آخر 10 مشاركات
روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          شبح القصر (20) للكاتبة Donna Fletcher .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          اكليل الصبار ج1- من س اني عشقتك -قلوب أحلام زائرة- بقلمي:زهرة سوداء(مكتملة&الرابط) (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )           »          طوارئ الجليد (6) للكاتبة: Laura Iding .. كاملة .. (الكاتـب : Gege86 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-03-21, 06:57 PM   #361

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 107 ( الأعضاء 17 والزوار 90)
‏نوارة البيت, ‏انجى رفاعى, ‏manar.m.j, ‏Mini-2012, ‏Amal Almabrouk, ‏amana 98, ‏سهى قيسيه, ‏احب القراءه, ‏الاءعزيز, ‏Dedamayosh132, ‏denaziada, ‏sira sira, ‏افق, ‏اميرة حجازى, ‏زكرياء أحمد, ‏هدى هدهد, ‏النفس الأخير
أدوات الموضوع


نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 07:01 PM   #362

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثالث

بدأت نورين تتابع النظر لسمية تضع المرهم فوق بشرة يديها الجافة المحمرة وفيها بعض من التقشير ثم تلفه بالضماد الأبيض فحاولت نورين التطوع
((هل ألُفها عنك يا سمية؟))
نفت سمية وهي تبتسم لها ببشاشة وابتسامتها تشمل وجهها كله
((لا تقلقي لقد انتهيت))
عاد الشعور بالذنب يظهر على وجه نورين وهي تقول معتذرة للمرة الألف
((أنا حقا اعتذر لأني سكبته عليك بغير قصد.. قصدت أن اقذفه أرضا ولكن لم يكن عليّ التهور بهذا الشكل الطفولي))
عادت سمية تطمئنها بلطف
((لا تقلقي يا حبيبتي.. لا اشعر باي الم.. هو التهاب واحمرار طفيف.. ما زلت أستطيع القيام بكل النشاطات اليومية.. لكن احتاج فقط للمداومة على وضع المرهم))
أخذت نورين نفسا عميقا مشبعا بالراحة.. كم تحب مجالسة سمية ذات الوجه البشوش المشرق وروحها النقية..
كم هي ممتنة لأنها كانت في حياتها منذ زواجها وانتقالها لهذا المنزل..
تطلعت حولها في المنزل ثم تساءلت
((هل تحبين أن اقضي بعض الوقت مع يزيد قليلا؟))
((لا داعي لا أريد إتعابك))
((لا على العكس.. أنا اعشق الأطفال جدًّا.. رتيل لا تقبل أن اللعب مع أولادها أو حتى أتحدث معهم ونفس الشي لهدى تضل طويلا بغرفة أمها.. فلا أجد غير يزيد))
أخبرتها بصوتٍ رقيق
((أنه يحبك كثيرًا.. ويحب نجوم.. يستمتع برفقتكما أكثر مني))
أطلقت نورين ضحكات خافتة مرحة على كلام سمية ثم عادت تسألها بفضول
((إذن أين هو الآن؟ هل يلعب مع نجوم؟))
تقلصت ابتسامة واطرق وجهها قليلا وهي تقول بشيء من الحرج
((لا.. مالك تبرع بأخذه قليلا.. إنه يحب أن يذهب معه لمباريات كرة القدم مع أصدقائه))
حاولت نورين ألا تظهر الاستغراب أو العجب وهي تقول
((لاحظت بأن مالك يحبه كثيرًا ويحب أن يقضي الوقت معه))
ترددت أنفاس سمية داخل صدرها بشكل موجه لذكر نورين تعلق مالك بيزيد.. إلا أنها حاولت أن تداري الأمر وهي تقول بارتباك
((صحيح.. معك حق.. إنه بالمجمل يحب الأطفال مثلك))
رفعت نورين حاجبيها بغير اقتناع.. فمالك ليس هكذا مع أبناء إخوته.. هو هكذا مع يزيد فقط..
لكنها فضلت الاحتفاظ برأيها هذا لنفسها..



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:22 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 07:02 PM   #363

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في غرفة مالك..
كان متمددا فوق سريرها وعينيه الخضراوين شاردتين بنظراتٍ حزينة شاعراً بالأسى على ما حدث لسمية والكراهية لنفسه لعدم استطاعته طوال الأيام السابقة الاطمئنان عليها كما يجب..
وهي من جهة أخرى لا تخرج من بيتها الصغير إلا ما ندر بسبب حرق يديها..
فقط لو توافق على طلبها وتعطيه حق حمايتها والدفاع لما كان سيحدث كل هذا..
إلا أنها عنيدة إلى حد اليأس.. أو أنها لا تحبه ولا ترى فيه رجلا كافيا لها بسبب ذلك الفرق اللعين بينهما..
أخفض عينيه ناظراً للرسائل التي أرسلها لها دون ردٍ واحد منها..
هي في الأساس لا تجيب على رسائله أو اتصالاته أبدًا إلا عندما يتعلق الأمر بيزيد بإجابات باردة ورسمية..
اعتدل جالسا على السرير يبدأ في تسجيل رسالة صوتيه بنبرةٍ عميقة جادة لها يهدر فيها
((مرحبا سمية.. أنا أريد فقط الاطمئنان من أنك لا تواجهين أي مشاكل ولا تحتاجين أي شيء أو مساعدة.. أرجوكِ أجيبِ أو سأضطر مرغما لإرسال نجوم أو أمها لك ليتفقدوا حالك.. وحينها لا تلوميني ولا تقولي بأن ما أفعله يلفت الانتباه لك))
كان صوته عبارة عن دوامة من الانفعالات الظاهرة من قلق وغضب وعتاب على جفائها بدون أن تطمئنه أو تخمد نيران قلقه عليها..
وكانت دقائق حتى وصله ردها كتابيا ببرود استشعره من بين حروفه
"أنا بألف خير.. نورين ونجوم يزرنني من وقت لأخر ويرين إذا ما كنت بحاجة لشيء.. لو سمحت اترك يزيد ينام عندي اليوم فإصابتي ستشفى قريبا كما أنني لا أواجه أي صعوبة في القيام بأعمالي اليومية.. بل سأعود للعمل في حديقة المنزل قريبا وأفضل من السابق"
رغم كل شيء كلامها أثلج صدره وأراحه فكتب لها
"الحمدالله.. إذا ما شعرتي بأي ألم أرجوكِ لا تترددي في إخباري لأقلك للطبيب.. لكن دعي يزيد يضل معي طوال الفترة القادمة ولا تقلقي عليه فأنا أذاكر دروسه واعتني به أفضل منك بشهادته هو"
ترك الهاتف وهو موقن بأنها لن ترد عليه..
لكن حمدا لله أن الحرق لم يكن خطيرا..
بشرتها الصافية الملائكية الحساسة هي أكثر ما تثير المشاكل لها..
وهو كان أكثر من شاهد على ما تتعرض له من ألم وأوجاع والتغييرات عند تعرضها لشيء يهيج حساسيتها..
وهنا ذهبت ذاكرته إلى قبل سنوات طويلة.. إلى ما يقارب العقد..
عندما كان هو في الثامنة عشر من عمره.. في حين كانت هي الخامسة والعشرين..
كان بعض من رجال القرية ووجهائها مجتمعون في مجلس أبيه الضخم الواسع..
كانت سمية تقوم بانهماك بتنظيف الزاوية خارج باب المجلس الذي انسكب فيه نوع من الطعام صعب الإزالة..
لم يكن عملها ولم تكن ملزمة في التنظيف لكن كانت نعمة ومنال المسؤولات عن تدبير المنزل يتسلطن عليها ويأمرنها بالمساعدة في تنظيف المنزل فقط لكونها ابنة بستانين يعملون في مزارع عائلته ويسكنن في بيت صغير ملحق بحديقة منزلهم..
خرج هو من المجلس يقف أمام الباب يحدق بها وهي منهمكة في فرك الزاوية دون أن تشعر باقترابه أو وجوده..
فتطلع بها بهدوء ثم أخفض نظره ليدها يلاحظ أنها لا ترتدي السوار الذي جلبه له..
فهي سبق وأن اشترت له من دون أي مناسبة ساعة جعلته يطير من الفرح لقائها كطفل صغير وهو في المقابل جلب لها سوار بسيط حرص ألا يكون غالي الثمن حتى لا تكون سبب في رفضها..
فقبلتها على مضض ولم تستطع الرفض كونها من بادرت بإعطائه شيئا..
اقترب مالك منها يسألها بشيء من الانزعاج الممزوج بالعتاب
((لماذا لا ترتدين السوار الذي جلبته لك يا سمية؟ أنا لم اخلع ساعتك منذ أن أهديتها لي))
خرجت من شرودها جافلة على وجوده وأخذ الأمر منها لحظات طويلة حتى تستوعب كلامه وتخفض نظرها إلى حيث ساعدها ثم تعاود النظر له مبتسمة ببعض الاعتذار
((لقد أحببت سوارك يا مالك جدًّا.. لكن الحساسية تهاجم يدي هذه الأيام بسبب استخدام المنظفات.. والطبيب أخبرني أن أحدَّ من ارتداء الحلي.. لذا لن أستطيع ارتداءها باستمرار))
كانت تتحدث ببعض الأسف فلفّ الحزن ملامحه الوسيمة وأومأ يتمتم بخفوت
((سلامتك..))
عادت تنهمك في عملها فظهر عليه الانزعاج والحنق من أجلها.. لا يصدق بأنها فعلا وحتى هذه اللحظة تستمر في القيام بما هو ليس من واجبها خاصة في استخدام المنظفات الكيميائية.. فقال بخشونة يداري بها ملامحه القلقة عليها
((عليك أن تستخدمي كلمة "لا" أكثر أمام نعمة.. فتلك العجوز المتعجرفة تظن نفسها مسؤولة عن كل من يدخل بيتنا ولا كبير لها))
رغم أن عينا سمية المطفأتان لمعتا ببريق عند كلامه إلا أنها حافظت على ابتسامتها وهي ترد عليه
((لا بأس يا مالك.. هي لا تجبرني على شيء وانا أقوم في كل هذا من طيب خاطر.. بل هو واجبي لقاء أفضال الحاج يعقوب على والديّ بعد الله))
أمرها بتسلط وحنق
((البسي إذن قفازات على الأقل))
دمدمت وهي تناظر يديها الحمراوان
((لن أستطيع فهما يحكاني))
عقد حاجبيه وهو ينتبه إلى أنها تسببت بجروح دامية في بشرة يدها التي هي في الأصل ناعمة وملائكية..
وشعر بثقل في قلبه وهو يفكر كم أن الأمر مؤلم بالنسبة لها..
انتبه لشيء من الارتباك يظهر عليها وهي تخبره بينما تعود لوضع الفرشاة في دلو الماء
((الآن أرجوكَ عد للداخل يا مالك المجلس قبل أن يلحظ أحد طول فترة وقوفك هنا.. وقفتك هذه ستثير الأقاويل فأنتَ لم تعد صغيرا.. بل تبارك الله لا أكاد أصل بطولي هذا إلى كتفك حتى))
لم يجبها ولم يبتعد بل ظل متخشبا مكانه يناظر يديها وبدون أن يشعر أو يعي على نفسه وبغريزة ذكورية بحتة اقتربت كفه ببطء من إحدى يديها تبغي الطبطبة فوقها..
وما إن همّ بملامستها حتى جفلت شاهقة بصوت ونظرت له جاحظة العينين وبحركة تلقائية كانت ترفع يدها فوق وجهه بصفعة مدوية..
لم تصدق ما فعلته فتراجعت للخلف بينما تزايدت وتيرة أنفاسها..
وهو ظل متجمدا مكانه ينكس وجهه ذنبا مما فعله حينما هلع والده ومن معه من الرجال ليقفوا أمام مالك ويستفهموا ما حدث..
تطلع الحاج يعقوب له يوزع أنظاره تارة عليه وتارة على سمية التي كانت تناظره بفزع وحدقتين مرتعشتين مما فعلته بابنه..
ما إن أدرك الحاج يعقوب ما حدث حتى صرخ فيها صارما
((كيف تجرأتِ على صفع ابني بهذا الشكل؟ كيف تجرأتِ!))
ارتعشت مكانها وفغرت شفتيها إلا أنها عجزت عن النطق بشيء تدافع فيه عن نفسها أمام نظراته الساخطة..
كان يهم بطردها عندما سأل أحد الرجال مالك الذي لا زال منكسا وجهه للأسفل
((لماذا قامت بصفعك يا مالك؟ ماذا فعلت لها؟))
احتقر مالك نفسه في هذه اللحظة لما ورطها به أمامهم جميعا.. لقد أساء لها كما تظل تخاف..
إلا أنه حافظ على جمود وجهه وهو يقول بصوتٍ ثابت
((لقد أمسكت يدها فقامت بصفعي))
اتسعت عينا الحاج وشعر بالخزي من أنظار الرجال من حوله المستنكرين فعلة ابنه وأحدهم سأله عن السبب ليجيب بنفس هيئه
((لقد كانت هناك جروح على يدها))
سارع الحاج يعقوب يصرخ عليه موبخا
((كيف تمسك امرأة لا تحل لك وليست من محارمك يا مالك؟ هل تظن نفسك لا زلت صغيرا؟ صفعها لك أقل ما تستحقه.. بل أنا من عليّ أن اكسر يدك))
همهم الرجال باتفاق مع كلام الحاج..
هدأت دقات قلب سمية وخف ارتعاش جسدها واستطاعت كبح عبراتها المتجمعة في عينيها لاعترافه بما حدث وقد ارتعبت من غضب وسخط الحاج عليها وما قد يترتب عليه من عواقب لوالديها الذي يعيشون ويملكون بأملاك الحاج..
لكنها شعرت بالشفقة على مالك وما يتلقاه من نظرات وكلام الرجال من حوله استنكارا لم فعله..
ناظر أحدهم الحاج يعقوب قائلا
((أليست مخطوبة لذلك الحرفي الذي قام بدّهن وطلاء ديوانية القرية.. ما هو اسمه؟))
رد رجل أخر بتلقائية
((اسمه كامل))
فعاد الرجل الأول يتابع
((نعم اسمه كامل.. أليس مخطوبا منها؟ لقد طالت خطبتهم لسنين طويلة بسبب انتظارها له حتى يكون نفسه.. إنها فتاة ولا يجب أن تنتظر أكثر فالعمر بها العمر أكثر من ذلك.. فلماذا لا تساعد خطيبها ماديا يا حاج وتكمل على نفقتك الشخصية تكاليف زواجهما وتبعياته؟))
وعلى الفور رد يعقوب وهو يمد يده على صدره معطيا كلمته ووعده
((وهذا ما سيحدث.. زواجها من ذاك الحرفي المحترم سأحرص على أن يتم قبل نهاية الشهر الجاري))




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:22 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 07:03 PM   #364

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

بينما كانت رتيل تعد الشاي لزوجها بشرود امتلأ الكأس وخرج الماء الساخن منه على الرخام..شعرت بقطراته تلسع يدها فأجفلت شاهقة بألم طفيف.. وسارعت تجفف الرخام سريعا ثم أنقصت من الكأس..
وقبل أن تحمل الصينية تخشبت مكانها وهي تذكر حادثة سمية والتي حدثت فعليا بسببها هي..
هل هي حقا امرأة جافة المشاعر وباردة القلب تحاول مداواة آلامها بأذية غيرها؟
ظهر الندم والحزن جليا على وجهها مما فعلته بها.. خاصة وسمية غائبة عن العمل في الحديقة ولا تدخل من وقتها المطبخ..
وكانت تريد الذهاب لبيتها الصغير الملحق والقابع بجانب منزلهم لكن كبرياءها منعها..
التفتت تسأل منال التي كانت تحرك الطعام فوق الموقد
((أين هي ابنتك نجوم؟ ألا تزال عند سمية؟))
تطلعت منال لها بتعابير ممتعضة
((مقصوفة الرقبة بمجرد أن تأتي هنا سأريها.. لا اعرف كيف قبلت الحاجة زاهية بذلك فهي لا تدفع لها راتب شهري وتسكنها في الدور الأرضي مقابل الاهتمام بتلك البستانية سمية!))
اضطربت ملامح رتيل إلا أنها قالت بلامبالاة ظاهرية
((دعيها هناك تهتم بها تكسب اجر فيها))
تمتمت منال متذمرة
((ألا يكفي سمية هانم أن نورين تظل عندها منذ ساعات))
لف ذهول وجه رتيل ثم سرعان ما قالت مستنكرة
((لحظة.. لحظة.. منذ ساعات عندها؟ ماذا تفعل هناك؟ هل تستغل انشغالي في فعل ما يحلو لها؟ كم أكره المتمردات أمثالها))
قالت نعمة المرأة الكبيرة التي كانت تتواجد في المطبخ
((لقد أخبرتنا الحاجة زاهية ألا نطلب منها القيام بأي شيء هنا))
أتعست عينا رتيل وتساءلت مستنكرة
((عمتي قالت هذا؟ ولكن لماذا؟))
أجابتها نعمة بهدوء
((بناء على أوامر السيد مصعب))
شعرت رتيل بقلبها ينازع في صدرها غلا.. فقالت ببرود وتعابير متجهمة
((حسنا جيد.. فهي لا تنفع في شيء أساسا))
ثم غادرت المطبخ كله وهي تحمل صينية الشاي وتفكر بأن تلك الخرقاء التي تم تزويجها لمصعب كفصيلة استطاعت في ظرف أشهر أن تجعله خاتما في إصبعها.. في حين هي عاجزة عن كسب أو استمالة زوجها الذي تزوجته من سبع سنوات..
مهما فعلت وبذلت جهدها لا تنجح..
فهو لا يسمح لها في الاقتراب منه بأي وسيلة أو طريقة.. حتى ملت منه وكرهته..




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:23 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 07:04 PM   #365

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في منزل وليد الكانز..أقام وليد دعوة لعمه يعقوب وأولاده.. وكما سبق وتوقع تعذر كل واحد وتحجج بشيء حتى لا يلبي الدعوة ولم يأتي إلا الحاج يعقوب ومؤيد..
فلا هو يطيق أحد منهم وكذا الأمر من جهتهم..
جهزت جُمان زوجة وليد لعمه العديد من الأصناف والأطباق الشهية والأكلات الشعبية التي تستمد مكوناتها من بيئتهم الزراعية..
وقد حرصت في إعداد وترتيب الطاولة ما يعبر عن ذوقها الراقي في العطاء وما يميزها عن سواها..
بمجرد أن أنهى الحاج يعقوب طبقه حتى غمغم يحمد الله على نعمه ثم قال داعيا لوليد بصدق
((أسال الله العظيم أن يرزقك الذرية الصالحة.. أنا احلم يا بني أن احمل أولادك اليوم قبل الغد))
حاول وليد أن يرسم ابتسامة مجاملة وهو يقول لعمه الوحيد على قيد الحياة
((الأمر كله بيد الله.. وانا راضي بحالنا كيفما كان والحمدالله))
قوس الحاج يعقوب حاجبيه هادرا بصوته الوقور
((الحمدالله دائما أبدًا لكن لم التشاؤم يا وليد؟ زوجتك تتعالج وبإذن الله سيجبر الله في خاطركم))
تدخلت جُمان على الفور وهي تقول مزينة ثغرها بابتسامة صغيرة
((لقد توقفت عن العلاج يا عمي))
طالعها بعقوب بملامح غير مقروءة ثم تساءل بتروي
((لماذا؟ هل هو امر مؤقت؟))
أومأت نافية ثم قالت دون أن تنحسر ابتسامتها الهادئة
((لا بل توقفت بشكل نهائي عن العلاج وقررت أن أرضى بنصيبي وقدري))
سكت لحظات يستوعب ما تقوله جُمان ثم هتف بدهشة غاضبة
((وما علاقة رضاك بالقدر في الأخذ بالأسباب؟ لم توقفتِ عن أخذ العلاج؟))
أجابته جُمان بصوتٍ أجش
((الأعراض الجانبية والتغيرات التي تحدث في جسدي بسبب العلاج الذي أخوضه من أجل الحمل أكبر من طاقتي على التحمل))
تغضن جبين الحاج وهو يستمع مدهوشا غير راضي عن عذرها.. ثم قال بصوت مقتضب
((وهل هذه الأعراض خطيرة إلى حد توقفك عن العلاج؟))
ارتبكت قليلاً لكنها أجابت بوضوح
((نعم خطيرة ومرهقة بالنسبة لي.. فأنا لسنوات كثيرة أرهقت نفسي في الخوض في علاج الحمل.. والآن لم تبقَ أي خلية قادرة على تحمل هذه الآثار الجانبية للعلاج.. ولا الألم والأرق والتغيرات في الحالة المزاجية.. فهو يزيد من إرهاقي وشعوري بالقلق المستمر والضغط العصبي والاكتئاب.. لم أعد املك أي طاقة لإكمال رحلة العلاج من اجل الحمل.. إنه شيء فوق طاقتي))
اضطربت ملامح الحاج يعقوب مما قالته وتجلى شيء من التأثر بكلامها في داخله.. لكن ظل يرى في كلامها مبالغة نسائية ودلال أنثوي..
فتساءل بخفوت وهو ينظر لوليد
((إذن زوجتك لن تكمل المضي في رحلة علاجها؟ وماذا بعد؟))
هز وليد كتفيه وهو يقول ببساطة
((هذا الأمر يعود لها فلست أنا من أمر بكل هذا الألم والإنهاك في سبيل الحصول على طفل.. ثم يا عمي صدقني الحياة بدون أطفال ليست مظلمة كما تظن))
استنكر الحاج سلبيته ولامبالاته باستياء ثم تساءل
((إذن هل تخطط لأن تكمل حياتك هكذا؟))
ثم عاد ينظر بوجهه الوقور المتجهم لجمان مستطرد فكرة أن يظل ابن أخيه بلا ذرية أو سند
((هل نسيتِ أنه في بلادنا نعتبر الأولاد عزوة وعائلة للرجل؟ أتريدين أن تحرمي زوجك من هذه الأمور؟ زوجك سبق وكان وحيد والديه فهل تريدينه الآن بلا ذرية أو نسل من بعده؟))
اندثرت الابتسامة المجاملة التي كانت ترسمها جُمان لتتساءل بهدوء
((وهل أنا احرمه بإرادتي؟ هل أنا سعيدة بعدم قدرتي على الإنجاب وتجربة شعور الأمومة؟))
قال الحاج يعقوب بضيق
((ولكنك لا تبذلين جهدا كافيا للعلاج بل توقف واستسلمتِ ببساطة عنه))
فهمت جُمان بأنه عم زوجها لا يرى كل ما قالته سببا حتى تتوقف عن تعذيب نفسها في رحلة العلاج.. فزمت شفتيها والعبوس يداعب حاجبيها قبل أن تخبره بضيق
((في أخر زيارة لي.. أكد عليّ الطبيب بأني لو أكملت العلاج وحملت سأتعرض لمضاعفات خطيرة قد تودي بحياتي.. وأخبرني أن الخيارات المتاحة لي هي أن أنجب طفلا يتيما في هذه الدنيا.. أو أن أرضى بنصيبي))
انتبه وليد على ملامح زوجته الضائعة بالألم فربت على كتفها قائلا بدعم
((لا بأس حبيبتي.. صحتك هي بالدنيا كلها.. اهم شيء ألا تحزني))
تطلعت جُمان تنظر له شامخة بذقنها
((لم أحزن يوما على عدم إنجابي فالنعم كثيرة من حولي.. والله خلق الخلق وقسم لهم أرزاق كل شيء بما فيها رزق الذرية.. كنت أحاول جاهدة في السنين الماضية الإنجاب فقط من أجل أنتَ.. لكن خرج الأمر عن يدي الآن وبات فوق طاقتي))
والسبب الأخر الذي لم تعلن عنه جُمان هو بانها تأمل أن تنجب فقط عندما يكون بمقدور رحمها أن يحتوي نطفة رجل تحبه ويحبها..
لم يجد الحاج يعقوب إلا أن يرسم وجهه الوقور ابتسامة هادئة على مضض ويقول
((ليكتب الله لكما الاثنين الخير))
اعتدلت جُمان واقفة من مكانها تقول برزانة
((استمحيكم عذرا لدقائق))
غادرت المكان في حين أغمض وليد عينيه يعيد رأسه ويستند إلى ظهر كرسيه..
جسده يريد أن يغنم بعض النوم لعله يريحه من بعض مشقة أيامه السابقة.. مشقة قلبه الملتاع.. وروحه التائهة..
لم يخرجه من عالمه الأخر إلا هدير ابن عمه مؤيد الذي قال بنبرة ذات مغزى
((هناك بعض الإشاعات يا ابن عمي.. فقط مجرد إشاعات مفادها أن العيب منك لا من زوجتك والا لكنت تزوجت على الفور.. فأنتَ رفضت الزواج من ابنة الهنادل حتى لو ترتب أن تغرق العشيرتين ببحر من الدماء))
التفت وليد لمؤيد وأظلمت عيناه بسوادٍ عميق بل وتحرك حلقه يدرك بمحاولة ابنه عمه أن يجرحٍ رجولته وكرامته خاصة وهو يتحدث بتلك النبرة الشامتة التي لا يخطأ فيها وليد..
لكن ليس هو من سيسمح لأحد أن ينال منه أو ينال من المرأة التي هي على اسمه.. فرد عليه بصوتٍ حيادي
((لن أنكر ولن أؤكد هذه الإشاعة.. فهذا الأمر يخصني أنا وزوجتي.. ثم أن إجابتي لن تفيدك في شيء وإنما سترضي فضولك وأنا أحب أن تقتل نفسك بهذا الفضول وعادة التلصص على أسرار الآخرين))
سكت وليد وعم التوتر في الأجواء فشعر الحاج يعقوب بأن عليه التدخل لأنه لو استمرت هذه الردود في التقاذف بينهما فلن ينتهي الأمر قبل أن تندلع مشاجرة كبيرة فسارع يقول لوليد
((لم يقصد مؤيد شيء.. فلا تأخذ على خاطرك))
أمعن وليد النظر في عمه المهيب والوقور إلى درجة أنه لا يتخيله إلا ثابتًا بتلك الرزانة على اختلاف ابنه مؤيد..
ثم رفع إحدى حاجبيه يقول بتلك النبرة اللاذعة التي يبرع فيها
((العفو عماه.. ولكن ابنك الغارق حد الثمالة في فتنة الأولاد أنا متأكد بأنه لا يفقه شيء في تربية الأبناء.. ولكنه يمشي على يسير على مبدأ العجائز "العدد في الليمون".. ربي أولادك يا مؤيد ودعك مني فأنا سعيد بوضعي..))
وجه وليد كلامه لمؤيد في نهاية حديثه يضع وهو عينيه في عيني الأخر الذي كان يصر على أسنانه بغيظ من كلامه.. بل وكاد أن يقوم من مكانه ويشرع في شجار معه إلا أنه والده وضع يده فوق كفه من تحت الطاولة يرجوه بصمتان تحكم في أعصابه ويمنع انفلاتها.. قبل أن يعقب قائلا
((تبالغ يا وليد.. مؤيد لم يقصد هذا.. ما قاله كان بحسن نية))
قام وليد من مكانه يقول بوجه شديد الجدية حد التجهم
((أنا اقبل يا عماه تعاطف الناس بشكل لائق ومُحب بل ويسعدني ذلك.. على عكس من يوزعون رحمات باردة وشفقات كاوية كابنك))
وغادر المكان كله تاركا ضيوفه بعدم تهذيب في إشارة أنه وجودهم لم يعد مرحبا به..
فتنهد الحاج يعقوب إلا أنه لم يغضب من تصرف وليد فهو الأعلم بطباعه من البشر ولم يكن امر كهذا جديد عليه.. بل وعذره لان ابنه مؤيد من حاول خدج رجولته..
.
.
مساءً..
دلفت جُمان لغرفة نومها.. وضعت مرطبها الليل وشددت من إغلاق مئزرها ثم رفعت الغطاء ونظرت جانبها لزوجها المتمدد بجانبها شارد العينين والذهن..
عندما التفت وليد لها عرفت بأنها أطالت السرحان فيه.. فأشاحت بوجهها جانبا تقول ببرود
((سبق وأخبرتك بأني أريد فقط بعض الوقت حتى أُهيئ لوالدي مسألة طلاقي منك وأنظم أموري لكن لم دافعت عني أمام عمك؟ تعرف أن الحياة باتت مستحيلة بيننا بشكل قاطع.. وحجة عقمي كانت لتكون أفضل سبب عندك لتتحرر مني وتتزوج ممن تريد))
أظلمت ملامح وليد للحظة لكنه قال بصوتٍ صارم
((عندما أريد التحرر منك والزواج بمن أريد فأخر ما قد أتحجج به مسألة عقمك))
نظرت إليه بصمتٍ فاقترب منها يحيط كتفيها بذراعه متسائلا بهدوء قاتم
((لماذا لم تخبريني بالمال الذي تعطيه لوالدك من حين لأخر؟ أكان عليّ أن اعرف مصادفة بأمر كهذا تفعلينه منذ زواجنا؟))
اجابته بخفوت وبطء وعينيها بعينيه
((لم أكن لاحب أن يعرف أحد بأني أساعد أبي من راتبي الخاص بعملي.. فأخشى أن تستنقص أو تتعالى عليه.. رغم أني اشهد بأنك كنت طيبا ومتعاونا معي.. ولكن كما تعرف والدي هو ما تبقى لي في هذه الدنيا ولا اقبل أن يمسه أذى نفسي من أحد ولو بمقدار ضئيل))
تمعن وليد النظر في زوجته التي تظهر أمامه أنثى مغرورة مرفوعة الهامة عالية الكبرياء كما هي منذ بداية زواجهما..
فهز رأسه ببطء.. ثم أشاح بعينيه جانبا يعود ليتمدد مكانه..
يفكر بأمره الأخر.. فعلاقته مع جُمان مسألة وقت قبل أن تنتهي.. ويتزوج من شيرين..
لكن بالتأكيد لن يخبرها.. لن يتنازل عن تعذيبها قبل أن يسمح لها بالراحة..
زفر نفساً بطيئاً من بين شفتيه وكأنه يتنفس الصعداء ثم وضع رأسه فوق الوسادة يغمض عينيه..




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:23 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 07:05 PM   #366

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

قالت تمارا بوجه ممتعض بعد أن أنهت تصفيف شعر ابنتها الفاتح بخصله الذهبية
((حسنًا سأدلف للداخل.. وأنتِ أيضًا اظهري النزق أثناء جلوسك مع خطيبك لعله يعجل بمسألة الزفاف والتجهيزات التي طلبتها سواء في الحفل أو المنزل الذي ستسكنينه.. لقد أخطأت عندما وافقت على عقد قرانكم!))
أخر جملة غمغمتها بصوتٍ خافت كمن تحدث نفسها.. ارتدت سهر فوق كتفها معطف خفيف من الفرو.. ثم أمسكت حقيبتها الجلدية الباهظة وهي تقول لوالدتها بتعجل
((سأقترح عليه ذلك يا أمي.. وداعا الآن))
وقفت تمارا عند البوابة الخارجة لمنزلهم تطالع قصي يركن سيارته جانب الطريق.. ويخرج من مقعده في سيارته الفارهة السوداء.. يستقبل يد سهر الرقيقة في سلام لهف ثم يتقدم منها يلقي سلاما سريعا بابتسامته الخلابة كعادته كَيّس وخلوق مع من يكبره..
قام قصي بشد المقعد لابنتها وفتح الباب وظل ممسكا به حتى دخلت.. يعاملها كما تستحق وترغب أن تعامل..
جلست سهر على المقعد الجلدي المريح وهي تسأله بلهفة كأنها لم تراه أو تتحدث معه منذ شهور لا فقط منذ ساعتين
((كيف حالك يا قصي؟))
جلس خلف مقود السيارة وشغل المحرك وبدء القيادة بينما يجيبها ناظرا لها بانشداه
((أنا بخير.. وهل أنتِ يا باربي بخير؟))
أومأت له ببسمتها الساحرة.. ثم بدأت تتأمله يضع يده على المقود بأناقة ويقود سيارته مرتاحا ويمر بسلاسة وسط زحمة السير الخانقة..
قبل أن تنظر من حولها داخل السيارة تسأله بعفوية
((هل هذه سيارة جديدة؟))
أجابها بينما يضع يده على مؤشر تغيير السرعات
((لا في الحقيقة إنها لوالدي.. لقد اشترى لنفسه سيارة جديدة وأعطاني هذه))
رفعت سهر حاجبيها بذهول تقول له
((إذن فقد أصبحت ملكك.. هنيئا لك.. لم أرى أحد يحب شراء السيارات بقدرك.. لو كان متاح لك لكنت غيرتهم كل يوم كما تغير بدلاتك))
قهقه على كلامها ثم تمتم موافقا
((معك حق))
سألته باهتمام وتلقائية
((كأن صوتك فيه بحة قوية.. هل أنتَ مريض؟))
لفة شيء من الارتباك إلا أنه قال بينما يرفع يده الأخرى ويمسد مؤخرة رقبته
((لا يا باربي.. كنت أتحدث كثيرا في عملي لفترات طويلة دون راحة وحسب.. ربما هناك احتقان أو التهاب في أحبالي الصوتين لكني لست مريض))
شابت نظرات عينيها القلق وهي تخبره
((عليك مراجعة للطبيب))
أخذ قصي نفسا عميقا ثم قال بصوتٍ أجش
((الصوت ليس المشكلة.. المشكلة الحقيقية هي فقرات رقبتي والخشونة في عضلات ظهري..))

رغم قلقها مِمَّا تسمعه إلا إنها شعرت بالامتنان له فهو على الرغم من إرهاقه في العمل إلا أنه يجد لها وقتا بالساعات يوميات ليقضيه معها.. ولا يتوقف عن إشعارها بأنها محور حياته وكل ما يهمه في هذا العالم وليس له حياة خاصة لا تضمن وجودها هي..
فزمّت شفتيها المكتنزتين ثم قالت بحزن عليه وهي ترفع يديها لكتفه
((حبيبي المسكين.. كل هذا بسبب الجلوس فترات طويلة.. أخبرني قليلا عن عملك في شركة عائلتك؟))
تطلع قصي لها لوهلة قبل أن ينظر في الطريق أمامه متسائلا
((ماذا لم افهم!))
سألته باهتمام وهي تمعن النظر في ملامحه
((اقصد ما هو طبيعة عملك كمدير في شركة عائلتك.. قالت لي صديقتي بأنه لا يصح أن يكون محور حديثنا طوال الوقت عن اللهو والاستمتاع وبأنه يجب أن أتحدث معك واصغي لكلامك عن العمل ومشاكلك))
شد قصي على يديه الممسكتان بالمقوض يمنع اضطرابها ثم سأله بصوتٍ محايد
((هل هي شيرين من قالت لك هذا؟))
أومأت سهر برأسها تقول ببساطة
((نعم شيرين.. اعرف بأنك لم تراها إلا بحفل عقد قرانا قبل سنتين ولكن..))
قاطعها وهو يعود للابتسام مداريا التوتر الذي يجتاحه عند ذكر سيرة شيرين
((لا على العكس أنا اذكر شكلها جيدا.. أنا جيد في حفظ الوجوه.. لكن دعك يا سهر من كلامها رجاءً.. ولا داعي لنغير محور أحادينا أو طريقة تقضيتنا للوقت.. لتبقي كما أنتِ))
لاحظت ذكره اسمها "سهر" الذي ينطقه فقط عندما يكون يتحدث بجدية..
لكنها لم تعر الأمر اهتماما بل تغيرت تعابيرها إلى الدلال والغنج اللطيف وهي تسأله باهتمام
((إذن قصي هل حقا أنتَ لا تعتقد بأني امرأة تافهة لا تفكر سوى في الاستمتاع بوقتها أكثر مِمَّا ينبغي؟))
تطلع قصي جانبا لها كيف تسأله بدلال يليق بجمالها الذي يشبه حرفيا لعبه "الباربي".. ثم أجابها بمرح
((لا طبعا أنتِ على العكس مرحة.. تزوجتك وأنا متأكد بأني لن اشعر يوما بعد زواجنا))
بمجرد أن وصلا الاثنين إلى احدى المطاعم الفخمة حتى جلسا متقابلان حول طاولة صغيرة..
كان قصي يطلعها على صور الفِلل ويتناقش معها عن شكل منزلهما الزوجي في المستقبل وكانت سهر مندمجة معه إلا أنها في لحظة ما ظهر الضيق عليه فقالت تخبره
((علينا أن نفكر أولًا في حفل الزفاف متى سيكون قبل التفكير بشكل منزلنا بعد الزواج يا قصي))
وكعادته عندما يبدأ أحد في التحدث معه عن الزفاف اظهر التوتر وهو يقول
((لقد شعرت بالسعادة أن أمك لن تخرج معنا الآن حتى لا تذكر سيرة تحديد موعد زفافنا.. فلا تبدئي الآن في الخوض بهذا الموضوع))
ظهر الاستياء واضحا على سهر وهي تقول بجدية
((قصي الموضوع لا دخل له بأمي.. لكن ألا ترى بأنه تم تأجيل إقامة حفل زواجنا بما فيه الكفاية؟ ألا تكفي سنتين خطبة وعقد قران؟))
فتح زرين من اعلى قميصه متنهداً رغماً عنه ثم قال
((سهر أرجوكِ لا تضغطي عليّ في موضوع تحديد يوم الزفاف.. متى ما صرت جاهزًا سأقيم حفل زواج أسطوري ضخم لا تتوقف صديقات أمك الراقيات في التحدث عنه ولسنوات قادمة))
أنهى قصي حديثها تزمنا مع إبعاده طبق الطعام أمامه بضيق يعلن عن انتهاء رغبته في الطعام.. فسألته سهر متغضنة الملامح
((لماذا توقفت عن الأكل؟))
أجابها باقتضاب
((لم اعد أريد))
وضعت الشوكة والسكين من يديها على الطاولة ثم قالت
((قصي بدأت اصدق كلام أمي عنك.. انظر لك كيف تغضب وتنفعل كلما جلب لك أحد سيرة تعجيل الزفاف))
رفع احدى حاجبيه متسائلا
((إلى ماذا تلمحين يا سهر؟))
غمغمت له عابسة
((فجأة أشعر بأنك يا قصي رجل كتوم رغم أني امضي معك مجمل وقتي.. هناك غموض يحيط بك يجعلني غير قادرة على فهمك أحيانا))
أحنى رأسه ومد كفيه يحيط بيديها فوق الطاولة ثم قال ضارعًا
((سهر أنا اسف لحنقي الغير المقصود.. لكن أنا قلت لك سابقا بأني المسؤول عن شركة العائلة.. صدقيني سأحاول قدر استطاعتي أن أرتب أموري لنتزوج ونقيم ذلك الزفاف الذي تحلم والدتك فيه بأسرع وقت أقدر عليه وان أوفر المنزل الفاره الذي سيعجب والدتك..))
قاطعته سهر تقول بهدوء
((وما لك بأمي! أنا مستعدة للزواج منك بدون إقامة حفل حتى بل ومستعدة أنا أعيش معك في كوخ صغير فأرجوكَ لا تؤجله بغية جمع مالا أكثر من اجل زفافنا والمنزل.. فالنقود لن تجلب لنا السعادة))
صمت قصي وهو يمعن النظر بوجهها بحيرة ويتشرب ملامحها ثم سألها بخفوت أقرب للشك
((حقا يا سهر؟))
ردت عليه بتلقائية وعلى الفور
((نعم.. النقود وحدها لا تجلب السعادة.. هذه حقيقة))
صحح لها قصده
((اقصد حقا هل كنت لتقبلي الزواج بي مهما كان وضعي ومهما كنت أملك رصيد في حسابي البنكي؟))
أخفضت عينيها إلى كفه الممسكة بيدها بقوة ثم طالعته تقول بحيرة
((قصي.. وهل تشك بذلك؟ هل تظن بأنك لو كنت فقيرا لا تملك شيء لم أكن لأقبل فيك؟))
زارت ابتسامة شفتيه الحزينة ورد بغموض
((نعم هذا ما اعتقده))
سألته باقتضاب وغضب طفولي
((قصي هل حقا تسوء الظن بي بهذا الشكل الفظيع؟))
رد عليها ببساطة وكأن الأمر مسلم به
((أنا أتحدث بواقعية يا سهر.. حتى أن أمك لا..))
قاطعته تقول بملامح تلفها الجدية
((دعك من أمي.. صدقني حتى لو كنت تملك كل أموال الدنيا.. لم أكن لأقبل بك أن لم تعجبني.. لأنه لا يهمني بالشخص الذي سأتزوجه إلا شخصيته وكيف سيعاملني.. أنتَ تعرف بأني أنهيت علاقتي في خطيبي الأول فقط لأنه كان رجلا سكير رغم أن عائلته ثرية وذات صيت.. وهربت من زفافي من خطيبي الثاني رغم أن والده كان غني وشريك أبي في تجارته حتى الآن لأنه طريقة وأسلوب حياته لا يناسبني.. ولم أكن لأقبل خطبتك لو لم تكن تعجني))
لم يتحدث بكلمة بل حرر يديه لتعقد حاجبيها بشك متسائلة
((لماذا اشعر بأنك لا تصدقني؟))
نظر في عينيها يقول بصراحة
((حتى لو قبلتِ فأمك سبق وقالت بأنها من المستحيل أن تقبل يوما بتزويج ابنتها من رجل مستواه المادي أقل من مستوى والدك))
أخبرته باستياء واضح
((هذا لان أمي إنها متعصبة ومتزمتة من الناس الأقل وضعا اجتماعيا أو اقتصاديا منا أنتَ تعرفها..))
قال ببسمةٍ رزينة
((لست بحاجة لقول هذا.. فهذا واضع عن أمك))
الحقيقة هي لم تقلق يوما عليه وعلى الطريقة التي يتعامل بها مع أمها فهو يتصرف دائما بطريقة رجولية معها فولا تضطر لتوجيهه طوال الوقت..
لكنها الآن شعرت بكمية الضغط التي تطاله بسب أمها.. فحاولت أن تكون محايدة وهي تقول
((لكن هي نوعا ما محقة.. هي لا تقصد بانها تبحث مليونير ليتزوجني.. لكن على الأقل يجب أن يكون هناك كفء لمن سأتزوجه))
تمتم بكلمات خافتة مفادها بأنها محقة فعادت تسترسل سهر
((لذلك يا قصي صدقني لن يقل أو يزيد حبي لك لو صرت أكثر ثراءً.. فتوقف عن إرهاق نفسك في العمل وجمع المال الذي يؤخر من ارتباطنا.. ما كانت أمي لتحلم بصهر بثرائك طوال حياتها صدقني.. دعني نقم الزفاف سريعا ونشتري أي منزل ونعش بقية حياتنا في سعادة))
رفع منديلا يمسح فيه العرق الذي نضح على جبهته هامسا بابتسامة متوترة
((لا تقلقي.. أنا أحاول فعل ذلك))
ثم اخرج من جيب قميصه تذكرتان يضعهما أمام سهر مبتسما..
فتطلعت له بحيرة ثم رفعت تذاكر تناظرهم قبل أن تتسع عينيها بدهشة وهي تقول
((إنها تذكرتي مروحية لتجوب بنا فضاء مدينة))
لهفتها وذهولها بما قدمه له جعل أساريرها تنفرج ليكمل بصوته الأجش
((وصدقيني أحاول أن أدبر إجازة من عملي لنذهب لجولة بحرية إلى إحدى الجزر المعروفة.. طبعا هناك تذكار لوالديك أيضًا.. أتمنى أن تعجب أمك هذه الهدية))
تهلل الفرح في عينيها وهي تقول له ببهجة
((هل أنتَ مجنون؟ ولم قد لا تعجبها مثل هذه المفاجأة الجميلة والراقية؟))
ثم أخفضت نظرها للتذاكر تستطرد كلامها بصوتٍ متأثر
((هل تعرف لماذا احبك يا قصي؟ لان حياتي صارت رائعة ومميزة من اليوم الذي دخلتها.. صارت مليئة بالانطلاق والانشراح.. معك فقط اشعر بأني حية ارزق.. مع أن والدي مقتدر إلا أنه لم يكن يذهب بنا للسفر بشكل متواصل رغم معرفتهم عن عشقي للسفر))
رفع حاجبيه مستمتعا بردة فعله لتكمل له بحماس مبتهج
((أنا اعشق السفر يا قصي فهو جرعتي التي تجلب لي النشوة))
نبض قلبه بجمالها الذي يشبه لعبة "الباربي" والذي قريبا سيصير له هو.. ثم قال لها بصدق مشاعره
((حبنا للسفر شيء متبادل بيننا الاثنين فأنا فلا اذكر بأني كنت أظل في مكان أكثر من ثلاث أشهر من كثرة أسفاري في الماضي.. لكن فترة الوحدة والركود المعنوي التي حدثت لي في نهاية العشرينات لم اخرج منها إلا بعد أن تعرفت عليك وخطبتك يا سهر.. لطالما حلمت طوال حياتي أن ارتبط بامرأة مميزة مثلك محاطة بالحياة من كل الجهات وتتشارك معي هوايتي في السفر والتنزه واكتشاف ملذات الحياة))
توردت وجنتيها وهي ترخي أجفانها بينما قلبها ينبض خجلا فازدادت ابتسامته هو الأخر حتى صارت ضحكة خافتة فتتحشرج الكلمات وهو ينقل بصره بين عينيها المظللة وشفتيها الوردية المكتنزة
((أنا صادق يا سهر.. لطالما حلمت بإمراه مثلك أعيش معها حياة مختلفة عن حياة والديّ مع بعضهما))



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:24 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 07:05 PM   #367

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أنهت سمية ري خط المزروعات.. ثم جلست تحت ظلال إحدى الأشجار المتواجدة في الحديقة الخلفية لمنزل الحاج يعقوب الكانز..
أغمضت عينيها ووجدت شعاع وضوء الشمس مكانه ليداعب وجنتيها بدلال ورائحة النسيم الطبيعي تنعش رئتيها..
نظرت لابنها الجالس بجانبها بينما يمعن النظر في ورقت امتحانه المصححة لتأمره بمرح
((اترك الورقة ستجعدها))
نظر يزيد لها يقول بحماس وبراءة
((أريد أن أري علامتي في الرياضيات لعمي مالك.. أنا الوحيد الذي حصلت علامة كاملة في الفصل.. الآن موعد عودته من عمله من مدرسته الثانوية المقابلة لمدرستنا))
شابت نظرات سمية الحزن إلا إنها قالت دون أن تنحسر ابتسامتها الأموية
((مالك سيكون متعبا بعد عودته من عمله.. لذا عد الآن للبيت وبدل ملابسك وتناول الطعام الذي جهزته على الطاولة وفي وقت لاحق ستريه علامتك))
اظهر يزيد الطاعة وهو يهز رأسها.. ثم أغلق حقيبته وحملها قبل أن يسير متهدل الكتفين إلى حيث يقع منزلهم..
إلا أنه فجأة غير مسار طريقه وهرول نحو الباب الخارجي لمطبخ منزل الحاج يعقوب..
اتسعت عينا سمية بصدمة وفزت من مكانها فورا تلحقه.. فهي منذ أسابيع تحاول الالتزام بشكل تام في عدم دخول المطبخ هناك لعلمها بأنه كل من أصحاب المنزل والعاملين فيه لا يطيقون وجودها أبدًا.. باستثناء مالك والذي يظهر الود لها لأن عندها شيء يخصه فقط.. يزيد..
أسرعت سمية الخطى نحو المطبع تلحق ابنها الذي دخل المطبخ بالفعل..
عند العتبة وقفت بتوتر ورفعت يدها تطرق الباب النصف مفتوح بتردد..
سمحت لها مدبرة المنزل نعمة التي كانت تجلس على الكرسي حول المنضدة قائلة بامتعاض
((تعالي وخذي ابنك الشقي يا سمية))
قال الصغير بلهجة مهذبة ممزوجة برجاء يذيب القلب
((أرجوكِ يا عمة اسمحي لي بانتظار عمي مالك ريثما يعود من المدرسة.. أريد أن أريه شيئا سريعا))
إلا أن المرأة التي كانت في الستين من عمرها حدجته قائلة بصرامة
((السيد مالك ليس متفرغا لك.. لم تعد صغيرا وعليك أن تتوقف عن عادة طلب رؤيته وقضاء الوقت معه كثيرا.. فهو ليس كأنه أبيك الذي أنجبك ونساك))
ثم ناظرت سمية التي كانت تتألم جراء اللكمات الأخيرة التي سمعتها منها تسترسل
((وأنتِ يا سمية.. علمي ابنك أن يتوقف عن التدلل على السيد مالك فهو له حد في مجاملة أمثاله))
ردت سمية عليها بصوت جامد يواري ألم ما سمعته
((حسنًا يا سيدة نعمة.. سأخذه واذهب.. ولن يدخل هنا مجددا))
عبس يزيد شاعرا بالذنب لأنه جعل أمه تمر بوقت عصيب..
فخطى باتجاهها يطيعها قبل أن يصدح صوت مالك باسمه عاليا..
اتسعت عينا يزيد وتيقظ فورا ثم استدار للخلف يهرول خارج المطبخ نحو صالة المنزل هاتفًا
((عمي مالك.. هل كنت تنادي عليّ؟ هل تعرف كم حصلت في امتحان الرياضيات؟ أنا..))
بتر يزيد سيل أسئلته الحماسية وهو يرى مالك يقف أمامه وصدره يتحرك بقوة.. فقال بصوته الطفولي الحائر
((هل حدث شيء؟))
كانت سمية ونعمة تقفان كلتاهما عند باب المطبخ المفتوح على الصالة تناظران مالك الذي سأل يزيد بملامح في غاية الجدية حد التجهم
((هل عبثت بشيء من ملفاتي يا يزيد في الأمس؟))
تمتم الصغير بغير فهم
((أي ملفات؟))
في حين تدخلت نعمة تقول بانزعاج
((ماذا أضاع يزيد لك ذاك الصغير الشقي؟))
فغرت سمية شفتيها لتقول بتوجس
((ماذا فقدت يا مالك؟))
لكن مالك انخفض إلى طول يزيد يسأله وهو يمسك بكتفيه
((هل أخذت أو غيرت مكان الملفات التي أعدتها معي من المدرسة الأمس؟ كان عليّ أن أخذها اليوم صباحا ولكن لم أجدها!))
شيء من الخوف بدا يأخذ مكانا في نفس يزيد وبالكاد استطاع أن يومئ نافيا على سؤاله..
حتى أن جسده الصغير بدأ يرتعش خوفا لاحظته سمية في حين كان كل فكر مالك مشغول في ملفاته الضائعة..
فعاد يسأله وهو يصف ما ضاع منه
((هناك من ضمنهم ملف اسود ذات عرض سميك.. ألم تراه في الأمس أيضًا؟))
أجاب الصغير بخفوت
((لا.. لا اذكر بأني رأيت ملف كهذه))
تغضن جبين مالك الذي قال بنبرة عالية لم يعي عليها
((ولكن يا يزيد لم يدخل أحد غرفتي في المساء سواك))
ثم استقام واقفا وامسك بيده الصغيرة وسار للأمام قائلا
((تعال معي لغرفتي حتى تذكر أين وضعته))
خرجت زاهية من غرفتها في الدور الأول القريبة من غرفة مالك بعد أن أحست على عودة ابنها..
لكن أثار استغرابها رؤية سمية ونعمة تقفان أمام غرفته بترقب..
فتقدمت بخطوات متمهلة ثم دلفت لداخل الغرفة تسأله باستغراب
((هل حدث شيء يا مالك؟ لماذا عدت باكرا من عملك؟))
أجابها مالك المنهمك في التفتيش مجددا بين ملفاته
((لم أجد يا أمي ملفاتي المهمة في مكتبي صباحا.. وعدت اليوم مبكرا لأنه اتضح بأني لا املك في حاسوب المدرسة أي نسخة منها.. أنا الآن ابحث عنها ولا أستطيع إيجادها.. لا أستطيع الذهاب للمدرسة بدونها))
حدجت زاهية سمية بنظارتها ففهمت نعمة مضمونها وقالت له
((لم يدخل أحد غرفة مالك باستثناء ابن سمية.. هو من أضاعها.. ربما أخذها ورماها في مكان أخر))
تهدج صوت يزيد وهو يقول بنبرة دفاعية ونظراته ترتجف للأرض بخجل
((أنا ادخل غرفة عمي مالك دائما ولم يسبق وان لمست أي من ملفاته.. فهو دائما ما ينبهنا أنا وباسم وفهد ألا نقترب منها.. وأنا أكثر من أطيعه.. ربما دخلا غرفته في الأمس وأخذا الملف))
صدح صوت شهقة شعبية من رتيل التي ما كانت لتفوت حدوث جلبة كهذا وجاءت مسرعة لتعرف القصة.. ثم قالت بصوتٍ أرعب يزيد ودب الخوف فيه
((لا.. هذا كثير.. هل تتهم ولدي بأخذ ملفات عمهم الآن لتنقذ نفسك مِمَّا اقترفته! هيا تذكر أين وضعت الملفات ولا ترمي بخطئك على ولدي المسكنين))
قالت سمية بصوتٍ خافت متذبذب
((سيدة رتيل لا تصرخي عليه هكذا.. أنه ما زال صغيرا))
توحشت عينا رتيل إلا أنها قالت بهدوء
((حسنًا سأذهب لأنادي فهد وباسم لتتأكدي من أنهما لم يعبثا بشيء من ملفات عمهم))
وبكل عجرفة ذهبت رتيل لنورين التي كانت تلهو مع ولديها وطلبت منها جلبهما..
في حين وقف مالك مشتت الذهن في منتصف غرفته ثم قال لنعمة
((هل يمكن لو سمحتي يا نعمة أن تسالي منال إذا ما كانت أرسلت احدى العاملات لغرفتي لتنظيفها وغيرت مكان الملفات؟))
جاءت رتيل ومن خلفها نورين وأبينها لتقول بغرور
((سألتهما وقالا لي بأنهما لم يلمسا شيء من ملفاته))
دخل فهد الصغير إلى مالك يتشبث طرف قميصه ويشد هادرًا بخفوت
((عمي مالك))
اخفض مالك نظره له للأسفل يقول بانزعاج
((ليس الآن يا فهد أنا مشغول))
تقوست شفتا الصغير إلا أنه قال بإلحاح وهو يشد طرق قميصه
((أريد أن أخبرك سرا لا يعلمه أحد))
مد مالك يده فوق يد فهد يبعدها عن قميصه برفق ثم قال
((فهد أنا مشغور سألعب معك فيما بعد))
ثم اندفع للخارج وهو يقول
((سأذهب لأرى نعمة إذا ما كانت قد سألت أحد))
نظرت رتيل للحاجة زاهية تقول
((انظري يا عمتي كيف خرج من الغرفة يكظم غيظه بدلا من أن يوبخ ابن سمية الشقي على ما فعله))
حدجتها زاهية بغضب نظراتها وقالت بنبرة باترة
((يكفي يا رتيل))
اعوجت رتيل فاهها يمينا وشمالا.. تعرف أن الحاجة زاهية لا تحب أن ينتقد أحد مالك بالذات..
حاولت سمية أن تجلي حنجرتها وخرج صوتها خافتا ضعيفا وهي تقول
((سأحاول الآن أن أفتش عن ملفات السيد مالك هنا.. ربما لم يبحث عنها بشكل جيد))
صوت سمية كان ما جعل زاهية تنظر لها بغل وتفرغ فيها كل ما يكمن داخلها من انفعالات قديمة وجديدة هاتفة
((أكم مرة أخبرتك يا سمية ألا تجلبي ابنك الشقي مفرط الحركة للمنزل هنا؟ لا نريد منك أن تعملي هنا إذا كان يترتب على وجودك اصطحاب ابنك الذي لا يفعل شيء إلا إثارة المتاعب مع الكبار قبل الصغار))
ثم حسمت كلامها وهي تسترسل بصلابة وعينيها في عيني سمية المضطربتين
((سمية لا أريد منك من الآن وصاعدا بأن تعملي في الحديقة الخلفية للقصر.. وراتبك الذي تأخذينه ستحصلين عليه بدون أي نقصان شهريا))
دمعت عينا يزيد وكسا الاحمرار وجه.. فتدخلت نورين قائلًا وهي تعانق يزيد بينما تمرر يدها فوق ظهره
((عمتي على رسلكم عليها.. إنه يبكي من كلامك))
حدجت زاهية نورين بنظرات مقتضبة..
ورغم أن منظر يزيد كان يفتت قلب سمية عليه إلا أن مقلتيها الغائمتين أبتا تحرير دمعهما ترفضان الانهيار أمام ابنها.. بل تنهدت لتلقن ذاتها القوة ثم ضمت قبضتها تمنع ارتجافهما وهي تقول بصوتٍ جاهدت على خروجه ثابتا
((أشكرك يا حاجة زاهية.. وفضلكم على رأسي من فوق لا أنساه أو أنكره.. ولكنني اخذ راتبي مقابل عملي في الحديقة.. إذا شعرتي بأني مقصرة فيه أو لا أحسنه أخبريني وسأتوقف عن العمل وارحل من هنا.. فأنا لست أحد المتوسلين لأقبل نقودا لا استحقها))
ساد الصمت الثقيل للحظات وضيقت زاهية عينيها وهي تحدجها بنظراتها الرافضة.. ثم قالت أخيراً بنبرة حادة وصارمة
((إذن اعملي في الحديقة واحرصي ألا يتعامل ابنك مع مالك أو أولاد مؤيد))
امتقع وجه سمية حرجا وخزيا من هذا الموقف إلا أنها قالت بصوتٍ مختنق
((لا تقلقي سأفعل.. وسأكون أكثر حذر مستقبلا ألا يتكرر امر كهذا))
خرجت همسة مقتضبة من الحاجة زاهية قبل أن تغادر الغرفة
((جيد))
تبعتها رتيل وولديها ولم يبقَ في غرفة مالك إلا سمية ونورين التي كانت لا تزال تحضن جسد يزيد المرتعش جراء بكاءه المكتوم..
رغم أن سمية شعرت بأنها على حافة الانهيار إلا أنها حاولت أن تظل متحلية بالثبات والصلابة.. فمسحت على صفحة وجهها تحاول دفع الإجهاد عنها ثم اقتربت من ابنها ترفع وجهه الباكي عن نورين وتأمره برفق
((يزيد حبيبي اذهب للمنزل الآن وأنا سأتبعك بعد أن ابحث عن ملفات مالك))
قالت نورين لها بصوتٍ هادئ
((لست مضطرة أن تبحثي له عن الملف))
أصرت عليها سمية
((لا تقلقي فمالك ليس فوضوي إلا أنه كعادة الرجال يضيع أشياءه كثيرا وأنا معتادة على البحث له عنها))
ثم أخذت سمية تحملق في أطراف الغرفة قبل أن تمتد يدها إلى أحد الأدراج تبدأ بالبحث من هنا..
رفعت نورين حاجبيها باستغراب مِمَّا تسعمه وتراه.. ولم تشعر بأن تفتيش سمية غرفة رجل غريب عنها صائبة.. خاصة وأنها لا تعمل في داخل هذا القصر..
لكنها ظلت جالسة بجانب يزيد بينما تراقبها تقوم بنفض غرفة مالك كليا..
جفلت بعد أكثر من ثلث ساعة على صوت مالك العائد وهو يسألها
((من فعل هذا بغرفتي يا زوجة أخي؟))
اتسعت عينا نورين وفغرت شفتيها وهي تجد نفسها بمواجهة مالك.. فتمتمت بصوتٍ خافت
((إنها سمية تبحث عن ملفك))
تأمل غرفته مذهولا.. فلا شيء بها على مكانه بل كلها مقلوبة رأسها على عقب بفوضى هائلة..
الأجرار شبه مفككة والخزانات مفتوحة.. وبعض من ملابسه أرضًا.. وكل ما فيها منثور..
ظل الصمت المذهول سائداً حتى انتبه مالك لسمية تخرج من خلف الخزانة وهي تقول له بأنفاس لاهثة
((مالك هل يمكن أن تنزلي لي الحقائب فوق الخزانة؟))
لوهلة نسي ملفاته الهامة الضائعة وانتبه بأنها في غرفته.. تبحث عن أغراضه وخصوصياته كما الماضي..
هتفت له بوجوم مكررة
((مالك هل يمكنك أن تنزلها أو افعلها أنا؟))
وكأنه انتبه لصوتها فسارع يقول بارتباك
((أنا في الأمس.. اقصد كنت قد أنزلت الحقائب هذه وأخرجت منهم بعض الثياب ولكن ليس منطقي أن أضع الملفات هناك وأنسى))
بدا أنها تبذل جهدا جبارا في الحفاظ على هدوئها وهي تخبره من بين أسنانها بغيظ
((انزلها وحسب))
أومأ برأسه لها ووقف على مشط قدميه يمسك الحقائب ويحملها ثم يضعهم بجهد على الأرض..
على الفور جلست سمية أرضًا أمام الحقائب تبدأ بفتح بكل راحة وإخراج ما فيها وتفتيش الجيوب الضيقة جيدا..
لم تكن قد مرت دقيقتين حتى فتحت إحدى الجيوب وأخرجت عدة ملفات منها ورفعته أمام وجه مالك تسأله عاقدة الحاجبين
((هذا الملف لونه اسود.. هل هو ما تبحث عنه؟))
اتسعت عينا مالك لحظات سائلا بذهول
((نعم هو.. مستحيل.. من وضعه في هذه الحقيبة!))
لم يلمح أي استجابة من وجهها الجامد مرتجف الأوصال وهي تقول
((ومن غيرك وضعه! لكن لا بأس المهم أنّ وجدانه))
تناول مالك على الفور الملف منها يبدأ بتصفحها بشكل سريع ويقول مبتسما براحة
((أنتِ رائعة يا سمية.. في هذا الملف كل علامات طلابي وطلاب معلمين أخرين.. لم أكن قد أفرغت علامتهم على الحاسوب ولم تكن عندي نسخة أخرى منه.. لو ضاع كانت لتكون كارثة بالنسبة لي))
اعتدلت من مكانها تقول ببرود
((لو سمحت اخرج من الغرفة لأعيد ترتيب كل شيء مكانه))
ظهر عليه الارتباك إلا أنه قال معترضا بصيغة تحمل الاعتذار
((لا بأس أنا من سأرتب كل شيء.. ألا يكفي أني أتعبتك بشيء لا علاقة لك به))
تلجمت ملامح سمية بشدة فشعرت بعدم القدرة على تحمل هدوء نظراته وهو لا يدرك بماذا تسبب لها توا! فقالت له بجفاء
((أنا من قلبت الغرفة وأنا من سأعيد تنظيمها))
تحدث لها بخفوت وهو بالكاد يمنع نفسه ألا يقول أكثر لتواجد نورين
((إذن على الأقل دعيني أساعدك))
لم ترد عليه وهي تلتزم بصمت قاتم بانتظاره أن يغادر.. ففعل ذلك على مضض وهو يشعر بأنه ليس من اللائق أن يتواجد في نفس المكان مع سمية..
بمجرد أن غادر حتى توجهت فورا عند نورين.. تمسك كتف ابنها تديرها ناحيته وهي تخبرها بصرامة بينما تشير بسبابتها
((أول وأخر مرة يا يزيد تدخل هذا القصر وخاصة غرفة مالك.. هل فهمت؟))
قال يزيد بصوتٍ متهدج من البكاء
((أنا اسف يا أمي))
ردت عليه بشيء من الحدة خرجت رغما عنها
((وبماذا سيفيدني اسفك هذا؟ مالك بالذات لا أريد منك حتى أن تلقي السلام عليه في هذا المكان.. إذا أراد رؤيتك أو التحدث معك دعه هو من يلاقيك خارجه.. هل فهمت؟))
لم تنل منه جواب وشعرت بارتعاش شفتيه وهو يتوسلها بنظراته ألا تطلب منه شيء كهذا.. فأخذت نفساً عميقًا موجعًا ثم قالت بجدية حازمة
((بسبب ترددك المستمر إلى غرفته كانت أصابع اتهام الجميع تؤشر عليك.. حتى مالك نفسه كان أول من أتهمك في الملف الذي أضاعه بنفسه))
عقبت نورين على كلامها
((لا تبالغي يا سمية.. مالك كان متخبطا في البحث عن ملفه.. آنى له أن يتحلى بالهدوء؟ بل على العكس.. لقد تحدث مع يزيد بهدوء أكثر من غيره))
إلا أن سمية ردت بإصرار وهي تشمل ابنها بنظرات عتاب حان
((يزيد اسمع الكلمة وكن مطيعا فقد رأيت بنفسك أن وجودك هنا غير مرحب به في أول موقف حدث فيه جلبة بسببك.. اليوم تم توبيخي من قبل الجميع بسبب شقاوتك.. هل ترضى الإهانة لأمك مجددا يا يزيد؟))
لم يرد يزيد على الفور بل طال صمته وأنفاس بكاءه تتحشرج..
جعد الورقة التي كان يمسكها طوال الوقت حتى كورها ورماها أرضًا ثم قال بخفوت وهو يمسح عينيه بكفه الغض
((لا.. لا أرضى))
لانت ورقت نظرات سمية وكادت أن تمطر دموعها بضعف الأمومة المقهورة.. فمنظره تجاه ما واجهه قبل قليل كان أقسى عليها من كل ما مرت به..
تاه صوتها وهي تشعر به يكتم شهقاتها لكنها قالت بنبرة مجروحة مثله وهي تأخذه من نورين
((ولد مطيع))
تنهدت سمية بتعب فقد كادت حرفيا أن تترك عملها في الحديقة ومنزلها لتسكن في أي مكان أخر بعيدا عن نظرات احتقارهم لها.. لكنها تمالكت أعصابها في اللحظة الأخيرة ومنعتها من الانفلات.. لأن عملها هنا هو صمام أمان حياتها واكتفاءها المادي..
.
.
غمغمت زاهية الجالسة أمام منضدة الطعام بينما الطبق الذي لم تمسه أمامها
((لا حول ولا قوة إلا بالله.. ولا واحد من أحوال أبنائي يسرني حاله غير زوجك يا رتيل))
رفعت رتيل وجهها بإباء وغرور وهي تقول
((معك حق.. لأن عنده زوجة مثلي فبالتأكيد حاله سيكون دوما بألف خير))
((هذا لأنك يا رتيل اختياري أنا.. وهل كنت لأقبل لأحد أولادي زوجة بمواصفات أقل من المواصفات الموجود فيكِ.. انظري لمازن الذي تزوج..))
قالت دارين التي كانت تشاركهم الجلوس لجدتها بنبرة ذات مغزى وهي تناظر زوجة عمها بنظرات خطيرة
((لو تعرفي ما اعرفه يا جدتي عن رتيل لغيرت رأيك))
لف الغضب وجه الحاجة زاهية وهي تقول معاتبة دارين
((ما هذا الكلام يا دارين.. ماذا تقصدين بكلامك عن زوجة عمك؟))
نفخت دارين وجنتيها باقتضاب وقالت بصوتٍ متجهم
((لا شيء على وجه الخصوص))
تطلعت زاهية عليها بعينين شاخصتين وقالت بحزم
((دارين عيب عليّك يا حفيدتي أن تتحدثي مع زوجك عمك التي بمقام أمك بهذا الشكل))
قالت دارين والسخط يلف ملامحها
((عندما تعرفين ما اعرفه عنها ستعذرينني بالتأكيد))
زجرتها زاهية بغير رضا
((داريـــــــــــن))
استقامت دارين من مكانها تقول باقتضاب قبل أن تذهب بغضب
((سأذهب من هنا لقد شبعت))
انكمش قلب رتيل لما سمعته من دارين رغم يقينها أنها لا تقصد ذاك الأمر الذي تخفيه هي عن الجميع.. ولكن مجرد سماعها في كل مرة تهددها بشيء ما يجعلها تظن بأنها تقصد عين السر الذي تخبأه..
نفضت رتيل عنها تلك الخواطر السلبية التي تنهش طاقتها وروحها بمجرد أن تفكر بأنها قد ستكشف يوما ما ثم ادعت العطف وهي تقول
((لا داعي للغضب يا عمتي عليها.. إنها صغيرة))
ردت الحاجة زاهية بوقار صوتها
((منذ زواجك من مؤيد يا رتيل وأنتِ من تتولين رعاية دارين كأمها لذا أنا لا اقبل أن تعاملك بهذا الأسلوب لمجرد قسوتك عليها أحيانا لمصلحتها))
رسمت رتيل ابتسامة عريضة وهي تقول بفضول متأصل فيها
((دعك منها يا عمتي.. وأكملي لي ما كنت ستقولينه عن مازن؟ هل حدث معه شيء هناك في بلاد الغرب؟))
((لا هو بألف خير.. لكني لست راضية عن زوجته أبدًا.. ألا يكفي أنها تضل بغرفتها طوال اليوم حتى أكاد أحيانا أن أنسى تفاصيل شكلها.. لقد تزوجها مازن بنفس السنة التي تزوجتِ أنتِ من مؤيد لكن اشعر بأني لا اعرفها أبدًا))
قالت رتيل ببراءة مفتعلة
((يفترض يا عمتي أنك أعتدتي على طباعها وانزوائها.. إنها معقدة وغير اجتماعية))
أكملت زاهية بغل
((وخائبة أيضًا.. لا تملك من دهاء ومكر الأنثى شيء لتشد زوجها للرجوع لبلاده))
قالت رتيل وهي تومأ برأسها
((أتفهم غضبك من بُعد مازن))
أخرجت زاهية آهة حسرة وشعرت بألم يقبض على قلبها ويمزق صميمها وهي تسرد
((عندما تزوج مازن منها وكأنها خطيفة ولم يعلم أحد فينا بزواجه منها إلا والده ومعاذ لم اعترض لا على الطريقة ولا على صغر سنه.. قلت اهم شيء أن يحبها ويسعد معها وينشأ عائلة معها ويجلب لي الكثير من الاحفاد.. لكن ما حدث أنه وبعد عدة أشهر قليلة من زواجه بها سافر للخارج ولم يعد هنا إلا مرتين لفترة قصير))
ثم استرسلت مغمغة بكلمات جافية قاسية
((لو كان فيها خير لم استطاع ابني أن يبتعد عنها أكثر من عدة أشهر لا فقط ست سنوات بعمر ابنتهما هدى))
قاطع جلسته صوت المالك وهو يدخل للغرفة المتواجدين فيها
((هل طعام الغداء جاهز؟))
قالت زاهية وهي تنظر لما يمسكه مالك بدهشة مشوبة بالسعادة
((ما هذا الذي تمسكه يا مالك؟ هل وجدت الملف؟))
أوما برأسه وهو يضع الملف الأسود على الطاولة ثم يسحب كرسيا للجلوس عليه..
قالت رتيل بذهول
((أين وجدته؟ أوه..))
بترت رتيل كلامها عند شعورها بابنها الأكبر الذي يجلس بجانيه ينفجر في البكاء وهو يغطي وجهه بعينيه لتسارع سؤاله بلهفة قلقه
((لماذا تبكي يا فهد؟ ماذا حدث!))
قال فهد من بين بكائه
((لقد وضعت الملف في حقيبة عمي مالك في الأمس))
انتفض مالك بغضب لم يعي عليه وهو يسأله
((هل أنتَ من وضعت الملف في الحقيبة؟ لماذا لم تقل وتركتنا طوال هذا الوقت نبحث عنه؟))
قال الصغير من بين دموعه
((حاولت أن أخبرك ولكنك رفضت الاستماع الي))
انحسر اللون عن وجه رتيل لما سمعته فعاد مالك يقول وهو يتمسك بزمام صبره
((كان عليك أن تصر يا فهد على إخباري.. فلاي سبب يجعلك تضع الملف في حقيبة السفر التي أنزلتها في الأمس؟))
ابعد فهد يديه عن وجهه الشاحب وهو يستشعر غضبهم جميعا منه ثم قال
((كنا نلعب أنا وباسم فوق الطاولة وخفت أن نوقع شيء من الملفات فخبأتهم في حقيبتك الموضوعة على الأرض ونسيت إخبارك))
كان مالك غاضبا من نفسه قبل أي أحد أخر فأمسك ملفه واعتدل واقفا وهو يقول
((بالعافية.. لست جائعا))
تطلعت زاهية لرتيل تقول ومعالم السخط مرتسمة على وجهها
((رتيل لا أريد من أولادك أن يدخلوا غرفة مالك لو سمحتي))
عبست رتيل وعاد لسانها لصب سهامه نحو مالك مغمغمه
((من الأساس فابنك يا عمتي لا يهتم إلا بابن سمية ويتجاهل ولدي الاثنين.. وكأن يزيد هو من لحمه ودمه لا هما))




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:25 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 07:06 PM   #368

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

استلقت نورين على ظهرها فوق السرير تلاعب خصلة من شعرها الأشقر بأناملها وهي تتحدث لأول مرة مع ابنة عمتها رفاء على هاتف مصعب الذي كان مشغولا بأخذ حمام بعد عمله..((ألا يسيئون لك حقا؟))
قطبت نورين حاجبيها فجأة عند سؤال ابنة عمتها واستهجنت سؤالها بعض الشيء فهي سبق وتواصلت مع عائلتها وأخبرتهم بأنها تعيش جيدا هنا.. أجابتها مغمغمه بنبرة عادية
((لا أبدًا.. أنهم جيدون معي.. وخاصة مصعب أنه يعاملني باحترام شديد))
تمتمت رفاء لها بتعجب
((غريب وضعه))
سألتها نورين رغم أنها لا تنكر عليها استغرابها في واقع الأمر
((ما هو الغريب؟))
ردت رفاء بصراحة
((أمي لا تصدق كلامك وتظن بأنهم يجعلونك خادمة ويعتبرونك شيء بلا حقوق عندهم!))
تنهدت نورين قبل أن تسرد شيء من واقع الأمر
((حسنا يعني هم ليسوا ملائكة ولكنني حقا أعيش في وضع جيد هنا.. المهم لا أريد أن أوصيكِ على الدوام في زيارة والدي والاطمئنان عليهما.. خاصة أمي فهي لا تتحدث كثيرًا عن أخبارهم))
طمأنتها رفاء مودعة
((لا توصي حريص.. إلى اللقاء..))
وقبل أن تغلق الخط شهقت كمن تذكر شيئا وهي تتساءل
((لحظة يا نورين.. لدي سؤال.. هل أنتِ حامل؟))
لف الضيق ملامح نورين وأجابتها بخفوت
((لا لست كذلك!))
عبرت رفاء عن استغرابها وشكها
((غريب يا نورين مضى أشهر على زواجك))
ازدردت نورين ريقها وهي تعتدل جالسة.. ثم ألقت نظرة على باب الحمام المرفق بينما يتناهى إلى سمعها صوت الماء المتدفق في إشارة إلى عدم اقترابه من الانتهاء..
أخفضت صوتها وهي تقول بصوتٍ مضطرب
((هل أسألك عن شيء يا رفاء بشرط أن تعديني بألا تقولي لاحد؟))
بدا الفضول جليا على صوت ابنة عمتها وهي تقول مؤكدة
((نعم.. نعم أعدك نورين.. هيا قولي وافرغي ما بجعبتك))
عادت نورين تحذرها
((ولا لأمك يا رفاء.. أرجوكِ.. لا تخبريها أني سألتك))
أكدت لها رفاء ووعدتها بإلحاح فقالت نورين بصوتٍ يقطر حزنا من كل كلمة منه
((أحيانا اشعر بأنه ينفر مني ولا يحبني))
استغرق الأمر من رفاء لحظات قبل أن تجيبها بحيادية
((عدم حبه لك هو امر مفروغ منه.. لكن كيف ينفر منك فاشرحيها لي؟ أعني إذا كان نفورا من فكرة زواجه منك فهذا الأمر طبيعي أيضًا.. لأنك تقربين لقاتل ابن عمه))
صمتت نورين وعينيها تشردان بالبعيد قبل أن تتساءل بشتات
((رفاء بشكل عام.. هل من الطبيعي أن ينفر الرجل من امرأة ولا يتقبل معاشرتها بل يتحول لرجل حديدي عندها قربها منه؟))
أجابتها رفاء من واقع ما تسمع عنه
((لا أظن أن ذلك طبيعي.. فالرجل يسهل عليه معاشرة المرأة والاستمتاع بكل لحظة يعيشها معها بدون أيّ عائقٍ مرتبط بالمشاعر.. حتى لو كان يكرهها ويحتقرها.. فالعلاقة الحميمة عند الرجل هي ملاذ يلجأ إليه لإفراغ كلّ الطاقة وما يشعر به.. إلا لو كانت المرأة أمامه ليست جميلة ولا تهتم بمظهرها!))
ازدردت نورين ريقها ثم عادت تسألها بحذر وبطء
((وماذا لو كانت غير مهملة ومع ذلك لا يطالبها بحقوقه المشروعة حتى لو كان فقط من اجل الجنس البحت؟))
لم يبدُ على رفاء أنها قد فهمت إذا ما كنت نورين تقصد نفسها أو لا وهي تجيبها
((معناه بأنه يعاني من مشكلة بدنية تجبره على العزوف عنها!))
قالت نورين بإحباط
((ولكنه لا يعاني من أي مشكله))
انعقد حاجبا رفاء وهي تسألها بحذر
((وكيف تعرف بأنه لا يعاني من شيء وسليم بدنيا وهو لا يطلب حقه المشروع ولا يبادر من تلقاء نفسه؟))
أجابتها نورين بصوتٍ حزين باهت
((لأنه سبق وحدث بينهما شيء يدل بأنه لا يعاني من أي خطب.. لكن العزوف عنها حصل لاحقا))
همهمت رفاء بتفكير طويل ثم قالت
((بصراحة لا أدري..))
عبست نورين وقد شعرت بالذنب لأنها تستخدم هاتف مصعب ورصيده في الحديث لساعات مع ابنة عمتها في النميمة عليه وبشيء حميمي وخاص كهذا!
فقالت تنهي المحادثة لتسارع في شحن هاتفه قبل أن ينهي الاستحمام
((حسنا سنتحدث لاحقا..))
.
.
كان مصعب مضطجع فوق سرير نومه يتصفح هاتفه بعد أن تم حمامه السرير..
بمجرد أنا أحس عليها تقترب منه حتى رمقها بطرف عين ثانية باقتضاب وعاد ينظر لهاتفه يقول بغير رضا
((مجددا استخدمتِ هاتفي))
ابتسمت نورين تلك الابتسامة الشقية الدافئة التي لا تحمل شيئا من الأسف على استخدامها هاتفه رغم نهيه لها.. وهي تقترب منه قائلة
((أنا اعتذر ولكن لم اعبث في أي شيء فيه.. فقط احتجت حقا أن أتواصل مع والدتي.. وأنت تعرف أني لا امتلك هاتفا))
جلست فوق السرير تتمدد بجانبه مما جعله بتلقائية يبتعد قليلا عنها قبل أن يسألها بجلافة شديدة
((من هي رفاء هذه التي اتصلت عليها وسجلتي رقمها بقائمة الاتصالات؟))
قربت وجهها منه تناظر الهاتف بشكل تسبب في ضيقه وهي تقول بعفوية
((إنها ابنة عمتي.. سجلت عندك فقط أرقام والدي وأخوي وابنة عمتي))
مد يده يبعدها عنها بنزق وقال بأنفة
((فقط؟ هل ظل أحد من أقاربك لم تسجليه؟))
ضحكت بخفوت على تهكمه الذي كان لا يحمل من المرح شيء وهي تقول مقترحة
((هل اشحن هاتفك لك؟))
بدا متردد إلا أنه ناولها إياها وأخبرها بجدية رغم برودة وصلافة نبرته
((يمكنك أن تتحدثي معهم إذا أردت.. أبقيه معك))
تزايدت دقات قلبها الهادرة قوة عند هذه البادرة منه إلا أنها قالت له وهي تشير نافية بكلتا يديها
((لا بأس أنا بخير الآن... انهما بخير.. أيضًا..))
غمر صوتها بعض الارتباك إلا أنها أكملت قولها وهي تضع عينيها بعينيه
((لم تتجرأ أمي على قولها لكن أتوقع بأنها كانت تريد أن أوصل سلامها لك))
سألها مصعب بنبرة حملت عطفا طفيفا
((هل تشتاقين لهم؟))
ظلت نورين صامتة للحظات طويلة على غير عادتها ثم أجابت مبتسمة
((بالتأكيد فهم عائلتي.. أحبهم ولا أغلى عندي منهم))
أومأ مصعب مخفضا بصره..
وللحقيقة فهو يشعرها بأمان وراحة واحتواء دافئ يجعلانها ترغب في كثير من الأحيان أن تشكو وتفرغ بعض ما مرت به في الماضي خاصة قبل ما سبق زواجهما له وكيف تخلى والديها عنها ببساطة وقرارهم في التضحية بها لإنقاذ باقي العشيرة.. ليعوضها به ويحتويها بدفئه الذي غمرها به سابقا..
إلا أنها قررت أن تصرف النظر عن ذلك وعدم التحدث بشكل سيء عنهما.. بل أن تمتدحهم وتمتدح علاقتها معهم حتى يبقى ينظر مصعب لها باحترام وتقدير..
عقدت يديها خلف ظهرها وهي تراقبه يفتح خزانة الملابس ويخرج شيئا منها ثم سألت بتسلية
((هل أنتَ متعب من العمل؟))
ابعد عنه مئزره ليظلّ جذعه عاريا بينما يخرج قميص منامته وهو يجيبها
((أضل واقفا طوال فترة عملي بالتأكيد سأكون متعب))
توقف لثوانٍ عما يقوم به ليلاحظ كيف تتأمل جذعه بتدقيق جريء وقح..
تغضن جبينه وهو يراها تتقدم منه سائلة
((هل تحب أن أدلك لك جسدك؟))
نأى عنها وهو يرتدي أي منامة حطت في يده بينما يقول وقد شاب نظراته الاشمئزاز
((لا أريد شكرا لك))
إلا أنها أصرت وحاولت بقوة أن تحرره من قميص المنامة وهي تلح بالقول
((اخلع قميصك وسلمني نفسك وصدقني ستشعر بالاسترخاء..))
بتر كلماتها وهو ينتفض ويثور بها بغضب بينما يبعد يديها اللتان كانتا تمسكان بقميصه بغية نزعه عنه
((توقفي عما تفعلينه..))
توسعت عيناها رهبة ووجف قلبها فجأة وقد كانت هذه أول مرة تشهد غضبه منذ زواجهما.. همست له بخفوت يشوبه الذهول والخوف
((ما بك يا مصعب؟))
جاهد بصعوبة أن يتحكم بأعصابه كي لا يثور عليها بغضب لن تتحمله..
فاكتفى أن رشقها بنظرة مضطرمة بنار ضيقه مما فعلته وهو يصرخ بها
((بل أنتِ ما بك! لا ينقص إلا أن تمزقي قميصي))
بصوت خافت أجابته بينما تحاول التحكّم بنبرتها المرتاعة
((لم اقصد.. كنت أحاول فعل شيء يساعدك على الاسترخاء..))
عاد يصرخ بها بما جعلها تتراجع خطوات للخلف
((ابتعدي عني ولن تجدي طريقة أفضل لجعلي استرخي..))
مرت دقائق عليهما وكل واحد منهما متسمر مكانه لا يسمع إلا أصوات انفاسهما الثقيلة..
دمعت عيناها ذهولا مما حدث وتزايدت وتيرة أنفاسها المرتعشة من بين شفتيها وهي تقول
((أنتَ تشك بي على خلاف ما قلته؟ صحيح؟))
ظل ينظر لها للحظات طويلة حتى أدرك عما تتحدث عنه فهمس متعجبا
((ما هذه الترهات التي تخرج منك!))
أسدلت جفنيها تمنع دموعها من الانزلاق.. ساقاها مرتعشتان وأنفاسها كانت مضطربة للغاية.. لكنها استطاعت أن تقول بصوتها المتذبذب
((لماذا لم تقتادني للطبيبة في ذاك اليوم حتى تتأكد من عذريتي؟ لماذا لم تفعل بدلا من العيش حتى الآن في حالة شك ونفور مني))
أطلق نفسا غير مسموع ثم قال بصوتٍ مثقل
((أنا لا انفر منك.. إذا كان هناك أية نفور فسببه عائلتك وعشيرتك التي تنتمين لها فقط لا ما حدث في تلك الليلة))
فتحت نورين عينيها المغرقتين بالدموع وهي تقول بصوتها المرتعش
((والدتك تضل تسألني عن الحمل.. وحتى أمي.. وانا لا أستطيع أن أخبرهم عن ابتعادك عني..))
قاطعها صارخا باستهجان
((هل أعجبك ما فعلته بك في ذلك اليوم إلى حد أنك ترغبين بتكراره؟))
تأملت بغير وضوح كيف تلوح في عينيه الجميلتين آثار الغبن والقهر والغضب.. من نفسه..
فطال الألم ثنايا قلبها وهي تسمع ما ينطقه باشمئزاز.. ولأول مرة
تسبب بإشعارها بأنه حقا فصيلة.. سلعة قابلة للاستبدال والتعويض فداءً لحل أخر نزاع قد نشب بين عشيرتها وعشيرة الكانز..
تشتت نظر مصعب وهو ينقله في أرجاء المكان وشعر بأنفاسه تكاد تنطبق في صدره..
ما فعله كان أقل من طبيعي كردة فعله..
لكن ما يعجر عن فهمه فهو كيف تكيفت على وجوده واعتادت بسهولة دون أن تهابه..
إنه حرفيا لا يكاد يصدق قدرتها على الكلام والحديث والمزاح والضحك معه وكأنما زوجان طبيعيان..
ولا يستوعب كيف يمكنها بعد التقارب الأول والوحيد الذي حدث بينهما أن ترغب في تكراره بل والإلحاح عليه بكل فجاجة وانعدام حياء وخجل فطري في أي أنثى أمام رجل لا يظهر لها إلا الصد والتباعد والنفور.. حتى لو كان زوجها..
هم يُخرج حقيبة صغيرة ووضع فيها بعضا من ملابسة وأغراضه وهو يقول من بين أنفاسه القوية
((سأنام بعيدا من هنا لعدة أيام))
أغلق سحاب الحقيبة وخطا نحو الباب لتسأله بذهول ورجاء مترددة في التشبث به ومنعه من الخروج
((إلى أين ستذهب؟ أرجوك لا تغادر))
إلا إنه كان بحاجة للمغادرة بل يتوق للابتعاد عنها.. بحاجة للتفكير واستعادة توازنه والسيطرة على زمام حياته وما حدث مؤخرا بها..
وسرعان ما سمعت صوت فتح الباب قبل أن يصفقه خلفه فتهالكت جالسة على طرف السرير وهي تنفجر في البكاء..



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:26 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 07:07 PM   #369

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

خرجت شيرين من دورة المياه المخصصة للنساء في العمل وهي تتفقد حاجيات حقيبتها قبل أن تتسمر مكانها وهي تتذكر بأنها نسيت سوارها هناك..
بتلقائية عادت لدورة المياه تسير بخفة قبل أن يرهف سمعها لحديث متبادل بين اثنتين من زميلاتها في الممر الأخر تتحدثان
((لماذا أخبرت شيرين أنك حامل؟ فأل سيء أن تقول الحامل بأنها كذلك قبل الشهر التاسع.. لا تنزعجي مني ولكن أنا أقول ذلك لمصلحتك))
((وكيف كنتي تريدين أن اطلب منها إجازة وأقدم لها مراجعاتي الطبية بدون أن تعلم أني حامل! لكن هل تظنين حقا بأنها ستحسدني؟))
((ربما.. فبالإضافة لوضعها الاجتماعي.. سمعت إشاعات بأنه سبق وتركها الرجل الذي يفترض أن تتزوج منه في نفس يوم الزفاف المفترض بعد أن اتهمها في أخلاقها.. أوه لا.. نحن لا نعرف الحقيقة ولا نريد أن نظلمها لمجرد إشاعات قد تكون غير حقيقية.. غيري السيرة))
((معك حق.. فنحن لا ندري صحة هذه الإشاعات وانا لا أن أضع بذمتي فهي لطيفة وزميلة مراعية))
دارت شيرين على جانبها تنكس رأسها متظاهرة بأنها تعدل وشاحها عندما سمعت اقتراب وقع أقدامهن حتى خرجن دون أن ينتبهن لعودتها..
حينها فقط استطاعت أن ترفع وجهها الشاحب وتنظر لانعكاسه في المرأة الضخمة اللامعة أمامها..
تكورت غصة حادة في حنجرتها فوقفت عاجزة عن بلعها وهي ترفع أناملها تمسح عبرة فارة من عينيها..
هي ليست غافلة عن خشية زميلاتها وصديقاتها الحديث عن سعادتهن الزوجية والأمومة أمامها..
لكن يظل الأمر صعبا قليلا أن تسمعه بأذنها بهذا الشكل..
لكنها بالنهاية رفعت ذقنها شامخة وهي تخرج باتجاه مكتبها وجلست خلف الطاولة..
بمجرد أن دخلت عندها زميلتها الحامل حتى جاهدت نفسها أن تبتسم أمامها دون أن تشعرها بأنها سمعت كلماتها بينما تسألها الأخرى بتهذيب
((إلى أين يجب أن اذهب لأكمل إجراءات إجازتي يا شيرين؟))
تجلت ابتسامة واسعة لطيفة على محياها وهي تجيبها
((لا داعي لاي إجراءات أخرى.. لقد أتممت الأمر من عندي.. إجازة سعيدة وعودي لنا بعد الولادة بكل صحة وعافية))
اتسعت عينا زميلتها وهي تخبرها بامتنان
((شكرا لك يا شيرين.. أنا أكثر من شاكرة لك على تعاونك معي))
أومأت شيرين برأسها هادرة
((لا بأس.. هذا واجبي))
بمجرد أن خرجت زميلتها حتى تنهدت تدخل الهواء الى صدرها المختنق ثم تزفره علها ترتاح قليلا من الثقل الذي يجثم فوق أنفاسها..
ثم عادت تنظر في حاسوبها تكملها عملها وتضغط فوق أزرار الحروف رغم ارتجاف أناملها.. بينما تامل نفسها بأن هذا البؤس كله سينتهي.. وقريبًا ستتزوج.. وليس من أي رجل..
بل من رائدٌ جذاب.. شديد الوسامة.. ويشهد له بالحكمة ودماثة الخلق..
خرجت شيرين مما تفعله مع تصاعد رنين وصول رسالة لهاتفها..
كان اليوم هو موعد لقاء محاميها مع وليد..
وارتأت أن تحضر اجتماعهما.. هي بحاجة للقائه والتحدث معه بشكل فردي..
تعرف أن غايته هو الاستمرار في إذلالها ولكن لن تخسر شيء لو حاولت.. فقط محاولة.. أن تتحدث معه كإنسانين ناضجين وتوعي ضميره لعله ينسحب كمحامي من طرف موكليه..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-21, 07:07 PM   #370

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

وكان هذا ما حدث عندما حضرت هي ومحاميها مكتب وليد..
ظلت تلتزم الصمت وهي تصغي لهما يتحدثان ويتناقشان.. كان هدف هذا الاجتماع أن يصل الطرفين إلى حل مرضي وتعويض معقول بعيدا عن جلسات المحكمة..
لكن انتهى الأمر كما بدء بدون أي نتائج تذكر..
طالع وليد محامي شيرين كبير السن ذي الشخصية الرزينة يتمتم لها بصوتٍ غير مسموع قبل أن يقول له منهي هذه الزيارة
((على ما يبدو يا سيد وليد الكانز فلا مناص لنا من لقاء تالي في المحكمة.. هيا بنا يا أنسة شيرين))
إلا أنها ظلت جالسة مكانها تضع عينيها في عيني وليد بوجه جامد جاف بينما ترد على محاميها
((سأتحدث مع السيد وليد قليلا ثم سأغادر))
لن يكذب وليد إن قال بأنه شعر بنيران مستعرة لقربها من هذا المحامي وحديثها معه.. ولولا كبر سنه ووقار حديثه في الحديث إلا أنه لم يكن ليمسك نفسه عن الفتك به..
فتجلت على وجهه ابتسامة جانبية وهو يقول بحذاقة
((أهلا وسهلا بك يا أنسة شيرين في أي وقت))
قال المحامي لموكلته بهدوء
((تحدثي أمامي يا أنسة شيرين إذا كان حديثك يخص القضية المرفوعة))
رفعت شيرين له قائلة بصوت سلس
((سأجلس معه قليلا لأتحدث بموضوع أخر.. لا تقلق.. يمكنك المغادرة))
استسلم محامي شيرين لرغبتها وألقى التحية قبل مغادرته..
رد وليد بفخر تلألأ في ملامحه الحادة
((أنا فعلا سعيد لبقائك هنا يا كحيلة العينين.. هل تريدين أن اطلب لك شيء أخر؟))
قالت شيرين له بوجهها الجامد الجاف متجاهلة أي كلام أو حديث جانبي أخر يحاول إثارته
((ألست أنتَ نفسك يا وليد من قلت في أيام كلية المحاماة بأنك لا تنصح أحد أن يدخل هذا المجال إلا لمن وثق من نفسه بأنه سيتحرى الحق وينصر المظلوم ولا يعين الظالم.. إذن ما الذي تغير لتجعل نفسك تميل إلى إعانة موكليك على الظلم والعدوان وأخذ حق الناس بالباطل؟))
رفع وليد حاجبيه بتهكم.. إذن هي هنا لمحاولة جعله ينسحب من قضية موكليه!
ظهر علامات التسلية على وجهه وهو يقول مستخفا
((لم يوكلوني يا شيرين بل أنا من قمت من تلقاء نفسي في العمل عندهم))
ردت عليه وصوتها يخرج متكسرا ضائعا
((وهذا ما يجعل الأمر أفظع.. فالمحامي المحترم يتحرى الحق ويطلب الحق ويحرص على إيصال الحق إلى مستحقه.. لا ما تفعله أنتَ))
زم وليد شفتيه في محاولة كبح ضحكته بينما يقول لها
((هل هذه محاولة استعطاف يا كحيلة العينين؟))
رسمت ابتسامة قاسية وقالت
((بل محاولة إيقاظ ضميرك إذا كنت لا تزال تملك واحدا))
تلوى فاهه بابتسامة عنجهية بينما يرد
((ضميري لا أفقده إلا عندما يتعلق الأمر بك.. على عكس حال قلبي))
ارتجف صوتها بغضب وعيناها تبرقان بينما تقول
((متى تنوي أن تعتقني يا وليد؟ ألم تكتفي من كل ما فعلته بي؟))
بتشوش ابتسم وهو يقول بصوتٍ مبحوح
((لقد توقفت منذ زمن عن الانتقام.. أريدك أن تتوقفي أنتِ الآن))
ضيقت عينيها المكحلتين تسأله بتيقظ
((لم افهم.. ما هو الأمر الذي عليه التوقف عنه؟))
شبك أنامل يديه وأمال جذعه يخبرها بصوتٍ متحشرج خافت
((كبريائك وعنادك.. فقد تخليت عنهما رغم تأصلهما بي وحان الآن لتتخلي أنتِ.. فلا جريمة أكبر فداحة من هذه تجاه أنفسنا وحبنا))
اضطربت حدقتيها وهي تخبره باستهجان
((الحب؟ وهل تعرف أنتَ معنى الحب؟ هل تظن بأن سأصدق بأنك أحببتني يوما بعد كل ما فعلته بي ولا زلت تفعله!))
حافظ على تقاسيم وجهه وهو يردد بصدق نابع من أعماقه
((أنا لم احبك وحسب.. الأمر تخطى الحب فأنتِ جزء مني.. وأريد استعادته بأسرع وقت أقدر عليه))
رمقته بخواء وكأنها جثة ثم غمغمت
((تستعيده؟ هل حقا تظن بأن بعد كل ما فعلته بي سيكون هناك املأ لعودتنا؟ وماذا بشأن زوجتك؟ لماذا تتحدث عنها وكأنك أعزب))
نظراتها الخاوية قبضت على قلبه واعتصرته لكنه ابتسم متهكما وهو يخبرها
((زوجتي فأمرها عائد لها في البقاء أو لا.. ولا حق لك في التدخل في هذا الموضوع))
شعرت شيرين بالدموع الحارقة تخز عينيها ولكنها قاومت إخراجها لتغتصب ابتسامة ناعمة وهي تسأله بتهكم
((واو بهذه البساطة! أوه بالطبع كيف ستعترض وهي لم تنجب لك.. ومن حقك أن يكون لك أولاد ومن هناك أفضل مني حتى تكون وعاء لأطفالك؟))
نظر لها يقول بنبرة تجمد الجحيم بصقيعها
((ظريفة جدا.. لكن لا.. فلو كان سبب رجوعي لك الإنجاب لكنت تزوجت قبل سنوات طويلة.. سواء كان لي من جُمان أولاد أو لا فمرجوعي في النهاية لك أنتِ))
همست له بصوت أجوف
((فقط في أحلامك أيها الوضيع))
لوى وليد فمه وتحداها بمقلتين ضيقتين
((بل هذا ما سيحدث يا كحيلة العينين.. واعتبريه وعدا وقسما بالله بانك ستكونين زوجة لي برضاك أو لا))
نطق لسانها على الفور قبل أن تسمح للهمجية التي تحتوي عقل هذا الكائن أمامها بإخراجها عن طورها
((هل تعرف ماذا يا وليد! لو اكتفيت بهجري في يوم زفافنا فقط لكان الأمر أهون عليّ بدرجات مضاعفة.. أما في زواجك من أخرى غيري بنفس اليوم الذي كان من المقرر أن يتم زواجنا به هو ما كسرني وحطمني لشظايا وما لن أتسامح به يوما يا وليد..))
ثم استطرت بصوتٍ مضطرب وهي تشعر بتقرح روحها من ألم ذكريات وأحداث ماضيهما
((قد اغفر لك أي شيء فعلته بي إلا هذا.. فانت عندما اخترت أن تعقد قرانك بأخرى تشاركها حياتك وروحك وجسدك قد قطعت أي خيط يمكنه أن يربطنا يوما من جديد.. قد أتزوج أي رجل في العالم مهما وأينما كان إلا أنتَ..))
أعطاها وليد نظرة مصممة كالأسد في عرينه وهو يخبرها متوعدًا وعيناه تلمعان بتحد سافر
((ما رأيك أن قلت لك بأني سأبقى مرتبطا بزوجتي تلك التي تمقتيها.. وأيضا ستعودين لي وتتزوجين بي وستتقبلين وجودها رغما عنك))
تكذب لو قالت بأنها في هذه اللحظة لا تتمنى أن تضرم بغرور وجبروته نارا لا قبل لها..
تكذب إن قالت بانها لا تتمنى لو تشلع قلبه من بين أضلعه لتأكله علّها تحقق شيء من ثأرها..
فوجدت نفسها تقول بمقت شديد وهي تنظر في عينيه ورغبة الانتقام منه تقطر من كل حرف
((أنا لن أكون لك أبد الدهر.. واقبل هذا التحدي وأراهنك بذلك يا وليد))
رمت أخر ما عندها ثم استقامت من مكانها نحو الخارج فوجودها معه في نفس المكان يشعرها بشيء خانق يطبق على أنفاسها..
في حين ظل هو مكانه جالسا وضيق شديد يتسلل لقلبه..
إنها تخطط لفعل شيء ما وعليه إلا يستهين بها..
فنظراتها تلك هي نفس النظرات التي صوبتها له قبل أن تفعل ما تسبب في إنهاء علاقتهما أول مرة وما جعله يقوم بتركها في يوم الزفاف..
.
.
اتكأت شيرين التي خرجت من المطعم بظهرها على سيارتها ورفعت هاتفها تطلب رقما بشكل سريع قبل أن تضعه على أذنها هادرة بدون مقدمات
((سهر أين أنتِ؟ أريد التحدث معك بموضوع مهم))
وصلها صوت سهر المتلكئ
((ألا يمكن تأجيله قليلا؟))
قوست شيرين فمها بابتسامة جانبية ماكرة ثم قالت بصوتٍ خطير
((حسنا هو ليس مهما بشكل كبير.. لكن أنا أردت التحدث معك بخصوص زواجي القريب.. إذا كنت مشغولة..))
شهقة مصدومة كانت ردة فعل سهر قبل أن تقول بلا تصديق
((لحظة.. لحظة.. لحظة.. أي زواج هذا يا شيري؟))
تهللت أسارير شيرين وهي تقول
((زواجي أنا))
ثوان كانت قبل أن تطلق سهر وابل من الأسئلة عليها
((زواجك؟ أنتِ؟ من هو؟ متى وكيف؟))
كانت عيناها شاردتان تفكر في ردة فعل وليد عنما يعلم بخبر زواجها..
فصدمة سهر هي نقطة في بحر الصدمة التي سيعيشها هو..
ظلت عينا شيرين شاخصتان بالفراغ أمامها وهي تقول
((سأخبرك كل شيء بالتفصيل.. فقط حددي مكان لنلتقي به يا سهري))
قالت لها سهر من بين أنفاسها قبل أن تغلق الخط
((حسنا.. دقائق.. دقائق بسيطة وسأكون حاضرة عند مقاهنا المعتاد))

انتهى الفصل.



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-03-21 الساعة 03:27 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:46 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.