آخر 10 مشاركات
نساء من هذا الزمان / للكاتبة سهر الليالي 84 ، مكتمله (الكاتـب : أناناسة - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          قبل الوداع ارجوك.. لاتذكريني ! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          السر الغامض (9) للكاتبة: Diana Hamilton *كاملة+روابط* (الكاتـب : بحر الندى - )           »          عشقكَِ عاصمةُ ضباب * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          تريـاق قلبي (23) -غربية- للمبدعة: فتــون [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : فُتُوْن - )           »          ارقصي عبثاً على أوتاري-قلوب غربية(47)-[حصرياً]للكاتبة::سعيدة أنير*كاملة+رابط*مميزة* (الكاتـب : سعيدة أنير - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4110Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-07-21, 03:05 AM   #451

وسام عبد السميع

? العضوٌ??? » 386250
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 269
?  نُقآطِيْ » وسام عبد السميع is on a distinguished road
افتراضي


تسلم ايديك يا سكرة ...وشكرا انك طمنتينا ع الغلبان
كل سنة و انت و اسرتك بخير💕💕💕💕💕💕


وسام عبد السميع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-07-21, 03:17 PM   #452

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات :

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

لاتنسوا في هذه الايام المباركات التكبير والتهليل

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-07-21, 12:22 AM   #453

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

الحمد لله اطمنا على معتصم

بس فعلنا قلقنا من قلق غالية ايه اللى يضمن ان الموضوع مايتكرر بالذات انه مش فى دماغها عداوة الشخص اللى بيطارده ولا يعرف بوجود جاسوس بينهم

ربنا يهديكى ياعنان وتحنى على المسكين دا

حبيت مشاعر تمام ناحية اخوه اتمنى معتصم يقرب منه ويتقبله فى حياته
تسلم ايدك ياهوبه وعيد اضحى سعيد عليكى وعلى اسرتك يا رب

والف شكر على التصبيرة الجميلة دى


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 05:58 PM   #454

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،كل سنة وانتم طيبين وبخير يارب يكون أكبر عدد من المتابعين انتهوا من إجازة العيد والتزاماتها علشان نعاود المتابعة مع بعض ❤️
جاري تنزيل الفصل باذن الله


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:00 PM   #455

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العاشر

هناك دائما حد فاصل بين كل متناقضين ....
شعرة رفيعة ما بين عتمة الليل و ضوء النهار.....

شعرة ما بين الكراهية والحب .....

شعرة ما بين الحياة والموت ......

وفي اللحظة التي يقف فيها الإنسان على الحد الفاصل بين الحياة والموت يرى حياته الماضية كشريط مُسجل عليه كل أفراحه وأحزانه؛ خيباته وانتصاراته؛ سكون روحه وصراعاته.....

وهو ما إن شعر بالرصاصة تخترق جسده وأخذ يبحث حوله عن مصدرها فلم يجد أحدا وكأن من فعلها نفذ المهمة واختفى فجأة من الطريق النائي في مدخل القرية حتى شعر بوهن جسده دفعة واحدة ووضع يده على كتفه الذي كانت الدماء تغمره....

فرفع كفه ليجدها ملطخة بدمائه ،حاول أن يتناول الهاتف الذي ألقاه في نفس اللحظة التي شعر فيها بالغدر ولكنه لم يجده في متناوله

لا يعرف أين سقط بالضبط وشعر بأن روحه تٌسحب منه فجأة فاستند برأسه للخلف على مقعده وعيناه الزائغتان يمر أمامهما مشاهد متفرقة متسلسلة له منذ صغره

وهو يلعب في البيت الكبير مع ابناء خاله...

وهو ينام في حضن غالية..

وهو يذهب مع عمران إلى المسجد وكأنه ابنه...

وهو يصرخ ويجري خلف أمه عقب كل زيارة لها للبيت ....

غربة روحه وهو لا يجد له أبا على وجه الأرض....

عنان وحبها الذي نمت بذرته بداخله حتى سكن حبها شغاف قلبه،يوم زفافها الذي هرب منه حتى لا يراها عروس لغيره ،رجوعها إلى البيت الذي أضاء بعودتها

وتساءل ذهنه هل الله لن يٌقدِر لهما اللقاء؟

هل مع عودتها هي يذهب هو ؟

همهم بصوت غير مسموع عنااااان ثم سكن جسده دفعة واحدة واسترخى جفنيه معا.............

أما يوسف الذي كان على الطرف الآخر فما إن سمع صوت إطلاق الرصاص حتى شعر بقلبه ينخلع من مكانه وحين لم يرد عليه معتصم بعدها وانقطع صوته حتى اتصل بيحيى على وجه السرعة وقص عليه ما حدث ليهرع يحيى الأقرب لمكان معتصم و لم يأخذ سوى دقائق قليلة وما إن وصل حتى وجد أهل القرية متجمعين حول سيارة معتصم الذي كان غارقا في دماؤه وغائبا عن الوعي فحمله بمساعدة بعض الشباب إلى سيارته وانطلق به إلى أقرب مشفى وهو يشعر أن قلبه يحلق خارج جسده وروحه هاربة منه...............

"ولدي....."

منذ أن عرفت بما حدث ولم يكف لسانها عن ترديد هذه الكلمة دون سواها وكأنها اختزلت فيها جزعها ووجعها وخوفها أن يصيبه مكروه....

كلمة واحدة كانت كفيلة بأن تُعبِر بها عن مشاعرها كلها وما يحويه قلبها في هذه اللحظة

كانت تشعر بأن قلبها يتفتت وصدرها يتمزق وكأن الرصاصة أصابت جسدها لا جسده...

كان جميع نساء العائلة يجلسن حول غالية في بهو البيت بعد أن ذهب جميع الرجال إلى المشفى ... الجميع في حالة صدمة وخوف وترقب.....

كانت يسر تبكي قلقا وخوفا وبجوارها عنان التي هربت الدماء من وجهها ورغم أنها لم تكن تبكي كيسر ولكن قلبها كان الحزن والخوف ينهشانه نهشا، فهي طوال عمرها لم ترى من معتصم شيء سيء ،طوال عمره خفيفا لم تشعر به إلا كنسمة عابرة وفي الفترة الأخيرة التي عادت فيها إلى البيت كانت تراه بشكل دائم ،يتحدث معها ويشجعها، كانت كلماته تعطيها دفعة للأمام، دائما يوصل لها رسالة أنه لم يحدث شيء وأن عليها أن تتقبل الحياة بحلوها ومرها لأنها لا تتوقف على أحد ،كان هناك صوتا بداخلها يردد (معتصم لا يستحق ذلك كن معه يارب العالمين)

دلفت يمنة إلى البيت تسبقها صرخاتها على ابنها وما إن رأتهن جميعا حتى اقتربت من أمها وجثت على ركبتيها أمامها قائلة بعينين متسعتين هلعا على بكريها:" ماذا حدث؟...ماذا به ابني؟..."

قالت غالية ودموعها تسبقها:"أطلق عليه أحدهم النار ..."

أخذت يمنة تلطم على وجهها وصوت نواحها يعلو حتى أردفت غالية ليسر وهي تحتضن رأس ابنتها:"اتصلي بيحيى واطمئني منه...."

تناولت يسر هاتفها وكل جسدها يرتجف واتصلت بيحيى وما إن رد عليها حتى أردفت بصوت مرتعش :"ماذا حدث ؟ لم لم تحدثني لتطمئننا ؟..."

قال يحيى الذي يجلس بجوار فراش معتصم في الغرفة التي نٌقِل إليها للتو بعد أن تم اسعافه:"الحمد لله هو بخير خرج من العمليات ولكنه لازال يستفيق من البنج..."

قالت يسر لجدتها :"الحمد لله يقول أنه خرج من العمليات..."

قالت غالية بصوتِ مضطرب باكي:"قولي له يأتي ليأخذني عنده..."

وقالت يمنة بسرعة من بين دموعها:"وأنا أيضا..."

سمعهما يحيى فقال ليسر بحزم:"قولي لهن لن تأتي النساء إلى المشفى هو ما أن يتحسن سنحضره إلى البيت ..."

ثم أغلق معها وهو يقترب من معتصم الذي كان يستفيق بالفعل ويهمهم بكلمات غير مفهومة ووضع يده على رأسه قائلاً:"معتصم هل تسمعني؟..."

لم يرد عليه ولكنه كان لا يزال يهمهم بكلماته الغير واضحة وأدار وجهه للجهة الأخرى حيث يجلس يوسف وحرك شفتيه بلا صوت باسمها وما إن قرأها يوسف على شفتيه حتى غمغم بخفوت :"اقسم بالله ستفضحنا..."

كان زكريا ويونس وصالح يقفون مع الطبيب يطمئنون منه على حالته ويوسف وحاتم و يحيى يلتفون حول فراش معتصم الذي لا زال يهذي فأردف الطبيب :"الحمد لله أخرجنا الرصاصة و حالته مستقرة لا تقلقوا ...."

تمتموا جميعا بالحمد لله في صوت واحد وما إن فتح الطبيب باب الغرفة وخرج حتى كان تمام و كامل يدخلان فأردف الأول بقلق:"ما أخباره الان ما إن سمعنا بالخبر حتى أتينا...."

قال زكريا لابن أخته:"الحمد لله بخير ...."

فأردف كامل :"أبي يعتذر عن الحضور لأنه خارج القرية في عمل .."

قال يونس وهو يربت على كتفه :"لا عليك بني جميعنا موجودون..."

فدلف الجميع للداخل للاطمئنان عليه وكان يبدو القلق الشديد على تمام فهو رغم أن أبيه لا يحب معتصم ورغم أن معتصم يعلم ذلك لذلك علاقته بهم كلهم ليست على ما يرام إلا أنه منذ أن كان صغيرا وهو يشعر بمشاعر أٌخوة عميقة تربطه بمعتصم رغم أن الأخير لا يستجيب له على الاطلاق

و لكنه شعوره الذي لا يستطيع انكاره

انها الدماء التي تجري في عروقهما معا

**********

في بيت راشد

سارت نسرين على مهل في بهو البيت بعد أن غادر الجميع ؛ فيمنة في بيت أمها وراشد في عمل خارج القرية وتمام وكامل في المشفى ومالك في كليته ، تحمل صغيرها بين يديها وتقبله بحنان وهي تدندن بجوار أذنه بأغنية تساعده على النوم،ترتدي عباءة قطنية مريحة وليست عباءتها فقط من تبعث الراحة بل كل ما حولها كان مريحا.....

البيت الذي تسكنه؛الفراش الذي تنام عليه

في حياتها السابقة كان ينقصها الاساسيات حتى حين تزوجت رماح وظنت أنها سترتاح لم ترتاح سوى أشهر قليلة أعقبها موته وتلاها اكتشاف حملها وفرارها خوفا لتعود لحياة الفقر مرة أخرى

أما الان فهي لها أشهر تشعر بالاسترخاء ،تشعر أنها أخذت استراحة مٌحارب....

كانت لا تزال تدندن في أذن صغيرها وتجوب المنزل حتى علت دقات على باب البيت الخارجي ففتحت باب البيت الداخلي وخرجت لتجد شقيقها يقف خارج البوابة ففتحت له وما إن دلف حتى قال لها :"جاااائع جدا نسرين...."

قالت له بابتسامة حنون :"تعال حبيبي حالا أجهز لك الطعام ..."

دلفت معه داخل حجرة الضيوف بالحديقة والتي يٌلزمه بها راشد ووضعت صغيرها بعد أن نام في الفراش وقالت له :"ما إن تٌبدل ملابسك حتى أكون أحضرت لك الطعام..."

قال بصوت مرهق وهو يتصبب عرقا:"حسنا..."

قالت له بتساؤل:"يبدو أنك تعبت من العمل الشاق مع راشد... ثم أردفت بضيق:أعرف أنه يتعمد أن يشق عليك بالعمل..."

قال لها بابتسامة صغيرة:"هو فعلا يفعل ذلك ولكنني لا يهمني...زفر زفرة حارة وأردف بابتسامة ساخرة: هو يظن أنه بذلك سيجعلني أكره العمل والبيت والبلدة بأكملها ولا يعلم أنني بالفعل أحب العمل وأن ما كان يمنعني عن العمل هو أنني لا أحمل أي مؤهل ؛ثم أردف بنبرة كهل كبير لا شاب في مقتبل العمر: نسرين الشقاء الذي شاهدناه في حياتنا كلها جعل شقاء العمل مع راشد جنة ،ثم أردف بقلق:ما أخشاه فقط لو تركت هنا في أي وقت.."

قاطعته قائلة بنبرة حادة وصوت قاسي حتى قست قسمات وجهها بالتبعية:"لن نترك هنا ،هنا حقي وحق ابني،رماح لم يتزوجني لأشهر لأنجب له ثم أترك ابني لهم وأرحل ،ثم نظرت إلى صغيرها قائلة:عمار هو ورقتي الرابحة هنا و إن لم أستفد منه سآخذه وآخذك ونرحل ، ضغطت بأناملها على كتفه قائلة:أنا لن أتركك أبدا ؛ نحن معا كما كنا طوال عمرنا معا..."

ابتسم لها وربت على كتفها قائلاً:"بارك الله لي فيكِ ولا حرمني منكِ..."

ابتسمت له ابتسامة داعمة وتركته يبدل ملابسه وخرجت لتعد له الطعام فوجدت تمام كان للتو آتيا من المشفى بعد أن اطمئن على معتصم فاقتربت منه في منتصف الحديقة قائلة باهتمام:"كيف حال أخيك طمأنني...."

قال تمام وهو يٌخفض عينيه عن عينيها :"حمدا لله أصبح بخير..."

قالت له بابتسامة حلوة وهي تضبط وشاحها المنحسر للخلف فيٌظهِر مقدمة شعرها :"حمدا لله على سلامته..."

"سلمكِ الله...."

قالها وهو يعطيها ظهره صاعدا إلى البيت فصعدت خلفه قائلة:"تمام هل أعد لك الطعام؟.."

قال دون أن يلتفت إليها:"شكرا نسرين سأنتظر أمي..."

دلف إلى البيت فدلفت خلفه وتركت الباب مفتوحا وأردفت بتساؤل :"ولم تنتظر؟.. أنا سأحضر الطعام لي ولإسلام ثم أردفت لتلفت انتباهه:إلا إذا كنت ترانا لسنا على قدر المقام لتأكل معنا...."

رمت كلمتها وهي تعلم أنها مع تمام على وجه الخصوص ستلقى أثرها فتمام لم يأخذ من أبيه شيء بالعكس يأخذ من أمه طيبتها وبساطته...من كان يأخذ من أبيه فعلا رماح وحاليا كامل تراه مثله أما مالك الصغير فلم تتضح لها هويته بعد لأنه دائم الغياب عن البيت....

التفت لها تمام حتى أصبح في مواجهتها مباشرة وأردف بتساؤل وهو يضيق حاجبيه :"لم تقولين هذا نسرين ؟ ماذا رأيتِ مني لتقولي هذا؟..."

قالت له وهي تهز كتفيها :"لأننا منذ أن حضرنا إلى هنا وأنت تعاملك معنا على الحدود..."

ابتسم ابتسامة صغيرة قائلاً:"أنتِ زوجة أخي ولكِ مني كل الاحترام...أنتِ فقط لا تعرفين طباعنا ؛ زوجة الأخ لها منا كل الاحترام والتقدير ولم نعتاد أن نرفع وجهنا في وجهها ..."

قالت له بتساؤل وهي تتأمل قسمات وجهه الرجولية التي تروق لها :"ولكنكم مع عنان غير ذلك ..."

"لأنها ابنة خالنا..."

قالت له بابتسامة مدروسة:"وربما تتحول إلى شيء آخر من يدري ؟..."

عرف مقصدها فأردف :"اه تقصدين ما يقوله أبي منذ سنوية رماح رحمه الله..."

قالت :"نعم...."

صمت قليلاً وزاغت عيناه فأردفت وهي تحاول أن تثبر أغواره :"ماذا ...تريدها أم لا تريدها؟..."

تنحنح قائلاً بنبرة صادقة :"الحقيقة لا أراها سوى ابنة خالي وزوجة أخي الراحل لا أستطيع تصورها غير ذلك.... لقد عاشت معنا ستة أعوام فكانت كأخت لي فكيف أٌطالب اليوم بالزواج منها !..."

مطت شفتيها ثم أردفت:"عندك حق ؛ ما دامت عاشت أمام ناظريك كأخت فلن تتقبلها بصفة أخرى حاول أن تقنع عمي راشد بذلك....."

غمغم قائلا بصوت غير مسموع :"أبي لن يقتنع إلا بما يريد أن يقتنع به هو.."

ما إن تأكدت مما كانت تريد أن تتأكد منه حتى قالت له بصوت مستكين وملامح أكثر استكانة:"لم تقل لي هل ستأكل معنا أم أضع لك الطعام هنا وحدك؟..."

نظر إليها ورغما عنه طالت نظرته قليلاً حتى شملتها، لا يلاحظ خبثها الذي يدعيه والده بالعكس يراها صاحبة حق،إلى جانب أنها صغيرة وجميلة ،لاحظت هي نظرته وهذا ما كانت تريده فإذا كان ابنها هو ورقة رابحة لها في هذا البيت فهذه الورقة ليست مضمونة مع رجل كراشد أما تمام فإن حدث ما تخطط له فسيكون هو حصانها الرابح مدى الحياة ولكي يتم ما تريد لابد من التخطيط بدقة وحذر خطة بعيدة المدى .......

قال لها تمام أخيرا بابتسامة صغيرة مٌجاملة:"حسنا نسرين نأكل جميعا معا..."

فقالت له :"حسنا سأعد الطعام في الحديقة..."

قالتها و أسرعت نحو المطبخ فأردف تمام وهو يتعقب أثرها:"ومنذ متى نأكل في الحديقة؟.."

قالت له بنبرة مشاغبة:"منذ اليوم تمام ، نوع من التغيير...."

اختفت عن ناظريه فأردف ساخرا:"إن رأى أبي هذا التغيير فلن يروق له..."

ولم يمضي وقت طويل حتى كانت قد أعدت مائدة من الطعام الشهي لثلاثتهم في حديقة المنزل الصغيرة ولم يأخذ تمام وقتا طويلا للاندماج في الحديث معها هي وشقيقها

***********

في اليوم التالي

كان معتصم يجلس على الأريكة بجوار غالية و الجميع حوله في مظاهرة حب جميلة ،لم يخب ظنه فيهم يوم ،يعرف بمحبتهم جميعا له ،كان صالح وزكريا ويونس وهارون ومعهم زوجاتهم وأبنائهم جميعا

وكانت يمنة وولديها تمام وكامل وكانت أمه غالية التي لم تتركه منذ أن حضر و كانت عنان التي تجلس بجوار أمها والتي كانت رؤيتها فقط تعيد الروح اليه....

أردف هارون وهو يشعر بالغضب لما حدث لمعتصم:" أريد أن أعرف من الذي من مصلحته أن يفعلها أنت ليس لك أي خلاف مع أحد..."

رد أحمد ابنه الكبير:" ربما لديه أي مشاكل في العمل..."

قال معتصم بصوت خشن منخفض قليلا :"حتى العمل ليس لدي مشاكل مع أحد به"

قال يوسف الذي يجلس بجواره من الجهة الأخرى:" وهل من مهنته ضبط اللصوص والكشف عن هويات الخارجين عن القانون لن يكن له أعداء ! حتى لو لم ترى أنت هذه العداوة هم يرونها...."

قال يحيى بجدية:" يوسف معه حق لابد أن تراجع حساباتك كلها معتصم حتى تعرف من الذي فعلها...."

قال معتصم وهو يشعر بالارهاق:" أنام أولا .. أنام ثم اراجع كل ما تريدون..."

ربتت غالية على كتفه بحنان قائلة وقد رٌدت إليها روحها:" ادخل حبيبي إلى حجرتك وارتاح كما تحب وسأعد لك الطعام ...."

قال معتصم وهو ينظر للأعلى بنظرة مٌرهقة :" سأصعد إلى شقتي أمي...."

قالت له بحزم لا يقبل المناقشة وهي تشير إلى الرواق:" بل ستبقى هنا بجواري في حجرتك القديمة إلى أن تتعافى.."

قالت يمنة بحنان وهي تتقدم منه وتمد له يدها:" تعال حبيبي واسمع كلام جدتك أنا سأبقى معك إلى أن تصح ..."

تجاهل يدها الممدودة وأردف بلا اكتراث:" لا عليكِ أنا أقدر مشاغلك ثم استقام وهو يتحامل على نفسه ويسند ذراعه المصابة بذراعه السليمة قائلا: لا تقلقي أمي معي" وأشار بعينيه إلى غالية.....

شعرت بأنفاسها تغلي في صدرها ...

كانت تريد أن تصرخ أمام الجميع وتقول له أنا أمك، أنا من حملتك و وضعتك و لكن يبدو أنها حين تركته صغيرا سمحت لمكانها بأن يأخذه غيرها ورغم أن غيرها لم تكن سوى أمها إلا أن هذا لم يمنع نيران الغيرة من الاشتعال في صدرها ....

ليس غيرة من حب معتصم لغالية ولكن غيرة أن مكانها في قلب ابنها سكنه أحد غيرها وحزن عميق من جفاؤه معها....

ما إن تحرك معتصم حتى لحقه يوسف و يحيى وقام خلفهم أحمد ابن هارون أما تمام فكان يريد أن يذهب معهم ولكنه للوهلة الأولى شعر بالخجل ،خاف أن يكون بهذا يفرض نفسه على معتصم ولكنهم ما إن دخلوا جميعا خلف أخيه حتى حسم أمره وقطع تردده وقام خلفهم فحتى لو كان معتصم يصنع جدارا عازلا بينه وبينهم جميعا عليه هو ألا يفعلها لأن معتصم له أسبابه أما هو فلا يوجد سبب ليفعلها

*********

في نهاية اليوم انفض الجمع وعادت يمنة إلى بيتها مع ولديها بعد أن وجدت أن معتصم ليس لديه أي رغبة في بقاءها وصعد كل أبناء عمران إلى شقته مع زوجته وابناؤه عدا عنان التي طلبت منها غالية أن تظل معها حتى إن احتاجت شيء بعد ذهاب أم أيمن

جلست غالية في المطبخ على كرسي وطلبت من عنان أن تسخن الطعام وتجهزه لمعتصم وما إن انتهت الأخيرة من التجهيز ووضعته على الصينية حتى قالت لها غالية بعينين بريئتين لا تحملان أي مكر:" تعالي حبيبتي معي لاني لن أستطع حملها ..."

حملت عنان صينية الطعام وسارت خلف جدتها التي طرقت على الباب ثم فتحته لتجد معتصم يرقد في فراشه فابتسم لها ابتسامة عفوية وظل على وضعه ولكن ما إن رأى عنان خلفها حتى انتفض جالسا في الفراش وهو يعدل شعره الفوضوي بيديه ويضبط التيشيرت فوضعت عنان الصينية على الكومود المجاور لفراشه وأردفت بنبرة يبدو بها التعاطف جليا وعينين يشع الدفء بهما عوضا عن جبال الجليد التي كانت تغلفهما الأشهر الماضية:" حمدا لله على سلامتك يا معتصم ...."

ردد قلبه تلقائيا :"سلمك الله يا روح معتصم..."

أما لسانه فتمتم ب:"سلمك الله ..."

هي كلمات بسيطة ترفعنا للسماء السابعة كما أن هناك كلمات تقذفنا في باطن الأرض

منذ أن حضر والجميع التف حوله وسمع منهم عبارات الحمد لله على سلامته وقالتها هي ولكنها تاهت بين زحام أصواتهم

أما الآن وهي تقولها له جلية هكذا فكان أثرها على قلبه وعلى جرحه أثرا طيبا

لن يبالغ إن قال أن كلماتها له شفاء .....

قالت غالية وهي تجلس على المقعد المجاور لفراشه:" هل ستستطيع أن تأكل بٌني أم اساعدك؟..."

قال لها بابتسامته المليحة :"ذراعي الأيمن سليم أمي..."

تابعت عنان ابتسامته العفوية ثم أردفت لغالية:" هل تريدين شيء آخر ماما أم أصعد؟.."

اتسعت عيني معتصم... كان يتمنى لو تبقى قليلا معهما ففرصة كهذه لا تتكرر كثيرا فأردف بسرعة:" ألا يوجد ليمون للشوربة ؟..."

قالت عنان ببراءة وهي تنظر إليه بنظراتها الزيتونية الداكنة:" نعم يوجد .."

قال لها وقلبه يخفق كشاب مراهق أجاد المراوغة ليحصل على بضع دقائق إضافية مع حبيبته:" أريد ليمون..."

"حسنا...."

قالتها ثم ذهبت مباشرة إلى المطبخ فتابعها بنظراته وهي تتهادى في عباءتها ذات اللون الرمادي والتي تلتف على جسدها الذي يشبه قطعة الملبن فتجعل منها لوحة فنية في غاية الجاذبية يصاحبها صوت أساورها التي تصدر لحنا منتظما عذبا يطرق على أوتار قلبه....

أحضرت له ليمونة وعادت وما إن اقتربت منه بوجهها الذي عادت خيوط النور لتضيئه من جديد حتى مد يده لها ليأخذها فتلامست أطراف أنامله مع أطراف أناملها فخفق قلبه بين ضلوعه خفقة صاخبة أما هي فأردفت لغالية ما إن أعطته الليمونة:" سأصعد أنا ماما .."

قال معتصم لنفسه بحنق:" سأصعد ماما سأصعد ماما هل حفظت هذه الجملة.."

فأردفت غالية بمودة:" حسنا حبيبتي ..."

تركتهما لتجلس غالية معه تطعمه بيدها و تسأله للمرة التي لا يعرف عددها عما حدث معه بالتفصيل علها تصل لإجابة لتساؤلاتها التي تغلي بداخل صدرها كمرجل من نار خوفا على صغيرها

فإن كان الحادث مدبر فمن يضمن لها ألا يتكرر؟؟؟
**********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:04 PM   #456

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد قليل
كانت غالية لا تزال تجلس بجواره حين دلف يوسف وحاتم ويحيى إلى الغرفة تباعا يرتدون جميعهم بناطيل قطنية وتيشيرتات خفيفة خاصة بالنوم
فقالت غالية:" هل ستجلسون معه ؟...."
قال يوسف وهو يدخل في الفراش بجوار معتصم ويجذب طرف الغطاء ليضعه فوقه "بل سنبيت معه..."
نظر إليه معتصم شزرا وأردف:" أنت تعلم أني لا أحب أن ينام أحد بجواري..."
قال يوسف بسماجته المعهودة:" غدا حين تتزوج تعتاد على ذلك..."
وأردف حاتم وهو يجلس على الأريكة:" لا تقلق لن ننام جميعا بجوارك نظرا لحالتك أنا سأنام على الأريكة..."
قال معتصم بسخرية:" لا يا رجل تعالوا جميعا الفراش واسع.."
فأردف يحيى متهكما:" إن كانت صحتك جيدة كنا فعلناها..."
ثم فتح الخزانة و أخذ كوفرتة و شرع في فرشها أرضا
فقال له معتصم بسخرية :"لا أصدق هل ستترك زوجتك وتبات معنا ؟...."
قال يوسف متهكما :"مجبر أخاك لا بطل فهناك في شقته اجتماع عاجل لبنات العم معا وأنت تعلم الباقي..."
قهقه معتصم ضاحكا وأردف:" مجبر إذن ليس من أجلي.."
فقال يحيى بابتسامة متسلية وهو يحك شعره بسبابته :"صراحة نعم.."
جميعهم يعلمون أن ارتباطه بيسر قوي،في البداية كان يتهرب من الاعتراف والبوح أمامهم بأشياء دقيقة كهذه نظرا لطبيعة تربية الرجال عندهم والسخرية من أي رجل يبدي اللين في تعامله مع زوجته ولكنهم لاحظوا بالفعل ولم يَعُد الإنكار يفيد فأصبح لا يتهرب من الإجابة كالسابق....
قالت غالية بابتسامة صافية وهي ترى صغارها ينسجمون معا مما يٌسعِد قلبها ويشرح صدرها :"حسنا أعود أنا إلى حجرتي واراكم في الصباح باذن الله تصبحون على خير...."
ردوا عليها جميعا التحية وما إن غادرت حتى قال يوسف بابتسامة ساخرة:" لنا زمن لم نبيت معا هل تتذكرون حين كنا نفعلها قديما ونشاكس سعيدة الحظ في الهاتف...."
أردف يحيى قائلا بتهكم :" قديما يا يوسف قبل أن نتزوج وتاب الله علينا ولله الحمد.."
قال يوسف بتهكم أشد :"الرجل الوحيد الذي رأيته انصلح حاله بعد الزواج هو أنت .."
قال له يحيى مشاكسا وهو ينام أرضا:"أختك ولله الحمد جعلتني أتوب عن كل النساء عداها..."
رفع يوسف حاجبا واحدا وأردف بتحفز:" هذا مدح أم ذم؟..."
قال يحيى وهو يٌلعِب له حاجبيه :"مدح طبعا..."
فألقى يوسف إحدى الوسائد المجاورة له فوق وجه يحيى قائلا بتهديد :"احترم نفسك إذن قلت لك الف مرة لا تتغزل فيها امامي والا فتحت رأسك..."
فأردف يحيى مشاكسا وهو يتلقف الوسادة بين ذراعيه:"وماذا فعلت أنا؟ أنا أمدح أختك ؛ ثم انظر الى هذا الرجل و أشار إلى حاتم وأكمل : يسمع مدح أخته باذنيه ولا ينطق.."
فنظر معتصم إلى حاتم قائلا بشك :"ماذا بك لم تبدو مستكينا هكذا؟..."
انتبه حاتم لحديثهم ورفع وجهه إليهم قائلا :"ماذا بي أنا بخير...."
ولكنه لم يكن بخير أبدا كان يفتح الواتساب و هناك صراعا داخليا يدور بداخله ما بين قلبه وعقله....
يريد أن يحدثها أو يرسل لها برسالة وعلى أخر لحظة يتراجع....
أخذ ثلاثتهم يتحدثون ويمزحون ويوسف يقترح عليهم بمزاح أن يستعيدوا يوما من أيام الماضي ترفيها فقط عن معتصم أما هو فاستند برأسه على الأريكة وصراعه يكاد يفتك به ورغما عنه عاد بذاكرته إلى ثلاثة أشهر للخلف ولا يعلم أنه في هذه اللحظة على وجه التحديد كانت هناك من تستعيد مثله هذه الأوقات وهي تقف في شرفة منزلها شاردة....
كانت رحاب تقف في المطبخ مع زهراء وتشعر أنها تغلي من الداخل بعد أن رفع المورد للحوم والخضروات إلى المطعم السعر دون سابق إنذار وحين جادلته و حاولت أن تٌخفض الأسعار قليلا امتنع عن ارسال البضاعة لها ،كانت الكمية الموجودة بالكاد تكفي لليوم فقط ومن الغد المٌفترض أن يكونوا قد وجدوا حلا لهذه المشكلة
بعد تفكير قليل قالت لها زهراء وهي تبدأ في اعداد الطعام:" لم لا تحدثين حاتم أليس لديه مصنعا ويورد للكثير من الاماكن؟..."
قالت رحاب بعد تفكير قليل:" صراحة أخاف من أي تعامل مادي معه ألا تعرفين المثل الذي يقول إن كان لك صديق لا تعامله ولا تناسبه وأنتِ تعرفين أنه أخو يسر ولا أريد لأي خلاف أن يحدث..."
قالت لها زهراء بتساؤل:" من ماذا بالضبط تخافين لا أفهم...."
قالت رحاب مفسرة:" مصنعهم يا زهراء على أعلى مستوى وجودة البضاعة عالية جدا هي تأتي من مزارعهم مباشرة أخاف أن يكون السعر عالي علينا ،وأخاف أن يحاول هو المجاملة فنكون أثقلنا عليه هل تفهميني؟.."
قالت زهراء وهي تبدأ في لف محشو ورق العنب بالماكينة الخاصة به:" لا ؛ لا أفهمك هذا عمل وأنتِ ستسأليه أولاً وإن وجدتي أن الأمر كما تظني فاصرفي نظر وانتهى الأمر..."
جلست رحاب التي كانت تجوب المطبخ مفكرة ثم أردفت:" هل ترين هذا ؟.."
"لا أرى إلا هذا "
قالتها زهراء بحسم ولا تعرف هل فعلا كانت هذه نيتها الوحيدة ،المساعدة في إيجاد حل أم أن عقلها الباطن كان يلعب دوره في ايجاد أي صلة تربط حاتم بالمطعم فهو إن جاء ليأكل عندهم يوم فلن يأتي اليوم الذي يليه.....
حقيقة لم تجد إجابة وافية فحين تتداخل رغبات عقلنا الواعي مع رغبات عقلنا اللاواعي يصعب الوصول إلى نتيجة حاسمة
خرجت رحاب من المطبخ الذي توجد به تغطية ضعيفة للهاتف فكانت الفتاة التي تساعدهم تنظم الطاولات ومحمد يضع اللمسات النهائية على كل طاولة وما إن رد عليها حاتم حتى قالت له بأسلوب مهذب كل ما حدث
وما إن انتهت حتى أردف حاتم الذي كان يقف في المصنع بين العمال:" ماذا تحتاجين بالضبط من خضروات ولحوم رحاب؟ "
قالت له بتساؤل:" أعرف أولا النظام و الأسعار..."
قاطعها قائلا:" ستعرفين كل شىء لا تقلقي ولكني سأرسل لكِ ما يكفيكِ الأيام القادمة فكما قلتِ نفذت كل الكمية ثم أردف مازحا: ولا تقلقي المصنع ليس ملكي لاخرج بضاعة دون ثمن ستصلك فواتير لكل شىء..."
شعرت بالارتياح أخيرا وبدأت في املاؤه أهم احتياجاتها للأيام القادمة ....
بعد ساعتين
كان حاتم قد أتى بنفسه مع عاملين من المصنع ومعه ما طلبته رحاب و بينما تقف الأخيرة مع العمال في الحجرة المجاورة المفتوحة على المطبخ والتي بها ثلاجات التخزين ليضعوا البضاعة بها كان حاتم يتلكأ وقد وجد حجة مناسبة للدخول إلى المطبخ والوقوف مع زهراء التي كانت تقف أمام الموقد ترتدي فستان واسع باللونين الأبيض والأسود من فساتينها ذات الطابع الكلاسيكي وفوقه مريول المطبخ وفوق رأسها وضعت وشاحا بلون أبيض تعقده للخلف فتظهر عنقها التي تبرز عروقها وهي تعمل بكل طاقتها ،هكذا كان يراها جميلة ،بسيطة ، واثقة بنفسها رغم بساطتها.........
لم يكن هناك كلام يُقال بينهما فالتزمت هي الصمت وهي تشعر بالحرج من تواجده وهو يشعر بالانتشاء من وجوده معها إضافة إلى رائحة الطعام الشهي التي كانت تفوح في المكان ،كان من المفترض أنه ينتظر العمال ولكنه كان يتأملها وقد أيقن مؤخرا أنها خطفت قلبه فإن لم يكن ما يشعر به منذ أن رأها حبا فماذا يكون إذن؟...
كانت قد انتهت من طهو محشو ورق العنب وترفع غطاء القدر لتختبر نضجه فوقف بجوارها مباشرة وأخذ اصبع ليتذوقه ،ألهبت فمه حرارة المحشو فأخذ يضع كفه على فمه أما هي فكانت تضحك بملء فمها على مظهره؛ فعلى الرغم من أناقته ووسامته اللتان تبدوان عليه وتميزانه إلا أنه كان يبدو الآن أمامها كطفل صغير تسرع في أكل الطعام الساخن و يعاني من حرارته،أما هو فأردف ضاحكا هو الآخر:" المحشو رائع كالعادة أنا أعشق محشو ورق العنب خاصتك ولكن للأسف ليس هناك وقت اليوم سأعود حالا إلى المصنع..."
قالت له بابتسامتها الحلوة :"ما رأيك أضع لك طبقا سريعا هنا؟.."
راق له عرضها فأردف ببساطة تناقض مظهره المنمق الذي يجعلها لا تحيد بعينيها عنه :"أوافق..."
وضعت له طبقا من ورق العنب على الطاولة النظيفة المجاورة للموقد فبدأ في تناوله بشهية مفتوحة و لم تكتفي بهذا ولكنه وجد أطباقا اضافية شهية كوجهها توضع أمامه.....
كان كعادته ينظر إلى أناملها وسؤال لحوح يراوده ولم تكن هناك فرصة أفضل من هذه ليسألها ،كانت الاجابة واضحة من خلو أصابعها من أي محابس ولكنه عليه التأكد فما كان منه حين وضعت كل الأطباق أمامه ووقفت بجواره إلا أن سألها بشكل مباشر وهو يمضغ الطعام بتأني كعادته:"زهراء هل أنتِ مرتبطة؟.. ثم أردف بسرعة:أنا لا أجد محبس في أصابعك ولكن أحيانا يكون الارتباط غير مٌعلن..."
توقفت دقات قلبها لبرهة،نعم لم تسمع ضربات لقلبها وكأنه أصابه العطب المفاجىء ،ناظرته بنظرات مبهوتة لم يعرف سببها فبدت أمامه كتمثال جامد بلا انفعالات لثواني،كان دائما يشعر أنها خرجت للتو من حقبة من حقب الماضي فبدت له في هذه اللحظة حقا بملابسها الملونة فقط بالابيض والاسود كبطلة من بطلات العقد الماضي وكأنه يشاهد فيلما قديما وقد ثبت الصورة وهذا يبدو من تجمد نظراتها وسكون رموشها...
أما هي فمنذ أن رأته وانبهرت به وهي تعلم أنه سيكون طيفا خفيفا مر في حلم من أحلامها ولكنها كانت كمن أعجبه الحلم فتحايل على عقله الباطن للبقاء بضع دقائق اضافية أما الان فحان وقت الاستفاقة التي كانت على هيئة صفعة نزلت على وجه حاتم حين قالت بصوت هارب منها:"أنا منفصلة حاتم...."
غص حلقه بالطعام ما إن سمع جملتها القصيرة ثم أخذ يسعل بشدة ولحسن حظه كانت قد وضعت زجاجة ماء بجواره ففتحها وشرب منها مباشرة ورغم أن رد فعله كان متوقع إلا أنها شعرت بجرح كبير في كرامتها فرفعت ذقنها باباء وهو ما إن وضع الزجاجة حتى تمتم بصوت مبهوت:" منفصلة؟..."
قالت بابتسامة مزيفة لا تعكس سوى انكسار حلمها الذي كان في مهده:"نعم ... "
لم يرد حاتم عليها، ظل ينظر لها نظرات مبهوتة جامدة تماما كنظراتها السابقة ،فدونا عن كل النساء لا يدق قلبه إلا لها و سوء حظه أن يكون بها أكبر عيب لا يتقبله في شريكة حياته ...
الصمت والذهول غلفهما حتى شعرا بتوقف الزمان وانعدام المكان وكأن هوة سحيقة من الاحباط قد ابتلعتهما .....
قطع عليهما حالة الذهول هذه دخول رحاب التي تفاجأت بالوضع فأردفت باحراج :"حاتم لقد انتهينا من وضع البضاعة العمال يسألونك هل سترحل معهم؟.."
تنحنح حاتم وعلامات الوجوم على وجهه جلية وأردف بصوت متحشرج وهو يشيح بوجهه بعيدا عن زهراء:" نعم...سأرحل..."
نظرت الى الاطباق أمامه وفهمت أنه كان يأكل فأردفت:"لا أكمل طعامك أولا..."
قال باقتضاب وهو يمسح فمه بمنديل ورقي:"شبعت..."
هم بالانصراف فاستوقفته قائلة:"الفواتير يا حاتم كما اتفقنا..."
لم ينظر اليها وأردف بنفس الاقتضاب وهو يخرج بالفعل من باب المطبخ:"فيما بعد رحاب..."
حين غاب عن ناظريهما غامت عيني زهراء بالدموع فاقتربت منها رحاب قائلة بجزع :"ماذا حدث؟.."
قالت من بين دموعها المتلألئة على صفحة وجهها الأبيض المشرب بحمرة طبيعية زادتها حرارة الموقد احمرارا:"سألني عن حالتي الاجتماعية و قلت له أنني منفصلة.."
زفرت رحاب زفرة حارة وجلست على المقعد المجاور قائلة:"طوال عمرك حزينة ألا ياتي حظك مع حاتم إلا الآن؟..."
جلست زهراء بجوارها قائلة بحسرة:"نعم كل الاشياء الجميلة لا تأتي في وقتها..."
أما حاتم الذي جلس في سيارة المصنع مع العمال فكان يشعر بالحنق والاحباط من كل شىء حوله
عاد بذكرياته من هذا اليوم الذي غير حياته نهائيا فكان الشباب لا يزالون يتسامرون وهو ملتزم الصمت،من يومها وهو هكذا .....
من دون نساء الدنيا لم يخفق قلبه الا لها وحظه أن يكون بها العيب الذي يستحيل أن يتغاضى عنه وهو أن تكون حبيبته كانت لرجل آخر قبله...
هو في النهاية رجل شرقي له مبدأ ومواصفات فيمن ستحمل اسمه ومن أجل المبدأ يضحي بأي شىء حتى لو كانت الأنثى الوحيدة التي عشقها....
كتم زفرة حارة داخل صدره حتى لا ينتبه له أحد ، حاتم الذي لم يخفق قلبه بالحب يوما خفق قلبه ولا زال يخفق لها رغم أنه تأكد انها ليست له وكل هذا رغما عن إرادته ،أغمض عينيه وطيفها يمر أمام عينيه المغمضتين وهو يسب هذا الحب الذي تملكه كلعنة أصابته ولا يملك تعويذة سحرية لابطال مفعول هذه اللعنة من المشاعر المتأججة تجاهها هي فقط دونا عن نساء الكون....
يَعِد نفسه كل ليلة أنها أخر ليلة سيذكرها فيها ليجد طيفها أمامه بوجهها الملائكي وعينيها الساكنتين كصفحة بحر بلا أمواج....
لم يكن الوقت بالمتأخر جدا وكان يريد أن يحدث رحاب ليخبرها أن الطلبية خاصتهم سيرسلها بعد غد وليس غدا كما كانا متفقان ولكنه وجد أنه من غير اللائق أن يحدثها في وجود زوجها مساءا....
هو يعرف أنها حجة يخترعها عقله فقط ليجد سببا وجيها لأن يحدث زهراء ولكنه يتجاهل هذا الأمر ليرضي قلبه الخافق بين ضلوعه فيقنع نفسه بمنطقية أسبابه....
استقام فجأة وترك الحجرة و خرج وسط تساؤلات الشباب من حوله ولكنه لم يعير أحدهم اهتماما ووجد نفسه يتصل برقمها الذي أخذه من رحاب بحجة أنها احيانا لا ترد على هاتفها....
أما هي فكانت تجلس في شرفة منزلها هائمة في فضاء من الحزن الذي سكن قلبها وعينيها منذ أن رأت نظرة الرفض في عينيه يوم أن عرف أنها منفصلة،أضاءت شاشة هاتفها الموضوع أمامها فرأت اسمه فابتسم ثغرها تلقائيا لثانية واحدة ثم عادت وزمت شفتيها مرة أخرى و كأنها تلومه على رد فعله رغم أنها تعرف أنه على حق
وهل كانت تتوقع منه غير ذلك وهو الذي ظهر كحلم جميل فجأة في حياتها ،فهل للأحلام مكان في واقعنا المجحف؟
ردت عليه قائلة بلهجة رسمية:" السلام عليكم..."
قال بنفس لهجتها الرسمية وهو يخرج من بوابة البيت الداخلية على ساحة البيت الخالية تماما والمضيئة بأضواء خافتة:" وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته أهلا زهراء..."
"اهلا حاتم هل هناك شىء؟..."
"نعم كنت أريد أن أخبر رحاب أن الطلبية سأرسلها بعد غد لدينا ضغط عمل غدا فهل ما لديكم يكفي؟..."
شعرت بالغيظ منه ومن رسميته وعجرفته فأردفت بنبرة حاولت أن تغلفها بالبرود عوضا عن الحنق :"ولم لم تحدث رحاب لتقول لها؟..."
جز على أسنانه شاعرا بالضيق من نفسه وأردف بجلافة :"هاتفها مغلق فاضطررت أن أحدثك حتى لا اتسبب في أزمة إن لم يكن لديكم ما يكفيكم..."
رفعت حاجبيها معا وتمتمت من بين شفتيها "اضطررت.."
لم يسمع تمتمتها جيدا فأردف وهو يدور في ساحة البيت بلا هدف:" ماذا تقولين؟"
قالت و هي تمارس مع نفسها أقصى درجات ضبط النفس حتى لا تفقد أعصابها وتنفجر فيه :"لدينا ما يكفينا شكرا لاهتمامك مع السلامة..."
لم تنتظر منه ردا وأغلقت الهاتف وما إن أغلقت حتى لمعت الدموع في عينيها
دموع القهر التي تزورنا حين لا تسير الحياة على أهوائنا.....
حين يأتي الأشخاص الصحيحون في الوقت الخاطىء......
حين نجد ما كنا نبحث عنه العمر كله ونظنه من وحي خيالنا فنتفاجأ بوجوده أمام أعيننا من غير موعد مسبق ....
حين يصور لنا خيالنا أن هناك سٌلما سحريا ما أن نعتليه حتى نلامس نجوم السماء فنمد أيدينا لنجد أن السماء لا تزال بعيدة وما نحن إلا أقزام وأن السماء بنجومها وشمسها وقمرها وبراحها ليست من نصيبنا.....
رفعت عينيها للسماء الداكنة ذات النجوم اللامعة البعيدة ،البعيدة جدا وتمتمت بخفوت ودمعتان ماسيتان خائنتان تسيلان على وجهها وأردفت" يارب.."
مناجاة من كلمة واحدة اختزلت فيها كل احباطها واخفاقها وهو الأدرى بكل شىء دون حديث ....
دخلت أمها إلى الشرفة ورأتها على هذه الحالة التي تٌغني عن أي كلام فأردفت بقلق "ماذا بكِ حبيبتي؟"
التفتت إليها زهراء وأردفت وهي تشعر بقشعريرة في جسدها:" أمي هلا ضممتني اليكِ؟.."
دون كلام ضمتها إليها فذابت في حضن أمها تتمنى لو تتلاشى من هذا الوجود،لو تصبح رمادا منثورا في فضاء الكون الفسيح
ما بينها وبينه ليس مجرد فارق اجتماعي يربحه هو بجدارة ،ما بينها وبينه هوة واسعة،فجوة سحيقة ستبتلعها بلا رحمة إن اقتربت منه أكثر من ذلك.....
**********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:07 PM   #457

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد مرور سنوات في أي علاقة فإن المشاعر المتأججة تهدأ من تلقاء نفسها
فكما أن الحب في بدايته كبحر هائج الأمواج فإنه بعد مرور السنوات يصبح كنهر هادىء بلا أمواج ،رغم عمقه إلا أن كثيرون لا يعترفون بهذا العمق فيشعروا بافتقادهم للمشاعر ويشتاقون لشغف البدايات فيبدأوا في رحلة البحث من جديد عنه خارج الإطار.....
وهذا ما حدث مع يوسف الذي انغمس مع سندس طوال الثلاثة أشهر الماضية
تعرفا على بعضهما عن قرب بلا أي تجاوزات
كانا يستغلان الفرص بحجة العمل ويتحدثان لدقائق معدودة عن العمل وباقي الوقت يتحدثان عن أنفسهما
عرف ما تحب وما تكره
وعرفت أدق تفاصيل حياته وكانت ما إن تأتي من العاصمة لقضاء بضعة أيام عند جدتها أو مباشره العمل حتى يلتقيان
الغريب في الأمر أنها تتجاهل كونه متزوجا ،لم تذكر الأمر أمامه إطلاقا وكأنهما صديقان لا يسأل أحدهما الآخر عما لا يخصه....
كان يوسف يرقد بجوار معتصم بعد أن انتصف الليل وحاتم لا زال على الأريكة أفكاره تؤرقه وتمنع النوم عنه ويحيى أرضا يتحدث مع يسر على الواتساب و وجهه يبتسم لا يعرفون مالذي تقوله له ويٌضحك هكذا .....
كانوا قد أوشك كل منهم على النوم حين أتت يوسف رسالة على الواتساب ففتحها ليجدها من سندس تسأله
"ألا زلت مستيقظا؟..."
رد مباشرة" نعم ..."
كتبت له "ألن تذهب إلى العمل صباحا؟.."
"سأذهب بالطبع..."
"لاحظت أنك تحب السهر...."
"جدا ..." ووجه يغمز
"وأنا أيضا..." ووجه يضحك
"المرة القادمة حين تأتي سآخذكِ إلى مكان رائع نسهر فيه دائما مع أصدقاءنا "
"أي نوع من الاصدقاء بالضبط رجال أم نساء؟" قالتها والشك يملأ عينيها
صمت قليلا ولم يرد وهو يبتسم ابتسامة صغيرة ماكرة
فكتبت "يوسف...."
"اصدقائي الرجال بالطبع..."
أجابها أخيرا فابتسمت وهي ترقد في فراشها تتلاعب بخصلات شعرها الأحمر المصبوغ وكتبت
"حسنا باذن الله أتركك الان أريد النوم بشدة تصبح على خير"
"وأنتِ من أهل الخير يا... "وأعقب الجملة بصورة صغيرة من الواتساب تحمل وجه القمر.....
فلم تعقب هي بعدها واكتفت بابتسامة واسعة ملأت وجهها لتنام بهذه الطاقة الايجابية الهائلة
**********
كانت جميع البنات في شقة يونس يبتن معا بعد أن تركن شقة يسر ،جميعهن في غرفة واحدة يفرشن الأرض وينمن متجاورات ومنهن من ينمن على الفراش أما مريم فكانت تفتح الواتساب وتلاحظ أن يوسف متصل فكتبت له:"لم لم تنم بعد ؟..."
لم يرد عليها ولم يرى رسالتها رغم أنه ما زال متصلا
لا تعرف لم تسرب الشك إلى قلبها في هذه اللحظة فاتصلت به فرد عليها مباشرة فأردفت:"لم أحدثك على الواتساب ولا ترد علي؟.."
"حقا؟...لم أرى الرسالة..."
قالت بشك:"رغم انك متصل..."
قال بنفاذ صبر :"لم أرى الرسالة مريم ماذا كنتِ تريدين؟.."
قالت بهدوء حذر:"لا شيء كنت أطمئن عليك فقط...."
قالتها وأغلقت معه وشكها فيه يتضاعف ،استندت على ظهر الفراش برأسها وصخب أفكارها فاق صخب البنات حولها ،تراه غريب الأطوار منذ فترة ، لا تستطيع أن تمسك عليه شيء محدد ولكنه جهاز الرادار بداخل كل أنثى الذي يستشعر الخطر دون أسباب واضحة ... احتضنت زياد الذي كان ينام بجوارها يلعب لعبة الكترونية على التابلت الخاص به ورغبة قوية تتملكها للبحث خلف غموضه هذا وفي نفس الوقت تتمنى أن يكون كل ما في ذهنها مجرد هواجس.....
**********
بعد مرور يومين في المندرة
جلس معتصم على أريكة وثيرة وهو يرتدي جلباب أنيق بلون كحلي وفوقه عباءة مفتوحة بالكامل من الأمام بنفس اللون ،علامات الاعياء تبدو واضحة عليه ولكنه متماسك وبجواره يوسف ويحيى وحوله كل أخواله الذين يضايفون ضيوف معتصم من رؤساؤه في العمل وزملاؤه الذين أتوا للاطمئنان عليه
قال السيد هشام مأمور القسم لمعتصم:"ألا تشك في أي شخص يا معتصم؟.."
قال معتصم بعد تفكير قصير :"صدقني لا يوجد أحد محدد في ذهني..."
قال الرجل بجدية:"نحن نتحرى من يومها ولم نسكت..."
قال خالد زميل معتصم:"ألا يمكن أن يكون الحادث عرضي أو غير مقصود لأن معتصم يقول أنه لم يتم تبادل اطلاق للنار هما طلقتان واختفى بعدها فاعلها لو كان بالفعل هو المقصود كان الفاعل سيطلق أكثر من طلقة ولن يكتفي بطلقة في الكتف فقط...."
أردف سامح مؤيدا وجهة نظر خالد:"أو ربما فعلها خطئا شاب صغير ممن كانوا في حفل الزفاف الذي كان في البلدة يومها ..."
قال هشام بعد تفكير :"كل شىء وارد ولكننا بالطبع لابد أن نتأكد؛ ثم وجه كلامه لمعتصم قائلاً :وأنت ما إن تصح وتعود إلى العمل سنرسل لك سيارة من القسم تقلك وتعيدك..."
ابتسم معتصم قائلاً :"ليس هناك داعٍ سيدي اتركها على الله لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا..."
أخذوا جميعا يتبادلون أطراف الحديث إلى أن تم اعداد مائدة عامرة بأشهى الأصناف في المندرة لضيوف معتصم الذين التفوا جميعا حول المائدة
ومن الذي يستطيع مقاومة طعام أهل الجنوب الشهي؟؟؟
أما بالأعلى من نفس النافذة التي اعتادت البنات على النظر منها للعالم الخارجي وقفت وصال و مودة و هاجر ومن خلفهن عنان ويسر ومريم
عادة لن يتخلوا عنها ولكن بنات اليوم ليسوا كبنات الأمس فالقلوب تتغير وتثقل بالهموم...
كانت مودة تتأمل الضباط بكثير من الاعجاب وكيف لا تفعل وهي ما زالت في بداية حياتها ولا يشوب قلبها شائبة
أما هاجر التي تقف بجوارها فكانت تتأملهم ببرود وهي فاقدة كل الرغبة والاحساس بالجنس الاخر
أما عنان فكان تركيزها لأول مرة مع معتصم ،لا تعرف لماذا أصبح يمثل علامة استفهام أمامها في الفترة الأخيرة ؟...
لا تنكر انها تعاطفت معه بعد حادثه ولكن ليس هذا السبب الوحيد لاشتعال فضولها تجاهه ..
نظراته لها بها شيء غريب ، لن تدعي أنها نظرات اعجاب ولكنها نظرات غامضة
تشعر دوما انه يريد أن يقول شيء...
على لسانه شيء وفي عينيه شيء....
ما إن يرفع عينيه نحوها للوهلة الأولى ترى نظرة لا تدرك كنهها ولكنها سرعان ما تزول وتحل محلها نظرة عادية جدا لذلك تشعر بالتشتت ولا تستطيع الحكم أو تبين الأسباب
لذلك أصبحت هناك علامات استفهام كثيرة أمامه .....
أخرجها من شرودها صوت مريم التي تمزح مع الفتيات قائلة:"هيا كل واحدة تختار أحد الضباط الوسيمين ونطالب معتصم بتيسير الامور...."
قالت وصال التي تستند برأسها على اطار النافذة المغلقة بوجوم :"و هل لو كان من حقنا الاختيار كان سيصبح هذا حالنا؟..."
قالت مريم بنظرة مستنكرة:"أمزح يا بنت لم لا تضحكي...."
أردفت وصال بيأس :لأن شر البلية ما يُضحِك..."
قالت مريم بتساؤل :"ومن منا لم تختار وصال جميعنا حبيبتي اخترنا ، انا اخترت يوسف ويسر اختارت يحيى وعنان ... توقفت الكلمات على لسانها ما إن لاحظت تجهم وجه عنان المفاجئ فأكملت :وأنتِ لم يجبرك عمي يونس على أي عريس ممن رفضتيهم ..."
قالت وصال بابتسامة ساخرة وهي لا تزال تستند برأسها على اطار النافذة :"هذا اسمه اختيار من دائرة محددة حددوها لنا وليس علينا الخروج منها ، وإذا كانت كل منكن حظها أنها أحبت من داخل العائلة فما ذنب من اوقعها حظها العثر في حب شخص من الخارج ماذا تفعل تنتحر لأن التقاليد تنص على عدم الزواج من خارج العائلة؟..."
عم الصمت المطبق لثوانِ ثم أردفت مريم بدهشة :"هل لا زلتِ تذكرين هذا الأمر وصال ظننتكِ نسيتِ وتعايشتي..."
علت ضحكة وصال الساخرة وأردفت :"ليتني امتلك زرا بضغطة واحدة للنسيان لكنت ارتحت..."
اقتربت عنان من شقيقتها ومسدت على كتفها قائلة بشفقة :"حبيبتي ومن أدراكِ أن الأمر لو كان اكتمل كنتِ ستكونين سعيدة الست أنا أكبر مثال أمامك...."
اعتدلت وصال في وقفتها وأردفت بعينين مظلمتين :"وهل أنا الآن سعيدة ؟ ثم أردفت وهي تضغط على حروف كلماتها: لو كانت جدتي غالية تنازلت قليلا وأعطت أبي الاشارة ولو كان أعمامي لا يتمسكون بهذه العادات ولو كان أبي أصر أن يكون صاحب القرار الأول والأخير في كل ما يخصنا لما كنا وصلنا لهذه النقطة ..."
كانت وصال منذ ما حدث لها منذ ثلاثة أعوام وهي ملتزمة الصمت،حاولت النسيان ولكنها فشلت ،حاولت قبول أي عريس من عائلة أمها أو عائلة أبيها ولكنها فشلت ،حاولت نسيان طارق بكل السبل ولكنها في كل محاولة ترجع لنقطة الصفر وها هي توشك على الانفجار كبالون انتفخ بشدة حتى لم يعد هناك متسع لنفس واحد

احترم الجميع حالة الاحباط التي تمر بها وصال بما فيهم هاجر التي تشعر أن مشكلة وصال مقارنة بمشكلتها هي لا شيء...
جلسن جميعا على الفراش حول بعضهن يرتدين ملابس بيتية مريحة تماما كما كن يفعلن حين كن صغارا ورغما عنهن عدن معها بحديث الذكريات إلى ثلاث سنوات للخلف....
كانت وصال في الفرقة الثالثة في كليتها النظرية وكان اليوم الأول لها في الدراسة، دلفت إلى قاعة المحاضرات ،كانت القاعة مكتظة بالطلبة فجلست بجوار احدى صديقاتها في أول صف وقالت لها :"من الذي سيدرسنا هذه المادة؟..."
أردفت الفتاة :"يقولون استاذ جديد جاء من جامعة أخرى...."
قالت وصال التي كانت وقتها كوردة متفتحة ببشرتها الخمرية الفاتحة وعينيها اللتين يطل منهما حماس الشباب :"استر يارب عسى ألا يكون مثل دكتور عبدالجليل..."
أردفت الفتاة بسخرية:"دكتور عبد الجليل هذا ليس هناك مثله...ثم أردفت :قرأت في الجدول اسمه...طارق السباعي "
رفعت وصال حاجبا واحدا وأردفت بتهكم :"السباعي ؟ بسم الله ما شاء الله يبدو من اسمه كيف ستكون هيئته ، ضخم الجسد له شارب كث و ..."
لم تكد تتم جملتها حتى وجدوا من يفتح باب القاعة ويدخل ويعتلي منصة التدريس ويلتقط مكبر الصوت قائلاً بابتسامة ملأت وجهه البشوش:"السلام عليكم يا شباب كيف حالكم ؟ معكم دكتور طارق السباعي سأدرس لكم مادة الاحصاء ..."
تبادلت وصال وصديقتها النظرات لثوانٍ قليلة وكل منهما تمنع ضحكة تريد أن تشق طريقها على الشفاه فطارق السباعي لم يكن سوى شاب لا يزيد عن الثلاثين عاما نحيف الجسد بلا هزال حليق الشارب واللحية ،أسمر البشرة ولكن تلك السمرة المحببة المميزة لأهل الجنوب ،ملامحه متناسقة بشكل جذاب يلفت انتباه أي فتاة
وطوال المحاضرة ووصال منتبهة له بشكل كبير ، رأت شبابا كثيرون وما أكثر شباب العائلة ولكنهم جميعا مثل اخوتها ... لم تستطع كبنات عمها وأختها أن تنجذب لأي منهم ...وبما أنها ليس لها اخوة ذكور فكانوا جميعا كاخوتها...
أما المشاعر التي تشعر بها الفتاة تجاه الشاب كمشاعر خاصة بامرأة تجاه رجل فلم تكن قد اختبرتها بعد ،ولم تكن تعترف بأمر الحب من أول نظرة ولكن ما حدث لها في أول مرة ترى فيها طارق بالطبع لم يكن حبا بل كان انجذاب...
انتهت المحاضرة مع شرح سلس للمادة لمسه الطلاب من أول وهلة ولين من جهة الاستاذ تجاه طلابه وكأنهم أصدقاؤه وهذا ما جعل لطارق شعبية كبيرة بين الطلبة ،أما وصال فكان طارق بالنسبة لها احساس جديد لم تجربه من قبل ولا تجد لشعورها هذا تسمية.......
شعورها الذي أخذ يتدرج خلال الأشهر التالية إلى أن وصل لمشاعر حقيقية من طرف واحد لا يعرف عنها الاستاذ أي شىء فوصال مثلها مثل باقي الطلاب
إلى أن جاء يوم قبل امتحانات نصف العام مباشرة و كان طارق يقتل نفسه في مراجعة المادة وحل كل التدريبات مع طلابه ومعرفة نقاط ضعفهم ليقف عليها ويعالجها
أما وصال فكانت مشاعرها قد وصلت لمنحنى خطر فكانت تجلس في المدرج لا تنتبه لأي مما يقوله بل كانت تركز بشدة في كشكول المحاضرات ترسم بقلم الخط العربي شديد السواد اسمه (طارق السباعي) رسمته وظللته بخطها الجميل أما هو فكان أكثر ما يكرهه أن يعطي هو للطالب كل هذا الاهتمام ويجد المقابل اهمال وعدم اكتراث وما إن لاحظ عدم تركيزها معه وتركيزها الشديد في كتابة شيء حتى أكمل بهدوء كلامه وهو يقترب ببطء منها خاصة وقد كانت تجلس في أول صف كعادتها و ما إن اقترب منها حتى وضع كفه مرة واحدة على الكشكول بشكل أجفلها فانتفضت للخلف وشهقت فأردف هو بصوت هز القاعة كلها:"ماذا تفعلين؟..."
وضعت كفها فوق فمها واتسعت عينيها واضطربت خفقات قلبها ولم تعرف بماذا ترد فرمقها بنظرة نارية على عدم اكتراثها بتعبه وسحب الكشكول فجأة فصرخت بصوت منخفض قائلة وهي تحاول جذبه منه:"لا..."
ولكن السيف قد سبق العزل وكان الكشكول في قبضته وما إن رأى المكتوب حتى اتسعت عينيه وعوضا عن نظرته النارية حلت نظرة اندهاش ليس فقط من اسمه المنقوش بخط لم يجد في جماله من قبل ولكن للقلوب التي كانت تحيط بالاسم فنظر لها نظرة مندهشة أما هي فامتلأت عينيها بالدموع فليس هناك موقف أصعب من هذا تقع فيه فتاة تربت على العزة والكرامة وأن ما في قلبها لا تبوح به لأحد أيا كان إلا بعد أن يكون قد قال هو أضعافه
تعلمت من أمها التي هي مدرستها في الحياة أن الرجل إن لم يقترب منك عشر خطوات فلا تقتربي منه انشا....
وإن لم يقل آلاف الكلمات فلا يستحق كلمة ....
فبالنسبة لها ما حدث كان اهانة كبرى وللأسف هي من فعلت بنفسها هذا لذلك دون أن تشعر وجدت نفسها تندفع خارج المدرج وتترك كل شيء خلفها بما فيه كشكولها و تركت زملاؤها خلفها لا يعلمون سبب ما حدث أما هو فقد أكمل المحاضرة بشرود ذهن واحساس مختلف ..
بالتأكيد أي رجل ما أن يصله ما وصل لطارق سيشعر بالسعادة والفخر ولكن ما استوقفه هو أن هذه الفتاة لم تحاول أن تحدثه أو تتقرب منه من قبل كغيرها من الطالبات ،لم تحاول أن تلفت انتباهه ،إلى جانب اعجابه الخفي برد فعلها وحياءها
أما ما فاجأه أكثر هو رد فعلها المحاضرات التالية حيث انقطعت عن حضور محاضراته تماما....
لم تظهر سوى قبل الامتحانات الفعلية بعدة أيام حين أرسلت له صديقتها تطلب منه كشكولها لأن به باقي المواد الأخرى وهي تحتاجها
كان طارق يجلس خلف مكتبه حين دخلت صديقتها تطلب منه الكشكول فأردف قائلا لها بفضول شديد :"وأين هي لم لم تأتي لتأخذ كشكولها بنفسها ؟.."
قالت له الفتاة:"هي بالخارج يا دكتور وأرسلتني أنا لأحضره..."
شعر طارق في هذه اللحظة بشيء يتوهج بداخله لا يعرف مصدره ووجد نفسه دون تفكير يفتح درج مكتبه ويأخذ الكشكول ويخرج لها ليجدها تقف في الزاوية بعيدا عن الباب وما إن رأته حتى أخفضت عينيها خجلا وراق له خجلها كما راقت هي كلها له وهي تبدو كقطعة السكر هكذا فمد يده لها بالكشكول قائلا:"تفضلي كشكولك ومن فضلك احضري محاضراتك ،المادة عملية ولابد من الحضور.."
مدت يدها وأخذته منه وسط فضول صديقتها التي لا تعرف بالأمر فوصال لم تقل لأي شخص ما حدث حتى لا ينتشر الخبر بين الجميع
أردفت قائلة وهي تستدير لتغادر:"شكرا..."
قالتها بصوت منخفض ... والخجل يشملها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها وتركته وعلى وجهه شبح ابتسامة أما هي فما إن ابتعدت ولحقتها زميلتها حتى استأذنت منها ودلفت إلى الحمام لتبحث عن الورقة المشؤومة لتمزقها إلى ألف قطعة ولكن المفاجأة كانت من نصيبها حين وجدت أن هذه الورقة تم قطعها بالفعل ....
لقد أخذها طارق لتظل معه فتذكرها دائما أنها فعلت شيء غير لائق ودليل ادانتها لا زال موجودا ...شعرت بالحنق منه ومن نفسها ولكن لم يكن بيدها شيء لتفعله فعلى جثتها أن تذهب إليه وتحدثه في هذا الأمر....
مرت الأيام ودخلت امتحانات الترم الأول وعادت بعدها إلى الدراسة ولكن محاضراته هو امتنعت عن حضورها وهو ما إن لاحظ غيابها عن أول محاضرتين حتى ذهب إليها ... وجدته في ساحة الجامعة يقف أمامها بكل الجاذبية التي خلقها الله في رجال الكون ...
كان الأمر أكبر من قدرتها على الاستيعاب ولكنها تماسكت فقال لها بصوت دافىء يتناقض مع صوته الجاد الحازم داخل قاعة المحاضرات:"لم لا تحضري محاضراتي؟..."
حادت بعينيها عن عينيه وأردفت بصوت خافت:"ليس هناك سبب محدد...."
قال لها وهو يتحقق من لون عينيها العسلي الفاتح تحت ضوء الشمس :"وصال لن أقولها لكِ ثانية لابد من حضور المحاضرات فالمادة عملية ولابد من المتابعة وانسي ما حدث لأنه من الأساس لم يحدث شىء...."
أخذت نفسا عميقا وهي تضم كتبها بذراعيها فوق صدرها وأردفت بصوت خافت:"حسنا.... سأعود بإذن الله..."
قال لها بابتسامة صغيرة وهو يتأمل قامتها المتوسطة التي تميل إلى الامتلاء الجذاب لا الزائد ووجنتيها الممتلئتين المخضبتين بالحمرة:"وأنا سأنتظر عودتك...."
ومن هنا كانت البداية
بداية أجمل حكاية وأصعب حكاية
اقتربت منه رغما عنها خطوة ما إن اقترب منها خطوات
سلمت قلبها له ما إن قدم لها قلبه على طبق من ذهب
وكأن كل منهما عاش عمره يبحث عن الآخر ووجد ضالته أخيرا في صاحبه ،شهدت قاعات المحاضرات على حبهما ومعها قاعات مناقشة الرسائل التي حضراها معا ،كان شغوفا بالعلم وجذبها معه نحو هذا العالم ... شهدت أروقة الجامعة والمكتبة العامة على قصة حب جميلة نقية......
ولكن التحليق في سماء الحب شىء والارتطام بصخرة الواقع عكسه فما إن تقدم للارتباط بها حتى كان الرفض من نصيبه
لم يكن يونس على اعتراض كبير ولكن غالية عارضت في البداية بحجة أن أبناء عمها أولى بها كما أوصى جدها عمران قبل وفاته ،بالطبع لم تكن تعلم بقصة الحب هذه ولم يعلم بها أحد فوصال لم تستطع أن تبوح بحبها هذا ...
كل ما قالته أنها توافق ولكن أعمامها وخاصة زكريا من أثروا على والدها للرفض فطارق لم يكن حتى من أي قرية قريبة منهم بل كان من المحافظة المجاورة لهم وجاء المحافظة عندهم فقط للعمل ....
كان رفض أعمامها بحجة الخوف عليها من الحياة مع رجل من محافظة أخرى بطباع أخرى ولا يضمنون كيف ستسير بها الحياة معه خاصة بعد أن جاءت لطارق فرصة للتدريس واستكمال الدراسات العليا في احدى الدول العربية وكانت فرصة جيدة له وكان يريدها أن تسافر معه ولكن الرفض كان من نصيبهما معا ليسافر هو ويتركها هنا جسد بلا روح وعندا في الجميع رفضت كل من كان يتقدم لها من أقارب أبيها أو أقارب أمها وستظل على رفضها هذا طوال العمر فإن كانوا يستطيعون ارغامها أن تاكل وجبة ليست على هواها فلن يستطيعوا أن يفرضوا عليها زوجا تعيش معه طوال الحياة بلا روح ....
كانت وصال غارقة في ذكرياتها معه و مستمتعة في نفس الوقت بالحديث معهن عنه وعن ذكرياتها معه وهل هناك أجمل من سيرة الأحباب ؟..
فقالت لها مودة بحالمية وهي تضع قبضتها أعلى وجنتها:"لم لم أقابل أنا في الجامعة أستاذ بمثل هذه المواصفات جميع أساتذتنا قد بلغوا من الكبر عتيا..."
قالت وصال بعد تنهيدة طويلة:"إن كنتِ ستقابلين رجل أحلامك ولن يجعل الله لكما نصيب فصلي وادعي الله يا ابنتي ألا تقابليه يوما وألا يجعل لكما نصيبا من اللقاء وإلا لأصبح حالكِ كحالي...."
دلف أولاد مريم إلى الحجرة خلف بعضهما كقطين صغيرين وأردف زياد قائلا بنبرة طفولية محببة :"ماذا تفعلن جميعكن هنا؟.."
قالت مريم بنبرة ساخرة"نحن حبيبي نبكي على الاطلال..."
قال زياد بعدم فهم:"كيف يعني؟..."
جذبته عمته يسر نحوها وحملته بيديها ووضعته في حجرها قائلة وهي تضحك :"كل واحدة حبيبي تتحدث في شىء فهناك من يشكي حاله لحاله وهناك من يبكي على مواله...."
انفجرن جميعهن في الضحك بعد أن أخذن جرعة كافية من الاحباط أما زياد فأدار عينيه يمينا ويسارا قائلا بحيرة :"لا أفهم عمتي...ثم أدار عينيه نحو أمه قائلاً:كيف أمي؟..."
قالت مريم من بين ضحكاتها:"كما قالت لك عمتك ثم ارتفع صوتها قليلا بنغمة مميزة :اللي بيشكي حاله لحاله..."
دخلت معها وصال التي كان وجهها لا يزال متجهما وارتفع صوتها قائلة بشجن:"واللي بيبكي على مواله...."
لتردف مودة بصوت ضاحك وهي تشير إليهن جميعا:"أهل الحب صحييييح مساكين صحيح مساكين...."
أما عنان فكانت تشعر في هذه اللحظة أن كلمة حب هذه أصبحت كلمة مبعثرة الحروف تتناثر كحبات الرمال داخل قلبها ولكنها أخذت تغني معهن ليصدح صوتهن جميعا عاليا مليئا بمزيج من الشقاوة والشجن والحب
أما هاجر فكانت تكتفي بالنظر اليهن وهن يغنين باسم الحب وعقلها يتساءل ماذا يعني هذا الحب بالتحديد؟
***********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 06:08 PM   #458

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد أن رحل رئيس معتصم وأصدقاؤه جلس جميع الشباب معا في بهو البيت وكل منهم يستعد ليذهب إلى وجهته فأردف معتصم بملل:"لم أعتاد على الجلوس في المنزل هكذا .."
قال يوسف وهو يربت على كتفه:"أيام قليلة بإذن الله وتعود أفضل مما كنت...."
قال معتصم بتساؤل:"هل ستذهب إلى العمل؟..."
قال له يوسف :"للأسف مضطر ولكني سأعود لك بسرعة بأذن الله..."
قال معتصم ليحيى:"وأنت أيضا مضطر؟..."
تنحنح يحيى قائلا:"للأسف ولكني ساعتين بالضبط وأعود ..."
فوضع معتصم يده في جيب عبائته وأخرج سلسلة مفاتيحه وقذفها في الهواء ليلتقطها يحيى قائلا:"اصعد إذن واحضر لي بوسي من الأعلى..."
جميع البنات اللاتي كن يجلسن في الصالون المقابل للصالون الجالس فيه الشباب التفتن فجأة ما إن نطق معتصم الاسم بما فيهن عنان التي اشتعلت عينيها بالفضول الذي قلما يراودها تجاه أحد ولاحظ معتصم ذلك فأردفت يسر ضاحكة ما إن لاحظت اندهاش الجميع:"انها الانسة بوسي قطة معتصم ..."
قهقهت مودة ضاحكة وأردفت:"متى أحضرتها يا معتصم..."
قال معتصم بحرج من تطلعهم فيه هكذا بدهشة :"لم أحضرها هي التي تعلقت بي و أتت من تلقاء نفسها ...."
لم يمر وقت طويل إلا وكانت بوسي تلهو حولهم والجميع بما فيهم أطفال يوسف يلعبون معها فأضفت جوا من المرح على المكان وهي تلهو مع الجميع بعد أن ظلت لفترة منكمشة في حضن معتصم أما عنان التي اصبحت كثيرة التأمل لما حولها بصمت فكان شعورها بالفضول تجاه معتصم يزداد
ترى فيه حنانا غريبا تجاه الطيور والحيوانات
أصبح يفاجأها بأشياء منذ أن عادت إلى البيت بعد أن كانت لا تعرف عنه أي شيء وكان بالنسبة لها ابن العمة المجهول......
ومن أين كانت ستعرف عنه شيئا وهو ترك البيت للالتحاق بالثانوية العسكرية وهي كانت وقتها في التاسعة ومن يومها وهو يأتي البيت زائرا في الاجازات وما إن انتهى من كليته حتى كانت هي تستعد للزواج وخرجت من البيت وهي في الثامنة عشرة ولكنها الان تستكشف فيه أشياء لا تعرفها إلى جانب الغموض المحيط به والذي يستفز فضولها
أخرجها من تأملاتها صوته وهو يقول لهن:"حسنا أنا أرى أنها أصبحت صديقتكم سأتركها معكم لأنني أريد أن أنام..."
ترك الجميع فقام يوسف خلفه قائلا:"لا تنسى أن تأخذ دواؤك...."
قال له معتصم ساخرا:"حسنا يا أمي ..."
لحق به يوسف في بداية الرواق ليتأكد أنه سيأخذ دواؤه فأردف معتصم متهكما:"لم أشعر من بعد اصابتي أنك أصبحت حنونا ؟.."
قال يوسف بسخريته المعهودة:"ما أن تشفى حتى ترى الوجه الآخر..."
قهقه كلاهما ضاحكين ودلفا إلى الغرفة وجميع البنات انشغلن مع القطة إلا عنان التى ظل عقلها يعمل في محاولة لفك شفرة هذا الرجل الغامض
************
بعد مرور اسبوعين
توقف يحيى بسيارته أمام المدرسة الجديدة على أطراف البلدة والتي تخص صاحبه من أيام الدراسة أمين السعداوي وأردف قائلاً ليسر:"هيا بنا هو ينتظرنا بالداخل..."
قالت له وهي تشعر بصدرها يخفق بقوة من فرط الحماس:"أكدت عليه أنني سأعمل في رياض الأطفال؟.."
قال لها ضاحكا:"نعم بالطبع وهل سأغفل عن أمر كهذا؟..."
بعد قليل
كانا يجلسان في حجرة أمين ومن بعد التحية والضيافة ويحيى وصاحبه تأخذهما ذكريات سنوات مضت فقالت يسر بنفاذ صبر :"أنا أرى أن تكملا معا حديث الذكريات هذا وأبدأ أنا عملي.."
تطلع فيها كلاهما وأردف أمين ضاحكا:"ليت هذا الحماس يظل طوال العام ولا تملي من أول أسبوع..."
قالت يسر باستنكار وهي تشير إلى نفسها:"أنا؟...لن يحدث اطلاقا...."
ابتسم الرجل وقال :"حسنا هيا بنا لتري القاعة التي ستعملين بها...."
وقفت يسر بجوار يحيى وصاحبه أمام باب قاعة الفراشات وكان أمين قد أحضر الاستاذة نهلة المسئولة عن القاعة ليٌعرفها بيسر وأنها ستكون برفقتها وبعد أن صافحتها يسر بمودة و بينما الرجل يتحدث مع نهلة إذا بيسر تنسحب بخفة إلى داخل القاعة
وما إن دخلت من الباب حتى شعرت أنها تدخل إلى عالم أخر أجمل وأنقى من عالمها وكأنها دلفت من بوابة سحرية لتجد طاقة نور تنبعث من حولها ،أطفال صغار في عمر الزهور لا تزد أعمارهم عن الخامسة ،أجسادهم صغيرة والبراءة تشع من وجوههم الملائكية وكل ما حولهم من أثاث وديكور يشبههم في البراءة والبساطة...
كان يحيى هو الآخر قد انفصل عن حديث صديقه والمٌعلمة ليتابع صغيرته التي لم تعد تستكفي به عن أي شيء وأصبح وجود هذه الكائنات الصغيرة في حياتها مهما لتستقيم كفة حياتهما معا.....
كانت ترتدي فستان طويل منقوش كله بالورود ووشاح رقيق وردي اللون وكانت بشرتها القمحية يشع منها بريق غاب عنه لفترة طويلة ،رغم عدم وضعها لأية مساحيق إلا أنها كانت كوردة متفتحة ...كان وجهها كقمر مضىء وحوله هالته،
جلست على منضدة صغيرة وقالت للصغير الذي يجلس بجوار أصدقاؤه وهي تمسد على كتفه بحنان :"ما اسمك حبيبي؟..."
قال الصغير بحروف ليست متقنة:"أنس..."
دون أن تشعر ضمته إليها وهي تشعر بحنان عجيب فرغم انهم هنا من سن أبناء يوسف إلا أن هناك فرق جوهري....
هنا هي المسئولة عنهم ما أن تحضرهم أمهاتهم إلى أن يعودوا ،هنا هي الام البديلة والمعلمة ....
أخذت تسأل جميع الصغار عن أسماؤهم والتي حٌفِرت في ذاكرتها واندمجت معهم بسرعة شديدة
"يحيى... "
أخرج يحيى من تأمله صوت صديقه فقال له:"نعم..."
قال الرجل:"كما اتفقنا اتركها وتعود لتأخذها في الواحدة.."
قال يحيى وهو يوميء برأسه:"حسنا..."
فأردف صاحبه:"ما رأيك لو ترى المدرسة كلها لتقل لي رأيك؟..."
ابتسم يحيى قائلا وهو يربت على كتف صاحبه:"حسنا هيا بنا...."
**********
بعد قليل
كان يحيى يقود سيارته متجها إلى المنحل ليتابع العمل هناك خاصة أن هناك طلبية توريد لمصنع جديد في العاصمة حين رن هاتفه فكانت أمه التي رد عليها قائلا:"أهلا أمي هل هناك شيء؟.."
قالت نعمة وهي تجلس في غرفة المعيشة في شقتها لا تجد ما تفعله فاليوم الغداء عند عمتها غالية وأم أيمن من تقوم بالعمل:"هل أوصلت زوجتك إلى العمل؟.."
قال يحيى وهو يلمح نبرة أمه الساخرة:"نعم أمي هل تريدين شيء؟.."
قالت له بنفس النبرة:"لا حبيبي أطمئن عليها فقط ...هل تعلم خير ما فعلته أنك وافقت على عملها حتى نتفرغ لما نريده..."
قال بشك:"نتفرغ لماذا؟..."
تراجعت بسرعة قائلة:"أقصد تتفرغ لعملك بعيدا عن حالتها النفسية السيئة دائما..."
لم تريحه نبرتها ولكنه يصعب عليه ثبر أغوارها فأردفت:"هل ستذهب إلى خالتك محاسن كما اتفقنا؟.."
قال لها بضجر وهو يقود ببطء في طرقات البلدة وحوله الأطفال الذاهبون إلى مدارسهم والمزارعون الذاهبون إلى الحقول:"من أين أتيتِ لي بهذا الأمر أمي؟ هل كلما قالت لكِ خالتي شيء سأفعله أنا سواء يوافق ظروفي أم لا؟..."
شعرت بالغيظ منه ولكنها قالت له بمهادنة:"ماذا فيها حبيبي ابنة خالتك تحتاج للمساعدة في أصعب المواد التي درستها أنت وتفوقت فيها ،البنت لها أكثر من عام في نفس الصف الدراسي ولا تستطع التخرج بسبب هذه المادة..."
قال بضجر:"وما ذنبي أنا؟..."
"ذنبك أن زوج خالتك توفى وخالك راشد هو من يتولى أمرهم ويرفض تماما أن يدخل رجل غريب البيت هل فهمت؟.."
زفر قائلاً:"حسنا أمي ...حسنا ثم أردف بغيظ:ولكن أقسم بالله إن كانت لا تزال على غباءها الدراسي القديم فلن أكمل معها..."
قالت بارتياح:"حسنا حبيبي.. أقول لهم متى ستذهب؟.."
قال لها وقد اقترب من المنحل:"بعد ساعتين أمي بعد أن أنتهي من شغلة هامة..."
أغلق معها ودلف إلى المنحل ليتابع عمله .....
بعد ساعتين
طرق يحيى باب البيت المفتوح فهنا في البلدة لا بيت يٌقفل بابه إلا مساءا عند النوم،خرجت له خالته محاسن قائلة ببشاشة :"يا أهلا يا أهلا بالغالي اشتقت لك حبيبي..."
احتضنته وقبلته وأردفت :"لك زمن لم تاتي إلينا..."
صافحها يحيى قائلا بمودة:"أراكِ دائما خالتي عندنا وأطمئن عليكِ من أمي...."
قالت له وهي تربت على كتفه:"سألت عليك العافية يا بٌني...تفضل حبيبي...."
دلف يحيى إلى البيت وجلس في حجرة الضيوف المفتوحة على بهو البيت فقالت له خالته:"ماذا تشرب حبيبي؟.."
نظر في ساعته قائلا:"اعذريني خالتي لا وقت فعلا لدي أمامي ساعة ونصف لأعود وآخذ يسر من المدرسة أين دينا حتى أجلس معها لأرى ماذا يقف معها...."
نادت على ابنتها فخرجت من احدى الغرف في الممر وما إن رأته حتى ابتسمت قائلة:"أهلا يحيى كيف حالك؟..."
قال لها مبتسما :"بخير هيا احضري كتبك لنرى ماذا تريدين..."
قالت له وهي تنظر نحو باب البيت :"ثانية واحدة ..."
وهرعت نحو باب البيت لتطرق باب البيت المجاور لهم مباشرة ولم يتأخر أهل البيت لتخرج لها فتاة جميلة في مثل عمرها فقالت لها بحماس :"هيا لقد حضر..."
أومأت لها الفتاة التي كانت بالفعل ترتدي أفضل ثيابها وخرجت معها لتدخل الفتاتان عليه وما إن رأى الفتاة مع ابنة خالته حتى نظر إلى خالته نظرة متسائلة فأردفت تعرفه بها:"انها أحلام ابنة اخت زوج خالتك رحمه الله ألا تتذكرها؟.."
نظر يحيى إلى الفتاة اليافعة وهو يحاول التذكر ثم أردف قائلا :"حقا هل هذه أحلام الصغيرة التي كانت تلعب معنا ونحن صغار؟.."
ابتسمت أحلام ما إن قال أنه تذكرها أما خالته فأردفت :"نعم هي وهي مع دينا في نفس العام ستجلس معكم لتستفيد هي الاخرى فهذه السنة مهمة لهما كما تعلم..."
أومأ لها يحيى برأسه وهو يشير للفتاتان لتجلسا ليبدأ معهما ....
تركتهم خالته ودلفت إلى المطبخ تعد له مشروبا وهو أخذ يطلع بسرعة على المقرر من الكتاب أما أحلام فكانت ساهمة في عالم من الأحلام...فرغم اسمها المبهج إلا أنها لم يكن لها طوال حياتها سوى حلم واحد ... حلم اسمه يحيى زكريا عمران...
يحيى الشاب الوسيم الذي كانت تلعب معه حين كان يأتي صغيرا عند خالته و تحركت مشاعرها تجاهه وهي تراه يكبر ولا تجد في البلدة كلها من هو مثله ...
كان ولا زال نجما بعيدا خاصة و قد تعلق من صغره بابنة عمه ولم ينتبه لغيرها كأنه لا يوجد على وجه الأرض سواها ...
كانت محاسن في المطبخ تعد الشاي حين اتصلت بها نعمة فردت عليها فقالت الاخيرة بفضول :"هل شاهد الفتاة؟.."
قالت محاسن بهمس:"نعم شاهدها...اسمعي يا نعمة لا تتحدثي مع ابنك في شيء الان ابنك لن ينفع معه هذه الطريقة دعيه يتعرف على الفتاة أولا لأنكِ لو فاتحتيه في شيء الان سيرفض..."
قالت نعمة بعد تفكير قصير:"عندك حق يبدو أنني لابد أن أتبع معه سياسة جديدة ...."
قالت محاسن وهي تسكب الشاي في الكوب:"أسأل الله أن ينصرك هذه المرة ويرزقك الولد الذي تتمنيه عاجلا غير آجل..."
فأمنت نعمة على الدعاء قائلة:"آمين....ثم أردفت بأمل:أملي في الله أن يقبل وأن تكون هي أرض خصبة كأمها واخوتها البنات اللاتي أنجبت كل منهن نصف دستة أطفال..."
**************
مر اسبوعين على حادث معتصم... تعافى كثيرا إلى جانب أنه مل من الجلوس في البيت ولم يتوصلوا لأي شيء يخص من أطلق عليه الرصاصة خاصة وأنه كان هناك في نفس التوقيت احتفال بالزفاف بالقرية المجاورة وكان هناك اطلاق للنيران
وقف معتصم أمام المرآة في شقته يعدل ملابسه ويصفف شعره وبالأسفل كانت هناك سيارة من القسم أصر المأمور أن يرسلها له تقله وتعيده حتى ينتهي التأكد من أنه لا شبهة جنائية خلف ما حدث...
انتهى من ارتداء ملابسه وخرج إلى السطح ليضع الطعام والماء للحمام وما إن انتهى حتى نزل للأسفل ليجد عنان تجلس في بهو البيت كعادتها في الشهور الأخيرة
خرجت كثيرا من حالتها السيئة وأصبحت تتعامل مع الجميع بشكل طبيعي وإن كانت حذرة بعض الشىء ولا يعرف إن كانت بالفعل قد نست أم انها تناست
تنحنح قائلا بصوته الخشن:"صباح الخير عنان..."
"صباح الخير معتصم..."
قالتها وهي ترفع عينيها الزيتونيتين الساحرتين إليه وهي جالسة على المقعد أسفل السلم تطالع صفحتها على الفيسبوك....
لم تغفل وهي تنظر له عن تفاصيل صغيرة ربما تراها لأول مرة مثل أن ملابسه أنيقة بشدة ،حذاؤه لامع كأنه جديد وهذه الملحوظة لاحظتها كثيرا ....
شعره مصفف بعناية...
بشكل عام يهتم بنفسه بشدة إلى جانب رائحة عطره المميزة التي حفظتها
لاحظ تدقيقها ولم يعرف سببه فأردف :"هل هناك شيء؟..."
فأخفضت نظرها بسرعة إلى هاتفها وأردفت لتداري ارتباكها:"يطلبون مني أن أقوم بعمل بث مباشر على الصفحة وأنا في حيرة فلم أفعله من قبل ..."
ظل واقفا أمامها يضع يديه في جيبي بنطال حلته الكحلية التي تزيده وسامة وأردف بعد تفكير:"لدي اقتراح ....اختاري أي معلم سياحي في المحافظة هنا وأعدي عنه معلومات كافية بطريقتك الجذابة هذه في الحكي....لمعت عينيها حين قال على طريقتها جذابة فأكمل هو بحماس لاحظته ( كما لاحظت أنه عكس فتور رماح تجاه أي نشاط كانت تفعله ) :ولن تجدي أفضل من تصوير مجسم من الأعلى لبلدتنا بسماءها ونيلها وجبالها وخضرتها، لديكِ من كل اتجاه منظر طبيعي خلاب..."
قالت بحيرة:"فكرة جيدة ولكن من أين لي بتصوير البلدة؟.."
قال لها وهو يشير للأعلى بعينيه :"من أعلى ،من السطح على هذا الارتفاع تستطيعين تصوير البلدة من كل الاتجاهات ..."
لمعت الفكرة في رأسها فأردفت بتردد:"ولكنك تعلم الصعود للأعلى ليس محبذ لنا"
قالت هذا لأنهم كبنات منذ أن أخذ معتصم الطابق الأخير وهن ممنوعات من الصعود إلى السطح فأردف هو :"إذا كان من أجلي فأنا لدي عمل طوال اليوم وربما أبيت بالخارج ،خذي مودة أو وصال أو يسر معكِ في أي وقت واصعدي وكما قلت لكِ المهم أن تجهزي المحتوى الذي ستتحدثين عنه أولا حتى تصوري بتركيز وأنتِ تقصي قصتك..."
قالت له بابتسامة حلوة أذابته :"فكرة جيدة غالبا سأفعلها..."
هل عليه الآن أن يتركها و يرحل ؟
لما الاوقات الحلوة تمر سريعا هكذا؟..
تنحنح قائلا و قد أدرك أن عليه الخروج:"وفقك الله وأتوقع أنه سيكون رائعا..."
ابتسمت له مرة أخرى قائلة :"باذن الله.."
تركها ليغادر وعند الباب خرجت غالية من المطبخ وقد رأتهما يتحدثان فلم تٌرِد الخروج فقالت له بصوت منخفض وهو يميل عليها ليقبلها قبل أن يخرج:"ما رأيك لو كلمت خالك يونس ؟..."
تصلب جسده دفعة واحدة وأردف بخفوت بجوار أذنها:"لا أمي انتظري منعا للحرج أريد أن أحدثها أنا أولا...."
قالت له بغيظ:"منذ متى وأنت تقول سأحدثها ولم تفعل؟.."
تنحنح قائلا وهو يشعر بالتوتر :"كما رأيتِ أمي الظروف الفترة الماضية ، ثم نظر نظرة واحدة إلى حيث تجلس عنان وعاد بعينيه مرة أخرى إلى غالية قائلا:ولكني لابد أن أفعلها قريبا ..."
ربتت على كتفه قائلة:"حسنا حبيبي...."
قال لها وهو يهم بالخروج:"أراكِ على خير أمي.."
قالت بقلق:"أنا أخاف من ذهابك للعمل بني..."
ابتسم قائلا:"لا تخافي أمي ثم أن هذا عملي لابد أن أذهب وكما قلت لكِ غالبا حادث غير مقصود ... دعواتك فقط معي"
ربتت على كتفه والقلق ينهش في صدرها قائلة:"حفظك الله لي حبيبي ...."
خرج هو إلى عمله أما عنان التي كانت تلاحظ حواره الجانبي الحميم مع غالية فقد بدأت في البحث عما قاله لها خاصة وهي تعاني من الفراغ بعد ذهاب يسر إلى العمل ومودة إلى الجامعة ووصال تنام في هذا الوقت من الصباح
***********
بعد الظهر
دلفت يسر خلف يحيى من باب البيت وشعورا بالسعادة الغائبة يغمرها ويشع من قسمات وجهها فقالت لها نعمة التي كانت تقف عند باب المطبخ :"أهلا حبيبتي يبدو أن صحتكِ جائت على جو العمل..."
ابتسمت يسر قائلة:"نعم عمتي جدا جدا لا تتخيلين مدى سعادتي...."
قالت نعمة بنظرة غامضة :"أسعدكِ الله دائما حبيبتي...."
دخل يونس خلفهم وبعد أن ألقى السلام صعد إلى شقته وما إن دلف ووجد حليمة في غرفة المعيشة حيث كانت تستعد للنزول حتى قال لها :"أريدك حليمة..."
جلس بجوارها على الأريكة فقالت له وعلامات الضيق تبدو على وجهها :"وأنا أيضا أريدك..."
قال لها بقلق:"ماذا بكِ تكلمي؟..."
قالت بغيظ وبنبرة حانقة:"هل يصح ما يفعله راشد ابن عمك ؟ تأتيني الاخبار أنه أذاع في البلدة أنه خطب عنان لتمام وحين علم أن عادل ابن حسان ابن خالتي يريد أن يخطبها أرسل لحسان وقال له أنه لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ، ومنذ متى وقد خطبها من الاساس هل يريد أن يوقف سوق ابنتي؟..."
قال يونس ولم يفاجئه كلامها:"هذا ما كنت سأقوله لكِ لقد أتاني اليوم وطلبها بالفعل لتمام مرة أخرى..."
قالت حليمة بدهشة :"ثانية ؟...وماذا قلت له ؟..."
خرجت عنان من حجرتها في هذه اللحظة وعلامات الانزعاج تعلو وجهها وأردفت:"وماذا سيقول له أمي بعد أن رفضت الأمر أمام الجميع من قبل ؟هل تتخيلين أنني أريد العودة إلى هذا البيت مرة أخرى؟.. وهل انتما ستوافقان؟.."
قالت حليمة بهدوء:"لم يجبرك أحد في يوم يا ابنتي وعامة كما قلت فأم عادل طلبتك بالفعل مني..."
قالت باستنكار:"عادل الأرمل الذي معه ثلاث أولاد؟؟؟..."
قالت حليمة وهي تضيق عينيها:"وماذا فيها عنان ومن سيأتيكِ يا ابنتي غير المطلق أو الأرمل هذه حقيقة لا فرار منها..."
شعرت عنان بالاهانة فقالت لأبيها بحنق وشفتيها تهتزان توترا :"هل توافق على هذا الكلام أبي؟..."
قال لها يونس بمهادنة:"أنا وأمك نريد مصلحتك ولكن إن أردتِ رأي فعادل أفضل من تمام ،تمام لا زال شابا وإن استمر موضوع عدم الانجاب هذا فلن نضمن ردة فعله أما عادل فمعه أطفال ولن يؤثر الامر معه في شيء.."
اتسعت عينيها غضبا وأردفت:"هل هذه قيمتي عندكما... أنا من الاساس لا أريد الزواج لا من هذا ولا من ذاك ...."
وضعت حليمة يدها فوق رأسها قائلة:"يا ابنتي لن تظلي هكذا طوال عمرك..."
قالت عنان بغيظ:"أنا اريد أن أظل هكذا ثم أردفت بجملة تعرف أنها تضغط على وترا حساسا عند والدها:هل ضاق بي بيت أبي بعد أشهر قليلة من عودتي إليه؟.."
قال يونس بحمائية وهو يمد يده لها فتقترب حتى جلست بجواره :"هل هذا ما توصلتي له؟..ان ظللتي في بيت أبيكِ العمر كله لن يضيق بكِ ولا حتى بعد مماتي..."
قالت حليمة وهي تجز على أسنانها :"يونس لا توافقها على..."
قاطعها بحسم قائلا وهو يضم عنان إليه:"ما دامت لا تريد فانتهى الأمر.."
قالت بغيظ:"راشد سيشيع أمر خطبتها لابنه في البلدة ويوقف حالها انا واثقة أنه سيفعلها..."
قال بحزم:"يفعل ما يفعله اغلقي الكلام الان في هذا الامر..."
انكمشت عنان في حضن والدها وهي تشعر بمزيج من السخط والقهر والألم
**********
من دون كل الصعوبات التي تعاني منها البنات في الجنوب فإن أكثر ما يثير حنقها هو أن المرأة حين تٌطلق أو تترمل تصبح أقل درجة من أي فتاة لم يسبق لها الزواج، وهي منذ أن تحدث والدها ووالدتها في أمر عريسي الغفلة اللذين لا يتخيران عن بعضهما في شيء وهي تشعر بالاختناق ، لقد أصبحت تشعر بالسخط على جميع الرجال......

وقفت عنان قرب الغروب أعلى سطح المنزل بعد أن آثرت أن تكون بمفردها وهي تهم بتصوير البث المباشر على صفحتها ،رغم حنقها وضيقها إلا أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يٌخرجها من حالتها حين تفعل شيء تحبه ،حين تتحدث مع أناس لا تعرفهم من خارج محيطها بل من مختلف البلدان.....

تشعر أنها بالفعل زارت هذه البلاد ،حين تتحدث معهم بصوتها الرخيم و كأنها لا تعاني في حياتها من أي شىء وكأن نيران الغيرة لم تمسها وحرقة القلب لم تزورها وهوان النفس لم تذقه...

وكأن الطبيعة من حولها تحالفت على أن تسعدها فها هي الشمس فوقها بأشعة الغروب ترسم لوحة رائعة الجمال وهي تنعكس على مياه النهر الجاري أمامها فتنغمس أشعتها الذهبية في عمق النهر وتنطبع على صفحته الوان السماء السبعة ،ومن خلف النهر الجبال العالية وحولها المساحات الخضراء الشاسعة ،أما عن أسراب الحمام التي كانت تحلق حولها فقد كانت في هذه اللحظة تحديدا تشعر أنها طائرة معهم لا تلمس الأرض

حين تضيق بنا الدنيا لا نحتاج سوى براح فنشعر بأن أيدينا ما هي إلا أجنحة فإن أغمضنا أعيننا شعرنا حقا أننا نٌحلق في الفضاء

بهذه المشاعر فتحت كاميرا هاتفها وبدأت في تصوير المشهد الخلاب حولها و ذهنها يستعيد ما حضرت له ... كان متابعيها ينضمون إلى البث تباعا وما رأته في تعليقاتهم من انبهار بالمكان كان يشعل حماسها أكثر ويجعلها تسترسل في عرض معلوماتها الثرية عن تاريخ وحضارة جنوب البلاد.....

اندمجت عنان ولم تنتبه أن معتصم عاد ودلف إلى شقته من الباب الخارجي ،و هو نسي أمر حديثهما في الصباح ،ظن أنها إن فعلتها فستفعلها ما أن يمشي هو صباحا لا قرب المساء هكذا وهو من الأساس كان سيبيت في العمل لولا شعوره باشتداد الجرح عليه....

دخل معتصم إلى الحمام ليأخذ حماما دافئا أما عنان فما إن أنهت البث الذي حصد نسبة مشاهدات عالية حتى أغلقت هاتفها ووجدت أن الشمس بالفعل قد غابت والليل على وشك الدخول ورغم أن المكان أسرها ولم تكن تريد النزول إلا أنها لابد أن تنزل ولكن ما إن همت بالنزول حتى نظرت إلى باب شقة معتصم المؤدي إلى السطح مباشرة وشعرت بجذوة الفضول التي بدأت مؤخرا في الاشتعال تدفعها لفعل شيء

وهو أن ترى شقته ،منذ أن بنت له غالية هذه الشقة وجهزها هو منذ سنوات قليلة حين استقر بعمله في المحافظة وهذا المكان ممنوع على كل البنات دخوله ،شعرت أنها تريد أن ترى شقته حتى لو كان من الخارج....

من جمال وتنسيق السطح شعرت أن ذوقه جيدا ومختلفا .....

ساورها التردد لوهلة ولكنها قالت لنفسها بجرأة تمتلكها وتميزها وماذا فيها ؟

هو بالخارج وقال إنه سيبيت بالعمل....

وضعت يدها على مقبض الباب وهي تتسائل هل الباب مفتوح أم مغلق من الداخل ؟

ولكن التساؤل زال ما إن انفتح الباب معها بسهولة ....

دفعته ودخلت خطوة واحدة لتجد الصالة الواسعة واضواءها الخافتة مفتوحة ،كانت الصالة مفروشة بفرش بسيط وأنيق في نفس الوقت ،صالون انيق على يمينها وغرفة معيشة على يسارها ....

لون الحائط هادىء،تبدو الشقة مريحة والغريب أنها كانت تلمع من النظافة رغم أنه أعزب ولا ينظف له أحد شقته فهو يرفض دخول أم أيمن لتنظفها ،دفعها فضولها لأن تدخل أكثر ولكنها قررت التراجع فليس من اللائق فعلها....

ولكنها لم تكد ترجع خطوة واحدة حتى وجدت معتصم أمامها وقد خرج من الحمام حين شعر بأحد يفتح الباب فسار كعادته على أطراف أصابعه ليتفاجأ بها هكذا أمامه و تتفاجأ هي بظهوره أمامها من العدم ،عاري الجذع يرتدي فقط شورت قصير و حول عنقه منشفة وشعره يقطر ماءا .....

ثوان قليلة وكلاهما قد صٌدم بوجود الآخر أمامه واشتعلت الصدور بالانفعالات وإن كانت مختلفة عند كل منهما فأحدهما سيطر عليه الخجل والحرج والآخر اشتعلت في صدره نيران الحب ما إن رأى حبيبته تقف على بابه بكل جمالها وسحرها....

أما الصدمة الحقيقية فكانت حين ظهرت نعمة من خلف عنان فهي كانت تجلس في شقتها تفتح بابها كعادتها ولمحت عنان وهي صاعدة للأعلى منذ قليل ومن وقتها وهي تتسائل لمن ستصعد عنان وبالأعلى ليس هناك سوى شقة عمرو وشقة هارون ،فكرت أنها ربما صعدت إلى شقة عمرو التي بها اثاثها ربما تحتاج شيء ومن وقتها تراجع نفسها متى أعطتها المفتاح وبعدها رأت معتصم يصعد فبدأ الشك يتصاعد داخلها إلى أن حسمت أمرها وصعدت خلفهما لتتفاجأ بهذا المشهد

نظر معتصم إليهما بجهل فأردفت نعمة بنفس نبرة الراحل توفيق الدقن :"صلاة النبي أحسن...."


نهاية الفصل


اتمنى ينال اعجابكم وهنتظر انطباعاتكم عليه


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 07:51 PM   #459

سوهي (زهور الربيع)

? العضوٌ??? » 488697
?  التسِجيلٌ » May 2021
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » سوهي (زهور الربيع) is on a distinguished road
افتراضي

صلاة النبي أحسن
القفلة جات في ملعب نقمة اللي بتموت في فعل الخير🤷😂


تسلم ايدك يا هوبا فصل مبهر وده المتوقع منك دايما متألقة حقيقي استمتعت جدااااا بيه وبتفاصيله♥️♥️♥️


سوهي (زهور الربيع) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-21, 09:16 PM   #460

Aliaa saber mohamed

? العضوٌ??? » 462539
?  التسِجيلٌ » Feb 2020
? مشَارَ?اتْي » 15
?  نُقآطِيْ » Aliaa saber mohamed is on a distinguished road
افتراضي

مشكووووورة علي الروايه الرائعه

Aliaa saber mohamed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:35 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.