آخر 10 مشاركات
ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          339 - على ضفاف الرحيل - آن ويل (الكاتـب : سيرينا - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          *&* هنا يتم الابلاغ عن الكتابات المخالفة للقوانين + أي استفسار أو ملاحظه *&** (الكاتـب : سعود2001 - )           »          قبلة آخر الليل(15) للكاتبة: Gena Showalter *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          دانتي (51) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الثاني من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree103Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-05-21, 09:41 PM   #11

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هبه احمد مودي مشاهدة المشاركة
الف مبروك بسكوتي الحلوة
السلسلة تحفة ما شاء الله
و الجزء دا صخوري و هريرته مع المجنون جاسم
و بشر بشوري و سندس هانم
الف مبرووووك يا قلبي
متابعه الفصول بأمر الله
و عقبال الجزء الثالث و ال حبيبي و ست سيلفر
الله يبارك فيكي يا بيبا تسلميلي يا قلبي 😘😘😘😘😘😘


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-05-21, 09:42 PM   #12

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ولاء وحيد مشاهدة المشاركة
الف مبروووووك عقبال تمام السلسله 🌷🌷🌷
الله يبارك فيكي حبيبتي تسلمي يا رب ❤️❤️❤️❤️


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-05-21, 09:49 PM   #13

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دلوقتي ميعاد الفصل الثاني


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-05-21, 09:51 PM   #14

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني
( خطوة أولى نحو دربك رسمت طريقي )
******
أنهت لقاء رص أطباق الطعام على الطاولة في الوقت الذي دخل فيه خالد إلى الشقة وعكس ما اعتادت فقد بدأ بعينيها شاردًا بوجوم وكأن هناك ما عكر صفوه في الساعات الماضية ..
اقتربت منه بهدوء لينتبه لها أخيرًا فيلقي عليها التحية بصوت مكتوم مما ضاعف من قلقها !
" ماذا بك ؟!! "
سألته بتوتر فأجابها بروتينية وهو يضع هاتفه و سلسلة مفاتيحه فوق الطاولة :
" لا شيء "
" خالد "
نادته بحذر فنظر لها ليرى الخوف يسيطر على ملامح وجهها فأبتسم مطمئنًا واقترب منها يقرص وجنتها مشاكسًا إياها :
" كيف حال ابنتي اليوم ؟! .. هل قمتِ بإرهاقها بثرثرتك الغريبة معها كما بتِ تفعلين مؤخرًا ؟!! "
لم ينطلي عليها ما يفعله فأمسكت بكفه التي تداعب وجنتها وسألته بإصرار :
" ماذا بك يا خالد ؟!! .. ما الذي حدث ؟! "
أدرك خالد أنه لن يستطيع أن يخبئ عنها ما يؤرقه فقال بلهجة حانية :
" لنتناول غذائنا أولاً ثم سأخبرك "
" هل أبي بخير ؟!! "
سألته برعب وقد تذكرت للتو أن أبيها لم يحدثها اليوم فقال بسرعة مطمئنًا إياها :
" لا تخافي يا حبيبتي عمي بخير والله بخير ، الأمر يخص عملي "
نظرت له لقاء بشك فأقسم لها مرة أخرى أن والدها بأفضل حال لكنها لم تطمئن إلا بعد أن اتصلت به و اطمأنت عليه وعلى صحته أمام عينيّ زوجها الضاحكتين بزيف واضح ..
" هل صدقتي الآن ؟!! "
أومأت له ببعض الراحة فدخل وأنعش نفسه ثم بدل ملابسه وجلسا سويًا على مائدة الطعام ..
وبعد دقائق بسيطة قالت لقاء وهي مبتسمة بحلاوة بينما تقطع له صدر الدجاجة وتضعه أمامه :
" لقد اتصلت خالتي إيمان ودعتنا لعيد ميلاد سندس "
ابتسم خالد بهدوء بينما استطردت ضاحكة :
" لا أصدق أنها استطاعت اقناعها ، كما أنها دعت خالتي سميحة وفداء ، وسندس ستصور قتيل إذا علمت بهذا الأمر "
بقى خالد على شروده غير متفاعلاً مع حديثها مثلما اعتادت
لا .. هناك أمرًا كبيرًا حدث معه ويخبئه عنها
سألته لقاء مرة أخرى بعد عدة دقائق خاصةً وأن ملامحه تخبرها بأن الأمر غير هين :
" ماذا بك يا خالد ؟!! "
تنهد خالد من الحاحها ثم أستغفر الله وسألها بنبرة ذات مغزى :
" يا بنت الناس هل أخفيت يومًا أي شيء عنكِ ؟!! "
هزت له رأسها نفيًا فوضع قطعة من الدجاج في فمه دون شهية ثم استطرد بهدوء :
" إذًا لما الإلحاح والزن المتواصل ؟!! .. قلت سأخبرك بعد الغذاء ، لما لا تأكلين ؟!! "
هزت لقاء كتفيها ثم أجابت :
" لا اشتهي الطعام "
ترك خالد الطعام هو الآخر ثم قال بضيق :
" بصراحة ولا أنا ، لقد تناولته فقط من أجل تعبك "
نظرت له بعتب فغمز لها مبتسمًا بحنان ثم رفع كفها يلثمه هامسًا بحب لأجل أن يطيب خاطرها على الطعام الذي وقفت وتعبت بتحضيره رغم تعكر معدتها المتواصل :
" سلمت يداكِ يا أم لولو .. لا حرمني الله من نعمة وجودك "
ابتسمت له لقاء بحنان فنهض خالد يغسل يديه لتجمع هي الطعام الذي لم يمس معظمه فساعدها خالد بعد أن أنهى غسل يداه وأدخل الأطباق معها إلى المطبخ ..
وبعد أن انتهيا من ترتيب المكان جلسا سويا لتنتظر هي بصبر أوشك على النفاذ فيقول هو بعد لحظات من الترقب :
" أتذكرين السيد عبد الخالق ؟!! "
قطبت لقاء قليلا ثم سألته :
" مديرك ؟!! "
أومأ لها خالد فسألته مرة أخرى :
" ماذا به ؟!! "
ساد الصمت بينهما قليلاً ليقول خالد بصوت مكتوم وملامح وجهه متحفزة بشكل غريب :
" لقد اكتشفت اليوم أن الرجل الذي كنت أراه أبي الروحي لأكثر من عشر سنوات ما هو إلا فاسد آخر يختبئ خلف واجهة الرجل المكافح "
ضيقت لقاء عينيها تنظر إلى ملامح وجه زوجها التي يعلوها الغضب والخذلان ثم قالت بعدم فهم :
" كيف هذا ؟!! .. مؤكد هناك شيء خاطئ ، لقد رأيته معك أكثر من مرة وفي كل مرة كنت أرى تدينه والتزامه واضحًا في تعامله مع الجميع "
التوت شفتي خالد بسخرية مريرة ثم قال بعد لحظات :
" اكتشفت اليوم أن كل ذلك ما هو إلا غطاء يختبئ خلفه شخص مغاير تمامًا لما نعرفه "
ازداد توتر لقاء ثم سألته :
" لا أفهم .. ما الذي حدث اليوم على وجه الخصوص ؟! "
اشتدت ملامحه بنفور شديد فيما يقول :
" لقد وقعت بين يدي بيانات تثبت تورطه في صفقات مشبوهة ، إنه شريك في الكثير من الكوارث .. أراضي ثمنها ملايين اشتراها هو برخص التراب ، هذا غير الكثير والكثير من المشروعات التي أصبح بشكل مريب شريك فيها وبنِسب عالية ، كما أن البيانات التي رأيتها تحتوي على أرقام وحسابات مختلفة تمامًا عن المدونة في الحسابات .. والأقذر من كل ذلك أنني تأكدت أنه يقدم الكثير من التسهيلات لرجال أعمال معروفين بسمعتهم العاطنة مقابل نسب وأرباح تدخل حسابه سنويًا بعد أن ظننت أنها مجرد شائعات لضرب سمعته "
اتسعت عينا لقاء بصدمة وهمست بارتياع :
" ما كل هذا ؟!! "
نظر خالد إلى صدمتها ثم تنهد قائلا بقلة حيلة وغضب العاجز :
" لقد اختفت تلك الحسابات بعد أن رأيتها بوقت قصير ، بحثت عنها كثيرًا لكن يبدو أن أحدهم قام بمسحها من قاعدة البيانات ، على الأغلب ظهورها كان خطأ منهم وسارعوا بإصلاحه قبل أن يكتشف أحد العاملين الأمر "
ابتلعت لقاء ريقها ثم سألته بحذر :
" وماذا ستفعل ؟!! "
احتل الغموض حدقتيه ليجيبها بصوت خافت :
" سأبحث خلفهم إلى أن أصل إلى تلك البيانات مرة أخرى ووقتها سأسعى إلى إلقاء القبض عليهم "
انقبض قلب لقاء لتهمس بخفوت قلق وهي تربت على كفه :
" احترس يا خالد .. هذا الأمر أخطر مما يبدو عليه ، أنت تقول رجال أعمال وحسابات .. لن يتركوك بحالك إذا علموا ما تنوي عليه "
ضمها خالد الى صدره مغمغما بيقين رغم أن قلبه ينغزه من شيء مجهول :
" لا تخافي .. الله معنا "
***********
( بعد عدة أيام )
" السيد صخر المنصوري وصل يا بك "
أغلق عبد الحميد هاتفه ثم قال للسكرتيرة :
" أدخليه وأخبري جاسم وأمين وبكر أنني انتظرهم بعد عشر دقائق من الآن "
" السيد أمين خرج منذ نصف ساعة تقريبًا "
تنهد عبد الحميد بضيق ثم قال بعد لحظات :
" إذًا ابعثي لي جاسم وبكر لكن كما قلت بعد عشر دقائق على الأقل "
أومأت المساعدة بطاعة وخرجت ليدخل صخر في إثرها ملقيًا التحية بهدوء ورزانة ..
نهض عبد الحميد وصافحه بحذر ثم دعاه إلى الجلوس فيما يقول مباشرةً بهدوئه المعتاد :
" أهلاً يا سيد صخر .. زيارة غير متوقعة ، بما أخدمك ؟!! "
لمعت عينا صخر بتقدير صريح لهذا الرجل فقد كون فكرة سابقة عنه في أكثر من موقف وتوسم فيه الذكاء وحسن التدبير والتصرف ..
اعتدل صخر في جلسته ثم رد عليه دون مراوغة :
" لقد علمت أن الشناوي وجماعته يحومون حول مجموعة الغانم "
التوت شفتي عبد الحميد بشبه ابتسامة وعيناه تحاول سبر أغوار من يجلس أمامه ثم قاطعه قائلاً بهدوء يُحسد عليه :
" قبل أي شيء هذه ليست جماعة الشناوي بل الشناوي هو أقلهم قوة وأهمية لذلك قاموا بوضعه في الواجهة ، قد يصيبك الذهول ولا تصدقني إذا أخبرتك عن بعض الأسماء التي تدير تلك المجموعة من أسفل الطاولة يا صخر باشا "
أوشك صخر على التحدث لكن عبد الحميد قاطعه مرة أخرى قائلاً بسطوة بينما تلمع عيناه بغضب مخيف :
" أما عن رجالك الذين ينقلون أخبارنا لك فقد أخطـ...... "
أوقفه صخر قائلاً بصوت قوي :
" من أخبرني عن هذه الزيارة هو الشناوي نفسه "
صمت عبد الحميد مقطبًا وقد تفاجئ بالأمر ليغمغم صخر بعد لحظات :
" لقد أتى لي بنفس العرض قبلكم .. كما أنها ليست المرة الأولى التي يظهر لي فيها "
ضيق عبد الحميد عينيه ثم سأله بعد لحظات بفطنة لا تنقصه :
" هل تقصد أنه هو من ..... "
قاطعه صخر من جديد مستطردًا :
" هو من أسقطني سابقا حين رفضت عرضًا مشابهًا وللأسف الشديد لا أستطيع الأخذ بثأري حتى الآن بسبب والدتي وأختي "
زفر عبد الحميد بضيق وعقله يعمل دون توقف ..
هذه المرة الأمر يبدو أكثر خطورة ..
قد يفعلون المثل بأولاده !
اللعنة .. !
كان عبد الحميد غارقًا في أفكاره بينما صخر يحلله بكل بساطة ..
هذا الرجل يشبهه للغاية !
قويًا بمفرده .. ضعيفًا بمن حوله !
وما أسهل أن تتخذ طريق الذراع والغضب وقت الازمات لكن ما أصعب نتائجه على من حولك ...
استغل صخر الصراع الذي يبدو جليًا على ملامح من يجلس أمامه ثم قال باختصار :
" أنا لدي حل .. قد لا يكون جيدًا لكنه آخر ما توصلت إليه بعد تفكير طويل "
انتبه إليه عبد الحميد ليقاطعهم دخول جاسم ويتبعه بكر بعد لحظات .
صمت صخر قليلاً فتبرع عبد الحميد قائلا :
" تستطيع إكمال حديثك يا سيد صخر ، إنهم على علم بكل ما يدور "
هز صخر رأسه بلا مبالاة ثم ألقى ما بجعبته مرة واحدة :
" أنا أفكر بالدمج "
" أي دمج ؟!! "
سأله جاسم بعدم فهم فأجابه صخر بهدوء لا يناسب الموقف بأي شكل :
" دمج المجموعتين .. مجموعة المنصوري ومجموعة الغانم "
التزم كلاً من بكر وعبدالحميد الصمت بينما هتف جاسم بعصبية :
" هل جئت لتمزح معنا ؟!! "
" اهدأ يا جاسم ودع الرجل ينهي حديثه "
هتف بها عبد الحميد بقوة فزفر جاسم بضيق ثم جلس ينتظر ما سيهذي به هذا المجنون ليكمل صخر حديثه بصبر يُحسد عليه :
" أنا لا وقت لدي للمزاح .. هل تظنون أن من السهل اتخاذ مثل هذا القرار ؟!! .. لكن وكما أرى عدونا واحد ويستغل كل المناوشات القديمة التي حدثت في الماضي ليفرق بيننا أكثر ويستطيع الانفراد بكل شخص منا على حدى ، الأمر أكبر بكثير مما تظنون .. الشناوي ومن معه يخططون للسيطرة على الجميع بالترهيب .. كما أن وضع مجموعتي ليس سيئًا على الاطلاق حتى تظنون أن أنني طامعًا أو لدي ما أسعى خلفه من ناحيتكم "
هنا تدخل بكر قائلاً بمكر :
" لكنك أيضًا بعثت من سرق بيانات إحدى الصفقات حتى تضمها لصالحك لذا أعتقد أن أقل شيء تتوقعه منا هو عدم الثقة "
ابتسم صخر مغمغمًا بمكر مشابه :
" أولاً من بعث البيانات لرجالي واحد منكم ورفض حتى قبض الثمن ، كل ما طلبه هو أن أدمركم .. ثانيًا لا تلومني في تلك الفترة كان يجب أن أفعل أي شيء حتى أنهض بالشركة بعد عدة خسارات أدركت أن الشناوي سببها لكن بوقت متأخر "
تدخل عبد الحميد لإنهاء الجلسة بعد أن قيم الوضع المبدئي في تفكيره :
" حسنًا يا سيد صخر لقد وصلنا عرضك ووجهة نظرك وفي النهاية الرأي الأخير سيكون للحاج صفوان كما تعلم .. سنعرض عليه الأمر ونبلغك بالرد "
هز صخر رأسه متفهمًا ثم نهض قائلاً بثقة لم تهتز رغم أزمته :
" سأنتظر ردك "
ليتركهم بعد ذلك ويرحل فيهتف جاسم في اثره :
" لقد جُن تمامًا هذا المختل ، كيف يظن أننا قد نضع أيدينا في يده بعد ما كان ؟!! .. ولا أفهم من أين له بكل تلك الثقة التي يتحدث بها ! "
رد عليه بكر بخبث يجيده :
" لأنه سأل وبحث ثم أدرك أن الشناوي يحاول ثني ذراعنا بكل الطرق ، صخر لن يأتي إلى هنا دون أن يكون مدركًا لكل ما يدور في الكواليس "
تمتم جاسم بعصبية :
" وإن يكن .. وضعنا ليس متدني لدرجة أن نقبل به بيننا "
ناطحه بكر قائلاً بابتسامة ثعلبية وهو ينقل نظراته بينه وبين أباه :
" ووضعه هو الآخر في أفضل حال لكنه يرغب بحماية مملكته بسعيه لبناء حصن وهذا الحصن سيُبنى تلقائيًا فور اندماج مجموعته بمجموعتنا "
رفع جاسم حاجبيه باستخفاف ثم تمتم :
" نحن الحصن ! .. بحق الله نحن نحمي أنفسنا بشق الأنفس "
ناقشه عبد الحميد قائلاً ببعد نظر :
" لا تنسى المساهمين في مجموعتنا والمساهمين في مجموعته .. إذا حدث واندمجنا سنكون أشبه بجيش وسيكون من الصعب على تلك المجموعة الإضرار بكل هذا العدد مرة واحدة وبالطبع لا تنسى عنصر المفاجأة فلا أحد سيتوقع أبدا أننا قد نكوّن مجموعة مشتركة مع المنصوري .. كل تلك الأمور ستعرقل خططهم "
ساد الصمت لعدة لحظات قبل أن يسأل بكر هذه المرة :
" هل تظنون أن جدي قد يوافق على تلك المجازفة ؟!! "
هز جاسم كتفيه بجهل وهو يدعو بداخله أن يرفض جدهما بينما قال عبد الحميد :
" لا أستبعد قبوله ، جدك ورغم كل شيء حدث معجب بصخر وطريقة تفكيره واستطاع ربط الأحداث ببعضها فعلم أن صخر فعل ما فعله مضطرًا .. وفي النهاية قد يرى انضمامه لنا مكسب "
نهض جاسم ليعود إلى مكتبه فيما يغمغم بصوت مكتوم :
" لم ينقصنا إلا هذا "
فور خروج جاسم رن هاتف بكر لينظر إلى أبيه قائلا باستغراب وهو يستقبل المكالمة :
" هذا أمين ... ماذا يريد هذا ؟!! "
فتح بكر المكالمة لينهض بعد لحظات هاتفًا بقلق :
" ماذا ؟!!! .. كيف حدث هذا ؟! .. هل أنت بخير ؟!! .. حسنًا .. حسنا أنا قادم إليك "
نهض عبد الحميد هو الآخر ينظر إلى بكر بقلق فهتف الأخير ردًا على سؤال أبيه الغير منطوق :
" كاد أن يقع له حادث "
اتسعت عينا عبد الحميد بذهول ليستطرد بكر وهو يهرول من المكتب بصحبة أبيه :
" يقول أن هناك سيارة رباعية الدفع كانت تتبعه وتضيق عليه الطريق واصطدم في النهاية بعامود على الرصيف لكنه بخير ولم يتأذى "
تحرك عبد الحميد بسرعة متمتمًا من بين أسنانه بغضب :
" قسمًا بالله لو علمت أن الشناوي خلف الأمر لأدمره هو ومن معه "
احتدت نظرات بكر فبدى أكثر شبهًا بأبيه عن أي وقت مضى ثم قال و هو يركب سيارته :
" لا تقلق يا أبي سنعرف الآن كل شيء "
**********
( مساءاً )
" ماذا قلت ؟!! .. انفصلت عن خطيبتك ! ، ومنذ عدة أيام .. لماذا ؟!! "
ارتفع حاجبي صخر بتعجب ظهر جليًا في نبرته :
" لا إله إلا الله ألم تكوني أنتِ التي كانت تبكي منذ عدة أيام لأنني ارتبطت بها ؟!! .. ما الذي حدث ؟! .. لقد خلصتكِ منها "
نظرت إيمان إلى سندس التي كانت تعبث في هاتفها بلا مبالاة وهي تلتهم رقائق البطاطس وحين رأت عدم الاهتمام يعلو ملامحها صرخت بحنق :
" كُفي عن التسمم واتركي هذا الشيء وقولي شيئًا لأخيكِ ، لقد انفصل عن خطيبته دون أن يخبرنا "
انتفضت سندس على صوت أمها فتركت ما بيدها ثم نظرت إلى صخر وعلقت دون تركيز :
" مبروك يا صخر "
ضحك صخر بصوت مكتوم حين صرخت أمه بيأس منهما :
" الرحمة يا رب ، ما هذه المصائب التي ابتليت بها ؟!! "
ظلت سندس تحدق فيهما دون أن تجرؤ على الإمساك بهاتفها من جديد بينما عادت إيمان بنظراتها إليه تسأله بضيق وعصبية وهي تقف فوق رأسه مثل محققين الشرطة :
" ولمَ انفصلتما ؟!! .. أم لا تريد اطلاعي على هذا أيضًا ؟!! "
كتم صخر ابتسامته ثم تنحنح قائلا ببساطة مغيظة :
" لا يوجد سبب محدد يا أماه ، لقد اكتشفنا أننا لا نصلح لبعضنا "
علقت سندس بعفوية :
" محق "
صعقتها إيمان بنظرة نارية جعلتها تهتف في نفس اللحظة :
" مخطئ "
هذه المرة لم يتمالك صخر نفسه وضحك بتسلية بينما مالت ايمان أرضًا تمسك بخفها فنهض من مكانه يضمها إليه رغم تمنعها يمنعها من قذف سندس بالخف فيما يتمتم برفق وكأنها طفلته وليس العكس :
" ماذا بكِ غاليتي ؟! .. ما الذي يضايقك ؟!! "
هتفت إيمان بطفولية وهي تحاول التملص من عناقه فلا تفلح خاصةً مع طول قامته الذي يتعارض مع قصر قامتها :
" تنفصل عن خطيبتك ولا تخبرني يا صخر ! .. لن أنساها لك أبدًا "
ابتسم صخر بحنان ثم ربت على ظهرها معترفًا بصبر وهو يقبل رأسها :
" أخطأت يا أم صخر .. أنا آسف "
لوت إيمان شفتيها بدلال وقد زال غضبها منه لكنها تمادت قائلة بحزن مصطنع :
" أنا لم أصدق نفسي وقلت ارتبطت وسيرتاح قلبي أخيرًا من ناحيتك رغم ضيقي من اختيارك والآن سنعود لنقطة الصفر مرة أخرى .. سنظل عوانس نحن الثلاثة وجوهنا في وجوه بعض إلى نهاية العمر "
تعالت ضحكات صخر فأفلتت إيمان نفسها منه هاتفة :
" هل تسخر من حديثي يا صخر ؟!! "
لم تتوقف ضحكاته وقال من بينها :
" لا تحزني يا أم صخر سأجلب لكِ غيرها ولن أظل عانس "
لوت إيمان شفتيها يمينا ويسارًا ثم قالت بسخرية :
" و أين سنجدها يا حسرة ؟!! .. حسرة عليّ وعلى أولادي ، لا يفلح أحد منكم في الأمور العاطفية "
دمعت عينا صخر من الضحك المكتوم فمسحها وشاكس أمه وهو يجلس مرة أخرى :
" لا تقلقي غاليتي .. سأفلح وأتفوق من أجلكِ "
جاورته إيمان ثم تمتمت :
" أريني شطارتك يا أبن أبيك "
ثم تحولت بدفة الحديث إلى سندس هاتفة بحنق حين رأتها عادت لهاتفها وتسألها :
" و أنتِ يا آخرة صبري "
انتبهت سندس مرة أخرى فتركتهما ونظرت بترقب إلى أمها التي سألتها بغيظ دفين من هدوئها :
" ماذا سترتدين غدًا في حفلة عيد ميلادك ؟!! "
أجابتها سندس بنبرة غير مبالية أثارت غيظها أكثر :
" أي شيء يا أمي ، ملابسي كثيرة "
هتفت إيمان من جديد وكأنها استحلت توبيخهم في ذلك المساء :
" كيف يعني أي شيء ؟!! .. سترتدين الثوب الفضي الذي اشتريته إليكِ الأسبوع الماضي وقسمًا بالله يا سندس إن ارتديتِ أسود أو إن لم يمر الغد على خير بسببك سأضربك بالخف أمام الناس ولن أبالي بعمرك لأن صبري نفذ ولم أعد أحتمل "
" ربااااااااه "
تمتمت بها سندس بعيون متسعة بصدمة ثم نظرت إلى صخر الذي يجلس بوجه أحمر يكتم ضحكاته وقالت بذهول :
" ما هذا الذي يحدث ؟!! "
رفع صخر كتفيه بجهل بينما تولت إيمان الرد هاتفة :
" الذي يحدث أنني سئمت منكِ ومنه ، أصبحتم تتصرفون على هواكم ولا كأن لكم أم ولا كبير من الأصل "
هتفت سندس دون فهم حقيقي لما يحدث :
" ماذا فعلت أنا الآن ؟! "
ثم أشارت إلى صخر واستطردت بلؤم :
" هو الذي انفصل عن خطيبته دون أن يخبرك .. ما ذنبي أنا ؟! .. لما أنال التقريع معه ؟!! "
نظر لها صخر شزرًا بينما غمغمت إيمان بقرف وهي تترك لهما المكان و تذهب إلى مطبخها :
" منكِ له يا قلبي لا تحزن ، حسرة على حظي القليل في هذه الدنيا "
نظرت سندس الى طيف أمها بعدم فهم ثم سألت صخر بحيرة :
" ما بها أمك ؟!! .. ما الذي حدث لها ؟!! "
أخيرًا ترك صخر العنان لضحكاته ثم قال :
" اتركيها وستهدأ ، هذا فقط نتيجة خبر انفصالي ، يومين وستهدأ بمفردها "
رفعت سندس حاجبيها بعجب ثم سألته هي هذه المرة :
" ولما انفصلت عن آنسة فرابتشينو ؟!! "
ضحك صخر على اللقب الذي الصقته سندس على ناردين متذكرًا ذلك المساء الذي خرجا فيه سويًا وكانت سندس بصحبتهم على غير العادة ليجلسوا بعدها في مكان تغلب عليه البساطة لكن ناردين أرادت لفت الأنظار عن طريق إحراج النادلة التي لا تقل بساطة عن المكان الذي تعمل به فسألتها من طرف أنفها :
" هل لديكم فرابتشينو ؟!! "
فتجيبها النادلة البسيطة وهي تربت على صدرها بفخر وكأنها فهمت ما يقال :
" بالطبع لدينا كل أنواع الحلويات "
انتبه صخر على صوت سندس التي تمتمت برضا :
" أيًا كان السبب ، الحمد لله أنك تخلصت منها باكرًا "
ابتسم صخر متذكرًا اتصال غالي باشا القصاص حماه السابق والذي لم يعجبه ما حدث بين صخر وبين ابنته وحذر صخر بمراوغة قائلاً بصريح العبارة وبصوت بدى له كصوت الأفعى أن غضبه سيء
ابتسم صخر منفضًا تلك الترهات عن رأسه حامدًا ربه أنه لم يتورط ولله الحمد في أي شراكة مع غالي القصاص ..
أشار إلى سندس أن تقترب فنهضت بتثاقل وذهبت تجلس بجانبه تنتظر ما سيقول بفضول فأخرج صخر علبة صغيرة من جيبه ثم أعطاها لها قائلاً بابتسامة دافئة :
" كل عام وأنتِ بألف خير يا حبيبتي "
فتحت سندس العلبة وأخرجت منها سوار ماسي تتدلى منه فراشات صغيرة فابتسمت بمرح نادر ثم هجمت عليه تعانقه بحماس شديد بعد أن نال السوار إعجابها فيما تقول :
" راااائع ، إنه راااائع .. شكراً يا صخر ، شكرًا .. شكرًا "
ربت صخر على رأسها برفق وألبسها إياه بينما كانت إيمان تراقبهما بعينين دامعتين و تدعو :
" فليديمكما الله لبعضكما و ليحفظكما من كل شر "
***********
في اليوم التالي ودعت سندس رغدة بعد أن أكدت عليها ضرورة الحضور ليلاً على الرغم من أن رغدة قد وعدتها سابقًا بالحضور لكنها خشيت من أن تجبن في آخر لحظة ..
فمن يعرف رغدة يعرف أن الجبن جزء لا يتجزأ من كينونتها ..
خرجت سندس بعدها من مبنى الجامعة وركبت سيارتها لتُفاجئ بصندوق هدايا كبير قد تُرك على المقعد الخلفي جوارها
سألت العم حكيم وهي تقلب الصندوق يمينًا ويسارًا دون أن تجد أي بطاقة تدل على صاحب الهدية :
" من الذي جلب هذا الصندوق يا عم حكيم ؟!! "
" السيد بِشر آنستي "
تجمدت سندس أبعدت يديها عن الصندوق بسرعة وكأنه قنبلة ستنفجر بوجهها ثم عادت بنظرها إلى السائق قائلة من بين أسنانها :
" ولمَ أخذته منه ؟!! "
أوضح لها العم حكيم الأمر بهدوء :
" لقد أتى قبل خروجك بدقائق وأمرني بفتح السيارة ثم وضعه داخلها وذهب مباشرةً آنستي "
شتمت سندس من بين أسنانها بعنف وظلت ترغي و تزبد طوال الطريق وهي تنظر إلى ذلك الصندوق الذي يتحداها بكبر حجمه إلى أن وصلت أخيرًا إلى منزلها فطلبت من العم حكيم أن يأخذ الصندوق ويضعه في آخر الحديقة بينما دخلت هي إلى أمها واستعارت هاتفها لتخرج من جديد بعد أن أخذت القداحة خلسة ثم ذهبت تجاه الصندوق وفتحته تتطلع لما فيه ..
ضيقت سندس عيناها بغضب يسري في أوردتها وهي تنظر إلى شال الحرير الملون الذي ابتاعه لها بكل وقاحة ووضعه وسط الكثير والكثير من الصور التي قاموا بالتقاطها معًا في مراحل عمرية مختلفة ومناسبات متباعدة لتمسك بصورة منهم وتحدق فيها للحظات بعينين جامدتين ثم تقلبها وتقرأ ما كُتب على ظهرها
( هل تذكرين تلك الأمسية يا حرير الجنة ؟!! )
التوت شفتيّ سندس بابتسامة هازئةً بينما لمعت عيناها بقسوة مخيفة ..
للأسف تذكر كل شيء !
لسوء حظه تذكر ..
أمسكت بصورة أخرى وهما يضحكان بشدة على مزحة ألقاها ولازالت تذكرها ..
وأخرى و هي تخرج لسانها له بينما ينظر لها هو متوعدًا لسبب مضحك لا تزال تذكره ..
وأخرى وهو يحملها على ظهره بيد و يحمل الهاتف ليصور بالأخرى في سفرة لا تزال تذكر كل تفاصيلها ..
وأخرى وهما يلتهمان البوظة التي لطخت معظم ملامحهم الضاحكة في منتصف الشارع ..
وأخرى وهو ينظر لها وكأنه يعانقها بعينيه ... وكأنها جنته على الأرض مثلما كان يُسمعها دائمًا ..
وغيرها وغيرها وغيرها
الكثير من الصور ومئات الملايين من الذكريات التي انهالت عليها بلا رحمة فتقسو عيناها بسخط يحرق صدرها لتضع كل شيء في الصندوق في محله ..
وجدت بطاقة أخيرة طبع عليها إحدى صورهم وكأنه يخبرها دون كلام أنه قابع في كل لحظة من حياتها لتفتحها وتقرأ ما بها بعينين تموج بالغضب والكره
( كل عام وأنتِ جنتي يا حرير الجنة ، كل عام وأنتِ كل أعيادي )
أشعلت سندس النيران بالبطاقة أولاً لتلقيها بعد ذلك في منتصف الصندوق الذي لم يأخذ كثيرًا من الوقت حتى هبت النيران به بالكامل تلتهمه دون رحمة بينما تصور هي ما يحدث بتشف إلى أن تحول الصندوق الأبيض ذو التل اللطيف إلى رماد فابتسمت براحة ثم بعثت المقطع إلى رقمه الذي تحتفظ به أمها بينما لا تفعل هي .
بعد عدة دقائق دخلت سندس إلى غرفتها بملامح ميتة ثم جلست على طرف فراشها تربت على ساقها ببطء شديد ..
مخطئ ..
يظن أن تلك الصور قد تقرب بينهما من جديد !
لكنه أحمق ولا يزيد إلا من نفورها منه ..
كل ذكرى ..
كل نظرة ..
كل صورة وثقت ما كان بينهما لا تزيدها إلا رغبة في تمزيقه !
كم تكرهه وتكره نفسها التي أحبته يوماً .. !
تود لو تنتزع قلبها الذي هام به و ركض خلفه لأعوام ثم تسأله أنظر ما فعلت بنا !
طن هاتف أمها الذي لا يزال بيدها فوجدته قد بعث رسالة ردًا على المقطع الذي أرسلته ففتحتها بآلية
( النيران موضعها بقلبك ولن تشفى أبدًا طالما تنفينني منه ، ارجعيني إلى موطني فأشفيكِ وأشفى )
حدد الألم زاويا عينيها ثم أغلقت سندس الهاتف ونهضت بهدوء أقرب للبلادة لتغير ملابسها وترتاح قبل حفلة الليلة بينما روحها تُنازع وسط لهيب لن يخمد أبدًا .
**********
( مساءاً )
دخلت رغدة بتوجس شديد تسمي باسم الله عدة مرات وتحاول بقدر الإمكان أن لا تلفت نظر أحد إليها وتدعو الله أن لا تقابل أحدًا من معارفها كصدفة سوداء وفي داخلها تسب سندس مرارًا وحتى تسب نفسها لأنها صغت إليها وأتت !
رباه إذا علم جاسم بأن صاحبة عيد الميلاد هي أخت صخر المنصوري سيقتلها لا محالة .. !
فما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله هرمون الغباء عند جاسم يتزايد طرديًا بزيادة عمره ..
لوت رغدة شفتيها بنزق من تحكمات جاسم التي لا تنتهي وغمغمت في سرها بقنوط
( خلق الله جميعًا يكبرون فيعقلون إلا أخي الموقر يكبر فيزداد حمقًا وعصبية ... أعانك الله على ما بلاكِ يا وصال يا ابنة عمي )
" رغدة "
التفتت مجفلة على صوت سندس التي قالت ساخرة :
" ما بالكِ تتلفتين حولك هكذا كأنكِ هاربة من ثأر ؟!! "
كشرت رغدة فيما تتمتم برعب :
" اصمتي بالله عليكِ ، أنا لا أعرف كيف أطعت جنونك وأتيت إلى هنا "
لم ترد سندس عليها وظلت تتطلع لضيوف أمها بوجوم لتسألها رغدة حين لاحظت ضيقها :
" ماذا بكِ ؟!! .. لا تبدين كما تركتكِ في الصباح "
ارتعشت شفتي سندس برغبة في البكاء لكنها تمالكت نفسها فما حدث في الصباح لايزال يحرق قلبها بعد أن فتح بِشر باب الذكريات الذي حرصت كل الحرص على إغلاقه بقفل صدئ في وجهها
زمت سندس شفتيها بضيق ثم همست كاذبة :
" لا أطيق الزحام ، أنا لم أرغب في أي احتفال من الأساس "
تنهدت رغدة ثم ربتت على ذراعها فيما تقول بود :
" أنا أعلم أنكِ تبغضين الزحام لكن تحملي قليلاً من أجل والدتك على الأقل .. هي مؤكد الآن تشعر بالسعادة لأنها قدمت لكِ شيئًا ، لا تكوني جاحدة واتركيها تستمتع بالحفل دون أن تنغصي عليها فرحتها بهذا الوجوم والغضب الغير مبرر "
" يسلم لسانك "
انتفضت رغدة ثم التفتت تحدق في تلك السيدة القصيرة التي كانت تبادلها التحديق بابتسامة عريضة وتدقق بها للحظات ثم نظرت إلى سندس بعدها فيما تقول :
" ألن تعرفيني بصديقتك يا سندس ؟!! "
توترت رغدة وتجمع العرق فوق جبهتها فيما تنظر إلى سندس برعب بينما تكلمت سندس بهدوء تام :
" هذه رغدة يا أمي ، زميلتي في الجامعة "
اتسعت ابتسامة إيمان ورحبت برغدة ثم ناولتها كأس من العصير فيما تقول ببشاشة :
" ونِعم الأصدقاء والله ، أجل يا ابنتي وصيها عليّ أكثر ، إنها تتعبني للغاية معها "
" أمي "
تمتمت بها سندس من بين أسنانها فتجاهلتها إيمان تمامًا فيما تستطرد بمجاملة :
" حفظكِ الله لأمك ، ونعم التربية "
اتسعت عينا سندس بإحراج بينما ابتلعت رغدة طعمًا مرًا في حلقها ثم تمتمت بهدوء :
" رحمها الله "
صمتت إيمان مجفلة ثم رمشت بحزن وارتباك فيما تغمغم بصوت خافت :
" يا حبيبتي ، أنا آسفة يا ابنتي .. رحمها الله "
ابتسمت لها رغدة بمجاملة دون رد فتركتهن إيمان وذهبت ترحب بأختها وابنتها فداء تحت أنظار سندس الواجمة من وجودهن رغم أن خالتها أكثر من وقفت في صفها ضد ابنها
ها .. وكأن سندس الحمقاء لا تدرك أن خالتها قد وجدتها فرصة سانحة لإيذاء بِشر أكثر ..!
ومع ذلك لم تستطيع سندس السيطرة على وجعها في كل مرة تتواجه فيها مع أي شخص يذكرها به .
نادتها إيمان فتركت رغدة على مضض وذهبت لترحب بهن بينما تحركت رغدة بتوتر جلي تبحث عن مكان تقف فيه دون أن يلاحظها أحد ..
ظلت تتحرك بخراقة إلى أن تعثرت قدمها فجأة واندفعت للأمام دون حذر فأوقعت كأس العصير كاملاً على سترة رجل كان يوليها ظهره ويتحدث في هاتفه بصوت مرتفع
شهقت رغدة برعب وهمست بينما تضع كفها على شفتيها بخوف :
" أنا آسفة .. أنا والله آسفـ...... "
ليتجمد صوتها في حلقها وتتسع عيناها بهلع ويشحب وجهها تدريجيًا حين التفت صاحب السترة لتوقن وقتها أنها أكثر أهل الأرض نحسًا وأنها هالكة لا محالة ..
فمن بين كل المدعوين المنتشرين في المكان لم تُسقط كأس شرابها إلا فوق سترة المتعوس ... صخر المنصوري !

نهاية الفصل الثاني

قراءة سعيدة بانتظار ارائكم ❤️❤️


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-05-21, 11:25 PM   #15

طوطم الخطيب

? العضوٌ??? » 487178
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 169
?  نُقآطِيْ » طوطم الخطيب is on a distinguished road
Rewitysmile1

جميل جدا تسلم ايدك

طوطم الخطيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-05-21, 11:57 PM   #16

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

ماشاء الله رواية رواية رائعة واسلوب مميز.....المقدمةفعلا تتثير القارئ على التكملة ...من المقدمة نعرف ان صخر تزوج رغد قبل الحريق....و اما سندس قصتها مازال بدون ملامح مع بشر ..كل ماتضح انها غاضبة و غاضبة جداااا....متشوقة لنعرف معك قصة كل الابطال...والحلول التي صيتوصلون لها...لكن رجاءا لا تموتي رغد ..لان صخر سيتدمر هذه المرة بموتها...موفقة بإذن الله

Soy yo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-21, 12:43 AM   #17

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

جميلة يا جوجو تسلم ايدك حبيبتي

Mummum غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-21, 09:33 PM   #18

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النهاردة هنزل الفصل بدري شويه ❤️❤️

الفصل الثالث
( لطمة .. أفاقت قلبي من سباته )
*******
" أنا آسفة .. أنا والله آسفـ...... "
ليتجمد صوتها في حلقها و تتسع عيناها بهلع و يشحب وجهها تدريجيا حين التفت صاحب السترة لتوقن وقتها أنها أكثر أهل الأرض نحسا و انها هالكة لا محالة ..
فمن بين كل المدعوين المنتشرين في المكان لم تُسقط كأس شرابها إلا فوق سترة المتعوس ... صخر المنصوري !
التفت صخر بحدة ناويا على قصف من تسبب في إتلاف سترته الجديدة ليخترق مسمعه صوت هامس ضعيف
" أنا آسفة .. أنا والله آسفـ...... "
رفع نظره عن بقعة سترته لتصطدم عيناه بهريرة صغيرة خرقاء تماما تنظر إلى ما تسببت فيه بخجل رهيب لترفع له عيناها الدامعتين بعد لحظات ثم تتسع عيناها بهلع غريب و يشحب وجهها تماما ..
ما هذا ؟!! .. هل يبدو مخيفا لهذه الدرجة ؟!!
راقب صخر حركة حلقها المتوترة ككل ما فيها دون كلمة ليرتفع حاجبيه بتعجب حين برقا الدموع في عينيها بشكل جعل ملامحه تنغلق تماما ً
ما بها هذه ؟!! .. و من تكون ؟!!
تحركت رغدة من أمامه بخطوات شبه راكضة و غادرت المكان بأكمله تحت نظراته الذاهلة غافلا تماما عن عينا سندس التي كانت تراقب ما يحدث بنصف تركيز لتتحرك هي الأخرى فور أن رأت فرار تلك الجبانة التي لفتت كل الأنظار إليها بركضها المثير للشفقة .
خرجت سندس خلفها تنادي عليها بنبرة حادة :
" رغدة ، أنتِ يا غبية توقفي الآن عن ركضك الأبله مثلك .. فضحتينا منك لله "
توقفت رغدة أمام سيارتها تتنفس بعنف ووجهها كلوح الثلج لتصل إليها سندس و تلفها بعنف لتواجهها فيما تهدر من بين أسنانها بغيظ من جبنها :
" هل أنت ِ مجنونة يا ابنتي ؟!! .. لما تركضين هكذا و كأنك هاربة من فضيحة ؟!! "
دققت سندس في شحوب وجه صديقتها لتسألها من جديد و إن كان هذه المرة بقلق :
" ماذا بك ِ يا رغدة ؟!! .. لما تبدين هكذا ؟!! "
همست رغدة بصوت مكتوم :
" لقد أسقطت العصير فوق سترة أخاك ِ "
ضيقت سندس عينيها بعدم فهم ثم قالت :
" و إذا ؟!! "
اتسعت عينا رغدة بعدم تصديق لبرودها فيما تتمتم برعب :
" أقول لكِ رآني و من الممكن أن يكون قد تعرف عليّ و مؤكد سيصل الأمر إلى جاسم "
تأففت سندس ثم تمتمت بلا مبالاة :
" ما جو الأفلام القديمة الذي تعيشين فيه هذا ؟!! .. من أين سيتعرف عليكِ صخر و إن تعرف عليكِ حتى ماذا بها ؟؟! "
جزت رغدة على أسنانها ثم هدرت بصوت خفيض :
" أنت ِ لا تعرفين جاسم يا سندس ، سيجعل حياتي جحيما إذا عرف أنني جئت إلى منزلكم من وراء ظهره .. هو من دون شيء يعشق النكد و الشجار "
تنهدت سندس بملل ثم قالت وهي تحاول سحبها إلى الداخل من جديد :
" لا تقلقي لن يحدث شيء ، صخر لا يعرفك من الأساس و لن يعرف أحد بجريمتك النكراء "
لكن رغدة سحبت ذراعها بتحفز فيما تقول بجبن يجعل سندس راغبة في لطمها :
" لا أنا سأذهب من هنا ، يجب أن أعود الى المنزل "
كشرت سندس فيما تقول بعصبية :
" ما هذا الهراء ؟! .. لقد أتيتي منذ دقائق فقط ، توقفي عن هذا الجبن يا رغدة "
لكن رغدة كانت قد اتخذت قرارها هذه المرة فتحركت نحو سيارتها من جديد فيما تتمتم بملامح متوترة :
" لا سأذهب ، مجيئي إلى هنا كان خطأ من الأساس ، لم يكن يجب أن استمع إليك ِ من البداية "
نظرت لها سندس بعدم رضا لتهمس رغدة قبل أن ترحل :
" لا تغضبي مني ، أنا آسفة لن استطيع البقاء هنا و هديتك ستجدينها على الطاولة في الداخل مزينة بشرائط صفراء .. إلى اللقاء "
راقبت سندس ذهابها بوجه ممتعض لتلتفت على سؤال صخر الهادئ :
" هل هذه صديقتك ؟!! "
اومأت له سندس فيما تتمتم بحذر :
" زميلتي في الجامعة "
التوت شفتي صخر فيما يعلق ساخرا :
" للحظة ظننتها لصة و هي تفر كالمجرمين "
ابتسمت سندس ببعض التوتر فعلى الأغلب رغدة كانت محقة ووجودها هنا كان سيجلب المشاكل لكلاهن !
" و لماذا كانت تركض هكذا كالكتكوت المبتل ؟!! "
سألها صخر بسخرية و فضول فشتمت سندس رغدة في سرها ثم تحركت تجاهه و قالت بهمس كاذب :
" لقد تذكرت موعدا مهما فذهبت "
نظر لها صخر غير مصدقا لكنه لم يعلق بشيء و عقله يستعيد نظراتها الهلعة من جديد ..
هذه الفتاة بها شيء لا يريحه ..
لا يعلم ما هو لكنها بدت غير طبيعية على الاطلاق .. !
لحظة أخرى دقق فيها في هروبها المريب ثم اتسعت عيناه بمفاجأة ليتمم ضاحكا و هو يلاحق سيارتها بنظراته بينما اختفت كل إشارات التحذير التي يرسلها عقله من ناحيتها :
" سيارتها وردية ؟؟! .. لا حقاً من هذه ؟!! "
حين لم تجيبه سندس نظر اليها فوجدها تحدق أمامها بملامح مكفهرة في شيئا ً ما ..
نظر حيث تنظر فاختفت التسلية تماماً عن وجهه حين وجد آخر من توقع حضوره الليلة يقف واضعا كفيه في جيوبه و ينظر إليهما بملامح هادئة يعتليها الترقب العابث و كأنه يتحدى سكون من تقف جواره جامدة في تلك اللحظة ليتمتم هو بغضب مكتوم
" بِشر ! "
********
" اللهم صل على النبي .. ها قد بدأ المرح "
ألقى خالد جملته ضاحكا بخفوت وهو ينظر إلى بِشر الذي كان يبدو في قمة هدوءه لتهمس لقاء بتوتر و هي تلاحظ تعلق أنظار الجميع به :
" هل جن هذا ؟!! .. ما الذي أتى به إلى هنا ؟!! .. إنه لم يقترب منها منذ ما حدث "
فيجيبها خالد و هو يلف ذراعه على كتفها بحميمية :
" معذور .. لقد نفذ صبره "
ليستطرد بعد ذلك ضاحكا بخفوت وهو يشير بعينيه إلى الخالة سميحة :
" انظري إلى أمه ، ستحرقه بالأشعة التي تطلقها من بين عينيها "
لكزته لقاء في خاصرته فيما توبخه :
" توقف يا خالد هذا ليس مضحكا .. ام أنك متفق معه مسبقاً على هذا الجنون ؟!! "
ضحك خالد أكثر فيما يجيبها متأوهاً من ضربتها :
" و ما دخلي انا بمشاكل ابن خالتك ؟! .. هل لأنه صديقي الصدوق مثلا سأصفق له على شجاعته المتأخرة ؟!! "
نظرت له لقاء بعدم رضا فاستطرد خالد كاتما ضحكة أخرى تهدد بالانفلات :
" بالله عليكِ انظري كيف يحيطون به جميعاً ببطء و كأنهم سيفترسونه من أجل عيون البرنسيسة سندس "
كشرت لقاء ثم قالت بحنق :
" لأنه أخطأ في حقها "
رمقها خالد من بين اهدابه ثم قال بنبرة ذات مغزى :
" وهي لم تخطئ لا سمح الله !! "
تأففت لقاء ثم تمتمت :
" أنت هكذا دائما في صف بِشر "
رفع خالد كتفيه و رد عليها ببساطة وهو يراقب اقتراب بِشر من سندس وصخر الذي يلعب دور الحارس الشخصي في هذه اللحظة :
" أنا في صف الحق .. كلاهما وقعت في الخطأ و أنتِ تعلمين ذلك إذا ً لما يعاقب بمفرده ؟!! "
قطبت لقاء ثم أبعدت نظرها عنه دون رد لتقع على والدها الذي دلف إلى المكان في تلك اللحظة فقالت و هي تتجه نحوه بخطوات مسرعة :
" سأذهب إلى أبي و أنت راقب الوضع ثم أبلغني بالمستجدات "
ليصلها صوته بنبرته المداعبة :
" أمرك يا باشا قلبي "
********
تراقب خطواته الجسورة المتمهلة نحوها و كأنه يتلذذ بقربه منها ..
تراقب عينيه التي لا تتزحزح عنها و كأن المكان قد فرغ إلا من كلاهما
تراقب أنفاسه الهادئة و كأنه لا يعيث في تماسكها فسادا ..
تراقب ابتسامته المغوية التي كانت تفتنها و تسلب لبها فيما مضى
تراقب كل ما به ..
عينيه العابثتين التي عشقت النظر اليهما ..
شعره الطويل الهفهاف الذي يحب تركه على حاله فيكاد يصل إلى ياقة سترته الجلدية السوداء ..
توقف أمامها فاضطربت أنفاسها بشكل غير ملحوظ لمن حولهما إلا له !
" كل عام و أنتِ بخير يا ...... سندس "
سندس !
منذ متى يستخدم اسمها وقت الحديث معها ؟!!
ألم تكن دائماً حرير الجنة ؟!!
ابتلعت سندس ريقها بحركة غير مقصودة و كأنه باغتها بما قال .. !
" ماذا تفعل هنا يا بِشر ؟!! "
لم تتزحزح حدقتيه عنها يشبع شوق ايام طويلة جداً أمضاها دونها
ترك لعيناه ولقلبه حرية النظر و التأمل و كأنه سقيم قد وجد أخيراً ترياقه ثم رد على صخر كاذبا ً بكل بساطة :
" خالتي دعتني "
زمجر صخر باسمه مرة أخرى فنظر إليه بِشر مرغما ليهدر صخر بخفوت من بين أسنانه غير راغبا في لفت الانتباه :
" عد من حيث أتيت و أجعل ليلتك تمر على خير "
ابتسم بِشر ببعض الاستخفاف ثم عاد بنظره كالمنوم إلى تلك التي تنظر إليه و كأنه حيوان أجرب قد لوث حديقتها بوجوده و تمتم بنبرة عابثة :
" لكني لم أقدم هديتي بعد "
اقتربت منهم إيمان تدعو الله أن لا يتصعد الموقف و قالت بصوت مرتفع و بسمة مصطنعة لتفرق بينهما :
" حان وقت تقطيع القالب .. تفضلوا جميعا "
نظرت سندس إلى أمها بغضب شديد ثم قالت بصوت خفيض و هي تهم بالصعود إلى غرفتها :
" اشبعوا أنتم بحفلتكم "
أمسكها صخر في اللحظة الأخيرة و همس متجاهلا ذلك الذي يقف مراقبا لما يحدث بكل هدوء :
" انتظري يا سندس و لا داعي للفضائح ، بِشر يكذب و أمك لم تدعوه "
توقفت سندس على مضض حين رأت التحذير يعلو ملامح صخر لتتبع بعد ذلك أمها بخطوات ساخطة بينما تمتم بِشر في إثرها بلا وعي :
" البدر بدر و النجوم سواء "
التفت صخر إلى بِشر قائلا ببوادر شر :
" ما الذي أتى بك ؟!! .. ماذا تريد ؟!! "
ليرد عليه الأخير بصوت مصمم و عيناه رغماً عنه تركض خلف من تركته وراءها :
" أريد استعادتها "
تنهد صخر بضيق ثم تمتم بتحذير :
" اسمعني جيداً .. أنت ابن خالتي وصاحب عمري لكن حين يصل الأمر إلى سندس من جديد أنا على أتم استعداد أن انسى كل روابطنا "
لم يكن بِشر بكامل تركيزه معه ..
فقد كانت عينيه ترسم خطواتها الراحلة باشتياق محروم ..
عيناه فور أن دلف إلى بيتها رأت حُسنها عن قرب فتركته و ركضت نحوها ثم التصقت بها ..
يا الله ما ابهاها .. !
و كأن السنوات تمر فتضفي عليها الحُسن و الجمال ..
حسنائه قاسية القلب ..
أتستكثر عليه دقائق يرتوي فيها بعد طول ظمأ ؟!!
أتستكثر على قلبه أن يحيا بعد طول ممات ؟!!
يقسم أن قلبه توقفت نبضاته فور أن اصطدم بحسنها ثم عاد ليخفق من جديد فور أن استوعب ما يرى ..
عالمه المهشم اعادت بناءه حين حدقت فيه بعينيها الواسعتين ..
لكن و الله و رغم كل ذلك و من أجل راحتها فقط لم يكن سيأتي ..
لم يكن سيخلف وعده بالبقاء بعيدا عن نظرها
رغم أنه يموت ألف مرة كل يوم لأنه منفي من قلبها وعينيها ..
لكن هي من استفزته .. !
هي من أحرقت كل سفن صبره بل أحرقت قلبه بكل جبروت حين قامت بحرق ذكرياتهما معا ..
لهذا كان يجب أن يرد إليها الألم مضاعفا ..
و لم يكن ليؤلمها شيء أكثر من رؤيتها لوجهه ..!
التفت بِشر أخيرا إلى صخر و قال بهمس يكاد يُسمع :
" أردت رؤيتها "
لكن صخر لم يلين رغم أن قلبه آلمه من نبرة بِشر المحطمة و قارعه قائلا بحدة :
" لم يعد من حقك رؤيتها "
عربد الجنون في نفسه بعد حديث صخر الهزلي لمسمعه ثم سأل ساخرا من بين أسنانه بغضب مكبوت :
" من حق من إذا ً ؟! .. عريس الغفلة الذي تقدم لك الاسبوع الماضي ؟!! "
اضطرب صخر وقطب للحظة ثم غمغم مستنتجا بنفاذ صبر :
" أمي "
رمقه بِشر بخيبة ثم تساءل بسخرية مريرة :
" ماذا ؟!! .. هل أردت منها أن تخبئ عني الأمر مثلما فعلت أنت ؟! "
تنهد صخر و كاد أن يتكلم من جديد لكن بِشر قاطعه هذه المرة قائلا بملامح إجرامية :
" لأكن واضحا معك يا صاحبي ، أنا انتظرت و صبرت و ابتعدت لأجلها هي فقط ، لأجل أن تبرأ جروحها رغم أنني لم اعاقبها بعد على ما فعلت بي لكن حين أعلم أن هناك من يحوم حولها و انت صامت فلا تنتظر مني صبر أو عقل .. قسماً بالله سأنسف كل من تسول له نفسه المساس بها "
احتدت نظرات صخر لكن بِشر لم يهتز و استطرد منهيا حديثه بنبرة قاطعة :
" و أخبر اختك إننا سنتصادف كثيرا الايام القادمة فلا داعي لمزيد من الهرب الغير مُجدي ، قلها لها صريحة .. بِشر عااااد "
كاد صخر أن يلحق به ليلقنه درس عمره لكن خالد تدخل و أوقفه قائلا بشفقة واضحة :
" أتركه يرحل يا صخر ، هو الآخر غارق بمعاناته الخاصة "
أبعده صخر ثم هتف بعصبية :
" بالله عليك يا خالد لا تصيبني بالجنون أنت الآخر .. و من السبب في كل هذا ؟!! .. أليس هو ؟!! "
صمت خالد لبرهة حين ركضت فداء أخت بِشر تتبعه ثم رد على صخر بما يراه الحق :
" لا تنسى أن ما فعلته به سندس ليس بهين أيضا "
أحمر وجه صخر بغضب شديد ليتمتم بتحذير واضح من بين أسنانه :
" سندس دفعت ثمن ما فعلته غاليا جدا يا خالد فلا تأتي بذكرها مرة أخرى "
رفع الأخير كفيه بمهادنة ثم قال :
" كل ما أقصده أن لا تضغط أنت الآخر على بِشر ، يكفي أن أمه قاطعته تماما بعد ما حدث و لم تتحدث معه منذ ذلك الوقت "
زفر صخر بسخط من الفوضى التي يعيشونها ثم هتف بغيظ قبل أن يلحق بمن دخلوا منذ وقت طويل :
" و أنا لم اقاطعه و وقفت معه و لم انفيه من حياتي بل لم اثق في أحد أكثر منه يوما لكن كل هذا لا يعني أني سأتركه يقترب منها من جديد ، بِشر خذلني و خذل سندس يا خالد فلا تلومني الآن على حمايتها منه "
تنهد خالد ثم ضرب كفيه ببعضهما متمتما :
" لا فائدة منكم .. تصرون على قتله بدم بارد "
****************
" بِشر انتظر .. يا بِشر "
توقف قبل أن يركب سيارته ينظر إلى طيف أخته التي تركض تجاهه فاغلق باب سيارته و انتظرها مبتسما بزيف حتى وصلت إليه تلهث فأزاح بعضا من خصلات غرتها للخلف قائلا بمشاكسة حانية :
" اشتقت اليك ِ يا عبقرينو "
كشرت فداء و أزاحت يده بعصبية ثم ردت عليه بحدة وهي تعدل نظارتها ذات الإطار الاسود السميك :
" لهذا لم تعد تأتي إلينا ، لم تعد تزورنا "
زفر بِشر بقلة صبر ثم قال بنبرة هادئة :
" أنت ِ تعلمين ما يحدث في كل مرة أدخل فيها إلى المنزل ، أنا لم أعد أرغب في أي صدامات أخرى مع أمي "
اتسعت عينا بِشر بصدمة حين لمح دموع فداء من خلف نظارتها لتهمس بعد ذلك بألم :
" لكننا نحتاجك ، و أمي أصبحت حزينة دائما من بعد ذهابك .. كيف طاوعك قلبك لتنفصل عنا هكذا يا بِشر ؟! "
اطرق برأسه متنهدا بألم شديد فقد باتت حياته سلسلة من خيبات الأمل المتواصلة لمن حوله ..
أمه التي كان السبب في خسارتها لابنها بعد أن اختارته هو ليكون ثمن اختيارها له خسارتها لأخيه ..
و أخته التي رأت فيه الأب منذ نعومة اظافرها ها هي الآن تبكي هجره ..
و صخر صديق عمره الذي يراه مشتتا بينه و بين أخته و ما أوصلها إليه بعبثه و مجونه ..
و سندس ..
و ألف ألف آه من سندس ..
خيبتها به لا تعادلها خيبة ..!
خنجر نظرتها المتحسرة على عشقها القديم لا يعادله آلام خناجر العالم كله مجمعة ..
برغم ما فعلت به يبقى ما فعله هو الأصعب !
و تبقى خسارتها هي الأقسى .. !
يا الله إلى متى سيظل لعنة على من يحبهم ؟!!
" ألن تعود إلينا من جديد ؟!! "
رفع بِشر عينيه لطفلته التي رباها على يديه ليرد عليها بهمس مكتوم :
" ربما يوما ما "
و ها هي نظرة خيبة و خذلان أخرى تُضاف إلى قاموسه ..!
لم يحتمل بِشر فقال بمرح مصطنع :
" لكن ما رأيك أن تأتي أنتِ معي لأصالحك أم سترحلين باكراً و لديكِ دراسة ؟!! "
و بالفعل محاولته أتت بثمارها و دب الحماس في نظرتها لتهتف فداء :
" لا .. لأجلك اليوم سيكون عطلة من كل شيء "
نظر إليها بحنان ثم ربت على جانب وجهها قائلا :
" حسنا يا طبيبة المستقبل ، هيا اذهبي و اخبري أمك قبل أن تقتلك "
كشرت فداء ثم قالت بتوبيخ :
" اسمها والدتك ليس أمك "
رفع بِشر حاجبه باستياء زائف متمتما بصوت مسموع و هو يراقب ركضها المرح :
" ما شاء الله جاء اليوم الذي تعدّل لي فيه عبقرينو كلامي "
دقائق بسيطة و عادت فداء بوجه غير الذي دخلت به فقال ساخرا :
" ماذا ؟!! .. رفضت ؟! "
ظلت فداء على تهجمها و أجابت :
" لا لكنها وبختني لأنني سأترك عيد ميلاد البرنسيسة و أرحل "
تحركت فداء تركب جواره فيما تغمغم بهمس وصل له :
" و كأن البرنسيسة خاصتكم لا ترغب في ركلنا خارج مملكتها .. تلك المتعجرفة "
" فدااااااااااء "
نادها بِشر بنبرة محذرة حتى لا تتمادى فهو يدرك جيدا أنها اتخذت موقفا عدائيا ضد سندس منذ ما حدث بينهما حتى أنه يعرف ان أمه قد اجبرتها على حضور هذه الأمسية ..
أما فداء فهتفت بتكشيرة مضحكة :
" حسنا صمتنا صمتنا .. لن أتكلم عن البرنسيسة خاصتك "
ابتسم بِشر أخيرا لتصمت هي بالفعل للحظات ثم تسأله بفضول و ترقب :
" إلى أين ستأخذني ؟!! "
أجابها و عينيه على الطريق :
" سنمر على المطعم الجديد أولا لأرى سير العمل ثم سنذهب حيث تشاء الأستاذة "
اتسعت ابتسامة فداء برضا دام للحظات لتهمس بعدها فجأة دون سابق إنذار بنبرة حذرة :
" بِشر .. هل تعتقد أن أبي ما زال يذكرني ؟!! "
في لحظة زال المرح من على وجهه حين جاءت بسيرة الحقير والدها ليسألها ببوادر غضب :
" و ما الذي ذكرك به ؟!! .. هل حاول التواصل معكِ ؟؟! "
ابتسمت فداء بمرارة لا تناسب عمرها و ردت عليه :
" و لما أسأل إن كان يذكرني لو كان حاول التواصل معي ؟!! "
تهجم وجه بِشر ثم قال من بين أسنانه و كأنه يرى زوج أمه أمامه الآن :
" نحن لسنا بحاجته من الأساس .. هذا الرجل هجرنا و نحن في أوج حاجتنا إليه دون أن يبالي لذا لم يعد هناك أي داعي لانتظاره بعد كل هذه الأعوام "
صمتت فداء للحظات خوفاً من غضبه ثم همست مرة أخرى بخفوت :
" و علي ! .. هل تظن أنه نسيني ؟!! "
تنهد بِشر بقلة حيلة ففداء بالتأكيد تحن لتوأمها رغم مرور كل تلك السنوات .. !
علي ..
أكبر أماني والدته و أصغر إخوته الذي أخذه أو بالأحرى اختطفه والده و سافر به إلى الخارج و حتى هذه اللحظة لم يستطيعوا الوصول إلى مكانهما بعد .
أخرج بِشر نفسه بالقوة من مسار أفكاره البائسة ثم همس مطمئنا لمن تجاوره :
" يوما ما سنجتمع به ، يوما ما سأرد لأمي دينها باختياري انا "
اومأت فداء بأمل ضعيف و هي تكتم دموعها لتجد نفسها بعد لحظات مزروعة فوق صدر بِشر الذي قال بتملك و حمية :
" سنصل إلى علي ، أما أباه فلم يعد له شيئاً لدينا .. و انت ِ بالأخص لا علاقة له بكِ من قريب أو من بعيد ، أنت ِ ابنتي أنا و ربيبتي أنا .. كل ما يربطك به هو اسمه المكتوب في الوثائق لا اكثر "
لفت فداء ذراعيها حوله تحاول اخفاء شفقتها عليه ليشدد هو الآخر ذراعه حولها يؤنب نفسه على تقصيره معها في الفترة الأخيرة ليهتف بعد لحظات بصرامة و حرارة :
" لا أب لكِ غيري .. مفهوم ؟!! "
ابتسمت وسط دموعها ثم ردت بهمس خافت وهي تربت على قلبه الجريح من كل من يحيطون به :
" مفهوم يا حبيبي "
***********
( في الحفل )
هتفت لقاء باستياء :
" ماذا تقول يا أبي ؟!! .. أنت لست بكامل صحتك لتسافر كل هذه المسافة "
تدخل خالد يحيط خصرها بذراعه و يبعدها عن والدها قليلا فيما يعلق ضاحكا :
" بهدوء يا وحش ، عمي المسكين لا يقوى على هرموناتك "
ضحك مأمون لتزمجر لقاء بغضب وهي تنظر إلى زوجها ثم تعود و تقول لأبيها مرة أخرى :
" أنا منذ وقت قليل كنت اتشاجر معك لأنك فاجأتني و أتيت إلى هنا بمفردك و الآن تخبرني أنك تريد السفر إلى البلدة من أجل عيون عمتي ! .. إن لجسدك عليك حق يا أبي "
ابتسم مأمون بحنان ثم ربت على كتفها قائلا بابتسامة طيبة :
" يا ابنتي اتركِ طبع امك الذي ورثتيه عنها هذا و حدثيني بدون عصبية .. ثم ماذا افعل ؟!! .. خالتك إيمان دعتني و لا أستطيع التخلف عن دعوتها "
كشرت لقاء ثم دمدمت بغيرة طفولية مضحكة :
" أمي كانت تقول دائما انك تدللها أكثر من الجميع "
ضحك خالد و مأمون مرة أخرى ليردد الأخير :
" أليست الصغيرة ؟!! .. خالتك إيمان كانت شبه مراهقة حين تزوجت أمك رحمها الله "
" و عمتي ؟!! "
ألقتها لقاء بفم مزموم فابتسم مأمون ثم قال بحنين :
" اشتقت لها .... و لأرضي "
اقتربت لقاء تتمسح فيه بدلال و تغمغم باحتيال :
" هل ستتركني بمفردي في هذه الحالة يا أبي "
ضحك مأمون بمن تذكره بأمها ثم قرص وجنتها قائلا :
" أي حالة يا ابنة أمك أنتِ لا تزالين في الشهر الرابع !! ، ثم أن زوجك هنا يسد عين الشمس ما شاء الله عليه "
مطت لقاء شفتيها باستياء تحاول تجاهل انقباض قلبها لتهمس بصوت حزين :
" لا تذهب يا أبي .. أرجوك أنت متعب دون شيء "
تدخل خالد مرة أخرى قائلا بمحايلة :
" كُفي عن الدلال و القلق يا أم لولو ، و لو على عمي أنا سأوصله و اعيده وقتما يريد "
ربت مأمون على كتف صهره بمحبة و تقدير ليقترب من مدللته المتذمرة مرة أخرى يقرص وجنتها الممتلئة قليلا كما يحب أن يفعل دائما ليتمتم بعدها بصوت وقور :
" اعتني بنفسك حتى عودتي و من ناحيتي أنا سأدعو الله أن يرزقنا بصبي و ليس فتاة ، يكفيني مدللة واحدة "
كشرت لقاء مرة أخرى ثم غمغمت بغيظ وهي تكتف ذراعيها :
" ستكون لولو و سترون "
نظر لها مأمون بيأس ثم مازح خالد قائلا :
" كان الله في عونك يا ولدي "
ليضحك خالد و يردد :
" عند الله الاجر والثواب "
قرصته لقاء في ذراعه فتأوه ضاحكا ليمضوا بقية الأمسية في مزاح يخفي به كل واحد منهم قلقه من المجهول .
***********
( ليلا بعد انتهاء الحفل )
بعد ذهاب آخر الضيوف وقفت سندس تكتف ذراعيها فوق صدرها بوجه يحمل كل معاني الغضب فيما تسأل أمها بصوت مكتوم :
" هل قمتِ بدعوته يا أمي ؟!! "
رفعت إيمان حاجبيها ثم اجابتها و هي تبدأ بترتيب المكان :
" لا ، لم أفعل "
هدرت سندس بعصبية و كأن رؤيته أمامها قد أعادت لها كل وجعها من جديد دفعة واحدة :
" إذا ً من أين أتت له الجرأة ليأتي إلى هنا ؟!! .. كيف يجرؤ ؟!! "
تنهدت إيمان بشفقة دون رد بينما خرج صخر من مكتبه على صراخ أخته و حاول امتصاص غضبها قائلا :
" اهدأي يا سندس ... أنا سأتكلم معه و ما حدث اليوم لن يتكرر من جديد .. أعدك "
لكن قناع سندس المتماسك قد تهشم فور رؤيتها له وجها لوجه بعد كل تلك الفترة فصرخت من جديد كحيوان مذبوح :
" لم يكن ليجرؤ على المجيء من الأساس لو لم يكن هناك من دعاه ، كيف تفعلون بي هذا ؟!! .. بعد كل ما فعله بي يأتي و يتعامل بكل برود و صفاقة ! "
أصدرت إيمان صوتا معترضا قبل أن ترد بصوت مرتفع :
" قد يكون عرف من سميحة أو فداء و أتى لرأب الصدع "
اغمض صخر عينيه بيأس و التزم الصمت يشتم بِشر و جنونه سرا بينما أحمر وجه سندس و جزت على أسنانها تردد كالمعتوهة :
" أتى لرأب الصدع ! ... حقا ! "
لتنظر بعدها إلى صخر تسأله بجنون :
" و أنت موافق ؟!! "
و دون أن تعطيه فرصة للرد صرخت بنفس الجنون في أمها :
" أم هذا ما تأملينه أنت ِ يا أماه ؟! .. أن نرأب الصدع و أعود له ! "
هتف بها صخر منحيا شفقته عليها :
" لا تصرخي على امك يا سندس و احترمي نفسك "
لكن سندس كانت تدور بفلكها الخاص ..
فلك لا يحمل غير الوجع و الدماء و الخيانة !
فلك يحمل وجهه الذي صفعها اليوم مدى اشتياقها له .. !
فلك يدور به قلبها العليل به حد الشقاء ..
السجين تحت رحمته ..
انتبهت سندس على صوت أمها الغاضب حين هتفت تحدث صخر :
" اتركها ، اتركها تصرخ كما تشاء "
لتعود بنظرها إليها و تصفعها بحقيقتها هاتفة بتحدي :
" لكن قبل أن تحاسبينا و تصرخي علينا يا سندس هانم يجب أن تحاسبي نفسك أولا ً على ما اقترفتِ في حقه و في حق الجميع "
ارتد وجه سندس و شحب تماما لتهمس من بين أسنانها بغصة مكتومة و دموعها تهطل على وجهها فتغرقه :
" اصمتي "
" اماه "
حاول صخر التدخل و ايقافها لكن إيمان كان قد فاض بها من عناد ابنتها التي لم تعد تعرف طباعها فاستطردت و هي تقترب منها ببطء :
" ماذا ؟! .. هل تظنين لأننا لم نتحدث معك أبدا أننا نسينا ما فعلتِ ؟!! .. لا يا سندس ، مثلما أخطأ بِشر أنتِ أخطأت ِ ، كما اذنب هو أنتِ أيضا اذنبتِ ، لكنك تناسيتِ ذنبك و علقتِ له بمفرده المشانق و هو أقر بما فعل في حقك و تحمل اللوم بمفرده فقط ... فقط لأنه يحبك "
و كأن تلك الكلمة ردت إليها بعضا من ادميتها فصرخت بجنون حتى جُرح حلقها :
" يحبني ! .. ألهذا خانني ؟!! "
كاد صخر أن يتدخل قبل أن يحتدم الموقف أكثر لكن أمه سبقته حين ردت عليها بقوة :
" مثلما خان ... أنت ِ خنتي "
امتقع وجه سندس و ظلت دموعها تجري على وجهها فأمسك بها صخر هامسا بشفقة جلية :
" كفى يا سندس ، اصعدي إلى غرفتك الآن و اعدك و الله لن يتكرر الأمر مرة أخرى "
نظرت له سندس بعينين تفيضان بالعذاب لتردد بهذيان و صوت مبحوح :
" تناسيت ذنبي و هو المُعاقب الوحيد ! ... حقا ؟!! "
ليعود جنونها في لحظة و تصرخ بكل ما فيها :
" كيف انسى ذنبي و الله جعلني أعايش عقابي كل يوم كيف ؟!! "
لتميل في لحظة خاطفة فترفع ثوبها الطويل و تخلع عنها الساق الصناعية و تلقيها بكل قوتها فيما تصرخ كطائر ذبيح :
" هل خسر ساقه مثلي ؟!! .. هل خسر عامين من عمره ؟!! .. هل تدمرت حياته ؟!! .. هل فقد ثقته في كل الثوابت حوله ؟!! "
امسكها صخر يسندها حتى لا تقع لتعود هي بنظرها إلى أمها التي كانت تبكي بصمت على حال ابنتها و استطردت :
" هو المُعاقب ها ؟!! .. هو المظلوم و أنا الظالمة الوحيدة ! "
انتظرت سندس أن تجيبها أمها لكن الإجابة التي كانت تطمع بها جاءتها بأخر صوت تمنت أن تسمعه ..
من اخر شخص قد ترغب أن يرى انهيارها ..
إلا هو .. !
يجب أن تبقى ندا له ..
يجب أن تبقى كاملة في عيناه حتى تجلده على ما فعل بها حتى آخر لحظة في عمره ..
لكن وجوده في تلك اللحظة شاهدا على اعاقتها ضرب بكل خططها و خيالاتها عرض الحائط فتجمد جسدها تماما بين ذراعي صخر :
" من يقول عنكِ ظالمة هو الظالم "
" ما الذي تفعله هنا ؟!! .. ما الذي اعادك من جديد ؟!! "
زمجر بها صخر بجنون حين وجد بِشر واقفا على باب المنزل ثم حمل سندس ووضعها على أقرب مقعد ليتحرك بعدها بخطوات نارية تجاه بِشر الذي كان ينظر إلى سندس دون غيرها ..
إن كان صخر سيقتله الآن فليفعل في حضرتها ..
إن كان عليه أن يُعاقب فليعاقب أمام عينيها ..
و إن كانت راحتها تكمن في عذابه فليتلظى بنار جحيمه الف مرة من أجلها و لن ينبس ببنت شفة !
تدخلت إيمان قبل وصول صخر إليه فوقفت بينهما تضع كفيها على صدر صخر و تستحلفه برجاء و هي ترى تلك النظرة الإجرامية التي ترعبها تلمع في عينيه :
" بالله عليك يا ابني ، بالله عليك أتركه "
حاول صخر الوصول إليه لكن إيمان كانت تحشر نفسها بينهما حشرا لينتزع بِشر عينيه انتزاعا عن روحه التي تختبئ منه هناك و تنفر حتى من مجرد النظر إليه ثم يحيل انتباهه إلى صاحبه الغاضب قائلا بصوت هادئ لكنه حاد كنصل سكين :
" لا تظن أنك ترهب بي شعره يا صخر ، فحين يصل الأمر إلى خُطبة زوجتي أنا من سينقلب إلى مجرم مختل لا يرحم أحدا "



نهاية الفصل الثالث

قراءة سعيدة للجميع


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-21, 10:56 PM   #19

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك جوجو جميل يا قمر

Mummum غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-05-21, 10:51 AM   #20

نجلاء نصر

? العضوٌ??? » 482627
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » نجلاء نصر is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hager haleem مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجمعة مباركة على الجميع يارب ❤️
مبسوطه جدا لرجوعي من جديد لوحي الاعضاء وبإذن الله تكون تجربة جديدة مختلفة تعجبكم
سبق وتم نشر فصول رواية ضربة جزاء (الجزء الاول من سلسلة قلوب تحت المجهر هنا على المنتدى و النهارده انا هنا حتى أعلن عن بدء تنزيل الجزء الثاني بعنوان عدو في المرآة
الفصول هيتم تنزيلها بشكل يومي الساعة التاسعة مساءًا بتوقيت مصر بإذن الله وذلك تمهيدًا لعرض الجزء الثالث بإذن الله في اقرب وقت ممكن
قراءة سعيدة مقدمًا و يارب الرواية تعجبكم ❤️❤️❤️
و دلوقتي اسيبكم مع تواقيع الأبطال ❤️












**********

روابط الفصول
المقدمة والفصل الأول .. اسفل الصفحة
الفصل الثاني
الفصل الثالث



نجلاء نصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:21 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.