آخر 10 مشاركات
في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          زهرة .. في غابة الأرواح (3) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          ثمن الخطيئة (149) للكاتبة: Dani Collins *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          بين ذراعيك مملكتي - ج1 سلسلة رؤساء عاشقون - قلوب زائرة - للرائعة * salmanlina*كاملة * (الكاتـب : salmanlina - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree103Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-05-21, 09:54 PM   #21

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


مساء الوردات على الحلواااااااااااات ❤️❤️
دلوقتي ميعاد الفصل الرابع ❤️🎉

الفصل الرابع
( وكأن كل طرقي تؤدي إليكِ ..! )
******
" بالله عليك يا ابني ، بالله عليك أتركه "
حاول صخر الوصول إليه لكن إيمان كانت تحشر نفسها بينهما حشرا لينتزع بِشر عينيه انتزاعا عن روحه التي تنفر من مجرد النظر إليه و يحيل انتباهه إلى صاحبه الغاضب قائلا بصوت هادئ لكنه حاد كنصل سكين :
" لا تظن أنك ترهب بي شعره يا صخر ، فحين يصل الأمر إلى خُطبة زوجتي أنا من سينقلب إلى مجرم مختل لا يرحم أحدا "
" خطبتي !! "
همست بها سندس بشفتين جافتين و علامات عدم الفهم تعلو وجهها ليتخطى بِشر صاحبه بكل تجاهل و عنجهية ثم يقف أمامها قائلا بملامح صلبة لا تلين :
" آن وقت الحديث يا سندس "
سندس من جديد !
رفعت سندس عينيها إليه بتحدي ليرتج قلبه شوقا إليها لكنه تحكم في انفعالاته ثم مال إليها جالسا على عقبيه متناولا الساق الصناعية و هم بإلباسها إياها لتهدر هي بصوت خفيض و قلبها يأن وجعا و كأنها فقدت ساقها للتو بسببه :
" إياك أن تقترب "
رفع إليها مقلتيه مجردا إياها من وهم قوتها المزعومة بلمحة واحدة ليميل برأسه من جديد و يكمل ما بدأه دون اكتراث باعتراضاتها و تحركاتها النافرة لينهي مهمته بقبلة اعتذار فوق ركبتها .. !
أزاحت سندس كفيه من فوق ركبتها بخشونة ثم انتفضت واقفة فور أن انتهى تتجاهل تلك الرجفة التي أصابتها إثر ما فعل لينهض هو الآخر واضعا كفيه في جيوبه مكررا حديثه بهدوء كارثي :
" يجب أن نتحدث يا سندس "
نظرت له سندس بمقت و همت بالصعود إلى غرفتها ليمسك هو ذراعها بقوة قائلا بصوت مرتفع وهو ينظر إليها نظرة اربكتها للحظة :
" بعد اذنك يا خالتي سأنفرد بزوجتي قليلا "
كاد صخر أن يطيح بكل شيء و يلقيه خارجا خاصةً مع نبرة التحدي التي نطق الأخير حروفه و كأنه يخبره أن وجوده من عدمه لا يفرق معه لكن أمه و كالعادة كبلته بجسدها الضعيف و ناصرت بِشر الذي لم يفلت ذراع سندس رغم محاربتها المستميتة للمسته :
" ادخلا إلى مكتب صخر و تحدثا "
نظر صخر إلى أمه بعتب بينما صرخت سندس كالمجنونة و بِشر يسحبها سحبا وراءه كالعنزة ليدخلها إلى مكتب صخر بصعوبة و يغلق الباب عليهما بالمفتاح أمام نظرات صخر الرافضة لكل ما يحدث .
" بالله عليك ِ ماذا تفعلين يا أمي ؟!! "
قالها صخر وهو يبعد ذراعي أمه عنه لتهتف إيمان بحزم مفاجئ :
" أعيد لأختك عقلها "
نظر لها صخر بغير رضا لتدمع عيناها بضعف ناقض قوة حديثها :
" اختك اختارت أن تلقي كل ما حدث على عاتق بِشر و نحن ساعدناها حين تجنبنا التحدث معها و محاسبتها على ما فعلته ، لذا اختارت أن تلعب دور القاضي و الجلاد و نسيت أنها مذنبة مثلها مثله .. بِشر أخطأ و هو لا ينكر ذلك لكن سندس تنكر حقيقة أنها أخطأت من الأساس "
زفر صخر بغير اقتناع فأمه لطالما كانت حليفة بِشر الأولى خاصة ً بعد الشرخ العظيم الذي حدث بين بِشر و أمه بعد انفصالها و عودة زوجها لوطنه مصطحبا معه علي فكانت هي له الأم التي عوضته عن أفعال أمه معه ..
أخرجته أمه من أفكاره حين استطردت و هي تمسح دمعتها :
" أتركه معها قليلا لعله يصلح ما أفسده ، اتركهما يتحملا نتيجة أفعالهما سويا .. يجب أن تواجه أختك نفسها بما فعلت حتى تستطيع أن تخرج من تلك الحفرة التي سقطت بها "
تنهد صخر ثم ربت على كتفها قائلا بضيق :
" كما تشائين يا أمي ، أنا فقط خائف أن يكون قد فات الاوان "
هزت رأسها بحماس بسيط و ردت عليه بطفولية كانت لتضحكه في وقت آخر :
" طالما الحب موجود اذاً لم يفت الأوان "
نظر لها صخر بيأس من مسار أفكارها الوردي ليتركها بعدها و يخرج إلى الحديقة متمتما :
" لا شيء سيجلب نهايتنا غير أحلامك الوردية يا أماه "
**********
( في غرفة المكتب )
جلست سندس على الأريكة تلهث من فرط مقاومتها له لتهتف بعدها بكل الغضب الذي يسكن قلبها :
" طلقني ، أوقف هذه المهزلة و طلقني "
نظر لها بِشر للحظات دون رد منتظرا أن تهدأ قليلا فاستفزها صمته و صرخت دون تعقل :
" ألا تملك كرامة ؟! .. قلت لك طلقني ، ألقي اليمين الآن "
في لحظة تبدلت نظرته لأخرى حارقة ثم عاد لهدوئه المدروس و باغتها صافعا إياها بحديثه الهادئ :
" سأطلقك يا سندس "
الجمها هدوئه و صمتت لبرهة تستوعب جملته البسيطة التي زلزلت أرضها ..
برهة انقسمت فيها لنصفين ..
نصف يصرخ فرحا لأنه أخيرا سيحصل على انتقامه و حريته و يتخلص من هذا العذاب الذي تحيا به ..
و نصف آخر يصرخ أيضا لكن كمدا و انكسارا ..!
نصف يدرك جيدا أن رحيل بِشر معناه نهايتها و بدايته الجديدة ..
بداية مع أخرى ...... كاملة !
أخرى سينفذ معها كل ما اتفقا عليه يوما ..
اخرى سينجب منها أربعة ..
أخرى سيختبر معها رياضة القفز بالمظلات ..
أخرى ستتنفس عطره ..
ستتذوق حلاوة قربه ..
أخرى ستجني كل شيء و هي ستبقى محصلتها .. صفر ..!
صفر على اليسار لا قيمة له ..
بلى هي تدرك جيدا أنه لو لم يكن لها نصيب مع بِشر لن يكون لها مع غيره لأنها و بكل بساطة لن تستطيع تجاوزه أبدا .
كانت سندس تهيم في أفكارها غافلة عن عيناه التي تقرأ كل ما يدور بداخلها لتظهر ابتسامة سخرية حزينة على وجهه محاها ليستطرد بصوت متحشرج :
" سأطلقك يا سندس ، لكن لدي شرط "
خرج صوتها مهزوزا و كأنها تحارب لتلملم شتات نفسها :
" ماذا ؟!! "
فيكتف هو ذراعيه متمتما بغموض :
" ستزفين لي و تبقين في بيتي لمدة عام كامل "
كشرت سندس برفض تلقائي للفكرة ثم تمالكت نفسها و قالت من بين أسنانها :
" و ما الذي يجبرني على القبول بهذا ؟!! .. و إن كنت ستطلقني حقا لما ننتظر لعام ؟! .. لما لا تفعلها الآن و تنهي الأمر ؟!! "
جلس بِشر قبالتها ثم غمغم بجدية :
" لا يعلم الكثيرين بعقد قراننا لذا سيكون من الغريب انتشار أمر طلاقنا ... أنا أرى أن الزفاف هو أسلم حل "
احتدت نظرات سندس رفضا و كادت أن تتحدث ليدرك هو ما أوشكت على قوله فيكمل بهدوء يتخذه طبعا وقت الغضب :
" فكري في الأمر جيدا يا سندس، عام إضافي على ذمتي تقضينه في بيتي و ينتهي بعدها كل شيء "
تحكم فيها كبريائها من جديد فقست نظراتها و قالت :
" و أنا لست موافقة ، لن يُغلق علينا باب واحد "
نهض بِشر من مكانه و رفع كتفيه بقلة حيلة مصطنعة ثم قال :
" معناها لا طلاق سيتم يا ابنة خالتي ، لا الأن و لا بعد مائة عام "
نهضت سندس تقف أمامه الند بالند فلمعت نظراته بعشق وأد ظهوره في مهده و استطرد ببرود :
" و لا تحلمي بأمور المحاكم فلن تحكم لكِ اي محكمة بالطلاق لأنك ببساطة لا تملكين أي سبب مقنع و انا عن نفسي سأقول أنني متمسك بكِ و بشدة "
جزت سندس على أسنانها تود لو تصفع وجهه المستفز لتسأله بعد لحظات طويلة بغيظ :
" ماذا تريد يا بِشر ؟!! .. إلى أي شيء تسعى ؟!! "
كاد لسانه يزل و يخبرها بمسعاه الحقيقي لكنه تجلد قائلا بصوت اجش :
" أسعى لإنهاء ما بيننا بطريقة صحيحة يا سندس "
سندس .. سندس .. سندس !
لما لا يتوقف فحسب .. !
أنهى بِشر حديثه و فر من أمامها هاربا قبل أن يضعف و يجذبها بين أحضانه ليروي شوقه إليها الذي يرديه قتيلا في اليوم مائة مرة ..
قلبه يحترق و يتحطم شوقا لها لكنه لُعن ببقائه بعيدا عنها
هو الذي أوشك على التهام التفاحة المحرمة فكان عقابه طرده من قلب جنته و مكوثه في جحيم فراقها و مقتها ..
رباه يا حرير الجنة .. هل كان التخلي سهلا لهذا الحد ؟!!
حين فتح الباب وجد خالته تنظر تجاهه بترقب فابتسم لها مطمئنا ثم اقترب منها و عانقها هامسا بدفء :
" اشتقت اليك ِ يا أمي "
ربتت إيمان على ظهره بقلب متألم على حاله و حال ابنتها ثم همهمت بصوت مبحوح :
" مر عليّ يا بِشر من وقت لآخر ،انت ابني و يؤلمني ابتعادك عني "
قبّل بِشر رأسها معتذرا عن غيابه ثم تركها و رحل بينما وقفت سندس مكانها تلملم شتات نفسها التي بعثرها وجوده و عطره .... و اسمها المجرد من بين شفتيه ..!
**********
( بعد عدة أيام )
" أفهمني فقط ما الذي تغير بك منذ ذلك اليوم الذي أوصلت فيه أبي الى القرية ؟!! "
زفر خالد بضيق ثم كرر حديثه السابق بصبر يُحسد عليه دون أن تحيد عينيه من على الطريق أمامه :
" يا لقاء أنتِ تعرفين ما يحدث ، بالله عليك ِ ارحميني من تحقيقاتك قليلا "
تنهدت لقاء بقنوط وهي تمسد على بطنها ببطء لتسأله بعد لحظات بهمس :
" أأنت متأكد أنه لم يجّد أي شيء في تلك القصة ؟!! "
جز خالد على أسنانه دون رد و داخله يلعن اللحظة التي تورط فيها في تلك المصائب .. !
رغم أنه يدرك أن ما يفعله هو الصواب لكنه يدرك أيضا إنه لا يخاطر بنفسه فحسب .. !
بل الخطر يحوم حوله و حول عائلته بالكامل ..
أمه و إخوته ..
لقاء و طفلهما ..
كل من يحيط به أصبح في دائرة الخطر ..!
رباه من أين ظهرت له تلك المصيبة ؟!!
فمنذ ذلك اليوم الذي اطلع فيه على الأوراق و البيانات اللعينة ثم اختفت و كأنها لم تكن و هو يبحث خلف السيد عبد الخالق بضراوة إلى أن توصل إلى بعض الأوراق التي تدينه ..
بالطبع اختفت البيانات التي رآها سابقا ً لكنه بحثه أسفر عن كوارث أخرى ..
لكن و لحظه العثر عبد الخالق بدأ الشك يغور في صدره تجاهه فبات تعامله معه غير مريح على الاطلاق و كأنه هو الآخر قد وضعه بدوره تحت عينه ..
تلميحاته مريبة ..
نظراته أغرب ..
حتى حديثه الأبوي الذي اتخذه سابقاً منهجاً للتعامل بينهما اختفى تماماً كأنه لم يكن قط ..!
كل هذا يهون .. كل هذا لا يهم
الكارثة الكبرى التي تكاد تجعله يعيد النظر في الأمر برمته هو حديث عبد الخالق معه اليوم و الذي ساده التحذير المبطن خاصة ً تلك الجملة التي علقت برأسه حين أخبره أن عليه أن يهتم بعمله فقط فهو شاب في مقتبل العمر و لديه أسرة يعتني بها ..
وهو ليس من الغباء و لا الحمق الذي يجعله لا يفهم بواطن حديثه ..
الرجل يهدده بشكل رسمي و إن كان حديثه مراوغ مثله ..!
هل عليه أن يتراجع ؟!!
هل يغض بصره عن الأمر برمته ؟!!
فإن كان لا يخاف على نفسه فماذا عليه أن يفعل بلقاء و طفلهما و أمه و إخوته ..!
و من قبل كل هذا ماذا يفعل مع ضميره الذي سيبقى يؤنبه إلى آخر لحظة في عمره إذا تعامى عن الأمر و ضلل نفسه ؟!
رباه ما هذه الدوامة التي سقط فيها دون سابق إنذار ؟!!
انتبه خالد على يد لقاء التي امتدت تحتضن كفه بتوتر حين ازدادت سرعته فابتسم لها يبثها طمأنينة لا يملكها و هدئ سرعته قليلا :
" انت تدرك أنني معك و بجوارك دائماً و تستطيع اخباري بكل ما يؤرقك .. أليس كذلك ؟! "
التفت لها خالد و ابتسم بعينين تفيضا بالعشق ثم رفع كفها إلى فمه يلثمه بهدوء و عاد إلى قيادته فيما يهمهم غافلاً عن عينا لقاء التي توقفت عند سيارة معينة للحظات ثم استغفرت ربها بقلب مثكل :
" لا حرمني الله من وجودك حولي يا ام لولو "
غافلا تماماً عن شرودها الذي سُحبت إليه مجبرة حاول خالد تغيير الجو المشحون بينهما فضغط على المسجل أمامه ليصدح صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد مرتلا عدة آيات من سورة البقرة إلى أن أتى قوله تعالى (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)
فتنهد من جديد و عقله رغما عنه يعطيه إشارة ربه فزفر مستغفرا و داعيا الله أن تمر أيامه القادمة على خير بعد أن تجاسر و خبئ نسخة من الأوراق التي عثر عليها هذه المرة منتظرا الوقت المناسب لتسلميها إلى الشرطة.
***********
( في الجامعة )
كعادتها تقف في زاوية لا تُرى تنتظر رحيل صخر حتى تظهر نفسها إلى سندس ..
سندس التي انقطعت اخبارها تماما منذ ليلة عيد ميلادها
بعد أن أغلقت هاتفها و حسابها الشخصي على الانترنت أيضا و اختفت تماما ..!
زفرت رغدة بضيق و قلقها على سندس يزداد حين طال مكوثها في سيارة صخر أكثر من المعتاد فاضطرت إلى التحرك تجاه البوابة قليلا حتى ترى ما يحدث بشكل أفضل ليباغتها ظهور لؤي الشناوي أحد أكثر الشباب عبثا في الجامعة ملقيا عليها بعض عبارات الغزل الوقحة ..
فالطبع مركز والده عزام الشناوي يخوله بفعل ما يريد دون رادع !
اضطربت رغدة و تحركت بغير هدى مبتعدة عن طريقه بقلق
و حين لمس لؤي ضعفها قرر أن يزيد جرعة العبث وقد أعجبته اللعبة فلحق بها ضاحكا بخطوات متأنية أرسلت الرجفة في أوصالها و قد غاب عن ذهنها تماما طلب المساعدة من أفراد الأمن ..
" بتروي يا حلوة .. لن ينفعك الهرب في شيء .. في اي صف أنتِ ؟!! "
تسارعت خطوات رغدة لتجد نفسها بعد عدة لحظات تقف أمام سندس التي تحدق فيها بتعجب وقلق من حالتها الغريبة فتمسكت رغدة بها بخوف عفوي بينما سألتها سندس بحذر :
" ماذا بكِ ؟!! .. ما هذا الحال ؟!! "
ألقت رغدة نظرة خاطفة مرتجفة على لؤي الذي ابتسم لضعفها الواضح و وقف بتحدي على بُعد خطوات منها غافلاً تماما عن صخر الذي يتابع الموقف من بعيد لتنظر رغدة مرة أخرى إلى سندس هامسة بضيق :
" إنه يتبعني منذ وقت "
نظرت سندس بدورها إليه ثم سألتها بتلقائية :
" و لماذا لم تذهبي إلى أفراد الأمن ؟!! "
هزت رغدة رأسها و تشتت نظراتها بتوتر ففهمت سندس أن صاحبتها قد أثر قلقها من الموقف البسيط على تفكيرها كالعادة فهتفت من بين أسنانها بغيظ منها :
" يا الله منك يا رغدة ، بحق الله كيف سيجرؤ على التعرض لكِ داخل أسوار الجامعة ؟!! .. ألا تفكرين ! "
همهمت رغدة بتعثر و ضيق من الموقف بأكمله :
" لم يخطر الأمن ببالي يا سندس ؟!! "
عضت سندس شفتيها بغيظ ثم أمسكت ذراعها قاصدين مبنى الأمن ليتحرك لؤي بدوره خلف الدمية التي أعجبته لكن صخر وصل إلى الفتيات بشكل ما و باغتهن سائلا سندس بنية واضحة للشجار مشيرا برأسه :
" هل يضايقكن هذا ؟!! "
حين لاحظ لؤي وجود صخر و تلك الشرارات التي تندلع من عينيه ابتسم باستخفاف لكنه انسحب بعد أن ألقى نظرة أخيرة إلى رغدة بينما شهقت رغدة بخفوت لتلكزها سندس خفية فيما تتمتم ببعض التوتر لتلملم الموقف :
" لا يا صخر .. صديقتي فقط ترهب الزحام لهذا توترت قليلا "
نظر صخر إلى رغدة التي شحب وجهها و تشتت نظراتها بتوتر من وجوده و تحديقه بها ليسأل مرة أخرى بصوت قوي و كأنه يرغب بسماع صوتها :
" هل انتن بحاجة إلى أي شيء ؟!! "
ظلت رغدة على صمتها و ردت عليه سندس مطمئنة إياه :
" ولا أي شيء "
أخيرا أفرجت عنها مروجه الخضراء و نظر إلى سندس قائلا بهدوء :
" اعتني بنفسك "
فتبتسم له الاخيرة بدفء و هي تومئ له ليعود بعدها إلى رغدة قائلا بمجاملة جافة :
" فرصة سعيدة "
ثم يتركهن و يعود إلى سيارته منطلقا بها إلى عمله دون أن يلتفت إليهن مرة أخرى .
بعد ذهاب صخر التفت سندس إلى رغدة تسألها ببوادر غضب :
" بحق الله اخبريني عن شيء واحد لا تهابينه .. ! "
كشرت رغدة شاعرة بالإهانة بعد أن بدأ اضطرابها يختفي رويدا رويدا ثم قالت بامتعاض :
" لقد توترت حين لحق بي "
ضحكت سندس بسخرية قاسية ثم صححت لها من بين أسنانها :
" بل هلعت حين لحق بكِ و هلعتِ حين رأيتِ صخر و هلعتِ ذلك اليوم في الحفل "
زمت رغدة شفتيها رافضة توبيخ سندس لتهتف بعدها بطفولية كارثية لا تناسب الموقف وهي تهم بتركها :
" حسنا فهمت و لن استغيث بكِ من جديد "
أوقفتها سندس و قد فاض بها الكيل من طفولية رغدة و ُجبنها المقيت ليتحركن إلى الداخل بعد أن طالت وقفتهن في مكان دخول الطلاب :
" انتظري هنا .. هل أقول لك ِ ذلك حتى تغضبين كالأطفال ؟!! .. يا رغدة استوعبي قليلا لوجه الله ، يجب أن تكوني أنت ِ مصدر قوتك .. هذا الحثالة اتبعك حين لاحظ خوفك منه ، توترك يجعلك فريسة للأنذال و يشوش أفكارك تماما "
لوت رغدة شفتيها بضيق ثم لوحت قائلة بلا مبالاة اصمتت بها سندس :
" حسنا .. حسنا فهمت وجهة نظرك "
ارتفع حاجبي سندس لتتمتم من بين أسنانها :
" و الله لن تفهمي شيء أبدا طوال عمرك "
لحسن الحظ لم تسمعها رغدة لكنها سألتها بعد عدة لحظات حين وصلن لمكان جلوسهن المفضل :
" لما اختفيتِ اليومين الماضيين ؟!! .. هل كل شيء على ما يرام ؟! "
زفرت سندس بضيق ثم تمتمت بعد لحظات :
" لقد تعبت قليلا .. ارهقني الحفل فتعبت "
حدقت فيها رغدة قليلا ثم باغتتها سائلة بلا حذر :
" هل هذا التعب يخص ذلك الرجل ذو الشعر الطويل الذي رأيته أكثر من مرة ينتظر خروجك من الجامعة "
في وضع آخر كانت سندس لتردعها عن الكلام في هذا الأمر لكن تشتتها الذي أصيبت به منذ ما حدث جعلها تتمتم دون وعي تقريبا :
" إنه زوجي "
شهقة رغدة و نهوضها المفاجئ اعادا لها انتباهها لتعي لما تفوهت به فتشتم بِشر سرا بينما هتفت رغدة بذهول :
" أنت ِ تزوجتِ ؟!! .... متى ؟!! "
زفرت سندس بقنوط ثم شدت رغدة تجلسها جوارها من جديد فيما تقول باختصار شديد :
" أنا متزوجة منذ ثلاثة أعوام أو أكثر "
ازداد ذهول رغدة فهي كانت تظن أنها تعرف كل شيء عن صديقتها لتكتشف اليوم أنها حمقاء لا تدرك عنها أي شيء ..
تمتمت رغدة بغباء و هي تنظر لأصابع سندس :
" لكنك لا ترتدي محبس "
نظرت لها سندس بطرف عينيها دون رد لتهتف رغدة بعدم تصديق وهي تنهض من جديد :
" لا تقولي ... عُرفي .. ! "
نظرت سندس حولها بصدمة بعد أن لفتت تلك المتخلفة الأنظار اليهن بشهقاتها المستمرة ثم عادت بنظرها الى رغدة و تكلمت من بين أسنانها بنبرة عدوانية :
" اقسم بالله إن لم تجلسي الآن و تتوقفي عن فضحي سأفتح رأسك يا رغدة ... ما هذا الغباء ؟!! "
تلفتت رغدة حولها و أنبت نفسها حين لاحظت بالفعل بعض النظرات الفضولية لكنها كانت أكثر فضولا منهم جميعا فاقتربت بجلستها من سندس و تمتمت بسرية مضحكة :
" اخبريني .. كيف تزوجتما ؟!! .. هل الورقة معك ام تركتيها له ؟!! "
اتسعت عينا سندس بذهول من مسار أفكار تلك الغبية التي تجلس جوارها فسبتها و قالت :
" يا اغبى خلق الله بِشر زوجي على سنة الله ورسوله "
رمشت رغدة قليلا ثم سألتها دون هوادة :
" و اهلك يعلمون ؟!! "
عدت سندس للعشرة سرا تمنع نفسها بمعجزة من ضربها ثم اخذتها على قدر عقلها و أجابت :
" أجل يعلمون "
زفرت رغدة براحة مضحكة ثم صمتت للحظات تقلب الأمر برأسها لتسألها بعد لحظات بتعجب :
" في هذه الحالة أين محبسك ؟!! .. و لما يقف زوجك بعيدا مثل المتحرشين ؟!! "
زمت سندس شفتيها من هذا التحقيق ثم قالت لتنهي الموضوع :
" لأنني أريد الطلاق و لا تسألي أكثر من ذلك "
صمتت رغدة مرغمة و عقلها يكرر الأمر مع نفسه دون توقف ..
لتهمس في النهاية بصوت غير مسموع :
" ما هذا الجنون !! "
**********
" سيد صخر .. السيد عبد الحميد الغانم يريد محادثتك "
طلب صخر من مساعدته تحويل المكالمة إليه ثم أبعد أوراق عمله و صفى ذهنه قليلا ليستقبل بعدها المكالمة بترقب ليأتيه صوت عبدالحميد الوقور :
" السلام عليكم يا صخر "
صخر دون ألقاب .. !
شيء غريب .. هو ليس معتاد على هذا القرب من السيد عبد الحميد بالأخص !
احتفظ بتساؤلاته لنفسه و رد السلام بهدوء ليدخل عبد الحميد في الموضوع مباشرة كعادته قائلا باختصار :
" الحاج صفوان يرغب بلقائك إن كنت لا تمانع "
لم يتعجب صخر بل اتسعت ابتسامته بمكر و ثقة وقد أدرك أن عرضه قد نال استحسان الحاج صفوان و إلا لما يطلب رؤيته ..!
من جديد احتفظ صخر بأفكاره و قال بنبرة عادية :
" بالتأكيد يسعدني مقابلة الحاج في اي وقت "
ساد الصمت للحظات تكلم فيها عبد الحميد مع شخص آخر ليعود إلى صخر قائلا :
" حسنا .. هل يناسبك عصر اليوم ؟!! "
لم يرغب صخر في تأخير الأمر ، فكل لحظة تمر يزداد خطر انكشاف أمر الاندماج و هو يريد أن يكون الخبر مباغتا و صادما للشناوي و من معه ليربك تحركاتهم قليلا فيما يخصه و يبعدهم عن طريقه خاصة ً و مشروع القرى السياحية الذي يرغب في الحصول عليه بدأت أخباره تتسرب إلى منافسيه .
طلب صخر من عبد الحميد أن ينتظر لدقيقتين ثم عبث بهاتفه يتأكد من فراغ مواعيده ثم عاد إليه قائلا بصوت صلب :
" لا مشكلة ، سأكون عندكم في الرابعة عصرا بإذن الله "
******
( عصرا )
( ما تبطل تمشي بحنيه ما تبطل تمشي بحنيه ليقوم زلزال ..
ليقوم زلزااااال ..
ليقوم زلزااااال ..
كعب الغزال يا متحني بدم الغزال
كعب الغزال يا متحني بدم الغزال )
طرقت جزاء على باب الحمام و هي تهتف بصوت مرتفع حتى يصل صوتها إلى نجم الحفل المُقام في الداخل :
" يا بكر باشا .. يا سيد بكر ، أنت يا فنان انجز و ألقي التحية على جمهورك و اخرج ، أنت تستحم منذ نصف ساعة و أكثر "
دقائق بسيطة و وجدته يخرج عليها بمنشفته العريقة التي يلفها حول جذعه بينما يجفف وجهه و شعره بأخرى اصغر حجما فيما يتمتم بحنق مصطنع :
" اخرج .. أخرج .. أخرج و ها أنا خرجت ، نعم ! .. ماذا تريد الكونتيسة ؟!! "
أنهى حديثه و هو يرمي إليها المنشفة الصغيرة فالتقطتها جزاء و ردت عليه بتهكم :
" انزل و قل هذا الحديث لجدك ، هو من يريدك "
زفر بكر ثم فتح خزانة الملابس يبحث عما يرتديه و هو يدندن بنفس اللحن الذي كان يغنيه في الداخل لتضع جزاء المنشفة التي تمسك بها على الكرسي فيما تسأله باستغراب :
" أخبرني أولا عن هذا المزاج الرائق رغم أنك في العادة تعود من العمل صارخا من الجوع بمزاج عكر "
ارتدى بكر سرواله ثم التفت إليها قائلا بمكر :
" هل تعلمين أولا من الضيف الذي يستعجلني الحاج صفوان للنزول قبل وصوله ؟!! "
هزت جزاء رأسها نفيا فاقترب منها بكر بخطوات بطيئة مراقبا كل لمحة منها كعادته فيما يقول بصوت خافت و كأنه يفضي لها بسر حربي :
" صخر المنصوري "
للحظة توترت نظراتها و الاسم يضرب عقلها بما فعلته منذ فترة طويلة نسبيا فتتعلق عيناها بعيني بكر الذي خمن ما تفكر به فقال :
" لا تقلقي .. أنا هنا "
قطبت جزاء بحيرة دامت للحظات ثم سألته بترقب :
" لما سيأتي ؟!! "
" اغلقي لي ازرار القميص "
" عفوا ؟!! "
سألته جزاء بتشتت فتعود ابتسامته العابثة تزين ملامح وجهه ثم يكرر طلبه من جديد بهمس خافت و هو يشير لملابسه :
" القمييييييص .. سأمرض هكذا .. الجو بارد "
تأففت جزاء ثم شدت جانبي القميص ببعض العنف فيما تقول بغيظ :
" أنجز و توقف عن العبث "
فيلعب لها حاجبيه ثم يميل خاطفا قبلة منها و يرد بمرح :
" أمرك يا غزال "
ألقت إليه نظرة حادة قابلها بأخرى ضاحكة ثم بدأ حديثه الجاد أخيرا قائلا ببساطة :
" باختصار شديد صخر المنصوري يعرض الشراكة علينا ، يريد أن يدمج مجموعته بمجموعتنا "
اتسعت عينا جزاء بعدم فهم ترجمته حروفها حين سألت :
" لماذا ؟!! .. ما الذي حولّه من أكبر منافس إلى صديق ؟! "
ابتسم بكر لها و امسك بقبضتيها التي مازالتا تشد جانبي قميصه و كأنها أمسكت بلص غسيل فيما يقول بغموض :
" الخوف "
كشرت جزاء ثم تمتمت :
" لا تكلمني بالألغاز "
تركها بكر و استدار يمشط شعره فيما يقول :
" ببساطة يا غزال هناك مجموعة من المستثمرين قد وضعوا صخر و شركته برأسهم و يرغبون بالاستحواذ على نسبة من أرباح الشركة السنوية دون وجه حق .. نوع من انواع المشاركة الغير ودية و في نفس الوقت هذه المجموعة بدأت تحوم حول شركتنا أيضا "
رفعت جزاء حاجبيها للحظات ثم همهمت تقاطعه بخفوت :
" أجل لقد سمعت بعض الكلام يخص هذا الأمر لكن نسيت أن أسألك "
اومأ بكر بتفهم و تجنب ذكر شكه في انهم سبب الحادث الذي أوشك على الوقوع لأمين منذ عدة أيام ثم أكمل حديثه وهو يضع عطره :
" المهم .. صخر يريد دمج المجموعتين لأنه ببساطة بمفرده ومن حوله مجرد موظفين يسهل شرائهم كما انه مسؤول عن امه و أخته و إذا حدث شيء له مرة أخرى سيصبحن بمفردهن تماما لذا تجنبا لكل تلك الأشياء سينضم صخر إلى مجموعتنا و يصبح شريك لنا "
كتفت جزاء ذراعيها و سألته مرة أخرى :
" و ما الذي سنستفيد به منه ؟!! "
ابتسم بكر بخبث يجيده ثم أجابها :
" أولا صخر عقله يزن بلد و هذه فرصة لاستغلال أفكاره .. ثانيا و هذا الأهم بضعة أسماء معينة من المساهمين في شركته سيقوون موقفنا للغاية ضد تلك المجموعة "
هزت جزاء رأسها بتفهم ثم تمتمت باستنتاج :
" يعني مثل التحالف "
التفت لها بكر من جديد قائلا بمشاكسة :
" عليكِ نووووووور ، ما شاء الله سريعة البديهة من يوم يومك "
كادت جزاء ترد على استخفافه بما يناسبه لكن قصي اقتحم الغرفة مثل العاصفة هاتفا :
" جدي الصغير يقول انزلا الآن احسن لكما "
زفر بكر ثم أمسك قصي من ياقة قميصه هاتفا :
" كم مرة قلت لك أن تحترم نفسك و تطرق الباب قبل دخولك "
فيأتيه الرد بصوت جزاء المتهكم التي تركتهما و نزلت هي :
" من شابه عمه فما ظلم "
نزلت جزاء إلى الردهة يتبعها بكر و قصي بصيحاتهم المنطلقة أمام بعضهما بينما خرجت رغدة من المطبخ تأكل تفاحة و قد عادت من جامعتها منذ وقت فيما تسأل بفضول عما يحدث فيجيبها ( الرويتر ) الصغير بانطلاق :
" أحدهم سيأتي للعمل مع جدي "
ليجري بعدها تجاهها فيما يستطرد كرجل كبير :
" لكن ما دخلنا ؟! .. اتركينا نحن من كل هذا و هيا لنلعب مباراتنا الجديدة .. موعدنا اليوم هل تذكرين ؟! .. سنلعب لكن حاولي ضبط زوايا قدمك "
" الجو بارد يا قصي "
ألقتها رغدة بتذمر فيرد الصغير بإصرار :
" ستدفئين حين تركضين خلف الكرة "
قبل أن ترد رغدة عليه هتف بكر الذي كان يتابع الحديث ضاحكا :
" و ماذا عني يا نذل ؟!! "
التفت إليه قصي و لوح بكفه قائلا :
" حين تنتهي تستطيع الانضمام الينا .. أليس كذلك يا رغدة ؟! "
راقبت رغدة غيرة جزاء تندلع و هي تنظر تجاه بكر فقالت بخبث :
" بالطبع لا مشكلة "
التقط بكر ما تود فعله فاقترب من جزاء يضع ذراعه على كتفها بحميمية قائلا بوعيد تمثيلي مضحك :
" سأنضم لكم أنا و الغزال و لن نرحم أحدا .. أليس كذلك يا وحش الملاعب ؟!! "
ارتبكت جزاء من لقبه الوقح الذي اعتادت أن يطلقه عليها في لحظاتهم الخاصة لتتماسك أمامه بعد لحظات ثم ترد عليه بتحدي :
" أجل .. لا رحمة اليوم "
اتسعت عينا بكر ثم هتف بهلع مضحك :
" احمينا يا رب "
في تلك اللحظة خرج عبد الحميد من مكتب والده قائلا بحزم :
" توقفوا عن اللهو و هيا كل واحد الى حال سبيله "
" هل تصرف شحاذين يا حاج ؟! "
نظر عبد الحميد لأبنه المشاغب و رد عليه :
" ادخل يا شحاذ لجدك و سينضم لك جاسم و أمين فور عودتهم من الشركة .. بالمناسبة لما عدتما باكرا اليوم ؟!! "
ارتبكت جزاء و شتت نظراتها بينما ابتسم بكر بسماجة و قال بوقاحة :
"أنهينا أعمال الشركة و جئنا لإنهاء أعمال البيت "
شهقت جزاء بخفوت ثم أزاحت ذراعه من فوق كتفها بحدة و خرجت إلى الحديقة يتبعها رغدة و قصي بينما هتف عبد الحميد بقرف :
" معدوم التربية "
فيرد عليه بكر و هو يدلف إلى مكتب جده :
" تسلم يا حاج "
****
بعد وقت كان صخر قد انتهى من شرح عرضه للمرة الثانية أمام الحاج صفوان الذي لم يخبئ إعجابه بطريقة تفكيره رغم تحفظه بعض الشيء على ما حدث بينهما سابقا ليعقب صفوان في النهاية بصوت ضعيف بعض الشيء لكنه مهيب :
" أنت ذئب يا أبن المنصوري "
التفتت الأعين كلها إلى صفوان الذي كان يضع عينه على صخر الهادئ أكثر من اللازم و استطرد بفطنة :
" ذئب مختلف لكنه وحيد يبحث عن قطيع يحميه وقت الأزمات "
ظل صخر على صمته ليصمت صفوان للحظات بسيطة قبل أن يتمتم :
" أنت حاولت ايذائي سابقا و اليوم اخبرتني ما دفعك للقيام بذلك لهذا سأعطيك نصيحة صغيرة .. من الرائع أن تصل لهدفك لكن ما يحدد معدنك هو طريقة وصولك إليه "
رد عليه صخر بصلابة و ثقة :
" رغم أنني أعترف بخطأي لكن كل شيء مباح في الحرب يا حاج و انا كما اخبرتك كنت في حالة حرب "
اومئ صفوان متفهما ثم قال بهدوء بعد لحظات من الترقب :
" مرحبا بك بيننا يا ابن المنصوري "
انتهت جلستهم ليلمح صخر عدم الرضا على وجه جاسم الذي يرى أن وضعهم ليس سيئا لتلك الدرجة فتجاهله لبقية الجلسة ثم استأذنهم للذهاب بعد عدة دقائق .
فور أن خرج صخر من باب البيت بصحبة أمين سمع أصوات هتاف عالية تأتي من منطقة جانبية في الحديقة فلم يكترث و أكمل طريقة ليتوقف مبهوتا هو وأمين حين ضربت الكرة رأسه من الخلف بشدة فالتفت متجاهلا اعتذارات أمين ينظر إلى الصغير الذي جاء يركض فيما يقول بسرعة حتى يتفادى توبيخ والده :
" و الله ليس أنا .. هذه قدم رغدة الحولاء "
رفع صخر عينيه عن الصغير لتقع عيناه على ثلاث فتيات اثنتين منهن ينظرن بفضول و بعض الاحراج أما الثالثة .....
اتسعت عيناه للحظة و توقفت على الثالثة بصدمة جلية ..
إنها هي .. !
الهريرة الشاحبة ...
رغدة .. !
و الصغير أيضاً قال رغدة للتو ..
نفس الاسم .. نفس الوجه .. نفس النظرات الهلعة
ألهذا ترتعب حين تراه ؟!!
رمش صخر ليسيطر على صدمته ثم تمتم بخفوت شديد و كأنه يجمّع الصورة كاملة في ذهنه :
" اذاً أنتِ ابنة الغانم الأخيرة "
نهاية الفصل الرابع


قراءة سعيدة ❤️❤️


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-05-21, 10:25 PM   #22

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

جميل يا جوجو تسلم ايدك

Mummum غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-05-21, 06:20 PM   #23

لنا الحياة

? العضوٌ??? » 174752
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 999
?  نُقآطِيْ » لنا الحياة is on a distinguished road
افتراضي

موفقة ورائعة جدا فى الانتظار مبدعة

لنا الحياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-05-21, 09:46 PM   #24

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الوردات على الحلواااااااااااات ❤️
**********
الفصل الخامس

( واحيانًا يصبح للقدر رأيًا آخر .. ! )

******
كابوس .. !
مؤكد كابوس وإلا ماذا يفعل صخر المنصوري في بيتها ؟!!
اللعنة إنه يدقق بوجوههن .. !
والآن توقفت عيناه عليها واتسعت قليلاً بصدمة ..
و .... اكتشف هويتها
" يا مصيبتي ..! "
ولولت بها رغدة بصوت مختنق و هي تتجنب النظر إليه تمامًا بينما اقتربت منها وصال وقرصتها تتمتم بإحراج من تحديق الرجل بهن و من الموقف برمته :
" ليس وقت بلاهتك إطلاقًا ، اذهبي واعتذري من الرجل بسرعة "
ظلت رغدة متسمرة مكانها تبادله التحديق بغباء منقطع النظير لتهمس جزاء بعدم رضا من وقوف صخر بهذا الشكل :
" ما هذا الثور ؟!! .. يجب أن يراعي حرمة البيت ويغض بصره ، فليصفعه أمين على وجهه و يجعله ينظر أمامه "
لا تزال رغدة على وضعها و قلبها يرجف بينما ردت وصال على أختها ضاحكة بخفوت :
" ماذا تقولين أنتِ ؟!! .. كيف نطالبه بغض البصر بعد أن ضربناه بالكرة على مؤخرة رأسه ؟!! .. وأنتِ أيتها الغبية لما تسمرتِ مكانك هكذا ؟!! .. هيا اذهبي و أنهي هذا الموقف السخيف "
ابتلعت رغدة ريقها وحاولت إيجاد حل سريع لتلك البلوة التي حطت بها ..
فهي لا تضمنه على الإطلاق ، قد يشي للجميع بمعرفته السابقة بها و بصداقتها هي وسندس ووقتها سيعلقها جاسم بالمقلوب .. !
عند تلك النقطة تحركت بسرعة تجاهه وقد قررت أنه في حال فضحها ستدعي صدمتها وجهلها بلقب سندس الأخير وتقول أنها تعرفها فقط كـسندس محمد عبد الفتاح ..
انتبهي يا رغدة .. لا وجود للمنصوري !
شجعت نفسها إلى أن وصلت ثم وقفت جوار أمين لتركض تلك الشجاعة وتتركها أمامه بمفردها فنكست رأسها مثل الأطفال وهمست بصوت يكاد يُسمع :
" أنا آسفة جدااا .. لم أقصد "
لاحظ أمين نظرات صخر الغامضة نحوها فخبئها عنه بجسده قليلاً بحمية ثم مزح معها حتى يهدئ من توترها :
" حصل خير يا كابتن ، هيا عودي إلى الملعب "
ألن يرد عليها ؟!!
يا الله ما هذا الإحراج ؟!!
قررت رغدة أن تتجاهله بدورها وتعاود أدراجها لكنها لم تكن محظوظة بما يكفي لإنهاء الموقف على خير إذ ظهر لها صوت جاسم من تحت الأرض سائلاً :
" ماذا هناك ؟!! "
ارتبكت رغدة لتجيب بتعثر دون تفكير و هي تلوح بعصبية تجاه صخر بكفها :
" لقد ضربته "
ثلاث رؤوس التفتت إليها بعد جملتها الغبية فكادت تصرخ حنقًا من نفسها لينقذها امين من جديد وهو يفسر بهدوء :
" لا شيء .. رغدة كانت تعتذر من السيد صخر بعد أن أصابته بالكرة دون قصد "
نظر لها جاسم بعتاب فانكمشت قليلاً ليظهر صوته أخيرًا وقد تخطى صدمته ليقول بلباقة وهو يغرس نظراته في حدقتيها وكأنه يؤكد لها أنه اكتشف سرها :
" لم يحدث شيء يا آنسة ، أراكم على خير و ... فرصة سعيدة من جديد "
تمنت رغدة أن تنشق الأرض و تبتلعها في تلك اللحظة خاصة ً وهي تكاد تقسم أن الشطر الثاني من الجملة لا يقصد به سواها فعضت شفتها بقلق وحدقت في رحيله بتوتر ليهمس جاسم في اثره :
" متعجرف "
رفعت إليه رغدة حدقتيها فنظر لها بالمقابل ممازحًا بصوت خافت :
" لما لم تصيبي أنفه المغرور ؟! "
ابتسمت له وقد تراجع خوفها قليلاً باختفاء صخر دون مشاكل لتتمتم بشقاوة :
" المرة القادمة سأصيبها من أجلك "
بادلها جاسم الضحك ثم وضع يده فوق كتفها وتحركا سويًا تجاه الفتيات وقد انضم إليهن بكر وأمين وعهد لتستقبلهم وصال هاتفة بمرح :
" حسنًا .. لنعيد ترتيب الفريقين ، أنا وجاسم وجزاء ضد بكر وأمين وقصي .. أما عهد ورغدة سيلعبن كحراس المرمى "
مرت دقائق وقد عادت تتعالى الهتافات المرحة وقد استغرقوا جميعًا في اللعب بينما يراقبهم عبد الحميد من إحدى النوافذ حامدًا الله على رؤيته لهذا المشهد .
********************
دخلت سندس إلى منزلها بعد أن قررت أخذ جولة طويلة بالسيارة علها تهدئ أعصابها التي باتت مشدودة على الدوام منذ ليلة عيد ميلادها وذلك العرض الذي رماه بِشر في وجهها بلا سابق إنذار !
وجدت أمها تجلس في الردهة و تشاهد إحدى برامج الطبخ كعادتها فقررت تجاهلها والصعود إلى غرفتها مباشرة حتى تتجنب فتح الأمر من جديد لكن إيمان فور أن لمحتها قالت بحزم :
" هل دخلتي على كفرة ؟!! .. على الأقل ألقي السلام على أمك "
تنهدت سندس بملل ثم ألقت السلام على مضض و كادت تتحرك من جديد تجاه غرفتها لتوقفها أمها مجددًا فيما تقول بصوت جدي :
" تعالي هنا .. أريد التحدث معكِ قليلاً "
زفرت سندس بقنوط ثم ذهبت و جلست أمامها فيما تقول بعصبية مكتومة وهي ترمي حقيبتها جوارها :
" أمي إن كنتِ ستتحدثين عن بِشر من جديد فأرجــ....... "
عوجت إيمان شفتيها ثم قاطعتها تشيح بكفها بلا مبالاة دون أن تنظر إليها :
" لا ليس هذا .. منك لبِشر يا قلبي لا تحزن ، لقد سئمت منكما .. أنا أريدك في أمر آخر "
ارتفع حاجبي سندس بعدم تصديق من استسلامها السريع بينما أغلقت إيمان التلفاز وأعطت انتباهها بالكامل لابنتها فيما تقول بجدية مضحكة :
" الآن بعد أن فشلت كل مساعي لأصلح بينك وبين بِشر قررت ترككما على جانب تحترقان سويًا وأريدك أن تساعديني في تزويج صخر "
رمشت سندس بتشوش عدة مرات لا تفهم كيف تحولت بوصلة موسم التزاوج تجاه صخر بتلك السرعة ثم همهمت :
" ماذا ؟!! .. صخر ! "
لوت ايمان شفتيها بضيق وعقبت بضيق :
" أجل صخر .. أم لن يكون لي نصيب في الفرح لا في البنت ولا في الولد ؟!! "
قطبت سندس للحظات ثم سألت بتشوش لا ينتهي :
" وما دخلي أنا في هذا الأمر ؟!! .. كيف سأساعدك لا أفهم ؟!! "
لمعت نظرة الحماس في عيني إيمان فوجلت سندس ..
فقد أصبحت تدرك أن تلك النظرات المتحمسة في عين أمها لا يعقبها خير أبدًا !
قاطعت إيمان افكارها حين قالت بخفوت شديد لا تدري سندس سببه إذ أنه لا يوجد غيرهن في المنزل :
" أظن أنني عثرت على عروس مناسبة له وأريدك أن تقريبهما من بعضهما "
زفرت سندس بملل ثم قالت مرة واحدة :
" أمي هلا تتحدثين مرة واحدة بوضوح وإيجاز من فضلك ؟؟! .. ثم أي عروس تلك التي عثرتِ عليها له بعد فسخ خطبته مباشرةً ؟!! "
ابتسمت إيمان بنفس الحماس المقلق لابنتها دون أن تعير تململها أي انتباه ثم أجابتها ببراءة :
" زميلتك ... تلك الحلوة النحيفة البيضاء اليتيمة التي كانت توصيكِ بي يوم عيد مولدك "
رمشت سندس و عقلها يردد ..
( الحلوة النحيفة البيضاء اليتيمة ! )
لتتسع عينيها بصدمة والشق الآخر من الجملة يخترق تركيزها
( كانت توصيني بأمي !!!!! )
نهضت سندس وهتفت بصدمة في وجه أمها المحدق بها :
" رباه .... رغدة ؟!! "
اتسعت ابتسامة إيمان بفخر اختيارها وهي تومئ بموافقة وتردد خلفها غافلة عن صخر الذي توقفت خطواته قليلاً حين سمع اسمها في بيته من جديد فقرر أن يتوارى عن أعينهن ليفهم عما يتحدثن ويخصها :
" أجل رغدة .. لقد أعجبتني ، هادئة وجميلة وصغيرة ولن تتعبني "
لفت سندس حول نفسها تلوح بكفها بانفعال فيما تقول :
" لا .. لا .. أخرجي رغدة من رأسك تمامًا يا أمي "
نهضت إيمان بالمقابل تسألها بتوجس :
" لما ؟!! .. ما بها الفتاة ؟!! "
تبًا كيف تبرر الان ؟!!
هل تقول لها أن هذه تكون رغدة الغانم التي اشترى ابنك عداوة أهلها في العمل الفترة الماضية ؟!!
تنهدت سندس بتوتر ثم فضحت رغدة بأول ما خطر على بالها :
" لأن رغدة كانت تحب ابن عمها منذ طفولتها وحتى وقت قريب للغاية و هو تزوج من أخرى أما رغدة فلم تتعافى من جرحها بعد "
امتقع وجه إيمان بينما التمع التفكير في عيني صخر و همس مخاطبًا نفسه :
" من منهما ؟!! "
لكن الأمر لم يحتاج لتفكير طويل ففرق العمر بينها وبين أمين كبير حتى أنها وقت زواجه الأول كانت في الصفوف الإعدادية على أقصى تقدير إذًا ليس هناك غير الذئب المهرج الذي يُدعى بكر لأن قريبها الطبيب ليس متزوجًا على حد علمه !
توقف صخر للحظة سائلاً نفسه بتعجب :
" وما دخلك أنت بمن تحب ومن تكره ؟!! "
في تلك اللحظة أبعدها عن تفكيره تمامًا وانغلقت ملامحه ثم قرر يعلن عن وجوده ليخطو إلى الداخل ملقيًا السلام فتنتبه له أمه وتسأله باستغراب :
" متى أتيت أنت ؟!! .. لم أسمع صوت سيارتك "
ابتسم لها صخر بهدوء ثم أجابها وهو يجلس :
" على الأغلب كنتِ منهمكة في حديثك مع سندس فلم تنتبهي لوصولي "
كادت سندس أن تتحرك إلى غرفتها ليوقفها صخر هذه المرة مربتاً على الأريكة جواره قائلا :
" تعالي يا سندس .. أريد التحدث معكِ قليلاً ؟!! "
رفعت سندس حاجبًا مستغربا وتمتمت سرًا :
" ما قصتكم في التحدث معي اليوم ؟!! "
ومع ذلك ذهبت وجلست جواره بينما تركتهما إيمان بملامح ممتقعة بعد أن أغلقت سندس أبواب الأمل في وجهها كالعادة فتحركت تجاه المطبخ وهي تتمتم بأدعية كثيرة تتمحور حول خلاصها منهما عاجلاً غير آجلا ً ..
اقترب صخر أمام ملامح سندس المتوجسة منه يربت على خصلاتها المنسدلة قليلا برتابة وملامح لا تنم عن شيء ليجذبها منهم مرة واحدة فيما يهتف بعصبية دون أن يرتفع صوته :
" منذ متى وأنتِ تصادقين رغدة الغانم يا سندس ؟!! "
اتسعت عينا سندس للحظة بصدمة وارتباك وابتلعت ريقها بتوتر لتحاول تمالك نفسها وتجيب بعد لحظات :
" أي غانم ؟!! ... رغدة صديقتي اسمها رغدة فاروق صفوان "
لم تنتطلي لعبتها على صخر الذي ابتسم ابتسامة هازئة شيطانية ليهمس مكملاً :
" يا مسكينة ! .. اسمها رغدة فاروق صفوان عبدالحميد الغانم "
حاولت سندس إبعاد يده عن شعرها فيما تهتف بعصبية :
" وهل تراني أعمل بالسجل المدني ؟!! .. من أين لي أن أعرف ؟!! "
لم يبدو عليه أنه استمع لها إذ أكمل توبيخه دون أن يتركها :
" لا ومن وقاحتك أنتِ وهي قمتِ بدعوتها إلى هنا وهي جاءت "
" قلت لك لم أكن أعرف .. اترك شعري "
صرخت بها سندس وهي تنقض على جسد أخيها بجسدها الضعيف بالنسبة لبنيته لتمسك بيده الأخرى فجأة وتعضها بكل قوتها فيصرخ صخر بدوره متألمًا دون أن يترك شعرها فيما يهدر بصوت مرتفع :
" كاذبة ووقحة .. لن تنطلي عليّ ألاعيبك أبدًا "
خرجت إيمان من المطبخ بسرعة على صوت الهتاف لتتسع عيناها بصدمة وهي تحدق في صخر الذي نزع شعر أخته من مكانه وسندس التي أكلت نصف ذراع أخيها تقريبا فركضت بسرعة تحاول الفصل بينهما فيما تهدر بجنون :
" هل جننتما ؟!! .. كم عمركما حتى تفعلا ذلك ؟!! .. اترك أختك يا صخر ، هل جننتِ يا سندس ستأكلين ذراع أخاكِ ؟!!! "
بمعجزة فصلتهما عن بعضهما لتقف بينهما تصرخ في الكبير بتوبيخ :
" منذ متى وأنت تضرب أختك ؟!! .. هل فقدت عقلك ؟!! "
أشار صخر إلى سندس التي تقف مشعثه خلف أمه وهو يقول :
" الحلوة ابنتك تستغفلنا وتصادق رغدة فاروق الغانم بل ودعتها إلى المنزل أيضًا "
التفتت إيمان تحدق في سندس بصدمة لتسألها بحذر :
" رغدة رغدة ؟!! "
أومأت سندس بعينين مذنبتين ثم كادت تهتف أنها لم تكن تعرف هوية عائلتها من جديد لتنقذها أمها حين التفتت لصخر تهتف به :
" وما دخل أختك بمشاكلك في العمل ؟!! "
اتسعت عينا صخر ليهتف بذهول :
" أمي "
فتقاطعه إيمان فاضحة إياه :
" ثم لقد أخبرني بِشر منذ بضعة أيام أنك تسعى لمشاركتهم وحل مشاكلك معهم إذًا أين المشكلة ؟!! "
سب صخر بِشر وأسهمه التي تبقيه على علم بكل ما يدور في الشركة ليبرر موقفه قائلاً بانفعال :
" أنا فعلت ذلك مضطرًا يا أمي .. فعلته حين أغلقت كل الأبواب بوجهي لكن المحروسة ابنتك تصادقها منذ أكثر من عام "
أبعدت سندس أمها ثم وقفت أمام أخيها هاتفة بحدة :
" فيما تضرك صداقتنا ؟!! .. ما دخلي أنا وهي فيما يدور بينك وبين عائلتها ؟!! .. ثم امي تقول انكم أصبحتم شركاء إذًا ما مشكلتك معي بالضبط ؟!! "
عض صخر شفتيه بغيظ فسرته سندس على أنه عنف في طريقه إلى نسفها فآثرت الشر قائلة بمحايلة ونبرة تمثيلية متخاذلة :
" ومع ذلك أنا مستعدة لقطع علاقتي بها إن كان هذا ما يرضيك "
كاد صخر أن يخبرها أن تلك الحركات لا تنطلي عليه لكن أمه تدخلت مرة أخرى وقالت بنبرة قاطعة :
" اصعدي إلي غرفتك يا سندس وأنا سأتفاهم مع أخيكِ "
انصاعت سندس بسرعة إلى أمر أمها وتركتهما بمفردهما فهي تدرك هذه النبرة وتعلم جيدًا ماهية الحوار الذي سيدور فور اختفائها .
وبالفعل بعد ذهاب سندس نظرت إيمان إلى ابنها قائلة بخفوت يحمل بين طياته التوبيخ :
" بالله عليك بعد كل ما فعلناه .. بعد كل التعب الذي تكبدنا إياه حتى نخرجها من المنزل بعد ما حدث معها تأتي أنت الآن وتفعل ما تفعله ! "
أوشك صخر على التحدث لكنها قاطعته مرة أخرى هامسة بصرامة :
" أتركها .. لتصادق من تشاء ، طالما تحت أعيننا ما المشكلة ! .. ثم أنا رأيت الفتاة وتحدثت معها يوم الحفل و لا أرى أي ذرة غبار على أخلاقها وأدبها "
" يا أمي افهميني ....... "
لم تدعه إيمان يكمل جملته إذ صرخت مولولة مرة واحدة و هي تركض تجاه المطبخ بعد أن وصلتها رائحة احتراق الطعام :
" الطعام .. احترق طعامي ... منكم لله .. حسبي الله ونعم الوكيل فيكم "
تابع صخر ركضها المضحك بنظرة ذهول تحولت إلى يأس فهو أدرى الناس بها و برأسها الصلب الذي ورثه منها هو وسندس ليتمتم وهو يصعد إلى غرفته :
" ما هذه العائلة ؟! .. ماذا أفعل معهن ؟!! "
*******************
( بعد عدة أيام )
( الجامعة )
" أعلنت الشتاء عن نفسها بكل وضوح هذه المرة .. مرحباً بطقسي المفضل "
ألقت رغدة جملتها بسعادة طفولية و هي تراقب زخات المطر برفقة سندس بعد أن انتهين من المحاضرة ما قبل الأخيرة لهذا اليوم وقد وقفن يحتمين مع بعض الطلبة داخل مبنى الكلية بينما كان البعض الآخر يركض هنا و هناك هربًا من البلل .. !
ابتسمت سندس بخفة وهي تراقب رغدة التي مدت يدها تجمع بعض قطرات المطر مثل الأطفال ثم قذفتهم عليها لتعلو ضحكة سندس باستمتاع باتت لا تجده إلا برفقتها لتفعل مثلها بعد لحظات غافلين تمامًا عن عيون لؤي التي باتت تلاحق رغدة بإصرار يزداد كل يوم عن ما قبله خاصةً مع تجاهلها التام له وكأنه غير مرئي بالنسبة لها !
لكنه اليوم وضع خطته وسيبدأ أول خطواته للتقرب منها ..
سيجعلها تراه ، وتهيم به وإلا فلن يكون لؤي الشناوي الذي تتهافت عليه معظم فتيات الجامعة غير مدركات لحقيقة ما يتهافتن عليه ..!
على الناحية الأخرى بينما تعلو أصوات ضحكاتهن أكثر وأكثر تجمدت سندس فجأة و هي تميز تلك القامة الرجولية التي اقتربت منهن والتي سرقت بعض الأنظار حتى في ظل هذا الطقس المزعج ..
بشعره الطويل المبتل ومشيته البطيئة المستفزة و كأنه ملك زمانه والكون كله تحت طاعته ينتظره ليهبه ما يتمنى .. !
انحسرت ضحكتها رويدًا رويدًا لتختفي تمامًا في النهاية ولا يبقى من شفتيها إلا خط مستقيم لا يعبر عن شيء .. !
تجاهل بِشر نظراتها التي انطفأت واختفى منها المرح فور أن وقعت عليه وأخفى تنهد ملتاع كاد أن يخرج من بين شفتيه ناعيًا حظه الساخط عليه دائمًا وأبدًا !
رأي الاستنكار يعلو ملامحها لأنه أعلن عن وجوده لأول مرة في محيطها ويخطو تجاهها في قلب جامعتها ..
( أجل يا حرير الجنة .. اليوم سيعلم الجميع أنكِ خاصتي )
همس بها لنفسه ليتوقف أخيرًا أمامها ملقيًا عليها التحية هي وصديقتها فترد رغدة تحيته بتوتر وهي تراقب وجه سندس الممتقع بفضول ممتزج بالقلق .. !
نحى بِشر عينيه عن مصدر عذابه ليلتفت إلى رغدة ويبدأ بتنفيذ خطته بجملة تعارف بسيطة للغاية :
" مرحبًا، أنا بِشر .. زوج سندس وابن خالتها "
رغم أن سندس قد أوضحت لرغدة علاقتها به من قبل إلا أن هذا لم يقلل من صدمتها حين استمعت إلى جملته الهادئة و كأنه يتحدى نيران غضبها ببرودة أعصابه .. !
ابتسمت رغدة دون أن يغادرها التوتر ودون أن يظهر عليها أي اندهاش من المعلومة فرفع بِشر حاجبيه قليلاً بينما قالت رغدة ببعض الحرج من وقفتها بينهما :
" تشرفت بمعرفتك .. أنا رغدة الغانم "
هذه المرة كانت المفاجأة من نصيبه فاتسعت عيناه ليسألها مستفسرًا :
" عفوًا منكِ .. أأنتِ من عائلة الغانم ؟!! "
أجابته رغدة ببساطة شديدة وقد فقد الأمر أهميته بعد معرفة صخر :
" أجل .. رغدة فاروق الغانم "
التفت إلى سندس و نظر إليها قليلاً ثم همس بتسلية :
" رائع "
ليعود إلى رغدة قائلاً بكياسة :
" تشرفت بمعرفتك مرة أخرى "
صمت سندس ونظراتها الحارقة أوقفت المحادثة عند هذا الحد لتتنحنح رغدة وتتحرك مبتعدة هامسة بإحراج :
" بعد إذنكما "
كادت سندس أن توقفها لولا ذلك الجسد الرجولي الذي أغلق عليها الطريق فيما يتمتم بتسلي :
" رغدة الغانم مرة واحدة ! .. لستِ هينة يا حرير الجنة .. هل يعرف صخر بهذا الأمر فعلى حسب ما رأيت صداقتكن قائمة منذ وقت طويل ؟ "
تجاهلت سندس أسئلته الساخرة وانتصبت أمامه فيما تتمتم بغضب اسود :
" ماذا تظن نفسك فاعلاً ؟!! .. لما أتيت وماذا تريد ؟!! "
لم تختفي الابتسامة المستفزة من على شفتيه وأجاب ساخرًا وهو يشير إلى رغدة التي تقف بعيدة عنهما بمسافة تعبث بهاتفها :
" والله كان في نيتي أن أعلن زواجنا لكن من الواضح أنكِ لا تخفيه من الأساس "
" ماذا تريد يا بِشر ؟!! "
اقترب بِشر خطوة منها وقد اختفت ملامح الهزل مرة واحدة من على وجهه ليتمتم بهدوء :
" أريدكِ أن تأتي معي لمكان ما "
قطبت سندس وقالت بصلابة يمقتها :
" أنت تعلم جيدًا أنني لن أفعل "
كان يتوقع رفضها لذا قال بصلابة مماثلة :
" وأنتِ تعلمين جنوني وتعلمين أنني إذا أردت أن أعلن عن زواجنا سأمسك بمكبر الصوت و سأردد الأمر على آذان الجميع دون أن يفرق معي شيء "
تحفزت وقفة سندس لتهتف بخفوت حتى لا تتسبب لنفسها بفضيحة خاصة ً مع كل تلك العيون الفضولية التي تراقب وقفتهما :
" هل تهددني ؟!! "
فيرد بكل تلقائية :
" أجل .. أنا زوجكِ وأريدك أن تأتي معي اليوم .. الآن ، وإذا لم تفعلي فلست مسؤول عن ما سيحدث "
أخرجت سندس هاتفها فيما تردد بعصبية :
" سأتصل بصخر و سيـ...... "
قاطع جملتها وهو يسحب منها هاتفها واضعًا إياه في جيبه فيما يهتف بإصرار :
" فليضرب صخر رأسه في أقرب حائط ، هيا يا سندس افضل لكِ "
نظرت سندس إلى رغدة تستنجد بها فقال بِشر بنبرة حازمة :
" مكبر الصوت على بُعد خطوات ولا أعتقد أنكِ ترغبين بإعلان زواجك بهذه الطريقة "
احمر وجه سندس من الغضب و قد حُشرت في الزاوية كما أراد لتهتف من بين أسنانها وهي تتحرك معه بخطوات ساخطة :
" لعنة الله عليك ، متى سأتخلص منك ؟!! "
تجاهل كلماتها المسمومة التي تطعنه بلا رحمة ثم سبقها قليلاً حتى يفتح لها السيارة ليأخذها كما أراد ويرحل بينما تتابع رغدة العرض بعينين يملئهما الفضول و الترقب لتبتسم في النهاية بحالمية وهي ترى سندس قد انصاعت أخيرًا لمحاولات الصلح التي يشنها المزعوم زوجها عليها غافلة تمامًا كعادتها عن عينا الذئب التي ترصدها .
******************
بعد ساعتين أو أكثر ..
حسنًا .. أينعم هي تحب الشتاء لكن ليس لدرجة أن تغرق تمامًا بهذا الشكل ..!
تأففت رغدة بضيق شديد فالطقس ساء للغاية وشبكة الهاتف باتت أسوء والأفظع أن إطار سيارتها قد فرغ فجأة دون سابق إنذار ..!
ضربت إطار سيارتها بقدمها فيما تتمتم بسبة خافتة لتتابع بعينيها الطريق لفترة لا بأس بها بحثاً عن سيارة أجرة تعيدها إلى منزلها دون جدوى ..
تنهدت بقنوط بينما تحاول الاتصال بجاسم من جديد لكن شبكة الهاتف باتت منقطعة نظرًا لسوء أحوال الطقس ..
كادت تصرخ من فرط يأسها بينما تتمتم بغضب شديد من نفسها :
" تستحقين .. منذ متى وتهمك المحاضرات ؟! .. هل انتهت بكِ الأيام ولم يعلو لديكِ حس التفوق سوى اليوم ؟! "
" هل تحتاجين إلى مساعدة ؟!! "
أجفلت رغدة على صوت لؤي الذي كان يركب دراجته النارية وينظر إليها بتسلية فردت برفض سريع حتى يتركها و يذهب لحال سبيله لكنه نزل من على دراجته ووقف امامها قائلاً بعبث :
" لا داعي للتمنع .. كلانا نعلم أنكِ بحاجة إلى مساعدتي "
بدأ التوتر يغزوها لكنها حاولت تمالك أعصابها وقالت بحدة فاجأته :
" وكلانا أيضا نعلم أنني لن أطلب مساعدتك مطلقًا "
ابتسم لؤي و همس بنبرة أصابتها بالقشعريرة وهو يحدق بخصلات شعرها الملتصقة بجبينها ووجهها الأحمر من برودة الطقس :
" لا داعي للطلب من الأساس ، أنا لا يرضيني بقائكِ هكذا بمفردك "
نظرت رغدة يمينًا و يسارًا بحثًا عن مخرج من هذا المأزق لتتنهد بشبه راحة حين وقعت عيناها على صخر الذي كان يقترب منهما في كامل أناقته ممسكا مظلته بيد بينما يمسك الهاتف بالأخرى ويبدو كأنه يحاول الاتصال بأحدهم .. !
قارنت حالها بحاله بقنوط ..
فهو يبدو كعادته في قمة ثقته بنفسه ، هيئته مرتبة ، غامض النظرات
بينما هي مبتلة حتى النخاع ..
غير مهندمة على الإطلاق كعادتها وقت الذهاب إلى الجامعة ، تقف بمنتصف الطريق مثل المتسولين ..
التفت لؤي بدوره ليرى ما تنظر إليه فوجده نفس الشخص الذي كان متحفزًا للشجار معه المرة الماضية فتأفف سرًا لكنه وبكل صبيانية ظل واقفًا جوار رغدة بينما يعلو التحدي الأهوج نظراته ..
وصل صخر إليها أخيرًا ثم قال دون أن يلقي نظرة نحو ذلك الأبله الذي يجاورها :
" مرحبًا .. من فضلكِ أين سندس ؟!! "
تلجلجت رغدة قليلاً ثم همست بعد عدة لحظات :
" ذهبت مع زوجها ؟!! "
قطب صخر ثم ردد ببوادر عصبية :
" من ؟!! "
فاربكها أكثر لتمتم بصوت هامس :
" زوجها .. الأستاذ بِشر "
" بِشر "
همس بها صخر بوعيد ليلفت نظره هيئتها المزرية فيسأل بخشونة :
" وأنتِ لما تقفين هكذا ؟!! "
اتسعت عيناها قليلاً من سؤاله المباغت لترد بخفوت :
" الإطار فارغ و لم أجد سيارة أجرة حتى الآن "
عقب صخر و هو ينظر أخيرًا من أعلى إلى أسفل إلى لؤي الغاضب من تهميشهما التام له :
" بالطبع لن تجدين .. و لما لم تتصلي بأخيكِ أو أبناء عمك ؟!! "
" شبكة الهاتف سيئة للغاية .. لا أستطيع الوصول لأحد "
بررت له و كأنه يملك حق استجوابها بينما أومأ صخر ثم قال وهو يلتفت عائدًا إلى سيارته :
" حسنًا .. تعالي لأوصلك "
نبرته الآمرة أربكتها فظلت مكانها تتطلع في ظهره بذهول غبي ليتدخل لؤي قائلاً من بين أسنانه بجرأة مفاجئة و هو يرى فشل مخططه قبل أن يبدأ :
" لا داعي .. أنا سأوصلها "
" ماذا ؟!! "
ألقت رغدة سؤالها باستنكار شديد وهي تنظر إليه كمعتوه ليقف صخر قليلاً ثم يلتفت نصف التفاتة ويسأله و هو ينظر إليه بازدراء :
" من أنت ؟!! "
كاد لؤي أن يرد ليتجاهله صخر من جديد و يوجه حديثه لتلك الهبلاء التي مازالت تقف مكانها تشاهد العرض :
" هيا .. السماء بدأت تُظلم "
تحركت رغدة بتعثر تاركة وراءها لؤي يغلي من الغيظ لاعنا ذلك الذي ظهر فجأة وخرب مخططه للتقرب منها ..
لكن لا هذه الدمية الهشة ستكون ملكه سواء اليوم أو غدًا .. !
توقفت رغدة قليلاً بعد أن فتح لها صخر باب سيارته فنظر لها بتعجب لتهمس هي بتوتر و خجل :
" ملابسي مبتلة ، سألوث المقعد "
تنهد صخر داعيًا الله سرًا أن يلهمه الصبر ثم رد بمجاملة جافة :
" لا يهمك ، سأبعثها للتنظيف فيما بعد "
قرأت رغدة فراغ صبره في نظراته فركبت ليغلق هو الباب خلفها بقوة ثم التف ليركب هو الآخر فتغرق تماما في رائحة عطره التي ملئت السيارة حولها بينما يصلها صوت نبضاتها من فرط التوتر ..
رباه .. ماذا فعلت ؟!!
من أين واتتها هذه الجرأة وكيف ركبت معه ؟!!
يا الله سيقتلها جاسم إذا عرف ..
تنحنح صخر ثم سألها بعد لحظات طويلة من الصمت فقاطع أفكارها المتلاطمة :
" متى جاء بِشر ليأخذ سندس ؟!! "
" الساعة الثانية "
صوتها المرتجف فسره خوف منه فجعله حانقًا عليها و في نفس الوقت زرع بداخله رغبة في طمأنتها ..
إنها صغيرة للغاية .. حتى إن فرق الطول بينهما قد لفت نظره حين تحركت جواره تجاه سيارته ..
فهو يبدو جوارها وكأنه حارس شخصي بضخامة جسده مقارنة بنحافتها الواضحة .. !
جذب نظره فركها ليديها من فرط البرد فضغط على زر التدفئة لتهمس له بخجل بعد لحظات دون أن ترفع نظراتها إليه :
" شكرًا لك "
اومأ صخر والتزم الصمت قليلاً ثم تمتم فجأة بصوت مُحرج :
" هل ذلك الشاب الذي كنتِ تقفين معه صديقك ؟!! "
ارتفع وجهها مثل الرصاصة وهي ترد و كأنها تنفي تهمة عنها :
" لا والله ، أنه مجرد متطفل "
التفت إليها صخر متفاجئًا من قسمها فالتقت عيناهما ليتسمر قليلاً أمام البراءة القاتلة التي تفيض من نظراتها فيسرع بإشاحة وجهه عنها مستنكرًا تحديقه بها ثم تنحنح قائلاً بخشونة :
" إذا كان متطفل لما لم توقفيه عند حده ؟!! "
كادت أن تتحدث لكنه برر أسئلته قائلا بإحراج وانفعال :
" أنا بالطبع آسف على تطفلي لكن أنا .... أنا كنت سأجري نفس المحادثة مع سندس إذا وجدتها تقف صامتة أمام إحدى المتطفلين منتظرة من يأتي وينقذها "
تورد وجه رغدة من الإحراج فبررت موقفها بتلعثم :
" أنا ... لا أحب المشاكل "
كاد أن يرد عليها لكنه صمت و ارتبك قليلاً حينما وقعت عيناه على سيارتين ظهرتا فجأة وتحاولان قطع الطريق عليه لينظر إلى رغدة التي جذب ما يحدث انظارها هي الأخرى فهتفت بخوف وهي تلاحظ السرعة المفاجئة التي يقود بها صخر وتلك السيارات التي تتعقبه :
" ماذا يحدث ؟!! "
" اهدأي .. لا تخافي "
ألقى كلماته محاولا طمأنة نفسه قبلاً منها !
فوجودها في سيارته و تعرضهما ( سويًا ) لهذا الاعتداء كارثة بكل المقاييس ..
كارثة لم تخطر على باله مطلقًا .. !
أحاطت بهما السيارات من الجانبين فصرخت رغدة برعب حين ضربتهم سيارة ثالثة من الخلف فأصبحوا محاصرين تمامًا ثم ظهرت سيارة رابعة في نهاية الطريق كتبت كلمة النهاية ..
شتم صخر بعصبية شديدة وهو يحاول التخلص من ذلك الحصار بينما نزلت دموع رغدة من الرعب ليضطر صخر في النهاية إلى إيقاف السيارة مرغمًا ثم نزل وبدأ بشجار عنيف مع مجموعة من الرجال لتصرخ رغدة بجزع حين جاء أحد الرجال الضخام ليمسك بها و يجرها مرغمًا إياها على النزول من السيارة
تلوت محاولة التخلص منه وهي تصرخ بكل قوتها بينما حاول صخر الوصول إليها لتخليصها منه لكن البقية لم يتركوا له فرصة وانهالوا عليه ضربًا
حاول الدفاع عن نفسه قدر استطاعته لكن كثرتهم كتبت لهم النصر ليكون آخر ما وصل إلى مسامعه قبل أن يحقنوه بشيء ما أفقده الوعي تمامًا صرخات رغدة المتتالية باسمه ليختفي بعد ذلك صوتها رويدًا رويدًا وتتشوش الرؤية أمامه فيدرك أنهم أخذوها ثم يصله صوت احدهم قائلاً للبقية :
" كفى .. الباشا يريده هو وأخته أحياء "


نهاية الفصل الخامس
قراءة سعيدة ❤️


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 07:02 AM   #25

غدا يوم اخر

? العضوٌ??? » 5865
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,157
?  نُقآطِيْ » غدا يوم اخر is on a distinguished road
افتراضي

الرواية حلوة وقصة رعد وليش عندها نوبات هلع وان عيال عمها معربعض بعلاقة حلوه شي جميل
الديجور likes this.

غدا يوم اخر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 09:56 PM   #26

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الوردات على الحلواااااااااااات ميعادنا دلوقتي مع الفصل السادس
الفصل السادس

( ليتني لم أقترب من الأشياء التي أعجبتني حين لمحتها أول مرة، ليتني بقيت أنظر لها فقط من بعيد.. )

****
" إلى أين تأخذني ؟!! "
ألقت سندس سؤالها بنبرتها الجافة كما العادة ليسألها بِشر هو الآخر متجاهلاً الرد على سؤالها :
" هل فكرتِ بعرضي ؟!!! "
قطبت سندس قليلاً ثم تمتمت :
" أي عرض ؟! "
ابتسامة متألمة علت ملامح وجهه حاول إخفائها عنها ليرد عليها بعد لحظات بصوت خشن :
" عرض زواجنا "
دون أن تكلف نفسها عناء النظر إليه تمتمت سندس بنبرة سوداء يملأها الحقد :
" أنت تدرك جيدًا أنني لن أوافق أبدًا على الزواج منك ولو حتى ليوم ، الموت أهون عندي من قضاء ساعة معك تحت سقف بيت واحد "
دون أن يشعر ارتفعت كفه تغطي موضع قلبه خافيًا تأوه كاد أن يغافله و يخرج من بين شفتيه ..
تجاهل الرد على طعناتها وأغمض عينيه لثانيتين هامسًا لنفسه أنه يستحق كل ما تفعله به ..
يستحق سخطها وكلماتها المسمومة ..
لكنه لا يستطيع التعامل مع فكرة أنها باتت تكرهه .. !
فقط لا يستطيع التصديق ..
بل لا يريد أن يصدق أنها ستتخلى عنه .. !
أجل أخطئ ..
فليلعنه الله ألف مرة على خطأه لكن لا يعاقبه بها ..
إلا هي .. !
هي أنفاسه التي ينتظر عودتها لصدره بكل يأس حتى يحيا ..
هي سكينته التي يأمل نزولها على قلبه فيهنئ ..
هي الغيث وسط صحراء قلبه ..
هي حرير جنته التي أخطئ بحقها فطُرد من نعيمها وبات ملعونًا بعدها ..
كادت أن تدمع عيناه وتعلن هزيمة ساحقة لرجولته لكنه لم يسمح بظهور ضعفه أمامها أو هكذا كان يظن .. !
فمن تجلس جواره كانت تقرأ كل ما يدور بعقله وقلبه بمهرة منقطعة النظير ..
تدرك جيدًا أي وجع يحيا به الآن ..
لكنها لم تعد تملك مواساته ..
فوجعها أشد بكثير ..
نيران قلبها لا زالت تحرقها كل ليلة وكل لحظة ..
صورته في أحضان غيرها لا تغيب عن عينيها وتحرق كل ذكرى تشاركاها سويا ومنذ طفولتهما .. !
عادت بعقلها إلى تلك الليلة اللعينة التي ابتدأ فيها الأمر حيث كان بِشر يبحث كعادته عن ( علي ) وقد اتبع خيطًا جديدًا لفترة طويلة ونبت الأمل في قلب الجميع في عودة الغائب وأولهم بِشر نفسه .. !
تنهدت سندس بشفقة فهي باتت تدرك أن عودة علي تمثل لبِشر هاجس الخلاص ..
خلاص من قيد تقيده به خالتها بكل جحود !
فمن منهم لم يرى أن خالتها تحمّل بِشر ذنب اختفاء أخاه بشكل ما ؟!!
لقد اختارت خالتها بِشر ورفضت أن تترك وصايته إلى أعمامه كما طلب منها زوجها الأجنبي بعد أن رُزقا بفداء وعلي وبعدها بفترة نشبت الخلافات بينهما أكثر وأكثر لكن خالتها تمسكت بابنها البكري رافضةً رفضًا تامًا الابتعاد عنه ..
لكنها لم تظن أبدًا أن زوجها قد قرر أخذ طفليه أو بالأحرى اختطافهما والعودة بهما إلى بلده الأم .. !
فالحقير وضع خطته واستيقظ ذات صباح مخبرًا إياها أنه سيأخذ على وفداء إلى نزهة بمفردهم لكن توعك فداء في ذلك اليوم جعله يتركها مكرهاً و يأخذ أخاها ويرحل دون عودة !
ومنذ أن أدرك الجميع حقيقة الأمر والبحث عن علي أصبح على قدم وساق ..
حتى كبر بِشر ثم بدأ يبحث هو الآخر بضراوة عن أخيه في كل مكان إلى أن ظن أنه توصل إليهما أخيرًا وتأهب الجميع خاصةً خالتها إلى عودة علي ليكتشفوا في النهاية أنهم كانوا يركضون خلف سراب وأن بحثهم فشل هذه المرة أيضًا مثل المرات السابقة !
لكن خالتها كانت قد تأملت كثيرًا فكانت كسرة قلبها غير كل المرات ..
وسحقها لقلب بِشر كان أشد من أي مرة مضت !
فبعد عودة بِشر ( وحيدًا ) ظلت تنتحب كأنها فقدت طفلها للتو فمال عليها بِشر محاولاً تهدئتها فابتعدت عنه مما كسره أمام الجميع ثم همست دون وعي وكأنها فقدت السيطرة على نفسها تمامًا :
" ليتني طاوعته ... ليتني "
ليتسمر بِشر في موضعه بوجه شاحب بعد أن ألقت أمه بما يموج في أعماقها في وجهه لأول مرة !
فقد أعلنت أمه للتو ندمها على اختيارها له أمام الجميع .. !
يومها رأت سندس كل شيء ..
رأت طفلاً نبذته أمه بلا سبب ..
ورأت شابًا تمت إراقة كرامته في حضرة الجميع ..
و الاقسى أنها رأت حبيبها مهزومًا لكن كبريائها اللعين حال بينها وبين مواساته لأنهما كانا متشاجرين وقتها بسبب غيرته الشديدة عليها من شاب تعرفه معرفة سطحية لكنه يمقته لسبب لا تفهمه ..
دمعت عينا سندس عندما رأته يبتلع غصته ثم يتركهم خلفه بكل بهدوء ويرحل وقلبها يخبرها أن رحيله تلك المرة كان مختلفًا تمامًا عن أي مرة سابقة ..
غصة احتلت واستفحلت في قلبها وعيناها تركضان خلفه وتتبعانه تتبع الطفل لأبيه !
لعلها لذلك تقدمت بضعة خطوات ناوية اتباعه لكن أوقفتها صرخة أمها حين سقطت خالتها فاقدة وعيها فتركته يمضي في طريقه غير مدركة أن ثمن مضيه في هذا الطريق سيكون حبهما .. !
توقفت السيارة بشكل مفاجئ فانتفضت سندس عائدة إلى حاضرها ثم نظرت حولها لتجد نفسها أمام مطعمه الجديد المُزين احتفالاً بافتتاحه القريب ..
نظرت لبِشر بعدم فهم فلم يعيرها انتباه ونزل هو أولاً من السيارة ثم التف وفتح بابها متجنبًا مد يده لها رغم أنه يكاد يموت للمسة عارضة منها ..
نزلت سندس و وقفت تحدق في اسم المطعم وشعاره بعينين دامعتين بينما قلبها يئن من الألم ..
يا الله .. أي وجع هذا ؟!!
حلم آخر حلما به سويًا وحققه بمفرده .. !
( سلسلة مطاعم حرير الجنة والاسم سيُكتب بالفضي لينتهي بشعارنا .. وشاح حرير يعبر عن اسمك )
صوته المتحمس يكاد يصم أذنها و كأنه ترددات صوته بعثت من ماضيهما الجميل لحاضرهما المشوه ..
لا تزال تذكر حماسه ، شغفه .. جنونه بعمله
رفضه للعمل مع صخر ورفضه المشاركة في أعمال عائلة أبيه وسعيه المستميت خلف حلمه ..
والآن كل شيء حلما به وصلا إليه ... إلا هما ..!
فما أبعدهما الآن عن ما كانا عليه ..
" الافتتاح الليلة "
همس بها بِشر مدركًا أنها الآن تغوص في بحر ماضيهما مثله فتنظر له سندس بقهر وكأنها تسأله لما أوصلتنا لهذه الحالة فيحدق بعينيها قليلاً ثم يهمس بصوت متحشرج :
" أقسمت ألا يدخله شخص قبلك بعد أن أنتهى تحضيره "
همهمت سندس بصوت حزين ، ضعيف .. لأول مرة يسمعه منها منذ زمن :
" لا أريد "
لمعت عيناه بحزن كاسر وهو يلمح ارتجاف شفتيها ببكاء قريب فاقترب منها وأمسك بكفيها عنوة يكاد يلمس جبينه جبينها هامسًا بما يشبه التوسل :
" أرجوكِ .. نصف ساعة ، كل ما أطلبه منكِ نصف ساعة لن نضر أحد فيها غير أنفسنا "
" اتركني "
تهمس بها سندس بصوت متقطع وقد آلت سدود قوتها المزعومة للانهيار فيتمسك بها أكثر ويشد على كفيها بين كفيه بكل قوته ثم يهز رأسه رفضًا لما تطلبه ..
" فقط نصف ساعة .. دقائق معدودة تنثرين فيها لونك للحلم القديم ثم سأعيدك ، أقسم بالله سأعيدك "
نكست سندس رأسها أرضًا بضعف استغله وسحبها إلى داخل المطعم المزين ببالونات الهيليوم متعددة الألوان ..
نظرت حولها نحو الواجهة الزجاجية التي يظهر من خلفها الشاطئ فدمعت عيناها أكثر بينما همس بِشر بصوت ظهر الألم فيه جلياً :
" على الشاطئ كما حلمت ِ ، مزين بالبالونات الملونة ، ذو حوائط زجاجية وسقف زجاجي وكأننا نجلس بين أحضان السماء و البحر "
فاتت منها شهقة بكاء وهو يكرر على مسامعها كلامها القديم فلم يتمالك بِشر نفسه وأحاطها بين ذراعيه هامسًا بتوسل واضح هذه المرة :
" عودي إليّ ، رديني إليكِ .... إلى موطني "
فتهمس هي بصوت قطع نياط قلبه دون أن تجد القوة لمقاومة عناقه :
" لما فعلت بنا ذلك ؟!! .. لما ؟!! "
فيدفن أنفه في خصلات شعرها العطرة يستنشق عبيرها بكل طاقته مدركًا أنها ستدفعه عنها في أي لحظة فيما يقول بقهر :
" لم أخون ، أقسم بمن زرع عشقكِ داخل صدري منذ لحظتك الأولى لم أفعل "
و بالفعل كأنه أفاقها من غفلتها بهمسته المقهورة فانتفضت سندس وحاولت إبعاده عنها بكل قوتها لكنه كان متشبثاً بها كالمجنون وكأن طاقته قد استنزفت بالكامل فما بات قادرًا على فراق آخر ..
" ابتعد عني "
تصرخ بها بكل قوتها فيهز رأسه رفضًا دون أن يفارقها ويهدر بألم :
" لا أستطيع .. افهمي بحق الله .. لا أستطيع ترككِ ، لا أستطيع العيش دونكِ ، لم أعد قادرًا على فراقكٌ ، أنا أموت من غيرك يا سندس ... أموت "
ضربته سندس في ساقه عدة مرات لتبعده فتأوه دون أن يتحرك قيد أنملة بينما هتفت هي بعذاب :
" ومن السبب في كل ذلك ؟!! .. لما خنتني ؟!! .. لما ؟!! .. اسبوع واحد ! .. تبًا لك هو اسبوع واحد فقط أنصتت فيه لعقلي وابتعدت عنك حين ظننت بكل غباء أن ابتعادي عنك يؤلمك فخنتني ، خنتني يا بِشر .. لم يكن يشكل وجودي من عدمه شيء عندك "
" لم أفعل "
صرخ بها بكل قوته و هو يبتعد عنها فجأة مثلما عانقها فجأة فحدقت فيه بتكذيب جلي ليصرخ بِشر من جديد غير عابئًا بشيء سوى إقحام الكلام داخل رأسها الصلب :
" قلت لكِ ألف مرة لم أفعل .. بل كدت أن أفعل .. كدت ، لكني لم أفعلها .. كنت في قمة احتياجي إليكِ وكنتِ ترفضين حتى الرد على رسائلي ، و مع ذلك اقسم بالله أقسم بالله لم يحدث أكثر مما رأيتِ ، كنت ثمل ومع ذلك والله لم يحتمل جسدي قرب غيرك منه فانتفضت بنفور منها ومن نفسي بعد أن وعيت لما اقترفته في حقنا معًا وهربت ركضًا إليكِ لكنكِ نبذتني وقررتِ معاقبتي بما لم أتخيل أن تفعلينه يومًا "
اقترب منها من جديد بانفعال شديد وكأنه فقد سيطرته على نفسه بالكامل ثم أمسك بذراعيها هاتفًا بجنون مطبق :
" كيف تركتيه يقترب منك يا سندس ؟!! .. كيف استطعتِ فعلها ؟!! .. كيف ؟!! "
أمسك بِشر بكفها يسحقها بقسوة شديدة فيما يستطرد بغضب حارق :
" كيف تتركينه يمسك يدكِ ؟!! .. كيف تتركينه يقترب منكِ وتخرجين معه أمام كل الناس معلنة للجميع أنكِ انفصلتِ عني ؟؟! .. جعلتي مني ومن نفسك أضحوكة في أعين الجميع وأنتِ تعددين أمام الناس وكاميرات هواتفهم المحمولة نواقصي وعيوبي التي من المستحيل ان تقبل بها أي امرأة عاقلة .. كيف استطعتِ فعلها يا سندس كيف ؟!! "
نظرت لعينيه بقسوة ورأت آثار الفضيحة التي تسببت بها ما زالت مسطورة على صفحة وجهه فهمست بتشفي مخيف :
" مثلما استطعت خيانتي "
زمجر بِشر بعنف شديد وركل إحدى المزهريات الموضوعة أرضًا بقدمه فتحطمت أشر تحطيم ولف حول نفسه كالمعتوه ثم اقترب منها من جديد قائلاً بجنون أمام شفتيها :
" أتعلمين بما شعرت وقتها ؟!! .. أتعلمين أنني أردت قتلك يومها ؟!! .. اردت قتلك وقتل نفسي ورائكِ "
تمتمت سندس بعذاب وقهر :
" ليتك فعلتها وأرحتني "
لم يحتمل كلماتها فأمسك برأسها بين كفيه بكل قوته يضغط عليها بعنف مشاعره المقهورة نحوها ثم همس أمام شفتيها بجنون ودموع عينيه تتجلى لعينيها بكل وضوح فتشق صدرها شقًا :
" لن أفعل .. سنعيش سويًا وكأن كل ما حدث لم يكن ، سنكمل طريقنا الذي بدأناه سويًا منذ سنوات ، سنتلافى كل أخطائنا .. ستكونين لي ، أنا لن أنبذ من جديد ، لقد مررت بها مرة ولن يحدث مجددًا "
أغمضت عينيها تحاول لملمة شتاتها بينما استطرد هو بصوت يرتجف وكأنه يواجه أكبر مخاوفه :
" أمي نبذتني مرة واستطعت تخطي الأمر بسبب وجودكِ معي .. لكن إذا فعلتيها أنتِ لن أحتمل ، أقسم بالله لن أحتملها يا جنتي "
" أعدني إلى بيتي "
تهمس بها وقلبها الخائن يكاد يخرج من صدرها يتخذ جانبه علنًا فيمسك رأسها بين كفيه ويرد بقهر :
" رديني أنتِ إلى بيتي وموطني ، أنا تعبت يا سندس تعبت "
كادت أن تتحدث فقاطعها قائلا من جديد محاولاً إقناعها :
" هو عام واحد ، إن لم أنال مغفرتكِ فيه سأرحل إلى الأبد وتتخلصين مني نهائيًا .. كل ما أطلبه منكِ عام .. فرصة أخيرة يا سندس وبعدها ينتهي كل شيء اقسم بالله سأرحل عنكِ إن لم تغفري "
فتحت عينيها تحدق في عينيه التي تنتظر قرار منها سيحدد مسار حياته القادمة لتنكس بعدها رأسها أرضًا تستشعر ضعفاً بات يستفحل في خلاياها مؤخرًا فيقرأ بِشر ذلك الضعف ويزهر الأمل بداخل قلبه بعض الشيء ...!
******************
أغلقت هاتفها بعد أن أنهت محادثتها مع إحدى صديقاتها بملل ما بعده ملل ..
حتى مرورها اليوم على بيت أبيها الخالي منه بعد أن ذهب إلى القرية حيث عمتها لم يساعدها في شيء !
زفرت بضيق تعرف أن هرموناتها مصدره فيأتيها صوت أم جميل المرأة المسؤولة عن تنظيف بيتهم تسألها بثرثرة وهي تمسح الغبار عن الأسطح :
" هل عرفتِ جنس المولود يا ست لقاء ؟!! "
هزت لقاء رأسها نفياً و ردت عليها ببلادة :
" ليس بعد "
لتسألها أم جميل من جديد :
" وماذا يرغب زوجكِ ؟! .. صبي ام فتاة ؟!! "
تنهدت لقاء بضيق بدأ ينتابها دون سبب لتجيبها وهي تنهض إلى غرفتها القديمة متجنبة صحبة لا ترغب بها الآن :
" كل ما يأتي الله به خير "
شيعتها نظرات أم جميل المستغربة من تبدل حالها فهي في العادة ودودة وسهلة الطباع ..
تمتمت أم جميل وهي تعوج شفتيها بعدم رضا :
" الحمل وما يأتي به "
لتقرر بعدها أن تجد مصدرًا آخر للتسلية ففتحت التلفاز وبحثت عن محطة الأغاني حتى وجدتها ثم بدأت تدندن مع أحد الاغاني القديمة ببال رائق غير منتبهة لخطوات لقاء التي تسمرت مكانها حين وصلها صوت المطربة التي تشدو بصوتها العذب قصيدتها المفضلة ... معه !

لماذا تخليت عني )
إذا كنت تعلم اني
أحبك أكثر مني .. لماذا ؟؟
لماذا تغرر قلبي الصبي ؟!
لماذا كذبت عليه ؟!!
لماذا تغرر قلبي الصبي لماذا آه لماذا كذبت عليه لماذا وقلت تعود إليه لماذا ؟!! )

هربت لقاء بخطوات غير مستقرة حيث غرفتها و أغلقت الباب خلفها تهرب من ماض مغبر يخنق حاضرها لكن صوت الأغنية ظل يتردد بخفوت فدمعت عيناها و هي تشرد في كل مرة سمعت معه فيها تلك القصيدة دون أن تدري بأن هناك يوم سيأتي عليها وتتساءل هي فيه عن السبب الذي جعله يتخلى عنها بعد عشقهما الذي كانت تظن أنه أسطوري ولن يتكرر أبدًا.
أغمضت عيناها تحاول صرف انتباهها عن صوت المطربة لكن الكلمات اخترقت فؤادها من جديد ..
لماذا منحت لقلبي الهوى فلما أضاء بحب كعرض السماء )
ذهبت بركب المساء لماذا ؟؟!

وخلفت هذي الصديقة هنا عند سور الحديقة
وخلفت هذي الصديقة هنا عند سور الحديقة

على مقعد من بكاء لماذا ؟!!
جزت لقاء على أسنانها تحبس دمعاتها باستماته تود لو بإمكانها الصراخ في أم جميل حتى تغلق تلك اللعنة المسماة عرضًا بأغنية ..!
فهي لن تبكيه أبدًا ..
لقد تزوجت بمن هو أفضل منه ألف مرة ..
تزوجت بمن احبها حقًا وحارب لأجلها أهله ..
تزوجت بمن لم يتخاذل ولم يتركها في منتصف الطريق دون تفسير !
رحمتها الظروف أخيرًا وأنهت المطربة قصيدتها بصوتها الحزين وكأنها اقتنعت أخيرًا أن لا رد قادم فاستسلمت لقدرها مثلها

لماذا تخليت عني
إذا كنت تعلم اني
أحبك أكثر مني لماذا ؟؟
بعد انتهاء الأغنية وبدأ أغنية جديدة تنفست لقاء الصعداء وكأنها كانت تكتم أنفاسها طوال الدقائق الفائتة ... !
لقد مر عليها عمر كامل في دقائق ..
سنوات طويلة عاشتها من جديد مع كل نغمة وكل كلمة في القصيدة ..
فتحت عينيها من جديد تتأمل غرفتها التي هجرتها من زواجها .. !
يا الله .. منذ متى لم تدخل إلى تلك الغرفة ؟!!
رغم أنها غرفتها ..
رغم كونها ملاذها القديم ..
إلا أنها أيضًا الشاهد الأكبر على خيبتها الأولى ..
على خيانتها لنفسها و لـ... خالد !
أغمضت عينيها تعتصرها بشدة عل الطيف القديم يختفي من حولها ..
لكن هيهات .. !
نسمة من عطر قديم تحفظه خلايا عقلها عن ظهر قلب صفعت وعيها ففتحت عيناها بهلع تنظر حولها وكأن ( صاحب العطر ) سيتجسد أمامها من جديد .. !
لعنت ضعفها الذي استفحل بعد سماعها لقصيدته المفضلة ورغمًا عنها كالمخدرة امتدت يدها وفتحت الخزانة الصغيرة المجاورة لفراشها والتي اعتادت الاحتفاظ بكل ما جمعهما فيها فتجدها على حالها منذ آخر ليلة قبل زواجها ..
خاوية تمامًا إلا من صندوق قديم لا شيء به سوى ... ورقة !
أو بالأحرى .. رسالة وداع !
جرت عيناها على السطور التي حُفرت على جدران قلبها منذ سنوات طويلة فشققته و هشمته وأعادت تكوينه من جديد لكن بروح أخرى ..
روح أشد بأسًا ..
أكثر قسوة ..
روح لا تغفر الخطأ وإن كان بغير قصد ..
روح ..... خائنة
ابتسمت بسخرية ولا تزال عيناها تجري فوق كلماته المنمقة
تقرأ وعيناها تزداد قسوة ..
تقرأ ومشاعرها تزداد انغلاقًا ..
تقرأ وابتسامة هازئة تعتلي شفتيها فتمحو ما دونها .. !
فلطالما كانت الكلمات لعبته ..
موهبته التي ذُهلت بامتلاكه لها حين شاركها كتاباته لأول مرة ..!
و كأن لسانها قد نبت له إرادة خاصة إذ همس بآخر سطر وقعت عليه عيناها ودمعة خائنة ( مثلها ) تفر من عينيها
( أما أنا .. فسأمضي فوق ذكراكِ كأنكِ لم تكوني يومًا )
لا تعلم لما احتفظت بتلك الورقة رغم إحراقها لكل ما يخصه ..
فهو خان قلبها ..
وقلبها خانها ومازال يجلس على مقاعد انتظار هالكة مهترئة ينتظر رحيل ( طيفه ) عنه
وهي بين خيانتهما ... تذوي !
تحارب ألف خذلان ..
خذلانه القديم لها ..
وخذلانها هي لزوج قطعت له عهد الاخلاص التام
وخذلانها لمبادئها وتربيتها ..
وخذلانها لأبيها الذي نكثت وعدها له بالنسيان ..
وخذلانها لجنين ينمو في أحشائها لم تستطع أن تهب أباه الحب الذي يستحق ..
وخذلان وخذلان لتجد نفسها في النهاية قد انقلبت وبسببه إلى خيبة أمل تسير على قدمين .
****************
( بعد غروب الشمس )
تجلس جواره في السيارة التي تقطع بهما الطريق بسرعة مخيفة فتنظر إلى وجهه الساكن زيادة عن اللازم .. بل يصل إلى حد الجمود !
جمود وصمت لم تتوقعه بتاتًا أصابه منذ خروجهما من عند الطبيبة النسائية التي أصر على الذهاب إليها رغم سوء حالة الطقس ..
" بكر .. ! "
همست تستجدي دعمه الذي لم يبخل عليها به يومًا ..
فهي أيضًا لا تصدق بعد ذلك الحلم الجميل الذي تحيا به ..
حامل .. !
كلمة بسيطة جدًا لكنها تعني لها الكثير والكثير، وتتسبب لها أيضًا في الكثير !
فهي مرتعبة ، مشتتة ، مذهولة ... وأسعد نساء الأرض .
التفتت إلى نصفها الآخر من جديد فلمحت بريق شفاف في عينيه يكاد لا يُرى ..
همست تناديه من جديد فأوقف السيارة بشكل مفاجئ على مقربة من المنزل ثم التفت لها لينطق أخيرًا هامسًا بتساؤل خافت للغاية :
" هل تصدقين ؟!! "
دمعت عينا جزاء لمرأى دموع عينيه الأبية ثم مسدت على ذقنه الحبيبة هامسة بانبهار من عطايا القدر :
" لا .. عقلي مازال يقف عند اللحظة التي نطقت فيها الطبيبة نتيجة التحاليل "
مال برأسه يقبل باطن كفها للحظات طويلة ليعود ويغرس نظراته في عينيها بعد أن وضع جبينه فوق جبينها يتمتم و نبرة عدم التصديق لا تختفي من صوته :
" لقد نبتت جذوري بداخلك ، أتعلمين كم مرة دعوت الله أن يمن علينا ويكمل سعادتي بطفل منك ؟!! .. لقد كان يهلج لساني بها في كل صلاة يا جزاء "
نزلت دموع جزاء ثم مالت وقبلت طرف فمه قبل أن تهمس له بعشق بات يسكن قلبها :
" كيف سأحبك أكثر من هذا ؟!! "
فيضحك بفرحة لا تعادلها فرحة ويعبث بشعرها قليلاً ثم يتمالك نفسه ويجيبها بنبرة ظاهرها العبث وباطنها الكثير من الحب :
" ستفعلين .. ستهيمين بي أكثر حين تلدين لي قطعة مني تشبهني في كل شيء ، سترينني حيث تنظرين .. في كل مكان حولكِ "
ضحكت جزاء بخفة ثم عقبت بعفوية :
" ليس هناك من يشبهك "
تحرك بكر بالسيارة مجددا وشاكسها قائلاً :
" الله أكبر ، ابني تأثيره جبار وحل عقدة لسانكِ .. حبيب أباه والله "
ضحكت جزاء من جديد ليترجلا من السيارة أمام المنزل ويدخلا بأيدي متشابكة و بسمة سعادة تزين ثغرهما ليهتف بكر بعلو صوته حين دلف إلى صالة البيت :
" يا أهل المنزل ..... اجتمعواااااااااااااا "
هتف بها عدة مرات إلى أن نزلت وصال يتبعها جاسم وخرج كلاً من قصي وعهد من المطبخ بينما خرج عبدالحميد وأمين من باب المكتب ليهدر عبد الحميد باستنكار :
" هل جننت ؟!! .. لما تصرخ هكذا ؟!! "
أشار له بكر بالصبر ثم هتف من جديد مثل المعاتيه :
" يا جدددددددددددي .. يا حاج صفوااااااااان ، نحن قادمون "
ليلتفت إلى من ينظرون إليه دون استغراب من جنونه المعتاد وتتخذ نبرته بعض التهذيب طالبًا منهم الدخول معه إلى غرفة جده فيفعلون حتى يتوقف عن الهتاف فوق رؤوسهم غافلين عن الغائبة منذ الصباح .. !
" هل جننت أم لم يعد لك كبير ؟!! .. لما تصرخ يا بغل ؟!! "
هتف بها صفوان بضيق ليضحك بكر بانطلاق ويفجر قنبلته هاتفًا بسعادة :
" ستُرزق بحفيد جديد يا حاج ، بغل صغير سينضم للعائلة "
لم تتمالك وصال نفسها فصرخت بسعادة واحتضنت جزاء هاتفة مثل بكر :
" مبروك يا أم البغل "
ثم التفتت إلى بكر مكررة بضحك :
" مبروك يا أبا البغل "
ضحك بكر بانطلاق وهنئهم الجميع ليتلفت جاسم حوله بعد عدة دقائق وبإدراك متأخر بحثًا عن أخته التي لم تنزل من غرفتها منذ عودتها من الجامعة على حسب ظنه .. !
أم تراها سمعت صيحات وصال وبكر فانزوت في غرفتها تبكي حبها المزعوم .. !
تحرك يبحث عنها في الأرجاء ليصعد بعدها إلى غرفتها و يفتح الباب فيصدمه خلوها منها ...!
" أين هذه الفتاة ؟!! "
تمتم بسؤاله وهو يخرج هاتفه يتصل بها و ينتظر سماع صوت هاتفها وهو يمشي بأرجاء المنزل فلا يقابله إلا اصوات عائلته المختلط .. !
تحرك ينظر من النافذة لتتسع عيناه بصدمة حقيقية وهو يكتشف خلو المكان من سيارتها .. !
استمر على اتصاله بها فيقابله صوت الرنين دون توقف ودون رد ليسقط قلبه بين قدميه ثم يركض نازلاً الدرج فتقابله وصال التي نظرت لتغير حاله باستغراب فسألت بقلق :
" ماذا بك ؟!! .. لما تركض هكذا ؟!! "
فيجيبها جاسم برعب وهو مستمر في تحركه نحو الخارج :
" رغدة .. رغدة لم تعد إلى المنزل ولا ترد على هاتفها "
اتسعت عينا وصال بصدمة والقلق ينتقل إليها لكنها تماسكت و قالت تطمئنه :
" لا تقلق .. الوقت لم يتأخر كثيرًا ، قد تأتي في أي وقت "
هتف جاسم و قد تمكن القلق منه :
" أقول لكِ لا ترد على هاتفها .. لا ترد ، كما أن اليوم محاضراتها تنتهي الساعة الرابعة والساعة الآن السابعة و النصف .. أين تكون ذهبت في هذا الطقس ؟!! "
خرج عبدالحميد على صوته فقالت وصال بقلق أمام ملامحه المتعجبة :
" رغدة لم تعد بعد ولا تجيب على هاتفها "
ارتفع حاجبيه قليلاً ليتحرك جاسم خارجًا من المنزل بخطوات شبه راكضة وهاتفه لا يتحرك من على أذنه :
" سأذهب لأبحث عنها "
نادى عبد الحميد على ولديه ثم قال لأمين بسرعة :
" اركض وألحق بابن عمك ، أخته لم تعد للأن ولا يستطيع الوصول إليها "
همهمت وصال و هي تراقب مغادرة أمين :
" بإذن الله خير .. بالتأكيد تأخرت بسبب الأمطار "
زفرت بعدها واستطردت وهي تنظر إلى عهد التي خرجت تسأل عن ما يحدث :
" اللعنة كيف لم أنتبه لاختفائها ؟!! .. لقد ظننتها عادت من جامعتها وذهبت ترتاح بغرفتها قليلاً "
تنهد عبد الحميد محاولاً التماسك متجاهلا حدسه الذي يخبره بحدوث كارثة ليتمتم في النهاية بصوت خافت :
" يا رب سلم "
***************
( بعد عدة ساعات )
صوت خافت ضعيف يداعب مسامعه مناديا باسمه بنبرة باكية .. مرتجفة !
وعيه يعود إليه شيئًا فشيئًا وتعود معه الصور المتلاحقة إلى عقله ..
الأمطار والطُرق المغلقة ورجال الشناوي .... ورغدة ..!
وكأنه صُفع على حين غفلة إذ فتح عيناه بكل قوته لتقع على وجهها الباكي وملامحها المرتعبة ليتحرك بعدها بتهور محاولاً النهوض فيئن رغمًا عنه لتهمس هي باسمه مرة أخرى وهي تضع كفها بخفة على كتفه الأيمن والذي يبدو أنه خُلع من موضعه ليسألها هو بخفوت وعيناه تمشط كل خلية فيها بحمية تربى عليها :
" هل اقترب منكِ أحد ؟!! "
فتهز رأسها نفيًا دون أن تتوقف عن البكاء فيما تسأله برعب يحتل كل أطرافها :
" من هؤلاء ؟! .. وماذا يريدون منا ؟!!! "
تطلع بها صخر قليلاً يؤكد لنفسه أنها بخير ثم أنزل عيناه أرضًا وحاول التحرك لكن جسده لم يسعفه جيدًا من جديد ليتحامل على وجعه ويجيبها دون أن ينظر إليها :
" لا يريدون منكِ أنتِ شيئًا .. لا تخافي ، سأخرجكِ من هنا مهما كلفني الأمر "
لم تتوقف دموعها و تطلعت حولها في تلك الغرفة التي وضعوهم بها تبحث عن نافذة ربما دون نتيجة ليأتيها سؤاله فيجذب انتباهها له من جديد :
" هل علموا بهويتك ؟!! "
قطبت رغدة بعدم فهم ثم همهمت و هي تمسح وجهها بظهر كفها :
" لم يأتي أيًا منهم منذ أن أفقت "
عاد بعينيه إليها سائلاً بقلق بالغ :
" أنتِ متأكدة أنكِ بخير ؟!! .. لم يصيبك شيء ؟! .. أي شيء ؟! "
هزت رغدة رأسها تؤكد له أنها لم تُمس فزفر صخر وأومأ برأسه مطمئنًا فتعيد هي سؤالها مرة أخرى :
" من هؤلاء ؟!! "
" أعدائي "
كادت أن ترد على إجابته العبقرية لسؤالها لكن الباب فُتح على حين غفلة ليظهر من خلفه أحد رجال الشناوي يحمل صينية من الطعام فيتحفز جسد صخر تلقائيًا رغم ألمه الشديد خاصةً وهو يرى نظرات الآخر الغير مريحة تجاه رغدة التي انكمشت خلفه بدورها فتحرك بجسده يخفيها وراءه قدر إمكانه بينما تكلم الرجل بصوت خشن :
" السيد أمر أن تتم معاملتك أنت وأختك بأفضل شكل حتى يأتي "
نظر له صخر بحدة ليسأله بعدها رغم علمه المسبق بالإجابة :
" ومن سيدك ؟!!! "
التوت شفتي الآخر ومال برأسه قليلاً ينظر إلى رغدة المختبئة بالكامل تقريبًا خلف جسد صخر قائلاً :
" أظنك تعلم، ومع ذلك إلى أن يأتي .... نحن بالخدمة "
ليغمز في نهاية حديثه إلى المرتجفة وراء صخر ويخرج فتتمتم رغدة بغباء :
" أنا لست أختك "
ألتفت لها صخر برقبته ورد ساخرًا :
" احلفي "
رفعت رغدة حاجبيها متعجبة من سخريته ثم قالت بعد لحظات بنبرة مترددة :
" الرجل .. يقول أختك ، أخبرهم أنني لست أختك حتى يتركوني أذهب "
حدق فيها صخر وقد فلتت أعصابه من كل ما يحدث ليسألها بجدية اشعرتها بالإهانة :
" هل أنتِ غبية حقًا أم تفعلين ذلك كنوع من التسلية ؟!! "
اتسعت عينا رغدة بصدمة من اسلوبه لتهتف بعينين يملئهما الغضب :
" احترم نفسك .. أنا لست غبية "
لتتسع عيناه هو الآخر من هجومها فيرد من بين أسنانه دون أن يعتذر :
" وحين تظنين أنهم سيتركونكِ فور أن أخبرهم أنكِ لستِ أختي ماذا تكونين ؟!! "
تراجعت رغدة خطوة للوراء لتهتف مرة أخرى غير مبالية بوصول صوتها لمن في الخارج :
" وما دخلي أنا بمشاكلك وأعدائك ؟!! .. لما يختطفونني بحق الله ؟!! "
كان يرى هلعها واضحًا في حدقتيها ومع ذلك لم يبادر بتهدئتها بل نظر إليها بحدة وهتف مرة واحدة ليجفلها :
" اخفضي صوتكِ "
ارتدت رغدة للخلف برعب وامتلأت عيناها بالدموع كالأطفال فزفر صخر بقلة صبر وهم بالاقتراب ليعتذر منها لكن الباب فُتح من جديد بحدة وفي لحظة انتفضت رغدة تختبئ خلفه مرة أخرى مما فاجئه بينما يهدر صوت أحد رجال الشناوي :
" ما الذي يحدث هنا ؟!! .. هل تظنونه منزلكما وتتشاكسان ؟!! "
نظر صخر إلى من تتشبث في قميصه من الخلف بطرف عينه ثم عاد بوجهه إلى من يقابله قائلاً بوضوح :
" أخبر عزام الشناوي أن اللعبة انتهت لصالحي وأن ما يفعله لن يعود عليه إلا بالوبال "
نظر له الآخر باستهزاء ورد عليه ببرود مماثل :
" إن كنت محلك لما أثرت غضب عزام بك أبدًا "
ألقى صخر لفظًا نابيًا حين لمح وصول عزام محاطًا برجلين آخرين ثم حاول الانقضاض عليه ليمسك به رجال الأخير الذي وقف يبتسم بتسلية ثم يقول بهدوء تام وهو يلقي نظرة خاطفة على تلك التي انكمشت جوار الحائط تحدق فيما يحدث أمامها برعب :
" ليتك أنصتت لي من البداية يا ابن المنصوري ، أنظر إلى أين أوصلك عنادك .. ها أنت سوف توقّع على ما أريد و رغماً عنك "
أظلمت ملامح صخر ببسمة قاسية ليتمتم من بين أسنانه بشماتة :
" حقاً يا عزام ألم تصلك الأخبار بعد ؟! "
اعتلى الجهل ملامح عزام للحظة فاستغلها صخر مستطردًا بتشفي :
" لقد اندمجت مع مجموعة الغانم ، أي أن ما تركض خلفه ليصبح ملك لك أصبح يخص مجموعة الغانم "
توهج الغضب في ملامح عزام وقد فاجئه حديث صخر الذي خطط ونجح في جعل شراكته للغانم سرية وسحب البساط من تحت قدميه خاصةً بعد أن استخدم عبد الحميد الغانم نفوذه وعلاقاته وباتت مجموعته محاطة بحماية كافية تجعل مهمة استحواذهم عليها شبه مستحيلة ..
أقترب عزام من صخر المبتسم باستفزاز والذي يقيده رجاله ينظر له بغل ليلكمه بعدها فتصرخ رغدة بخوف مما لفت انتباه عزام لها مرة أخرى ليتمتم بعدها بنبرة شيطانية وهو يحدق في عيني صخر :
" حسنًا ، في هذه الحالة ........ أحضروا هذه الحلوة لي "
فيسقط قلب الأخير بين قدميه .

نهاية الفصل السادس

قراءة سعيدة ❤️❤️


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 10:04 PM   #27

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غدا يوم اخر مشاهدة المشاركة
الرواية حلوة وقصة رعد وليش عندها نوبات هلع وان عيال عمها معربعض بعلاقة حلوه شي جميل
تسلميلي حبيبتي مبسوطه أن الفصل عجبك ❤️❤️

الديجور likes this.

Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 10:06 PM   #28

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mummum مشاهدة المشاركة
جميل يا جوجو تسلم ايدك
تسلمي حبيبتي مبسوطه ان الفصل عجبك ❤️

الديجور likes this.

Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-05-21, 09:46 PM   #29

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الوردات على الحلواااااااااااات ميعادنا دلوقتي مع الفصل السابع ❤️❤️❤️

الديجور likes this.

Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-05-21, 09:47 PM   #30

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السابع

( إن لم تنقسم روحَك نصفين عند الفراق فلا تقل أنك أحببت‏ )
..
" كيف يعني ؟!! ... كيــــــــف ؟!!!! "
يصرخ بها جاسم بجنون فيقترب منه عبد الحميد محاولاً تهدئته فيما يربت على كتفه متمتمًا :
" اهدأ قليلاً يا بني حتى نستطيع أن نفكر "
ألتفت إليه جاسم بعينين يملئهما الجنون والرعب في آن واحد هادراً بغضب لا ينتهي :
" أهدأ ! ... أختي اختفت وحين أبحث عنها أجد حقيبتها وهاتفها في سيارة ابن المنصوري المفتوحة على مصرعيها في منتصف الطريق والذي اختفى بدوره هو الآخر و تقول لي اهدأ ! "
صمت عبد الحميد متبادلاً النظرات مع أبناءه الذين يراقبون الوضع بصمت مشابه ولا يدري ماذا عليه أن يقول حتى يهدأ الوضع قليلاً فيستطيعون التحرك ..
ضرب جاسم على الطاولة بعجز شديد وهمهم بصوت مختنق وشعور الذنب ينهشه بلا رحمة :
" اختفت ولا أعلم .. ! ... لم أكتشف غيابها إلا بعد ساعات ! .. أي أخ أنا ..! "
استغفر عبد الحميد ربه عدة مرات ليربت على كتفه من جديد بدعم قائلاً بصبر وبثقة مصطنعة :
" سنجدها .. لا تقلق سنجدها في أسرع وقت إن شاء الله "
أغمض جاسم عينيه باختناق شديد ثم نفض عنه الرثاء وتحرك مرة واحدة قائلاً بعصبية :
" سأذهب إلى منزله ، يجب أن أعرف ما علاقة هذا الحيوان بأختي "
لحق به كلاً من أمين وبكر الذي هتف :
" انتظر سنأتي معك "
تبعهم عبد الحميد بنظراته ليزفر بعدها بضغط ثم يمسك هاتفه الذي لم يتركه إلا لمامًا منذ ما حدث فيتصل بمعارفه في الداخلية مرة أخرى محاولاً الوصول إلى أي خيط يدلهم على مكان رغدة فيما يتمتم بعجز لأول مرة يشعر به :
" احفظها يا الله "
*******************
( في منزل صخر )
" اهدأي يا أمي ، أخي سيعود في أي لحظة .. لما كل هذا القلق ؟! "
وضعت إيمان يدها فوق قلبها مرة أخرى بينما تهمهم بصوت مختنق :
" منذ خروجه في الصباح وقلبي منقبض والآن مر على موعد عودته عدة ساعات ولا يرد على هاتفه حتى "
نظرت سندس إلى بِشر الذي يجلس ممسكًا بهاتفه عله يستطيع الوصول إلى مكان صخر وقرأت عجزه على ملامحه لتزفر بضيق بينما استطردت إيمان بنبرة باكية :
" قلت له لا تخرج الطقس سيسوء ولم يسمع لي .. لا أحد منكم يسمع لي "
تنهدت سندس بينما استغفر بِشر ربه محاولاً التفكير بكل الاحتمالات الممكنة ليصل إليهم صوت مكابح سيارات فينهضوا جميعًا في لهفة انطفأت حينما فتح بِشر الباب ووجد شباب عائلة الغانم في وجهه وملامحهم لا تنبئ بالخير .. !
" مساء الخير "
" أين صخر ؟!! "
انطلق صوت جاسم فقطب بِشر متعجبًا من العدائية التي تصدح في صوت جاسم ليردد الأخير مرة أخرى بنبرة حادة وملامحه تبدو كمن على وشك الهجوم عليهم جميعًا وتحطيم المنزل فوق رؤوسهم :
" أقول لك أين صخر ؟!! "
نظر بِشر إليهم بعدم فهم وقبل أن يرد ركضت إيمان بجسدها الممتلئ وهتفت بجزع :
" هل حدث لأبني شيئًا ؟!! .. بالله عليكم لا تكذبوا وأخبروني "
أمسك بكر بذراع جاسم ينبهه لوجه المرأة الشاحب ليتنهد جاسم بضغط شديد ويحاول تمالك أعصابه ثم يوجه حديثه إلى بِشر من جديد بصبر يوشك على النفاذ :
" هل تعرف بمكانه ؟!! "
أخيرًا نطق بِشر وسأل بهدوء لا يناسب الموقف :
" ماذا يحدث ؟!! .. ماذا تريدون من صخر في هذه الساعة ؟!! "
ليقصف صوت جاسم الذي انفلت لجام غضبه من هدوء الآخر :
" أريد أن أعرف ما علاقة هذا الحيوان بأختي ؟!! .. ولما وجدت حقيبتها وهاتفها في سيارته ؟!! "
وضعت إيمان كفها فوق قلبها الذي يقصف داخل صدرها برعب ثم تمتمت بعدم فهم :
" وما دخل ابني بابنتكم ؟!! .. وماذا تقصد بسيارته ؟!! .. و من ابنتكم أصلاً ؟!! "
لتشهق فجأة وتضرب صدرها فيما تستطرد بانهيار :
" هل وقع له حادث ؟!! "
أبعد بكر جاسم بحدة ليتولى هو الحديث قائلاً بهدوء :
" صبرك بالله سيدتي نحن نسأل عنه لا أكثر ، لكن يبدو من حديثك أنكم لا تعلمون عنه شيئًا "
بكت إيمان وهتفت بسندس التي انقلب وجهها وسيطر الخوف عليها مما يحدث :
" ألم أقل لكِ ؟!! .. أخاكِ ليس بخير ، أنا متأكدة "
زفر بِشر بقلة صبر ثم تمتم بأعصاب منفلتة :
" اهدأي يا خالتي بالله عليكِ ، و أنت يا سيد جاسم أخبرني بما حدث بهدوء من فضلك "
كاد جاسم أن يصب كامل غضبه على بِشر ليقاطعه آمين قائلاً بنبرة متماسكة :
" القصة باختصار أن رغدة لم تعد من جامعتها وحين بحثنا عنها وجدنا سيارتها معطلة وعلى مقربة منها على جانب الطريق وجدنا سيارة صخر مفتوحة على مصرعيها ووجدنا بها هاتف وحقيبة رغدة :
" هل تقصد رغدة الغانم ؟!! "
جاءت همسة سندس المرتعبة كجرس إنذار جعل الجميع ينظرون إليها بترقب فيبادر بِشر قائلاً بلياقة متأخرة :
" تفضلوا بالدخول ، واضح أن ليلتنا طويلة "
*********************
" أحضروا هذه الحلوة لي "
ما أن نطق عزام جملته المرعبة حتى صرخت رغدة بانهيار وهي تبتعد بهستيرية عن الاذرع التي امتدت إليها تسحبها بحدة وجلافة ..
قلبها يرتج برعب ما بعده رعب ..
أقدامها ثابتة في الأرض وصراخها الهستيري يصم آذان جميع الواقفين ..
عيناها لا ترى بهما شيئًا من كثرة الدموع المتدفقة منهما ..
أما صخر فحاول التخلص من مقيديه بجنون مماثل دون فائدة وعيناه لا تتزحزح من عليها وهي تقاومهم بكل طاقتها و تُثبت أقدامها في الأرض كالأطفال ليصرخ باسمها في النهاية قبل أن يأخذونها بالفعل :
" رغدة "
ثم يستطرد بصوت هادر تخلله الخوف لأول مرة في حياته :
" اتركها يا عزام .. هذه ابنة الغانم ، هذه رغدة الغانم يا عزام اتركها "
توقفت خطوات عزام المبتعدة وانحسرت ابتسامته الشامتة المستمتعة بما يحدث تدريجيًا ..
نظر إلى رغدة الباكية بانهيار تام نظرة شك دامت للحظات ثم وجه حديثه إلى رجاله آمرًا بوجه مكفهر :
" اتصلوا بمن يراقب بيته "
أنهى حديثه مشيرًا إلى صخر فينفذون أمره بلا تردد ليجري عزام مكالمة قصيرة للغاية جعلت عيناه تتسع بذهول وهو يعيد نظره إلى رغدة مرة أخرى ثم يقذف بعدها الهاتف بطول ذراعه صارخًا بغضب ناري :
" تبًا .. ماذا تفعل بنت الغانم هنا يا حمقى ؟!!! "
نكس رجاله رؤوسهم بخزي و عدم تصديق للخطأ الذي ارتكبوه بينما لم يعرف صخر هل عليه أن يرتاح لأنه شبه أنقذ رغدة من براثنهم أم عليه أن يقلق من أجل أمه وسندس الوحيدتين في المنزل دون حماية ..
هدير عزام المتواصل جعل انتباه صخر يعود إليه من جديد خاصة حين صفع أحد رجاله هاتفًا بغضب كاسح :
" ولك عين تجادل ؟!! .. ما معنى أن هذه من أخذها من الجامعة ؟!! "
نظر صخر إلى رغدة المنكمشة برعب جلي تنتحب دون توقف و شعر بالشفقة الشديدة عليها فقد كانت تبدو لعينيه حرفيًا كطفلة أوقعها حظها الأسود بين أنياب من لا يرحمون
" اتركوها "
أخفى بالكاد زفرة راحة كادت أن تغادر صدره حين نطق عزام جملته من بين أسنانه بغضب لم ينحسر بعد ثم يأخذ بعدها رجاله ويرحل متمتماً بوعيد :
" لم أنتهي منك بعد يا صخر "
لتلمع عيناه ببريق شيطاني ويكمل بصوت لم يسمعه غيره :
" أما أنتم يا عائلة الغانم ، فقد وقعتم ولم يُسمي عليكم أحدًا "
راقب صخر ابتعادهم بينما انهارت رغدة أرضًا تبكي بضعف و ترتجف بشكل أوجع قلبه فاقترب منها وجثى جوارها دون أن يدري ماذا عليه أن يقول ..
هل عليه أن يواسيها ؟!!
هل هناك كلمات قادرة على إرسال السكينة إلى روحها ؟!!
إذا كان هو ( الرجل ) ارتجفت أطرافه رعبًا مما قد يحدث لها في الدقائق الأخيرة فما بال هي .. !
هي الصغيرة ، الضعيفة .. التي ترتبك إذا شاكسها أحدهم !
رفع يده بتردد ثم ربت على رأسها بخفة محاولاً الهدوء قدر إمكانه حتى يستطيع تهدئتها فتمتم دون ثقة حقيقية وما زال قلبه يقرع بجنون بين جنباته :
" لا تخافي ، لن يقتربوا منكِ بعد الآن "
رفعت إليه رأسها فهاله ما رأى .. !
هذه الفتاة وجهها المادة الخام للشفافية ..
قرأ رعبها و انهيار أعصابها ..
رأى النبض في عنقها يكاد يمزقه ويخرج منه ..
رأى احمرار عيناها الشديد والذي ينافس احمرار وجهها ودموعها المتكدسة بمنظر يفطر أي قلب ..
همهمت رغدة من بين شهقاتها بصوت متقطع مما أثقل قلبه أكثر وأكثر وجعله يكره نفسه لأنه السبب الرئيسي في كل ما تعرضت له :
" أنا أريد العودة إلى البيت .. أرجوك "
جز صخر على أسنانه بعجز يود لو يحطم كل ما حوله من أجل أن يخرجها هي على الأقل من هنا ..
زفر صخر وتمتم بقنوط و قد نسي كفه مستريحًا فوق رأسها :
" سأعيدك في أقرب وقت بإذن الله "
" كيف ؟!! .. كيف ؟!! "
سؤالها الضعيف الباكي أثقل كاهله أكثر ليتمتم بعجز جلي وهو يجلس قربها من جديد ويده هذه المرة تجد طريقها إلى كتفها و كأنه يحاول أحاطتها ولو بقدر بسيط من الأمان :
" لا أعلم يا صغيرة ، والله لا أعلم "
*****************
يتبعها بخطوات ثابتة مدركًا احتياجها الكبير له حتى وإن أنكرت ذلك ..
فبعد رحيل شباب عائلة الغانم دخلت خالته غرفتها باكية معلنة عدم رغبتها في بقاء أحد معها ليبقى هو ... وهي !
هي التي جلست تراقبه وهو يجري عدة اتصالات بدأها بخالد ولقاء وقد طلب منهما الحضور على وجه السرعة للبقاء معهن في المنزل كما طلب بعض الرجال المُدربين من أجل تأمين المنزل بشكل عام ..
هي التي كانت تحدق فيه وهي تظن أنه لا يراها وعيناها تناشده الأمان .. !
هي التي تنتظر منه الآن ولو كلمة واحدة يطمئن بها قلبها وكأنه يملك من الأمر شيئًا .. !
حينما وقعت عيناه عليها قرأ على وجهها كل علامات الذعر و التشتت لكن طبعها العنيد الصلد الذي يدركه جيداً أبى أن يراها في حالة احتياج لأي شيء منه وجعلها تتركه هي الأخرى في منتصف البهو وتتحرك تجاه غرفتها وها هو ذا يتبعها كمن يتمسك بأذيال أمه ..!
كادت سندس أن تغلق باب غرفتها في وجهه لكن يده حالت دون ذلك لتتسع عيناها فيما تهدر فيه بحدة وأعصاب على الحافة :
" ماذا تظن نفسك فاعلاً ؟!! .. لا تظن أن بغياب رجل البيت قد خلت لك الساحة وستفعل ما يحلو لك "
رمقها بِشر ببرود وقد فاض به الكيل رغم أنه يدرك ما تشعر به وأن رهبتها مما يحدث تؤثر عليها ..
فهو مهما يفعل لا يرضيها شيء .. !
بعد كل ما أعده من أجلها في الصباح وبعد أن ترجاها بوضوح لتغفر له ها هي الآن ترفع أسوارها في وجهه من جديد وكأن شيئًا لم يكن !
أخفى ما يدور بعقله ثم تمتم بعد لحظات بسيطة بوجه لا يحمل أي تعبير :
" والله من الواضح أنه وحتى عودة صخر أنا هنا رجل البيت ولا أظن أن هناك رجل يُحاسب على ما يفعل مع أهل بيته "
اكفهر وجه سندس لتتقدم نحوه بخطوات غاضبة ناسبت تهديدها :
" أقسم بالله إن لم تغرب عن وجهي الآن سأصرخ وأنادي أمي حتى تسمع وقاحتك وترد هي بما يليق بك "
بدأ اليأس يزحف إلى قلبه لكنه لم يتنازل أمامها وقال مستفزًا إياها بنبرة ساخرة :
" فلنترك خالتي وشأنها فلا أظن أنها متفرغة لانهياراتك العاطفية الآن يا سندس .. لديها ما هو أهم كما ترين "
وصل غضبها منه لمعدلاته القصوى لتجد لسانها قد فات منها وهتف دون سابق إنذار :
" خالتي لها حق تندم على احتفاظها بك "
في ثانية أظلمت ملامح بِشر وانسحب الدم من وجهه بشكل مخيف لتندم سندس فورًا على ما تفوهت به بكل غباء مدركةً عِظم جرحه منها..
نكست رأسها أرضًا بخزي بينما يأكلها الندم شديد ..
تلعن نفسها التي شقت قلبه الآن إلى نصفين بما تفوهت به ..
ليت لسانها قُطع قبل أن تقول ما قالته .. !
ليتها حارب خوفها من ضعفها أمامه بسيف آخر ..
ليتها لم تؤذيه ..
وليته لم يؤذيها ..
وليت باستطاعتها أن ترمي نفسها عليه الآن بلا تحفظ فتسأله العفو والأمان .. !
ألف ليت وألف خيال يدور في رأسها لكن الواقع واحد .. !
بِشر اذاها سابقًا وهي ترد له الأذى حتى الآن ..
لكن هذه المرة ..
تبًا لها لقد آذته هذه المرة كما لم يفعل أحدًا قط .. !
رفعت سندس رأسها ببطء إليه حتى تتلافى ما قالت فوجدت نفسها أصبحت بمفردها وسط جدران غرفتها الباردة
لقد غادر ..
لقد سئم منها و رحل ..
تدفقت دموعها بينما تشتم نفسها و تجلدها بكل ما أوتيت من قوة و قد أيقنت أن هذه المرة و بفعلتها هذه قد تكون خسرته ... إلى الأبد .
************
خرج بِشر من منزل خالته بخطوات تكاد تكون مترنحة ثم وقف جوار سيارته دون أن يجد في نفسه القدرة على اي حركة زائدة ..
عيناه ذاهلة ولا ترى الرجال الذين وصلوا وأحاطوا بالمنزل ..
عقله توقف تمامًا وعاد من جديد إلى ذلك الصباح الذي سمع فيه شجار أمه مع زوجها وقد أدرك بعقله الصغير أن زوج أمه أصبح لا يرغب به بعد أن رُزق بالتوأم علي وفداء ..
أغلق بِشر قبضته وعقله يعود به إلى نفس القبضة التي قبضت على قماش ثوب أمه بخوف شديد ..
خوف من أن تتخلى عنه وتتركه بمفرده في البلدة مع أعمامه الأشداء كما تصفهم دومًا ..
خوف من الهجران داهم قلبه الفتي رغم أن عمره وقتها كان قد تجاوز الحادية عشر ..
خوف تحول إلى سكون مؤقت حين رأى تمسك أمه الشديد به لينقلب بعد عدة أسابيع إلى هلع بعد أن اختفى زوج أمه وهرب إلى أوروبا بلده الأم مصطحبًا معه علي الذي لم يكن قد تجاوز الخامسة من عمره وقتها .. !
لتتحول أمه مع الوقت إلى أخرى ..
أخرى تعاقبه على إثم لم يفعله ..
أخرى صامتة ، باردة .. لا يرضيها شيء
أخرى لا يفهمها وتعب من كثرة محاولاته لفهمها ..
أخرى قررت وضعه في إطار معين فلما شذ عنه بات منبوذًا من قبلها ..
وأخيرًا .. أخرى يقرأ حسرتها كل يوم على طفلها المفقود كما يقرأ ندمها الشديد لأنها يومًا اختارته دون أن تدرك نتيجة اختيارها .
( خالتي لها حق تندم على احتفاظها بك )
الجملة تتكرر في رأسه دون توقف و تكويه بحروفها ..
لقد فتحت سندس جرحه الذي لا يندمل أبدًا وغرست فيه أظافرها بكل قسوة وجحود .. !
أتعطي حقًا أمه الحق فيما فعلته به ؟!!
أكان يستحق حقًا أن تتخلى عنه ؟!!
ألا يستحق الحب ؟!!
هل في تركه متعة يتلذذن بها و هو لا يدري ؟!!
ابتلع غصة مسننة في حلقه وربت على قلبه حين داهمه ألم الفقد و الهجران والنبذ مرة أخرى ..
استند على سيارته بضعف شديد محاولاً تمالك نفسه لكن إرادته خذلته فانزلق وجلس أرضًا يستند على باب سيارته ثم دمعت عيناه بقهر لا ينتهي أبدًا
ليهمهم في النهاية بشفتين جافتين وهو يضرب مؤخرة رأسه بباب السيارة من الخارج :
" ليتكِ تركتِ كل ما يخصني لأعمامي يا أمي ، ليتك تخليتي عني بشكل آخر "
رنين هاتفه المتكرر جره إلى حاضره فتمالك نفسه بمعجزة ونهض من جلسته المزرية ثم أخرج هاتفه فوجد رقمًا غير مسجل
استقبل المكالمة ليأتيه صوت رجل يسأل بلهجة ممطوطة :
" سلام عليكم .. بِشر باشا ؟!! "
قطب بِشر وأجلى حلقه ثم رد باستغراب :
" أجل .. من معي ؟!! "
فتظهر لهجة الرجل أكثر حين أجابه :
" مع سيادتك المعلِم عرفه السُهُن "
ارتفع حاجبي بِشر ليردد بتعجب :
" سُهُن ؟!! "
ثم استعاد تركيزه ليسأل بنبرة ساخرة لا تغطي على صوته المختنق :
" وماذا تريد يا سُهُن ؟!!! "
وصلته ضحكة الرجل الخافتة ليقول بعدها :
" باختصار يا باشا أنا مدين لصخر باشا بدين كبير وكنت أنتظر الوقت المناسب لرده ، الباشا أنقذ حياتي حين أراد أولاد الحرام التخلص مني في السجن والآن علمت أن الباشا في ورطة وأريد رد الجميل "
انتبهت كل خلية في بِشر لما يقال فيسأل الرجل بتحفز :
" هل تعلم مكان صخر ؟!! "
وصله صوت غريب خمن أنه صوت أرجلية ثم رد عليه السُهُن بتفكه :
" ليس بهذه السرعة يا ابن الأكابر ، ما وصلني أن الباشا قد خُطف هو وفتاة كانت معه ومن اختطفوه يعملون تحت إمرة باشا آخر اسمه عزام "
للحظة تشتت ذهن بِشر واسم عزام الشناوي يضرب رأسه بمطرقة ..
كيف لم يشك فيه من البداية ؟!!
هذا اللعين الذي يضع صخر في رأسه وتسبب في سجنه سابقًا أربعون يومًا على ذمة التحقيق في قضية غسيل أموال ..
ولولا ستر الله وعدم كفاية الأدلة لقضى صخر شبابه بل و بقية عمره خلف القضبان ..
لكنه يعلم أن الحقير عزام قد جعل من الاربعين يومًا جحيمًا خالصًا من أجل صخر .. !
سأل بِشر بعدها بصوت حذر وقد ساوره الشك :
" وكيف علمت أنت وبهذه السرعة ؟!! .. ومن أين أتيت برقمي ؟!! "
فيرد السُهُن بحرارة أثارت حيرة بِشر من الشخصية التي يتكلم معها :
" الباشا تحت عيني منذ خروجه من السجن .. أينعم هم أربعون يومًا ما قضيناهم سويًا لكن أنا أحميه برقبتي ، أما رقم هاتفك فليس هناك أسهل من الوصول إليه "
ليستطرد عرفه في النهاية قائلاً :
" اسمع يا باشا أنا بعون الله لي عين في كل مكان ورجالي سباع لا يرهبون شيء لكن أيضًا لن أرميهم بقلب النار بيدي .. أنتم كبار البلاد في بعضكم و نحن إذا دخلنا بينكم ستدهسوننا بالأقدام ، لذا في أي لحظة سأصل إلى مكان الباشا وأخبرك وأنت تتصرف .. سلام "
أنهى بِشر المكالمة ثم وبسرعة قصوى اتصل برقم أمين الذي تركه له ليهتف حين فتح الخط وهو يركب سيارته :
" عزام الشناوي وراء ما يحدث "
*************
" استر يا رب .. يا ترى أين أنت يا صخر ؟!! "
تنهد خالد ليربت على كتف زوجته التي لم تتوقف عن الدعاء منذ أن أخبرهم بِشر عن اختفاء صخر الغريب ..
أجل هو يعلم أن عمله يحفه المخاطر لكن ليس لدرجة أن يختفي هكذا ..!
ابتسم خالد هازئًا وهو يجيب نفسه بأنهم سبق وحاولوا إدخاله السجن وقضى به شهر أو أكثر ولولا ستر الله ما استطاعوا إخراجه أبدًا ..!
" من تلك الفتاة التي اختفت معه ؟! .. أنت تحدثت مع بِشر من جديد .. أليس كذلك ؟؟! "
زفر خالد بضغط وأومأ لها ثم رد بهدوء يحاول الالتزام به :
" يقول أنها زميلة سندس في الجامعة وكان يوصلها في طريقه بسبب الطقس السيء "
أغمضت لقاء عينيها لتمسك بهاتفها الذي رن برقم والدها فتجيبه بقلق :
" ابي هل أنت بخير ؟!! "
فيأتيها صوت أباها الضاحك بخفة :
" ألقي السلام أولا ً حتى ثم افتحي تحقيقك "
" أنا أطمئن عليك .. ألا يحق لي ؟!! "
ضحك مأمون بخفة ثم رد عليها بسماحة :
" ومن غيركِ يحق له يا حبيبة أباكِ ! .. أخبريني كيف حالكِ وحال زوجك ؟!! .. هل كل شيء على ما يرام ؟!! "
نظرت لقاء إلى زوجها الذي أشار لها حتى لا تخبر أبيها بما يحدث فتصنعت لقاء المرح ثم قالت :
" أنا بخير وخالد ولولو أيضًا بخير .. أخبرني أنت هل تطعمك عمتي جيدًا ؟!! "
وصلها صوت ضحكة أبيها العالية مصاحبًا لصوت عمتها المستنكر لسؤالها فأدركت أنها تجلس جواره وبالفعل أخذت عمتها الهاتف من أبيها وعنفتها بمرح ثم وبختها على قلة زياراتها لها لتسألها بغتة :
" ما هذا الصوت يا ابنتي ؟!! .. هل أنتم في السيارة ؟!! .. إلى أين تذهبون في هذا الطقس وليلاً أيضًا ؟!! "
اخذ مأمون الهاتف من أخته ثم كرر سؤالها بتوتر :
" أين أنتم يا لقاء ؟!! .. لا تكذبي علي يا ابنتي ، أنا اتصلت بكم حين نغزني قلبي عليكم فجأة "
نظرت لقاء لزوجها مرة أخرى فهالها شحوب وجهه المفاجئ لتمسك بيده تسأله بعينيها عما يحدث فيهز رأسه بلا شيء لتغمض عينيها بإرهاق فيما تجيب بسرعة حتى تنهي المكالمة :
" اطمئن يا أبي لا شيء يحدث ، نحن فقط ..... نحن فقط عائدان من منزل خالتي و بقي القليل على وصولنا إلى المنزل "
تنهد مأمون و قلبه منقبض دون سبب واضح ليوصي لقاء بنفسها و زوجها قبل أن ينهي المكالمة فنظرت لقاء إلى خالد لتهمهم بصوت متوتر وهي تنظر إلى عداد السرعة :
" خالد ماذا حدث ؟!! .. ولما تقود بهذه السرعة ؟!! "
ابتلع خالد ريقه بخوف ليجيبها بصوت حاول ألا يظهر فيه رعبه :
" اسمعيني جيدًا يا لقاء .. لا تهلعي وضعي حزام أمانك بسرعة وتماسكي "
طريقته في الحديث قذفت في قلبها الرعب فهتفت بخوف واضح :
" خالد ما الذي يحدث ؟!! "
نظر لها خالد للحظة قبل أن يعيد عينيه إلى الطريق ثم أجابها بصوت مهتز :
" المكابح معطلة .. السيارة بلا مكابح "
شهقت لقاء برعب فهتف خالد بها :
" اهدأي وتماسكي "
ليلقي نظرة خاطفة عليها ثم يهدر برعب حين رأي تسمرها :
" ضعي الحزام "
وضعت لقاء حزام الأمان بأصابع مرتجفة بينما تدفقت دموعها فهي تدرك أن مصير سيارة بلا مكابح على طريق زلق لن يكون أقل من كارثي !
" لقد علموا .. علموا أنني احتفظت بالأوراق اللعينة "
" خالد "
نادته بمناجاة بصوت باكي وهي تضع كفيها على بطنها فهمس خالد بخوف مشابه :
" لا تخافي يا حبيبتي ، لا تخافي "
ليستطرد بخفوت :
" احميها يا الله "
في لحظة خاطفة جاءت سيارة أخرى مسرعة حاول خالد تفادي الاصطدام بها فانحرفت السيارة لتصرخ لقاء برعب حين فقد خالد السيطرة تماما لتنقلب السيارة بهما عدة مرات قبل أن يخيم السكون على كل ما حولهما .
فتحت لقاء عينيها بصعوبة شديدة والألم يعصف بها من كل تجاه ..
أهذه هي النهاية ؟!!
تشعر بسائل دافئ ينزلق بين ساقيها فدمعت عيناها وهي تنظر إلى خالد الذي كانت تختفي ملامحه عن عينيها بين غفوة وانتباه لتستسلم في النهاية إلى مصيرها بينما يصل إلى أذنيها همهماته المتقطعة بينما يزحف ببطء شديد يكاد يكون غير ملحوظ إليها ويمسك بيدها وهو يهمس ببضعة كلمات متفرقة عن مكان ما خبئ فيه أوراقه وهو يضغط بقوة بسيطة تكاد لا تُذكر على كفها ..
ليكن آخر ما وصلها من بعيد صوته المشوش وهو يتلو الشهادتين بصوت متقطع لتتدفق دموعها بقهر وهي تفقد وعيها نهائيًا وذراع بين يده بينما الآخر يرتخي فوق بطنها وكأنها تودعه وتودع طفلتهما الوداع الأخير .
**********************
( بعد عدة ساعات )
تجلس أرضًا بالقرب منه تتلمس بعض الأمان الزائف عل قلبها يهدأ ولو قليلاً ..
أصدرت معدتها صوتًا فأحمر وجهها حرجًا لكنه لم يعلق و طلم تصدر عنه أي حركة فعضت شفتها وهي تنظر إلى الطعام الذي وضعه الرجال أمامها منذ قليل باشتهاء واضح مزق قلب الرابض جوارها ..
زحفت للأمام تجاه الطعام فهمس صخر بحزم :
" عودي إلى مكانكِ "
لتنظر هي إليه باستجداء جعله يغمض عينيه قليلاً ثم تهمس كطفلة صغيرة :
" أنا جائعة جدًا يا صخر "
فتح صخر عينيه دون رد و نطقها لاسمه بتلك الطريقة يحرك بداخله شعور غريب غير مرغوب به فتستجديه رغدة أكثر وهي تهمهم كالمساكين :
" لن أتناول الكثير "
تنهد صخر بثقل ثم أعاد حديثه السابق إليها سائلاً ببلادة :
" هل تضمنين أنهم لم يضعوا شيئًا به ؟!! "
امتقع وجه رغدة لتبرر له بعينين يملئهما الضعف :
" أنا لم أتناول شيء منذ الصباح ، كما أنك أخبرتهم أنني لست أختك فلما سيقومون بإيذائي ؟!! "
بقي صخر على حاله مسندًا رأسه إلى الجدار لتستطرد رغدة بعد لحظات قائلة بسذاجة مستفزة :
" حسنًا لا تأكل أنت حتى تستطيع التصرف إذا حدث لي شيئًا "
اتسعت عينا صخر بصدمة مما يسمع ليهتف بها بصوت خافت لكنه حاد :
" هل تمزحين ؟!! .. كم عمرك بحق الله ؟!! .. هل أنتِ طفلة صغيرة لا تستطيع الصبر على الجوع ؟! "
رمشت بعينيها قليلاً فجذبته حركتها بشكل ما لينفض الهراء الذي يدور بعقله ويستطرد بعصبية زائدة :
" لا أنا ولا أنتِ سنقترب من هذا الطعام وإذا فعلتِ وحدث لكِ شيئًا فأنا لست مسؤولاً عن نهمك و طفوليتك ، أنا لم أخلفك وأنساكِ "
دمعت رغدة من لهجته العنيفة لتهتف بنفس نبرته :
" لكنك أنت السبب في وجودي هنا "
قست عينا صخر ليتمتم ببرود :
" والله أنا لم أضربكِ على يدكِ حتى تركبين سيارتي ، لقد ركبتي معي بمحض إرادتك "
ليكمل أمام عينيها المستفزة لأعصابه :
" ووعد مني المرة القادمة إذا رأيت أحدهم يتعرض لكِ على الطريق لن أنقذك من براثنه ولتحتملي أنتِ نتيجة ضعف شخصيتك بمفردك "
ازدادت كثافة الدموع في عينيها أمام عينيه لترتبك نظرات صخر خاصة ً حين تراجعت للوراء فيدرك أنها تراجعت عن رغبتها في تناول الطعام فيشتم نفسه سرًا على اسلوبه معها وهي محقة في قولها أنه السبب في كل ما تمر به الآن ..
تبًا لقد كاد الحقير ورجاله يتهجمون عليها منذ وقت بسيط وهو وقف عاجز كالنساء لا يقدر على شيء .. !
نظر لها بطرف عينه فوجدها تمسح دموعها بحركات خرقاء جلبت الابتسامة الدافئة رغمًا عنه لوجهه ليشبهها عقله في لحظة خاطفة بالهريرة ..
هريرة عسلية صغيرة تكاد لا تظهر جواره تخرمشه بأظافرها الصغيرة وفي نفس الوقت تحتمي خلفه .. !
هريرة خرقاء تُسقط نفسها في كوارث لا تنتهي و ترفض الاعتراف بعيوبها ..
وجد صخر نفسه يقترب منها بجلسته قليلاً سائلاً بصوت هادئ وكأنه يراضيها :
" أنتِ كم عمرك يا رغدة ؟!! "
نظرت له شزرًا فاعتدل في جلسته ليبرر سؤاله :
" حقًا ينتابني الفضول فأنتِ تبدين صغيرة للغاية ، لولا صداقتك أنتِ وسندس لظننتك في الصف الأول الثانوي على أقصى تقدير "
قطبت رغدة باستياء لتهمهم بصوت ضائق :
" ليس لهذه الدرجة .. ثم ماذا أفعل إذا كان الله خلقني هكذا .. هل أعترض مثلاً ؟!! "
فلتت ضحكة خافتة من صخر و هو يركز في نبرة صوتها الرفيعة للغاية مثل الأطفال بالفعل فنظرت له رغدة باستياء واضح لتتمتم بعد لحظات :
" تضحك في هذه الظروف .. أنت إنسان غريب "
فيشاكسها صخر بنفس الطريقة محاولاً التخفيف عنها :
" ليس أغرب ممن تشتهي الطعام الذي قدمه لها خاطفيها "
رمقته رغدة بتوتر لتلتقط نظرته الحانية إليها التي لا تناسب كدمات وجهه فأهدته ابتسامة مترددة دون أن تدري انها أرسلت رجفة خافتة داخل قلبه فتنحنح صخر مستنكرًا ما يشعر به منبهًا نفسه أنهما يجلسان ويتبادلان الحديث و الصحبة داخل عش الدبابير !
لكن رغمًا عنه مال برأسه قليلاً محاولا رؤية ما رأته أمه فيها والذي جعلها مؤهلة له من وجهة نظرها كعروس المستقبل ..!
ابتسم صخر بسخرية وهو يرى بأم عينه أن الفتاة لا تصلح له على الإطلاق ... بل تكاد تكون أغبى اختيار
فبعيدًا عن كونها متيمة بابن عمها كما سمع سابقًا إلا أنها لا تصلح له بكل حال من الأحوال ..
فهي ضعيفة مترددة هشة و هو يبحث عن من تحمل هم عائلته معه
صغيرة العقل قبل البنيان بل يكاد يجزم أن نموها العقلي قد توقف عند العاشرة بتلك التصرفات المضحكة التي تخرج منها بعفوية و سذاجة كارثية !
أما من يبحث عنها كزوجة محتملة فيجب أن تكون عكس كل ذلك تمامًا
يريدها متزنة عاقلة ..
تحافظ على بيته في غيابه و تراعي أمه ..
ذكية وقوية الشكيمة تساعده وتسانده في كل خطوة من حياته ..
أما تلك الطفلة التي غفت جواره الآن فهي بالكاد تتحمل مسؤولية عدم ضياع هاتفها المحمول !
ضحك بخفة حين تذكر وجهها المذعور في أول مرة رآها فيها حين سكبت عليه كأس العصير بكل غباء ..
لتتمم فعلتها بعد عدة أيام بضربة كرة قاضية تركت أثرها على مؤخرة رأسه ..
نظر لها صخر بطرف عينه هامسا بصوت خافت :
" من أين خرجتِ لي أنتِ ؟!! "
ليتنهد بعدها و يعود لجلسته السابقة تاركاً مسافة بينهما ثم ينتبه بعد عدة دقائق أن النعاس فرض سلطته عليها تماما فتركها تهنئ بغفوة بسيطة وأغمض هو الآخر عينيه مانحًا نفسه استراحة محارب لينتفضا سويًا على صوت طلقات نارية فلم يدري صخر بنفسه إلا وهو يجذبها بسرعة البرق ويخبئها بين ذراعيه .

نهاية الفصل السابع
قراءة سعيدة بانتظار ارائكم ❤️


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:56 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.