آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          52 - خداع المرايا - أجاثا كريستي (الكاتـب : فرح - )           »          ليالي صقيلية (119)Notti siciliane ج4من س عائلة ريتشي:بقلمي [مميزة] كاملة و الرابط (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هو تقييمك لمستوى الرواية ؟
جيد جداً 85 88.54%
جيد 11 11.46%
سيء 0 0%
المصوتون: 96. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree9707Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-10-22, 01:55 PM   #1341

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألحان الربيع مشاهدة المشاركة
السلام عليكم...


ظننتُ أني سانهي الفصل باكراً وانشره فلم اعتذر سابقاً....لكن مع الأسف لم تأتي الظروف معي ولم استطع انهائه بالكامل رغم انه قصير لهذا سأنشره غدا باذن الله في ساعات النهار.....!

انتن كريمات وأتمنى أن استحق كرمكن معي...!!


ليلتكن سعيدة!!
مرحبا.صباح الخير لحونتى القمر

حبيبة قلبى وقتما تنتهين براحتك
نحن بإنتظارك وأبطالنا الحلوين
المتصالحين منهم والمتشاحنين
لنستمتع بجمال الكلمة والحرف
وانت تسطرين إبداعك المميز

طيب الله يومك


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 02:00 PM   #1342

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رعدالسما مشاهدة المشاركة
ياالله منكم كل ده لاحمد والله الشيخ الوسيم طيوب هدوا شويه مالكم قلبتوا عليه😏لا وكمان طلعتي هالات سوده وطفشتي الحرمه عشان ينجلط من التوأ لا والله خوش خيال 😂😂😂😂معلش نواره وبعدين لحونه مريحاكي منه بقالها فتره تحملي يلا خلها عليكي😂😂😂😂
مرحبا. صباح الورد حبيبة قلبي نسمتى القمر

خليكى كده معايا
مع الشيخ الطيوب احمد القمر صاحب طابع الحسن
شكلا وخلقا
نوارة تزيدها عليه كثيرا
واحنا انشغلنا بالمى وهادى ونسيناه
لكن لحونتى القمر هتعوضه ونحنا سنهتف له


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 02:07 PM   #1343

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بيكهيون مشاهدة المشاركة
بناتتتتت انا عدت😅🤣🤣🤣🤭🤭🤭🤭
مرحبا.باقات من كل انواع الورود وبالونات كثييييييرة لقمرنا

سارة القلب ونعيم الروح وشفاء النفس
وحشتينى جدا جدا
كنت على بالي ولم تغيبى أبدا
ولكنى رجحت أنها الدراسة من اخذتك مننا ياقمر
المنتدى اشرق وأنار بطلتك حبيبة قلبي
لا تغيبى ثانية لان اسرة لاجئ لا تكتمل إلا بك

عودا أحمد يا قلبي


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 02:17 PM   #1344

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألحان الربيع مشاهدة المشاركة
ههههه ايوة انت قلت انها حامل شطورة ههههه .....بس مش هحرق باقي الاحداث وهتشوفي ان شاء الله ان كانت ستصيب توقعاتك ام لا قريبا ههههه .......بالنسبة للتوأم محبيتش اعطي الابطال الرئيسيين لاني بشوف هذا بتكرر بالمسلسلات والروايات ههههه وهغيظك شوية فكرت قبل انه اعطي التوأم لأبو حميد صراحة بس لسة مقررتش نهائي لانه عندي الفصل النهائي والخاتمة مش مكتوبين وفقط رؤوس اقلام ولسة المجال مفتوح العب بشوية احداث فيهن .........
بس هعطي القرار لشيزو اذا بدها رح اخليهم توأم واذا ما بدها تغلّب مرته مش رح اعطيه ههههه....

شمس اسم حلوو طبعا مثلك ....

ههههه لما خلفت ابني كنت لما اروح على محلات الملابس اترك قسم الذكور واضل غرقانة بقسم الاناث وجوزي ينجلط مني ههههه سبحان الله تشكيلة واسعة وفيهن حياة مش مثل الاولاد ههههه بس بعدين حققت حلمي لما اعطاني ربنا البنت....

يا رب يرزق كل مشتهي الذرية الصالحة
مرحبا.حبببة قلبي لحونتى الجميلة

انتى عليكى تعوضى أحمد بعد ما راحت منه ميار
وهو تمنى لها السعادة ورضي بنصيبه
اللى هيبقى حلو على يدى ادلحونتى القمر
ونجعل التوأم الجميل من نصيبه
ولن نشترى له ملابسهما من المحلات
خليها على وانا سأعدها جميعها
واطرزها بخيوط الحرير
ومعها الطاقيات والجوارب الكروشية
ويا ليت ولد وبنت علشان أزين لبسهم بالخرز واللؤلؤ
لاجل نوارة ترجع برأيها عنه وتترك الشيخ الطيب بحاله

دمتم حبايب قلبي اسرة لاجئ
بكل السعادة وفرحة الدنيا كلها


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 02:25 PM   #1345

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورهان الشاعر مشاهدة المشاركة
ههههه كنت أمزح في قضية التوأم.
فقط أربد أن أسمي البنت
تخيلي طفل واحد صعب في الترببة
ما أدراك بإثنين، نحن إن أراد أحد أن يدعوا عليك بالشقاء
يقول لك "الله يعطيك التوام"،ههههه و أعطيهم لأحمد عسى
يخرجو عليه و يفقدوه عقلوا فأرتاح أنا و يطمئن قلبي.
الله أتخيله لا ينام لليالي طويلة حتى تفسد وسامته المزعجة هذا الشيخ السمج و تسكن الهالات السوداء تحت عينيه، و مراتوا تصاب بإكتئاب ولادة و تترك له التوأم وحده. ياااه كم سأشمت به.
سامحيني حبيبتي لكن و الله لا أستطيع تحمله
لا أدري لما. لله في لله كدا
مرحبا.نوارتى الطيوبة
حبيبتى ما هذا السيناريو الاسود
للشيخ الوسيم
الذى ترك لنا الساحة ولم يؤذى أحدا
وكافى خيره شره
بالعكس مثله لانه يتقى الله يكون نعم الزوج وأب حنون
لكن مقبولة منك ياقمر السيناريو تبعك ضحكنى بصراحة
رسمتى صورة هزلية حلوة بابداعك الادبى

سلمتى ياروح قلبي


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 02:35 PM   #1346

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رعدالسما مشاهدة المشاركة
كيفكم حبيباتي ان شاالله بخير واموركم تمام🌷🌷🌷
انشغلت عنكم هذا الاسبوع كان عندي مناسبتان سعيدتان والعاقبه لكن ان شاءالله❤االاولي خطبه ابن عمه اولادي وعقبال اولاكن ان شاءالله
والثانيه مناقشه رساله الدكتوراه لعمه اولادي والحمدلله الذي بحمده تتم الصالحات وان شاءالله العقبي لكن ولاولادكم 😘😘
حبببة قلبي مبارك افراحكم

وزاد الله منها ومن مناسبات سعيدة كثيرة تفرح قلبك
ولكنى بصراحة لم أتخيلك اما شكلك صغنونة
ولم اتخيل أنك عندك اولاد مثلنا انا وألحان
تعالى في حضن اخوك فواز هههههه

يومك جميل مثل جمال قلبك يا نسمتى القمر


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 05:25 PM   #1347

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
Flower2

مساء الخير صديقاتي ....


المنتدى كان معطّل عندي!!.....ان شاء الله عشر دقائق وانزل الفصل...


ملاحظة : الفصل قصير نسبةً لمعظم فصولي


سلامات


ألحان الربيع متواجد حالياً  
التوقيع
((---لاجـــــــــ في سمائها ـــــــــئ---))

https://www.rewity.com/forum/t484164.html


اللهم كلّما ابتعدنا عنك ردنا إليك رداً جميلاً
رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 05:41 PM   #1348

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني والثلاثون (( عودي الى حضني ))



* من هادي لألمى*

أحببتكِ وفي قلبي حزن دفين
وعدت قلبي ألا يستكين
فداؤكِ أبي عمري ..وكلي حنين
كيف صارت روحي لك حارس أمين؟
انظر لسماء عينيكِ فأرى الجنان
منحتك حبي والوتين
فأنتِ ملاكي الزين
فهل عشقي لك ذنب رصين!؟
قاومت وقاومت جنون
خذلني قلبي فقلت.. آمين
عمري وحياتي لها كاملين
لم أبالي بثأر أو أنين
طفلتي البريئة أنتِ قبل السنين
هاتي رصاصتك بقلبي الحزين
لاجئاً كان لهالعينين
ثم جعلتِه شريداً بلا معين
فهل كل ذنبي أني أحببت من قلبٍ لا يرتجين!؟
(( كلمات الرائعة shezo ))

×
×
×

" أحبك..."

رغم الرعشة التي تلازم صوتها الّا أن هذه الكلمة خرجت من بين شفتيها كلحنٍ عذب أطرب قلبي.....كانت أعيننا في وصال وكأنه الوصال الأزليّ لحظة نطقها لها ومن بعد هذه الكلمة احتقنت مقلتاها بالدموع وكادت تبتلع شفتيها تجاهد الّا تخرج نبرتها الباكية الّا أن حركة صدرها ازدادت تسارعاً.....غضنتُ جبيني ناظراً لصدرها المنفعل والذي يزداد ضراوة بعد ان ساد الصمت للحظات بيننا ليرسم مسافة بين آخر ما نطقته وما سيليه....كدتُ افقد صوابي وانا منتظر صدور حكم اعدامي!!.....أعدتُ أرضي لوجهها......ومرةً أخرى جاهدت كي لا تبكي وهي تشدّ على شفتيها حتى كادت تدميهما!!....تهدّجت أنفاسها اضعافاً.....أسبلت أهدابها لتنزل الستار على سماءيها فحلّ الشتاء عليهما لحظة نزول قطرات ماء ماسية متلاحقة وهي على وضعها قبل أن تفتح ثغرها لتحرر لسانها الذي أقرّ متابعاً ومؤكداً:
" واختار أبي...!!.."

احتجزتُ صيحة قوية مفزعة داخلي وصداها رن في زوايا احشائي وانفطر قلبي وتحول لأشلاء من هول ما أصدر بحقه.!!...هذا حالي وهذا نصيبي.....لو تركتُ نفسي لنفسي لشلّت جوارحي وسقطتُ عند قدميها.....لكن لا وقت للانهيار ولا للبكاء كالأطفال!....بل عليّ أن استردّ قوتي واحافظ على رباطة جأشي...هذا الوقت الذي سأكابد لأظهر صلابتي واكبح جماح مشاعري...إنها افضل لحظة لاختبر بها صبري وأرفع معنوياتي....كلا!!... لن اقع ولن انهار....لن أستجدي شفقتها وعطفها....لن اسمح لدمعي بفضحي!!....سأبقى هادي الشامي رافع الهامة ومنصوب القامة....شامخٌ بعزّي مصرٌّ للمحافظة على ملامحي الأبية وكرامتي....فسحقاً للحب ولكل مُحب ولا سحقاً لكبريائي....ولا سحقاً لكبريائي!!....هذا أنا وسأبقى هكذا ولو كانت تمسك بيدها آخر أنفاسي!!....فتحت عينيها عندما لم تسمع كلمة ولم يصدر أي ردّ فعل مني!!...نظرت إليّ مبهمة!!.....وبكل برود قاتل رسمتُ ابتسامة على محيّاي وصدقاً لا ادري كيف نجحتُ برسمها ثم بهدوء اتقنته قلت:
" في آخر الليل جهّزي نفسك للرحيل...!!.."

ذُهلتْ من رؤية وجهي الآخر!!...أليس من المفترض أن أهب مستنكراً ومعترضاً ؟؟....أو أن اعاتبها عتاب العاشق الغارق بحبها ؟؟!....هي اختارت وانا سأرضى ....حاربتني بقسوتها فسأحاربها بليني ....لن ادعكِ يا ابنة عاصي أن تشمتي بعذابي ....أعدك كلما شعرتُ بفقداني للسيطرة على نيران الجحيم بداخلي سأخمدها بسهولة عند تذكري لاختيارك... لم ولن تعرفيني يا ألمتي...اقصد يا ألمى...فحتى ياء الملكية سأحذفها من دفتري!!...ربما ظنّت أنني وضعتها بين خيارين صعبين إما انا وحدي او هو وحده.!!...هي لا تعلم أنها لو اختارتني لكنتُ سأسمح لها بوصاله وزيارته بالسجن ولن امنعها عنه البتة.....فيبقى الوغد والدها وليس ابن محيي الدين من سيسمح بعدم برّها له!!....لكنها اصدرت حُكمها باقصائي من دنياها!!.....إذاً ليمضي كلٌّ منا حسب خارطة حياته!!......
بعد أن قلت جملتي استدرتُ بهدوء كاذب فلو كنت امتلك صفة الشفافية لرأت الأعاصير التي تدمر كل ذرة بجسدي!!...خطوة واحدة مشيتها بإباء فأوقفتني قائلة بصوت مهتز:
" هل أنت جاد؟!.."

نصف استدارة برأسي نظرتُ اليها من فوق كتفي ونفس رسمة الابتسامة حافظتُ عليها وأجبت بصوت جهوري:
" لم أكن جاداً من قبل مثل هذه اللحظة!!..."

لقد احترقتْ!!...أجل احترقتْ.... فلتحترق هي ووالدها كما احرقت قلبي!!...تريد أن ترى أوجاعي وتسمع أنين روحي لذا لجأت لسلاحها الذي تتخذه وقت الانفعال والغيظ وهو العناد او سلاطة اللسان هاتفة لستفزني:
" لمَ ليس الآن؟!...اريد ان اذهب حالاً!!....المكان هنا يخنقني ولا اطيقه بمن فيه.."

قالت جملتها وركّزت على ملامحي الظاهرة لها ...ترغب ان تستشف من خلف الملامح الألم ...او دمعة تخذلني....وحتى صوت مرتجف!!...وربما صرخة غضب!!......موتي بغيظك.!!...أجل موتي!.....سأضحك واضحك وسأعذّبك بضحكاتي.......أعلم متى ساترك سراح صرخاتي ومتى سأفيض الدمع انهاراً وكل آهاتي..!!.....استدرتُ اليها بالكامل بعد جملتها وأجبت متشبثاً بنفس الهيأة خاصتي:
"سيأتي في المساء ضيوف لزيارتي بشكل خاص!!....لا يمكنني تجاهلهم فهم من بلد آخر ولأنهم يهمّون زوج اختي اذاً يهمّونني!.."

في طريق العودة من الحدود هاتفني صديقي (سامي) ليخبرني أن صديقه الضابط (عبيدة) صمم على زيارتنا هو وعائلته ليقدّم شكره وعرفانه لي بعد انقاذنا لابنه (سند) في الماضي!! ...حينها أي منذ شهور قليلة لم يتسنّ له فعل ذلك لأني لم امكث هنا طويلاً...!!......بعد أن اجبتها عزمتُ لمتابعة طريقي لأجلب شيئاً انظّف به آثار الدماء على الحائط والستار لكنها لم تحصل على مبتغاها باجابتي الساكنة فاستطردت بلؤم ابتدعته ساخرة:
" لم تقل رأيك باختياري!!..."

اصدرتُ صوت ضحكة طفيفة وتوقفتُ مكاني لاستدير مجدداً إليها وأجبتُ بكل رضا مصطنع:
" احترم اختيارك بكل سرور....بالنهاية هو والدك وأنا لا شيء عندك!....هذا رأيي!"

وما إن التفتُ مجدداً صوب الباب لأكمل سيري حتى باغتتني بايقافي ممسكة ببلوزتي من الخلف بقبضتها لتوقفني ثم استدارت لتواجهني وتمسكني من تلابيبي تهزّني ووجهها متوهّج قهراً وحنقاً وتكزّ على أسنانها والعبرات تنتفض في حدقتيها صارخة:
" كاذب ...كاذب...أرني ألمك....أريد ان ارى عذابك.....انت قلت انني قتلتك!!...هيا انزف...لمَ انت هادئ؟؟؟...لا تكن بارداً وانفجر قهراً هيا..."

ثم افلتت تلابيبي وبدأت تضرب صدري بقبضتيها وتصرخ بنشيج بينما انا ثابتٌ بمظهري القاسي بعد ان اعدمت احساسي:
" قل شيئاً..."
".اخبرني أن قلبك يتمزق !.."
"..لا تدّعي رضاك باختياري..."
".هيا اصرخ....ابكِ كما ابكي....توجّع مع اوجاعي.. "

اغمضت عينيّ متنهداً بعمق ....استغفرتُ ربي وفتحتهما وكبّلتُ معصميها بقبضة واحدة لاوقفها عن ضربي والصقتها بي منحنياً بوجهي لوجهها ولهيب أنفاسي التي تخرج من آبار احتراقي تلفحها بينما أهمس بخفوت لاسع حد الهلاك:
" ماذا تريدين الآن مني؟؟!...قولي.."

بنبرة اكثر ارتفاعاً اردفت:
" سأحررك مني وأعيدك الى الجحيم !!...اعتقيني بحق الله...."

وبأنفاس لاهثة اضفت:
"دعيني وشأني ....حقاً كفى...ماذا تريدين؟؟ !!.."

حدقتاها تهتزان والدموع تغشاهما...ظلّت ناصتة ولمّا انهيتُ كلامي قالت بعكس ما تمنّت:
" طَـ.....طلقني!.."

بثقة ونفسٍ عزيزة اشهرتُ سبابتي هاتفاً:
" احفظي جيداً.....انا لم انكث وعدي....لم اتخلّ عنك بل انت من اخترتِ تركي...!!.."

بصوت يحمل كل الصمود في ثناياه تطرد فيه ضعفها وحبها المجروح هتفت:
" قلت لكَ يوماً...إن لم تعطني سبباً عظيماً لن اتركك....وأبي هو أعظم أسبابي!!..."

وأكملت بكبرياء انثى تحاول انقاذ ما تبقّى منها:
" لن تتنازل ولن اتنازل....المهمة بيننا.....اذاً الانفصال موعدنا!!.."

ما لك يا خائن تتلوى نازفاً وكأن خنجراً غرس بك ؟؟!...ألم تتوقع هذا الطلب وهذا الكلام؟؟....شيء بديهي أن تسمعه من واحدة تكرهك!!...هل ظننت انها سترتمي بحضنك وتتشبث بك؟؟..واهم....واهم جداً.!!.....نفضتُ يديها محررهما من قبضتي وانتصبتُ بقامتي ..رفعتُ زاوية فمي بابتسامة ساخرة وما كانت الّا سخرية على حالي وما جرى لي !!..ثم أجبتُ بهدوئي الذي اتخذته درعاً يحمي كبريائي:
"علمتُ انه سياتي هذا اليوم وأعلم أنك تكرهيني لدرجة أن تطلبي هذا الشيء.!!....لكني لستُ متفرغاً الآن لتلك الاجراءات ...لديّ ما هو أولى وعندما أرى أين المستقرّ....سأنفذ طلبك لاحقاً وأكلم المحامي ليتواصل معك !...الى هنا انتهى الكلام عندي..."

ربما لا نحتاج سبباً للحب لكن مؤكد نحتاج واحداً للكره!!....يدخل الحب قلوبنا من اوسع ابوابه دون شروط او قيود أما الكراهية تشق طريقها متسللة الينا ولو بهمسة ضعيفة تدفعها لذلك....وهي اغلقت ابواب الحب والأمل ولم تشق الطريق للكراهية شقاً انما اختارت حفر نفقاً عميقاً لتُثْبتها لي من أجل أبيها ....فما اقسى من طلبها الطلاق ليكون نموذجاً يجسّد كراهيتها تجاهي؟؟!....

×
×
×

تجمّعنا على مائدة الغداء المتأخر والذي يشاركنا به صديقي (سامي) لأول مرة !!...فهو بعد اصلاح ما بينه وبين زوجته مرّ مرّةً مرور الكرام ليسلّم على حماته والصغير والسبب تراكم الأعمال عليه في المركز....العاصمة والحدود....وبيتهما!....أجل يومان وسيزيّنانه بانفاسهما....لقد حرص على وضع عمال يقومون بكل شيء من نقل الجهاز والأثاث لترتيبه وتنظيفه للاقامة الأبدية فيه....هذا العش الذي حان الوقت ليضمهما بين زواياه ...!!...لقد كانت دنيانا تمضي معظم نهارها هذا الاسبوع في بيت حماها لتعيد أمجادها مثلما كانت ...الكنّة المدللة ...وفي الليل تأتي لتبيت في بيتنا تنتظر اللحظة التي ستجمعها بزوجها وبيتها الخاص!!....فبسبب وجودي ووجود زوجتي رفض صهري المكوث معنا!!....كان هذا الغداء مميزاً بنظرهم!! ...فالصورة الدافئة للعائلة قد اكتملت وخاصة بنظر والدتي ...اولادها حولها وصهرها وكنّتها !!....ماذا تريد أجمل من ذلك ؟؟!....انهم ما زالوا يجهلون قرارنا ومصير علاقتنا أما صديقي اعلمته قبل جلوسنا على الطاولة!!....لقد حضّرت والدتي على شرف هذا التجمع مائدة بها ما لذّ وطاب من الاطعمة المتنوعة لترضي كل الأذواق....أو كلا...لترضي كنتها فاقدة الشهية والتي لم تصل معها لحل بمسالة انعدام الرغبة بالطعام.!!....ها هي المائدة فيها المعكرونة التي تحب باللونين الابيض والاحمر....دجاج محمّر...لحم ضأن...و....سمك!!.....يا الهي!!....نسيتُ أن اخبر أمي بهذا....انها تكره رائحته وحتى سيرته!!...وبينما انا سارحٌ بمتاهاتي وكانت أمي تضع لكل منّا بطبقه ما يرغب بعد سؤاله صُعقتُ عندما ردّت على أمي بحياء تخفي خلفه ما عشنا ظهراً بغرفتي :
" سمك لو سمحتِ!!.."

اتسعت عيناي بصدمة!!....سمك؟!...لماذا؟!...هل قررت ان تغيّر اعداداتها نكاية بي وبنفسها !!....شردتُ اراقبها وظننتُ انها ستعبث بها وتتركها.....فأكملت صدمتي وهي تتناولها بشهية !!....أيعقل ذلك؟!....سبحان مغيّر الأحوال من حال الى حال!!....كنتُ أجلس على رأس الطاولة وعلى يميني (سامي) وعلى يساري (دنيا) وجوار سامي (شادي) ثم صديقته الجديدة (ألمى) وازاءها أمي جانب شقيقتي!!...وبينما انا اصارع افكاري ناظراً إليها باندهاش مال الغليظ نحوي ليعطي تعليقه السمج فهو يلتقي بها وجهاً لوجه اول مرة:
" هل أنت متأكد أن تلك الفراشة الرقيقة من ذاك البغل النجس؟؟!.."

بقدمي ركلته من تحت الطاولة بغل حتى تأوه فهتفت زوجته بقلق:
" ما بك سامي ؟!..أهناك شيء يؤلمك!!..؟.."

ضحك ضحكة صفراء وهو ينحني ليمسّد ساقه مكان الضربة وأجاب بغلاظة:
" كلا دنيتي!...اصطدمت رجلي بالطاولة!..."

وعاد ليميل نحوي هامساً بخفوت وساخراً:
" لا يبدو لي انك ستتركها في سبيلها كما اتفقتما!....عيناك هائمة بها والغيرة تنهش عظامك!....اعانك الله..."

" اسمعنا سكوتك!...فعلاً غليظ!.."

تابعنا طعامنا وبعد لحظات مدّ يده صغيرنا ليبدّل زجاجة المشروب الغازي الصغيرة الموجودة أمام الاشقر بأخرى بطعم البرتقال كانت موجودة أمام سموّ الملكة فاعترض هاتفاً:
" هيــه يا ضفدع....لمَ اخذت زجاجتي؟؟!.."

فتح الزجاجة ببرود وقدّمها لصديقته قائلاً بلا مبالاة:
" زوجة أخي تحب هذا النوع من المشروبات مع الطعام أما أنت تطحن الأخضر واليابس لا يهمّك شيء ..!!."

اشتعلت شقيقتي غيرة على زوجها وقالت بحنق:
" هيـه ايها الشبر ونصف....تكلّم مع زوج اختك باحترام!.."

اما صهرنا المبجل ضربه بيمناه على عنقه وقال:
" حسناً ايها الضفدع غداً ستتوسلني لأسمح لك بحمل سليمان ولكن نجوم السماء ستكون اقرب لك!.."

لقد اعتاد على لقبيه الشهيرين من الغليظ والضفدعة وقد ضاعت هيبته من اول يوم امام سمو الملكة لذا لم يعد يهتم...فلينعتوه كما شاؤوا....حافظ على ملامحه بارتخاء وقال بتفاخر واعتزاز:
" مبارك عليك ابنك !..اشبع به."

والتفت للجالسة على يمينه مبتسماً ومضيفاً:
" انا سأنتظر محيي الدين الصغير أو أمل لأحملهما ...ألمى ليست مثلكما انت وضفدعتك لئيمان فهي ستسمح لي.....أليس كذلك يا ألمى؟!.."

اكتفت بالافراج عن ابتسامة خجولة محرجة فهي لم تعلم ماذا تجيب ثم نظرت إليّ لتلتقي نظراتنا اول مرة اثناء تجمّعنا لنلتفت بعدها سوياً للتي قالت تنهره:
" عزيزي شادي....عليك مناداتها بزوجة أخي وليس ألمى حاف..!!.."

رد مستاءً:
" أنا وألمى اصبحنا اصدقاء ....لا داعي للرسميات المزعجة..."

ونظر إليها متابعاً مع غمزة وابتسامة:
" ألم يكن هذا اتفاقنا يا صديقتي ؟!.."

اومأت برأسها توافقه باسمة ولمعة الألم الذي تعيشه لم تفارق عينيها...!!

×
×
×

جاء المساء واستقبلنا ضيوفنا بكل كرم وجود....أجلسناهم في غرفة الضيوف الواسعة والتي يوجد بها طقمان كاملان من الارائك المخملية قديمة الطراز إنما محافظٌ عليها وكأنها جديدة! ..بنّية اللون ..تملؤها مخدات صغيرة ذهبية..!!....وتحت الطاولتين خاصتهما زرابيّ من الحرير بلون سكري مع نقشات بالبني والذهبي....وستائر النوافذ التي تتخذ الشكل الطولي كنوافذ القلعة مكسوّة بستائر سكرية من الشيفون وفي احدى الزاويا توجد منضدة مرتفعة من الخشب المحروق يوضع عليها مشغل الاسطوانات القديم ( فونوغراف) كتحفة ثمينة وعلى منضدة اخرى في الزاوية المقابلة هاتف أنتيكة وجانبه مجسم لسيارة قديمة الطراز وغيرها من التحف تتوزع في الارجاء والثريا تتدلى من منتصف السقف العالي بمصابيح صفراء خافتة وكأنها قناديل...وعلى الحائط الكبير اطار ضخم فيه خارطة الوطن الحبيب....عزّنا وفخرنا!!....وعلى جانبيه آخران صغيران يكتب عليهما الله جل جلاله ومحمد صلى الله عليه وسلم.....هذه الغرفة تتميز برائحة الماضي والزمن الجميل.!!...تشعرني بالدفء والحياة الساكنة بخلاف التصميمات العصرية الصاخبة..!!....في الحقيقة صممت وفق ذوق جدي رحمه الله فهو كان من الاشخاص المهتمين بهذه الأمور كثيراً...!!....
لقد جاء صديق صديقي الضابط (عبيدة) مع زوجته وابنيه وشقيقته من أبيه.....جلست النساء على طقم ونحن على الآخر بشكل شبه منفصل!.....لقد قامت أمي و(دنيا) باستقبالهما أما المدللة تركتُ حرية القرار لها فلم ترغب بالنزول فبقيت معتكفة في الغرفة تنتظر ساعة الخلاص من غريمها ..!!......كانت جلسة ممتعة للجميع الّا أنا كنتُ اتصنع الضحكات ....فبالي مشغول مع من اشغلته....وقلبي يحتضر ينتظر لحظة انتزاع الروح...!!....اعدّ الساعات لتشييعي !!...آه آه لا أحد يشعر بما أعاني ..!!....

×
×
×

تجوب الغرفة ذهاباً وجيئة بضجر....تنظر مرة على المنضدة الفارغة من قفص العصافير فيعتصرها الألم وتحجز غصة في صدرها!!....تستلقي مرة على السرير ومرة تقترب من المكتبة لتحاكي عيناها صورتي !!....وكل المرّات كانت تشعر بطعم المرارة في حلقها مما آل إليه حالها !!...كيف ؟...كيف يصل بها الحال لتعيش كل هذا دون ذنب يذكر؟؟!....لمَ الحياة كانت دوماً قاسية معها ؟!....قررت الخروج من الغرفة لتكسر الملل او تجد شيئاً ترفّه به عن نفسها وتمضي وقتها ولمّا اقتربت من السلالم بنية اختلاس النظر إلينا فضولاً شعرت بصوت آتٍ من غرفة (شادي)...اتجهت صوبها فوجدت الباب موارباً وهو يقف أمام مكتبته.!!...انفرجت أسارير وجهها....وجدت من يكسر مللها الّا أن قلبها لم يذق الفرح اطلاقاً!!....طرقت طرقة خفيفة على الباب....تنحنحت وهمست بنعومة ليلتفت إليها:
" أيمكنني الدخول؟!.."

في البداية كان متجهم الملامح ولكن لما وقع نظره عليها انشرح صدره وغمرته الفرحة مجيباً:
" طبعاً طبعاً....لا تسأليني!..."

اقتربت منه وغضنت جبينها تمعن النظر بالكتاب الذي يحمله بيده يقلّب صفحاته بعدما أعاد بصره إليه وهتفت بصوتها الحزين:
" ما هذا ؟!...ألم تكن في الأسفل مع ضيوفكم؟!؟؟"

أجاب ممتعضاً:
" أجل كنت!!....لكن سامحها الله أمي لمّا علمت أن شقيقة الضابط تدرُس آداب اللغة الانجليزية طلبت منها أن تشرح لي موضوع استصعبه في القواعد...كانت كأنها نزلت عليها من السماء وخاصة أن اليوم عند زيارتها لمدرستي شكت لها معلمتي عن هذا تحديداً..!!..."

ثم أضاف مبتسماً:
" على كل حال من حسن حظي أن شقيقته جميلة جداً والّا لتملّصت متحججاً بأي شيء...."

ضحكت ضحكة صفراء من الغيرة وقالت مازحة لتستفسر اكثر:
" ألهذه الدرجة ؟!...ما الجميل فيها ؟!.."

" لديها عينان خضراوان شبيهتان بعيون القطط..!!..."

اكفهرّ وجهها وتبدّلت ملامحها فتابعت بصوت مجروح:
" هل كنتم جميعكم تجلسون معاً.؟؟!.."

" أجل..!!....تركتُ أخي يشرح لهم انه سيقوم بنقل اوراقها الجامعية للجامعة في مدينتنا بمساعدة معارفه....فقد ترقّى شقيقها وجاءه قرار بالنقل للعمل هنا لذا سيأتون للاقامة في بلدنا وحتى انهم بدأوا بالاجراءات الرسمية..!!..."

أكلتها الغيرة وشحب وجهها اكثر ولاحظ هذا صغيرنا النبيه الذي فهم مكنون عقلها وقلبها فقلب أقواله في الحال قائلاً:
" صحيح لديها عيون القطط....لكن تبقى عيناك هما الأجمل ما شاء الله ...فيهما سحر خاص.!!....لا بد أن أخي يحب عينيك ولا يرى غيرهما!....ألم يقل لكِ هذا ؟!....ثم أنه لم يلتفت اطلاقاً صوبها بل غض بصره!....لا تقلقي!!..."

رفرف قلبها من غزله البريء وكان كأنه أعاد لها امجادها بتذكيرها بالميزة التي تمتلكها واطمأنت لمّا برّأني امامها لكنها ادّعت عدم الاهتمام واثقة بنفسها ودنت منه تمسك الكتاب منحنية قليلاً وكاد رأسها يلتصق برأسه وكانت كأن روحها رُدّت إليها فهتفت بحماس:
"لن أهتم لأمرها.... اصلاً لا تستغرب ان تكون عيناها عدسات لاصقة !!...لا تصدق يا صديقي كل ما تراه ثم لمَ لم تقل لي عن هذا سابقاً ؟؟!...اللغة الانجليزية لعبتي !!..."

وانتصبت تسحب الكتاب منه مردفة:
" اذهب وتخلّص من الفأرة في الأسفل بأي حجة وعد إليّ ساشرح لك!..."

اطلق ضحكة من قلبه وقال :
" يا الهي...حرام عليكِ....فأرة وعدسات لاصقة؟!.."

هدأ قليلاً وأضاف:
" لا اظن ذلك!...فهي فتاة متواضعة ومحجبة وتبدو خجولة.!."

زمّت شفتيها وقطبت حاجبيها بحزن مصطنع مغيرة نبرة صوتها:
" يا سلام ...ما بك غِرتَ عليها ؟؟!...أترغب بأن تساعدك هي ؟؟!....ثم ما دخل التواضع والخجل بالعدسات اللاصقة..؟؟!"

هزّ رأسه يمنة ويسرة رافعاً يديه برفض هاتفاً ليخفف من حزنها:
" أبداً أبداً...لا ارغب!...اساسًا انا اهرب من شرح معلمتي الجاد...فمؤكد الفأرة كما قلتِ تسير على نهج المدرّسات وهذا اكثر ما أكره.....أما معك....يا حلاوة !!....ستحلو الدراسة....نشرح مرة ونثرثر ونلعب مرات....وستقومين انت بحل واجبي !!..."

كشّرت بجدية وضربته على عنقه هامسة بتهديد :
" لا تتوهم أيها الضفدع!!...لا تلاعب عندي بما يخص الدراسة !!..ليكن بعلمك!!..."

جحظت عيناه بصدمة وحكّ عنقه هاتفاً باستنكار:
" أسمعُ أن من عاشر القوم أربعين يوماً صار منهم ....لكني لم أسمع عن هذا من اسبوعٍ واحد!!....حتى أنتِ يا ألمى لم تعتقيني من لقبي العزيز؟؟!....تباً لسامي الغليظ.....سأنتقم منه بابنه ان شاء الله ذاك الاشقر المغرور!!..."

عندما مرّت دقائق لم يأتِ بها شقيقي فصعدتُ له لأن ضيفتنا تنتظره وعند اقترابي من باب غرفته خفق قلبي لرؤيتي لشعرها المنساب على ظهرها ...معذّبي!!...كانت توليني ظهرها وتتهامس معه وهما واقفان دون ان يشعرا بوجودي..!...تباً لها!...ستحرمني الليل والأناناس!!..ضعتُ لثواني وانا اتفحّصها بوَله من رأسها لأخمص قدميها كأني أريد أن احفظ كل خلية وكل زاوية تخصها!!....استغفرتُ ربي وسألته الصبر ..انتفضا مجفلان لمّا ناديتُ بجديّة وصوت حاد:
" شادي!!...ماذا تفعل؟!.."

بحركة متوازية التفتا معاً صوبي متفاجئين فتلعثم هاتفاً:
" أشيرُ لألمى على التمارين التي لم افهمها لتشرح لي...!!.."

بصوت اكثر حدة قلت:
" أظن أن هنالك من تنتظرك...لا؟؟!..."

أجاب بصوت خفيض:
" لا حاجة لها!!...ها هي ألمى يمكنها شرحه لي!!.."

قلت بقسوة وخشونة:
" إنزل حالاً للآنسة دون أي كلمة...هيا!....ستعتاد عليها لأنها ستبدأ بتعليمك دروس خصوصية على طول!.....ولن تحتاج احداً ابداً!!.."

" لكـن....أخي!!.."

" شادي لا تغضبني منك!...افعل ما أمرتك به!.."

طأطأ رأسه بانكسار وسار خارجاً من غرفته وبعد ان اختفى عن انظارنا همّت للخروج هي الأخرى فاستوقفتها مشهراً سبابتي هامساً من بين أسناني بجفاء من شدة قهري :
" لن أسمح لكِ أن تعلّقيه بكِ كما علّقتِني.....اذهبي للغرفة ولا تخرجي حتى ننصرف من هنا!.."

برقت عيناها بألم واجتازتني بعنفوان وشموخ حتى وصلت غرفتي وارتمت مجهشة بالبكاء لتدفن دمعاتها الغالية بين اغطيتي وعلى سريري...!!


~~~~~~~~~~~~~~~~~~

المسافة التي قطعناها في العودة هي ذاتها لكن من ثقل الهموم علينا واتخاذ الصمت خليلاً لنا بدت وكأنها طويــلة طويلة جداً....لقد صليّتُ ركعتين بنية تسهيل أموري وودّعتُ أمي التي علمت عن قرار رحيلنا قبل دقائق قليلة من خروجنا بعدما بُحتُ لها بما يجول في فكري بشكل سريع وسري!!.....تألمت كثيراً من أجلنا درجة البكاء على رفات حبنا خاصة عند عناقها مع كنّتها التي بادلتها ببكاء صامت الظاهر وصاخب الباطن لحظة الوداع وفور ابتعادهما عن بعضهما همست جملتها لأمي..." سامحيني خالة عائشة.....ليتنا التقينا بظروف أجمل من هذه !!..".....اثناء السفر كان هدوئي هو أكبر سلاحي في سبيلي الذي وقعتُ به.... وتجاهلي لها وعدم الالتفات نحوها كان الدرع لحمايتي من سحرها!! .....أما هي كانت مشوّشة...ضائعة....استغربت مني عدم اهتمامي بلباسها...لم ارغمها على الحجاب ولا اللثام...تركتها على سجيّتها !!.....وكان من غير المألوف أن هذا ازعجها ....ناقضت نفسها وحالة الانفصام انتقلت لها فعلاً!!....تتفتت داخلها.....تود الصراخ لتسألني لمَ ما عدتُ مهتماً ؟!....لكن غرورها أبى الخضوع لفضولها !!....المراحل هي ذاتها ....طريق طويل....نفق مظلم قطع أنفاسنا ....كنا كلانا نحتاج بشدّة لمن يمدّنا بالأوكسجين داخله!!...ليس بسبب نقصانه وإنما بسبب شعور يخنقنا ويجثم على صدورنا من حقيقة حاولنا تجميلها او مسحها من أيام عمرنا الّا أنها وقفت لنا بالمرصاد ولم تسمح ولا لأي ظرف كان او مشاعر عشناها في قربنا المهلك لبعضنا أن تؤثر عليها وعلى ثبوتها وظلّت هي العنوان الرئيسي حتى الخاتمة....لم تترك بين صفحاتها أي أثر يذكر لنا!!....فكل نبضة حب وكل لمسة عشق وكل همسة غرام تلاشت مثل لمح البصر..!!.....أدخلتها غرفتي الخاصة في المعسكر وعزلتُ نفسي في غرفة الاجتماعات منتظراً آذان الفجر بينما كنتُ غارقاً في غمرة التفكير...وما هي وظيفتي غير التفكير؟!...بتّ اشعر أن عقلي يعمل كماكنة مسيّرة للظروف والآخرين ولا مساحة ضئيلة فيه من أجل نفسي..!!...كنت افكر بكل خطوة قادمة ساخطوها وكيف سانجح بها راجياً من الله التوفيق...!!...ظللتُ ساعة منعزلاً لوحدي ولم اقترب خلالها الى من احتلت غرفتي وقلبي وعقلي وكل حياتي....!!...بعد الصلاة توجهتُ إليها اخيراً وكانت تجلس على حافة السرير باعتدال ولم اعرف ان نامت ام لم تنم ونظرت إليّ وفي سماءيها تُكتب حكايا بحبرٍ لن ينفذ...!!....حملتُ حقيبتها الصغيرة التي تحتوي على اغراض خاصة جهّزتها امي لها وكنت انا من يحتاج لمن يحمل قلبي..!!....انطلقنا بالسيارة واتجاهنا واحد الى حين وصولنا الى نقطة ستتشعب بها طرقنا لتأخذ منحنياً مختلفاً عن الآخر....!!.....

×
×
×

وصلنا بيتنا لنرسم على قلبينا خطوط النهاية بعد ساعات شاقة استرحنا خلالها بأقل القليل ..!!......كان الوقت ما بعد الظهيرة...!!....بدأت تجمع اغراضها المهمة من الكتُب وبعض الملابس لتضعهم بصناديق كرتونية طلبتُهم من السائق...!!....وبعد ثلاثة ساعات جهّزت نفسها بينما كنتُ استلقي على السرير في غرفتي الخاصة ببيت أبي (ابراهيم)....سمعت خشخشة قرب الباب...قمتُ وفتحته فوجدتها تضع جانبه هديتيّ الثمينتين!!...الحجر والدمية !!.. وقد ثقلت حركتها وانهكها التعب.....رفعتُ زاوية فمي بابتسامة مبتورة تقطر ألماً عندما همست بشجى :
" هنا تنتهي المسرحية ونسدل الستار... لذا ساعيد لك اغراضك!!....لا اريد أي شيء منك..."

ثم انحنت مجدداً وحملت الحجر ورفعته صوبي متسائلة:
" اخبرتني أنك لربما يأتي يوماً وتفسّر لي هذه الرموز.."

تنحنحت باسمة بزيف واشارت للكلمة الأولى هامسة بثقة:
" حسناً هذه عرفتها....فهي الرموز ذاتها التي كانت بقدم العصفور وقد اخبرني شقيقك أنها تعني هادي...."

ثم اشارت للباقي وقالت بجدية:
" اظن من حقي ان اعلم الآن ماذا تعني؟!..."

اسندتُ مرفقي على اطار باب غرفتي وقلت:
" لا تهتمي....لا يعني لكِ شيئاً..!..."

بابتسامة هازئة ودمعات تتظاهر في مقلتيها هتفت:
" اريد ان اعرف فضولاً وإن كانت لم تعنني شيئاً.....لا تستكثر عليّ هذا!.."

" هادي لاجئٌ في سمائك.."

" لماذا؟!...لماذا اخترت هذه الجملة ؟!.."

" لأني لم اعترف باللجوء الحقيقي الّا في سماء عينيك التي كنتُ الجأ إليها آخر الليل في صورتك الموجودة بالعقد الذهبي حتى أنام بسكينة وأمان .....لم اكن اشعر أنني انام في خلاء موحش او خيمة تخنقني...بل كنت اشعر انني محلق في سماء زرقاء صافية تتسع للكون وتكون القاسم المشترك بين كل البلدان على هذه الأرض.... وتجعلنا سواسية...تفيض بزرقتها لتضيء عالمنا دون قيود وبالعدل والانصاف..... لن يصلها احد وينتزعها منا....لن تتعرض للاحتلال الغاشم ...لن تدنس بجرائم البشر ...لن تغرق بدماء الابرياء....لن يصلها الطاغي والمتجبر مهما علا واستكبر....مهما طردونا والى أي ارض هبطنا ستكون السماء معنا وفوقنا هي ذاتها ولن تتغير علينا فلن نذوق طعم الغربة والشتات..!!....النظر للسماء يعطي الطمأنينة...واللون الازرق من أجمل الالوان عندي.....وفي ليلي المظلم كانت زرقة عينيك هي من تعطيني الأمل دائماً ....الأمل بيوم جديد يحمل الحب والسلام.....العودة والاستقرار...والأمل بأن الباطل سيزول وصوت الحق سيعلو!!....في عينيك عشتُ أجمل لجوء الى حين أرسو في برّ الأمان بين أهلي وفوق ارضي ووطني ....عيناك كانت تمثّل عندي عظمة السماء الزرقاء وبراعة الخالق فيما خلق من سحر وجمال.....!!..."

استقمتُ واقفاً وابتلعت ريقي فور انتهائي من خطابي الذي كان من حقها سماعه مني بينما كانت تصغي بكل جوارحها بثبات فأكملتُ في سري ما لم استطع الافصاح عنه ليبدأ حوار صامت بين قلبينا ترسله عيوننا:
" لا ترحلي وتأخذي سمائي ...لا تنزعي مني نهاري ...لا تتركيني في الظلام!.....فبعدك لن اكون بصيرا وقلبي سيغدو ركام..!!....لا تذهبي..."

ليردّ قلبها:
" ايها القاسي لا تكن ظالماً....امسك بيدي لنترك كل شيء خلفنا....تنازل قليلاً من اجلي.!!... ضمني الى حضنك الدافئ...اسكرني في عطرك وانفاسك...اغمرني بحنانك....لا تبعدني عنك !!...اخطفني من هنا لنرحل بعيداً عن الجميع واعدك سأنسى كل ما مررنا به ...سنفتح صفحة جديدة وسأهبك نفسي وسماء عينيّ....ارجوك ضمّني لحضن الخلود يا حبيبي ....ارجوك لا تقسَ على قلبي ولا تجعلني اعيش في صقيع بعيداً عنك...وأنا التي لم انساك يوماً.!!....هل ستجعلني اخسرك من جديد بعدما وجدتك؟؟!...ما زال لديّ الكثير لأحكيه لك عن قصصي مع الهادي..."

لحظات من مناجاة القلوب خرجنا منها على صوت زامور سيارة السائق فقلت:
" ها هو جاء الفرج لترتاحي مني ...!!..."

رمقتني بنظرة لن انساها...رأيتُ فيها الخذلان وأنا المخذول ثم ابتلعت ريقها مع غصة من الرجاء علقت في حلقها واومأت تؤكد على جملتي من وراء قلبها ....!!...

بعد ان حمل السائق اغراضها ووضعها في صندوق السيارة وقبل الركوب تقدّمت نحوي حيث كنت اقف في الساحة وقالت وهي ترتدي قناع القوة والغرور:
" حررتني بسهولة.....اتساءل....كيف لا تخاف بأن اخبر أبي...كيف تثق بي ؟!.."
بايجاز وكبرياء اجبت:
" لا اثق بك....بل اثق بنفسي!!.."

رفعت حاجبها متسائلة وقالت:
" ماذا تعني ؟!.."

" اولاً اجيبيني....تريدين والدك...حياً خلف القضبان أم ميتاً تحت التراب.؟؟!.."

اهتزت حدقتاها بوجل وامتقع وجهها وتسارعت دقات قلبها فصرخت معترضة مشهره سبابتها تداري حالة الرعب التي انتابتها:
" اريده حياً معي....لن تنال مبتغاك!!..."

ضحكت بسخرية وقلت بوعيد:
" لو فكرتِ مجرد فكرة أن تخبريه كل ما عرفتِ سأفجر رأسه ولو كنتِ بين احضانه ....لذا خيّرتك!!....إما ان نتابع مهمتنا ونقبض عليه وتزورينه متى شئتِ.....أو افجر رأسه ولن تستدلي أين قبره !!....لدينا من يراقبه ويعد كل نفس يخرج منه...نعلم متى يجوع ومتى يشبع...."

ضربت صدري بكفيها تدفعني ببكاء عليل مزّق خائني وهي تزعق:
" حقير....انت حقير....اكرهك..."

مسكتُ يديها وقد لبستُ ثوب القسوة لأقسو عليها كما قست على قلبي بعد ان اختارت الرحيل وقلت ببرود مبتسماً بغرور:
" حسناً....حسناً يا صغيرة ....اهدئي.....امزح معك....لا ارغب بأن تعيشي صعوبة الاختيار.....لذا قمنا بالواجب يا ابنة سعادة الوزير!!....."

توقفت عن الضرب لاهثة ووجهها مكسو بلون الدم من انفعالها وبكائها وقالت:
" لا تلعب معي وقل لي ماذا تقصد ؟؟!.."

بكل اريحية ادليتُ بالخبر:
" ستذهبين الى البيت وترتاحي الآن....شبكة الاتصالات قطعت في هواتفكم جميعا وبما فيه هاتف والدك والارضي والشركة ...لقد اخترق الشبكة بطلنا المحترف!!.....وطبعا لن تجدي والدك بالبيت عند ذهابك.."

نظرتُ لساعتي واكملت بذات القسوة والتجبّر:
" ساعات قليلة ويكون في ضيافتنا على الحدود ....لا تسأليني كيف ولماذا؟!......يكفيكِ هذا الحد من المعلومات..!!...انتهى كل شيء!!..."

لمعت عيناي وكاد الدمع يفضحني من قهري وقلة حيلتي...اتوجع فأوجعها...لم اتمكن من اقناعها ...لقد خسرتها....خسرتها للأبد..!!....اذا كُتب لنا أن نذوق الألم....فلنتألم كلانا يا ألمى....ستأخذين روحي وتذهبي وتريدين مني أن اخضع ذليلاً لحبي .....انتهى دورك بحياتي وحان وقت كسب مهمتي وحماية وطني من امثال والدك الخائن..!!.....خانني قلبي لأجلك وانت خنتيه لأجل الوغد....لم تنصفيني ...اذاً هيا لنشتعل ونعلنها حرباً بيننا....!!...

نصبت كتفيها بإباء وهتفت بقوة هشة بعد ان فهمت نيتي دون ان انطقها:
" اعلنتها حرباً يا هادي وانا سأتصدى لها....افعل ما شئت....سأبيع عمري لأثبت براءته...وسأحرص على أن يكرهك قلبي كل يوم في الغدو والآصال.. وفي آناء الليل واطراف النهار..."

وضربت صدرها صوب القلب وتابعت بحرقة:
" وإن عصاني سأكرهه فوق كرهي لك....ستتقلب على الجمر وستلاحقك لعنتي لأنك ظلمتني !!..."

" وإن كنتِ أنتِ من ظلمتِني وظلمتِ حبنا ؟!.."

" اللعنة...اللعنة على حبك ...انت الظالم وانا اكرهك... أي حب تتغنّى به ؟؟!!.."

دنوتُ منها والشرر يتطاير من عينيّ وهمستُ :
" لا تلعني حبي....لا تلعنيه....ستندمين على تفوهك بهذه الكلمة وانت من ستحترقين بهذه اللعنة!!...حبي لكِ أعظم من حياة والدك...شئتِ ام ابيتِ..!!.."

انهيت جملتي ودفعتها بخفة لتركب بالسيارة ووقفتُ وقفة رجلٍ شامخٍ الّا أن حقيقة جسدي كانت مغايرة لا تمت للشموخ بصلة ...كان مثل الزجاج المنكسر وينتظر لتنهار شظاياه في كل مكان!!.....ابتعدت السيارة امتاراً قليلة وأنا القي عليها النظرات الاخيرة وقلبي يستودعها الله بينما لسان حالي يقول:
" عودي!....عودي الى حضني لنلمّ شمل ارضي على سمائك...!!.."

توقفت السيارة فتوقف قلبي ليراقب بهدوء سر هذا التوقف.....أجل هي!!....تعود ابنة الثامنة التي اقبلت نحوي لاجثو على الأرض فاتحاً لها ذراعيّ واضمّها بأحضاني...!!....
لكن ما كان هذا الّا سراب وما كانت الا اسوأ اوهامي!!.....لقد رحلت!!...روحي نزعت روحي ورحلت!....أليس مكان الروح بالسماء؟!...هنيئاً لكِ يا ألمى ...الروح... يا حاملة اجمل ...سماء....اطربي على أنيني وارقصي على اشلائي .....فأنا صرتُ في عداد الموتى!... راحت الروح وبقي القلب مليء بالجروح....ربااه...لا لي سواك يا رباه...اشفِ اوجاعي وابرِئ قلباً كان العشق سلواه فأصبح الغريم والسقم بل أصبح أكبر بلواه..!!....


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

دخلت بيت والدها تحثّ قدميها الضعيفتين على السير بعد الجهد والعناء الذي مرت به وساعدها السائق على نقل اغراضها....لمحتها الأفعى (سوزي) لحظة دلوفها إذ كانت تجلس امام التلفاز في غرفة العائلة المطلّة على بهو البيت !!....رفعت حاجباً باستغراب لمّا وقعت عيناها على الأغراض!!....هبّت لاستقبالها ....ليس حباً إنما فضولاً....نظرت الى الحقيبتين بطرفي عينيها ثم اتسعت عيناها بذهول والأفكار تعصف بها وهمست بفحيحها:
" خير؟!...ما هذه الحقائب؟!.."

أشارت للخادمة (ليلِي ) لتأخذ اغراضها الى غرفتها في الأعلى وأجابت بصوت ضعيف مبحوح:
" أنا متعبة!...اريد النوم وغداً نتكلم!!.."

سألت بفضول:
" ما الذي أتى بكِ بهذا الوقت ومن يهمك امرهما ليسا هنا...أعني....والدك وخالتك؟!.."

صعدت درجتين مجيبة:
" بيت والدي لا احتاج لتحديد وقت لآتي.....عن اذنك انا متعبة!..."

أكملت الصعود فالقت سمومها هازئة بها:
" هل طردك ابن الهاشمي؟!..."

بكل برود لا يشبهها التفتت اليها هامسة :
" سننفصل....هل ارتحتِ يا زوجة أبي الحنونة؟!"

ضربت صدرها شاهقة باستغراب رغم مهرجان الشماتة داخلها وسألت اسئلة دفعة واحدة:
" يا ويلي....ماذا حصل؟؟!....ألم تكونا في رحلة معاً؟؟!....هل كلّمتِ والدك؟!....لأن الشبكة عندنا معطلة!!....يا الهي ماذا فعلتِ ليطلقك؟!....إن علم والدك سيحرق الدنيا !..."

سخرت من نفسها في سرها ..." أين هو والدي ليعلم؟!..."...وتابعت برجاء.." يااا رب..احفظه اينما يكون واظهر الحق وانتقم من الظالمين!!.."

ثم تابعت مشوارها صعوداً للأعلى هامسة:
" رجاءً....اتركيني ارتاح الآن وغداً نتحدّث!!..."

في ساعات المساء نزلت للطابق الأرضي بعد أن نامت كالقتيلة دون ادراك من شدة ما تعاني من كلالة وعياء ...شعرت بالجوع ومعدتها تنادي للطعام.....دخلت المطبخ تضع يدها على بطنها الفارغة...كانت الخادمة ترتب وتنظف مخلّفات وجبة العشاء التي لم تشارك بها بسبب نومها ...!!...اقتربت من طنجرة مغطاه على الغاز لترى ماذا تحوي فأغلقتها بسرعة ووضعت يداً على فمها وفرّت راكضة للحمام الأرضي وقد لاحظت خروجها على هذا الحال (سوزي) التي كانت ما زالت تجلس على المائدة تحتسي الشاي ....انتظرت خروجها بعد أن وصل الى مسامعها صوت معاناتها لحظة تقيؤها ....لما ظهرت لها واصبحت قربها...أمالت زاوية فمها بابتسامة ساخرة ونظرة خبيثة بينما تحتضن بيديها كأس الشاي وهتفت بلؤم:
" هل أنتِ حامل ؟!...مسكينة!...طردك وأنتِ حامل!!.."

صرخت بها بعد ان طفح الكيل معها :
" اووف.... لستُ حاملاً...لستُ حاملاً....لا تفرحي بشماتتك....صدعتم رأسي جميعكم بقولكم حامل.... يكفي... أنا سئمت تحليلاتكم البغيضة!.."

وكانت هنا تقصدني أنا وأمي مع زوجة أبيها....!!

تركت الطابق فهي باتت لا تطيقه من الروائح ولم تعد ترغب بالطعام ومن وجوه تثير اشمئزازها....!!


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

عدتُ الى الحدود....كنتُ قد وصلتُ بعد صلاة العشاء ....لا اصدق ....حقاً لا اصدق أنني وصلتُ الى نهاية مهمتي بتوفيق من الله !!....الخائن ( عاصي رضا ) الآن يتواجد على حدود البلدين...اللجوء والوطن !!...لقد حشرناه في الزاوية!!......ساعات حاسمة بإذن الله وتُرفع الاقنعة وتُسدل الستائر وتكتب النهاية !!....أتتساءلون كيف ؟!....
قبل اسبوع نفّذ صديقي الحبيب وتوأم روحي (سامي) خطتنا بالاشتراك مع اللواء (جمال) صديق السيد (سليم الأسمر) وكانت الخطة فيها مجازفة كبيرة تضعه في دائرة الخطر إن فشل بها !!....لكن ان نجح من أجل الوطن سترفعه الى العُلا.....وخيط رفيع يربط بين الفشل والنجاح.....راهن عليه السيد (جمال) .....الفشل يعني فقدان منصبه بالشرطة.....النجاح يعني ترقية ومنصب كبير في انتظاره !!.....لكن صديقي تعهّد على انجاحها مهما كلفه الأمر بعد التوكل على الله ..ليس لأنه يطمع بالمناصب...بل ليوقف شلال الظلم وليشدّ أزري..!!...لم يبالي بأي نتائج وخيمة ...لأنه ببساطة.....لم يضع الهزيمة نصب عينيه اطلاقاً.....أنا من رسمتُ خطوط الخطة....اللواء (جمال) هو من وافق من تحت الطاولة!!....أظن لا بأس بتلاعب لا يضرّ من أجل منع ضرر أكبر!!....و(سامي) هو من نفّذ مع رجاله !!.......منذ سنوات طويلة تعامل الوغد مع آخر مثله وهو من أكبر تجار الأراضي في دولتنا الأبية والذي يسلبها من اصحابها بطرق غير قانونية واستبدادية ويبيعها لحثالة البشر من داخل وخارج البلاد وكان قد ذاق معه النجاح وطعم المال المتدفق بلا نفاد !!....كانت صفقاته معه من اعظم الصفقات في تاريخه الحافل بالجشع والاجرام!!...ولكن قبل خمسة عشر سنة تم القاء القبض على هذا التاجر المدعو ( سهيل الانصاري) والملقلب بـ (الذئب) بعد حملة كبيرة لتنظيف الخونة أمثاله وتم الحكم عليه بالسجن ثمانية عشر سنة بتهمة خيانة الوطن وجرائم صغيرة أخرى !!.وقد تم سجنه بالسجن الأمني المركزي بالعاصمة مع اشباهه وابناء فصيلته والذي يكون مسؤولاً عنه اللواء ( جمال)....تولّى صديقي مهمة مقابلة هذا المجرم ليتفق معه مستخدماً اسلوب الترهيب والترغيب ....الشدّة واللين ليتعاون مع الفريق باستدراج (عاصي رضا) ومقابلته على الحدود بعد تزييف اوراق رسمية تثبت أنه تم اطلاق سراحه بكفالة مالية كبيرة بالإضافة للسلوك الحسن والتعهد على عدم العودة لنفس الطريق!!....وكان هذا لأن العنكبوت يحمل المكر والدهاء ولا يخفى عنه شيء في القوانين والسياسة وهو من عاش في اكنافها فكان لا بد من احتواء المهمة من كل الجوانب دون ترك أي زلة مع اثباتات رأيَ العين!!....وبالفعل تم التواصل مع (عاصي رضا ) هاتفياً واقنعه لعقد صفقة جديدة مع اغرائه بجلب عدد كبير من الناخبين لصالحه ودعمه انتخابياً وهذا الوتر الحساس الذي تم العزف عليه لأنه يحتاجه بالأيام القريبة أكثر من المال او أي شيء آخر !!....سال لعابه واعطاه الموافقة بكل ثقة إثرَ اجراء اللقاء معه من قِبل صديقي بصفته الذراع الأيمن للـ(ذئب) والوسيط بينهما وقد نجح بمهارة بإتقان دوره وتمت المقابلة في مدينة قريبة لحدود تلك البلاد بعد أن تسلل (سامي) لداخلها عن طريق الأنفاق!!...ثم رافقه الى الأرض الخالية المشتركة بين الدولتين مع سائق الوغد المخلص الخاص به... فكان هذا الشرط الوهمي أي أن يأتي وحده نظراً لحساسية الموضوع وخوفاً من تسرّبه سواء بالخيانة او الخطأ حفاظاً على سلامة الـ(ذئب) وكانت هذه الارض قريبة لمنطقة المعسكر خاصتنا وقمنا بتجهيز غرفتين معدنيتين متنقلتين جوار بعضهما ومجهزتين باجهزة حديثة....مكيفات...شاشات تلفاز...آلات مراقبة مخفية واجهزة تنصت كذلك!!......اتخذتُ أنا والسيد(ماجد) وبعض من رجالنا والـ(ذئب) احدى الغرفتين قبل وصول الوغد وبعد وصوله مع صديقي دلفا الى الأخرى وكان يسير بكل ثقة وهيمنة بشخصيته النجسة ليثبت وجوده ....ألقى التحية على الجالسين من الرجال الذين يرتدون حلل رسمية تليق برجال الأعمال وآخرون يقفون بجسارة وإباء يرتدون لباس خاص بهم ....يضعون نظاراتهم السوداء وايديهم ممتدة أمامهم يضعون كفاً فوق الآخر أسفل بطونهم كوقفة الحراس !!...وكان كل هؤلاء هم عناصر من الشرطة والثوار يقومون بالتمثيلية باحترافية تدربوا عليها خلال الاسبوع ساعات مكثّفة توخّياً للحذر..!!....جلس هو و(سامي) معهم على الطاولة الخشبية الدائرية والتي يوضع عليها قارورات ماء بارد صغيرة ومناديل ورقية وشاشة بيضاء تتدلى من السقف قبالتهم لعرض مشاريعهم وخططهم..!!....مرّ نصف ساعة ولم يصل بعد الرجل المنتظر إليهم فمال الوغد اتجاه صديقي قائلاً:
" ما به بات لا يحترم المواعيد؟!....أليس لدينا أعمال غير هذا ؟!.."

أجابه:
" القليل من الصبر سيد عاصي.....أنت تعلم أنه يأتي تهريباً وهذا يأخذ بعض الوقت!!..."

تأفف ونظر لساعته وإذ بالباب يفتح فيدخل الـ(ذئب) ليقف له (سامي) احتراماً مزيّفاً ويتبعه (عاصي) بضحكات كلها رياء ومداهنة مع مصافحة فعناق ثم يشير له الأول للجلوس أما صديقي يترك مكانه ويدنو الى طاولة جانبية عليها حقيبة سوداء خاصة برجال الأعمال تضم الملفات التي سيعرضونها عليه ثم اقترب مجدداً بكل شموخ خُلق معه لطرف الطاولة حيث الفراغ والاوراق بيده يعيد ترتيبها على الطاولة دون النظر إليها إنما يجول بعينيه الثاقبتين على الحضور هاتفاً بصوته الجهوري الواثق:
" تجمعنا اليوم من أجل صفقة العمر وقبل البدء بشرح ماهيتها يسعدني أن ..."

وأشار للوغد متابعاً:
" أعرّفكم على الركن الأساسي بها والذي يشرّفنا التعاقد معه لإنجاح مساعينا التي نصبو اليها ...السيد الوزير السابق والوزير القادم (عاصي رضا) .."

ضحك بغرور وأسند ظهره للكرسي بعنجهية وثقة ترعرع عليها مدعوماً بإنجازاته النجسة ثم تبادلوا بعض الكلمات والتعبيرات الخارجية بمزاح ليسند الـ(ذئب) بعدها ظهره ويشير لصديقي بصفته زعيمه ويأمره بتصنّع وصوتٍ أجش فيه الثقة المزيفة :
" إذاً لنبدأ ....لأن أعمالنا تنتظرنا ولا يمكننا تأخير السيد عاصي أكثر...!!.."

اومأ له موافقاً واقترب من الشاشة البيضاء حيث يوضع الحاسوب النقال الذي يتم العرض عن طريقه ثم أشار لرجل آخر وهو يمدّ يده ليأخذ الاوراق منه ويوزعها على الجالسين ....كنا نراقب عن كثب في الغرفة الاخرى ردود الفعل وكل ما يجري .....بعد دقيقتين من توزيع الاوراق لاحظ (صديقي) التغييرات التي طرأت على وجه النجس ....اصفرّت بشرته وامتقع وجهه...غمرته الهواجس فأدت لتسارع نبضات قلبه التي جاهد على التحكم بها فور قراءته للأرقام والتواريخ الخاصة بعمليات اختلاس من خزينة الدولة دون ذكر صاحبه!!...اثيرت حفيظته ودبّ الرعب ببدنه الّا أنه حافظ على رباطة جأشه!!....لم يأخذ وقتاً ليعرف أن الأمر مشبوه ومريب !!....لكنه سيحاول أن يتدارك الأمر بأي وسيلة!!....لن يثور قبل التأكد!!......تنحنح (سامي) وقال:
" كما ترون هذه الارقام تابعة لفئة تعرفونها جيداً وعلينا سحق هذه الفئة لأنها تقف بطريق اهدافنا!....ربما لا اهمية لهذه عندكم ....لكنها تهم آخرين يهموننا!!...."

ثم امسك بأوراق جديدة وأشار مجدداً لنفس الرجل ليوزعها وبعد لحظات وبنظرته الثاقبة أحس بتعاقب انفاس المعني بكل هذا وتسمُّر حركته في مكانه....تسرّب الهلع الى قلبه وبدأت تعزق به كل الأفكار السوداوية وشريط الماضي يظهر أمامه..!!..."

سأله الجبل الشامخ بابتسامة جانبية ولمعة عين ثعلبية:
" ما قولك سيد عاصي ؟!.....بما أنك ستمسك منصباً مرموقاً وذا أهمية....يسعدنا أن نسمع رأيك بأمثال هؤلاء وما اقتراحك بشأنهم؟!.."

ماذا يقول ؟!...عقد لسانه!...بل هو من تعمّد على ذلك!!...عليه أن يستجمع قواه ومكائده سريعاً !!....لكن الوقت لم يسعفه عندما تابع الواقف شرحه للآخرين بلا مبالاة :
" هذه الورقة التي امامكم هي نسخة عن تقرير لنتيجة تشريح جثة رجل تمّت منذ ما يقارب العشرون سنة ...!!....القسم العلوي هو المزيّف والذي يظهر فيه أن سبب الوفاة كان سكتة قلبية حادة.....وقد تم كتابة هذا من قِبل رئيس المختبر بعد تهديد المنتفع له ورشوته ببعض الأموال..!....أما القسم السفلي!....يقرّ بالحقيقة والنتيجة الاصلية وهي أن سبب الوفاة هو نقص الاوكسجين في المخ بعد عملية اختناق متعمّدة ....أي جريمة مع سبق الاصرار والترصد!!..."

تصبب جبينه بالعرق....مسحه بتوتر بيده المرتجفة...استعاد القليل من شجاعته الخائرة وهبّ معترضاً باستهجان ونزق ظاهراً عليه وهو يتطلع تارة على الواقف وتارة على الـ(ذئب) الجالس ازاءه:
" ما شأننا نحن بهذه المواضيع ؟!....فليحترقوا جميعاً....اعطنا المفيد لأن الأعمال تنتظرني....يجب أن اكون في مدينتي الساحلية قبل الفجر...."

زلف إليه ببرود ...تناول زجاجة ماء وهو يرمقه بتعالي ونظرات ذات مغزى....فتحها له ومدّها إليه هامساً بنبرة مرحة :
" تفضل سيد عاصي...اشرب واهدأ..لا داعي للغضب.....أحببتُ أن اريك بعض ما يحدث في دولتنا لأنك ستمسك زمام الأمور ويمكنك وضع حدّ لكل هذا .....فنحن نثق بك سيادة الوزير...!!..."

بنظرة حادة نارية رمق الجالس أمامه وقال بتغطرس من رأس أنفه:
" سيد سهيل.....نحن تقابلنا من اجل مصالحنا نحن....انت تعلم ضيق الوقت!....ما لنا وهؤلاء وافعالهم ؟؟!....لو سمحت قل لرجلك أن يعطيني المفيد!....حقاً أنا مشغول جداً وبالكاد سرقتُ هذا اليوم من برنامجي الحافل..!!....عليّ تسوية بقية اوراقي قبل العودة للبلاد...!!.."

قطب الجالس حاجبيه بمظهر درامي جاد ورفع يده بغرور يليق بالدور الذي يحمله وأمره هاتفاً بصوت خشن:
" هيا....اترك كل هذا واعطنا الأهم....السيد عاصي وقته ثمين ومشكور جداً أنه لم يخذلنا ووافق على صفقتنا...!!...يجب ان نمتن له لا لنغضبه..."

اومأ يوافقه بطاعة مزيفة واخرج من الحقيبة قطعة صغيرة وهي عبارة عن ناقل البيانات ( يو اس بي ) ووضعها في مكانها المناسب بالحاسوب ليبدأ العرض!!....كنتُ اشاهد في ثبات منصتاً بكل جوارحي الى أن بدأ العرض وبدأ ثباتي بالتلاشي ثانية فثانية......كانت البداية صور عشوائية للوطن ثم صور لدمار ومخلفات الحروب.....بيوت مهدومة....جثث ملقاة بين الانقاض....دماء تغمر الشوارع......اطفال يبكون....غبار ودخان في كل مكان ....مشرّدين ومهاجرين....حافلات بكميات لا تعدّ ولا تحصى بطابور بلا بداية او نهاية....قوارب مطاطية واخرى خشبية رثة....وأناس يسبحون وسط البحر بين جثث ذويهم....يهربون من الموت الى الموتِ......كنا جميعاً نشاهد هذا الفيلم ونتحسّر على الوطن ومن فيه وعلى الذي حصل لهم بسبب جشع فئة ضئيلة من الخونة!.....كادت تترقرق الدموع في عينيّ لكني اخفيتها...انفطر قلبي وكسته عتمة الألم من الماضي والحال الذي عشناه وما زلنا نعيشه.....لقد كانت مشاهد مؤثرة كلها مآسي تثير في انفسنا اللوعة والاوجاع.....مشاهد تمزق نياط القلوب لكل انسان شريف يحمل في حناياه الضمير....من لم يذرف فؤاده عليها بدل الدمع دماً فهو لا يستحق ان يكون انساناً.....ضاعت الانسانية وحلّ قانون الغاب....بل الحيوانات أضحت ارحم منا على بعضها...!!....كان الجميع يشاهدون بصمت ويحبسون مشاعرهم ....خيّم جو رهيب في الغرفتين....قلوبنا تشاطرت الالم الّا الوغد كان يعيش انفعالاته بباطنه....رهبة... رهبة لم يذقها من قبل.....ارتعدت اوصاله وتملكه الخوف الشديد من الآتي ولكنه ما زال يجاهد للحفاظ على تقاسيمه الباردة!!.....أجفل خارجاً من صراعه الداخلي بعد أن دنا صديقي لطاولتهم وصفق بكفيه سطحها بغل حتى اهتز ما عليها ثم اشار للشاشة هاتفاً :
" انظروا لهذا الحقير....المدعو الطيار....هذا اكبر خائن ....لقد قتل على يده الكثير وكان أهمهم....أكبر مجاهد في الوطن......قتله غدراً عديم الرجولة هذا....!!.."

انفعل صديقي وتوهّج وجهه قهراً بينما كان حالي مثل حاله وأكثر في الغرفة المجاورة......ارهفنا السمع وركزنا الاعين على الشاشة عندما ظهر (الطيار) مكبلاً وصوت وصل الى مسامعنا نعرفه جيداً دون ان يظهر صاحبه ...حتى لا حاجة لنراه...فهو اوقع نفسه وهو يذكر اسمه :
" أنت مجبر على الاعتراف بالجريمة كاملة ...جريمة قتلك للكلب محيي الدين!!...ساوثق هذا كي لا توقعني بغدرك.....أديت مهمتك واخذت المال ....ليس عاصي رضا من يثق بالاوغاد امثالكم.....ستعترف بالجريمة لتحافظ على حياة عائلتك وليعيشوا حياة كريمة كاقرانهم....وإن لعبت معي سأنسف بيتك بمن فيه عن بكرة أبيه.....احذر واطعني لصالحك!!.....إن امسكوا بك سأوكل محامين من اجل الدفاع عنك.....اعتبر هذه هديتي لك.....هيا...اعترف !!...."

كان هذا المشهد محذوف من الشريحة الخاصة بآلة التصوير وقد اعاده صديقنا (بلال) بحكم اختصاصه بمساعدة باقة من المحترفين الشرفاء أمثاله....فغاية الوغد كانت أن يظهر مقطع للقناص فقط وهو يعترف بالجريمة!....لكن عندما يريد الله اظهار الحق يضع لطريقه رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه ....!!....انتهى هذا المشهد ليكون خاتمة العرض ...المشهد الأقوى والأقسى وهو الذي اخفوه عني جميعهم وجاءت اللحظة لأشاهده واعيشه....بينما كان الوغد يغرق في العرق ويلهث من صدمته وهو يفك ازرار قميصه ليحرر أنفاسه....وضع يده على صدره يضغط على قلبه والخوف يلازمه وعُقِل لسانه....وجهه غدا شاحباً شحوب الموتى بعد أن جمدت الدماء في منابعه......لم أعد اتمالك نفسي وقد فرّ هدوئي حاملاً ثباتي معه وأنا ارى ابشع صورة في حياتي وهي لحظة احتضار أبي ....يئن غارقاً بالألم من طلوع الروح والدماء التي تتدفق من فمه وتخرج من صدره كنبع لا يجف دون رحمة!!...وكان المجرم القناص يقول له من فعل هذا به !!.....صرختُ صرخة مزقت احشائي:
" الحقير....سأقتله!!...."

ثم اندفعتُ حاملاً مسدسي الى حيث يتواجد الجميع دون أن يستطع أحد الامساك بي ودخلتُ كالزلزال عبوساً قمطريراً وعيناي تتقدان غيظاً وكُرهاً...لم أضع مرمى لنيران غضبي أمامي سواه....وصلته بعد ان انفجرت كانفجار البركان وبحركة عنيفة امسكته من تلابيبه ووضعتُ سلاحي على صدغه وهو جاحظ العينين من هول صدمته بي لأني خرجتُ له من حيث لا يدري ثم نقلتُ قبضتي لعنقه أحاول خنقه ورفعه ثم سحبه بعدوانية وأنا احشره للحائط صارخاً متوعداً حاملاً كل الكره والغل الذي اكنّه له على مدار السنين:
" يا حقير....لا غيرك الكلب....سأقتلك وانهي حياتك الآن..."

بالكاد استطاع اخراج سؤاله بذهول وارتياب :
" مـن...من أنت...ما شأنك؟؟!.."

كنتُ ارغد وازبد وارميه بنظراتي القاتلة الحارقة كاحتراقي وعروق رقبتي نافرة....كنتُ مستشيطاً بهمجية ولمسه يضني أعصابي....تيارات جسيمة تصعقني....صراعات تفتك بي...وملامحي واجمة من قهري وأنا أجيبه بفخر واعتزاز:
" أنا موتك يا كلب....أنا الهادي ابن القائد البطل الشريف محيي الدين عبد الهادي الشامي أيها الحقير.....سيدك وتاج رأسك.....انتهت اللعبة وحان وقت تحقيق العدالة بموتك!!..."

ازرّق وجهه اثر نقص الاوكسجين وأنا اضاعف ضغطي ولم يعد بإمكانه التنفس وهو يصدر شهقات كشهقات الاحتضار بينما المتواجدون بمن فيهم (سامي) يصرخون بي ...يحاولون فكاكه مني ولكن صمّ السمع عندي وعقلي تلاشى وتملكتني قوة ليس بعدها قوة ....هائلة...خارقة...بل شيطانية وانا اتابع شتائمي به وازيد بخنقي له ووعيدي بإذاقته جحيمي ...حاول السيد (ماجد) اقناعي بشتى الطرق وهو يقف عند الباب ...كنتُ متشبثاً ومصراً على انهاء حياته ...يدٍ تخنقه وأخرى تثبت المسدس على صدغه ثم ارتخت يداي بعد اطلاق الرصاصة واراقة الدماء...!!

×
×
×

فزّت مفزوعة من نومها ...تعاقبت أنفاسها....وضعت يدها على قلبها تهدِئ من روعها ....جالت بنظرها غرفتها المظلمة الّا من اضاءة خافتة للقمر تتجلّى في المكان....تطلّعت الى يمينها حيث تضع زجاجة ماء....تناولتها وشربت أكثر من نصفها لشعورها بجفاف أحلّ بحلقها بعد ما عاشت هذه اللحظات....لا تعلم كابوس أم حقيقة....لكنه شيء مرعب شعرت به يستلّ روحها......سحبت نفساً عميقاً مسدلة الستائر على سماءيها واخرجته على مهل وأخرجت معه دمعاتها ... ثم همست وهي تعود لتستلقي وتسحب الغطاء مع حركتها لتدثر سائر جسدها :
" ماذا جرى ؟!....أ...أبي!!.."

وتابعت من عمق براءة قلبها :
" يا رب...احفظه.."

واجبرت نفسها على النوم بعد حالة الذعر والفزع التي عاشتها...!!

×
×
×

*من ألمى الى هادي*

ضِعتُ وضاعت بيني وبين حالي مشاعر لا أعلم أهي حقا كانت أم لم تكن ..ضُربت طُعنت وإحترقت حتى أُحرقت بما أصاب قلبي وطعن روحي وأشعل نار بعقلي.... أكان حقا هو من أحببت وذبت بحلاوة قربه وتمنيتُ لقائه وبحضنه إحتميت...تُهت بينك وبين حالي ألهادي خُلقت وله حَفِظت قلبي الذي مُلئ بحبهِ ناهض من أجلهِ رفض قرب غيرهِ وهو من كان يتغنى لي بغرامهِ..
أأنت عِشق الروح أم الروح عَشِقت من في يوم به إحتميت وبين ذكرى لحظات إحتواء وبقايا إحتضانه نشأت....
وماذا بعد؟!!! هل الفراق أصبحَ طريقنا..أإلى هنا ننتهي؟!!..أإلى هنا تكتب النهاية ؟!! وهل بدأت البداية لتكتب نهاية ؟؟أم أننا نبدأ بنهاية شئ لم يبدأ؟
بدايتي أنت ونهايتي ستكون أنت..أنت من بدأت العشق والهوى وأنت ستكون نهايته إذا كان للهوى نهاية...فأهلا بك نهايتي.
(( كلمات المبدعة رعد السما ))


**********( انتهى الفصل الثاني والثلاثون )**********



قراءة ممتعة...

اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد عبده ورسوله....


ألحان الربيع متواجد حالياً  
التوقيع
((---لاجـــــــــ في سمائها ـــــــــئ---))

https://www.rewity.com/forum/t484164.html


اللهم كلّما ابتعدنا عنك ردنا إليك رداً جميلاً
رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 08:37 PM   #1349

بيكهيون

? العضوٌ??? » 459193
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » بيكهيون is on a distinguished road
افتراضي

[quote=ألحان الربيع;16074608]يا هلااا ومرحبا...حللتِ اهلا ووطئت سهلا ❤❤

نورتينا يا حلوة😘💕

ان شاء الله كل امورك تمام بالدراسة؟؟😍


جمعتك مباركة🌹
شكرا يا لحونتي و الله اشتقتلك و اشتقت للبنات و دردشاتنا الجماعية بتمنى الكل يكون بخير
الله يسلمك منورة بوجودكم
الحمد لله لهلأ بقدر اتنفس و ارتاح و كانو جبل كان فوق ظهري و انزاح ما كنت عارفة اذا بنتقل او لأ دراستي كانت معلقة في كثير مواد ما كنت ملحقتهم و المنهج كثير كثيف (بدرس صيدلة) فكان لازم انعزل شوي عشان ما اضطر اعيد السنة ..لو عدت السنة لا قدر الله كنتو رح تسمعو اني دخلت عمستشفى المجانين🤣🤣

ايامك المباركة حبيبتي🤍🤍🤍🤍😘😘😘


بيكهيون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 08:50 PM   #1350

بيكهيون

? العضوٌ??? » 459193
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » بيكهيون is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألحان الربيع مشاهدة المشاركة
يا هلااا ومرحبا...حللتِ اهلا ووطئت سهلا ❤❤

نورتينا يا حلوة😘💕

ان شاء الله كل امورك تمام بالدراسة؟؟😍


جمعتك مباركة🌹
[quote=ألحان الربيع;16074612]من هون لاسبوع مش رح تخلصي🤣🤣🤣

الاطفال بستنوكِ هههههه....يلا قولي توقعك بنت ولا ولد والشبه لمين 😉🤭


و الله هلأكنت بعد فالفصول و الصفحات😰😰 4 فصول و 50 صفحة عشان اقرأ الردود و احط بصمتي عليهم🤣🤣🤣🤦‍♀️😎
بشكر الله انك ما نزلتي كثير بغيابي🤣🤣
و الله مش فاهمة بنت او ولد لمين!!
لدنيا و اسمى او لهادي و المى؟
اذا لدنيا و اسامى حقيقة ما بهتم يلي رزقهم بيه الله مقبول🤣🤣
بس اذا لهادي و المى مع اني متاكدة انها حامل و انت بتلعبي بعقولنا🥲 بفضل بنت انا بموت بالبنات بحسهم زي الالعاب عسل فيك تمشطيلهم و تلبسيهم خصوصا الفساتين بطيرو العقل😍😍 انا بدوخ لما بشوف طفلة شعرها ممشوط و لابسة فستان🤣🤣 حلاوة يا اخي
لما كانت خالتي بتترك بنتها معي دائما بصحى الصبح عضحكتها ما بنزلها لحتى لبسها و مشطلها شعرها بحس البنت اكثر حنية دور و تيجي تحضني و تبوسني😍😍 خليها بنت بدي شوف هادي كيف رح يعاملها بحسه رح تكون مدلعة اكثر من دنيا و هي صغيرة و هون المى رح تقطع شعرها لما كانو صغار كانت تغار من دنيا و هلأ بنتها🤣🤣 انا خلص عملت سيناريو بيعجبني
بس كمان اذا كان ولد بحسه رح يكون مدلل امه و بحس هادي رح يربيه احسن تربية بس خليها بنت🤣🤣
يا جماعة انا من الناس يلي تقبل الاطفال بالشوارع🤣🤣🤣🤣 موهووسة اطفال بس بفضل البنات


بيكهيون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:06 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.