آخر 10 مشاركات
ثمن الخطيئة (149) للكاتبة: Dani Collins *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الفجر الخجول (28) للكاتبة الرائعة: Just Faith *مميزة & مكتملة&روابط اخف* (الكاتـب : Andalus - )           »          عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          و أَمَةٌ إذا ما ابتُلِيَت في شرَكٍ ما جنتَ *مميزة* *مكتملة* (الكاتـب : فاطمة عبد الوهاب - )           »          لعـ زواج ـــبة (2) "الجزء 2 من سلسلة لعبة الصديقات" للكاتبة المبدعة: بيان *كاملة* (الكاتـب : monny - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12256Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-11-22, 03:07 PM   #1081

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,559
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مروة سالم مشاهدة المشاركة
حبيبتي الغالية صباح الفل..
انا لم انس مراجعتك للفصل السابق، وهأرد عليها اليوم باذن الله.. اعذريني كنت منشغلة قليلة بكتابة الفصل وتنقيحه..

احب جدا تفهمك لوضع بحر واختياراته وفقا لظروفه.. باذن الله عندما يشعر ان الوقت مناسبا، فانه سيسير نحو ترك الماضي ومعانقة المستقبل
مرحبا.مسائك معطر بذكر الله

حبيبتى انت لك كل الوقت وبلا أى عذر
يكفينا أننا نلتقيك بكل الود والحب
بفصل رائع جمبل ينزل بميعاده
بمنتهى الجمال
بدون اخطاء إملائية
بصور بلاغية رائعة
يسطر المعانى والحكايا بروحك الشفافة
نحن نقرأ مروة الصديقة الرائعة بحضورها الطيب الجميل
لن نطوى صفحاتنا معك أبدا
دمتى أختى بكل السعادة والتوفيق


shezo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 04:29 PM   #1082

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.مسائك معطر بذكر الله

حبيبتى انت لك كل الوقت وبلا أى عذر
يكفينا أننا نلتقيك بكل الود والحب
بفصل رائع جمبل ينزل بميعاده
بمنتهى الجمال
بدون اخطاء إملائية
بصور بلاغية رائعة
يسطر المعانى والحكايا بروحك الشفافة
نحن نقرأ مروة الصديقة الرائعة بحضورها الطيب الجميل
لن نطوى صفحاتنا معك أبدا
دمتى أختى بكل السعادة والتوفيق

ربنا يعزك يارب

لا استطيع ان اشكرك بما يكفي على دعمك وكلامك الرائع الذي يرفع المعنويات ويبهج القلب

شكرا جزيلا على امتداحك لي انا ممتنة بشدة

اكرمك الله يا غاليتي


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 07:30 PM   #1083

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الخيرات لكل الغلا

☆ أوهام حقيقية☆

عالم الحلم هو عالم آخر يرسم قواعده وقوانينه بنفسه ولايمكن التحكم به بأى وسيله ومجاله كل حدود الدنيا بلا اى منطق
إلا انه يحمل الكثير مما عاصره المرء مما يختزنه بالعقل الباطن وتلونه مخاوف المرء
وما أقسي ان يتلون ذلك الحلم بما يزيد سوء الذكرى ويلبسها ثوب الزيف

الكابوس الذى عاناه بحر يبين مدى خوفه على اسرته وما نخاف عليه ونخشاه هو اسوا كوابيسنا حين تغيم الرؤية وتعتل النفس
وبحر كاد يقتل امواجه وهو متصورا حمايتها
ليكون هذا اللقاء العاصف والاخير بينهما نذيرا لقرب الفراق

☆نداء الحياة☆

كثيرا ما تنتهى الحياةبين اثنين بالطلاق..أمرا عاديا نشهده جميعا عندما تزداد الخلافات وتستحيل الحياة
لكن ما لم نعتده هو رغبة أحدهما بهذا الفراق وروحه معلق بحبيبه الذى لا يقل عنه تمسكا به لزائر اسود دخل حياتهم رغما عنهم
نذير فراق وشيك هو ذكرى حية لا تزول طمست هوية احدهما..
فكيف النجاة!؟

بحرلا يرى له عيناx أو حقافي تمسك أمواج به
فهو ميت وليس للموتى أى حق سوى الركون لجوانب قبرهم والذى قرر دفن نفسه به حيا لكى يحيا من يحب آمنا
فتبدأ جولات بينهما في محاولة إثارة ضيقها كى تستسلم وهى تتغاضي عن ذلك وتغمره بكل العطف

☆وقت مستقطع☆

لولا هذا الوقت الذى يتاح للاعبين للراحة لما استطاعوا استكمال مباراياتهم
كذلك الحياة يحتاح المرء فيه لذلك الجو وتلك المساحة التى يتخلى فيها عن ثباته ويتجرد من كل ملامح القوة ويرمى اسباب ضعفه مع من يرتاح لهم ...
وربما ما استطاع الانسان العيش بدون وجود تلك الواحة من الاهل او الاصدقاء

لقاء رفيقات الاسي وإفضاء كلا منهن بهمومها امر جميل دأبن عليه لانهن يسعين لمساعدة بعضهن في اجتياز الازمات بالنصح والمشاركة الفعلية

كما تشاركن الالم في حضور تكريم الابطال الذى عج بكل المشاعرالمتضاربة
لكنه لابد منه فالابطال يستحقون

☆عبير الزهور☆

رغم كل المعوقات والتى تعترض حياة كلا من آدم وذكراه إلاانهما ما زالا يقاومان الغرق تحت مياه آسنه بالكبر والتعالى والتمييز بقيادة رقية
فكلاهما ما زال على العهد والحب

ومااسوأ أن تنشأ الزهور وتترعرع في تربة سامة
فالوضع المستقر بين آدم وذكرى وحتى عشقه لوالدته لا يكفى رقية لتقتنع وترضى لسعادة ابنها خاصة بعد زيجته الخائبة السابقة والتى كانت من خيارها
هى عقول متحجرة يابسة وقناعات كالصخر لا تتفتت تحت وطأة أى إحساس او تعبير إنسانى

☆إنهيار المعبد☆

عندما يفقد الانسان الرغبة بالحياة ويستسلم لكابوس اليأس الاسود والشعور بضآلة النفس وحقارة الذات لن يجدى معه فتيلا ولا حتى نجمة من السماء يضعها حبيبه بين راحتيه

لقد ساءت حالة بحر بإعتزاله العمل العسكرى وبإصرار امواج على استعادته وتحملها كل نزقه وتصرفاته الجامدة أو المستفزة
لتصل لآخر درجة الامل باستعادته لمحاولة جذبه لها والحياة
لتكون هى رصاصة الرحمة من قبله كما يتصور بكلمتين "أنت طالق".. هدت اركان حبا وعشقا وحياة

سلمتى حبيبتى وبإنتظار القصاصة القادمة
للك الحب والود الخالص
مساء الخير يا شيزو العسل
مع تحليلك الجميل للقصاصة 32
بالطبع كوابيس تعكس مخاوفه وهزائمه بشكل صريح كونه يخفي بداخله كل ما تعرض له
بحر باحساسه بالانطفاء والانهزامية يظن بالفعل انه لا يستحق امواج، وليست به طاقة للمقاومة ومحاولة الارتفاع مجددا حتى يليق بها..
بالنسبة لرفيقات الاسى فقد اقتربنا كثيرا من انضمام الرفيقة الجديدة لهن.. سنرى كيف ستصبح ذكرى جزء من عالمهن..
هل تكفي محاولات ذكرى وادم للطفو فوق سموم رقية بدلا من الغرق بها لتغمر انفاسهما؟؟
بحر حين اصبح عاطلا عن العمل، ترك لعقله المجال للتلاعب بافكاره والتركيز فقط على هزائمه وخسائره، فالعمل في كل الاحوال رغم متاعبه ومشكلاته، فإنه يبعد الذهن عن التفكير في الامور المرهقة للعقل

شكرا جميلتي على مراجعتك الدقيقة..
سلمت لي يا جميلتي


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 07:34 PM   #1084

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا أختى الرقيقة

ما أجمل وأروع قصاصتنا اليوم
ربما لها جانب مؤلم ولكن ليس كل كاتب قادرا على توصيل الصورة المؤلمة بكل تلك الرتوش التى لونت الالم بشكل واقعى متقبل
فهكذا الحياة نعيشها بكل اشكالها بأحزانها وبأفراحها
ومنهانأخذ العبرة ونستفيد من رؤية الصادقين مثلك حبيبتى

ما أروع وابدع تصويرك لحالة بحر وحلمه الرهيب
لقد جعلتنى اشعر بذلك الثقل الذى يرسخ على النفس فلا يستطيع التنفس..
فحتى الحلم المرعب يتخلله ملامح اكثر منه رعبا عندما يمس الاحباب
والعذاب الأكبرحين يختلط الحلم بالحقيقة..فما تفعله أمواج لإنقاذه من حلمه هووسيلة تعذيب
وهذا واقعى جدا فغالبا ما يكون للكابوس جانب حسي يعتقده النائم جزء من حلمه

ولقد عبرتى عن إصرار أمواج بتلك العبارة الحاسمة(أريد أن أستبدل كابوسك يا بحر.. لأكن أنا بطلة حلمك، فأقتحم ظلام أفكارك وأحميك ممن يحاولون اختطافك مني من جديد.. سأقهر أي أحد يقترب منك ويحول أحلامك لكوابيس مظلمة)

ليكون ردة فعل بحر حتي بعد لقائهم الاخير قوله(هل يمكن لجثة تتنفس أن تنبت قناديل مضيئة وتتراقص على أناملها المتيبسة الشعاب المرجانية والأسماك؟؟
لا تظن أن هذا البحر حيٌ لمجرد أنه يتنفس..)
مشيرا لإستسلامه التام لحالة اللاحياة التى إختارها رغما عنه

ولكم ابدعتى في تعبيرك بتلك الكلمات الصادقة (أما شطآنه فقد غرقت في الرمال.. بحر لعنته السفن والمراسي والمنارات، وحتى النوارس والقناديل..)عن إنهزام بحر وقراره بالتخلى عن امواجه
وبحالته تلك هو لديه كل الحق فهو لم يعد بعد منx زنزانته
وأمواج كمقاتلة عاشقة لا تريد التخلى عن بحرها وهى محقة ايضا
حقا حبيبتى انت بارعة جدا في تصوير ذلك الصراع داخل نفس كلا منهما وبينهما معا

وكنت اشفق عليك كيف ستسوغين قرار طلافهما وموافقتها عليه
وإن كانت بدايته بإستقالة بحر من العمل العسكرى ورفض يد سفيان الممدودة له
وانتقال مضايقاته لامواج لمستوي آخر يبغى به الخلاص سريعا

تصدقين حبيبتى مع كل لقاء لرفيقات الاسي اتسائل متى ستنضم لهم البائسة الرابعة ذكرى آدم ؟
أم ان هذا سيكون بعد طلاقها منه
والذى اجدتى بالفعل بالإشارة لمقدماته بكل تلميح وتصريح من بنت سلطح بابا تجاه آدم وذكراه

xوما اصدق هذه العبارة(كان بمدينته الحبيبة، لكان الآن يحتمي بكهفه، فيبثه آلامه وأوجاعه لتتلقاها صخوره تؤازره صمتا وتستر عري روحه..
وداخل خليجها الخاص،x)
هذه العبارة توضح ما آل اليه بحر
بعد استسلامه التام وقراره بان يحيا ميتا لا يتفاعل مع ما حوله
روحه طوقا يطوق جسده لا يستطيع الراحةبالموت فليتحول إذن إلى جثة تتنفس الموت وتشتهيه وما بينه وعالم الاحياء هو خيط واهى ليته ينقطع

سلمتى حبيبة قلبي
ودام إبداعك وألقك الرائع
شيزو الجميلة.. تحية مسائية عطرة لعينيك

شكرا جزيلا على مراجعاتك المدققة للاحداث وانتباهك لمواطن الجمال في السرد وكذلك التدقيق بتفاصيل الحبكة والانتباه لعناصرها التي ترتكز على انفعالات ومشاعر الشخصيات..
بصراحة مشاهد وبحر امواج تستفزني احيانا للتعبير بأفضل ما لدي، نظرا لان معاناة بحر النفسية بالاحداث هي الاقسى على الاطلاق..
كما ان ما تعرض له لم يكن بسبب خطأ أو تهور من جانبه.. ليس اختيارا مثل اخطاء مازن وبوران وادم
وانما ظروف قسرية قاهرة لرجولته وهو المجبر على تحملها صمتا دون أن يشارك بها احدا
بالنسبة لذكرى.. اقتربنا بشدة.. انتظري فقط..
شكرا جزيلا يا عزيزتي..
انتظر بشوق مراجعتك للقصاصة المقبلة باذن الله..
ليلتك سعيدة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 07:47 PM   #1085

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile21 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثالثة والثلاثون: القسم الأول

القصاصة الثالثة والثلاثون
( هجران)


عقول ترتعد من قبلة، وأخرى تخشى صرخة رفض.. وقلوب مضطربة صادروا أشواقها ووأدوا رياحينها وأذابوا خفتها، فتشوشت بوصلتها وتاهت زوارقها داخل بحار الهوى، لتضل الطريق إلى مرافئ الحبيب..
وبحر ضربته صاعقة من خراب.، فنبذ ضوء القمر بعد أن اعتقلته العتمة، وبات يعزف عن الرقص على لهيب أمواجه وينأى عن مطاردة نوات الغرام.. وقد حرّم على ثغره الحياة بعد قبلة يتيمة في غفلة من الشيطان، منطويا بمنفى صقيعي الأركان، لا تزوره شمس أو حوريات..
وحين تهب عواصف الهجر، على العاشق أن يحتمي بصدر الحبيبة.. أما الحمقى، فإنهم هنالك يمزقون الذكريات من صفحات الهوى ويضرمون بها النيران متوسمين الخلاص..
والنتيجة.. بقايا هوى، واحتراق، وهجران..




مد وجزر..
هذا فقط ما يمكنها أن تصف به شعورها اللحظة..
كيف تجمع بين شعورين متناقضين تماما بنفس الوقت؟؟..
ما بين الاكتمال والفقد ضيّعها بحر بأنفاسه التي هجرت ثغرها قبل قليل، لتعلن بفرمان شمولي مدمر أنها لن تحل له بعد الآن..
(أنتِ طالق)..
هذا ما تفوه به فمه اللعين وأكدته نظراته الثابتة على جمودها المقيت..
نظرات ترحب بالموت، وتحتفي بالفراق، وتشدو ترانيم العزلة بابتهاج حذر..
لقد حاولت.. يعلم الله كم حاولت أن تعيد لعينيه بريقهما وعنفوانهما، وظنت بلحظة حين غمرتها شفتيه بلمسة جنونية وحشية لم تغب عنها نكهة الحياة، أنها قد نجحت، قبل أن يتراجع عنها مبتعدا، كانحسار المياه عن الشواطئ عندما يغيب ضوء القمر..
أذناها تكادان تنزفان ألما بعد أن تطاير القطران الذائب من فمه عبر سبعة أحرف ملعونة، ضربتها كمحاقن الموت التي يحقنون بها عتيدي الإجرام لإنهاء حياتهم تنفيذا لحكم الإعدام..
فما جرمها إذًا لتستحق هذا العقاب؟
السم..
تشعر به الآن يزحف نحو قلبها ليبدل حمرة دمائها النضرة بزئبق فضي لعين، وكأنه قد انتزع أوردتها جميعا وصبغهم بالقار، ثم جففهم بدخان الحرائق، ليلعنها للأبد..
استدار بحر بعد أن أطلق رصاصته الغادرة على روحها وابتعد عن مرآها، ليتبخر عنها ذهول الصدمة الأوّلي ويبدأ جسدها في الاختضاض بعد أن هربت منه الدماء وانخفضت درجة حرارته، قبل أن ترتفع مجددا بفعل الغضب الحارق..
وما بين هبوط وصعود حرارتها، تشهق بعنف وعقلها لا يزال عاجزٌ عن الاستيعاب.. بدت وكأنها قد نسيت الطريقة الطبيعية للتنفس بعد أن زاد الثقل على رئتيها، ففتحت فمها كسمكة نُفيت من الماء، تحاول ابتلاع الهواء لداخلها كيفما اتفق..
كانت تبتلع أنفاسها حرفيا، فتختنق بها لتسعل وتشهق مجددا طلبا للهواء، كيف يمكن لجنية البحر أن تتنفس بسلاسة بعد أن طُردت من عالمها الذي تستحيل حياتها خارجه..
وقفت بمنتصف غرفة المعيشة مجردة من عزيمتها، فبدت هشة للغاية، شديدة الضآلة كدمية مصنوعة من بضعة مناديل ورقية.. لا يحتاج الأمر سوى نفخة هواء خفيفة تبعثرها، لتطير بين ذرات الهواء فاقدة لروحها..
بالأساس كانت أمواج ضئيلة الحجم بقوام لا يزيد طوله نهائيا عن مترٍ ونصف، لكنها الآن تبدو حقا كعقلة الإصبع.. ضئيلة منكمشة هشة كحورية بحر فقدت الحماية وسط صاعقة برق مدمرة ضربتها على حين غرة..
شهقة أخيرة أُطلقت من أعماق صدر مغدور، قبل أن ترمش صاحبته أجفانها في محاولة يائسة للاستيعاب.. تنظر حولها تحاول التأكد أن ما سمعته قبل قليل قد حدث بالفعل، وليست محض حيل عقلية مدمرة سكنت كابوسا أسود احتل وعيها أثناء وسنها في ليلة ليلاء..
سمعت صوت انغلاق باب غرفة بحر.. الغرفة التي يتخذها حصنا يحتمي به ضد الحياة، ليشتعل مرجل الغضب بداخلها، طاردا عن عينيها زرقة الماء، فلا يتبقى سوى غيوم رعدية بدرجات الرمادي، تنبئ بإعصار كاسح على وشك الانفجار ليبتلع ذلك البحر الهارب..
ركضت خلفه كطوفان مهيمن يتوق لابتلاع مرافئه وشطآنه، ثم أخذت تطرق على الباب بصخب مجنون وهي تهدر بعنف: "بحر افتح أيها الوغد.. ماذا فعلت يا أحمق؟؟ تبا لك.. لماذا تعاقبني؟"..
لم تتلقَ أي ردٍ من الجهة المقابلة، كما لم ينفتح الباب، فتابعت الطرق بصخب أكبر، وهي تهتف بجنون صارت عاجزة عن التحكم به: "افتح الباب وواجهني يا متخلف.. على الأقل أنا أحاول نيابة عن كلينا.. لا أهرب"..
وخلف الباب، كان بحر بالداخل يملأ حقيبته بملابسه النظيفة كيفما اتفق، وهو يفكر أنه سيعيش الآن شتاء أبديا بعيدا عن دفء أمواجه.. هذا بحرٌ معبأ بالأوجاع، فقضى بقرار ديكتاتوري منفرد أن يهجر أمواجه والشطآن..
الطرق المتواتر على الباب أزعجه بشدة، خاصة مع ارتفاع وتيرة إهاناتها له من خلف الباب، فتقدم يفتحه بتحفز يهيئ نفسه لثورتها المتوقعة، فهتف يستبق هجومها حين ظهرت أمامه بجنونها: "ماذا تريدين؟"
"أريدك أن تتراجع عما قلته الآن"..
ردت أمواج بنزق وهي تحيط خصرها بكفيها، ليناظرها من جديد بجمود، ظنته هي اشمئزاز، خاصة حين قال: "ارتدي شيئا محترما إذا كنتِ تريدين الحديث معي"، مقاوما بكل ما فيه المرور بمقلتيه على قوامها في عناق وداعي..
رفعت أمواج كفيها لأعلى تعتصر الهواء بأصابعها وكأنها تتخيل نفسها تخنقه، قبل أن تستدير أمامه ككرة من الثلج والنار، لتعود بعد دقيقة واحدة وقد لفّت جسدها بالكامل بروب الاستحمام الضخم خاصتها، فلم يعد يظهر منها سوى يداها وأسفل ساقيها فقط..
"لِمَ فعلت ذلك؟"
سألته أمواج بانكسار واضح في صوتها ينافي تماما نظراتها الاستجوابية المستنكرة، فقال بنبرة سكنها الخذلان: " ماذا تنتظرين مني؟ أنا كتلة من الهزائم والأوجاع.. أنا جبل من احباطات وهموم.. ماذا أقدمه لكِ نظير كل ما تقدمينه لي؟"..
همست باستجداء: "أنا أحبك"..
رد هادرا بتوبيخ صريح: "افهمي يا حمقاء.. أنا رجل مزقه كف الشيطان ولم يعد بي سوى صورة زائفة لإنسان تخبئ كارثة قبيحة خلف إطارها.. لم أعد ذئبا يليق بقطته ولا بحرا يستحق أمواجه.. أنا جرح ينزف سما.. إذا اقتربتِ، سيقتلك كمدا.. فابتعدي وانجدى نفسك من مأساتي"..
ردت تكرر بنفس الاستجداء: "وأنا أحبك.. دعني فقط أحبك.. وسنكون بخير"..
"أنا كدتُ أن أقتلك.. وقد أفعلها مجددا.. هل تريدين المقامرة بحياتك؟"
هتف بحر كلماته بحنق وكأنه يحدث امرأة فاقدة القدرة على الاستيعاب..
"لستُ ساذجة يا بحر.. وأعرف ما تمر به برغم أنك لا تتكلم"..
ردت أمواج بعقلانية تحاول استجدائه الفهم.. التشبث بالمقاومة حتى ينجو، لكنه ناظرها بذهول، وسألها مستنكرا: "ماذا تعرفين؟ ما الذي تظنين أنكِ تعرفينه؟"
"دعني أعيدك للحياة يا بحر.. أرجوك"..
توسلاتها أوجعت قلبه، فتظاهر بجمع المزيد من ملابسه ودسها في حقيبته بإهمال، ثم أغلق الحقيبة، وتحرك للخارج مهرولا كمن يهرب من إعصار سيبتلعه تماما..
كان يعلم أنه إذا مكث ببيته دقيقة أخرى، فإنه سيتهاوى راكعا على ركبتيه معتذرا يتوسلها الصفح، حتى أنه لم يتوقف لحمل حقيبة خدمته العسكرية التي تحتوي بقية أغراضه من رحلته الأخيرة.. ليتركها بذكرياتها السوداء..
غادر المنزل مسرعا ليجد سيارة ضخمة لنقل الأثاث تقف أمام البوابة الخارجية للبناية، وعمال كثر ينقلون صناديق ضخمة منها إلى تلك الشقة القابعة في الطابق الأرضي.. لم يكن مهتما بالسؤال عما يحدث، وقد قرر ألا يقود السيارة، لأنها حاليا تخص من ستصبح طليقته قريبا..
منذ اللحظة أي شيء يمتلكه سيذهب لعائلته.. يكفي أنه غادر أمواج وكيان طوعا.. إن كان سيغيب بجسده للأبد ويحرمهما من وجوده، فأقل ما يمكنه فعله حاليا هو دعمهما ماديا بكل ما يملكه.. سيحرص على ذلك..
أسرع يطلب سيارة مستأجرة عبر تطبيق للتوصيل ووقف يتابع ما يحدث بشرود حتى تقله السيارة..
حين وصل لمحطة الحافلات السياحية، قطع تذكرة إلى السويس، واستقر في الحافلة التالية، يمنع انسياب أفكاره برأسه، كيلا تثنيه عن مسعاه، مُذكّرا نفسه أنه ما يفعل هذا إلا لحماية زوجته وابنته من ذلك الوحش الذي يسكنه..
(أحيانا يكون انعدام الرحمة هو منتهى العدل.. أحيانا يفكك الظلم أصفاد السلام الحبيس فيصبح حرا لبسط أجنحته في الأفق)..
هكذا فكر بحر خلال رحلة الحافلة البطيئة حتى الملاذ..
لا يحتاج سوى كهفه.. والصمت..
هكذا سينجو..
لقد خسر فرات فرصته في الانضمام للسلك الأكاديمي بالجامعة بسببه، وخسر والداه سنوات من عمريهما ونال منهما المرض لقلقهما عليه خلال شهري الاختطاف، وكادت أمواج أن تخسر حياتها كليا على يديه..
ما الذي ينتظره بعد؟ أن يؤذي كيان أيضا؟
وداخل منزلها، كانت أمواج لا تزال تحاول استيعاب حالة الخواء التي لفتها فجأة برحيل بحر المفاجئ من البيت..
لعنت نفسها مرارا على غبائها.. هل تعجلت خطواتها لكي يتمسك بالحياة مقاوما لظلامه؟
هل كان عليها أن تطيل الصبر؟ لماذا يصر أن تصرفه هو الأصح في هذا الموقف؟
ألا يعلم البحر أنه إذا انحسر عن أمواجه، ستتهاوى على اليابسة لتبتلعها الرمال فتغرق؟
ولكن كيف لها أن تسقط بالرمال وتدفن نفسها، بينما عليها أن تلتقط سفينتهما التي تضربها الأعاصير من كل الجهات حتى كادت أن تفقد دفتها طريقها لتتحطم على صخرة الخذلان..
أمواج لا تمتلك رفاهية الانهيار، وقد تركها بحر بمنتصف الطريق تعافر وحدها للخروج بابنتهما كيان إلى بر النجاة، وهو يعلم أنها خير من تقوم بذلك.. يثق جيدا أنها لن تزوي وتتمزق كقطة جريحة خذلها الذئب، وستنهض لتزود عن صغيرتهما نيابة عنه..
ستظل واقفة على قدميها من أجل الصغيرة، لكنها لن تستسلم.. ستعيده إليها طوعا أو كرها..
أمواج هذا البحر تعرفه جيدا، لذا ستثور عليه – لأجله، ستفعل كل ما بوسعها كي تحميه من الانزواء في كهفه المظلم أو السقوط بهوة سحيقة تبتلعه تماما..
الأيام التالية قضتها أمواج بشكل آلي.. تستيقظ لتؤدي كل ما عليها من واجبات تخص عملها ورعاية ابنتها.. وفي المساء تراسل بحرها تطلب منه أن يردها إلى عصمته، فلا تجد منه جوابا..
ظل هكذا لنحو أسبوعين.. يتجاهلها تماما، وإن كان يقرأ رسائلها..
وكأن تلك الرسائل هي السبيل الوحيد له ليتأكد أنها متماسكة وليست منهارة..
أمواج بخير.. وستنسى..
بعد بضعة أيام، قررت أن تغير أسلوبها قليلا، وبدلا من إرسالها الرسالة في موعدها المسائي كالمعتاد، نشرت عبر حسابها على "فايسبوك" مقطع من أغنية أنغام "قلبك معادش ملكك"، تماما كما فعلت حين أجبره والدها عن الابتعاد عنها لعامٍ كاملٍ.. غير أنها هذه المرة اختارت المقطع الذي تغني فيه أنغام:
قلبك بقى حتة مني.. إرضى وطاوعني
جواك سامعني.. وليه مانعنا نعيش حياتنا وحبنا
وحدك.. وأنا لوحدي.. عمال يعدي.. وقتك ووقتي
عايزاك.. عايزني.. طب ليه نضيع عمرنا
من المستحيل إنك تبعد حبيب عنك
حبيب لقى منك كل اللي يتمناه
من المستحيل تهرب إرتاح بقى وقرب
أصل اللي بيحبك ما عرفش كلمة لا
قلبك ما عدش ملكك مادام سكنتك
قلبك ما عدش عندك.. مبقاش يخصك
مادام بحبك.. خلاص بقى قلبي أنا

في بيت عائلته بالسويس، كان بحر يشعر باحتراق بجسده بالكامل بعد أن شاهد المقطع.. احتراق الغضب..
غاضب لأنها لا تعرف متى تتوقف.. لا تزال تحاول دفعه قسرا لإعادتها لعصمته، وهو لا يمتلك أي شيء يقدمه لها.. لقد بحث بداخله صدقا عن الاشتعال الذي كان دائما يصيبه نحوها، لكنه لم يجد سوى الرماد.. فأسرع بارتكاب حماقة جديدة، أرشده تفكيره أنها التصرف الأمثل حاليا..
شرع يتمم إجراءات الطلاق، مرسلا لها ورقتها بإشعار رسمي من المحكمة..
وأمواج التي لم تتلقى منه ردا على تمسكها غير المشروط به سوى تلك الورقة اللعينة التي تثبت أن ما تلفظ به أمامها قبل أسابيع لم يكن وهما، قد بدأت تشعر بتسلل اليأس لقلبها.. لقد فقدت الأمل كليا، بعد أن تلاشى تأثيرها على بحرٍ تماما..
ها هي قد تيقنت بأصعب وسيلة ألا شيء ستفعله سيؤثر به بعد الآن..
إنها لم تخبر أحدا حتى الآن عما دار بينها وبينه.. يعتقد الجميع أنه قد سافر للسويس ليقضي عدة أيام مع والديه وشقيقه، فيستعيد بعضا من نفسه القديمة..
والأيام قد تحولت لأسابيع.. والآن عليها أن تعلن – وحدها- عن طلاقهما..
ضربها اليأس في مقتل، فأمست لا تعانق النوم إلا بعد أن تقدم له قرابين الدموع الغزيرة كل ليلة، فيتحول شعورها بالفقد إلى اختناق بالخذلان، حتى تمكن منها المرض، وسقطت تحت وطأة حمى غريبة أصابتها بقيء مستمر، ولما زارت الطبيبة، بشّرتها أنها حامل، لكنها حذرتها أنها تعاني من سوء تغذية واضح، ونصحتها بالاهتمام بأكلها وعدم التعرض لأي ضغط عصبي..
سارعت تتصل به لكي تزف إليه البشرى.. ها هو الأمل يعود ليلفهما من جديد، لكنه ما أن استقبل المكالمة حتى بادرها بنبرة مستنكرة: "ماذا تفعلين بالله عليكِ؟؟ ألا تفهمين؟؟ لقد انتهينا.. أين كرامتكِ يا ابنة خالتي؟"..
ردت بقوة تخفي انكسارها من كلماته التي توقن أنه لا يقصدها نهائيا: "لا أفعل شيئا حراما.. حتى الآن ما زلتُ زوجتك.. ومن حقي أن أدعوك لتردّني لعصمتك لكي أحمي بيتي وأستعيد حب حياتي.. ليس بيننا خلافٌ تستحيل معه العشرة"..
ضحكة هازئة صدرت من بحر، قبل أن يقول مستنكرا: "هل أصبحتِ عمياء؟ أقول لكِ للمرة الأخيرة يا أمواج.. ابتعدي عني وتحلي ببعض الكبرياء.. هذا أفضل للجميع"..
(تبا لك يا بحر.. سأريك كيف تهين أمواج الحلواني)..
هكذا أقسمت أمواج في فورة غضبها، لكنها استدركت مقتنعة أن الانتقام لكي يؤتي ثماره، يجب أن يتم بقلب بارد.. فقررت أن تنتظر قليلا حتى تتخلص من غضبها المتفجر..


يتبـــــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 07:49 PM   #1086

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثالثة والثلاثون: القسم الثاني

جالسا على الفراش عاقدا ساقيه يتابعها تهم بترتيب ملابسه داخل حقيبة السفر بآلية.. يحاول استقراء انفعالاتها، ولا يفلح..
يشعرها مختلفة بالفترة الأخيرة، وكأنها حزينة أو ترزح تحت ضغط عصبي هائل.. هل بسبب عدم عودتها للعمل حتى الآن؟ لقد اقترح عليها الأمر أكثر من مرة وهي من تصر على التأجيل..
هل يبلغها برغبته أن يجربا الإنجاب أم تراه سيضغط عليها لتأجيل حلمها الأكبر؟ يريد فقط أن تخرج من تلك الحالة ولا يجد سبيلا..
"ما رأيكِ أن تصاحبيني للسفر للأردن؟؟
انتبهت ذكرى إلى صوته، فناظرته لوهلة تستوعب سؤاله، حين تابع: "تعلمين أن السفر للأردن لا يتطلب تأشيرة مسبقة.. يمكنكِ السفر معي.. فقط أضيفي بعضا من ملابسك للحقيبة وهاتِ جواز سفركِ"..
ابتسمت ذكرى بحب، وقالت: "لقد وعدتُ أمي أن أبقى معها أيام سفرك الثلاثة.. لقد اشتقتُ إليها للغاية"..
ابتسم آدم بتفهم وقال: "بالفعل قد يفيدك البقاء معها لبضعة أيام.. لا تعجبني حالتك يا حياتي.. تبدين مشتتة الذهن ومجهدة"..
ناظرته ذكرى بمقلتين مضطربتين، ثم حركت بصرها جانبا لتخفي أنظارها عن زوجها كيلا يقرأ حيرتها وتشتت أفكارها، بينما كان الأخير قد لاحظ بالفعل ما يعتمل بها، غير أن ضيق الوقت منعه من الضغط عليها بأسئلته، فهو لا يريد السفر وهما في حالة شجار، لذا فقد أرجأ المواجهة لما بعد عودته..
بعد ساعات قليلة، أوصلت ذكرى زوجها للمطار، ثم عرجت على صيدلية في طريق عودتها للمنزل، حيث اشترت اختبارا للحمل..
لقد تأخرت ظروفها الشهرية لعدة أيام، وتشعر أنها حامل..
نعم، يغمرها هذا الشعور، لكنها لا تريد أن ترفع آمالها كيلا يصيبها الإحباط إذا ثبت عدم صحة الأمر، لذا لم تسرع بإخبار زوجها بما ترجوه، وقررت أولا أن تتأكد من الأمر بعد سفره كي تفاجئه إذا تأكد رجاؤها..
حين وصلت للبيت، سارعت ذكرى تُجري الاختبار بحمام غرفتها، ولمّا تأكدت من حملها بظهور علامتين ورديتين على شريط الاختبار، أخذت تصرخ سعادة وسالت دموع الفرح على وجنتيها، فأسرعت تلتقط عدة صور لشريط الاختبار، مقررة إرسال الصور لزوجها الذي على الأرجح قد استقر على مقعده بالطائرة الآن، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة، مقررة أن تخبره وجها لوجه بعد أن تعد الأجواء المناسبة لمفاجأته.. وهكذا تستطيع أن ترى رد فعله وتشاركه الفرحة..
رمت ذكرى شريط الاختبار بسلة المهملات الصغيرة الملحقة بحمامها، ثم سارعت تحجز موعدا لدى الدكتورة حنان بمركز "ثمرات" الطبي لكي تتأكد من حملها بتحليل للدم، فتبدأ المتابعة معها..
ستحصل على منها على صورة لأشعة الموجات الصوتية، ثم تضعها بصندوق هدايا مع ثلاث دمى لأسرة صغيرة من البط الأصفر .. الأب والأم وطفلهما.. سيسعد آدم كثيرا عندما يفتح الصندوق ليكتشف الهدية المذهلة.. لقد أصبحت متأكدة أنه لا يريد سواها أما لأولاده برغم محاولات والدته إفساد استقرار حياتهما..
سيكون الطفل أفضل وسيلة لتقوية ما بينهما وهدم كل ما تسعى الدكتورة رقية من مؤامرات ضدها منذ وقّع آدم وثيقة عقد قرانهما..
بعد أن انتهت من مكالمتها الهاتفية، أخذت حقيبة ملابسها الجرارة التي كانت قد أعدتها من قبل لتتوجه لبيت أمها، بعد أن عرجت أولا على حماتها تحيطها علما بزيارتها لأمها..
بالطبع، لن تخبر رقية بحملها الآن.. ولن تخبرها في غياب آدم أبدا.. ستتجنب المواجهة معها بمفردها كيلا تتلقى منها كلمات الإهانة والتقريع بشكل مستتر أو صريح.. لقد ملت من أسلوبها ولا تتحمل إلا لأجل زوجها الذي يعوضها بمعاملته وحبه عن كل مساوئ والدته..
فور أن وصلت ذكرى لبيت والدتها، زفت لها الخبر السعيد، وأمضيتا الساعات التالية تحتفلان بحملها.. وفي المساء، استقرت في فراشها، تجري مكالمة مرئية مع زوجها الذي لاحظ تغير حالتها المزاجية تماما، وقد التمعت عيناها من جديد بالبهجة والحماس، فسألها عن السبب، لتخبره أنها تعد له مفاجأة عندما يعود بعد ثلاثة أيام..
بعد نهاية المكالمة، اختطفتها الغيوم القطنية لنوم هادئ جميل زارها فيه طيف حبيبها يمنّيها بقناديل وزهور ويخبرها أنها دميته الأثيرة، وتحفته الأثمن.. وفي حلمها، رأت بطتهما الصغيرة تركض حولهما بقدميها الصغيرتين، تمتلك نفس مشاكسة والدها.. والبطة المشاغبة ركضت وركضت حتى ابتعدت عنهما، لتسقط في النهاية، فينكسر منقارها وساقيها.. الدماء تملأ المكان، وضحكات البطة تتوقف وأنفاسها تتباطأ، لتغلق عينيها نهائيا..
تستيقظ ذكرى شاهقة مرتعبة.. جسدها بالكامل غارقا بالعرق يختض بعنف وقلقها ينبض بجنون تكاد تتوقف له أنفاسها المتلاحقة.. وآلام حادة بأسفل بطنها.. و.. شعور بالرطوبة يحيطها وكأن أحدهم قد سكب تحتها كوبا من الماء..
تنهض من فراشها مسرعة، وتضيء المصباح الجانبي لتجد بقعة غير صغيرة تتوسط فراشها.. بقعة من الدماء..
ألم بطنها يزداد.. تشهق مرتعبة وتكتم صرخاتها بكفيها كيلا ترعب والدتها، وهي تتمتم بعدم تصديق: "يا الله.. لماذا؟ لماذا؟ ابقه لي يا رب.. احفظه لي"..
تظل مستيقظة لما تبقى من ساعات الليل وقد أسرها الألم والهواجس.. وفي الصباح تعد لأمها الفطور متحاملة على أوجاعها كيلا تلاحظ أمها ويصيبها القلق.. تخبرها أنها ستتوجه لمشوار هام، وستعود لاحقا، وأنها سترسل الممرضة لترافقها..
تناظرها آمال بقلق وتسألها عما بها، فتخبرها أن كل شيء على ما يرام، لكنها فقط بحاجة للذهاب لمشوار مهم بخصوص عودتها لاستئناف عملها..
تغادر ذكرى بقلب مرتعش إلى المركز الطبي، وبطريقة ما تنجح في أن تكون أول حالة تطالعها الدكتورة حنان، التي سحبت منها عينات دم، وأجرت لها أشعة بالموجات فوق الصوتية، لتخبرها بالجلوس قليلا بغرفة الانتظار حتى تظهر نتيجة التحليل لكي تفهم سبب النزيف..
كان يبدو على الطبيبة أنها قد شخصت الحالة بالفعل، لكنها أرادت أن تمنحها بعض الوقت لكي تهدأ قليلا وتتناول شيئا إذ كان الشحوب يكسوها بعد فقدانها للدماء..
في تلك الأثناء، دلفت لغرفة الانتظار ثلاثة من النسوة، يجمعهن حوارٌ صاخب، إذ تبدو واحدة منهن – أصغرهن حجما في الواقع – وكأنها قنبلة من الغضب على وشك الانفجار، فأخذت تقول بضيق: "لن أتركه ينجو بفعلته.. سترى يا بحر.. والله لأذيقنك الويل يا ابن الديب"، بينما تربت كلا من صديقتيها على كتفيها لكي تهدأ..
حين استقرت الثلاثة على المقاعد المواجهة لذلك الذي تجلس عليه ذكرى، أومأت إحداهن إليها بابتسامة تحية مجاملة.. كانت ملامحها هادئة مريحة للنفس وعيناها الواسعتان تتكحلان بالسكينة، وتزداد جاذبية بفضل جدائلها التي تجمعها حول رأسها لتجعلها تبدو كطالبة في بداية دراستها الجامعية، خاصة وأن وجهها منمق الملامح يخلو من أية لمسات تجميلية..
أما الثالثة التي كانت سمراء البشرة بوجه مستدير محبب الملامح، وترتدي فستانا واسعا يخفي امتلاء قوامها، فقد همست باستدراك: "أنتِ الفاشونيستا كيري.. صحيح؟ أنا أتابعكِ"..
بنفس اللحظة، ارتفعت أعين صديقتيها نحوها، لتهمس الصاخبة العصبية: "أجل.. هذه كيري.. صاحبة حساب كيري فاشون على انستجرام"، بينما قالت ذات الجدائل: "أحب مقاطعك الطريفة مع زوجك.. أنتما ثنائي عفوي.."
عند ذكر زوجها، عاودت دموع ذكرى الانهمار، لتنهض ثلاثتهن دفعة واحدة ويُحلقن حولها كثلاث فراشات، كل واحدة تهمس لها بكلمات تطمئنها دون أن تعرف حتى أسمائهن، لتجد نفسها فجأة محاطة برعاية ثلاثة سيدات تقابلهن للمرة الأولى، بينما ذاب عن أربعتهن حاجز وهمي من الاغتراب لتشعر بدعمهن الحقيقي لها في تلك اللحظات المتعبة لأعصابها..
بعد أن هدأت ذكرى قليلا، أمسكت كل واحدة من النسوة الثلاثة بأطراف الحديث لكي تقدم لها نفسها، ثم نهضت السمراء اللطيفة زهو لكي تحضر لهن بعض العصير ولذكرى شطيرة تتناولها بعد أن ازداد شحوبها..
وخلال الساعتين التاليتين، وجدت ذكرى نفسها تستمع لفضفضة الفتيات بينما تتناول شطيرة من الجبن وترتشف العصير الطازج إلى أن استدعتها الطبيبة مجددا..
استقبلت الدكتورة حنان مريضتها ذكرى من جديد، تخبرها بهدوء لا يخلو من تعاطف، أنها حامل بالفعل ولكن حملها خارج الرحم ومن الأفضل إزالته بالمنظار حتى يتوقف النزيف ولا يتسبب بأضرار مستقبلية تعوقها عن الحمل..
وذكرى المعروفة بقوتها عادة، لم تتمالك نفسها من البكاء وهي ترى أفول الشمس عن حلمها كالكسوف الكلي ليغمر حياتها في ظلام تام، فهمست الطبيبة بتفهّم: "يمكنكِ العودة للمنزل والحضور صباحا من أجمل المنظار.. هل هناك من يمكنه الاعتناء بكِ؟"
هزت ذكرى رأسها نفيا والدموع لا تتوقف عن إغراقها لوجنتيها، لتتابع الطبيبة: "لا بأس.. يمكنكِ أن تحجزي غرفة وتبيتين بالمركز لتتجهزي للمنظار غدا.. لا تقلقي، الإجراء بسيط وغير مؤلم لكنه ضروري لحمايتك من مخاطر نمو الحمل لفترة أطول"..
لمّا خرجت ذكرى من غرفة الطبيبة منهارة بدموع الحزن، تجمعت النسوة الثلاثة حولها للاطمئنان عليها.. كانت قد نست أمرهن تماما خلال تلك الدقائق العصيبة داخل غرفة الكشف.. ولمّا سألنها عن وضعها، أخبرتهن بصراحة أنها ستخضع لجراحة مناظير لأن حملها خارج الرحم، لتغمرها الفتيات بتعاطفهن، قبل أن تنادي الممرضة لأمواج الحلواني لكي تخضع للكشف، فنهضت زهو تصاحبها، بينما أخبرتهما شادن أنها ستبقى مع ذكرى تنهي إجراءات استقبالها بغرفة بالمركز..
داخل غرفة الكشف، خضعت أمواج الحلواني لفحص اعتيادي من الدكتورة حنان التي أخبرتها أنها تعاني من نقص الوزن وعليها العناية بوجباتها، كما وصفت لها بعض المكملات الغذائية الضرورية بتلك المرحلة من الحمل، ورتبت معها جدول المتابعة، حيث أنها ببداية الشهر الثاني من الحمل، وتحتاج زيارات دورية للطبيبة للتأكد من ازدياد وزنها بشكل طبيعي مع تقدمها بالحمل.. بنهاية الفحص أخبرتها الطبيبة أن تبتعد عن أي ضغوط نفسية حتى لا يرتفع ضغط دمها..
حين غادرت أمواج غرفة الكشف مع صديقتها زهو الصاوي، وجدتا شادن تجلس إلى جوار ذكرى التي كانت على ما يبدو تحاول إجراء مكالمة هاتفية دون أن تفلح..
اقتربتا بإشفاق، حين قالت ذكرى بضياع: "أحاول أن أهاتف زوجي، لكنه سافر لمؤتمر طبي بالأردن، وعلى ما يبدو يتواجد حاليا داخل قاعة الندوات ولا يستطيع استقبال المكالمة"..
ردت زهو بلطف: "لا تخبريه خلال سفره حتى لا يفزع عليكِ.. انتظري حتى يعود"..
همست ذكرى باضطراب: "ولكنني أحتاجه الآن.. ليس لي أحدٌ سواه"..
سألتها أمواج باهتمام: "أليس لكِ أخوة؟ أو إحدى قريباتك يمكنها مرافقتكِ الليلة بالمشفى؟"
هزت ذكرى رأسها بعجز، وهمست بلا صوت: "ليس لي أحدٌ سواه"..
قالت شادن متطوعة بعزم: "أنا سأبيت معكِ.. وهاتان ستجلسان معنا بغرفتكِ حتى المساء.. ليس لدينا شيء آخر لنفعله"..
رفعت ذكرى حاجبيها بعدم تصديق، فالتقطت زهو طرف الحديث وقالت ممازحة: "هذه القصيرة ستصدع رأسكِ بحديثها عن زوجها الذي هو بالمناسبة ابن خالتها أيضا.. لكنه أرسل لها وثيقة الطلاق قبل أيام"..
شهقت ذكرى ورفعت يدها لفمها بعدم تصديق، وظنتها تروي كذبة حتى تدفعها للضحك، لكن مسحة الحزن الممزوج بالغضب المشتعل بعينيّ أمواج، أخبرتها أن ما تفوهت به زهو كان واقعيا..
بعد قليل، جاءت الممرضة لكي ترشد ذكرى لغرفتها، بينما سألتها شادن: "هل تحتاجين شيئا؟"
ردت ذكرى بحرج: "فقط بعض الملابس التحتية"..
قالت شادن: "إذا لأنزل لأحضر بعض الطعام لنا وبعض الملابس التحتية لكِ ريثما تخبركِ الممرضة بالإجراءات العلاجية التي ستخضعين لها حتى جراحة المنظار بالصباح"..
في تلك الأثناء، هاتفت ذكرى والدتها، وأخبرتها أنها اضطرت للعودة لبيتها بسبب تعب حماتها ورغبتها في متابعتها في غياب آدم، وأخبرتها أنها سترسل لها الممرضة المرافقة لها من جديد حتى لا تتركها بمفردها..
استشعرت آمال أن هناك شيء بابنتها، لكن الأخيرة طمأنتها وأخبرتها أنها ستسرع الآن بالعودة للبيت بعد أن أنهت اجتماعها مع رئيسة فريق التمريض بالمشفى الذي ستعود للعمل به..
حين دلفت شادن لغرفة ذكرى، رأت في عينيها ذلك الحزن المرير الذي دأب على السكن بمقلتيها هي من قبل عقب كل مرة تكتشف فيها فشلها في الحمل، خاصة تلك المرة الأخيرة التي تلقت فيها الخبر وحدها بدون زوجها الذي كان منشغلا وقتها بالاحتفال بحمل زوجته الثانية..
هزت رأسها تطرد تلك الذكرى عنها، ثم اقتربت تطبع قبلة عفوية على جبين ذكرى، وتبادلها نظرة متفهمة، أخبرت ذكرى بلا كلمات أنها تشاركها نفس الوجع، وأنها عانت فقدان الحلم من قبل.. مثلها تماما..
لاحظت أمواج اضطراب نظرات ذكرى وشادن، فسارعت تقول: "لا أعلم من بلانا بتلك المدعوة نرمين مرزوق لتصبح جارتنا ببنايتنا.. لا أطيق تواجدها بمحيطنا.. امرأة متميعة خبيثة النظرات.. لا تريحني إطلاقا"..
صمتت قليلا، ثم تابعت بنزق: "ألم يجدر بالشركة صاحبة مشروع الوحدات بتجمعنا السكني أن تستشيرنا فيمن سترسله ليسكن معنا؟"..
ضحكت زهو وقالت ممازحة: "يا ابنتي أنتِ ابنة عبد المنصف الحلواني، وليس الحلواني الذي بنى مصر كلها.. يبدو أن الأمر اختلط عليكِ"..
ضحكت شادن بصخب، لتزفر أمواج بعنف وتعقد ذراعيها على صدرها بتحفز، لتقول الأولى: "تعاملا معها في أضيق الحدود.. ولا تتركا لها المساحة لتستفزكما.. لقد لاحظت أنها تتفوه دائما بالحماقات المستفزة خلال زياراتي لكما"..
قاطع استرسالهما بالحديث، ارتفاع هاتف أمواج بالرنين، لتشير لهن بالصمت، فتقول بعد استقبالها المكالمة: "مرحبا بطوط"..
تستمع قليلا لخالتها على الطرف الآخر قبل أن ترد: "أنا بخير.. لا تقلقي عليّ.. كانت مجرد نوبة حمى وبرأت منها.. وهو؟؟ هل هو بخير؟؟"..
تهدجت أنفاس أمواج بسؤالها، وعقدت حاجبيها وهي تستمع لما ردت به خالتها، قبل أن تهتف بضيق: "ابنك غبي يا خالتي لا تؤاخذيني"..
تبادلت المزيد من الحديث مع خالتها ثم أنهت المكالمة، قبل أن تسألها زهو باهتمام: "هل أخبرتِ خالتكِ عن الحمل؟"..
هزت أمواج رأسها نفيا، لتسألها شادن: "وعمي منصف وفايزة؟"..
عاودت أمواج هز رأسها نفيا من جديد، لتقول: "وبالطبع لم أخبر بحر.. والله لأذيقنه الويل.. لن أهدأ قبل أن أكسر أنفه كما فعل بي"..
لم تعرف شادن وزهو أبدا تفاصيل ما جرى بين بحر وأمواج ودفع الأخير لكي يلقي على مسامعها يمين الطلاق، ثم يسرع بإرسال وثيقة تأكيد انفصالهما بإشعار رسمي من المحكمة..
لا تدريان شيئا عما جرى يوم رأى ذلك الكابوس المفزع، ولا يوم أن رقصت له زوجته لتخرجه من يأسه وجموده.. فأمواج تحفظ سر زوجها، لكن ليس معنى هذا أنها ستسامحه على حماقاته..
لن تكون أمواج الحلواني ما لم تعاقبه حتى تهدأ نيران صدرها..
همست شادن بتحذير واستنكار: "أنتِ لا تفكرين بالتخلص من حملكِ.. صحيح؟"..
ردت زهو مسرعة: "أمواج لا تفعل ذلك أبدا بصغيرها، مهما كانت غاضبة من الأحمق والده"، ثم ناظرت أمواج بحرج معتذرة لأنها أهانت زوجها أمامها..
مطت أمواج شفتيها باستياء، وتابعت: "أتخلص ممن؟ من طفلي؟ مستحيل.. أنا فقط سأجعل والده يدور حول نفسه كالدجاجة الدائخة"..
ردت شادن بحذر: "لأول مرة لا أفهم ما يدور برأسكِ يا ابنة عمي.. وأخشى مما تنوين عليه.. لا تدعي جنونكِ يقودكِ لارتكاب حماقة كما فعل زوجك الأحمق.. عذرا يا أمواج هو من يدفعنا لكي ننعته بالحماقة.. لا أحد يفهم تصرفه"..
ازدردت زهو ريقها وقالت بنبرة شديدة الكآبة: "كان يجب عليه أن يحمد الله لأنه عاد سليما بعد ذلك الحادث اللعين.. وأن يبدأ لململة شتات حياته"..
ردت أمواج مدافعة عنه: "لقد مر بالكثير ويحتاج لبعض الوقت لكي يتمالك نفسه.. لكنني لن أجعل الوضع سهلا عليه.. لقد قمت بذلك بالفعل وكانت النتيجة مزرية.. الآن سأغير من أسلحتي.. أخطط لإخباره بحملي بطريقة تشعل النيران في رأسه وأذنيه.. ألا يقولون إن كل شيء مباح في الحب والحرب؟؟"..
ردت شادن بعد أن ربتت على كتفها بتعاطف: "لطالما كنتِ قوية يا أمواج.. بحر لا يستغنى عنكِ أبدا.. بالتأكيد سيعود لكِ فور أن يستعيد وعيه"..
ابتسمت أمواج وقد اشتعلت عيناها بالجنون، وقالت: "وإن لم يعد طوعا، سأجعله يعود زاحفا بعد أن أكبل قدميه بحبل"..
حين أنهت الفتيات مناقشتهما الصاخبة، استرخت ذكرى على فراشها تستسلم للنوم، وعلى وجهها ابتسامة حزينة.. ابتسامة امتنان أن وضعهن الله بطريقها اليوم تحديدا حتى لا تقاسي آلامها وحدها فيتضاعف عليها الشعور بالحرمان والوحدة وفقدان الرفقة..
وهنا فقط، انسحبت أمواج وزهو عائدتين للبيت، خاصة وأن منال والدة زهو كانت تراعي الصغيرين كيان وساري، بينما هاتفت شادن والدها تخبره أنها ستبيت مع صديقتها في المشفى لأنها تخضع لعملية إجهاض..
ووالدها الذي يعرف جيدا حساسية هذا الأمر بالنسبة لها، لم يشأ مجادلتها وسؤالها عن التفاصيل، وأخبرها فقط أن تعتني بنفسها وتتصل به إذا كانت تشعر برغبة في الفضفضة..
الشيء الوحيد الذي يُشعر شادن بالامتنان بعد محنة طلاقها، أن والدها بات حاليا الداعم الأول لها بكل شيء، وكأنه يحاول بكل ما يمتلك من طاقة أن يدفع السعادة بطريقها دفعا، بعد أن عاشت سنوات في بؤس مقيم دون أن تشتكي..

يتبــــــــــــــــــــــ ــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 07:51 PM   #1087

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثالثة والثلاثون: القسم الثالث

الأمور تخرج من زمام سيطرتها ولا تستطيع التفكير الآن بأية وسيلة لكي تستعيد الإمساك بكل أطراف اللعبة في يدها من جديد..
اللعبة.. لقد طالت لمدى لم تتوقعه.. كانت تظنه سيستمتع بدميته البراقة التي جذبته بسحرها الذي تتقنه جيدا، عالمة أن ابنها سرعان ما سيستفيق من أوهام الحب ويطردها من حياته شر طردة بعد أن يتأكد أنها لا تصلح سيدة لحياته بأصلها الوضيع ومهنتها التي لا ترقى بأي حل من الأحوال لوريث امبراطورية آل عزازي..
منذ أن جاءتها عاملة التنظيف بذلك الشريط الذي وجدته بسلة مهملاتها، وهي تشتعل بالغضب..
الدكتورة رقية ظلت لفترة طويلة تحاول زرع خادمتها كجاسوسة لها بشقة ابنها، كي تنقل لها كل ما يدور بينه وبين زوجته الحرباء، فتتمكن من اقتناص الفرص المناسبة لإظهار عيوبها أمامه فيقتنع أنها لا تناسبه، لكن أنثى العنكبوت تلك قد نسجت خيوطها بقوة داخل قلب ابنها وأغرقته بتدليلها حتى قمة رأسه، فلم يعد يرى سواها بالأفق..
لكن، رغم حرص ذكرى على إبعاد الخادمة عن عرينها، إلا أن الدكتورة رقية ليست غرة لتتركها تنفرد بابنها هكذا، فهي من جهة تمتلك نسخة من مفتاح شقته، فاستغلت جيدا الأوقات التي يخلو منزلهما من قاطنيه، إذ كانت تحرص على إرسال الخادمة لبيتهما لتفقده سريعا علّها تأتي لها ببعض الأسرار.. بل إنها أحيانا كانت تصعد بنفسها لكي تفتش المنزل لتتصيد أخطاء زوجة ابنها كلما تيسرت لها الفرصة..
تتمنى فقط ربع فرصة حتى تركل تلك البغيضة التي تنافسها على اهتمام وولاء ابنها خارج حياتهما، فيعود لها ابنها كما كان.. طيّعا لينا.. يستمع لكل ما ترشده والدته إليه، بدلا من استقلاله التام الآن لدرجة أنه لم يعد حتى يزورها بدون زوجته..
وقد حاولت أكثر من مرة أن تهينها أمامه علّ الأخيرة تتواقح وتحاول رد الإهانة لها، عالمة كل العلم أن ابنها لن يتقبل الأمر أبدا وسيتصرف مع زوجته تصرفا رادعا، لكن الأخيرة دأبت في الفترة الأخيرة على ابتلاع الإهانات والتعامي عنها تماما، لأنها على ما يبدو كانت تعد لضربتها القاضية..
تبا.. الوضيعة حامل.. حفيد الدكتور طاهر عزازي والدكتورة رقية عزازي، ستكون أمه محض ممرضة، وجدته لأمه قعيدة لم تكمل تعليمها حتى، وجده لأمه.. حدث ولا حرج.. رجل قذر الهيئة والسلوك يسيئ لأي كيان من الممكن أن ينتمي إليه..
إذا وافقت على هذا الأمر، لن تكون رقية عزازي..
ستدفع ابنها ليطلقها وينفرد بحضانة الصغير، ثم يتزوج واحدة من نفس طبقته تليق به وتشاركه التحليق إلى عنان السماء بدلا من تلك القذرة التي تجذبه إلى القاع..
ولكن كيف.. كيف؟
أمسكت بهاتفها تطلب رقمها، لكن الخط على ما يبدو مغلق.. حاولت أكثر من مرة ولا تزال لا تستطيع التواصل معها..
سارعت تطلب رقم آمال والدتها، فردت الأخيرة بتعب كالمعتاد، وبعد أن تبادلت معها التحية، علمت منها أن ذكرى قد رحلت منذ الصباح لكي تحدد مع مديرتها موعد عودتها للعمل، وأنها من المفترض أن تعود للبيت لاحقا حتى تعتني بها، بعد أن علمت بمرضها..
اندهشت رقية من اضطرار ذكرى للكذب على والدتها هكذا.. تُرى أين ذهبت؟
أنهت المكالمة ببضع كلمات كيفما اتفق، تخبر آمال أنها ستجعل ابنتها تهاتفها فور أن تعود وتشحن هاتفها الذي على ما يبدو قد فرغ شحن بطاريته..
ظلت تحاول مكالمة زوجة ابنها الهاربة حتى قرب منتصف الليل دون رد، لتأتيها مكالمة هاتفية من ابنها، لترد عليه بلهفة مصطنعة: "ابني.. كيف حالك؟"
رد آدم بتوتر ملحوظ: "أنا بخير يا أمي.. ولكنني أحاول الاتصال بذكرى ولا أتلقى منها ردا.. ووالدتها أخبرتني أنها عادت للمنزل"..
ردت أمه بتنمر واستنكار: "لم تعد يا بُني.. زوجتك ستقضي ليلتها بالخارج ولا أعرف لها مكانها.. لا أدري لِم كذبت على والدتها وأخبرتها أنها عائدة إلى هنا"..
تنهد آدم بتشنج وقد تملك منه القلق، لكن أمه قررت أن تطرق الحديد وهو ساخن، فتابعت بخبث متصنعة التعاطف معه: "زوجتك تحيك أمرا في الخفاء.. كيف تتصرف بعدم المبالاة هذا؟ ما هذا التسيّب؟ ألهذا الحد لا تحترم اسمك وسمعتك لدرجة أن تقضي ليلتها بالخارج دون أن تخبرك عن الوجهة والسبب.. الله أعلم ما الذي تفعله الآن؟"
تمتم آدم ببعض الكلمات ينهي المكالمة مع أمه، بينما يأكل القلق دواخله.. تُرى هل تعرضت لحادث؟ أو وقعت في كرب؟ عليه أن يعود فورا.. لن ينتظر انتهاء المؤتمر.. أسرع يطلب من إدارة الفندق تجهيز سيارة له للمطار، وجمع أغراضه بعشوائية كيفما اتفق، ثم جلس في السيارة التي انطلقت به للمطار ليبحث عن تذكرة طيران على أسرع رحلة متوجهة للقاهرة..
لم يكن محظوظا كفاية، إذ وجد أقرب رحلة ستنطلق خلال خمس عشرة ساعة، أي أنه سيكون ببيته بحلول عصر الغد، ومع ذلك لم يشعر نفسه قادرا على العودة للفندق، وأصر على الجلوس بصالة الانتظار بالمطار، ليترك قلقه يقتات على أعصابه حتى يطمئن على حبيبته..
أسرع يتصل بابن عم والده الدكتور رفيق.. والذي يعتبره كعمٍ له رغم أن فارق العمر لا يزيد عن ثلاثة عشر عاما.. ولكنه أقرب شخص له داخل إطار العائلة، وأخبره بمخاوفه أن يكون قد أصاب زوجته مكروها أو تعرضت لحادث، فهي لم تعد للبيت بعد، فأخبره عمه أنها سيتواصل مع المستشفيات وأقسام الشرطة ويطمئنه..
أمضى الساعات التالية شاردا تتلقفه الأفكار السيئة فتعكر اتزانه وتزيده هما وتوترا..
بحلول صباح اليوم التالي، اتصل به رفيق عزازي، ليخبره أن اسمها لم يرد بطوارئ المستشفيات أو بمحاضر أقسام الشرطة، محاولا بث بعض الطمأنينة بقلبه، لكن آدم أنهى المكالمة معه محبطا، ينتظر الإعلان عن جاهزية طائرته ليصعد لمقعده، متعجلا لحظة ملامسة عجلاتها لأرضية مدرج مطار القاهرة..
مرت بضع ساعات إضافية إلى أن تم إعلان نداء لركاب طائرة القاهرة بالصعود لمتنها، فهرع للتلبية محررا آخر رسالة لذكرى يرجوها أن تطمئنه عليها فور أن تراها، بعد أن أرهق عينيه في البحث عن اسمها بأصابع مرتعشة ضمن منصات التواصل الاجتماعي داعيا ألا يصيبها مكروه. وحين لم يصله أية نتائج مقلقة، تمتم داعيا أن يحفظها الله له..
في القاهرة، كانت الدكتورة رقية تجلس بغرفة المعيشة بعد الظهيرة بعد أن احتست شاي الياسمين، ولا تزال تحاول الاتصال بهاتف ذكرى الذي ظل مغلقا على حاله منذ الأمس..
الآن، أصبح القلق يتملكها بعد أن كانت ظنونها الأولية تخبرها أن تلك اللعينة ذهبت لأي وكر لكي تخون زوجها، ولكن طول فترة غيابها وعدم ردها على الهاتف أخبرها أن مكروها قد وقع لها..
بعد قليل، دلفت الخادمة لتخبرها أن زوجة الدكتور آدم قد عادت لشقتها، حيث شاهدتها تتوجه للمصعد بمدخل البناية عندما كانت تنظفه، لتسرع المرأة الطاعنة في السن بقدر ما سمحت لها طاقتها بالتوجه إلى المصعد لكي تواجهها..
داخل شقتها، تحركت ذكرى بتعب حتى تهاوت على أقرب أريكة.. كم هي ممتنة لشادن الحلواني وعُصبتها.. لقد كُنّ خير سندٍ لها بالأمس واليوم.. لن تنسى فضلهن أبدا..
لكثرة ما لاقته بحياتها من شرور، أوشكت ذكرى أن تصدق أن العالم لا يمتلئ سوى بالأوغاد إلا من رحم ربي، لكن اللطف الذي أظهرته لها النسوة الثلاثة، جعلها توقن بداخلها أن (الدنيا بخير ) حقا..
لقد أصرت شادن الحلواني على انتظارها حتى انتهت من الخضوع لجراحة المنظار السريعة في التاسعة صباحا، ثم جلست معها تحت الملاحظة خلال الساعات التالية، حتى أخبرتها الدكتورة حنان أن بإمكانها المغادرة بعد أن ينتهي مد جسمها بسوائل التغذية والمحاليل اللازمة الموصلة بوريدها..
وبحلول الساعة الثالثة عصرا، غادرت ذكرى المستشفى تستند على شادن التي أوصلتها بسيارتها حتى البناية، وعرضت أن تساعدها على الصعود لشقتها، لكن ذكرى تحاملت على نفسها وأخبرتها أنها بخير.. فهي لا تريد أن تثير فضول الدكتورة رقية، فتضطر لإعلان الأمر لها..
استرخت ذكرى بجلستها، وقد تكالبت عليها ذكريات كل ما مرت به منذ أن رأت ذلك الكابوس المرعب لتستيقظ على أسوأ خبر بعد أن نامت سعيدة مستبشرة بتحقق حلمها، ولكن الله قدر تعاستها من جديد لحكمة لا يعلمها غيره..
استغفرت ذكرى بتعب، وهمّت تضع هاتفها في الشاحن بعد أن فرغت بطاريته تماما منذ مساء الأمس دون أن تنتبه، ولكنها فوجئت بباب شقتها يُفتح لتدلف منه حماتها بحركتها الثقيلة بسبب بلوغها الرابعة والسبعين من عمرها..
شهقت ذكرى بتعب رافق دهشتها، وسألت بصوت منهك: "كيف دلفتِ للداخل؟"
ردت رقية بتنمر: "بيت ابني.. بالتأكيد سأدخله وقتما أشاء"..
استندت ذكرى على ظهر الأريكة تخفي تعبها، وقالت باستنكار: "هل معكِ نسخة من مفتاح بيتي؟"
"قلتُ بيت ابني"..
ردت رقية باستنكار، قبل أن تتابع بنبرة متوحشة: "والآن أخبريني.. أين قضيتِ ليلتكِ أيتها اللعينة بعد أن اكتشفتِ حملكِ؟؟ أهو ابن آدم بالمناسبة؟"
تردد صدى سؤال رقية المقزز كريح صرصر عاتية كادت أن تقتلع ذكرى من مكانها، لكنها وقفت لترد بعزم لا ينقصه اللوم: "ألا تظنين أن سؤالكِ يسيئ لابنكِ يا حماتي؟"
"والله لا شيء يسيئ لابني سوى وجودكِ في حياته كبقعة موحلة في ثوبه الأبيض.. متي ستفهمين أن خطتكِ لن تفلح؟؟ انجبي طفلا.. انجبي مائة.. ستظلين زوجة الخفاء.. مجرد دمية يتلهى بها إلى أن يمل منها ابني عاشق الدمى.. بل ضيفة مؤقتة ثقيلة غير مرغوب فيها نهائيا.. أنتِ تشبهين المحتل الغاصب، فتحاولين توطين نفسك بيننا غصبا بذلك الحمل.. لكنني لكِ بالمرصاد"..
تحركت ذكرى بتعب تتهاوى على الأريكة بعد أن فقدت طاقتها، فتبعتها رقية توبخها بلؤم: "هل تتجاهلينني؟ أخبركِ أنني أفهم خطتكِ اللعينة جيدا ولن أسمح لكِ أبدا بتنفيذها.. إن هي إلا أيام قليلة، ويعود آدم لأجعله يرمي وثيقة طلاقكِ بوجهك ونتخلص من قذارتكِ.. سأعثر له فورا على من تكون جديرة بلقب أم أولاده.. كالدكتورة رحاب مثلا.. التي بالمناسبة قد عادت لمصر مؤخرا، وعاجلا أم آجلا ستلتقي آدم وتعود المياة لمجاريها.. يبدو أنه قد شبع من دميته الأثيرة، وأنتِ حين شعرتِ بالخطر، ذهبتِ تبحثين عن صيد آخر.. صحيح؟؟"..
رغم حرص الدكتورة رقية على تقريعها وإهانتها بشتى الطرق لاستفزازها بطريقة تمزق كل الأربطة التي تربطها بابنها، إلا أن ذكرى تجاهلتها تماما، فقد انغمست في حزنها الخاص، فتابعت حماتها تقول كشيطان لعين: "لم أرَ بحياتي مثل جرأتك.. أتسعين لغمس شرفنا في الأوحال؟ هل هناك امرأة تغادر بيتها وتقضي خارجه ليلة كاملة دون أن يعلم أحدا عنها شيئا؟؟ هل تظنين نفسكِ متزوجة من جوالٍ للقطن؟"
"ماذا فعلتُ لكِ؟"، سألتها ذكرى بنبرة ذبيحة، لتتابع: "كل ما سعيتُ إليه هو إسعاد ابنكِ.. أن أمنحه السكن والرفقة والحب الخالص.. لم أطمع بشيء منكم.. وأنتِ لا تتعاملين معي سوى بعجرفة طبقية لا أفهم لها سببا.. ما الأذى الذي تسببتُ لكِ به لتعامليني هكذا؟"
مدت ذكرى باطن يدها تمسح دمعتين غادرتين عن عينيها، قبل أن تتابع بصوت ممزق بين الألم النفسي والبدني: "لم أحب ابنكِ بسبب اسم عائلته في بطاقة الهوية، ولا بسبب مهنته.. يعلم الله أنني أمقت الرجال جميعا ولم أفكر بالزواج أبدا إلا لأنني أحببته هو .. الرجل اللطيف الذي يعاني من فوبيا الزواحف، الذي لا يهتم بطعامه كثيرا ويحتاج لمن يذكّره دائما أن يتناول شيئا صحيا.. الرجل الذي يختنق بداخله طفلٌ يتوق للعب.. للضحك.. للفرح"..
توقفت قليلا تلهث متبعة، قبل أن تتابع: "لو كان الأمر عائدا لي، لقبلت أن أعيش معه بشقة صغيرة من غرفتين فقط.. لا أكترث لكل تلك المظاهر.. أريده هو وكفى.. لكنكِ لا تتركي فرصة دون أن تخبريني أنني أبدا لن أكون كافية له"..
"أتخبرينني أنكِ تريدينه أن ينسلخ عن عائلته وإرثه الضخم لكي ينزل لمستواكِ ويصبح مناسبا لطبقتكِ الوضيعة؟"
أطرقت ذكرى رأسها بأسى، وسألت مستنكر: "هل هذا ما فهمتيه من كلامي يا دكتورة رقية؟"
ردت حماتها بتنمر: "ما أفهمه أنكِ لستِ أكثر من بطة حاولت تقليد مشية الطاووس.. كيف يمكن لبطة أن تنجب طاووسا كوالده؟.. افرحي بحملكِ وسنؤمن لكِ مستقبله، لكنه لن يكون أبدا وريث عائلة عزازي.. سأزوجه بمن تليق به لينجب الوريث"..
"أفرح بماذا؟"
هتفت ذكرى بحنق وقد فقدت كل ثباتٍ لديها، واشتعل الأدرينالين في جسدها مغطيا على آلامها الجسدية، فلا تشعر سوى بغضب متفجر يجثم على صدرها وتريد أن تخرجه حتى تستطيع التنفس..
تابعت بمرارة مشوبة بالاستنكار: "لن أفرح بشيء.. لقد سقط الحمل.. أتريدين أن تعرفي أين قضيتُ ليلتي؟ قضيتها بالمستشفى وحيدة.. لأنني لم أجد من يمكنه مجالستي وأنا على فراش المرض.. وفي الصباح خضعت لجراحة منظار لإجهاض الجنين بعد أن تعرضت لنزيف.. لم أفرح بحملي سوى بضع ساعات"..
سكتت ذكرى فجأة وكأنها لم تعد قادرة على البوح، وأخذت تلهث متحاملة على تعبها، لتقول حماتها التي لم تجد في سماعها لخبر إجهاض زوجة ابنها ما يؤلمها، بل شعرت أنها قد وجدت الوسيلة التي ستطردها من خلالها من حياة ابنها للأبد، فأسرعت تقول بتفكه شامتٍ: "هذا أفضل.. لم تكوني تستحقين أن تكوني أما لحفيدي بأي حال.. انظري لنفسكِ.. لم تستطيعي حتى المحافظة على حملكِ، فكيف كنتِ لتربينه وتنشئينه في صغره؟ سأحرص على أن ننهي هذا الزواج بأقرب وقت.. وقد حصلتِ بالفعل على غايتكِ منه"..
هزت ذكرى رأسها بعدم استيعاب، ثم سألتها بتفكر: "غايتي؟ ما غايتي؟"
ابتسمت رقية ابتسامة جليدية، وقالت: "ألم تتزوجيه طمعا؟ ماذا عن رحلاتكِ وهداياكِ؟ ماذا عن نفقات علاج والدتكِ وإيجار بيتها؟ وماذا عن ذلك الراتب الذي يتحصل عليه والدكِ كل شهر.. أتظننيني لا أعرف؟ وضعكِ هذا يذكرني تماما بتلك الخادمة الصغيرة التي جاءتنا من قرية فقيرة قبل سنوات.. لقد قبلنا عملها لدينا لكي تنفق على عائلتها بالكامل.. بالنهاية سرقتنا وطردناها"، ثم نظرت لذكرى نظرة ذات مغزى..
شحب وجه ذكرى صدمة، لكنها رفضت أن تبتلع الإهانة هذه المرة، فتماسكت وردت بترفع تقول: "ما ينفقه ابنك على والديّ جاء نظير إجباركِ لي على ترك العمل.. كانت لدي التزامات، وآدم وافق على تحملها عني"..
ابتسمت رقية بافتعال، وقالت بنبرة منغمسة بالإشفاق الزائف: "لا بأس.. اعتبرتها صدقة.. أما خروجك للمبيت بالخارج دون أن نعرف وجهتهك فهذا أمر غير مقبول أبدا"..
توحشت نبرتها الموبخة، لتكمل: "هذا البيت له نظام.. وإذا كنتِ والدتكِ تتساهل معكِ وترخي لجامكِ، فأنا لن أفعل المثل لأن واجبي أن أحافظ على سمعة وشرف ابني في غيابه.. على كل حالٍ، أثق أن آدم قد نال كفايته من هذه النزوة.. أنتِ جيدة لا أنكر.. نجحتِ في نصب شباككِ عليه كأنثى عنكبوت لسنوات .. لكن لا بأس.. ستنتهي هذه المهزلة قريبا "..
أطلقت ذكرى صرخة مدوية كمن تلبسها الجنون بعد تلميحات حماتها المهينة، ثم صاحت بهياج: "كفى.. كفى.. لقد مللتُ من طبقيتك وغرورك.. أنت امرأة عديمة الإحساس.. ومريضة بالحقد.. لن أسمح لكِ أن تتحدثي معي مجددا هكذا أبدا"..
في تلك اللحظات، انفتح باب الشقة، لتلمح رقية ابنها يدلف للداخل، فتظاهرت بالإعياء وارتمت على مقعدها تريح رأسها على مسنده تتصنع التعب، فيما هتف آدم حانقا: "ما الذي يحدث؟ لِم تصرخين هكذا؟ كيف تجرؤين أن تتحدثي لأمي هكذا؟"
وبرغم كلماته النارية، إلا أن نظراته كانت تمر عليها من رأسها لإخمص قدمها تتأكد أنها بخير ولم تتعرض لمكروه..
إذًا أين قضت ليلتها بالأمس؟
من زاوية بعيدة برأسه، مرت على ذاكرته نظراتها المتوترة أول أمس قبيل سفره، والتي لم يفلح في تفسيرها فقرر إرجاء مواجهتها حتى عودته.. وقد حان الوقت..
أما ذكرى التي كانت قد وصلت لأعلى درجات الانفعال، فقد نهضت من جلستها برغم تعبها الواضح، لتهتف بحنق: "كيف أجرؤ؟ كيف أجرؤ؟ أمك منذ وطأت قدمي المنزل، وهي تُسمعني كلماتها الطبقية المهينة وقد اكتفيت"..
"أين كنتِ يا ذكرى الليلة الماضية؟"
سؤاله الغاضب أوجعها.. هل يشك بسوء سلوكها كما ألمحت أمه أكثر من مرة على مدار الساعة الماضية؟ هل فعلا يستوجبها الآن بدلا من الوقوف أمام والدته وحمايتها من بطشها؟؟
تهاوت ذكرى على بقعتها السابقة بالأريكة من جديد، قبل أن ترد بوجع: "أنت لا تفهم شيئا.. ولن تفهم أبدا.. لقد تعبت.. أريد أن أرتاح"..
تبدو اللحظة كمن ظلت تسير بسفر طويل لأعوام.. ولمّا انتهى الطريق، لم تجد حولها سوى صحراء أكبر لا نهاية لها.. ازدردت ريقها وأغمضت عيناها بتعب، تشعر كمن ظلت تحرث الصخر، ثم تصرخ مندهشة لأن صخرها لا يزهر..
أما آدم الذي لم يستطع تمالك أعصابه بسبب لغز اختفائها الغريب وردها الغريب الذي لم يطمئنه، فقد عاود سؤاله بنفس الحدة: "أين كنتِ الليلة الماضية يا ذكرى؟"
أطلقت أمه ضحكة قصيرة متهكمة، قبل أن تقول: "أخبرتكَ من قبل ألا تثق في وضيعة الأصل تلك"..
فغرت ذكرى شفتيها وقد صدمها كذب تلك المرأة بشكل صريح، فهتفت بحنق: "اسكتي أيتها الخييثة الحاقدة.. لا أسمح لكِ بالحديث عني بهذه الطريقة"..
اللحظات التالية بدت كأنها غير واقعية، فقد شعرت فجأة بشيء مسطح قاسٍ يرتطم بوجنتها، لتتراجع رأسها وتصطدم بمسند الأريكة، فتغمض عينيها بعدم استيعاب، قبل أن تشتعل وجنتها بسخونة نابضة كأن خلايا خدها تئن من الوجع.. والإهانة..
تضغط على عينيها المغمضتين وجعا، وهي تفكر بذهول:
)هل صفعتني رقية للتو؟ تبا.. يدها ثقيلة بالنسبة لسنها)..
خرجت من شرودها اللحظي عندما سمعت شهقة غريمتها، ففرقت ما بين أجفانها، لتجدها لا تزال جالسة ببقعتها ترفع كفها لفمها تكتم صدمتها.. حركت وجهها صوب الزاوية التي يقف بها زوجها باللحظة المناسبة، لتجد آدم يناظر كفه المرفوع بالهواء بعدم استيعاب وينزله ببطء وقد كسا وجهه الذهول..
تفغر فمها بعدم تصديق، فيما تلمح بجانب عينها تلك الجالسة على مقربة منها، وتناظرها مبتسمة بتشفٍ وظفر .. وهنا فقط استوعبت ما حدث..
لقد لطمها آدم لتوه..
"من تظنين نفسك؟ كيف تتحدثين لأمي بتلك الطريقة؟ هل جننتِ؟"
سألها آدم مستنكرا وقد اشتعلت عيناه بالغضب، بينما ناظرتها رقية بانتصار من تدرك أن خطتها التي ظلت تحيكها لسنوات، ستؤتي ثمارها اللحظة..
أما هي، فقد انفصلت تماما عن كل ما يحدث حولها.. حتى آلام بطنها قد توقفت اللحظة، فخدها يصرخ محاكيا شعورها بالمهانة والإذلال..
هذا وجع لم تعرفه من قبل ولا تعرف كيف سيمر..
آدم لم يصفع وجهها.. لم يصفع كبرياءها وكرامتها حتى، بل صفع قلبها المتخاذل صفعة إفاقة..
لماذا تتحمل وتصبر؟ ما الجائزة؟
"لم أشعر أبدا بعدم ثقة بنفسي إلا هذه اللحظة"..
تمتمت ذكرى بتخاذل وإحباط، قبل أن تكمل بنبرة هادئة أقرب إلى الموت: "طلقني.. أنا لا أستحق ذلك وأنت لا تستحقني"..
هدر آدم بعصبية وقد أحاط خصره بكفيه متحديا: "لِم لن أستحقك يا ذكرى؟ ها؟ زوجكِ يسألك أين بتِ ليلتكِ بالأمس، وأنتِ كل ما يهمك التشاجر مع والدته التي تكبرك بأكثر من خمس وأربعين عاما.. وتتلفظين معها بعد بما لا يليق دون أن تضعي لأيهما أي اعتبار"..
"أمك أخطأت بحقي وتحط من قدري دائما.. وأنت تفعل المثل"..
ردت ذكرى بجنون، لترد رقية باستياء، وقد شعرت بهزيمة غريمتها تلوح بالأفق، فأرادت أن تكيل لها اللكمات لتطرحها أرضا للمرة الأخيرة: "ابني من صنع لكِ قيمة، وإلا لكنتِ تضربين المحاقن بأوردة المرضى الآن وتتلقين إكرامية من كلٍ منهم لتتمكني من رفع دخلكِ الشهري.. والآن صرتِ تسافرين لندن وباريس بفضل ابني الذين تهينين أمه الآن"..
ما الذي تفعله هنا؟ لا تنقصها تلك المواجهة وهي بأضعف حالاتها..
في هذه اللحظة، بدت محطمة كفارسة مُنيت بأفدح خسائرها.. لم تعد بها ذرة طاقة واحدة لمواصلة القتال.. كل ما كانت تحتاجه أن يسندها شريكها ليحميها من السقوط في هوة سحيقة من الاكتئاب.. أن يخبرها أنه موجود لأجلها وسيحارب عنها هذه المعركة فقط.. فهي ليست معركتها وحدها.. وهي سئمت من الوقوف على أهبة الاستعداد طوال الوقت للزود عن كرامتها ونفسها..
تحتاج الآن للاسترخاء.. لا.. ليس الاسترخاء.. تحتاج لفسحة بسيطة من أجل الحداد.. هل هذا كثير؟
ما الذي جنته سوى الإهانة والتحقير وتعطيل أمنياتها الغالية؟ لقد اكتفت من الخسائر المذلة..
نهضت واقفة من جديد، وقالت باترة بعزم التمع بعينيها: "قيمتي أصنعها بنفسي وليس في ظل رجل تتحكم أمه بقراراته وتلف تفاصيل حياته بأحبال حول أصابعها كدمية خشبية"..
حركت أنظارها بين غريمتها وحبيبها الذي خذلها، لتتابع بنفور: "رجل بعرض الباب ولكن لا يستطيع التصرف بمعزل عن أمه.. لا يعرف عن الرجولة سوى انها خانة في بطاقة الهوية معنونة بكلمة ذكر.. فلا يُظهر تفوقه على أنثاه إلا بصفعة من يده.. طلقني يا ابن أمك.. لقد مللت منك ومن أمك"..
اتسعت عينا آدم بدهشة، وارتسمت على مقلتيه نظرة غضب لإهانتها له بتلك الطريقة.. وأمام والدته بعد، لكنه مصدوما عاجزا عن الرد، يسدد نحوها نظرات مستنكرة..
لن تتراجع الآن..
لن تحتمل الحياة لحظة واحدة في كنف هذه المرأة البغيضة، التي أثبتت لها مرة بعد مرة أنها لن تفقد أبدا سيطرتها على ابنها، أو تتوقف عن تدخلها في خصوصيات حياتهما أو حتى الامتناع عن إهانتها، لذا تابعت تسكب المزيد من البنزين على النار، تأمره بحده لا ينقصها الاستهزاء: "طلقني وعد للجلوس على ساقيها من جديد لكي تضع لك الميدعة وتطعمك بيديها، وتلقمك اللهاية لكي تنام قرير العين"..
ارتفع حاجبا آدم بذهول، ومر طيف من أنين بمقلتيه قبل أن يتبخر بفعل ألسنة الغضب المستعرة بعينيه، لكنها لم تتوقف، بل ضغطت بكل ما فيها وأكملت لاهثة بنبرة تصارع فيها الوجع مع الغضب، بعد أن رفعت سبابتها تشير لوالدته: "أمك تلك التي لطمتني لأجلها لا تريدك أن تنضج بعيدا عنها حتى تظل دميتها الأثيرة.. إنجازها المبهر.. طلقني، فأنا اكتفيت.. ليس لديّ المزيد لأخسره.. ولم أعد أحبك"..
إهاناتها المتلاحقة ضربت قلبه بالصميم، خاصة عندما أنهت كلماتها بإخباره أنها لم تعد تحبه، فرد بنبرة جليدية مخفيا وجعه: "كما تشائين.. لم أكنِ لأبقي على ذمتي أبدا امرأة لا تريدني.. أنتِ طالق"، ثم انطلق يغادر المنزل دون كلمة أخرى..
اقتربت ذكرى من رقية بخطوات بطيئة وقد ازداد الثقل بصدرها وعلى كاهلها، قبل أن تخبرها بابتسامة مريرة وازاها القهر الساكن بعينيها منذ أطلق حبيبها يمين الطلاق: "لا تخبري آدم أنني كنتُ حامل وأجهضتُ الجنين، لأن ضميره سيوخزه وسيفعل المستحيل ليعيدني إليه.. وأنا لم أعد أريده ولا أطيق العودة إليه.. اتركيه هكذا جاهلا كي يظل تحت سيطرتكِ كما تريدين.. وانتقي له العروس التي تليق أن تكون أما لأحفاده.. عزائي الوحيد بتلك الفاجعة أنكِ لن تكوني جدة ابني الذي فقدته اليوم.. فأنتِ لا تستحقينه"، ثم انطلقت مغادرة خلف زوجها.. لا لكي تتبع آثره، بل لكي تسير في طريق معاكس..
منذ اللحظة، ستحرص على ألا تتقاطع طرقهما مرة أخرى..
لن تفكر الآن في السرعة التي أطلق بها يمين الطلاق وكأنه كان يتحين الفرصة.. لن تفكر في نظرة الاتهام بعينيه حين سألها عن مكان مبيتها بالأمس.. ولن تفكر في صفعته لروحها قبل وجهها..
لترحل الآن لتستنشق هواء نقيا بعيدا عن الهواء السام بهذا المنزل الملعون..


يتبــــــــــــــــــــــ ـــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 07:53 PM   #1088

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثالثة والثلاثون: القسم الرابع

محتميا بكهفه الساكن يستدفئ بالصمت الذي يشعر بالأمان بكنفه.. يحتسي كوبا من شاي المريمية الذي أعده على نار الحطب، ويستمع لأغنية دين لويس " Half A Man" أو (نصف رجل)..
كلمات الأغنية تخرج من سماعة هاتفه كسهام مسننة تتقصد قلبه اللعين الذي لا يزال يبكي دما على فراقه لمحبوبته..
وكأن الأغنية تعيد على مسامعه ملخصا لحكايته مع أمواجه، بعد أن تحطمت أسطورتهما.. فهو - كمغني الأغنية - يشعر أنه نصف رجل افترق عن حبيبته لأنه لم يعد حتى يحب نفسه لأن شياطينه تطارده حتى أصبح كالسفينة المحترقة التي تغرق ببطء.. رجل يهرب من حبيبته لأنه يخشى أن يتعرى أمام نفسه ويكتشف حقيقة ما أصبح عليه حاله.. رجل محطم لشظايا لا يمكنه أن يعود سليما مجددا أبدا..
ينتهي المغني من أدائها، فيصمت الهاتف، فيتنهد بحر ويعيد تشغيلها ويرتشف المزيد من الشاي يتجرع معه مرارة حلقه.. ذلك الطعم الذي لم يعد يستطيع التخلص منه.. لقد سكن البؤس حدقتيه، وانتشرت المرارة بجوفه، ولا يرى لوضعه من خلاص..
لقد حافظت أمواج على سره رغم ما فعله بها، ولم تخبر أحدا عما دار بينهما، ولم يعلم أحد لأسابيع بخبر طلاقهما حتى، إلى أن قرر أن ينهي كل شيء بتوثيق الفراق رسميا ليكتب كلمة النهاية، لظنه أنه سينجح في لململة شتات نفسه والتلحف بالصمت، لكن اللحظة التي تسلمت فيها أمواج ورقة طلاقها، اشتعلت النيران بشواطئه هو..
لقد وبخه والده بشدة واتهمه بالرعونة وعدم القدرة على وزن الأمور بشكل صحيح، حتى أنه وصفه بقلة الخبرة وعدم الصبر.. أما أمه، فقد أخبرته أنه لم يكسر قلب أمواج فقط، بل قلبها هي أيضا..
كان يدري أنه بتحطيمه للأسطورة، ستطال اللعنة والدته أيضا التي ظلت تدعو الله لسنوات لكي يقدّر أحدهما للآخر ويربطهما معا للأبد برباطٍ غليظٍ..
وأمواج.. تصمت.. لا تخبر أحدا عما حدث، بل إنها تمنع والدها عنه، وقد ظن أن عبد المنصف الحلواني سيركض خلفه حاملا سلاحا ناريا ليجرده من حياته البائسة، فقط لأنه أحزن ابنته قرة عينه..
لكن صمت أمواج هذا لا يريحه.. يشعر أنها لن تسكت وتتقبل الخسارة هكذا ببساطة.. يكاد يراها بعين عقله، وهي تدبر للانتقام منه بطريقتها الخاصة، فهو يعلم أن أمواج شخصية تملكية لا تتخلى عما يخصها بسهولة.. وكان هو أثمن ما تمتلكه.. كما أنه بنظرها قد أخطأ بالرحيل..
لماذا لا تفهمه؟ لماذا لا تقتنع أنه لم يفعل ما فعل إلا لأجلها.. كان التوقيت غبيا لكنه لم يحتمل أن يراها مفعمة بالحياة أمامه كزهرة برية، بينما كهلت روحه وتيبست جذورها تماما..
قطع انسياب الأغنية عبر هاتفه، ارتفاع رنينه بنغمة مكالمة.. كاد أن يرفضها قبل أن يلتقط اسم (حاتي عا) على الشاشة، فيضغط زر الاستقبال على مضض، ليأتيه صوت سفيان الغاضب على الجهة الأخرى يقول: "يا غبي ماذا فعلت؟ كيف تطلقها؟"
رد بحر ببرود: "هكذا أفضل.. لم أعد مهتما بأجواء الحياة الأسرية"..
زفر سفيان وقال موبخا: "نحن لا نلتزم برعاية أسرتنا فقط لأننا مهتمون بالأمر.. ولكن لأن تلك مسئوليتنا يا بحر"..
بنزق، رد صاحبه: "وأنا لم أعد أهلا للمسئولية.. لِمَ لا تفهمون؟"..
على الجهة الأخرى، كان سفيان بالكاد يمسك فمه عن مجموعة من الكلمات العصبية التي يعلم جيدا أن بحر لا يستحقها نهائيا حاليا، وإن كان قد تصرف بحمق وأضر عائلته.. لكن ربما بعض الفراق هو كل ما يحتاجه لكي يستعيد نفسه على مهل، فهمس بتحذير مغيرا خطته: "تعلم أنها لن تصمت على تصرفك.. وستجد طريقة لتقهرك كما فعلت معها.. صحيح؟"
"هذا ما كنت أفكر به لتوي"..
رد بحر بنبرة متوترة، فضحك سفيان بصخب، وتابع: "رائع.. أنا في صفها.. أخبرك فقط.. سيكون الأمر مسليا أن أراك في خانة المغضوب عليه على سبيل التغيير.. لا أكاد أطيق الانتظار حتى أكتشف كيف ستنتقم منك تلك المندفعة"..
"هل انتهيت؟"..
سأله بحر بسخافة، ليعاود سفيان الضحك، قبل أن يسأله بجدية: "لِم لا تتحدث معي يا بحر؟ إن كان الجميع غير قادر على فهمك.. أنا سأفعل.. دعني أساعدك.. لا تغلق الباب أمامنا جميعا وتهرب لداخلك.. فأنت الآن بأضعف حالاتك ولن يسعك داخلك أو يتمكن من احتواء ما يؤرقك"..
ابتسم بحر، وقال بنبرة سخيفة: "من مثلنا لا يعلنون عن أوجاعهم، بل يخبئونها بأعمق نقطة بداخلهم، لأن الرجال لا يشكون، لا يضعفون، لا يُهزمون.. صحيح؟"..
"وأحيانا كل ما يحتاجه الرجال هو البكاء لغسل أرواحهم من السواد.. فهل أنت مستعدٌ للبكاء؟"
سأله سفيان بتحفز وقور، فلم يجد سوى الصمت جوابا، لينهي المكالمة مع صديقه، يذكّره أنه موجود دائما لأجله..
أمضى بحر الأيام التالية بنفس الدوامة.. في الليل تنتابه الكوابيس ويعجز عن النوم.. وخلال النهار ، تتزاحم الأفكار برأسه بصخب، فيجد نفسه قد ارتحل إلى كهفه طالبا السكينة، فتعاود ذكرياته بذلك المستودع البغيض احتلال رأسه، لتطاردها ذكرياته الأخيرة مع أمواج، فيشعر أنه يختنق بأنفاسه، إلى أن وجد والده له الحل..
أول أمس، اجتمع معه المهندس عدنان الديب، يخبره أن عليه البحث عن عملٍ حتى يستهلك وقته بدلا من إفنائه في التفكير المرهق للأعصاب، فوافق بحر على مضض، ليجد نفسه بالأمس مجتمعا مع رئيس قسم الموارد البشرية بنفس شركة الخدمات البترولية التي يعمل بها والده بمنصب كبير..
حين سأله المحاور عما إذا كان يفضل الأعمال الإدارية أو المراسلات كونه يمتلك مهارة لغوية، رد بحر بإصرار: "أريد وظيفة تشمل أعمالا حركية.. فأنا معتاد على العمل اليدوي والمجهود البدني الكبير منذ انخراطي بالعمل العسكري"..
هرش الرجل رأسه، وقال: "لكن أعمال الحفر والتنقيب تحتاج لخبرة كبيرة، فالعمل خطر في مواقع التنقيب"..
رد بحر ببرود: "إذًا ليس لي مكانٌ لديكم"..
في المساء، أخبره والده أنه إذا كان يبحث عن عملٍ حركي، يمكنه أن يستأجر له زورقا صغيرا كي يمارس عليه صيد الأسماك الطازجة وبيعها لتجار الأسماك أو أصحاب المطاعم، لكن شحوب وجه بحر عند ذكر ذلك الاقتراح، جعل والده يجهض الفكرة فورا، ويخبره أن يتوجه صباح اليوم التالي لمقر شركة شحن معروفة، وربما يجد هناك ما يبحث عنه..
كان عدنان الديب بالفعل قد أجرى اتصالاته مع صديقه الذي يعمل بمنصب إداري كبير بشركة الشحن، فأخبره أن يجد لابنه مهنة بالميناء، على أن تكون متعلقة بالعمل الحركي الذي يحتاج مجهودا كبيرا، فابنه لا يبحث عن منصب إداري أو مهنة بدخل عالٍ، ولكنه بحاجة لإفراغ طاقته بعد تركه لعمله الأساسي..
ورغم أن صديق والده اقترح عليه أن يعمل كرئيسا لعمال الشحن، لكنه فوجئ بذلك الرجل الذي ترك العسكرية على درجة رائد بعد ترقيته الاستثنائية، يقف أمامه الآن بعينين يسكنها الوجع ليخبره أنه يريد أن يعمل كعتّال يحمل البضائع المستوردة وينقلها إلى المستودعات طوال ساعات النهار..
وقد بدأ بحر الديب يتأقلم بالفعل على نمط حياته الجديدة خلال الأيام القليلة التالية.. يرهق نفسه بشدة نهارا بالعمل ويحارب الأوغاد داخل كوابيسه ليلا.. يكسب مرة ويخسر مرات، إلى أن انطلقت الأبواق ترتفع بنغمات التأهب والحذر..
لقد حان وقت الانتقام..
فقد وصله صباح اليوم إشعار رسمي من المحكمة يخبره أن طليقته أمواج عبد المنصف الحلواني، قد رفعت ضده دعوى (رفض طلاق) تطالب فيها بالعودة إليه.. قسرا..
جعّد بحر ورقة الإشعار منفعلا وكأنه يخنقها بين كفيه، متمتما بغيظ: "أحمق من يأمن لغدر الأمواج"..


يتبــــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 07:55 PM   #1089

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
1111 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثالثة والثلاثون: القسم الخامس

جالسة بهدوء على مقعد جانبي تستمع بتركيز لكلمات المحامي الذي أرشدها والدها للاستعانة به..
تنصت متظاهرة باللا مبالاة وبداخلها حريق لا يخمد..
كيف يجرؤ؟؟
كيف يجرؤ أن يتخلى عن أسرته بهذه الصورة؟
كلمتان جافتان بلا شهور ثم ورقة طلاق غيابي تصلها بالبريد..
لم تعهده جبانا..
أين هو من ذئبها المقدام؟؟
حذرتها طبيبتها من ارتفاع ضغطها العصبي خلال النصف الثاني من حملها، ولكنها لا تستطيع أن تتجاهل تصرفه الأحمق هذا دون أن ترد له الصفعة..
ستجعل حماقته تنفجر بوجهه كلغم من البارود والنار، لتضرم حريقا في بقايا حكايتهما لتحترق الأسطورة وتغرق بعمق الماء..
لكن، إن كانت النهاية قد حانت، فلن تسمح إلا بأن تكتب هي السطر الأخير وتمهره بتوقيعها، كوشم لا يُمحى من ذاكرة حبيبها الغبي مدى الحياة..
انتبهت أمواج من شرودها على قول المحامي: "كما أخبرتكِ من قبل.. القضية سنخسرها من الجلسة الأولى، حيث سيتم رفض الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، بل وإلزام حضرتك بالمصاريف وأتعاب المحاماة، لأنه لا يوجد نص قانوني ولا سند شرعي يمنح الزوجة الحق في إجبار زوجها على الاستمرار بزواجهما دون موافقته.. على الأرجح سيعرض القاضي عليكِ أن تقاضيه بشأن حقوقكِ الأخرى كالنفقة ومؤخر الصداق بسبب الطلاق الغيابي.. يمكنكِ حقا أن تؤذيه بهذه القضية"..
زفرت أمواج بحنق، وقالت: "لا أريد أن أؤذيه.. أريد أن أؤدبه"..
هز المحامي رأسه بعدم فهم، فقالت: "ألم يخبرك أبي أن تنفذ ما أطلبه.. افعل فقط ما أريده.. أريدها دعوى لرفض الطلاق.. أريده أن يعلم أنني لا زلت متمسكة به وهو من يتخلى"..
"إذا اعرضي عليه الصلح، واطلبي تدخل حكما من أهلكِ وحكما من أهله.. يمكنه أن يردك لعصمته"..
"لا أريده أن يعود لمجرد أنني أريده أن يعود"..
رفع المحامي حاجبيه بعدم فهم، وقد رمقها بعينين بارزتين، فبدا كشخص أبله، لتنهض أمواج واقفة، وتمد كفها لمصافحته، قائلة: "شكرا على وقتك.. أراك في المحكمة حين يتحدد موعد الجلسة"..
حين عادت أمواج لبيتها، كان والداها يجلسان بانتظارها بغرفة المعيشة.. أمها قلقة عليها مما تدبره وتريدها أن تتجاوز الأمر مؤقتا حتى تضع حملها بسلام، كما تشعر بالشفقة بمقدار متساوٍ نحو ابن شقيقتها، بينما والدها يريد أن يعيد لها كرامتها التي أهدرها ابن الديب بحماقته، برغم أنه لا يعرف تحديدا سبب طلاقهما، سوى تخمينه أن الأمر عائد لمعاناته النفسية بعد عودته من الأسر مكسور الوجدان..
صدقا، هو متعاطف مع بحر ويشفق عليه كثيرا، لكن ليس لديه أغلى من ابنته وحيدته التي أقسم أن يكون حاميها وسندها ضد تقلبات الحياة، ومن حبيبها نفسه إذا لزم الأمر..
وهو يشعر اللحظة أن الوقت قد حان لكي يعاقب هذا الوغد الصغير الذي تجرأ وهزم ابنته بطلاقٍ منفردٍ ضاربا عرض الحائط باستقرار الأسرة التي ستستضيف طفلا ثانيا عما قريب إلى جانب كيان، ومهددا بتكدير الأجواء بين الشقيقتين فايزة وفاطمة بسبب حماقاته..
قال عبد المنصف بنبرة حرص على ألا تكون حانقة كيلا يزيد من توتر ابنته الحامل: "عندما تنتهين من هذا العرض الذي تريدين إقامته على شرف الوغد طليقك.. أريدكِ أن تجمعي أشياءكِ وتعودي للإقامة هنا معنا"..
اعتدلت أمواج في جلستها، وناظرها والداها بتحفز، لتقول بحميّة قطة أثيرت حفيظتها للتو: "بيت بحر الديب سيظل مفتوحا للأبد.. لن أغادر بيتي وابنتي ستتربى في بيت والدها، وأخوها حين يصل الدنيا، لن يعرف له بيتا سوى بيت والده"..
قالت أمها عاتبة بحذر: "وبيت والدكِ يا حبيبتي؟؟ أريدُ أن أعتني بك خلال الأشهر المتبقية من حملكِ"..
ناظرت أمواج والديها بحرج واعتذار على كلماتها المتهورة، وقالت: "عندما أشعر بالتعب، أو يقترب موعد الولادة، سآتي لهنا بالطبع، ليس لي سواكما سند.. ولكنني لا أريد لكيان أن تغير روتين حياتها فتضطرب نفسيا، خاصة بعد غياب والدها، كما أن شادن وزهو تلاصقانني بكل لحظة كظلي.. صدقيني يا أمي، ما أفعله هو الصواب"..
تنهدت فايزة وقالت: "عنادكِ هذا لا آخر له"..
تدخل والدها يقول متهكما: "ابنتك يا فايزة تظنه سيعود إليها راكضا عندما يعلم بحملها.. اسمعي يا أمواج.. لقد نفذتُ ما تبتغينه وجاريتك بخصوص دعوى (رفض الطلاق)، رغم أن قضية (النفقة والطلاق الغيابي) أضمن وستكبّده خسائر فادحة"..
عاد النزق يغلف أعصابها سريعة الاشتعال، لتتصلب أوردتها بأطرافها، ويكسوها التشنج قبل أن تقول: "أية خسائر أخرى بعد؟ ألم يخسر بما فيه الكفاية؟؟ لقد ترك البيت والسيارة، وأرسل لي بالبريد بطاقة ائتمانية يحوّل عليها أول كل شهر معاشه كاملا.. أي رجل يفعل هذا مع طليقته؟ لقد ترك كل شيء لي.. ورحل هو.. لأنه يظن أن هذا هو الأفضل لي.. لقد رحل لأنه يريد لي حياة خالية من التوترات والضغوطات النفسية التي تحيط بحياته حاليا"..
أغمضت أمواج عينيها بتعب، ثم فتحتهما ببطء لتتابع بحسرة مريرة: "أنا لا أريد أن أكبّده المزيد من الخسائر يا أبي.. أريد فقط أن أضايقه.. أن أغضبه.. أن أدفعه ليقف أمامي بالمحكمة ويأتي بأي رد فعل بدلا من جموده المقيت"..
"ولهذا فقط لا أتدخل بينكما"..
رد الدكتور عبد المنصف بإحباط، قبل أن يتابع بتفكر: "لا يزال البشمهندس عدنان الديب يتصل بي مرة كل أسبوع.. يعتذر عن حماقة ابنه ويطلب مني الصبر والتمهل قليلا.. لا أصدق هذا الوغد الذي يختبئ خلف والده، فيقوم الأخير بالاعتذار نيابة عنه بعد أن أرسل لكِ وثيقة طلاقك بالبريد كأي وغدٍ جبانٍ بدلا من أن يقف أمامي وينهي الأمر مباشرة كما طلب يدكِ مني"..
قالت أمواج بنبرة دفاعية: "أبي هو ليس بوعيه حاليا.. أنت أستاذ علم اجتماع.. بالتأكيد تعرف الكثير مما يحدث لأسرى الحروب.. لماذا تعامله على أنه مجرد زوج ملّ من زوجته واختار الفراق باحثا عن نزوة جديدة؟؟"..
"عندما يتعلق الأمر بابنتي، لا أهتم بمصلحة أحد سواها"..
رد عبد المنصف بشراسة، فرمقته ابنته بتوسل، ليتابع بنبرة أهدأ: "والله يا ابنتي أنا ساكت على هذه المهزلة، فقط لأنني أقدر معاناته، لكنّك ابنتي الوحيدة وليست هناك من هي أغلى منكِ بتلك الحياة.. ولهذا أشتهي معاقبته لأنه خذلكِ.. والله لو وقع في يدي لأحطم أنفه"..
نهضت أمواج واقفة كمن أُضرمت النار تحتها، وقالت بحميّة: "لم يخذلني.. بحر كان ليخذلني فعلا، لو عاد جثة هامدة داخل نعش.. لكنه قاوم ونجا وعاد.. لم يستعد نفسه كليا، ولكنني أثق أنه سيستعيدها مع الوقت، ليرجع إليه اتزانه ثم نعود كما كنا"..
ابتسم والدها بسخرية، بينما سحبتها أمها برفق لتجلس، وأخذت تربت على ظهرها بحنو، لتتابع أمواج بنبرة شديدة الثقة والعزم: "أجل سنعود.. لا يحيا البحر بلا أمواجه ولا تستقر الأمواج سوى بمعانقة بحرها.. سنعود ولو بعد ألف عامٍ"..
"تتحدثين تماما مثل عدنان الديب والسيدة زوجته"..
قال الدكتور عبد المنصف بضيق، قبل أن يتابع: "لكن العمر ليس به ألف عامٍ.. بحر فرّط بكِ وبابنته بل وابنه القادم أيضا. فكيف أكافئه بإعادتكِ إليه حين يستعيد وعيه؟ والله لو جاءني زاحفا يطلب العودة، لحطمت أنفه"..
تدخلت فايزة تقول: "لقد هاتفتني فاطمة مرارا وكررت كلمات زوجها، أن نصبر على ابنهما حتى يستعيد وعيه ويردّك.. والله قلبي يتمزق لأنني لم أخبرها حتى الآن بنبأ الحمل.. أختي ستخاصمني بسببكِ يا حمقاء.. لماذا نتحمل نحن أخطاء الصغار؟"..
ردت أمواج بنزق: "أنا سأصالح بطوط.. لا تقلقي.. أريده فقط أن يكتشف الأمر بطريقتي حتى يدرك جيدا ما خسره"..
نهض والدها غاضبا، وقد بان بهيئته أنه يريد إنهاء الحديث، حيث قال: "أعلم أنكِ مجروحة وتريدين معاقبته بنفسكِ، ولا أريد أن أثير انفعالاتك بسبب تقدمكِ بالحمل، لهذا أمسك نفسي عن التدخل، ولكن لو تركتني عليه، سأجعله يجوب الصحراء حافيا تكفيرا عن حماقاته.. اعلمي فقط أنني خلفكِ بكل خطوة.. وأدعمكِ على طول الخط، ولكن..."
صمت عبد المنصف الحلواني قليلا، كي تستدعي أمواج كل ذرة انتباه لديها لكي تنصت جيدا لما هو آت، حيث رفع والدها سبابته وقال محذرا: "فقط احرصي ألا تخسري نفسك في محاولة التمسك بشخص قد لا يبالي كثيرا بخسارتك.. ستكرهين نفسكِ إذا تسببت تصرفاته المتخاذلة في اهتزاز ثقتك بنفسكِ"..


يتبــــــــــــــــــــــ ــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 07:57 PM   #1090

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثالثة والثلاثون: القسم السادس

جوايا اتنين وأنا التالت.. والتالت دايماً ساكت
سّلم.. بطّل يتكلم.. ولا بيحس ولا بيتألم
جوايا عقل وقلب دايما عايشين في حرب
قلبي حاسس بالذنب.. وعقلي واخد جنب
و الدنيا ماشية عكسي.. لفيت ومشيت معاها
وبعت أنا نفسي.. نفسي خليتني أنساها


يقود سيارة والده بأقصى سرعة ممكنة على الطريق الموصل بين السويس والقاهرة، متوجها إلى مقر (محكمة الأسرة) بدون أي رفيق سوى أغنية فرقة "كايروكي" (نقطة بيضا)، التي أصبحت رفيقة بؤسه في الفترة الأخيرة، فلا يكاد يستمع لغيرها كلما تكالبت عليه أفكاره.. والآن تحيطه كلماتها كصديق خيالي يزوره كلما استدعاه ويربت على ظهره داعما، حتى أصبحت شاهدة على كل مناحي حياته منذ غادر حياته التي كان يعرفها، وقرر أن يعيش على الهامش منعزلا داخل رأسه مشيّدا الأسوار بينه وبين الجميع.. حتى والديه وشقيقه..
مع اقتراب سيارته من مقر المحكمة، تذكّر بحر مكالمة محاميه الأخيرة له مساء أمس يطلب منه عدم الحضور لأن الأمر لا يستدعي وجوده، فالقضية محسومة لصالحه..
ابتسامة ساخرة احتلت نصف وجهه وهو يتابع القيادة حول مقر المحكمة، يبحث عن مكان يصف به السيارة..
المحامي يظن أن أمواج ترفع الدعوى لأنها تريد المكسب.. يظنها حمقاء تسعى للفت الانتباه أو مدللة تريد إهانة شريكها لأنه تجرأ وطلّقها..
لا أحد يفهمها غيره.. إن هذه الدعوى ليست سوى عقابه المستحق.. وسيلتها الأسرع لكي تنتقم منه على فعلته بحقها.. تريد أن تكسر أنفه بشكلٍ ما، فقررت أن تجبره ليأتيها عنوة، فيقف صاغرا يتلقى توبيخها حتى تهدأ نفسها..
وهو بصراحة يستحق كل ما ستكيله على مسامعه من إهانات.. حتى وإن ركلت ساقه، فكسرتها – كعادتها منذ الصغر حين كان يستفزها ويغضبها - فإنه سيتحمل..
بالنهاية هو من حطم كبرياءها بالطريقة اللعينة التي ألقى بها على مسامعها يمين الطلاق، ثم إرساله لورقة الطلاق بالبريد، وكأنها امرأة منبوذة لا يكاد يطيق النظر إليها..
بالطبع، سيذهب إليها ويتلقى كل كلمات اللوم والتأنيب التي تحتجزها بصدرها، وإلا سترتكب ما هو أفظع إذا استشعرت تجاهله وانتقاصه لها من جديد..
يخشى بحر أن تثور ثائرتها، فتقرر أن تفتح عليه النار بما لا يطيق.. كأن تفضحه بين أفراد العائلة مثلا..
(هل تهذي يا أحمق؟؟ أمواج لا تفعل هذا أبدا)..
هكذا وبخ نفسه بيقين من يعرف جيدا أن وليفة روحه قد صارت جيشه الوحيد، حتى حين تخلى هو عن القتال وأعطى ظهره للساحة، وقرر الهجر والاستسلام..
أخيرا، وجد بقعة يصف فيها السيارة، ثم ترجل عنها ليدلف لداخل المحكمة، ممسكا بهاتفه لكي يتصل بمحاميه كي يلتقيه قبل بدء الجلسة..
في جانب آخر من بهو المحكمة، وقفت أمواج وحدها مع محاميها.. رفضت حضور أيٍ من والديها، كما رفضت مساندة زهو وشادن اليوم تحديدا..
تريد أن تلتقيه وحدها، كي تبثه كل غضبها دون أن يكون هناك شهود على ما ستتفوه به في غمرة غضبها.. فهي تعرف أن ثورتها لا تؤتمن.. فالأمواج حين تثور، تبتلع كل ما يقف بطريقها دون هوادة..
وهي قد سئمت الانتظار.. فالانتظار نقمة.. يؤلم الروح، بل يغير الملامح.. يجعلك تشيخ من الداخل حتى تتمزق ستائر الصبر.. والأصعب منه فقدان الأمل، لأنه يؤدي إلى التهور وارتكاب الحماقات..
واليأس أخطر منهما؛ ذلك الوحش الضخم الذي يختبئ بالظلام حتى تأتيه اللحظة المناسبة فيتلبسك ويحولك لآلة عنف لا ترحم..
والآن تشعر أمواج أنها قد وصلت لمرحلة اليأس.. لم تعد تظن أن بحر سيغادر معها بنهاية الجلسة عندما تخبره بمفاجأتها.. لقد رأت ذلك السواد المقبض بعينيه، والجمود الذي يحد مقلتيه كقلعتين حصينتين تحجبان عنه الضوء، ليظل أسيرا للعتمة، ولن يثنيه إعلانها حملها عن الارتكان للظلام..
خرجت من شرودها، عندما رأت وجهها مألوفا يتحرك أمامها بلا انتباه..
شهقت بدهشة، ثم نادت بخفوت: "كيري.. ذكرى"..
انتبهت صاحبة الاسم للنداء، فاستدارت لتجد أمواج تجلس على مقعد صغير قابل للطي..
ابتسمت ذكرى بخفة لجلستها الأنيقة على هذا المقعد.. يبدو أن أمواج تتحرك به لكل مكان كونها شارفت على الثلث الأخير من حملها.. كم تبدو جميلة بفستانها الواسع الذي لا يكشف بروز بطنها، وإن كان انتفاخ وجنتيها وشفتيها والتماع وجهها ببريق خاص، دلالات كافية أنها تحتضن بداخلها كنزا رائعا لا يوازيه شيء..
ابتلعت ذكرى غصة، وهمست بداخلها داعية لها أن يحفظها الله وتضع حملها بسلام، قبل أن تقول بمودة حقيقية: "مرحبا أمواج.. كيف حالكِ؟"
ابتسمت لها بشجن وقالت: "حالي مزعج.. خلال نصف ساعة على الأكثر سيطردني القاضي شر طردة"..
ضحكت ذكرى متحاملة على كل أحزانها المريرة، فهذه المرأة القصيرة التي تشبه القطيطة تمتلك حقا طاقة مذهلة للقتال..
لقد انضمت ذكرى لمجموعة محادثة أصبحت الآن تخص شريكات البؤس الأربعة (هي وزهو وأمواج وشادن)، فيتبادلن من خلالها الفضفضة من وقتٍ لآخر كما يتفقن على مواعيد مناسبة للخروج سويا.. ما جعلها تكتشف الكثير عن تفاصيل حياة كل واحدة منهن، والمعاناة الخاصة التي تثقل كاهليها..
لقد علمت أن أمواج قد تطلقت غيابيا، ولكنها رغم ذلك تكافح لإعادة زوجها الذي تعشقه منذ الطفولة لكنفها، خاصة بعد أن اكتشفت حملها..
كم تغبطها على شجاعتها وإقدامها.. لو كانت ذكرى تمتلك نفس الروح، ربما لكانت كافحت أكثر لكي تنقذ آدم من بين براثن والدته الوحشية، لكنه هو من لا يريد الهرب من سيطرة والدته على ما يبدو، وإلا ما كان قد رفع يده عليها، أو أطلق عليها اليمين بأسرع مما تظن..
هل حقا كانت تريده أن يتمسك بها بعد أن تبادلا الإهانات بهذا الشكل؟
خرجت ذكرى من شرودها على سؤال أمواج، التي قالت: "لم أعلم أنكِ ستأتين للمحكمة اليوم.. هل أنتِ أيضا ستتطلقين اليوم؟"
ردت ذكرى بالتأكيد، شارحة لها أنها أرادت إنهاء الأمر في المحكمة، لأن جدها يقيم بإحدى الدول الخليجية مع عمها، وقد تدهورت حالته الصحية، فأرادت استخراج وثيقة الطلاق وتوقيع الأوراق اللازمة التي تحفظ لها حقوقها في حضور محاميها..
في تلك الأثناء، نادى الحاجب على اسم (أمواج الحلواني)، فنهضت تحمل مقعدها وتطويه قبل أن تضعه بحقيبتها الضخمة التي ترتديها عكسيا أمام بطنها، فلا تُظهر حملها..
بينما تحركت ذكرى تبحث عن محاميها، انتظارا لبدء الجلسة الخاصة بقضيتها..
بعد حوالي عشرين دقيقة فقط، خرجت أمواج من قاعة المحكمة كشهاب حارق، يتبعها بحر مطأطئ الرأس واضعا كفيه بجيبيه.. أسرع الخطى، حتى صار يسير إلى جوارها، يحرك طرف عينيه نحوها مختلسا النظر..
ملامحها المتغيرة تقلقه.. لماذا وجهها منتفخ هكذا؟ هل أصابها المرض بسببه؟ ماذا حدث لها في غيابه؟
خرج من نوبة تأنيب الضمير الصامتة، حين وجدها تنزوي جانبا، فتخرج من حقيبتها شيئا مستطيلا، فتحته برفق ليتحول لمقعد، ثم جلست عليه بارتياح، وأشارت له بعينيها كي ينزل لمستوى نظرها، فلم يستطع إلا أن يلبي، لينزل مطبقا إحدى ركبتيه فيجلس على ساقه، بينما يرفع الأخرى ليستند على ركبته بمرفقه يمنحها كل انتباهه، وهو يسألها بنبرة باردة بصوته المبحوح الذي لم تعتاده بعد، خاصة بعد هجرته لها: "هل اكتفيتِ؟ أم تريدين أن تهينيني أكثر بعد؟ هل تنتظرين أن تملأ صوركِ منصات التواصل الاجتماعي كونكِ تعيدين للأذهان مشهدا من فيلم قديم سخيف، فينصبّك مرتادي تلك المواقع كمناصرة لقضايا المرأة ضد الأزواج الغادرين؟"
"وأنت لم تغدر بي؟"
سألته أمواج بسخف، ليرد بخشونة: "الموقف ليس مزحة يا أمواج.. أنتِ تسيئين للعائلة بتصرفاتكِ تلك.. ابحثي عن طريقة أخرى لإيلامي دون أن تحوّلي الأمر لفضيحة علنية هكذا.. أم تُراكِ في المرة المقبلة ستكشفين عن سبب طلاقنا الفعلي؟"
ناظرته أمواج بعتب، لكنه لم يلن، وتابع موبخا: "فكريّ في كيان.. لا تؤذيها باندفاعكِ وتهوركِ.. فأنا لن أكون موجودا للسيطرة على جموحكِ"..
هتفت أمواج بنزق عاتب: "أنا لم أؤذِ ابنتي، لكنك أنت من أذيت أربعتنا"..
رفع بحر حاجبه بعدم فهم، فرفعت أمواج كفها تعد على أصابعها، وهي تتابع من بين نظراتها التي تختلط فيها الحسرة مع التحدي والعناد: "حطمتَ قلبي، وكيان تفتقد أباها طوال الوقت، وأنت تعيش وحدك كالمنبوذ، أما الرابع، فهو مهدد بالخروج إلى الدنيا قبل موعده وقيصريا إذا لم أحافظ على ضغط دمي من الارتفاع"..
"الرابع؟؟"
نطق بحر سؤاله بصوته المبحوح بعدم تصديق، فنهضت أمواج واقفة أمامه تخلع حقيبتها وترميها عليه بعصبية، قبل أن تتخصر لينحسر قماش فستانها الواسع إلى الجانبين، فيظهر بروز بطنها بوضوح، قبل أن يشهق بحر ويضع كفيه على جبينه، فتزداد عيناه غير المصدقتين جحوظا وصدمة، وبداخله يتساءل بانشداه..
(كيف حدث هذا؟؟ كيف خرجت حياة من جوف البحر الميت؟؟)
"هل أنتِ.. حامل؟"
سألها بحر بصوت متهدج لهول المفاجأة، فعقدت أمواج ذراعيها على صدرها لتقول بصرامة: "أجل حامل.. وأنا متمسكة بعائلتي.. ولم أجرّك للمحكمة اليوم إلا لكي أذكّرك أنني تمسكتُ بعائلتي لآخر لحظة وأنت من تخليت"..
نهض بحر واقفا بنزق، ليشرف عليها بطوله الفارع، فيقول بغضب يظهر عليه لأول مرة منذ أشهر: "افهمي يا غبية.. لقد كنتُ ضعيفا وأنانيا لدرجة أنني قبلت الاستمرار معك برغم خطورتي الواضحة على العائلة".
صمت بحر قليلا مناظرا رقبتها متذكرا ما حدث قبل أشهر قليلة، لتستعر عيناه من جديد، فترفع أمواج كفها تحيط رقبتها، وكأنه هكذا سينسى الجريمة المرعبة التي كاد أن يقترفها بحقها في لحظة غادرة من غياب الوعي، إلا أن بحر رفع كفه يحيط معصمها، فيسحب كفها، ويناظرها بنفس الغضب – غضبُ من نفسه – قبل أن يتابع: "ما لا أحتمله أن أتسبب في إيذائك يا أمواج.. وها قد رحلتُ وتركتُ لك حقوقكِ كاملة.. لم يكن هناك داعٍ لأن نتواجه بهذا الشكل في المحكمة"..
دفعته أمواج بصدره بأصابعها المنمنمة التي تشبه مخالب القطيطة، قبل أن تقول بحدة، وإن حافظت على انخفاض صوتها: "أعطيتني حقوقي المادية يا بحر، لكنك حرمتني من أهم حقوقي.. لقد منعتني أن أساندك في محنتك، وهذا ما لن أغفره لك أبدا"..
"افهمي يا غبية.. لقد أصبحت عاجزا عن حبكِ كما تستحقين.. فلماذا تتمسكين بحبٍ عقيم؟"..
زمت أمواج شفتيها بغيظ تكتم سيلا من الكلمات المحتقنة التي تريد رشق صدره بها جميعا كوابل من الصواريخ، لكنه ظل محافظا على تماسكه أمام نظراتها المخذولة، فتابع يسأل بحنق: "لماذا تتمسكين بكل جوارحك برجل لايستحقك.. وأنتِ أمواج الحلواني؟؟ انظري كيف تخطت شادن مشاعرها نحو سفيان واستأنفت حياتها بسلام"..
أنهى بحر كلماته ببرود، بينما فقدت نظراته حيويتها.. وكأن الأمواج قد تبخرت بمقلتيه، فلم تعد تتلاطم وتتمايل لتغمرهما الحياة..
ضحكة سخيفة صدرت عنها، قبل أن ترد بهزأ: "والله لا يوجد من هو أغبي منكما.. أنت وصديقك سفيان هذا، وذلك الثالث الأكثر حمقا"..
ناظرها بحر ببلاهة، لتتابع بنبرة مشتعلة وقد أحاطت بطنها بكفها وكأنها تربت على صغيرها تطمئنه وتعده بمستقبل آمن برغم كل شيء: "حتى اللحظة الأخيرة سأحارب لتظل تلك الأسرة قائمة.. فإذا تهدمت، سيكون اللوم بأكمله عليك.. وأنا سأكمل حياتي بكل راحة بعد أن أكون قد بذلت كل ما في وسعي بدون ذرة شعور بالذنب واحدة"..
ما الذي يحدث؟ لماذا لا تزال تقاوم الانفصال حتى الآن وقد تطلقا رسميا ونهائيا؟ ولماذا يقف هنا يستمع إليها فينبض قلبه الغادر بحنين لا قبل له به، ولم يسطر بدفتر الفراق سوى بضع كلمات لعينة..
لقد جاء ليراها مرة أخيرة.. ليودعها ويرى بعينيها انطفاء الأمل، فتترفق به وتطلق سراحه، لكنها – كعهدها دائما – تثبت له أن التخلي ليس من شيمها..
أغمض عينيه مخفيا نزيف روحه، حين قالت بأسف: " لن أسامحك قط يا بحر على رفضك للحديث معي.. لتشاركني بما حدث معك هناك.. على رفضك أن أقاسمك وجعك أو تقبل المساعدة"..
فتح بحر عينيه، ليجدها تشهق بخفوت، بينما تمد أناملها تمسح بضع دمعات تسللت كاللآلئ خارج محارتي عينيها، قبل أن تقول بصوت موجوع: "ما فعلته....."
توقفت عن الكلام لتسحب نفسا عميقا كي تسيطر على انهيارها المفاجئ، قبل أن تتابع: "تلك الطريقة التي طلقتني بها، تجعلني أشعر أنني كنت ساذجة يوم اعترفتُ لك بحبي أولا.. أنتَ لم تكن أبدا قويا يا بحر.. الأمر لا يتعلق فقط بما تعرضتَ له في ذلك الأسر، وإنما بكَ أنت.. أنت عاجز حتى عن اتخاذ قرار المقاومة وعدم الاستسلام.. لقد جعلتهم ينتصرون عليك ويدمرون كل الأشياء الجميلة بداخلك.. حتى حمائيتك تجاه عائلتك قد انتزعوها منك.. جردوك من حس المسئولية والانتماء.. لقد عدت بجسدك فقط.. لكن عقلك مازال محتجزا قسرا في ذلك المكان"..
أطرق بحر رأسه، وابتلع أحرفه بجوفه.. لا يوجد ما يرد به عليها.. بالفعل هو ضعيف في كل ما يخصها.. والآن وقد أصبح نصف رجل، كيف لها أن تطالبه بالاستمرار معها؟ إنه حتى لم يعد يستطيع بثها حبه كما قبل.. فهل يبقى فقط ليكون عبئا على روحها فيبتلعها الظلام كما ابتلعه؟
كتلميذ فاشل يتلقى التوبيخ من معلمته، ظل بحر واقفا أمامها مطرق الرأس مسندا كفا على كفٍ أمامه، فلم يشعر بعد ثوانٍ إلا بألم شديد في ساقه، فرفع أنظاره تزامنا مع ميله لكي يدلك ساقه ليجد عينيها تزدادان اشتعالا وابتسامة رضى تتسلل لوجهها بعد أن ركلته بعنف، لتقول باعتداد: "أنت لا تستحقني.. أنا مغتاظة منك بشدة.. أريد أن أخنقك.. هذا أبسط ما تستحقه الآن.. أريد أن أهشم وجهك هذا بقبضتي وأشوهه بأظافري"..
"أنا آسف"..
قالها بحر بخفوت شديد بصوته المبحوح.. وبدلا من أن يرتق اعتذاره جرحها القديم، شعرت أمواج بنزف في بقعة جديدة بروحها، لترد بنزق وهي تنحني كيفما اتفق، لكي تلملم مقعدها من جديد: "يقولون إن الإنسان يستحيل أن يموت واقفا.. انظر إليّ..أنت قتلتني، وأنا مضطرة أن أظل واقفة من أجل عائلتي، لكنني لن أسامحك.. ستندم يا بحر"..
قالت أمواج كلماتها الأخيرة وهي تنزع حلقتها الذهبية من بنصرها الأيسر وتضعها في كفه باستسلام، ليهمس سرا بداخله، وهو يضع الحلقة الذهبية بجيبه..
(ندمتُ بالفعل)..
تستدير أمواج لتضع المقعد بحقيبتها الضخمة، ثم تضعها حول عنقها لتسدلها على بطنها، وهي تتمتم بنزق: "ستندم، وستعود.. أنت لستَ قويا كفاية لتتحمل البعد عني للأبد.. ولكن وقتها ادعُ الله أن أقبل عودتك وأتجاوز إيذاءك لأربعتنا.. ستكون فاتورتك ثقيلة للغاية عند الحساب.. والحساب يجمع يا ابن الديب"..
لماذا لا تزال تحسبه ضمن أفراد أسرتها؟ ألم تستوعب بعد سبب وقوفهما اللحظة وجها لوجه بمحكمة الأسرة؟ ما الذي عليه أن يفعله بعد ليدفعها أن تقصيه نهائيا عن عالمها البهيج، فلا يلوثه بظلامه القبيح؟؟..
خرجا من القاعة معا، ثم تحرك كلا منهما في اتجاه، فيركب سيارته ويسير الخطوات الأولى في طريقه.. وحده..



يتبــــــــــــــــــــــ ـع في الصفحة التالية

على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t486027-110.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 21-11-22 الساعة 09:24 PM
مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:47 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.