آخر 10 مشاركات
رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [ تحميل] من تحت سقف الشقى أخذتني للكاتبه نـررجسـي?? ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          بخصوص رواية قبلة المموت … (الكاتـب : فجر عبدالعزيز - )           »          فرشاة وحشية ج1 من س تمرد وحشي-قلوب أحلام زائرة-للكاتبة: Nor BLack*مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          للقلب رأي أخر-قلوب أحلام زائرة-لدرة القلم::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          المز الغامض بسلامته - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة Nor BLack *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          246 - عروس تنتظر الدموع - جانيل دينسون (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          يوميات العبّادي .. * مميزة * (الكاتـب : العبادي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2701Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-12-22, 07:09 PM   #61

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل الرابع
***
واقع ... وأحلام
أحلامنا هي المساحة الخاصة التي تفصلنا عن العالم بصخبه،المساحة التي يتلاشى فيها المنطق خلف حدود الخيال،فيه نتحرر من قيود الواقع وتنحل عقدة لساننا فنتفوه بما نشتهي دون خوف،نفعل ما نريد دون اكتراث ...
كانت تُحلق بخفة كفراشة رقيقة لا تشعر بقدميها تُلامسان الأرض،شعرها المموج حُر طليق على ظهرها وكتفيها فيعطيها مظهرًا مميزًا ووجهها وجسدها كله خالٍ من أي بُقع صافٍ كشمس مُشرِقة ...
كشمس الشتاء
فيرفرف قلبها فرحًا وهي تتسائل بصوتِ مسموع
هل حقًا شُفيت ولم يعُد لهذه البقع وجود على خريطة جسدي؟
أم أنني عُدت إلى سنوات للخلف حيث لم يكن لها وجود فعلي؟
لم تجد مُجيب ولم تكترث هي بإجابة وشعور بالسعادة يغمرها لمرأى جسدها خالٍ مما يُكَدِر صفو نفسها وأخذ الهواء العليل يتلاعب بخصلات شعرها يمينًا ويسارًا و ....
فتحت شمس عينيها لتجد شعاع شمس الصباح يتسلل من بين فتحات الستائر لتجد نفسها بفراشها فابتسمت وهي تتذكر حلمها ثم سرعان ما رفعت ذراعها تتفحصه،تبحث إن ظهرت بُقع جديدة أم لا؟ ثم مشطت على جسدها كله لتطمئن أنه
لا جديد ....
فتنفست الصعداء وهي تتمتم لنفسها بإحباط
-لا جديد يكفيني ما في.
ثم سرعان ما نهضت لتستعد ليومِ جديد
-صباح الخير ماما.
ألقت تحية الصباح على فريدة التي كانت تضع الزهور التي اقتطفتها لتوها من الحديقة في المزهرية فيغمر غرفه المعيشة الواسعة شذى شديد الجمال فتعدد أنواع الورود يجعلها تندمج معا في توليفة مميزة.
ردت فريدة على شمس تحيتها برقة وهي تميل على رأسها بقبلة سريعة،
شمس على وجه الخصوص تحتاج إلى معاملة مميزة
تحتاج للشعور أنها فتاة عادية ولا أحد يشعر بالنفور منها لذلك تحرص هي وتيمور على هذا.
وقفت بجوار فريدة التي بدأت في تجهيز مائدة الإفطار وأخذت تثرثر ولكن عقلها لم يكن به سوى فكرة واحدة تسيطر عليها ك-دودة تنخر في جدار رأسها والفكرة حين تُسيطر تحتل الذهن خاصة إذا كان الشيطان راعيها من خلف ستار فيُزينها ويجعل صداها يتردد دون توقف بدوي مهيب.
وحين أنهت روتينها الصباحي وارتدت ملابسها استعدادًا للذهاب مع والدها إلى المشفى وقفت أمام المرآة تمسك وشاحها تضعه فوق رأسها تارة وتبعده تارة وشروق التي تتجهز هي الأخرى للخروج تنظر إليها غير مُدركة لصراعها الداخلي والصراع يحتدم فتجد صوتًا يطالبها بنزع الحجاب ...
يلومها على تسرعها في خطوة ارتدائه يقنعها أنها ستكون أجمل دونه ...
على الأقل يُداري وجهها والبقع المنتشرة به ...
يجعل من يراها يتلمس مواضع جمالها لا يرى الصورة قاتمة برأسِ يعلوه وشاح ووجه تصبغه البقع...
وشبح من ضمير يُصارع -بوهنِ- لفرض رأيه يتمتم بصوتِ واهٍ خافت يُذكرها بحرمانية ما هي مُقبِلة عليه فيعود الصوت الأول ليملأ عقلها بسطوة مُهيمنة يُذكرها أن حجابها هذا ليس بحجاب شرعي وخصلات شعرها تتناثر منه وجزأ من رقبتها يظهر وأنها إما ترتديه كما يجب وإما تنزعه حتى تتهيأ له،أقنعها منطق الصوت الأول
أو هي كانت تريد الاقتناع،كانت على استعداد لدفن صوت الضمير فيعلو الصوت الأول صوت ما أسمته -العقل-
كما أوهمها شيطانها واتبعته لأنها تريد أن تتبعه،لأن هناك خواء كبير بداخلها ظنت أنها بعودتها عن قرار الحجاب ستسده.
***
-كيف تريدين نزعه شمس!
قالها تيمور مُستنكرًا وهم يلتفون جميعًا حول مائدة الطعام حين لاحظ أنها ترتدي ملابسها كاملة دون حجاب،في البداية ظنها سترتديه بعد انتهاءها من الطعام ولكنها فاجأته بقرارها
-أنا لي أيام فقط بابا أرتديه ولا أشعر بالارتياح ولا أشعر أنني قادرة على الالتزام به.
قالتها مُبررة فأردف بمُهادنة وهو يلتزم بأقصى درجات ضبط النفس
-ستعتادين شمس اعطِ نفسك فقط الفرصة لازلتِ في البداية.
ولكنها كانت قد حسمت أمرها وأخذت قرارها فأردفت بنظرة ثاقبة وإن كان بها القليل من التردد
-أنت لم تفرضه علي في البداية بابا أنا من أتيت بنفسي وقلت لك أنني أريد.
قال بنظرة جادة ونبرة قوية
-نعم لأنني كنت أريدك أن تأخذي القرار بنفسك،لم أكن أريد فرض قراراتي عليكِ،كنت أنتظر هذه الخطوة منكِ فليس من المعقول أن تتراجعي خطوة للخلف عوضًا عن التقدم خطوة للأمام.
اغرورقت عيناها بالدموع ولكنها حافظت على تماسكها وغمغمت بصوتِ مختنق
-أنا لم أشعر أنني تقدمت خطوة بالعكس أشعر أنني لا أرتديه بالشكل الصحيح.
قاطعها قائلًا -حسنًا ارتديه بالشكل الصحيح.
زمت شفتيها وبدت على وشك البكاء فعليًا وهي تتمتم
-ليس الآن،لست مُستعدة نفسيًا لهذه الخطوة.
أظلمت ملامح وجه تيمور ورغم ذلك لم تشعر شمس بالخوف منه بل بالضيق من نفسها،تعرف أنه لن يقسو عليها ولكن أحزنها أن تُغضبه.
والجميع كانوا يتابعون بصمت فالحوار بين الأب وابنته فلن يتدخل أحد حتى عبدالرحمن الذي شعر بالضيق واحتقن وجهه لم ينطق وابتلع حنقه وباقي البنات لاذت كل منهن بالصمت.
وحدها فريدة من كانت تشعر بها ..
تشعر بصراعها الداخلي والذي يجعلها كغريقِ يتعلق بقشةِ ...
تعرف شعورها بالأسف وتقديرها لنفسها الذي يضعها في أقل درجات الثقة بالنفس من بعد إصابتها بمرض البهاق...
لم يَخفى عليها حين قرأت الرواية التي سطرتها بيدها عذاب البطلة وشعورها بالنبذ وإن كانت شمس قامت بالتورية فجعلت سبب شعور البطلة لسبب مختلف ولكن قلب فريدة كان يعلم أنها تقصد نفسها...
لذلك وصلها عذاب ومعاناة البطلة على أنها معاناة شمس تمامًا كما أدركت أن الشاب الذي دخل حياة البطلة ولم يُكتب لقصتهما أن تكتمل كان تورية عن دور أسعد في حياتها...
-أنا لا أوافق على هذا القرار،أنتِ كبيرة وناضجة بما فيه الكفاية لتدركِ أن الإنسان حين يسير خطوة في طريق الله لا يجب عليه العودة بل المُضي قدمًا،ضعي ربك أمام عينيك إن كان يرضيك أن تغضبي الله فافعليها.
قالها تيمور في محاولة أخيرة لأن يضعها أمام ضميرها ولكنها في هذه اللحظة لم تكن فعليًا تتقبل أي نصيحة عكس إرادتها كانت كقطار سريع مٌنْطَلِق دون أمل في توقفه فأردفت بصوتِ مٌخْتَنِق
-شيري أيضًا لم ترتده بعد فما الفارق بيني وبينها؟
اتسعت عيني شيري التي تجلس في المقعد المجاور لفريدة وانكمشت على نفسها كأنها تريد الاختفاء وتمتمت لنفسها باستنكار
-وما الذي أدخل شيري الآن؟
قال تيمور وهو يستقيم ويَهِم بالخروج من البيت كاظمًا غضبه
-هي تعرف أنها عليها فعلها وأنا أنتظر اليوم الذي تأتيني فيه وتخبرني بقرارها تمامًا كما انتظرتك أن تأتيني.
قالها ثم ولى الجميع ظهره مُغادرًا دون كلمة إضافية فشعرت هي أنه يُضيق الخناق عليها فسالت دموعها أخيرًا وعادت جريًا إلى غرفتها وهي تشعر أن صدرها يضيق فتختنق وأسرعت خلفها فريدة تهدأها.
***
البداية
من أصعب المراحل التي يمُر بها أي أنسان في حياته هي البداية
بداية علاقة جديدة
بداية حياة جديدة
في البداية نقف غُرباء وإن كان الجميع حولنا،تائهون ولو أمامنا بوصلة لتحدد الاتجاه أو ألف مصباح هداية فقديما قالوا أجدادنا
الغريب أعمى وإن كان بصيرًا ....
كان مازن يقف في شقته الجديدة يحاول التعامل على قدر استطاعته في ترتيب البيت وصغيرته تلهو حوله تزعم أنها تساعده،فتومض أمام عينيه ومضات خاطفة من ذكرى قريبة لوالدته التي فارقتهم منذ أشهر قليلة وكيف كانت ترعاه هو وابنته وكيف يقف هو الآن وحيدًا لأول مرة...
رن جرس الباب ففتحه مباشرة وكان بلال الذي دلف قائلًا بمرح وهو يتلفت إلى الشقة
-ما شاء الله أنجزت كمًا كبيرًا لم أتصور أنك بهذه السرعة.
أردف مازن بابتسامة ساخرة وهو يعود ليرتب بعض القطع الديكورية فوق منضدة أنيقة في منتصف غرفة المعيشة
-تستطيع القول أنني اعتدت فقط أن أعمل بطريقة آلية فأنجز في وقت قصير.
لم يستجب بلال لمزاح صديقه فأردف بنبرة مقتضبة يخفي خلفها شفقة على حال صاحبه
-لمَ رفضت أن تأتي الفتاة التي تُساعد بيري لتنجز لك كل هذا عوضًا عن تعبك؟
-لا أريد لأي امرأة الدخول إلى هنا،تعرف أنني رجل أعزب فأتجنب القيل والقال.
-وأنا ألست امرأة؟ أنا أعيش معك بابا.
قالتها الصغيرة ببراءة فقهقه مازن ضاحكًا وهو يرفعها بين ذراعيه قائلًا بنبرة أودع فيها كل الحُب الذي خلقه الله بداخله
-أنتِ لستِ امرأة أنتِ حبيبتي وابنتي وروحي لا تضعي نفسك في مقارنة مع باقي النساء.
ابتسمت ابتسامتها الطفولية البريئة التي تضيء الدرب أمام عينيه كقنديل يضوي فضمها بحنان وقبلها
-أعتذر عن قطع هذه الفقرة العاطفية بينكما ولكن بيري تنتظركما هي و دانية على الغداء.
قالها بلال بنبرته المرحة فأردف مازن بحرج وهو لايزال يحتضن الصغيرة
-أشكرك بلال لا داعي ل ...
قاطعه بلال بنبرة حازمة وهو يعرف مدى حساسيته قائلًا
-أنا لا أسألك يا حبيبي هذا قرار وإن لم تأتي معي سأتصل ببيري وأجعلها تٌحضِر الطعام وتأتي هي ودانية
صمت لثانية ثم أردف بحاجبين مرفوعين
-والفتاة التي تساعدها.
لانت ملامح مازن وعرف أن بلال يصر ولن يتركه فابتسم ابتسامة صغيرة فاترة رغما عنه...
حين نزل مازن مع بلال سبقتهما كالعادة هَيَا وهي تجري للخارج في الوقت الذي كانت فيه -سمر- تدخل من بوابة البناية فابتسمت الصغيرة لمرآها وقد كانت تظنها صديقتها الجديدة -سهر- ولكن سمر لم تلتفت لها ولم تلحظها واتجهت بخطوات سريعة نحو باب البيت تفتحه بمفتاحها فتفاجأت الصغيرة برد فعلها -الغير مُتوقع-وانطفأ وهج عينيها،لاحظها مازن ولم يُعلق وهي أيضًا لم تتحدث ولكنها اقتربت منه ولامست أنامله بأناملها تضغطهما بشكوى غير منطوقة.
***
-أحبك ولن أستطيع الحياة دونك،إن لم تكوني لي لن تكوني لغيري.
-ما هذا الهذي الذي تهذيه؟ من يُحِب يُضحي،من يُحِب يبحث عن راحة حبيبه لا يكن أنانيًا،أنت لا تحبني ولكنك تريد أن تتملكني ليس أكثر.
كانا يتناظران وبعيني كل منهما جمرة مُشتعلة ولكن جمرتيه اتقدتا أكثر وهو يهدر فيها
-أين الأنانية وأنا أخاف عليكِ من الهواء،أنا أعرف أنه لا يٌحبك وأن سعادتك معي لذلك لن أسمح لكِ أن تضيعي نفسك وتضيعيني معك.
أردفت بحنق من بين أسنانها
-إن كنت تحبني كما تدعي فلا تأخذ قرارات بالنيابة عني اتركني أخوض الحياة بتجاربها بنفسي ونجاحي أو فشلي لي لا لأحد غيري.
ثم أردفت بنظرة ميتة
-أنت خسرتني للأبد.
ظلا يقفان أمام بعضهما هي بنظرة ميتة -مُتقنة-
وهو بنظرة ضائعة -مُتقنة-
ينتظران الكلمة الفاصلة التي تعلن انتهاء المشهد التمثيلي ولكن المخرج كان سارحًا في ملكوته وقد كان المشهد المكتوب بحرفية ويتم تصويره أمامه وكأنه منسوخ من دفتر هام من دفاتر حياته
دفتر بعنوان "شروق تيمور"
التي يبدو أن شمسها لن تُشرق على قلبه يومًا،لكزه زميله الجالس بجواره بمرفقه فانتبه كريم وتمتم بصوتِ عالٍ خال من أي انفعال يموج به صدره
-كااااات هائل يا شباب.
ثم أردف بنبرة مرحة
-أنا ك-كريم اندمجت.
كان هذا المشهد قبل الأخير الذي يتم تصويره اليوم في الموقع فبدأ الجميع في رفع المٌعدات ونقلها إلى الحديقة المجاورة التي تطل على وجهة أخرى في الوقت الذي سمع كريم صوتًا مُميزًا يأتي من خلفه
-رائع،أشتاق إلى مشاهدة العمل كاملًا.
التفت خلفه ليجد شروق تٌقبل عليه كشمس أشرقت للتو وبجوارها شقيقته تالين
لا يعرف هل من حسن حظه أنها الصديقة الوحيدة المقربة من شقيقته أم من سوء حظه
أشرقت ابتسامته على وجهه وهو يتمتم
-قريبًا بإذن الله.
حين دنت أردفت بجدية
-وحين تبدأ أعمالك هذه في الانتشار ماذا ستفعل مع انكل وليد وطنط رانيا؟
-هل لابد أن تٌذَكريه؟
قالتها شقيقته مٌتهكمة فأردفت شروق بجدية
-لابد أن نٌذكره الأيام تمر وما ظن أنه يستطيع اخفاؤه سيظهر قريبًا مع بدء ظهور أعماله.
كان الموقع المفتوح بإحدى الحدائق قد بدأ في الخلو بالفعل فجلس كريم على أحد الارائك الخشبية في دعوة صامتة منه لجلوس الفتاتان وحين جلستا قال بهدوء
-بالطبع سيعرفان ولكني فقط أنتظر الوقت المناسب إلى جانب أنني أنتظر فقط انتهاء عامي الأخير في المعهد حتى حين تقوم العاصفة لا يكن هناك أي ضرر.
-تقصد أن تكون نفذت بفعلتك.
قالتها وهي ترفع حاجبيها وتتراقص بعينيها نظرة مرحة فتأمل ملامح وجهها بغزل مخفي خلف غيامة من الكتمان ثم أردف بنصف ابتسامة
-بالضبط هو كذلك.
-ماكر أنت يا كريم، لم تخضع لرغبة والديك بالعمل كطبيب كما أوهمتهما وتسللت ما إن انتهيت من الجامعة إلى دراسة الإخراج بالمعهد لتحقق ما تمنيته.
-وهذا مكر أم عزيمة؟
قالها بنظرة ثاقبة فأردفت بجدية وهي تجول بعينيها على الحديقة من حولها بنظرة متأملة لكل شيء إلا عيني الجالس أمامها "عيني صديقها"
-أمزح معك،عزيمة طبعًا.
قالتها بفخر أثلج صدره ثم أردفت وهي تعود بعينيها إليه في نظرة متسائلة
-ولكن هل تعتقد أن المبدأ الذي رفضاه منذ سنوات سيقتنعان به الآن ؟
لمعت بعينيه نظرة من على وشك الوصول لمبتغاه
-أنا أديت واجبي تجاههما ولا أستطيع فعل شيء آخر ،حققت لهما أمنيتهما بأن يكون ابنهما الأكبر طبيب.
ثم أردف والمرارة تغلف حلقه فعليًا
-رغم أنهما لم يعطياني الحق في اختيار مستقبلي وتقرير مصيري وفرضا علي هذا الأمر ولكنني أرى أنني بما فعلته أرضيتهما،أصبحت طبيب كما يريدان أما ما هو أكثر من ذلك ففوق مستوى طاقتي.
نظر حوله ثم أردف بنظرة شغوفة وكأنه يُحلق كطير في السماء لا يلمس الأرض
-أنا هنا فقط في موقع التصوير وأنا بجوار الكاميرا أشعر بنفسي،لا أشعر بهذا الشعور في المشفى بالعكس أشعر بالاختناق كأنني طير سجين ... هنا فقط أجد نفسي الحقيقية.
لمعت عيناها تأثرًا بكلامه الذي يخرج من قلب طيب صادق كقلبه أما شقيقته التي كانت تجاورها فكانت تستمع لحديثهما دون اهتمام وهي تتحدث كتابة مع أحدهم على تطبيق الواتساب فأردفت شروق بنبرتها المرحة وهي لا تحمل للدنيا هما
-ما رأيك أن أعمل معك في أوقات الفراغ ؟ تعرف كم أحب التصوير.
قبس من نور أضاء بقلبه لمجرد فكرة أن تكون قريبة منه وتعمل ولو لساعات قليلة معه ثم تمتم وهو يردم فوق قلبه المزيد من الركام حتى لا يعد قلبه بما لن يكن له
-أنتِ لستِ مجرد هاوية، شغفك وبحثك عن كل ما هو جديد جعل أدائك بالفعل جيدًا.
قالت بنزق-أعتبر هذه موافقة مبدأية؟
ابتسم وهو يلمح أطياف السعادة والمرح تتلون فوق وجهها وأردف
-نٌجرب أولًا.
ولم يمر سوى وقت قليل حتى كانت تجلس أمام إحدى الكاميرات الحديثة تقترب بعينيها من عدستها فترى المكان حولها برؤية جديدة...
وكأن الكون قد صُبِغ بصبغة ساحرة
مُبهِرة ....
لديه حق كريم في حبه لهذا العالم.
***
والعالم كُلٌ ينظر إليه برؤية ومنظور مختلف فمنهم من يراه مظللًا بألوان قوس قُزح ومنهم من يراه بمزيجين فقط من الأبيض والأسود.
نظرت في ساعتها فكان وقت انصرافها من الجريدة يقترب فهي إلى جانب دراستها للغة الفرنسية في الجامعة تتدرب في إحدى الجرائد الناطقة -بلغتها المفضلة- تسعى لتنمية نفسها في هذا المجال بكل الطرق فتعمل بجوار الدراسة
أغمضت شيري عينيها لثانية واحدة تتسائل هل عشقها لهذه اللغة ينبع من حبها لها فقط أم لأنها اللغة التي لا يُتقنها المُقربون منها ؟
فتجيب دون تردد أن السببين قائمين
حبها...
وتفردها...
تفردها بلغة تُعبر بها عن نفسها دون أن يشاركها أحد في فهم مكنون نفسها ...
تمامًا كما انجذبت لآلة الكمان لعشقها لصوتها ولأنها تودع في عزفها جَل أسرارها،تعزف أمام الجميع ولا يدرك أحد غايتها ولا مقصدها...
لا يدرك أحد أنها تعزف بأناملها على جدار قلبها لا على أوتار الكمان فيروق لها أنها تٌعبر عن نفسها دون أن يدرك أحد أن خلف اللحن الشجي قلب عصي.
حركت رقبتها يمينًا ويسارًا ثم تناولت هاتفها لتتصل بعبد الرحمن الذي تعرف أنه نوباتجي في المشفى من الأمس وحين رد تمتمت بصوتِ رقيق
-كيف الحال؟
ابتسم وهو يخرج من غرفة الكشف عقب انتهائه من الكشف على أخر حالة وتمتم
-بخير،أين أنتِ؟
-بالجريدة.
حين رأته راجية الممرضة المساعدة يخطو للخارج أسرعت خلفه قائلة
-هل انتهيت يا دكتور؟
كان يضع سماعة الأذن يستمع إلى شيري فوصله تساؤلها فأردف دون أن ينظر إليها
-نعم راجية إذا أتت حالات أخرى ستجديني بغرفة الأطباء.
لم يعطها مجالًا للرد وأردف لشيري وهو يسير بالرواق
-ألم ينتهي وقت العمل بعد؟
ضغطت شفتيها ببعضهما لثوانٍ ثم تمتمت بخفوت
-باقي دقائق،ظننت أنك انتهيت من العمل قلت بما أن بيننا دقائق فقط تمر علي ونذهب سويًا.
كان قد وصل إلى باب الحجرة فصمت لثوان وهو يشعر بالضيق لأنها تطلب منه طلبًا ولا يستطع تنفيذه فأردف
-للأسف شيري لم أنتهِ بعد.
بدى الاستياء على ملامح وجهها ولكنها ابتلعت احباطها وغمغمت بهدوئها المعهود؛المدروس وهي تمسد على ضفيرتها الساكنة على كتف واحد
-لا عليك سأطلب أوبر.
حين فتح باب الحجرة كان "صِدّيق" للتو يفتح عينيه وقد غلبه النوم بعد سهر الليل بالنوباتجية فطرأت على ذهن عبدالرحمن فكرة مفاجئة ترجمها بعد أن طلب من شيري الانتظار حين قال لصديقه
-نمت جيدًا صِدّيق؟
-الحمد لله كنت لا أرى أمامي.
قالها وهو يعتدل جالسًا على الأريكة بملامح مُستريحة فأردف عبدالرحمن بنبرة مُتراخية وعينين رسم بهما ارهاق شديد
-تمامًا كحالي الآن لا أرى أمامي.
اعتدل صِدّيق واقفًا وقد اكتفى من النوم وأردف لصاحبه
-تعال ونَم قليلًا.
رفع عبدالرحمن حاجبيه قائلًا
-سأنام ببيتنا وأنت تولى الأمر الساعات القليلة المُتبقية في النوباتجية.
قالها وهو يتراجع للخلف يهم بالانصراف واضعًا صديقه أمام الأمر الواقع فأردف صِديق بصوتِ حانق
-لا لن تتركني بمفردي.
قال عبدالرحمن وهو يفتح الباب بالفعل
-فعلتها كثيرًا صِديق وأنا من كنت أغطي عليك،جاء دورك لترد جمائلي عليك.
قالها وهو يشير إليه بكفه بسلام أعقبه بإغلاق الحجرة،ساعات قليلة للغاية متبقية على انتهاء النوباتجية وضغط الحالات خف حتى أصبحت قليلة للغاية فلن يحدث شيء إن رحل ...
هكذا قال لنفسه ثم أردف عبر السماعة المٌثبتة على أذنه
-كما سمعتِ سآتيكِ بعد دقائق قليلة انتظريني.
ابتسمت عيناها وشفتاها معا وكأنما نثر بكلماته القليلة بذور السعادة بقلبها فأزهرت ملامحها على الفور
-حسنًا.
لم تُزِد عن كلمة رغم المهرجان الصاخب المدوي بصدرها أما هو فما إن مر على غرفة الكشف حتى سمع صوت راجية من خلفه تردف
-إلى أين يا دكتور؟
فيقول بتعجل دون أن ينظر نحوها وقد ولاها ظهره فعليًا
-الدكتور صديق موجود إن احتجتم شيء أخبريه.
***
والنور كقبسِ يلوح في طريق ممتد يصاحبه قبس من نار وبين النار والنور تذوب هي ...
استقلت شيري السيارة بجوار عبدالرحمن وقلبها يتضخم بشعور لذيذ بالسعادة والرضا ،شعور يسري بأوصالها وهي بحضرته
هو فقط دونا عن باقي الرجال...
متى أحبته كل هذا الحب؟
تسأل بها نفسها مرارًا والإجابة
أن حبه لم يكن مفاجئًا عاصفًا كقبسِ نار أصاب القلب فأشعل فتيله بل هادئًا بطيئًا كنطفة بدأت في التكون والنمو وسارت دورتها الطبيعية في الحياة لن يوقفها إلا الموت وحبها له الذي نمى وتشعب وسكن القلب وأَسَرَ الروح لن يوقفه إلا موتها حتى مع استحالة أن يكون لها
وكيف يكون لها وهو في العُرف أخ لها؟
-أنتِ يا بنت؟ أنا أحدثك!
انتبهت من شرودها على صوته فالتفتت له وقد بدأ في التحرك بالسيارة فأردفت بهدوءِ ظاهري
-ماذا كنت تقول؟
ناظرها بشك فقد أصبحت تشرد كثيرًا ولكنه تجاوز عن الأمر وهو يقول
-هل شروق لاتزال بالعمل أم انتهت؟
دققت النظر في جانب وجهه الوسيم وهو يقود وأردفت بفضول
-لماذا تسأل ؟
مط شفتيه قائلًا بهدوء
-حتى نأخذها معنا،للتو كنت أحدث أمي فقالت إن سمر وشمس بالبيت وسهر بالصيدلية ولم يتبق غيرك أنتِ وشروق بالخارج.
أومأت برأسها متمتمة -لا أعرف.
ثم سرعان ما تذكرت أمر مباراة كرة القدم فأردفت بلهف
-ما أخبار المباراة؟ لم يتسنى لي متابعتها بالجريدة.
قال وقد تألقت عيناه بوهج حبه لكرة القدم
-أخر ما تابعته كان ١/ صفر للأهلي،وباقي أقل من ربع ساعة على انتهاء المباراة.
رفعت قبضتها بحماسِ وهي تهتف بنبرة المنتصر
-هذا هو الكلام.
كانا يمران بجوار مقهى عصري ممن يضم الجنسين فانتفضت من مكانها وهي تكاد تُخرِج رأسها من النافذة المفتوحة تُطالع المباراة التي تٌبث على الشاشة الكبيرة أمامها وصاحت برجاءِ
-انتظر قليلًا عبدالرحمن ها هي المباراة.
يعرف هوسها بكرة القدم ومدى شغفها بالفريق فأخفض سرعة السيارة تدريجيًا وأردف وهو ينظر إليها وهي توليه ظهرها وعيناها مثبتتان على الشاشة التي ابتعدت عنها قليلًا
-هل ستظلي تنظري إلى الشاشة هكذا من هنا؟
التفتت إليه بجسدها كله وعينيها العسليتين تلمعان كأنهما جرتي عسل خاصة وشمس الغروب التي تزحف لتسلك مسارها الإجباري تنعكس ظلالها على مقلتيها وتمتمت بنزقِ
-هذا يتوقف على مدى كرمك فأنا لن أمانع أن تدعوني على مثلجات بالمقهى بينما نشاهد ما تبقى من المباراة.
رفع حاجبيه قائلًا باستنكار
-مثلجات في الشتاء؟
-المثلجات لا تشعر بمذاقها الأصلي إلا في الشتاء.
قالتها بثقة فأردف مُتهكمًا
-ومن الذي قال هذا؟
أشارت بسبابتها على نفسها قائلة بزهو
-أنا.
وبينما يتحدثان أصاب هدف التعادل الشباك ليصيح كل من بالمقهى وتلتفت شيري بكل اهتمامها إلى الشاشة بعينين متسعتين ذهولًا.
***
وأمام الشاشة وعلى منضدة جانبية بمقعدين كانا يجلسان يتابعان الشوط الإضافي بعد تعادل الفريقين واضطرارهم لشوط إضافي يحسم النتيجة وكل منهما قد أنهى للتو ساندوتش شاورمة بناءً على -طلبها- والجرسون يضع أمامهما المثلجات الباردة
مد عبدالرحمن يده إلى المثلجات خاصته بنكهة الفانيليا والمانجو بينما أخذت هي خاصتها بنكهة الشيكولاتة والفانيليا وكل منهما قد اندمج مع المباراة المشتعلة فلا يشعران ببرودة المثلجات
-هل مذاق المانجو جيدًا ؟
قالتها وهي تنظر إلى المثلجات بيده والتي يبدو لونها زاهيًا فأردف وهو يضع الملعقة بفمه ويمد يده لها بالكوب دون أن ينظر لها وكل اهتمامه مع المباراة
-تذوقي بنفسك.
ابتسمت ابتسامتها التي تُزين شفتيها حين تشاركه في شيء،أي شيء مهما كان صغيرًا وهي تغمس ملعقتها في بولة الايس كريم خاصته فتملأها وحين وضعت الملعقة بين شفتيها مطتهما وهي تستعذب مذاق المانجو قائلة
-واااو رائعة.
-خذيها إن أردتِ.
قالها دون أن يلتفت فأردفت وهي تنظر إلى جانب وجهه المليح ولا تشعر بأي من رواد المقهى المُزدحم من حولهما
-على شرط أن تأخذ خاصتي.
ثوانٍ وكانت قد بدلت الأكواب وأخذت تتابع المباراة معه بترقب وهي تتناول غنيمتها بابتسامة عذبة؛ يُحذرها من تناوله بالشتاء وها هو تنصهر برودته ولا تشعر به في جوفها سوى سائل دافيء وقد أذابته حرارة عشقها خاصة وهي تتناول من نفس موضع تناوله فتشعر بمشاعر شديدة التفرد،تشعر به وكأنه بهذا قد اقترب منها وزالت المسافات هو من الأساس لا يبتعد قربه إليها قُرب الوريد.
-جووووول.
صاح بها عبدالرحمن وهو يضع المثلجات بعنف على الطاولة ففعلت المثل وهي تصفق وابتسامتها تتسع فتغزو ملامحها كلها طامسة أي أثر لفقد أو حزن أو اشتياق أو
"عشق ممنوع".
***
حين دلف تيمور إلى البيت كان ساكنًا إلا من حركة خفيفة بالمطبخ،وحين خطى للداخل كانت فريدة توليه ظهرها وهي تقف أمام الموقد فتمتمت وهي منهمكة فيما تفعله
-جئت تيمور ... بالتأكيد جائع دقائق قليلة وأكون انتهيت.
دنا منها وقَبَل رأسها قائلًا وهو يراها تُسرِع
-خذي راحتك... أين الجميع؟
قالت بينما تٌكمِل ما بيدها-عبدالرحمن وشيري بالخارج ،شروق أتت منذ قليل،سهر في الصيدلية،شمس وسمر بالداخل ومعهما طنط عايدة،فؤاد يشاهد المباراة عند مروان وزيزو،أبي نائم.
لاحظ أنها تعد أكثر من صنف وسماح التي تساعدها إجازة اليوم والمطبخ بحالة فوضى فأردف بحاجبين معقودين
-لمَ لا تُساعدن البنات معكِ؟
قالت بنظرة مُتعاطفة
-شروق للتو أتت مُتعبة وسمر مثلها وشمس كما تعلم،لا بأس أنا أُصرف نفسي.
زفر قائلًا وهو ينزع سترته ويضعها بعناية على ظهر المقعد بينما يثني كُمي قميصه
-ماذا فعلتِ مع شمس؟
مطت شفتيها قائلة بأسف
-لم تُغير رأيها تيمور،البنت للأسف مٌذبذبة وفاقدة الثقة بنفسها،تبحث عن أي طريقة لتُعيد لنفسها ثقتها المفقودة.
ابتلع ضيقه وإحباطه و-عجزه-عن الضغط عليها حتى لا يكسرها
أو-تركها- لشتاتها وهوى نفسها ولاذ بالصمت القصير الشارد
-ماذا ستفعل؟
قالتها فريدة وهي تراه يتقدم جهة الحوض
-أساعدك في هذه الفوضى.
قالها وهو يفتح غسالة الأطباق ويبدأ في وضع الأكواب والصحون بها فابتسمت ابتسامة صغيرة خلفها الكثير من الامتنان ليس لمساعدته البسيطة ولكن لشعوره بها وتقديره لتعبها والتقدير في حد ذاته يمدها بطاقة مُضاعفة وهو أخذ يُساعدها بذهنِ شارد في البنات اللاتي ظن أنهن حين يكبرن ستقل مشاكلهن ليجدها قد ازدادت،شعرت فريدة بشروده وجموده من تصلب كتفيه من تحت قميصه الخفيف فمسدت كتفيه بحنان قائلة
-أنا انتهيت،هيا حتى تأخذ حمامك وتُبدل ملابسك إلى أن نجهز المائدة.
استجاب لها ولم يمر وقت طويل حتى كان عبدالرحمن وشيري وفؤاد قد عادوا وكانت البنات جميعًا بما فيهن سهر -التي تأخذ ساعة الاستراحة من العمل وقت الغداء- يجهزن مائدة الطعام فيجتمعون جميعًا في الحجرة التي يغمرها الدفء رغم ميل الأجواء إلى التوتر بسبب تجهم وجه شمس لتجنب تيمور لها وحين انتهوا من الطعام أردف عبدالرحمن وجفنيه يكادان يسقطان
-سأصعد إلى الأعلى لأنام قليلًا لم أَنَم منذ يومين.
تشبث به فؤاد الصغير قائلًا
-سأصعد معك.
قال عبدالرحمن مازحًا
-هل قلت لك أنني ذاهب إلى رحلة!
ماذا ستفعل معي أنا سأنام؟
تدخلت فريدة قائلة
-نَم هنا عبدالرحمن لا داعٍ للصعود مادمت لن تدرس.
أغمض عينيه لثانية، هو يحاول تحجيم ساعات بقاؤه بالبيت قدر المستطاع وبالطبع أمه لا تدرك هذا لذلك لا تتفهم أسبابه فتلح عليه للبقاء.
وبجوار فريدة تجلس شيري التي تستجدي بقاؤه دون كلمات فقط بصوت القلب الذي لا يسمعه أحد
لو يعرف أن وجوده فقط يجعل للبيت روح حلوة...
لو يعرف أن برحيله يسحب الأكسجين من الهواء فتكاد تختنق...
لو يعلم ...
ولكنه لن يعلم وهي لن تبوح ...
-حسنًا أمي.
قالها أخيرًا فشعرت شيري الجالسة ولا يبدو على وجهها أمارات لأي انفعال يموج به صدرها بأن أنفاسها عادت للانتظام وصدرها اتسع ليصبح أكثر رحابة.
-وحين تنتهين سهر اتصلي بي لآتي وأقلك.
قالها وهو يُعدل مساره مُتجهًا لغرفته فأردفت سهر وهي تهم بالعودة إلى الصيدلية
-لا تتعب نفسك لن أتأخر بإذن الله.
وأكمل تيمور
-نم أنت وأنا موجود سأعيدها.
وأردف فؤاد الجالس بجوار أبيه بنبرة حاول أن تبدو رجولية أكثر منها صبيانية
-وأنا موجود،مثلك تمامًا وأستطيع الذهاب إليها لأقلها.
ابتسم الدكتور فؤاد الذي يتابع حفيده بإعجاب وكذلك عايدة أما عبدالرحمن فكانت ابتسامته شاحبة وهو بالفعل لا يرى أمامه فدلف إلى الحجرة فبدل ملابسه وألقى بجسده فوق الفراش ليسقط في النوم دون جدال عقل وأنين قلب وخواء روح ككل ليلة.
وبالخارج كان تيمور ينتحي بشمس جانبًا فيفتح معها بهدوء شديد أمر قرارها العجيب المٌتسرع بترك الحجاب.
***
قبل التاسعة بقليل
كان مازن يخرج من بناية صديقه بلال بصحبة ابنته بعد أن تناولا الغداء مع بلال وأسرته وأصر عليه بلال أن يظل لتلعب هَيَا مع ابنته التي تقاربها في العمر ويلعبان هما على جهاز البلايستيشن ليأخذهما الوقت ويتفاجأ مازن أنه بالفعل أطال المكوث ببيت صديقه فيشعر بالحرج.
-نحن نريد أن نستقل بحياتنا معا هَيَا لا أحب أن نأتي باستمرار إلى بيت عمو بلال.
قالها مازن وهو يضع يده في يد الصغيرة وهما يخرجان من بوابة البناية،يتعمد أن يتحدث معها كأنها شخص كبير لا طفلة
ربما لأنها بالفعل تحمل عقلًا كبيرًا
وربما لأنه يحتاج للشعور بها تشاركه حياته لا مجرد طفلة تلعب وتلهو
وربما لأنه لم يتبقَ له أحد بعد رحيل والدة الصغيرة وفقدانه لوالدته وهجرة شقيقه الوحيد إلى إحدى البلاد الأوروبية
غالبًا هي كل الأسباب مُجتمعة
حين تتحالف الدنيا لتأخذ منه كل الأحباب وتترك له ثمرة فؤاده فلابد أن تُصبح له كل شيء
شمسه وقمره وسمائه وأرضه
-تريدنا أن نعيش وحدنا ولا نأتي إلى هنا؟
قالتها بتساؤل حائر وربما خائف بعد صمت قصير فأردف بنبرة مرحة
-لا يا قمري أنا فقط أريد أن نعتمد على أنفسنا نزورهم كل فترة وليس كل يوم ،أطهو أنا الطعام لا نعتمد على طنط بيري.
هنا اتسعت عيناها وتوقفت عن السير في الشاري الهاديء الذي لا يَخلُ من المارة وأردفت باستنكار
-طعامك سيء بابا.
رفع حاجبيه مُتصنعًا الصدمة وهو يغمغم
-أنا طعامي سيء هَيَا!
ثم أردف وهو يشيح بوجهه يدعي الحزن
-سامحك الله.
مطت شفتيها الصغيرتين وتمسكت بيديه بكلتا يديها في حركة تثير بداخله مشاعر مؤثرة،حركة تُشعره أنها صغيرة جدًا ،بريئة جدًا وتحتاجه جدًا ثم أردفت بطيبة فطرية
-لا تحزن ... حسنًا اطهِ أنت مرة ونشتري من أي مطعم مرة .
ابتسم ابتسامة حانية وهو يتأملها وهي هكذا تهادنه فيشعر كأن الدنيا كلها تهادنه فأكملت هي بعينين متسعتين زيتونيتين كزيتونيتيه تمامًا
-أو لدي فكرة أنا كبرت وأستطيع أن أعد الطعام.
مال عليها وحملها فرفعها بيسر ليحتضنها بذراعيه ويضمها إلى صدره ضمة حانية وهو يقول بكل رفق خلقه الله بقلبه
-لا تحملي هم أي شيء أنا أمزح معكِ أنتِ فقط اطلبي ما تشائين وأنا سأحضره من المكان الذي تريدين.
احتضنته بذراعيها وهي تُطلِق ضحكة بريئة عالية قائلة
-هذا أفضل بكثير.
غمغم لنفسه بصوت غير واضح
-تدوم الضحكة يا قمري أتمنى ألا تبكي قريبًا.
قالها وهو يتجه جهة أقرب صيدلية بالحي الهاديء لتأخذ حقنة المضاد الحيوي في موعدها فهي بالأمس كانت عند طبيب الأطفال وكتب لها على الحقن لعدة أيام.
كانت سهر تقف بالصيدلية خلف فاترينة زجاجية لعرض الأدوية وبجوارها "الدكتور رضا" زميلها فى النوباتجية يصرف دواءً لإحدى الزبائن في الوقت الذي دلف فيه مازن وهو يحمل صغيرته وبعيدًا عن أنه رآها مرتين من قبل فقد كانت ملامحها من السهولة التعرف عليها وهي حين رأته يُقبِل عليها لا تعرف لمَ شعرت بالخجل يدب في أوصالها
ربما لطلته المهيبة التي تُشعرها أنها أمام رجل ذو هيبة وحضور
ربما لوسامة محياه المختلفة عن معايير الوسامة المُتعارف عليها فقد كانت وسامة مصحوبة بوقارِ
-مساء الخير.
نطقها بصوت رخيم وهو يضع هيا على سطح الفاترينة لتصبح أمام سهر مباشرة فأردفت سهر بابتسامة حلوة وهي تتأمل وجه الصغيرة شديد الجمال والبراءة
-مساء الخير،كيف حالك هيا؟
نظرت إليها هَيَا لدقيقة دون رد وتذكرت منذ عدة ساعات حين كانت تهرول نحوها وتجاهلتها فأردفت باستياء طفولي
-أنا غاضبة منكِ.
-لماذا؟
تمتمت بها سهر بحاجبين مرفوعين ومازن يتابع الحديث بينهما باهتمام زمت هَيَا شفتيها قليلًا ثم أردفت بنبرتها الطفولية المحببة
-لأنكِ حين رأيتني أدرتِ وجهك ولم تحدثيني.
-أنا ؟
أشارت سهر إلى نفسها باستنكار وفي نفس اللحظة ربط مازن بين استنكارها وبين معلومة سمعها دون انتباه حين كان يشتري الشقة من أصحابها وكان سالم يثرثر بأن بالطابق الأول توأمتين متشابهتين،فمن لمحها مع ابنته منذ عدة ساعات كانت بالفعل تختلف عن هذه
تتشابهان في الشكل ولكن تختلفان في الهيئة،مهنته علمته أن يكون دقيق الملاحظة دون أن يُظهِر وتأكد ظنه حين ثرثرت هيا تذكر تفاصيل الموقف فاستدركت سهر وأردفت بسرعة
-لا لا ،لم أكن أنا بالتأكيد أُختي.
ثم أسهبت تشرح للصغيرة التي تلومها بنظراتها
-لي أخت توأم بالتأكيد هي.
ثم أردفت بابتسامة حلوة
-أما أنا فلا أستطيع رؤيتك دون أن أصافحك.
أشرقت ملامح هيا واتسعت عيناها الزيتونيتين الجميلتين وسهر تناظرهما بإعجاب إلى أن تنحنح مازن قائلًا وهو يمد يده بروشتة الطبيب
-موعد حقنة الصغيرة الآن.
رفعت عينيها إليه فتفاجئت أن لون عيني ابنته نسخة من لون عينيه فأخفضت عينيها بسرعة إلى الروشتة وهي تسحبها منه تقرأ محتواها باهتمام.
دقائق قليلة وكانت هيا متعلقة بعنق والدها تبكي خوفًا ومازن يحتضنها بحنان وهو مضطر أن يعطيها الحقنة رغم رعبها من الحقن فأردفت سهر وهي تقف أمام مازن مباشرة
-لا تخافي هيا لن نأخذ حقنة.
انتبهت حواس الصغيرة لكلمات سهر وأردفت وهي لاتزال تتعلق بعنق والدها
-ماذا سنفعل إذن؟
-سنلعب.
قالتها بنبرة مرحة وهي تدغدغ ساق الصغيرة بسبابتها ووسطاها صعودًا وهبوطًا فاسترخت الصغيرة وظلت تضحك وسهر مستمرة حتى غرزت سن الإبرة الرفيع جدًا والمخصص للأطفال في الموضع المحدد بخفة شديدة حتى أن الصغيرة لم تشعر وحين انتهت ابتسمت لمازن ابتسامة رقيقة قائلة
-الف سلامة.
ابتسم هو الآخر نصف ابتسامة وشعور بالارتياح يغمره لأن الصغيرة لم تتأذى.
دلف فؤاد في هذه اللحظة بخطوات معتدلة إلى الصيدلية فكان مازن يوليه ظهره وهيا تحتضن والدها تناظره بعينين متسعتين فتلاقت نظراتهما للحظة وأكثر ما جعله يدقق النظر إليها هو لون عينيها المميز وتلك الابتسامة التي ارتسمت على وجهها شديد البراءة.
-سهر أنا وأبي جئنا لاصطحابك.
قالها فؤاد وهو يقترب من أخته التي نظرت في ساعتها فأدركت أن وقت انصرافها قد آن فأردفت لزميلها
-أنا سأذهب.
فأردف لمازن
-تفضل سيدي الحساب هنا.
فخرجت سهر من الصيدلية وهي تتبادل ابتسامة حلوة هي وهيا وعلى باب الصيدلية كان يقف تيمور الذي أردف بابتسامة
-هيا يا دكتورة.
فضحكت قائلة
-هم خطوتين يا أنكل لمَ تتعب نفسك.
أردف وهو يمشي بجوارها وفؤاد من الجهة الأخرى
-هكذا أفضل يا ابنتي حتى أكن مُطمئنًا عليكِ.
فأردف فؤاد بنزق وهو يشد قامته
-قلت له أن آتي لأصطحبك وحدي لكنه رفض.
أحاطت كتفه بذراعها وهي تقول بابتسامة واسعة
-حبيبي أنا الذي كبر ويأتي ليقلني للبيت.
فقهقه تيمور ضاحكًا وهو يتمتم
-بالأمس كنتِ تحملينه بين ذراعيك ولا يكف عن الصراخ واليوم يأتي ليقلك من العمل.
فضحك ثلاثتهم وهم يستعيدون ذكرى الصغير وبالخلف كان مازن يسير خلفهم يحمل صغيرته التي غفت على كتفه ما إن خرجا من الصيدلية.
***
يقف في الحديقة التي قضى بين جدرانها ما يُقارب نصف عمره ومن حوله الأشجار الوارفة تصطف كعرائس يوم زفافها ورائحة الورود المزروعة في كل ركن تطغى وتصل إلى أنفه ومنها إلى رئتيه فيسري في عروقه شعور غامر بالارتياح،شقشة العصافير فوق الأشجار تُطرب أذنيه والورود تتفتح أمام عينيه بسرعة فائقة فتملأ البستان
وهي ...
هي تنزل الخطوات القليلة الفاصلة بين شرفة البيت والحديقة مُتبخترة بثوب ناصع البياض وفوق رأسها تاج رقيق تتبسم له شفتيها فتفتح الابتسامة أمام عينيه آفاق ممتدة
تدنو منه فيتسع البستان أكثر وأكثر فيبدو كأرض رحبة.
حتى أصبح لا يفصل بينهما سوى انشات قليلة فتتجلى أمام عينيه كحورية من حور العين،شفتيها ووجنتيها كثمار الجنة تدعوه للقطاف فتحفزت حواسه بسيل جارف من مشاعر دفينة تُجاهد للخلاص من عنق زجاجة شديد الضيق فيرفع يده يهم بتلمس خصلات شعرها وجذبها نحوه عله يروي ظمأ السنوات فتتوقف يده في الهواء قبل أن تصلها وحاجز غير مرئي يُنصب بينهما من العدم فيراها رأي العين ولكنه يعجز عن لمسها وصوت شديد القتامة يهمس في أذنيه
-ثمار جنتها مُحرمُ عليك قطفها.
فينظر حوله يتبين مصدر الصوت فلا يجده ويراها هي تبتعد ببطء تتراجع من حيث أتت وصوت مألوف يدوي في أذنيه
-اهتم بأختك...
قم بتوصيل أختك...
أين أختك ؟؟؟
أختك...أختك...أختك .
تتلاشى كل الكلمات وتظل كلمة اختك يتردد صداها في أذنيه وصاحبة ثمار الجنة المُحرمة تختفي هي الأخرى، حتى البستان تتلاشى منه الثمار والأشجار والورود والعصافير حتى يُصبح أرض جدباء لا زرع فيها ولا ماء والصوت ذاته يردد
-أختك.
انتفض عبدالرحمن جالسًا في فراشه يلهث بانفعال شديد وقد رأى نفس الحلم الذي يراوده لسنوات وأخذ يتمتم بجزع
-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
مسح وجهه بكفه ونفض الغطاء، دقائق قليلة وكان قد اغتسل ووقف ليصلي الفجر قبل بزوغ الشمس بدقائق قليلة وجلس في الحديقة يستقبل أول خيوط النهار التي تنشق ويستنشق هواءً منعشًا وهو يشعر بضيق صدره بعد ذاك الحلم في الوقت الذي كان فيه الدكتور فؤاد ينزل بهدوء شديد الدرجات القليلة نحو الحديقة يمشي على قدمين وثالثهما عكازه
أسرع عبدالرحمن ليسنده قائلًا
-صباح الخير يا جدو.
-صباح الخير يا جدو.
قالها الدكتور فؤاد بنبرته الدافئة وهو يترك نفسه لعبدالرحمن فيساعده في الجلوس،دقائق وكان عبدالرحمن قد أعد كوبين من الشاي وجلس بجوار جده يحتسيانه معا فقال الدكتور فؤاد
-ألن نفرحك بك بُني؟ ها أنت قد أنهيت دراستك وتعمل ماذا ينقصك لتتزوج ؟
ابتسم عبدالرحمن فكانت ابتسامته متألقة تناقض شحوب وجه جده ثم أردف بحاجبين مرفوعين
-هل لي عندك عروس؟
-وهل في جيلكم هذا من يرضى بأن يُحضِر له أحد عروس!
قالها باستنكار ثم أكمل
-أحضر أنت حبيبي من تروق لك وتشعر معها بالراحة وأنها من تريد أن تكمل حياتك معها ونحن ما علينا إلا المباركة.
زفر عبدالرحمن نفسًا عميقًا ثم أردف وعيناه تحيدان مع سرب صغير من عصافير مُحلقة بالقرب
-ليتها كانت بهذه البساطة.
-وما الذي يجعلها صعبة بُني؟
مط شفتيه دون رد لثوان ثم أردف بثقل
-هناك اعتبارات كثيرة جدو أحيانًا يجد الإنسان حواجز بين ما يتمناه وما يستطيع فعله .
ضيق جده عينيه في محاولة لثبر أغواره ثم تمتم
-وضح لي بصورة أكبر.
تنحنح عبدالرحمن وأردف ليصرف نظره
-أحيانا تكون هناك فوارق في المستوى الاجتماعي أو في العمر،أحيانا تقف الظروف حاجزًا.
دقق الدكتور فؤاد في ملامحه عله يستشف كنه الطاقة السلبية المتسللة من بين كلماته ثم أردف
-إن لم يكن لديك رغبة في البوح بما هو أوضح من ذلك فتعقيبي على كلماتك أنك بالفعل لديك حق في جزأ كبير فالتكافؤ مطلوب ولن ننكر أهميته ولكن لا يجب أن يطغى التفكير العملي بشكل تام فأمور المشاعر تحتاج إلى قدر كبير من اللين وقليل من التنازل إن كان الشخص يستحق.
استقام عبدالرحمن واقفًا وقد أنهى كوب الشاي الدافيء وأردف بابتسامة كاذبة
-كالعادة الحديث يأخذني معك وأنسى نفسي يا دكتور .
عرف الأخير أنه يكتفي بهذا القدر من الحوار فاكتفى بهذا القدر من النُصح،استأذنه عبدالرحمن ليستعد للذهاب إلى عمله واتكأ هو على عصاه ليسقي الورود وحين خرج عبدالرحمن إلى حجرة المعيشة كانت شمس تقف عند النافذة ويبدو أنها كانت تتطلع في جلسته مع جدها،لم يتحدث معها منذ قرارها الأخير بخلع الحجاب فوقف بجوارها يلاحظ شحوب وجهها وأردف بنبرة لينة
-كيف الحال؟
قالت بفتور-كما ترى.
-أرى الشمس ساطعة أمامي.
نجح في جذب انتباهها فإن كان البهاق دائها فكلمات الإطراء هي دواءها فناظرته نظرة صامتة صائمة عن نطق حرف فأردف متسائلًا وهو يضع يديه في جيبي بنطاله الرياضي
-ماذا بك شمس؟
-مشتتة ما بين ما يجب أن يكون وما بين ما أستطيع فعله... وساخطة على نفسي لأني أغضبت أبي.
قالتها بعد فترة صمت احترمها هو فأردف
-بسيطة... لا تجعليه يغضب وافعلي ما يطلبه.
التفتت إليه قائلة بانفعال مكبوت
-لا أستطيع... كما قلت لكم جميعًا لا أشعر بالراحة وأنا أرتديه ...وأشعر أنني مُنافقة ونصف شعري يظهر من الحجاب.
-وعوضًا عن إصلاح الخلل وتصحيح الخطأ تتراجعين !
قالها بحاجبين مرفوعين ونبرة استنكارية مهادنة
فزفرت زفرة حارة وتجمعت الدموع بعينيها دموع الحزن والضيق والتشتت ...
كانت أشعة شمس الصباح تغمر وجهها فتبدو البقع البيضاء جلية فأردف بهدوء وهو يضع يده على طرف الخيط
-أنا أفهمك أكثر من نفسك يا شمس أنتِ تريدين أن تبدو صورتك أمام نفسك وأمام الآخرين أكثر كمالًا لذلك تلجأين لهذه الحيلة الدفاعية.
أصابت كلماته لُب الحقيقة فأشاحت بوجهها جهة النافذة تتطلع في أثر جدها بشرود وتمتمت بخفوت
-ربما أردتها أكثر جمالًا وليس كمالًا.
جز على أسنانه قائلًا بإصرار
-يا غبية أنتِ جميلة رغم كل شيء ... جميلة جمال خاص مُختلف عن أي فتاة لمَ لا تُقدرين نفسك؟
عادت بعينيها إلى مجال عينيه تترجى بهما أن يُكمِل ...هو لديه حق هي تشتاق لرؤية نظرات اعجاب الآخرين بها والتي افتقدتها منذ إصابتها ... يحتاج الإنسان...أي إنسان أن يرى نظرات الإعجاب في عيون الآخرين ... أن يستقي ثقته بنفسه من انطباعاتهم
وهو حين رأى تجاوبها أردف يُثبت المعلومة في ذهنها
-أنتِ كل ما ينقصك ثقتك بنفسك وبإمكانياتك ورضاكِ عن نفسك وقتها كل مشاعرك الإيجابية ستنطبع على ملامح وجهك،وقتها حين تنظرين في مرآتك سترين أجمل وجه خلقه الله ...هل تعرفين أنه كلما زاد تقييمنا لأنفسنا ازداد بالتبعية تقييم الآخرين لنا ؟
هدأت أنفاسها ولانت نظرة عينيها وتمتمت بأسف
-كلامك جميل للغاية عبدالرحمن ولكن للأسف هذه وجهة نظرك وحدك أنت فقط من تفكر بهذا المنطق ولا تعطي لجمال الشكل الأولوية بل تنظر إلى الجوهر.
-أنا وكثيرون غيري هكذا أنتِ فقط من اعتدتِ أن تنظري إلى الآراء السلبية فقط وتتجاهلي الإيجابية.
نظرت إليه وعلى شفتيها كلمات مترددة فأشار بعينيه إشارة تعني أن تنطق فتمتمت
-بعيدًا عن تقديرك لي نظرًا للصلة التي بيننا ،إن كانت أمامك فتاة مثلي لديها مرض جلدي واضح هكذا هل يُمكن أن تشعر بميل تجاهها؟
دون تفكير قال
-الأمر لا علاقة له بالمرض الجلدي على الإطلاق إن أحببتها وانجذبت إليها وإلى شخصيتها فلن أرى فيها إلا كل جميل.
ابتسمت نصف ابتسامة وتمتمت
-إذن هناك أمل.
أردف بنبرة صادقة -هناك أمل ما دمنا نفتح الباب في وجه الأمل لا نغلقه شموسة.
امتص بحديثه الكثير من توترها وظلا يتحدثان إلى أن نظر في ساعته وكان بالفعل قد تأخر فاستأذنها وحين ارتدى ملابسه كانت شروق وشيري وسمر وسهر قد حضرن مائدة الإفطار بينما كانت فريدة تساعد فؤاد في تحضير حقيبة المدرسة فوقف عبدالرحمن ليأخذ فنجان النسكافيه خاصته وكانت شروق تجاوره تعد ساندويتشًا وحين انتهت جذبه منها بهدوءِ شديد قائلًا
-سلمت يداكِ.
اتسعت عيناها وأردفت بغيظ وهي تضربه على كتفه
-لم يكن لك يا سخيف.
فابتسم بمُشاكسة وهو يلتهم قطمة كبيرة وانتقلت عدوى ابتسامته إلى شفتيها فهو دائمّا الرفيق والمُقرب إليها أكثر من أي شخص ،معه تضحك من قلبها وتبوح دون خجل حتى أنه يعرف عنها ما لا يعرفه والدها.
هَمّت بعمل ساندويتش آخر ووقفت تُقطع شرائح الخيار بالسكين وهي تنظر إليه قائلة
-مُقابل هذا الساندويتش ستدعوني على وجبة من الدجاج المقرمش في مطعمي المُفضل.
ناظرها بحاجب مرفوع قائلًا
-مُستغلة.
-لن تتهرب مني.
قالتها بمزاح دون أن تنتبه لخط سير السكين وعوضًا عن قطع شريحة من الخيار أصابت سبابتها بجرح طولي وحين انتبهت كان خيط من الدماء يسيل بطول اصبعها فاتسعت عيناها ذُعرًا خاصة والدماء قد بدأت في السيلان على كفها فتعالت أنفاسها ولم تنطق سوى بكلمة واحدة متقطعة بأنفاس متهدجة
-عبدالرحمن.
وحين نظر إليها ورأى ما رأى لم يكن يحتاج إلى إدراك للموقف فليس هناك وقت للإدراك فهدر في شيري التي كانت لتوها تخرج من المطبخ بأحد الأطباق
-شيري احضري حقيبة الإسعافات بسرعة.
قالها وهو يُسرِع بتناول يد شروق فأسرعت شيري لتحضرها
دقائق قليلة وكان عبدالرحمن يقف بجوارها وقد عقم الجرح البسيط وضمد اصبعها بضمادة والبنات حولهما ينظرن بقلق إلى وجه شروق الذي تميل إلى الإصفرار فأردف عبدالرحمن وهو لايزال يمسك كفها يضمده
-لم يحدث شيء جرح بسيط للغاية ولا يحتاج إلى تقطيب لا تقلقي.
كان مجرد مرأى الدم يثير بها خوف بل ذُعر وكانت أنفاسها متسارعة وهي تنظر إلى وجه عبدالرحمن الذي يحاول بث الطمأنينة في نفسها وهو يعرف ما تشعر به ...
لها سنوات وهذا المنظر هو الأصعب عليها ،لا تستطيع رؤية الدماء ...
تخاف من فكرة الإصابة سواء بمرض أو جرح ...
تخاف من فكرة الموت وكل الطرق التي تؤدي إليه ...
تخاف أن تموت في صغرها كأمها...
هاجس لا يتركها منذ سنوات
وسواس يوسوس لها أن مصيرها سيكون كمصير أمها فيسلب منها راحة بالها...
وما عزز هاجسها حُلم
حُلم حلمته منذ سنوات كان تفسيره أن صاحب هذا الحلم سيموت شابًا ذي شأن هام فانطبع الحلم وتفسيره بعقلها الباطن ليصبح هاجسها ،وكلما خطت خطوة هامة في مستقبلها المهني تتذكر ذاك الحلم،وأكثر ما تخاف منه الابتعاد عن بيت أبيها الذي تشعر فيه بالأمان.
ظلت توميء بوجهها وهي تنظر إلى عبدالرحمن الذي يبثها السكينة والطمأنينة تحاول أن تمتص من عينيه أمانًا وحين خرج تيمور وقد ارتدى ملابسه ورأى الوضع وعرف من البنات اقترب منها فألقت نفسها في حضنه دون كلام فاحتضنها بقوة حانية فوجدت واحة أمانها في حضنه وتبادل هو وعبدالرحمن نظرة صامتة ذات مغزى.
-حسنًا حبيبتي،بسيطة إن شاء الله.
قالها تيمور بابتسامة حانية ونبرة مرحة حتى يمتص توترها.
دقائق وكان جميع أفراد الأسرة يلتفون حول طاولة الطعام يتناولون افطارهم في جو أسري جميل وشمس الصباح تنثر أشعتها بحجرة المعيشة فتغمرها بالدفء أما شيري فالوحيدة التي كانت شاردة عن السرب تدعي أنها تتناول الطعام وهي غائبة في عالم آخر ...
عالم لا يسمعها فيه أحد ولا يشاركها أفكارها المجنونة ...
الحمقاء...
جنون فعلا أن تعشق من في حُكم أخيها
ولكن هل للمرء على قلبه سلطان!
ابتليت بحبه وما كان كان...
أما الحماقة فهي في شعورها بالغيرة عليه من شروق على وجه الخصوص...
لا يخفى عن الجميع ارتباطه هو وشروق منذ سنوات
هي تشهد أنها لم ترَ من أي منهما أي تجاوز في يوم ما ولكنها الغيرة التي تنهش في قلبها حين ترى تقاربهما...
حين ترى لجوء شروق له في كل مواقفها...
حين ترى ارتباطها به وأحاديثهما الطويلة...
تتمنى لو كان لها في قلبه مثقال ذرة من مكانة شروق ...
ولكنها بالطبع لن تطلبها
هناك أشياء لا تُطلب لا تُباع ولا تُشترى ...
هي فقط تُطالب قلبها الآن بالكف عن النبش بصدرها بمخالب الغيرة منذ أن رأت كف شروق ساكنًا في كفه وهو يُضمد جراحها ...لقد تمنت وقتها لو كانت السكين أصابتها هي... فنهرت نفسها سريعًا أن وصل تفكيرها إلى هذه الدرجة والآن تحاول لملمة بعثرتها الداخلية فترسم قناعًا من الهدوء والسكينة على وجهها لم تفشل يومًا في رسمه ...
ماهرة هي منذ أحبته في جعل بعثرتها داخلية وكل ما يصدر عنها لا ينم عما يموج به صدرها ...
دقائق مرت لا تعرف كيف مرت وحين أتى وقت ذهابها إلى الجامعة اختارت أن تذهب مع والدها لا مع عبدالرحمن وقبل أن ترحل أردفت لفريدة بابتسامة صغيرة
-ماما.
وألقت نفسها في حضنها ككل يوم قبل ذهابها وعند عودتها ولكنها اليوم أطالت فيما ظنه تيمور دلالا وظنته فريدة تعلقًا محببًا إلى قلبها ،وحدها شيري من كانت تدرك أنه هروب وربما مدد حتى تستطيع المواصلة
-هيا يا مٌدللة.
قالها تيمور وهو يمر بجوارهما في منتصف غرفة المعيشة فابتعدت شيري وهي ترسم على محياها أجمل ابتساماتها فمال هو مُقبلًا رأس فريدة قائلًا
-سلام حبيبتي.
فشيعتهم فريدة قائلة
-تصحبكم السلامة جميعًا.
***
بخطواتِ سريعة رغم عدم حماسه دلف فارس إلى قاعة المحاضرات مُلقيًا سلامًا روتينيًا على الطُلاب وهو ما بين كر وفر من مشاعر متناقضة أصبحت مُسيطرة عليه منذ أن انتبه إلى هذه الطالبة التي تشبه الجنية المُلونة التي يراها تارة بهيئة مُحببة قريبة إلى القلب وتارة لا يراها، لقد قلبت حياته حتى أنه شعر بالجنون،لن ينسى المرة الأخيرة حين رآها في المكتبة وكيف تسارعت دقات قلبه حين رآها وكيف مرت الدقائق بسرعة وكيف شت عقله وقتها من مشاعره حتى أن الشك تلبسه أن هذه الفتاة يوجد منها اثنتين إحداهما كجنية شقية
والأخرى فتاة عادية...
ظل يومها يبحث في سجلات الطلاب لساعات يبحث عن اسم مُشابه أو صلة قرابة تجمع سهر الدسوقي بأي طالبة أخرى سواء في هذه المرحلة أو مراحل أخرى ولكنه لم يجد فَكَذَب ظنه وصَدَق وجهة نظر شقيقته بأنها تلجأ أحيان كثيرة إلى مساحيق التجميل التي تُغير من شكلها ورغم ذلك يتعجب من نفسه فكيف يألف الوجه وملامحه تارة ويَعِف عن النظر إليه تارة رغم عدم قبحها حين تستغنى عن المساحيق ولكنه مال إلى تفسير وهو أنه مال إلى روحها بهيئة مُعينة ولكن الحيرة والتذبذب لايزالان يسيطران عليه لذلك أمر نفسه اليوم إلى عدم النظر جهتها حتى لا يفقد ما تبقى من عقله.
-نفتح الكتاب على صفحة ** .
قالها لطلابه وهو يبدأ في شرح جزأية هامة في مادته وولاه جميعهم الاهتمام وأولهم سهر التي تجلس مُنكمشة تتحاشى أن تتلاقى العيون فيمر الوقت حتى تنتهي المحاضرة ومن ظن نفسه يسيطر على انفعالاته حدث ورفع عينيه إليها أكثر من مرة وفي كل مرة يأتيه الجواب
الإشارة مذبذبة أو الرقم خاطيء.
ألقى سلامًا مُقتضبًا بملامح عابسة "رغم وسامة ملامحه" على طلابه ومعهم نظرة أخيرة على صاحبة الوجه المُحير عله يرى وجهها الآخر الذي يبعثر دقات قلبه ولكنه عاد خائبًا فيحمل حقيبته الجلدية السوداء على كتفه ويغادر القاعة في الوقت الذي كانت فيه "سمر" تقف في الرواق في مواجهة باب قاعة المحاضرات تتصارع بداخلها رغبتان متضادتان ما بين الظهور والاختفاء
إعجابها به يثير بنفسها رغبة شديدة أن يعرفها ويٌميزها عن سهر دون شوشرة وعدم إدراك وقد فطنت من أختها عن كنه نظراته المُرتابة لها
وذرة تعقل تدفعها للتراجع حتى لا تتسبب في مشكلة لشقيقتها ففي النهاية هي لا تعرفه ولا تعرف ردود أفعاله ...
سمر المُشاكسة التي تعشق المُغامرة تخطو خطوة بالرواق وقد تحججت بأن سهر نست حافظة نقودها فأتت لتحضرها لها...
وسمر الراشدة التي تٌلجم جموح الأولى تدفعها للتراجع
وما بين إقبال وإدبار وكر وفر خرج فارس من القاعة قبل موعده بدقائق ليصطدم بها أمامه....
وقف أمامها كصنمِ يتأمل ملامحها الحلوة وعينيها الواسعتين كبحر ممتد فيتراقص قلبه بين ضلوعه لأن الجنية ظهرت فنثرت السعادة من حوله بعصا سحرية...
وبقايا عقل يتسائل
من إذن التي كانت بالداخل؟
تنحنحت سمر وبدأت دقات قلبها في التسارع ولم تستطع النطق وقد أصابها الخجل وهو يمسح على وجهها بنظراته الجريئة المٌتفحصة الحائرة وفي نفس الوقت يتابع خروج الطلاب من القاعة إلى أن خرجت سهر التي تسمرت على بعد خطوات وهي تراهما أمامها فاتسعت عيناه وهو ينظر إليها تارة وإلى سمر تارة ويعيد النظر إليها بتفحص ثم يعود إلى سمر التي بدأت ابتسامة صغيرة في الظهور على شفتيها ولمعت عيناها بجذلِ كالأطفال.
أخذ دقائق معدودة للغاية لإدراك اللُعبة وحين تمالك نفسه ووجد لسانه أردف لسهر بنبرة آمرة وهو يُشير لها بسبابته
-تفضلي هنا أمامي.
اقتربت بخطوات بطيئة وقد جف حلقها فقط من تحديقه فيها وإدراكه للأمر ووقفت بجوار سمر وهي تتمنى أن تٌتاح لها الفرصة الآن فتجذبها من شعرها وتُشبِعها ضربًا
-أين الكارنيه الخاص بكِ؟ قالها بحدة لسهر
ففتحت حقيبتها بسرعة لتحضره ولكنها لم تجد حافظتها التي بها النقود والهويات خاصتها فحين نزلت صباحًا مع عبدالرحمن يبدو أنها نسيتها فشحب وجهها ولكن سمر ألقت إليها -طوق نجاة- حين مدت لها يدها بحافظتها قائلة بثبات
-خُذي حافظتك نسيتها بالبيت صباحًا لذلك أتيت لإحضارها.
جذبتها منها بحدة وأخرجت هويتها الجامعية وأردفت بتوتر
-تفضل.
جذبها منها وقرأ الاسم ونظر إلى الصورة بنظرة قاتمة وهو يقارنها بملامح وجهها متمتمًا
-إذن أنتِ سهر عمر الدسوقي الطالبة بالدراسات العليا؟
-نعم أنا.
قالتها مؤكدة بصوتِ مُضطرب
فأردف وهو ينظر إلى سمر بحاجبِ مرفوع ونظرة ثاقبة
-والأستاذة من؟
-سمر الدسوقي ... توأمتها.
قالتها سمر دون تفكير لتزيح الستار عما ظنته يومًا لُعبة.
مط شفتيه وهو يناظرهما معا ... سهر تكاد تسقط مغشيًا عليها وقد تعرقت توترًا وقلقًا وسمر التي تضوي أمام عينيه كأنها نجمة متلألئة... هكذا إذن اثنتين كما ظن ولكنه لم يكن يعرف من أين يمسك طرف الخيط حتى كاد أن يٌجن.
-وتوأمتها ماذا كانت تفعل في قاعة المحاضرات ولمَ نسبت إلى نفسها اسمها؟ قالها بنظرة متوعدة شحبت لها ملامح سهر وشعرت ببرودة تسري في أوصالها وفقدت النطق وقبل أن ترد سمر عوضًا عنها أردف فارس بنبرة مٌهيمنة وقد وضعهما بين فكي الكماشة ولا تستطيعان الفرار
-في أي كلية أنتِ أولًا؟
قالت سمر بهدوء وروية
-أنا خريجة فنون تطبيقية وأعمل في مجال الرسم.
أومأ برأسه وهو يتذكر الرسم المٌتقن لملامحه وتمتم
-ولمَ كُنتِ تحضرين عوضًا عنها؟
كانت تناظره بثبات وعينيها بعينيه مٌتكافئتين النظرة بالنظرة دون أن يكون بينهما حجاب
تمتمت سهر من بين أسنانها بنحيب غير مسموع
-منكِ لله يا سمر منكِ لله.
فترد سمر بنفس الثبات والثقة
-هما مرتان فقط كانت عيناها مٌتعبتان وقد أجرت بهما عملية ولم تستطع الحضور.
-ومن تجري عملية بعينيها تكذب وتٌحضِر بديلة عنها؟
قالها موجهًا استيائه إلى سهر فأردفت سمر بسرعة
-هذا لأنك تٌشدد على الغياب وتٌعطي درجات عليه ماذا كانت ستفعل؟
اتسعت عيناه من جرأتها وجدالها وراق له -لا ينكر-
لكزتها سهر في كتفها وأردفت برجاءِ
-أعتذر جدًا دكتور فارس كما قالت لك كنت مريضة وبإذن الله لن تتكرر.
لم يكن من طبعه أذية أي طالب ولكنه أردف فقط ليشاكس سمر ويستثيرها
-ومن أدراني أنها لم تحدث من قبل في امتحان من الامتحانات مثلًا ؟
وهذا يُعد تزوير في أوراق رسمية.
أدركت سهر هنا أنها هالكة لا محالة وشعرت بطنينِ في أذنيها وثقل في رأسها فكان دور شقيقتها لتُغمغم باستنكار وبعينين متهكمتين تناقضان عيني أختها المفزوعتين
-مهلًا مهلًا هل هذا الكلام منطقي؟
من هذه التي كانت تدخل بدلًا منها في امتحانات؟ أنا!
أنا إذا دخلت بدلًا منها فبالتأكيد لن تكن من المتفوقين وتصل إلى هذه الدرجة العلمية،وهل أفهم أنا في المٌركبات الكيميائية والعقاقير الطبية خاصتكم ؟
وعلى يدك حين أجريت اختبارًا مٌفاجئًا هل استطعت أن أكتب حرفًا ؟ لقد رسمتك يا دكتور لأنني لا أفقه في دراستكم شيئًا!
كانت تتحدث بانطلاق بكلمات مُرتبة كأنها تحفظها دون أن تعطيه المجال للرد وكان يُجاهد جهادًا مستميتًا حتى لا يضحك على طريقتها التهكمية فآثر أن يبتعد الآن حتى يٌرتب فوضى مشاعره وحتى لا تصدر منه أي انفعالات غير مرجوة فحافظ على جمود ملامحه وأردف وهو يناظر سهر بنظرة قاتمة
-لا تتكرر مرة أخرى يا دكتورة .
أومأت له برأسها وقد عادت الدماء تتدفق في وجهها ثم ألقى نظرة طويلة نسبيًا على سمر قابلتها بابتسامة ساحرة فولاهما ظهره وحين فعلها لاحت ابتسامة راضية على وجهه
إذن هي سمر...
هكذا إذن اكتملت قطعة البازل الناقصة لتكتمل الصورة
يليق عليها الاسم تمامًا كما يليق على شقيقتها اسمها
-حسنًا يا سمر لنرى ما تحمله لنا الأيام .
قالها لنفسه بملامح متبسمة وهو يشعر أن هناك حبل يمتد بينه وبينها وأن الأيام ربما تحمل لهما المزيد.
***
نهاية الفصل الرابع
قراءة ممتعة بإذن الله








Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 26-12-22, 08:26 PM   #62

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

ياروحييييييييييييي على الحلاوة
شيري شفقت عليها بجد
اكتر لسه من عبد الرحمن
مجرد تشوف ان قريب من الكل بيوجع والبنت اصلا حسحاسة بزيادة
حبيتتت بجد
تسلم ايدك يا هوبة فصل تحفة


ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-22, 09:31 PM   #63

Dina abd elhalim

? العضوٌ??? » 434126
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » Dina abd elhalim is on a distinguished road
افتراضي

جميل جدا جدا
بزعل اوى لما الاقى الفصل خلص


Dina abd elhalim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-22, 10:14 PM   #64

Solly m

? العضوٌ??? » 434739
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 460
?  نُقآطِيْ » Solly m is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك يا قلبي فصل ممتع 😍😍😍😍

Solly m غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-22, 11:24 PM   #65

سناء يافي

? العضوٌ??? » 497803
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 447
?  نُقآطِيْ » سناء يافي is on a distinguished road
افتراضي ازهرت بساتين الورد

فصل راىع تسلم ايدك حبيبتي شيري وضعها صعب هي وعبد الرحمن

سناء يافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-22, 12:26 AM   #66

ines e

? العضوٌ??? » 462884
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 257
?  نُقآطِيْ » ines e is on a distinguished road
افتراضي

اول مرة اتابع قلمك البداية رائعة حبيت الرواية كتير سواء السرد او المواضيع المطروحة برغم في شغلات موش واضحة بالنسبةالي لانه مو متابعو اول جزء
شيري و جمالهاحبيت شخصيتها بس بالفصل الاخير صعبت عليّا اتمنى عبد الرحمان يحس بحبها
متشوقة لحكاية شيري و تفاصيلها
تسلمي


ines e غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-22, 09:33 AM   #67

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ines e مشاهدة المشاركة
اول مرة اتابع قلمك البداية رائعة حبيت الرواية كتير سواء السرد او المواضيع المطروحة برغم في شغلات موش واضحة بالنسبةالي لانه مو متابعو اول جزء
شيري و جمالهاحبيت شخصيتها بس بالفصل الاخير صعبت عليّا اتمنى عبد الرحمان يحس بحبها
متشوقة لحكاية شيري و تفاصيلها
تسلمي
تسلميلي حبيبتي على الانطباعات الحلوة 💓 طبعا هيفرق كتير لو قرأتي الجزء الأول هتتضح الصورة بشكل مُفصل 🌸 الجزء الأول موجود كامل على المنتدى ومعاه لينك التحميل🌸


Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 27-12-22, 12:25 PM   #68

Megd

? العضوٌ??? » 463024
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 52
?  نُقآطِيْ » Megd is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل و رائع و ممتع كالعاده و بيخلينى انتظر المزيد

Megd غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-22, 10:54 PM   #69

الين بيير

? العضوٌ??? » 496022
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 54
?  نُقآطِيْ » الين بيير is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع ❤❤❤ مشاهد شيري سرد يخطف سلس و سهل بنفس الوقت عميق ومعبّر خصوصي في وصف مشاعرها قدرت تلامس قلبيي
من هي للحظة بعلن دعمي ل شيري
موفقة و وايتنغ الفصل القادم


الين بيير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-12-22, 01:11 PM   #70

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,966
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

مسا الورد فصل تحفة
شنس بتفهماختلاجات عقلها نحنا مجتمع منهتم بالمظاهر وأفكارنا ببعض الاحيان للاسف منخاف من كل شي غير معروف او مطلعين عليه
شيري بتحب عبد الحمن وعبد الر٠من بيحب شروق الثصة فعلا معقدة بغض النظر عن نشاتن مع بعض
سهر مهضومة وقوية وفارس حب هالمزيج المهم تكون تقربها بعيد عن مجرد ل٧بة ابدعت بالسر السلس والعفوي


Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:19 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.