))

لم يتحرك فيه شيء بل وبكل بساطة واستفزاز لها تقدم منها وهو لا يزال يضع يديه في جيبه بينما تسمرت عيناه على عظام ترقوتها الفاتنة والتجويف اللذيذ بين عظمتيها ليقول

((لندخل في صلب الموضوع الأهم، بما أن العملية لن تتم الآن وسنكون بحاجة أن ننتظر أكثر.. أسبوع.. شهر.. شهرين.. أو ربما لا تحدث من الأساس.. فعلينا إلغاء فكرة "تأجيل علاقتنا الزوجية لما بعد العملية الجراحية: فأنا لست مستعدا للانتظار أكثر من ذلك!))

أخفضت شيرين وجهها وهي تشعر بألمٍ شديد في حلقها ثم ردت ساخرة

((هل هذا ما يشغل كل تفكيرك به؟ وهل تظن أساسا باني سأبقى معك بعد أن عرفت بخدعتك؟))

ثم تمتمت بخفوت كمن تحدث نفسها

((من الجيد أني لم أخبر والديّ سهر! سيكون أمرا فظيعا إعطاءهم أملا كاذبا مقابل اجل لا شيء..))

رفع حاجبيه يسألها بتشكيك واضح وبنبرة متلاعبة

((هل أنتِ مجنونة؟ هل ستطلبين الطلاق في نفس يوم زفافنا؟ هل تعرفين ماذا سيتحدث الناس عنا؟ اقصد عنك أنتِ؟))

شمخت شيرين بذقنها تدّعي القوة وهي تقول بصوتٍ خانها فخرج مضطربا

((في كل الأحوال لم يتبقَ شيء لم يتحدث به الناس عني منذ ما فعلته بي من الماضي، لذا لن يتغير الآن أي شيء.. الآن سأحزم أغراضي وأغادر من هنا وإذا كان فيك الخير أخبر من يسأل عن سبب طلاقنا باننا لم نتفق ولا تقرب صوب سمعتي..))

صدرت عنه ضحكة ذاهلة لا تحمل أي مرح.. ثم هز رأسه غير مصدقًا قبل أن يرفع وجهه لها وهو يقول بنبرة جليدية قاسية

((أنتَ حقا مجنونة يا شيرين، قلت لك قد أستطيع جعل الرجل يوافق للتبرع.. هو كان موافقا على التبرع وكان سيتم كل شيء.. لكن نيتك السوداء هي ما حالت دون موافقته..))

استدارت تواجهه وقد تجلدت مقلتيها لتقول بفتور

((أنا لن أثق بك مجددا أو أتأمل خيرا منك، لقد كنت تظن بأنك لو أخبرتني بعد الزواج ووضعتني تحت الأمر الواقع فأنا لن اطلب الطلاق، لكن الآن سأثبت لك زيف أوهامك.. أنا لم اعد املك في هذه الدنيا ما اخسره أيها الدنيء))

لم يجب عليها بل مضى خطوتين نحو الباب يغلقه ثم أدار القفل وعلى صوت تكته قفزت نبضة في قلب شيرين.. لكنها بقيت صامدة ونظراتها لا تنحني بإظهار ما يعتمل داخلها اللحظة..

ازدردت ريقه قبل أن تقول

((ما الذي تفكر في فعله؟))

تباطأت نظراته التي بدأت تحدق بجسدها من قمة رأسها وحتى أخمص قدميها.. ولم يجبها.. كانت نظرات عينيه في هذه اللحظة محتدمة.. مظلمة.. وراغبة.. ونهمة لتذوق حقه الذي تركه بملء أرادته في الماضي من أنوثتها الرقراقة بعد أن صُدم برسائل خطتها لرجل أخر.. غيره..

تغلبت على الخوف الرهيب الذي بدأ ينتشر داخلها لتظهر اللامبالاة والبرود وهي تأمره

((غادر يا وليد أريد أن أغير ملابسي قبل أن أرحل))

ارتسمت على شفتيه ابتسامة أسد جائع يتسلى بافتراس ضحيته على مهل وببطء جعل لعابه يسيل عليها..

لكنه تحكم بنفسه وهو يجيبها ساخرا بواقعية

((إلى أين ستذهبين يا كحيلة العينين؟ وهل عندك مأوى أخر باستثناء بيت سهر؟ لن يكون من اللائق بعدما أرحتها هي وعائلتها من حملك الثقيل أن تعودي لهم الآن بعد منتصف الليل كمفاجأة غير سارة.. عدت لهم أول مرة مطلقة من الرائد بعد أيام والآن تريدين أيضًا الطلاق مني والعودة لهم فقط بعد أيام من زواجك؟ اخجلي على نفسك ولا تثقلي عليهم أكثر من ذلك.. كم من سنة وأنتِ جالسة عندهم؟ منذ وفاة أبيك صحيح؟))

بدأ قلبها يقرع بخوف عنيف ودمعة أوشكت أن تغدر بشيرين فلم تمهل نفسها الغرق بشعور الذل والعجز لتهاجمه

((بسببك أنتَ وبسبب قضية حادث السيارة اضطررت أن اترك منزلنا القديم وأجاره المنهك واسكن عند سهر لادخر راتبي من أجل القضايا التي حرضت موكلك على رفعها عليّ ظلما وقهرا))

كان الاثنين يحدقان ببعض عن قرب شديد بينما يضيف وليد والألم المبرح يطل من عينيه

((كان هذا جزءًا من انتقامي لك، والذي بالمناسبة أفكر بأن ينتهي الآن ولا أتمادى بها كما كنت أخطط، هل تعرفين لماذا؟ لأني أنهكت وتعبت من لعبة الانتقام هذه.. أنى لي ولك أن نحظى بالسلام ونكمل بقية حياتنا بحب ووئام بعد أن اكتشف كلانا أنه لن يستطيع العيش دون الأخر))

وجدت نفسها ودون أي تفكير مسبق تقول بمقت شديد وهي تنظر في عينيه بتحدٍ

((ابتعد عني أنتِ وأحلامك وظنونك الواهمة فأنا سأغادر، حتى لو اضطررت للنوم للشارع فلن أبالي.. لن ابقَ هنا.. ابتعد من هنا فأنا سأرفع قضية خلع عليك وأتخلص منك دون أن يكون لدي عدة بما أنك لم تلمسني))

قال وملامحه تزداد قتامة ورعبا

((إذن أنا مجبر الآن على فعل ليس ما يقتضي عليك عدة وحسب بل يصعب حصولك على هذا الطلاق يا كحيلة العينين))

تسارعت أنفاسها رغمًا عنها وهي تحاول خنق الخوف منه ومما قد يفعله في هذه اللحظة وبينما يمد كفه لشعرها يجر خصله الى فمه بعنف يلثمه وهو يهمس بثمالة العشق

((الليلة أنتِ حقي، سيحدث الآن ما كان يجب أن يحدث قبل سنوات..))

*********

انتهى الفصل.


ان شاء الله كل الي بعلقوا على الفصل هذا بتعليقات مميزة كالعادة.. راح ابعت لهم تصبيرة كبيرة عن سر ماضي مازن وياسمين



Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:59 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.