آخر 10 مشاركات
عذراء فالينتي (135) للكاتبة:Maisey Yates(الجزء 3 سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          العاطفة الانتقامية (19) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          264 - جزيرة مادرونا - اليرابيت غراهام - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          الملاك والوحش الايطالي (6) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عرض مغرى (148) للكاتبة Michelle Conder .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وَرِيث موريتي(102) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء1 من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          سيكولوجية المرأة (الكاتـب : Habiba Banani - )           »          اصديق (انت)ام عدو؟ (الكاتـب : مجهولة. القدر - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-11-21, 07:18 PM   #4951

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي




الفصل الحادي والثلاثون



ولم يكمل مازن جملته حتى انتشر الظلام من حوله تدريجيا وأغمض عينيه ليفترش الأرض بجسده..

فغرت نجوم شفتيها الجافتين مدركة أنه فقد وعيه قبل أن يستسلم لها وينالها بسبب مفعول xxxx أمها! فعلى ما يبدو أنها قامت بمضاعفة الجرعة معتقدة أن رجلا بطوله وصلابته لن يؤثر عليه المعيار القليل المحدد استعماله.. لكن جاءت النتائج مغايرة على ما خططت له..

انهارت ملامحها.. لماذا كان عليه ألا يكون مثل ابن خالتها لا يُفكر إلا بشهوته الهائجة التي لا يمكنه كبحها!

لماذا لم ينجح الxxxx الذي تجرعه في الشراب في جعله يفك لجامه لنيل رغباته!

تنهدت نجوم ببؤس..

والآن بعد أن فقد وعيه عليها أن تبقى هنا حتى توهم أمها أنها نجحت في إغواء مازن وارتكب فاحشة الزنا معها.. وإلا فإنها قد تجبرها على فعلها مع غيره..

بدأت تلهث وهي تحاول بيدين مرتجفتين أن تحرر مازن من قميصه وبنطاله الجينز المحكم على الجزء السفلي من جسده..

ثم تمددت على الأرض بمئزرها الذي بالكاد يسترها، تحدق في سقف القبو ودموع حارقة جديدة تلمع في عينيها تكافح حتى لا تسيل على خديها..

فيما مضى، كانت تحب أن تنام في هذا القبو الذي كان مرتعا حرا لأحلام صباها الوردية الأولى..

قبل أن يلوثها ابن خالتها كانت مجرد فتاة هانئة خالية البال تتورد لمجرد همسة غزل بريء تداعب أذنيها من مازن تجعلها تسهر طوال الليل تبتسم لخيالات رومانسية بريئة..

أغمضت عينيها، تغور أنفاسها للموت بالحياة وروحها تنضح وجعا..

الآن تغير كل شيء، سيصبح هذا القبو بالنسبة لها مكانًا تسوده العتمة الكئيبة والظلال الثقيلة التي تطبق على صدرها ستذكرها بالفاحشة التي كانت ستقدم عليها بفعل وساوس والدتها..

لا تصدق أن الشيطان وبعد رفض طويل منها زين لها عملا مشينا وانتصر على نفسها الضعيفة بعد أن استغل رغبتها في الخلاص من عذاب القهر ومصيبة حملها التي تثقل ظهرها ولا مفر منها..

ليتها لجأت للحاج يعقوب المعروف بمكانته وهيبته في القرية.. كان ليضغط على المجرم ابن خالتها للزواج منها!

لكن لن الآن لن تستطيع بعدما فعلته بابنه.. بل لو باح مازن لوالده كيف تصرفت كامرأة رخيصة أمامه لتغريه لن يصدق الحاج يعقوب بأن ابن خالتها اعتدى عليها وسيتهمها كما فعلت أمها بأنها هي من سلمته نفسها بمليء إرادتها!

بدأت تبكي ألما.. وتئن بكرامة ضائعة وكبرياء متصدع وجمال لم يبد له معالم.. قبل أن ترفع يديها المرتجفتين لتكمم فمها وتكتم نحيبها خوفا من استيقاظه.. إذ أنها لن تستطيع الخروج قبل منتصف الليل حتى تصدق والدتها بنجاح خطتها..

.

.

بعد ساعات..

وقفت منال أمام القبو الذي يقبع فيه مازن مع ابنتها بتردد.. تقدم خطوة وتؤخر أخرى.. منذ ساعات تحمحم حول باب القبو..

بمجرد أن تحرك مقبض الباب وخرجت نجوم منه حتى هرعت منال لها بلهفة قلقة تتساءل

((ماذا حدث؟ أبشري؟ هل استجاب ونام معك؟))

هزت نجوم وجهها لها بصمت علامة إيجاب ثم أجابت

((هو الآن نائم في الداخل من آثار المشروب الذي تجرعه))

دلفت منال لداخل القبو وبعينين قد جُحضتا تكادان لا ترمشان وهما تحدقان في مازن المستلقي أرضا شبه عاري الجسد مغيبا..

بدأت تعتصر كفيها ببعضها ثم سرعان ما ارتسمت ابتسامة شيطانية على وجهها وهي تظن أن خطتها قد نجحت..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:20 PM   #4952

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

كانت نورين تجلس في سيارة مصعب تهز ساقيها بعصبية بينما تنفلت منها شهقات خافتة رغما عنها..

لقد قال لها أنه سيذهب بها عند عائلتها لكن هل حقا سيفعلها؟

وماذا سيترتب على الأمر لو عرف أحد أفراد عشيرتها أنها عادت وطلبت الطلاق؟

هل سيفهمون أن الصُلح قد فُض وحان موعد عودة النزاعات وأخذ الثأر؟

فالطريقة الوحيدة لعودتها لبيت عائلتها ونيلها الحرية هي إنجابها خمسة ذكور وإبقائهم عند عائلة الكانز..

ازدردت ريقها وهي تتماوج مع الأفكار السلبية لتفكر بأن عليها أن تخبره بأنها ستتراجع عن الذهاب لعائلتها..

رفعت يدها فوق بطنها البارزة قليلا ثم أمسكت مقبض السيارة لتترجل منها قبل أن تفاجئ به يضع حقائب أخرى غير حقائبها داخل السيارة من الخلف.. ثم يضع دراجته النارية في الصندوق الخلفي لها..

استقل مصعب السيارة وجلس في مقعده خلف المقود لتسأله بتلهف قلق

((لماذا أحضرت دراجتك النارية؟))

تجهمت ملامح مصعب وأجابها وهو يشغل المحرك

((أريد أن أعيدك لأبيك مع هدية، المهم أن يريحني من شكك))

ارتجفت شفتاها ووجدت نفسها تقول بحنق ناسفة ما كانت تفكر به قبل قليل

((إذن سارع وأرسلني عنده سيفرح لرؤيتي وانفصالي عنك، فأنا لم أرَ أحدا من أفراد عائلتي على أرض الواقع منذ زواجنا))

لم يعقب على كلامها وأمرها بهدوء فقط أن تربط حزام الأمان حولها..

فعلت ما يريده بتوتر وازدردت ريقها الوهمي..

استغرقت بالتفكير بدواماتها قبل أن تجفل على صدوح صوت ضحكاته عاليا فتساءلت باستهجان حانق

((ما بك؟ لماذا تضحك كالمجنون؟))

خفتت ضحكاته بعض الشيء وقال متشدقا

((لا أجد الأمر منطقي.. أقصد تريدين أن الانفصال والعودة إلى بيت أبيك وأنا من عليّ أن أوصلك))

كست ملامحها حُمرة الخجل وفركت يديها ببعضهما وهي تغمغم

((وهل كنت تريد مني الذهاب لبيت أبي في هذه الساعة المتأخرة من الليل لوحدي!))

هز كتفه وقال بمرح لا يناسب الموقف

((بالتأكيد لا.. لكن هل يفترض أن أوصلك لبيت أبيك ثم تقدمي لي واجب الضيافة قبل أن أغادر؟ أو..))

نظرت له بحيرة وقالت بارتباك

((نعم.. ربما.. الحقيقة لا أدري.. عندما نصل لبيتي هل عليّ أن أدوك أن تتفضل لبيتنا.. أم أتركك فقط عند الباب لتغادر؟))

أشاح عن الطريق أمامه للحظة يعاتبها بمشاكسة

((وهل يهون عليكِ يا عفريتة أن تتركيني أغادر بلا ضيافة بعد كل هذه المسافة التي سأقطعها من أجلك؟))

تقوست شفتاها عابسة كالأطفال وقالت

((لا.. لا تهون عليّ))

ظلت منكسة وجهها للحظات قبل أن ترفع وجهها بغتة وتنظر للطريق باهتمام من نافذة السيارة قائلة

((إلى أين ستهذب بي؟ طريق قريتنا ليس من هنا))

التمعت عيناه بالإثارة وهو يقول

((إلى مكان غير مأهول.. حيث أستطيع دفنك من دون أن يعلم أحد بفعلتي))

التفتت للخلف للحظة ثم قالت بحماس وإثارة مماثلة له تتسرب لها فجأة

((وهل للدراجة النارية التي أحضرتها علاقة بدفني هناك؟))

همس بلا صوت

((نعم.. فالحب بالحب.. والبادئ.. أحب))

.

.

وطوال الطريق حافظت نورين على الصمت وهي تشاهد الطريق من زجاج نافذة السيارة وشعرت بتعرق جسدها رغم برودة الجو قليلا..

ازدردت ريقها ثم ناظرت جانب وجهه لتقول

((مصعب بدأتُ أشك بأن كلامك عن دفني لم يكن مجرد مزاح، هل تريد أن تقتلني ثم تدفنني هناك حتى تتزوج من رشا دون معيقات؟ لكني أحمل ابنك في أحشائي!))

تشدق ضاحكا على ما تقوله فتجهمت ملامحها وأردفت متسائلة

((منذ أكثر من ساعة وأنت تقود السيارة، هل نحن الآن بمحافظة أخرى؟))

لكن لم تمر دقيقة حتى أوقف سيارته على جانب طريق صحراوي وهو يقول

((ها قد وصلنا هنا))

نظرت إليه بعينين واسعتين وهي تراه يترجل من السيارة ثم يدور حول مقدمتها ليفتح باب مقعدها ويقول لها بمرح أمام ذهولها

((لسنا وحدنا هنا، بل هناك العديد من الأشخاص من عشاق النزهات والرحلات البرية جاؤوا للتخييم))

مد مصعب يده لها يعينها على الخروج من السيارة والوقوف..

ابتعدت قليلا عنه لتطالع الامتداد الأبيض لمخيمات المتنزهين ثم قالت بذهول

((للتخييم؟ تريدنا أن نخيم هنا؟))

ابتسم متجها لفتح صندوق السيارة الخلفي يخرج بعض الحقائب هادرا بصوت مثخن بالحلاوة وقد تيقظت فيه ذكريات الزمن الماضي

((كنت أخيم كثيرًا في القِدم متى ما سمح لنا الوقت مع يحيى برفقة أصدقائنا والشوق واللهفة والفرحة تعمنا لكي نستمتع بالمشهد الرائع الذي رسمته قدرة الله وإبداعه هنا، حيث نقضي اليوم بكامله هنا نتسامر ونلعب كرة الطائرة..))

ترققت ملامحها وسألته بتردد متألم

((كنت تأتي مع يحيى إلى هنا؟))

غامت عيناه بلحن شجي ليرد بألم رغم حلاوة الذكريات

((نعم حتى أني أذكر بأنه في إحدى المرات التوى كاحله وكان لا يستطيع القيام إلا بمساعدة الآخرين ولا يسير إلا بعكازه لكن عندما أخبرناه أننا قد نذهب هنا فوجئنا به منذ الصباح الباكر يقف على عصاه وبحيوية تامة يتفقد لوازم التخييم))

أغلق مصعب السيارة وحمل الحقيبة بيد وأحاط كتفيّ نورين بذراعه الأخرى هادرا

((لن أخرج معي الدراجة، لأننا سنركبها في مكان أبعد من هنا على طريق معبدة حتى لا ندهس عشب هذا المكان وندمر منظره الرائع))

ظلت نورين مأخوذة بالنظر إلى هذه المنطقة الخلابة التي بدت أشبه بواحة وسط الصحراء تعج بأعداد كبيرة من أشجار السمر والسدر البري فضلًا عن العديد من النباتات والشجيرات الأخرى.. لتقول بصراحة

((ذهبت مع عائلتي إلى أماكن كثيرة شبيهة بهذا المكان لكن ولا أي منطقة بمستواه على الإطلاق، حيث لا يكاد عدد الأشجار القصيرة في تلك الأماكن يزيد عن أصابع اليد الواحدة كما أنها مسطحها العشبي فقير))

ضحك بخفوت ثم قال

((بالتأكيد هذا المكان هو الأفضل، فالأشجار كثيرة ووارقة وعالية وملتفة بطريقة تجعل هذا المكان يحفل بالكثير من الكهوف في مشهد أشبه بالغابات الإفريقية العتيدة))

اقترب أكثر من كهف صنعته الأشجار المتشابكة والملتفة فباتت كأنها غرف فندقية ترحب بهما وتدعوهما للاستمتاع بأجواء الطبيعة بين أحضانها بخصوصية..

ثم أخرج غطاء من الحقيبة وفرشه قائلا

((لا تقلقي بشأن الدوار الملازم لك بسبب الحمل فمن حسن حظك تم إنشاء دورات مياه هنا، لذا لا أجد أي عائق من ذهابنا إلى رحاب هذا المكان في عطلة نهاية كل أسبوع، فحياتنا لن تكون نفسها بعد إنجابك لطفلنا))

شدها من يدها لتجلس على الفراش ثم أخرج بعض العُلب من كيس كبير ليردف

((وجلبتُ أيضًا وجبات خفيفة معي))

قبّل وجنتها ثم أخرج كيس مقرمشات مملح يطعمها منه بأنامله..

بتردد فتحت ثغرها تأكل ما يقدمه لها ودون أن تتحدث بكلمة..

فهم أنها لا تريد منه أن يغير الموضوع الذي كانت تتشاجر معه قبل قليل كما يفعل كل مرة.. فأسبل جفنيه بصمت طويل تسري فيه أنفاسهما حتى قال فجأة

((هل تشعرين بالانزعاج لمجرد ذكر رشا؟ لأني لامست فيكي هذا الأمر وهذا ما جعلني في آخر مرة تواصلت معي أتعمد ألا أخبرك به))

رفعت نورين وجهها تضع عينيها في عينيه وأجابت بصوتٍ منهك

((أنتَ محق يا مصعب، ذكر رشا يزعجني، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل تراودني الكوابيس أنكما بصدد الالتقاء مجددا وتنتابني مخاوف من ألا تكون علاقتي الحالية معك عميقة بقدر تجربة زواجك منها رغم قصرها))

ابتسم وقال لها بعتاب مغلف بالمرح

((خيبتي ظنك بهذه الشكوك، خاصة بعد كل تلك المرات التي اعترفت فيها بحبك أنا الذي لم أظن أني سأعترف بالحب بلساني يوما لامرأة))

زفرت بضيقٍ بينما تنزع حجابها وتغمغم بنفاذ صبر

((قد تكون محبا لي بالفعل، لكنك في نفس الوقت لا تزال تحب ابنة عمك وهذا لن يرضيني لأني أعتبره خيانة، أريد بتطرف رجلا أكون في عينيه استثناء مدى الحياة، وأنت لا تتفهم كرجل كم هي الغيرة مؤلمة ولاذعة وقادرة على كسر شيءٍ بداخلي غير قابل للإصلاح، وتجبرني عنوة على الرحيل حتى لو لم أريد..))

رفعت نورين كفيها لتدلك رأسها بين خصل شعرها الناعمة عسى أن تخفف من صداع التوتر ثم تجلى عليها ضيق أشَّد وهي تعود وتنظر لوجهه هادرة

((مُصعب، أنتَ لا تتخيل كم أتوق لقضاء وقت جميل هنا.. ولكن علينا التحدث أولا))

ظل يبادلها النظر دون تعبير واضح، فتراجع رأسها للخلف مسترسلة

((نعم أعرف أنه لا يحق لي محاسبتك على الماضي كما لم تحاسبني أنتَ.. لكن أنا لم يسبق وأن تواصلت مع شخص غيرك، ولم أسمح لذرة شك أن تتسلل لقلبك من تواجد أحد غيرك في قلبي، لذا أريد منك الآن أن تخبرني ما حدث في الماضي والذي جعلك تفعل شيئًا منافيًا للأخلاق التي تتحلى بها، والمبادئ التي جبلت عليها وتُقدم على فعل النهوة لتحظى برشا رغما عنها))

ظلت عيناه تمتلئ بتفاصيل وجهها وشعر بخوفها من أن تكون أغضبته فرد عليها مبتسما بشحوب

((لا تقلقي لم أغضب ولن ألومك، فما تظنينه لا يختلف عما يظنه كل من في القرية عني، لكن بما أنك بالذات زوجتي عليك أن تعلمي بأني ما كنت لأستمر مع امرأة طالما هي وقلبها ليسا معي.. فلا رجولتي ولا كرامتي تقبلان ذلك مهما أوتيت من قوة أو تجبر))

فغرت شفتيها قليلا هامسة ((ماذا؟))

وبحركة فاجأتها وجدته يُعدل من جلسته وهو يسند رأسه ليضعه فوق حجرها بينما يتطلع بالفراغ أمامه بنظرة عميقة ويبدأ بسرد كل ما حدث في الماضي معها

((كل شيء بدأ عندما كنت في زيارة معتادة لأخيها يحيى في بيتهم..))

كل كلمة.. كل جملة.. وكل سطر كان يتفوه به بصوته المجروح كان يخترقها في الصميم بعمق ألمها بينما يخبرها حكايته مع رشا كاملة..

تهدج صوته في النهاية هادرا

((هل تعرفين ماذا قال الرجل الذي أراد والدها أن تتزوجه عني بعدما قمت بالنهو عليها؟ قال كذبا أني ساومته على مقدار كبير من المال لأتراجع بالنَّهو عنها، وعندما عجز عن تأمين المال وسد جشعي وطمعي اضطر أن يتركها حتى لا يعرض حياتها للخطر))

تقبضت يدا نورين بحمية عليه..

رغم أنه عادة ما يتم اتهام الرجل بأنه يتلاعب بالمرأة ها قد جاءت رشا لتؤكد أن هناك نساء محترفات من نفس الصنف في الواقع.. بل الحق يقال بأنها كانت داهية لا يستهان بها بعد أن عثرت على نقاط ضعف مصعب وتلاعبت به تلاعب قائم على مبدأ الاستغلال وإلحاق الضرر بمصعب من أجل أن تنقذ نفسها..

وهنا تمنت نورين حقا لو كانت تلك الرشا أمامها لتوسع وجهها لكمًا لكل ما جعلت مصعب يتعرض له بسببها ولو أن جزءً منها أشفق عليها لأنها كانت مضطرة أن تتزوج من رجل لا تحبه بسبب تعنت وظلم والدها المجحف..

تابع مصعب يقول بنفس نبرته المتهدجة

((آثار العنف الذي كان جليا على وجه رشا في حفل زفافنا كان من فعل والدها لأنها رفضت أن تطيعه وتقول أمام الجميع أنها تفضل أن تظل عزباء لآخر عمرها على الزواج مني))

رق قلبها له أكثر.. إنه يعلم ويسمع ويدري بما يُقال عنه من قبل أهل القرية عن نهوه على رشا حتى الآن بعد مرور كل تلك السنوات..

بهدوء اعتدل جالسا يتطلع لها ويقول بصوتٍ أجش

((أيقنت أن عليّ إخبارك بهذا السر وإلا سأخسر العفريتة المتواجدة في حياتي، فأنا لا أطيق الخصام معها، بل لا أتحمل فكرة كتمانها غضبها عليّ وضيقها حتى على أبسط الأشياء، أو أن تتأثر علاقتنا من فرط كتمانها أو التراكمات.. أخطأت عندما لم أطلعك على رسائل رشا لي رغم أن غايتي كانت حتى لا أضايقك، لكن لن يتكرر هذا الخطأ مستقبلا))

ذاب قلب نورين وهي تشعر بما يريد أن يوصله لها.. إنه يثق في نفسه كثيرا فرأي الناس لا يهمه للحد الذي رفض أن يكشف ولو جزءً من الحقيقة.. إلا أمامها هي كان مهتما بما تفكره عنه.. وخائف من رحيلها.. فقالت له بصوتٍ عميق وقد تلألأت عيناها بالعاطفة

((لطالما تمنيت أن أقابل شخصًا مثلك يُشبهني، سهل لين، لا يتحمل قضاء وقت طويل دون أن يتحدث معي ويغفر أخطائي دون مشقة))

اقترب مصعب منها وأحاط يداها الناعمتين بكفيه برقة مباغتة..

حتى هي اقتحمت حياته بقوة والغريب أنه لم يرفض وجودها بل سمح لها أن تقترب منه أكثر وأكثر وتتسلل لقلبه دون صخب حتى أوقعته في حبها..

لقد استسلم لسطو هواها على قلبه بعد أن مثلت له كل ما كان يحلم به طوال حياته بل وجد فيها كل ما كان يتمنى أن يجده..

قال بصوتٍ يضج بالحب بين حروفه

((لطالما سألت نفسي كثيرًا وأنا أتعجب منها كيف سمحت لك وأنتِ قريبة من قتل ابن عمي يحيى بالاقتراب مني ولم أثر عليك أو أمنعك من أن تصلي إلى أعماقي! لماذا انجذبت إليك كأني أعرفك عمرًا طويلًا وتركتك تعرفين عنى كل شيء وحتى أدق تفاصيل وأسرار حياتي!))

مال برأسه نحوها حتى لفحها بأنفاسه مكملا

((ولكن.. الآن أعلم.. نعم أعلم أن القدر قد وضعك في طريقي لأنه قد كتب علىّ أن أحبك.. أنا أحبك.. ولأنك جئت في الوقت الَّذي كنت أرفضُ فيهِ الحبّ، أحببتكَ أكثَر.. ووعد وعهد عليّ الوفاء والصدق والإخلاص بيننا من الآن))

تراقص نابضها وبدأ يرفرف بين أضلعها فأغمضت عينيها بنشوة من تأثير كلماته عليها..

منذ دخلت حياته شعرت أنها تريد أن تكون كما يحب.. أن تذهله.. كانت مستعدة لأجل ذلك أن تفعل أي شيء.. كانت تقول في نفسها أنه لا ينقصها أي شيء لتكون هي السيدة الأولى والوحيدة في حياته..

وهذا ما شعر مصعب أنها فعلته له هو الذي نشأ منذ صغره يشعر بحقه مهدور بين أبيه الذي يولي كل رعايته لأكبر أخويّه وأمه التي تسمح للتوأم أن يحتكرا كل مشاعر حبها..

ارتجفت نورين تتأوه بنعومة حين مست شفتيه ثغرها برقة وحنو أذابها قبل أن يتعمق بقبلته برغبة جارفة جعلتها تستسلم له بكل جوارحها وتغوص بكافة حواسها معه..

تحيط عنقه بذراعيها تقربه منها مغيبة تماما عن العالم لحظات طويلة كانت كالنعيم بالنسبة لهما..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:21 PM   #4953

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في غرفة رتيل..

حيث هي جالسة تتلو سورة البقرة التي صارت عادتها اليومية في مجابهة أيامها الصعبة التي تعيشها.. لكنها انكمشت فجأة على نفسها عندما سمعت أصوات ضرب فوق باب غرفتها بعنف وقوة تعلن عن نفاذ صبر صاحبها وفقدانه السيطرة..

توقف أخيها عن دفع الباب بجسده بعد أن فشل في كسره ووقف مكانه يلهث بإنهاك ويقول لوالدته

((ابنتك مجددا ترفض الخروج من غرفتها، إنها تستغل غيابنا في قضاء أمورها وادخار مونتها من شراب وطعام ثم تُحكم إغلاق الباب عليها قبل مجيئنا حتى لا نراها))

تجاهلت والدته الواقفة معه تذمره وقالت بصوتٍ مضطرب حزين

((ألا يمكن يا بني أن تحاول مع زوجها لمرة أخيرة لعلك تقنعه أن يعيدها لذمته؟ المسكينة بالكاد ستكمل الثلاثين من عمرها لتحصل على لقب مطلقة))

هتف شقيق رتيل بغضب واحتدام

((لو كان يريدها لطلب ذلك مع اقتراب نهاية عدتها بعد أيام، وأنا لن أكسر هامتي من أجل ابنتك اللعينة، اجعليها تدرك أنه وبمجرد انتهاء عدتها سأعلن في كل أرجاء القرية أنها باتت مطلقة لأفتح المجال أمام من يريد خطبتها التكلم معي، أول خطيب ومهما كان وضعه وظروفه ستتزوج منه، فالحال عندي على قدره وبالكاد أستطيع الإنفاق على عائلتي الصغيرة وعليك ولا ينقصني عبئ إضافي))

في هذه اللحظة نفضت رتيل عنها الضعف وانتفضت واقفة خلف الباب مباشرة تصرخ به

((أيها ا-ل-ح-ق-ي-ر لا أريد منك أي معروف، شهادتي بتخصص التاريخ معي وسأعمل بها كمعلمة ولن أحتاج منك فلسا))

صرخ شقيقها بها بصوتٍ جنوني وهو يعود لدفع الباب بجسده

((لستُ أنا معدوم الرجولة من أسمح لأختي بالعمل لتنفق على نفسها))

غمغمت له رتيل بنبرة قاسية مستنكرة

((تريد أن تزوجني رغما عني لأي عابر يطرق بابنا حتى لا تحمل عبئي المادي ثم تأتي الآن وتتحدث عن الرجولة! ثم ما أمتلكه في البنك أيها الأحمق والذهب الذي يزينني من رأسي لأخمص قدمي قادر على جعلي أعيش كالملكة لسنين دون منة أو حاجة لأحد))

توقف أخيها فجأة عن دفع الباب وعمّ الصمت في المكان لا يُسمع إلا صوت تنفسه اللاهث قبل أن يتحكم بنبرة صوته ويقول

((نقود بالبنك! هل عندك حساب شخصي في البنك! وكم فيه يا رتيل؟ والذهب! كم يساوي مقدار ما تلبسينه الآن؟))

كانت رتيل في هذه اللحظة تضرب فمها براحة يدها شاتمة نفسها على بوحها بأمر كهذا! الآن شقيقها الدنيء سيطمع بنقودها!

لكن لن تسلمه فلسا واحدا إلا على جثتها!

تابع أخيها سؤال والدته بتحقيق جشع

((أمي كم كانت تتحلى ابنتك من الذهب عند قدومها هنا!))

استاءت والدته من سؤاله فزجرته بتأنيب

((ولماذا تسأل عن ذهب وأموال أختك؟ لست أنت ابني الذي ربيته ألا يفكر بأخذ مال من امرأة))

تذمر شقيق رتيل بدناءة ودفاعية واهنة ليقول قبل أن يبتعد مغادرا

((ضيق الحال الذي أعيشه الآن هو ما يجبرني على ذلك.. عليك إخبار ابنتك أني قد أتنازل وأبقيها هنا على راحتها دون أن أجبرها على الزواج فقط بحالة ساعدتني ماديا))

أغمضت رتيل عينيها بحسرة ودموعها البائسة تنساب على وجنتيها الباردتين حتّى تمنت أن تفقد وعيها لتتخلص من هذا الجحيم الذي تعيشه الآن ولا يبدو له نهاية..

لم يبقَ في حياتها معنى للحياة وهي بعيدة عن أولادها..

تتجرع دموع قلبها نهارًا كما تتجرع وسادتها دموع عينيها ليلًا..

فلا يهنأ لها بعيش ولا تتلذذ بشيء.. كأن هناك جزء منها يتجول في هذا العالم الفسيح بعد أن قرر مؤيد استبعادهم عن حياتها!


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:21 PM   #4954

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في الصباح..

بدأت شمس منتصف الربيع الصباحية تدغدغ صفحة وجه مصعب بإحساس دافئ.. فاستفاق على ذراعي نورين اللتان كانتا تشدانه من جديد إلى أحضانها..

رمق بعين واحدة مفتوحة ساعة يده التي تجاوزت الحادية عشرة صباحا فذهل..

هل ناما كل هذا الوقت!

أخفض نظره للمرأة التي تنام في أحضانه وهالة الراحة التي تمده بها..

لقد كانا تحت تأثير الإرهاق ومشاعر أخرى حتى ليلة البارحة.. فهمس لروحها الغائبة في النوم

((كيف تزيلين التعب من روحي بهذا الشكل يا عفريتة!))

أيقظها بهدوء ورقة ثم ذهبا يغتسلان بعدها اشترى بعض اللحم ومستلزمات الأكل من الباعة المتجولين هنا..

جلسا في الخارج بين جموع الناس الذين يتناولون الفطور.. وضع مصعب اللحمة والشاي برائحة أعشاب المرمرية فوق النار التي أوقدها.. وأخذ يأكل ويطعمها بين الوقت والآخر لقيمات صغيرة فيذوب اللحم الشهي شديد النضج في فمها..

بعدما امتلأت معدته شعر أنه بدأ يستفيق أكثر ومستعد للتعاطي معها فقال فجأة بحنق مصطنع

((الآن حان وقتي أنا لأعاتبك بما خرج من فاهك في لحظة غضب في الأمس، فأنا لا أنسى الكلمات القاسية في لحظات العتاب واللوم))

اتسعت عيناها وهي تذكر ما سبق ونطقت به بلحظة تهور وقالت بأنها ليست سعيدة معه، فازدردت ريقها ثم تحدثت بصراحة إذ اتفقت معه ألا تكتم أي شيء عنه حتى لا تزيد التراكمات بينهما.. فقالت له بعد مدة

((على العكس أنا سعيدة معك ولو عاد بي بالزمن فلن أتزوج من غيرك لأني لن أجد أفضل منك، ولكن في نفس الوقت أشعر أني على هامش الحياة، غدت حياتي مملة والأيام تمضي متشابهة، يأس واكتئاب ينتابني كل حين أن لا فائدة من وجودي عندما اقتصرت حياتي على تصفح الإنترنت وزيارة عائلتك فقط..))

كان ينصت بعبوس متفاجئا لما تقوله مما جعلها تكمل له بشجاعة

((حاولت قدر الإمكان أن أدفن أحلامي في العمل وإكمال دراستي.. لكن أحيانا أشعر بأنه لا يوجد في حياتي ما أرنو إليه وأحبه باستثنائك أنتَ وهذا ما يشعرني بالضيق والحزن، فأنتَ تقضي ساعات طويلة في العمل، هذا يؤثر عليّ أحيانا فلا أستطيع حشد أي حماس عندما تحدث أمور لي مميزة، ولا أنجح دائما في توجيه نفسي وهدهدتها، لكن كما يقال اكتمال الحظوظ في الدنيا واستيفاء الحقوق ليس من طبيعتها))

ظل يحدق بها بنفس النظرة ليقول لها بجدية يعنيها

((نورين ما تشعرين به من الإحباط والاكتئاب والفراغ هي ردة فعل إنسانية نفسية طبيعية تجاه ما تعيشينه، ويمكن لأي إنسان في مكانك أن يشعر بما تشعرين به الآن ولكن إكمال دراستك العليا بنفس تخصصك لا يتحقق إلا في خارج بلادنا لذا هو صعب))

قاطعته نورين متفهمة مقتنعة وهي تهز رأسها

((نعم أعرف ذلك ولهذا لم أفتح السيرة لك سابقا فأنتَ بالتأكيد بعد يوم عمل طويل مرهق تريدني مرحة وبشوشة لأخفف عليك من ضغوط الحياة اليومية بدلا من الجلوس مستكينة شاكية على أمر لن تستطيع تحقيقه حتى لو أردت ذلك))

عقد حاجبيه يقول بجدية اكتنفته

((لحظة أنا لم أكمل كلامي، فما قلته سابقا يتعلق بالدراسة لكن بشأن العمل لو وجدتِ عملا يناسبك.. فلا بأس))

طالعته بدهشة لفتها وقالت

((ولكن من الصعب أن أجد عملا يناسبني هنا في هذه القرية الصغيرة، لن أجد إلا في المدينة))

هز كتفيه ببساطة وقال

((لا يهم أيا كان موقع عملك فقريتنا لا تبعد عن المدينة أكثر من مسافة ثلث ساعة، سأعطيك سيارتي لتذهبي لعملك وتعودي بها وأنا سأشتري سيارة خاصة لي ولو بالتقسيط))

تفجرت أساريرها فجأة لما سمعته منه لكن تجلى شيء من القلق وجهها وقالت

((ولكن ماذا لو عرفت عائلتك؟ أمك دائما كانت تنتقد المرأة التي تعمل! لن يروق لهم عملي))

ازداد انعقاد حاجبيه وهو يقول بحزم

((أنتِ زوجتي أنا ولا يحق لأحد آخر التدخل بيننا، عائلتي أعرف كيف أتدبر أمرهم))

لم تسيطر على لهفتها وسعادتها وهي تمسك بذراعيه بقوة وتسأله

((إذن بعد الإنجاب بفترة سأبحث عن عمل لأزاوله))

خالجه شعور قوي جعله يلامس بطنها بيده ويقول

((إذن حتى ذلك الحين فلا تنزوي، لا تنعزلي ولا تنغلقي أبدا على نفسك، وانخرطي فيما يملأ الوقت حتى تحافظي على صحتك النفسية))

تألقت ابتسامة عذبة على وجهها ثم تنفست بسعادة تلبست قلبها لتقول بمشاغبة

((ثمن السيارة التي ستشتريها لي سأعتبره قرضا وسأسدده لك فأنا أعرف أن راتبك أكثر تواضعا من أن تهديني سيارة))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:22 PM   #4955

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في القبو..

فتح مازن عينيه بتثاقل وهو يتمطى بإرهاق.. لكنه عاد ليغلقهما بغتة وهو يجز على أسنانه بألم شديد ينخر رأسه.. يجد صعوبة في تحريك أطرافه..

ازدرد ريقه بصعوبة وهو يتحامل على أحباله الصوتية لتخرج كلماته المتحشرجة بفيض من التوسل في نبراته

((هل هناك أحد ما هنا!))

عاد يفتح عينيه متأوها وهو ينظر للمكان بتشتت وما إن رأى ملابسه الملقاة بجانبه حتى سرت إلى ذهنه مشاهد مما حدث آخر شيء بينه وبين نجوم فشعر الجزع يهزه هزًا ويكاد يخنقه حتّى الموت وهو يفكر إذا ما كان قد نام معها!

رفع كفه المرتجف مثل ارتجاف قلبه على صدره يحاول بعفوية السيطرة على نوبة الخفقان الشديدة التي تنتابه..

تبا لجسده.. ماذا حدث له! ما هذه الاضطرابات والخدر الذي يشعر به!

تشوش عقله عن استيعاب سبب وهن جسده وفشل في الحفاظ على رباطة جأشه!

استغرق الأمر منه ما يزيد عن نصف ساعة وهو على حاله حتى شعر أنه يستعيد سيطرته على جسده.. وتيقظ وتأكد من أنه لم يستسلم لها ولم ينم معها..

بصعوبة وتثاقل مصدره ارتجاف حركة يديه استطاع الاعتدال جالسا وارتداء بنطاله على الأقل..

هناك خطب ما بجسده لكنه يخفت تدريجيا!

جفل فجأة على صوت جهوري يدخل للقبو

((مازن ماذا تفعل هنا؟ أين كنت منذ الأمس؟))

تطلع مازن مصدوما في توأمه وهو يقترب أكثر منه بنظرات مستنكرة خلعه لقميصه.. فسأله بصوتٍ أجش مبحوح من أثر النوم

((منذ الأمس؟ ماذا تقصد؟))

تغضن جبين مالك وقال

((أقصد أنك قمت بتوديع أصدقائك في ليلة الأمس ثم اختفيت تماما حتى هذه اللحظة، أبي لم يراك في المسجد في وقت أي صلاة وغضب منك بشدة أما أمي فقلقت لأنك لا ترد على اتصالاتها، كانت تريد أن تقلب الدنيا عليك لولا أن منال قالت بأنها لم تراك تخرج من القبو، هل هذا صحيح؟))

اتسعت عينا مازن حتى كادتا تخرج من محجريهما ثم قال بذهول

((مالك كم الساعة الآن؟ لقد نمت بعد مغادرة أصدقائي والآن فقط استيقظت))

تشدق مالك ساخرا وقال

((مستحيل، هل نمت لأربع وعشرين ساعة؟ حتى لو خدرك أحدهم فلا يمكن أن تنام كل هذه الساعات))

لعق مازن شفتيه الجافتين وقبض بيده على القميص الذي يمسكه كي لا تتضح ارتجافه لتوأمه ثم قال باضطراب

((مالك هناك شيء أنا بحاجة أن أقوله لك، لن أستطيع أن أخبر غيرك ما حدث لي في الأمس))

تنهد مالك بضجر ثم قال وهو يغادر

((لاحقا يا مازن، سأصعد لأطمئن أمي عن حالتك ثم سأخرج مع زوجتي لأحد المطاعم))

.

.

بعد ساعتين.. في جناح مازن..

وبعد أن قضى مازن الصلوات التي فاتته ومارس بعض الرياضات التي ساعدت في تحريك عضلاته ثم أخذ حماما باردا، شعر بشيء من طاقته وقوته تعود له وذلك الارتجاف المريب بعضلات جسده يقل أكثر..

رجحّ أن سبب ما شعر به هو نومه ليوم كامل!

ولكن كيف استطاع فعلها والنوم طوال هذا الوقت! حتى مصعب لم ينجح في هكذا أمر!

انتشل صوت فتح الباب مازن من أفكاره لتطل عليه ياسمين التي ما أن رأته حتى انسحبت ألوان الحياة من وجهها ويكاد يقسم أنه انتبه لخضة جسدها كأنها رأت شبحا أمامها قبل أن تتمالك رباطة جأشها وتتوجه إلى سريرهما قبل أن تتوسده بهدوء معطية إياه ظهرها..

انزوى ثغر مازن بابتسامة باهتة.. الآن فهم شيء من الذي مرت به ياسمين في الماضي بعد ما تعرضَ له من نجوم في الأمس.. لكنه كان أكثر حظا لتذكره ما حدث..

وجد نفسه يتسلل إلى السرير ثم يقترب منها ويحتضنها من الخلف بعناق جعل قلبها بين أضلعها يرتجف مكانه قبل أن تسمعه يقول بهمس مشاكس

((لماذا زوجتي الجميلة تعطيني ظهرها؟))

في البداية لم تجبه بشيء لكنها كتمت شهقة في أوج ضعفها لتقول بصوتٍ متذبذب مخنوق

((ألم تقل بأنك تريد أن تطلقني؟ إذن افعلها وابتعد عني))

لكنه فاجأها وهو يديرها إلى ناحيته ويضع عينيه في عينيها ثم يقول

((ياسمين هل سبق وشتمتك أو قللت من احترامي لك سابقا ولو من قبيل المزاح؟))

تمتمت له بخفوت وهي تنكس أنظارها بذنب ((لا))

رسم بسمة صغيرة على محياه ثم مدَّ أنامله يرفع ذقنها لتعاود النظر له فيهمس لها

((إذن لماذا لا تعامليني بالمثل؟ ألا أستحق بما أني زوجك أن تعامليني باحترام حتى لو لم تحبينني؟ على الأقل أمام ابنتنا!))

ابتلعت ريقها ثم قالت ((نعم أعتقد ذلك))

رفع احدى حاجبيه يتساءل وهو يزيح خصلة شاردة خلف أذنها بنعومة

((تعتقدين ذلك فقط؟))

ارتعش ذقنها ورغبة ملّحة بالبكاء تجتاحها لتتمتم ((أنا آسفة))

عبرة صغيرة هطلت على وجنتها فرفع إبهامه ليمسحها.. فأردفت بنبرة مرتجفة

((والآن لا طلاق بدون مساومة كأن تطلب مني أن أجلب شالا وألفه حول خصري ثم أرقص لك من أجل إمتاعك وإذلالي؟))

لم يضحك على سخريتها المريرة بل همس بملامحه الودودة العفوية

((إذا كان الرقص يشعرك بالذل فسأمسك يدك ثم سنرقص معًا))

لم تحد عيناها المتلألئتين بالدموع عنه وهو يسترسل

((أيضًا أريد منك أن تتحملي طريقة استخفافي بالأمور فهي أسلوبي في تجاوز محن هذه الحياة))

مال برأسه منها حتى لفحتها أنفاسه الحارة وهو يتابع

((وإن شعرت برغبة في تقبيلك، سأفعل أينما نكن فلا تتذمري أبدًا))

أومأت برأسها له متفهمة ومتقبلة أنه لا يشبه إخوته بتحفظهم شيئا، بل هو أكثر انفتاحًا وإقبالًا على الحياة ولديه حياة زاخرة وواسعة وسع السماء.. فأينما يحل يكون مقبلا على الحياة ومغمورا بأمور مبهجة تجعل من طاقته تتفجر بعروقه!


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:23 PM   #4956

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

اتكئ مؤيد على عصاه وهو يدخل غرفة المعيشة وسرعان ما داهمه الخجل وهو ينتبه لوجود أحدا غريبا عن بيتهم وتوقف مكانه بتجهم مما جعل الحاجة زاهية تقول بلهفة وهي تحثه على الدخول

((تعال يا مؤيد وسلم على ابنة جارنا أبي أحمد صبر، لقد تعرفت عليها سابقا))

بحذر وبطء رفع مؤيد عينيه نحو صبر التي كانت تجلس على نفس الأريكة بجانب والدته وتضع ابنه باسم فوق حجرها وابنه الآخر بجانبها..

استغرب مؤيد كيف يجلس ولديه الاثنين بجانبها باستكانة وألفة..

جلس مؤيد على أريكة مقابلة لهم بينما تقول والدته بود

((عرفت جارتنا أم أحمد أن زوجتك تريد الطلاق بعد أن تعذرت الحياة بينكما وأني أواجه وقتا عصيبا مع المربيات اللواتي أغيرهن كل يوم لعدم قدرتهن على التواصل أو الانسجام مع الولدين فطلبت من ابنتها صبر التطوع لتجالسهما بما أنها في إجازة من جامعتها))

تصلب جسد الولدين من كلمة "الطلاق" التي قالتها جدتهما وكان باسم يريد أن يعقب ولكن سبقته جدته وسألته بابتسامة

((كيف هي صبر معك يا باسم؟))

تمتم فهد مندفعا

((نحن نحبها يا جدتي، لا تجلبي لنا غيرها))

لف الذهول مؤيد وقال بلا شعور منه

((هل يعقل أن فهد المنتقي هو من يقول هذا!))

اتسعت ابتسامة الحاجة زاهية وقالت بفخر

((نعم هو من يقول ذلك! بسم الله ما شاء الله يا صبر أنتَ كالنسمة الرقيقة على قلوب كل من يراك كبيرا كان أو صغيرا))

أشاح مؤيد بنظره جانبا بضيق وقد فكر ما تقصد أمه بكلمة "كبيرا" التي شددت عليها..

في حين يزيد الذي كان يراقب الموقف مداريا على نفسه من خلف الباب ظهر أمامه وقال بخفوت

((جدتي أريد فهد وباسم قليلا))

استغربت الحاجة زاهية مما يقوله ولكن استجاب كل من فهد وباسم ليزيد ولحقا به إلى الخارج..

وقف يزيد في الصالة وقال لهم بجديته الطفولية

((سمعت أمي تقول لأبي أن أم احمد طار عقلها فرحا عندما كانت تشيد جدتي على أخلاق ابنتها صبر وحكمتها ورقتها في التعامل معكما وأنها تتمنى أن تكون كنتها))

عقد فهد حاجبيه

((ما معنى كنتها؟))

هتف يزيد بصرامة وحنق طفولي

((يعني أنها تريدها أن تكون زوجة لوالدكما لأنها استطاعت أن تنال قربكما وثقتكما))

تطاير الشرر من عيني باسم الطفولتين ما إن فهم ما يرمي له ابن عمه ثم أمسك يد شقيقه يقول وهو يجره خلفه

((فهد تعال معي، علينا أن نصحح لجدتي أن لا امرأة يمكن أن تحل مكان أمي))

وعاد باسم الصغير بخطواته المهرولة النارية نحو غرفة المعيشة جافلا المتواجدين بها ليقف أمام صبر ويكشر بوجهه أمامها ثم يصرخ بوجهها بفظاظة

((غادري الآن منزلنا لا نريدك هنا، لا يمكن أن نسمح لك بأخذ مكان أمنا))

شهقت صبر مما يقوله باسم بصدمة فزجرته الحاجة زاهية

((باسم أيها الشقي كيف تتحدث مع الخالة صبر بقلة الاحترام هذه!))

لكن اندفع أخيه الثاني يقول بهتاف حانق

((لا نريدها هنا، غادري نحن لن نحبك أبدًا))

لفت الصدمة الحاجة زاهية لتتمتم بذهول

((باسم، فهد ماذا حدث لينقلب الحال بكما هكذا، أين ذهب بكما يزيد قبل قليل؟ هل كنتما تتحدثان مع والدتكما على الهاتف وهي من طلبت منكما أن تقولا ذلك؟))

لكن باسم وقف أمام جدته بصلابة طفولية ثم قال بعناد

((جدتي لا نريد مربية ولا أما جديدا، يمكنك تزويج أبي ولكن نحن نريد أن نتواجد حيث تكون هي))

قالت لهما بحزم مغيظ

((بل مكانكما فقط حيث يعيش والدكما))

تدخل فهد يقول بصوتٍ متحشرج نجح في اختراق مؤيد

((لسنوات كنا نعيش من دونه، لا نراه إلا مرة كل أسبوعين وحتى في هذه المرة لا يخرجنا ولا يلعب معنا بل يُخرج بنات عمي بذريعة أننا مشاغبين فما الذي اختلف الآن؟))

عبست الحاجة زاهية في وجه الصغيرين وقالت

((هذا في السابق، لكن اختلف الحال وها هو والدكم لم يبرح هذا القصر منذ مدة))

برر باسم لها متشدقا بمنطقه الطفولي

((هذا بسبب كسر قدمه لكن بمجرد أن تشفى سيعود لشقته بالمدينة ونحن سنضحى بلا أب ولا أم))

ثم وجه نظره لصبر يطالعها بأهدابه بغيظ ويصرخ فيها

((وأنتِ غادري من هنا، نحن لا نحبك ولا نريدك هنا تريدين أن تسرقي مكان أمي))

تغرغرت الدموع في عيني صبر وجفلت من صراخ هذا الصغير الذي لم يكمل حتى السادسة من عمره مما جعلها تمسك حقيبتها قائلة بصوتٍ مرتجف وبالكاد تمنع دموعها من الانزلاق

((أنا سأغادر من هنا))

هرولت صبر للخارج فلمع بريق الانتصار في عيون الصغيرين أما زاهية فغمغمت بحسرة وقد تلاشى الأمل بزواج ابنها من أنسب فتاة له

((يا قليلا الأدب والاحترام انظرا كيف جعلتماها تفر من هنا باكية!))

قال مؤيد الذي كان يراقب متجهما المشهد كاملا أخيرا

((أمي يكفي، لا تصرخي على أولادي، أنا سأتفاهم وأشرح لهما وضعهما الجديد بعد انفصالي عن والدتهم))

اتسعت عينا باسم فوجد نفسه يصرخ بوجهه

((لا نريد منك أن تشرح لنا شيئا نحن نكرهك، نكرهك، نكرهك))

عقبت زاهية بصوتٍ مرتجف لابنها وهي تشاهد الصغار يبارحان الغرفة

((أنا متأكدة أن والدتهما تغسل أدمغتهما بسوء الكلام عنا وهذا هو سبب انقلابهما الفظيع!))

أما مؤيد فكان الضيق يستفحل في داخله أكثر وأكثر في كل يوم يمر عليه..

يعرف أن نفسية ولديّه متعبة وفي تراجع لكن ما يمر به هو أقسى وهو يراهما يتعاملان معه بقلة احترام وأدب ممزوجة بالجفاء والقسوة..

هو متأكد من أن رتيل لا تطلب منهما ذلك فما يبوحان به هي مشاعرهما الحقيقة المكتومة تجاهه..

في الماضي.. بمجرد دخوله القصر في زيارته المعتادة لهم كل أسبوعين حتى يندفع الاثنين ويتسابقان على احتضانه وتقبيل رأسه ويديه.. وطوال فترة وجوده هنا يظلان فوق رأسه ويحومان من حوله.. يقلبان بهاتفه.. يسردان عليه قصصهما الطفولية.. يعبثان بشعره..

ويبقيان ملتصقان به إلى الحد الذي كان يختنق منهما فيطردهما من غرفته بجفاء ثم يذهب وينزه بنات إخوته سر عنهما فهن مهذبات وقليلات حركة عكس ابنيه..

أما الآن بمجرد دخوله نفس المكان المتواجدان به حتى يهربان من أمامه بعد أسطوانة عريضة تبدأ بتعبير فهد عن اشتياقه لأمه وتنتهي بتصريح باسم بكرهه الشديد له..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:23 PM   #4957

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في المطبخ..

اختلست منال النظر لما تعده سمية في المطبخ ثم قالت بلهجة ممتعضة

((هل طلب السيد مالك أن تعدي له هذا النوع من الطعام؟))

طالعت سمية منال ببشاشة وقالت

((الحقيقة لا، لكني أحب أن أصنعه له بنفسي لأنه.. أعني.. مشكلة مالك أنه نحيف قليلا.. لكن لن أستطيع أن أخبره بذلك فكبريائه عالي، لذا أحاول أن أبحث عن بعض وصفات الطعام لأعمل على تسمينه..))

تشدقت منال بوقاحة

((تتصرفين كأنك أمه تماما))

تجهمت ملامح سمية فجأة بينما تكمل منال وهي تظهر حزنها المصطنع على اختيار سمية

((كنت أتوقع أن طموحك بالزواج أكبر من ذلك وأنك لن تقبلي الزواج من السيد مالك، لا تفهميني خطأ، نعم هو رجل رائع لا مثيل له لكن المرأة تريد أن تكون زوجة مدللة تظهر عواطفها الأنثوية ولا تريد أن تقوم بدور الأمومة للزوج يا تعيسة الحظ))

توقفت منال للحظة تدعي التفكير قبل أن تكمل

((صديقة لي تطلقت ابنتها قبل عدة أيام وعندما سألتها عن السبب أخبرتني أن زوجها يصغرها بالعمر فانتهى الأمر بينهما بالطلاق.. قالت لي أن حياة ابنتها كانت في البداية ناجحة وتتسم بالهدوء والاستقرار مثل حياتك الآن مع السيد مالك.. لكن بعد سنوات عدة بدأت المشاكل وتأزمت كثيرا علاقتهما فطلبت الطلاق منه لأنها لم تعد تحتمل تصرفاته وكذب مشاعره))

ازداد تجهم سمية من منال وكانت أكثر من تعرف بشاعة أخلاقها..

إذ أنها أكثر إنسانة ضعيفة الإيمان وقليلة المروءة وظالمة لنفسها ومعتدية على غيرها قابلتها في حياتها.. فاكتفت أن تقول لها بصوتٍ أجوف فاتر لتوقفها عند حدها

((أتمنى أن لا تتدخلي بيني وبين مالك فأنا أكثر من سعيدة معه، سأغادر الآن يا منال))

أخرجت منال صوتا ساخرا مستهزئا وهي تلاحظ أن سمية لم تعد ضعيفة وهشة كالسابق رغم أنها لا زالت كما هي لا ترد على من يسيء لها.. فتمتمت بكلمات قميئة في داخلها تدعو فيها أن ينتهي ذاك الزواج ويطلق ابن سيد هذا القصر تلك البستانية بعد أن يمل منها ويعيدها إلى حيث تنتمي..

ثم ناظرت ابنتها الشاردة بإرهاق بعد أن خلى المطبخ من أحد غيرهما فخاطبتها بلهجة مستاءة

((ألن تخبريني يا مغضوبه بالتفصيل ماذا حدث خلال تلك الليلة التي قضيتيها مع مازن حتى أعرف ما هي الخطوة التي سنقوم بها؟))

انتشل صوت منال نجوم من دوامتها الغارقة بهما وتطلعت لها بوجهها المنهك والذي لم يذق طعم النوم لتقول

((أمي جررته للنوم معي وانتهى الأمر، ماذا تريدين أن تعرفي أكثر؟))

تقبضت يد منال وقالت بملامح متكدرة

((أريد أن أعرف هل استمتع معك وبدا أنه راغب في المزيد؟ إذا كان كذلك فعليك أن تظهري أمامه أكثر ليطلب منك تكرارها))

ارتجف جسد نجوم وهي تتذكر نظرات مازن المُحتقرة لها في تلك الليلة، فهزت رأسها معترضة بعنف

((أمي قلت لي ليلة واحدة وسينتهي الأمر، كيف تريدين مني تكرارها! ماذا لو توفاني الله وأنا أمارس تلك الرذيلة معه؟ بأي وجه سأقابل ربي؟))

مدت منال يدها تمسك حفنة من شعر ابنتها تحت الحجاب بقوة وتقول

((أيتها الحمقاء لقد جررتيه للنوم معك وصرت مدنسة وزانية فما الذي سيفرق إن كان مرة أو عشرة! عليك أن تكرريها كثيرًا حتى يقتنع أن الطفل له ولكن على الأمر أن يكون عفويا وغير مخطط حتى لا يتذكر أن يطلب منك تناول حبوب منع للحمل..))

بترت منال كلماتها واستدارت للخلف وهي تشعر بخطواتٍ تقترب من المطبخ قبل أن يتبين لها أنه مازن الذي بدا أنه يريد التأكد بحذر وتوجس من في داخل المطبخ قبل دخوله..

ما إن لمحت نجوم جسد مازن حتى ارتجفت كل خلية فيها ذعرا وانتفضت من مكانها تريد الفرار لولا هتافه العالي بعدوانية نحوها

((توقفي يا نجوم أريد الحديث معك))

ازدردت منال ريقها وشعرت أن هناك شيء خاطئ لكنها ادعت الجهل وتساءلت ببراءة مصطنعة

((ما الذي تريده يا سيد مازن من ابنتي؟))

بخطوات حثيثة عازمة اقترب مازن للداخل أكثر.. لا ينفع أن يظل مختبئا بغرفته كالجبناء يتهرب مما حدث..

ازدرد ريقه ثم رفع وجهه يقول بثبات ظاهري وصلابة

((أريد التحدث معكما الاثنتين.. منال هل لديك فكرة عما كانت ابنتك المصون تحاول عرضه عليّ؟))

بهت وجه منال وأدركت ما سيتحدث به مازن أمامها مما جعلها تتوتر وتتحدث بأول ما خطر على بالها بتلك النبرة الهجومية دون أن تدرس كلماتها

((تقصد محاولتك إغواء ابنتي قبل أن تجرها للفاحشة معك؟ لقد سقطت من نظري، هل تكافئني على اهتمامي بك بجر ابنتي لعلاقة غير شرعية! لقد أفقدتها عذريتها وربما هي حامل الآن بطفلك، سيتم فضح ابنتي في أرجاء القرية بسببك))

تراجع مازن خطوات للخلف بهلع، اضطربت ملامح وانعقد لسانه لوهلة وهو يرى منال تتهجم بهذه الوحشية..

تسرب الهلع إليه خوفا من أن تخبر منال والده عما تظنه قبل أن يشرح لها ما حدث..

أظلمت ملامحه وصوب نظره نحو نجوم وبالكاد تمالك نفسه وهو يهمس لها بهسيس أرعبها من بين أسنانه المطبقة

((ماذا أخبرتِ والدتك أنك فعلتي معي أيتها ا-ل-ف-ا-س-ق-ة؟))

ارتعدت نجوم من مظهر مازن المخيف قبل أن تسيل دموعها بلا تحفظ مما جعل منال تصرخ به عاليا بصوتٍ مزلزل تأخذه بالصوت العالي

((خربتَ بيتي ودمرت حياة ابنتي حسبي الله ونعم الوكيل يا مازن يا ابن الحاجة زاهية لكن أنا لن أسكت، والله لن أسكت سأذهب لأفضحك الآن أمام والديّك وإذا لم ينصفاني سأفضحكم في أرجاء القرية ولن أخاف في الله لومة لائم، هذه ابنتي وجوهرتي الوحيدة المصونة ولن أسمح لشاب منحل طائش مثلك بتدمير حياتها))

خشي مازن أن يسمعهم أحد فسارع يغلق باب المطبخ وهو يهتف في منال بدفاعية

((أنا لم افعل أي شيء مع ابنتك، هي من خططت لإغرائي بتلك الملابس الشفافة وأغلقت الباب علينا، وعندما فشلت بخططها لجأت للكذب عليك))

بشيطنة اندفعت منال نحوه مندفعة كالسيل الجارف تصرخ

((أنا لن أكذب ابنتي التقية التي تخاف الله وأصدقك أنتَ أيها المنحل الذي لم يسلم أحدا من شرك باعتراف والدك، هل تظنني كنت غافلة عن نظراتك ونيتك القذرة تجاه ابنتي!))

جحظت عينا مازن وازدادت وتيرة أنفاسه قبل أن يقول بارتباك

((أخبري والدي وأخبري كل من في القرية لكن أنا سأدافع عن نفسي حتى آخر رمق، أنا لستُ غرا ولا أحمقا لأتحمل ما أنا متأكد أنه لا يد لي فيه، ولو لم أشعر بالدوار وأفقد وعيي في تلك الليلة لكنت أدبت ابنتك.. أوه.. لحظة.. لحظة))

رفع مازن يده وقطع كلامه كما ذهنه يشرد جانبا ليتمم بفطنة واستدراك تدريجي

((لقد فقدتُ وعيي بعد أن شربت العصير الذي قدمتيه لي، لقد كنتِ مشتركة مع ابنتك، نعم يا منال أنتِ كذلك))

كانت يصوب نظره في نهاية حديثه إلى ملامح منال باشمئزاز واتهام صريح قبل أن يزمجر بوحشية شلت لسانها

((أنتِ شيطانة، ولا أريد أن أذكر لك ماذا يقولون على الإنسان الذي يدفع ابنته للعمل ك-ع-ا-ه-ر-ة!))

بهتت ملامح منال عندما كشف مازن خطتها.. افترقت شفتاها وارتفع نبض الخوف بقلبها لتهمس بعجز ووهن

((غير صحيح.. بل أنتَ.. أنتَ.. من أغويتها))

احتدت أنفاس مازن واستحالت ملامحه لأخرى همجية غير مألوفة فيه.. واستقرت خضرة عينيه القاتلة على وجهها وهو يقول

((منال! والدي لا يعرف أن نجوم تعمل هنا بعد أن نبهتها أمي ألا تظهر كثيرًا أمامه، لكن لو لم تقومي بإبعاد ابنتك من هذا القصر للأبد فأنا من سأفضح كل شيء أمام عائلتي، وقد أعذر من أنذر))

ثم اقترب مازن من نجوم بخطوات بطيئة بينما هي تبدأ بالتراجع للخلف حتى اصطدم ظهرها بالجدار والتصق به..

بقيت تراقب بتنفس مضطرب لهاثه المشتعل بالحرائق حتى لوى مازن فمه ساخرا بحدة كنصل سكين حادة..

ارتجف كل ما فيها وتمنت لو تنشق الأرض تحتها ولا تواجهه في هذه اللحظة إذ لم يسبق وأن رأته يناظرها بهذه الطريقة من قبل حيث ملامحه تحاكي عنفا حقيقيا..

همس لها مازن أخيرا مهددا

((فكري بذكاء واعرفي أن خلاصك من فضيحة محتمة يكون بأن لا تريني وجهك مرة أخرى هنا))

اندفع مازن مغادرا المطبخ وهو لا يرى أمامه وجسده كله يرتجف في ظلمة مميتة..

التفت ذراعي نجوم حول بطنها ودموعها تنهمر أنهارا ولم تشعر إلا وأمها تتهجم عليها لتصفعها..

شهقت نجوم متوجعة ووجهها يحمر كالدم بآثار أصابع أمها على وجنتها المحترقة بينما تهمس فيها بصوتٍ مخيف

((هيا أخبريني هل نمت مع مازن أم لا؟ أجيبي قبل أن أخرج الطفل من أحشائك بيديّ))

حاولت نجوم الكلام لكن جف حلقها.. فقبضت والدتها على شعرها تحت الحجاب لتجيب أخيرا باختناق

((فقد الوعي قبل أن يسمح لي))

صرخت منال بها منهارة بتشوش

((يا إلهي.. يا إلهي.. لقد هدمت بيتي يا نجوم! وأنا أقول بيني وبين نفسي من أين جلب كل هذه الثقة قبل قليل! تبا لك يا نجوم، تبا لك، انتهى أمرنا ولن نستطيع إخراج أنفسنا من هذه الورطة، وأنا التي ظننت أنك ستسلبين لب عقله بمجرد أن يراك بذاك المئزر وستجعلينه طوع أمرك))

ارتجفت نجوم وهي ترجوها منتحبة

((أمي توقفي أرجوكِ))

هتفت أمها ساخطة عليها

((ماذا طلبت منك أن تفعلي أكثر مما فعلته سمية بمالك! البستانية نجحت في ربط الشاب الأصعب وأنتِ الصغيرة الجميلة فشلتي في ربط توأمه المنحل))

.

.

خارج المطبخ..

وضع مازن الهاتف بجانب أذنه وظل يهز ساقه بتوتر وما إن جاءه رد توأمه حتى قال بلهفة ورجاء

((مالك أنا بحاجة للتحدث معك، أرجوكَ تفرغ لي الآن فأنتَ أخي الوحيد الذي يفهمني ومن اعتدت أن يكون مخبأ أسراري))

جاءه رد مالك البارد

((شكرا لك على هذه المكانة يا مازن لكن أنا الآن في عملي مشغول في تصحيح كومة أوراق الامتحانات أمامي ولست عاطلا متفرغا مثلك رغم أني بحسبة عريس جديد.. لكن إذا احتجت أي شيء مني في وقت لاحق فأرجوك تردد قبل أن تتواصل))

أغلق مالك الخط بوجهه فضرب مازن الجدار بيده بقوة أوجعت مفاصله حانقا عليه..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:24 PM   #4958

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي




في زنزانة شيرين المنفردة كانت جالسة على سريرها تحدق باستمتاع بمعاذ من نافذة الباب الفولاذي بينما يحدث ابنته على الهاتف إذ أنه لا يواجه أي مشكلة بالرد على اتصالات عائلته أو حتى أصدقائه هنا أمامها فقط أثناء نوبة الحارسة أم محمود..

هل ستكذب نفسها إن قالت بأنها لم تعد تريد مغادرة هذه الزنزانة المنفردة بعد أن بدأ معاذ يخصص لها يوميا من وقت فراغه ساعة لا يريد خلالها أي أحد منهما أن تنتهي ليتجاذب معها أطراف الحديث دون الاقتصار على موضوع محدد كأنه فقط يحاول تقوية الأواصر بينهما.. فيعرفها على اهتماماته وأفراد عائلته حتى شعرت أنها تعرفهم منذ زمن بعيد..

وهي بدورها تحاول أحيانا سؤاله بعض الأسئلة العادية لكن في المجمل تكون منصتة جيدة..

حتى أنها وللسخرية فكل تفكيرها اليومي يكون منحصرا في ماذا سيحدثها في اليوم التالي أو ماذا سيسألها أو ماذا عليها أن تطرح أسئلة عليه..

أغمضت شيرين عينيها تصغي لنبرات صوته الرخيمة التي تنجح بفك حزنها وتضفي السحر على روحها فتشعر أنها تهفو فوق غيمة وردية جميلة مهما كان ما يتحدث به..

أما معاذ انتبه على شيرين وشرد ناظرا بها قبل أن تنتشله ابنته من شروده وهي تقول بحنق

((أبي هل تنصت لي أم أني أحدث نفسي؟))

تنحنح معاذ وقال لها

((أنا أنصت لك يا دارين ولكن مللت من الإصغاء لقصص إرهاقك في الاعتناء بأولاد عمك الصغار التي كررتها على مسامعي عشرات المرات))

تذمرت له دارين وهي تقول

((هذا يا أبي لأنها تكررت عدة مرات، وأنا مللت بحق الله.. تخيل في الصباح طلبتُ من نعمة أن تصنع الفطور لأولاد عمي فتذرعت بانشغالها بعمل آخر، أما منال زجرتني قائلة بأنها غير متفرغة.. حتى نجوم متعبة ووجها شاحب طوال الوقت ولا تقوم بشيء.. وخجلت أن أطرق الباب على زوجات أعمامي فاضطررت أن أصنع أنا لهم الفطور وتأخرت على مدرستي ودخلت قاعة الامتحانات متأخرة))

بدا أن معاذ يشعر بالضيق حقا على ابنته التي تحمل مسؤولية أكبر منها لكنه هون عليها بقوله

((حسنا ها قد انتهت المدرسة وبدأت العطلة الصيفية وانتهت معها مشاكل التأخير الصباحي))

أطلقت دارين عدة أنفاس تجيش صدرها تشجع نفسها في الدخول بالموضوع الذي من أجله اتصلت به لتقول

((أبي على سيرة العطلة، هل فكرت بما قلته لك في المرة الأخيرة؟ صديقتي ستقضي العطلة كلها عند جديها في المدينة وستلتحق بإحدى النوادي، أريد أن أمكث في شقتك حتى يتاح لي الذهاب معها لنفس النادي))

عقد معاذ حاجبيه وقال لها بهدوء

((أعرف أني وعدتك أن أفكر في الموضوع لكن لا أعتقد أني سأوافق، لن أشعر بالأمان عليك وحيدة في الليالي التي أقضيها خارج شقتي))

ألحت دارين عليه وهي تقول متوسلة

((أبي ولكن أنا وعدت صديقتي! لماذا لا تتزوج فقط حتى أستطيع الانتقال والعيش معك أخيرا..))

تلبكت ملامح معاذ قليلا إذ أن شيرين غالبا سمعت ما نطقت به ابنته فقال مُسرعا ينهي المكالمة

((حسنا دارين سنتحدث لاحقا))

ما إن أغلق معاذ الخط حتى رفعت شيرين رأسها لمعاذ الذي يشرف عليها بقامته الهيفاء الشامخة كجبل صلب لا يتزحزح وقالت مبتسمة

((لم أرَ ابنتك قبلا لكنها تبدو لطيفة))

بادلها تلك الابتسامة التي تفيض جاذبية وقال

((نعم هي الشيء الوحيد المتبقي لي من زوجتي المتوفاة، لكني لا أوفيها حقها من الاهتمام والرعاية، هي مرتين أو ثلاثة في الشهر أذهب معها لزيارة قبر أمها كعادة صارت متأصلة فينا منذ أكثر من تسع سنوات))

اعتدلت شيرين واقفة وتساءلت

((إذا كنت تعرف أنك مقصر بحقها لم لا تحاول تعويضها؟))

غامت عيناه وهو يقول بشجن الماضي

((لقد تغيَّرت الدُّنيا عليّ عند وفاة سناء والدة دارين وأظْلمت في وجهي، رغم أن الوفاة كانت متوقعة بسبب تفاقم حالتها الصحية.. وبعدها تصرفت بأنانية ولم أفكر إلا بنفسي وكيف أتماسك أنا بالانشغال كليا في عملي))

أومأت له برأسها متفهمة ثم قالت

((لا شك أن موت الأم حدث جلل ومصاب أليم وفاجع.. أنا أنهرت عند وفاة أمي ومن بعدها أبي رغم أني كنت في العشرينات من عمري.. أسأل الله أن يرحم زوجتك أَتمَّ الرحمة وأوسعها، وأن يُبوِّئها جنات النعيم))

تمتم معاذ لها ببسمة صغيرة

((اللهم آمين، ويهديني لأهتم بابنتي أكثر))

عمّ الصمت بينهما، وبقي معاذ مكانه واقفا لا يريد المغادرة من أمام زنزانتها رغم علمها بانتهاء نوبة أم محمود كما وقت فراغه..

تركت أم محمود الكتاب الذي كانت تقرأه ثم قالت باحترام

((سيادة الرائد بعد قليل ستأتي حارسة النوبة الثانية رجاء لنغادر الآن))

أومأ مُعاذ لها بشيء من الحرج ثم ودع شيرين وكالعادة سألها قبل أن يغادر

((هل أنتِ بحاجة لأي شيء يا شيرين؟))

شردت بعينيها بعيدًا قبل أن تسأله

((اليوم سأعود للعب الرياضة في وقت الفورة، هل لا زال الإقبال على كرة الطائرة كبيرا؟))

شابت نبرته المرح مجيبا

((نعم لا زال الإقبال عليها كبيرا، ويستوجب عليك الانتظار طويلا ليأتي دورك، لذلك أوصيت أن تكون متواجدة في كل الأقسام، وسيتم العمل على ذلك، لا تقلقي))

تألقت ابتسامة على وجه شيرين وهي تؤكد بامتنان عليه

((ممتاز فمنذ قدمت هنا أبقى في المكتبة، لأني أعرف أني لن أجد دورا للعبها قبل انتهاء وقت الفورة، لكن أمل أن يتغير ذلك))

جاء طرف عين معاذ بالكُتب والقلم الموضوعة فوق سريرها فحذرها باهتمام

((خبئي تلك الكتب جيدا، لا يجب أن تعرضيها للقاصي والداني، كوني أكثر حذرا مع حارسات النوبة التالية فأنا لا أعرف أي واحدة منهن جيدا))

سارعت شيرين تخفي كل الكتب تحت وسادتها وقالت له معتذرة

((معك حق سأكون أكثر حذرا من الآن فصاعدا))

أغلقت الحارسة أم محمود النافذة وغادرت ثم حاولت أن تجاري معاذ بالمشي لتسير بجانبه.. شعرت بشيء من التردد مما تريد التحدث فيه معه إذ أنه رغم ما يكنه لها من احترام شديد نابع من معرفته القديمة والعميقة بها إلى حد أنه أخبرها الكثير عن عائلته ويعرف بالمقابل الكثير عن عائلتها وأولادها، إلا أنه يظل هنا في مرتبة أكبر منها ومرؤوسها في العمل..

لكنها حسمت أمرها وقالت بصوتٍ هادئ يعكس وقارها المتأصل بها

((اعذرني يا سيادة الرائد على تجاوز حدودي وتدخلي فيما لا يعنني لكن استمرارك طوال الفترة الماضية بالتحدث لأكثر من ساعة مع النزيلة شيرين هو بمثابة سيرك في طريق وعر عليك الخروج منه فلا طائل لك منه، فالعواطف عواصف، أتمنى أن تكون قد فهمت قصدي فأنا لا أريد إلا مصلحتك))

ابتسم معاذ بتفهم لها وقال بصوته الرخيم

((على العكس يا أم محمود أنتِ لا تتجاوزين حدودك بل كلانا يعلم أن كلامك هو الصائب، لكن أنا أخطط للزواج منها بمجرد أن يفرج الله عليها من هنا))

لم يبدُ على الحارسة أنها مقتنعة تماما بما يقوله فردت وهي تهز رأسها

((أعرف أن ما تتحدث به معها مواضيع عادية ولكن مع ذلك أنا آمل منك أن تحاول تقليل ذلك تدريجيا وتنقلها إلى عنبر مشترك قبل أن تتعلق هي بك، فلو لم ينته الموضوع بينكما بالارتباط الرسمي كما تخطط فإنه سيسبب ألمًا وحزنًا شديدًا لكليكما))

أفضت أم محمود ما بجعبتها فرد معاذ عليها بثقة متأصلة فيه

((لا تقلقي سينتهي الأمر بيننا بالزواج بإذن الله، لكن بالتأكيد سآخذ حذري وأحاول ألا أفرط فيما أفعله قبل الارتباط الرسمي بيننا))

أومأت له أم محمود قبل أن تلقي عليه التحية العسكرية وتغادر أما هو وقف خارج المبنى يحدق في الظلام الذي يرخي سدوله قبل أن يرفع يده ويلاعب سلساله العسكري حول عنقه ويفكر بمسألة زواجه من شيرين التي يخطط لها.. ابنته.. وذكريات الماضي الحلوة المريرة..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:28 PM   #4959

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي











في الصباح..

خرجت سمية من الحمام المرافق لغرفة النوم ثم تقدمت من السرير حيث لا يزال مالك مستغرقا في النوم..

جلست على طرف السرير تحدق به وقلبها يقرع بعنف مدوٍ يحارب خجلها حتى انتصر فلم تشعر إلا وكفيها الاثنين يحاوطان وجهه وتلامس بأصابعها لحيته النابتة وتداعب شعيراتها قبل أن تشهق على يده ترتفع وتمسك كفها بغتة ليقربها من ثغره ويلثمها..

وقفت من مكانها تحاول الابتعاد عنه إلا أنه قبض على رسغها يجتذبها نحوه لترتمي فوق صدره بذهول ليقول بصوتٍ مبحوح من أثر النوم وهو يعيد يدها الناعمة فوق قسمات وجهه

((أين تذهبين! اقتربي مني.. تلمسيني.. أريدك أن تشعري بي كما أفعل تجاهك.. أنا رجلك.. زوجك يا سمية))

توردت وجنتيها الرطبة بالماء وكساها الخجل وهي تُصر على سحب يدها لتقول على استحياء

((لم أعرف أنك كنت مستيقظا))

همس لها مداعبا بصوت أجش وهو يتشبع بملامح وجهها

((وهل ظننتي أن الله قبض روحي))

يدها التي كانت تغطي صدرها رفعتها سريعا لتغطي فمه وتنهره بوجعة قلب

((اسم الله عليك.. حفظك الله لي ولابنك ولعائلتك من كل شر))

نظر مدلها لانعقاد حاجبيها ليقول بصوتٍ مشبع بالعاطفة

((أنا أحبك))

ازدادت حُمرة الخجل المتسربة لوجهها.. كأن الله لم يحرمها من والديها وكل من كانوا في حياتها إلا لأنه كان يدخر مالك هو لها..

قال لها بهمس خافت وهو يضع عينيه في عينيها

((تبدين اليوم أكثر جمالا))

تسارعت أنفاسها وهي تغرق في خضرة عينيه بينما هو يرفع رأسه ويميل نحوها لكنها كانت أسرع وهي تحرر يدها منه وتبتعد عنه قائلة بتهرب

((إذا لم أمنعك الآن سينتهي بي الأمر نائمة معك على الفراش.. أمك اتصلت بي قبل قليل وأكدت عليّ ألا نفوت اليوم أيضًا تناول طعام الفطور معهم))

ازداد انعقاد حاجبي مالك ضيقًا واستياءً إذ كان يكره كيف تنجح بمعظم المرات من التهرب من الحميمية التي يأسرها بها لكنه لم يطل في الاعتراض وهي تحثه

((هيا قم من مكانك))

اغتسل مالك وحلق ذقنه ثم فتح خزانته ينتقي قميص له وكالمعتوه وجد نفسه يميل إلى حيث تضع ملابسها يستنشق رائحتهم العطرية قبل أن يجفل على صوت سمية من الخلف مستنكرة كمن تتحدث مع مجنون

((مالك! ماذا تفعل؟))

لكنه ظل على حاله والرائحة العطرية المُسكرة تساعده على الاسترخاء ليهدر

((أحب استنشاق رائحة هذا العطر الذي تضعينه على ملابسك بعد الكي))

قالت معترضة وبالكاد تمنع نفسها عن الضحك على مظهره

((أُبخر أيضًا ملابسك يمكنك أن تستنشق رائحتهم))

استدار لها ووضع جبينه فوق جبينها هاتفا بتذمر رقيق

((ألم أخبرك أن عليك المبادرة في تقبيلي كل صباح؟ لماذا عليّ دائما تذكيرك بذلك؟))

وما إن أنهى قوله حتى عادت تتعثر بالخجل مرة أخرى شاعرة اليوم بأنه متطلب على غير العادة.. لكنه حثها بعاطفة

((هيا بادري ولو مرة واحدة، أكره أن أكون مبادرا دائما))

ارتفعت على مشط قدمها لتقبل ثغره قبلة سطحية رقيقة قبل أن تتهرب منه وتتناول مشطا وتبدأ تسريح شعره المموج كما تعودت أن تفعل منذ زواجهما..

وضعت القليل من عطر ما بعد الحلاقة في كفيها ورفعتهما تضمخ به ذقنه ووجنتيه.. وفي هذه الأثناء حام مالك بنظراته على وجهها.. على الأقل هي تفرط الاهتمام به في باقي الأمور وتُصر أن تقوم بكل شيء بنفسها.. إنها تجمع بين الدفء والصداقة.. هي امرأة دافئة جدًّا.. كزبدٍ ذائبٍ فوق خبزٍ ساخن..

.

.

في غرفة المعيشة..

قالت الحاجة زاهية بصوتها المتعب لزوجها تشكو همّها

((مؤيد ذاك العنيد طلب سيارة أجرة وذهب للمدينة يريد أن يتأكد من عمله قائلا بأنه قد يعود في الغد..))

بترت زاهية كلامها عند حضور مالك وزوجته ثم أردفت متذمرة بغير رضا وهي تنظر ناحيتهم

((الحمدالله أننا رأينا وجهك يا مالك اليوم ولم تختفي عن الأنظار كما تفعل في أيام العطل))

ابتسم الحاج بحنو على زوجته وطبطب فوق يدها يطلب منها بصمت أن تقلل من ضغطها على ابنها إلا أنها أكملت بإصرار

((لم نكن نرى يا حاج ابنك إلا في المناسبات قبل الزواج حيث كان يقضي معظم وقته في الخارج مع أصدقائه للعب كرة القدم أما بعد الزواج فلم نعد نراه أبدًا))

عاد يخفف عنها الحاج يعقوب قائلا

((لا زال عريسا يا زاهية، لا زال عريسا.. غدا يمل من الاعتكاف بجانب زوجته))

قال مالك باقتضاب وهو يمسك رغيف الخبر

((أبي أنا أمر هذه الفترة بضغط رهيب لأنني بفترة تصحيح أوراق الامتحانات!))

تدخل مازن في هذه اللحظة يقول

((أمي محقة يا أبي، مالك لم نعد نراه طوال اليوم، لا يتاح لي مؤخرا أن أتحدث مع جنابه قبل أخذ موعد وقد يُرفض!))

قام مالك بحدج مازن بتوعد وتهديد في حين تطلع الحاج يعقوب باستغراب لابنه الذي يشكي توأمه لأول مرة ليغمغم

((يبدو أن لا أحد راضي عنك يا مالك بالفترة الأخيرة))

تكالبت أمه ضده أكثر وهي تشير ليزيد الجالس بجانبها

((حتى ابنه لم يعد يهتم به كثيرًا كالماضي.. هل تصدق هذا!))

قام مالك بتعبئة طبقه محاولا أن يتجاهل شكوى أمه وتوأمه لوالده فعاد مازن يجتذب انتباه أبيه قائلا

((تخيل يا أبي بأني قصدته في أمر ضروري مؤخرا ولم يعرني اهتماما ولا لثانية واحدة))

انفلت هنا لجام صبر مالك ليهتف عاليا

((مازن اصمت، أنا لم أخلص من خبث مؤيد لتظهر لي أنتَ))

حذره الحاج يعقوب باحتدام زاد من ضيقه

((مالك لا تتحدث مع أخيك بهذا الشكل أمامي، واقضي وقتا كافيا مع عائلتك في يوم عطلتك))

اعترض مالك على هذا التحامل الغير عادل ضده

((أبي أنا أقضي معكم نفس الوقت الذي كنت أقضيه قبل زواجي تقريبا))

تمتم له والده آمرا بهيبة ملامحه

((مالك اليوم بعد الغذاء لا داعي للصعود لجناحك واجلس معنا لمتابعة إحدى البرامج التلفزيونية))

تشدقت زاهية بعبوس

((لا ترغمه يا حاج فهو لا يملك أمر نفسه))

فهم مالك أن والدته تلمح أن سمية هي من تمنعه عنهم فعبست ملامحه..

.

.

في المطبخ..

كانت سمية تعد الطعام لفهد وباسم فهما مؤخران يرفضان الانضمام لباقي العائلة عند وجبات الطعام..

تحدثت أثناء ذلك لمالك الذي كان يجيء للمطبخ إيابا وذهابا بخطوات غاضبة نارية

((لا تنفعل يا مالك كثيرًا من أجل لا شيء))

لكن رفض مالك الاستخفاف بما حدث قبل قليل وقال باحتدام

((ألم تسمعي الكلام الذي ألقاه أبي على مسامعي؟ كلام مازن ذاك الفظ هو من شحنه ضدي))

تنهد ثم وقف مكانه وكتف ذراعيه مردفا بما كان يجيش في عقله مؤخرا

((أتمنى يا سمية لو أستطيع الانفراد بسكن خاص بنا بعيدا عن هذا القصر كما فعل إخوتي.. لأني لا زلت أشعر أني مراقب وتحت عيني والديّ، لا أشعر أبدًا بأن حالي تغير بعد زواجي، ولا أشعر أني أمتلك حياة خاصة ومنفردة.. بل لا أصدق أني سأكون مجبرا في المساء على الجلوس في غرفة المعيشة مع والديّ لساعات طويلة حتى لا يظنا أنك تتحكمين بي وتعزلينني عنهم! رغم أني قبل زواجنا لم أكن أمضي الكثير من الوقت معهم! لكن أمي باتت أكثر حساسية بعد زواجي))

تنهدت سمية قبل أن تبتسم بحنو له وتقول بمنطق الحكمة

((مالك حبيبي هدئ من روعك، أنا أتفهمك جدًّا.. لو كان كل إخوتك يعيشون هنا مع أبنائهم لخضعت لفكرة الانتقال من هنا لبيت مستقل، لكن لا أحد يقطن هنا بشكل دائم إلا أنتَ ومازن لذا ليس من المنطقي أن تفكر في الاستقلال عنهم! والديك مسنان وبحاجة لأحد أولادهم أن يسكن معهم حتى لو كان هذا القصر مليء بالرفقة من العاملين هنا))

في هذه الأثناء كان مازن يواري نفسه خلف باب المطبخ يحاول التأكد من هوية الموجودين بداخله قبل أن يجفل وترتد خطواته للخلف ما إن وقعت عينيه في عيني مالك ليقول بتلعثم

((من هنا في المطبخ.. أوه مالك توأمي الحبيب))

ضيق مالك عينيه وقال بتهديد وهو يقترب من مازن

((أخيرا جاء توأمي الحبيب المستاء من شح اهتمامي به، اقترب مني..))

لكن مازن كان أسرع منه وهو يطلق قدميه للريح ويخرج راكضا من باب المطبخ الآخر المطل على الحديقة الخلفية.. ظل مالك يلحق به صارخا بتوعد وهو يحاول إدراكه

((أيها الخبيث سألقنك درسا لن تنساه))

أخيرا وبعد دقائق من الركض استطاع مالك الإمساك بطرف قميصه ومن ثم إيقافه مكانه قبل أن يبطحه أرضا غير آبها لهتاف مازن به

((ابتعد يا مالك، لنتحدث كأشخاص ناضجين بعيدا عن العنف))

جلس مالك فوقه قائلا

((العنف فقط ما ينجح مع أمثالك، كيف تجرأت وألبت والديّ ضدي؟))

اكتنفت الجدية ملامح مازن وحاول إيقاف هجوم توأمه بينما يقول بخشونة

((لا يا مالك أنا جاد، لم أعد أراك أبدًا وهناك الكثير مما أمر به وأريد مناقشته معك))

بدأ يلهث مالك وهو يقول بخشونة

((وبماذا تريد التحدث معي؟ هل قام أحد بضربك؟ هل سرق أحد منك صندوق طعامك؟))

نهت مازن وهو يحاول إبعاد جسده توأمه الجاثم فوقه ليقول بصوتٍ مكتوم

((مالك الأمر جدي فابتعد عني قليلا ودعني أتحدث))

أصر مالك عليه هادرا وهو لا يزال قابعا فوقه

((لا أعرف التحدث معك إلا بهذه الطريقة، هيا قل ماذا تريد يا حبيب توأمك؟))

نطق مازن وباح دفعة واحدة

((منال.. منال.. أنا لا أرتاح لوجودها هنا أبدًا.. لا هي ولا ابنتها..))

ترققت ملامح مالك وابتعد قليلا عنه ثم مد يده يساعده بالوقوف وهو يتساءل بتوجس

((منال؟ هل تقصد منال؟ منال التي نعرفها وتعمل هنا؟ ماذا فعلت؟))

بدأ مازن ينفض الغبار عنه ويقول بصوتٍ مختنق

((نعم منال، تحاول تقريب ابنتها مني، بشكل واضح وصريح وجريء وفج دون خوف ولا حياء.. هل من حل لطردها من هنا دون أن اجلب انتباه أبي أو توجس؟))

اتسعت عينا مالك بذهول وقال

((أخبرني بالتفصيل كيف تقوم بذلك؟ عليك أن تخبر والدي مباشرة حتى لا تسكت عن هذه المهزلة))

بدأ الغضب بقلب مازن يتصارع مع رفقه بألا بفضح فتاة ويلوث سمعتها..

شعر أيضًا بأن مالك لن يفيده فقال بتلك النبرة الأبية

((لا داعي لإخبارك بالتفاصيل، لكن أريد منك أن تساعدني لنجعلها تترك العمل هنا))

تغضن جبين مالك بالضيق وعقب بانزعاج

((لقد سبق وقمتُ بطردها من هنا لكن أبي أعادها، قال بأنه مستعد أن يلقيني خارج البيت على أن يطرد أحدا من العاملين عنده فتقبلت وجودها صاغرا))

شردت خُضرة مازن مفكرا أنه لو أخبر والده بأمر منال ونجوم فغالبا سيكذبه لأنه لا يملك أي دليل.. فتنهد قبل أن يقول بصوتٍ منطفئ

((على كل حال هددتها أني سأفضحها إذا لم تجعل ابنتها تترك العمل هنا، أتمنى أن ترضخ لتهديدي، وإلا فأنا نفسي خائف مما سأفعله بهن))






******




في مطعم الفريال..

بدأ قصي يأخذ حساب فاتورة إحدى الطاولات ووجد نفسه يتوقف فجأة ويضطر لرسم ابتسامة مهذبة بالرغم من غضبه الداخلي ليقول

((سيدي كان عليك توضيح أنك وضيوفك ترغبون في دفع الفواتير بصورة منفصلة، حتى أتعقب طلبك وأسجله منفصلا عن الآخرين منذ البداية))

تبرع أحد الزبائن الجالسين على الطاولة ليقول بصوتٍ جهوري

((أقسم عليكم يا رفاق أن تدعوني أدفع الفاتورة كاملة))

اعترض الآخر على رفيقه يقول بنبرة قوية

((ولماذا تدفعها أنتَ! أقسم عليكم أنا أن تدعوني أدفعها))

وجاء صوت الأخير يقول صارخا بوجه قصي ورذاذ فمه يصل لوجهه

((خذ النقود مني أنا من سأدفع))

كان قصي في موقف لا يحسد عليه وكل واحد منهم يعطيه أمرا بأخذ النقود منه ليدفع عن الباقيين الحساب..

لماذا عليهم أن يقحموه في هذه المشاجرة!

كظم غيظه بصعوبة وقال بابتسامة منمقة عملية

((أنا أريد شخصا واحدا ليدفع الحساب، وعندما تقررون من هو نادوا عليّ رجاءَ))

ابتعد قصي عنهم إلى طاولة أخرى يريد تنظيفها قبل أن يقول بنفاذ صبر

((سيدي هل يمكن أن ترفع الأشياء التي تخصك كالهاتف المحمول وسلسلة مفاتيحك حتى أتمكن من تنظيف الطاولة))

لوح لقصي زبون آخر كبير في السن يقف مع عائلته هاتفا

((منذ ساعة ونحن نلوح لك ألم ترانا!))

أنهى قصي التنظيف وجاء عنده يقول دون أن تنحسر ابتسامته المتشنجة

((سيدي لا يفهم الجميع لغة الإشارة، لا سيما إن كانوا يقومون بأداء مهمة أخرى، فلا تتوقع مني أن أترك طاولة أخرى لتلبية طلبك..))

صرخ به الزبون الكبير في السن يقاطعه

((توقف عن الفلسفة وجهز لنا طاولة، أنا وزوجتي وأولادنا ننتظر مند ربع ساعة هنا))

أغمض قصي عينيه للحظات يحاول التحلي بالمزيد من الصبر ثم قال

((سيدي أتفهم انزعاجك وأطفال برفقتك، ولكن عليك أن تكون مرنا إلى حد ما، وتنتظر بضع دقائق إضافية))

صرخ الرجل وأشار للمرأة والأطفال الذين معه

((نحن جميعا نتضور جوعا، كيف تريد منا أن ننتظر أكثر؟))

فتح قصي يديه بقلة حيلة وقال بفتور

((سيدي الأمر عائد لك إذا كنت تريد الانتظار أم المغادرة في هدوء، فأنا في جميع الأحوال لا أعرف متى سيغادر رواد المطعم وأجد شاغرا لكم))

وقبل أن يتجه قصي نحو الطاولة التي ينتظره يوسف عليها بضجر ليتحدث معه في آخر مستجدات قضية شيرين ناداه زبون آخر فلجم قصي غيظه وهو يكرر على نفسه أن هذه هي طبيعة عمله وعليه التحمل..

ثم ذهب للزبون يتساءل بابتسامة مغتصبة

((هل هناك أمر ما يا سيدي؟))

تذمر الزبون له هاتفا

((لم يعجبني طبق الطعام هذا فهو مالح جدًّا، لن أدفع ثمنه))

رد قصي عليه من بين أسنانه المطبقة

((سيدي ليس من حقك أن تعيد الطبق بعد تناول نصفه بزعم أنه ليس على المستوى المتوقع..))

ثم مال منه يقول بهمس

((صدقني صاحبة مطعم الفريال صارمة وجشعة جدًّا، وحتى لو كان هناك فأر في الطبق الذي تناولته فلن تقبل أن تخرج دون أن تدفع ثمنه!))

اشمأزت ملامح الزبون وسارع يدفع ما بجيبه ويغادر هذا المطعم القميء..

كان لا زال يوسف يتابع كل ما يحدث بنظر مشفق على حال قصي.. لا يصدق أن ابن القاني وصل به الأمر إلى هذا الحال المتدني في الحياة..

المسكين لو كظم غيظه مع ذاك العميل في الشركة كما يفعل الآن مع عملاء هذا المطعم الفظّين لما هدم بثلاث ثوانٍ عمله الدؤوب الذي استمر في شركة القاني لثلاث سنوات.. وتسبب بفقد ثلاثمئة شخص وظائفهم..

الآن فقط أدرك قصي بانه لا ذنب للعميل بمزاجه السيء وضغوطه الشخصية وأصحاب العمل الذين لا يرحمون من يعمل فيها..

أخيرا جاء قصي وجلس مقابله وهو يضغط على معدته بكفه ولا زال ذاك الألم يجتاحه من وقت لآخر ليقول

((يوسف أنا أشك أن سبب ألم معدتي هو طعام هذا المطعم، أريد منك نقودا ثمن كشفية الطبيب))

امتقعت ملامح يوسف وكان لا يعرف كيف يرفض إعطائه المال بأقل سخط سيناله منه، لكنه فجأة نظر في الأرجاء ثم قال لقصي

((كأن هناك زبون يلوح لك؟ أسرع لتتفقد طلبه قبل أن يغضب عليك))

أطبق قصي على أسنانه بعنف شاتما عمه ألف مرة.. فبعد أن كان سابقا يناضل لأخذ ورثته منه والعمل في موقع مرموق في شركة القاني، لم يعد الآن يريد أكثر من أن يسامحه ويعيده تحت ظله ويرجع له كل الامتيازات والرفاهيات التي سحبها منه..

فكلما تأخر عمه بمسامحته، تأخر هو بالبوح بكل شيء يضمره ويخفيه عن سهر لها.. وبالتالي سيخسرها للأبد..

أطلق قصي عدة أنفاس كانت تجيش في صدره بينما يحثه يوسف مجددا

((هيا يا قصي، اذهب وانظر لطلباتهم، فنفاذ الصبر سمة عامة لكثير من رواد هذا المطعم وكل واحد منهم يؤكد أحقيته في تقديم الطعام إليه قبل غيره))







*******





كعادة مازن بين الحين والآخر يراقب المطبخ من بعيد وقف يتأكد من خلو نجوم منه وإذا ما كانت قد نفذت أمره بترك العمل هنا أو لا.. فدلف لداخله بحذر قبل أن يفاجئ بوجود ياسمين وابنته..

تشابكت يداه خلف ظهره وتقدم يقول باستغراب

((ياسو الحبيبة أنتِ هنا!))

كانت هدى جالسة على الرخام بحماس بينما تقف ياسمين على مشط قدميها تحاول الوصول لإحدى العلب فوق أعلى الرفوف..

قال مازن وهو يعبث بشعر ابنته

((ماذا تفعل ابنتي الجميلة هي وابنة قلبي؟))

توقفت ياسمين عن محاولاتها إمساك العلبة وقالت بعبوس

((دعنا نستثمر طولك في أمر مفيد، ناولني علبة الزيتون الأسود))

رسم مازن ابتسامة عريضة لطلب ياسمين الفظ منه ثم تنحنح وهو يشد قامته كأنه عسكري في الخدمة ليقول بنبرة استعداد

((حالا يا ياسو))

وقف جانبها يرفع من نفسه يتناول العلبة وهو يرمق ياسمين الحانقة بنظراته المشاكسة بينما يضع العلبة الزجاجية على طرف الرخام قبل أن تهوي دون انتباه منه على قدمها..

شهقت ياسمين بألم شديد وهي تسحب قدمها وترفعها هاتفة

((قدمي تؤلمني.. قدمي..))

اتسعت عينا مازن بصدمة لموضع الإصابة قائلا

((أنا آسف ياسو، بالتأكيد لم أقصد..))

قالت هدى بحزن وقلق على أمها

((لماذا ضربتها بالعلبة الزجاجية يا أبي؟))

صرخ مازن بغضب على ابنته الذي لا ينقصه في هذه اللحظة أن ينشغل بها

((هدى اسكتي أنا لم أفعل هذا متعمدا))

قالت ياسمين بتحشرج متوجع

((لم تنكسر العلبة الزجاجية فقد وقعت على قدمي.. لكنها تؤلمني.. آه لا أستطيع المشي عليها))

مد مازن ذراعه أسفل ساقيها وأخرى حول جذعها ليرفعها هادرا

((لا بأس، على رسلك دعيني أحملك))

حملها مازن بخفة كأنها لا تزن شيئا ثم أجلسها على الرخام وتساءل بقلق عليها

((هل تؤلمك قدمك إلى الحد الذي يجعلك لا تستطيعين حقا المشي عليها؟))

هتفت به بملامح معذبة ((نعم كثيرا))

تنهد مازن يحاول استعادة رباطة جأشه ثم مدد ساقها فوق الرخام وبدأ يمسدها فوق الخف الشتوي وهو يطبطب عليها بكلمات مطمئنة

((لا تقلقي ستكون بخير..))

احتقن وجه ياسمين بالخجل وهي تراه منهمك فيما يحاوله فحاولت سحب ساقها هادرة

((دعك مني.. اترك قدمي.. لربما يأتي أحد يا مازن ويدخل المطبخ))

إلا أنه رفض أن يتركها وتابع يمسدها ويسألها بين الحين إذا ما كان قد خفت الألم..

حتى سمع شهقة مفاجئة تأتي من بعيد.. من نجوم التي كانت ستدخل المطبخ قبل أن تستوعب وجوده وتهرول مغادرة..

أما ياسمين فوزعت نظرها بين التي غادرت بصدمة وبين مازن الذي بدا متلبكا للغاية فقالت له معاتبة

((هل رأيت ما حدث! دخلت نجوم فجأة ورأتنا! هل أعجبك مشاهدتها ما تفعله!))

احتقن وجه مازن بالغضب لأن نجوم لم تغادر وتترك العمل كما هددها سابقا..

توعد في سره لمنال، سيجعلها تدرك جدية تهديده!

انتشل نفسه من التفكير وتطلع لياسمين يقول بثبات وهو يعود لتمسيد قدمها

((وما شأني فيها هي أو غيرها))

هتفت ياسمين به بحنق

((أسندني لأذهب لجناحنا الآن))

أنزل مازن هدى من على الرخام أرضا ثم قام بحمل ياسمين ينقلها لجناحه..

اعترضت وطلبت منه أن ينزلها خوفا من أن يراهم أحد إلا أنه رفض باستماته وظل يسير متجها نحو جناحه..

أخفضت وجهها وهي تريحه على كتفه شاردة النظر..

أما مازن أجبر نفسه أن يتحرر من التوتر والارتباك حول نجوم وأخفض نظراته يحدق بوجه زوجته وسرعان ما شابت نظراته العبث والشقاوة..

انتبهت ياسمين على نظراته فابتعلت ريقها وكلها يرتعش تأثرا بحرارته التي تلفحها وذقنه الخشن الذي يدغدغها..

همس لها مازن يصارحها وعيناه تنطقان بكلماته

((تبدين جميلة وأنتِ مطيعة ومستكينة يا ابنة قلبي))

ازداد ارتباكها والخجل الذي يلفها وشعرت بقلبها ينبض في كل جسدها وهي تتذكر تلك الليلة التي كان يريد فيها الانفصال عنها..

أجلسها مازن على السرير وانحنى قليلا يخلع خفيها عن قدميها على التوالي ثم يلف أصابعه حول قدمها المُصابة بينما هي تتحرر من عباءتها..

صوب مازن بسرعة نظراته الحارة الى قميص نومها الكاشف الذي كانت ترتديه تحت العباءة.. فتضرجت وجنتا ياسمين بالحمرة القانية فأغمضت عينيها وهمست باسمه بتعثر.. مما جعل مازن يضحك بخفوت ويتابع ما يفعله..

رفعت ياسمين عينيها بتردد له ومر شبح ابتسامة على ثغرها رغم الألم الذي يفترسها ولكن حنان لمساته التي يغمرها فيها كرفرفات الفراشة حين أجلسها كالأميرة وبدأ بتدليك قدمها.. شعور لا يقاوم.. يجعلها ترتعش بكمية الأحاسيس التي تجتاحها.. كالحلم..

فتحت ياسمين عينيها فجأة عندما وقف مازن وقال فجأة

((سأذهب لأحضر لك زيتا وأعود فورا))

تسلقت هدى السرير قائلة بأسارير منفرجة وهي تقترب من أمها التي تناولت هاتفها لتتصفحه

((لقد حملك أبي من المطبخ إلى هنا لوحده بسهولة، إنه قوي، لا أريد منه أن يغادر بعد الآن، فهو ينزهني دائما، على عكس عمي مؤيد الذي يظل يصرخ بقسوة في أولاده))

أريد الخروج مع أحد للتنزه إلا هو، فأنا لم أعد أحب عمي مؤيد، وأحزن على أولاد عمي عندما أراه يعاملهم بقسوة))

.

.

عاد مازن بعد دقائق وانتفض ذاهلا نحو ياسمين وهو يراها تبكي بهيستريا ليتساءل بقلق

((ماذا هناك يا ياسمين؟ لماذا تبكين؟))

رفعت ياسمين وجهها المحتقن من البكاء هاتفها وقالت بصوتها المتهدج

((لقد قام أحد أقاربنا بإنزال منشور نعي لأبي على مواقع التواصل الاجتماعي، لقد توفاه الله صباح اليوم بعد معاناته مع مرض القلب إضافة إلى أمراض أخرى))






******





كانت سمية جالسة في غرفة المعيشة تحادث رتيل على الهاتف بمواضيع عادية بجانب مالك وتخبرها عن حال الأولاد قبل أن تجفل على صوت غليظ يطلب منها

((أم يزيد أعطيني الهاتف لو سمحتي، سأعيده لك بعد خمس دقائق))

تطلعت سمية لمؤيد الذي كان يدلف للغرفة متكئا على عكازه ثم نظرت لمالك الذي أشار لها بوجهه أن تعطي الهاتف لأخيه فهو لا يريد مشاكل معه..

تناول مؤيد الهاتف منها ثم خرج من المكان ووضع الهاتف على أذنه هاتفا بخشونة عدائية

((مرحبا يا رتيل))

وصله صوت رتيل المغلول والحاقد

((أهلا يا عريس، سمعت من الولدين أنك ستتزوج من صبر ابنة أبي أحمد))

انعقدت غصة في حلقه ابتلعها بصعوبة ثم قال

((هذا صحيح.. سأتزوج))

لوهلة عمّ الصمت من جهتها قبل أن تقول بصوتها المشحون

((ستتزوج؟ مبارك يا مؤيد تزوج، أنا أتمنى لك السعادة من كل قلبي))

غامت عينا مؤيد بالأسى ولمع شيء فيهما قبل أن يسألها مترددا بصوت يقطر بؤسًا

((هل حقا ما تقولينه يا رتيل؟))

أبعد الهاتف متأوها عن أذنه وهو يسمع هياجها الثائر

((بالطبع لا أيها الأحمق، أنا أتمنى أن تعيش بجحيم مع زوجتك الجديدة، أتمنى أن تفعل بك عجائب الله ولا تتقي الله فيك، أتمنى أن تنكد عليك حياتك ولا تقبل حتى بربع ما كنت أقبله مرغمة، أتمنى أن تنتقم لي منك وتنغص عليك حتى في أقل تفاصيل حياتك))

أطبق مؤيد على نواجذه وهو يقول مغتاظا

((انظري إلى لسانك الطويل، سأقصه غير آسفا يوما ما..))

قاطعته بصلف ووقاحة

((اخرس، لقد طلقتني ولم يعد لك أي إمرة أو سلطة عليّ..))

ثم تهدج صوتها واختلط بالبكاء وهي تقول بانهيار وبصوت مزقته الشهقات المتتالية طاعنة فؤاده بنصلها المسنن

((أيها الحقير أنا لم أرَ أولادي منذ أشهر.. أخي أعلمني أنهم سيزوجونني لأول رجل يطلب يدي بعد انتهاء العدة، مهما كان وضعه الاجتماعي.. تخيل! سأترك أطفالي للغريب وسأجتهد في تربية أطفال الرجل الذي سأتزوجه.. تبا لك يا مؤيد.. تبا لك أنا أكرهك))

كانت تبكي بحرقة تمزق نياط القلوب فهي أم مكلومة على فراق ولديها منذ عدة أشهر وتشتاق وجودهم..

وبينما هي مستغرقة بشوقها وحسرتها اندلعت النيران المشتعلة في حدقتيه ليصدح صوته متشبعا بالغضب

((تتزوجين؟ جننتِ؟ ما زلت في عدتك وفي حساب أنك زوجتي، كيف يخططون من الآن لتزويجك! أنا الآن وفي هذه اللحظة أعدتك لي، أما أخويك الاثنين الأخرقين أقسم أن أُعلمهما درسا لن ينسيانه أبدًا..))

اندلعت في أجواء كل منهما أنفاس مشحونة بجذوة عذاب..

سارع مؤيد يغلق الهاتف ويلقيه على سريره بقوة والحقد يتوحش في أعماقه تجاه إخوة رتيل.. وجذوة الغيرة في داخله تشتعل لتحرقه وتكوي أوردته بلهيبها لتضحي نيرانا محرقة تسري مسرى الدم في الشرايين لمجرد فكرة أن رتيل يمكن أن تكون لزوج آخر غيره..

تلاشت أنفاسه حتى كادت تخنقه بريقه وهو يعافر نقل الهواء الى رئتيه الضامرة.. أرجع رأسه للخلف مهدئا نفسه أنها قد عادت زوجة له هو وحده.. ولن تكون لغيره..




*******






في مكتب مُعاذ..

كان مشغولا في عمله.. إذ أنه منذ جاء إلى هذا السجن النسائي وقد أصبح اليوم للنزيلات ورش عمل لا تهدأ.. حيث نجح في جعل العديد منهم ينخرطن في برامج إصلاحية، ومهن تؤهلهن لحرف يدوية تساعدهن بعد قضاء المحكومية دون أن تشعر الوحدة منهم بعدم قبول المجتمع لها..

وليكون منصفا فرغم أن مدير السجن هو إنسان مقصر ومهمل جدًّا في عمله هنا إلا أنه كان متعاونا معه في كل الأمور التي طلبها لتحسين حال السجن ووافق على تكثيف الدورات وانتهاج البرامج والوسائل التأهيلية التي تكفل إعادة دمج النزيلات مع المجتمع من جديد..

فهذا هو ما يحقق رسالة السجن كمؤسسة إصلاحية وتأهيلية..

وجد نفسه بعدما انتهى ينتشل هاتفه من جيبه ويطلب رقما ما وما إن جاءه الرد حتى قال مباشرة بهدوء

((دارين بخصوص زواجي، أخبريني حقيقة وبعيدا عن المزاح ما هو رأيك به؟))

استغربت دارين اتصال والدها المفاجئ وسؤاله الصادم لكنها قالت ببساطة

((رأيي ما زال نفسه , الذي قلته لك سابقا عندما كنت تخطط قبل ما يقارب السنتين الزواج من امرأة ما، حتى أقدر أخيرا على العيش بجانبك))

شبح ابتسامة مر فوق ثغر معاذ وهو يقول

((إذن هل تحبين أن تلتقي بزوجة أبيك المستقبلية؟))

جاءه ردهها اللهف

((نعم، أجل، أنا متحمسة متى سيكون لقائنا؟))

قال لها بصوتٍ مرح

((بعد أن تخرج من السجن إن شاء الله وبعد أن أحوز على موافقتها))

صمتت لدقيقة ثقيلة قبل أن تقول متشككة

((سجينة عندك؟ هل أنتَ صادق يا أبي؟))

شاب صوت معاذ الشقاوة المريرة وهو يرد

((ألن يكون من المثير والفريد أن تكون زوجة أبيكِ خريجة سجون؟))

وصله صوت ابنته الواجم

((يبدو أن عليّ أفكر مجددا قبل أن أعيش معك ومعها تحت سقف واحد))

تراجع رأس معاذ للخلف قائلا

((لا تقلقي فمسألة خروجها من السجن مسألة وقت، أتابع أمورها مع المحامي ولن يطول بها الأمر قبل ظهور براءتها، هناك حتى شاهدة لصالحها))

صمت مطبق خيمّ بينهما قبل أن تقول دارين له بعملية

((أبي دعنا نتحدث لاحقا))

أغلق الهاتف وهز معاذ رأسه بيأس دون أن تنحسر ابتسامته من ابنته.. لكنه متأكد من أنها ستحب شيرين!

ورغم أنه لم يحن وقت فراغه إلا أنه ارتأى أن يذهب عند شيرين قليلا ليتفقد إذا ما كانت بحاجة لشيء..

غادر مكتبه وتوجه نحو قسم الزنازين المنفردة التي تتواجد في داخل زنزانته فقط شيرين.. وفي هذا الوقت بما أنه كالعادة نوبة الحارسة أم محمود..

وجد نفسه كالعادة يطلب من أم محمود أن تعطي تنبيها لشيرين أنه قادم وما إن فعلت حتى فتح معاذ نافذة الباب متسائلا

((هل الحر شديد هنا في الزنزانة؟))

أجابته شيرين التي كانت تلوح بالكتاب أمامها كمصدر تهوية بالإضافة للمروحة المتحركة فوقها

((نعم ولكن المصيبة في الرطوبة، فهي شديدة جدًّا رغم أنه هناك نافذة، إذا كانت هذه الدنيا فيا رب أجرنا من نار الأخرة))

قال لها مقترحا ببساطة

((اجلبي الفراش الإسفنجي إذن وغطائك وافرشيهم في البهو))

قطبت حاجبيها بغير فهم ((ماذا تقصد؟))

وضحّ لها بصوته الرخيم الهادئ

((هناك نافذة كبيرة في البهو، ستمر عليك نسمات هواء عليلة لو نمت فيه))

ازداد انعقاد حاجبيها وهي تقول مستهجنة

((ولكن كيف يمكن للسجين أن ينام خارج سجنه!))

جاءت أم محمود لتقول لها بصوتها الحاني

((الحارستين في المناوبة الليلة للزنازين المنفردة معي متعاونات جدًّا وسأتحمل أمامهم مسؤولية أني من سمحت لك بالنوم خارج الزنزانة بعد أن أغلقتُ باب البهو))

ابتسم معاذ بشكر وامتنان لأم محمود ثم قال لشيرين

((أنا سأبقى هنا حتى الفجر، وأم محمود ستظل هنا طوال النوبة الليلة، إذا احتجت أي شيء اعلميها))

غادر معاذ المكان ولم تستطع شيرين مقاومة النظر إليه يغادر بشعور غريب عنها توقد بكيانها فأفضى في نظراتها لمعة مميزة..

.

.

في الفجر..

طلبت شيرين دخول الحمام لتغتسل وتتوضأ لصلاة الفجر بعد أن حظيت بنوم مريح جدًّا وقد نامت في البهو أسفل النافذة الكبيرة..

قالت لها أم محمود وهي تتقدم منها

((يريد سيادة الرائد الدخول عندك قبل مغادرته))

قالت لها شيرين ببشاشة

((أنا أضع غطاء الرأس، أخبريه أن يأتي))

بمجرد أن دخل معاذ للداخل حتى قالت له شيرين

((سأصلي تحت النافذة ثم سأدخل زنزانتي، يمكنك إغلاق الباب خلفي قبل أن تأتي حارسات النوبة الصباحية))

همهم معاذ للحظات ثم قال لها بهدوء

((لا زال الجو حارا عودي بعد الصلاة للنوم هنا وأنا سأعلم حارسات هذه النوبة أني من سمحت لك بذلك))

فغرت شفتيها بذهول ثم قالت معترضة

((هل جننت يا معاذ؟ هل تريد أن تقع في ورطة بسببي؟ ماذا إذا تم سؤال حارسات النوبة الليلة من قبل من هو أعلى منك مرتبة هنا عمن سمح لي بالنوم هنا!))

أفرج مُعاذ عن ابتسامة جانبية لما قالته ثم ردّ باستخفاف

((لا يهم أنا أستطيع الدفاع عن نفسي))

تعرف شيرين أن معاذ مهيب الطلة له حضور مخيف في نفوس الرجال العاملين في هذا السجن ولن يعترض أحد على أي شيء يصدر منه، لكنها لم تكن تريد أن يتضرر في عمله كما حدث في عمله السابق! فنهرته قائلة بحزم

((أنتَ مجنون، كيف ستدافع عن نفسك لمخالفتك القانون! نومي خارج الزنزانة من الأساس هو أمر غير قانوني))

نظر معاذ للحارسة أم محمود يطلب دعمها لتؤيده هاتفة

((لا تقلقي يا شيرين فكما قال سيادة الرائد باب البهو مغلق))

رفضت شيرين حتى الصلاة تحت النافذة وأمسكت الفراش الإسفنجي لتضعه داخل الزنزانة ثم أغلقت الباب عليها وقالت بحزم

((أغلقي الباب عليّ يا أم محمود لو سمحتِ قبل أن تغادري، لقد تم نقل معاذ إلى هنا ظلما، ولا ينقصه أن يحاسب إذا ما رآني أحد الآن جالسة في البهو بلا سلاسل حديدية وبلا رقيب أو حسيب))

اتسعت ابتسامة معاذ حتى صارت ضحكة خافتة ليقول بسلطة وهيمنة فطرية في صوته دون أن يعير رأيها أي اهتمام

((غادري يا أم محمود معي وانا سأقول للحارسات القادمات أني من سمحت لشيرين المكوث في البهو بحرية))

همّ معاذ بالمغادر لكن صفقت شيرين باب الزنزانة بإصرار ومدت يدها من النافذة بصعوبة لتغلقه بالمفتاح الموضوع في مكانه في المقبض قبل أن تسحبه وترميه بعيدا في البهو..

فتسمر معاذ مكانه قبل يهز رأسه يمينا ويسارا بيأس منها وعدم رضا ويغادر المكان..

أما شيرين طالعت أم محمود تقول بصرامة

((لو سمحتي التقطي المفتاح وعلقيه في مكانه المحدد))

استجابت أم محمود لما قالته وعلقت المفتاح في مكانه قبل أن تجفلا الاثنتين على عودة معاذ مهرولا يقول من بين أنفاسه المتلاحقة

((شيرين لن تصدقي ما عرفته الآن))

نظرات شيرين المستهجنة حثته على المتابعة ليكمل

((لقد اتصل المحامي الخاص بك وأعلمني أن طه استيقظ من الغيبوبة، مسألة خروجك باتت الآن أسرع من قبل))

ارتجفت شفتيها لا تصدق ما تسمعه وإدراك صاعق اكتنف حدقتيها مِمَّا جعلهما تدمعان.. فهي منذ دخولها السجن لم تخشَ الموت من الجوع أو الحر أو البرد أو الظلم الذي تلاقيه هنا بل خشيت أن تموت في انتظار براءتها..





********



انتهى الفصل.
قراءة ممتعة..





Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 07:28 PM   #4960

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الخير صديقتي كاتبتنا المبدعة الرائعة
"عند السقوط فقل أخ"معاذ شخصية متوازنة تتسم بالإنصاف والذكاء فهو يعرف أخيه مؤيدلايؤخذ بالشدة فلكي تستطيع أن تتحاور مع أحد وتنفذ إلي دواخله عليك باللين اولا حتي تصل إلي آذان صاغية وقلب مفتوح فالفظاظة بالقول أو اللوم والتبكيت سيفقد الطرف الآخر تواصله معك وإستعداده للحوار والإقتناع فلا يبدأ المرء بحرق سفن الإقناع بفقدان هذا التواصل بل يبحر في نفسه وضميره برفق.
معاذ يعلم طبيعة أخيه جيدا فتدرج معه بالحوار بداية لإعلامه بالخطأ هو ورتيل علي حد سواء.
ثم التعرف علي أسباب ازدواجيته في التصرف بشكل في المدينة وبشكل آخر بالقرية وأيضا رتيل فعلت مثله.
ثم التعرض لأحلامه والتي هي بالفعل لدى رتيل والتي حاولت اقناعه بها والتوسل اليه لعيش الحياة ولم تكن لتمانع فى الذهاب معه للمدينة.
والتطرق الي أنه باسلوبه هذا سيورثه لاولاده.
بالأخير لو فكر قليلا لوجد كل أحلامه السرية والعلنية وكل ما يحرم نفسه منه بالقرية موجود بزوجته
وما تكرار معاذ لكلمة الزوجة الثانية إلا للفت نظر مؤيد والتأكيد علي ما سيفقده حال لم يرجع أم فهد كما اسماها مؤيد بنفسه لعصمته أى انها بقلبه ما زالت ام اولاده التي يفخر بها.
مؤيدلو أطلق لنفسه العنان ليعيش بطبيعية وبدون تلك الازدواجية لحصل علي سعادته وزوجته معا
فما أسوأ أن يعيش المرء ما يريده الآخرون ويظل يقدم القرابين بتعاسته من أجل ان يظهر بتلك الصورة التي يريدها الناس.
فلنكن أنفسنا ولنعش كما نريد لا إرضاءا لأحد ما دمنا لا نغضب الله او نرتكب محرم
الإنسان بشر يخطئ ويصيب ليس آلة تسير بتروس تفرم حياته وعمره.
ومهما حاولنا لن نستطيع أرضاء كل الناس فما أسوا وأشق من أن يقولب الآنسان حياته القصيرة بقالب ضيق يزهق أنفاسه من أجل ان يرضي الآخرين ولن يرضوا فنحن البشر كلنا عيوب ونقائص وسنة الحياة هي الخطأ والنقصان فالكمال لله وحده
"عند مفترق الطرق "بإصابة مؤيد بكسر ساقه ثانية ومرض ولديه والذى كانت تتولاه رتيل بكل حب وكان هو يتذمر من ذلك يجده مهمة شاقة لم يستطع احدا الوفاء بالتزاماتها .
بإتصاله بشقيق رتيل ورفض هذا الأخير إستقبال اولاده
وأن عليه رد رتيل حتي ولو إسما لأنهم لن يتحملوا تبعات طلاقهم.
وزاهية والدته تضعه بين شقي الرحي بتلك الطفلة التي جلبتها لرعاية اولاده وبين نظرته المختلسةلها
وبين خيار آخر لم يفكر به ألا وهو زواج رتيل أى ضياع الفرصة في استعادتها فأشقاء رتيل بتلك الانانية والقسوة سيبيعونها لأول راغب يدفع الثمن فهي لا ينقصها جمال أو شباب.
الوضع يذكرني بمقولة شكسبير" نكون او لا نكون تلك هي المسألة" في رائعته هاملت.
فمؤيد ينطبق عليه تماما قول" يختانون أنفسهم" فهو قبل ان يخون رتيل خان نفسه بإزدواجيته وأصبح من المنافقين ليس للناس بل لنفسه ايضا فمن آيات المنافق "أنه إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان "وهو فعل الاثنين ولكنه كذب علي نفسه وخان نفسه قبل الجميع.
لدينا قول رسول الله حين سأله رجل عن خير الاعمال ليدخل الجنةقال"قل آمنت بالله تعالي ثم استقم"
بكل بساطة هما شقين الايمان بالله واتباع أوامره وإجتناب نواهيه والشق الثاني هو الإستقامة بكل ما تشملها وأوله أن يكون الإنسان صادقا مستقيما مع نفسه فما أسوأ أن يختان المرء نفسه فتتعرح به الطرقات فلا تستقيم خطواته فيظل يتعثر بسوء تصرفه وخياراته.
مؤيد كان أشقي الناس بازدواجيته تلك رغبة في ارضاء الناس ونيل إعجابهم فصار كغراب بريش طاووس لا أرضا وطأ ولا سماءا حلق.
اظنها القضية الاساسية بحياتنا كيف نرضى عن أنفسنا ويرضى الله عنا؟
خصصت موضوع مؤيد بتعليق منفرد لانك أثرتي به الكثير من الأمور الهامة التي قد تعترى بعضنا أحيانا
فنتخبط في خياراتنا بين ما يكون وما يجب ان يكون وما نريد وما لا نستطيع وما يفرض علينا.
كن أنت لا تكن أحدا آخر ما دمت لا ترتكب ما يغضب الله تكن اسعد الناس.
سأعاودالتعليق علي باقي الفصل الرائع.



مسااء الورد والجوري والعنبر..

كيف الحال صديقتي الحبيبة
shezo ؟ يارب تكوني بأفضل حال..



ابدعت فعلا بتفسير كل حرف وكلمة بالسرد والحوار بمشهد مؤيد ومعاذ.. بداية من مبادرة معاذ معه في الشدة قبل ان يلين تدريجيا مع اخيه.. لانه هدفه الاول والاخير هو ارشاده للطريق الصحيح لا تأنيبه وتقريعه.. وهذا الي بفتقده احيانا يعقوب.. طول البال والصبر.. ممكن لانه فعلا تعب من اولاده الي مجرد ما يخرج واحد منهم من مشكله اثنين بدخلوا بغيرها..


مؤيد ما هيتحمل مجرد تفكير انه رتيل تكون لغيره ولما يشوف انه فعلا اخوة رتيل ما بمزحوا بتهديدهم بتزويجها هتتغير حساباته كليا..


الله يجازيكِ كل خير على نهاية المشاركة والايات والاحاديث الي استشهدتي فيهم..



الله يبارك فيكِ ويحفظك حبيبتي..



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحباثانية كاتبتنا المبدعة
"لو كان الفقر رجلا لقتلته"قصي كإنسان لا ينقصه شهامة ولا رجولة ولا نبل كل ما ينقصه ان يعيد النظر للحياة ويرتب اولوياته.
فقد اضاع من عمره سنوات إنتظارا لإرثه كان يستطيع ان يحقق بها الكثير فعمله البسيط بشركة القاني او بالنقهي يبذل فيه اقصي جهد علي قلة عائده فماذا به لو وظف إمكانياته بالشكل الصحيح.
موقفه مع نور ينم علي إنسانيته فرغم قلة ما معه من مال إلا أنه استطاع ان يدخل علي قلبها السرور بطعام لم تأكله من قبل وملابس .ربما تكون هذه آخر ما معه من نقود
سعادة نور رغم شقائها بهذا السن الصغير يجعلني اقول ما اجمل الفقراء وما أبشع الفقر
ليت قصي يأخذ منها العبرة تلك الطفلة التي قست الحياة عليها وأسرتها فنزلت لمعترك الحياة الصعب.
فالرزق ليس في المال فقط كما يعتقد بل في الصحة..الشباب..راحة البال..الصديق الو في..رضاء الام..سكينة النفس والقلب..الزوجة الصالحة..واقصاه هو رضا الله
فالرضا غناء النفس و الإنسان النقي يرزقه الله الرضا وهو لمن لا يدرى كنز أثمن من كل مقتنيات الدنيا النفيسة.
فالرضا تؤم السعادة أى أن السعادة لمن يرضي.
ومن يظل ناقما حاقدا يظل يتآكل بعضه بعضا ولا يعرف للراحة طريق ولو حيزت له الدنيا ومافيها
"الأخذ والعطاء ميزان الحياة"يعقوب الرائع عاد لحكمته فلأول مرة يستمع إلي ياسمين ويسأل عما يدفع مازن للتعامل معها بهذا الشكل.
للحق ياسمين لم تكذب ..فيبدأ يعقوب يعدل ميزان حكمته فإبنه ليس سيئا علي المطلق وهو محق فياسمين منذ وطأت منزله وحددت حدود معاملتها معهم وانعزالها عن الجميع تأخذ فقط ولا تعطي ولاول مرة يرى مازن ضحية وهو من أجبره علي زواجها.
الأمر الواقع فقط والكلمة التى كاد ينطقها مازن من تجعلها تتراجع وتقرر محاولة أرضائه وهو لا يطلب المستحيل هو يطلب المودة والرحمة.
ما يعجبني بمازن أنه صادق مع نفسه ليس كمؤيد يفعل ما يريد بالعلن ولا يتوارى بل كل افعاله تنم عن شخصيته دون تجمل او كذب او محاولة لإرضاء الآخرين علي حساب نفسه..
هو مازن وحسب.لايتغير لارضاء الناس ولا يتلون لنيل اعجابهم.
للأسف ياسمين لم تعي الدرس بعد ولا تريد أن تحاول بإخلاص لإستمرار حياتها مع مازن لذا تشعر بالقهر لأنها ستضطر للرقص له كجارية.
لن أستطيع أن أقول أن اسلوب مازن في علاج المشكلة صحيح ولكن ياسمين أستنفذت كل الطرق التي اتبعها معها مازن لمحاولة نيل رضائها او بناء حياة اسرية.
كم من إمرأة رقصت لزوجها فهو ليس جرما او استعباد بل قد تفعله الكثيرات وهي سعيدة لانها تحب زوجها.
عقل ياسمين وحياتها وقناعاتها اوقفتها علي اللحظة التي تعرضت فيها للإختطاف وما تلا ذلك كان تحصيل حاصل كإنسان يشرب ويأكل ويستنشق الهواء للابقاء علي حياته وليس لعيشها.
فترى في خروجها من القصر شهادة موت لها.
مع ان مازن وضع الحل أمامها بمسكن يوفره لها يعقوب وعمل تعمل به
ومن كبرها تقول انها لم تكمل تعليمها مع أنه عرض عليها آكمال تعليمها ورفضت علي طريقة يرضى القتيل وليس يرضى القاتل.
اذا لم تصدق النوايا فعلا لوضع خطوات لحياة تقوم علي المودة والمحبة فلا فائدة.
"ميثاق الزواج اقوى من الوعد"كلا منا عليه الوفاء بعهده إذا عاهد وهو من صفات المؤمن .
ولكن لمن خان بنود هذا العهد فليس له بالمثل .
رشا لم تحفظ عهدها مع مصعب ووضعته في موضع عديم المرؤة .
فلماذا يفسد حياته مع شريكة عمره وحبيبته من أجلها .؟
ماذا يضيره لو صاغ الأمر والحقيقة بشكل لا يسئ لرشا وبنفس الوقت يريح قلب نورين العاشقة الحامل بإبنه.
وبالمقابل تخطئ نورين وهي تبدى استعدادها في كل بادرة شك بحبه بأنها تنازلت عن الكثير من أجله وترغب بالعودة لأهلها.
هذا ايضا ليس ميثاق الزواج الغليظ
فبهذا الشكل كلاهما يفسد حياته
"كيد النساء"ما تفعله منال هو القذارة بعينها مع سبق الإصرار والتخطيط وانصياع نجوم لها بعد ترددها بل إصرارها علي أكمال خطة امها يدل علي فساد فطرتها فحتي وإن تعرضت لانتهاك ابن خالها ليس الحل بتوريط آخر لا ذنب له.
ولم تفكر هي ومنال للحظة في عقاب الله لهما بقوله تعالي بسورة النساء ."ومن يكسب خطيئة او إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"
وليس رمي إنسان بالباطل فقط بل هي تريد ارتكاب كبيرة الزنا وليس غصبا هذه المرة بل بإرادتها
كما لم تفكرا في سهولة اثبات ان الطفل ليس له.
كما لم يفكرا بالمغتصب لها وهو بلا خلق او مرؤة هل سيتر كها بحالها إن تزوجت من آل الكانز .
الأمر كله يثير الغثيان.
وقد فقدت نجوم تعاطفي معها وآمل أن ينتهي الأمر علي غير ما خططا له
فمازن لا يستحق المزيد من التهم الباطلة
ولو جاء علي طرده من المنزل فليكن ولا يتزوجها
ليتك حبيبتي تجدين مخرجا له غير هذا المصير المخزى.
سلمتي وسلم إبداعك الرائع بهذا الفصل الذى يحبس الانفاس من كثرة احداثه ووقع بعضها القوى علي النفس
دمتي بكل الخير والسعادة والمزيد من النجاح .
مع الشكر علي الجهد المبذول بالفصل المميز جدا




قصي واقع حاليا بحالة تيه وضياع.. شايف انه مهما بذل من جهد في عمله ما هيوصل لنفس حياة رفاهيته السابقة بدون عمه (من مصروف بعطيه له وورثة ابوه )..
حاليا ابدا ما هيقدر انه يعترف لسهر قبل ما حتى يرجع لوضعه القديم على الاقل..

نجوم هي مو ظالمة او فاسقة مثل امها.. صحيح رضخت لوساوسها لكنها ندمت.. وعلى كل حال فمازن ابدا مو سهل ولما يعرف حقيقة منال فأكيد راح يورجيه وجهه الاخر..

بالنهاية بدي اقول لك تحليلك رائع ومميز كما هو معتاد ومتوقع منك.. فعلا والله لا اكتفي بقرأته مرة او مرتين او حتى ثلاثة فقط بل أكثر..





صديقة تنشر مشاركاتك في كل فصل والكل بشيد بابداع لكماتك وتحليلاتك..


محظوظة انا جدا لامتلاك قارئة مثلك.. ربنا يسعدك ويكرمك..


❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️


شكرا حبيبتي على المرور


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:04 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.