آخر 10 مشاركات
أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          482 - خفقات مجنونة - ميشيل ريد ( عدد جديد ) (الكاتـب : Breathless - )           »          حَمَائِمُ ثائرة! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          413 - حبيبتي كاذبة - لين غراهام (الكاتـب : فرح - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          9 - الرحلة - آن ويل - ق .ع ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          83 - حائرة - فيوليت وينسبير - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          278 - لا أحد يريد الحب- ساندرا فيلد (الكاتـب : سماالياقوت - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree891Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-02-22, 09:00 PM   #581

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي


جاري نشر الفصل الخامس والعشرين

فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-22, 09:10 PM   #582

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الخامس والعشرون


بطلٌ شجاعٌ جسور .. والدنيا به تدور
مهما اجتاز العقبات، ومهما عبر البحور
إن كان حكيمًا وحليمًا، أو غاضبًا ويثور
هو قادرٌ ومثابرٌ ... هو حائرٌ وصبور
لكن الواقع يؤلم .. واليأس القابع يهدم
يكسر، يجرح، ويحطم ..
يرديك مهشمًا ،وقلبك كاللؤلؤ المنثور


قيل أن مرور الوقت يشفي .. وقيل أن البُعد ينسي ..
لكن وقتها يزيد الآلام ألمًا .. وما البعيد عن عينيها ببعيد عن قلبها .. فلا الهجر أنساها شقيقة رغم المدى أقرب إليها من أنفاسها .. ولا الانشغال أنساها صديقة طالت غيبتها القهرية .. ولا حتى العزلة أنستها حبيبًا في الجوار مسكنه، لكن نجوم السماء أدنى إليها من قلبه!

تمثلت إجازتها في الغرفة، لا تبرحها إلا للضرورة .. صادقت جدرانها وألفت جوارهن عن الخروج لواقعها المزري ..
لا تعرف منة إن كان ما تمر به يحمل مسمى "الاكتئاب" كفترة تنتابها بين حين وآخر .. لكن حتى بعد انتهاء الإجازة الشتوية القصيرة بات ذهابها إلى الجامعة حملًا ثقيلًا يجثم على صدرها .. تتوق إلى تلك اللحظة التي تعود فيها إلى منزلها لتنأى بغرفتها الوفية التي تتحمل منها الكثير والكثير من النوبات النفسية المتغيرة برحابة صدر ..

تربعت فوق فراشها لتتفحص هاتفها بفتور شديد ..
لقد حل فصل الربيع .. وفاح شذا الزهور من كافة الصور والمنشورات الدارجة ..
أزهرت كل الورود .. وقلبها ما زال ذابلًا!

ثلاث طرقات فوق الباب، تبعهن دخول والدتها الهادئ .. تقدمت منها لتجلس على طرف الفراش بينما تقول بابتسامة خفيفة :
_صباح الخير يا منة.
وضعت منة هاتفها جانبًا لترد تحية والدتها بركود واضح :
_صباح النور يا أمي.
بدت صفا مترددة كمن تحاول تجميع الكلمات، قبل أن تقول مقترحة ببعض الأمل :
_ألا تودين مشاركتنا بالأسفل؟
أومأت منة برأسها نفيًا، ولم تفكر كثيرًا قبل أن تجيب مصطنعة تبريرًا :
_لا .. فأنا أشعر ببعض الخمول، أظنني سأعود للنوم.
ناظرتها والدتها بأسى .. فقد كانت هي من تجمعهم لقضاء بعض الوقت سويًا، هي من كانت تجذبهم بحماسها الدائم وطاقتها التي لا تنضب ليجتمعوا في جلسات عائلية دافئة تزينها بصخبها المعتاد.
_الآن يا منة؟ لقد استيقظنا للتو!
تنهدت منة بتعب دون رد .. فاقتربت منها صفا قائلة باهتمام صادق :
_ماذا بكِ يا ابنتي؟
إن كانت الحال غير الحال .. وكانت روحها صافية مما يعتريها من خمود، لانفجرت باكية بعد هذا السؤال.

دنت منة من والدتها لترتكن إلى أحضانها بسكون، فمسدت الأخيرة فوق خصلاتها بحنان .. قبل أن تسمعها تطلب بخفوت :
_احكي لي يا أمي .. حين ضاقت بكِ الدنيا بما رحبت .. ماذا فعلتِ؟
صمتت للحظات، ثم ردت بتماسك تستدعيه دومًا :
_صبرت.
سألت منة :
_ثم؟
تنهدت صفا ثم شرعت تربت على كتف ابنتها وهي تجيب :
_ثم إن فرج الله قريب .. وعوضه جميل .. جميل إلى حد الرضا والامتنان.
رفعت منة عينيها إليها سائلة بتشكك :
_وهل رضيتِ؟
ازدردت غصة في حلقها .. لتجيب بصوت آمل :
_راضية بعوضه .. لكني طامعة في كرمه.
عم السكون لثوانٍ .. وكأن الجو في ذاته بات مشحونًا بعبراتٍ مختنقة .. قبل أن تكسر منة فقاعة الصمت فجأة قائلة :
_"بيرت" وكذلك "صفا" يعنيان الحجر القاسي .. وهو ما لا يمت لكِ بصلة .. أنتِ رقيقة هشة يا أمي .. فكيف احتملتِ؟
حركت كتفيها ببساطة لا تستشعرها، ثم أجابت شارحة لابنتها واقعًا مريرًا :
_في بعض الأوقات .. تفقد أنفسنا الأولوية .. نفقد رفاهية الاختيار أو حتى الانهيار .. فيبدأ صراع البقاء لأجل ما هو أغلى من ذواتنا .. وفي حالتي كنتِ أنتِ وأختكِ سببي الوحيد للمواصلة.
رفعت منة رأسها إلى والدتها وقد لاحت لمعة فضول طفيفة بعينيها، فشرعت صفا تحكي بعد شهيق عميق :
_حين قررت الزواج من والدك نبذتني عائلتي، ورفض الجميع تلك الزيجة تمامًا لا سيما وقد كان سني صغيرًا آنذاك .. لم يفكر أحدهم بنصحي أو حتى بمنعي قسرًا .. تركوني لأذهب بملء إرادتي، وكأنهم كانوا يعلمون أنني سأعود إليهم خاسرة، وسأتعلم درسي بطريقة لن أنساها ما حييت.
صمتت للحظة، ثم عادت لتستكمل مستعيدة تلك الذكرى الفاصلة :
_لذا عندما تمكنت من التواصل معهم لأخبرهم برغبتي في الانفصال، اشترطوا أن أعود إليهم مثلما ذهبت .. بمفردي.
عقدت منة حاجبيها مستنكرة قسوة ذلك الشرط، بينما استطردت والدتها بصوت مختنق :
_رجوتهم مرارًا حتى يقبلوني بابنتيّ، فأين سأذهب بهما؟ وحين رفضوا اضطرت الصبر لشهور حتى ضقت ذرعًا فعدت للتواصل معهم .. فقبلوا على مضض أن أعود إليهم برضيعتي فقط.
مسحت عبرة متسللة بطرف إصبعها سريعًا لتختم حكايتها بتماسكٍ واهٍ :
_عدت إليهم شرعت مباشرة في اجراءات الطلاق ومن ثم حضانة نبراس .. لكنه طلقني وسافر بشقيقتك عائدًا إلى بلده .. تعرفين الباقي بالطبع.
اعتدلت منة في جلستها مبهوتة، لتقول بتعاطف شديد :
_كنتِ مجبرة! لم تتركيها طوعًا! طوال هذه السنوات وهي تعاملك كمذنبة في حقها، لمَ لم تخبريها؟؟؟
رفعت كتفيها بقلة حيلة وهي ترد بعينين اختنقتا دمعًا :
_لم تسمع .. لكنها معذورة يا منة، لقد كسرتُ قلبها قبل حتى أن تفهم معنى هذا التعبير .. لُمت نفسي أنني لم أحاول بشكلٍ كافٍ وقتها حتى وإن اضطررت للصبر لسنوات، لكني لم ألُمها هي أبدًا .. كسر القلوب ليس بهين، وقد كانت طفلة!
أحاطتها منة بذراعيها بحنان .. لا تعرف من منهما تروح عن الأخرى لكن الأمر أكثر تعقيدًا من أن يزول بعناق ..
ابتعدت بعد قليل لتبتسم بخفة قائلة بينما تمحي بعض العبرات عن وجه والدتها :
_لكنتك تبدو أكثر لطفًا حين تتحدثين بهذه الفصاحة يا أمي.
ارتسمت بسمة عذبة على وجه صفا، قبل أن تقول بإلحاح :
_لم تخبريني .. ما بكِ؟
خبت الابتسامة فوق شفتيها، لتجيب بعد لحظة :
_أنا بخير .. لا تحملي همي.
يزداد يقينها لحظة بعد لحظة بما يؤرق ابنتها .. يزداد موازاةً مع خوفها من جرحٍ محتمل لا ترغب في رؤيته في فلذة كبدها أبد الدهر .. فمسحت على كتفها قائلة بمؤازرة لا تملك سواها :
_إن أردتِ أي شيء في أي وقت أنا موجودة يا منة، تذكري ذلك جيدًا .. أراح الله قلبك يا حبيبة أمك.

يتبع ..


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-22, 09:20 PM   #583

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي


(2)

على بُعد ليس بكثير .. جلس أحدهم يعاني من حالة مستعصية من الإنكار لشيء ما يخشى الطواف بمخيلته ..
حين اقترب والده من جلسته المعتادة في الحديقة .. فقال مخترقًا قوقعته :
_أحدهم يفكر على غير عادته.
ابتسم أدهم دون رد لمناكفة والده الذي دنا منه ليجاوره في جلسته مردفًا :
_ما دمت قد أحببت خلوتك إلى هذا الحد، لمَ ما زلت تآنسنا في هذا المنزل؟ لمَ لا تذهب إلى بيتك؟
أجفل لوهلة من جملة والده، فرد باستنكار صبياني :
_هل يزعجك وجودي إلى هذا الحد؟
افتر ثغر مختار عن بسمة هادئة وهو يجيب :
_بالطبع لا .. لكني لا أفهمه!
تمتم أدهم عائدًا ببصره إلى الفراغ :
_ولا أنا ..
عم الصمت لوهلة، فرفع مختار عينيه إلى الشرفة العلوية قبل أن يعود بنظره إلى ولده بسؤال مباغت :
_ما مشكلتك مع منة؟
إيماءة نافية بسيطة هي ما طرأت على ملامحه الصماء، بينما يجيب بنبرة ثابتة :
_من جهتي لا مشكلة.
طالعه والده بعدم تصديق .. ثم رد ببعض الاستهجان :
_هل تريد أن تقنعني أن بقاءها بغرفتها كل تلك المدة ليس له علاقة بك؟
اتسعت عينا أدهم باستنكار ليرد :
_ولم قد يكون له علاقة بي!
صمت مختار للحظات كمن عجز عن إيجاد الرد المناسب .. ثم نطق بهدوء ينافي معنى كلماته :
_هل أنت غبي يا بني؟
عبس بوجهه وهو يرد باستياء :
_لمَ تشتم الآن؟
رفع مختار سبابته إلى فمه بإشارة تفي بمنعه لأية اعتراضات وهو يرد بصوت اختلط فيه الجدية بالمزاح :
_أنا أبوك وأشتمك وقتما يحلو لي، لا سيما حين تضايق ابنتي.
أشاح أدهم بوجهه متنهدًا .. ثم قال ببعض الحيرة :
_صدقًا أنا لم أضايقها .. لكني لا أفهمها.
صمت قليلًا يستجمع كلماته، قبل أن يعود ليحاول الشرح :
_في بعض الأحيان تكون قريبة منـ ... منا إلى درجة كبيرة .. وأحيانًا أخرى أشعر بها تنأى عني تحديدًا وكأنها تلفظني من حياتها.
أطرق برأسه مكملًا بنزق :
_هذا الشعور يزعجني .. لا يمكن أن تفصل بيننا بهذا الشكل!
أنا لا أوفق أبدًا في الوصف لكن .. هي جزءٌ مني .. ربما ليس بيننا رباط دم حقيقيًا .. لكن اقتلاعها عني بلا شك سيخلف الدماء ... هل تفهمني؟
ختم جملته بانزعاج جلي .. فيما عجز والده عن الرد لثوانٍ مصدومًا مما يراه في عيني ولده .. فمهما بلغ الظن، فاليقين بالأمر شيء آخر .. لذا رد بعد قليل :
_أخشى أنني أفهمك بالفعل .. لكن هل تفهم نفسك؟
ثم استطرد متعجبًا :
_لماذا إذًا؟ لماذا لا تحاول ...
قاطعه غير منتبهًا لوقاحة فعلته وهو يرد بانفعال :
_أنا لا أجازف بما لن أحتمل خسارته.
ضاقت عينا مختار وما زال تحت تأثير صدمته .. فسأل مستنكرًا :
_هل تخشى على قلبك إلى هذا الحد؟
نظر إليه بثبات وهو يرد بقوة كمن يفشي بأمر مؤكد :
_أنا لا أتحدث عن قلبي .. أنا أتحدث عنها!
ازداد تعجبه، فحاجاه مستطردًا :
_ولمَ أمر خسارتها يبدو حتميًا في فكرك؟

ضحك بداخله ساخرًا .. لمَ قد يخسرها يا ترى؟
لمَ قد ترفض شخصًا قادرًا على اخمادها بجملة واحدة؟
بل لمَ قد تفكر من الأساس في القبول من شخص قد ينقلها في لحظة من أقصى درجات الفرح إلى أقصى درجات البكاء؟
إن كان قد "كسر خاطرها" دون قصد ذات مرة حين ثار غيرةً وأعماه الغضب .. فما قدر الأذى الذي قد يصيبها به دون شعور؟ وبمَ قد تفيدها آنذاك اعتذارات واهية؟
ناهيك عن أن كل هذه الاحتمالات قد تأتي بعد يقين بأن منزلته لديها ليست بمكانة الأخ!
نطق بعدها بيأس من ذاته :
_ولمَ قد تقبل بشخص مثلي؟ شعلة من الحماس لن تتفق أبدًا مع كتلة من الجمود.
التوت زاوية شفتي مختار بابتسامة متهكمة معقبًا على كلماته :
_بلاغة التعبير باتت تجري على لسانك فجأة يا ابن الرشيد .. راجع نفسك جيدًا، وانظر إن كنت بهذا التفكير لا تحاول أن توافق توهج حماسها، بل تطفئها وتسحبها لجمودك على مهل.
ثم وضع كفه فوق كتفه بدعم مبطن وهو يكرر ناهضًا عن جلسته :
_راجع نفسك يا ولدي.

تحرك تاركًا إياه ليفكر مليًا معيدًا حساباته ..
ثم دلف إلى المنزل مجددًا ليقابل زوجته في في الباحة الخارجية .. فتوقف كلاهما ليسرد عليها مقدمًا ما فهمه من تأكيدات لظنونهما بشأن مشاعر ابنهما ..
وقفت صفا تنقل عينيها بين غرفة منة العلوية، وجلسة أدهم بالحديقة الخارجية، لتعود بناظريها إلى زوجها متمتمة باندهاش :
_يا للغباء!

يتبع..


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-22, 09:33 PM   #584

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي


(3)

"هل كان شعرك أسودًا؟"
جاءها سؤاله ردًا على احدى القصص التي نشرتها على تطبيق المحادثات، وقد كانت تحتوي على صورة قديمة نسبيًا لها .. فردت إلهام فور أن قرأت رسالته "لا .. كنت قد صبغته باللون البني لفترة، لكن المؤثرات على هذه الصورة تجعله يبدو باللون الأسود."
تبعت رسالتها بصورة أخرى أرسلتها بمحادثتهما معلقة "يظهر اللون واضحًا بشكل أكبر في هذه الصورة."
كانت ابتسامتها ناصعة في تلك الصورة، ليست كالتي نشرتها بوضعية بها بعض الغموض .. فأعقبتها بأخرى امتزجا فيها اللونين البني والأشقر بخصلاتها كمن تريه المراحل التي مر بها شعرها في رحلته للعودة إلى شقرته الطبيعية بشكل كامل..
لكنها تأكدت تمامًا أنه لم يركز في لون شعرها من الأساس حين رد خطاب معلقًا
"تبارك الخلاق"
أعقب جملته بملصق متحرك لإحدى الشخصيات الكرتونية "التليتابيز"وهي تسقط أرضًا وحولها عدة قلوب حمراء متناثرة .. فاتسعت عيناها اندهاشًا من ردة فعله رغم اعتيادها بعض الشيء .. فتلك الفترة التي تلت اتفاقهما على خطبة صغيرة تقتصر على الأهل والأصدقاء المقربين، كثرت محادثاتهما بشكل لذيذ ..
واعترفت أو لم تعترف، فهي تحب تلك التعليقات الغزلية المرحة منه على صورها .. حتى أنها تذكر أنه ذات مرة علق على إحداهن برسالة فحواها "أكاد من فرط الجمال أذوب."

خصص رده للصورة الأخير التي كسى فيها اللون البني أطراف شعرها وحتى منتصفه ليستكمل طريقه إلى الجذور بشقرته الأصلية "تبدين كاللوز المقشر."
انكمش وجهها ضاحكة بيأس من تشبيهاته المريبة .. قبل أن ترد مناكفة "غزلك أقدم من اسمك يا خطاب."
رأى رسالتها ولم يرد، بل رن هاتفها باسمه بعد لحظات فتوترت بعض الشيء .. باتت أكثر أريحية في الحديث معه، لا سيما وهو لا يتذمر من ثرثرتها الفطرية التي تظهر فور أن تشعر بالراحة لأحدهم، لكنها ما زالت ترهب المكالمات الهاتفية والمقابلات، تشعر بحصار لا تعرف مصدره..
نهضت عن جلستها بردهة المنزل لتجيب وهي تسير بلا وجهة معينة، فبادر بالحديث بمرحه المعتاد فور استجابتها للمكالمة :
_ليس غزلًا، هذا تشبيه .. لكن إن أردتِ الاستماع للغزل أو غيره فما رأيك أن نخرج سويًا اليوم؟
حاولت اختلاق عذرًا واهيًا، فقالت دون تفكير طويل :
_لكن أبي ليس بالمنزل و...
قاطعها مطمئنًا :
_يمكنني مهاتفته لإخباره.
صمتت لوهلة .. ثم ردت بأكثر عذر ارتجالي مبتذل :
_الوقت قد تأخر بالفعل ولدي عمل مبكر بالغد، فـ ... ربما مرة أخرى.
قابلها صمته فشعرت بضميرها يؤنبها .. قبل أن يرد بجدية استشعرت إحباطه خلفها :
_حسنًا، كما تريدين.
ثم أردف كمن يروح عن نفسه :
_لا مشكلة ..
ثم ختم مكالمته مودعًا .. فوقفت إلهام في ردهة المنزل كمن على رأسها الطير، ورفعت راحتها لتعض أنملها بذنب شاعرة بالتعاطف تجاهه .. لم باتت تهتم لحزنه إلى هذا الحد؟
جاءها صوت والدتها من المطبخ متهكمًا بعد أن مصمصت شفتيها بامتعاض :
_يتمنعن وهن الراغبات.
ناظرتها إلهام بعبوس، قبل أن تلتفت صاعدة إلى غرفتها .. لم تمر نصف الساعة حتى خرجت منها مجددًا في كنزة بسيطة وبنطال من الجبردين نازلة الدرج، فكتمت إنصاف ضحكة ملحة حين مرت من جوارها قائلة بجدية وقورة لا تليق بموقفها بينما تضع يديها في جيبي سروالها :
_سأخرج قليلًا، ولن أتاخر.
رمقتها بنظرة متسلية وهي تسأل :
_هل استأذنتِ من أبيكِ؟
ردت إلهام على مضض كاتمة ضحكة مشابهة وهي تميل لتقبل والدتها مودعة :
_نعم، هاتفته بغرفتي .. وداعًا.
ودعتها والدتها قائلة بتسلٍ واضح :
_إلى اللقاء يا لومي.
فلتت ضحكات إلهام، فلوحت لها من عند الباب قبل أن تغادر مستقلة سيارتها ..

بعد دقائق .. توقفت بسيارتها عند منزله، فاحتل المقعد المجاور لها قائلًا بحاجبين مقطبين وقد بدى أنه غادر منزله على عجالة :
_لمَ أتيتِ إلى هنا؟
ردت مترفعة عن الاعتراف بأنها أتت لتصالحه :
_ألم تكن تريد الخروج؟
رفع حاجبًا مستنكرًا، ليجيب بتهكم مكررًا كلماتها :
_لكن الوقت قد تأخر ولدي عمل بالغد!
لملمت ابتسامة ملحة وهي تقول ببرود متعمد :
_لمَ نزلت إذًا؟
اعتدل في جلسته قائلًا بعتاب مبطن :
_لأن الوقت ما زال مبكرًا وغدًا عطلة رسمية.
نبرته الصبيانية أنارت قبسًا حانيًا بداخلها، فابتسمت قائلة بمزاح :
_لا تكن قموصًا يا خطاب!
احتلت ابتسامة عذبة ملامحه وهو يقول بمقلتين لامعتين :
_أنا لم أسمع شيئًا مع هذه الابتسامة.
كست الحمرة وجنتيها، فأشاحت بوجهها وهي تزم شفتيها تستدعي الجدية .. فيما أكمل دون مراعاة لقلبها المسكين :
_ابتسامتك تفتن يا شرطية.
أُسرت بتلك النظرة في عينيه ..
وقلبها ..
ذلك القلب الذي شعر يومًا أنه لا يستحق الحب .. أضحى يغرد بين ضلوعها كعصفورٍ سعيد.
كسرت نظراتها بخفر لتدير سيارتها وهي تنطق ببعضٍ من دلالٍ مكتوم :
_احذر أن تفتنك إذًا!
رد بقلة حيلة زائفة بينما يوصل هاتفه بسيارتها :
_فتنتُ وانتهى الأمر.
أتبع جملته بأن ضغط على إحدى الأغاني بهاتفه، فانبعثت الموسيقى بين أركان السيارة، فيما اتسعت ابتسامتها مغادرة بسيارتها الحي بأكمله ..


عودت عيني على الضحكة دي
وأنا زاد حنيني .. المرة دي
يوهم يا عيني .. لا مش عادي
بحلم يكون جنبي ومعايا


~~~


لا ملامة على اللي حبه لا ملامة
ده اللي ساب في القلب ييجي 100 علامة
مش طبيعي .. لو ظهر بتقوم قيامة
من أول مقابلة سحر عينه ناداني


انطلقت الزغاريد موازاةً مع الموسيقى بعد أن نطق المأذون بجملته الأخيرة "بارك الله لكما، وبارك عليكما وجمع بينكما في خير." فخفتت الإضاءة في القاعة، وتدفقت التهنئات بين الجميع من الأقارب والأصدقاء ..


بالطريقة .. شد قلبي بالطريقة
مُت فيه .. سلمت من أول دقيقة
وأعمل ايه؟ كان لازم أضعف في الحقيقة
دي عيون ثبتوني نص ساعة في مكاني


لم يسلم خطاب من سماجة هاشم، لا سيما وهو يعامله كغريمه منذ بداية تلك المصاهرة .. إن سمعه يحادث شقيقته على الهاتف يصدر الضوضاء إلى أقصى درجة .. وإن عرف بتبادلهما الرسائل فصل جهاز الانترنت .. وإن رآهما سويًا كاد يُطلق شعاع ليزر حارق من عينيه .. ليس فقط غيرةً على توأمه، لكن استفزاز خطاب وإلهام مسلٍ إلى أبعد حد ..
لذا بمجرد أن انتهت اجراءات عقد القران، نظر خطاب إلى هاشم ملعبًا حاجبيه بحركة شهيرة لدى الأخير، ثم اتجه إلى إلهام في ثوبها المنفوش ليحيطها بذراعيه ويدور بها، فنال تصفيقًا حارًا من الجميع .. ونظرة نارية من هاشم!
لكن بلا شك، خطاب لم ينتبه سوى لتلك الضحكة التي ندت عن إلهام بينما تتابع ما يدور بينه وبين أخيها ..


عودت عيني على الضحكة دي
وأنا زاد حنيني المرة دي
يوهم يا عيني .. لا مش عادي
بحلم يكون جنبي ومعايا
حبيبي .. حبيبي .. حبيبي


تحركا سويًا إلى المقعد المخصص للعروسين، فمال قليلًا إليها بعد جلوسهما معلقًا بمزاح جاد الملامح على ما حدث :
_لا أعرف كيف أقدمت على تلك الخطوة دون أن أتأكد أنكِ لا تحملين سلاحك.
ردت مجارية إياه بنفس الأسلوب :
_أمي هي من منعتني عن حمله في اللحظة الأخيرة، كنت أفكر في تقديم فقرة به مع بعض الزملاء الحاضرين للزفاف كتجديد بدلًا من هذه الأجواء المعتادة، فقلت لها "لا يا أمي اتركيني لا تمنعيني عن فعل ما أريد" فقالت "لاااا لا يمكنك ستفزعين الحضور " ...
كان أداءها مبالغ به وبشدة، فنظرت إليه وكبحت ضحكتها على رد فعله وهو يصطنع التأثر ويومئ لها لتتابع، بينما رد هو برسالة مبطنة بأن خيالها فسيح :
_صباح الفل.
انفجرت ضاحكة فانتقلت إليه عدوى الضحك وهو يتأملها لأول مرة بهذا الانطلاق ..


على كيفه يعمل اللي على كيفه
في الجمال ده مطلَّع القمر وصيفه
يا حرام جاء له وكسر مجاديفه
ما اللي بييجي في سكته ده راح بالسلامة


كانت هيئتها ناعمة في ذلك الثوب الذي ضم قدها راسمًا إياه بريشة فنان .. مطعمًا بورود بيضاء شديدة الرقة .. وقد أضفى احتشامه مع تلك الخصلات التي أسدلتها على جانب وجهها رونقًا زادها بهاءً ..
تلك النبضات التي تتسارع كلما وقعت نظراته عليها تشعره بأن قلبه يطرق أبواب ضلوعه منتظرًا السماح بالمغادرة ليرسو بين كفيها.


عن جماله .. كلموني عن جماله
ده اللي شاف الجنة غير اللي اتحكى له
ده اكتشاف لفيت عليه الكون بحاله
نفسي بس أقرَّب ولا أطول ابتسامة


يتبع ..


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-22, 09:40 PM   #585

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي


(4)

مسحت إنصاف عبرات لا إرادية وهي تقف بجانب زوجها وابنها الأصغر في إحدى زوايا القاعة قائلة بتأثر :
_ سيخلو علينا المنزل اليوم يا صلاح.
تنهد صلاح وهو يرد بتأثر مقابل :
_هذه سنة الحياة يا إنصاف .. فقط ادعي لهم بالسعادة.
تدخل فريد محتجًا على مسلك هذا الحوار، فهتف باعتراض :
_ما هذا؟ أنا سأبيت معكما اليوم!
نظرت له وهي ترد بعتاب :
_وستسافر غدًا، في المرة الأخيرة أطلت الغياب.
وضع كفه فوق كتفها مهدئًا، بينما رد يشاكسها لتكف عن البكاء :
_أي غياب هذا الذي أطلته؟ لا أعرف لمَ لا تحلو الخطبة أو الزواج لأولادك هؤلاء إلا في وقت سفري؟ هل كانت عقدتهم متمثلة فيَّ أم ماذا؟ أشعر أن كرب العائلة بأكملها فُرج برحيلي!
نجح في إضحاكها فاتسعت ابتسامته وهي تربت على كتفه قائلة بحنان :
_لا تقل هذا، فرحتنا لا تكتمل بدونك، حفظك الله لنا يا حبيبي.

اتجهت إنصاف إلى الطاولة حيث تجلس كنتها جو تجاورها والدة خطاب .. انضمت إليهما لتسأل بينما تبحث بعينيها :
_أين نادية؟
ردت نرمين مشيرة إلى مدخل القاعة :
_ذهبت لتستقبل صديقة لها.
أومأت إنصاف برأسها، ثم نظرت إلى جود قائلة بتوبيخ محبب :
_ألم أخبركِ أنني لا أريد أن أرى شيئًا في طبقك هذا؟ أنتِ لم تأكلي شيئًا منذ الصباح.
حركت رأسها نفيًا لترد شاكرة :
_لا أرغب في الطعام صدقيني، لست جائعة.
سحبت المقعد المجاور لها لتجلس وهي تسأل باهتمام :
_منذ متى وأنتِ على هذه الحال؟
ردت بإعياء :
_ثلاثة أيام تقريبا .. وهاشم يلح عليَّ لآكل فلا أحتمل إلا بضعة لقيمات كل يوم.
تبادلت إنصاف النظرات مع نرمين على الجانب الآخر، ولمعت عيناها بابتسامة صغيرة وهي تربت على كتف كنتها قائلة :
_سلامتك يا ابنتي .. عليكِ بزيارة الطبيب.
علقت نرمين مازحة :
_أو زيارة أمك.
ضحكت إنصاف فشاركتها الأخرى، بينما نظرت إليهما جود بعدم استيعاب، لكنها لم تهتم وهي تلقي ببصرها إلى حيث يجلس زوجها .. فخُيل لها أن شجار يدور بينه وبين أصدقائه على الجانب الآخر ..
لا هي لا تتخيل .. تكاد تجزم أن هناك عراكًا على وشك البدء ..

وقف حمزة أمام هاشم، يجاوره عمر وكأنهما يمنعاه عن فعلٍ ما .. فهتف حمزة بجدية من يتناقش في موضوع مصيري :
_لا يا هاشم، لن يحدث.
حاول هاشم المرور قائلًا بحنق :
_اتركني يا حمزة، لا تمنعني.
أمسك به عمر هاتفًا بنبرة مبالغ بها :
_لا يا هاشم لا تتهور!
انضم إليهم فريد متسائلًا عن ماهية الأمر .. يعلم في قرارة نفسه أن كل هذا ما هو إلا مزاحًا ثقيلًا اعتادوه جميعًا بين بعضهم البعض .. فنطق بعدم فهم :
_ماذا يحدث هنا؟ عمَّ تمنعانه؟
رد حمزة بتهويل :
_يريد الغناء في الحفل، يقول أن هذا واجبه تجاه العروسين!
نظر فريد إلى أخيه بصدمة زائفة راميًا بسؤال مستنكر :
_تريد أن تخرب زفاف شقيقتك يا هاشم؟
رفع هاشم كفيه أمامه قائلًا كمن يهدئ جمهوره عن الهتاف باسمه :
_اتركوني يا جماعة هذا واجبي..
وقف فريد بجوار حمزة وعمر اللذين يكتمان ضحكاتهما بصعوبة، فرد شقيقه إلى الخلف صائحًا :
_واجب ماذا؟ صوتك بشع!
ثم اقترب من أذنه مكبرًا، فانفجر هاشم ضاحكًا ومن ثم ثلاثتهم .. فقال فريد وهو يهم بالتحرك مبتعدًا :
_عقِّلانه أنتما، وأنا سأذهب لـ ...
قاطعه هاشم وهو يسحبه من سترته قائلًا باستنكار :
_ألا تجلس في مكان معين أبدًا؟ منذ بداية الحفل وأنت تدور كالذبابة بحلتك السوداء هذه، هل هذا داء ينتابك في حفلات الزفاف؟
نفض فريد يد هاشم عن سترته بترفع وهو يرد بأنف شامخ :
_لا يمكنني الجلوس في مكان واحد .. معجبيني ينادونني!
ثم رحل عنهم واضعًا يده في جيب بنطاله بغطرسة .. فعلق عمر متهكمًا :
_لا يجب أن يتأخر على معجبيه بالطبع!
التفت إليه هاشم يرفع سبابته أمام وجهه قائلًا بتحذير :
_لا تتحدث عنه بهذا الشكل!
ارتفعا حاجباه باندهاش سائلًا :
_أي شكل؟
كرر هاشم بجدية متجاهلًا سؤاله :
_لا تتحدث عن أخي بهذا الشكل!
ضحك حمزة بمنتصف الجملة، فلم يستطع هاشم التمسك بجديته لوقت أطول، إلا أنه مسد جبهته بعد أن هدأت ضحكات ثلاثتهم، ليقول حمزة :
_صدقًا لقاءاتنا في حفلات الزفاف لا تُقارن.
رد هاشم ساخرًا :
_بالطبع لا تُقارن، ما هذا الذي نفعله أصلًا؟
ثم انكمش وجهه مستطردًا وهو ينظر إلى فتى الـ(دي چي) :
_وما هذه الأغاني السمجة؟ اتبعاني ..

يتبع..


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-22, 10:12 PM   #586

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي

(5)

رن هاتف فريد وهو يقف بجانب والده .. فأخرجه ليرى هوية المتصل، قبل أن تتسع عيناه وهو يلتفت بعينيه إلى والده، ليجده ينظر إليه قائلًا بعينين ضيقتين :
_Maze?
رد فريد مراوغًا وهو يترجم الكلمة لأبيه ببراءة مصطنعة :
_متاهة! أنا أحب الحديث مع المتاهات هذه الأيام ..
ثم ندت عنه ضحكة سمجة وهو يتحرك مبتعدًا بينما يهتف :
_عن إذنك يا حاج.
تحرك ليجيب بعيدًا عن الضوضاء .. فاقترب من باب القاعة قائلًا يجيب سؤالها :
_نعم وصلت صباحًا لكني شُغلت بشدة فلم أستطع مراستلك ...
صمت يستمع إليها، ثم رد بصوت معتدل بعض الشيء لهدوء الموسيقى الحالية :
_لا لا مشكلة أنا ...
_كيف حالك يا فريد؟
صوت نسائي ناعم صدر من خلفه مباشرةً .. فتسمر للحظة، ثم لم يكد يستدير حتى وجد نبراس تقول عبر الهاتف بنبرة من ترفع حاجبها بتأهب :
_أجبها يا فريد!
تنحنح فريد ملتفتًا إلى يسرا التي كتمت ضحكتها حين استشعرت توتر الأجواء بسببها .. فرد من أسفل ضروسه :
_في الحقيقة كنت بخير قبل لحظات .. شكرًا لسؤالك.
قالت نادية التي جاورتها كابحة ضحكة ملحة :
_جئت لأخبرك بأن هاشم يناديك، وجاءت معي يسرا لتحييك.
شعرت به يسب ثلاثتهم في سره في تلك اللحظة، قبل أن يومئ برأسه وهو يسير متجها إلى مكان أصدقائه، بينما يعيد الهاتف فوق أذنه معتذرًا :
_إنها إحدى معارف العائلة، سيدة مسنة في السبعين من عمرها .. سأضطر للإغلاق الآن وسأهاتفك لاحقًا، وداعًا.
أغلق الهاتف بضجر وهو يقترب من حمزة وعمر حين لم يرَ هاشم في الجوار، فتدخل سائلًا :
_أين هاشم؟
رد عمر مشيرًا برأسه :
_ذهب ليتحدث مع زوجته وسيعود، ابقَ أنت هنا .. كان يناديك كي لا يفوتك العرض لا أكثر.
فهم مقصده، ولمح ثلاثتهم هاشم قادمًا تجاههم فأشار حمزة إلى فتى الـ(دي چي) ليشغل إحدى الأغاني المتفق عليها، قبل أن يسحب أربعتهم خطاب متشاركين رقصًا صبيانيًا مرحًا محتفلين بصديقهم الغالي.

~~~
انتهى الحفل .. فدنت منه بثوبها الرقيق، وقد زينت وجهها بسمة عذبة تضاهي صفاء عسليتيها اللامعتين .. فنادته قبل أن تصل إليه منبهة :
_حمزة!
التفت إليها مبتسمًا كعادته بتلك الابتسامة التي يخصها بها .. فامتدت كفها عفويًا لتمسك بيده متحمسة وهي تحكي :
_كان يومًا ممتعًا لكني افتقدتك جدًا أغلب الوقت، إلهام سعيدة حمدًا لله وتبدو مشرقة اليوم، وأنا أبدو جميلة في الصور على هاتفي وهو ما لا يحدث كثيرًا .. وصورتنا معًا شديدة الجمال يا حمزة، انظر!
ختمت جملتها وهي تخرج هاتفها حقيبة يدها الصغيرة لتريه الصورة، ثم أعادته إلى حقيبتها متأبطة ذراعه بأريحية أطربته .. مساحة الأمان الخاصة بها باتت تتسع إليه رويدًا رويدًا .. لم يصلا إلى تلك المرحلة بسهولة لكنه فخور .. فخور بها وسعيد بكل جهد تبذله وكل لمحة تصدرها ..
ابتسم لفرحتها البينة .. ثم علق متعجبًا :
_أنتِ دومًا جميلة يا نادِيتي، لا أفهم ما مشكلتك مع الصور؟
ردت متذمرة :
_تعتبرني غريمتها .. بيني وبينها عداوة!
قهقه فشعرت بقلبها يطفو .. إلا أنه كاد يتوقف حين وقعت عينيها على أحدهم .. ورأته ينظر إليها كمن يتأكد من هويتها، فازدردت ريقها بانفعال مشيحة بوجهها .. وكادت ترحل مع زوجها دون أية منغصات لليوم .. لكن يبدو أن ذلك كان حلمًا ورديًا بعض الشيء ..
فبعد بضعة خطوات خارج الفندق، سمعت صوتًا مبطنًا بالحقد من خلفهما يقول بتعجب زائف :
_السيد حمزة! السيدة نادية! يا محاسن الصدف.
التفتت إليه بتأهب، فيما التفت حمزة دون أن يتعرف على الصوت .. إلا أنه بمجرد أن استدار عرف ذلك الوجه الكريه الذي رسم بقبضته لوحة فنية فوقه من قبل .. ظن آنفًا أنه من الأشكال المقيتة التي قد يقابلها المرء مرة ثم يلفظها خارج محيطه تمامًا .. لكن يبدو أن في ذلك اللقاء بقية!
اشتدت ملامح وجه حمزة بقتامة، فيما استطرد ذلك الرجل الذي جاوره أحد أصدقائه بعدم فهم ويبدو أن كلاهما قد خرج من الصالة الرياضية للفندق للتو :
_كان يجب أن أتوقع ذلك من حمائيتك تجاهها ذلك اليوم .. هل أمَّنت على نفسك قبل هذه الزيجة؟
نطق جملتها الأخيرة بتهكم واضح، فتقبض حمزة في وقفته مستعدًا للانقضاض عليه، بينما سأل صديقه بانزعاج وعدم فهم للأمر برمته :
_ماذا يحدث؟ ما الذي تقوله؟
تسارعت أنفاس نادية وهي تحاول سحب حمزة الذي تشنج في وقفته غير مستجيب لها .. فيما رد ذلك الكريه بنبرة تشبعت بالغل :
_لم أعرفك يا محمد، السيد حمزة مديري في العمل سابقًا، وزوج السيدة نادية حاليًا .. السيدة نادية العمري التي ذاع صيت حكايتها في قتل زوجها السابق .. أعتقد أنه مازال يأخذ معلوماته عن الجرائد الورقية التي لا تقر إلا بنتائج تحقيقات النيابة مهما بدى زيفها جليًا...
لم تكن كف حمزة التي هبطت على وجهه لتمنعه من الاستكمال وقد كان بالفعل على وشك الهجوم فاتكًا به تلك المرة .. كانت تلك الصفعة صادرة عن نادية التي وقفت إثرها لاهثة تدور بعينيها المشوشتين في الوجوه متراجعة عنهم إلى الوراء .. قبل أن تركض بعيدًا عنهم .. لا تعرف إن كانت تركض هربًا من الماضي، أم كرهًا للحاضر .. أم خوفًا من المستقبل الذي تمثل في الثواني التي تلت تلك الحظة !

نهاية الفصل الخامس والعشرين.
منتظرة آرائكوا بشوق💕


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-22, 03:39 PM   #587

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي

تحفة تحفة الفصل والله فرحانة اوي ان خطاب والهام اتجوزوا 🥺♥️♥️♥️

Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-22, 11:55 PM   #588

Lautes flower

? العضوٌ??? » 434742
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 480
?  نُقآطِيْ » Lautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond repute
افتراضي

روووووووعه 🌹🌷🌺
تسلم الايادي 😍😍😍


Lautes flower غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-02-22, 08:23 PM   #589

عيون حايرة

? العضوٌ??? » 163848
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 178
?  نُقآطِيْ » عيون حايرة is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم
جهود مشكورة جدا


عيون حايرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-02-22, 06:28 AM   #590

وفاء الفيصل

? العضوٌ??? » 443379
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 137
?  نُقآطِيْ » وفاء الفيصل is on a distinguished road
افتراضي

الفصلل حلووو وخفيف ولطييف🤩❤‍🔥❤‍🔥


القفلة🔥🔥
حرام نادية ماتستاهل كل هالمواقف اللي تصير لها ماصدقنا تتحسن وتخرج من شنرقتها😭💔💔


وفاء الفيصل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:52 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.