آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          خدمة مميزة !!! .... (الكاتـب : حكواتي - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          437 - لحظة وداع - لوسي مونرو ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          434 - غرقت في عينيه - كيم لورنس (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          علي الجهة الأخري (مصورة) (الكاتـب : دعاء ابو الوفا - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          زوجة دون امتيازات - قلوب زائرة - للكاتبة المتألقة: shekinia *مكتملة &الرابط* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > القصص القصيرة (وحي الاعضاء)

Like Tree20Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-03-22, 05:47 PM   #11

سعيدة أنير

? العضوٌ??? » 473919
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » سعيدة أنير is on a distinguished road
افتراضي ذكرى تعانق طيفك


[SIZE="4"]لا يصدق أنها هي نفسها التي تزوج بها منذ أسبوع، بحالتها المحطمة والبائسة والتي لم تتوقف عن البكاء..

xمن أين أتت بكل هذه الطاقة المتقّدة المتجلية أمامه؟

xلا ينكر أن تغيرها لم يأتي دفعة واحد، فمنذ يومين وهو يلاحظ بعض التغييرات عليها، رغم أنه كان يتجنب اللقاء بها احتراما لرغبتها، إلا أنه رآها تخرج للحديقة مرتين أو ثلاثة رفقة ابنته التي لم تكن تفارق الجناح، وكأنها قد وجدت رفيقة جديدة بهذا المنزل، بعد أن كانت تقضي وقتها تلعب في غرفتها رافضة اللعب مع أطفال العائلة، حتى أنها قد ألِفت النوم بجانبها كل ليلة..

كان يراهما تفترشان العشب تحت شجرة الزيتون الضخمة في الحديقة، تلعبان بالدمى الكثيرة التي تملكها ابنته لينا، وصوت ضحكاتهما تعلو بين فينة وأخرى.. أو تتقافزان هنا وهناك.. أو تلعبان الكرة..x

بينما كان هو يقف بعيدا يراقبهما بحالة غباء مسيطرة، دون أن يستطيع استيعاب حالة ازدواج الشخصية التي تتلبس أميمة في حالات متعاقبة..فمع ابنته تكون بشخصية، وأمامه تتلبسها شخصية أخرى لا يفهمها..

لم يستطع أن يسيطر على ذلك الفضول الذي تلبسه نحوها وحرك انتباهه واهتمامه إليها..ليجد نفسه يلاحقها بعينيه أينما حلت وارتحلت..

xكان يلمح ابتساماتها وانطلاقها وهي بعيدة عنه، ولكن ما إن تلتقي عيناه بعينيها وتشعر بوجوده حتى تتعكر صفحة وجهها ويسكن حزن وشقاء مقيت مقلتيها، لكأنما تذكرت واقع أنه زوجها بينما تنساه وهو بعيد عنها..فكانت تتهرب بعينيها وتلوي وجهها بعيدا عنه، بينما كان هو يصر على سبر أغوارها وقراءة ما تحاول إخفاءه عن ناظريه..

ألهذه الدرجة كانت متعلقة به وتحبه؟ هل ذلك اللوم الحاقد الذي يراه في نظراتها إليه سببه أنه من أبعدها عمن تحب؟..

سؤال يلح على رأسه ويعذبه بطريقة لا يفهمها..ربما هي دماؤه الريفية الحارة هي من تدفعه للشعور بهذا الشعور الذي لا يستطيع مقاومته و تفسيره..

xهل هي غيرة أم تملك لشيء أصبح يخصه ويرتبط بشرفه وعرضه؟..أم أن هناك شيء آخر أقوى منه لا يستطيع السيطرة عليه؟

xلقد أمضى سنوات عدة في بلاد الغرب، لكنه أبدا لم يسمح لنفسه بالتطبع بطبعهم.. ربما كان هذا هو سبب الخلاف المباشر مع زوجته، التي كانت تتهمه دائما بالتخلف وبأنه ليس متفتحا، ولا يستطيع التعايش مع ثقافة المجتمع الذي بات يعيش فيه.. بينما كانت هي تحيا حياتها بالحرية التي يمنحها لها القانون، لهذا كان الانفصال الحل الوحيد والمريح لكلا الطرفين..

xعاد يزدرد ريقه مرة أخرى وعيناه تتسعان أكثر، عندما بدأت تلك الجنية القيام بحركات أفعوانية من خصرها كأنه شيء هلامي تحركه كيفما تشاء، وأردافها المحاطان بغلالة ربطتها حولهما يتحركان يمينا ويسارا.. للأعلى وللأسفل.. كأن ماسا كهربائيا قد أصابها، وساقيها الرشيقتان تتحركان بخفة راقصة باليه على أطراف الأصابع، بحركات متناغمة مدروسة تحت الفستان البيتي الخفيف، والذي يصل إلى أسفل الركبة بقليل..

xولم يشعر بقدميه اللتان بدأتا تتحركان ناحيتهما بملامحه المبهوتة، وصوتها يعلو فوق الموسيقى قائلة:

_ انظري لهذه الحركة.. استغرقني تعلمها شهور عديدة..

جحظت عيناه وشهقة خافتة مشدوهة تنفلت من بين شفتيه، وقدماه تتسمران عن الحركة، بينما كانت هي تنحني بجذعها للأمام قليلا وتبدأ بالتحرك للخلف، بحركات مجنونة وخصرها وأردافها لا يزالان يتحركان بليونة أفعوانية..فينحسر الثوب عن ساقيها أكثر ويتطاير، ليُظهر أكثر مما يجب أن يظهر..x

_ بابا!..

تزامن اصطدامها به مع كلمة الطفلة المكتشفة لوجود والدها توا، لتصله شهقتها المذعورة ونعومة جسدها ترتطم بصلابة جسده، فيتشنج ويتجمد و شرارات كهربائية تخترقه، بينما عبقت أنفاسه بعطر شعرها المتطاير عاليا وهي تستقيم بجذعها مرتدة برأسها للخلف، فتضرب وجهه موجات حريرية شلت كل تفكيره..

قلبها راح يقرع بقوة وصخب دون أن تستطيع استيعاب ما يحدث، لقد كانت مندمجة جدا في رقصتها ولم تشعر إلا بحرارة جارفة سرت بأوصالها، وجسدها يرتطم بكتلة صلبة احتوتها ويدين حارقتين تحطّان على أردافها و تنتقلان تلقائيا لتحاوطا خصرها، وهي تستدير بجسدها للخلف بأنفاس متهدجة من الرقص.. والذعر.. والمفاجأة..

لفحت وجهها أنفاس أحرقتها وأحرقت ردة الفعل المتوقعة في موقف كهذا، وقد وجدت نفسها بين ذراعيه وطول قامتيهما المتقاربة تسمح لها بالتدقيق في ملامح وجهه عن قرب، كما لم تتسنى لها الفرصة من قبل..

xرباه! لا يزال وسيما كما السابق، بل إن السنين قد زادته نضجا وهيبة و..خطورة..

نبض قلبها انفعالا مع اعترافها الخطير هذا، وازداد ذعرها وهي تلمح وميض عاطفة متراقصة بعينيه أيقظت ناقوس الخطر بداخلها، لتلملم شتات تفكيرها بسرعة وتخلص نفسها من أسره الواهي وتفر هاربة..

راقب فرارها الرشيق مرفرفة على أطراف أصابع قدميها، والفستان يتطاير معها حتى توارت خلف باب الحمام، ثم أطلق أنفاسه المكتومة بزفرة حارة تصاعدت معها مشاعر مختلطة بداخله.. مشتّتة.. ككيانه المشتّت.. لا يستوعب ما حدث توا..

أغلقت باب الحمام خلفها واستندت إليه تلهث، ونبضات صاخبة يضج بها صدرها كأن قلبها سيخرج من مكانه..

ماذا حدث؟x

لقد ظنت أنها قد تجاوزت الأمر ونسيته..x

كانت تظن أن ما شعرت به في الماضي لم يكن إلا مشاعر مراهقة ولّت مع تلك الفترة..

طيلة الأسبوع الماضي تحاول تجاهل ذلك الصوت الذي ظل يلحّ عليها، ويخبرها أن ما تشعر به ليس إحساسا بالظلم لأنه تم تزويجها قسرا، بل كان انتفاضة لكبرياء الأنثى بداخلها والتي ترفض أن تكون الرقم اثنين في قلب من أحبته يوما..

xانتفاضة رافضة له لأنه لم يرها كما كانت تراه..

انتفاضة رافضة لبوادر مشاعر قديمة تم وأدها سابقا تهدد بالاستيقاظ من مهجعها ..

xxxxxxxxxxxxxx***

لم تعرف كم لبثت في الحمام خوفا من المواجهة مجددا..

xأرهفت السمع تتأكد من خلُوّ الغرفة، خاصة وأنها لم تعد تسمع صوت جلبة الطفلة، لكنها لم تعلم أن منصف أكثر عنادا مما اعتقدت..فقد لبث ينتظر خروجها دون ملل..

xوما إن أطلت برأسها خلف الباب حتى بادرها قائلا:

_تبدين كفأر مذعور يختبئ خلف الباب..

لم تستطع أن تمنع شهقة خافتة انطلقت من بين شفتيها، وهي تكتشف وجوده واقفا أمام النافذة، يضع يديه في جيبي بنطاله يلفه الغموض، وواضح أنه ينتظرها ولم يكن هناك مجال للتراجع والهروب مجددا:

_ ظننتك قد خرجت..

تمتمت بها وملامحها تظهر انزعاجا وضيقا واضحين..

وما إن سارت خطوتين للأمام تبحث عن عباءتها لترتديها بسرعة، حتى تشنج جسدها بفزع وهي تراه يتحرك نحوها بخطوات وئيدة..

قال بوميض تسلية وتهكم بارد:

_ وأفوّت عليّ منظرك هذا؟ مستحيل..

كتمت شهقة كادت تفضحها وهي ترى نظرة جريئة من عينيه تحاكي كلماته لم تألفها منه، فأسرعت تلتقط عباءتها تلفها حولها بتوتر ملحوظ، وما كادت يداها تصلان للشال حتى سحبه منها وهو يسألها بغموض:

_ هل ستعودين لطقوس بؤسك وكآبتك..منذ لحظات فقط كنت تتراقصين كشعلة متّقدة..وضحكاتك تصدح عاليا وتعم أرجاء البيت..

جحظت عيناها فزعا وهي تشعر بوجوده القريب جدا منها، فتراجعت خطوة للخلف وهي تسأله محاولة جعل صوتها حادا وحازما بما يكفي:

_ ماذا تريد؟..

لمعت عيونه بوميض قاس ويده تلتقط مرفقها بخشونة، وقال بلهجة لاذعة:

_ ماذا أريد ها؟ حسنا سأخبرك.. أريد أن أعرف سبب كل هذا الحزن وكل هذا البكاء؟ ألأنك لم تتزوجي بمن اختاره قلبك؟ أم لأنك أرغمت على الزواج بمطلّق يكبرك بفارق عمر كبير ولديه ابنة؟ ها؟

ذهول وصدمة سيطرا على ملامحها تناظره بتفاجؤ..

xماذا يقول؟..

ولم تلبث أن حاولت سحب مرفقها وهي تهتف به باستنكار:

_ أبعد يدك عني..هيا اتركني ولا تلمسني أبدا..

مد يده الأخرى يمسك بمرفقيها معا ويهزها قليلا وهو يكمل بقوة:

_ هيا أخبريني.. فلربما أتمكن من مساعدتك.. فلن أكون ذلك الرجل الذي يضع نفسه في مكان ليس مرغوبا به فيه..

_ قلت اتركني..

عاد يهزها بقوة أكبر وقد بدأ يفقد أعصابه:

_ أمازلت تفكرين فيه؟..

التوت ملامحها بكل علامات الامتعاض والاشمئزاز، وبرقت عيونها بوميض شر وهي تنفجر عليه دون أن تشعر:

_ لا تخف.. لم أعد ذلك الشخص الضعيف الذي يتعلق بشخص ما وينكسر حين يرحل و يتركه.. التجربة الأولى كانت كافية..

_ التجربة الأولى؟! حبا بالله! كم عمرك؟ وكم تجربة عشت حتى تتحدثي هكذا؟

تقوست شفتاها بقسوة بشبه ابتسامة حاقدة، وقالت بتهكم مرير:

_ يعجبني دور الجاهل أو المتجاهل الذي تتقمصه.. كأنما لم تمزق ذلك الخطاب الساذج الذي بعثت به إليك أبوح لك فيه بسخافة مشاعري..x زواجي بك مرفوض رفضا قاطعا..ولن أكون راضية عنه أبدا..لقد رفضتني سابقا وها أنا أرفضك بدوري..

تراخت قبضته عن مرفقيها وقد تجلّت الصدمة والذهول في وجهه، وبدا غير مصدق وهو يردد مشدوها:

_ لقد كنت طفلة مراهقة..كيف آخذ مشاعر المراهقة على محمل الجد؟..

عادت عيناها تومضان بقسوة وهي تسحب نفسها من بين يديه بخشونة، قائلة:

_ وها أنا ذا الآن أقول لك أنها لم تكن مشاعر مراهقة..

xxxxxxxxxxxxxxxxx***

في المساء..

تظاهرت بالنوم عندما سمعت صوت الباب يفتح، وجاهدت حتى لا تفتح عينيها، فلم تكن على استعداد للمواجهة بعدما حدث سابقا..

كان قد خرج بعد تلك المصارحة النارية من قبلها، وبعد أن دخلت هي واختبأت مجددا في الحمام، واختفى كأنما تعمد ألا يواجهها بدوره، وهذا قد أراحها بشكل كبير ..لن تنكر..فلم تكن لديها الجرأة للنظر إلى وجهه بعدما قالته في لحظة اندفاع وتهور، سرعان ما تبعتها لحظات أخرى من الندم كأنها الجحيم..

شعرت به يتوقف للحظات عند الباب.. قبل أن تصلها زفرة خافتة من قبله وهو يطلق أنفاسه ويغلق الباب بهدوء ويسير ناحية الحمام..

عادت تسمع حركته الخفيفة بعد لحظات وهو يتنقل في الغرفة ويفتح الخزانة يخرج منها ثيابه..

xكانت تتابع كل تحركاته دون أن تتحرك من مكانها، أو تشعره بأنها مستيقظة..

لكن الوضع أصبح مربكا فجأة عندما خيم سكون مريب على المكان، ولم تعد تعرف إن كان قد خرج أم أنه لا يزال في الغرفة..

بيْد أنها أيضا لم تحاول أن تكتشف ذلك، فقد حافظت على موقفها الساكن وتظاهرها بالنوم، ليخفق قلبها فجأة بجنون وهي تسمع وقع خطواته تقترب من السرير، و تأهبت كل حواسها بينما اشتدت قبضة يدها دون شعور على يد الصغيرة التي كانت تنام بجانبها ككل ليلة، وتصر على أن تمسك لها يدها وهي نائمة.. وفجأة..

ابتلعت صرخة خرجت تلقائيا عندما شعرت بحرارة جسده تحتضن جسدها من الخلف، وذراعه تلتف حولها بجرأة لم تألفها..فقفزت جالسة في مكانها وكل علامات الذعر والتفاجؤ تحتل وجهها.. بينما يده تحط على فمها تمنع صرختها وهو يهمس بصوت ملؤه الضحك المكتوم:

_ ششش.. سوف توقظين الصغيرة..

أبعدت يده بعنف بينما حاولت التملص من أسر ذراعه هاتفة بتوتر:

_ ممم..ماذا تفعل؟ ابتعد..

_ لقد كنتِ تدّعين النوم إذا كما توقعت؟..

لم تستطع أن تستوعب نبرة التسلية الكامنة بصوته، وضحكاته الخافتة تصل إليها وتزيد من تشويشها، بينما استمرت حركاتها المستميتة للتخلص من قربه وهي تقول:

_ ماذا تريد؟..

أدارها نحوه لتواجه عيونه المليئة عبثا وشقاوة، فتسارعت دقات قلبها وتضخمت مشاعر مختلطة بصدرها حتى منعتها التنفس، فراحت تنظر إليه بترقب من بين خصلات شعرها الذي تبعثر وغطى وجهها من حركاتها العنيفة..فاعترفت وقلبها يتعثر في نبضاته بمدى وسامته وخطورته..

_ أريد اعترافا منك..

تحركت بيأس لتبتعد وهي تسأله بدهشة:

_ أي اعتراف؟.. ماذا تقول؟

_ قلت أن مشاعرك نحوي لم تكن مشاعر مراهقة.. أريد أن أسمعها منك وتقوليها بصراحة..

_ أقول ماذا؟!..

لمعت عيناه بخبث ووقاحة:

_ أنك لازلت تكنين لي تلك المشاعر وأنك..تحبينني..

شهقة مصدومة انفلتت منها، وبحركة قوية أفلتت من قبضته ونهضت واقفة وهي تهتف فيه بحزم:

_ أنت تحلم..حلما صعب المنال..

ضحك بخفة وهو يستوي في مكانه يطالعها بتسلية كبيرة.. كان منظرها الفوضوي يثير فيه رغبة ملحّة في مشاكستها وإثارة نرفزتها إلى أبعد حد..

ابتسمت عيناه وهو يسألها بنبرة رقيقة ومثيرة:

_ لماذا أحلم؟ ألست زوجتي؟..

فغرت فاها فيه بذهول ووقع الكلمة من فمه بدا غريبا جدا..

xهل حقا تزوجا؟ إذا لماذا يبدو كل هذا مجرد حلم ولا يبدو واقعيا أبدا؟..

_ ماذا تريد؟ صدقا ماذا تريد؟..أعجز عن فهمك..

ظلت عيناه العابثتان المثبتتان على وجهها بإصرار تبتسمان.. كانتا تلمعان وتومضان ومضات متعاقبة، وكأنهما تقرآن ما تخفيه من أسرار خلف ذلك القناع الجاد والحازم الذي تحاول رسمه..

سحب نفسا عميقا وبدا وكأنه قد توصل لإجابة عن سؤالها..لكنه قال فجأة وببساطة:

_ من أبن تعلمت الرقص بتلك الطريقة ال..ممم..كيف أقولها؟

أطبق شفتيه يبحث عن تعبير مناسب، وقال وعيناها تنسابان على قدها بإعجاب جريء:

_ المحترفة و..المغوية..

شهقة مستنكرة منها زادت من استمتاعه وتسليته على حسابها، ولم تفوت عيناه متعة ملاحقة كل تلك الألوان المتعاقبة على وجهها، وقد انعقد لسانها وعيناها تتسعان اندهاشا وصدمة..

نهض من مكانه ليقفز قلبها بصدرها عندما أصبح أمامها مباشرة، ولم تستطع أن تتحكم بردة فعلها المذعورة وهي تتراجع خطوة للوراء، مظهرة بذلك خوفها وضعفها من الموقف:

_ مماذا تريد..؟

xارتجف صوتها وعيناها ترسلان نظرات متوجسة، لتموج عيناه بعبث ووقاحة لا تعرف من أين اكتسبهما..

أمال رأسه جانبا وابتسامة جذابة ترسم على شفتيه، ليسألها بنبرة مبحوحة مؤثرة:

_ إنها المرة الثالثة التي تسألينني فيها هذا السؤال..فهل أنت مستعدة لإعطائي ما أريده؟..

عادت تشهق مجددا باستنكار أكبر وقد تدلى فكها، وراحت تحسب المسافة بينهما وقد بدأ بالتقدم نحوها..

سحبت نفسا عميقا تستجلب رباطة جأشها وأخذ موقف حازم.. وقالت باضطراب:

_ ليس عندي ما أعطيه إياك.. فرجاء ابقى بعيدا ولا..لا تقترب..كما كنت دائما ..

استمر في التقدم نحوها بينما كانت هي تتراجع..وبدأ يقول بيقين:

_ كنت قد قررت البقاء بعيدا عنك احتراما لرغبتك، ولكن بعد اعترافك ذاك لي هذا الصباح.. فأجد نفسي مرغما على الاقتراب..

مط شفتيه مطرقا برأسه، ثم أضاف بهزة من كتفيه كاعتراف بالأمر الواقع:

_ لم تعودي وحدك من تملكين حق البت في موضوعنا..

توقفت وقد استجمعت كل شجاعتها على المواجهة، وصدى كلماته يوقظ بداخلها ذكريات أشعرتها بالخجل طويلا من نفسها، وقد بذلت جهدا جهيدا حتى وأدتها ومحتها من ذاكرتها..

وقفت أمامه بحزم ووجهها يحمل كل علامات الصرامة الممكنة لتقول:

x_ هل يحلو لك أن تتلاعب بمشاعر الآخرين؟ ألم تكن هذه المشاعر سخيفة بالنسبة لك سابقا؟ فما الذي استجد الآن وجعلك تهتم بها فجأة؟

_ ربما لأني لم أعتبرها يوما سخيفة..

كلمات سلسة خرجت من بين شفتيه دون أن يتأثر بالقوة التي تحاول الثبات بها أمامه..

كان يدرك أنها مجرد واجهة تحاول الاختباء وراءها، لهذا لم يتوقف عن التقدم نحوها وهو يقول بتأثير وإغراء:

_ انسي ما مضى ودعينا نعيش الحاضر.. لمَ لا تتركين الكلمة لقلبك وهو سيقرر..

أنهى كلامه ويده تلامس موضع قلبها الذي راح يقرع كالطبول في صدرها، وفقدت القدرة على التنفس أو الإتيان بأي رد فعل مناسب، وقد أصبح قريبا جدا..

xجسده يكاد يلامس جسدها..

وعينيه ترسلان نظرات مخدرة..

فشعرت وكأنها منومة مغناطيسيا من تأثيره عليها..

وقبل أن يقوم بحركة غدر قرأتها صريحة في عينيه، لملمت شتات نفسها وهربت من أمامه لا تلوي على شيء، وتختبيء داخل الحمام..

xxxxxxxxxx***

بعد بضعة أيام..

أنهت تعديل حجابها بسرعة استعدادا لذهابها للجامعة، بعد أن أوصلت لينا بنفسها هذا اليوم للحضانة، فقد اضطر منصف للخروج مبكرا لأمر ضروري، وهي طمأنته إلى أنها ستوصلها بنفسها..

كانوا قد انتقلوا ثلاثتهم للمدينة قبل أربعة أيام، بعد أن تدبر منصف بيتا ليعيشوا فيه..

xتذكرت ذلك اليوم الذي أخبرها فيه بأن عليهم جمع حاجياتهم لأنهم سينتقلون للمدينة، ليلتحق بعمله وتلتحق هي بجامعتها..

xوعندما رأى علامات التفاجؤ والاستغراب على ملامحها، ابتسم قائلا بمشاكسة:

_ لا تنظري إلي هكذا، فوالدك لم يتركني حتى أقسمت له بأنك ستنهين دراستك ولن أمنعك عنها..

على الأقل والدها لم يسمح بضياع هذه السنة، رغم أنها حزينة جدا لأنه أرغمها على هذا الزواج..

أطلقت أنفاسها بتنهيدة أسى وأفكارها تتجه تلقائيا إليه..منصف..

هل كانت لتتصور قبل بضعة سنوات بأنها ستتزوج به؟ خاصة بعد سفره؟..وهذا الزواج؟ هل يمكنها حقا أن تسميه زواج؟x

لا تنكر أن معاملته معها تغيرت منذ ذلك اليوم، بعد أن كان يتعمد ترك الحرية والمساحة الخاصة لها، أصبح يقحم نفسه في كل دقيقة من يومها..

xكان يجد حريته في التعامل معها بتلقائية، لا تنكر أن معاملته فيها مراعاة كبيرة واهتمام أكبر، لكنها تنقلب أحيانا إلى جرأة كأنما زواجهما طبيعي..

xلم يكن يرحمها بمحاصراته لها واستجوابات لا قبل لها بها، بينما هي كانت تأخذ الجانب الحذر والمتحفظ، وتحاول بناء سدود منيعة بينها وبينه وترك مساحة بينهما، لكنه كان يهُدّها بسهولة..

ورغم هذا كله إلا أنه لم يكن يتعدى مشاكسات ومناوشات منه، و ترك لها حريتها وقد استقل كل واحد منهما في غرفة خاصة، واحترم رغبتها في عدم الاقتراب..حتى ليلة البارحة..

زفرة حارة تصاعدت بصدرها وقد عادت الحرارة تجتاحها اجتياحا، وذكرى تلك اللحظات بين ذراعيه تشوشها، ويرتجف لها قلبها بنبضات مشتتة..

كانت قد خرجت من غرفتها ليلا، لتحضّر لنفسها مشروب أعشاب كان يساعدها على النوم، بعد أن جافاها هذه الليلة..

بينما هي واقفة أمام الموقد تنتظر غليانه، وعقلها كعادتها منذ زواجها زاخر بأفكار وهواجس كثيرة، لم تشعر بمن كان يحتل أفكارها وهو يدخل إلا بعد أن أصبح خلفها مباشرة..

كتلة حرارة غلفتها وجسده يخيم عليها ويديه تلامسان خصرها..بينما شفتاه ترسمان قبلة رقيقة على عنقها..لتبتلع صرخة فزع عفوية انطلقت منها وراحت تناضل للتحرر من أسره..

تنحى قليلا للخلف وتركها تستدير نحوه ويا ليتها لم تفعل..

قابلتها عيونه العابثة وابتسامة وقحة ترسل وعود كثيرة معلقة على جانب فمه..

سألها وهو يميل نحوها قليلا يديه فوق طاولة العمل الخاصة بالمطبخ.. يحاصرها بينه وبينها:

_ أرى أنك لم تستطيعي النوم أنتx

أيضا..هل ستخبرينني بما يؤرقك؟..

لمحت وميض انتصار في عينينه وهي تميل بجذعها للخلف في محاولة يائسة للبقاء بعيدا عن نيرانه الحارقة، وقد بدأ تأثير رجولته القوي -وهو بهذا القرب المهلك منها- يسري بأوردتها وتستجيب له أنوثتها..

وجهه لا يفصله عن وجهها سوى إنشات قليلة..

أنفاسه تلفح وجهها فتزيد من احتراقها..

xوعينيه تفترسانها دون رحمة..

ارتجفت وحرارة مهلكة تسري بكامل جسدها لتقول بتلعثم وارتباك:

_ أريد..أريد أن أمر..هلا أفسحت لي الطريق..

التوت شفتاه بابتسامة وقحة، بينما تركزت نظراته هذه المرة على شفتيها اللتين اعترتهما رجفة صغيرة، حاولت التحكم بها وهي تضغطهما بأسنانها لكن عبثا..

جحظت عيناها فجأة برعب عندما مال على عنقها يعبئ أنفاسه من عطرها.. هامسا بعاطفة حارة:

_ كم مضى على زواجنا ولم أحصل بعد على قبلتي الأولى ..هل أحصل على واحدة الآن؟..

فتحت فمها لتعترض، لكنه كتم اعتراضها وخطف قبلته الأولى من تلكما الشفاه التي داهمت أفكاره طويلا بخيالات مثيرة..

فقدت توازن ثباتها ولم تشعر بجسدها الذي ارتخى وذاب تأثرا وعاطفة.. ليحرر منصف إحدى يده ويسندها محيطا خصرها بذراعه..بينما ارتفعت يده الأخرى تحرر خصلات شعرها من ربطته، ويغرز فيه أصابعه يتلمس نعومته..

لم يكن يُسمع سوى هدير أنفاس مختلجة ممتزجة مع تنهيدات حارة، تلاقت واختلطت في تواصل ملحمي غابا فيه عن الواقع..

انتفض جسدها فجأة وتكهرب بلمسته التي تجرأت أكثر وأحرقتها وكأنما أعادتها إلى الواقع.. أبدت مقاومة واهنة لتتملص من أسره..تنسلخ بالمعنى الحرفي عنه..

بينما ارتخت قبضته عنها تاركا لها الحرية لتهرب، وتتركه مسمرا مكانه حالته تحاكي حالتها..

ارتفعت أصابعها تلامس شفتيها تزامنا مع عودتها من تلك الذكرى، وقد حملتا وصم ملكيته لهما بأول قبلة، وتنهيدة مفعمة بالحيرة تنبعث من بين شفتيها..حيرة من مشاعرها ومن تصرفاته كذلك..

ثم التقطت حقيبتها تطرد كل تلك المشاعر التي تشوشها، فلو تركت نفسها للأفكار والهواجس التي تحتلها، لن تخرج أبدا لتلحق بمحاضراتها..

xxxxxxxxxxxx***

في المساء..

يمد يده إلى جيب بنطاله يبحث عن المفاتيح، بينما كانت ذراعه الأخرى تضم صغيرته المتشبثة بعنقه، تدفن وجهها في صدره وساقيها تلتفان حول خصره، بينما كانت بقايا شهقات خلّفها بكاؤها الطويل تتخلل أنفاسها..

فتح الباب ليستقبله وجه أميمة التي خرجت توا من المطبخ، وقد علا القلق ملامحها لمرآهما..

كانت قد قرأت الوجوم المرتسم على وجهه وتقطيبة انزعاج تعلو جبينه، لتسأله وهي تدنو منهما:

_ ماذا حدث؟ ما بها لينا؟ هل هي بخير؟x

تزامنت أسئلتها مع يدها التي امتدت تمسد على ظهر الصغيرة، التي ازدادت تعلقا بوالدها ووجهها يختفي تماما في صدره كأنها تخفيه عنها..

نبرة القلق والإهتمام في صوتها جعل شعورا دافئا يسري بصدره، ليبتسم لها قائلا بلطف:

_ إنها بخير لا تقلقي.. سأضعها في سريرها وأعود إليك..

إشارة من عينيه جعلتها تدرك أنه لا يريد التحدث أمامها، لهذا أفسحت له المجال ليُدخل الطفلة إلى غرفتها، ثم يعود بعد لحظات وهي لا تزال في مكانها..

دنا منها يأخذ يدها في يده قائلا:

_ تعالي معي لا أحد غيرك يستطيع إخراجها من تلك الحالة..

تركته يسحبها معه ليجلسا على الأريكة، وبدأ يقول:

_ لقد اتصلوا بي من الحضانة وأخبروني أنها لا تتوقف عن البكاء، وعندما ذهبت لأحضرها أخبروني أنها تعاركت مع طفلة هناك لأنها تحدثت عنك وعن..عن أمها..

ازداد انعقاد ملامح أميمة وهي تسأله:

_ ماذا قالت لها تلك الوقحة؟

تنهيدة أسى أطلقها وبدا وجهه منهكا وهو يجيب بانزعاج:

_ لا أدري..مجرد ثرثرة ربما سمعتها من والدتها أو من شخص آخر.. أنت تعلمين ثرثرة النساء والنميمة وتأويل القصص التي لا أساس لها.. ما فهمته أنها أخبرتها أنك زوجة والدها ولست أختها كما كانت تظن، وأنك ستتركينها كما تركتها والدتها..مجرد ترهات جعلتها تبكي طويلا..ابتعادها عن والدتها خلق في نفسها بعض المشاكل لا أعرف كيف سأجعلها تتجاوزها..

راقبت يديه تمسحان على صفحة وجهه بإعياء واضح، بينما ازداد غليان أعصابها بداخلها لتهمس من بين أسنانها متوعدة:

_ تلك الوقحة.. يجب أن أعرف من هي والدتها حتى ألقنها درسا لن تنساه أبدا..كيف تملأ عقل الصغيرة بهذه الترهات؟

رفع عينيه إليها ليطالعه وجهها بملامحه المتراقصة انفعالا، وقد ارتسم عليه عبوس وغضب عفوي صادق، لتنتابه رغبة عارمة في الضحك..

ربت على رأسها بحنو وهو يهدئ من انفعالها قائلا:

_ اهدئي.. لا نريد أية مشاكل.. ما علينا فعله هو جعل الطفلة تتجاوز ما حدث، وهذه مهمتك، فهل ستقدرين عليها؟..

التقت نظراتهما لتنتبه فجأة لجلوسهما غير الطبيعي يتناقشان كأي زوجين عاديين، وتلقائيا تصاعد الدم إلى وجهها وموجة حرارة تداهمها..

وقبل ان تفضحها مشاعرها وتزيد من تعقيد الموقف نهضت واقفة وهي تؤكد:

_ سأذهب إليها إذا..

تلكأت قليلا مترددة في الانسحاب الآن، وقد انتابها فجأة الفضول لمعرفة المزيد عمن كانت..كانت زوجته..ومعرفة سبب الانفصال..

لكنها لم تملك الجرأة للإستفسار فانسحبت على مضض ودخلت غرفة الصغيرة..

دخلت الغرفة ووجدتها تنام على بطنها تخبئ وجهها في الوسادة، فرقّ لها قلبها..و رغم أنها تحس بالغيرة ممن كانت زوجة منصف، إلا أنها لا تملك إلا أن تحس بالتعاطف مع الطفلة، وطلاق والديها وهي بهذا العمر الصغير يؤثر في نفسها كثيرا..

رسمت ابتسامة كبير على وجهها، ولبست قناع الشقاوة الذي ترتديه دائما عندما تكونان معا تلعبان بالدمى، واقتربت منها تقول وهي تجلس على السرير:

_ هل تعلمين أن الأميرة لؤلؤة ستتزوج؟..

أتاها رد الفعل الذي انتظرته عندما تحركت الصغيرة قليلا، لتسمع كلامها جيدا دون أن ترفع رأسها، فأشارت أميمة إلى دمية على أحد الرفوف وهي تتابع ثرثرتها الطفولية بحماس، تمنت أن تنقله إليها:

_ أجل. أنظري إليها لقد أخبرتني هذا الصباح، لهذا سنذهب أنا وأنت إلى السوق لنشتري لها فستان الزفاف.. سيكون فستانا منفوشا من الدانتيل، وسنحضر معنا أيضا الأمير الذي ستتزوجه.. ما رأيك؟..

لحظات مضت قبل تتحرك الصغيرة مرة أخرى، لتنظر إليها بعين واحدة ووجهها لا يزال إلى الوسادة..

قالت فجأة بصوت مبحوح ومتحشرج:

_ هل ستأخذين معك الدمى الخاصة بك عندما تغادرين؟..

جاهدت حتى لا تظهر تفاجؤها من السؤال، وظلت محتفظة بابتسامتها وهي تسألها:

_ إلى أين سأغادر؟..

لكن الطفلة تابعت أسئلتها تقول:

_ وإذا بقيتي.. هل ستعاملينني كما كانت زوجة والد سندريلا تعاملها؟..

هذه المرة لم تستطع أميمة أن تداري اندهاشها وهي تسمع كلامها..تلك الطفلة الوقحة لم تترك شيئا سيئا لم تقله لها..

زمت شفتيها بغضب وهي تتمنى لو تستطيع ضرب من شحن رأسها بهذا الكلام حتى تؤذي به لينا..

وقبل أن تقول شيئا كانت الطفلة تتابع كلامها قائلة بحزن:

_ لا أريدك أن تكوني مكان ماما.. لقد كنت أظنك أختي أحضرك بابا لتلعبي معي لأني ليس لدي أخوة ألعب معهم..

مررت أميمة يدها على شعر الطفلة وهي تقول لها برقة:

_ لكني لن أكون أبدا مكان ماما ولا أحد سيكون.. سأظل دائما صديقتك التي ستلعب معك..

عادت الطفلة تدفن وجهها في الوسادة وهي تهمس بحزن:

_ ماما تركتني ولا أريدك أن تتركيني أنت أيضا..

_ لن أتركك أبدا وسنظل نتشاجر أنا وأنت على الدمى، ولكن اليوم سأدعك تلعبين بدميتي المفضلة.. اليوم فقط ها؟..لا تطمعي بأكثر من هذا..x

رفعت الطفلة نفسها أخيرا وقد ظهر لمعان خافت في عينيها، وارتسمت ابتسامة صغيرة وسط الحزن المرتسم على ملامحها وهي تسألها بتوجس:

_ حقا ستعطينها لي..

جذبتها أميمة تجلسها في حجرها وتطبع قبلة على شعرها مؤكدة:

_ إذا وعدتني أنك لن تتعاركي مجددا في الحضانة، فسأدعك تلعبين بها مرة في الاسبوع اتفقنا؟..

هزت الطفلة رأسها موافقة.. بينما في الجهة الثانية كان منصف واقفا أمام الباب الموارب يستمع للحديث الدائر بينهما، ويستغرب كيف أنهما تتفقان بهذا الشكل؟ وهما أغلب الأوقات تتشاجران بسبب الدمى..

xيتذكر موقفا حدث منذ يومين دفع الشك يساوره ما إذا كانت أميمة تعيش عمرها الحقيقي؟ أم أنها نسيت نفسها ونسيها الزمان وظلت تعيش طفولتها..

كانتا ذلك اليوم في غرفة لينا التي انقلبت لمجمع للدمى، اجتمعت فيه دمى لينا مع دمى أميمة التي كانت لا تزال تحتفظ بهم رغم مرور كل هذه السنوات، بينما خصصا غرفة أميمة للنوم..

كان جالسا في غرفة الجلوس يراجع بعض الأوراق، عندما سمع جلبة في الداخل وصوت شجارهما يعلو كما العادة، عندما ترفض أميمة أن تترك الدمى خاصتها لتلعب بهم لينا، لأنها كانت تعتبرهم موروث خاص بها ترفض التفريط فيه..

رفع رأسه ينظر عبر عدسات نظارته نحو الباب وهو يُفتح وتخرج منه لينا حانقةx وهي تهتف ببوادر بكاء محتوم:

_ بابا.. أميمة ترفض إعطائي دميتها لألعب بها..

وقبل أن يجيب كانت أميمة تندفع عبر الباب وهي تهتف ساخطة:

_ لا لن أعطيها لك لأنك تسيئين معاملتها.. لقد بقيت محتفظة بها لعقدين من الزمن ولن أسمح لك بإتلافها الآن..

نقل منصف نظراته بين الإثنتين بقلة حيلة، وقد ارتفع حاجبيه عاليا يدعو ربه أن يلهمه الصبر على ما ابتلاه ..بينما قالت أميمة ما لديها ثم عادت إلى الغرفة تصفق الباب خلفها..

عاد من تلك الذكرى وضحكة تسلية تنفرج بصدره، وتزيل بعضا من الضيق الذي أحسه قبل قليل..

xرغم أن شخصية أميمة ومعاملتها مع ابنته لا تشبه أبدا معاملة أم لابنتها -هذا الدور الذي كان منتظرا من أميمة أن تلعبه- بل علاقتهما أشبه بصديقتين، تتناقران في لحظة وتتصالحان في اللحظة الموالية، إلا أنه لا ينكر أنهما منسجمتان مع بعضهما البعض بشكل كبير، تلعبان وتتشاجران لكن لينا لم تفوت النوم بجانبها في غرفتها لليلة واحدة، كأنها قد ألفتها..

بينما كان غارقا في ضحكاته من طرافة الموقف.. كانت أميمة في الجهة الثانية تسترجع نفس الذكرى مع شعور مختلف.. شعور احراج مصاحب لحرارة تسري بجسدها وتجعلها تتساءل إن كانت تصرفاتها وحبها لالعابها طبيعية؟ أم أنها تبالغ؟

داهمتها موجة ندم عابرة..ماذا سيظن بها الآن؟ تتعارك مع ابنته على ألعابها؟..

عضت شفتها باستياء لكن سرعان ما اقنعت نفسها أنها لم تخطئ، فالصغيرة رغم ولعها باقتناء الدمى -وهذه الهواية تتشاركانها معا فلحد الساعة وأميمة تهوى اقتناء دمى تثير انتباهها وتحتفظ بها وتضيفها إلى مجموعتها القديمة- إلا أن لينا لا تجيد المحافظة عليها كما تفعل هي، و ليست على استعداد أن تخسر ذكرياتها التي احتفظت بها لسنوات من أجلها..

عادت تحمر خجلا مصاحب لإستياء حانق، وهي تسترجع مجددا ذكرى اليوم الموالي..

كان منصف قد وعد ابنته أنه سيشتري لها دمية جديدة وتنسى دمية أميمة، وليشاكس هذه الأخيرة فإنه اشترى لها دمية أخرى، وقال لها بابتسامة لئيمة وهو يقدمها لها:

_ لقد كنت أظن أني قد حصلت على زوجة، لكن يبدو أنه قد أصبح لدي طفلتين بدل واحدة..

لوت شفتيها بتبرم وقد تغضن جبينها بعبوس وانزعاج، لكنها ردت عليه بثبات:

_ لن تزعجني بكلامك، وابنتك لن تحصل على دميتي أبدا..

رنت ضحكته الخلابة عقب إجابتها، لتتوتر وترتبك ونظراتها تتسابقان للنظر إليه بافتتان واضح، فتعترف للمرة المليون أنه يتمتع بسحر يشكل خطرا كبيرا عليها، وعلى قلبها الأحمق الذي لا يزال يفكر فيه بعد كل هذه السنوات..

ازدادت تقطيبة الانزعاج على جبينها تتكتف أمامه بعبوس مضحك، بينما يتابع استفزازها:

_ هل ستنكرين أنك لا زلت تعيشين دور الطفلة وترفضين أن تكبري؟..

أثارها ما قاله لتستدير إليه تدافع عن نفسها بشراسة قائلة:

_ ليس معنى أنني أحتفظ بالدمى أو أهوى اقتناءها أنني طفلة، إنها مجرد هواية كأي هواية أخرى..

أظهر بعض الإهتمام والجدية وهو يعقد ذراعيه على صدره، ليسألها بمكر مبطن:

_ اممم..وماذا عن شجارك أنت ولينا وأنتما تلعبان معا بالدمى..آه وأيضا اللعب بالدمى هل تعتبرينها هواية؟

زفرت بحنق وهي تتحرك في مكانها بعصبية، لكنها ظلت مستمرة في إثبات وجهة نظرها:

_ أولا لينا هي من تطلب مني أن ألعب معها، ولا أتشاجر معها إلا عندما تبدأ باللعب بعنف ..

عاد يضحك من جديد من منطقها العفوي البريء، وسألها:

_ وثانيا؟

قام بحركة من يده عندما رآها تنظر إليه بتساؤل وأضاف:

_ قلت أولا ولابد أن يكون هناك ثانيا..

زفرت بحنق وقد فاض بها الكيل و أطرافها ترتجف انفعالا:

_ لا يوجد ثانيا لكن إن كان لعبي معها يزعجك فسأتوقف عن ذلك..

أوقف ضحكاته لتومض عيناه ببريق غريب، وهو يميل نحوها قليلا يهمس بغمزة وقحة من عينه:

_ أنا منزعج حقا وأشعر بالغيرة لأنك لا تهتمين بي وتلعبين معي كما معها..

غباء بليد ارتسم على ملامحها وهي تناظره تحاول استيعاب ما يقوله، دون أن تفهم تلميحه الوقح..

تنهد بحرارة وهو يشملها بنظراته من رأسها إلى قدميها قائلا بعبث:

_ لعب من نوع خاص..وسأمنحك حينها فرصة إثبات أنك لست طفلة كما تظهرين..

عاد ينفجر ضاحكا وشهقة مستنكرة تصدر عنها، وقد تدلى فكها بذهول وغزا احمرار مفاجئ وجهها، ومعاني كلماته يصل إلى إدراكها،

xوفي اللحظة الموالية كانت تختفي من أمامه كالسراب، دون أن تمنحه المزيد من الفرص ليتمادى أكثر..

xxxxxxxxxxxxx***

اليوم التالي..

خرجت من محاضرتها بخطوات شبه مهرولة تنوي العودة مبكرا، ليتسنى لها اعداد الغداء قبل عودة منصف والصغيرة..

ولم تنتبه إلى أنها كانت تسير شاردة، بينما وجنتاها تتوهجان بحمرة قانية زادت من حسنها، سببها كل ذكرى مرت بخيالها جمعتها مع من أصبح زوجها، غافلة عمن كان يلاحقها بنظراته يقرأ تعبيرات وجهها المتوهجة، التي تخبره يقينا بأن كل تلك التخيلات والافتراضات التي رسمها لم تكن سوى من نسج خياله، فها هو يرى عكس ما كان يتوقعه.. يرى سعادة نابضة تنضح من نظراتها الشاردة بحالمية.. وشفتاها تتراقصان بابتسامة خجولة تحاول اخفاءها لكنها لا تتحكم بها..

_ أميمة..

نبرة صوت مألوفة تنادي باسمها، جعلتها تتسمر في مكانها وتتوقف عن الحركة، كأنها تتأكد..

التفتت بحذر ناحية الصوت ليظهر أمامها أنس يسير بخطوات متأنية نحوها، نظراته إليها حملت تعبيرا غريبا.. كأنه خيبة أمل أو اتهام..اتهام من نوع خاص..

_ أنس!..

همست باسمه كأنها لا تصدق أنه أمامها، بينما وقف هو يخصها بنظرة شاملة كأنه يحاول اكتشاف شيء ما..

فبادرته بأول سؤال خطر ببالها:

_ ماذا تفعل هنا؟!..

التوت شفتاه بشبه ابتسامة باردة ونظراته تقسو فجأة، وهو يجيب بفتور مشمول بالاستهزاء:

_ جئت لأقل أختي كما العادة..أم تُراك نسيتي؟..

الشطر الأخير من جملته رافقته نظرة اتهام واضحة من عينيه، كأنه يحاول أن يجرحها..

توردت خدودها احراجا وراحت تتهرب بعينيها حتى لا ترى تلك النظرة، ويزداد بداخلها ذلك الشعور الفظيع بالذنب ناحيته..

_ لا.. لم أنسى..

تمتمت باستياء وأضافت تقول بأسف صادق:

_ أنا آسفة على ذلك الموقف الذي..الذي..

توقفت عندما وجدت صعوبة في إكمال ما بدأته، ونكست رأسها بضيق شديد وهي تحت هذا الموقف الأقوى منها..

_ هل أنت حقا آسفة يا أميمة؟..

سؤاله جاء ساخرا وبنبرة قاسية، لتنظر إليه بتشتت..بينما أشار إليها بسبابته من الأعلى إلى الأسفل مضيفا ببرود أكبر:

_ فلا يبدو عليك ذلك أبدا..لقد كنت أضع لك ألف عذر وعذر وأنا أتخيلك قد تزوجت تحت التهديد..ولكن بعد أن رأيتك..ورأيت هذه السعادة اللعينة المرسومة على وجهك.. شعرت بمدى سخافتي بتعاطفي معك..

شهقة خافتة انفلتت منها ويدها على فمها تنظر إليه بعدم تصديق..لا تصدق أن هذه الكمية من القسوة منبعثتة منه..

بينما أضاف يكمل وصلة اتهاماته لها:

_ لماذا أنت متفاجئة؟ هل أنا مخطئ؟ هيا قولي أنك لست سعيدة بزواجك؟

شعرت بغصة مؤلمة تخنقها ودموع تتصارع للخروج، لكنها أبت السماح لها..

xما تمر به اللحظة أسوأ موقف يمكن أن تعيشه في حياتها.. كيف تتركه يقذفها باتهاماته ولا تقوى على الرد؟..

رفرفت برموشها وحاجبيها ينعقدان بانزعاج كبير، وراحت تتململ في مكانها وهي تتمتم باستياء:

_ وقوفنا لا يجوز.. أنا امرأة متزوجة الآن.. أتمنى لك السعادة في حياتك..وداعا

كلماتها جاءت قاطعة مقرنة بتحركها من مكانها توليه ظهرها لتنصرف، بينما تكلم هو يطلق آخر قذائفه بنبرة حاقدة:

_ أنا آسف حقا لأني توهمت أشياء لم تكن موجودة، فأنت لم تشعري أبدا بأي شيء نحوي.. لقد كان الأمر سيان بالنسبة لك..

أغمضت عينيها وكلماته تخترق إدراكها وتوقظ لديها تساؤلات كثيرة..

xكيف كانت ستقبل العيش معه وقلبها مع شخص آخر؟..

حقيقة أخرى تكشفت أمامها وأرعبتها.. هل هذا يعني أنها لم تنس منصف أبدا؟..هل كانت مشاعرها ستعاود الاستيقاظ من مهجعها مرة أخرى ما إن تلتقي به كما حدث لها الآن؟ حتى وإن كانت متزوجة من أنس؟..

تضاربت المشاعر بداخلها وآثرت الهروب منها، فتابعت سيرها بعد أن توقفت للحظات تسمع كلامه.. وما كادت تخطو خطوة واحدة حتى حدها جسم صلب اصطدمت به، ورائحة عطر مميزة ومألوفة لديها تتغلغل بأنفها..

xرفعت وجهها إلى منصف لتقابلها نظرة جامدة من عينيه، وملامحه غير مقروءة يلفها الغموض..

صدرت عنها أنة خافتة غير مسموعة، ويده تمارس قسوة غير مسبوقة على مرفقها وهي تسحبها إليه بتملك، ونظراته تنتقل بينها وبين أنس الواقف مكانه دون أن يستطيع إخفاء صدمته، وعينيه تجحظان لمرأى منصف..

xبينما كان هذا الأخير يسأل ببرودة أعصاب يُحسد عليها:

_ هل يفوتني شيء هنا؟..

كان يوجه سؤاله ونظراته الصارمة مركزة على غريمه الواقف، وقد تداعت كل دفاعاته وموقف القوي الذي كان يمارسه قبل قليل سقط من بين يديه..

تململ بتوتر في مكانه ليجيب بلهجة حاول أن يحملها هدوءا غير موجود وقال:

_ لا.. لا شيء.. كنت أبارك فقط للآنسة أميمة..

التوى فم منصف بابتسامة لا معنى لها وهو يصحح له:

_ تقصد السيدة أميمة..أما عن المباركة فقد سبق وباركت لنا يوم الزفاف.. وبأقوى صورة..

/SIZE]


سعيدة أنير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-03-22, 09:39 PM   #12

Marwamohame

? العضوٌ??? » 430003
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » Marwamohame is on a distinguished road
افتراضي

جميل جدا بالتوفيق إن شاء الله

Marwamohame غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-22, 01:29 AM   #13

سعيدة أنير

? العضوٌ??? » 473919
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » سعيدة أنير is on a distinguished road
افتراضي

_ تقصد السيدة أميمة..أما عن المباركة فقد سبق وباركت لنا يوم الزفاف.. وبأقوى صورة..

رده صدمه وجعله ينظر إليه مبهوتا للحظات، بينما كان منصف يضيف بقوة أكبر:

_ كما ترى.. أنا أحاول أن أتحلى بأخلاق عالية وأسعى إلى تصديق أنك أيضا تتحلى بنفس الأخلاق.. لهذا أتمنى ألا أراك مرة أخرى تعترض طريق زوجتي..لأن ردة فعلي حينها لن تكون مضمونة..

تكورت قبضتا أنس على جانبيه، ورائحة التهديد تصله من كلمات منصف القاطعة، وشعر فجأة بالهزيمة الحقيقية لأول مرة، ولكنه لم يستطع أن ينتفض أو أن يعترض، لن يكون ذلك الرجل الذي يفرض نفسه في مكان ليس مرغوبا به فيه، لن يذل نفسه من أجل شيء لم يكن مكتوبا له..

ودون أن يضيف أي كلمة أخرى انسحب بهدوء تاركا إياهما..

شيعه منصف بنظراته حتى اختفى، وبدا غائبا وفي عالم آخر وكأنه قد نسي وجود أميمة معه..

xهذه الأخيرة التي كانت تكتم تأوهها، وقبضة يده تشتد على مرفقها حتى شعرت وكأنه سينكسر بين أصابعه..

تحركت من مكانها مبتعدة عنه قليلا تحاول سحب ذراعها، وهي تسأله بنبرة مرتجفة:

_ ماذا تفعل هنا؟..لماذا أتيت؟..

حدجها بنظرة حادة وحاجباه يرتفعان عاليا، قائلا بتهكم مميت:

_ عفوا..هل قاطعت جلسة اللوم والعتاب بينكما؟..

تجمعت الدموع في عينيها بسبب الألم في ذراعها، وبسبب نبرة الاتهام في صوته لتهمس بتحشرج:

_ اتركني.. أنت تؤلمني..

انتبه لأصابعه المغروزة في ذراعها، وانتبه كذلك لحالة الاحتراق المتمكنة منه، ليغمض عينيه يستغفر ربه ويستجدي صبرا وبرودة أعصاب لا يحتكم عليهما، وبهدوء ترك يدها وقال:

_ لقد أتيت لأقلك دعينا نغادر.. لينا تنتظر في السيارة..

أشار لها بيده لتتقدمه وعبوس قاتم يحتل ملامح وجهه، بينما كان يتهرب بعينيه بعيدا عنها..

بلعت غصة مؤلمة احتكمت حلقها، وشعور فظيع يجتاحها لا تعرف ما هو بسبب الموقف الذي عايشته..

xxxxxxxxxxxxxxx***

فتح منصف باب البيت، لتندفع الصغيرة بصخبها للداخل واتجهت مباشرة لغرفتها، بينما كان صوت منصف يعلو خلفها يوصيها بغسل يديها أولا قبل أن تلعب، ثم وجه حديثه لـ أميمة التي كانت تتجه بدورها لغرفتها، وقال:

_ أريد التحدث إليك يا أميمة..

توقفت دون أن تستدير إليه وهي تسأله:

_ عماذا سنتحدث؟..

التقطت أصابعه مرفقها يديرها إليه بخشونة، وهو يهتف بغير تصديق:

_ عماذا؟..هل ما حدث قبل قليل عادي بالنسبة لك؟

قابلتها نظرة غاضبة من عينيه زادت من سوء حالتها، طوال الطريق كانت تحاول تهدئة أعصابها المتعبة، وتمنع نفسها من الانفجار بالبكاء..أو تؤجله فقط لحين وصولها لغرفتها، لتنفس قليلا عما اعتمل صدرها من ضيق..

تهدج صوتها وتلك الغصة اللعينة لا تزال مستحكمة حلقها وهتفت حانقة:

_ وما الذي حدث؟ لم يحدث شيء..لقد التقيت بأنس..

تأوهت بألم وفرت دمعة من عينيها، عندما ضغطت أصابعه على ذراعها وهو يهتف بوعيد:

_ وتنطقين بإسمه مجردا..

_ وكيف تريدني أن أنطقه؟ هل أقول السيد أنس مثلا؟..أنت تؤلمنيx

تأوهت مجدداعندما ضغطت أصابعه وبقوة أكبر هذه المرة تسحق عظامها، فلم تحتمل أكثر لتدخل في نوبة بكاء علا لها نشيجها، بينما كان هو يدور حول نفسه بانفعال كبير، وقد أطلق سراحها وراح يلعن ويشتم بصوت خافت، لكن نمّ عن غضب كبير..

_ توقفي عن طريقتك الساخرة هذه..وتوقفي عن النطق باسمه بألقاب أو بدون ألقاب..أنا رجل غيور..ألا تفهمين هذا؟ لماذا تبكين الآن بحق السماء؟..

استمرت في البكاء بينما استمر هو في التشتت والضياع..يراها تبكي والغيرة تنهش قلبه وتدميه..أفكار وهواجس كالجحيم تداهم تفكيره..

حبا بالله ماذا يحدث؟..

_ أمازلت تفكرين فيه؟..

ازداد نحيبها وهي تغطي وجهها بيديها هامسة برجاء:

_ توقف..

_ لماذا تبكين؟ هل كلامه لك أيقظ مشاعرك القديمة تجاه..

مسحت دموعها بقوة تواجهه وكلماته تشعل فيها غضبا حاقدا..

وبصوتها المتهدج الباكي راحت تقول بسخط واضح:

_ أنا أبكي لأني سمعت منه كلاما سيئا جعلني أشعر بذنب فظيع.. وجعلني أشعر أني أسوأ شخص في العالم..وأبكي لأنك لم تتوقف عن توجيه اتهامتك نحوي ونظراتك المتشككة.. رغم أنك تدرك أنك الشخص الوحيد في حياتي..اللعنة عليكما معا..

أنهت ما لديها ثم انسحبت إلى غرفتها تكمل وصلة بكائها..تاركة إياه في حالة ذهول محدق وجملتها الأخيرة تتردد بداخله..

تخلصه من جموده الذي استبد به ولحق بها لكنها كانت قد أقفلت الباب خلفها بالمفتاح..

وقف أمامه يتنفس عميقا، قبل أن يطرقه برفق وهو ينادي عليها:

_ أميمة افتحي الباب..

لم يصله أي رد فعاد يطرقه بإلحاح أكبر:

_ أميمة دعينا نتحدث أرجوك..

نبرة صوته المحملة رجاء رقيقا جعلتها تجيبه بصوتها الباكي:

_ أريد أن أبقى بمفردي..

زفر بحرارة وجبينه يستند للباب..بينما اشتدت قبضته يتمنى لو يستطيع في هذه اللحظة أن يلكم وجه أحدهم ..طبعا انس..

عاد يتنهد باستياء وهو يقول:

_ لم أكن أتهمك أو أشك بك..لقد كان مجرد رد فعل تلقائي وأنا أراك واقفة تكلمين ذلك ال..متحذلق..لست قديسا ولست باردا حتى أتغاضى عما حدث.. أنا أغار عليك بكل قطرة دم ريفية تجري بعروقي..هل تسمعين؟..أغااااار.. فارحمي غيرتي..

وصله صوت نشيج بكائها مجددا، فتيقن من أنها لا تنوي أن تفتح له، لكنه قال ما لديه وسيترك لها الحرية لتقرر..

xxxxxxxxxxxxxxx***

اليوم التالي..

كانت تستعد للخروج عندما رن هاتفها، فتأففت وهي تخرجه منها راجية ألا يؤخرها الاتصال عن جامعتها..

xفتحت الخط ليأتيها صوت منصف بنبرة غريبة بصوته:

_ هل خرجتِ؟ أم لا تزالين بالبيت؟..

عقدت حاجبيها وقد ساورها القلق من صوته المنهك وتمتمت:

_ لا أزال بالبيت؟ هل من خطب؟..

_ لا.. لا شيء يدعو للقلق.. أنا قادم..

_ ماذا هناك أخبرني؟..

_ سأكون عندك خلال دقائق..

لم يعطها الفرصة لتستجوبه أكثر، ودّعها وأقفل الخط لتقع أسيرة القلق والهواجس..

xلم يكن صوته طبيعيا ..

لم تمضي سوى عشر دقائق حتى سمعت طرقا على الباب، فهرولت لتفتح وتشهق تلقائيا عندما وجدت منصف يقف على قدم واحدة، بينما قدمه الأخرى كانت ملفوفة بجبيرة من القدم حتى الركبة، والإنهاك والألم باديان على ملامحه..

xارتفعت يدها تكتم شهقتها بينما تكلم الشخص الذي كان يسنده ويساعده على السير:

_ لا داعي للقلق سيدتي إنه بخير.. هلا دخلنا ليرتاح..

فتحت الباب على مصراعيه وأشارت له قائلة بصوت مرتجف أظهر تأثرها بسرعة:

_ أجل بالطبع.. ولكن ماذا حدث؟..

سبقتهما إلى غرفة نومه تجهز مكانا ليستلقي فيه، بينما تكلم منصف منهيا الحديث بينهما حتى قبل أن يبدأ:

_ لقد تعرضت لحادث سير بسيط.. الأمر ليس خطيرا..كسرت ساقي فقط..

تأوه بألم عندما جلس ورفيقه يساعده بوضع الوسائد خلف ظهره ليتكئ بارتياح، ومدِّ ساقه المكسورة فوق السرير، بينما وقفت هي مبهوتة لا تصدق البساطة والهدوء اللذين تكلم بهما كأن الكسر ليس شيئا مهما..

شاهدت ملامحه تتقلص من الألم وهو يقول مدعيا القوة:

_ شكرا لك يا خالد.. لا أعرف ماذا كنت سأفعل بدونك؟

تململ خالد في مكانه استعدادا للمغادرة وهو يقول:

_ لا تقل هذا يا صديقي.. حمدا لله على سلامتك.. اعتني بنفسك ولا تحاول السير على قدمك حتى تشفى تماما.. سأترككما الآن..

تبعته أميمة لتقفل الباب وراءه، ثم عادت إليه وهي تحاول منع دموع خائنة تجمعت بعينيها تحاول النزول..

لا تعرف ما حدث لها بالضبط ما إن وقعت عيناها عليه بحالته تلك..وبوجهه المنهك الشاحب..x

_ أنا آسف لأنك ستضطرين للبقاء في المنزل بسببي.. وتتغيبين عن الجامعة..

قال لها بابتسامة باهتة محاولا عدم إظهار ألمه، فكتفت ذراعيها على صدرها وهي تسأله بحزم:

_ ماذا حدث؟ هل ستخبرني؟..

تلكأت نظراته الهادئة على وجهها يحاول قراءة التعابير المرتسمة عليه، وقال معترفا:

_ لم أكن منتبها وأنا أجتاز الطريق العام..لهذا صدمتني سيارة..

ارتفعت يدها لفمها تكتم شهقتها، وخيالها يتجه لا إراديا إلى أن الحادث كان من الممكن أن يكون مميتا ولا تراه مجددا..

غضب تصاعد بداخلها وأفكارها تصل بها إلى هذه النقطة، لتهتف فيه تغالب دموعها حتى لا تنزل:

_ لم أعلم أنك مستهتر ومتهور هكذا..لماذا لا تنتبه وأنت تجتاز الطريق؟..

تأوه بألم ويده على خصره عندما حاول تعديل طريقة جلوسه، فاندفعت نحوه تساعده وتعدل الوسائد خلف ظهره و تسأله بقلق:

_ أنت تتألم.. ظننتك مصاب في ساقك فقط؟

لاحق وجهها بعينيه يحاول الوصول إلى عينيها وهو يقول بابتسامة مشاكسة:

_ لقد ارتطم جسدي كله بالاسفلت عندما صدمتني السيارة وطرت عاليا ووقعت أرضا..ولكن لا توجد كسور فلا تقلقي..

نظرت له بلوم حاد وهي ترى استهزاءه بالموضوع، لكنها لم تصمد طويلا في مواجهة عينيه بنظراتهما الساحرة والمذيبة لكل مقاومة لديها..

كانت مشغولة بتعديل الوسائد غافلة عنه عندما قرب وجهه فجأة يشم عطرها على عنقها، فانتفضت فزعة ولم يسمح لها بالهروب..

أمسك يدها بين أصابعه يأسر عينيها بنظرة عميقة، وهو يقول ببحة صوته المميزة:

_ لست مستهترا ولا متهورا.. أعترف أن فكري كان مشغولا وأنا أجتاز الطريق..

راقب حركاتها المتوترة تعدل حجابها الذي لم يكن يحتاج للتعديل، وتحاول الهروب بعينيها عن عينيه ليسألها برقة:

_ ألن تسأليني من كان يشغل بالي؟

ابتسامة حانية ارتسمت على شفتيه وهو يرى احمرار خديها، وكأنها تعرف الإجابة مسبقا..

والحقيقة أن باله بقي مشغولا منذ البارحة، فبعدما حدث ظلت معتصمة في غرفتها تنوء بنفسها بعيدا عنه، حتى لينا شعرت بحالتها غير الطبيعية وفضلت اللعب بمفردها، دون أن تزعجها..

واليوم أيضا خرج باكرا يوصل الصغيرة لحضانتها دون أن يراها، وهذا خلف في نفسه فراغا واحساس فظيع بالتشتت والضياع..

_ لقد كنت أفكر بك..فلا أحد يشغل بالي غيرك..

قال لها فجأة دون مقدمات وتنهيدة ارتياح تخترق صدره..

أخيرا نظرت إليه..

قال لنفسه بلهفة ونظراته تلتهمان بشوق ردة فعلها المرسومة على وجهها، وقد اتسعت عيناها دهشة وتبتلع شهقتها التي فضحتها..

ليتجرأ أكثر ويقول:

_ هل هذا القلق والخوف المرسومان في عينيك من أجلي؟..وهذه الدموع؟ لم أعلم أنك ستحزنين علي بهذا الشكل إذا ما أصابني مكروه..

ازداد توترها وتشتُّت مشاعرها، ولم يمنعها هذا من توجيه نظرة توبيخ نحوه وهي تهمس برجاء و تحاول سحب يدها:

_ أترك يدي من فضلك..

لكنه شدد عليها وبسهولة جذبها لتجلس على طرف السرير أمامه، ويده الاخرى تلامس ذقنها مبقيا عيناها أسيرتين لعينيه، وهو يضيفx بابتسامة رقيقة:

_ لدي اعتراف صغير لك كنت أخبئه بداخلي وأخشى أن يطلع عليه أحد، ولكن وجدت أنه من حقك أن تعرفيه..

ازداد تسارع نبضها و تعالى وجيب قلبها..حبست أنفاسها بترقب بينما تابع يقول بنبرة شجن غلفت صوته:

_ أعترف أني لم أمزق خطابك الذي بعثتي به لي لأني اعتبرت مشاعرك سخيفة وتافهة كما اتهمتني..بل لأني كنت خائفا عليك.. كنت طفلة في السابعة عشر بينما أنا في الثلاثين..كنت أحس باهتمام غريب نحوك وأشعرني هذا ب..

صمت يشيح بوجهه بعيدا يداري شعوره بالخزي والحرج، لكنه أكمل يستجمع شجاعته:

_ كان الأمر شاذا من وجهة نظري ونظر أي شخص آخر، وهذا أشعرني بالاشمئزاز والاستهانة من نفسي..كنت أدرك نظرات الإعجاب منك نحوي ولم أتوقف عن تعذيب نفسي واتهامها بأنني من فتح الطريق لك حتى تتأملي مشاعر يمكن أن تكون بينك وبيني..

_ أنت لم تفتح أمامي أي طريق..

تكلمت بصوت مبهوت وصدى كلماته يخترق إدراكها ليجيبها:

_ مزقت الخطاب دون أن اقرأه.. كان علي وضع حد للموضوع لأوصل لك أنه مستحيل وتلتفتي لحياتك..كنت أدرك أنها مجرد مشاعر طفولية وأنت بذلك العمر.. وأدرك أيضا أنك ستتجاوزينها ما إن تكبري قليلا.. لهذا كنت سأكره نفسي وأعافها إذا ما استغليتك وجعلتك تصدقين أن هناك مجال لوجود شيء بيننا.. لهذا كان الحل الأمثل هو الابتعاد.. شعرت أن ما يحدث غير طبيعي ولم أعطي نفسي الوقت الكافي للتفكير فيه.. وضعت نقطة النهاية قبل بدايته.. وأعترف أنني نجحت حقا خاصة بعد سفري.. تجاوزت كل شيء وأصبح من الماضي.. وأدركت أنني كنت محقا.. وعندما عدت..

صمت فجأة وبدا وكأنه يجد صعوبة في التعبير، بينما كانت عيناها مركزتان عليه باهتمام لم يخفى عليه، دون أن تتخلص ملامحها من علامات الدهشة والذهول لما تسمعه..

أغمض عينيه لبرهة كأنه يستجمع أفكاره، وعندما تكلم كان صوته يحمل أسى عميقا:

_ عندما عرض علي والدك تزويجك لي صُدمت.. خاصة وأنني كنت أظنك قد تزوجت وأسست حياتك.. أعترف أنني لم أملك القدرة على المعارضة بالقوة المطلوبة.. وعندما تم الزواج ندمت على ذلك وعلى ضعفي أمام العائلة.. خاصة بعد ظهور ذلك الشاب الذي جاء يطلب يدك..

صمت مجددا يسرح بأفكاره يسترجع تلك الأحداث، ثم أطلق تنهيدة حارة قبل أن يكمل قائلا:

_ أدركت حينها أنني لا أملك الحق للدخول إلى حياتك التي رسمت مسارها لوحدك.. عشت عذابا أجهل أسبابه.. كنت أقنع نفسي أن ما شعرت به مجرد انتفاضة رجل غيور دماؤه حارة تجاه عرضه..كنت أموت كل يوم ألف مرة وأنا أفكر بأنك كنت تحبين ذلك الشاب ولا زلت تفكرين فيه حتى بعد زواجك مني..ولكن جاء اعترافك لي ذلك اليوم ليقلب كل موازين حياتي..

رغم كمّ المرارة والأسى اللذين تحدث بهما مطولا، إلا أنه رسم ابتسامة جذابة بددت كل ذلك وهو يضيف ويده تضغط برفق على يدها:

_ لم أستطع أن أعطي نفسي الحق في التفكير -مجرد تفكير- بأنني زوجك وأحق بك من أي شخص آخر.. كنت أقمع أية مشاعر وليدة تحركت نحوك وأنت زوجتي..لم تكن صورة ذلك الشاب تفارق خيالي وهو يطلب يدك يوم زفافنا، ويصرّ على أنكما متفقان على هذا..كنت كالدخيل بينكما.. شخص خاض تجربة زواج فاشلة وأخذ كل فرصه في الحياة وتم فرضه عليك لتتزوجيه قسرا..كل ذلك كان كالجحيم عشت فيه طويلا..وبعد اعترافك لي شعرت أني قد أُعطيت فرصة أخرى قررت استغلالها.. قررت أن أصبح أنانيا وطماعا أيضا.. أن أفرض نفسي ووجودي في حياتك حتى تتقبليني.. ربما لكنت شعرت بالإهانة لكرامتي لو كان لدي شك واحد في المئة أنك لا زلت تفكرين بذلك الشاب.. ولكن بعد تأكدي من أنك لا زلت تحملين لي بعض تلك المشاعر القديمة..قررت المقاومة والدفاع عما أحسسته حقي..

أنهى كلامه بتنهيدة ضجرة، وهو يقول بعبث وقد عاد لمزاجه المشاكس:

_ لقد تكلمت كثيرا بينما أنت لا تزالين صامتة.. أظن أن وقت الكلام قد انتهى.. ما رأيك أن نمُرّ للتطبيق العملي سيعطي نتائج أكبر..

غمزها وهو يعض طارف فمه بابتسامة وقحة حملت الكثير من المعاني.. ليتورد وجهها تلقائياx

بينما كان يميل نحوها، ويده تشد رأسها إليه يغالب الألم الذي انتشر في أنحاء جسده بحركته البسيطة تلك، ولم يمنعه من المقاومة باستماتة توقا للوصول إلى شفتيها واستشعار حلاوة امتلاكهما مجددا..

xلكنه لم يصمد طويلا عندما أطلق تأوها غاضبا، وجسده يرتد عنها مسندا ظهره ورأسه يرتخي للخلف، يغمض عينيه باستياء عارم..

xفتحت عينيها.. أصابعها على شفتيها الموردتين تأثيرا بقبلاته الرقيقة والشغوف في آن..مشاعرها تهدر بداخلها وتزلزلها طلبا للمزيد منه..بينما رفرف قلبها بنبضاته محلقا عاليا..

كانت لا تزال تحاول السيطرة على انفعالاتها، عندما أتاها صوته يهمس من بين أسنانه مزمجرا بغضب:

_ اللعنة..لم أتصور أن فرصة تقبيلي لك سيكون ثمنها باهظا بهذا الشكل..

لتنظر إليه تتأمل الحنق الطفولي الذي احتل ملامحه مشمولا بالألم المرتسم عليها، ليخلق في نفسها رغبة ملحة في الضحك وقد بدى طفلا بحالته تلك..

xنهضت واقفة وهي تكتم ضحكة صغيرة انفلتت منها من منظره وقالت:

_ سوف أحضر لك مسكنا للألم لتتمكن من النوم..

رفع رأسه بينما أرسلت عيناه إليها تحذيرات مهددة..

أمسك يدها قبل أن تغادر وعاد يجذبها لتجلس، وهو يهتف حانقا:

_x فليذهب الألم والنوم إلى الجحيم..اللعنة عليهما..لن أمكنهما من سلبي لحظات طال انتظاري لها..

شدها إليه وهو متكيء بظهره يأسرها بذراعه، ويده تلتقط وجهها يحاصر عينيها بعينيه..

قال بوميض عاطفة حارة تلمع في عينيه:

_ أريد أن أسمعها منك..دعيني أنظر لهاتين الشفتين وهما تنطقان بها لي..لي أنا وحدي..

ترتجف شفتاها ونظراته مركزتان عليهما، ومشاعر ثائرة تنفجر بداخلها وتطفو على صفحة وجهها..

تسارعت أنفاسها وصوته المبحوح يصلها بهمسات مخدرة:

_ منذ أن وقعت عيناي عليك وأنت ترقصين بذلك الجموح لم أعد أستطيع منع نفسي من رسم تخيلات كثيرة لك..أصبحت أتخيلك بين ذراعي وفي مشاهد حميمي..

امتقع وجهها وعيناها تجحظان، بينما كانت الكلمات تنساب بوقاحة من فمه، لتسارع إلى وضع يدها على فمه تسكته..

xلكنه تابع مشاكسته لها وشفتاه تتحركان تحت يدها بالمزيد قائلا:

_ تخيلات منحرفة..لم تكن بريئة أبدا..

_ توقف..

همست بها بخفوت وعيناها ترسلان وعيدا مترددا، لكنه لم يبالي به بل ضحك مستمتعا وهو يتحداها:

_ هيا اسكتيني إذا استطعت..

ثم ابتسم وهو يعض على شفته السفلى بنظرة وقحة مضيفا بإغراء:

_ ربما إذا اقتربتِ وساعدتني على تقبيلك دون أن أتألم..ربما حينها أسكت..

غمزها بعبث فلم يعد هناك مجال لإنكار مدى تأثيره الساحر عليها..

_ أنت وقح وبلا أخلاق..

همست بها من بين أسنانها وهي تغير وضعيتها لتأخذ المبادرة هذه المرة..

ولمَ الإنكار؟.. هي أيضا تحتاج لهذا القرب منه.. أليس زوجها؟..

xوفي اللحظة التالية كانت تشرف عليه، بينما ارتسمت ابتسامة متراخية على شفتيه وعيناه مثقلتان بالعاطفة، وهو يستمر في مشاكستها قائلا:

_ لقد كنت أرسم مخططات مغايرة للحظاتنا الأولى معا.. وأشياء كثيرة كنت أنوي فعلها لكن..

قاطعته بشراسة:

_ أصمت وإلا غيرت رأيي..

عاد يضحك بخفة واستمتاع تاركا لها المجال لتقول كلمتها الأخيرة التي طال انتظاره لها..


سعيدة أنير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 12:54 AM   #14

سميحة محمد

? العضوٌ??? » 422813
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » سميحة محمد is on a distinguished road
افتراضي

هل الرواية مكتملة

سميحة محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 06:19 PM   #15

رشيدة أحمد

? العضوٌ??? » 441758
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 65
?  نُقآطِيْ » رشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond repute
افتراضي

بداية موفقة
في انتظار فين غادي توصلهم علاقتهم


رشيدة أحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 06:43 PM   #16

سعيدة أنير

? العضوٌ??? » 473919
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » سعيدة أنير is on a distinguished road
افتراضي

رابط التحميل
https://www.mediafire.com/file/euvo3...%2529.pdf/file


سعيدة أنير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 06:45 PM   #17

سعيدة أنير

? العضوٌ??? » 473919
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » سعيدة أنير is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيدة أحمد مشاهدة المشاركة
بداية موفقة
في انتظار فين غادي توصلهم علاقتهم
القصة مكتملة حبيبتي وضفت حتى رابط التحميل ياربي تعجبك باقي الاحداث


سعيدة أنير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 06:46 PM   #18

سعيدة أنير

? العضوٌ??? » 473919
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » سعيدة أنير is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سميحة محمد مشاهدة المشاركة
هل الرواية مكتملة
مكتملة واضفت رابط التحميل


سعيدة أنير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-22, 09:54 PM   #19

Amneh mohammmad

? العضوٌ??? » 437427
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 150
?  نُقآطِيْ » Amneh mohammmad is on a distinguished road
Rewity Smile 5

اسعد الله مسائكم بكل خير وبركة

Amneh mohammmad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 12:11 PM   #20

فايوليت س

? العضوٌ??? » 476647
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 258
?  نُقآطِيْ » فايوليت س is on a distinguished road
افتراضي

النوفيلا رائعة جدا عجبتني

فايوليت س غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:47 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.