آخر 10 مشاركات
همس الشفاه (150) للكاتبة: Chantelle Shaw *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          زَخّات الحُب والحَصى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2701Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-10-23, 12:40 PM   #501

duaa.jabar
 
الصورة الرمزية duaa.jabar

? العضوٌ??? » 395763
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » duaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond repute
افتراضي


فصل رائع وختامه مسك عمر رغم انانيته لكن العمر وبعده عن أبنائه واحساسه بأنه غريب بعد مرض فريده وعدم قدرته على الاطمئنان عليها افاقه وخلصها من القليل من انانيته ووضع صالح ابنه وسعادته قبل نفسه فعلا الفصل رائع ومشهد عبد الرحمن مع والدته مؤثر جدا فعلا اجمل مافي الحياة هو الحصاد بعد تعب الزراعه سلمت اناملك

duaa.jabar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-23, 02:03 PM   #502

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس من فصول الختام المُنتظر ????

بعد أن دلف الجميع وهَمّ عبد الرحمن بالصعود إلى شقة الطابق الثاني استوقفته مُتسائلة بصوت مهزوز قليلًا – عبد الرحمن.
رد مباشرة وقد لاحظ أنها منذ سماعها لموافقة والدها وهي بدُنيا أُخرى – نعم حبيبي.
-هل انتهى الأمر بهذه البساطة؟ هل حقًا وافق أبي أم أنني أهذي؟
رددت كلمتها الأخيرة وهي تُرفرف بأهدابها وكأنها بالفعل تتأكد من كونها بوعيها وليست في حُلم جميل من أحلامها المخملية التي تتحقق فيها أمانيها المُستحيلة .
فأردف بنصف ابتسامة والنصف الآخر توارى رغم عنه خلف جدار الخوف على حياة أمه الذي نُصِب أمامهم في لحظة غفلة
– أولا الأمر لم ينتهِ ولكنه بدأ،اقترب منها الخطوة الفاصلة حتى استند بجانب رأسه وكتفه على إطار الباب الذي تقف أمامه وأكمل بنظرة رأت بها مزيج من انتصار وانهزام : ووالدك بالفعل وافق وبإذن الله نطمئن على أمي ونتزوج مباشرة.
كانت نظرته تنضح بالاحتياج العاطفي ونبرته الحانية وصوته المُختنق جعلا قلبها يقفز من موضعه فتمتمت بتوتر – نتزوج هكذا مباشرة ؟ لم أكن طامعة سوى في أن يعترف الجميع بحقنا في الاختيار وأن أضع في اصبعي محبس خطبة منقوش عليه حروف اسمك.
سحب نفسًا طويلًا وهو يتأمل عذوبة ملامحها وبراءة نظرتها ويشعر برجفة جسدها دون أن يلمسها وردد بنبرة مُتهكمة ونظرة نفذت إلى أعماق قلبها – وهل بعد كل ما مررنا به سأتحمل خطبة فقط ! هل تعرفين شيء عن المجهود الذي أبذله لأبدو بهذا الثبات ! ثم أردف بهمس أجش : أنا تركت المدينة كلها لأنني لم أتحمل أن تكوني بجواري ولستِ لي،وحين عدت وحدث ما حدث لأمي كنت كلما خرجت من حجرة العناية أرى الدنيا مُغلقة بوجهي فلا أرجو سوى أن أدفن رأسي في حضنك فأذوب وأتلاشى.
اتسعت عيناها دهشة وبدا بهما تأثرها وهي تُنصت لهذيانه اللذيذ ونبض قلبها يعزف لحنا متسارعا على وقع كلماته شديدة العذوبة فأكمل وكان بالفعل مُنفصلًا عن الكون من حوله وتعب الأيام الماضية يَحِل عليه وقلة نومه تُصيب ذهنه بالتشوش
– وفي اللحظة التي أخبرني فيها والدك بموافقته كنت أتمنى أن أضمك وأسكنك بقلبي وأدور بكِ في الكون كله لنحتفل معا.
رفع حاجبيه مرددًا بنظرة لامعة بشغف كامن في أعماق قلبه في انتظار لحظة انطلاقه دون لجام – لذلك أريدك أن تدعميني حين يتم الاتفاق بيني وبين والدك بأننا لا نريد خطبة ،نريد زواجا مباشرا.
تمتمت بخجل وهي تهز كتفيها – كيف سأخبره بهذا ؟ لن أستطيع أن أطلب منه هذا الطلب ماذا سيقول عني !
ردد بابتسامة مليحة – فقط قولي ما بقلبك وهو سيتفهم.
تمتمت بنظرة دافئة تُقطر عسلا يُذيب مشاعره ويثير حواسه – ما بقلبي لا يُقال يا عبد الرحمن،أنت نفسك لا تتخيل مقدار ما بقلبي.
هز رأسه يمينًا ويسارًا نافضًا أفكاره المُلِحة عليه في هذه اللحظة وتمتم – إذن نحن مُتفقان في المبدأ نقنع والدك إذن بزواجنا المُباشر وحينها سيعرف كل منا مقدار ما بقلب الآخر بشكل عملي.
شعرت من نظرته ونبرته أنه يُلمِح لشيء غير بريء فأردفت وهي تفرُك كفيها بخجل – ولا بأس من المعرفة بشكل نظري أنا أحب أن أستمع إليك وأنت تصف مشاعرك تجاهي فقد عشت لسنوات أنتظر منك ولو كلمة حتى يئست من سماعها.
شعر بقدر من التعاطف معها فكلما ذكرته بتلك الفترة التي التزم فيها الصمت وكم كانت تتوق لكلمة منه شعر بالذنب فأردف بعد زفرة حارة
– نظري وعملي وكل ما تشتهين يا شيري ،فقط تُصبحين حليلتي وأعدك أن أعوضك عن كل يوم مر دون كلمة تسد جوع وظمأ مشاعرك .
تمتمت بابتسامة عذبة – بإذن الله.
أسبل أهدابه مرددًا بإنهاك – هلا دفعتني للخارج فقد استبد بي التعب وأريد أن أنام عدة ساعات قبل أن أعود إلى المشفى ولا أجد القدرة للابتعاد عنكِ في هذه اللحظة.
تمتمت وهي تتأمل ملامحه وهو مُغمض العينين – ولا أنا أريد لك الابتعاد ادخل ونم بحجرتك.
فرق جفنيه وردد وهو يرى نظرتها الحانية – قلت لكِ يا بنت لا أستطيع النوم بمكان تكونين فيه قريبة مني.
انتشت من غزله الصريح وبوحه بمشاعره الكامنة
وظلا يتهامسان وكل منهما لا يجد القدرة الفعلية على الإبتعاد عن صاحبه حتى دفع نفسه دفعا للصعود للأعلى على أمل أن يأتي يوم قريب لا ينفصلان عن بعضهما أبدًا.


Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 07-10-23, 10:07 PM   #503

محمد جمعة احمد

? العضوٌ??? » 489656
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » محمد جمعة احمد is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع ابدعتي في وصف المشاعر بين فريدة وابنها عبد الرحمن احببت الفصل جدا بارك الله فيكم

محمد جمعة احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-23, 10:25 PM   #504

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثلاثون
غُيُوم ومطر
____

تغيم سمائنا كثيرًا بسُحُب داكنة فتُصبِح أقصى أمانينا أن تجود علينا الغيوم التي تُلبد سمائنا بزخات مطر عسى الغيث يروي آراضينا المُقفِرة وتُزهِر أيامنا المُقبلة
***
مرت أيام على فريدة بالمشفى بعد أن غادرت العناية المُركزة ثم عادت إلى بيتها وما أن وضعت قدميها به حتى غمرها شعور بأن الله قد كتب لها عُمرًا جديدًا أما عن شعور تيمور والأولاد جميعًا فكان شعور طاغي ملموس الأثر بأن البيت كان مُظلِمًا وأضاء ما إن حلت به.
وفي حجرة المعيشة كانت تجلس فريدة وحولها أسرتها الكبيرة الذين لولا وجودهم لما اجتازت الأيام الصعبة الماضية،تيمور والدكتور فؤاد والجدة عايدة وأبنائها وبنات تيمور وفادي وفدوى أما فؤاد ابنها فمنذ ما حدث وهي تشعر به وقد ارتد لسنوات عمره الأولى،يتعلق بها ويُلازمها فلا يجد حرجًا في أن يندس في حضنها على مرأى الجميع بعد أن كان يدعي الاستقلالية منذ أن أتم عامه الحادي عشر.
- أنرتِ البيت يا حبيبتي.
رددها الدكتور فؤاد بنبرة حانية ونظرة مُتأثرة فتمتمت فريدة بابتسامة لا تزال واهنة – أعزك الله أبي وبارك فيك.
فسأل الدكتور فؤاد ابنه باهتمام – ولكن ألم يكُن من الأفضل أن تظل بالمشفى حتى تقوم بعمل القسطرة؟
فأردف تيمور موضحًا – الطبيب أخبرنا أننا نستطيع الانتظار اسبوع أو اسبوعين وفريدة كانت نفسيًا تحتاج إلى الخروج من المشفى لأنها ملت.
-أنا لست مُعتادة على هذه الأجواء يا أبي وكنت أحتاج فاصلا من الوقت فقد أُرهقت في الأيام الماضية من كثرة الأشعات التي قمت بها والأدوية التي تناولتها.
رددت فريدة كلماتها وهي تشعر بالإنهاك الفعلي ليس من مرضها المُفاجيء فقط ولكن من احتجازها لأيام بالعناية ولحظات الخوف والقلق التي عاشتها بها حتى بعد انتقالها إلى حجرة عادية ظلت تدور في دائرة من الأشعات والتحاليل حتى شعرت بالتوتر وهذا ليس جيد لحالتها لذلك فضلت العودة إلى بيتها واستكمال علاجها به.
أخذ الجميع يُرددون الدعوات لها بالصحة والعافية إلى أن أردفت فدوى – أعتقد أنكِ بحاجة إلى الراحة.
تمتمت فريدة وهي تهز رأسها – نعم سأبدل ملابسي وأرتاح قليلًا.
فأردفت فدوى وهي تترك مقعدها وتتجه نحو شقيقتها – دعيني أساعدك وأطمئن عليكِ قبل أن أعود إلى البيت.
قالت سمر لخالتها – نحن معها لا تقلقي .
ردت فدوى بنبرة مُمازحة – هذه شقيقتي قبل أن تكون أمكم بأعوام كثيرة سمر خانوم ودوري معها لن يتضائل أو ينمحي بمرور الوقت لذلك لابد أن أطمئن عليها بنفسي.
قهقوا جميعًا ضاحكين أما فريدة وفدوى فتبادلت كل منهما مع الأخرى نظرة قصيرة مُعبرة فالثانية كان الخوف يتملكها على شقيقتها وفريدة كانت تشعر بالامتنان لكل هذا القدر من المحبة الذي لمسته في قلوبهم بلا استثناء،ربما طبيعة الحياة السريعة التي يعيشها الجميع في السنوات الأخيرة تجعل مشاعرهم تجاه بعضهم كامنة ومرضها الأخير جعل تلك المشاعر تتجلى حين صُدِموا جميعًا بأن شبح الفقد ليس بعيدًا عنهم بل قريب بشدة.

بعد قليل
___
كانت فريدة ترقد بفراشها وقد أخذت حمامًا دافئًا وبدلت ثيابها لثياب مُريحة وبجوارها فدوى التي رددت بحنان – هل تريدين أي شيء قبل أن أرحل حبيبتي؟
ابتسمت فريدة ابتسامة صغيرة مُرددة – لا حبيبتي أنا بخير اذهبي أنتِ إلى البيت وارتاحي فلكِ أيام وأنتِ تلازميني بالمشفى.
بعد طرقة واحدة على باب الحجرة دلفت كل من سمر وسهر وتمتمت الأخيرة لفدوى – خالو فادي يقول لكِ هل ستذهبين معه أم يرحل هو؟
تمتمت فدوى بتأكيد – سأذهب معه.
وبعد دقيقة كان فادي قد دلف إلى الحجرة بعد أن طلبته فريدة لتصافحه قبل رحيله فمال على رأسها بقبلة حانية وردد بحنان
– ارتاحي قدر استطاعتك ولا توتري نفسك وإن احتجتِ أي شيء فقط اتصلي بي.
ربتت على كفه وهي تهديه ابتسامة دافئة وهزت رأسها بالموافقة دون رد وقد غمرتها طاقة حبه التي لمستها طوال الأيام الماضية بتُخمة في مشاعرها.
دقائق وكان أخويها قد رحلا وعادت الحياة إلى البيت الذي كان كئيبًا منذ مرض فريدة فسماح تقف بالمطبخ تعد الطعام والدكتور فؤاد دلف إلى حجرته ليغفو ساعة قبل الغداء والجدة عايدة دلفت إلى حجرتها وقد صارت في الفترة الأخيرة تشعر بالإرهاق مع أي مجهود "مهما كان قليلًا"
والأولاد جميعًا بغرفة فريدة،شروق وشمس عند طرفي الفراش وشيري تجاور فريدة من جهة وعبد الرحمن من الجهة المُقابلة وسمر وسهر على الأريكة المُجاورة للفراش وفؤاد يجاور شيري ويحيط خصر أمه بذراعه من فوق الغطاء.
تمتمت فريدة وهي تنظر نحو شروق وشمس بأسف – أعتذر لأن الليلة التي كانت كل منكما تنتظرها ستظل عالقة بها ذكرى سيئة بعد أن انتهت تلك النهاية الدرامية.
قالت شمس بابتسامة حانية – المهم أنكِ بخير يا حبيبتي هل ستحملين هم هذا أيضًا!
أما شروق فلمعت عيناها وتمتمت بنبرة غامضة – كما قالت شمس لا يهم شيء سوى صحتك،حاولت أن تُلجِم لسانها عن قول مُحدد فلم تستطع فتمتمت بابتسامة مُتوارية : أنا عن نفسي أشعر أنه دين كان مُعلقًا برقبتي وتم سداده فقد سبق وفعلتها يوم عقد قرانك أنتِ وأبي وقضيتما الليلة في المشفى ولا تزال ذكرى عقد قرانكما عالقة بها ذكرى ما حدث لي.
أردفت فريدة بنظرة حانية – كان رغمًا عنكِ حبيبتي،يومها كنا في غاية القلق عليكِ.
كانت فريدة تتحدث بهدوء وشروق تنظر إليها بنفس العينين اللامعتين وابتسامة ماكرة فوق شفتيها وأول من التقط طرف الخيط عبد الرحمن الذي دقق بملامحها لثوان بتأني قبل أن ينطق
– لم تكوني مريضة وقتها،كُنتِ تدعين المرض يا شُعلة.
زمت شفتيها ببعضهما لثوان وقد فاجأها بقوله ثم أردفت بنبرة مُتسلية – كنت مريضة بالفعل لا تظلمني ،ولكن ليس إلى هذه الدرجة.
رفعت فريدة حاجبيها بذهول وهي تتابع ردود أفعال شروق التي استطردت مرددة دون خجل وقد صار الأمر ماضيًا لا تُزعجها تفاصيله
– كنت غاضبة ومتوتره وأريد أبي بأي طريقة،ظننت أن بزواجه سيبتعد عني فظللت أصرخ كالأطفال ولأنني خجلت أن أبوح بالسبب أخبرت جدتي أنني مريضة حتى وقعت بشر أعمالي والتهب قولوني وبت ليلتي بالمشفى .
رددت كلماتها الأخيرة بنبرة مازحة فانفجر الجميع في الضحك وشاركتهم شروق وهي تتعجب من نفسها كيف كانت وإلى أين صارت
كيف ت٠حولت مشاعرها من التطرف والرغبة في التملك إلى الحياد والتسامح !
وعند باب الحُجرة الموارب كان تيمور يقف منذ دقائق قليلة يملأ عينيه بالنظر إلى فريدة والأولاد مُتجمعين حولها كسرب طيور وجدت مأمنها بعد شتات،يعرف منذ ارتباطه بها أن لديها قوة جذب وحنان دافق يجعل أولادها وبناته يميلون إلى جانبها ويحبونها ويتأثرون بحضورها وغيابها فيحمد الله أن أعادها سالمة ويدعوه أن يُتمم عليه فضله وتكون نتيجة باقي الفحوصات جيدة .
خطى خطوتين داخل الحجرة مُتخليًا عن موضعه كمُشاهد وردد بنبرة ساخرة – كل هذا لظنك الخاطيء أنني سأبتعد عنكِ بعد زواجي ! وماذا سأفعل أنا بعد زواجك يا بشمهندسة وابتعادك عن البيت فعليًا! ماذا سأفعل حين أفتح عينيّ ولا أجدك بجواري!
التفتت شروق خلفها واتسعت عيناها قليلًا وهي تنظر إلى ملامح والدها المُتشحة بالسخرية ولمعت عيناها بابتسامة شقية وشفتاها بابتسامة مليحة وتمتمت – أبي أنت هنا من عند أي كلمة في المشهد ؟
تمتم وهو يتصنع الجدية وهو يقف أمام فراش زوجته يضع كفيه بجيبي بنطاله – من أول المشهد يا بشمهندسة في جلسة الاعترافات التي أسمعها لأول مرة.
زمت شفتيها قليلًا ثم تمتمت وهي تستقيم واقفة أمامه – كان عقل أطفال يا أبي كنت أظن وقتها أنك ربما تعيش ببيت ونحن ببيت.
رفع حاجبيه مُتعجبًا وردد – حقًا يا شروق!
رددت ضاحكة – ألم أقل لك عقل أطفال.
ثم اقتربت منه وجملته الأولى يتردد صداها بعقلها فيصيبها بالتوتر – ولكن لديك حق كيف سأبتعد عنك ؟ كيف سأصحو من نومي لأجد نفسي ببيت غريب هذا ما لا أستطيع استيعابه حتى الآن!
رددت جملتها الأخيرة وهي تندس في حضنه وتحيط جذعه بذراعيها فاتسعت عيناه وهو يتبادل نظرة مع عبد الرحمن الذي كانت نظرته تشبهه وردد الأخير وقد شعر بالقلق من ارتدادها – نحن ظللنا سنوات في محاولة اقناعها يا دكتور وحين اقتنعت ستهدم ما بنيناه بكلمة !
ضمها تيمور بحنان وردد – لا ابنتي عاقلة والحمد لله أنها لن تبتعد عني، البناية مُقابل البناية ما إن تشعر بحاجتها لي حتى تكن عندي بدقائق.
-بإذن الله.
رددتها شروق باستسلام ثم سرعان ما عادت إلى موضعها وجلس تيمور على أقرب مِقعد وأخذوا يتحدثون جميعا ويضحكون على اعتراف شروق الطفولي ما بين مُستنكر وما بين مُتهكم أما عبد الرحمن وشيري فكانا بعالم آخر،يتبادلان نظرات عابرة وما هي بعابرة وكل منهما هائم عند نقطة واحدة، إلى اليوم الذي أخذا به موافقة تيمور على الزواج
وقتها لم يُصدق كل منهما نفسه،لم يُصدقا أن العناء انتهى عند هذا الحد وأن بإمكانهما بدء حياتهما معا.
يومها أخذها عبد الرحمن هي وسمر وسهر وفؤاد ليقلهم إلى البيت وفتح لها باب السيارة المُجاور له وجمعتهما نظرة لن ينساها كل منهما، كان هو كفرس جامح قطع طريق طويل راكضا حتى وصل إلى نقطة الوصول، وكانت كريشة أنهكتها رياح خريف عاصف حتى استقرت بمرفأ آمن.
جلست بجواره ولم تكن المرة الأولى التي يتجاوران فيها ولكنها كانت الأولى التي تشعر فيها بأحقيتها للجلوس بجواره وبأنها ذات صفة،شعرت كأن هناك جبل من الهموم انزاح من فوق كاهليها لتُصبِح خفيفة وعند باب البيت بعد أن دلف الجميع وهَمّ عبد الرحمن بالصعود إلى شقة الطابق الثاني استوقفته مُتسائلة بصوت مهزوز قليلًا – عبد الرحمن.
رد مباشرة وقد لاحظ أنها منذ سماعها لموافقة والدها وهي بدنيا أُخرى – نعم حبيبي.
-هل انتهى الأمر بهذه البساطة؟ هل حقًا وافق أبي أم أنني أهذي؟
رددت كلمتها الأخيرة وهي تُرفرف بأهدابها وكأنها بالفعل تتأكد من كونها بوعيها وليست في حُلم جميل من أحلامها المخملية التي تتحقق فيها أمانيها المُستحيلة .
فأردف بنصف ابتسامة والنصف الآخر توارى رغم عنه خلف جدار الخوف على حياة أمه الذي نُصِب أمامهم في لحظة غفلة
– أولا الأمر لم ينتهِ ولكنه بدأ،اقترب منها الخطوة الفاصلة حتى استند بجانب رأسه وكتفه على إطار الباب الذي تقف أمامه وأكمل بنظرة رأت بها مزيج من انتصار وانهزام : ووالدك بالفعل وافق وبإذن الله نطمئن على أمي ونتزوج مباشرة.
كانت نظرته تنضح بالاحتياج العاطفي ونبرته الحانية وصوته المُختنق جعلا قلبها يقفز من موضعه فتمتمت بتوتر – نتزوج هكذا مباشرة ؟ لم أكن طامعة سوى في أن يعترف الجميع بحقنا في الاختيار وأن أضع في اصبعي محبس خطبة منقوش عليه حروف اسمك.
سحب نفسًا طويلًا وهو يتأمل عذوبة ملامحها وبراءة نظرتها ويشعر برجفة جسدها دون أن يلمسها وردد بنبرة مُتهكمة ونظرة نفذت إلى أعماق قلبها – وهل بعد كل ما مررنا به سأتحمل خطبة فقط ! هل تعرفين شيء عن المجهود الذي أبذله لأبدو بهذا الثبات ! ثم أردف بهمس أجش : أنا تركت المدينة كلها لأنني لم أتحمل أن تكوني بجواري ولستِ لي،وحين عدت وحدث ما حدث لأمي كنت كلما خرجت من حجرة العناية أرى الدنيا مُغلقة بوجهي فلا أرجو سوى أن أدفن رأسي في حضنك فأذوب وأتلاشى.
اتسعت عيناها دهشة وبدا بهما تأثرها وهي تُنصت لهذيانه اللذيذ ونبض قلبها يعزف لحنا مُتسارعا على وقع كلماته شديدة العذوبة فأكمل وكان بالفعل مُنفصلًا عن الكون من حوله وتعب الأيام الماضية يَحِل عليه وقلة نومه تُصيب ذهنه بالتشوش
– وفي اللحظة التي أخبرني فيها والدك بموافقته كنت أتمنى أن أضمك وأسكنك بقلبي وأدور بكِ في الكون كله لنحتفل معا.
رفع حاجبيه مُرددًا بنظرة لامعة بشغف كامن في أعماق قلبه في انتظار لحظة انطلاقه دون لجام – لذلك أريدك أن تدعميني حين يتم الاتفاق بيني وبين والدك بأننا لا نريد خطبة ،نريد زواجا مباشرا.
تمتمت بخجل وهي تهز كتفيها – كيف سأخبره بهذا ؟ لن أستطيع أن أطلب منه هذا الطلب ماذا سيقول عني !
ردد بابتسامة مليحة – فقط قولي ما بقلبك وهو سيتفهم.
تمتمت بنظرة دافئة تُقطر عسلا يُذيب مشاعره ويثير حواسه – ما بقلبي لا يُقال يا عبد الرحمن،أنت نفسك لا تتخيل مقدار ما بقلبي.
هز رأسه يمينًا ويسارًا نافضًا أفكاره المُلِحة عليه في هذه اللحظة وتمتم – إذن نحن مُتفقان في المبدأ نقنع والدك إذن بزواجنا المُباشر وحينها سيعرف كل منا مقدار ما بقلب الآخر بشكل عملي.
شعرت من نظرته ونبرته أنه يُلمِح لشيء غير بريء فأردفت وهي تفرُك كفيها بخجل – ولا بأس من المعرفة بشكل نظري أنا أحب أن أستمع إليك وأنت تصف مشاعرك تجاهي فقد عشت لسنوات أنتظر منك ولو كلمة حتى يئست من سماعها.
شعر بقدر من التعاطف معها فكلما ذكرته بتلك الفترة التي التزم فيها الصمت وكم كانت تتوق لكلمة منه شعر بالذنب فأردف بعد زفرة حارة
– نظري وعملي وكل ما تشتهين يا شيري ،فقط تُصبحين حليلتي وأعدك أن أعوضك عن كل يوم مر دون كلمة تسد جوع وظمأ مشاعرك .
تمتمت بابتسامة عذبة – بإذن الله.
أسبل أهدابه مرددًا بإنهاك – هلا دفعتني للخارج فقد استبد بي التعب وأريد أن أنام عدة ساعات قبل أن أعود إلى المشفى ولا أجد القدرة للابتعاد عنكِ في هذه اللحظة.
تمتمت وهي تتأمل ملامحه وهو مُغمض العينين – ولا أنا أريد لك الابتعاد ادخل ونم بحجرتك.
فرق جفنيه وردد وهو يرى نظرتها الحانية – قلت لكِ يا بنت لا أستطيع النوم بمكان تكونين فيه قريبة مني.
انتشت من غزله الصريح وبوحه بمشاعره الكامنة
وظلا يتهامسان وكل منهما لا يجد القدرة الفعلية على الإبتعاد عن صاحبه حتى دفع نفسه دفعا للصعود للأعلى على أمل أن يأتي يوم قريب لا ينفصلان عن بعضهما أبدًا.
وتكرر نفس المشهد بينهما حين حصلا على موافقة عمر التي كانت صادمة بعض الشيء لهما
-عبد الرحمن هيا حبيبي الغداء جاهزًا.
رددتها فريدة وهي تلامس ذراعه وقد شرد قليلًا عنهم ولاحظت شرود شيري ولم يخفَ عليها شرودهما في نفس الوجهة.
انتبه عبد الرحمن وردد وهو ينظر حوله – نعم.
ابتسمت فريدة مُرددة – من يأخذ عقلك يهنأ به.
تخضب وجه شيري بالحُمرة وهي على تمام الثقة أنها المعنية فغالبت خجلها وهي تستقيم واقفة مُرددة – سأذهب لأجهز الطعام معهم.
ودون انتظار الرد غادرت الحجرة وقد سبقتها البنات ما أن انتهت سماح من تجهيز الغداء
وبعد قليل اجتمعوا جميعا حول طاولة الطعام لتناول الغداء وبينهم فريدة ليعود الدفء إلى البيت بعد أيام من البرودة والخواء.

بعد ساعة
____
كانت فريدة قد عادت إلى حجرتها بعد أن تناولت نذرا يسيرا من الطعام وأخذت دوائها،استلقت بالفراش تنشد نوما مُريحًا بعد توتر الأيام الماضية والخوف الذي سَكَن قلبها فتشعر بالرغبة في الغوص بفراشها الوثير وقد اختبرت شعور فقدان هذه النعمة التي ربما لم تنتبه لها من قبل فكثيرًا ما يقع المرء في فخ يُسمى بإيلاف النعم فلا يُدرك قيمتها إلا حين تُباغته أزمة تُزلزل ثوابته كما حدث لها.
تسمع صوت انهمار الماء بحمام حُجرتها حيث يأخذ تيمور حمامه وتُغمِض عينيها باستسلام وحين انتهى وخرج ووجدها مُستكينة بالفراش سحب نفسًا طويلًا واندس بجوارها وكانت توليه ظهرها فسحبها برفق وهو يُحيط خصرها بذراعه ويلصق ظهرها بصدره ويغمر وجهه بين خصلات شعرها الناعمة يسحب إلى رئتيه رائحتها فتسري بأوردته طمأنينة وسكينة ويُغمِض عينيه وذكرى اليوم الوحيد الذي عاد فيه من المشفى بعد اطمئنانه عليها ليأخذ حمامًا ويُبدل ملابسه تحتل ذهنه
يومها دلف إلى البيت ولأول مرة يراه مُظلِمًا موحِشًا هكذا وشعر بالاختناق فلم يتحمل البقاء طويلا ورغم أن عبد الرحمن أوصاه بأن ينام عدة ساعات ليرتاح إلا أنه لم يستطع أن يُلامس الفراش الذي كان أشبه بلوح ثلج عكس الدفء الذي يغمره حاليا فاكتفى بحمام سريع وبدل ملابسه وعاد إلى المشفى،جز على أسنانه بغضب مكبوت وهو يتذكر وقت عودته إلى المشفى حين أخبرته فريدة عن زيارة جد عبد الرحمن وزوجة والده وعمته وأخبرته بنظرة متوترة أن والده كان بالخارج ودلف لدقائق وأخبرها بموافقته على زواج عبد الرحمن من شيري حينها احتدت نظرته رغما عنه فازداد توترها حين ردد بنظرة خطرة
– ولمَ يدخل إلى هنا وما دخله بكِ ولمَ يُخبركِ بأمر كهذا ؟ أنا لا أنتظر موافقته من عدمها !
تمتمت بنظرة مُترجية – دلف يا تيمور ليقل والده وزوجته وشقيقته وبما أنني متواجدة بالحديقة كما ترى ألقى السلام أمام الجميع وأخبرنا بموافقته ورحل مباشرة.
أغمض عينيه لثوان يمتص غضبه فهي ليست بحالة تسمح بأي انفعال ولكن الدماء كانت تغلي بعروقه فتحكم في انفعاله بأُعجوبة فقط من أجل مرضها أما ذاك الشخص فلا يشعر تجاهه في هذه اللحظة سوى بالرغبة في كسر أنفه.
كانت فريدة تُدرك مشاعره جيدًا وتُقدرها فتمتمت بنظرة أثارت تعاطفه وهي تُغير الموضوع مُتعمدة – لقد جلست اليوم كثيرًا ولم أحصل على قسط من الراحة وأشعر بالإرهاق الشديد.
زفر زفرة قصيرة وأسر مشاعر الغضب والغيرة بداخله وهو يقنع نفسه عبثا أن مجيء ذاك الشخص غير مقصود وتمتم وهو ينظر حوله بالحديقة التي كانا يجلسان بها بمفردهما بعد رحيل أبنائها – حسنًا هيا إلى حجرتك.
فمدت يدها له فدعمها حتى استقامت واقفة وأحاط كتفيها بذراعه حتى وصلت حجرتها ليبيتان ليلة جديدة بحجرة المشفى وهو بجوارها.
عاد تيمور من شروده وهو ينفض تلك الأفكار التي تراوده وتؤرقه فيتنفس بهدوء وهو يُغمض عينيه وكانت فريدة ما بين النوم واليقظة،تشعر به ولكن عقلها يجنح إلى الاسترخاء وقبل أن تسقط في غفوتها وصل إلى سمعها صوت نقر على باب الحجرة أعقبه فتح الباب وغلقه بهدوء وكان فؤاد الذي دلف ليجد الستائر الثقيلة مُسدلة فتحرك بخفة واندس بجوار أمه من الجهة الأخرى ينظر إلى ملامحها المُسترخية ويتحسس تفاصيلها بأنامله، لقد ظن حين سقطت دون حراك يوم عقد قران أختيه أنه لن يسمع صوتها مرة أُخرى ولن يرى عينيها ولن ينعم بحضنها لذلك لا يُصدق نفسه وهو يراها أمامه فيتعمد لمسها ليتأكد من أن وجودها حقيقي،رآه تيمور من بين جفنيه ولم يُعلق على وجوده فقد كان يشعر بمشاعره وشعرت به فريدة فسحبته لتضمه بذراعيها فأحاط خصرها فوق موضع ذراع والده وغمر وجهه بحضنها وفي غضون دقائق كان ثلاثتهم قد ذهبوا في ثبات عميق وقد زال السبب الذي كان يجعل النوم يُجافي مآقيهم.
***
كانت الشمس في طريقها نحو الغروب والبنات مُتجمعات بالحديقة يتنسمن الهواء حين على رنين هاتف سمر وحين وجدت الاتصال من فارس استقامت من موضعها وابتعدت قليلًا وردت قائلة – أهلا يا فارس كيف حالك؟
فأردف فارس الذي يقف في شرفة منزله – أنا بخير ،طمأنيني عن الوضع لديكِ.
تمتمت بخفوت بينما تسير ببطء في الحديقة مبتعدة عن مكان البنات – الحمد لله الوضع مُستقر،خرجت أمي اليوم من المشفى ولكن ستعود قريبًا لعمل القسطرة دعواتك لها أن تمر على خير.
أردف باقتضاب – أدعو لها دائمًا ولكن ...
توقفت الكلمات فوق شفتيه فضيقت عينيها مُتسائلة – ولكن ماذا يا فارس؟
ردد بصوت مُحتقن – هذا الوضع الذي نحن به لا يروق لي يا سمر ،أشعر أن هناك حواجز بيننا وهذا الشعور يُأزمني،أنا في غمرة أزمتك لم أستطع أن أكون بجوارك كما يجب أن يكون.
لم تفهم بالتفصيل مشكلته التي يتحدث عنها فتمتمت بجدية – ولكنك كنت معي بالفعل لم تُقصر بشيء،ووالدك وعمتك قاما بالواجب.
أغمض عينيه وهو يتحكم في انفعاله مُرددًا من بين أسنانه – أن أتواجد بلا صفة يختلف تمامًا عن تواجدي بصفة يا سمر.
رددت وهي تأسر حسرتها على حالهما بقلبها – ماذا تريدني أن أفعل يا فارس بالله عليك !
تمتم بصلابة – توافقي على أن أتقدم لوالدك أنا وأبي وعمتي حتى تتعافى أمي وتتقبل الأمر.
ردت بغضب مكبوت – هل سنتحدث في هذا الأمر ثانية؟
تمتم بلا نية للتراجع – وثالث ورابع وعاشر، لن أمل من الحديث به.
- فارس .
جاء صوت أمه من خلفه فالتفت بجسده كله وكان وجهه مُتجهمًا فأردف باقتضاب – نعم يا أمي .
تمتمت مهيرة بهدوء شديد فرضته عليها مضادات الاكتئاب التي تواظب عليها منذ أشهر – كنت أريد التحدث معك.
فأردف لسمر بنفس صوته المُختنق – سأحدثك مرة أخرى يا سمر .
أغلق معها فاقتربت مهيرة وسحبت أحد المقاعد فجلست به وأشارت إليه بالجلوس فجلس أمامها وسألته مباشرة – كيف حال السيدة فريدة.
مط شفتيه وردد بصوت مهموم – الحمد لله الحالة حتى الآن مُستقرة وغادرت المشفى صباح اليوم.
رددت وهي تُضيق عينيها – لا تزال صغيرة! ما الذي حدث ليصيبها ما أصابها؟
ردد وهو يُخرج نفسًا طويلًا مُحملًا بالإحباط من كل الظروف المُحيطة
– ليس بها علاقة بالعمر يا أمي فمرض القلب أصبح من أمراض العصر التي تُداهم الصغير والكبير .
تمتمت بنظرة شاردة – فعلا لديك حق الأقدار بوجه عام تسري على الصغير والكبير.
شعر بأن ذهنها يسترجع أحداث مؤلمة وخشى أن تُداهمها نوبة من نوبات الحزن التي تجرفها دوامتها ولكنها استعادت زمام نفسها بسرعة وهي تُردد بنظرة ثاقبة – أنا أريد زيارتها.
ضيق ما بين حاجبيه وهو يسألها بحذر – تزورين من؟
تمتمت دون تفكير – والدة سمر .
تنحنح وصمت لثوان ينتقي كلماته ثم قال – أمي المرأة مريضة قلب ولن تتحمل صحتها أي توتر فليس هناك داعٍ .
اتسعت عيناها دهشة وهي ترى القلق والتوتر بعينيه ثم سرعان ما تذكرت لقائها الأول بالبنت ووالدتها وأدركت مغزى نظرته فتمتمت وهي تمسح على ملامح وجهه القلقة وتربطها ببعض الكلمات التي سمعتها منه وهو يُحدث سمر في الهاتف منذ دقائق
- لا تقلق بالتأكيد لن أحرجك ثانية مع الفتاة وأهلها،ثم دققت النظر بعينيه متسائلة بنظرة حانية : لم أكن أعرف أنك تُحبها إلى هذه الدرجة يا فارس!
غامت عيناه بعاطفة قوية وتمتم دون مواربة – أُحبها لدرجة أبعد مما تتخيلي يا أُمي.
ابتسمت ابتسامة صغيرة مُرددة – لم أتخيل أن تتعلق بها هكذا في هذه الفترة القصيرة ! ظننتك تُعاندني فقط لأنني كنت مُتمسكه بزواجك من روند.
تأمل ملامحها المُسترخية ونظرتها المُدققة وشعور ينمو بداخله أن اليوم على وجه التحديد بها شيء مُختلف وتمتم بعد زفرة قصيرة وأقصى أمانيه أن تجود عليه الغيوم التي تُلبد سمائه بزخات مطر عسى الغيث يروي أرضه المُقفِرة وتُزهِر أيامه المُقبِلة
– لا نحتاج إلى وقت طويل لنُحب أحدهم ونتعلق به ونتمنى أن نعيش العُمر كله بجواره ،كل ما نحتاج إليه الشعور معه بالأُلفة والسكينة وعاطفة قوية موجهة له هو دونا عن باقي البشر.
كانت تستمع إليه وهي تتعجب من سرعة مرور الأيام فالجالس أمامها كان طفل الأمس الذي صار رجل اليوم، اختار شريكة حياته ويصر عليها بضراوة أدهشتها وهي إن كانت قد رسمت له طريق آخر فكان لرغبتها في أن تُحقق استقرار أسرتين ولكن ابنها كان لديه خطة أخرى لحياته فلن تكن العقبة في طريقه
هزت رأسها وهي تُسلم أمرها كله لله
حياة فارس ...
وموت ياسر ...
ومشهد مُسجل يُعاد بذهنها بالصوت والصورة للمرأة التي تعرفت عليها أثناء متابعتها بعيادة الطبيب النفسي والتي فقدت كل أبنائها حين كانت تُردد بدموع عينيها
-أنا فقط كنت أتمنى أن يظل معي ولو واحد منهم،واحد فقط أتوكأ عليه في كبري ويكون سندي في الحياة.
فتحمد الله على نعمته المتمثلة في فارس وجهاد ثم تمتمت بجدية – هلا أخذت لي موعدًا لزيارة والدة سمر .
ضغط فارس أسنانه وتمتم من بينهم بصوت مُختلج – ماذا ستفعلي عندهم بالضبط يا أمي؟
فأردفت بما يُريح قلبه – سأقوم بعمل الواجب كما فعلت أنت ووالدك وعمتك وأعتذر لهما عما بدر مني في اللقاء السابق .
فاتسعت عيناه دهشة من التغير الذي طرأ عليها حتى أنه لم يُصدق أذنيه وطلب منها أن تُعيد ما قالته مرة أخرى.
***
في اليوم التالي
قُرب الغروب
_____
كانت فريدة على استعداد لاستقبال والدة فارس ففي مساء الأمس اتصل الأخير بسمر وأخبرها برغبة والدته في زيارتهم،أصابتها الدهشة تمامًا كما أصابته ولم تعرف بمَ ترد فأخبرت أمها التي أردفت دون تردد
– تُشرفنا في أي وقت.
كانت سمر تقف أمام المرآة بحُجرتها تُدقق النظر بهيئتها وشعور بالتوتر يغمرها فأردفت سهر وهي تقف خلفها تدعمها – لا تقلقي ولا تُبدي توترك أمامها،أن تأتي حتى البيت فهذا ليس له سوى معنى واحد.
تمتمت سمر وهي تستدير فتواجه توأمتها وهي تفرك كفيها بيعضهم – رغم عني يا سهر، ولكن سأُحاول.
مسدت سهر على كتفيها وأهدتها ابتسامة داعمة في الوقت الذي دلفت فيه شروق إلى الغرفة مُرددة – طنط فريدة تريدك بالخارج يا سمورة .
هزت سمر رأسها وغادرت الحجرة دون كلام بينما تمتمت شروق بخفوت – أتمنى أن تنحل هذه العُقدة وأعتقد أن حضور والدته لا يعني سوى ذلك.
تمتمت سهر برجاء – أتمنى .
فأردفت شروق باهتمام – وأنتِ ما أخبارك مع مازن إلى ماذا وصلتما؟
فجلست كل منهما على طرف الفراش متجاورات وهما تتجاذبان أطراف الحديث.
وبالخارج
كانت فريدة تجلس بحجرة الصالون ترتدي عباءة واسعة مُطرزة تطريز رقيق وتجمع شعرها كله برباط مطاطي فتنسدل خصلاته فوق ظهرها وبجوارها سمر التي ترتدي بنطال جينز تقليدي ومن فوقه بلوزة حريرية بلون وردي فاتح وتترك خصلات شعرها السوداء التي تشبه خصلات شعر أمها حرة حتى منتصف ظهرها
تمتمت فريدة بهدوء شديد – كما اتفقنا لا نريد توتر... انسِ تمامًا أمر المُقابلة الأولى فربما كانت ترزح تحت ضغط حالتها النفسية التي عرفنا بها فيما بعد ... وبُناءً على لقاء اليوم سنُحدد موقفنا ورجاء مهما قالت لا تردي عليها مُطلقًا واتركي لي هذا الأمر.
هزت سمر رأسها في الوقت الذي رن فيه هاتفها وكان فارس فردت عليه مباشرة فأردف وهو الأخر أعصابه تحترق توترا من اللقاء المُنتظر – سمر... أمي وجهاد في خلال دقيقة واحدة ستكونان عندكما لقد دخلتا إلى البناية.
تمتمت وهي تستقيم واقفة تعتصر الهاتف بأناملها وتكور قبضتها الأخرى بانفعال مكبوت – وأنت أين ستكون؟
-أجلس في انتظارهما بالسيارة .
رددها بصوت مُحتقن فتمتمت متسائلة
- لمَ لم تأتي معهما؟
– جلسة نساء يا سمر والدكتور تيمور وعبد الرحمن غير متواجدان، لا يصح بالطبع. رددها بنبرة قاطعة
وكانت تعرف أنه مُحق ولكنها كانت تشعر به كمُنقذ لها في الأوقات العصيبة وقبل أن ترد عَلَى رنين جرس الباب فأردفت وقلبها تتسارع دقاته – وصلا بالفعل أغلق الآن.
أغلقت معه وتبادلت مع أمها نظرة طمأنتها بها الأخيرة ثم اتجهت نحو باب الشقة فتحته لتجد مهيرة أمامها وبجوارها جهاد فشدت قامتها باعتداد ورسمت فوق وجهها ابتسامة مليحة وتمتمت بنبرة مُعتدلة واثقة ونظرة نافذة – أهلا وسهلا .
فمدت لها مهيرة يدها بالسلام مُرددة – أهلا يا سمر.
وبعد أن صافحتها سمر بادرت بمُصافحة جهاد التي كانت ابتسامتها المليحة تُزين وجهها.
وبالخارج
كان فارس يجلس بسيارته المصفوفة أمام البناية والقلق يقتله فمنذ أن صرحت له والدته بالأمس برغبتها في زيارة والدة سمر وهو على هذا الوضع ،حاول في البداية صرف نظرها عن الزيارة بلُطف ولكنها أصرت وطمأنته أنها لن تفعل شيء يُخجله وحينما لجأ لوالده يستشيره في الأمر أخبره أنها في الفترة الأخيرة تغيرت نظرتها للأمور وشعوره الخاص أنها تريد اصلاح ما سبق وأفسدته فلم يستطع أن يمنعها خاصة وقد رحبت والدة سمر بزيارتها فلجأ لشقيقته لتكون معها حتى إذا بدر منها أي تصرف تستدرك الأمر.
زفر فارس زفرة متوترة وغادر السيارة ووقف أمامها وفتح أزرار قميصه العلوية عل نسيم الهواء يُهديء من احتراق أعصابه وسحب هاتفه وكتب لجهاد على تطبيق الرسائل – ما الأخبار يا جهاد؟
لم ينتظر الرد وتبع الرسالة الأولى بثانية كتب فيها – كما اتفقنا إن شعرتِ بأن الأمور لا تسير في اتجاهها الصحيح حدثيني مباشرة .
تناولت جهاد هاتفها حين سمعت عدة اشعارات متتالية وحين قرأت رسائله شعرت بالشفقة عليه فكتبت له – لا تقلق ودعني الآن حتى أراقب الوضع جيدًا.
أغلقت هاتفها وولت انتباهها لأمها التي كانت تردد لفريدة – الف لا بأس عليكِ ،حزنت جدا حين سمعت بما حدث.
أردفت فريدة بنبرة هادئة – سلمك الله ،والحمد لله على كل حال .
أخذت مهيرة تسألها عن وضعها الصحي بينما تتبادل سمر وجهاد نظرات صامتة وكل منهما ابتسامتها على وجهها وشعور مشترك يساور كل منهما أن من أمامها فتاة في غاية اللطف
دقائق وكانت سمر تضع صينية المشروبات على المنضدة التي تتوسط حجرة الصالون فأردفت مهيرة وهي تنظر نحو سمر بعين حيادية وتُنحي أي أفكار كانت تراودها بشكل حياة محددة لفارس فترى سمر فتاة لا يعيبها أو ينقصها أي شيء
-تعالي يا سمر ،اجلسي بجواري.
نظرت سمر إليها بحذر ثم دنت منها بشيء من التحفظ وجلست بجوارها،كانت مهيرة ترتدي فستان أسود ووشاح أبيض،ملامحها مُسترخية تختلف كُليا عن ملامحها المُتشنجة ونظرتها المُتحدية في لقائهم الأول.
فأردفت مهيرة وهي توزع أنظارها ما بين فريدة وسمر – هناك أمر أود توضيحه قبل أي شيء.
أصغت كل منهما لها وقد توقعت فريدة القادم فأكملت مهيرة – ما بدر مني في لقائنا الأول لم يكن يُعبر عن رفضي لسمر بالعكس فهي ما شاء الله رائعة ولكن تصرفي كان لأسباب تخصني وتخص عائلتي .
اهتزت شفتاها وبدى الاضطراب بعينيها ولكنها كانت قد عزمت على المُضي فيما انتوته فأكملت – ما مرت به أسرتنا بعد فقدي لابني الكبير ياسر زلزل الأرض تحت أقدامنا ... وفاة الابن ليست هينة تجعل الشخص منا تهتز أمام عينيه كل الثوابت وكثير ما يفقد الأب أو الأم عقلهما الذي يعجز عن استيعاب الأمر وأنا عانيت كثيرًا بعد رحيل ابني... عانيت وأنا لا أستطيع استيعاب غيابه... عانيت وأنا أتخيله معي في كل مكان يوصيني على أبنائه ...
سحبت نفسًا طويلًا تملأ به رئتيها وأسهبت في شرح موقفها مرددة – لم أجد أمامي حل لأضمن لأحفادي حياة كريمة آمنة سوى أن أزوج ابني الثاني لأرملة أخيه،اختنقت الكلمات بحنجرتها وجزت سمر على أسنانها والدماء تغلي بعروقها غيرة من مجرد فكرة أن يكون فارس لغيرها وأكملت مهيرة والدموع تتلألأ بعينيها
– الأمر لم يكن يسيرًا على الإطلاق، هل تتخيلون حرقة قلبي وأنا أرى ابني الثاني في مكان ابني الأول ؟ ولكن الضرر كان أخف من أن أرى رجلًا غريبًا لذلك قاتلت باستماتة حتى أُنفذ ما في رأسي ولكن فارس كان رفضه وتصميمه أشد مما تصورت.
نظرت إلى سمر مليا وتمتمت بنبرة صادقة – والله يا ابنتي لم يكن لدي أي اعتراض عليكِ بالعكس لو لم يكن الله اختار ياسر إلى جواره وكان فارس قد جائني وأخبرني بأنه يريدك كنت سأكون أسعد انسانة لأن ابني اختار هذا الاختيار الذي يُشرِف .
زمت سمر شفتيها وهي تنظر بعيني مهيرة وتلوذ بالصمت شفقة على المرأة من جهة وعلى نفسها وهي توضع بهذا الموقف من الرفض ثم التبرير من جهة أُخرى.
أما فريدة فكانت تشعر بالارتياح لحديث مهيرة فإن لم يكن نيتها خير لما أتت إلى هنا ...
وإن كان ظنها صحيحًا فما يحفظ كرامة ابنتها أن تُقدم المرأة اعتذارها قبل أن يتم أي شيء بينها هي وفارس لذلك كانت تستمع إليها دون مقاطعة
فأكملت مهيرة بصوت رغم قوته مهزوز
– لذلك لن أنكر أنني كنت أريد لفارس الزواج من أرملة أخيه فقط ليكون أبا بديلا لأبنائه ولكن بما أنه رفض ورفضه لم يكن للأسباب التي تصورتها فلن أقف في طريق سعادته وأريدك يا سمر أن تنسي تماما تفاصيل اللقاء الأول بيننا واعتبريه لم يحدث واعتبري أن لقائنا هذا هو الأول.
تسارعت أنفاس سمر بصدرها ونظرت إلى أمها التي رددت بنبرة مُراعية وكانت كلمات مهيرة عن ابنها الراحل قد مست وترا حساسا بقلبها كأم لا تتحمل أن يصيب أبنائها أي ضر وأضناها وأمرضها بعادهم
– أنا أُقدِر جدًا موقفك سواء وقتها أو الآن.
لم تكن هناك فرصة أفضل من هذه لتوضح لها فريدة حقيقة الأمر الذي اتضح في اللقاء الأول أنها لا تفهم أبعاده ولا تفاصيله جيدًا ...
وإن كانت هي كأُم مُضطرة أن تتجاوز عما قالته مهيرة في تلك المُقابلة من أجل ابنتها التي لم تجد سعادة قلبها سوى مع فارس فلزاما عليها قبل أن تفعلها أن تُدافع عن كيان بنته على مدار أعوام وتوضح لمهيرة طبيعة الحياة التي عاشتها هي وأبنائها
فأردفت وهي تجلس بموضعها وتستند بذراعيها على إطار المقعد وترفع رأسها باعتداد
– أحيانًا يتصرف الإنسان باندفاع ولا يشغل ذهنه إلا فكرة بعينها يريد الوصول لها وحين يفكر ويتأنى يتضح له سوء تصرفه وتقديره للأمر وأحيانًا تجبرنا الظروف على فعل أشياء ضد رغباتنا.
أنصتت لها مهيرة وكذلك جهاد التي تلتزم الصمت وتكتفي بالمتابعة منذ حضورها وكذلك سمر فأكملت فريدة
– أنا مثلا قديما تزوجت من والد سمر وعشت معه سنوات وأنجبت ثلاث أولاد ولم يكن واردًا وقتها مجرد التفكير في الانفصال ،ودون الدخول في تفاصيل حدث ما لم تتحمله نفسي ولم أستطع أن أُكمِل حياتي معه... حاولت وفشلت فلم يعد أمامي حل سوى الانفصال.
أدركت مهيرة ما ترمي إليه فريدة بحديثها ورأت أن من حقها الدفاع عن نفسها بعد ما وجهته لها في المُقابلة الماضية من إهانة صريحة
فتابعت انصاتها دون مقاطعة وأكملت فريدة والماضي يتجسد أمام عينيها كأنه ابن اليوم ولكن دون أي شعور لا بألم ولا حزن أو غضب كما كان في الأمس البعيد
– بعدها فَضّلت الانفصال بحياتي أنا وأبنائي وتركت البناية التي كنت أسكن بها بُناءً على نصيحة طبيبتي التي أخبرتني وقتها أن أول شيء يفعله المرء للتعافي من أزمة كبيرة مر بها أن يغادر البيئة التي تذكره بكل تفاصيل نكبته ولم أكن أدرك أن التعافي الفعلي كان في هذه الخطوة فحين انتقلت إلى البناية هنا تعرفت على الدكتور فؤاد.
كان على يمينها منضدة عليها مجموعة من الصور التي وضعتها منذ سنوات في اطارات مميزة متجانسة مع بعضها فتُضفي لمسة جمالية على المكان فتناولت صورة للدكتور فؤاد بمفرده وتمتمت وهي تنظر للصورة نظرة حانية ثم أشهرتها أمام عيني مهيرة مُرددة
– هذا الرجل هو من غير حياتي نهائيًا ... أعاد لي مشاعر الابنة التي تفتقد والدها بالحياة فكان لي أبا حنونا معطاءً، كان هو الداعم لي في أصعب لحظات مرت عليّ وعلمني كيف تكون المحبة والعطاء دون وجود رابطة دماء.
هزت مهيرة رأسها في الوقت الذي وضعت فيه فريدة صورة الدكتور فؤاد بموضعها مُرددة بعد تنهيدة قصيرة
– بعد عدة سنوات من تعرفي على الدكتور فؤاد قابلت ابنه الذي كان يعيش بالخارج منذ وفاة زوجته ووالدة بناته،عدلت من وضع صورة منفردة لتيمور لتبدو واضحة أمام عيني مهيرة وجهاد وهي تردد:
نمت مشاعر جميلة بيننا ووقع صراع قوي بين قلبي وعقلي فقد عاهدت نفسي أنني لن أتزوج وسأتفرغ لتربية أبنائي، ودون الدخول في تفاصيل أيضًا لم نجد لا أنا ولا هو سبيل سوى الزواج بعد أن تعلق كل منا بالآخر ووجد به ضالته،تنحنحت مُرددة بجدية : بالطبع لم يكن القرار بهذه السهولة فقد رفضت في البداية ولكن كل الظروف وقتها كانت معنا وكل الطرق كانت تجمعنا ومهما افترقنا كنا نجد أنفسنا قد عُدنا إلى نقطة البداية، بداية حكاية لا تبدو لها نهاية،حكاية ينسج القدر خيوطها بإتقان فلا نملك إزاء ذلك سوى السير خلف أقدارنا باستسلام تام ،وقتها حسم جدالي مع نفسي تذكير الدكتور فؤاد لي بحديث رسولنا الكريم الذي يقول
" لا أرى للمُتحابين إلا الزواج "
شددت على حروف كلماتها بنظرة ثاقبة مُرددة – والحمد لله تم زواجنا برضا جميع الأطراف وبدأنا جميعًا حياة جديدة.
كانت مهيرة تنقل بصرها ما بين فريدة التي تتحدث بقوة رغم خفوت صوتها ورغم الإرهاق البادي على ملامحها وما بين صورة تيمور الذي يبدو أمام ناظريها رجل ذو هيبة وحضور فأكملت فريدة وهي تشير بيديها الى المكان من حولها
– هذا البيت من أول يوم لي به لم يكن مجرد بيت يضم زوج أم وزوجة أب،وأنا وزوجي لم نكن مجرد زوجان مُتحابان توجت قصة حبهما بالزواج وكل ما يشغلهما نفسيهما!
بل كنت من اليوم الأول أما لستة أبناء وكان هو أبا لهم ،كان هناك الجد فؤاد الذي ظلل على أبنائي كأنهم أحفاده فلم يُفرق بينهم وبين بنات تيمور وكانت هناك الجدة عايدة خالة زوجي التي ساعدته في رعاية البنات لمدة ستة أعوام بعد وفاة زوجته والدة بناته فلم نقبل لا أنا ولا هو أن تغادر بعد زواجنا بل تمسكنا بوجودها معنا.
في هذه اللحظة كانت تدوي بأذنيها كلمات مهيرة في اللقاء الأول بأن أبنائها لم يعيشوا حياة طبيعية بل عاشوا في بيت زوج أمهم وهذا الأمر له تأثير على شخصياتهم وسلوكياتهم
فتمتمت بنظرة ثاقبة لعيني مهيرة
– هذا البيت من اليوم الأول وهو كيان يختلف عن أي كيان آخر ،هذا البيت لا يشبه أي بيت فقد كان كمظلة للجميع من عواصف الشتاء وحرارة الصيف،من دخل بيتنا وعاشرنا يعرف أنني لم أكن يوما زوجة أب ولا زوجي كان زوج أم وأن حياتنا بفضل الله كانت مُستقرة هانئة ،حركت صورة جماعية تضمها هي وتيمور والدكتور فؤاد والجدة عايدة والسبع أولاد، وقتها كانوا على شاطيء إحدى المُدن الساحلية لقضاء إجازة صيف ،الضحكة تعلو وجوههم جميعا ويبدون في حالة انسجام وتآلف فتحركت عيني مهيرة معها وتمتمت فريدة بعد زفرة قصيرة
– قصتنا يا مدام مهيرة تختلف تمامًا عن الصورة الذهنية المأخوذة عن كل امرأة لم يُحالفها الحظ في زيجتها الأولى وكررت التجربة مرة ثانية،خروج أشخاص من حياتنا ودخول آخرين قدر كالحياة والموت فهل نلوم على من وُلد أو نعاتب من رحل عن الحياة !
كانت سمر تنظر إلى أمها طوال الوقت وجسدها يرتجف تأثرًا بحديثها، كانت تعرف أن حديث مهيرة في اللقاء الأول جرحها ولكنها لم تُبدي ذلك والتفتت لجرح ابنتها وها هي تُدافع عن نفسها وتُصحح الصورة الخاطئة بهدوء وروية كعادتها ودون أن تُخطيء في حق أحد،تجمعت دمعة كبيرة بعيني سمر تماسكت حتى تُسيطر عليها
ومهيرة وصلتها الرسالة كاملة وشعرت بالخجل من نفسها لأنها كانت قاسية إلى حد هي نفسها تتعجب له وشعور يغمرها منذ دخولها هذا البيت أنها تجلس ببقعة دافئة لها عبق مُميز يبعث السكينة بنفسها
أما جهاد فكانت تنظر إلى فريدة باتساع عينيها تشعر بالاعجاب ممزوج بالانبهار وتمتمت لنفسها بهمس خافت "تُسمي هذا البيت بالكيان ! بل هي الكيان "
اكتفت فريدة بهذا القدر فتمتمت بابتسامة صافية وهي تُحرك صورة لفؤاد ابنها مع تيمور وتردد بصوت حان لين
– وهذا هو فؤاد تيمور فؤاد شمس الدين ... ابني الذي اكتملت به سعادة عائلتي وكان الرابط المتين بين أبنائي وبنات تيمور فأصبحوا جميعا إخوة.
استدركت بسرعة وهي تردد بعد ضحكة قصيرة – الحقيقة ليسوا كلهم إخوة هناك أمر خرج من بين أيدينا فعبد الرحمن ابني الكبير بإذن الله سيتزوج من شيري ابنة تيمور زوجي.
رفعت مهيرة حاجبيها متفاجأة ثم تمتمت بابتسامة صغيرة – بارك الله لهما .
في هذه اللحظة كانت جهاد قد أرسلت لفارس رسالة نصية كتبت فيها – نتيجة المباراة حتى الآن واحد/ صفر لصالح حماتك المستقبلية.
اتسعت عيني فارس الواقف بالخارج يغمره القلق والتوتر وكتب بسرعة – هل حدث شيء من أمي ؟
كتبت له مباشرة – لا يا حبيبي أمك اليوم بجوار حماتك ملاك بجناحين.
لم يفهم فارس مغزى كلماتها فأرسل لها علامة استفهام فردت على عُجالة – لا تقلق حماتك داهية وكما يقولون تقذف من جهة وتُهادن من جهة ولكن الأمور حتى الآن جيدة .
كانت مهيرة قد أخذت كوب الماء الموضوع أمامها وتجرعت نصفه وهي تستعيد كل ما قالته فريدة بذهنها ،كانت بالفعل تظن أن حياة سمر مع زوج أم وزوجة أب لم تكن أفضل ما يكون وكان هذا الأمر يقلقها ولكن بعد حديث فريدة شعرت بأنها كانت تُضخم الأمر وكانت تتخذه حجة للرفض فتمتمت أخيرًا لفريدة بعد أن وضعت كوب الماء بموضعه
– بعيدًا عن أي ظن سابق ولو تناسينا تفاصيل اللقاء الأول بيننا كما سبق وطلبت فأنا أطلب منكِ يد سمر بشكل مبدأي إلى أن يأخذ فارس ووالده موعدا مع والد سمر لنتقدم لها بشكل رسمي.
هوى قلب سمر بين قدميها وسرت بجسدها رجفة باردة،لم تتوقع أن تفعلها مهيرة ونفس الشيء حدث مع جهاد فكل حديث أمها من الأمس أنها تريد زيارة المرأة المريضة وتحسين صورة فارس أمام أهل سمر بعد ما بدر منها ،وحدها فريدة من كانت تتوقع فصمتت لثوان وهي تتأمل ملامح مهيرة الساكنة ظاهريا
" أما نظرة عينيها فكانت غائرة بحزن دفين لن يغادر القلب على ابن فارق الحياة ولن يعود"
ثم أردفت أخيرًا بلباقة وشعورها بالتعاطف تجاهها يتضاعف
– بإذن الله حين يتحدث فارس مع عبد الرحمن ابني يقومان معا بتنسيق كل شيء.
وفي نفس الوقت كانت جهاد قد تغلبت على صدمتها فكتبت لفارس بأنامل مرتجفة توترا
– النتيجة واحد / واحد يا فارس .
-ماذا فعلت أمك؟
كتبها فارس بعينين مصدومتين وقلب يترنح بين قدميه وقد ظن أن أمه حدث منها ما كان يخشاه فرحمته من شطط أفكاره وكتبت بسرعة – طلبت يد سمر من أمها.
فاتسعت عيناه دهشة وتصلبت أنامله فوق شاشة الهاتف وعيناه تجريان فوق الكلمات مرارًا دون أي رد فعل .
***
في المساء
كانت فريدة تجلس مع تيمور وعبد الرحمن بحجرة المعيشة في حضور الدكتور فؤاد والجدة عايدة وباقي البنات تحكي لهم تفاصيل زيارة والدة فارس وتُنسق مع عبد الرحمن التفاصيل التي سيُخبر بها والده في الوقت الذي ومضت به شاشة هاتف سمر وكان فارس فانسحبت من بينهم بهدوء واتجهت نحو حجرتها.
منذ ما حدث وهي مأخوذة ولا تُبدي أي رد فعل،منذ سماعها لطلب مهيرة وهي بدُنيا أُخرى حتى أنها لم تتنبه لتفاصيل باقي اللقاء حين خرجت الجدة عايدة وصافحت والدة فارس وجلست معها وطلبت فريدة من باقي البنات أن يخرجن ليُرحبن بها هي وابنتها،كانت تجلس بينهم بنصف تركيز إلى أن استأذنت مهيرة مع ابنتها وأتى بعدها مُباشرة كل من تيمور وعبد الرحمن فلم تتحدث إلى فارس من وقتها
جلست على المقعد المواجه لطاولة الزينة بحجرتها بعد أن ضغطت زر تشغيل مكيف الهواء وقد كانت تشعر بحرارة داخلية تلفحها وردت عليه بخفوت – أهلا يا فارس .
كان للتو قد عاد إلى البيت مع أمه وشقيقته وشعور يجتاحه بأنه ملك الكون بمن فيه فبعد أن صححت أمه خطأها وتفهمت فريدة موقفها واتفقا أن يتولى مع عبد الرحمن ترتيب اللقاء مع والدها،لم يكن الكون يسعه حتى أنه ما إن غادرت أمه بناية سمر حتى احتضنها بقوة وغامت عيناه بالدموع ولم ينطق بشيء ولكن عينيه باحت بكل شيء فربتت أمه على كتفه مُرددة – مُبارك لك يا حبيبي.
فقبل رأسها وتمتم بصوت متأثر – بارك الله فيكِ ... ثم ردد بابتسامة متوترة : ملكة المُفاجأت دائمًا يا أستاذة مهيرة.
فرددت بنظرة حانية – المهم أن المُفاجأة هذه المرة سعيدة.
فصاح بحماس وأنفاسه تتأجج بصدره من فرط انفعاله – رائعة يا أمي ... رائعة.
استعاد ثباته وهو يرد عليها عبر الهاتف – أهلا يا سمر ... زفر زفرة قصيرة وتمتم بأنفاس مُتحشرجة : يبدو أن الحُلم في طريقه للتحقق.
تمتمت بنفس الخفوت – أنا حتى الآن لا أُصدق نفسي.
ردد وهو يُحاول تنظيم أنفاسه – سيمو اغلقي سأحدثك مكالمة مرئية.
– لماذا ؟
سألته بنبرة حائرة فأردف وعاطفته تغلبه فتنضح بها نبرة صوته
– أريد أن أرى ملامح وجهك في هذه اللحظة ... أريد أن أنظر بعينيكِ.
تمتمت وهي تنظر لانعكاس صورتها في المرآة فترى عينيها المُتلألأتين بدموع الفرحة التي طال انتظارها وهي تظن أنها لن
تصل معه إلى نقطة الوصول فتمتمت بصوت مُختلج – ليس الآن يا فارس.
ولأن ما بينهما ليست قصة حب عادية بل استثنائية كان يشعر بدواخلها وبأنها في هذه اللحظة تُخفي مشاعرها الهشة خلف جدار من القش ولا تريده أن يراها بصورة مهزوزة
وأمام إصراره على رؤيتها في تلك اللحظة ليحتفلان بانتصارهما في أولى جولاتهما بالحياة استجابت له وما إن أجابت اتصاله ورأى عينيها الغائمتين بالدموع وملامحها المليحة التي ازدادت عذوبة وهي مُستكينة مُتأثرة حتى أردف بنظرة حانية
– لمَ هذا الحُزن بعينيكِ حبيبتي! المُفترض أن يكون اليوم أجمل أيامنا.
تمتمت بنظرتها التي تُلين قلبه فتُفتته بين كفيها – هو كذلك... أنا فقط كنت أظن أن الطريق لا يزال طويلًا فلم أُصدق نفسي وأنا أجد العُقدة تنحل في غمضة عين هكذا.
أردف وهو يُقرب شاشة الهاتف من وجهه فترى ملامحه الحبيبة عن قُرب – أنا أخبرتك من البداية يا سمر أنكِ ستكونين لي بأي طريقة لم أكن لأتركك تضيعين من يدي بعد أن وجدتك .
ابتسمت ابتسامة غائمة بشجن يصر على تملُكها ورددت – لو لم تكن والدتك وافقت كنت سأصر على موقفي ماذا كنت ستفعل وقتها؟
تمتم وهو يشعر بنفسه كطير حُر في فضاء فسيح
– كنت أعرف أنها ستوافق أولا لأني ابنها ولن تتحمل أن تراني تعيسا، ثانيا كنت واثقا أنها ما أن تعرفك عن قُرب حتى تحبك كما أحببتك، ثالثا ...
لمعت عيناه بوميض وانشق ثغره عن ابتسامة عابثة وهو يتوقف عن الحديث
فسألته بشك – ماذا به ثالثا هذا لمَ لا أشعر بالارتياح؟
فأردف وشعور يُداهمه بأنه يعود إلى أيام صباه الأولى وذكرياته
– طوال عمري وأنا وهي متناقضان تقل لي يسار أقل يمين والعكس وكلما اختلفنا وأصرت هي على موقفها أُصر أنا اصرارا أشد حتى ترضخ لرغبتي... غامت عيناه بسحابة حزن وهو يردد :لذلك كان ياسر مُقربًا لها لأنه كان يستمع إليها ويطاوعها.
تمتمت بخفوت – رحمه الله.
ثم أردفت بتساؤل جدي ونظرة بدى بها الاستنكار الممزوج بالحيرة – ولكن هذا يعني أنك صعب المراس يا دكتور فارس ورأسك يابس ومن الصعب اقناعك !
هز رأسه مُرددًا دون جدال – حدث ولن أنكر .
فتمتمت وقد عادت إليها روحها المُشاكسة – أهلا ... هذا يعني أنني سأُعاني معك.
فأردف بصوت مبحوح بعُمق عاطفته وسعادة قلبه ونظرة بها من العشق قدرا ليس هينًا – ولكن هذا مع الجميع عدا واحدة لا أعرف هل سحرت لي أم سحرتني لأكون معها إنسانا آخر !
فابتسمت ابتسامة غاية في السِحر وتمتمت – ربما كل ما فعلته أنها أحبتك بصدق .
هز رأسه يوافقها الرأي وتمتم وهو يتأمل كل إنش في وجهها من هذا القُرب بنظرة تُربكها لما تشعر بما خلفها من عاطفة قوية وأردف – فعلا الحُب أثره أقوى من السِحر.
***
في اليوم التالي
كان مازن يتأهب للّحاق بموعده مع والد سهر ،الموعد الذي تأجل حين مرضت أمها وكان يستحي أن يطلب من عبد الرحمن تحديد موعدًا آخر لأن والدته لا تزال حالتها الصحية غير مُستقرة ليفاجئه عبد الرحمن بأنه حدد له موعدا مع والده .
ألقى على نفسه نظرة في المرآة فكان يرتدي حلة أنيقة دون رابطة عنق،يشعر بتوتر طبيعي نظرا لحالته الاجتماعية التي يتوقع أن والد سهر ربما يتوقف عندها وتكون سببًا للرفض ولكنه أخذ على نفسه عهدًا أن يقنعه ولا يدع له أي فرصة للرفض ...
لن ينكر أنه في السنوات الماضية أصابت حياته هزة شديدة وعانى لبعض الوقت من أزمة عدم ثقة بالنفس كان يقاومها بضراوة ليستعيد نفسه القديمة فقد كان طوال عمره ذو شخصية قوية وعلى قدر كبير من الثقة بنفسه ومنذ أن تعرف على سهر وهو بدأ في استعادة نفسه القديمة حتى استردها ثانية وهذه الثقة هي من تجعله يشعر بقدر من الطمأنينة أن الأمر سيمر على خير فبالتأكيد لم يزرع الله حبها الكبير هذا في قلبه ليفرقهما في النهاية.
-هيا يا هَيَاَ .
نادى مازن على ابنته وهو يغادر حجرته وكانت هي الأخرى ترتدي ملابسها لتنزل معه فأقبلت عليه وهي تُمسد على فستانها مُرددة – هل أبدو جميلة؟
فأردف بابتسامة حانية – رائعة الجمال يا قمري.
فوضعت يدها بيده وهي تشعر بالسعادة من اطراؤه وبعد دقائق كانا أمام منزل تيمور الذي فتح له الباب وأردف مُرحِبًا – أهلا يا مازن تفضل .
فأردف مازن وتوتره يغلبه – اعذرني الآن يا دكتور فالموعد اقترب ولا أريد أن أتأخر.
أقبل عبد الرحمن من خلف تيمور وكان هو الآخر قد استعد للذهاب معه وتمتم – حين نأتي يادكتور سنمر عليكم لنُخبركم بتفاصيل اللقاء .
فأردف تيمور وهو يُفسِح الطريق لعبد الرحمن – على خير إن شاء الله.
ابتسم عبد الرحمن لهيا مُرددا – أهلا آنسة هيا.
مدت يدها له فصافحها بابتسامة ودودة وقَبّل ظاهر كفها ورفع صوته مُناديًا – يا سهر .
كانت سهر بالقرب تنتظر مازن لتأخذ منه هيا لتبقى معها حتى يعود فأقبلت عليهم وتبادلت هي ومازن نظرة خاطفة غائمة بالتوتر قبل أن تُهرول هيا نحوها فتُمسد سهر على شعرها
وأردف عبد الرحمن بنبرة مُمازحة وهو يربت على كتف مازن – هيا يا بطل.
فابتسم مازن وهو يخطف نظرة نحو سهر وردد بنفس نبرة عبد الرحمن – البطولة الحقيقية حين أجتاز الاختبار يا دكتور.
فتمتم عبد الرحمن وهو يسير بجوار مازن كتفا بكتف – امتياز بإذن الله يا باشا.
ومن خلفهما سهر التي يلهج قلبها بدعاء غير منطوق أن تمر المُقابلة على خير.
أغلق تيمور الباب ونظر بعينيها فلمح توترها فأردف بابتسامة داعمة وهو يحيط كتفيها بذراعه ويعودان إلى الداخل وبيدها هيا – بإذن الله سيمر الأمر أفضل مما تتصورين.
-يارب .
رددتها سهر من أعماق قلبها الذي يشتاق إلى قطرة فرح تروي ظمأ الأيام والشهور الماضية.
***
في بيت الحاج إبراهيم الدسوقي
كان عُمر يجلس برفقة والده وعبد الله في انتظار عبد الرحمن ومازن وكانت شيماء ونسمة تجلسان في ركن قريب تتحدثان معا وعُدي ومحمد يجلسان بإحدى الغُرف يلعبان ألعاب إلكترونية على هاتفيهما.
نظر عمر بساعته نظرة داكنة فأردف عبد الله بهدوء – لم يَحِن الوقت بعد لا تقلق.
مط عمر شفتيه وتمتم – لست قلقًا ،أنا فقط مُرتبك قليلًا.
تمتم الحاج إبراهيم باهتمام – ولمَ الارتباك ؟
زفر عمر زفرة قصيرة ثم أردف – لا أشعر بالارتياح لزواج ابنتي التي لم يسبق لها الزواج من رجل مُطلق ولديه ابنة وهي حين تحدثت معها وسألتها عن رأيها وجدتها مُتقبلة الأمر وغالبا تميل إليه فلا أريد أن أعارض رغبتها من جهة ولا أريد أن أظلمها من جهة أخرى!
ردد عبد الله بجدية – إن كانت بالفعل تريده وتأكدنا بأنه شخص جيد فلن تظلمها يا عمر .
وأردف الحاج إبراهيم – ونحن اتفقنا أننا لن نحكم عليه إلا بعد أن نراه خاصة أنه أتى من طرف عبد الرحمن والولد يشكر به.
هز عمر رأسه دون رد فأردفت شيماء بهدوء شديد وهي تدقق النظر بعيني زوجها
– والرجل لا يعيبه أنه سبق له الزواج ولم يوفق فيه فكثيرًا ما يحدث هذا ،رفعت حاجبها مرددة بهدوء صار يستفزه في الفترة الأخيرة : أنت نفسك حين تزوجت من رؤى كانت فريدة لا تزال على ذمتك ولديك ثلاث أولاد وكانت رؤى لم يسبق لها الزواج.
حدجها عُمر بنظرة باردة ثم ردد – ونحن دائمًا ما نتمنى لأبنائنا حياة أفضل من حياتنا وإن أخطأنا خطئًا لا نحب أن يقعوا فيه فنحاول أن نُجنبهم إياه.
وقبل أن تهم بالرد عليه كان رنين جرس الباب يعلو مُعلنًا عن وصول مازن وعبد الرحمن.
***
نهاية الفصل
تمنياتي بقراءة ممتعة
وفضلا لا تنسوا إخوتنا في غزة من دعائكم


Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 09-10-23, 11:05 PM   #505

najla1982

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 305993
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,267
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » najla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
افتراضي

الله ينصر اخوانننا بغزة و يتقبل شهداءهم و يشفي مرضاهم و يجمع شملهم و يثبت أقدامهم و ينصرهم نصر عزيز مقتدر
سلمت يداك يا هبة و في انتظار باقي الانفراجات


najla1982 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 10-10-23, 06:56 AM   #506

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 245
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

حدجها عُمر بنظرة باردة ثم ردد – ونحن دائمًا ما نتمنى لأبنائنا حياة أفضل من حياتنا وإن أخطأنا خطئًا لا نحب أن يقعوا فيه فنحاول أن نُجنبهم إياه.
يا ترى ده ندم من عمر ولا احساس بالغباء اللى عمله
ولا مجرد رد على ىشيماء


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-23, 12:40 PM   #507

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile21 دعاء لأهل غزة

اللهم أسبغ عليهم بردا و سلاما
اللهم إنا نستودعك غزة و أهل غزة
نساؤها و أطفالها .. كبارها و صغارها
شبانها و شيبانها .. مقاتليها و مجاهديها
اللهم سدد رميهم و آمن روعاتهم و انصرهم
بنصرك المبين
اللهم كن لأهل فلسطين عونا و نصيرا
و بدل خوفهم أمنا , و احرسهم بعينك التى لا تنام
اللهم اكتب لهم النصرة و العزة و الغلبة و القوة و ثبت أقدامهم
اللهم انصرهم نصرا عزيزا مؤزرا
و مدهم بمدد من عندك يارب العالمين
اللهم آمين

kaj and Wafaa elmasry like this.

موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-23, 01:28 PM   #508

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
حدجها عُمر بنظرة باردة ثم ردد – ونحن دائمًا ما نتمنى لأبنائنا حياة أفضل من حياتنا وإن أخطأنا خطئًا لا نحب أن يقعوا فيه فنحاول أن نُجنبهم إياه.
يا ترى ده ندم من عمر ولا احساس بالغباء اللى عمله
ولا مجرد رد على ىشيماء
هو في النهاية أب وأكيد يهمه مصلحة أولاده وبيخاف عليهم حتى لو اختلفنا على طريقة تعبيره
وفي الفصل اللي فات وضحنا صراحة إن هو بالفعل ندم على اللي حصل في الماضي


Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 10-10-23, 04:04 PM   #509

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسلمى يا هبة فصل ممتع جدا
kaj and Heba aly g like this.

موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-23, 04:35 PM   #510

Wafaa mdos

? العضوٌ??? » 451280
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 119
?  نُقآطِيْ » Wafaa mdos is on a distinguished road
افتراضي

حقيقى الكلمات بتعجز عن مدى جمال السرد والحوار فى الروايه... حقيقى الروايه مليانه مشاعر جمييييله اوى كل فصل وانا بقراه بحس انى عايشه مشاعر فريده اوى لانى متأثره جدا شخصيتها.. سلمت اناملك عزيزتى وبالتوفيق دايما ♥️♥️
kaj and Heba aly g like this.

Wafaa mdos غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:13 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.