آخر 10 مشاركات
جئت إلى قلبك لاجئة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : آمال يسري - )           »          هذه دُنيايْ ┃ * مميزة *مكتمله* (الكاتـب : Aurora - )           »          عطش السنين ـ رينيه روزيل ـ 464 ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          24 - سجن العمر - جيسيكا ستيل ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          2- أصابعنا التي تحترق -ليليان بيك -كنوز أحلام(حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          همس الجياد-قلوب زائرة(ج1 سلسلة عشق الجياد) للكاتبةالرائعة: مروة جمال *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          موضوع مخصص للطلبات و الاقتراحات و الآراء و الاستفسارات (الكاتـب : أميرة الحب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4111Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-05-21, 04:10 PM   #111

zahara 3

? العضوٌ??? » 263211
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 496
?  نُقآطِيْ » zahara 3 is on a distinguished road
افتراضي


تحفة بجد اختيارات موفقة قد ايه جميلة سعيدة انى بقرأ قصصك فوق الرائعة

zahara 3 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-05-21, 08:26 PM   #112

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zahara 3 مشاهدة المشاركة
تحفة بجد اختيارات موفقة قد ايه جميلة سعيدة انى بقرأ قصصك فوق الرائعة
حبيبتي يا زهرة تسلميلي ويسلم ذوقك 💖


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-05-21, 11:53 PM   #113

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

بداية رائعه وقوية بس صدمتينى واخدتينى على خوانه ياهوبا
كدا تموتى الحاج عمران اللى حبيت جدا وجوده وتجميعه لأولاده وأحفاده

واللى واضح اوى ان اخد البركة معاه بوفاته

لا يخفى على احد طمع زكريا اللى واضح طبعا ان اخد الفلوس اللى فى الخزينة ورغبته الاكبر فى الاستحواذ على كل شئ
قرابة معتصم بالعيلة مش واضحة بس عندى مجرد تخمين مش اكتر انه ابن يمنة من زوج سابق وبعد وفاة ابوه وزواجها من راشد غضب منها وقرر يعيش فى بيت جده اللى اتربه فى حضنه واعتبره الاب وغالية الام ودا بردو سبب نفوره من راشد ومن يمنه وعدم حبه ليهم وحزنه ان عنان اللى حبها بتحب رماح ابن راشد

مر سبع سنوات اتغير فيهم كل شئ

مات رماح وملحقش يتهنى بطمعه فى ورث عنان

وزى ما بيحصل كتير فى زواج الاقارب زواج يحيي ويسر اثر على حملها اللى مش بيكمل وبالرغم من استمرار حبه ليها ودعمه الا ان ابوه الطماع مصر على الحصول على حفيد واعتقد هيعرضوا عليه الجواز من واحدة غير يسر
يوسف العاشق اختلف واصبح الزوج الملول اللى بيقضى 90 % من وقته مابين شغله والسهر مع اصحابه وبالتالى تجاهل مريم اللى كان بس بيتمنى يلمس ايديها

ومننساش المقدمة اللى واقفة على شب جريمة قتل من اخ لأخته والسبب غامض

البداية مشوقه والاحداث جميلة جدا

تسلم ايدك ياهوبا فى انتظار القادم ان شاء الله


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 22-05-21, 07:07 AM   #114

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
بداية رائعه وقوية بس صدمتينى واخدتينى على خوانه ياهوبا
كدا تموتى الحاج عمران اللى حبيت جدا وجوده وتجميعه لأولاده وأحفاده

واللى واضح اوى ان اخد البركة معاه بوفاته

لا يخفى على احد طمع زكريا اللى واضح طبعا ان اخد الفلوس اللى فى الخزينة ورغبته الاكبر فى الاستحواذ على كل شئ
قرابة معتصم بالعيلة مش واضحة بس عندى مجرد تخمين مش اكتر انه ابن يمنة من زوج سابق وبعد وفاة ابوه وزواجها من راشد غضب منها وقرر يعيش فى بيت جده اللى اتربه فى حضنه واعتبره الاب وغالية الام ودا بردو سبب نفوره من راشد ومن يمنه وعدم حبه ليهم وحزنه ان عنان اللى حبها بتحب رماح ابن راشد

مر سبع سنوات اتغير فيهم كل شئ

مات رماح وملحقش يتهنى بطمعه فى ورث عنان

وزى ما بيحصل كتير فى زواج الاقارب زواج يحيي ويسر اثر على حملها اللى مش بيكمل وبالرغم من استمرار حبه ليها ودعمه الا ان ابوه الطماع مصر على الحصول على حفيد واعتقد هيعرضوا عليه الجواز من واحدة غير يسر
يوسف العاشق اختلف واصبح الزوج الملول اللى بيقضى 90 % من وقته مابين شغله والسهر مع اصحابه وبالتالى تجاهل مريم اللى كان بس بيتمنى يلمس ايديها

ومننساش المقدمة اللى واقفة على شب جريمة قتل من اخ لأخته والسبب غامض

البداية مشوقه والاحداث جميلة جدا

تسلم ايدك ياهوبا فى انتظار القادم ان شاء الله
حبيبتي ياامون تسلميلي يارب❤️ باذن الله كل التوقعات دي هتعرف حقيقتها في الفصول الجاية ❤️واتمنى يارب الانطباع يدوم للنهاية ❤️


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-05-21, 08:49 PM   #115

Wafaa elmasry

? العضوٌ??? » 427078
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 233
?  نُقآطِيْ » Wafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond reputeWafaa elmasry has a reputation beyond repute
افتراضي

كنت متابعة لروايتك الأولى و كانت رائعة
وسعيدة جدا بروايتك الجديدة فهى تبدو مشوقة و غنية بالأحداث و الأسلوب مميز و رائع كالعادة بالتوفيق


Wafaa elmasry غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-21, 07:50 AM   #116

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wafaa elmasry مشاهدة المشاركة
كنت متابعة لروايتك الأولى و كانت رائعة
وسعيدة جدا بروايتك الجديدة فهى تبدو مشوقة و غنية بالأحداث و الأسلوب مميز و رائع كالعادة بالتوفيق
تسلميلي حبيبتي ربنا يعزك❤️ويارب الانطباع يدوم للنهاية ❤️❤️


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-21, 12:17 PM   #117

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

ربى اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. اللهم لا تردنا خائبين وآتنا أفضل ما يؤتى عبادك الصالحين. اللهم ولا تصرفنا عن بحر جودك خاسرين ولا ضالين ولا مضلين واغفر لنا إلى يوم الدين برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك خير المسألة وخير الدعاء وخير النجاح وخير العمل وخير الثواب وخير الحياة .اللهم إني أسألك فواتح الخير وخواتمه.. اللهم افتح لنا خزائن رحمتك



Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-21, 06:18 PM   #118

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني


ادعو لي في الحرم.. يارايحين الحرم
العمر الغالي يرجع.. من بعد ما اتفرم
دنيا متولة تولة..... بتبحبح ع العتاولة
وبتدى المستريح حتى من غير محاولة
اللى تديله جولة...... واللى تديله دولة
واللى تديه مقاولة .....اكبر من الهرم


وقف أمام مرآته يعدل ملابسه و يصفف شعره وهو يدندن كلمات الأغنية المنبعثة من التلفاز المفتوح بجواره في غرفته بصوت خشن ونظرة مبهمة لا تشي بأي انفعال..... فمن ينظر فى عينيه لا يستطع أن يعرف بسهولة ما حاك في صدره وما يسكن قلبه
وضع ساعته الأنيقة حول معصمه و وضع سلاحه في الجراب المثبت في جانبه وأخذ الريموت كنترول وأغلق التلفاز وقد بدأت للتو حلقة المسلسل ليدندن ثانية أخر مقاطع الأغنية وهو يخرج من غرفته
(امتى ادوقك ياملبن ع الفوزدق اتبرم)
ولكن هذه المرة مع كلماته غامت عيناه بسحابةحزن مختلطة بالحنين...
سحابة سريعة لم تلبث أن اختفت ليعود السكون لعينيه مرة أخرى .....


كان قد وصل إلى الصالة الواسعة ونظر إلى بابي الخروج بحيرة أحدهما على يمينه يؤدي إلى السلم والآخر أمامه يؤدي إلى الشقة المجاورة لشقته و التي في الحقيقة لم تكن شقة بل كانت سطحا مفتوحا بلا سقف ،منه للهواء الطلق والسماء ورغم أنه بالفعل تأخر على عمله إلا أنه لم يستطع أن ينزل إلا بعدما يطمئن على عائلته الصغيرة فاتجه ليفتح الباب المؤدي للسطح وأمام عينيه في السطح الواسع كان برج الحمام خاصته الذي ما أن رأى حمائمه تطوف حوله صعودا ونزولا مرفرفين حتى التمعت عينيه بابتسامة حانية ....


العينين كالشفتين أيضا تضحكان وهو ضحكة عينيه أبلغ وأسخى من ضحكة شفتيه
ومن ذا الذي يرى أسراب الحمائم البيضاء تحوم حوله والأرض الرحبة على مدد البصر على يساره والنهر الخصب الذي لا ينضب أمامه تسقط عليه أشعة الشمس الذهبية فتضفي عليه سحرا وجاذبية ولا تضحك عينيه وشفتيه معا؟....
وما أن ألقى "معتصم" نظرة سريعة حوله واطمأن أن الطعام والشراب الخاص بهم في موضعه حتى فتح باب السطح المؤدي إلى السلم لينزل ويتوجه إلى وجهته وما أن نزل إلى بهو البيت في الطابق الأرضي ووجد غاليته تجلس في وسط البيت على أريكتها تشاهد التلفاز أسفل النافذة التي تطل منها على أرضها الرحبة حتى عادت الابتسامة إلى عينيه وشفتيه معا واتجه نحوها وما أن رأته هي حتى فتحت ذراعيها وهي تتمتم تمتمتها التي لا تتوقف عنها كلما رأته هكذا بطوله الفارع وعرضه وطلته البهية وحضوره الطاغي "اللهم صلي على النبي "
ارتمى معتصم في حضنها قائلاً بحب:"صباح الخير حبيبتي كيف حالك اليوم ؟"
"بخير ياولدي ومن الذي يرى هذا الوجه على الصباح ولا يصح بدنه !"
قالتها بلهجة صادقة فأردف مشاكسا وهو يبتعد عنها قليلا ولا يزال يحتضن ذراعيها بكفيه القويين:" تجامليني أنتِ يا غالية وتشعريني أنه لا يوجد مثلي على وجه الأرض اثنين....."
ورغم أنها تعرفه مشاكسا إلا أنها لم تستطع أن تمنع شهقتها حيث قالت:"وهل يوجد مثلك! هل تعلم كم بيت في البلدة يتمناك صهرا لهم؟ أصبحت النساء تطلبك مجاهرة مني لبناتهن....."
قهقه ضاحكاً بملء فمه ضحكة لا تخرج إلا لغاليته وأردف :"انسي أن تؤثري علي بطريقتك هذه ياغالية ...لن أتزوج...."
قالت بنبرة حزينة:"لماذا يا معتصم ألا تريد أن تفرح قلبي قبل أن أموت ؟ لقد قاربت الثانية والثلاثين يا ولدي"
"ألا تعرفين ياغالية؟ ألا تعرفين آفة ولدك ؟ إذا كانت آفة قلوب الناس النسيان فإن قلبي لم ينسى..ولن ينسى..."
ليس كل الكلام يقال باللسان
هناك كلاما أبلغ يقال بالعينين
فقط نظرة عين....


ورغم أن هذه الكلمات لم تعبر فم معتصم بل قالها قلبه إلا أنها قرأتها واختلج قلبها وقبل أن يطول الكلام أردف هو بحزم وهو يثبت عينيه في عينيها :"أنتِ تعرفين أنني لن أتزوج من أجل الزواج.... لن أتزوج امرأة لمجرد أن أنجب وأعيش لأربي الابناء ...لن أستطيع ... ثم أردف بنظرة قاتمة :ماذا سأعطي أبنائي ففاقد الشىء لا يعطيه ....وحين أفشل في العطاء سيؤل بهم الحال كما آل بي..."
قاطعته غالية قائلة بعتاب:"هل ستعود إلى هذا الكلام مرة أخرى يامعتصم ؟ وأنا بُني ألست أمك؟"
"أنتِ أمي وأبي وعالمي كله ياغالية..."
قالها بصدق...


ضربته على كتفه قائلة لتلطف الأجواء من حولهما:"ألن تكف عن مناداتي باسمي؟..."
مال على كفيها الغائرين بخطوطهما العميقة وقبلهما قائلاً بحنان :"قلت لكِ أنه لقبك لا اسمك"
هي تعرف أنه لقبها وهو يعرف أنها تعرف ولكنها دائما تحب أن تسمعها وهو لايبخل عليها بها
استقام واقفا ونظر في ساعته قائلا بسرعة وبلهجة عملية:"لقد تأخرت جدا على العمل من يجلس معك ينسى نفسه"
فأردفت قائلة وهي ترى أم أيمن تدخل من باب البيت المفتوح وتحمل وعاء اللبن الذي حلبته للتو"انتظر حتى تأكل سأقول لأم أيمن أن تعد لك الإفطار بسرعة "
ابتعد خطوتين للخلف قائلا بتعجل:"تأخرت يا أمي "
أردفت قائلة وعيناها تكتسيان بالحزن:"هل علمت ماحدث ليسر؟"
نظر للأعلى حيث السلم قائلا بأسف:"يحيى قال لي... كان الله في عونهما...."
أكملت وكأنها تريد أن تلقي مافي جعبتها مرة واحدة :"وعنان لا تريد العودة إلى هنا ويونس عقله سيشت منه بسببها ... "


غمغم قائلاً بنفس الأسف :"اعذروها أمي كان الله في عونها هي الأخرى زوجها خٌطِف منها "
همت بالاستطراد إلا أنه قال لها وهو يخطو للخارج:"حين أعود أمي نكمل حديثنا استودعك الله....."
غمغمت هي بالدعاء له أن يحفظه ويستر طريقه
أما هو فاستقل سيارته الحديثة من أمام بوابة البيت وانطلق بها بسرعة مناسبة ليلحق عمله....
تتعلق به أنظار أهل القرية على الطريق وهو ينظر أمامه لا يتعلق نظره بأحد إلى أن وصل إلى مقر عمله في قسم الشرطة في مركز المحافظة وما أن توقف بسيارته حتى أسرع نحوهالعامل الشاب المسئول عن السيارات ورفع يده له قائلا باحترام :"أهلا معتصم باشا ..تفضل وأنا سأصف السيارة"
فترجل معتصم من السيارة وهو يعطي الشاب المفاتيح ليدخل هو إلى القسم بخطوات سريعة فيٌلقي على من يقابله من زملاؤه تحية الصباح


بعد فترة
دلف معتصم إلى حجرة مكتب خالد صديقه وزميله في العمل ليطلب منه أن يطلع على محضر احدى القضايا التي يعمل عليها في الأيام الأخيرة قائلاً:"صباح الخير خالد كيف حالك؟..."
قال خالد بابتسامة مرحبة:"صباح الخير عصوم تفضل ..."
كان المعاون حمدي يجلس بجوار خالد على يمينه فألقى عليه معتصم التحية
وما أن جلس بجوار خالد وطلب منه الملف حتى دلف الأمين عبد الكريم إلى الغرفة بعد أن طرق الباب ومعه امرأة عشرينية قائلاً بلهجة جادة:"المرأة التي ضبطناها في السيارة مع الرجل أخر شارع الكورنيش يا خالد باشا ...."
كان معتصم يجلس بجوار خالد يستند بظهره على ظهر مقعده ..فتسمر نظرهما معا على التي دخلت عليهما فأضاءت الغرفة بوهجها وجمالها فتبادلا معا نظرة متسلية اعتادا عليها في مثل هذه المواقف فقال خالد لعبد الكريم بصوت عال قليلاً :"حسنا اتركها أنت..."
خرج الرجل و توقفت المرأة أمامهما وكانت تنظر إلى معتصم وخالد بعينين يبدو بهما الخوف جليا و لكن هذا الخوف لم يقلل من جمالهما شيئا بل زاده ....
كانت تنظر إلى معتصم بتركيز ولم تعرف أي منهما من سيتولى أمر التحقيق معها وما أن أٌغلِق الباب حتى قالت بمسكنة مصطنعة :"أنا لم أفعل أي شىء سيدي لقد حدث في الأمر لبس وأنا على ثقة أن الشرطة لن تظلمني أبدا..."


مط معتصم شفتيه وأجلى صوته الخشن قائلا وهو لا يزال على نفس جلسته المسترخية للخلف :"طبعا طبعا ...الشرطة دائما في خدمة الشعب.."
كتم خالد ضحكة مٌتسلية و ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة ساخرة أما معتصم فقد شعر بالاشمئزاز وهو يرى استرخاء ملامح المرأة التي أقل وصف توصف به من رجل ذو خبرة كبيرة مثله أنها امرأة ذات خبرة
من نظرة عينيها التي لا تعرف حياءا عرفها معتصم فأردفت المرأة وهي تنظر إلى خالد :"أنا لم أفعل شىء يا باشا ... أنا كنت في السيارة مع صاحب المحل الذي أعمل به ... تلجلجت قليلا ثم أردفت وهي توجه عينيها إلى معتصم : كنا نراجع معا إيرادات يوم أمس لأنه كان مريضاً ولم يحضر ..."
فأردف معتصم بلهجة ظاهرها الجدية باطنها التهكم والسخرية :"في السيارة ! تراجعان الحسابات في السيارة وفي هذه المنطقة النائية ؟....



"نعم يا باشا فاليوم إجازة المحل ولن نفتحه خصيصا لأسلمه الايراد...."
كان إلى جانب نظرة قلة الحياء في عينيها كان يلمع الكذب فأردف معتصم بتهكم :"هكذا في وضح النهار!.."
قالت له ببراءة مصطنعة لا تخلو من غنج :"نعم....."
رفع عينيه نحوها بنظرة مدققة من قمة رأسها الذي يٌظهِر مقدمة شعرها الأصفر الصارخ من تحت وشاح منحسر حتى أخمص قدميها وتلكأ قليلا عند فتحة عباءتها التي تصل حتى أسفل ركبتيها بقليل فتبرز ساقا شديدة البياض ملفوفة بجاذبية


ليردف بنفس النبرة المتهكمة:"بالعباءة !"
"نعم ياباشا هذا ماحدث ...ثم أردفت بنبرتها المستكينة:هل ستساعدانني؟..."
قال معتصم ببرود وهو يستقيم واقفا :"طبعا ألم أقل لكِ أن الشرطة في خدمة الشعب...ثم أردف ببرود لخالد وهو يهم بالمغادرة عائدا إلى مكتبه:أتركك يا خالد باشا لتفتح المحضر للسيدة و أعود إليك في وقت لاحق ..."
اتسعت عينيها وقالت بجزع :"لماذا ياباشا المحضر ألم أقل لك ما حدث بالضبط؟ ثم أردفت برجاء: الم تقل أن الشرطة في خدمة الشعب؟.."
قال بصوت عالٍ أجفلها وجعلها تتجمد في مكانها وهو يضرب بيده على سطح المكتب :"سنحرر لكِ محضر فعل فاضح في الطريق العام حتى ننظف البلدة من أشكالك وبذلك نقوم بعمل خدمة جليلة للشعب ...."
ثم تركها وخرج عائدا إلى مكتبه بينما التفتت هي إلى خالد بنظرة ضائعة فأردف الأخير بنظرة جامدة و بلهجة عملية لمساعده :"افتح يا بٌني المحضر..."

***************
استيقظ من نومه ليجد الغرفة خالية و نور الصباح يتسلل إلى عينيه من بين الستائر المٌسدلة.... أين مريم التي تكون بجواره كل صباح ؟... وأين قروده الصغار اللذان يتسابقان كل صباح فيمن سيقفز قفزة أعلى فوق فراشه فيصحو على نقارهما؟
استقام يوسف بعد أن نفض الغطاء عنه ودلف إلى حمام غرفته ....
نزع عنه ملابسه ودخل تحت الماء الدافىء ينزع عنه تعب وارهاق وصداع اليوم الماضي خاصة بعد سهره لما بعد منتصف الليل مع أصدقاؤه...
زفر بضيق فهو بالفعل بدأ عمله نهارا يتأثر بسبب سهره وعدم أخذه كفايته في النوم ... ورغم ذلك لا يستطيع أن يتخلص من هذه العادة التي لم يعد يعرف حقيقة هل هي عادة أم هروب ....
بعد أن أنهى حمامه وارتدى حلته الأنيقة وأخذ جولة سريعة في الشقة ولم يجد بها أحدا نزل من شقته في الطابق الثاني بنفس بيت والده...ومن أعلى السلم وجد صغيريه زياد وجنة يجلسان بجوار جدهما يتناولان افطارهما فابتسم ثغره وهو يواصل نزوله وما أن رأه الصغيران حتى قفزا من جوار جدهما مهللين بصوتٍ واحد :"بابا.... بابا....."
احتضنهما يوسف وحمل كل منهما بذراع فزياد في الخامسة و جنة في الرابعة.... وما أن نزل الصغيران وعادا بجوار جدهما حتى اقترب يوسف من والده و قبل رأسه قائلا بمودة:"صباح الخيرات ياحاج صالح..."
قال صالح وهو ينظر له نظرة ذات معنى :"هل تظن عندما تفتح الباب بهدوء وتتسلل كاللصوص فلن أعلم بموعد عودتك؟..."
مط يوسف شفتيه ثم أردف قائلا وهو يشير للصغيرين:"أحبائي ما رأيكم أن تفتحا التلفاز على برامج الصغار في غرفة المعيشة..."
كعادتهما ما أن سمعا اقتراح والدهما حتى تسابقا في الذهاب لغرفة المعيشة المفتوحة على غرفة السفرة التي يجلس فيه والدهما وجدهما فأردف يوسف لوالده وهو ينظر إليه نظرة ساخرة :"أدركت الان مزايا المعيشة في بيتٍ منفصل عن بيت العائلة..."
ضربه صالح على مؤخرة رأسه قائلا بتهكم:"فعلا كلها مزايا حتى تتسكع على راحتك...."
زفر يوسف قائلا بتململ:"أبي أنت كنت نائما في المساء وأنا أعرف أن حبيبة عمها هي من قالت لك التقرير المفصل ....عرفت ذلك حين لم أجدها في الأعلى..."
"لم تتكلم ... لم تعد تتكلم كالسابق ولكن عينيها تتكلمان في صمت..."
قالها صالح ربما يلين قلب ابنه تجاه ابنة أخيه .... ولكن يوسف أردف بضجر:"أبي هي عاطفية أزيد من اللازم وتتدلل كالصغار لا تلتفت لها..."


قالها في الوقت الذي خرجت فيه مريم من المطبخ تحمل باقي الطعام لتضعه على طاولة السفرة لتسمع آخر كلماته فرمقته بنظرة خطرة ليرفع لها حاجبيه باستفزاز ثم استقام قائلا لأبيه:"سأسبقك أنا فلدينا توقيع عقد مع الشركة الجديدة في العاصمة هل ستأتي إلى الشركة أم إلى المصنع؟."
كانت مريم قد عادت إلى المطبخ مرة أخرى بوجه مكفهر فأردف صالح:"بل سأذهب إلى البلدة..."
قال له يوسف بتساؤل:"لماذا؟..."
"لأحضر يسر أريد أن أعرضها على طبيبٍ آخر ربما يكون له رأي آخر في حالتها..."
قالها صالح بحزنِ على صغيرته فأردف يوسف بأسف:"حسنا أبي ...إن أردت أنهي أنا عملي وأذهب لأحضرها...."
فأردف صالح بهدوء :"لا.... أريد أيضا أن أطمئن على أمي..."
خرجت مريم مرة أخرى بالمزيد من الأطباق وخلفها عمتها ليلة التي كانت ملامح وجهها توضح مدى حزنها على صغيرتها ولكنها أردفت بابتسامة باهتة:"صباح الخير حبيبي ...لا تخرج يا يوسف قبل أن تفطر..."
نظر يوسف إلى وجه مريم المقلوب ليردف قائلا لأمه بضيق:"سٌدت شهيتي... سأفطر في الشركة...."
وأعطى الجميع ظهره متجها لباب البيت في الوقت الذي قالت فيه مريم بسخرية :"ستفطر في الشركة كما تتغدى في الشركة كما تتعشى مع أصدقاءك ليست الفكرة في أن شهيتك سٌدت...."
توقف يوسف لثانية وهو لا زال يعطيهم ظهره ولم يكلف نفسه عناء الرد أو الإلتفات ليكمل طريقه ويفتح الباب ويغلقه خلفه بعنف....


لمح صالح الدموع المتحجرة في عيني ابنة أخيه فربت على كتفها قائلاً:"لا تعانديه يا مريم لأنه في الأصل عنيد..."
لم تستطع مريم الرد وقد غلبتها دموعها فأردفت ليلة وهي تربت على الكرسي المجاور لها:"تعالي حبيبتي وتناولي افطارك ولا تدققي كثيرا حتى تسير المركب..."
جلست مريم بجوارها وقالت بضيق :"وما يفعله هو ماذا تسميه يا عمتي أنا لا أراه...."
خرج على صوتهم حاتم وقد تنبأ بحدسه بما حدث فجلس على المقعد المجاور لوالده قائلا وآثار النوم في عينيه:"صباح الخير ... ثم أردف بسخرية وهو يقطع رغيف الخبز لنصفين :كالعادة توم وجيري يتشاكسان..."
لم يرد عليه أحد وكل منهم في وادي


فصالح مابين حزنه على يسر ومابين استياءه من أفعال يوسف التي يقر بأنها لا تليق برجل تجاوز الثلاثين وزوجته شابة جميلة في السابعة والعشرين
وليلة مابين حسرتها على حمل يسر الذي لن يكتمل كسابقيه وما بين حزنها على عدم استقرار ابنها البكري في زيجته ومابين خوفها أن يؤثر عدم اكتمال حمل يسر على حياتها خاصة وأن نعمة أم يحيى لن تصمت كثيرا على هذا الأمر وإن حدث ماتخشاه فسيؤثر بالطبع على استقرار مريم مع يوسف و هما من الأساس حياتهما ليست مستقرة


ففي النهاية الزيجات التي تكون بين أخ وأخت مع أخ وأخت تكون الأمور فيها ليست على مايرام فإن حدث خلل في حياة ثنائي يتأثر الثنائي الآخر بالتبعية
أما مريم فكانت في وادٍ آخر وهي ترى يوسف الذي لم تعرف غيره حبيبا طوال عمرها وقد تبدل حاله
أما حاتم فأخذ يأكل وهو لا يحمل للدنيا هما
انسحبت مريم بهدوء وقالت لعمتها ليلة:"سأدخل لأنام قليلا بالداخل عمتي لم أنم طوال الليل إن ضايقك الأولاد أدخليهم لي ..."
أومأت لها ليلة برأسها وما أن اختفت في الممر حتى قال صالح لابنه:"سأذهب إلى البلدة تعال معي...."
قال حاتم وهو يضع نصف البيضة في فمه:"لماذا؟.."
"جدتك تريدك..."
قالها صالح وذهنه شارد فأردف حاتم بلا مواربة:"أعرف لماذا تريدني ولا أريد الذهاب..."
قالت ليلة:"لماذا بٌني؟.."
"أمي أنتِ تعرفين ما تريده وتعرفين أنني لن أفعلها فلا تتعبي نفسك.."
قالها ببعض الحدة فأردفت ليلة وقد تناست قليلا حزنها على ابنتها:"ماذا بهما ابنتي عمك سواء ابنة عمك زكريا أو عمك يونس!...."
"لن أدخل زيجة فاشلة أمي...والتجربة في هذه العائلة أثبتت أن زواج الأقارب هذا هو أفشل مشروع..."
اتسعت عيني ليلة ونظر صالح إليه بصمت ليكمل حاتم وقد ترك طعامه قليلا:"هل تريدين نسخة ثانية من يوسف و مريم بخلافاتهما اليومية التي لا تنتهي أم تريديني أن أعاني كيسر ويحيى في الانجاب ثم أردف بلا حياء:وكل هذا حتى لا تخرج أموال عمران رحمه الله خارج أبناء العائلة..."


"كفى..."
أجفلهما صالح حين ضرب على سطح الطاولة ليردف حاتم بنبرة ظاهرها اللين باطنها الألم على حالهم:"هل تظنني لا أنتبه إلى خوفك الدائم على تأثر زيجة يسر بزيجة يوسف؟أنا أراك ترمم مع مريم مايفعله يوسف حتى لا تتأثر يسر هل هذه حياة أبي ؟من الذي اخترع هذه العادات؟..."
استقام صالح واقفا وأردف بحدة:"أنا أرمم ما يفعله يوسف من أجل ابنة أخي التي هي مثل ابنتي لا خوفا على ابنتي...أرمم مايفعله يوسف من أجل صغاره ... أرمم لأنني أعرفه جيدا وأعرف أن ماهو فيه فقط من عناده ليس أكثر...."


ثم تركه مع امه ودلف إلى الحمام المجاور للمطبخ فأردفت ليلة وهي تجز على أسنانها:"وهل ستجد في أدب أو أخلاق بنات عمك ؟... من أين ستتزوج وكيف سنعرف أصلها وفصلها ونسبها هذا ما نتحدث عنه ولا نتحدث عن أموال يا قليل الفهم ثم استقامت هي الأخرى واقفة وقالت له بأسف:حين أنظر إلى حالك وحال أخيك وأرى حظي فيكما المائل أتأكد أنني فشلت في التربية ...."
ثم تركته ودلفت إلى المطبخ ليعاود هو طعامه مرة أخرى غير منتبه لمريم التي كانت في الرواق تسمع ما يقال فبعد أن دخلت لتنام خرجت لتأخذ غطاءا خفيفا من غرفة عمها لتصطدم بكلامهم ولكن الصدمة لم تكن كبيرة فكل كلمة قالها حاتم كانت صحيحة مائة بالمائة ...
دلفت إلى غرفة يوسف قبل زواجهما و أغلقت الباب دون أن تأخذ غطاءا وانسابت دموعها على وجنتيها غزيرة فجلست على الفراش واستندت بظهرها على ظهره وهي تتذكر سنوات ماضية مع يوسف قبل زواجهما حين كانت القلوب لا تشوبها أي شائبة
**********
تململت في نومها وشعاع شمس الصباح يتسلل من بين الستائر الثقيلة ففتحت عينيها بضيق ....لقد نامت كثيرا كعادتها بعد أن تأخذ قرص المنوم ... لقد أصبحت عادتها للهروب من واقعها أن تأخذ هذا القرص لتنام طويلا وتنسى كثيرا وترى الغالي في أحلامها
استقامت عنان من نومها بوجه متغضن وعينين مغمضتين وشعر مشعث واتجهت نحو النافذة لتجد الشمس حارقة الأشعة كما تبدو في وسط السماء
وتسائلت بشرود هل حقا لا زالت تشرق الشمس؟
وهل بعد فراق الأحباب تشرق شمسا أو يكتمل قمرا أو تظهر نجوم!
ما بال الحياة تسير وكأن شىء لم يكن؟!..
تحسست بأناملها شعرها الذي يصل إلى منتصف ظهرها
حتى شعرها قد استطال ولم يشاركها حدادها على الغالي
نظرت إلى قرص الشمس المكتمل الذي يتوسط السماء ورغم أن هذه الصورة كانت الأحب والأقرب لها منذ زمن إلا أنها منذ رحيل رماح منذ ثمانية أشهر تقريبا وكل الحياة فقدت معناها
ارتفع جرس الباب بالرنين فخرجت من غرفتها بحركة بطيئة لا مبالية وقالت بصوتٍ يحمل نبرة من عدم الاكتراث:"من؟؟..."
ارتفع الصوت الحبيب قائلا:"يونس...."
"أبي....."
خرجت الكلمة من بين شفتيها على هيئة حروف منفصلة وهي تعرف أن مجيئه ككل يوم سيكون للضغط عليها لترك شقتها في بيت عمتها والعودة معه لبيت العائلة
فتحت باب الشقة وما أن رأته بهيبته وطلته وسماحة وجهه حتى تحركت زاوية شفتها فيما يشبه الابتسامة فتقدم منها ليضمها إليه بحنان تحتاجه بشدة في هذه اللحظة
************
الولد.....
هل في الدنيا يوجد ماهو أغلى من الولد؟
أبناءنا أكبادنا تمشي على الأرض... حبهم في قلوبنا حب فطري وٌلدنا به ونعيش ونموت به... نؤثرهم على أنفسنا ... ما لم نحققه نحن لا نتمنى أن يحققه سوى قطعة منا ... وحين نكبر ويكبرون يشتد عودهم ويضعف عودنا فتتبدل الادوار ونتمنى أن نمضي ما تبقى من حياتنا في كنفهم حتى إذا جاء قضاء الله يكرموننا حين يواري الثرى أجسادنا ... ويدعون لنا بعد مماتنا.... هذه هي الفطرة التي فطر الله الانسان عليها
فماذا لو انقلبت الأدوار وخالفت أهواءنا الأقدار ومات الولد في حياة أبيه؟
عذاب ما بعده عذاب ...


نار في القلب وحسرة طوال العمر ...
كان راشد يجلس في غرفة المعيشة في وسط البيت بعد أن صافحه يونس ابن عمه قبل أن يصعد لابنته ككل يوم منذ وفاة رماح، إما يونس أو حليمة يأتون لابنتهم التي تتمسك بالبقاء في بيتها باستماتة، أحيانا كثيرة يبيت أحدهما معها وأحيان قليلة يتركونها ....
الحزن لا زال يخيم على البيت بعد موت رماح الغير متوقع اثر حادث سيارة ولكن حزن البيت كله في كفة وحزن الأب في كفة أخرى ..
كانت يمنة تجلس بجواره تلاحظ شروده ورغم حزنها هي الأخرى على رماح ولكنه في النهاية ليس ابنها ....لم يسكن أحشائها.... لم يحتل صدرها يوما فكانت حالتها أقل وطأة بكثير من راشد ...
ربتت على كتفه قائلة بمواساة :"ألن تخرج قليلا يا راشد لترفه عن نفسك؟ أصبحت لا تترك البيت إلا قليلا وهذه ليست عادتك..."
تنهد قائلاً:"ألا يباشر أبناءك كل أعمالنا بالخارج فما فائدة خروجي؟.."
"أنت الخير والبركة يا أبا رماح..."
ما أن نطقتها حتى أغمضت عينيها ثم فتحتهما مرة أخرى فأردف راشد ونظرة الحزن في عينيه تختلط بنظرة اخرى لم تٌجِد يمنة تفسيرها :"يمنة أخاكِ لن يترك ابنته في بيتنا فترة أطول ..."
قالت بجدية:"إن فعلها فهو معه كل الحق لن يلومه أحد هو طوال الفترة الماضية تركها لأنه وجدها متمسكة بالبقاء ولكني أعلم أنه لن يتركها أكثر من ذلك ولن تستطيع حليمة ترك بيتها أكثر من ذلك فهي باستمرار هنا ..."
أردف بنظرة عين قاتمة :"لذلك أريدك أن تحدثي ابنك ليتقدم للزواج من زوجة أخيه...."
لم تتعجب كثيرا فهي كانت تتوقعها من راشد ولكن انتظرت حتى تسمعها منه فأردفت بتساؤل:"تَمَام؟...."
"نعم..."
"وهل تتوقع أن يوافق؟..."
"وإن لم يوافق تقنعيه ليوافق....هدر بها بقوة ناقضت حالة الحزن التي كان غارقا فيها ليكمل بعينين مشتعلتين:هل تعرفين إن رحلت ابنة أخيكِ ماذا ستأخذ ؟ ستأخذ قائمتها كاملة..القائمة التي دفعت أنا ثمن كل شىء بها ... وستأخذ إرثها في أخيكِ بعد عمر طويل وكل هذا الله أعلم سيذهب لمن فالبنت مازالت في ريعان شبابها ولا يوجد لها ولد يعيق زواجها .... جمالها ومالها ونسبها ودينها يجعلون كل عائلات البلدة والبلاد المجاورة يتنافسون عليها..."
دون كلام لن يسمعه.......
دون جدال لا طائل منه...
دون دخول في مناقشات عقيمة ...
أطاعته قائلة:"حسنا راشد سأتحدث معه..."
اشترت نفسها فراشد كما هو ويبدو أن موت ابنه لم يغيره ... حزنه طوال الشهور الماضية ورغم أنه كان حزنا حقيقيا إلا أن قشرته ها هي بدأت في السقوط ليعود لأمجاده السابقة....


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-21, 06:24 PM   #119

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

في منزل العائلة
جلست غالية متربعة على الأريكة في وسط البيت تلفازها الكبير مفتوحا أمامها يبث آخر أخبار الساعة ونساء أبناءها في المطبخ يشرفن على اعداد طعام الغداء... أما صالح فكان يجلس بجوارها مستندا على كتفها...
كبر وأصبح له أحفاد ولا يزال حين يشعر بالثقل يأتي إليها ليضع رأسه على كتفها فأردف أخيرا بشرود :"كان عندك حق يا أم صالح حين كنتِ تقولين لنا ليتكم ظللتم صغارا..."
مسدت على شعره بأناملها بحب لبكريها الذي رغم تجاوزه للخامسة والخمسين إلا أنها لا تراه سوى صالح الصغير ذي الخامسة ثم أردفت:"أعرفك حبيبي تحمل هم أبناءك ولكن اتركها على الله وارمي أحمالك عليه.."
قال لها بنفس الشرود:"يحزنني يا أمي قلب صغيرتي الذي يشتاق لطفل منذ سنوات ... ويحزنني حال يوسف الذي لا يرتاح ولا يٌريح من حوله... وحاتم الذي يرفض فكرة الاستقرار ... تعبت أمي....."
أردفت غالية قائلة بحكمتها المعروفة وبصوتٍ حمل حنان الدنيا :" لا تذكر الحزن على لسانك يا ولدي وليكن لك في نبي الله يعقوب أٌسوة حين قال لأبناؤه إني ليحزنني أن تذهبوا به...فعقب قوله حزنا دام لسنوات بل استبشر بالله خيرا حبيبي و كل امرئ في الدنيا سيأخذ نصيبه بلا زيادة ولا نقصان..."
كانت تتحدث بصوتها الرخيم وترفق كلماتها بتربيت على كتفه شد حقا من أزره فاستقام معتدلا وقال لها والضحكة تشق طريقها بين شفتيه:"دائما تستطيعين اخراجي من أسوء حالاتي ياغالية..."
قالت له مشاكسة :"أنت أيضا ستناديني باسمي يا صالح...."
"قلنا لقبك يا أم صالح.... قلنا لقبك...."
قالها معتصم الذي دلف من باب البيت المفتوح وقد سمع كلماتهما الأخيرة و صافح صالح الذي استقام واحتضنه وقبله فأردف معتصم:"كيف حالك ياحاج صالح؟.."
ربت على كتفه قائلا:"بخير يا حبيبي..."
ثم جلس معتصم بجوار غالية من الجهة الأخرى وفي نفس اللحظة نزلت يسر مع يحيى يسندها وما أن وصلت إلى والدها حتى احتضنها بصمت وقبلها بحب ثم صافح يحيى ....
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"
ألقى يونس السلام على الجميع ودلف ليجلس بجوار صالح فخرجت حليمة من المطبخ قائلة له:"هل ذهبت إلى عنان يا يونس؟.."
زفر قائلا:"نعم ولم توافق على العودة معي ....."
كان الجميع سيتناولون الغداء معا كما طلبت غالية لذلك كان دخولهم تباعا وما أن دلف زكريا حتى أردف بعد أن ألقى السلام وقد سمع كلمات أخيه الأخيرة:"وهل تترك ابنتك يا يونس هي من تقرر مصيرها ألسنا رجالا حتى تظل جالسة في بيت راشد الذي لديه ثلاث رجال ..."
قالت حليمة مدافعة عن ابنتها:"هي تجلس في شقتها يا زكريا لا تجلس عند راشد ولا تغادر شقتها حزنا على زوجها الراحل وأنا ويونس عندها بشكل يومي ..."
"ولو...."
قالها زكريا بحدة وهو يجلس على الأريكة المقابلة لأريكة أمه فأردف يونس بطيبته المعهودة:"أنا أتركها فقط حتى لا أكسرها ولا أجرح مشاعرها ،أتركها تأخذ كل مراحل حزنها على زوجها حتى تأتي هي من تلقاء نفسها...."
غمغم زكريا بصوت غير مسموع وعلامات الضجر ترتسم على وجهه:"طوال عمرك عاطفي وضعيف أمام بناتك يا يونس..."
خرجت نعمة من المطبخ تتبختر في مشيتها ببرود يشبه برود زوجها وقالت موجهة حديثها لصالح:"أهلا ياحاج صالح ...لما لم تحضر مريم معك اشتقنا لها ..."
فأردف صالح:"لأني سآخذ يسر وأعود مرة أخرى ..."
قالت له بتهكم متعمد :"وماذا فيها كانت أتت وكنت تركتها فزوجها دائما منشغل بالعمل فلن يفرق معه بقاءها هناك من بقاءها هنا...."
كانت غالية تستمع بصمتِ وقلبها حزين على ورداتها الثلاث اللاتي ظهرت لكل منهن مشكلة مع الزمن أما معتصم فلم يكن قلبه بأقل من قلبها حزنا وهو يستمع إلى حديثهم المٌلغم بالشفقة على الثلاث فتيات اللاتي تسكن احداهن قلبه وتستعمره دون أن تدرك شيئا عن هذا الاستعمار....
ولن تدرك....
***************
بعد مرور عدة أيام
في غرفتها في أكبر مشفى في المحافظة كانت ترقد يسر وعلامات إلاعياء على وجهها وبجوارها يحيى يحتضن كفها بكفيه
يشعر بالحزن على فقده لجنينٍ سكن رحمها لأشهر وتمناه معها ليالٍ طويلة ...
يشعر بالحزن عليها وهي بهذا الحال ....
يشعر بالرهبة بعد أن دفن الصغير الذي لم يكمل شهره السابع في رحمها بجوار جده عمران وعاد
و حولهما صالح وليلة ويوسف و مريم وحاتمونعمة والجميع كأن على رؤوسهم الطير
طرقتين على باب الغرفة أخرجت الجميع من ثباتهم أعقبها دخول الطبيب الكبير قيمة وقامة الذي أردف ما أن دخل بابتسامة أبوية:"كيف حالكِ الان؟..."
أردفت يسر قائلة بصوتٍ منخفض :"بخير..."
استأذن الطبيب الجميع للخروج ليوقع الكشف عليها فخرج الجميع إلى الغرفة الملحقة بغرفتها عدا ليلة ونعمة ويحيى وبعد أن أنهى الطبيب كشفه الروتيني عليها قال ليحيى بعدما ابتعد عن فراشها بمسافة كافية :"تستطيع الخروج مع الالتزام بالراحة التامة والبعد عن أي انفعال..؟"
قال له يحيى بوجه متأثر:"حسنا يا دكتور نشكرك على كل شىء ...."
فأردفت نعمة بصوتٍ منخفض بعد أن اقتربت من الطبيب :"أريد أن أعرف أسباب هذا الإجهاض المتكرر يا دكتور..."
فأردف الرجل وهو يلاحظ نبرة الفضول في صوتها:"حضرتك والدتها؟.."
أردفت قائلة بسرعة:"كابنتي بالضبط ولكني والدة زوجها ...."
قالتها وهي تربت على ذراع يحيى فأردف الرجل بنبرة عملية:"حتى الآن لا يوجد سبب واضح للإجهاض لأن كما عرفت من الاستاذ يحيى يختلف سبب الاجهاض كل مرة عن سابقتها ولكني أرجح أن يكون السبب القرابة خاصة أنها من الدرجة الأولى ..."
لم يكن يحيى يحب أن يتحدث الطبيب أمام أمه لأنه يعرفها لن تسكت بعد سماعها لكلمات الطبيب ولكنها أحرجته حين سألت هي بنفسها الرجل بشكل مباشر فأردفت وعينيها تتسعان قليلا بفهم تدعي عكسه لتعرف أكثر:"كيف يادكتور؟.."
فأردف الطبيب بلهجته العملية:"هناك صفات وراثية متنحية هي التي تؤدي إلى تشوهات في الاجنة والذي يؤدي بدوره الى عدم اكتمال الحمل... ولكن لابد أن يكون الابوين لهم نسخة واحدة من الطفرة الجينية والتي بانتقالها من الابوين للجنين تسبب ظهور المرض نتيجة حصول الجنين على الطفرة الجينية المضاعفة (نسختي الجين في الدي ان ايه تكونان مصابتين بالطفرة ) وهواحتمال منخفض ويتطلب أبوين ذو صلة قرابة من الدرجة الاولى كحالتكم...."
لم تكن نعمة على درجة كبيرة من الثقافة لتفهم معنى كل ماقيل ولكنها أيضا لم تكن بالغباء حتى لا تعرف أن السبب المرجح لكل مايحدث هو زواج الاقارب
ارتسم الحزن والألم على وجه يحيى بينما أردفت نعمة بصوتٍ منخفض للطبيب حتى لا يسمعها أحد :"ولكن إن كان تزوج بأخرى فكان من الممكن أن ينجب طفل سليم هل مافهمته صحيح؟..."
"إن تزوج كلاهما من آخر هناك احتمالية أن ينجب كل منهما من آخر طفل سليم وهناك احتمالية لتكرار ماحدث إن صادف وجود نفس الصفة المتنحية عند الشخص الآخر هذا....هناك حالات تأتينا هكذا وليس بينهما صلة قرابة...."
قالها الطبيب متعمدا لما وجده في عينيى نعمة التي فتحت فمها ببلاهة مما قاله الرجل بينما تشنج جسد يحيى من كلام الطبيب خاصة حين قال كلاهما يستطيع الانجاب من آخر،هو لا يسمح بمجرد التلميح بأن تكون هي مع غيره ذات يوم
لم يٌرد الطبيب أن يدخل في جدال أكبر فأردف قائلا ليحيى وهو يضغط على حروف كلماته:"كما قلت لك بني الحالة النفسية هي أهم شىء فحاول أن تجعلها لا تتعرض لأي ضغوط الفترة المقبلة ...ربت على كتفه وغمز بعينه وهو يميل هامسا في أذنه :وخاصة من الحاجة....."
خرج الطبيب وبدأت ليلة في مساعدة يسر على ارتداء ملابسها بينما ينتظرهم الجميع في الغرفة الأخرى وكل منهم شارد في أفكاره وخاصة نعمة التي كانت أفكارها تنهش في رأسها وما أن استعدت يسر للمغادرة حتى أحاط يحيى بذراعها وخرجا من الغرفة خلفهما نعمة وليلة وصالح وخلفهم يوسف الذي أحاط كتف مريم بذراعه فشعرت بالدفء يحتل جسدها... دفء تفتقده في حياتها ولا تعرف هل قربه هذا حالة طارئة لتأثره بالظروف المحيطة أم أن هناك تغييرا حقيقيا على وشك الحدوث
***********
بعد مرور عشرة أيام
بعد أن استعادت يسر القليل من عافيتها في بيت والدها أخذها يحيى في رحلة لتحسين حالتها النفسية
وعلى شاطىء البحر الأحمر في احدى المدن الساحلية رائعة الجمال التي تبعد عن البلدة بساعات قليلة كانت تجلس على احدى الصخور العالية ويحيى بجوارها
كانت شاردة في قرص الشمس الذي بدأت اشعته البرتقالية توحي بغروبٍ منتظر في شكل رائع امتزج فيه اللون الاصفر بالأحمر بالبرتقالي ليصنع لوحة رائعة الجمال ومن كان ينظر إليهما في جلستهما متجاورين هكذا كان يجزم بان لوحتهما لا تقل سحرا فيسر ويحيى كانت ملامحهما متقاربة بحكم أن دماءهما واحدة أو ربما حدث لهما مايحدث أحيانا لبعض الثنائيات وهو أن يطبع كل منهما على روح الآخر لتشعر في النهاية انهما متشابهين
أحاط كتفيها بذراعه قائلاً بصوتِ يحمل دفئا :"حبيبتي ستظل شاردة بعيدا عني كثيرا؟...."
لم تستطع أن تتكلف عناء الابتسامة فأردفت وهي تستند برأسها على كتفه :"أنا معك..."
زفر قائلاً برضا لا يتصنعه:"حاولي أن تجتازي هذه الفترة يويو كما أحاول أنا ثم أردف مستفزا لها حتى تخرج من صومعتها:ثم هل انجاب طفل أهم عندكِ مني؟.."
نجح في اخراجها من صمتها فرفعت رأسها نحوه قائلة باقتضاب:"وهل هذا الطفل أريده لنفسي فقط ألا أريده لك أنت أيضا؟..."
"أنتِ حبيبتي في المقام الأول يلي ذلك أي شىء آخر... حين لا يريد الله لنا أن تكتمل كل مرة أحمد الله أنكِ معي وأنكِ قمتِ لي بالسلامة... ماذا سأفعل بطفلٍ لو أصابكِ مكروه لا قدر الله... انظري إلى الأمر من هذه الزاوية تخيلي إن كان جاء الطفل وحدث لي مكروه ماذا كنتِ ستفعلين؟..."
اعتدلت في جلستها وقد ظهر الجزع على ملامحها فقالت له :"بعيد الشر عنك ....أنت أغلى ماعندي ولا أتصور حياتي بدونك..."
ها هو قد نجح في اخراجها قليلا من حزنها وصمتها
ولم يكذب في كلمة مما قالها اطلاقا فهو حقا لا يستطع الاستغناء عنها في حياته
ومن يستغنى عن قمر ينير لياليه ... نجمة تومض في سماؤه... فجر يأتي بعد عتمة... شمس تشرق فتنير أيامه
أردف في محاولاته لجذبها بعيدا عن حزنها وهو يرفع وجهها نحوه ، يحيط ذقنها بسبابته و يتحسس طابع الحسن الذي يوشم ذقنها بابهامه :"ست الحسن كيف تريد أن تقضي الأيام القادمة ؟.."
قالت له وقد غامت عينيها بسحابة حب من لقبها المحبب :"كم يوم سنمكث هنا؟..."
"إلى أن تقولي أريد العودة..."
أخذت تتأمل وجهه المليح الذي تعشقه وعينيه الدافئتين وسمرته المحببة ثم أردفت بعد ثوان قليلة :"إذن لن نعود..."
ابتسم قائلا وقد راقه أن خرجت كثيرا من صومعة حزنها :"ست الحسن تأمر أمر..."
ابتسمت أخيرا ابتسامة مرهقة رافقتها غصة في صدرها شعر بها لقربها الشديد منه فأردف قائلا في محاولة لتشتيت ذهنها عن حزنها :"هل تتذكرين حين جئنا هنا في بداية زواجنا؟..."
ابتسمت هذه المرة ابتسامة صغيرة ولكن من قلبها وهي تتذكر كل أيامهما الجميلة منذ سنوات حين كانت السعادة خالصة لا تختلط بطعم وجع أو نقص أو خذلان
فضمها إليه وأحاطت جذعه بذراعيها واستندت بجانب وجهها على صدره و شعاع شمس المغيب يسقط على وجهيهما و يتابعان معا رحلة غروب شمس يوم من أيام الله وكلاهما بداخله شعورا بالفقد لم يهزمه سوى وجودهما معا
**********
في مركز المحافظة التي لا تنام و بعد غروب الشمس في الشقة الصغيرة التي يستأجرها معتصم بجوار مقر عمله في قسم الشرطة حتى يبيت فيها في الأيام التي يكون لديه ضغط عمل ولا يسعفه وقته للذهاب إلى القرية جلس في الشرفة التي تطل على النيل في نفس الشارع الواقع فيه بيت صالح وأبناؤه ومعه يوسف الذي كان يحتسي النسكافيه الساخن بشرود فقال له معتصم:"ألن تذهب إلى بيتك مبكرا اليوم؟.."
"إن مللت أو كنت تريد النوم سأذهب إلى أصحابي أسهر معهم..."
قالها يوسف بضجر فأردف معتصم بهدوء وهو يرفع كفيه أمامه :"لم أمل ولا أريد النوم ولكني أريدك أن تكسر صنمك وتستعيد حياتك الهادئة مع زوجتك وتستمتع بتربية أبناءك...."
لم يرد عليه يوسف وهو يشرد في القوارب التي تسير أمامه في النيل جيئة و ذهابا
ويعود بذاكرته لسبع سنوات للخلف وتحديدا بعد وفاة جده عمران
لم يكن صالح من نوعية الاباء الذين يتركون لأبناءهم الحبل على الغارب بل كان شديدا في تربيتهم بما أنه يربي رجالا فكان هو وشقيقه حاتم يعملان مع والدهما منذ أن كانا في الثانوية العامة ....
لم تكن ليوسف علاقات نسائية في الوقت الذي كان اصدقاؤه يعيشون مرحلة المراهقة والشباب كما يحلو لهم ....
تحركت مشاعره تجاه مريم ما أن شبت وبارك والديه هذه العلاقة التي استمرت عدة سنوات كانا فيها في حكم المخطوبين وبعد وفاة جده عمران تقرر زواجه هو و أبناء عمومته آخر العام
في هذه الفترة كان هو قد أنهى دراسته بكلية الحقوق وكان بالفعل يخوض مجال العمل مع والده في الشركة والمصنع واحتاج لعدةدورات تدريبية ليحسن من كفاءته وبالفعل التحق بدورة تدريبية في الحاسب الألي ليتعرف وقتها على "نهال"
كانت تدرس معه في نفس الدورة التدريبية ،لفتت نظره لها بجمالها وشخصيتها القوية وذكاءها ،وجد فيها مالم يجده مع مريم ...كان طوال عمره يحب هذه الشخصيات ولكنه لم يقابلها
أما مريم فأحب فيها هدوئها واستكانتها...
أحب حبها له ...
اما نهال فأسرته بكل شىء في شخصيتها وقتها وجد نفسه ينسحب من علاقته بمريم تدريجيا دون أن يملك جرأة الاعتراف لها ليقترب من نهال
وكلما تقهقر خطوة بعيدا عن مريم ... اقترب خطوتين من نهال
وكلما هدأت مشاعره تجاه مريم.......اشتعلت مشاعره مع نهال
وكلما فتر شعوره تجاه مريم..... تأجج شعور أقوى تجاه نهال
وبالفعل لمح لها بمشاعره ولم تمانع وحين تحدث مع والديه صراحة في رغبته في ترك مريم ورغبته في أخرى قامت الدنيا عليه منهما معا
لن ينسى ما قاله له والده بما لايسمح بالمناقشة:"ابنة عمك التي خطبتها وعلم كل الناس أنها لك كيف ستتركها بعد هذه السنوات ومن سيرضى بها بعدما تركها ابن عمها؟ الجميع سيقول عليها معيوبة لذلك تركها ابن عمها...."
"أنت تصعب الأمر يا أبي ليس إلى هذه الدرجة ..."
كان هذا رد يوسف لترد أمه بثقة:"بل سيقولونها يا ولدي أنت لا تعلم ...."
وقتها علم أن مهمة اقناع والديه ستأخذ وقتا وحين لمح لنهال بهذا الأمر حتى لا تظنه يلهو بها وتنتظره حتى اتقدت عينيها بشراسة قائلة:"ولست أنا من تقبل أن تدخل في أسرة تكون مرفوضة بها بهذا الشكل .."
كان ردها قاطعا وتصرفها حاسما وكأنها تٌصعِب أمر فراقها عليه أكثر ما كان صعبا
فقد أعطته مهلة إما أن يأتي بوالديه لخطبتها وإما تركته نهائيا
وكما عرفها وهي قوية .... تركته أيضا وهي قوية...
ولأن الانطباعات الاولى تدوم فقد انحفرت هذه الفتاة في عقله وقلبه وكأنها وشما ..
وقتها قبلت شابا تقدم لها من أقاربها وذهبت معه للاقامة في العاصمة وتركته هو خلفها و رغم أن عمر العلاقة لم يكن سوى أشهر قليلة إلا أنها تركت لديه انطباعا قويا
وقتها لم يعد يفرق شىء معه وحين جاء آخر العام وحان وقت الزواج تزوج مريم كما كان مخططا خاصة وهي لم تعرف أي شىء عما حدث هذا
ولكن الفرق أنه تزوجها بمشاعر محايدة
زيجة عادية مثلها كمثل أي زيجة...
وهذا ما صدم مريم لأن سقف توقعاتها كان أعلى مما يعطيه هو ومن هنا يحدث دائما الخلاف بينهما هو يتصرف كزوجٍ عادي
وهي تنتظر منه تصرفات عاشق قديم
"هل تعلم ماهي مشكلتك الحقيقية؟...."
أخرجه من فيض ذكرياته تساؤل معتصم الذي أنهى كوب النسكافيه خاصته وأشعل سيجارة ليردف باستخفاف :"ماهي مشكلتي الحقيقية يا رائد بدرجة طبيب نفسي..."
قهقه معتصم ضاحكا ثم أردف:"مشكلتك أن الحاج صالح حَمَلك الهم منذ كنت صغيرا ولم يتركك تعيث في الأرض فساداً ...."
رفع يوسف حاجبيه قائلاً وهو يسحب السيجارة من فم صاحبه لينفث دخانها هو:"مثلك؟..."
قال معتصم بفخرٍ وهو يسحب من علبة سجائره سيجارة أخرى ويشعلها:"نعم مثلي ثم أردف متهكما:جميعكم كان اباؤكم يقفون لكم بالمرصاد أما أنا فلم يكن لي لا أب ولا أم و كنت لا أهون على غالية فلم تكن تقول لأبي عمران عن مصائبي ....قهقه ساخرا وقال:وسبحان الله كلما قمت بعمل شىء كان يصل إليها فأقبل يديها وأعدها ألا يتكرر فكانت تغطي على مصائبي...."
قهقه يوسف ضاحكا من قلبه وقال ساخرا:"حتى تعلم أن رٌب ضارة نافعة ولا تصدعنا كما كنت تفعل قديما بأن لا أب لك ولا أم..."
تغضنت ملامح معتصم فجأة ولاحظ يوسف ذلك فأردف قائلاً باعتذر:"أمزح ياعصوم لا تأخذها على صدرك..."
"وإن لم تكن تمزح لا عليك يا صديقي ..."
قال يوسف ليخرجه من وجومه المفاجىء:"حسنا لديك حق المشكلة انني تحملت المسئولية و تزوجت وأنجبت مبكرا ولم أجرب أشياء كثيرة ... مط شفتيه قائلا: حتى قضيت وقتا كبيرا من عمرى هائما لا أعرف الفرق بين عشق وعشق.."
زفر معتصم زفرة حارة وهو ينفث دخان سيجارته بشرود قائلا:"لا عليك يا صديقي سواء من جرب أو من لم يجرب كلنا هائمون في متاهات العشق...."
***********
في شقة زكريا جلست نعمة في فراشها بجوار زوجها الذي أردف قائلاً باستخفاف :"هل قال لكِ ابنك متى يعود من سفرته التي ليس منها داعٍ هذه؟....."
عوجت نعمة فمها يمينا ويسارا وأردفت بتهكم:"حين تأمر ست الحسن و الجمال التي قامت بعمل أسود لابنك ودفنته في قاع البحر..."
قال زكريا بنظرة قاتمة:"صالح ابناؤه لا يتركوه.... فوق رأسه دائما في الشركة و المصنع أما أنا فأبناءك حين احتاجهما يختفون كالزئبق..."
قالت له نعمة بضجر:"دعك من العمل الان أنا كل مايشغلني أمر الانجاب لهما ستة أعوام ومازلنا نقف عند نقطة الصفر و واضح من كلام الطبيب أنه لا أمل..."
قال بضيق:"وماذا سنفعل ...أمر الله..."
اعتدلت في الفراش و جلست أمامه مباشرة قائلة:"لا ...نفعل كثير لابد أن يتزوج ابني وينجب لنفرح بأبناؤه قبل أن نموت ؟.."
قال لها بحيرة :"وهل ستوافق أمي على هذا؟ وهل سيسكت صالح؟..."
تغضنت ملامحها قائلة:"وما دخل صالح ؟ هل لو كانت ابنتك التي لم تنجب لابنه كان سيسكت بالعكس كانت ليلة ستزوجه ...."
قال لها بنفس الحيرة:"هذا ما أحمل همه ابنتك التي لديهم ألن يؤثر هذا الأمر عليها؟.."
عوجت فمها يمينا ويسارا قائلة:"وهل ابن صالح ينتظر أن يحدث هذا هو يؤرقها دون سبب....."
اتسعت عينيه قائلا:"هل قالت لك شىء..."
"دون أن تقول ألاحظ أنا كل شىء وابنتك الحمقاء لا تنطق ...يوم كانت يسر في المشفى وخرجت وذهبت للبيات معهم كان يحدثها ببرود ولم يبيت في الشقة معنا بل بات عند أمه بحجة أنه يريدني أن آخذ راحتي ولكن نظرة مريم كانت تغني عن الكلام...."
صمت قليلا ثم أردف بتردد:"وهل ابنك سيوافق على هذا؟.."
"يوافق رغما عنه.."
قالتها بحدة وعزم وتصميم...
فأردف زكريا بقلق:"لا أعرف يا نعمة أخاف أن تنقلب الدنيا على الجميع..."
قالت بنفس الاصرار"لن يحدث شىء هذا حقه ،ومن في بلادنا يجلس بجوار زوجته التي لم تنجب له؟... ونحن لن نقول يطلقها بل يتزوج وهي تظل معه..."
"ومن التي سيوافق أهلها بأمر كهذا؟..."قالها بتفكير عميق
"كثيرون... كثيرون ولكن كل ماعليك أن تضغط على ولدك حتى يوافق..."
أومأ لها برأسه وهو بداخله يقتنع بالفكرة لأنه يريد أن يرى نسله الذي يحمل اسمه فكما انجبت ابنته لصالح الولد الذي يحمل اسمه يتمنى هو الاخر من يحمل اسمه
وهل يٌلام في بلادهم من يطلب حقا كهذا؟
انه في عرفهم حق مشروع....
حتى وإن رأه البعض ذنبا ....
فالذنب بعد أن يأتي الولد يصبح مغفور....
نهاية الفصل

أتمنى يكون نال اعجابكم وهنتظر آراؤكم باذن الله


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-21, 07:16 PM   #120

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 79 ( الأعضاء 15 والزوار 64)
‏Heba aly g, ‏ام حمد طبيلة, ‏rontii, ‏Marwahr, ‏Solly m, ‏سعاد انور, ‏remokoko, ‏نهله صالح, ‏اوما راما, ‏user0001n, ‏امال رضا, ‏samah soliman, ‏منى م محمد, ‏ادم الصغير, ‏mariam saye


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:23 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.