آخر 10 مشاركات
عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رواية الورده العاشقه " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : sapphire - )           »          أنثى من ضوء القمر **مميزة ** (( كاملة )) (الكاتـب : هالة القمر - )           »          أنات في قلوب مقيدة (1) .. سلسلة قلوب مقيدة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          الآتية من بعيد - مارغريت روم - ع.ج** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          رواية أنت لي للدكتورة منى المرشود النسخة الأصلية الكاملة (الكاتـب : مختلف - )           »          253- لعبة الحب - بيني جوردن - دار الكتاب العربي- (كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          71 ـ طال إنتظاري ـ ع.ق ( كتبتها أمل بيضون)** (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree1114Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-10-22, 09:40 PM   #171

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كنوز كنوز مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فصل يخليك سعيدة 🤗🤗🤗🤗😍😍😍😍من جمالو زينب ربي عوضها بخالد وخالد ان شاء الله يجبر بخاطرو ويرزقو ويفرحو بالذرية .وان شاء الله يكون كل واحد منهم بلسم للثاني 😘😘😘😘😘



وعليكم السلام ❤️🌹🌹
دايما مفرحتني باراءك كنوز 😘 ربنا يبارك في عمرك 🌹💖💖💖💖




ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-22, 08:31 PM   #172

ابنة العرب

? العضوٌ??? » 226024
?  التسِجيلٌ » Feb 2012
? مشَارَ?اتْي » 210
?  نُقآطِيْ » ابنة العرب is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور
لاحلي كاتبه


ابنة العرب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-22, 08:43 PM   #173

Lolav

? العضوٌ??? » 460919
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 74
?  نُقآطِيْ » Lolav is on a distinguished road
افتراضي

💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖

Lolav غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-22, 09:20 PM   #174

رونى تامر

? العضوٌ??? » 482076
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 106
?  نُقآطِيْ » رونى تامر is on a distinguished road
افتراضي

اهلا بالاحد وبكاتبتى المفضلة❤❤❤❤❤❤

رونى تامر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-22, 09:57 PM   #175

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل العاشر نار وجليد 💞
.
.
.




" زينب ، أين أنت ؟ "

نادى خالد على زينب المنشغلة في المطبخ، مرسلا ذبذبات توتر محبّبة مع صوته اجتاحت قلبها

" أنا هنا في المطبخ "

ردّت عليه فيما هي منشغلة أمام الموقد، ليخطو خالد بسرعة ناحية المطبخ، ويقف عن قرب متكئا على طاولة الطعام الصغيرة، يروي ظمأ عينيه من جمال المرأة أمامه بكل تفاصيلها الأنثويّة التي صار يعشقها،

بدءا من منامتها الزهرية اللطيفة، وقد اكتشف مؤخرا أنه لونها المفضل، الى شعرها الكستنائي الطويل الذي جمعته في ظفيرة منسقة تداعب خصرها النحيل، وصولا الى المنديل الحريري الذي تضعه على رأسها، فيما لا يبدو أنها فقدت عادة التزين به منذ كانت طفلة.



" صباح الخير، ماذا تفعلين ؟ "

لملم الرجل شتات نفسه أخيرا، مانعا يديه من أن تطالها وتحرر رغبات طوفانية مكبوتة، قد تثير الرعب في قلبها ان هو باح بها، حتى أن نبرة صوته كانت بها بحة، جعلت المرأة أمامه تستدير ناحيته بتساؤل وهي تكلمه

" صباح الخير خالد، أنا أطبخ شيئا للغداء، هل أنت متعب ؟ "



" أنا منهك "

أجاب بهمس وعيناه تدوران على وجهها بشغف، فيما قلبه يوسوس له بأن يختطفها الآن، و يحتجزها في الطابق العلوي لمدة سنة كاملة

" عفوا ؟ "

سألته زينب فلم تفهم ما همهم به بين شفتيه، ليتمالك خالد نفسه مجددا ويجيبها

" أقول لم تتعبين نفسك أنت لا تزالين مريضة ؟

ثمّ أراك نفذت قرارك وأزلت الجبيرة عن قدمك، ألا تشعرين بأي ألم؟ "

سألها خالد باهتمام وعبوس ظاهر يعتلي ملامحه من عنادها، لتجيبه بنبرة دافئة تعرف أنها تغير بها رأيه في لمحة عين، وكأن خيوط قراراته صارت بين أناملها تلاعبها كيفما شاءت

" لا تقلق سيد خالد، قلت أنني أعرف كيف أتجنب الألم، ألا ترى أنني أجيد الوقوف على ساق واحدة، ثم أنا آخذ مضادات التهاب ستتحسن قريبا ان شاء الله"

حاولت زينب اقناعه أنها لا تعاني أي خطب، فقد مرت أربعة أيام بالفعل على الحادثة، ولم تعد تشعر الا ببعض الوخزات هنا وهناك من حين الى آخر،

لكن خالد يصرّ على مصادرة حركتها، ليضيف بوسواسه الجديد عليه ناحيتها والذي اكتشفته مؤخرا فقط

" وماذا عن الجرح في يدك؟ لا يجب أن يتبلل كثيرا حتى يبرأ، وأراك حضّرت الكثير بالفعل "

قال مشيرا الى القدرين أمامها، والمقلاة التي يتطاير الزيت منها، لتعتلي ملامح مبتئسة وجهها وتخاطبه بدلال وهي تريه كفها المضمّدة

" صدقني خالد أنا فعلا بخير، ثم أنت خرجت صباحا دون أن تفطر، كان عليك أن توقظني لأحضر لك شيئا "



ابتسم خالد لاهتمامها ومحاولتها مراضاته وسارع للرد عليها

" لا تقلقي بشأني أفطرت مع مصطفى، ثم أنتما كنتما تبدوان متعبتين جدا لم أشأ ازعاجكما "

عقّب على خروجه صباحا دون القاء التحية، فقد كانت الأم وابنتها لاتزالان تتحدّثان حينما عاد مساءا يحمل معه العشاء، ولم تخلدا الى النوم الا في ساعة متأخرة،

حيث أصرّت زينب أن تنام مع صباح في غرفتها وعلى سريرها، ورغم معارضة المرأة وشعورها بالاحراج من صهرها، الا أنها رضخت أخيرا و نامت تحتضنها الى الصباح.



لتنهره زينب بنبرة جادة جدا، وهي تلوّح ناحيته بالملعقة الخشبية التي تستعملها في تقليب الطعام، وقد ساءها أن يفطر في أول يوم لهما معا في الخارج دونها

" لا تفعلها مجددا أستاذ خالد، مهما حصل لا تغادر دون أن تفطر، أكل الشارع ليس صحيّا لضغطك، وأنا أعد ألذّ فطور على الاطلاق لن أسمح لك بتفويته،

ثم اذا قصدت أمي فهي امرأة قروية لا شيء يزعجها حينما تنام بعمق، وقد تعوّدت احتضان معزاتها الصغيرة أثناء ذلك"

أضافت بصوت منخفض متسلّ، ليضحك خالد من التعبير ويزجرها هو الآخر

"متأكد أنك تعدين فطورا لذيذا زينب، أعدك أنني لن أفوّته المرة القادمة،

لكني مازلت عند رأيي ما كنت أتعبت نفسك، كنا طلبنا شيئا جاهزا على الغداء وانتهى الأمر"



بسماع اصراره على ضمان راحتها، ابتسمت له زينب بطريقة اختطفت أنفاسه، وزادت دقات قلبه معها، قبل أن تحدثه بنبرتها الرقيقة محاولة اقناعه

" لا أحب طعام الخارج يتعب معدتي، ثم أنا أتسلى هنا لا أحب الجلوس مطوّلا بملل، وهذه مجرد معكرونة بالصلصة والجبن مع بعض البطاطا المقلية، لم أجد الكثير هنا على كل حال"

أجابته تشير الى ثلاجته نصف الفارغة، ليتمتم الرجل التائه قبالتها بينه وبين نفسه مجددا

" هناك ألف طريقة لنتسلى سويا يا زوزو، لا تشتمل أية واحدة منها على معكرونة وصلصة "



" ماذا قلت ؟ "

سألته زينب مجددا بتشوش، وهي لا تفهم لم يكلم الرجل الواقف هناك نفسه بتمتمات مبهمة وكأنه فقد عقله،

ليتنحنح خالد بحرج و يجيبها فيما يحك رقبته لاخفاء ارتباكه

" ها ؟ أقصد أنا لا أطبخ طوال الوقت، لذلك لا أشتري الكثير من الطعام، لكن سنتبضع لاحقا اذا أردت، وبامكانك اقتناء ما تريدين "



" أكيد أحب ذلك، فمطبخك هنا يحتاج الكثير "

حدثته زينب بحماس وعادت للانشغال بمرقتها تقلّبها بهدوء، ليضيف خالد وقد تذكر سبب خروجه المبكر أخيرا

" بالمناسبة مررت على القسم، وسلّمت تقرير الطبيبة مع اجازتك، سيمكنك الاستمتاع ببعض الراحة خلال الشهر القادم "



" خبر جيد خالد شكرا لك، هيا اغتسل وغيّر ملابسك الى أخرى مريحة، ستكون الطاولة جاهزة بعد دقائق "

هز خالد رأسه بالموافقة واستدار، وهو يهمس دائما لنفسه بتذمر صبياني

" لكنني أريد أمرا آخر على الغداء يا زوزو، يا الهي أسألك الصبر فهذه المجنونة متبلدة المشاعر، ستودي بي الى ذبحة صدرية ان استمر الأمر كثيرا "

" خالد ؟ "

نادته زينب بنبرة حنونة جدا، جعلت الدم يغزو خلايا دماغه مرة واحدة، ليصاب بدوار مفاجئ حتى كاد يخطيء خطاه



" تبا لخالد وغباء خالد وأفكار خالد "

شتم الرجل تحت أنفاسه وقد حقد فعلا على نفسه وتهوّره، وعلى أفكاره التي اقترحت مهلة للتعود ستنهي حياته قريبا،

ما كان عليه أن يكون شهما ومهذبا، كان احتضنها و قبّلها و بثّها حبه المستعر، وهي أكيد كانت ستستسلم له دون مقاومة، لم يكن عليه تأجيل هذه المتعة الى وقت لا علم له عن حدوده، فيما لا يبدو أن زينب تعاني من أي نفور ناحيته،

لكنه زجر نفسه سريعا بتذكيرها أن زينب تستحق كل الصبر والانتظار، ليتماسك سريعا ويجيبها بصوته الأجش

" نعم حبيبتي "



جفلت زينب لردّه العفوي الذي تفاجأ له هو نفسه، حدّقت ناحيته للحظات منتظرة سحب كلمته، قبل أن تشير ليده محاولة تشتيت انتباهه، عن خدودها التي يضاهي لونها لون الصلصة التي تطبخها،

فيما خالد ينتظر بصبر ما تريد قوله، فالكلمة لا تراجع فيها مادامت خرجت من قلبه

" ما هذا في يدك ؟ "

حدق خالد الى الهاتف الذي يحمله، والذي تعرفت عليه المرأة من نظرة واحدة، قبل أن يتقدم ناحيتها بادراك وكأنه كان في غيبوبة و استفاق الآن فقط،

لكن بالنظر الى وضعه البائس لا لوم عليه، اذا كان ينسى حتى اسمه أمام عينيها هل سيتذكر مجرد جهاز؟



" احم آه صحيح، هذا هاتفك أخذته من والدتك البارحة، العامل الذي أصلحه قال أنه لم يتضرر كثيرا،

طبعا بامكاننا اقتناء آخر جديد، لكن فكرت أنك ربما تحتفظين فيه بصور، وأمور شخصية ترغبين في استعادتها "

حدثها خالد مادّا يده بالهاتف ناحيتها، لتحدق اليه زينب بكثير من الحب والتأثّر، هي لم تقابل أحدا في حياتها يهتم بكل هذه التفاصيل، و يراعي كل أمر يخصها بكل هذا الاهتمام،

فهذا الرجل يجعلها تشعر بكل بساطة بأنها مركز الكون، وكأنها شمسه التي يدور في فلكها دون كلل أو تردّد، يجعلها تتحرّق شوقا لرؤيته مع أطفالهما، فبالتأكيد سيكون أبا حنونا ورائعا،

مشاعر التهمت روحها بدفئها، فما كان منها الا أن تقدّمت ناحيته، وفي لحظة عفويّة طوّقت عنقه بيديها، قبل أن تطبع قبلة صغيرة على خده وتشكره

" شكرا لك خالد، أنت رجل رائع "






أخذت القبلة خالد على حين غرّة، و لم يجد وقتا لردة فعل يرغب فيها بشدة، وكأنه تعرض لصعق كهربائي شلّ حركته مؤقّتا،

حاولت بعدها زينب الانسحاب سريعا، وقد أدركت متأخّرة مدى جرأتها، فيما يبدو أن تحريض والدتها الأخير كان له سيء الأثر على أحكام عقلها الباطن،

ورغم محاولة فرارها المفضوحة، كان للرجل أمامها رأي آخر، حيث استدرك تجمده أخيرا وطوق خصرها بيديه بشدة، ثم سحبها الى صدره مثبّتا ايّاها بين أحضانه.



ابتلعت زينب ريقها الذي جف، واتسعت عيناها عن آخرها و قد أدركت تهورها هنا أخيرا، فما الذي يفهم من حركتها هذه الا دعوة صريحة من طرفها لاغوائه، لتحاول التدارك سريعا لكن دون جدوى

" خالد ؟ "

نادت على اسمه بخفوت عله يفهم ويطلقها، ويوفر عليهما احراجا غير محسوب العواقب هنا، دون أن تدرك أن نبرتها المتوسلة تؤتي مفعولا عكسيا مع الرجل المفتون أمامها،

فخالد كان قد ذابت روحه بين ذراعيها، وهو يغرس وجهه في رقبتها العطرة، ليكتفي بأن يهمهم لها بفكر غائب، وقد فقدت حنجرته كلماتها دون رجعة

" هممم "

طبع الرجل قبلات دافئة متتابعة على رقبتها وتحت أذنها، جعلت زينب تغمض عينيها تلقائيا، وتفقد صوتها هي الأخرى للحظات، قبل أن تجد لسانها مجددا وتطلب منه بنبرة واجفة مستجدية

" خالد كفى .."



لكن الرجل كان أكثر جرأة مما اعتقدت، واستمر في طبع قبلات على خدها وصولا الى جفونها المغمضة، مستمتعا بكل لمسة تداعب شفتيه المشتاقة

" ماذا كفى ؟ هذا ؟ "

ثم حرك أصابعه على طول ذراعها، مرسلا رجفة شعر بها بين أحضانه جعلته يشعر برضا كبير، وقد ناقضت ردة فعلها الحسية القوية كلماتها المغلفة بالممانعة الزائفة، فلو أرادت لكانت ضربته على رأسه وفرّت منه مع أول لمسة

" أو هذا ؟ "

و مرر يده الأخرى على طول ظهرها، وكأنه يستمتع بارباكها و بتعذيب نفسه

" امم "

اطلقت زينب أنّة غريبة جعلت الرجل أمامها يبتسم بانتصار، و قد أدرك أن مهمته لن تكون بتلك الصعوبة التي اعتقدها، فبمجرد أن تمنحه هذه الجميلة المثيرة فرصة كما فعلت قبل لحظات، ستكون أسيرة عواطفه الجياشة دون فرصة للفرار.



انسحب خالد قليلا متأمّلا ملامح زينب الهائمة، والتي استمرت في اغلاق عينيها وكأنها تنتظر هدية عيد ميلادها بشوق،

كان استسلامها دعوة مستترة للرجل المفتون أمامها، فما كان منه الا أن طوق خدها المشتعل بيده الخشنة، وانحنى بتأن يرغب في تذوق تلك الشفتين النديّتين، اللتين ترتجفان متباعدتين أمامه ، وكأنهما ترسلان دعوة محرّضة للانقضاض عليهما و الارتواء برحيقهما،



في هذه اللحظات العاطفية الهادرة أصدر هاتف زينب الذي داس خالد زره خطأ، وهو منغمس في دوامة مشاعره المتفجرة بينما يحتضنها، صوتا متتابعا قاطعا على الزوجين متعة لحظاتهما الحميمة الأولى،

لتقفز زينب فزعا الى الخلف، وتتملص من حضن خالد الذي تذمّر بسخط من المقاطعة، و قد كان على وشك أن يأخذ أول قبلة له من هذه الفاتنة.



وقفت زينب قبالة الحوض لثوان، تستعيد أنفاسها التي اختطفتها تلك اللمسات والقبل السحرية، محاولة مداراة حرجها وارتباكها بتمثيل الانشغال مع الطبخة مجددا،

دون أن تستوعب ما الذي يحصل معها كلما دنا منها هذا الرجل، لتدعه يفعل ما يرغب به دون معارضة منها، وكأنه يلقي عليها تعويذة سحرية من نظراته ولمساته،

أما خالد فقد كان حانقا أكثر منه محرجا، وقد رغب في الاستمرار في الاستمتاع معها، ولم لا الانتقال الى غرفته لانهاء الاتفاق اللعين.



" احمم تفضلي "

مد الرجل المنزعج يده مجددا ناحيتها، لتتناول زينب هاتفها بحركة خاطفة دون أن تنظر في وجهه،

لكن وبمجرد أن ألقت نظرة على الرسائل الواردة، حتى اتسعت عيناها عن آخرها، وحدثته بنبرة مستهجنة دون وعي منها

" يا الهي ما الذي يجري هنا، الكل يرسل رسائل تهنئة بالزواج، يا ربي كيف علموا بالأمر من الأساس ؟ "



قطب خالد جبينه وقد أثارت الكلمات استياءه، ومحت كل متعة وشغف شعر بهما قبل قليل،

وكيف لا يفعل وقد كانت زينب تبدو مذعورة جدا، من فكرة معرفة أصدقائها ومعارفها بأمر زواجها منه، حيث بدت ملامحها مستنكرة جدا لما قرأته، وكأنها تشعر بالحرج من الوضع برمّته، وكأنّهم أرسلوا نعيا لها بدل تهنئة زواج،

أمر جعل خالد يندم على فقدانه السيطرة قبل قليل، وقد كان يتودد الى امرأة تشعر بالخجل من علاقتهما، ليحدثها بنبرة باردة ناقضت كل المشاعر الجارفة التي أغرقها فيها قبل لحظات.



" أنا "

قال مسترعيا انتباهها ليضيف بثبات بعدما أخذ نفسا عميقا

" أنا أخبرت السكريتيرة عن علاقتنا، لأنها أصرت على المعرفة قبل أن تستلم الوثائق، لم أعرف أنها ستذيع الأمر بهذه السرعة "

صمت خالد للحظات يراقب ملامحها الممتعضة، قبل أن يضيف باستياء عجز عن مداراته

" آسف لأنني أذعت الخبر "



بسماع صوته المتشنج رفعت زينب عينيها للتحديق الى وجهه بتشوش، وقد لانت ملامحها المنزعجة قليلا،

لكن خالد كان قد استدار وأعطاها ظهره مغادرا المطبخ بخطوات متسارعة ناحية الدرج، وهو يتمتم يزجر نفسه على تهوره هناك

" كان عليك أن تتحكم في نفسك أيها الأحمق، هي بالكاد تتقبل وجودك معها في مكان واحد، وأنت ترغب في توثيق العلاقة الجسدية فورا، وهاقد اتضح أنها تخجل من مجرد اعلان خبر زواجها منك،

يا الهي وكأن زواجنا بالنسبة لها فضيحة وعار، يستحق الدفن والمواراة بدل الاذاعة على الملأ،

أكيد لن يستمر الوضع مطولا حتى تطلب الطلاق، والا ما الداعي للذعر بمجرد اذاعة خبر الزواج، بالتأكيد هي ترغب في ابقائه سريا حتى يتسنى لها تنظيم حياتها لاحقا "



كان خالد يشعر باستياء عارم من تصرّفه قبل أن يفعل من ردة فعل زينب، فلم يهضم فقدانه سيطرته على مشاعره بتلك الطريقة، وقد أخذ على نفسه عهدا بألا يتقرب منها كما حصل قبل قليل، الا اذا طلبت هي بنفسها ذلك تماما كما وعدها،

صحيح أن مشاعره ناحيتها تغالبه، وقد اكتشف أنها أكثر جموحا مما اعتقد، لكن كرامته أعز من أن يتقرب لامرأة لا تراه مناسبا كفاية، حتى تعرّفه على عالمها كما يفعل هو ويباهي بها العالم بأسره.

.




في المطبخ بقيت زينب تقف مكانها مع علامات حيرة مرتسمة على ملامحها، وهي لا تفهم ما الذي غيره هكذا في ظرف ثوان، حيث كان الرجل يغرقها في بحر من الحب و الهيام،

لينسحب فجأة ويتحول الى كتلة من جليد، جمّدت دقات قلبها داخل صدرها، تركتها ترزح تحت وطأة مشاعر مريرة بالرفض، وأشعرتها بخيبة عارمة لا تعرف حتى من أي شيء،

فهي لم تكن تنتظر أكثر مما فعله على كل حال، وقد بدا خالد ملتزما جدا بكلمته، في اعطائها فرصة للتعود على وجوده، واتخاذ قرارها النهائي اتجاه علاقتهما،

لكن ورغم امتنانها المسبق للمهلة المقترحة، الا أنها صارت تتمنى في أعماق قلبها أن يتجرّأ ويتمادى، لينهي الأمر الذي يعذبها ويثير اشتياقها،

فمهما اعتقد خالد أنها قد تتراجع وتغيّر رأيها، الا أن أمر وجودها معه محسوم مسبقا، منذ اللحظة التي قالت له فيها نعم خلال العقد، وهي لن تطلب الانفصال أبدا الا اذا أراده هو.

.

عادت زينب للوقوف أمام الموقد لانهاء وجبة الغداء بفكر تائه، لكن استمرار توارد الرسائل على هاتفها جعلها تلقي نظرة على محتواها بفضول، والتي كانت في معظمها تهنئات وتمنيات بالسعادة والهناء،

لكن بعضها كانت عتابا من صديقاتها على اخفاء الأمر عنهن، وعن الهوية الحقيقية لزوجها حتى تتزوجه خفية، ودون اقامة حفل زفاف لهما،

كلام أيقظ فكرة مجنونة في عقل زينب التي لطالما كانت لماحة وذكية، وجعلها تعبس حينما ربطت ما حصل للتو ببعضه،

فخالد كان حنونا جدا وجريئا معها، الى أن طرحت ذاك السؤال العفوي الذي زلّ به لسانها المتهوّر، والذي لم تنو به سوءا و لم ترد به أكثر من الاستفسار عن كيفية معرفتهم بالخبر، والأمر حصل منذ يومين لا أكثر، حتى والدتها نفسها لم تعرف الا من ساعات قليلة،

خاصة أنها لطالما احتفظت بخصوصيّاتها لنفسها، وأبقت حياتها الشخصية بعيدة عن كل نميمة وتطفّل، لدرجة لا تملك فيها صديقات مقربات جدا غير والدتها،

لتكتشف بأن خالد قد يكون أساء فهم ما تفوّهت به، الأمر الذي أدى الى انزعاجه بتلك الطريقة التي لم تعهدها

" آسف لأنني أذعت الخبر"

أخذت زينب شهقة مباغتة، حينما استعادت ما قاله قبل مغادرته مباشرة مستاءا

" يا الهي لا يكون ... "



سارعت زينب وأطفأت نار الموقد، ثم مسحت يديها في منشفة نظيفة، وهرعت الى الطابق الأول بحثا عن الرجل المتذمر،

هي لم تعرف أن له جانبا حانقا طفوليّا الا الآن ، وقد رغبت لوهلة في الضحك على ردة فعله الغريبة، وقرص وجنته بشدة لاستفزازه ومشاغبته أكثر.

وقفت زينب لدقائق أمام الحمام في انتظار خروجه، بمجرد أن أنهى خالد اغتساله حتى تفاجأ بها تقف تسد عليه الباب،



أشاح الرجل بوجهه بداية الى الطرف الآخر، معتقدا أنها تريد استخدام الحمّام، وحاول الانشغال بتجفيف شعره بالمنشفة التي أفرغ فيها انزعاجه، قبل أن يتجاوزها ويخطو ناحية غرفته،

لتقطع عليه زينب الطريق سريعا مانعة فراره، و تبادره بنبرة شقيّة ومنتقدة واضعة يدها على خصرها بتحفّز

" اذا سيد خالد اتضح أنك تتذمر تماما كالأطفال، وأنا التي اعتقدتك أكثر نضجا من ذلك ؟ "



عبس الرجل وتجمدت حركته لسماع كلماتها، ليطالعها بنظرة حائرة لا يفهم سبب دلالها هنا، والذي لا يتناسب أبدا مع ما حصل في الأسفل،

لكن زينب أخذت نفسا عميقا، و برقت عيناها بتحد قبل أن ترفع هاتفها أمام وجهها وتجري اتصالا منه،

بقي خالد يقف مكانه دون حراك لا يفهم ما يحصل هنا، الى أن بدأت زينب بالتحدث بنبرتها الرقيقة، وقد فاجأته بأن فتحت مكبر الصوت، ليأتي صوت أنثوي من الطرف الآخر

" مساء الخير ريما كيف حالك ؟ "

" يااه مساء الخير زينب، كيف حالك على سلامتك، سمعنا أنك تعرضت لحادث سيارة ؟ "

" سلّمك الله ريما ، أجل كان حادثا سيئا ، لكن الله سلّم وله الحمد "

" الحمد لله حنّونة ، وما أخبارك هل ما وصلني حقيقي؟ "

سألت المرأة بفضول عارم، وكأنها تبحث عن أخبار بحد ذاتها، لترفع زينب حاجبها مثيرة دهشة خالد، وتجيبها بما لم يعتقد أنه سيسمعه يوما من شفتيها

" حسنا نعم ريما، كنت مع زوجي حبيبي نسافر الى البلد من أجل عقد قراننا هناك حينما وقع الحادث، ولم أتمكن من بثّ الخبر السعيد اليكم في وقتها"

" يعني خبر زواجك الذي وصلنا صحيح ؟ "

" أكيد ريما الخبر حقيقي، زوجي كان هناك قبل ساعات ليسلم تقريري الصحي، ألم تلتقه ؟

رجل أسمر ملتح وسيم طويل القامة، بجسم رياضي ممشوق وبلكنة غربية، فخالد سلّمه الله عاش لسنوات في الخارج، و تطبّع بطريقة عيشهم المتحضرة "



خالد "....."

لم يجد خالد ما يقوله والمرأة أمامه تتغزل في خصائله بغنج كبير، وكأنها تحاول اثارة غيرة هذه المتحدثة، والتي لم يعرف بعد من تكون سوى أن اسمها ريما، ليقطع صوتها المتذمر من الطرف الآخر تفكيره

" آه فعلا ؟ ولم كنت تخفينه عنا اذا، لم لم تقولي أنك تحضّرين للزواج ، كنا سنفرح معك ؟ "

لتقلب زينب عينيها من تطفّلها وعتابها وتجيبها

" حبيبتي عاداتنا في القرية هكذا، نعقد القران الشرعي قبل أن نعلن أي شيء دفعا للشبهات، والعقد الرسمي سيكون خلال أيام من الآن ان شاء الله، سأرسل لك الصور والفيديوهات لا تقلقي،

وعلى العموم القسم كله مدعو الى حفلة الزفاف، بمجرد أن نحدد تاريخها لن أنساك، ستكونين أول من يعلم بالتأكيد"



كان خالد هذه المرة من رفع حاجبيه استنكارا للكذبة المفضوحة من هذه المتمرّدة، فهما لم يحصلا الى حد الساعة على موعد في البلدية لعقد القران، و هي بدأت باصدار الدعوات بالفعل، أمر ألقى شعورا عارما بالفرحة والراحة في قلبه، ومحى كل تلك الشكوك التي راودته قبل قليل،

وكيف لا يفعل وهذه المجنونة الشقية تقف هناك، وتتحدث بدلال تلف خصلة من شعرها على أصابعها، تتمايل بخصرها و تمط شفتيها اللتين يرغب باقتناصهما وتدليل نفسه، وكأنها تحولت فجأة الى نسخة مغرية لا يرغب في اختفائها أبدا.



" حسنا ريما أستوعدك الله، زوجي المسكين يتضوّر جوعا، والمعكرونة ستجف صلصتها ان استمرت في القدر، نلتقي على خير ان شاء الله"

أنهت زينب المكالمة بابتسامة متبجّحة، وأشارت الى الهاتف بنبرة متسلّية موجهة حديثها الى خالد

" هذه سي أن أن المشفى والكلية، بعد ساعة من الآن حتى جد العميد الذي توفي منذ قرن سيسمع بخبر زواجنا، هل أنت راض أيها الرجل الغاضب أو علي أن أتصل بايمان؟ "

"...."

ابتلع خالد ريقه دون أن يعارض افتراضها، وقد شعر بالحرج فجأة لانفضاح أمره، ولم يقل حرفا واحدا مستمرا في الوقوف مكانه باحثا عن رد مناسب،

لتمد زينب يدها ناحية المنشفة، وتكمل ما كان يفعله حين وصولها، حركت يدها برفق على شعره المبلل، وأضافت بنبرة حنونة يملؤها الشغف

" لو كان بيدي لخرجت الى أعلى التلة، وناديت بأعلى صوتي معلنة عن زواجنا"



حركت زينب يدها الدافئة الأخرى، وطوقت بها خده لتخاطبه و كأنها تحدث طفلا أمامها

" أنت آخر رجل قد أشعر بالحرج للارتباط به يا خالد، لا تشك أبدا في معزّتك في قلبي،

ومهما كان مآل زواجنا هذا، ستظل دوما رجلا جديرا بالفخر، لأن أية امرأة ستكون محظوظة جدا لارتباط اسمها بك "



صمتت زينب لبرهة ترمقه بنظرات عميقة ولهة، متأملة تفاصيل وجهه المحببة، وتهديه ابتسامة هادئة قبل أن تضيف

" أنا فقط أشعر بالتشوش لكل ما حصل فجأة، ولا أعرف من أين أبدأ أو ماذا أفعل، وقد انقلبت حياتي رأسا على عقب خلال يوم واحد،

لكن ذلك أبدا لن يكون على حساب احترامي وتقديري لك يا خالد، لا أحد آخر يستحق مراعاة خاطره اذا كان المقابل كسر خاطرك، وهذه قاعدة لا تقبل التغيير والجدال حتى ولو بعد قرن من الزمان "

بسماع تصريحها الجريء الصادق، فهم خالد أخيرا سبب ما حصل قبل قليل من سوء فهم، وقد اكتشف أنه قلّل من ذكاء المرأة أمامه، رغم أنه أكثر من يعرف سرعة بديهتها وادراكها،

ليعاود حساباته بشأن حاجتها لبعض التفهم والمساحة، حتى تتخلص من ارباكها وتشوشها وهذه أبسط حقوقها، وهو لا يمكنه لومها بهذا الصدد مهما شعر بالضيق،

فالمرأة كانت عائدة من مناوبة تفطر في أمان الله، لتجد نفسها بين ليلة وضحاها مهشّمة الأضلاع والروح، تجلس مغصوبة أمام شيخ يعقد قرانها على رجل لا تعرف عن حياته الخاصّة شيئا.

.

بادراك الوضع ابتسم خالد لها، ومد يده ليتمسك بيدها التي تربض على خده، سحبها ناحية شفتيه وطبع قبلة مطولة على كفها، قبل أن يؤنبها بلهجة متسلية، وعينيه تلتهمان تفاصيلها التي تذوب روحه تحت تأثيرها، قبل سماع كلماتها العاقلة المتوقعة من فم زينبه

" لكن ذاك كان قاسيا جدا منك يا زوزو "

عقّب معلقا على ما قالته لتلك المرأة التي بدت لحوحة جدا ومتطفلة، لتجيبه زينب بنبرة شريرة

" تستحق ذلك، هن فعلن أكثر من ذلك حينما تزوجن، على الأقل أنا أباهيهنّ برجل حقيقي، لا أخترع من وحي خيالي "



بسماع كلامها المنتقد لهن والمتغزل فيه، دخل خالد في نوبة ضحك كادت تختطف أنفاسه، وهذه المجنونة تقف تتباهى بفعلتها، وكأنها مراهقة تتسلى على صديقاتها الغيورات،

لتبتهج ملامح زينب أكثر مما كانت عليه، وتضيف بعدما رفرف قلبها لسماع ضحكته

" الحمد لله أنّك ضحكت أخيرا، تبدو بشعا حينما تكشر، لا تعبس مجددا أتوسل اليك "

فما كان من خالد الا أن انحنى عليها، طوّقها برفق من خصرها، وطبع قبله دافئة على جبينها قبل أن يجيبها بابتسامة

" أعدك ألا أعبس ثانية سيدة زوزو "



ثم تراجع مجددا مانحا اياها بعض المساحة، لتستمر زينب في شغبها غير المعتاد، وهي تحاول تعديل شعره المبلل المنكوش بأصابعها

" حسنا سيد أسمر، المعكرونة ستفقد طعمها ان تأخرنا عنها أكثر من هذا، سنتضوّر جوعا ونحن نقف هنا نناقش درجة وسامتك، هيّا غيّر ملابسك وأنا سأنادي أمي لنأكل لا تتأخر "

خاطبته بحماس لطالما أبدته ناحية الطعام، لكن قبل أن تدير ظهرها وتغادر غافلته بقبلة طائرة على خده مختتمة اعتذارها عن فعلتها غير المقصودة،

لتلوذ بالفرار بمشيتها العرجاء عائدة الى المطبخ، قبل أن يفيق خالد من صدمته ويلقي القبض عليها ويحرجها،



في الرواق لم تتعمد زينب تصدير أية ألعاب اغراء ناحية خالد، وقد كانت تصرفاتها عفوية جدا صادرة من أعماق قلبها، هي التي لطالما أرادت أخا و صديقا مقربا تتصرف معه على راحتها، وتبوح له بمكنوناتها الدفينة التي تداريها عن العالم،

لكن للأسف لم يكن هناك شخص متوفر من البنات لاختلاف الطباع والبيئة، والرجال كانوا في المنطقة الممنوعة طوال الوقت بسبب التزامها،

ليأتي خالد في آخر المطاف و يسد كل هذه الخانات، الزوج الأخ الصديق والحامي، في انتظار تحوله الى حبيب حقيقي، وقلبها ينبؤها بتفاؤل عارم أن الأمر سيكون أقرب مما تتّخيل وتتمنّى.



في الطرف الآخر كان خالد يشعر براحة كبرى، لأن ظنه خاب فيما اعتقده عن خجل زينب بوجوده معها، لكنه قرر أن يخفف عبء مجاراة مشاعره الجيّاشة عنها، والاستمرار في اعطائها مساحة شخصية آمنة، حتى تأخذ أنفاسها وترتب حياتها الجديدة بكل تأن،

هي تستحق بعض المراعاة بعد كل ما عانته، وهو لن يكون عونا للظروف عليها، وسيكون لهما العمر بأسره ليعيشا في سعادة كزوجين حقيقيّين، وما عليه الا أن يصبر ويحتسب ويبتهل الى الله أن ييسر أمورهما ويؤلف بين قلبيهما.

.
.

مرّ أسبوعان منذ سوء الفهم ذاك، وزينب تعيش في انسجام متصاعد مع خالد، الذي لم يفتر حنانه ودفءه قيد أنملة، بالعكس كانت مشاعره واضحة وجامحة جدا بالنسبة لها،

لم يكن الرجل يتردد في احتضانها وتقبيلها على جبينها أو خدها، يغدق عليها بالهدايا والورود لدرجة لم تعد تعرف أين تضعها، ويسمعها كلاما يمدح كل شيء فيها كل لحظة، متسبّبا في موجة من ثقة في النفس لم تعتد عليها يوما،

كانا يجلسان ويتحدثان في كل شيء، يخبرها كل تفاصيل يومه وماضيه، يتجادلان بشراسة حينما يختلفان في الآراء، ويغرقان في نوبات مجنونة من الضحك على أية تفاهة تمر عليهما،

حتى أنهما يتنازعان آلة تحكم التلفاز كطفلين متمردين، لينتهي بهما الأمر يلعبان دورة شطرنج محتدمة، ليحدد الرابح فيهما ما يتفرجان عليه في السهرة، مباراة كرة قدم أو مسرحية هزلية،

الى أن تغفو زينب في نهاية المطاف على الأريكة، بعدما يرقّ قلب خالد ويتنازل لها عن دوره في المشاهدة، لكنه ينال حضنا دافئا جائزة عن كرمه معها.



كانا يبدآن يومهما بالصلاة سويا وقراءة الورد اليومي، أمر ألقى سكينة لا متناهية على روح زينب، ليتكرر يومهما المليء بالحنان والشغف، وهما لا يكادان يتفارقان الى أن يصطحبها الى غرفتها، ويتمنّى لها ليلة سعيدة مع قبلة دافئة، صارت تدمنها ولا تنام دون الحصول عليها،



لكن ورغم أمواج السعادة التي يغرقها فيها الرجل، كانت زينب تشعر دائما بالتشوش والارتباك، فمنذ ذاك اليوم في المطبخ وما حصل بينهما من أمور حميمية، لم يتطور الأمر أبدا بعدها، غير أحضان سريعة وقبل أخوية لا شيء،

فخالد يلزم حده يبقي نفسه بعيدا ولا يحاول التقرّب منها، مهما قالت أو فعلت ومهما حاولت التلميح عن رغبتها فيه، لدرجة أدخلت الشك والوساوس في قلبها عن كونها قد تكون غير مرغوبة فيها، من طرف الرجل الذي يكون اكتشف أخيرا أمر عدم تناسبهما كزوجين، بعد بقائهما تحت سقف واحد لمدة طويلة.

صحيح أنه قال أنه سيأخذ الأمور بروية حتى تتعود على وجوده، وصحيح أن الأمر أراحها بداية وبدّد خوفها الفطري، لكن يبدو أنه يأخذ وعده على محمل الجد أكثر مما يجب، لدرجة بدأت معها تشعر بمشاعر متخبطة تغالب سيطرتها وهي تريده قريبا أكثر وأكثر،



زينب التي اكتشفت مؤخرا أنها لم تعد تريد هذه المسافة الآمنة بعد الآن، لا تريده أن يعاملها وكأنها مراهقة يخشى صدمتها من تقربهما، تريده أن يتعامل معها كامرأة ناضجة تدرك قراراتها،

لكن المصيبة أنها لا تعرف كيف تقول له ذلك صراحة، وسط حواجز خجلها وقناعتها بضرورة مبادرته أوّلا،

فيما الرجل يبدو مستمتعا جدا بوجودها في الغرفة المجاورة، أو ربما يحقق حلمه في خيالات ابنة الجيران، ووقوعه في الحب تدريجيا معها فيما هي تتحرّق شوقا له، وبالنظر الى صبره غير المنطقي فستنفجر براكين مشاعرها قريبا لتغرقه.

.
.

" أمي العشاء جاهز "

خاطبت زينب والدتها التي تجلس على كرسيها في غرفتها قبالة النافذة، وقد أنهت لتوّها اتصالا هاتفيا مطوّلا، مع ابنة خالتها سكينة التي تقيم في القرية، لتعتلي وجهها ملامح متجهّمة استرعت انتباه ابنتها

" أمي هل أنت بخير؟ هل سمعت أخبارا سيئة من البلد؟"

سألتها زينب بعدما أثارت ملامحها ريبتها، فوالدتها عادة تكون في أوج سعادتها حينما تحدّث قريباتها، لترفع صباح عينيها ناحيتها وتجيبها بنبرة محبطة

" أجل كل شيء بخير، لكن سكينة تقول أنها لا تستطيع حضور عقد قرانك، وقد لا تتمكّن من حضور حفل الزفاف أيضا "



تنهدت زينب خفية فقد اعتقدت أن نبأ سيئا في طريقه الى مسامعها، لتدنو من والدتها محاولة التخفيف عنها

" لا بأس أمي بامكاننا استضافتها بعد الزفاف البيت مفتوح طوال العمر، ثم عمي مسعود كان ممانعا لزواجي من خالد، لن أستغرب أن يمنع بناته وزوجته من الحضور، تسلّطه عليهن لن ينتهي بين يوم وليلة"

عقّبت على تصرفات عمها والذي تكون سكينة زوجته بكثير من الانزعاج، فالرجل لم يستطع ايقاف الزيجة من بدايتها لذلك يحاول تعكير سيرورتها، بحرمانها من وليها الافتراضي أمام الناس،



لتحدق صباح ناحيتها بنظرة سريعة غير مفهومة، لمحت زينب فيها احراجا قبل أن تهمس لها

" حسنا هو لا يمكنه المجئ من الأساس حتى لو أراد"

عبست زينب لتعبيرها المتشائم وكأن الرجل فقد حياته لتسارع للاستفسار

" أمي هل يعاني الرجل المستبد من خطب ما؟"

سألتها وقد أثارت صباح فضولها، فالرجل كان كالثور طوال حياته لم يمرض يوما على حسب ما تتذكر، لتجيبها والدتها بنبرة شبه متشفيّة

" كسرت يده وشجّت رأسه بعد عراك دام مع صهره، وهو الآن يرقد طريح الفراش في بيته"

" يا الله لطفك "

صرخت زينب في وجهها قبل أن تسألها بتوتر

" أي واحد من أصهاره هم كثيرون، ثم لم تهجّم عليه؟ "



لترد عليها صباح بما تعرفه

" زوج نوال ابنته، ولم يعتد على عمك وكاد يقتله فحسب، لكن هناك مشكلة كبيرة جدا بينهما،

فقد ضربها ضربا مبرحا ثم طردها دون أطفالها الأربعة من البيت، بعدما اكتشف أنها تحدث أحدهم على الفيسوك هذا أو ماذا تسمونه، وكانت تخطط معه للفرار من بيتها ومن القرية كلها، أو هذا ما يتهمها به الرجل حسب سكينة،

وقد انعقد المجلس العرفي بالفعل مرتين خلال الأسبوع الفارط، وزوجها يرفض تطليقها أو اعادتها، أقسم أن يدعها معلقة باقي عمرها وألا تلمح ظفر أحد من ابنائهما طوال حياتها،

وسكينة حالها يرثى لها، تخشى أن يتهوّر الرجل ويقتلها، بعدما صارت سمعتهم علكة تلوكها الألسن"



هزت زينب رأسها أخيرا، وقد فهمت أن تعاطف والدتها يخص قريبتها فقط دون مسعود، لتحاول انتقادها بطريقة لطيفة

" صبّوحة لم أسمع نبرة شماتة في العم ؟"

زينب وخلال سنوات حياتها كانت حاقدة جدا على عمها، فهي لم تر منه الا كلّ قسوة وعنف، لكن الحياة علمتها أن تراقب الجانب المشرق من أزماتها،

صحيح أن عمها تجاوز حدوده معها، لكنها انتهت مع خالد وفي بيته، ولا يمكنها الا أن تشكر الله ملء قلبها على عطائه، فلا شيء يحصّل بسهولة في هذه الدنيا.



لتخفض صباح عينيها وتهمهم لها

" أنا دعوت أن تشلّ يده لا أن تكسر"

" أمي، منذ متى أنت حقودة هكذا ؟ "

استهجنت زينب تعبيرها المتشفّي، فبغض النظر عن عمها وصراعها معه، هناك نوال وأطفالها في منتصف الأزمة، لترد عليها صباح بلهجتها البسيطة

" أستغفر الله وأتوب اليه ابنتي، لكنني لا أشفق على حاله أبدا ولا حتى بالنذر اليسير، كان عليه أن يفكر في عدل الله وانتقامه قبل أن يرفع يده عليك جورا،

كان عليه أن يتذكّر أن لديه بنات هو الآخر، وأن رمي ابنتي بالبهتان ما كان سيمر دون عقاب من الله، ولن يجعل منهن عفيفات منزّهات عن النميمة،

لو أنه أنفق الوقت الذي قذفك فيه في تربية بناته والحنو عليهن، ما كان افتضح هكذا في آخر عمره،

أنا لست حقودة ابنتي تعرفينني، لكني لن أنسى أبدا وجع قلبي عليك كل مرة يعاملك فيها بهمجيّة، ويفضحك وسط الخلق دون وجه حق، أسأل الله أن يشتاق الموت ولا يناله "



" لا حول ولا قوة الا بالله "

تمتمت زينب بخفوت ولم تستطع أن تنهر والدتها أكثر مما فعلت، فما عانته المرأة منذ ترملت على يد مسعود كان أسوء مما يمكن احتماله،

وقد اكتشفت قبل سنوات من الآن، وحينما صارت في سن الادراك أن معظم حقده عليهما، نابع من سخطه على رفض صباح الزاوج منه بعد وفاة زوجها،

لذلك نصّب نفسه مسؤولا عن قلب حياتهما الى جحيم عقابا لها، لتدفع هي الأخرى ثمنا باهضا لاختيار والدتها العيش دون رجل في حياتها، في مجتمع لا يقبل بهذا الا نادرا.



" حسنا أمي لا تزعجي نفسك، ستر الله عليها ومتّعها بأطفالها "

حاولت زينب انهاء النقاش في الموضوع الشائك، وهي تراقب والدتها تجرّ كرسيها ناحية الحمام للتوضؤ، لا تريدها أن تموت كمدا بتذكر ما حصل معها.

لم تكن زينب متعاطفة مع عمّها هي الأخرى فهو يستحق ما حصل له، وهي متأكّدة أنه أطلق لسانه السام السليط على صهره قبل أن يبرحه ضربا، لكن أكثر ما آلم قلبها في الخبر هو فصل نوال عن أبنائها،

وحسب ما تتذكر أحدهم رضيع أنجبته منذ ثلاثة أشهر فقط، خاصة أن زوجها هو نسخة طبق الأصل عن مسعود، وقد عانت معه الأمرين طوال سنوات، جعلها متبلّدة المشاعر وجسدا دون روح، بسبب تسلّطه وجنونه الذي لا ينتهي.

.

.

" ما بها زوزو الجميلة تبدو محبطة ؟ "

أخرج صوت خالد المهتم زينب من دوامة أفكارها، وهي تجلس الى الأريكة في الصالون بملامح متجهّمة، بعدما انسحبت من غرفة والدتها، قبل أن يجلس جوارها ويسألها مجددا

" هل أنت بخير؟ "

لتهديه زينب احدى ابتساماتها الدافئة وتجيبه

" بخير جدا يسلمك ويهنيك "

" لكنك تبدين حزينة أو أنك تخططين للفرار من عقد الزواج غدا؟ "

همس لها بنبرة شقيّة صار يمتعها سماعها، لترد عليه بضحكة صاخبة وتهمس له هي الأخرى

" اذا كنت ستفرّ معي لا مانع لدي "



هزّ خالد رأسه بقلّة حيلة من شغبها، لكنّه كان ممتنا لصبرها وتجاوبها مع وساوسه، فرغم أنه حصل على موعد لعقد القران في البلدية بالفعل، الا أنه لا يفوّت أية فرصة ليتأكد من اتخاذ زينب قرارها في استمرار زيجتهما،

ورغم أن المرأة تدرك هذا تماما، الا أنها لا تتردّد في طمأنته كل مرة دون كلل أو ملل، أن هذا قرارها النهائي الذي لا رجعة فيه،

فمن حقّه أن يستوعب أنها تقبله بكل جوارحها، وألا تكون لديه ذرّة شك واحدة في قبولها البقاء بقربه طوال حياتها،



زينب لا يمكنها أن تنسى أبدا ملامحه المتوترة وهو يخبرها عن موعد العقد، كان خالد يتفرّس في كل جزء من وجهها، بحثا عن أية معارضة أو تردد يجعله يؤجل الأمر برمته، فآخر ما يرغب به أن يراها غير مرتاحة في أمر يخطط له من أجلهما،

لكن الفرحة على محياها يومها والتي لم تدّخر زينب جهدها للتعبير عنها، كانت كافية لتبديد كل شكوكه ومخاوفه، وبثّ السعادة للمرة المليون في قلبه.



تتذكر زينب بكثير من الحنين ما حصل في الحديقة قبل أيام، حينما قدم خالد والقلق يتآكله وهو يزفّ لها الخبر السعيد،

قد لا يكون موعد العقد بحد ذاته ما أثار غبطتها، بقدر جملة قالها خالد أرسلتها الى الجنة وأعادتها مجددا الى حضنه

" أنا أردت تأجيل الموعد قدر الامكان، حتى تتلاشى هذه الكدمات اللعينة، لا أريدك أن تتذكري أية معاناة صاحبت زواجنا برؤيتها، حينما نتصفح ألبوم صورنا بعد خمسين عاما ان شاء الله،

أريد لهذا اليوم أن يعلق في ذاكرتك كأسعد أيام حياتنا، دون أية شوائب تعكر جماله"

ليؤكد لها بطريقة لا متناهية أنها مركز اهتمامه، وأنها هوسه الجميل الذي لا يشفى منه ، ولن يتوقف عن ممارسته معها مهما مر من السنين.

.

.

" أين سرحت بأفكارك أيتها الشقية ؟ أنا أحدثك منذ ربع ساعة؟"

نهرها خالد بنبرة متذمرة، قبل أن تستعيد زينب تركيزها وتجيبه بابتسامة

" أفكر في الرجل الأسمر الذي سيصير زوجي رسميّا يوم غد"

ضحك خالد من ردّها المتهرّب، فيما هو متأكد أن هناك ما يشغل بالها، فهو يحفظ رسائل عينيها أفضل مما يحفظ اسمه

" وأنا أشفق على هذا الرجل المسكين منذ الآن"

أجابها خالد بنفس شقاوتها يقصد استفزازها، ليضحك على ملامحها العابسة بسبب انتقاده لها



" وماذا أيضا ؟"

سألها بعد أن مد يده وقرص أنفها حتى تتوقف عن تجهّمها، لا يريد رؤية اكتئابها يوما قبل عقدهما،

فلم تجد زينب بدا من اخباره بما يجري، ليس وهو أفضل من يجيد سبر أغوارها، ثم هي لا تريده أن يسيء فهم مزاجها العكر، فلا علاقة له من قريب أو بعيد بفرحتهما

" عمي يعاني من مشكلة كبيرة جدا ولن يحضر العقد غدا"

لتقص عليه بعدها باختصار تفاصيل ما حصل مع ابنة مسعود والمصيبة التي حلّت عليهم، وكعادته خالد مستمع جيد ولا يدلي برأيه الا اذا طلب منه

" ابنة عمك رغم خطيئتها التي لا تغتفر الا أنها ضحية في كل هذا، ضحية لتربية متسلطة وغير سوية، وضحية لعادات متزمّتة مؤذية أكثر منها مفيدة،

عنصريّة عمك التي سرقت طفولتها، زواجها المبكر وحرمانها من التعليم، مع كل القسوة والجفاء التي عانت منهما في بيت والدها ثم زوجها ساهمت في كل هذا"



أطلقت زينب تنهيدة حارة قبل أن تعقّب على ما قاله

" نعم أنت محق تماما، أتذكر أنها كانت في الرابعة عشر حينما تمت خطبتها، كانت سعيدة جدا حينها ولم تعرف ما كان ينتظرها حقيقة،

كانت مبتهجة بالحنة والتصديرة والمصاغ، وزغاريد النساء وأغانيهن حولها، وقد تحولت بين ليلة وضحاها من الابنة المنبوذة وسط اخوتها الذكور الى محط اهتمام الجميع،

أتذكر أيضا يوما بعد زفافها كيف كانت تبكي بحرقة، حينما تعرضت لضرب مبرح على يد عريسها، والذي تجاوزت سنه سن والدها حينذاك،

ووالدتها بدل أن تقف الى جانبها وتخفف عنها، اتهمتها أنها السبب لأنها أزعجته، وأنها كان يجب أن تذعن لكل طلباته، فالرجل محق في كل الحالات، ومن مصلحتها مراضاته مهما فعل كامرأة صالحة،

دخلت بعدها حياتها في دوامة من الضرب والاهانة والمشاكل، كانت تبقى في بيت عمي أكثر مما تفعل في بيتها، لكن الجواب على شكواها كان دائما أن لا سبيل للطلاق في العائلة، وعليها أن تتحمل أو تموت،

أحيانا يخيّل الي أنها قامت بذلك عنوة، علّها تتخلّص من الجحيم الذي تعيشه، فقط لو أنها تعلمت قليلا أو وجدت عملا، ربما كانت نجت من حياتها البائسة هذه"

كانت زينب تتحدث الى خالد الذي يلتزم الصمت وكأنها تحدث نفسها، فقد صار الرجل صدى أفكارها مؤخرا، ولا تتوانى عن مناقشة أي موضوع مهما كان حساسا أمامه، لثقتها في حكمته ونظرته الناضجة للأمور،



ليهز خالد رأسه معارضا لكلامها بطريقة أثارت استغرابها، قبل أن يوضح وجهة نظره

" تعتقدين أن تعليم البنات وعملهن يجنّبهنّ العيش في معاناة مع مجتمع مماثل؟"

" أكيد "

أجابته زينب بما تؤمن به، ليقول خالد ما يجول في خاطره

" حسنا قد ينير التعليم عقول النساء، ويجعلهن يفكرن بطريقة أفضل ويجدن اختياراتهن في الحياة، وقد يجنبهن العمل مهانة الحاجة ومدّ أيديهن،

لكنه بالتأكيد لا يحررهن أبدا، ولا يكفيهن شر ما يفعله أمثال عمك من الرجال، ووضعك معه أفضل دليل"



" ماذا تقصد ؟ "

سألته زينب وقد اعتلى وجهها التشوش من كلامه، فلطالما كان خالد سندها لتتعلم وتعمل منذ كانت طفلة صغيرة، كانت كلماته أكثر ما شجعها على تحقيق ذاتها والنجاح في مسعاها

" هل غير رأيه في كل مبادئه وقناعاته فجأة ؟"

كان السؤال الذي يلحّ على عقل زينب، ليجيبها خالد وقد أخذ يدها بين يديه الدّافئتين

" في الزمان الغابر رغم أن المرأة لم تكن تتعلم كثيرا، ولم تكن تعمل الا فيما ندر، لكنها كانت محترمة مصانة في مجتمعها،

تبقى معزّزة مكرّمة تحت ولاية والدها ثم أخيها ورجال العائلة، وحتى اليتيمات منهن ينلن نصيبهن من الدعم والحرمة من زعيم القبيلة وجميع الرجال حولهنّ اذا لزم الأمر،

كانت النساء تتزوجن تنجبن وتعشن في احترام، دون أية شعارات لتحرير المرأة وحفظ كرامتها، وقد جاء ديننا لتعزيز هذه المكانة، حينما منح القوامة للرجال ممن يستحقونها، وكان معظمهم حينها كذلك

طبعا لن ننكر أن بعض العادات والتقاليد كانت مجحفة في أمور معينة كالزواج المبكر، لكن في العموم كانت تقوم حرب ضارية لو داس أحدهم على كرامة امرأة، خاصة في مجتمعاتنا العربية"



أومأت زينب برأسها موافقة تحليله ليضيف

" حينما تعالت الشعارات الدخيلة لتحرير المرأة، حفظ كرامتها ووجوب خروجها لتحقيق ذاتها، حمّلت دون وعي منها مسؤوليات أكثر مما تطيق،

وصارت غايتها في الحياة تحدي الرجل الذي يحاول طمس هويتها حسب هؤلاء، متناسية أنه نصفها الآخر الذي تحقق معه سعادتها المرجوة بطريقة متكاملة،

وفي المقابل تراجع الرجال عن واجباتهم في تحقيق سندها وصون كرامتها، مادامت تشقى هي لفعل ذلك بنفسها لم سيحملون مسؤولية مضنية كتلك، من يريد صداعا مجانيا وثقلا على كاهله،

لكن دون التنازل عن ذكوريتهم المقدّسة في المجتمع الحديث، ودون التخلي عن أفكار أفضليتهم على النساء البدنية قبل النفسية، مما خلق صراعا شرسا بين الطرفين لم تتأذ فيه غير المرأة"



صمت خالد قليلا يفكر قبل أن يسترسل

" أعتقد أن الأغبياء الذين دعوا الى تحرير المرأة بالأفكار الحالية، ومعظمهم من الرجال بالمناسبة، قاموا بتحرير الرجل بدلا عن ذلك،

فقد ألزموا المرأة بمسؤولياتها القديمة في الانجاب والتربية والأعباء المنزلية وغيرها، وأضافوا عليها العمل وكسب القوت وحتى اعالة عائلات بأكملها،

فيما أعفي الرجال من الكثير من المسؤوليات، داخل وخارج البيت دون أية واجبات اضافية، وحتى الدعم النفسي تخلوا عن ممارسته مادامت المرأة صارت ندا لهم،

لذلك بالنسبة لي فقدت النساء كرامتهن وشعورهن بالأمان والسكينة، حينما فقد الرجال مروءتهم وقوامتهم طواعية، وتنازلوا عن آداء واجبات ألقاها الله على عاتقهم "



" يعني أنتم السبب فيما نعانيه ؟"

سألته زينب وقد استوعبت أخيرا ماقاله، ليهزّ خالد رأسه ويرد عليها

" نعم يا سيدة زوزو نحن نتحمل معظم الذنب، أو بالأحرى الكثير منا ممن يعتقدون أن الرجولة تتحقق باستظهار العضلات، مادامت المرأة تحررت وتعتقد أن بامكانها فعل ما يحلو لها، لابأس اذا باخضاعها بالقوة ،

أنت مثلا رغم أنك ناجحة ومتعلمة ومستقلة ماديا، ورغم سمعتك وأخلاقك التي لا يختلف عليها اثنان، الا أن هذا لم يمنع عمك من ممارسة تسلّطه طوال سنوات، كل ما يحتاج فعله أن يرفع يده وصوته وتكونين حبيسة لديه في آخر الدنيا، والجميع يعطيه الحق في فعل ذلك،

ماذا كنت تملكين من حلول حينها، اتصال بالشرطة وسيخرج بعد ساعتين دون اتهام واضح، وقد يقتلك لا سمح الله ولا يأخذ سوى بضع سنين في السجن، خاصة اذا ألقيت التهمة على عاتق حماية الشرف،

والقضايا نسمعها ونراها بالآلاف يوميا، ولا أحد يدين القاتل بالعكس الكل يهاجم الضحايا من النساء، ويذمّ في شرفهن وعفّتهن حتى وهنّ في القبر، فلطالما زرعت فكرة أن المرأة عورة وأس الخطيئة في مجتمعنا منذ الصغر،

حينما اقترح عمك ذاك الكشف المذلّ، بح صوتك وجفت دموعك حتى لا ينفّذوه، لكنه لم يصغ لأحد الا لما قرره الرجال في المجلس، وكأن كلمتهم أكثر قدسية من كل توسلاتك"



ارتجفت زينب للذكرى فخالد محق في كل ما قاله، كان بامكانها الصراخ لقرنين من الزمان دفاعا عن عفتها وما كان أحد أصغى لها، لكن بمجرد أن صدر الحكم من المجلس برفض من خالد حتى توقف كل شيء



" زينب أنا لا أقول هذا لتشعري بالاستياء، أنا أشرح وجهة نظري هنا لا أكثر"

حاول خالد تنبيهها فهو لا يحب شعورها بالمهانة كلما تذكرت ما حصل، لتشير له زينب بابتسامة تريده أن يستمر في قول ما يريده

" بالنسبة لي تحرير المرأة حقيقة واستقلالها، لا يتم عبر امتهان كرامتها لتحصيل لقمة العيش، لا أحد عاقل يجد التدليل والراحة ويركض خلف التعب والمشاكل،

فقط لو تقدم الرجال مجددا وأخذوا أماكنهم التي حباهم بها الله في القوامة، وعاملوا المرأة كما أمرهم مع رسوله الكريم أختا وأما وزوجة، بكل احترام وتفهم من غير ذكورية مقيتة،

حينها فقط ستجد المرأة راحتها النفسية، دون الاضطرار الى مقاتلة العالم بكل مساوئه، لخلق مكانة فطريّة منحها الله لها دون جهد منها،

لذلك أعتقد أن الأمر يمرّ عبر تربية الأولاد منذ الصغر، وغرس أفكار المساواة مع البنات في عقولهم في الحقوق والواجبات، هذا فقط ما سينقذ الأجيال القادمة من تعنت رجولي مزيف وتحرر نسائي مقنع،

مادمنا نعيش في مجتمع يقدّس كلمة الرجال، فلا سبيل للخلاص الا اذا أنشأنا رجالا يحفظون الحق بدمائهم، وينصرون المظلوم مهما كان جنسه"



لتقاطعه زينب باحتجاج زائف، وقد أدركت الى أين يتجه الحديث أخيرا

" يعني صارت مسؤولية الأمهات الآن؟ "

ولم يعارض خالد افتراضها بل أكّد عليه بابتسامة دافئة

" تماما أيّتها الذكية وهذا الشقّ الثاني من المسؤولية، فالأولاد يستمدون معظم مبادئهم أخلاقهم، وأسس شخصياتهم من الأمّهات ثم الآباء وعلم النفس يؤكّد ذلك،

فماذا تتوقّعين من ولد لا ينظّف صحنه، ولا يطوي ملابسه ولا يرتّب فراشه؟

فيما تكلّف البنت من سن صغيرة بكل المسؤوليات، يكبر شقيقها معتقدا أن له الأفضلية عليها وتجب خدمته وتلبية طلباته، بسبب ذكوريته التي لا مزيّة له فيها،



الولد الذي يكبر محصّلا أفضل طعام وأجود ملابس على حساب البنات، و يتمتّع بكلّ مشاعر الحنان والمراعاة من الأم التي تعتقد نفسها تربّيه، على أن يكون رجلا يستحق حرية أكثر مما تفعل شقيقاته،

متغاضية عن كل أخطائه وانحرافاته، فيما تعاقب البنات بشدة على أصغر هفوة، سيتغلغل في عقله الباطن شعور مقيت بالتملك والسيطرة، ورفض تام لأية معارضة ولو بسيطة،

حينها سيتمادى ويتجاوز الحدود الى درجة ارتكاب الجرائم، بمجرد أن يتجرأ أحدهم ويقول لا صريحة في وجهه، فبالنسبة له من حقه تنفيذ رغباته بما أنه الذكر في القضية، ووجهة نظره يجب أن تحترم حتى وان كانت لاعقلانية،

لا شيء يفسد الرجال يا زينب أكثر من كلمة " ابني رجل" التي تتباهى بها الأمهات، وتبرر بها كل خطيئة تستحق العقاب بدل الفخر،

لذلك فقط حينما يفهم الذكور أنهم سيصيرون رجالا حقيقيين، عليهم احترام من حولهم من النساء، وتقبّل أنهن سيصرن أنصافهم الروحية لسن مجرّد آلات للانجاب، وافراغ الشهوات تنتهي صلاحيتهن في سن معينة،

وألا أفضليّة بين الذكر والأنثى الا بتقوى الله، حينها ستحصّل النساء سعادتهن وتحفظ حقوقهن دون معاناتهن"



ابتسمت زينب بسماعها الغاية من حديثه، قبل أن تطبع قبلة على كفه التي تحتضن يدها وتجيبه

" لم أعرف أنني تزوّجت متفلسفا الا الآن أيها الأسمر، لكنني سعيدة جدا بعدما أدركت على أيّة قيم سيتربى أبناؤنا "

رغم الغصّة التي شعر بها خالد في قلبه حينما ذكرت مسألة الانجاب، الا أنه لم يرد أن ينغصّ على نفسه دفء اللحظات القليلة التي يحظى بها مع زينب، داعيا الله ألا يتعكر صفو علاقتهما بأية ابتلاءات قادمة، وما كان رده الا أن همس لها

" ان شاء الله "

.
.
.

😘💖💖



ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-22, 10:49 PM   #176

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 39 ( الأعضاء 14 والزوار 25)
‏ملك علي, ‏Wafaa elmasry, ‏عسلية العين, ‏زهراء يوسف علي, ‏love h&z, ‏لينوسارة, ‏رمز الأمل, ‏halloula, ‏Arw2, ‏Berro_87, ‏صباح مشرق, ‏rowdym, ‏رونى تامر, ‏Moi Esraa


💖💖💖💖💖💖💖


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-22, 01:21 AM   #177

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل جميل و فيه طرح المواضيع والقضيا الاجتماعية بشكل ذكي و شامل ..... والله عل رومانسية الاسمر و زينب ادهشتنا حتى هي بدلالها بتوفيق عزيزتي 💕💕💕

Soy yo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-22, 04:58 PM   #178

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 31-10-22, 06:39 PM   #179

سناء يافي

? العضوٌ??? » 497803
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 447
?  نُقآطِيْ » سناء يافي is on a distinguished road
افتراضي ويبقى الحب خالدا

فصل راىع حبيبتي ملى باالفادة لتربية الاولاد بتمنى زينب وخالد يعيشوا بسعادة لايقين لبعض تشبك ايدك وشكرا لتعبك

سناء يافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-22, 08:27 PM   #180

كنوز كنوز
 
الصورة الرمزية كنوز كنوز

? العضوٌ??? » 481077
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 123
?  نُقآطِيْ » كنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond reputeكنوز كنوز has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ياعيني علي الرومانسية طلعت زوزو مو هينة ياويلو خالد منها ،وصدقت ياملوكة كل شي ياتي من التربية .ونتمي تواصلي في طرح المواضيع والقضايا الاجتماعية في الفصول القامدة وحتي رواياتك المستقبلية بالتوفيق 😘😘😘😘😘

كنوز كنوز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:15 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.