آخر 10 مشاركات
1051 - العروس الاسيرة - روزمارى كارتر - د.ن (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أغنية التمنيات -إيما دارسي - عبير الجديدة(عدد ممتاز) (الكاتـب : Just Faith - )           »          74 - زهرة النسيان - مارغريت بارغيتر (الكاتـب : فرح - )           »          أمِـير الأحْـلَام - فانيسَا غـرَانت - عَدَد ممتاز (الكاتـب : Topaz. - )           »          أيام البحر الأزرق - آن ويـــل -عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          اقوى من الحب - ازوكاوود - عبير الجديدة(عدد ممتاز) (الكاتـب : Just Faith - )           »          بعيدا جدا عنك - آن ماثر - ع.ج ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          نظرات في مقال فتى الفقاعة: ولد ليعيش "سجينا" في فقاعة (الكاتـب : الحكم لله - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1634Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-03-22, 11:11 PM   #211

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,640
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي


الفصل التاسع
في زحام قبح الحياة اركض ..
اقفز..
تلاشى الحواجز ..تحاشى ثغراتها!
في الحياة لا تسعى للحصول على حب مثالي, حب افلاطوني , حب لا تشوبه ثغرات!
في الحياة اياك ان تحصل على الحب وبعدها تضيع عمرك.. ايامك.. شهورك وسنواتك في ترميم عيوبه ,في بتر اخطائه, في مسح قبح قد يلوثه! لتكن النهاية مثالي!

في الحياة لا تبحث عن المثالية فالحياة غير منصفة ولا تعرف الكمال!
الحياة اذا فقدتها فانت المنتصر , منتصر لفقد عالم شاع به ضجيج نفس تلبسها يأس في لحظة مستحيل للخلاص من هذا اليأس!
وهي لم تبحث سوى عن فتات حب وخيال عشق وسند كان يهدف لرجل, هي فقط أرادت الزواج ..
ارادت عائلة واطفال!
ارادت الحياة!
ولكن..
الحياة ارادت لها التيه والشتات, حولتها لجمود بلا وجهة, حولتها لأنثى تنشد الدمار والخسار!
وبيدها هي اختارت ان تأذي..
تكسر..
تنحر!
بيدها هي خسرت كل شيء ولا لوم لأي انسان , لا لوم للظروف..
ولا لوم على الحياة ولو غمستها بفساد واختلال نظام فُطرت عليه!
عند المقابر يقف وجموده يحتل قسماته كلها, يرمش بعينيه يخفي تأثراً اصابه ولو انكر , يده يدسها في جيبه يخفي رعشتها..
لا يتخيل إلى الان أنه منذ ساعات كانت هي بأحضانه.. تبتسم ..
تشرد..
تغيم بعينيها..
تطلب عناق..
تطلب كلمة الحب!
وفجأة , تلاشت واختفت .. ماتت!
رهبة الموت تؤثر فيه , الموت اصابه بارتجاج , اهتز قلبه, بل ارتعشت روحه!
يكاد ينهار , يرى جسدها مغلف بقماش أبيض, يقترب هو وشقيقه , يحملوه ويهبطون قليلاً برفقة رجل المقابر..
يستلمها ثم..
ثم يدفنها!
ماتت ميرال..
دفنت..
انتهت ميرال!
انتهى الأمر بدفنها, بعدها وقف الشيخ يردد الادعية والآيات القرآنية..
الادعية وآيات القران يحملون رهبة , يملكون تأُثير على الروح والجسد سوياً!
يردد هو خلف كل دعاء:
-امين..
يدعو الشيخ.. وهو يردد بصوت مبحوح يغالب انهياره:
-امين.. امين.. امين
ينتهى الأمر, ينصرف الشيخ فيلتفت لشقيقه بأعين تخبره أن ينصرف .. يتركه جانب قبرها معتزلاً لبعض الوقت..
انصرف غسان وبقى هو يدور بعينيه ونظراته الفاقدة لأي معنى قد يتصل بالحياة, يدور بعينيه والسماء من الأعلى تنير بشمس فاضت بنور في ليلة شتوية هامت بصقيع ..
صقيع لامس أوتاره كإنسان..
تلك الانسانية التي فقدها , تلك الانسانية التي تنحت جانبا كاتمة صوتها وانفاسها .. تركن لجانب مظلم ..
قاتم..
اسود..
جانب يحمل داخله بقاياه كرجل .. بقاياه كإنسان..
يحمل بقاياه برفقة بعض القهر والتخبط في قاع سقوط نفرت منه الحياة!
يقترب بخطوات بطيئة ويده تمتد بارتعاش تلمس قبرها ..
يتخيل ويتذكر انها بالأمس ليلاً كانت عيناها تشع بقبس حياة خافت..
يخرج صوته بحشرجة مكتومة داخل روحه المنشطرة لشيء لا يعرفه..
-كنت انانية اوي..
يتنهد ويده تمر ببطيء اعلى قبرها وعينيه ترتكز على اسمها المنقوش بحروف سوداء , يهبط جالسا على ركبته غير عابئاً بإتساخ ملابسه السوداء من الارض.. يكمل بنفس النبرة :
-ازاي تعملي كده, تموتي بين ايدي..
قلبه يضج بنبضات هادرة تحرك به شيء غادره, هو يشعر!
لقد غادره الشعور منذ ان غادر شهر زاد والآن..
-ربنا يسامحك ياميرال, ربنا يسامحك
قال كلماته الأخيرة واستقام من جلسته .. يسارع بخطواته الخروج والهروب من المكان الذي حمل رهبة وحقيقة ثابته سينتهي الجميع لها ألا وهي الموت!
بعد نصف ساعة كان غسان يقود السيارة بهدوء, يلقي بنظرات جانبية على شقيقه الشاحب..
يقف به دون أن يشعر الاخر به في طريق لا تسير به السيارات, طريق هادئ ..
يلتفت به وهو يتخلص من حزام الأمام يهتف بأمر:
-انهار.. صرخ.. انت مش مظبوط ..
يرتج جسده, يتشنج.. يحاول الفكاك والخلاص من رهبة تهاجم روحه, ضعف يشقق اسوار قلبه الجليدية..
يزمجر غسان وهو يضرب ذراعه بعنف:
-فيك ايه, قلت اصرخ, انهار ولا عيط..
ينفجر مع اللكمة الصغيرة, وصراخ أخيه يصرخ.. يصرخ وهو يلتفت له ويده ترتفع تضرب فخذه بطريقة رتيبة متتالية:
-ماتت, ماتت وهي بين ايدي, ماتت بين ايدي.. انت متخيل بين ايدي..
يصمت , يلتقط أنفاسه الثائرة, صدره يعلوا ويهبط بعنف.. يضرب صدره وقلبه.. يعاود الصراخ:
-ماتت بين ايدي ياغسان.. كانت حاضنة مروان..
عبرات متجمدة تهاجمه وتهدد بالحرية .. يهز جسده يصرخ :
-ماتت روحها طلعة في حضني..
يده تخبط موضع قلبه يكمل بصياح نبرته على أولى خطوات السقوط:
-قلبي .. قلبي واجعني قلبي بيتحرك..
يدفن وجهه بين راحة يده يكمل باختناق :
-موتها صدمني!
يتأثر الأخر بحالة اخيه الراكدة لأحضان انهيار حقيقي , يربت على ظهره بقسوة , يجبره على الاستقامة, ولسانه يهتف بسؤال خرج حاداً..
سؤاله كان يحمل توجس وحذر أن تكن الإجابة نعم:
-انت حبيتها..
يصمت أمام نظرات اخيه التي تعددت فيها الملامح بين تعجب..
استيعاب..
حيرة..
صدمة..
يكرر غسان بخشونة وهو يلكزه في كتفه الأيسر:
-انت حبيت ميرال..
والاجابة باترة , الاجابة اطلقها هكذا بسهولة وهو يقول بنبرة صادقة وصبت لغسان سريعاً:
-لا محبتهاش, مفيش مشاعر في قلبي ليها ..
يمسح جبينه المتعرق رغم زخات المطر التي بدأت تهبط من السماء , تشقق الأرض بقطراتها:
-ميرال ام ابني ياغسان, كنت معاها الفترة الاخيرة..
يصمت, يتابع المطر من زجاج نافذة السيارة قبل يهمس أخيراً بجملة واحدة:
-الموت له رهبة ما بالك هي ماتت بين ايديا !
كان صادق في كل كلمة, صادق في كونه لا يحب ولم يعد يألف دقات القلب للحب!
صادق كصدق قلبه الماثل كوتد بأرض تأبى الاستمرار بالتمسك به ولكنه يصر البقاء بها!

أما غسان كان يستعيد تركيزه وهو يعود لمقود سيارته , يقودها في صمت تام..
صمت يخيم اجواء السيارة تاركه لصوت المطر طرب اذنهم بتراتيله وهو يصطدم بهيكل السيارة من الخارج ..
ولكن داخل كل منهم كان ضجيج خاصة غسان الذي لا يعرف هل يشكر القدر على موت ميرال بين يد يامن فيستعيد هو بعض من انسانيته المفقودة منذ سنوات..
ام يحزن عليها لأنها ام تركت رضيعها بالنهاية!
ام يشمئز ويشمت لأنها سبب خراب حياة مريم!
وهنا أخطئ والتساؤلات تتصارع هل كانت ميرال هي السبب حقاً؟!
أم انه كالعادة يجب الصاق كل الذنوب والخطايا بالأنثى ولو اجرم الرجل !
وصلوا أخيراً للمنزل حيث هناك مريم!
التفت لأخيه وهو يتذكر صدمتها حينما اتت ومعها ضيفتها تلبية لدعوة عشاء اصر هو عليه, زفر باختناق يطوقه بنيران مشتعلة حنقاً من الموقف.. ولسان حاله وعقله يردد ليته ما اصر وليتها ما قدمت لهذا العشاء المشئوم!

فبعد ان اغلق مع يامن بملامح واجمة بعد ان استمع لنبرته الجامدة رغم ارتعاشه خفية تتغلغل بالحديث..
تسأله فريدة بقلق وهو تحمل تعجب تضج به ملامحها:
-فيه ايه يا غسان..
واجابته كانت كنصل سيف سأم المعرفة التخمينية لإصابة الهدف, ونشد المعرفة اليقينية مباشرة, فان لم تعرف مريم اليوم ستعرف غدا!

وهو أكثر من يعرف ان الغد دائما مؤلم وموجع وكأنك تتلقى سهام مسمومة بغدر الأقربين فتكن روحك القربان لهذا الوجع الصارخ..
-ميرال ماتت..
وفريدة تنطق بعفوية غير مقصودة بالمرة, تشهق وتكبت شهقتها بكف يدها :
-مرات يامن!
سبة محملة بالوقاحة خرجت منه داخل روحه لم يقدر أن يلفظها, ولكنها سمعت بوضوح وهو يهمس:
-غبية!
وحينها شهقت مرة أخرى وهي تلتفت لمريم الذي شحبت فجأة وكأن وجهها غادرته الحياة, رغم تلك الأنفة والشموخ الذي لم يهتز للحظة من الحدث الدائر..
رغم ان روحه في تلك اللحظة كانت تسقط في ظلام دامس لا نور به! روحها تهيم بليل قاتم في ليلة شتوية برودتها قارصة..
همسها خرج بالنهاية رغماً عنها:
-هو يامن كان رجع لميرال..
والاجابة هزت رأس وصمت قطعته هي برحيلها عن المكان حيث حديقة المنزل.. ودت بعدها الرحيل الان ان موجة المطر الشديدة والعاصفة الشتوية التي حدثت فجأة منعتها من الرحيل وهو لم يسمح لها بذلك حتى وان رفضت البقاء!
زفر بعمق , يرمق اخيه بغضب ولوم, وبعدها هبط حيث مروان القابع مع فريدة ووالدته!


أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-22, 11:11 PM   #212

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,640
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

بإحدى الغرف كانت تجلس مريم على السرير في وضع متكئ شاردة ..
تائهة..
محبطة..
ويمكن ان نقول محطمة!
اما عاصي كانت تنظر للمطر الذي لم يتوقف الا لساعات قليلة !
تتذكر حب ناصر..
عشقه لها..
جنونه معها اسفل المطر!
تتنهد بيأس وخيبة مريرة تحتلها من هذا القلب المتألم بعد غياب ليلة واحدة عنه فماذا عن الايام القادمة!
تلتفت لمريم الشاردة .. تهمس وهي تريح ظهرها للنافذة خلفها بنبرة بها توسل :
-مريم هل يمكنني طلب امر ما؟!
خرجت مريم من الشرود الذي تلبسها , تعتدل بجلستها, ترمقها بسخرية وهو تضع يدها اسفل ذقنها تهتف بتهكم صريح:
-عاصي لن نتصل بناصر!
الصدمة تحتل الأخرى وهي تقترب منها قائلة :
-وكيف علمت ان هذا السؤل؟
تهز الاخرى كتفيها وهي تستقم من مكانها ويدها اليمنى تتخلل خصلات شعرها القصيرة بانسيابية قبل ان تدور في الغرفة رادفة بنبرة هادئة:
-لأنه ببساطة هذا مدارك عزيزتي!
تتعجب وهي تتأملها تتدور حتى ارتكزت بجسدها للنافذة وعينيها مسلطة للأسفل خلف الزجاج..
-كيف ؟ ماذا تعني بمداري؟!
ترفع اصبعها بالفراغ ترسم دائرة وهميه عدة مرات وهي تهمس بفتور:
-مدارك اي ان تلك الروح المختبئة داخل ثنايا جسدك لا تعرف..
تصمت وهي ترفع أصابعها تكمل عليها :
-ولا تشعر..
ترفع أصبع اخر:
-ولا تهفوا..
ترفع الباقي وهي تكمل مرة بعد مرة:
-ولا تنشد , ولا ترى ولا تحلم سوى به..
تشرد عينيها وتغيم في ذكريات بقى منها صور مبهمة رغم الاثر العميق داخلها كندبة مهما طال الزمن لن تزول!
-انت كلك .. جسدك , روحك, صوتك, انفاسك كل هذا يدور لمدار ناصر ..
تهم بالاعتراض فترفع يدها بلهجة تحذيرية:
-لا تكذبي واجهي نفسك عاصي..
تتهدل كتفيها تكمل بلغة الشرح وعينيها توليها كل الاهتمام:
-جميل الحب والهوى, سعادة هي ان تعشقي, وكم هي منتهى الفرحة عندما تتزوجين هذا الحب! ولكن..
عبرة تتمرد فترجع رأٍسها للخلف تكبحها بقسوة تكمل بهدوء:
-اين انت؟ اين عاصي؟ تطمسين هويتك به ..
تدافع عن حالها وهي تبتر الحديث ويدها تلمس موضع قلبها النابض:
-انا احبه..
تصرخ مريم :
-بئس العذر وبئس الذنب!
تمسح وجهها وصدرها يعلوا ويهبط عدة مرات , انفعالها يفور بأوردتها, ادرنالين يضخ داخلها فتثور رغماً عنها..
-الحب لا أن تبقى ظل له, الحب ان تعشقيه وتعشقي حالك..
ترق نبرتها وهي تكمل بأعين تحمل من الوجع والخسارة الف ميل:
-صدقاً عاصي لو كرهت حالك لكريهتيه مع الوقت, وحينها سيضحى كل هذا سراب, وهم!
رنين هاتفها يقطع كل ذلك وهي تمسك هاتف بانزعاج وفمها مزموم بتأفف, الرقم من فرنسا!
ولكنه لم يكن ناصر..
تضغط على زر الاجابة واذنها تلتقط تلك النبرة الخبيثة كصاحبها الذي لا تستسيغه الى الان..
-اهلا بالعروس الهاربة..
تعرفت على صوته منذ أول كلمة نطقها , تكبح تذمرها وتكبح رغبتها في اغلاق الهاتف وتهشميه , تجيبه بنبرة باردة:
-اهلا بمركز التطفل السطحي وقوة الازعاج المؤذية..
فتح فمه بصدمة على الطرف الاخر وعينيه تدور بتعجب, ولسان حاله يهتف تلك الأنثى نارية..
بل هي النار ذاتها!
نار مشتعلة بأطواق ورد رقيقه لا يحرقها اللهيب بل هي تقف وتقاوم وتزدهر!
ينتشي بما قذفته به وهو يردف بأعين لامعة ببريق لا يعرف سببه ولا نهايته ونبرة خبيثة.. ماكرة.. نبرة أثارت غضبها .. غيظها.. وحنقها:
-الحديث من بين شفتيك يطرب أذني .. ولو كان سباً..
يصمت وهو يضيف بعد لحظات قليلة يستمع فيها لأنفاسها الهادرة غضبا وهو يهمس بل يصرخ منها..
تلك الأنثى تخرجه عن حدود تعقله.. والصدمة تتخلله والسؤال هنا ما به؟
يكمل مرة أخرى بنبرة متمهلة للغاية:
-يا عروس!
تصك اسنانها , يدها تنقبض بعنف, تصرخ به :
-ماذا تريد لما تتصل, ايها ال..
لم تكمل وهو يبتر صراخها ويقاطعه ببرود تام:
-لا تصرخي يا لك من مزعجة.. ثرثارة!
تشير لجسدها وكلها يشتعل وكأنها كانت تحتاج لهذا الانسان الغريب:
-انا ثرثارة..
اجابته كانت سريعة وهو يضيف بلا مبالاة:
-اجل واستمعي الي اذا اردت الرحيل فمرحبا, لكن اعدي لنا عاصي , عاصي رقيقة ولا يمكن ان تفكر بالهرب من حبها وتوأم روحها.. اما انت..
يزم شفتيه وكأنها تراه , يتمهل في الاكمال , تخرج الكلمات ببطيء خبيث أثار بها امتعاض يزداد ويفور:
-انت لا تعرفي الرقة, هل شجعتيها على الهرب من أجل ان تتحول !
تكاد ترد عليه ولسان حالها يردد
-تتحول.. وانا لا اعرف الرقة!
ولكن تستمع لناصر الذي اختطف منه الهاتف صارخا بعنف تشعر أنه يكاد يطير اليهم:
-اين عاصي مريم, لن اسامحك على فعلتك ابدا ..
تضحك وتضحك..
تضغط على زر مكبر الصوت , فتستمع الأخرى لصوته بأعين دامعة .. متأثرة أثارت حنق الأخرى!
-عاصي هنا ستحصل على حياة جديدة , ستعمل وترى الحياة بأعين جديدة ..
ترتكز عينيها على تلك الدامعة في صورة هي تعرفها , صورة تألفها, قالب احاطها لسنوات.., سنوات تسرق منها ثبات تحصل عليه بعد حرب ضروس مع النفس المهتاجة بصخب خيبات توالت بسقوط مدوي اعلاها:
-ستتغير ناصر وبعدها تقرر تعود ام لا..
همستها بشرود ونظراتها مشتتة باختناق يجرفها لبعيد .. تنفضه سريعا وتشاكس بمكر خرج في حروف كلماتها :
-وبالطبع انت تعلم كيف ان عاصي مبهرة الجمال, ستدير الرؤوس يا اخي!
انهت الحديث وبعدها اغلقت بأعين مبتهجة خاصة وهي تشعر بجنونه المتقافز خارج حدود العقلنة التي ثبتت داخله طوال الفترة التي عرفته فيها!
تواجه نظرة عاصي اللائمة, الغاضبة, المتألمة, تلك النظرات التي اغرقت العين في سقوط وجع مدمج بالحزن ولا سبيل للخلاص!
وكأن الحب طاغية بأسوار اغراء عندما نواجهه ونتمرد عليه نرتد عند تلك الاسوار خائبين !
فتثبت حقيقة واحدة الحب لا خلاص منه الا بندوب!

اما على الطرف الأخر كان ناصر ينظر للهاتف الصامت بين يده بصدمة..
الظنون والصور وبعض الخيالات القاتمة تنسج داخله فتشعل نيران بركان خامد ثارت حممه وتمردت فأحرقته.
ناصر مبهرة الجمال , الكلمة تتكرر داخله وتزيد من ضجيجه , قلبه ينبض بصراخ هادر وعقله لا يرحمه من التفكير!
يضحك صديقه وهو يصفق بيده بينما يردف بابتهاج ومتعة يتعجب هو من نفسه لذلك ويثور الاخر حنقا من ضحكه..
-مهما كان , تلك الانثى مبهرة..
يبتر الحديث ويده ترتفع تصفق مرة أخرى ويده تربت على ظهر صديقه بمواساة وضحكته يكتمها بشق الانفس :
-انت شامت بي..
همسها بتعجب فيجيبه عاصم سريعاً وهو يضحك تلك المرة دون مواره:
-لا, ولكن هي فقط اعجبتني .. انثى مختلفة ..
يبتسم بزاوية فمه ويده ترتفع .. تتخلل خصلات شعره ولسانه يردف بتأثر:
-حقا مختلفة!
ومرحباً بالاختلاف, مرحبا بها وبجموحها, مرحبا يتلك الغريبة النارية!
مريم لا يعرف لما يشعر انها متوهجة تشبه ذلك المدعو برومثيوس في اساطير الاغريق الذي سرق النار من موكب الشمس..
سرقها واعطاها للإنسان فوهبه النور والدفء ..
*وايضا هي انثى نارية سرقت وهج الأمل من داخلها واعطته لمن حولها !******************************


أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-22, 11:12 PM   #213

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,640
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

بالأسفل كان يحمل طفله بين يده, يحتضنه وقلبه مع الصغير ينقلب حاله للنقيض!
يحتضنه غافلاً عن تلك التي هبطت من الأعلى, تلك التي كانت تقف على مسافة قصيرة , فقط بعض الخطوات المعدودة وتكن بجانبه..
عينيها تمر عليه بتدقيق .. عينيها تحدق وتتملى, نظراتها تلوذ بقهر , وقلبها ينبض بصخب, دقاتها تتسارع وعقلها يفور بانفعال ثائر عليها!
حالتها هنا بين ان تعي وان لا تعي لذلك الزحام المتزايد بجلبة!
جسدها يقشعر لذكريات جمعتها به , ذكريات لم تجد بها ما يشعرها بالفخر, فقط ذلها وسقوطها مرة تلوا الأخرى!
حتى مات بها شيء لا تعرفه سوى انه مات مع جنينها!
يدها تهبط تلمس بطنها بارتعاش وجسدها يرتجف من الداخل , تُزلزِل روحها وتشقق جرحها وفتحت الندوب بقيح فاسد مسموم!

صورته مع صغيره تُرسم داخل روحها بحد سكين انصهر بالنار , سكين يميل .. يخط خطوط الرسمة بحرفيه , عينها تنظر له وهو يحاوط صغيرة وقلبها يدق بالسكين ويقلد ما تراه العين على صفحات الروح!

تقترب دون ارادة, دون وعي , بلا ادراك وقدرتها على التوقف تختفي..
يلتفت لها غسان مغمض العين وقلبه يتألم لأجلها ولكنه لا يعلم لما يشعر انه ربما حان وقت المواجهة والبتر ..
حان وقت البداية!
اقترب من يامن الذي اخبره منذ قليل ضرورة ذهابه من المنزل لوجود مريم, يحمل منه مروان مشيراً بيده لفريدة ان تلحق به..

فيبقى هو وهي!
يتأملها دون حديث, يأثرها بعتمته وتقتله بنورها المخترق لغبشة فجر ملبدة بالغيوم في مداره!

ترى فيه حب وعشق وهوى تم دفنه بل تم نحره على يده التي حملت سيف محمي في نار الخيانة فنزف وتشوه !
حزنها يخرج منها محمولا على اكتافها.. حزن ثقيل احنى رأسها للحظة!
حزن نفضته عنها سريعا عندما انقبض القلب , ترفع رأسها له تواجهه بأعين متألقة!
اللقاء هنا كان بعد عام!
يقطع هو الصمت ويده تتمرد عليه تود لمسها , تود أن تتخلل خصلاتها..
يود لو يخرج بها غضبه وحزنه عله يرتاح من تلك الحالة التي لبسته منذ الأمس وميرال تلفظ روحها بين أحضانه!
-حمد الله على السلامة يامريم!
تصيغ السمع وتستنفر حواسها , تهزأ بفمها الذي التوى أمام عينيه هذا الفم الذي لم يرى منه سوى دعوات للحب!
ذلك الفم الذي لم يجد منه سوى أن تزمه تكبح شهقاتها من تسلطه !
الان هذا الفم يسخر ويلتوى تهكماً منه, تجيبه بجمود وهي تجلس على المقعد المقابل له , تضع قدم أعلى الأخرى ويدها ترتاح بأناقة أعلاها..
-البقاء لله ..
تحتل عينيه , هي في تلك اللحظة تصارعه .. تقاتله .. تتحداه ! فيتشقق ذلك الصقيع المكوم على جدار القلب.. تضيف بترقب والاذن تترصد الاجابة:
-اكيد زعلان على مراتك..
تنطق الجملة الاخيرة وهي تسحق كل شيء يجبرها على الثورة به , تكبح رغبتها بصفعها مرة..
اثنان.. ثلاثة وأكثر!
انا هو فبداخله صوت يزأر , صوت يصفعه , يضع الحقيقة أمامه عارية ..
-لقد تغيرت!
يعاود تأملها وهو يرتكز بنظراته داخل تلك العين المتألقة , هذا التألق الذي كان له من قبل ..
يهمس لحاله هي بهيئتها .. رقتها.. كل ما فيها كما هو، قارورة عسل كما كان يراها بالماضي!
ولكن...
هناك ما اختلف، تلك النظرات التي تابت عن أن تهيم به..
تلك الملامح التي ملت منه..
ذلك الكبرياء المرسوم بجسدها كله يخبره انها تحررت..
هذا القلب الذي يشعر بل هو اكيد..
هذا القلب كفر بالحب الكامن له!
يتشتت.. يتخبط يحيا بتيه ويدفن حيرته بقناع من صقيع بارد..
قناع ثلجي يجيد رسمه !
_اتغيرت..
يهز رأسه ونظراته تلفها..
تحتلها....
تقاومها..
ولكن لم تفلح كما الماضي أن تأثرها..
يعاود الحديث بذهول التقطته و لو اخفاه..
-انت مين, اتغيرت يامريم!
ضحكة رقيقة ساخرة تلاعبت به وهي تهمس بقسوة لم يراها بها من قبل..
قسوة كانت من صنع يده وحده هو من وضع بذرته وراعاها يوما بعد يوم حتى اسقطها من مخبأها للعلن فيرى زهرة سوداء تغذت على خيانته :
-انا تلميذة اتعلمت منك..
يدها ترتفع لخصلاتها تداعبها بينما رأسها يهتز محدثا أمواج على شاطئ وجهها تخفي ملامحها الشاحبة..
-اول مرة اشوف في عينك حزن..
يجيبها بهدوء وعينيه تتهرب منها
-مش حزن زي مانت فاكرة
فتردف سريعا بسخرية متجاهلة نفيه:
-وبتتهرب بعينك كمان , لا داحنا اتطورنا خالص..
تفرقع بأصبعها .. تقف أمامه .. بالقرب منه , تترصد انفعالاته هاتفة بتهكم:
-بركاتك ياميرال خليت يامن ابو العزم يهرب بعينيه..
تلتزم الصمت فتميل برأسها .. تتصنع التفكير وهي تقول :
-دانت لما كنت بتيجيلي بعد خيانتك ليا معاها كنت بجح
تغمض عينيها هربا من وجع ضرب شاطئها , تفتحها مرة اخرى وهي تهز رأسها :
-انت عمرك ماهربت من عيني يا يامن

يدافع عن نفسه , يخبرها بحقيقة لن تراها هي بينما هناك بقلبها طعنة ما زالت تنزف حيث أن الخنجر لم ينتزع بعد..
-الموت له رهبة..
تتلاشى المسافات بينهم وهي تقف قربه تكاد تختلط انفاسها به! تلك الانفاس التي كانت بالماضي تفقد الوعي منها , تفقد ثباتها, تفقد حالها!
تود هنا أن تمسك برقبته تزهق روحه, تستمع لأنفاسه المختنقة كما اختنقت هي, كما زهقت روحها هي..
ترفع يدها تخبط بعنف أعلى قلبه وكلماتها تخرج بغل حقيقي لا زيف فيه ولا تجميل:
-وابني لما مات ما كانش له رهبة..
يرتد بعد لحظة فقط لحظة يتذكر فيها موت جنينه الذي لم يسكن رحمها سوى اسابيع..
يبتعد عنها , يستمع لها بهدوء , يعطيها المساحة هذا ما يعرفه وما يعلمه ..
-ابني مأثرش فيك كده ليه.. مكنش موته له رهبة..
قالته ويدها تلك المرة تخبط صدرها بعنف وهي تضيف بصراخ وانهيارها يمسك برقبتها يخنقها .. يزهقها:
-وانا بقع قدامك والدم بينزل مني مكنش له رهبة ..
تذهل عينيها وهي تستوعب كل شيء وكأن الذكريات هنا تتمثل كمسلسل تليفزيوني كئيب, حبها وغبائها..
خضوعها وكسرتها..
تذللها للعشق وسقوطها اسفل مقصلة الخيانة!
تضيف بنبرة مختنقة وهي تقترب منه ببطيء يدها ترتعش وجسدها يرتجف بل كلها على الحافة يناور السقوط:
-بعدي عنك مكنش له رهبة..
يدها المرتعشة تتصلب وتثبت وهي ترتفع للأعلى بهدف الصفعة ..
يدها تهبط قرب وجنته وقرب جسده الذي كان متقبلاً اي فعل قد يصدر منها ثم فجأة تتراجع.!
يدها تهبط للأسفل تلتصق بجسدها ..
رأسها يرتفع بأنفة , كبرياءها يعاود رسم هالته.. تعود لقوقعتها الباردة..
انكسارها يعاود لتلك البقعة المظلمة داخلها !
ولسانها يهتف بترفع :
-حتى القلم ده انت متستهلوش يا يامن!
تبتعد عنه , توليه ظهرها, تضيف كلمة اخيرة قبل الرحيل:
-انت ولا حاجة..
واجابته كانت الاسرع , اجابة تجاهلتها وهي تكمل سيرها دون توقف:
-انت كدابة انا كل حاجة, مسيري ارجع لكي , ميرال سايبة ليك امانة عندي..
كلماته ترددت بصداها داخلها كالفراغ الذي تسمو الروح للتخلص منه..
فتترك الصورة رجل قائم في سطوته بالجمود ونكران العشق..
رجل تشبع بالتهكم من النهايات الوردية..
وانثى لم تعد تهوى النهايات الوردية بل باتت مثله !
هي انثى تشكلت كجوهرة
لينه ..
نفيسة ..
شفافة ..
وبين يده باتت.. جوهرة صلبة..
باهتة..
معتمة..!


أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-22, 11:13 PM   #214

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,640
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

الحب ..
كلمة وحيدة تقف دائما وأبدا وحيدة أمام العنف..
الحقد..
الاحتقان..
الحروب!
تلك الحروب المشتعلة داخل النفس المتوترة بحثاً عن حنان ورأفة عاطفية وجسدية!
عينيها في عالم أخر ويدها تتعرق بعد لقائها بماجد هذا الصباح, صدمتها وهي تستوعب وصوله لبئر اسرارها المعتم في صندوق خشبي ثقيل داخل روحه المشبعة بالخسارة!
رهف الأنثى التي كبرت بمنزل لا يعرف العاطفة بل يعرف ان الحياة تدور بتروس قد تفتتك لأشلاء اذا وقفت لحظة عكسها.
تلك اللحظة الذي اتى بها رجل كما قال والدها لا يعيبه شيء..
رجل مطلق ولكن سعة الحال تغني..
والدها كان عند موقفه ورأيه يخبرها ببساطة ان تلك الزيجة سيكون نهايته عقد القران ولو صرخت رفضاً.

والدتها كانت خيال لرجل فقط, ما يقوله الاب تؤمن عليه دون زيادة..
وجاء العريس, ومنت نفسها بالسقوط في شغف الهوى فكانت النهاية بئر الزواج!
رسمت الأحلام حيث دهمة الحب وغيمته في قيس وليلى ..
تمنت روميو و ان تكن جوليته ..
ان يكن زوجها المجنون وهي ليلي..
كانت حالمة بامتياز.., ولكن زوجها كان تقليدي ورغم ذلك مالت له وباتت تكن له المشاعر !

وعندما اراد القدر ان يمنحها الابتسامة بطفل صغير توفى الزوج بحادث, توفى بعد أن اخبرها بحبه هو ايضا, كان زوج تقليدي يهوى الروتين ولكنها هامت به واحبته..
احبت دفئه ومراعاته لها, احبت قلقه عليها حين المرض..
عادت بذاكرتها لذلك اليوم بعد ان توفى بشهر عندما جاء أقربائه لزيارتها في منزل والدها!
جلس ابن عمه الاكبر يهتف بنبرة خشنة , فظة وعينيه تمر عليها بطريقة أثارت بها النفور:
-طيب يا رهف انا والعيلة جينا نبلغك حاجة مهمة..
صمتت تبتلع ريقها وشعور عارم يلفها بالتوجس والقلق..
تنظر حولها في الغرفة تستنجد بوالدها الجالس بصمت يراقب فقط..
-رهف جمال طلقك قبل مايموت..
الصدمة وبعدها ارتجاف .. جسد متشنج ورعشة تحتل اوصالها وترهب دواخلها.. تخرج كلماتها بتقطع:
-انت بتقول ايه هو مين الي طلقني ..
يجيبها بهدوء وبرود , يجيبها وهو يشعل لفافة تبغ يسحب انفاسها ويخرج أمام وجهها دخانها الكثيف !
-بصي يارهف جمال تجارة العيلة كانت في ايده واحنا مش هنستنى انك تجيب ولد ياخد كل حاجة..
ترتعش ويدها تلتف تلقائيا في وضع حماية على بروز بطنها الصغير..
تلمع عينيها بعبرات شفافة ولسانها يهمس :
-انتم عاوزين مني ايه..
يبتسم وهو يستقم من مكانه يلقي نظرة لباقي الاقارب القادمين معه فيتبعوه وكأنهم في اتفاق ضمني غير معلن:
-الي في بطنك ينزل وهنراضيكي بقرشين..
تستنجد بوالدها الجالس بلا ردة فعل وتعود لقريب زوجها الراحل متحدثة بنبرة مرتعشة:
-انا مش هنزل الي في بطني..

وكانت الكلمة وبعدها كانت البداية..
بداية كانت اولى خطواتها طرق على باب منزل ابيها ونسوة بهيئة ضخمة يمسكون بها..
صراخها كان مكمم بقماشة والمها كان حد السماء !
عينيها ذرفت الدموع وقلبها تمزق صارخاً بوجع أزلي..
وجع كان يزيد بندوبه ناقشا الم لا يزول بكرم حاتمي.
اللكمات تصوب نحو بطنها بضراوة , والشروخ ترسم بمدق حاد مسنون من نار على جسدها وقلبها..
على روحها .. على هويتها كأنثى..
تركوها تنزف جنين مات تركوها مع كلمة الطبيب الذي ما زالت تقتلها وتنحرها حتى اليوم:
-مدام رهف مش عاوز اقول كلام سابق لأوانه بس احتمالية الحمل بعد كده صعبة!
ولم تكتفي عائلته بذلك بل وبكل تسلط وقلب نزعت منه الرحمة وضمير مغيب كانت النهاية لها خلف اسوار السجن بتهمة بيع الهوى!
وللخروج من ذلك تنازلت عن كل شيء عن بلاغها بأنهم الجناة لسقوطها , تنازلت عن طعنها بالتزوير في ورقة الطلاق!
تنازلت فالروح ماتت في ثبات دائم يلوح بالفقد , مشبع بدماء جنينها الذي ذاب في نزفها وانتهى!
رنين هاتفها جعلها تتحرك من مكانها ببطئ , قدمها لا تحمله, عقله غائب عن الوعي, قلبه صامت وروحها فاقدة للأمان..
-ايه ياحلوة ساعة على ماتردي ..
كتمت شهقتها وهي تهمس بدموع غالبتها من قهر تغلغلها رغماً عنها :
-انت عاوز مني ايه عاوز ايه.. ابوس ايدك سيبني في حالي..
تخاطب شيطان ولا تعرف , تخاطب روح ميته ولا تعرف..
قلبها برتج خوفاً وعزيمتها في المقاومة ورغبتها في الهروب تتعالى..
تستمع له وهو يصيح بقسوة ادمتها, وهي بالأساس تموت:
-انت هتستهبلي ..
ضحكة ساخرة تصل لمسامعها كصوت حرب اشتعلت فيها النيران والخوف..
-مالحلوة طلعت رد سجون ومش اي سجون لا..
يلتزم الصمت يستمع لأنفاسها المتسارعة خوفاً, يلتمس قلقها, ورغبته تتعالى ومراحلها تتقدم..
يعاود الحديث بنبرة دونيه , نبرة خبيثة قتلتها:
-انت ممسوكة في شقة يا رهوف.. وملفك في الاداب يشهد..
هنا وبكائها كان صريح , شهقاتها تصل له كطرب من نوع خاص , طرب امواج بحر ناعمة تلاطمت مع نسمة صيف..
طرب شيطان يرقص ويرتج فرحاً لسقوط البشر في الخطايا بلا تردد!
-ارحمني , ابعد عني.. عاوز ايه وتبعد عني..
صوتها مخلوط بملح عبراتها المرسومة بعينيها المشتتة..
روحها تختنق ويراودها صوت الموت.. يراودها الخلاص من هذا العالم بالموت, جوابه اتاها بعد لحظات مقصودة الصمت فيها ..
-عاوزك..!
واغلق , القى كلمته المتضمنة لطلبه واغلق , تركها على شاطئ هاجت امواجه بنار جحيم مستعر تنهش جسدها كما الروح../
هي رهف هنا تنسلخ منها, كل لحظات الماضي تهاجمها وتخبرها لا مفر..
الماضي يغل عنقها وهي هنا تختنق..
ترمق سكين موضوع اعلى منضدة صغيرة موضوعة جانبها تود الاقتراب منها .. تود ان تمسك بها, ان تصوبها نحو شريانها تبتره..
تراه ينزف دماً..
ترمق العالم كله من علياء النهاية وتصرخ به انا راحلة ..
تمسك بالسكين, قلبها يحتله ضجيج وعقلها يدور في فراغ النهاية, خصلاتها مشعثه وعبراتها كما هي تهطل بسخاء مطر تساقط في ليلة شتوية سوداء..
تقف في تلك اللحظة عند صوت الحق وهو يتعالى..
ترمي السكين بعيدا .. تستغفر وتطلب السماح من رب العباد..
تمسك بالماء , تغمر به وجهها مرة بعد مرة تمحي كل اثر للحظتها السابقة..
كل هذا مع صوت الاذان , مع صوت الصلاة..
مع صوت الامام!
طرق على باب منزلها جعلها تفتحه بحذر وحينها وجدت أمامها والدة موسى ..
همست لها بذهول وهي تشير لها بالدخول:
-ازي حضرتك, اتفضلي...
تبتسم لها بطيبة وتلمح ملامحه الشاحبة ونظراتها الزائغة , هيئتها المنتهية..
تدخل لشقتها تردف بحنان:
-موسى قالي انك محبتيش تيجي عندي للغدا وانك اتحرجت..
تهز رأسها حرجا وتلتزم الصمت بينما تضيف والدة موسى بقلق:
-انت كويسة يابنتي, احنا صحيح اتقابلنا مرتين بس لو عاوزة تحكي قوليلي..
تقترب منها , تمسك بيدها, تربت مرتين والثالثة لازمت قولها:
-اعتبرني مامتك , موسى هيجي ياخدني كمان ساعة..
هذا الحنان الذي شعرت به منها فتت كل شيء بها, هذا الحب الصادق في نبرتها جعلها تبكي بلا انذار..
تسحبها لأحضانها , تربت على ظهرها وتحكي رهف القصة منذ البداية فهل تجد بين صفحات البشر مغفرة!


أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-22, 11:14 PM   #215

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,640
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

هو كما هو تائه, مشتت, عابر بعينيه لعالم اخر لا يحيطه!
كيف ترك نفسه ليلة امس لماجد والرفاق الذي اقسم على قطع الصلة بهم..
كيف استطاع ذلك وهو يرجوا الله في كل سجدة تلامست فيها جبهته للأرض ان يتوب.. منذ أن بدأت النفس بالعودة ..

منذ ان طلبت والدته ان يأمهم بالصلاة ؛ الصلاة التي انقطع عنها وتاهت الروح بعدها!

يتنهد بيأس يتخلل به رغماً عنه..
خاصة مع غياب رهف منذ يومين عن العمل , لا تجيب على اتصالاته ولا رسائله , يتذوق قلق خفي عليها..
ولكن والدته ذهبت لها وطمأنته انها فقط تمر بوعكة صحية..
تجلس والدته امامه في تلك اللحظة ملتزمة بحالة جمود تام , هي لم تمنحه الغفران وهو لم يمنحها توبة ناشدت بها..
تهتف بثبات وهي بعيدة عنه ويده تنتقل بين خرز المسبحة , تستغفر كما حالتها دائماً:
-مش عاوز تسأل على نورا يابني..
اهتزاز عينيه وارتعاش قلبه وتشنج جسده كل ذلك في لحظة واحدة عند ذكر نورا..
يبتعد عن والدته بعينيه يلتهي بنظراته بالفراغ, يهتف بجمود :
-وهسال عنها ليه... احنا خلاص اطلقنا..
همس الاستغفار يتعالى بحدة ويدها تمر على خرز المسبحة سريعا , تراه خاوي , تراه موسى اخر , تسأل نفسها أين ولدي؟!
تسخر وهي تشمله بهالتها التي اجبرته ان ينتبه لها.. تهتف بعد لحظات صمت ثقيلة:
-وابنك الي اجبرتها تنزله..
فزع من مكانه وهب من جلسته, عينيه اللاهية تشتت في صراع يحاول الخلاص منه ..
يواجهها بوجع وهي لا ترحمه , يسأل باهتزاز لذكرى لم تفارقه في نومه ابدا:
-هي الي قالتلك..
تضحك وتجيبه وهي تستقم من جلستها, تقترب منه ترفع نظرها للأعلى حتى تستطيع تأمله جيداً..
-لا يا موسى رفضت تقول, كريم الي قالي كل الي عملته..
يحاول الدفاع رغم يقينه أن القضية خاسرة ويجب لفها في ورق النسيان ورميها لأمواج الهجر.
يرفع يده لصدره , يهمس باختناق وهو يرجوها التفهم ولو النصف فقط:
-ياماما ده بن حرام.. مكنش ينفع يبقى ليا بن منها
تضرب بعنف على صدره بمسبحتها التي انفرطت من يدها وتناثرت حباتها على ارضية الشقة بصوت يشعل الصمت .. تصرخ باهتياج
-ابنك ولا مش ابنك, رد..
تصمت تلتقط أنفاسها بصعوبة وهي تكمل بألم:
-انت عارف انا جيت هنا ليه ..عشان اطمنت ان نورا خرجت من المستشفى ياموسى..

تبكي وتكمل :
-مكنتش قاردة اجيلك وهي تعبانة , مكنتش هقدر ابوص في وشك
يأتيها صوته المصدوم في لجة وجع دارت تروسه وفتته هنا..
-مستشفى ليه..
تميل برأسها , تخبره ببساطة :
-امراض نفسية يابني, نورا بعد الي عملته حاولت تنتحر..
تجلس على المقعد مرة اخرى وهي تتنهد بتعب والمها مرسوم باختناق على وجهها:
-ياخسارة تربيتي فيك ياخسارة تربيتي فيك, عمري راح على الارض ياموسى راح..
ترفع يدها تربت على صدرها تعيد اللوم :
-مفكرتش في اختك وانت بتعمل كده
يجلس امامها على ركبتيه , يمسك بيدها يقبل ظهرها وباطنها..
يبكي لأول مرة منذ زمن بعيد , يرفع عينيه لعينيها.. يهمس برجاء وتوسل:
-سامحيني ياماما, انا اسف, متعمليش في نفسك كده..
تبعد يدها عن يده , تبعد مرمى نظرها بعيداً تردف بمرارة:
-فاضل ايه حرام معملتوش يابني..
فيهتف هو سريعا يحاول ان يرضيها ويتهرب منها ومن الاجابة:
-طب اعمل ايه عشان يرضيكي قوليلي..
يسود بعدها الصمت للحظات قبل ان تفاجئه بكلمة واحدة كلمة تضمنت قرار اخذته منذ ان قابلت رهف:
-تتجوز..
يرتد برأسه , يتأملها ربما تمزح, ملامحها جادة وغامضة.. يقف قائلا بتسرع:
-اتجوز نورا..
تهزأ بعينها , تهمس له بقسوة وقلبها يتفتت لأجله ولحالته:
-نورا مبقاش بينكم اي طريق بعد الي عرفته.. غير ان نورا هتتجوز قريب ..
تصمت ثم تضيف بثبات:
-عريس احسن منك مليون مرة
يباغتها سؤاله سريعا بحذر متجاهلا فضوله عن زواج نورا, يبتر هذا الاهتمام المفاجئ:
-اتجوز مين..
وهمسها كان باسم لم يتوقعه بل صدمه للغاية:
-رهف!
في نهاية الطريق وانت على الحافة تشبث بخيط النجاة واياك ان تفلته من يدك , فتسقط وتُكتب النهاية..
والطريق هنا بدايته انثى منتهية من نبض حياة وردية..
وهو رجل مات قلبه في لحظة فقد لهوى احتله وخلاصه كان بموت!


أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-22, 11:15 PM   #216

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,640
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

شردت بالسماء المزينة بغيوم ديسمبر , تعشق هي الشتاء , تعرفت على حبها أو خطيئتها في الشتاء وانتهت حكايتهم على مشارف الصيف!

امسكت الكتاب بين يدها بحذر ان يقع وعقلها مشتت في العديد من الأمور!
تناوشها ابتسامة وبهجة حقيقة لما فعلته مريم , تضحك بخفوت ..
ضحكة تلاشت تدريجيا وهي تجد نفسها فاقدة لكل الفرص, مجبرة هي على روتين بشكل ما..

المغامرات والجولات لم تعد تملك حقها بطريقة ما..
الغوص في الحب ومفرداته ودلائله اصبح مستحيل , وقلبها هذا الذي نبض بالسقوط تناول الصمت في وادي التعثر الذي سكنت فيه روحها بين سطوره!

نظرت لساعتها واطلقت بعدها زفرة عميقة وهي تدخل الكتاب الي الحقيبة, تسير بثبات نحو قمة نجاح لم يبقى لها سواه..
نجاح العلم وربما بعدها العمل!

كان يهرول بخطواته يلحقها ينادي بصوت غطى عليه صوت بداية المطر:
-نيرة , نيرة..
التفتت له بتعجب , تتأمل هيئته وهو يخطوا سريعا تجاهها , يصل لموقعها وهو يلتقط انفاسها المنهكة :
-عاملة ايه يا نيرة..
تومئ برأسها ايجابا وهي تجيبه بابتسامة :
-انا تمام عامل ايه انت يا دكتور عمار..

هز كتفيه يهتف ويده تشير لها بالتحرك لداخل الجامعة بعد زيادة سقوط المطر:
-انا تمام وبعدين اخر مرة قلتلك قوليلي عمار..

تسير بجانبه ويدها المرتعشة تدسها بجيبها بينما تضيف بنبرة حملت حنين .. لوطن, سكن, عائلة:
-خلاص هحاول يادكتور..
حك رأسه بعد ان وقف معها اسفل احدى المباني بعيدا عن المطر , يشرد بعينيه في مريم وما فعلته..
يتعجب منها , لم يتوقع ان تخرج منها تلك القوة ابدا..
دائما ما كان يراها تبكي بوجع...
تلوذ بضعف..
تصمت بألم..
يعاود النظر للصغيرة امامه المترقبة لما يود قوله:
-انا مسافر بكره مصر..
تهتف بسلاسة وهي تميل برأسها تجاهه هاتفة:
-خالو ناصر برده مسافر بكره مصر..
تكمل وضحكتها تتغلغل الكلمات ببهجة طفلة حصلت على حلوى العيد:
-اصل مريم قالتله عاصي مش هترجعلك..

شاركها الضحك الذي تعالى وزوج اعين يتأملهم عن قرب بتحفز..
تتضارب داخله الأسئلة ترى من هو, لما تضحك معه بتلك الطريقة..
يلتفت عمار في تلك اللحظة فيجد احدهم محدق بنيرة بطريقة اثارت تعجبه وقلقه ولفتت اهتمامه..

-تعرفي الي بيبص علينا ده..
تلتفت لما يسأل عنه وتجاوبه ببساطة:
-ده المعيد عليا وبصراحة انقذني قبل كده من كارثة..
يعقد حاجبيه بتفكير وهو يكمل الحديث ونظره على مالك لم يحيد:
-نظراته لك غريبة..
يبتسم ويضيف بمشاكسة وهو يغمز بعينيه:
-شكل بيغير ولا ايه بقى..
ترفض بعينها المعني الذي يريد أن يشرحه لها ..
هي خسرت ورضيت بالنفي.. المها كان له بداية امل..
واملها مفقود بلا بداية..
طافت بنظرها تجاه مالك الذي كان يقترب منها بخطوات ثابته..
دائما هو لا يراوغ , يعرف ما يريده, يتسلل لامتلاك ما بهوى..
ونيرة انثى تلفت الانتباه بملامحها البريئة وصمتها الدائم وتفوقها الواضح..
هي فقط خرقت مفهوم تربى عليه من والدته مفهوم المرأة الكاملة رغم ولادته بالغرب, ولكن عروق الشرق فيه متأصله .. مختلطة مع دمائه..
عيب نيرة انها مطلقة!
رحل عمار بعد ان اطمئن عليها وكان هو قد وصل لها , يقترب منها بخطوات متمهلة .. ثم سريعة حتي بات على مقربة منها يمسكها من ذراعها بحدة ..
-مع من كنت تضحكين؟ من هذا..؟
تنفض يدها بعنف , وبشراسة انثى تعلمت دروسها بالحياة مبكراً..
-انت تطاولت كثيرا .. منذ ان انقذتني بالحفل وانت تتدخل في العديد من اموري.. ماذا تريد؟

لا يجد الجواب ولا يعرف ما يريد , هي محقة وهو خاطئ ..
تحاول ان تبتعد عنه وعن هيمنته المفروضة عليها, قال سريعا يمنعها من الرحيل:
-اريد ان اتعرف عليك نيرة, ما رأيك لو تقدمت لخطبتك..
يدها ترتفع لفمها, تكبح شهقتها التي وازات طلبه الغريب..
طلب لم تتوقعه بل لم تتخيله ابداً.. تستمع له يضيف بنبرة جادة لا خطئ بها:
-اريد ان اتقدم لخطبتك نيرة واتعرف عليك..

فرت منه بغتة .. تقطع الطريق لخارج الجامعة بخطوات ضائعة.. متخبطة..
عرض زواج بل خطوبة, تتساءل هل بقلبها مكان للحب أم انها باتت مستهلكة..
مستنفذة.. منتهية!
وهو خلفها يدلك جبينه بيأس يستوعب طلبه , يستوعب في نفس اللحظة العروس الذي اختارتها والدته!
وبين القلب والعقل وقع اسفل مقصلة الشتات والحيرة! فلمن البقاء للنهاية..


أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-22, 11:15 PM   #217

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,640
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

في الحياة هناك موازين قد تختل.. موازين قد تميل لجانب لا يمكنك تخيله!

بدايته معاه كانت حرب مغلولة بانتقام دموي ناري لثأر لا رجعة فيه.، ثأر واهي .. واهم.. ثأر منبعه زيف!

والان هو يراها الوهج لحياة تمنى الحصول عليها يوماً ما..
بات يستمع للحروف بين شفتيها باهتمام وابتسامة..
هناك في قلبه شيء يبتهج بوجودها.. الحياة معها حياة!
دخل للغرفة بعد اسبوع من موت ميرال؛ يشعر بثقل يجثم على قلبه لو اختارت هي الرحيل..!

يراها نائمة على بطنها واناملها تداعب خصلات مروان وابتسامة باهته رغم الشغف بعينيها المتألقة دائما بصحبة الأطفال..
بتقدم ثم يستوى جانبها ويده تمتد ليدها الملامسة للصغير..
تلتفت له وهي تهز رأسها؛ تهتف بنزق وهي تعتدل في نومتها:
_مش هتبطل تخضني..
خلل اصابعه بخصلاتها وهو يهمس لها بخفوت وعينيه تلتهم تفاصيل وجهها الذي أصبح ادمان وحياة:
_لا.. مش هبطل ابدا.. بطلي انت تسرحي..

تأففت وهي تحاول فك يدها من بين يده.. ترتعش من لمسته..
يؤثر فيها وتنكر؛ وهو يعلم تأثيره عليها ويتجاهل؛ يهديها مساحة التقبل والرفض..

يتقبل خواء ملامحها بصدر رحب لأى فعل منها..
يستمع لحديثها المقتضب بابتسامة:
_سيبني ياغسان..
وغسان تزداد ابتسامته ويزداد عشقه لنبرتها النزقة..
يلمس كف يدها المزينة بأسورة ماسية رقيقة بها رسومات حلوى (بونبوني) , اهداه لها غسان منذ فترة..
سوار تقبلته في لحظة صفاء نادرة وابتسامتها تكبحها بصعوبة خاصة عندما هتف غسان بيأس:
-سيبي الابتسامة!
يزفر بعمق وغيظه يتملكه وهو يحررها من بين يده ؛ يضع كف يده أعلى اذنه من نبرتها الصارخة:
_غسااان..
فك رابطة عنقه قائلا:
_حد ينادي على حد كده انا جنبك على فكرة..
تلوي فمها بسخرية وهي تستقم من مكانها بخطوات بطيئة حتى وصلت لخزانة الملابس :
_انت كنت سرحان..
ورده كان سريعا وخبيثا:
_انت فصيلة على فكرة..
تهز كتفيها بتلاعب ويدها تلتف حول إحدى خصلاتها.. تهمس بخفوت:
_انا عارفة على فكرة..
تهز رأسها .. تكمل سريعا وكأنها تذكرت شيئا ما:
_انا خديجة كلمتني النهارده وعزمتني على الغدا عشان نخرج مع البنات..
تشع ابتسامته وهو يقترب منها ونظراته تتلكأ عليها.. نظراته ترتكز على بطنها .. يقف قبالتها ويده ترتفع تداعب بشرتها..
يهمس بتشتت وشرود:
_انت هتبقى أم حلوة اوي..

يلوذ بصمت وبكتفي بالقرب.. يكمل وانفاسه تثقل وتتسارع:
_انت ممكن تكرهي ابني .. يعني لو انت حامل هتتضايقي..

ترد الاجابة بسؤال مقتضب:
_واكره ابني ليه..
تهتز حدقة عينيه.. يبتعد عنها.. يتهرب بنظراته يخبرها بحقيقة تؤرقه من صحتها الموشومة داخله ؛ حقيقة داهمت كوابيسه في دجنة الليل وغيوم النهار:
_بتكرهيني..

وإجابتها خرجت باترة؛ مقتضبة؛ سريعة لحد أثار دهشته ..
دهشة جعلت عينيه تتسع وقلبه يضج بانفعالات غامضة:
_انا مش بكرهك ياغسان..

كاد أن يجيب حديثها؛ كاد أن يعانقها على كلمتها البسيطة ورغم ذلك ابهجته..
يقطع حديثهم صوت هاتفها .. تلتفت لموضعه ثم تبتعد عنه سريعا..
تمسك الهاتف والشاشة يزينها اسم اخيها كريم..

تضغط على زر الرد.. وبعدها كانت صرخته:
_قولي لجوزك لو مازن جراله حاجة هيبقى فيها موته..
ترتعش وتتشنج خلاياها.. تشعر بخيبة وسقوط محقق..
تلتفت لغسان الذي لا يبدوا على ملامحه أي شئ..
واخيها يردد كلمته الاخيرة:
_مازن مضروب علقة موت وفي المستشفى يافريدة.. جوزك عملها .. ..

يصمت ويتابع بصراخ:
_مازن بيموت!

أغلق الهاتف وبعدها انسحبت ابتسامتها ومات امل داعب اوتارها..
عادت لجمود ملامحها.. نظراتها تشع صلابة وجفاء..
تناوش فمها ابتسامة ملتوية ساخره..؛ رغم ارتجافها ، اهتزازها..
كيانها الذي تزعزغ..
ذهولها من تمثيله المتقن حد صدق نابع من صفاء لايقارن..
تنظر له مرة تلوا الاخرى تتحرى صدق أو كذب لما حدث!
يفاجئها تشتت وسراب.. تتفاجيء بتيه واختناق يجز روحها .. يخنقها كل ماهي فيه..

داخلها حطام..
داخلها صراخ..
داخلها كثير!
هل انتهت اللعبة سؤال لاح بأفق حياتها المشتتة نبتره هي بكلمة وصلت لاعماقها.. هنا انتهت!
هي انثى دخلت حياته.. فبعثرها.. شتتها.. اطفئها واضائها..
اسقطها ورفعها.. ثم عاد يخبرها:
_حان وقت السقوط نحنو القاع.. حان وقت النهاية..
كل هذا امام نظراته الحائرة المشتتة.. بسمته التي اختفت شيئا فشيء..
وكلمتها تصل لمسامعه بعد لحظات صمت.. كلمتها مختلفة.. نبرتها اخبرته أن تراجعها وتخبطها ولى وانتهى
_طلقني ياغسان..
تكررت الكلمة ولكن اختلفت النبرة.. انتهت اللعبة!
وانتهوا سوياً!
هناك بدايات اختلط الابيض والاسود فيها واختفت الألوان باختناق ظلمة وعتمة الظلام..
حياتهم كانت لوحة يتصارع الابيض ببهائه ونقائه مع الاسود بظلمته وعتمته..
وهنا فازت العتمة!
فاز الاسود وانمحى الابيض وبهتت الألوان! بل زالت..
************************
نهاية الفصل


أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-22, 09:59 AM   #218

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,559
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.صباح الخير حبيبتي أسوم
☆الحقيقة الغائبة☆

بين الحياة والموت طرفة عين هي تلك المدة التي يحل بها الإنسان ضيفاعلي الحياة
فكلا منه أجله محدد سلفا هو ورقة شجر سقطت عن فرعها مع صرخة ميلاده ينتهي بها عمره لحظة ملامستها لارض الواقع

لكننا كلنا ننساها او نتجاهلها فيطغي من يطغى ويتجبر من يتجبر وينسي أن مآله للتراب
حتي تأتي تلك اللحظة التي لن يدرك بعدها مافنى وييقي عمله وصفحته التي سيلقي بها رب العالمين

يامن كان يعلم بدنو قرب أجل ميرال ولكن للموت رهبة وصدمة حركت إنسانيته الغافية فهو لم يفقدها بل طمرها بظاهر قسوته وتصرفاته المادية البحتة

ولكنها ظهرت في لحظات ضعف وموت ميرال بين يديه فالموت ضيف ثقيل قاس وهو الزائر الوحيد الذى لا نستطيع ان نوصد الابواب في وجهه

يامن لم يحب ميرال ولكن هل يكون لموتها وتركها مروان أمانة عنده أثرا يغير به نمط حياته ونظرته الجامدة؟ ربما

☆العشق بين نقيضين☆

العشق هو العشق معناه واحدة هو اقتران روحين وتفاني ومنح ووفاء بلا حدود..هو قلبا لشخص يتررد صدى نبضاته لدى الإخر..ببساطة هو سر الوجود

ولو نظرنا لمريم وعاصي نجد كلاهما كانتا عاشقتان مريم تحاول الكفر بمعاني العشق بينما عاصي تتمسك بالايمان به
فيبدوان معا كالثلج والنار

مريم تحاول أن ترسم ملامح عاصي بمريم قوية لا مخزولة حتي اذا عادت لناصر لا تكن تلك المتخاذلة التي تنازلت عن كل شئ من اجل تحقيق حلم ابوة لم يشأ الله أن يمنحه لهما لكنه منحهم الكثير من الحب والود لتأتي هي وتقايض كل ذلك بوهم تضحية جوفاء
كلتاهما من وجهة نظريهما محقتان

الجميل بهروب مريم بعاصي هو إعجاب عاصم المتزايد بمريم تلك النارية التي لو رآها حال كانت مثل عاصي لما نالت منه سوى نظرات الاشفاق

الدنيا مسرح له قواعده يغير من ادوارنا شئنا أم أبينا فالكل بيادق في متناوله يحركه كيفما يشاء ولا مكان به لمن كان علي دكة الإحتياط

☆لقاء الأنداد☆

المواجهة بين يامن ومريم كانت لتحدث آن عاجلا أم آجلا
ولكنها تحدث في أوج ضعفه وأوج قوتها
وهو خير من يدرك ذلك الوجه وتلك الحال التي علبها مريم

مريم نسخته المعدلة ..فهو تنازل عن كل الإنسانية بصدمته في شهرذاد والتي لم يفلح حب مريم وإخلاصها في إعادة الحياة بها

بينما هو نجح بإقتدار في تحويل كل معاني الوفاء والعطاء لديها لتلك القسوة وهذا الالم الضارب في عمق روحها
هو واهم وهو يتصور أو يتمني إمكانية استعادتها
هو إختار تفاحة الغدر والخيانة التى زينها له شيطانه فتم طرده من جنتها


shezo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-22, 10:03 AM   #219

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,559
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

☆الشيطان يعود☆

رهف تلك المسكينة التي اهدرت كل حقوقها وأدميتها علي يد شياطين الجشع والطمع
وامتلاكهم لأسباب القوة في عالم يسوده قانون الغاب فتصمت عن كل الحقوق بل وتخرج موصومة بتهمة لا يمحوهاويطهرهاماء الدنيا

ليستغل القذر ماجد تلك المعلومات للحصول عليها
هو شيطان آثم كل الملذات المحرمة بين يديه ولكن مثله يصر علي تلويث الجميع ليدخله معه في حزب الشيطان فقد نجح في اجتذاب موسي لعالمه ثانية بعد أن كان قد احرز خطوات للابتعاد عن هذا العالم ويبتز رهف بما لديه من معلومات

هي ليست مضطرة للخضوع لتهديده والظهور بكل هذا الضعف .
لكن من كان في وضعها تغشيx غمام الخوفx الرؤية لديه فلا يبصر السبيل
وليفعل ما يفعل هل ستفقد عملها فلتفقده وتصون نفسها وقتها سيعوضها الله خيرا بدلا من ان تذل قدمها في هاوية لن ترفع رأسهامنها

لقد قصت كل حكايتها لام موسي فهل تكون المرأة الطيبة عونا لها وسندا تخرجها مما هي فيه

فهل بإقتراح الزواج من رهف سيكون طوق النجاة
لا ادرى ولكني لا أرى موسي يفرق كثيرا عن ماجد فيما فعله بوطنه وخارجه من آثام

ورهف بحكم الوافع الكاذب ملوثة فهل يؤمن ببرائتها مثل والدته ام يقعا الاثنان تحت براثن ماجد بفضيحة مدوية لكليهما

موسي بكل ما إرتكبه لم ينل جزائه بعد ولم يتب تلك التوبة النصوح التي ترفع عنه كاهل الذنب وتبعاته

☆مالك وما عليك☆

نيرة لتوها تحاول أن تشق حياة جديدة
تمحو بها ذلتها هى ومازن والتي حملت الوزر الأكبرمنها وحملت تبعاتها لغيرها ايضا

ليظهر مالك هذا الذى نصفه غرب والنصف الآخر شرق
هو بكل عفوية رفض وضعها كمطلقة وبكل عفوية أيضا عندما رآها تخادث عمار طلب خطبتها

غالبا التصرفات العفوية هي ما تظهر ما بباطن الانسان بكل أمانة
فعلي أى عفوية منهما نعول..وهل نيرة حمل تجارب جديدة تكون هيx حقلا لها؟


shezo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-22, 10:08 AM   #220

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,559
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

☆من الجاني؟☆

هنا أعني من الذى أوصل غسان وفريدة لتلك الحال

نيرة وسافرت مازن وهرب ثم عاد

ريتال ذهبت وعادت خديجة

غسان الناقم رحل وحل محله العاشق

هي فريدة جاءت تائهة وظلت تائهة في مضمارx يلهث به الجميع وصولا للنهاية أو هربا من البداية

بينما هي هي فريدة ذلك اللون الشاحب الذى لا يريد ان يتحرك لضوء الشمس او للجهةالاخرى فتختفي ملامحه بالظلام

فريدة الآن تطلب الطلاق من اجل ما حدث لمازن
فريدة تلك الشاحبة التي عاشرت غسان مدة لا باس بها لتعرفه كإنسان في قمة ثور ته من أجل نيرة لم يؤذها
فلم الآن وهو يرتجي ودها وحبها يضرب اخيها ضرب موت كالجبناء

وهو كماعهدته ليس جبانا
هي اختارت الطريق الأسلم الذى يريحها من التفكير ويكون مبررا لهروب لم تستطع حتي أن تتخذ قراره بشجاعة

غسان لم يفعلها؟ فماذا هي فاعلة؟

الفصل رائع بحق حبيبتي أسماء
وما اجمل تلك العبارة الفلسفية التي تستهلين بها معظم المشاهد
جميلة وعميقة وتحلل الحياة بشكل واقعي وأسلوب راقي
والاحداث تجرى في مضمار سباق تنقلنا من حال لحال
وانت حبيبتي في نفس حلبة سباق الابداع تتفوقين بكل فصل علي نفسك وتقطعين شوطا كبيرا للامام


بانتظار القادم
.دمتي ودام القك وإبداعك حبيبتي أسماء

وكل عام وأنت بخير بمناسبة منتصف شعبان وقرب حلول رمضان
ادخله الله عليك بكل الخير والبركة حبيبة قلبي


shezo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:33 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.