آخر 10 مشاركات
رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )           »          410 - عائد من الضباب - ساندرا فيلد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          قلبي فداك (14) للكاتبة: Maggie Cox *كاملة+روبط* (الكاتـب : monaaa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-08-21, 06:34 PM   #3451

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


حبيت اقترح مرة ثانية للقارئات الجميلات روايتين بنزلوا حاليا على المنتدى ..
روايتين أجمل من ان أوصفهم من إبداع وفصاحة وقوة في اللغة والبلاغة والوصف..

الاولى هي رواية اسماء:
للعشق طريق اخر
https://www.rewity.com/forum/t483462.html



الثانية هي رواية لميس:
فجر يلوح بمشكاة
https://www.rewity.com/forum/t483083.html



وكمان رواية ثالثة نسيت اشير عنها المرة الماضية وهي رواية للكاتبة والقارئة المتميزة مهضومة..

الرواية باللهجة البحرينية لكل محبي الروايات الخليجية

https://www.rewity.com/forum/t474149.html



*******


الفصل التاسع عشر

شركة القاني..
قبل الغروب..
كان هذا اليوم مختلفا قليلا عن باقي أيام العمل وقد كان هناك زيارة مفاجئة من المدير التنفيذي لشركات القاني إلى فرعهم القابع في هذه المدينة لتفقدهم..
جال المدير التنفيذي للشركة بمختلف أقسامها ولأن القسم الذي كانت تعمل شيرين به كان آخر ما دخله المدير التنفيذي مع حاشيته اضطرت أن تُؤخر شيرين عودتها..
حزمت شيرين أمتعتها وقبل أن تغادر وقفت عند النافذة تتطلع للسماء قبيل الغروب والتي بدت في هذه اللحظة رائعة بمشهد خلاب وهي تتلألأ بالألوان البرونزية المتألقة مكتسحة أجواء المكتب ذو الجدران الزجاجية لترمي بأشعتها اللامعة على ملامح وجهها فتبدو بشرتها بإضاءة ذهبية..
جفلت شيرين على صوت إحدى زميلاتها وهي تدلف للداخل قائلة
((لقد غادر المدير التنفيذي فارس القاني المبنى أخيرا، استطاعت جميع أقسام فرعنا هذا أن تعطيه انطباعا جيدا بحمد الله.. خاصة قسمنا فهو أكبر قسم في هذه الشركة))
ربتت الزميلة فوق كتف شيرين تقول مشيدة
((عليكِ أن تكوني فخورة بنفسك اليوم فقد أبليت كمشرفة لهذا القسم بلاءً حسنا أمام زيارته التفقدية رغم أنها كانت فُجائية))
ابتسمت شيرين بشحوب رغم الحزن اللامع في عينيها متمتمه
((أنا كذلك بالفعل..))
تدخل معتز يقاطع حديثهما وهو يقف عند باب المكتب
((ألم تنتهي ساعات عملكن أيتها السيدتين؟ خاصة أنتِ يا شيرين فلا زلت عروسا))
كانت تهم شيرين بقول شيء عندما قالت زميلتها شاهقة وهي تشير بسبابتها عبر زجاج النافذة
((انظروا ها هو السيد فارس القاني يغادر الشركة))
تمتمت شيرين ونظرها مصوب نحو المدير التنفيذي الذي يخرج من الشركة نحو سيارته
((هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها المدير التنفيذي لشركات القاني فهو لا يأتي لهذا الفرع إلا نادرا خلال أيام السنة، لكن من يراه لا يقدر أن ينكر بأنه صاحب كاريزما عالية ورجل مثير للإعجاب..))
خرجت آخر الكلمات من شيرين بطيئة خافتة قبل أن تبترها وهي تضيق عينيها نحو الرجل الذي يستقل المقعد الأمامي في السيارة لتشهق عاليا وتقول جاحظة العينين
((يا إلهي.. هل هذا قصي؟))
ناظرتها زميلتها باستغراب متسائلة
((قصي من؟))
كان لازال نظر شيرين مصوب نحوه والدهشة تلفها أكثر وأكثر مُرددة
((أوه إنه قصي سامح.. ماذا يفعل بسيارة المدير التنفيذي ولماذا يجلس وراء المقود!؟))
التفتت نحو معتز تدعوه للوقوف بجانبها وهي تقول
((معتز تعال أليس هذا قصي سامح؟))
اقترب معتز من النافذة وهو يقول ببساطة
((نعم إنه قصي من يقود السيارة..))
ثم التفت نحو شيرين يقول منبها
((بالمناسبة يا شيرين، لقد جاء مدير القسم وأمرني أن أعطي "مُغادرة ساعتين" لقصي سامح ليقود سيارة المدير التنفيذي بعد أن شعر سائقه بالإعياء فجأة، فقصي كان يعمل سائقًا خاصًا للسيد فارس القاني قبل أن يتوسط له ويجعله يعمل هنا في شركته))
تطلعت شيرين بمعتز وقالت متعجبة بغير تصديق
((رباه! هل كان قصي ذاك الأبله يعمل سائقا خاصا للمدير التنفيذي لشركة القاني يا معتز!؟ أمر لا يصدق حقا!))
هزَّ معتز كتفيه يقول ببساطة
((نعم وأنا مثلك صُدمت كثيرًا بمعرفة هذا الأمر، لا بد أنه عندما كان يعمل سائقا لديه كان يأخذ راتبا أعلى من راتبه الحالي كموظف عادي بائس هنا))
التفتت زميلة شيرين لها تسألها بشيء من الرٌّيبة
((إذن هل علينا يا شيرين أن نُعامل قصي معاملة خاصة ومختلفة عن غيره من الموظفين هنا بعد معرفتنا بهذا الأمر؟))
ازدردت شيرين ريقها بارتباك ثم قالت بلامبالاة مزيفة
((بالتأكيد لا.. لم قد نغير معاملتنا له؟ لقد كان مجرد سائق.. لو كان شخصا مهما للسيد فارس القاني لما جعله موظف عادي في خدمة العملاء لما يقارب الثلاث سنوات بدون أٌيٌّ ترقية..))
وافقتها زميلتها بشيء من التردد
((معك حق.. ثم لم يسبق وأن طلب أحد أصحاب المناصب الكبيرة في الشركة منا نحن المسؤولين عن هذا القسم أن نتعامل معه بحذر، لا داعي لنخاف منه))
هزُّ معتز رأسه وقال بعينين شاردتين بالتفكير
((معكنًّ حق لا أظن أن علينا القلق منه، ثم لو كان له معزة عند السيد فارس القاني لما جعله يعمل هنا))
عادت شيرين تنظر من خلال الزجاج بشرود لتتمتم بتحسر
((كم هم محظوظين أبناء الأثرياء ومن ولدوا وفي أفواههم ملعقة من ذهب))
ضحكت زميلتها بخفوت عليها لكن بعد ذلك أشارت لها أن تسير معها ليغادرن المكان..
عندما خرجن من مبنى الشركة التفتت شيرين لمعتز متسائلة باستغراب
((هل حان وقت مغادرتك يا معتز!؟ فعلى حد علمي الرجال في قسمنا معظمهم يأخذون نوبات مسائية..))
ظل معتز يسير معهن نحو إحدى الساحات التي يركن الموظفين سياراتهم بها وهو يجيب
((فعلا لم تنتهِ ساعات عملي بعد لكن أريد أن أضع أغراض قصي في سيارته، أعطاني مفتاح سيارته وطلب مني ذلك قبل أن يذهب لقيادة سيارة المدير التنفيذي..))
عندما وصل معتز للسيارة التي طابقت الوصف الذي قاله قصي له أخرج المفتاح فتساءلت شيرين بتعجب وذهول
((هل يعقل أن تكون هذه سيارة قصي!؟ فهي حديثة جدًّا.. وتبدو باهظة الثمن))
أومأ معتز بالإيجاب وهو يفتح باب السيارة
((نعم هذه هي سيارته لقد أخبرني أين يركنها بالعادة.. انظري لقد فُتحت بمفتاحه..))
تجهمت ملامح شيرين وبقيت واقفة أمام السيارة تتفحصها فلكزتها زميلتها التي استغربت تحديقها
((ما بك يا شيرين؟))
قالت شيرين وهي تتفحص السيارة
((إنها سيارة حقا فريدة من نوعها.. أذكر بأني سبق ورأيتها.. ولكن أين.. أين رأيتها؟))
أغمضت شيرين عينيها تعتصر ذاكرتها بمحاولة تذكر أين رأت هذه السيارة الفريدة من نوعها قبل هذه المرة..
فتحت عينيها شاهقة..
نعم لقد تذكرت!
هذه السيارة هي نفس سيارة خطيب سهر التي جاءت بها عندما كانت تقطن في الفندق الذي حجزه معاذ لها..
لا يمكن أن تخطأ ففي ذلك اليوم ارتطمت بها من الخلف ثم قامت بتفحص كل جزء منها خوفا من أن تكون قد تسببت بأي أضرار جسيمة..
ازدردت شيرين ريقها وهي تسير إلى السيارة من الخلف حيث تسببت لها هناك بعدة صدمات..
لكن سرعان ما لفتها حيرة أكبر وهي تجد أن السيارة سليمة تماما من الخلف وخالية من أي خدش..
هل يمكن أن تكون سيارة مختلفة أم أن صاحب السيارة قام بإصلاح الضرر!
شردت شيرين بنظرها قليلا مُفكرة قبل أن ترفع يدها وتضرب جبينها شاعرة بالغباء..
أفكار غبية تلك التي تدور في عقلها..
فما دخل قصي خطيب سهر بقصي سامح هذا الأبله الذي يعمل بالشركة!
أساسا وماذا فيها لو امتلك الاثنين نفس نوع السيارة ولونها!


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:34 PM   #3452

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي



كانت نورين تجلس على الأريكة في الصالة ترفع هاتفها تتبادل الحديث مع والدتها عندما سألتها بفرحة لها
((إذن هل اتفقتم على أن تبقوا هنا في هذا البيت لوحدكما بعيدا عن بيت العائلة؟))
أكدت لها نورين بهدوء قائلة
((نعم يا أمي، من جهة ورغم أن معظم أفراد عائلته لطيفين معي إلا أنى شعرت بالراحة لانفرادي في بيت وحدي خاص بي، لكن هناك أمور أصعب من أن أشرحها تؤرقني هنا..))
بترت نورين كلامها وهي تجفل على صوت فتح الباب فقالت هاتفة بصوتٍ عال
((لقد جاء مصعب.. تعال إلى هنا يا مصعب))
تسٌّمر مصعب مكانه وهو يتطلع ببلاهة عليها كيف تلوح له من مكانها بابتسامة ليجلس بجانبها.. كأنهما ليسا متخاصمان منذ أيام!
حتى انتبه بأنها تمسك الهاتف تتحدث بمكالمة فيديو..
تقدم بهدوء منها متسائلا
((مع من تتحدثين؟))
تطلعت له بابتسامة مبتهجة وقالت وهي تمسك ذراعه تشده إليها ليظهر بالصورة
((أمي.. إنها تريد الحديث معك قليلا))
تطلع مصعب بالشاشة ليشعر بشيء من الحرج أمام والدتها.. فتلعثم وتعثر قائلًا
((أهلا يا عمة.. كيف حالك؟))
لمعت عينا والدة نورين بالامتنان وهي تغدقه بالترحيبات ثم هدرت
((أنا بخير، أنتَ كيف حالك بني؟))
هز رأسه بتهذيب يتمتم بخفوت كلمات الحمد.. فتابعت ريحانة تقول بمشاعر صادقة وعاطفة
((أنا أدعو لك دائما بالصحة والعافية أنتِ وابنتي..))
أمسكت كف نورين يد مصعب تشد عليها بامتنان فرفع مصعب ذراعه يحيط بكتفها بمساندة بينما يرد بابتسامة رجولية خلابة لوالدة نورين
((شكرا لمشاعرك ودعواتك الطيبة))
تسللت راحة عجيبة واطمئنان لصدر ريحانة مثل كل مرة تتحدث مع زوج ابنتها بالهاتف وترى وجهه السمح الهادئ وكلامه الراكز الكيًّس.. فتمادت هذه المرة في طلبها وقالت بما يبطنه الرجاء
((كم أتمنى فقط لو تنورونا في زيارة لبيتنا أنتما الاثنين، سأكون ممتنة جدًّا لك لو حصل ذلك))
قاطعتها نورين تقول بلهجة مشددة وكأنها تحذرها في الضغط أكثر على مصعب
((أمي ما هذا الذي تقولينه، كيف تطلبين من مصعب زيارتكم معي؟ يكفي حديثنا عن طريق الهاتف هنا))
تلبكت ريحانة ونكست رأسها مكسورة الخاطر ثم ازدردت ريقها لتقول متذرعة
((معك حق.. سأغلق المكالمة الآن.. أخاك يريدني بشيء.. إلى اللقاء حبيبتي))
تنهدت نورين بعد هذه المكالمة بحزن وصمتت للحظات قبل أن تتذكر كيف تحيط ذراع مصعب بها بحميمة..
فقامت برمي ذراعه عنها بطريقة تعمدت أن تكون مهينة..
ثم وضعت هاتفها في جيب قميصها المنزلي قائلة بنظرة صلف
((لقد أغلقت أمي.. لا داعي الآن لنتصرف بود مزيف؟))
تجهمت ملامحه وقال مستنكرا بخشونة
((هل تمازحيني الآن يا نورين!؟))
نظرة تكذيب ساخرة أطلّت من عينيها وهي تقف من مكانها قائلة بكلام صريح
((لا أمازحك.. أنا لا أستطيع التصرف كأنني بخير معك ولا أعاني أي شيء طالما لا أشعر معك بالأمان، فأنت لا زلت ترفض الحديث عن الموضوع الذي أريد التحدث عنه وترفض أن تكون صادقا أو صريحا معي بخصوص المشاعر التي تكنها لي))
وقف مصعب هو الآخر من مكانه يواجهها القول رادا بلهجة حازمة
((نعم ولن أغير رأيي فأنا لا أحب التحدث بأي شيء يتعلق بماضيي مع رشا التي لا يربطني بها إلا نفس الدم والعائلة وهو نفس ما يجبرني ألا أتخلى عن مسؤوليتها وأكون متواجدا عندما تحتاجني.. ما أملكه لك هو وعد بأن أكون حريصا ألا أفعل أي شيء يقلل من احترامك أو يسيء لك))
عينا نورين لم تفارقا عينيه.. لم تكن تتحداه.. بل بدت وكأنها تستشف صدقه لتقول بنبرة يلفها الانكسار والتوسل
((هل أنتَ صادق حقا؟ هل يمكنني أن أثق في كلامك؟))
أجابها بهدوء متأصل فيه
((هذا الأمر راجع لك.. من جهتي لم يسبق وأن فعلت ما يسيء لك بشهادتك ولن يتغير موقفي مستقبلا.. كل ما أطلبه منك أن تحترمي رغبتي بعدم فتح ماضَّي مع ابنة عمي والمرأة التي انفصلت عنها ولا تكيلي اتهامات غير منصفة بحقي))
طالعها وهي تطرق بنظراتها للأرض كأنها خجلة أو نادمة لموقفها منه...ثم قال لها بصوتٍ خال التعابير قبل أن يغادر المكان
((طابت ليلتك.. يا نورين))
أغمضت نورين عينيها اللتان تفيضان حزنًا ثم استدارت تمضي نحو الغرفة التي تنام فيها لتخلد للنوم قبل أن يعييها الحزن والألم القابعين في داخلها..
بقيت لساعات على فراشها تتقلب فيما دموعها تنهمر في الظلام وجوانحها تضج من فرط الحنين..
هل ردة فعلها متطرفة؟ لكنها حتى الآن ليست متأكدة أنه يحبها.. هي ليست مهتمة جدًّا بطلب الحب منه وتوسله فما بداخلها من حب يكفي كلاهما ويكفي لإنجاح هذا الزواج..
لكنها تخشى أن يحمل بقلبه حبًا لأخرى يجبره يوما على الرحيل عنها أو أذية قلبها الذي لن يتحمل منه أمرًا كهذا!
بعد أن صنع لها كرامة بين أهله وعزها ومنع أي أحد أن يتجرأ عليها.. حتى والدته.. لن تستطيع بعد كل هذا أن تتنازل وترتضي أنصاف مشاعر وردود أفعال لغيرة محتملة..
فهي امرأة تغار وبشدة..
إن لم يستطع أن يراها امرأته الوحيدة فلن تستطيع أن تتشاركه مع امرأة أخرى تحمل هذه المكانة عنده.. لن تستطيع.. وقلبها لن يتحمل أن تشاركها امرأة في قلب زوجها ويكون لها ما لها هي فيه..
لكن.. هل أخطأت بالثورة التي قامت بها هجرانها إياه ليلا وجفائها معه نهارا!
هو لا يظهر أي لين بأنه قد يبوح لها بأسرار ماضيه وحقيقة مشاعره وما ينتويه مستقبلا!
أطلقت نفسا مرتجفا تستمر بالتفكير..
الآن لا خيار لها إلا أن تعود كما السابق معه وتثق بكلامه.. خاصة وأن ليس له سوابق في الغدر أو الخداع معها أو مع غيرها!
شعرت نورين برغبة مضنية في العودة من تلقاء نفسها والاندساس بجانبه على السرير بدون أي مقدمات كأنه
لم يحدث شيء بينهما..
هزت نورين رأسها نافية بعنف.. سيكون من المهين لها أن تعود من تلقاء نفسها له وهي التي بدأت الأمر برمته وهو من أسمعها كلاما جارحا ليس من السهل أن تنساه!
عليه هو أن يعتذر أولا أو يصالحها..
تنهدت ببؤس ولوعة..
هي مشتاقة له والحنين الكبير والشوق العارم بداخلها ينقضان عليها!
مرت دقائق أخرى قبل أن تزيح الغطاء من فوقها وتعتدل جالسة تحسم الصراع المحتدم في داخلها وتقرر أن تذهب إليه..
اقتربت من باب غرفة نومه وكلها رهبة..
ازدردت ريقها قبل أن تفتح الباب دون أن تطرقه..
كان الظلام الحالك يعمّ المكان لكن شعرت بتململه على السرير دليل عدم نومه!
تماسكت وتصرفت كما لو أنها لم تشعر به أو بحركته وتابعت تتقدم نحو السرير..
سحبت الغطاء ثم اندست داخله..
لم يحرك مصعب ساكنا مكانه فلم ترى نظراته الذاهلة والغير مصدقة لما فعلته..
نعم هو لم يكن يعرف كيف ستكون نهاية هذا الشجار والخصام الذي حصل بينهما.. لكن أبدًا.. أبدًا.. لم يتوقع أن تعود هكذا بهذه البساطة!
بقي على حاله لدقائق قبل أن يعطيها ظهره ويسترخي مكانه.. فتجمعت الدموع في عيني نورين بألم وقهر عارم.. وفتحت شفتيها تقول بصوتٍ متحشرج.. خافت
((لقد اشتقت لك.. جدًّا))
مرت ثانية.. دقيقة.. دقيقة ونصف..
ثم ضمّت شفتيها وأغمضت عينيها تمنع دموعها الحارقة من السقوط..
تقطع قلبها على حالها فقد تمادت في إذلال نفسها والنيل من كرامتها ولم تجد منه حتى تجاوبا..
فما كان منها إلا أن ملأت رئتيها بالهواء وزفرته في محاولة يائسة للسيطرة على مشاعرها وانفعالاتها البائسة..
الآن ماذا لو فهم أن عودتها للنوم في نفس الغرفة تعني موافقتها أن يظل غامضا ويستمر في إخفاء ماضيه عنها!
كانت تغرق في جلد ذاتها على ما فعلته ندما وقهرا عندما شهقت بصدمة ما إن شعرت به يجذبها من ذراعها إلى حضنه ثم يغمرها بين ذراعيه.. يحتجزها بين ضلوعه حتى توجعت عظامها..
وهي استنزفت آخر ذرات ذخيرة صبرها لتدفن نفسها في عنقه بقوة..
أبعد وجهه بعد لحظات قليلا عنها يطالعها من خلال انعكاس ضوء القمر الخافت الذي يمر من خلال النافذة على وجهها.. عيناه تخترقان عينيها اللامعتين كأنه يتخذها بوابة فيعبر منها إلى عمق روحها.. ثم قال بصوتٍ أجش فيه بحة
((إيُّاك أن تفعليها وتبتعدي عني مرة أخرى، مهما حدث بيننا))
ارتعشت شفتاها وهي تهمس بألم
((لن أفعلها مجددا.. أبدًا))
تدفقت دموعها فسارعت تدس وجهها في عنقه وتطبق عليه بذراعيها محتضنة إياه بشدة من فرط توقها واشتياقها له.. ودفء صدره يتسلل عبر الحرير لجسدها..
هدأت أنفاسها واطمأنت روحه قبل روحها من قربها فرفع يده يمسح على ظهرها.. منتشي بما تظهره من عواطف تمحي كل ليلة تلوع فيها من حرمان أُرغم عليه..
وطوال الليل لم تنم نورين جيدا أو بعمق.. فكانت كل وقت وآخر تشدد من احتضانها له وتغمر أنفها فيه تنعم بعبير عطره العبق الممزوج برائحته الرجولية.. التي تشعرها بالوطن.. بالانتماء.. وتجبر كل ما فيها على الاسترخاء..
حتى تذمر وقال أخيرا
((اهدئي يا عفريتة واسكني في نومك أريد النوم فقد تعبت اليوم في المشفى في عمل استمر لأكثر من إثني عشرة ساعة))
ضحكت بخفوت وهي تحتضنه أكثر هامسة
((مصعب.. أنا أفكر في الانتقال من غرفتي تلك.. إنها ضيقة ومزعجة وليس هناك تلفاز أو مكان لشاحن هاتفي قريب من السرير))
ابتسمت وهمست باسمه فهمهم لها دون كلمة لتقول مقترحة وهي ترفع يدها تداعب ذقنه
((إذن ما رأيك أن أنتقل مع أمتعتي إلى هذه الغرفة!))
لم يبتسم على غنجها المتعمد بل قطب حاجبيه ثم قال بعد لحظات ادعاءً للتفكير
((أدعمك في هذه الخطوة وأنصحك بهذه الغرفة بشدة))
رفعت حاجبيها تسأله بمكر محبب
((لماذا تنصحني فيها بشدة؟))
شدد من احتضانها مجيبا إياها
((إيجارها مجاني.. واسعة المساحة.. السرير في داخلها كبير ومريح.. وأهم من ذلك فيها رجل ينتظرك كل ليلة..))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:35 PM   #3453

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

منزل وليد..
جلس وليد على كرسيه الوثير يتصفح بعض الأوراق بتركيز شديد.. عيناه القاتمتان تعملان بآلية مفرطة وأنامله الممسكة بقلمه تخط بسرعة..
مدَّ كفه يضع حفنة من الأوراق في إحدى الجوارير قبل أن يغادر مكتبه ويتجه نحو غرفة النوم.. فتح الباب يدلف للداخل هادرا
((كيف حالك يا كحيلة العينين؟))
لم ترد شيرين المتمددة فوق السرير بل أغمضت عينيها وأعطته ظهرها..
فرفع حاجبيه بتلاعب رغم إنهاك وجهه وهو يقول
((الناس ترد السلام عندما يُلقى يا كحيلة العينين! فما خطبك الآن!؟))
ردت بصوتٍ شديد الوجوم
((لا سلام ولا كلام معك..))
ظل يخطو حتى وصل عندها وجلس على طرف السرير من جهتها يقول وزاوية ثغره تميل بابتسامة
((ما بادرة التمرد هذه؟ لقد ظننت أن الفترة السابقة كانت كفيلة بقمعها من جذوتها!))
رفعت شيرين التي لا زالت مستلقية عينيها اللتان تطلقان الشرر عليه دون أن ترد..
عمّ الصمت بينهما لدقائق قبل أن تطل فجأة تلك النظرة الجارفة الحارة في عينيه..
دبّ خوف أكبر في شيرين وهي تدرك ما الذي يريده الآن..
فعيناه بدتا مخيفتان.. وهيئته كأنه أسد جائع لم يأكل شيء منذ أيام بينما فريسته تجلس أمامه..
انحني برأسه يدس وجهه في تجويف عنقها يتشبع من عبقها..
ثم شعرت بشفتيه عند رقبتها وهو يهمس لها بحرقة
((أنا أشتاق لقربك مجددا حد الموت يا شيرين))
أطبقت على أسنانها وأغمضت عينيها وهي تقول بقهر مكتوم
((إذن تصرف كأنك رجل ملتاع بالاشتياق وصاحب كلامك أفعال يا وليد))
ظل على حالة النشوان الغارق بها وهو يسألها
((ما هي الأفعال التي تريدين مني فعلها؟))
لم تجبه وتحملت قربه خائفة من عقابه فكل ما فعله سابقا ولّد في نفسها رهبة منه..
لذا فكرت بأن عليها أن تسمح له أن يفعل ما يريد.. فهي على كل حال قريبة جدًّا من التحرر منه..
استسلمت بارتعاش له تقبلت لمساته رغم تصلبها وملامحها كانت أبأس ما يكون..
لم تذرف دمعة واحدة كأن دموعها نض
بت لتتحول واحة أحاسيسها الى صحراء قاحلة..
مرّ الوقت عليهما.. دقيقة أولى.. ثانية.. وثالثة..
ورغما عنها لم تقدر على التحمل أكثر فانفجرت صارخة وهي تبعده بقوة عنها
((ابتعد.. ابتعد.. بتُ أشمئز من قربك.. تبا لك ولي لأني وافقت على الزواج منك.. أنا أكرهك.. ولو عاد الزمن لم أكن لأقبل أن أتزوج منك))
اعتدلت جالسة على السرير وقلبها يرتفع ويهبط.. فاختفت التعابير من وجهه وهو يقول لها
((عليك يا كحيلة العينين أن تستسلمي لي فأنتِ تعرفين بأنك لن تتخلصي مني))
عصرت قبضتيها تحاول لجم غضبها الذي يتصاعد بجوفها قبل أن تلقي كلماتها عليه
((بل سأفعل فزواجنا كله كان قائما على الخداع، أنتَ خدعتني ونقضت العهد الذي كان بيننا))
رد عليها بصوتٍ هامس حار يتعمد إيلامها كما تؤلمه بكلماتها
((لن أسمح لك أن تتحرري مني قبل أن أمل منك أنا وأتوقف عن حبك.. وقتها فقط سألقيكِ كالخرقة البالية))
قرر كالعادة أن يأخذها رغما عنها مُبررا لنفسه بأنها لو تعلم بماهية أحاسيسه وعاطفته الحقيقية تجاهه ستعذره..
شعر باستمرار تصلبها فمرّ في عينيه نظرة إشفاق وألم بدَّدَ بعض الجمود والقساوة على محياه لكنه أصر على ما يريد الإقدام عليه..
بدأ يلثمها ويبثها حبه وشوقه..
وبينما هو يرتفع في مقامات الشوق والرغبة.. كانت هي تغرق في مشاعر ذُل وعجز..
وبينما هو يطير ويحلق.. كانت هي تهوي..
أغمضت شيرين عينيها وازداد جسدها تصلبا تحت وطأة لمساته لكنها بقيت مستسلمة له..
عليها أن تستمر في مسايرته فلم يبقَ الكثير قبل أن تستطيع التخلص منه في حياتها..
ظل مستمرا فيما يقوم بها حتى بدأ العرق البارد يتصبب منها إلى الحد الذي التصقت منامتها القطنية بجسدها..
فتحت شيرين فمها بتأوه خافت فربط هو أنينها بنشوتها.. وأثاره الأمر ليستمر فيما يفعله أكثر..
قبل أن يشعر ويدرك أخيرا بأن جسدها يرتجف وهذه الرجفة.. ليست طبيعية..
ازدرد ريقه عندما توقفت فجأة عن الرجفان.. وببطء اقترب إلى نبضها ليجد أنه خافت..
رفع وجهه بخوف ليرى عينيها زائغتين.. وجهها شاحب.. بشرتها شفافة.. شفتيها مُزرقتين جافتين.. صدرها بالكاد يتحرك..
لامس بكفه وجهها ليجده باردا كالثلج..
انتفض فجأة مُفلتا إياها لتتهاوى أمامه على ظهرها وكأنما قد فارقت الحياة..
ظل يطالعها بذهول منقطع الأنفاس.. لا يعرف كيف يتصرف..
قبل أن يَهتدي ويسارع إلى رفع ساقيها على المسند..
حررها من ملابسها الضيقة وقفز إلى منضدة الزينة يأخذ زجاجة عطر ذو رائحة نفاذة قوية ورش القلق على يده التي قربها من انفها..
تململت شيرين مكانها قبل أن تشهق بخفوت وما إن لاحظت حالها حتى سارعت بضم ملابسها لها تخفي عُريها عن عينيه هامسة بيأس وعذاب
((ابتعد عني))
تراخت أعصاب وليد المُنهارة وتنفس الصعداء وهو يرى ألوان الحياة تعود لوجهها..
بيدين مرتجفتين تناول شاف الماء وسكب القليل على كفه المضمومة ثم مسحه برقة على وجهها.. عنقها.. وشعرها.. بينما هي تهمس له بأس صوتها المرتجف
((توقف أرجوك وابتعد عني..))
تنهد وليد بإنهاك ثم جلس بجانبها يبحث عن نبضها ليجد أن قوته قد عادت إليه بعض الشيء.. فأصدر نفسا مرتجفا مرتاحا..
عاودت شيرين التأوه بأنين أشد وتقول بصوتٍ خافت معذب
((أرجوك ابتعد عني واتركني))
قال لها بصوتٍ متهدج من كمية الرعب الذي عاشه قبل قليل
((أرجوكِ أنتِ يا شيرين اهدئي وخدي عدة أنفاس عميقة))
تجمدت نظراتها تطلع له ليعاود القول برجاء مُلّح وعينين متألمتين غارقتين بذنبه
((أرجوك تنفسي بعمق وحسب، لن افعل إلا ما تريدينه لكن تنفسي جيدا))
ظل يُصر عليها برفق مما جعلها تستجيب له وتأخذ عدة انقاس عميقة..
بدأت المزيد من الألوان تعود إلى وجهها مما جعله يغمض عينيه ويتمتم بكلمات الحمد لله..
لكن شيرين أجهشت بالبكاء..
فأحاط بذراعيه جسدها وقربها منه هامسا بصوتٍ متحشرج مكسور
((اقسم لك من هذه اللحظة بأني لن أقربك قبل أخذ موافقتك، لكن لا تفعليها مجددا وتخفيني عليك، قلبي لن يتحمل وستتوقف نبضاته))
تلوت شفتا شيرين المرتجفين بسخرية وكأن ما حدث قبل قليل حدث بإرادتها!
قبلها وليد بعمق على جانب رأسها قبل أن يشد من ضمها له بقوة وغضب عارم يتصاعد من أعماقه من نفسه..
عليه ألا يفعلها مجددا إذا أراد ألا يتكرر شيء كهذا مجددا..
ثم هو قد تعب مِمَّا يقوم به أكثر منها ويريد الآن زواجا طبيعيا معها..
لا ينكر بأنه هو من بدأ كل شيء بهذه الطريقة..
ولكنه فعل ذلك لأنه أراد أن يكسرها.. أراد أن تدرك بأن ليس هو من يُقال له "لا"..
فقد مضى عهد الحب والحنان الذي كان بينهما قبل سنوات..
وشيرين بعد كل هذا لم تعد نفس الفتاة الناعمة التي أحبها في الماضي بل أضحت فرسا جامحة ولزام عليه أن يجيد تركيب اللجام من حولها لترويضها..
لكن الآن لم يعد يستهوي ما يفعله.. لم يعد راضيا عما يأخذه منها..
يريد خضوعها بشكل كامل وغير مشروط.. يريد منها أن تصرخ باسمه عاليا وهي بين أحضانه.. يريد منها أن تبادله استعار مشاعره وعواطفه المتقدة..
سئم وملّ من تقاذف الإهانات بينهما بما يجعلها تكرهه أكثر..
شعر وليد بها تحاول الابتعاد منه بقوة فتركها مستسلما لإرادتها وابتعادها عنه..
ازدرد وليد ريقه عندما أعطته ظهرها وانكمشت على نفسها..
ووجد نفسه لا يستطيع البقاء بعيدا عنها أكثر فاقترب منها..
احتضنها من الخلف فأغمضت شيرين عينيها تقول بصوتٍ مستنزف
((دعني وليد.. أرجوك.. أنسيت قسمك قبل ثوانٍ؟))
قاطعها برقة يشدد من ضمها لصدره
((أريد أن أحتضنك وحسب))
ارتجف جسدها إثر ما يفعله ثم سألته بصوتٍ محتقن
((لماذا تفعل بي كل هذا يا وليد؟ ألم يكفك ما فعلته بي طوال السنوات الماضية؟))
أجابها بتلقائية بصوتٍ متهدج
((لأني أحبك))
سألته مختنقة العبرة
((هل تعذب أحد لمجرد أنك تحبه؟))
بلع ريقه يجيبها بتهدج
((قلبي احترق على ما فعلته في الماضي ولا زال كذلك، لكن ما حيلتي يا كحيلة العينين وحبك في قلبي كان يزيد يوما بعد يوم حتى أكاد أشبه المجانين.. لا تعرفين كم أفزعني طوال السنوات الماضية أن أظل أسيرا لك حتى بعد ما أخرجتك من حياتي.. كان عليّ أن أعيدك لحياتي حتى لا أفقد آخر ما تبقى من ذرات عقلي..))
تنهدت شيرين.. وكم بدت ‏مؤلِمه جدًا تلك التنهيدة التي كتمت فيها ألمها المبرح لتقول بصوتها المختنق
((لكن أنا لا أريدك أن تعود لحياتي فهناك أمور لا تغتفر يا وليد، بسببك قلبي انطفأ للأبد ولن يعود كما كان مهما حاولت أنا.. أو أنتَ..))
أكد عليها بإصرار صوته الهامس
((بل سيعود كما كان وأكثر توهجا فثقي بي.. المهم ألا تغربيني من حياتك يا وطني.. يا منفاي.. سأعترف لك أخيرا بأني كنت مشاركا في الخطأ عندما صببت اهتمامي في الماضي على فتاة غيرك وعندما انفصلت عنك.. لكن ها هو العمر أمامنا لأعوضك كما تريدين))
تجمدت ملامحها الخالية من أي معلم حياة وقست نبرتها وهي تقول
((صدقني يا وليد لا شيء ستفعله قد يهدئ روحي الملتاعة بسببك، خاصة أني حتى هذه اللحظة أعاني من نتاج انتقامك المجحف بي.. إذا امتلكت القدرة على العودة إلى حياتي رغما عني فلن تملك قدرة إعادة الزمن والتراجع عن كل ما فعلته بي.. مهما فعلت ومهما قدمت فلن يكون كافيا لتغلغل السعادة والرضا التامين في داخلي..))
حاولت أن تقاومه وتحرر نفسها عنه فتراخت ذراعيه..
جلست شيرين مكانها وهي تكمل بصوتٍ فاتر أجوف
((الآن رجاء غادر من هنا أو سأفعل أنا))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:36 PM   #3454

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في المطبخ الواسع..
دلفت رتيل للداخل لتقول باستغراب لسمية المنشغلة بتنسيق قوارير الزرع الموضوعة عند النافذة
((ألم تطلب منك الحاجة زاهية أن تتوقفي عن عملك هذا!؟))
جفلت سمية على صوت رتيل لكن سرعان ما رسمت لها ابتسامة رقيقة وهي تقول
((نعم لقد توقفت بالفعل، كنت فقط أسقي الزهور هذه..))
تمتمت رتيل وهي تخرج دله
((هل تحبين أن تحتسي معي القهوة؟))
جلست سمية عند الطاولة تقول بامتنان
((شكرا لك، سأحب ذلك))
بمجرد أن أنهتها رتيل وسكبت القهوة في فنجان سمية حتى تساءلت بفضول
((إذن هل حددتم يوم عقد القران؟))
ظهر شيء من التردد على سمية وهي تجيب بخفوت
((لا ليس بعد.. بل حتى هذه اللحظة أشعر بالتردد والتشتت إذا ما كان يجب أن يتم الزواج أو لا، قلبي يريد لكن عقلي يستمر بتحذيري..))
رفعت رتيل حاجبيها وهي تسألها
((لكن لماذا؟))
هزت سمية إحدى كتفيها تقول بوهن
((أخشى أن يتكرر عند زواجي من مالك ما حدث أثناء زواجي الأول))
هتفت رتيل باستهجان
((تخشين؟ إياكِ أن تقولي بأنك لا زلت تحبين زوجك الأول؟
الحب ليس للأول.. الحب للأفضل حتى لو كان عاشرًا))
لم تستطع سمية كتم ضحكتها على كلام رتيل، ثم أخرجت نفسا عميقا قبل أن تقول بصراحة
((لم أقصد هذا.. بل كل ما في الأمر أنا أخشى من الارتباط بشكل عام بسبب كل ما مررت به سابقا مع زوجي السابق.. أنا لن أتحمل الخروج من علاقة أخرى مستنزفة ومدمرة.. أخاف أن يكون مالك رغم كل ما يبدو عليه من مثالية لا يناسبني وأظل بقية عمري أدفع ثمن اختياري))
تكدرت ملامح رتيل وانعقد حاجباها بشدة وهي تهتف عاليا موبخه
((أوه.. أوه.. أوه كم أنتِ نكدية.. النكد مزروع بداخلك.. بل أنتِ مصنوعة من حب تكدير الذات.. عيشي حياتك يا امرأة بشكل صحيح وبدون خوف أو شك فالحياة لا تجري بهذا الشكل البائس.. وحذرك وخوفك حتى لو كان مبررا فهو سيفقد حياتك لونها.. على الإنسان أن يستمتع ويغامر ويجرب ويحب قبل أن يمضي العمر ولا يبقى منه شيء))
ثم تمتمت رتيل بخفوت وامتعاض
((سيكون مالك مرضي الوالدين لو لم يتزوج منك فأنتِ تفكرين وتتصرفين كعجوز متشائمة على حافة القبر وستنغصين عليه حياته))
اعترفت سمية مستسلمة ((معك حق))
زمّت رتيل شفتيها ثم قالت متسائلة بعد لحظات
((سمية.. أخبريني.. أنتِ تحبين مالك.. صحيح؟))
رفعت سمية عينيها باستغراب لها ثم شردت بهما بتفكير قبل أن تقول بعفوية
((الحقيقة.. ومنذ سنوات طويلة أحس معه بالحماية والأمان.. أراه رجلًا متحمِّلًا للمسؤوليَّة.. حنونٌ جدًّا مع يزيد.. كاملَ الرجولة..))
كانت سمية أثناء تعدادها صفات مالك تبتسم دون أن تعي على نفسها فقالت لها رتيل تبادلها نفس الابتسامة الحلوة مؤكدة
((لو سألتني مِن البداية كنت لأقول لك اتبعي قلبك وتزوجي منه دون أي تردد))
تصاعد رنين وصول رسالة لسمية تقاطع حديثهما فانتشلت هاتفها لتطالع الرسالة دون أن تشعر برتيل التي أسرعت تقف بجانبها وتنظر محتواها..
كانت الرسالة من مالك
"توقفي عن وضع تلك الحواجز بيننا لأنني رغم كل شيء تفعلينه أزيد تعلقا بك يوما بعد يوم.. لن أقول أكثر من هذا.. فموعد عقد القران قريب وأنا أدخر كل شيء له"
لكزت رتيل سمية تقول لها بحنق ممزوج بالغبطة
((حاذري يا سمية أن تتسع تلك الابتسامة على وجهك أكثر ولا يغرنك كلامه، فالرجل بطبعه يبدع في التودد للمرأة التي يريد الزواج منها بكل الطرق والأساليب المتاحة أمامه.. حتى يتزوج منها ويضمن وجودها فيبدأ في إهمالها والانشغال عنها بأمور أخرى))
اتسعت عينا سمية بلا فهم لتقول رتيل مؤكدة
((صحيح أن مؤيد لم يحاول التودد لي قبل أو بعد الزواج.. لكن أنا أعرف ذلك.. هكذا هم معظم الرجال يحبون المٌتمنعات.. ولا يسيئون إلا لمن يضمنون بقائها ويضمنون حبها))
تنهدت سمية لما سمعته وهي تميل بوجهها مفكرة..
لم تستطع أن تنكر كلام رتيل.. فالجميع في البدايات يَهتمون.. يَسألون.. يُهاتفون دون انقطاع..
لكن بعد الزواج وضمان البقاء تبدأ الحرارة بالتناقص.. والشغف بـالزَوّال.. والحجج بالامتثال..
قالت رتيل منتشله إياها من شرودها
((على كل حال أنا سأذهب لأتجهز للمغادرة لزيارة أمي سأبيت عندها يومين.. نجوم ستهتم بفهد وبَاسم لكن دعي يزيد يقضي وقته معهم))
قطبت سمية حاجبيها متسائلة باستغراب
((هل ستذهبين اليوم عند والدتك أيضًا!؟ أنتِ تذهبين عندها وتبيتين هناك كل نهاية أسبوع تقريبا!؟))
انفعلت عليها رتيل تقول وهي تغادر المطبخ
((نعم لأني بارة بأمي لطالما كنت كذلك))
هزت سمية رأسها بحيرة أما رتيل فتابعت السير نحو مجلس النساء عند حماتها لترى إذا ما كان عندها أي زائرات..
طرقت الباب بهدوء ثم دلفت للداخل لتضيق عينيها وهي تتمعن بوجه المرأة الجالسة بجانب حماتها رغم أنها كانت منكسة الرأس بينما تضم كلتا يديها في حجرها بارتباك..
تقدمت رتيل للداخل بخطوات بطيئة ثم قالت بحذر
((أنتِ.. أنتِ هي..))
رفعت شيرين وجهها وخضرة عينيها تتوهج لتقول مؤكدة بثبات
((أنا شيرين.. زوجة وليد الكانز ومن ستكون طليقته قريبا))
جحظت عينا رتيل لما سمعته في حين تنحنحت الحاجة زاهية مكانها وقد طفح التوتر على ملامحها المقهورة..
لتقول آمرة لرتيل بشيء من الارتباك
((رتيل ابنتي اذهبي ونادي الحاج يعقوب.. إنها تريده في أمر ما..))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:37 PM   #3455

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

قبل الظهيرة..
تململ مصعب في مكانه عندما شعر بيد ناعمة تلامس وجهه كأنها فراشة توقظه من النوم..
همهم معترضا قبل أن تلح عليه تلك الفراشة للاستيقاظ ففتح عينيه ليرى نورين بوجهها الصبوح ترسم ابتسامة خلاًبة وحب عارم يطل من عينيها وهي تقول
((أعددت لك أطباقك المفضلة على الفطور.. هيا استيقظ))
اعتدل جالسا في تثاقل ثم قال بصوتٍ حانق أجش متذمرا
((حتى في يوم عطلتي لا أهنأ بالنوم))
كان يتعمد ألا يكون هناك تواصل بصري بينهما إلا أنه اختلس النظر لها يرى كم بدت متأنقة في ملابسها..
رغم أنه منذ مصالحتها له تنام كل ليلة في أحضانه إلا أنه في النهار يتعمد تجاهلها أو عدم التحدث معها طويلا باهتمام..
كأنه يُعلمها بأنه لم يسامحها تماما على ما فعلته كأنها الوحيدة المخطئة بينهما..
اغتسل ثم جلس أمام مائدة أطباق الفطور ذات الرائحة الشهية التي لا تقاوم يتناول طعامه قبل أن يجدها تجلس بجانبه بملامح حلوة وتلثم وجنته هادرة
((صحتِين أميري..))
رفع مصعب يده يمسح آثار القبلة الوهمية فوق وجنته بوجوم.. لكنها لم تتلكأ وهي تبتسم بشكل مشع هادرة
((لا تظن بأنك تزعجني بما تفعله من حركات سخيفة جلفة))
قطع عليها صوت طرقات الباب كلامها فأسرعت تفتحه لتتفاجأ بآخر إنسانة توقعت مجيئها.. نجلاء!
التي قالت لها بوجه جدِّي متجمد
((لقد قررت أمي زيارة الحاجة زاهية وقلت لها بالطريق أن تنزلني عندكم لأبارك لكم البيت الجديد..))
ثم دلفت نجلاء للداخل بلا إذن من تلك المصدومة من تواجدها وهدرت بقلة تهذيب وذوق
((أين هو مصعب؟ ناديه لي))
فغرت نورين شفتيها للحظات ثم قالت بوجه مصدوم من وقاحة التي تقف أمامها
((هل أجلب لكما قهوة أو شاي أو شيء معين في طريقي؟))
همهمت نجلاء بتفكير جديّ ثم قالت أخيرا
((أي شيء على ذوقك.. أهم شيء أن تضعي الضيافة وتغادري حتى يتسنى لنا التحدث براحة))
صدَح صوت مصعب الذي حضر عندهما مستاءً
((ما هذا المزاح الثقيل يا نجلاء؟ لم يكن يجدر بك المجيء هنا.. على الأقل وحيدة!))
آلم قلبها ما قاله مصعب لكنها أظهرت الصلابة وقالت بعجرفة لنورين
((غادري الآن.. أم تريدين أن تتنصتي على حديثنا؟))
جحظت عينا نورين والتي أمامها لا تتوقف عن إذهالها بوقاحتها.. حتى أنها عجزت عن إخراج كلمة واحدة من شفتيها!
لكنها آثرت الصمت ثم التفتت نحو مصعب تقول بهدوء رغم الشَّرر الخطير المتطاير من عينيها
((خد راحتك يا سيد مصعب مع معجبتك الصغيرة وأنا سأذهب لأعد بعض التَّسالي لكما.. أساسا أنا لن أخلص من النساء في حياتك على ما يبدو..))
تطلع مصعب بعينين صارمتين نحو نجلاء يقول بلوم بالغ
((نعم يا نجلاء ماذا هناك؟ هل أعجبك الشَّرخ الذي تحاولين افتعاله بيني وبين زوجتي؟ هل أنتِ راضية الآن؟))
تقوست شفتا نجلاء المرتجفتان للأسفل ألما على لهجته الحادة معها لكنها شمخت بذقنها تقول بكبرياء
((لا داعي لتترفع معي في الحديث يا مصعب أنا في الأساس سأتزوج من رجل غيرك.. لقد تقدم لخطبتي أحد أقاربي.. وهو رجل أكاديمي وسيم ووضعه المادي مستقر.. وعائلتي ربما توافق عليه))
تغيرت ملامح مصعب للعجب وهو يقول مستنكرا
((هل هذا فقط ما يهمك به؟ هذه المواصفات ليست كفيلة لتضمن مستقبلك!))
تنحنحت نجلاء بخفوت ثم قالت متشككة
((هل تشعر بالغيرة منه؟))
أكد مصعب عليها بجدية
((لا أشعر بالغيرة لكن من باب نُصحك))
هتفت به بانفعال منفلت
((لا تنصحني بل انصح أمك، فهي قبل هذا الرجل طلبت يدي لأخيك مالك.. الرجال يتهافتون على الزواج مني من كل حدب وصوب لكن قلبي الأحمق معلق بالرجل الوحيد الذي لا يحبني))
اتسعت عينا مصعب يقول بذهول لا يصدق ما يتناهى إلى سمعه
((مالك!؟ هل حقا أمي طلبت يدك لمالك!؟ هل مالك موافق!؟))
هزُّت كتفيها تقول بحنق
((ما أدراني؟ لكن بعد أن رفضته عائلتي.. سمعت أمي من أمك بأنه سيتزوج قريبا من امرأة أخرى))
ضيٌّق مصعب عينيه يقول مخمناًّ
((هل هي سمية؟))
شردت نجلاء بتفكيرها مفكرة قبل أن تقول بتشكيك
((نعم.. ربما.. أذكر بأن اسمها يبدأ بحرف السين))
تجلى الاستياء على ملامح مصعب وهو يقول غاضبا
((لماذا لم يخبرني أحد بهذا!؟ هل أنا آخر من يعلم بأن أخي سيتزوج!؟))
لفّت الدهشة ملامح نورين التي كانت متوارية خلف الباب تسترق السمع لهما..
هل حقا ستتزوج سمية من مالك؟ فقد مضت أيام وهي لا تتحدث معها أو تعرف أخبارها!
هتفت نجلاء عاليا بحقد وغل
((بالتأكيد ستكون آخر من يعلم عندما تسمح لزوجتك الساحرة أن تتحكم بك وتجبرك أن تبتعد عن عائلتك وتعُق والديك))
تقدم مصعب نحوها خطوتين هجوميتين وعيناه تلمعان كحجر داكن خطير آثار الخوف فيها قبل أن يقول بتحذير
((نجلاء اسكتي أنا لا أسمح لك بالتحدث عن زوجتي بهذا الشكل، ثم لا تفسري الأمور من عقلك فأنتِ لا تعرفين ما في داخل البيوت، أنا كنت سأغادر بيتنا في كل الأحوال..))
ازدردت نجلاء ريقها وصمتت مرغمة.. فقال آمرا بخشونة وهو يجلس مكانه
((اجلسي..))
فعلت ما أمرها على مضض بينما يكمل
((لنتحدث في موضوعك أنتِ..))
قالت مندفعة بإصرار
((نعم لنتحدث به.. هذه هي آخر فرصة لك قبل أن تضيُّعني للأبد لصالح رجل آخر..))
هتف بها عاليا بامتعاض
((نجلاء ما قصدك بهذا الكلام؟ هل تحاولين التفريق بين اثنين متزوجين بكل صراحة ووضوح دون خجل أو ضمير؟ ارزني قليلا وتحلي ببعض الحياء))
شمخت وهي ترد عليه بتحدٍ
((إذن سأتزوج من ذاك الرجل وسأحرص على أن تكون أول المدعوين))
وبخها بحزم وعدم رضا هاتفا
((لا تتحدثي بهذا الشكل كأن زواجك منه يخصني أم هي ردة فعل فحسب على رفضي لك السابق!))
تشبثت بالعناد الطفولي وهي تهتف له
((هو كذلك، إنه ردة فعل لرفضك لي))
قال مصعب بهدوء بينما أعصابه تكاد تنفجر أسفل واجهة الرجل الحكيم التي يُحاول إظهارها
((نجلاء.. سأعتبرك كأخت صغيرة وأنصحك.. لن أستطيع حثُّك على الموافقة أو الرفض من ذاك الرجل لأني لا أعرفه ولا أعرف إذا كان مشروع الزواج من الأساس مناسب لك في هذا الوقت أو لا.. لكن أتمنى أن تفكري به جيدا قبل الإقدام عليه وتستخيري ولا تجعليه رد فعل على شيء سخيف كهذا!))
أسبلت نجلاء أهدابها بعبوس ليتابع مصعب بصوتٍ رخيم
((بالنسبة لك كفتاة فالزواج مهم ومطلوب لكن أيضًا هو يتطلب أفرادا مستقرين متعلمين وناضجين.. إذا لم يعجبك الرجل الذي تقدم لك ولم تقتنعي به فلا توافقي عليه، ليس من الضروري أن تتزوجي الآن فأنتِ لم تبلغي عامك العشرين بعد.. لم تتخرجي بعد، ما زال أمامك الكثير.. ففي هذا عليك أن تفكري ببناء مستقبلك لا البحث عن علاقات عاطفية أو البحث عن نصفك الآخر، أنتِ بحاجة لضبط سلوكك وإيجاد نفسك ومستقبلك، ميولك، اهتماماتك، أهدافك.. فرحلة التغيير تبدأ في هذا السُّن فاحذري أن تدَعيه يضيع من بين يديك))
عند نهاية حديثه رفعت عينيها بتردد له، فاسترسل
((عندما كنت بسُّنك كنت مشغول بالتسجيل في منظمات تطوعية وحضرت ملتقيات ومؤتمرات وساعدت في تأسيس بعضها، قبل حتى أن أحصل على شهادتي في التمريض، ففي هذا السن أنتِ تصنعين نفسك وتشقين الدرب نحو مستقبلك وتؤسسين له، لا تتهوري في قراراتك، هذه وجهة نظري وقد تحتمل الخطأ والصواب.. لكنني أؤمن بها لأنها من واقع عشته))
ثم وقف من مكانه يقول بجفاء وحزم
((هيُّا قومي من مكانك الآن فنحن لن نحضر ضيافة لك، هذه آخر مرة تأتين وحدك لبيتي.. سأنسى ما مضى لكن لو تكرر ما قلته لي يا نجلاء وعرضته عليّ سأكون حازماً معك في ردة فعلي، الآن سأوصلك أنا ونورين الى أمي..))
وقفت من مكانها منفعلة لتقول وهي تٌكتِف ذراعيها
((لا شكرا.. لا أريد.. أحفظ الطريق إلى بيتكم، سأذهب مشيا على الإقدام..))
أصٌّر عليها مصعب
((بل سنوصلك يا نجلاء لا تكوني عنيدة))
زعقت به وهي تشدد على كلامها
((قلت لك سأمشي بنفسي، أنا أريد التجول في طرق قريتكم واستنشاق الهواء النقي..))
في هذه الأثناء خرجت نورين تقول هاتفة بصوتٍ يقطر شماتة
((أغلقت النار على القهوة توا يا نجلاء، انتظري قليلا حتى أضعها لك وتحتسيها معنا))
بشقٌّ الأنفس تمالكت نجلاء نفسها وهي تعض على شفتيها قبل أن تغادر، وتغلق الباب خلفها بقوة رجت أرجاء البيت..
عاد مصعب يجلس مكانه بإرهاق بالغ قبل أن يرفع نظره لنورين ليجدها تحاول بصعوبة كتم نحيب ناعم فسألها باقتضاب
((لماذا البكاء الآن؟))
هتفت بقهر يتشعشع في داخلها
((لقد جاءت تتحدث معك وتعرض نفسها عليك أمامي دون حتى أن تأبه بشأني، مشاعري، كرامتي.. أنا أكره هذه الفتاة.. إنها مدمرة علاقات بامتياز.. عندما تكبر ستبدع أكثر فيما تفعله))
ثم التفتت له تردف بمرارة
((لا أعرف كيف أمسكت أعصابي طوال فترة محاولاتها المستميتة في عرض نفسها عليك))
تنهد مصعب وقال بضجر وهو يدلك جبينه بإجهاد
((نورين لا داعي للغضب، مضيتُ في ذاك الحديث معها لأني أردته أن يكون الأخير حتى تدرك بأنه ليس من اللائق أن تظل على تواصل معي..))
ضربت نورين الأرض بقدمها هاتفةً
((أعرف ذلك لكني لا أطيقها.. خاصة أنه في المستقبل سيكون هناك عدة مناسبات قد نجتمع فيها، ولا بد أنك لاحظت بأنها تتعمد إثارة إعجابك والبروز في المناسبات أمامك أنت على وجه الخصوص، وافتعال المواقف التي تجعلك تشعر بالإعجاب نحوها فترفع صوتها أحيانا مستعرضة ومتباهية بشيء ما هي تعلم تمام العلم بأنك تحبه..))
رفع وجهه لها باستياء هادرا
((لا تضخمي الموضوع أنا لا أعتبرها إلا ابنة صديقة لأمي وأخت صغيرة وأتمنى منك أن تدركي نفس الشيء))
علا صوتها وهي تتذمر معترضة
((لا سأظل أضخم من هذا الأمر، فلطالما بدأت قصص مثل هذه القصة بـ "أنا لا أراها إلا مثل أختي الصغيرة" وتنتهي بعبارة "أنتِ وهي مثل الأخوات في بيت واحد وليقدرني الله على أن أعدل بينكما"))
رفع مصعب حاجبيه وعمَ بينهما لحظات من الصمت قبل أن ينفجر ضاحكًا فجأة وبشكلٍ هستيري حتى دمعت عيناه..
يسخر من طفولية حديثها وبراءته.. تعرف كيف تمس كلماتها وأفعالها صميمه وتهزه..
استمر في الضحك حتى تعب وتثاقلت أنفاسه.. فتوردت في حياءً وتلعثمت حانقة تنطق بأحرف مبعثرة
((توقف عن هذا الضحك اللا مبرر له!))
عادت نوبة الضحك تداهمه وبصعوبة توقف عنه وهو يطلب منها بينما يطبطب فوق فخده
((تعالي هنا))
انفلتت ضحكة صغيرة من بين شفتيها سرعان ما أغلقت عليها الخناق وهي ترسم العبوس وتهرع إليه ترتمي على صدره القاسي تحتضنه ويديها تتشبث بقميصه من الخلف بقوة ليتصلب جسده ويرتجف قلبه..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:38 PM   #3456

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

زاد تشبثها به وشعر بالعبرات تخنقها مجددا وهي تقول بصوت مختنق
((حبك مؤلم))
مرر يده على ظهرها برفق من أعلى الى أسفل يهمس لها برقة
((توقفي عما تفعلينه))
دفنت نورين وجهها في عنقه فناداها بحنان
((نورين.. حبيبتي))
همهمت له فأكمل هامسا بنبرة رقيقة
((أنتِ لا تصدقين أو تعتقدين ما قلتيه قبل قليل.. صحيح؟))
أبعد وجهها قليلا عن رقبته ثم أبعد خصلة متمردة عن ملامحها الوردية فأجابته
((بصراحة لا، عندما يعود الأمر لنجلاء بالذات فلا.. لكن لا يعني بأني قد أسمح لها بتجاوز حدودها معك، هي تتلذذ بإثارة غيرتي خاصة وهي تعرف بأني لا أستطيع ردعها أو فعل شيء))
عاد يضحك مجددًا فتطلعت له ضائعة في ملامحه الوسيمة.. ومعزوفة ضحكاته ترقص على أوتار قلبها النابض باسمه في كل ثانية وكل لحظة!
يعرف كيف يعبث بقلبها الصغير البائس بصوته الشجيّ الراسخ...ويحرك مشاعرها أكثر.. ويطبع صوته وصورته في كل حدبٍ وصوب من قلبها..
استطرد بين ضحكاته بنبرة حنونة
((أنتِ عفريتة حقا يا نورين، لكن صدقيني بعد هذا الموقف لن تجرؤ نجلاء على الاستمرار بما تفعله، صدقيني فحتى لو لم أكن متزوجا منك فلا أمل في علاقتي من نجلاء.. بالنسبة لي أهم شيء في المرأة التي أريد أن أتزوج منها أن يكون هناك بيننا توافق فكري واحترام ووِد.. أما نجلاء فقد أيقنت منذ أول دقيقة لقاء تعارف جمعتنا بأني لن أستطيع تقبلها كزوجة لي))
اتسعت عيناها قليلا فأردف شارحا
((كنت رافضا أن أتزوج من نجلاء لصغر سنها لكن بعد أن ضغطت عليّ أمي أن أجلس معها ولو لمرة واحدة في جلسة تعارف وافقت على مضض، وبدأنا نتجاذب أحاديث عامة لتقول هي لي ممتعضة عن تصرفات عماتها الشٌريرات اللواتي يطالبن والدها بورثتهم ولم يتنازلن عنها كما تفعل باقي النساء في عائلتهم، كنت أريد أن أناقشها بأن هذا حقهنٌ في الشرع والقانون، وأن سبب نمو ثروة والدي وما نعيشه من نعيم مادي هو دعم أمي المالي له بعد أن أخذت ورثتها هي الأخرى من عائلتها، لكني تراجعتُ عندما أدركت أني أمام فتاة معقدة ومتزمتة الفكر وتسيء تقدير وفهم الناس فهي غارقة في زحمة من الأفكار البالية من المعتقدات من الزمن البعيد التي لا تمت للأصالة أو الدين بصلة))
ظلت نورين تتأمل بملامح وجهه بينما يتابع بعفويه
((نجلاء رغم صغر سنها إلا أنها إنسانة متعصبة لرأيها ومتشددة فكريا ومتزمتة مثل العجائز المتسلطات المتحجرات بأفكارهنٌ الرجعية اللواتي لا يتقبلن الرأي الآخر وينتقدن كل شيء، وحتى أثناء جلسة التعارف تلك بيننا كنت أخشى أن أتحدث بأفكاري أمامها أو أناقشها بوجهات نظري))
ضحكت نورين بخفوت وهي تقول
((لا أصدق ذلك.. أنتَ رجل ناضج في الثلاثين من عمرك خشيت من التعبير عن رأيك أمام تلك الصغيرة نجلاء؟))
بادلها الابتسامة وهو يعقب بصراحة
((قد يبدو الأمر مضحكاً لكن حقا خفت من أتزوج من تلك الصغيرة نجلاء وينتهي بي الأمر كرجل أخاف أن أعلن عن أرائي خوفا من أن تمارس التعصب والتطرف في بيتنا المستقبلي وتضطهدنى لأني مختلف عنها في أفكاري.. لن تستوعب حبُّي للنوم لساعات طويلة.. بل أنا كشخص أقدس الخصوصية لن أستطيع أن أتخذها صديقة لي بعد زواجنا، وأقاسمها يومياتي أو خصوصياتي أو أسراري وخططي، فهي لديها حسابات على كل مواقع التواصل الاجتماعي تذيع فيهم وتبث كل صغيرة أو كبيرة عن حياتها كمسلسل يومي))
أخذ مصعب نفساً طويلا ثم استرسل
((بالنسبة لي كان من المرعب جدًّا أن ينتهي الحال بي متزوجاً من امرأة مثلها وأجد نفسي عالقا في المنتصف لا أدري هل أبقى في هذا الزواج وسلبياته أم أختار الطلاق وأتحمل مسؤولية كل الأذى الذي كنت سأتسبب به لها ولأولادنا.. لذلك كان الحل هو أن أتجاوز خجلي الشديد وحبي واحترامي لوالدها وأن أصارحه بعدم امتلاكي أي توافق ناحيتها))
مررت نورين أناملها في شعره الكثيف بامتنان لأنه صارحها بأفكاره عن نجلاء.. رغم أنها كانت تطمع بأن يتحدث عن رشا..
خاصة أن حديثه الأخير يظهر عن رضاها لأن فيها كل ما يريد ويحب..
تنحنح مصعب وشعرت به يبعدها عن حجره في محاولة منه للوقوف فلفت ذراعيها حول رقبته بينما تتمرغ بشفتيها بوجنته تهمس له بحنق ممزوج بأنوثة فياضة
((دعنا نظل هكذا أكثر.. لقد وافقت ألا نتحدث عن ماضيك مع ابنة عمك وأنا أثق بك رغم إصرارك على عدم فتح ولو بابا واحداً لي من أبوابك المدججة بالأقفال الغليظة.. إذن أجبني الآن لماذا بقيت غاضبا مني وشحيح الكلام معي بعد أن تصالحنا في تلك الليلة؟))
تبدلت ملامح مصعب فجأة كأنه تذكر فجأة خصامهما السابق وقراره بأن يعاملها بجفاء كردة فعل على ما فعلته فهدر تلقائياً بخشونة طرقت أذنها بلا هوادة
((لأنه يحق لي، لم أخطأ بشيء حتى تفعلي ما فعلتيه من هجر وجفاء لأيام كثيرة))
فتحت شفتيها وهمست بصوتٍ خفيض وهي تلاعب أزرار قميصه
((بلى فعلت، لكن لم أعد أريد أن أتحدث عن مشاكلنا أو أحلها.. فقط لنعد كالسابق..))
تغضّن جبينه فلو تعرف أن سبب كرهه التحدث عن رشا ليس لأنه وعدها ألا يفشي سرها لأحد وحسب بل لأن الموضوع يؤلمه في الصميم..
فما لاقاه من كلام من أهل القرية لا زال يؤثر عليه حتى الآن رغم ادعائه بأنه لا يهتم!
تنحنح مصعب يجلي صوته ثم قال
((لقد خدشتِ كرامتي عندما تركتني أنام وحيدا في غرفة النوم.. لم يكن عليّ استقبالك فيها))
ضحكت بخفوت بينما تلامس أذنه تهمس بإغاظة أنثوية
((أنا ندمتُ على ما فعلته، في المرة المقبلة مهما فعلت فلن أنام إلا بغرفة نومنا.. بين أحضانك..))
خفتت تشنجاته رغماً عنه وترققت نظراته بشكل عجيب..
ووجد نفسه يرفع يده ليمسك ذقنها بخشونة بين سبابته وإبهامه ليطالع وجهها ذو الملامح المشاكسة قائلا
((وماذا يفيدني ندمك؟ أين أصرفه؟))
شعرت به يميل لها فأغمضت عينيها وهي تعاود ضحكها الخافت المرتعش بينما تستسلم لعنف قبلته التي حملت اشتياقا ضاريا كأنه يعوض نفسه.. ويعوضها..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:38 PM   #3457

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي



في المساء..
عادت شيرين للبيت وهي تشعر بقليل من التوتر.. فقد عادت تواً من عند أخوالها بعد أن أخبرتهم عن معظم ما مرت به مع وليد..
من خداعه لها بعملية التبرع وتهديداته والسبب الذي جعلها تتزوج منه رغم كل ما فعله بها بالماضي..
قبْلها كانت قد أخبرت عَمه وكبير القرية الحاج يعقوب الكانز عن كل شيء تطلب عونه..
الآن هي متأكدة أن لحظة تحررها منه باتت وشيكة..
دلفت إلى غرفة النوم هناك وجدت وليد مستلقيا على ظهره فوق السرير يرمق السقف بشرود ليقول فجأة لها
((كانت لدي تصورات عديدة عن حياتنا سويا في الوقت الذي كنا نحضر فيه لزواجنا بعد أن أنهيت جامعتي، لكن ما نعانيه الآن لم يكن واحداً منها..))
داهمته نبرات صوتها المتهمة
((أنتَ السبب.. كان كل شيء بيننا يسير كما الأحلام حتى انكشفت حقيقتك وزيف حبك عند أول امرأة جميلة ظهرت أمامك وسال لعابك عليها))
حانت منه نظرة متشتتة نحوها ثم قال عاقد الحاجبين
((هل تقصدين تلك المتدربة التي كانت معي في العمل؟ معك حق من عندها بدأ الشرخ في علاقتنا وبدأت فجوة سحيقة تبعدنا عن بعضنا.. لكن لو أحببتني حقا يا شيرين لما كنتي ستسمحين لي أن أظل مهتما بتلك المتدربة لكٌنتِ حاربتِ من أجل استعادتي! لكن أنتِ من استغليت وجودها ومشاكل أمهاتنا للانفصال والارتباط بأول رجل يظهر أمامك))
اتسعت عينا شيرين..
الحقيقة هي لا تجيد الدفاع عن نفسها لطالما أبغضت قدرة وليد الرهيبة في قلب الطاولة عليها لمجرد براعته في الدفاع عن نفسه وامتلاكه القدرة المستمرة على تبرير أخطائه القاسية ضدها..
ارتفع ضغط دمها فائرا لترد هاتفة
((لا أصدق تلك القدرة الرهيبة فيك في التحدث كأنني المخطئة في حين كنت أنتَ من آذيتني يا وليد وتخليت عني!))
صمتت قليلا تضم شفتيها ثم زعقت به بصوتٍ مثقل بغل وحقد الماضي
((كنت أنوي معاتبتك على تعمق علاقتك بتلك المتدربة، كنت أنوي الحديث معك عن الحواجز والفجوات التي صارت تبعدنا بسببها، لكن رأيت في عيناك اللامبالاة والقسوة تجاهي ولم أستطع أن أتشبث بك أكثر وأنا لا أراك إلا تبحث عن فرصة للرحيل من حياتي والتعمق بعلاقتك بتلك المتدربة))
تجمدت ملامح وليد وهو يعتدل جالسا مقابلها ثم قال من بين أسنانه
((كان يمكنك أن تستمعي لتبريراتي آنذاك وسبب تقربي منها))
هتفت به بغل استشرى في كل خلجة من خلجاتها
((أي تبريرات؟ أتقصد تبريرات على خيانتك؟ نعم معك حق من السهل أن تسقط على أسباب تبرر لك الخيانة، فصناعة المبررات ردة فعلٍ طبيعية ينتهجها الإنسان ليخدِّر ضميره وهو مقبل على ارتكاب أي فعلٍ شائن..))
بترت كلامها وقد ندت من بين شفتيها ضحكة مقهورة بينما تغمغم مستطردة
((ثم أي تبريرات كنت لتحكيها لي؟ هل كنت ستقول لي بعملية وشفافية بأنك مللتَ مني وتريد تجربة علاقة جديدة قبل أن تدخل القفص الذهبي لكن في نفس الوقت لا تريد أن تخسرني؟ مهما أنكرت فأنتَ وأنا نعرف الحقيقة.. أنتَ خنتني وأخطأت في حقي مع تلك المتدربة وأحببتها.. في حين أني في المقابل لم أتبادل أي رسالة مع زميلي آنذاك إلا بعدما أنتهى كل شيء بيننا يا وليد وبعد أن طلبني من عائلتي رسميا))
بدأ صدر شيرين في هذه اللحظة يعلو ويهبط.. وأنفاسها الحارة المتلاحقة تلهب صدرها وهي تراه عاجزا عن إزاحة عينيه عن ثورتها.. فأكملت له بمقت
((لا زلت أتذكر آنذاك كيف شعرت حقا بأنك لم تعد تحبني أو مهتما بي، بل حتى كنت زاهداً بي.. وإذا ما حاولت أن أتذمر بخصوص بقائك في مكتب المحاماة طويلا تصرخ عليّ متأففاً من غيرتي وشكُّي اللذان يعكران صفو مشاعرك لها.. وإذا ما أخذت على خاطري من إهمالك لا تتعب نفسك حتى بمصالحتي أو تعتذر مني.. بل كنت تشعر بالراحة لأنك ستجد الوقت لتَتقرب من تلك المتدربة.. كنتَ فعلياً لا تفكر بأحد سواها))
رغم جمود ملامح وليد إلا أن الكلمات تاهت في فاهِهِ في البداية ثم هزُّ كتفيه وهو يقولك
((أنا أتفهمك لكن آنذاك كنت أحيانا أحاول أن أعود لأرض الواقع.. وأتوقف عن القيام بأمور ستحزنك لو عرفتي بها.. لكن ماذا أفعل بنفسي! انجذابي نحو تلك المتدربة كان أمرا خارج إرادتي لم يكن بإمكاني أن أفكر ولو للحظة في أن ما أفعله قد يضر بعلاقتي معك، لأنه كان ثمة شعور جميل يعتريني كلما نظرت أو تحدثت إليها.. كان ضميري وقلبي في تلك الفترة ضعيفًا مقارنة بنشوة التجربة الجديدة معها ورغبتي الشديدة في تجربة علاقة غير علاقتي بك.. لكن حالما انتهت نشوة العلاقة الجديدة عدت للواقع))
شرد بنظره يصمت للحظات ثم تابع
((أحسست معها أني أمام أنثى من نوعٍ مختلف كل الاختلاف عنكِ، وأني عاجز عن تجاهلها بأي طريقة، بات لدي فضولٌ عميق وغير محدود للتعرف عليها عن قرب والبقاء معها لأطول فترة ممكنة، فقد كانت نمط مختلف عنك وعالم لم يسبق لي أن تعرفت إليه.. لم أتقُّصد خيانتك بل كنت فقط أريد استكشافها))
أصدرت صوتا ساخراً لاذعاً وهي تردد
((تستكشفها؟))
ثم قست عينيها وهي تردف بنبرة يشوبها ألم الماضي ويديها متكورتين
((حقا؟ ما أسخف حٌجَجك.. إذن ما الذي سيجعلني أضمن يا وليد بأنك لن تلتقي بفتاة أخرى مختلفة لم يسبق أن رأيتها وتحبها مثلما فعلت مع تلك المتدربة؟ رغم مرور كل علاقتنا بالعقبات من عائلتينا لكن لم يكن هناك شيئاً قادراً على إبعادي عنك، لا تلك الأسوار التي رسموها بيننا، لا مسافات، ولا سفر.. لا شيء.. وحدها تلك المتدربة من تمكنت واستطاعت ذلك))
ردُّ عليها بمنطقه العقيم
((لكن أنا لم أحبها أبدًا.. أنا فقط.. شعرت أن فيها شيئًا ما يشدني وكانت على ما يبدو أنها أيضًا منجذبة وإن كانت تحاول ألا تشعرني بذلك.. في البداية جمعت بيننا الزمالة في المكتب الذي كنا نتدرب به فقط ثم بسرعة كبيرة بدأت أرتاح لها، ما حدث مع تلك المتدربة كان بسبب صغر سني وشحٌّ تجاربي، فقد كنت يافعا وبالتالي لم يكن ذلك العمر للاستقرار العاطفي بل للتجارب))
رفعت حاجبيها تقول باستهانة وتلاعب
((تخيل لو انتابني الفضول آنذاك بسبب صغر سني وتجاربي تجاه شاب آخر مختلف عنك، هل كنت لأمتلك الجرأة لأتقرب منه وأتعرف عليه وأنا معك!))
غامت عينا وليد وكسا الجمود محياه قبل أن يتجبٌر ويقوم من مكانه متوجها نحوها ليقول بنبرة خطيرة ترسل السم في عروقها
((كنت لأقتلنُّك وأقطعنُّك إربا إربا))
رفع أنامله ببطء لتغوص بخصلات شعرها ثم قبض عليهم بقسوة لتتأوه مغمضة عيناها وهو يقربها منه لافحا وجهها بأنفاسه الهادرة
((أنا أول رجل في حياتك وسأكون الأخير..))
لمعت الإهانة في ملامحها الغائمة لكن عيناها انتفضتا اشمئزازًا ثم صدح صوتها بما يشبه الصرخة
((أنا أكرهك أيها الح-ق-ي-ر))
ثم ضربت يده وحاولت أن تحرر شعرها بالقوة منه رغم تأوهاتها..
ترك بإرادته خصلات شعرها ثم غادر الغرفة كاملة وتركها مكانها لا تفكر إلا بأن عليها التعجيل في التخلص منه..
إنه يفعل ما يفعله بها وهو مطمئن الحال وقرير العين إلا لأنه متأكد بأنها ضعيفة لا سند لها أمام جبورته..
لكنها ستفاجئه بانتقامها لن يمر كثيرًا قبل أن يكون ثأرها في حجرها..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:39 PM   #3458

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي



عقد مالك حاجبيه وهو يجيب على الرقم المجهول الذي ظهر له على الشاشة ليأتيه صوت رخيم ثقيل
((معك امن الدولة.. هل أنتَ السيد مالك الحاج يعقوب الكانز؟))
ازداد انعقاد حاجبيّ مالك ليقول بضجر
((حتى لو لم أتعرف على صوتك يا مازن فمِن جملة "أمن الدولة" سأعرف أنه أنتَ.. هل هذا رقم جديد لك؟ ألا يمكن أن تشتري رقما جديدا لك وتتصل بي كأي شخص طبيعي دون أن تدعي بأنك فتاة معجبة بي أو بأنك من أمن الدولة؟))
وصله صوت مازن المرح وهو يعود لسجيته الطبيعية قائلًا
((وأنتَ ألا يمكن أن تنطلي خدعي هذه عليك كما تنطلي على باقي إخوتي! على كلٍ فقد اشتريتُ هذا الرقم الجديد حتى لا تزعجني اتصالات باقي العائلة خاصة أمي، واتصلت بك الآن يا تؤامي الغالي فقط حتى أسألك إذا كنت تريد مني أن أجلب لك شيئا من هنا أو هدايا معينة فأنا الآن سأعود للبلاد بلا رجعة إلى هنا! أنتَ غالي على قلبي يا مالك ولا أقدر أن أعود لك بيدين فارغتين))
اتسعت عينا مالك وقال متحفزا
((ستعود إلى هنا! والدي لو عرف بأنك تخطط للعودة فسيُجن كليا فهو قد أرسلك هناك حتى يحميك من والد ياسمين!))
وبخه مازن باستياء
((هل أنتَ أحمق يا مالك! إذا كان من قاموا بخطف ابنته بنفسهم لم يفعل لهم والد ياسمين أكثر من إرسال من يُبرحهم ضربا ويجعلهم طريحي الفراش لعدة أشهر فقط فماذا سيفعل بي أنا أكثر! أنا وأنتَ نعرف بأن سبب إرسال أبي لي هنا هو خوفه من أن أقوم مستقبلا بما قد يكسر من هامته وصورته أمام أهل القرية، تلك الصورة والسمعة التي لطالما يقول بأنها اهم من الولد، فالولد يروح ويجيء أما السمعة فلو خُدشت لا سبيل لها لتعود كما السابق.. ثم أنا بنظره الابن الفاسد قليل الدين الذي لا ينفك من الخروج من مصيبة ليدخل في أخرى))
أصدر مالك صوتا ساخرا ثم غمغم
((ونظريته هذه صحيحة ولا تنكر فماضيك المشرف يشهد، ولديك سوابق عديدة! هذا فضلا عن المشكلات التي كنت أتحمل مسؤولياتها وأدعي أني من قمت بها مستغلا الشبه الكبير بيننا حتى أنقذك من غضب أبي))
قال مازن بامتعاض
((بعيدا عن المشاكل التافهة المتعلقة بفترة المدرسة والمراهقة.. فتلك المشاكل التي تمس أمور خطرة لا يُتهاون بها فأنا لم افعل معظمها بل تم اتهامي فيها ظلما، أو كنت افتعلها بدون سوء نية ولكن الحظ لا يسعفني أبدًا، ثم أنتَ يا تؤامي العزيز يجب أن تكون بصفي مهما فعلتُ وتحاول على الأقل بعد كل مكالمة اشكوا لك همي من تعب الغربة أن تحث أبي على إعادتي!))
قال مالك مستنكرا
((مهما قلت أو فعلت فلن يقتنع أبي، فعندما يتعلق الأمر بسمعته وسمعة عائلته أمام أهل القرية فلا يوجد اهم منها بالنسبة له كما قلت أنتَ! ثم أنا لا أريد أن يدري والدي بأني اعرف ما حدث معك في الماضي ومع هؤلاء الفاسدين الذين قررت فجأة أن تصادقهم بعد أن ضجرت من أصدقائك المملين! وقتها أبي سيحملني كامل المسؤولية بذريعة أنى لم اهتم بك ولم أراقبك جيدا رغم أني كنت ادرس معك في نفس الجامعة والتخصص وكأنه ولمجرد أني أكبرك بعدة دقائق عليّ أن اترك كل دراستي ومحاضراتي واكتفي بمتابعة أمورك وأتولى مسألة تقويمك))
زفر مازن ببؤس وعقب
((حسنًا أنتَ محق، ولكن أبي يريد مني أن امضي كل حياتي هنا في الغرب، أين الإنسانية في هذا!))
قال مالك معترضا
((وما هو انعدام الإنسانية في إجبار أبي لك على البقاء هناك! هل تعرف كم توسل مصعب ومؤيد آنذاك إلى أبي حتى يسمح لهما بالسفر وإكمال دراستهما في الخارج مثلما فعل معك إلا أنه رفض كليا وقال ولد واحد يكفي! ما تعيشه أنتَ هو أمنية وحلم أشخاص أخرين))
قال مازن ببؤس
((وأيضا كانت أمنيتي في السابق، كنت أكثر من متحمس عندما جاءني أبي في احدى الأيام يقترح عليّ خوفا عليّ من والد ياسمين أن اترك جامعتي وأسافر للخارج حتى لو ترتب الأمر أن اخسر كل سنوات جامعتي، لكن بعد مرور الوقت لم يعد الأمر ممتعا بنفس الدرجة، لن أطيل المكالمة عليك يا مالك ولكني اجهز حاليا أغراضي وسأعود بالفعل، ولا أريد منك أن تخبر أحد.. شهر أو شهرين وستجدني ادخل باب قصرنا أمامك))
تنهد مالك ثم قال بهدوء
((أتمنى أن تصل سالما يا مازن، ولكن عليك أن تعرف أن أي شيء يفعله أبي فهو لا يريد فيه إلا مصلحتك))
رد عليه مازن بابتسامة باهتة
((بل يريد مصلحته هو ولا يخاف إلا على مظهره وسمعته هو أمام أهل القرية.. إنه يعتقد بأني مسؤول مع أصدقائي السابقين باختطاف ياسمين آنذاك رغم اعترافهم بألسنتهم بأني لم أكن معهم بل رفضتُ مساعدتهم بخطتهم الدنيئة وذلك ما جعلهم يحاولون الإيقاع بي.. أبي في ذلك الوقت كان اعتقاده بأنه لن يمر شهر أخر قبل أن أقع بورطة أخرى تصير فضيحة مجلجلة أمام أهل القرية ولن يقدر على سترها كما ستر ما قبلها، فتقل هامته وينكس رأسه بالخزي، تخيل أنه كان يشجعني على الزواج مرة أخرى والبقاء هنا حتى يربطني بالخارج ولا أعود ولم يبدِ أي اهتمام أو سؤال عندما عرف بالحادث الذي أصابني! أنتَ الوحيد بعد أن أخبرتك بالحادث الذي وقع لي من كنت تسأل عني كل يوم وكل ساعة))
حاول مالك أن يعترض على كلامه ويدافع عن والده فتلعثم قليلا إلا أن مازن اختصر عليه وودعه مُنهيا هذا المكالمة..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:40 PM   #3459

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي



في غرفة الجلوس..
جلس بعض أفراد عائلة الحاج يعقوب مجتمعين يشاهدون النشرة الإخبارية على التلفاز..
كان الحاج يعقوب جالسا أمام التلفاز بشرود وكل ذهنه مشغول بالحديث الذي دار بينه وبين زوجة وليد ابن أخيه..
هل عليه أن يطلع بِكْره معاذ عمٌّا سمعه منها وسمعه من بعض الوجهاء الذين لجأوا لهم أخوال شيرين؟
فلا أحد يمكن أن يساعده غيره!
تنهد ببؤس وهو لا يعرف إن كان عليه أن يركز على مصائب ابنه قليل الدٌّين مازن أم ابن أخيه الذي لا يكف عن تسليط تجبره على كل من حوله..
تنٌّهدت زاهية الجالسة بالقرب منهم وهي تمسك صنارتين وكرة صوف تقوم بغزلها وبجانبها ياسمين جالسة تساعدها وقد استطاعت أخيرا التقرب منها من خلال تعليمها التطريز والخياطة..
تصاعد صوت الصغار يزيد وفهد وباسم عالياً مُحدثين جلبة..
تطلعت الحاجة زاهية أرضا حيث يجلسون على شكل دائرة حول مجموعة من الصور والدفاتر ثم ناظرت رتيل تقول باستياء
((ما الذي يفعله ابن البستانية هنا؟))
عقب مؤيد الذي كان متمددا فوق الأريكة بضجر وقد تبدلت ملامحه لأخرى متسلية
((تلك البستانية ستصبح كنتك يا أمي.. نادِها أم يزيد من الآن فصاعدا..))
لكزت زاهية ولدها الذي يستمتع بإغاظتها والشماتة بها ثم قالت بحنق يخرج عن وقارها
((بعد زواجها من مالك ستُكنى باسم أول صبي لها منه لا أم يزيد..))
تدخلت رتيل تقول شارحة
((عمتي أنا من طلبت منه أن يأتي هنا ويلعب مع فهد وباسم.. لا أولاد صغار في الجوار بعمرهم إلا هو.. ابنك ليس لديه وقت أن يذهب معهما للنوادي أو الملاعب أو الحدائق وفي نفس الوقت لا يسمح لي أن أذهب معهم فماذا يمكن أن يفعلوا في البيت إلا اللعب مع يزيد..))
زمجر مؤيد لزوجته يحذرها بعينيه ألا تتمادي فيما تقوله فلا ينقصه الآن أن يدخل مع والديه في نقاش محتدم لا طائل منه بشأن تقصيره في حق أولاده..
زمّت رتيل شفتيها متبرمة تكتم غيظها منه في حين ردت زاهية عليها وهي تعيدها للموضوع الأساسي
((حتى ولو لا أريد منه أن يعتاد البقاء هنا، ستتزوج أمه من ابني ولا أريد أن يظن بأنه مسموح له أن يأتي هنا ويبقى ما يشاء، أنا عندي حفيدتين يعشن هنا، كيف سيأخذن راحتهنٌّ بوجود ولد غريب في هذا المكان خاصة بعد أن يكبر قليلا؟))
تنهدت رتيل وتمتمت ببضع كلمات خافتة لا تعرف ماذا تجيبها..
صمتت زاهية بغير رضا وهي تعود لغزل ما تمسكه..
لم تمر لحظات حتى هتف صوت فهد عاليا مناديا أبيه وهو يتجه نحوه بينما يعرض له صورة قديمة
((انظر إلى صورتك يا أبي وأنتَ صغير))
تطلع مؤيد بهدوء للصورة قبل أن يمسكها ويتطلع إلى نفسه عندما كان صغيرا بينما يقف مع مالك..
مالت زاهية باستغراب نحو مؤيد تحدق بالصورة.. ثم سرعان ما تجلى الاستهجان لملامح وجهها وتساءلت
((من أين أحضرت يا فهد هذه الصور!؟))
قال فهد بعفوية ومرح
((عمي مالك قام بإعطاء جزء كبير من صوره بصباه ليزيد.. وهذه الصورة كانت له مع أبي))
نظرت زاهية إلى حيث يجلس الأطفال تحدق بتلك الصور والألبومات على الأرض.. ثم قالت بنبرة أقرب للتوبيخ
((على أيٌّ أساس يعطي مالك صوره القديمة ليزيد؟ أعطوني كل صور مالك الآن..))
رفع يزيد الجالس أرضًا رأسه بتردد وحذر نحو الحاجة زاهية.. ولفه شيء من الخوف لنظرات السٌّخط الظاهرة على وجهها..
ازدرد ريقه قبل أن يرد بخفوت منكس النظر مجددا
((لكنه أعطاهم لي وأخبرني بأنهم قد أصبحوا ملكي..))
وضعت زاهية كرة الصوف وما غزلته جانبا.. ثم اعتدلت بهدوء وتقدمت تمشي نحو يزيد تحت أنظارهم جميعا.. حتى أن الحاج يعقوب أخفت صوت التلفاز وناظر بوجوم زوجته وهي تنخفض نحو يزيد، وأنصت لما تقول له
((هذه الصور كلها ملكي، أنا بنفسي من كنت أطلب أن يتم تصوير مالك في كل لحظة مهمة في حياته، إذا كان مالك لا يريد هذه الصور الثمينة عنده فليعدهم لي))
تقوست شفتا يزيد للأسفل بعبوس طفولي يفتت القلب..
لكن زاهية ظلٌّت على حزمها وهي تمد يدها وتسترسل بكلامها الموجه ليزيد كأنها تتحدث مع رجل راشد لا طفل في السابعة من عمره
((لو سمحت أعطهم لي يا يزيد، أعطني كل صور مالك دون أي استثناء))
تغرغرت عينا يزيد بالدموع وشعور الحرمان.. مع فقدان ما هو حق له يؤذيه مجددا.. لكنه رفع حاجبيه يقول متشبثا بحقه بثبات مزيف وحشرجة يكتم رغبته بالبكاء
((لكنه أعطاهم لي..))
أكدت عليه زاهية وهي تتحدث معه بنبرة صارمة
((قلت لك بأنهم ليسوا ملكاً له من الأساس ليهديهم لك، لو كنت أعرف بأنه سيفرط بهم ما كنت أعطيتهم له))
تألم قلب رتيل وغطى العجز محياها وهي تشاهد الموقف.. فكلام الحاجة زاهية صحيح.. لكنه قاس..
هي وعلى الرغم من سخطها السابق على مالك لصبه كل اهتمامه على يزيد بدلا من ولديها.. إلا أنها لا تكِّن أي بغض للصغير يزيد..
خاصة وهي تراه في مكانه يزم شفتيه في قهر، وعقله الذي لا يحمل الخبرة والمعرفة لا يسعفه كي يتصرف ويدافع عما يريده وهو ليس من حقه.. لكنها شعرت بعبرة تنزلق على وجنته الغضة عندما قامت الحاجة زاهية بنفسها بأخذ الصور من على الأرض..
فتقدمت من حماتها تهمس لها بنبرة تحثها على التعاطف
((عمتي بدأ يبكي.. حرام عليك أعطي له بعضا من الصور.. لا تأخذيهم كلهم وتكسري بخاطره))
رفرف مؤيد بعينيه التي مر بها طيف من التعاطف وقد شعر باختناق الكلمات وصعوبتها على يزيد رغم الثبات الذي يحاول التحلٌّي به.. فوجد نفسه في هذه اللحظة يقوم من مكانه ويتجه نحو أمه يقول بشيء من الانزعاج
((أمي لا تتحدثي عن هذه الصور كأنها كنز فريد لا يقدر بثمن.. يمكننا ببساطة نسخ كل صورة مثلها ألف نسخة.. نُسخا لك ونُسخا ليزيد ونُسخا احتياطية لأي معجب آخر لمالك..))
نظرت الحاجة زاهية له بانشِداه وبدا الذنب متجلياً على وجهها وضغط عصبي رهيب يتسرب لها..
كأنها تطرفت بردة فعلها.. كأنها صغرت من نفسها وهي تتعامل النٌّد بِالنٌّد مع هذا الطفل وهو بعمر أحفادها!
لكن الأمر خارج عن إرادتها..
عندما يتعلق الأمر بهذا الطفل المدعو.. يزيد.. يبدأ قلبها يؤلمها وشعور مبهم رهيب يخنق ضرباته..
ربما بسبب كونه ابن المرأة التي لا تجدها تليق بابنها لكن بالتأكيد هذا ليس السبب الوحيد.. حتما ليس هو السبب الوحيد..
رفرفت زاهية بعينيها وبدا صوتها مجهدا وهي تقول لمؤيد
((حسنًا.. انسخ لي كل هذه الصور.. أريد أن أحتفظ بنسخة من كل واحدة منها))
كانت الحاجة زاهية قد بدأت في تناول باقي صور مالك من على الأرض بهدوء.. حتى أمسكت إحدى الصور فوجدت يزيد يعترض بلهجة واضحة
((هذه الصورة لي))
تطلعت زاهية بعدم فهم ليزيد ثم دمدمت
((هذه صورة مالك وهو صغير وليست صورتك))
مد يزيد يده الصغيرة يسترد الصورة منها بشيء من العدوانية وهو يقول متشبثا بحقه بقوة لا تليق بسنه أو صوته الطفولي
((هذه الصورة لي.. أمي التقطتها لي عندما كنت في الرابعة))
أظهرت زاهية تعجبا ثم قالت مستنكرة وهي تشدد من إمساك الصورة حتى لا يأخذها
((هذه الصورة لمالك.. هل هذا شيء يُكذب به؟))
بدأت المزيد من الدموع تنزلق على وجنتي يزيد وهو يحاول سحب الصورة منها بقوة جعلتها في النهاية تتمزق لقطعتين..
شهق يزيد ناظرا بعينين متسعتين للصورة التي مزٌّقها بغير قصد ثم تراجع بحزن وهو يناظر نصف الصورة التي بحوزته.. في حين هتفت زاهية متذمرة بحزن وحسرة على ما فعله بالصورة
((لماذا مزقت الصورة يا ولد!))
ارتجفت شفتا يزيد ورغم شعوره بالذنب على إفراطه بالقوة أثناء محاولته استرداد هذه الصورة..
لكن فجأة تبدلت ملامحه للغضب الشديد وهتف ببكاء وحرقة
((إنها صورتي.. صورتي أنا.. وحر أفعل بها ما أشاء))
عند هذه النقطة لم يستطع يعقوب ألا يقوم من مكانه ويتجه نحوهم قائلًا بغير رضا يعاتب زوجته بعينيه
((ماذا يحدث يا زاهية؟))
توجعٌّ قلب زاهية على منظر بكاء يزيد خاصة عندما بدأ يزداد نحيبه وينتفض جسده قبل أن يركض منسحبا من هذا المكان..
تطلعت الحاجة زاهية لزوجها تقول بصوتٍ متحشرج تتخبط بالألم والإحراج
((لم أفعل له شيء.. لا تنظر لي بهذا الشكل.. هو من قام بتمزيق صورة مالك))
أخذ مؤيد الصورة من بين أصابع والدته المرخية عنها وبدأ يمعن النظر فيها بتجهم قبل أن يقول باستياء ومعاتبة
((أمي هذا ليس مالك.. إنه يزيد.. انظري لحداثة هذه الصورة.. هل كانت الصور ملونة والكاميرات بهذه الجودة قبل عشرين سنة!؟ ثم لون العيون الأسود واضح.. حتى لون شعر الطفل في هذه الصورة حالك السواد.. هذا الطفل يشبه مالك لكنه ليس هو.. ولا حتى توأمه..))
امتزج الذهول مشوباً بعدم التصديق على وجه زاهية وهي تتمتم
((كيف يا مؤيد!))
أشارت رتيل بإبهامها على الوجه الظاهر في الصورة بعدما قامت بتجميع النصفين وهي تقول مؤكدة
((هذا يزيد بالصورة.. عمتي ألا تمعنين النظر في وجهه الآن أو سابقا!؟))
ارتجفت يد زاهية وهي تأخذ الصورة من مؤيد هامسة بصوت باهت وروحها ترفرف بتخبط
((هاتِ الصورة، لم أمعن النظر فيها قبل قليل جيدا))
رفعت الصورة لعينيها تحدق فيها..
ملامحه تشبه ملامح توأميها.. بل مالك بنحافة وجهه عندما كان بنفس هذا السن.. لكن..
هذه الصورة ملتقطة حديثا فعلا فلون الشعر والعين الأسود واضح ويؤكد أن الصورة ليزيد.. نعم هذه الصورة ليزيد..
ازدردت زاهية ريقها وشعرت برغبة ملحة.. حارقة.. بإحضار يزيد والتمعن بوجهه..
هل أعماها بغضها له طوال السنوات السابقة عن التمعن في تقاسيم وجهه وإدراك الشبه الفظيع بينه وبين.. مالك؟
أم أنها كانت تشعر بوجود شبه بينهما وتقارب لهذا كانت تتعمد أن تبغضه أكثر إلى الحد التي تنفر فيه من النظر بتقاسيم وجهه!
أما الحاج يعقوب شرد بحدقتيه المهتزتين بتفكير مذهول..
في هذه الأثناء تقدم فهد الذي كان يشعر بالقلق ناحية جدته وهز كتفها يجذب انتباهها..
تطلعت زاهية له فقال بشيء من التردد والارتباك
((جدتي هل أخبرك بسر ما يتعلق بيزيد؟))
فغرت زاهية شفتيها وكل حواسها تتأهب نحو حفيدها الصغير ليكمل
((أنا ويزيد في نفس السن لكن كل واحد منا يدرس في فصل مختلف.. قبل أيام كنت أريد التأكد من أن والد يزيد اسمه مالك كما هو مكتوب اسمه على كل دفاتره.. فأمسكت ورقة حضور فصل يزيد التي كانت في ملفات أستاذي..))
بللت رتيل شفتيها وهي تقترب من ابنها وتصغي له مع باقي من في الغرفة وتقول بفضول عارم
((نعم يا فهد، اسمه كان على دفاتره يزيد مالك، هل كان مختلف عن اسمه في دفاتر أستاذه؟))
ازدرد فهد ريقه بينما يقول بذهول لا زال يتملُّكه
((اتضح معي بأن اسم والده فعلا مالك كما قال لكِ.. لكن.. لكن أيضًا اسمه الثالث والرابع مشابه لي.. اسمه "يزيد مالك يعقوب الكانز"))
في هذه اللحظات شحب وجه كل من في الغرفة شحوباً يُحاكي الموتى..
أما زاهية فشعرت بموجة نارية تصعقها..
تسري من رأسها حتى قدميها..
توقف عقلها..
تسارعت أنفاسها..
وقفت على قدميها وبالكاد تشعر بهما..
سارت بخطوات سريعة نحو غرفة نومها.. فتحت الباب.. ثم الخزانة.. بتشتت أخرجت الصناديق القديمة منها لتفرغ محتوياتها..
بعثرت كل صور عائلتها التي تحتفظ بها وبدأت تبحث بتخبط عن صور قديمة لمالك عندما كان بهذا السن..
بمجرد أن وجدت له صورة قديمة حتى أمسكتها بأصابع مرتجفة..
ثم قربت صورة مالك من صورة يزيد..
نفس الملامح تقريبا..
تشوشت عينيها بدموعها وضاع صوتها وهي تتمتم
((يا رب السماوات! إنهما متشابهين.. لقد ورث من مالك نفس ملامحه))
لم تشعر زاهية بأنهم جميعا لحقوا بها..
حتى رتيل بمجرد أن سمعت تساؤلها المعذب رفعت قبضة متكورة غير مستقرة نحو فمها كأنها تخفي ارتعاش شفتيها..
حاصرت الحاج يعقوب غصة مسننة ليقول دون مقدمات بصوتٍ خشن مبحوح النبرات
((هل يعقل أن يكون يزيد هو ابن ما..))
بتر يعقوب تكملة اسم ابنه من هَول فكرة أن يكون يزيد هو ابن مالك!
هل يعقل أن يكون يزيد هو خطيئة ابنه مع..
مهلا.. مهلا.. مهلا..
قال فهد بأن اسم يزيد بدفتر المدرسة مسجل باسم ابن مالك الكانز إذن زواج مالك من سمية مُسجل في المحكمة!
مسجل في المحكمة باسم مالك..
إذن فمالك..
هو..
زوج سمية الثاني..
والذي.. تزوجته.. خارج القرية!
انتشله من أفكاره انتفاض زوجته التي وقفت من مكانها.. ترفع ثوبها الثقيل وتمضي نحو غرفة مالك بخطوات سريعة..
وقفت عند عتبة باب الغرفة وكان تخمينها بتواجد يزيد هناك صحيحا..
كان يزيد جالسا في حجر مالك ينتفض جسده الصغير بالبكاء بعد أن شكا له بعبارات مرتجفة غير مفهومة ما حدث..
ضم مالك جسده الصغير إلى صدره بحنان جارف بينما يمسح على ظهره بكفه وهو يُهدهده..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:40 PM   #3460

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي





محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



انتهى الفصل.

طبعا مثل كل مرة اي أحد يكتب ريفيو طويل مميز ان شاء الله ابعت له تكملة هذا المشهد كامل قبل الفصل القادم.. 😍⁠❤⁠ 😍⁠❤⁠


⁠واي أحد يكتب وما أرسله أكيد بكون سقط سهوا وبس يبعتلي وانا ان شاء الله فورا ارسل المشهد 😍⁠❤⁠ ..




Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.