آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          52 - خداع المرايا - أجاثا كريستي (الكاتـب : فرح - )           »          ليالي صقيلية (119)Notti siciliane ج4من س عائلة ريتشي:بقلمي [مميزة] كاملة و الرابط (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4116Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-08-21, 05:25 PM   #611

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
1111


الفصل الثالث عشر

من أكثر فقرات الساحر وجعا حين ينقلب سحره عليه في لحظة واحدة ....
وهو أحضر الشيخ ليقنع عنان فإذا به يعقد قرانها !!!
أخذ راشد يضرب كفا بكف وهو يسير في طرقات البلدة يهذي كمن أصابه مس.......
أما في مندرة عمران الحسيني فكان جميع الرجال يجلسون مع الشيخ طه فمال صالح على أمه قائلاً:" ألم يكن من الأفضل التأجيل حتى يتجمع جميع الشباب مع معتصم؟.."
قالت وهي تٌجزِم بأنها إن لم تٌعَجِل بهذا الأمر فلن يتم :"نحن سنعقد قران فقط يأتون جميعا في الزفاف بعد اسبوعين باذن الله ..."
دلف معتصم إلى المندرة وما إن دلف حتى اتجه إلى خاله يونس مصافحا فاستقام هو الآخر قائلا له بنبرة لينة ما إن صافحه:" لمَ لم تطلبها مني مباشرة؟ هل كنت سأقول لك لا؟..."
كان معتصم لا يزال مصدوما فلم يعرف بماذا يجيب فقال له صالح ضاحكا من هيئته :"ماذا بك أ تريد التراجع من أولها ؟..."
قال معتصم بسرعة :"لا لا..."
فضحكوا جميعا على مظهره المضطرب أما هو فاتجه مباشرة نحو أمه التي كانت عيونها تلمع بالانتصار وهي ترى حٌلم ابنها يتحقق أمام عينيها وقبل مماتها فربتت على كتفه دون كلام فقط نظرات عيونهما تغني عن أي كلام....
كانت نظراتها تقول"وعدتك أنها ستكون لك وها أنا أفي ؛أتمها أنت واجعلها ملك يمينك ...."
وكانت نظراته تقول"لا أصدق أن كل شيء سيُحل فجأة ....."
دقائق قليلة كان الشيخ طه قد أعد كل الأوراق وكان يجلس على يمينه يونس وعلى يساره معتصم الذي يشعر بروحه هائمة حوله لا داخل جسده وكأنه يشاهد فيلما مسجلا لا واقع يعيشه....
وفي الطابق الاول عند غالية كانت جميع النساء والبنات يقفن خلف النافذة كعادتهن وفي المنتصف كانت عنان التي لم يختلف حالها عن حال معتصم
كانت تردد بداخلها "لمَ العجلة ؟ أنا قلت نعم ولكن ليس بهذه السرعة ،أنا لست مستعدة بعد...."
كان الشيخ يردد كلمات اتمام العقد ويونس يردد خلفه ومعتصم ينظر إلى خاله ولايصدق أن الأمر يتم على هذا النحو وحين جاء دوره ليردد خلف الشيخ كان يتكلم برهبة وهو يضغط على حروف اسمها عله يصدق وحين أردف الشيخ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير انطلقت الزغاريد من خلف النافذة ....
شعرت عنان بالخوف يحيط بها وشعر هو أن نجمة من السماء هبطت وأصبحت ملك يديه .......
أنهى الشيخ طه اجراءاته ووقف يونس ومد يده لمعتصم قائلاً بنظرة بها رجاء:"أنا لم أطلب منك أي شيء ولم أشترط عليك أي شيء لأنك ابني كما هي ابنتي فضعها في عينيك فقط ولا أريد شيء أخر..."
احتضن معتصم خاله وكان في هذه اللحظة بالفعل يحتاج لحضن أب يرتمي عليه فاحتضنه يونس وأردف هو :"في عيني يا خال وكل طلباتها أوامر والشبكة التي تليق بها والمهر الذي تطلبه أنت يحضران من الغد..."
قال يونس وهو يستشعر صدق احساسه :"قلت لك لايهم أي شىء يا ولدي.."
ربت معتصم على كتفه ثم صافح خاله صالح الذي احتضنه بقوة قائلا :"مبارك عليك حبيبي.."
تلاه زكريا وبعده يحيى الذي احتضنه وهو يضحك ثم تمتم بجوار أذنه:"هي عنان إذن التي كنت تحبها منذ زمن؟.."
ابتسم معتصم وهو لايزال يحتضنه وأردف:"ومن أدراك أنها هي التي منذ زمن ربما كانت هناك أخرى..."
ابتعد عنه يحيى قليلا ونظر في عينيه قائلاً بثقة:"لا، لمعة العينين هذه واختلاج عضلات وجهك تعني أنها هي .."
قهقه معتصم ضاحكا ضحكة متوترة وأردف :"لا تركز معي يحيى..."
أخذ يحيى هاتفه ليتصل بيوسف وحاتم وعمرو ليحكي لهم تفاصيل ما حدث للتو فجميعهم لم يكونوا على علم بشيء.....
فاتجه معتصم نحو غاليته ولم يفعل سوى أن ألقى نفسه بين أحضانها فاحتضنته بقوة قائلة وهي تكبح دموع الفرح :"مبارك عليك حبيبي ثم رفعت عينيها للسماء متمتمة: اللهم اجعلها زيجة العمر واملأ حياتهما سعادة..."
قال لها بصوتِ منخفض :"اللهم آمين ثم أردف وهو يعتدل ولا يزال قريبا منها:لنا جلسة مطولة لأعرف ماذا حدث بالضبط...."
ابتسمت له ابتسامة حانية وقطع حديثهما يحيى الذي أحضر الهاتف بعد أن قام بعمل مكالمة جماعية بين أخيه وأبناء عمه صالح وأردف:"الشباب يريدون تهنئتك ياعريس...."
اعتدل معتصم وأخذ منه الهاتف وما أن أجلى صوته حتى سمع صياحهم جميعا بالمباركة والمشاكسة فجميعهم إلا يوسف لم يكن لديهم أي خلفية عن حقيقة مشاعره...............
بعد انصراف الشيخ طه كانت غالية لا تزال تجلس مع أبناءها في المندرة والحديث قد أخذهم جميعا وكان معهم هارون على الهاتف يروون له تفاصيل ماحدث ....
أما معتصم فلم يكن يعرف ماذا يفعل،بعد أن سمعها بأذنيه تقول أريد معتصم يريد أن يطير عليها ليأخذها بين أحضانه يرتوي منها من عطش السنين ولكنه يدرك أن هناك حوارا مطولا لابد أن يكون بينهما قبل أي شيء......
انسحب من بينهم وخرج من المندرة متجها لداخل البيت لا يعرف ماذا سيفعل معها أو يقول لها حين يراها ولكنه فقط يريد أن يراها .....
أما بالداخل فمنذ أن عقد الشيخ القران والزغاريد لم تهدأ .....
حليمة كانت في غاية السعادة من أجل ابنتها ،لها زمن لم تفرح هكذا،وكذلك وصال ومودة التي كانت تملأ البيت بالزغاريد .....
ويسر كانت فرحتها لا توصف وهي ترى ابنة عمها تخلع عباءة الماضي وتلقيها خلفها وتبدأ من جديد.....
هاجر الوحيدة التي لم تكن تعير الأمر اهتماما لأنها لم تكن تدرك لمَ الفرحة والأمر وما فيه مجرد زواج!
أما نعمة فلم يكن الأمر ليمر مرور الكرام وبداخلها تشعر بالضيق لضيق راشد فقالت لعنان بصوت واضح :"مبارك يا حبيبتي اللهم اجعلها هذه المرة زيجة العمر،ثم أردفت بمزاحها الساخر:رغم أنكِ كنتِ تقولين أنكِ لا تريدين أحد لا هو ولا غيره...."
كانت عنان لا تزال تقف في مدخل البيت بجوار الشرفة المطلة على المندرة ،اختيها وبنات عمها يحاوطنها والذهول أيضا مما حدث يحاوطها ولكن كلمات نعمة استثارت فيها روح عنان القديمة فرسمت ابتسامة مٌتسلية على شفتيها وأردفت بسماجة:"فعلا لم أكن أريده ولم أكن أريد صنف الرجال كله الذي كرهته بسبب ابن اخيكِ ،ولكن معتصم شاب جيد فلمَ لا؟

إلى جانب أنني رأيت أن هذا الأمر سيحرق قلب عمي راشد فتشجعت أكثر ثم نظرت في عيني نعمة نظرة قاسية قائلة:أم انكم فقط من لديكم صك ملكية لحرق القلوب؟..."

اتسعت عيني نعمة فلأول مرة تحدثها عنان بقلة أدب هكذا ؟...أما حليمة فصاحت في ابنتها بحزم :"عنان تأدبي ماذا تقولي؟..."

فقالت نعمة بغيظ:"هل ترين ابنتك يا حليمة وما تقول؟..."

أما معتصم الذي كان للتو يهم بالدخول بعينين مشتاقتين وقلب خافق يحلق حوله لا يسكن جسده وسمع ماقالته عنان فاحتدت ملامحه ما إن سمعها وأخذ يتنفس بصوتِ عالٍ وتراجع ليعود من حيث أتى وعينيه تطلقان شررا ،قال لأمه عدة مرات ألا تتسرع وهذه هي النتيجة.....

السيدة المصون تكيد راشد بموافقتها عليه،كان عائدا إلى المندرة ولم يكن يرى أمامه فارتطم بغالية التي كانت عائدة للبيت للمباركة لعنان وتوصيتها على معتصم فقالت له:"ماذا بك؟ ألم تدخل لعروسك؟.."

قال لها باقتضاب :"لا ..."

ثم تركها ودخل المندرة فمطت شفتيها بعدم فهم ثم دلفت للبيت بوجه غالية الطيبة الحنون لا بوجه غالية المتشددة التي فعلت مافعلته منذ قليل واخذت عنان في حضنها وضمتها ضمة قوية وهي توصيها عليه ولكن عنان في هذه اللحظة كانت تشعر بالغيظ منها بعد أن وقعت في فخها .....

***********

بعد قليل

دلف معتصم مرة أخرى إلى البيت يبحث عن غالية هذه المرة ،قابلته حليمة وباركت له هي ونعمة والبنات فرد مباركتهن بابتسامة بلاستيكية وما إن عرف أن أمه في حجرتها حتى ذهب إليها وهو يشعر بالغضب مما سمعه من عنان ،طرق باب الحجرة ثم فتح فتحة صغيرة وما إن رأها تجلس على فراشها حتى قال لها بضيق شديد وهو يدخل :"قلت لكِ أمي لا ،قلت لكِ لا أريدها...."

كانت الكلمات التي على لسانه "قلت لكِ لا أريدها بهذه الطريقة،لا أريدها وهي لا تزال مٌهشمة،كنت أريدها طوعا لا كرها...."

ولكن لأن أحيانا يكون هناك فجوة بين ما ننطقه وما نقصده....

وما بين ما نود قوله وما نقوله بالفعل ....

وما يسكن ضمائرنا وما يظهر للآخرين ....

فإن الجزء المحذوف من كلماتنا يجعل الصورة تصل بمعنى أخر....

فقد توقفت باقى الجملة على لسانه ما إن دخل ووجد عنان تقف خلفه عند الخزانة تحضر شيء منها لجدتها .....

وهي ما إن سمعت جملته المبتورة حتى اتسعت عينيها دهشة وأصابتها كلماته بالجنون وكان رد فعلها سريعا حين قالت بصوتِ عال قليلا :"ماذا تقول؟... لم تكن تريد من؟...ثم نظرت إلى غالية قائلة بصوتِ منفعل حانق غاضب وهي تشير بسبابتها إليها :"هكذا ماما ألم تقولي أنه طلبني منكِ وأنه يريدني؟...."

قالت غالية بسرعة:"نعم يا ابنتي قال أقسم لكِ..."

نظرت إليه عنان بغيظ وأردفت :"لا يبدو مما قاله ،ثم أردفت بنبرة حازمة وهي تتجه نحو الباب الذي يقف عنده وهو مذهول مما تقوله ومن وجودها الذي لم ينتبه له:أنا سأخرج لأبي لينهي هذه المهزلة قبل أن تبدأ ،الشيخ طه لابد أن يعود ويصحح هذا الوضع...."

كان معتصم لايزال مشدوها من نافورة الغضب التي انفجرت في وجهه دفعة واحدة ولكنه ما إن وجدها تندفع خارجا مارة بجواره حتى قبض بكف قوية على ذراعها وما إن لامسها حتى انتفض جسده وأصابعه تنغرز في لحم ذراعها الذي يشبه الملبن في قوامه وملمسه ولكنه تمالك نفسه قائلا بحدة:"ما كل هذا ما هذا الجنون؟...."

كان يقبض على ذراعها بأصابع من فولاذ فلم تستطع الحراك فأردفت بغضب وعينيها تتقدان بثورة:"لقد سمعتك بأذني وأنت تقول لم تكن تريدني وهذا عكس أبيات الشعر التي قالتها أمي على لسانك ولكنى المخطئة لأنني لم أتأكد أولا؟.."

قال لها بنظرة متحدية وهو يقترب بوجهه من وجهها :"نعم لم تتأكدي لأنكِ كنتِ تكيدين راشد..."

اتسعت زيتونيتها بقوة فأردف هو بنظرة باردة :"أنا أيضا سمعتك...."

"أنا لم أكن أقصد ذلك..."

قالتها بخجل وإن لم تهدأ نبرة صوتها.....

فأردف هو الأخر بنفس النبرة:"وأنا كذلك لم أكن أقصد لم أٌكمِل باقي الجملة أصلا...."

حاولت الفكاك منه قائلة بغيظ:"لا أعتقد، يبدو عليك بالفعل أنك لم تكن تريد ،ثم رفعت صوتها قائلة بنبرة تنتمي إلى أدنى مراتب الثقة بالنفس: ومالذي يغصبك على الزواج من امرأة سبق لها الزواج من قبل ولم تنجب؟..."

اتسعت عينيه وشعر أن أفكارها كلها تحتاج إلى ضبط زوايا وغالية تناظرهما بانفعال وهي تتابع تراشق الالفاظ بينهما وتمسك رأسها بيديها...

فما كان من معتصم إلا أن سحبها من ذراعها الذي لايزال يمسكه وقال لأمه بحسم :"سأتصرف أنا في هذا الأمر...."

ثم خرج من الغرفة وهي معه تمشي بقوة الجذب وهي تتمتم بغيظ:"اتركني..."

لم يرد عليها وهو يفتح باب حجرته المجاورة لحجرة غالية ودلف وهو لايزال يجذبها ثم أغلق الباب وفتح الضوء ورفع يده عنها ووقف متخصرا أمامها فاتسعت عينيها قائلة:"ماذا تريد ..."

وحاولت تجاوزه للخروج ولكنه كان الأسرع وأغلق الباب بالمفتاح ثم وضعه في جيبه وعقد ذراعيه فوق صدره يناظرها ببرود وتناظره بحدة لا تخلو من الحرج

أما غالية التي كانت تتابع الموقف من حجرتها فأردفت بابتسامة حانية ما إن سمعت الباب يٌغلق بالمفتاح:"قلت من البداية تزوجها وحين يٌغلق عليكما باب واحد اجعلها تحبك بطريقتك...."

"ماذا تريد؟..."

قالتها عنان بحنق فأردف وهو يشير لها على الفراش بنبرة آمرة :"اجلسي...."

نظرت خلفها على الفراش ثم تنحنحت وهي تداري حرجها قائلة:"افتح الباب لا يصح هذا..."

"لقد أصبحتي زوجتي..."

قالها بنظرة دافئة أذابت الكثير من غضبها وهو يتأمل قدها الممشوق في عباءتها التي تبرز تفاصيلها المثيرة ووجهها الذي تحول إلى اللون الأحمر انفعالا وخصلات شعرها النافرة من مقدمة وشاحها المنحسر حتى منتصف رأسها فبدت أمامه رغم غضبها ساحرة

فأردفت بنبرة ساخرة:"زوجتك التي تورطت بالزواج منها بناءا على رغبة جدتك التي تريد لحفيدتها أن تتزوج فقط لا أكثر..."

اتسعت عينيه دهشة من كلامها الذي تصر عليه فمسك كفها اللين دون أن يرد وجذبها وأجلسها على طرف الفراش وجلس بجوارها مباشرة لا يفصل بينهما شيء فسحبت كفها من كفه وأردف هو بجدية وهو يرى النظرة الحائرة في عينيها:"بالنسبة لما سمعتيه على لساني كان حديثا ناقصا لم يكتمل بعد ...نظرت اليه بحدقتيها الواسعتين تستشف صدق حديثه فأكمل بجدية ونظرة لائمة:ما حدث معكِ حدث معي حين سمعتك تتحدثين مع نعمة وتقولين لها انكِ لم تكوني تريدي الزواج ووافقتِ كيدا في راشد..."

تنحنحت قائلة بحرج وهي تفرك أصابعها معا :"أنا قلت هذا فقط لكي اضايقها..."

قال لها بنبرة واثقة ربما لأنه بالفعل صدقها أو لأنه كان يريد تصديقها أو ليبني أول طوبة في جدار الثقة بينهما:" وأنا اصدقك ،ثم أردف بابتسامة صغيرة :فعلا تفعلينها طوال عمرك لا يهدأ لكِ بالا إلا حين تأخذين حقك ثم أردف بعينين تمتلئان بتساؤلات عديدة :ولكن لماذا وافقتي ثم أردف بسرعة ما إن تذكر:لا قبل لمَ وافقتيلمَ كنتِ تفتحين باب شقتي؟

ثم رفع سبابته قائلا بعينين خبيرتين مهددتين بكشفها إن كذبت: ولا تقولي من أجل بوسي لأنكِ تعرفين وانا أعرف أن هذا ليس السبب..."

اطرقت بوجهها أرضا بخجل وأردفت بخفوت:" شعرت بالفضول لرؤية الشقة فقط ..."

"لماذا؟"

قالها بقلب خافق فأردفت وهي لا تزال مطرقة بوجهها أرضا:" لا أعرف،ربما لأن السطح اعجبني تنسيقه فولد لدي فضولا لأن أرى باقي الشقة..."

"فقط ؟....." قالها بأمل بأن يكون هناك المزيد....

صمتت ولم ترد فشعر أنه ربما يكون هناك سببا آخر ولكنه لم يٌرِد الضغط عليها واستحت هي أن تقول له أن فضولها طاله هو الآخر ولم يطل شقته أو مقتنياته فقط...........

زفر زفرة حارة تحمل حرارة أنفاسه التي تشتعل في صدره فأردفت وهي ترفع وجهها نحوه بعينين متسائلتين:" وأنت لمَ طلبتني للزواج ؟...إذا كنت قد طلبتني من الأساس وما سمعته حقا ليس صحيحا..."

قال لها ليٌطمئن قلبها بنظرة ثاقبة وصوت ثابت "جملتي كانت ناقصة ،كنت أريد أن أقول لم أكن أريدها غصبا ؛ كنت أريد أن أحدثك أولا وأعرف هل لديكِ رغبة أو ميل تجاهي وطبعا هذه قلته بعدما سمعت حديثك مع نعمة...."

استشفت صدقا في عينيه وهو يتحدث فأردفت بتساؤل:"ولمَ طلبتني ؟..."

( لأني أذوب فيكِ عشقا....)

قالها قلبه الخافق ولكن في مثل هذه الظروف وفي مثل هذا الوضع هل يصح أن يقولها؟ يشعر أنه ليس مكانها ولا زمانها فأردف بهدوء عكس ضربات قلبه المتسارعة وهو يستند بكفيه على الفراش الوثير :"أردت أن أُكمل نصف ديني..."

ناظرته بشك لا تعرف مصدره وكانت عينيه في هذه اللحظة غامضتين فأردف بابتسامة صغيرة

"حسنا سوء التفاهم أُزيل أنا طلبتك بالفعل وأنتِ وافقتي وتم العقد مالمشكلة؟"

قالت بغيظ وهي تنظر إليه بزيتونيتها المشتعلتين وقد زال خجلها تدريجيا:" المشكلة أنني قلت أوافق من حيث المبدأ ففوجأت بعقد قران..."

مط شفتيه ثم أردف:" ومالفارق مادمتِ وافقتي من البداية؟...."

قالت بجدية وهي لا تدري كم ينصهر وهو يجلس أمامها ،يجاورها ولايملك سوى مهادنتها حتى لا تشعر أنها مغصوبة وحتى لا يشعر بهوان نفسه أمامها :"المشكلة أنني كنت أريد أن أتعرف عليك وتتعرف علي أكثر من ذلك ،معتصم أنا لا أعرفك جيدا لو تتذكر أنا لي سنوات لا أراك إلا كل عدة أشهر حين كنت آتي إلى هنا زيارات وقبلها كنت أنت دائم الغياب لدراستك أنا لا أعرف عنك الا قشور...."

قال لها وهو يغوص في عمق عينيها :"ومتى كنتِ ستتعرفي بعد موافقتك ؟..."

قالت:" كنا ربما نقوم بعمل خطبة أو فترة للتعرف أو...."

قاطعها وهو يضحك بصوتِ عالٍ فناظرته بدهشة فأردف والإبتسامة الساخرة لاتزال على وجهه :"خطبة وفترة تعارف هنا في هذا البيت ؟هل نسيتِ أنكِ في جنوب البلاد يا بنت وأن السبب الرئيسي الذي اوصلنا لأن نجلس متجاورين هكذا الان هو أن رأتك نعمة فقط على باب شقتي؟..."

صمتت وهي تتطلع في ملامحه التي اكتشفت انها جذابة وهو يضحك هكذا ربما لأول مرة تراه يضحك بهذه الصورة ،وملابسه أيضا أنيقة وقسمات وجهه وسيمة ورائحة عطره مختلفة عن أي عطر تعرفه ثم أردفت أخيرا:" حسنا مازال هناك متسع أن نفعل هذا فترة عقد القران...."

ضيق عينيه ومط شفتيه ثم أردف بابتسامة غامضة:" ستتعرفين حين تكونين معي في بيت واحد، ثم أردف بجدية: عنان الذي يسري على الخطبة يسري على عقد القران أيضا لن يسمح أحد بأن يظل عقد قران فقط ،غالية قالت الزفاف بعد اسبوعين ولن تتراجع والعادات الا يكون اثنين مخطوبين ويعيشان تحت سقف واحد ...."

قالت له بصوت متحشرج ونظرة بها من الخوف الكثير:" ولكني لست مستعدة للزواج الان لست مستعدة لدخول حياة جديدة؛ لم أكن اخطط لذلك..."

المته الجملة ولكنه تجاوزها قائلا بتفهم:" إلى ماذا كنتِ تخططين؟..."

قالت وهي تحيد بعينيها بعيدا وتفرك كفيها معا:"كنت أريد أن أعيش مالم أعشه من قبل ،كنت أريد حياة جديدة انسى بها كل مافات أنا... بترت جملتها قبل أن تكملها وابتلعت كلماتها فأردف باهتمام

"ماذا كنتِ ستقولين؟...."

نظرت إليه بتردد فأردف مشجعا :"قولي كل ما في نفسك...."

قالت بخفوت:" أنا مررت بتجربة صعبة أشعر بعدها انني فقدت الثقة في كل الناس وضاعت سنوات من عمري هباء حزنت في عام واحد حزنا لم أحزنه في عمري كله لذلك كنت أريد أن اكسر هذه الحالة التي عشتها..."

"كيف عنان قولي لي عن مخططاتك.."

"كنت اريد أن أكمل دراستي الجامعية "

قال ببساطة "ولمَ لا أكملي مالمانع؟.."

قالت بنظرات مشككة:" ألن تمانع؟..."

"ولمَ أمانع؟.." قالها باستنكار

"جميع الرجال هكذا...." قالتها بشيء من الاستياء.....

فأردف هو بحزم:" ليس لي دخل أنا بباقي الرجال ولا لكِ دخل بباقي النساء حدثيني عن نفسي واحدثك عن نفسك واياكِ وجمعي مع باقي الرجال في أي حديث بيننا...."

قالت وهي تشعر بالحرج :"وهناك شيء آخر،أومأ لها برأسه لتكمل فأردفت: أنا في الوقت الحالي لست مستعدة لتحمل أي أعباء أو مسئوليات أو واجبات...."

قال بعدم فهم :"كيف لا أفهم؟..."

تنهدت وهي تحيد بعينيها بعيدا وأردفت:" أليس للزواج مسئوليات وعلى الزوجة واجبات ... انا غير مستعدة لإقامة حياة زوجية في هذه الفترة...."

فهم مقصدها فأغمض عينيه بيأس لثانية ثم أردف مهادنا:" لا تتحملي أعباء ولا مسئوليات ولا تقومي بأي واجبات عنان إلا حين تشعرين بأنكِ تريدين ذلك...."

التفتت له تستشف صدقه فوجدت نظرة صادقة أو ربما تكون صادقة فما تعلمته مؤخرا من الحياة ألا تثق في أقرب الناس فأردفت بحرج وهي تخفض عينيها عن عينيه:" ألن تجبرني على أي شيء لا أريده ؟...."

"لا طبعا...." قالها قاطعة

فأردفت وهي ترفع عينيها إلى عينيه مرة أخرى :"وعد رجال؟..."

ضيق عينيه البنيتين الداكنتين وأردف:" وهل للرجال كلمتين؟.. أنا كلمتي واحدة..."

قالت بسرعة فشعر بها في هذه اللحظة طفلة صغيرة:" لا أنا فقط اعتدت مع البنات حين نعد وعدا وننوي تنفيذه نقول وعد رجال وحين نكن على علم أننا لن نستطيع نقول وعد نساء..."

قهقه ضاحكا من قلبه وناظرته هي بعينين طالتهما ابتسامة حلوة لم تطل شفتيها

فأردف اخيرا وابتسامته لاتزال على وجهه :"وعد رجال عنان...."

كان يٌقَدِر فترة التشتت التي تمر بها وحالة الخذلان التي عاشتها وهو نفسه كان يقر بأنه لا يصح لهما زواج الان ولكن ماحدث حدث وغالية قررت ونفذت فلا يوجد أمامه سوى أن يهادنها ليعيد لها ثقتها بنفسها ويبني جدارا من الثقة بينه وبينها وهذا لن يحدث بسهولة.....

يحتاج وقتا ولأنها عنان فهي تستحق الوقت والمجهود...

لانها عنان تستحق التعب والتريث .....

لأنها عنان سيفعل لها مايرضيها علها في يوم من الايام تراضي قلبه الملهوف.....

عمت فترة صمت قصيرة قالت هي بعدها بنبرة بها شىء من الخجل والتردد :"أنت تعرف أنني ربما لا أنجب لمَ تتمسك بالزواج مني ؟...."

كان صوتها به بحة ولمح رجفة تسري في يدها المجاورة له تستند بها على الفراش فلم يدري بنفسه الا وهو يلامس بباطن كفه ظاهر كفها ليجد بالفعل يدها ترتجف فضغط عليها بقوة حانية ،انها اللمسة الاولى ليد حبيبته ،كان ملمس بشرتها ناعما مغريا فضغط بأنامله على أناملها الهشة كقطعة ملبن وأردف:" لا أريد أطفال أنا "

حين لامس كفها في البداية ارتبكت وارتجفت خجلا ولكن ما إن ضغط عليها بتملك حتى شعرت بشعور غريب بالراحة والأمان لا تعرف هل شعرت به بالفعل أم كانت تفتقده وتوهمت انها شعرت به ولكنه ما إن نطق جملته حتى دققت في ملامحه وأردفت بتساؤل:" هل هناك من لا يريد أطفال ؟..."

تنهد قائلا :"أنا عنان لا أريد لمَ لاتهوني على نفسك وتسبقين الأحداث ؟.. لمَ لا تسيرين معي خطوة خطوة؟...
قلتِ لا تريدين تحمل مسئوليات الزواج وقلت لكِ لا عليكِ قلتِ تريدين اكمال تعليمك قلت لكِ افعلي مايحلو لكِ وإن أردت العمل اعملي...."
كان لايزال يضغط على أناملها فشعرت بالخجل وسحبت يدها من يده وتمتمت بخفوت :"حسنا..."
قال لها بجدية:"المهم عندي الان سؤالا واحدا هل لديكِ رغبة في اقامة حياة جديدة معي؟ أجلى صوته قائلا: مع معتصم الرحماني على وجه الخصوص ؟
هل تريدين بدأ صفحة جديدة في حياتك ولديكِ استعداد لنسيان الماضي بأكمله؟..
اسألك لأنكِ إن لم يكن لديكِ الرغبة من الأساس فلن ينجح أي مسعى من مساعينا هذه...."
ناظرته بنظرة ثاقبة من عينيها الداكنتين الواسعتين وصمتت لثواني مرت عليه كالدهر ثم أردفت أخيرا برغبة صادقة لأن تنهي فترة من حياتها وتطوي صفحة مليئة بالأخطاء وترى العالم من منظور جديد وتٌسعِد قلب والديها اللذين ليس لهما ذنبا في كل ماحدث:"نعم..."
لم يرد عليها واكتفى بأن يجوب صفحة وجهها الذي يشبه وجه القمر ليلة تمامه وهي ما إن شعرت أن الكلام انتهى عند هذا الحد وأن الغرفة المغلقة ضاقت عليهما حتى
استقامت واقفة وأردفت و هي تنظر للباب :"أريد الخروج الان...."
استقام هو الآخر وأردف وهو يقف أمامها ويمد يده ليمسك الدلاية لسلسلتها المٌعلقة في صدرها وأردف:"تخص أمي غالية هذه..."
قالت وهي تبتعد خطوة للخلف وهي تشعر بالخجل منه لقربه منها :"نعم أعطتني اياها هدية للزواج حين دخلت أنت....ثم نظرت جهة الباب بتوتر قائلة:أريد الخروج.."
في نفس الوقت كانت مودة تدخل إلى حجرة جدتها تبحث بعينيها عنهما وما إن رأت جدتها تجلس بمفردها حتى أردفت بتساؤل:"أين معتصم وعنان؟.."

قالت غالية مدعية الجهل:" أين معتصم وعنان؟.."

قالت مودة وهي تنظر للخارج من الباب المفتوح :"عنان كانت معكِ هنا ومنذ قليل دخل معتصم ولم يخرجا .."

قالت غالية بغيظ منها:"وأنتِ لما تركزين مع غيرك ركزي مع نفسك..."

ناظرتها مودة بنظرة مشككة ثم خرجت وطرقت باب الغرفة المجاورة في الوقت الذي كان معتصم يفتح الباب بالمفتاح فقالت له مودة بفضول وهي تنظر للداخل:" أين عنان؟...."

ظهرت عنان من خلف ظهره وعلى وجهها علامات الخجل فرفعت موده حاجبا واحدا وأردفت بشك:"ماذا كنتما تفعلان بالداخل؟..."

قال معتصم بنظرة متسلية:" كنا نتحدث قليلاً..."

قالت وهي تبتسم ابتسامة ماكرة:" ولمَ تٌغلِق الباب بالمفتاح؟...."

قال ببساطة وهو يبتسم ابتسامة رائقة:" حتى لا يتطفل على حديثنا أي متطفل"

قالت متهكمة:" هكذا إذن .."

قال وهو يغمز لها بعينه:" هكذا إذن..."

أما عنان فكان الشعور بالخجل يشملها فماذا ستظن مودة وماذا ظنت جدتها ؟...

تجاوزته و خرجت وأردفت لمودة:" هيا للخارج...."

قالت مودة وهي تحيط ذراع أختها بذراعيها :"هيا حبيبتي ثم مالت على أذنها هامسة :ستحكي لي كل ماحدث بالضبط وإلا قلت لأمي وأبي ووصال ونعمة أيضا .."

فلكزتها عنان بمرفقها قائلة بنبرة زاجرة:" احترمي نفسك..."

وخرجت كل منهما للعودة لمجلس النساء أما هو فعاد إلى حجرته وأغلقها وأغلق الضوء واستلقى على الفراش يستعيد كل احداث الساعات السابقة وكأنه كان حٌلما

...........

رن هاتفه برقم غريب فرد قائلا:" نعم..."

"الف مبروك حبيبي لم أكن أعرف أن اليوم عقد القران والا كنت أول الحاضرين"

نزع الهاتف من على أذنه يتأكد من الرقم فوجده فعلا رقم غريب ليس رقم يمنة الذي يسجله فأعاد الهاتف على أذنه ورد عليها قائلا:" بارك الله فيكِ ،ولا أنا كنت أعرف أمي من قامت بكل شىء...."

ابتسمت يمنة التي كانت تتحدث من هاتف مالك لأنها تعرف أن معتصم في أغلب الأوقات لا يرد عليها وأردفت بحنان:" كنت تريدها منذ زمن ياحبيبي لم أعرف بذلك إلا الآن لمَ لم تقل لي؟..."

رفع عينيه للسماء وصمت ،هاهي غالية تفضح سره الذي كان يغلق عليه منذ سنوات

فأردفت يمنة:" من الصباح سأكون عندك حبيبي..."

"حسنا...."

قالها باقتضاب فقالت له :"انتظر...."

وأعطت الهاتف لمالك الذي كان يجلس بجوارها مع أخويه في حجرة المعيشة بعد أن دخل راشد إلى حجرته وأغلقها عليه بالمفتاح وأردفت :"باركوا لأخيكم ...."

فتناول منها مالك الهاتف وبارك له وبعده تمام وبعده كامل ،مجاملات لا ترقى لأن تكون بين الأخوة ولكن منذ متى وهم اخوة بحق؟...

أغلقوا معه فقالت يمنة :"في الغد باذن الله نذهب جميعا للمباركة..."

مط مالك شفتيه ثم أردف ساخرا:" ومن الذي سيتركك تذهبين يا يمونة للمباركة الا ترين زوابع الحاج راشد؟ هل سيتركك؟..."

قالت بعزم وحزم :"هذا ابني كما أنتم أبنائي ويكفي أنه حُرِم مني طوال عمره ولن أسمح بأن يمنعني أحد عنه ثم إنه اخيكم وله حق عليكم ايضا..."

قال مستدركا:" أعرف ياعسليتي أنا اتحدث عن رد فعل أبي...."

قال تمام بصوت منخفض وابتسامة متسلية على وجهه :"ابي كان يريد لي أن أخذ عنان وكامل يأخذ وصال وانت مودة ليسيطر على أموال خالي يونس فخطته الاولى فشلت اعذروه..."

فأردف كامل بتهكم :"وخطته الثانية ستفشل بعد كل ماحدث الفترة الماضية إلى جانب أنني لا أريد وصال هذه التي نعرف جميعا انها كانت تريد استاذها في الجامعة وترفض كل من يتقدم من بعده ..."

فأردف مالك بسخرية:" كما أن خطته الثالثة ستفشل حتما فمودة هذه سخيفة سخافة السنين...."

اتسعت عيني يمنة وأردفت :"لمَ تقل هذا على البنت ؟ يكفي أنها ستصبح طبيبه بعد سنوات قليلة...."

قال بامتعاض :"هذا أسوء ما فيها ترفع أنفها في السماء لهذا السبب ،كلما رأيتها في الجامعة وحدثتها أشعر بتعاليها ولا أعرف على ماذا ألم يدخل أحد الطب غيرها؟.."

قال كامل وهو يضربه بخفة على كتفه :"حقها ياولد هناك فرق مستويات مابين الطب والتجارة ،جيد انك لا تتطلع لأن تكن لك زوجة تفوقك في المستوى العلمي والعملي"

قال مالك باستخفاف:" ويا ليتها جميلة مثل عنان مثلا كنا قلنا حقها..."

قالت يمنة :"كفاكم نميمة يا ابناء راشد على بنات خالكم..."

كانت نسرين للتو آتية من الحديقة بعد أن اطمأنت على اسلام وأطعمته وتحدثت معه قليلا قبل أن يخلد للنوم ولكنها كانت على علم بما يحدث فدلفت قائلة:" السلام عليكم"

رد الجميع عليها السلام أما تمام فقد رفع عينيه إلى عينيها فالتقت عيونهما في نظرة قصيرة بلا كلام وقالت لها يمنة:" تعالي نسرين...."

جلست بجوارها فقال لها تمام وهو يتجه نحوها :"اعطني عمار .."

أعطته الصغير الذي بدأ ظهره يستقيم وبدأ يفهم قليلا ويلاغي فاحتضنه وقبل رأسه بحنان وعاد إلى موضعه

كلما لامسه شعر بحنان يتدفق تجاهه ،أهو حنين الدماء إلى بعضها أم حنينه هو للأبوة لا يعرف.....

رغم حالة راشد وفوران الدماء في عروقه إلا أن إغلاقه على نفسه وعدم مشاركتهم حزنه جعل حالة من الهدوء تعم في البيت فسهروا جميعا أمام التلفاز إلى أن انتصف الليل وذهب كل منهم إلى غرفته وصعدت نسرين مع صغيرها إلى الاعلى إلى شقتها التي فرشتها تدريجياً بفرش بسيط ولكنه أنيق جعلها تشعر أن هذه هي مملكتها الحقيقية ولا تعرف أن راشد يتركها لها لفترة فقط وبعدها ينوي على انتزاع كل شيء منها أولهم طفلها الذي سكن احشائها لأشهر طويلة وسكن حبه قلبها بعد ذلك....

*********



التعديل الأخير تم بواسطة Heba aly g ; 16-08-21 الساعة 05:58 PM
Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 05:27 PM   #612

Moony204

? العضوٌ??? » 444990
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » Moony204 is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظار الفصل❣️

Moony204 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 05:28 PM   #613

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

كان حاتم يقف في شرفة شقتهم المطلة على النيل يشرب كوبا من الشاي الساخن وعقله المشتت يعمل في أكثر من جهة وقلبه العاشق يضع الكلمات والمواقف بجوار بعضهم عله يهتدي لطوق نجاة ،فاجأه تصرف معتصم،معتصم الذي لم يسبق له الزواج من قبل ها هو يتزوج من عنان التي سبق لها الزواج من قبل ،هذا الأمر إذن لايعد مشكلة عند البعض....
أردف عقله المتشدد بسرعة وهو يحتسي رشفة من الشاي ها أنت قلت لا يعد مشكلة عند البعض ولكنه يعد مشكلة عند آخرين ومادام الامر يمثل مشكلة فالتراجع من البداية خير حل .....
أردف قلبه الخافق بين ضلوعه وماذنبها هل ذنبها انها دخلت في تجربة وفشلت أليس جميع الأزواج معرضين لهذا؟
وضع الكوب الفارغ على المنضدة خلفه وعاد ليستند بكفيه على الإطار الحديدي للشرفة وهو ينظر إلى النهر شديد السواد في هذا الوقت من الليل وتمتم لنفسه
هاهما يوسف و مريم أليست علاقتهما مهددة بالانهيار في أي وقت وكذلك يسر ويحيى فمالضمانة أن أي زوجين لايحدث معهما هذا وهل إن حدث يوصم كل منهما بوصمة عار لانه فشل لمرة؟....
مقارعة حادة بين عقله وقلبه كل منهما يريد فرض سطوته وهو تائها بينهما فوجد نفسه تلقائيا يخرج هاتفه من جيبه ليتصل بمعتصم فأردف ما إن سمع صوته :"مبارك ياعريس..."
مط معتصم شفتيه ثم أردف ما إن سمع نبرة صوت ابن خاله:" منذ قليل باركت لي فمعنى أن تتصل للمباركة مرة أخرى أن هناك شيء آخر هات ماعندك...."
أبعد حاتم الهاتف عن أذنه وأطلق سبة دارجة بصوت هامس ،سمعه معتصم فأردف :"انجز "
فمط حاتم شفتيه بامتعاض واردف بتردد :"كنت أريد أن أسألك عن شيء..."
"ماهو "
:"هل واجهت مشكلة قبل أن تقرر الزواج من عنان حيث أنها سبق لها الزواج وانت لا؟.."
كان معتصم ممدا في فراشه كما هو فلم يستطع الصعود للأعلى فأردف وهو على نفسه وضعه:" لا لم يمثل الأمر لي مشكلة لأن أي إنسان وارد أن يحدث له ماحدث لها ،نعم كنت اتمنى لو كنت أنا وهي أول تجربتين لبعضنا البعض ولكن تجربتها لم تقلل منها في نظري ..."
جلس حاتم على المقعد وأردف بتساؤل حذر :"وهل هذا سيكون رأيك لو لم تكن أرملة أقصد لو كان رماح حي وهي طلقت منه هل كان رأيك سيكون هكذا ام إن وجوده كان سيقوم بعمل حساسية؟.."
صمت معتصم لثواني لا يملك ردا وأردف بعدها:" صراحة لا أعرف بالضبط وقتها ماذا سيكون رأي ولكن ما اؤكده لك أن الرجل حين يحب حقا يتغاضى عن أي شيء ويمرر كل شيء ثم أردف بتساؤل:" مالامر إذن الن تعترف ؟...."
قال له حاتم بامتعاض :"وهل اعترفت انت الا بعد سنوات هيا يا عريس اغلق ونعتذر أن ازعجناك...."
قال له معتصم وهو يرفع حاجبيه :"هكذا إذن...."
قال حاتم بنبرة صبيانية قبل أن يغلق :"هكذا إذن ...."
وما إن أغلق مع معتصم حتى وجد يوسف يدخل الشرفة ويسحب المقعد المجاور ليجلس وهو يرتدي ملابس بيتية ويبدو اثر النوم عليه
فقال له حاتم:" هل هناك شىء؟...."
قال يوسف بتململ:" أشعر بالقلق كلما غفت عيني أصحو بعد دقائق...."
قال حاتم بتساؤل :"غريبة ألم يساعدك هدوء البيت على النوم؟..."
هز رأسه نافيا ثم أردف:" أين ينام زياد وجنة؟..."
قال حاتم:" في غرفة أبي...."
أومأ يوسف برأسه وهو يشعر بافتقادهم في البيت رغم صخبهم وشقاوتهم
منذ مشكلته مع مريم وبقاءها بالاسفل لم يصعد اي منهما للأعلى، يعرف أنهما يرتبطان بالمكان الذي توجد هي به....
وهي لم تحاول أن تتحدث معه،من يومها وهي تتجنبه تماما حتى حين يحدثها لاترد،لا تعد له طعاما وما إن تسمع صوته في البيت حتى تلتزم حجرتها حتى يرحل وكل هذا يصيبه بالضيق.....
استقام واقفا وقال لحاتم :"الن تنام الوقت تأخر؟..."
قال الاخير بشرود :" سأنام...."
تركه يوسف وخرج ليصعد وينام ولكنه عوضا عن صعوده دلف إلى حجرته التي تنام بها مريم ،فتح الباب بهدوء شديد وأغلقه خلفه ،كانت الاضواء مغلقة عدا المصباح الجانبي الخافت فكانت تنام هي على طرف الفراش غارقة في ثباتها فلم تشعر به فرفع الغطاء واندس بجوارها فلم تحرك ساكنا ،كانت تعطيه ظهرها فأحاط خصرها بذراعه واغمض عينيه ولم تمر ثواني إلا وكان قد استسلم لسلطان النوم الذي كان يجافيه حين كان بالأعلى
**********
في شقة يونس جلس هو يشعر براحة البال وبجواره زوجته التي كانت هي الأخرى تشعر بالسعادة بعد أن انزاح الكابوس الذي كان يجثم على صدورهم طوال الفترة الماضية وهو حزن عنان إلى جانب أنهما يستبشران خيرا بمعتصم.....
وحولهما كانت الثلاث بنات يجلسن مودة كالعادة تثرثر بأحداث اليوم بلا انقطاع ووصال تتابع عنان الشاردة وهي الأدرى بحيرة قلبها وتشتتها
قالت حليمة ليونس وعقلها يعمل بسرعة وعينيها تبدو بهما الحيرة :"هل سنلحق نجهز كل شىء فى خلال اسبوعين؟.."
قال يونس ببساطة :"ولمَ لا ماذا ستجهزين؟ الشقة ومفروشة ومجهزة بأحدث الأجهزة ستجهزين احتياجاتها هي الخاصة وقال لي معتصم أن تصعدي وتشاهدي الشقة وإن كان ينقص أي شيء سيحضره ولكني فعلا لا أراها تحتاج شيء فهي حديثة التجهيز كما تعرفين وفي الغد ستذهبن معه ليحضر لها شبكتها.."
كان وجهه مرتاحا بشدة وهو يتحدث فأردفت عنان بوجه متغضن:" ولمَ العجلة لمَ اتزوج في اسبوعين انا لا اعرف لماذا وصلنا بهذه السرعة الشديدة إلى هذه النقطة"
ناظرها يونس بنظرة متسائلة وأردف بجدية :"اين هذه السرعة طبيعي في مثل حالتك ستتزوجين مباشرة هل كنت تتوقعين خطبة عام مثلا وأنتِ وهو في نفس البيت؟..."
قالت وكل خلية في جسدها تشعر بالتوتر:" مابها حالتي ابي؟..."
قالت امها بحزم :"سبق لكِ الزواج يا ابنتي ومن في مثل حالتك لا يصح لها خطبة طويلة خاصة وعريسها معها في نفس البيت وتحدثنا في هذا الحديث من قبل وانتهينا وعقدنا قرانك مالذي جد ؟.."
قالت عنان بلجلجة :"أشعر أمي انني لن أستطيع فعلها .."
قالت حليمة بشفقة :"لا حبيبتي ستستطيعين انسي أنتِ فقط كل مافات وابدأي من جديد وهاهو الله ارسل لكِ الفرصة لتفعليها ..."
لم تجد عنان ما ترد به فاستأذنت منهم ودخلت غرفتها واغلقتها عليها وهي تشعر بالتشتت والضياع ،لم تكن هذه خطتها للمرحلة القادمة من حياتها ،تشعر بأن الجميع عليها ومعتصم من حديثها معه فهو لايبدو أنه سهلا على الاطلاق ماذا لو كان فقط يهادنها ويأخذها على قدر عقلها ؟
بدلت ملابسها إلى منامة خفيفة وجلست على فراشها تضم ساقيها إلى صدرها وتفكر
لمَ يصر عليها من الأساس ويسايسها؟...
مالميزة فيها عن أي فتاة أخرى؟
بالعكس هي ليست مميزة سبق لها الزواج ولم تنجب؛ كان بإمكانه أن يتزوج من فتاة لم يسبق لها الزواج والفتيات كثيرات
تنهدت وهي لا تجد ردا لكل اسئلتها فوجدت مودة تفتح الباب وتدخل وتغلقه خلفها ،جلست مودة أمامها على الفراش ترتدي منامة عليها شخصيات كارتونية ضاحكة وكأنها طفلة صغيرة لا شابة تجاوزت الثامنه عشر وأردفت بفضول وبنظرة عين متسلية :"لمَ كل هذا التوتر يا حبي انتِ ستتزوجين لن تدخلي معتقلا...."
تنهدت عنان وأردفت :"ليتكِ كنتِ أنتِ .."
قهقهت مودة قائلة :"ليتني يا اختي ليتني..."
قالت عنان بشك:" ليتكِ في المطلق أم ليتكِ لشخص معتصم؟..."
ضيقت مودة عينيها قائلة :"لا أفهم..."
قالت عنان بتحفز :"أنا اراكِ دائما تتغزلين في معتصم وتحبين الجلوس معه لذلك أسألك بشكل عام أم خاص؟...."
انفجرت مودة ضاحكة بصوتِ عالٍ وأردفت من بين ضحكاتها:" أنتِ تغارين من الآن ؟"
قالت عنان مدعية الهدوء :"ليست مسألة غيرة أريد التأكد فقط؟..."
قالت مودة من بين ضحكاتها :"معتصم كأخي تماما قلتها مرارا ألا يسمح للاخت أن تتغزل في أخيها ؟..."
شعرت عنان بالارتياح فليست في حالة تسمح لها بتحمل تقلبات المراهقة هذه إن كانت مودة لديها مشاعر تجاهه يكفيها ماهي فيه ،قفزت مودة جالسة بجوار شقيقتها وأردفت بشقاوة :"حسنا حقكِ أن تغارين المهم لمَ تخافين من الأمر ثم غمزت بعينها قائلة: ألن تقولي لي ماذا كنتما تفعلان في الغرفة المغلقة؟.."
قالت عنان ببرود:" ماذا كنا نفعل كنا نتحدث ...."
أغمضت مودة عين واحدة وأردفت بشك:" تتحدثان؟ يوم عقد قرانكما تغلقان الغرفة وتتحدثان..."
قالت عنان بفراغ صبر:" نعم نتحدث واخرجي الان لأنني أريد أن أنام...."
دلفت في نفس اللحظة وصال إلى الغرفة وأغلقتها خلفها وانضمت إليهما في الفراش قائلة:"ماذا تفعلان؟..."
قالت مودة مازحة:"أبارك لأختي التي حسمت الأمر بشأن ماسورة العرسان التي انفجرت في وجهها ؛ أبارك لها أنها اختارت أفضلهم...."
ناظرتها عنان بابتسامة دافئة؛ تعرف أنها تتعمد مشاكستها فأكملت مودة قائلة لوصال بسخرية:"قولي لي وصال حقا لمَ لا يتقدم لنا عرسان كعنان ؟..."
قالت وصال بابتسامة حلوة ظاهريا ولكن شابها شبح المرارة :"أنا عن نفسي يتقدم لي وأنا من أرفض وأنتِ الجميع يعرف أن مشوار الطب طويل فلن توافقي إلا بعد أن تكمليه..."
قالت مودة باستنكار :"من قال أنني لن أوافق ؟ سأوافق أختي هو فقط يتجرأ ويتقدم وسأوافق مباشرة...."
قهقهت عنان ضاحكة ومعها وصال وقضين الليلة في مزاح وحوار حميمي لا يصدر سوى عن اخوة متحابين .....
**********
غاضبة منه،لا تطيق رؤيته ،حزينة على نفسها وعليه ولكن هل ينفي ذلك حبها له وولهها به ،حين ابتعدت عنه بعد ماحدث مؤخرا بينهما كان بإرادتها الحرة ولكن كل ذرة بداخلها كانت تشتاقه وبما أنها لن تفعلها وتستجيب لمحاولات الصلح التي يقوم بها ولن تتراجع عن موقفها ولن تنسى له بسهولة مافعله فكان رفيقا لحلمها طوال الليل ....
شعرت به في حلمها ينام بجوارها، ربما عقلها الباطن الذي يعلم بمدى اشتياقها له هو من هيأ لها هذا الحلم ،كان ينام بجوارها تشعر بأنفاسه خلفها وما إن تقلبت في الفراش وواجهته وهي مغمضة العينين حتى جذبها نحوه واحتضنها فالتصقت به وأكملت نومها وهي تشعر بالراحة ولا تريد أن تصحو من نومها .....
ومع نسمات الصباح كانت لا تزال غارقة في حلمها الجميل حين شعرت بأنفاسه قريبة منها وشعرت بشفتيه تداعبان شفتيها فابتسمت وهي تترك نفسها له راضية مرضية غارقة في بحر من العسل الذي لا تشبع منه على الاطلاق ......
ولكنها وجدت نفسها تخرج تدريجيا من دوامة أحلامها لتكتشف أن الحلم ماهو الا واقع وان يوسف ينام بجوارها يلعب بمشاعرها كعادته فدفعته عنها وانتفضت جالسة وأردفت بغيظ وعينيها تطلقان شررا :"مالذي أتى بك إلى هنا وماذا تفعل بجواري ؟"
رفع حاجبا واحدا وأردف بسخرية:" متأخرة جدا هذه الأسئلة بعد أن نمتي في حضني طوال الليل...."
أردفت بغيظ:" انا كنت نائمة قتيلة من تعب اليوم ولم اشعر بك سوى الان هيا أخرج واترك غرفتي..."
اعتدل في الفراش بجوارها واردف بنبرة صبيانية وهو يتلفت حوله :"يبدو انكِ نسيتي أنها في الأساس غرفتي.."
قالت له بنفاذ صبر :"أخرج يا يوسف لا أريد رؤية وجهك..."
لم تكد تتم جملتها حتى وجدت الباب يُفتح ومن خلفه يظهر الصغيران وما إن وجدا والدهما حتى اندفعا مرددان بصوتِ عالٍ:" بابا..."
وقفا على الفراش بجوارهما واردف زياد :"هل ستنام معنا هنا دائما بابا؟.."
قال يوسف وهو يحتضنه ويقبله :"لو وافقت ماما سأنام كل يوم هنا أو نعود إلى شقتنا بالاعلى معا..."
نفضت الغطاء بعصبية واستقامت وأردفت بغيظ :"ترمي الكرة بملعبي أمامهما ؟"
قالت جنة وهي تتعلق بعنقه :"أنا أحبك بابا وأريدك معنا دائما..."
خرجت مريم من الغرفة وهي تتمتم بكلمات غاضبة مستنكرة فقال يوسف للصغيرين بهمس :"اقنعا امكما بالعودة للبيت وانا أعدكما أن أكون معكما دائما.."
مسكت جنة وجهه بكفيها الصغيرين قائلة :"وتذهب معنا إلى النادي ؟ "
قال مؤكدا :"نعم..."
فجذبه زياد من وجهه قائلا :"ونذهب معا لتشتري لنا الالعاب والملابس؟.."
قال له بجدية:" نعم ...."
فجذبته جنة قائلة:" وتشاهد معنا افلام الكارتون ؟"
"نعم ..."
انطلق الصغيران جريا للخارج صائحين بصوت عال أجفل جدهما وجدتهما النائمان
"مامااااا نريد العودة إلى شقتنا بالاعلى"
**********
دق معتصم جرس بيت خاله يونس وكأنه يدق ناقوس البداية
بداية حياته الحقيقية ؛ وكأن كل ما عاشه من عمر غير محسوب ؛ وكأنه فقط ولد اليوم ؛ أنه الاحساس الاروع على الاطلاق أن تشعر انك ولدت من جديد بقلب جديد وذاكرة جديده ؛وكم منا يتوق للحظة مثل هذه،لحظة ينمحي فيها ماضيه بكل ما فيه من آلام واخفاق بكل مافيه من هموم وعثرات ويفتح صفحة بيضاء يبدأ فيها من جديد ،انه جمال البدايات الذي يأتي بعد النهاية فتشعر معه بلذة لكل خطوة وكأنها خطوتك الاولى في هذه الحياة وكأنك مولود جديد بقلب جديد وذاكرة جديدة
أما عنان فما إن سمعت صوت الجرس وكانت بالفعل قد ارتدت ملابسها واستعدت هي واختيها وامها للذهاب مع معتصم لشراء الشبكة حتى شعرت برعشة تسري في جسدها ؛ رعشة خوف من مستقبل مجهول ؛ حزن على ماض مأسوف عليه؛ كان صوت رنين الجرس كعزف صاخب على اوتار قلبها وهي تشعر بحياة غامضة بينها وبين هذا الباب ولا تعرف هل تفتحه أم أن خلفه ربما يكون هناك وجعا يشبه الوجع الذي ولى وقلبها لم يعد يحتمل الوجع؛ قلبها يحتاج إلى من يربت عليه وينزع منه أي سواد
"افتحي الباب عنان ..."
قالتها حليمة من غرفتها وهي تقف أمام المرآة ترتدي خمارها فانتزعت عنان من شرودها واتجهت بالفعل للباب وهي ترمش بعينيها بتوتر....
فتحته فوجدت معتصم ماثلا أمامها ،يبدو أنه أخذ حماما للتو فشعره كان رطبا وكان مصففا بعناية ورائحة صابون الاستحمام العطرة المختلطة برائحة عطره تملأ المكان؛ كان ينظر لها نظرته الغامضة التي لا تعرف لها تفسيرا حتى الآن وإن كانت مختلطة بابتسامة تشع من عينيه البنيتين الداكنتين ،يرتدي بنطال جينز شبابي وفوقه تيشيرت ابيض يبرز عضلات جسده البارزة فيعطيه جاذبية لا تنكرها وإن كانت لا تؤثر بها .....
"صباح الخير..."
قالها مٌعتصم بابتسامة صغيرة وهو يُطالع صفحة وجهها الهادىء المشابه لوجه القمر ليلة تمامه فأردفت هي بصوت متزن
:"صباح الخير معتصم ....."
"صباح الخير يا روح معتصم..."
رددها قلبه الخافق الذي تزداد ضرباته ما أن تنطق اسمه ،لو تعلم ماذا يفعل فيه نطق اسمه من بين شفتيها بهذه الطريقة وهذه النبرة لما نطقته
"صباح الخير عنان هل أنتِ جاهزة؟...."
"جميعنا جاهزات..."
قالتها وهي تشير بعينيها للداخل فأردف هو وهو يطالع غابات الزيتون الصافية في عينيها
:"حسنا سأنتظركن بالأسفل ...."
أومأت له برأسها بابتسامة صغيرة جدا وما إن أعطاها ظهره لينزل حتى أردفت
"معتصم"
التفت لها في نفس اللحظة قائلا باهتمام:"نعم....."
:"هل أنت واثق من انك تريد أن تكمل ولا تريد التراجع؟..."
قالتها بتساؤل حذر
ضيق عينيه وأردف وهو يقترب من باب الشقة الذي تمسكه هي بيدها :"لمَ تسألي هذا السؤال ألم نتحدث مطولا بالأمس ؟..."
زمت شفتيها الجميلتين قليلا و قالت بجدية :"وانا طوال الليل وانا افكر وصراحة شعرت انك ربما تكون قلت ما قلته فقط حتى لا تحرجني ثم أردفت وهي تضع عينيها أرضا بخجل: أنا كما قلت لك ليس لدي استعداد لإقامة حياة زوجية الان وربما لا استطيع مستقبلا الإنجاب مالذي يضمن لي انك ستتحمل كل هذا ولن تمل ثم أردفت وهي ترفع عينين متقدتين نحوه: أنا لن أتحمل في حياتي أي جراح أخرى..."
اغمض عينيه لثانية واحدة ثم فتحهما واردف وهو يقترب بوجهه من وجهها ويستند بيده على إطار الباب الخارجي متجاهلا عن عمد اشارتها لجرحها السابق على يد رجل آخر كانت تحيا معه حياة كاملة تمناها هو .....
"ما عاش ولا كان من يجرحك وانا على قيد الحياة ،ثم أردف بابتسامة مشاغبة وعينين متسليتين :وكما قلت لكِ خذي وقتك كاملا ولن اضغط عليكِ في أي شىء ثم غمز لها بعينه قائلا: لقد وعدتك وعد رجال ووعد الرجال يختلف تماما عن وعد النساء خاصتكم ...."
ابتسمت شفتيها أخيرا حتى وإن كانت ابتسامة صغيرة ولكنها ابتسمت وكأن ابتسامتها داعبت شغاف القلب فشعر برفرفة في قلبه كأن عصفورا مشاغبا يرفرف بجناحيه بين طياته فأردف متنحنحا :"سأنتظر أنا بالأسفل......"
ما إن نزل للأسفل حتى وجد يمنة تدخل الى البيت وخلفها أبناءها الثلاثة وما إن رأها هو حتى تصلب جسده تلقائيا،وهي حين رأته ينزل السلم رفعت وجهها نحوه بابتسامة حلوة وقلبها يخفق بالسعادة أن بكريها سيتزوج وسيكون له بيت وأسرة .....
حين وصل لأول درجة من درجات السلم كانت تنتظره وفتحت ذراعيها له قائلة :"مبارك عليك حبيبي ،مبارك ياغالي..."
وضمته إليها بحنان جارف ،استسلم لحضنها الذي لا يشعر فيه بأي مشاعر منذ فترة طويلة وهي كانت تضمه تريد أن تدخله داخل قلبها وتٌغلق عليه ....
ابتعد عنها قليلا فوجد تمام من خلفها يبتسم له ابتسامة ودودة واردف:" مبارك عليك أخي ..."
واقترب منه ودون تفكير جذبه نحوه واحتضنه وهو يربت على كتفه ربما تحركت مشاعره قليلا .... قليلا جدا تجاه تمام
يشعر به دائما يحاول التقرب منه رغم نفوره هو ورغم صده ،لا يجد به خبث راشد رغم أنه ابنه ربما لأنه يشبه يمنة ويحمل ملامحها وهو أيضا يحمل بعض من ملامحها ،ربما لذلك تحن الدماء؟
لم يترك معتصم نفسه لهذه الملاحظات كثيرا ورد عليه قائلا بنبرة عادية لا هي ودودة ولا هي نافرة :"بارك الله فيك...."
فأردف تمام بنبرة صاقة وهو يثبت عينيه في عيني أخيه:"أقسم لك طوال عمرها كأختي ؛وما فعله أبي لم أرضى ولم أوافق عليه..."
أومأ له معتصم بعينيه فهو يصدقه فابتعد تمام قليلا تلاه كامل مٌهنئا وبعده مالك.....
كانت غالية تجلس على اريكتها تشاهد ما يحدث بابتسامة حلوة تزين وجهها كله ، فدلفت يمنة وصافحتها وقبلتها وجلست بجوارها وخلفها اولادها الثلاثة الذين صافحوا جدتهم وجلسوا حولها وتلاهم معتصم الذي جلس على المقعد المجاور لتمام
وأخذت يمنة تتحدث مع امها وبعد دقائق نزلت حليمة وخلفها بناتها الثلاثة وخلفهم يسر ويحيى.....
"صباح الخير عمتي...."
قالتها حليمة لغالية ثم أردفت بابتسامة جميلة ليمنة :"صباح الخير يا يمنة مبارك حبيبتي لمعتصم ...."
فقامت يمنة واحتضنتها وقبلتها وأردفت :"مبارك لهما حبيبتي...."
ثم ضمت عنان بمحبة وتمتمت بخفوت بجوار أذنها :"اخذتي قطعة غالية من قلبي وبه باذن الله عوض الله عن كل شيء فكوني له أنتِ أيضا نعم العوض ..."
لم ترد عليها عنان سوى ب :"بارك الله فيكي عمتي..."
قالت حليمة ليمنة :"ستأتي معنا بالطبع يمنة..."
قالت الأخيرة بسرعة :"بالطبع ثم رفعت وجهها إلى معتصم الذي لم يكن ينتظر حضورها من الأساس وأردفت بعينين مشتاقتين لاي كلمة حلوة:أنت تريدني معك أليس كذلك؟..."
تنحنح قائلا وهو ينظر اليها :" إن اردتي تعالي وإن كان مرهق عليك المشوار فارتاحي ولا تتعبي نفسك...."
قالت بسرعة :"لا حبيبي ليس متعبا وهل سأتعب لأعز منك..."
نظر معتصم إلى يحيى قائلا :"وأنت أيضا ستأتي؟....."
قال يحيى وهو يرمق يسر بنظرة جانبية:"انا بالطبع اعرف انها أمور خاصة بالنساء ولكن السيدة يسر تصر على الذهاب فعليه لابد أن أذهب ...."
لكزه معتصم في كتفه قائلا بابتسامة مشاكسة
:"لاجل السيدة يسر اذن لا لأجلي...."
قهقه يحيى ضاحكا فأردفت يسر وهي تتعلق بذراعيها في ذراع عنان :"كلاكما غالٍ عندي فلابد أن أكون معكما...."
قال لها يحيى بغيظ مكبوت من مشاعرها الجياشة تجاه الجميع دون تفرقة إن كانوا رجالا أم نساء :"حسنا ياغالية هيا حتى لا نؤخرهم ......"
خرج الجميع للخارج وبدأوا في تقسيم أنفسهم في السيارات يسر مع يحيى ومعهم وصال في سيارة يحيى
ويمنة في سيارة تمام بينما رحل كامل ومالك حتى لا ينتبه راشد لغياب الجميع فهو حتما سيغضب إن علم بذهابهم جميعا لشراء شبكة زوجة أخيهم الراحل على رجل أخر...
أما معتصم ففتح باب السيارة المجاور لمقعده وأردف من باب الذوق لحليمة:" تفضلي عمتي...."
قالها وهو يتمنى أن ترفض فلم تٌخيب ظنه وأردفت وهي تفتح الباب الخلفي :"عروسك حبيبي هي من تجلس جوارك..."
خفق قلبه وهو لايزال لا يستوعب الأمر ورفع عينيه إلى عروسه التي كانت كعروس البحر في فستانها الازرق الرقيق وحجابها الابيض الذي يحيط وجهها بهالة من الملائكية وحذائها الابيض ذو الكعب العالي ثم بسط ذراعه لتركب بجواره فجلست على المقعد وأغلق هو الباب وهو يتمنى من قلبه أن يغلق عليها أبواب قلبه للأبد ثم ركب في مقعده بعد أن ركبت مودة وانطلق بالسيارة وخلفه السيارتين متجهين إلى مركز المحافظة وطوال الطريق وهو يسترق النظر إليها وهي تجلس بجواره كنجمة من السماء هبطت لتجاوره
أما هي فكانت كلما استرقت النظر إليه وجدته منتبها ويبادلها النظرات إلى أن أشاحت بوجهها تماما جهة الطريق.....
بعد أقل من ساعة في سوق الصاغة في مركز المحافظة كانت عنان تجلس تنتقي شبكتها وحولها إخوتها وبنات عمها يسر ومريم التي جاءت مع ليلة لتباركان ؛
ومعتصم يقف خلفها مباشرة وبجواره يحيى وتمام ومن الجهة الأخرى يوسف الذي جاء هو الآخر ليبارك لصاحبه ويكون معه في هذا الموقف وهو الأدرى بوقع هذه اللحظات على قلب معتصم ،ما إن دخل يوسف إلى المتجر ورأى صاحبه حتى احتضنه بقوة وهو يربت على كتفه ،كانت كل تربيتة تعني بينهما كلمة ؛لم يقل يوسف سوى مبارك عليك أخي ونظرة طويلة بين عيونهما قالت باقي الكلمات.....
"أشعر بالحيرة كلاهما رقيق وجميل...."
قالت عنان جملتها وهي تفاضل بين أربعة أساور رفيعة ورقيقة بعد أن اختارت محبسا وخاتم يشبههم وبين طقم كامل من الذهب مكون من اسورة واحدة عريضة وفي منتصفها نجمة لامعة من الذهب بلون زيتوني ونفس النجمة الزيتونية بالسلسلة التابعة للاسورة وفي الحلق والخاتم ،كان طقما مميزا جدا خطف عين معتصم من النظرة الأولى.....
قالت ليلة :"كلاهما جميل حبيبتي الأربعة اساور تليق بالمحبس والخاتم لانهم نفس التصميم والطاقم قطعة فنية رائعة الجمال فاختاري بينهما...."
قالت حليمة وهي ترفع وجهها نحو معتصم
"مارأيك انت معتصم؟.."
كانت عيني معتصم تذهبان إلى الطاقم الزيتوني الذي تشبه نجمته لون عينيها فمال نحو مقعد عنان من الخلف وهو يستند بكفيه على ظهر المقعد من الجهتين وأردف بهدوء بجوار أذنها:" خذي الاثنين..."
رفعت وجهها اليه وخجلت للوهلة الأولى من هذا القرب فاخفضت نظرها مرة أخرى نحو الاساور التي في يدها وأردفت
"لا ؛ يكفي أحدهما انا لدي الكثير بالفعل ماذا سأفعل بكل هذا ؟..."
قال لها بهدوء أكثر وبصوت خافت وهو لايزال يميل على اذنها :"ليس لي دخل بماعندك عنان من اليوم لن ترتدي قطعة ذهب كانت عندك من قبل فخذي الاثنين "
رفعت عينيها نحوه مرة أخرى فأومأ لها برأسه علامة على أن تاخذهما
فتساءلت بداخلها هل يقصد بذلك ذهبها وشبكتها القديمة ؟
هل يقصد مايقوله بالفعل ولن يجعلها ترتدي حليها القديمة ؟
وهل هذا يقع تحت بند الغيرة ام السيطرة ؟
لا تعرف ولكنها مررت الأمر ..
هي عامة منذ أن عادت إلى بيت والدها لا ترتدي أي ذهب ...
ولم يمضي وقت طويل الا وكان معتصم قد حاسب بالفعل على ثمن كل المصوغات وانطلقت الزغاريد لتملأ سوق الصاغة كله لا متجر الذهب فقط والجميع يبارك للعروسين....
في نفس الوقت كان يوسف يقف مع أحد الصاغة على طاولة أخرى ينتقي قطعة ذهبية ويفاضل بينها وبين أخرى.....
نظرت إليه مريم وهي تشعر أن أحشائها تتمزق ....
لمن سيحضر يوسف هدية ذهبية ؟...
النساء الموجودات في حياته جميعهن هنا الان أمه وزوجته واخته وهو لم يلتفت لواحدة منهن ليأخذ رأيها ،هل يحضرها مثلا هدية لعنان؟
ومنذ متى يحضر الرجال للنساء في عائلتهم هدايا هذا من اختصاص الأمهات وليس الشباب .....
شعرت بالحنق والغيرة في آن واحد وهي تستنبط أن الهدية لسندس هذه التي كان يحدثها ،انتهى يوسف بسرعة من الشراء ووضع ما اشتراه في جيب سترته..
اما مريم فكانت لا تنظر نحوه ولكن النيران كانت تشتعل في قلبها .....
ولكن وعد قطعته على نفسها الا تعطيه اهتماما وتسير في الطريق الذي نوت عليه جعلها تبتلع غضبها وغيرتها وحنقها في حلقها وترسم ابتسامة صغيرة على وجهها حتى وإن بدت الابتسامة مصطنعة ومتوترة إلا أنها كانت لابد أن تدرب نفسها من الآن على التجاهل والتغاضي والبرود الذي يشبه بروده ،وكان عليها أن تعود نفسها على الاستغناء عنه حتى وإن كان الأمر صعبا
***********
يُحكى إنّ كان في المدينة ذئبا يحيك المؤامرات بمكر ودهاء......
يُظهِر عكس ما يٌبطن وإن كان في عينيه يلمع الذكاء ......
ينتهز الفرص وحين يفشل يبحث عن فريسة أخرى بلا عناء ......
ليس لأنه وحش فالوحوش اندثرت منذ زمن ولكن لأنه جُبِل على تصرفاته الرعناء .....
حاول صيد غزالة امتلكها لفترة وحين حادت عن سربه وجد حمل بحوزته صغيره فصب عليه كل اللعنات، والحملان ليست كلها رقيقة فمنهم كل الأشكال والألوان ،ولكن أمام جبروت الذئب تقف عاجزة فأبدا لا يتساوى الذئب مع الحملان ......
مر الليل دون أن تغفى عيني راشد وكيف تغفى العين والعقل يُشعِل في الجسد نارا وقودها قلبه وروح ابنه الراحل الذي أصبحت زوجته حليلة رجل آخر ليس من دمه...........
حين طلبت يمنة أن تذهب إلى بيت أمها كان يعرف أنها ذاهبة للمباركة ،تجهم وجهه ولم يرد عليها فذهبت دون أن تُبدي ذرة احساس به وبمشاعره
وتركها فقط لأنه كان يريد أن يختلي بنفسه بعد أن خسر جولته ،يريد أن يجلس مع نفسه ويرتب أوراقه
ولكن هل تٓبٓقٓى له أوراق ام حُرِقت جميعا في مرمدة عتيقة ولم يتبقى له سوى السراب ؟...
هل جاء اليوم الذي سيكون فيه نزالهما أمام بعضهما؟
هو وزوجته ! من أجل ابنه وابنها .....
منذ أن تزوجها وهو كارها لكونها كانت لرجل قبله ولكن رحيل الرجل واختفاؤه الذي حمد الله عليه جعل الأمر يهدأ ،اما عن ابنها فلم يشعر تجاهه بأي مشاعر منذ اليوم الأول ....
حين ماتت زوجته قديما ونظر حوله ليختار زوجة تكمل معه حياته وتكون أما لابنه لم يجد افضل ولا احن من ابنة عمه ...
ارثها الضخم الذي كان يلوح بالأفق القريب بالطبع اول واخر الأسباب وبينهما تأتي الباقيات بلا ترتيب وحين تكفل عمه عمران وزوجته بتربية الولد انزاح الهم عنه ....
لتمر السنين ويتشارك الولدان في امرأة واحدة ......
امرأة رغبها ابنه زوجة منذ أن شبت؛ وعاشت في بيته سنوات فكيف سيكون الوضع بعد تبدل الأحوال والأدوار ؟
"عمي اريد عمار حان وقت رضعته..."
قالتها نسرين وهي تقف امام راشد الجالس على أريكة في منتصف حديقة بيته ينفث دخان نرجيلته...
اشتعال الفحم أمام عينيه يزيد اشتعاله الداخلي وتنفيثه لدخانه في الهواء أمام عينيه لا يُطفىء ناره
رفع وجهه نحوها قائلا بوجه جامد:" ألم يحن بعد وقت فطامه؟...."
اتسعت عينيها قائلة باستنكار:" لا طبعا سيرضع حتى يُكمِل العامين باذن الله .."
ضيق عينيه بنظرة قاتمة واردف بصوت غريب :"يكفي عام واحد هل تريدينه يظل متعلق في رقبتك عامين كاملين ليصبح مدللا ؟..."
شعرت لأول مرة بالخوف من نظرته فأردف باقتضاب :"احضري له الان من لبن الأبقار ،جميع اطفالنا شربوا منه وأضحوا رجالا أشداء...."
قالت له بحذر وهي تقف أمامه لا تستطيع أخذ الولد منه :"لم يشربه من قبل عمي سأرضعه واعيده لك...."
كان يحتضن الصغير الذي يتلفت يمينا ويسارا بامتلاك ،الوحيد الذي يُطفيء نار قلبه هو عمار ،اتضحت ملامحه فأصبح كأبيه شكلا ....
حين يأتي بصور رماح وهو صغير يجدها متطابقة مع عمار ،اردف بنفس الصوت الصلب والوجه المتجمد :"قلت لكِ اتركيه و احضري له رضعة من لبن الأبقار ..."
ابتعدت عنه نسرين وهي تشعر بالخوف من نظرة الذئب هذه في عينيه وساورها الشك والقلق من نبرة صوته ،شعرت برجفة تسري في جسدها وخوف يُعشش في قلبها .....
من حسن الحظ أن لديها علبة لبن صناعي اشتراه لها تمام حين طلبته منه للطواريء ،اعدت زجاجة الإرضاع وعادت إلى راشد بها فمد يده لها وأخذ يرضع الصغير المستكين في حضنه وهو يضمه بامتلاك، يسكن اليه فيخفف حرقة قلبه كثيرا ......
*********
ولأن الذئاب أهدافها ليست كبعضها فهناك ذئب يسعى لخطف حمل صغير من أحضان أمه وهناك من يُلقي بحٓمٓل وأمه على قارعة الطرقات...
جلست فاطمة في الحديقة العامة تفترش العشب الأخضر مباشرة هي وامها وامامها صغيرتها فرح ،الجو مثالي للتنزه وقد انزاح حر الصيف وأقبل الخريف على استحياء.....
تناولن الغداء في هذا البراح تحت السماء المتسعة بلا نهاية
حين شعرت فاطمة بالاختناق وأن أنفاسها تجثم فوق صدرها طلبت من امها الخروج ...
كانت فرح تلعب العابها التي أحضرتها معها بينما تمسك أم فاطمة مسبحتها بين يديها تُسبح وتدعو الله للصغيرة أن يحفظها من كل شر ولا تحتاج لعملية أخرى ....
أما فاطمة فكانت تستند برأسها على الشجرة خلفها وتسرح في السماء الغائمة الممتدة على مد بصرها،رغم حبها للغيوم والأمطار إلا أنها حين ترى هذا المشهد تجتر ذكريات مريرة عمرها سنوات
والسنوات في قاموسها ليست سوى أيام تمر من عمرها هباء ....
فهي الزوجة على الورق وفي الحقيقة لايراها سعد سوى هواء ....
مُعلقة بورقة بالية ما بين الأرض والسماء .....
وهي التي قال عنها الله عز وجل في كتابه العزيز ( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ.."
أغمضت عينيها على مشهد منذ سنوات مرت في مثل هذا الوقت من العام
حين اجتمع كبار رجال الحي في بيتها ،بعد وفاة حماتها وانهيار بيت أمها حين طلبت الطلاق
كان الشيخ عزت على رأس الرجال ومعهم جلس سعد وهي وأمها
"لا داعي للطلاق ياابنتي...."
قالها الشيخ عزت ثم حول نظره الى سعد قائلا بتوبيخ :"وانت لن يستطيع أحد جدالك في زواجك الثاني ولكن اعدل بينهما ...."
"لا اريد...."
"لن أستطيع...."
جملتان تم النطق بهما في وقت واحد .....
نطقت الاولى فاطمة وهي الأدرى بنفسها ووخز كرامتها يؤرق مجلسها ويجعلها كمن تجلس على مقعد فراشه الشوك ....
أما الثانية فنطقها سعد وقد زهد في المرأة وابنتها دفعة واحدة حتى أصبح لا يبالي ......
"هل ستتزوجين مرة أخرى فاطمة؟..."
جملة نطقها أحد شيوخ الجلسة
فأردفت بسرعة:" بالطبع لا ،سأهب ما تبقى من حياتي لابنتي" ....
"اذن لمَ تصري على الطلاق ؟"
اتسعت عينيها وأردفت :"ولم أبقى على ذمة رجل لايريدني ؟.."
قال أحد الرجال الكبار ناصحا :"تبقين على ذمته افضل من أن تصبحين مطلقة في الحي وتجلسين انت وامك وابنتك بمفردكن ،على الأقل يظل له صفة للدخول والخروج عليكن ثم التفت الى سعد قائلا بتشدد :أليست البنت هذه ملزمة منك ستتكفل بمصاريفها ومصاريف البيت؟"
قال سعد وقد غلبه خجله من تجمع الرجال:" بالطبع...."
قال الرجل بإقرار:" كيف سيفعل هذا بعد الطلاق فاطمة؟ "
نظرت إليه فاطمة بذهول ولم تجد من يساندها
أردف الشيخ الاول :"ومن يدري يا ابنتي ربما مع الوقت ينصلح بينكما الحال أنا أشعر أنه شيطان ودخل بينكما فقط.."
ناظر سعد الرجل بغيظ حين شعر أنه يقصد ريهام بكلماته هذه فلم يعيره الرجل اهتماما
فأردف الشيخ عزت بنبرة أبوية خالصة
"لن يرحمك أهل الحي ياابنتي إن صرتي مطلقة بمفردك في حي شعبي كهذا مادمتِ وهبتِ حياتك لابنتك فماذا سيضيرك إن بقيتِ على ذمته؟...."
نظرت إلى أمها بعجز فأومات لها بعينيها بنظرة المغلوبة على أمرها تؤكد صدق ما يقولون ،تعلمهم جيدا لن يتركوا البنت في حالها إن طلقت
وهكذا اجتمع أهل الحي على بقاءها على ذمته حتى لا تلوك سمعتها الألسن
وحتى يتكفل بمصاريف البيت وهي المحتاجة اليه في هذا الأمر
وحتى يستطيع الدخول والخروج على ابنته ليطمئن عليها
ولأن الكلمات لا يوجد اسهل منها والعبرة بالافعال
فلا شيوخ الحي اهتم أحدهم بأمرها بعدها ولا سعد تكفل بأمرها ولا خطى البيت من يومها الا كمتصدق يعطي صدقة لمتسول من النافذة بمن وإحسان
بعدها انقطعت قدميه من الحي بأكمله وأصبح يرسل لها كل بضعة أشهر مع الشيخ عزت ....
تريد خلاصا من قيدها الذي يطوق عنقها فكانت كل فترة تطلب دعم الشيخ عزت للوقوف معها وفي آخر حديث لها معه قال لها بالحرف:" إن طلقكِ فلن اضمن لكِ البقاء في البيت...."
فالذي يجعل سعد يترك لها البيت فقط ذرة احراج أمام أهل الحي فمن يضمن لها أن يتركه لها بعد الطلاق؟....
ومرت السنون و الطوق يشتد والحمل يزداد حتى قصم الظهر والنتيجة تجلس هنا على الحشائش الخضراء ؛ شبح امرأة أدركت للتو أنها امرأة

نهاية الفصل


أتمنى يكون نال اعجابكم


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 05:37 PM   #614

ام جواد
 
الصورة الرمزية ام جواد

? العضوٌ??? » 443659
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 778
?  نُقآطِيْ » ام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 66 ( الأعضاء 20 والزوار 46)
‏ام جواد, ‏دينا هشام محمد, ‏Abcabc, ‏Heba aly g, ‏عبير سعد ام احمد, ‏سهى قيسيه, ‏remokoko, ‏هنا بسام, ‏Moony204, ‏إشراقة الشمس, ‏Marwahr, ‏Solly m, ‏Mero Mor, ‏ميمو٧٧, ‏NoOoShy, ‏سويلم سويلم, ‏سوهي (زهور الربيع), ‏فياصل, ‏حنان الرزقي, ‏شموخي ثمن صمتي
يسعد مساكم
منورين حبيباتي
قرأة ممتعة


ام جواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 05:47 PM   #615

ولاء مطاوع

? العضوٌ??? » 463351
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 155
?  نُقآطِيْ » ولاء مطاوع is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضورررررررر❤️❤️❤️❤️😉😉

ولاء مطاوع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 05:48 PM   #616

ولاء مطاوع

? العضوٌ??? » 463351
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 155
?  نُقآطِيْ » ولاء مطاوع is on a distinguished road
افتراضي

اول واحده❤️♥️♥️♥️♥️❤️💃💃💃💃💃💃❤️♥️♥️♥️

ولاء مطاوع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 05:59 PM   #617

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 105 ( الأعضاء 33 والزوار 72)
‏Heba aly g, ‏Monya05, ‏Amira fares, ‏Solly m, ‏خلود إبراهيم, ‏نهله صالح, ‏سوهي (زهور الربيع), ‏منى م محمد, ‏ولاء مطاوع, ‏ادم الصغير, ‏amani*taha, ‏نجاة حسين, ‏فديت الشامة, ‏مرام مرمرة, ‏أمل سند, ‏الياسمين14, ‏سويلم سويلم, ‏زهراء يوسف علي, ‏ام جواد, ‏Moony204, ‏lana maythn, ‏دينا هشام محمد, ‏Abcabc, ‏عبير سعد ام احمد, ‏سهى قيسيه, ‏remokoko, ‏هنا بسام, ‏إشراقة الشمس, ‏Marwahr, ‏Mero Mor, ‏ميمو٧٧, ‏NoOoShy, ‏فياصل


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:10 PM   #618

طوطم الخطيب

? العضوٌ??? » 487178
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 169
?  نُقآطِيْ » طوطم الخطيب is on a distinguished road
Rewitysmile1

الفصل أكثر من رائع تسلم ايدك

طوطم الخطيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:15 PM   #619

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 121 ( الأعضاء 38 والزوار 83)
‏Heba aly g, ‏عاشقة الحرف, ‏طوطم الخطيب, ‏وسام عبد السميع, ‏Hayette Bjd, ‏نهى خيرى, ‏نجلاء الصغير, ‏Monya05, ‏Amira fares, ‏Solly m, ‏خلود إبراهيم, ‏نهله صالح, ‏سوهي (زهور الربيع), ‏منى م محمد, ‏ولاء مطاوع, ‏ادم الصغير, ‏amani*taha, ‏نجاة حسين, ‏فديت الشامة, ‏مرام مرمرة, ‏أمل سند, ‏الياسمين14, ‏سويلم سويلم, ‏زهراء يوسف علي, ‏ام جواد, ‏Moony204, ‏lana maythn, ‏دينا هشام محمد, ‏Abcabc, ‏عبير سعد ام احمد, ‏سهى قيسيه, ‏remokoko, ‏هنا بسام, ‏إشراقة الشمس, ‏Marwahr, ‏Mero Mor, ‏ميمو٧٧, ‏NoOoShy


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-21, 06:21 PM   #620

دينا هشام محمد

? العضوٌ??? » 379227
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 20
?  نُقآطِيْ » دينا هشام محمد is on a distinguished road
افتراضي

الفصل جميلة جدا كالعادة تسلم أناملك ي هوبا😍😍

دينا هشام محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:07 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.