آخر 10 مشاركات
مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          594- فراشة الليل -روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : Just Faith - )           »          قـيد الفـــيروز (106)-رواية غربية -للكاتبة الواعدة:sandynor *مميزة*كاملة مع الروابط* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          319 - زواج غير تقليدي - راشيل ليندساى - احلامي (اعادة تنزيل ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          307 – الحب والخوف - آن هامبسون -روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          غزة والاستعداد للحرب القادمة (الكاتـب : الحكم لله - )           »          253- لعبة الحب - بيني جوردن - دار الكتاب العربي- (كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2701Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-12-22, 08:23 AM   #41

Samarsharaby

? العضوٌ??? » 389134
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 591
?  نُقآطِيْ » Samarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond reputeSamarsharaby has a reputation beyond repute
افتراضي


زائغة سلمت يداك

Samarsharaby غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-12-22, 09:23 PM   #42

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ألف مبروك ياهبة روايتك الجديدة و التى أعادت لنا شخصيات نحبها و نعتبرها من الأصدقاء المقربين

دمتى بكل خير لأحبابك يا مبدعة

Amira94 and Heba aly g like this.

موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-12-22, 12:30 AM   #43

halloula

? العضوٌ??? » 74478
?  التسِجيلٌ » Jan 2009
? مشَارَ?اتْي » 988
?  نُقآطِيْ » halloula is on a distinguished road
افتراضي

ألف مبروك الرواية الجديده
هبه
التوفيق والنجاح ان شاءالله


halloula غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-22, 04:06 PM   #44

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس الفصل الثالث
لم تجد سمر بالغرفة فظنتها قد نامت في إحدى الغرف الأخرى فتفاجأت حين دلفت سمر إلى الحجرة ترتدي كامل ملابسها وبيدها فنجان نسكافيه فأردفت سهر باهتمام
-إلى أين في الصباح هكذا؟ لقد سهرتِ طوال الليل!
تنحنحت سمر وتمتمت ببراءة هي أبعد ما تكون عنها
-سأذهب معكِ إلى الجامعة حبيبتي.
-نعم؟
قالتها سهر باستنكار فأردفت سمر بسرعة
-قلتِ بالأمس أنكِ ستجلسين بالمكتبة لعمل بحث فرأيت أنه من واجبي كأخت مع ظروف عينيك المُتعبتين أن أذهب معكِ وأساعدك أكتب بدلًا منكِ أو أبحث معكِ عن مرجع ما.
رفعت سهر حاجبيها دهشة ولكن سرعان مازالت دهشتها وهي تدرك السبب الحقيقي...
ومن غيرها يفهم توأمتها ويدرك ما تخفي وما تعلن!
حرف واحد هو ما يميز بين اسميهما ورحلة عمر تشاركاها منذ الميلاد وحتى اليوم بملامح متطابقة وأرواح متألفة كفيلة بأن تقرأ كل منهما دواخل الأخرى فأردفت سهر بسخرية
-ومنذ متى وقلبك طيب هكذا؟
أخذت سمر رشفة من كوب النسكافيه ثم أردفت بنبرة متسلية
-منذ زمن حبيبتي.
ناظرتها سهر بابتسامة غامضة دون رد،تعرف أنها تريد الذهاب من أجل رؤية الدكتور فارس،لن يخفى عليها إعجابها به...
تظٌن الأمر لُعبة هذه المٌتلاعبة ولا تعرف أنه لو كُشِف أمرهما ستتضرر هي
ولكنها ستهادنها اليوم وتأخذها معها تستفيد منها فعلا وتساعدها في البحث
لن يضرها شيء ففارس ليس لديه محاضرات اليوم ولا يأتي الجامعة ولكنها لن تقول لها
حيلة مُقابل حيلة والباديء ليس أذكى ...
-حسنًا حبيبتي أدامك الله نعمة في حياتي.
قالتها سهر بابتسامتها الغامضة قبل أن تخرج كل منهما خلف الأخرى
أحداهما لا يشغلها سوى دراستها وعملها
والأخرى قررت اتباع قلبها في رحلة قصيرة مٌشاغبة لا ترجو منها سوى التسلية
التسلية ليس أكثر...
***


Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 16-12-22, 06:15 PM   #45

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

🥰🥰🥰 ويشوفوا فارس و يفهم الملعوب 💃💃💃

ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-22, 08:53 PM   #46

سوهي(زهور الربيع)

? العضوٌ??? » 491859
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » سوهي(زهور الربيع) is on a distinguished road
افتراضي

وهيجي ابو الفوارس ان شاء الله ويكتشفهم 😌❤️

سوهي(زهور الربيع) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-22, 07:50 AM   #47

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,966
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

وأزهرت بساتين ورد
فصل رووعة
شمس ومرض جلدي البهاق حبيت عبد الرحمن وخميتو تحاهها فعلا الناس ضيقة الافق وشمس بحاجة لدائرة اصدقاء غير الموجودة معها والكتابة راح تفسح الحرية امامها لتنطلق وخصوصا بموهبتها
حبيت سمر بشقاوتها وقدرة فارس عا اكتشاف هالشي من نظراتها المعضلة لما رجعت سهر للدوام وحيرتو تجاها
عبد الرحمن بعد ياالي صارلبنت لسى بعمر الزهور خقو يقلق عااخوتو
بحب السرد الملئ بالمشاعر السلسة والعفوية ابدعت تسلم ايدك يارب


Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-22, 10:30 PM   #48

عبير سعد ام احمد
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبير سعد ام احمد

? العضوٌ??? » 351567
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » عبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

فارس هيروح معقولة سمر تروح علي الفاضي

عبير سعد ام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-22, 05:45 PM   #49

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور للجميلة و هوبة و ريحة الورد

ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-22, 06:52 PM   #50

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث
***
عٌملة الحياة
حب وأمل وجهان لعُملة واحدة،دونهما تصبح الحياة فقط بالأبيض والأسود وبهما تصير بألون الطيف مُجتمعة،بمذاقِ العسل وعبير الزهور.
(أمرنا نحن مازن المسيري وكيل نيابة *** بحبس المُتهم أربعة أيام على ذمة التحقيق ويُراعى التجديد .... )
يوم عمل شاق قضاه مازن بعمله جعله ما إن أنهى التحقيق مع أخر متهم في إحدى القضايا الموكل بها حتى استرخى بجسده يستند على ظهر مقعده وهو يُحرِك رقبته يمينًا ويسارًا فتُصدر صوت طرقعة تسترخي بعدها عضلاته تدريجيًا.
رن هاتفه الموضوع على سطح المكتب فرفع السماعة قائلًا
-نعم.
-انتهيت مازن؟
قالها بلال صديقه الشخصي وزميله بنفس الهيئة فأردف مازن
-نعم، وأنت؟
-نعم هيا بنا إذن فأمامنا يوم طويل.
بعد ساعتين
كان مازن وبلال يقفان أمام البناية التي يقطنها الدكتور فؤاد وأسرته يتابعان باهتمام الونش الذي يرفع الأثاث الخاص بالشقة الجديدة التي اشتراها مازن بالطابق الأخير بالبناية وفي الشرفة بالأعلى يقف مُعاذ صديقهما الثالث يتابع صعود قطع الأثاث بينما "هَيَا" ابنة مازن تلهو بمدخل البناية أمام عيني والدها.
***
كانت فريدة تجلس في غرفة المعيشة بجوار الدكتور فؤاد تعطيه دوائه في الوقت الذي خرج فيه فؤاد الصغير من غرفته وهو يرتدي حلة رياضية وأردف
-سأذهب ماما.
رفعت عينيها إليه قائلة بقلقِ لم يُغادرها بعد وكأنه طفلُ صغيرُ في الرابعة
-انتظر حتى أُعطي جدك الدواء وآتي لأوصلك.
امتقعت ملامح الصبي وأردف مُستنكرًا
-والله لا يحدث ،هل مازلت صغيرًا حتى تأتي معي لمنتصف الشارع حيث بيت خالتي!
ابتسم الدكتور فؤاد وبداخله يشعر بإعجاب بشخصية حفيده التي تنمو وتميل إلى الاستقلالية فأردفت فريدة بحنانِ
-وماذا بها فؤاد ؟ أنا فقط أخاف عليك.
مال على رأسها بقٌبلة وغمغم
-مروان ينتظرني ماما سأبقى معه نذاكر ونلعب،لا تقلقي.
غمز لها الدكتور فؤاد بعينه إشارة بألا تُضيق على الصغير الذي خرج من الشرفة مُتجهًا إلى الخروج من باب الحديقة فوجد -سميرة- زوجة سالم حارس البناية أمامه والتي مسدت على شعره بابتسامة صغيرة قبل أن يستقر بها الحال جالسة مع الدكتور فؤاد وفريدة في غرفة المعيشة تحكي لهما باهتمام عن الساكن الجديد قائلة
-سالم قال لي أن اسمه السيد مازن يعمل وكيل نيابة، زوجته متوفاة ومعه طفلة صغيرة في الخامسة وهو صديق للأستاذ بلال الذي يسكن في بناية الأستاذ سامر والأستاذ فادي.
ابتسم الدكتور فؤاد قائلًا
-وكالة أخبار مُتنقلة أنتِ يا سميرة.
ابتسمت له ابتسامة صافية أما فريدة فقد غامت عيناها بالدموع فأردف الدكتور فؤاد متسائلًا
-ماذا بكِ يا ابنتي؟
قالت بصوتِ مُتحشرج
-أبدًا تذكرت الحاجة تهاني، لا أصدق أنها توفت وشقتها تُباع وسيسكنها غيرها،لازلت أشعر بوجودها وأنتظر طرقها على الباب للسؤال عنا.
تمتم بنظرة شاردة
-رحمها الله ،حال الدنيا يا ابنتي ماذا سنفعل؟
أخذت سميرة تحكي كل ما تعرفه عن الساكن الجديد إلى أن أدركت أن الوقت أخذها فهرولت لتنزل إلى بناتها بشقتهم في المرآب.
***
كان والدها يقف مع عمها بلال أمام بوابة البناية يسدان عليها طريق الخروج فيجبرانها على التحرك بالمدخل فقط حين رأت عصفورًا صغيرًا بألوان مٌتداخلة يحط بجناحيه أرضًا يلتقط حبة منثورة على الأرضية فابتسمت هَيَا
(ذات الجسد الصغير النحيف الأقل من سنوات عمرها الخمس والعقل النشط الذي يجعلها في حالة حركة مستمرة)
وهي تقترب من العصفور بحرصِ ولكنه ما إن شعر بها حتى التقط غنيمته مُحلقًا بمهارة نحو حديقة الدكتور فؤاد عبر الباب الغير مُحكم الغلق منذ دخول سميرة التي نسيت أن تُغلقه
خطت الصغيرة بقدميها نحو الحديقة بجرأة خلف العصفور وحين دلفت شعرت كأنها دخلت الجنة التي يحكي لها والدها عنها
الجنة التي دخلتها والدتها بعد ولادتها ...
والتي لحقتها إليها جدتها منذ فترة قصيرة ...
فالشمس كانت تميل إلى الغروب والسماء مٌلونة بظلال صفراء وبرتقالية مع خطوط حمراء والحديقة بها أشجار متناسقة كلها بحجم واحد وورود تملأ الأصص بكل الألوان التي درستها في الروضة ونسائم هواء مٌنعش يضرب بوجهها فتبتسم وهي تتعمق بخطواتها داخل الحديقة تتابع بعينين مفتونتين أسراب العصافير المُتنقلة بين الأشجار مُصدرة أصواتًا شديد العذوبة
أما بالداخل فخرجت سهر من غرفتها ترتدي ملابسها كاملة وتمتمت لأمها التي تجالس جدها
-أنا ذاهبة إلى الصيدلية ماما،هل تريد شيء جدو؟
لم يسمعها الدكتور فؤاد الذي كان قد نزع سماعات أذنيه أما فريدة فأردفت باهتمامِ
-عيناكِ أفضل الآن حبيبتي ؟ هل ستستطيعين التركيز؟
قالت سهر بابتسامة حلوة ووجهها يضوي تحت ضوء الشمس بلونه الخمري الطبيعي
-نعم حبيبتي أصبحت أفضل كثيرًا وحمدًا لله استغنيت لأول مرة عن النظارة والعدسات.
-حمدًا لله.
قالتها فريدة وهي تُربت على كتفها فاقتربت سهر وألقت نفسها في حضن أمها لتضمها فريدة بحنانِ،كبُرت وشبت ولكن هناك جزأ بداخلها لايزال يحتاج إلى حنان أمها وضمة حانية كفيلة باعطاءها الأمان والسكينة .
-ما هذا؟
قالتها سهر بتعجب وهي تبتعد عن أمها خطوة للخلف وتثبت عينيها خارج الشرفة المفتوحة وهي ترى جسد -هَيَا- والصغيرة تنظر إليهما باتساع عينيها
التفتت فريدة هي الأخرى لتتسع عيناها قائلة
-من هذه وكيف دخلت إلى هنا؟
اقتربت سهر من الصغيرة وخلفها فريدة فأردفت الأولى
-من أنتِ؟
رفعت هيا عينيها إلى سهر وتمتمت بهدوءِ
-أنا هيا.
قالت فريدة باهتمام وهي تنزل بجسدها حتى مستوى جسد هيا
-هيا من؟
قالت الصغيرة بنبرة شديدة العذوبة
-هَيَا مازن المسيري.
نظرت كل من سهر وفريدة إلى الأخرى وأردفت سهر بابتسامة حلوة
-ماذا تفعلين هنا هيا؟
التفتت الصغيرة إلى الحديقة خلفها قائلة
-كنت بالخارج مع أبي وجئت إلى هنا خلف العصفور.
تمتمت فريدة بإدراك متأخر وهي تسمع صوت جَلَبَة بالخارج
-سهر غالبًا هذه ابنة الساكن الجديد الذي ينقل أثاثه إلى هنا وغالبًا الجَلَبَة بالخارج لأنهم لا يجدونها.
وبالخارج كان مازن وبلال يهرولان بمدخل البناية وخارجها ومازن يصيح بانفعال حاد
-أين ذهبت نحن نقف أمام البناية؟
فأردف بلال الذي بحث بالخارج جيدًا
-لا تقلق لم تخرج خارج البناية ربما صعدت عند معاذ.
هَمّ مازن بالصعود إلى الأعلى فأوقفه بلال وهو يُسرع إلى داخل البناية
-انتظر أنت هنا أنا سأصعد للبحث في كل الطوابق.
فشعر مازن بالتوتر يغمره ويشل عقله والخوف يسيطر عليه رغم معرفته أنها لم تخرج إلى أن فُتِح باب حديقة الدكتور فؤاد وظهرت منه سهر التي كانت تمسك هيا بيدها وهو حين رأى ابنته انقض عليها وجذبها من يد سهر هادرًا فيها بحدة
-أين كنتِ هيا؟
شعرت الصغيرة بالخوف من صوته الحاد فلاذت بالصمت وتنحنحت سهر حرجًا فالتفت مازن لها يتطلع في وجهها الذي يغمره الخجل الفطري مٌضافًا إليه حرجها منه وهو بهذه الحالة وهي لا تعرفه ،نظر إلى سهر لثوان فأردفت بصوتِ يميل إلى الخفوت
-هي دلفت إلى حديقة بيتنا خلف عصفور .
-نعم كان عصفورُ جميلًا بابا.
قالتها هيا ببراءة وبعينين لامعتين شغوفتين فأردف وهو يجز على أسنانه ولاتزال أنفاسه تهدر بصدره
-هكذا هيا!
لمعت عيني سهر بابتسامة دون أن تبتسم شفتيها في الوقت الذي ظهر فيه بلال ومعاذ معا وأنفاسهما مُتسارعة ولكن ما إن وجدا هيا مع والدها حتى اطمئنا وقد ظنا لوهلة أنها تاهت.
تنحنح مازن قائلًا بصوتِ جاد وهو يتذكر أن سالم أخبره أن بهذا الطابق يسكن أكبر سكان البناية عمرًا برفقة ابنه وزوجته وأحفاده
-أشكرك يا آنسة.
-العفو.
رددتها سهر بخفوتِ وأردفت هيا بحماسِ
-اسمها سهر.
نظر مازن إلى ابنته نظرة لينة وانصرفت سهر بحرجِ من الثلاث رجال الواقفون أمامها ذاهبة إلى الصيدلية الواقعة في نهاية الشارع والتي تعمل بها من قبل تخرجها.
***
في المساء
كان فارس يقف في شرفة منزله يرتشف من كوب الشاي الساخن بشرودِ وعينيه ترسمان ملامح شديدة العذوبة يكاد يرى وجه صاحبتهم في الأفق الممتد وحيرة تتملكه تغمره فتغرقه عن كنه مشاعره المتناقضة في المرتين اللتين رآها فيهما
-في ماذا تشرد يا حبيبي؟ أقطع ذراعي إن لم يكن خلف الشرود هذا فتاة.
قالتها شقيقته جهاد بسخرية لاذعة وقد لاحظت تغيره الفعلي وشروده وهي تقف خلفه تضع أناملها فوق كتفه
التفت نحوها بابتسامة ساخرة قائلًا
-دون قطع ذراعيكِ حبيبتي هو كذلك.
صفقت بكفيها بجذلِ كالأطفال وهي تقول
-أخيرًا ستفعلها.
-أفعل ماذا يا مجنونة هل صدقتي؟
اتسعت عيناها وقبل أن ترد أردف هو بنبرة بعيدة كل البٌعد عن السخرية
-لم يصل الأمر إلى هذا الحد.
ثم التفت إليها وقد تبدلت نبرته للجدية قائلًا
-بنت يا جهاد بما أنكِ المُفترض بنت هل تستطيعين فك شفرة شيء ما خاص بالإناث؟
ناظرت الجدية بعينيه وأردفت لتستدرجه في الكلام
-أحاول.
فأردف باقتضاب حائر وهو يتذكر اللحظات القصيرة التي تكاد تتسبب له في الجنون
-كيف تستطيع فتاة واحدة أن تتلون فتصبح في موقفين مختلفين كأنها فتاتين ليست واحدة؟
ارتسم الجهل بعينيها وعلى محياها فتمتمت
-وضح أكثر.
-هي فتاة عندي بالدراسات العُليا لم أنتبه لها سوى من أيام قليلة رأيتها فعليا مرتين ،في المرة الأولى كانت بهيئة وفي المرة التي تلتها كانت بهيئة مٌغايرة كأنها ليست هي.
قال كلماته بشرودِ لاحظته جهاد ليكمل بعد توقف دقيقة بنفس الشرود
-ولكنها هي.
أخذت جهاد تتحدث معه بهدوءِ شديد لتفهم مغزى كلماته تسأله فيرد عليها إلى أن قالت له أخيرًا
-إن لم يكن لها أخت أو ابنة عم بالدفعة تشبهها في الملامح فتجعلك تشعر بهذه الفجوة فالبنات في هذا الزمن أصبح باستطاعتهن تغيير ملامحهن في بضع دقائق، ذات الأنف الكبير تستطيع أن تصغره وذات الشعر القصير تستطيع أن تطيله،أصبحت هناك مستحضرات تجميل تنحت الوجه فتخفي عيوبه وتُظهره بشكل جذاب فترى الفتاة كل يوم بشكلِ مُختلف حتى أصبح يصعب على الشاب التعرف على ملامح وجه الفتاة ولون بشرتها الحقيقي .
اتسعت عيناه وهو يتابع حديثها،يعرف حتما بشأن مستحضرات التجميل التي تضعها الفتيات ولكن شعوره بالأمر مع هذه الفتاة مٌختلف،شعور لا يستطع وصفه
فأردف باستهجان
-لهذه الدرجة؟
-وأكثر من هذه الدرجة.
قالتها وهي تسحب هاتفها من جيب بنطالها وتفتح تطبيق اليوتيوب وهي تردد
-تعال لترى بنفسك كيف تكون الفتاة قبل وكيف تصبح بعد أن تضع بضع لمسات من مساحيق سحرية تُضفي على وجهها نضارة وجمال تفتقر إليه.
وقف بجوارها يستند كل منهما على إطار الشرفة الحديدي يتابع بذهول ما تعرضه أمام عينيه فيتذكر الطالبة التي كانت في أول مرة بشكل وفي الثانية بشكلِ آخر فأردف باقتضاب وهو يبعد الهاتف بكفه رافضًا رؤية المزيد
-يغيرن كل هذا قبل الزواج ومفهومة ولكن ماذا سيفعلن بعد الزواج ما إن تغسل إحداهن وجهها؟ وماذا عن البائس الذي خُدِع؟
قهقهت جهاد ضاحكة على ملامح أخيها المتجهمة وتمتمت
-يكون البطل قد وقع في الفخ والذي كان كان ماذا سيفعل !
زفر نفسًا ضائقًا ثم أردف بجدية
-بخصوص هذه الفتاة فالأمر ليس بهذه الصورة فهي في المرتين كانت حلوة الملامح .
تنحنح لا يعرف كيف يوصل فكرته وهي تدقق النظر فيه ولسان حالها يقول
(وقعت يا أخي ولم تجد من يُسَمِ عليك)
فأكمل هو بارتباك
-الأمر يتعلق بالروح هل تفهميني؟
قبل أن ترد كانت والدتهما تخرج من رواق الغرف إلى غرفة المعيشة فأردفت جهاد متهكمة
-أبلة الناظرة.
فتتبسم ملامح فارس ويرن جرس الباب فتسرع مهيرة لفتحه وهي تعلم من الرنة المنغمة من الطارق فيسبقها قلبها قبل قدميها لتفتح الباب.
***
في غرفة المعيشة الخاصة بالبنات والموجودة بنهاية رواق غرفهن تجلس سمر أمام إحدى اللوحات التي تعمل عليها منذ عدة أيام والخاصة بالمعرض القادم والذي ستشترك به تدندن بكلمات أغنية قديمة بصوتِ عذب ورغمًا عنها تشرد عن اللوحة التي أمامها في صورة رسمتها منذ أيام لملامح لا تعرف لمٓ لا تخرج من ذهنها وقد رسخت به بكل تفاصيلها...
أما شروق فكانت مُستلقية على الأريكة أسفل النافذة تستمتع بصوتِ سمر العذب وتٌقلب بهاتفها بلا حماس إلى أن أتتها رسالة على تطبيق الواتساب
-كيف حالك شروق لي فترة لم أراكِ.
كانت الرسالة من كريم ابن عمها وليد صديق والدها المُقرب والذي نشأت بينهما علاقة صداقة منذ سنوات والذي وطدها أكثر أن شقيقته صديقتها الصدوقة
-بخير حال كريم طمأنني عليك كيف حالك؟
ظلا يتبادلا الأسئلة ليطمئن كل منهما على الآخر إلى أن كتبت له
-وأخبار مهامك السرية؟
كتبتها قاصدة ألا تذكر شيء عن سره الذي يخفيه معها ورغما عنها صدرت منها ضحكة فالتفتت نحوها شيري وسمر وشمس ولكنها لم تولي احداهن اهتمامًا
كتب لها وبداخله شعور غريب بالارتياح أنها تشاركه سره الذي يخفيه عن والديه ولا يعرفه سواها هي وشقيقته والاثنتين يستأمنهما على روحه
-مهامي السرية على ما يرام ما رأيك لو أرسلت لكِ أخر ما قمت به؟
لمعت عيناها بالحماس وكتبت
-هيا ارسل وكالعادة حكمي عليك سيكون قاسيًا.
ابتسم ابتسامة باهتة وهو يرقد في فراشه بعد يوم عمل طويل وغمغم لنفسه دون بوح
(لا تعرفين أنتِ أن قسوتك هذه منتهى الحنان.. فقط لو تظلي دائمًا )
حرك وجهه يمينًا ويسارًا نافضًا أفكاره ثم أرسل لها مباشرة وظل ينتظر رأيها باهتمام وقلق.
***
حين توقفت سمر عن الدندنة وركزت في الرسم بملامح متجهمة آمرة عقلها أن يٌخرج ملامح فارس من رأسها سحبت شيري آلة الكمان المجاورة لها على المنضدة ثبتتها على كتفها وتحت ذقنها وبيدها الأخرى بدأت بتمرير القوس فوق أوتار الكمان فتعزف موسيقى من أعذب ما يكون ممزوجة بشجنِ لا يعرف أحد سببه فأردفت سمر بخفوتِ لشمس التي تجلس بجوارها
-عزفها رائع ولكن لا أعرف لمَ يخالطه دائمًا الشجن.
تنهدت شمس قائلة وقد لامست الألحان المؤثرة التي تغلف الأجواء أوتارها الحساسة
-ومن منا يحيا دون شجن؟
بالخارج
كان تيمور وفريدة يجلسان على طاولة السفرة والأول يتناول غدائه الذي صار عشاءّ بعد يوم عمل طويل،الأجواء هادئة بعد نوم الدكتور فؤاد والجدة عايدة والبنات في الجناح الخاص بهن وعزف شيري يغمر المكان بالدفء فأردف تيمور متسائلًا
-هل عادت سهر يا فريدة؟
قالت وهي تأخذ رشفة من مشروب الشوكولاتة الساخن
-لا،سهر وعبدالرحمن وفؤاد بالخارج.
رفع حاجبيه قائلًا
-لمَ تأخر فؤاد هكذا؟
قالت ضاحكة-هو لا يريد العودة يريد البيات مع مروان وزيزو.
-غالبًا هذا الولد يعيش معنا على مضض.
قالها ساخرًا فأردفت بابتسامة
-هو فقط ينسجم معهما لأنهما من سنه لاحظ أنه هنا لا يوجد أحد من سنه.
ظلا يتحدثان قليلًا عن الأولاد ويحكي لها عن يومه وتفعل المثل إلى أن أنهى طعامه وأردف وهو ينظر بساعته
-سأذهب لأحضر سهر وفؤاد.
-هي قالت لي أنها ستمر عليه وتحضره معها.
استقام واقفًا وهو يقول
-لا تدعيها تأتي بمفردها في المساء ،الأجواء خريفية والشوارع بدأت في السكون مبكرًا.
ثم أردف بمزيج من قلق واهتمام
-أنا لا أحب الورديات المسائية هذه.
قالت موضحة وهي تقف أمامه -اضطرت لها لأنها صباحًا تنشغل بمحاضراتها.
ثم ربتت على كتفه قائلة بابتسامة عذبة مُقدرة لخوفه واهتمامه
-هي تأتي قبل العاشرة لا تقلق.
هَمّ بالخروج في الوقت الذي ارتفع فيه رنين هاتفها فردت على عبدالرحمن الذي سألها
-هل عادت سهر؟
فأردفت -لا ولكن انكل تيمور سيخرج ليعيدها هي وفؤاد.
-أنا بالخارج أمي سأمر عليهما أنا.
-حسنًا حبيبي.
قالتها وهي تشير لتيمور ألا يخرج فعاد بعد أن وصل إلى باب الشقة.
***
بمدخل البناية التي تسكنها فدوى وفادي بالطابق الأرضي كان عبدالرحمن وسهر يقفان أمام بوابة الحديقة الخاصة بشقة خالتهما فدوى يقنعان فؤاد أن يعود معهما فأردفت فدوى وهي تحتضن فؤاد
-دعه عبدالرحمن يبيت معنا.
جذبه عبدالرحمن من ملابسه بلين وأردف ساخرًا
-كنت أتمنى خالتي ولكننا لا نستطيع البقاء دونه.
خرج فادي من باب حديقته المقابل ليأخذ ابنه هو الآخر فأردف وهو يحيط كتفي سهر بذراعه
-كيف حالك حبيبتي ؟
أردفت بابتسامة عذبة -بخير يا خالو.
في الوقت الذي كان مازن ينزل هو وابنته من عند صديقه بلال (الذي يسكن في الطابق العلوي لشقة فادي) بعد أن لجأ لترك ابنته ببيت صديقه حتى يتفرغ لنقل الأثاث.
ألقى مازن السلام على الجميع وتركته ابنته وهرولت جهة سهر التي مسدت بكفيها على شعرها الناعم بابتسامة حانية أما فادي الذي تعرف على مازن عن طريق بلال فأردف
-مبارك انتقالك للسكن معنا.
-بارك الله فيك.
قالها مازن برصانة رغم النبرة المٌتعبة بصوته فأردف فادي باهتمام حقيقي
-إن احتجت أي شيء لا تتردد في طلبه.
فأردف مازن بنصف ابتسامة
-بإذن الله.
وجدها فادي فرصة ليُعرف مازن على عبدالرحمن فأردف
-هذا الدكتور عبدالرحمن ابن أختي.
مد مازن كفه مصافحًا عبدالرحمن الذي أردف بنبرة مُرحبة وهو يصافحه
-أهلا بك.
فأكمل فادي
-السيد مازن صديق بلال والذي أخذ شقة الطابق الاخير بالبناية عندكم .
تبادلا سلامًا ودودًا وأردف فادي
-وهذه الدكتورة سهر شقيقته.
صوب مازن نظره إلى سهر التي تقف بجوار خالها وشقيقها وابنته تقف بجوارها بحميمية وكأنها تعرفها منذ زمن وأومأ لها بوجهه وعينيه بسلام دون كلام وفعلت المثل ثم أخفضت عينيها أرضًا خجلًا.
بعد قليل
كان مازن في الطريق الفاصل بين البنايتين يحمل ابنته مُتجهًا إلى شقته الجديدة وخلفه عبدالرحمن وفؤاد وسهر التي يحيطها أخويها من الجهتين إلى أن وصلوا إلى البيت ففتح عبدالرحمن باب الحديقة لتستقبلهم نغمات الكمان الذي لا تزال شيري تعزفه فأردف باقتضاب
-هيا ادخلا وأنا سأصعد إلى شقة الطابق الثاني.
أردفت سهر وهي تقف على عتبة باب الحديقة
-لماذا ؟
قال بملامح قاتمة لم تتبينها في ظلام الليل
-لدي عمل مُبكرًا ورأسي تؤلمني وأريد النوم وواضح أنه لا نوم مع فرقة الموسيقى العربية التي تعزف بالداخل.
قهقهت ضاحكة فأردف فؤاد باستنكارِ
-ومادمت ستنام بالأعلى لمَ لم تتركني أبيت هناك؟ ولمَ قلت لن تستطيع البيات دوني؟
ضربه عبدالرحمن على مؤخرة رأسه قائلًا بمزاحِ وهو يدفعه للداخل قبل أن يُغلق الباب
-من هذا الذي لا يستطيع البيات دونك؟ أنت من أهم مُسببات الصداع الذي لا يفارقني.
دلف فؤاد مع أخته للداخل وصعد عبدالرحمن إلى شقة الطابق الثاني ،هو منذ سنوات وهو يُقسم نفسه بين الشقتين،يبقى بالأسفل أوقاتًا حتى لا يٌضايق أمه من جهة ويراعي إخوته من جهة ولكنه يحتفظ لنفسه ببعض الخصوصية بالأعلى ،تأتي عليه ليال يصعب عليه البيات بالأسفل فيكون ملجأه بالأعلى بعيدًا عن صخب البيت وصخبه الداخلي.
وبحجرته منذ كان صغيرًا بدل ملابسه على عجل واستلقى في فراشه فيتسلل إلى أذنيه عزف الكمان ممتزجًا بصوت سمر وهي تٌغني فيُغمض عينيه ساقطًا في هوته.
وبشقة الطابق الاخير كان مازن يرقد في الفراش بعد تعب اليوم وبجواره ابنته وحولهما على الأرضية زحام من الحقائب التي تحتوي على ملابس ومُتعلقات تخصهما،الساعات الماضية لم تتسع إلا لنقل الاثاث وأمامه مُهمة أكبر وهي ترتيب كل هذه البعثرة من حوله ولكنه الآن يريد فقط أن ينام ،احتضن الصغيرة النائمة بحنان وعلى ضوء مصباح خافت جانبي نظر إلى سقف الحجرة ونغمات الكمان العذبة تتسلل إلى أذنيه فيستسلم لنوم أشبه بالسقوط في بئر سحيق.
***
بعد عدة أيام
كانت فريدة برفقة شمس عند طبيبة الجلدية التي كانت تتابع معها منذ فترة وتوقفت، طلبت شمس من فريدة أن ترافقها والأخيرة كانت تنتظر طلبها لذلك ما إن فعلتها حتى حجزت بالعيادة على الفور،ينتظران الدور فتنظر شمس على يمينها حيث شابة ربما تماثلها عمرًا فترمق الفتاة شمس بنظرة عادية ربما فقط لتلاقي العيون فيتلبس الأخيرة الشك بنفسها وهاجسها يُمطرها بالأسئلة
-هل تنظر إلي شذرًا؟
-هل تشعر بالاشمئزاز من البقع المنتشرة على وجهي وكفيّ؟
-هل يبدو مظهري مُذريًا؟
فتجد نفسها لاإراديًا تجذب كُمي بلوزتها لتٌغطي كفيها...
وتشيح بوجهها وهي تتلمس حجابها...
لقد كانت في مثل هذه الحالات تستعين بخصلاتها الكستنائية الملتوية فتعطيها مظهرًا حسنًا وتداري نصف وجهها ...
فتجد سؤالًا حائرًا يطرح نفسه
لمَ التسرع في خطوة الحجاب ؟
-هيا شمس.
انتبهت من شرودها والحرب الطاحنة الدائرة في قرارة نفسها على صوت فريدة فتدرك أن دورها قد آن،دقائق وكانت تقف أمام طبيبة الجلدية
والأخيرة تمد إليها يدها مُصافحة بوجه بشوش،تحرص على الترحيب بالمرضى وخاصة مرضى البُهاق ومصافحتهم يدا بيد نظرًا لحساسيتهم المفرطة وتأكيدًا أن المرض غير مُعدٍ وبعد أن جلست هي وفريدة أمام مكتب الطبيبة تسائلت الأخيرة باهتمام
-سنعاود العلاج بإذن الله؟
ومضت عيني شمس بأمل واهي وهي تسألها
-لي أشهر طويلة مٌنقطعة عن العلاج وحتى أخبار المرض لا أتابعها ألم يَجِد جديد؟ألم يتم التوصل إلى علاج نهائي وقاطع و ...سريع؟
نطقت كلمتها الأخيرة برجاءِ فهي أكثر ما تكرهه مرور الوقت واستنزاف طاقتها دون فائدة
ابتسمت الطبيبة ابتسامة صغيرة وأردفت
-قلت لكِ من قبل أن الأمر يحتاج صبر ولا يوجد تكنيك واحد لعلاج جميع الحالات لابد أن نجرب وربما ينجح علاج مع حالة ولا ينجح مع أخرى.
بدى الإحباط على ملامح وجه شمس وأردفت بفتورِ
-لم يأتي أي علاج بنتائج معي حتى الآن.
أردفت الطبيبة بجدية لا تخلو من لين -لأنكِ لم تداومي، كان الملل يُصيبك وتتوقفين.
لمعت عيناها البنيتين الفاتحتين الصافيتين بغيامة من الدموع وهي تقول
-أنا فعلا ينقصني الصبر لذلك أفشل في الوصول إلى نتائج مُرضية.
لمحت الطبيبة نبرة الإحباط في صوتها وفي حالتها هذه الحالة النفسية سبيل من سُبُل العلاج فأردفت بنبرة حماسية آملة أن تنثر بها بذور الأمل بداخل الفتاة
-بإذن الله ستتعافين فمساحات الإصابة على جلدك ليست واسعة هناك حالات تكون أكثر من ذلك بكثيرِ وكٌلما كانت المساحة قليلة الأمل في الشفاء يكن أكبر ومع التزامنا بالعلاج الدوائي والضوئي وتحسين نوعية الطعام والحالة النفسية ربما ينحسر من تلقاء نفسه ،حدثت في حالات كثيرة.
ظلت شمس تسأل ما بين يأس وأمل
والطبيبة تجيب باهتمام ودعم تدفعها لاستكمال الرحلة
وفريدة تستمع إلى شمس وترى نظرتها المُنكسرة فينكسر قلبها.
انتهى اللقاء مع الطبيبة واقتنعت شمس نسبيًا بأهمية العودة للعلاج ولكنها أجلت خطوة العلاج الضوئي إلى ما بعد استقرار عملها بالمشفى لعدم تفرغها حاليا.
***
بعد قليل
كانت فريدة وشمس بالمشفى في القسم الجديد الخاص بالأسنان والذي تراه الأولى لأول مرة فتمتمت بإعجاب وابتسامة سعيدة وهي تنظر حولها
-ما شاء الله المكان رائع يا شمس .
ابتسمت شمس ابتسامة صغيرة واختلج خافقها بشعوري السعادة والقلق
السعادة لأنها ستبدأ مرحلة جديدة على المستوى العملي ...
والقلق الذي يلازمها كظلها لشعورها بعدم الاكتمال ...
دقائق قليلة قضتهم شمس مع فريدة بالمكان الذي أصبح شبه جاهز إلى أن
دلف إلى المكان تباعًا أربعة من الأطباء الشباب زملاء شمس والتي عرضت عليهم العمل معها ووافقوا وكان لديهم جميعا اجتماع مع دكتور -احسان- ليحدد معهم آلية العمل ويحددوا موعد افتتاح القسم فانسحبت فريدة بهدوءِ من بينهم واتجهت إلى مكتب تيمور فأردفت لموظفة الاستقبال في طريقها
-دكتور تيمور بالداخل ؟
قالت الأخرى بابتسامة مُرحبة-لا بالعيادة.
ابتسمت لها فريدة ثم خطت باتجاه قسم العلاج الطبيعي لترى صديقتها ماريان التي لها فترة طويلة لم تراها
وبعد قليل كان تيمور قد أنهى جزأ من أعماله وعلم بوجودها فصعد إليها واستقر بهما الحال بمكتبه فأردف باهتمام وهو يجاورها على الأريكة يشربان معا فنجاني قهوة
-ماذا فعلتما عند الطبيبة؟
قالت بعد زفرة قصيرة -المشكلة لاتزال قائمة تيمور ،شمس تعيش على أمل وجود علاج جذري،تظن أنها كلما أخذت هٌدنة من العلاج لفترة ستعود لتجد الطب جد فيه جديد وأصبح هناك حلًا سحريًا لمشكلتها.
وصلته الصورة كاملة فأردف بضيقِ
-لم تعُد إلى متابعة العلاج،
لمَ ذهبت إلى الطبيبة ثانية؟
قالت موضحة -هي لم تقل ذلك بشكلِ صريح قالت ستداوم بعد أن تنتهي من مرحلة الإعداد للقسم الجديد.
زفر نفسًا ضائقًا وهو يُغمض عينيه لثوانٍ قليلة وتمتم بصوتِ عميق
-كنت أظن أن بمرور السنوات سيكبرن وتصغر مشاكلهم ولكن العكس هو ما حدث كبرن وكبرت معهن المشاكل.
لامست أنامله لمسة دافئة وهي تشعر بأنين قلبه قلقًا على بناته
فشروق فعلا لا تتصرف كفتاة ناضجة وتعلقها به يزداد لدرجة رفضها الزواج...
وشمس شخصيتها حساسة للغاية ،لم تتقبل إصابتها بالبهاق الذي أصابها منذ سنوات قليلة ولا تتحمل فترات العلاج الطويل فتلتزم أيام وتنقطع أشهر فلا تلمس تحسنًا فتسوء حالتها النفسية وتسوء حالة تيمور بالتبعية.
ظل صامتا لثوان قليلة فأردفت هي لتلطف الأجواء
-ستكون كل الأمور بخير أنت فقط لا تأخذ كل الأمور على أعصابك.
هز رأسه دون رد ورغمًا عنه يسكنه قلق وخوف على بناته وحالهن فيدعو الله في قلبه أن يصرف عنهم كل شر.
***
كان الليل قد أسدل أستاره حين أنهى ارتداء ملابسه ووقف أمام المرآة الكبيرة بحجرة نومه يصفف شعره بعناية وينثر عطره على حلته الأنيقة،دلفت -شيماء- إلى الحجرة وألقت نظرة سريعة على هيئة -عمر- الذي أردف ما إن رآها وهو يلتفت نحوها بجسده كله
-ألم تٌغيري رأيك لتأتي معنا؟
مطت شفتيها وهي تقترب منه تستنشق رائحة عطره التي -تدمنها- تمسح على وجهه وهيئته بنظرة مٌعجبة -كعادتها- ثم أردفت وهي تُمسد كتفيه بكفيها
-لا حبيبي قلت لك لا أرتاح في مكان لا أعرف به أحد.
-ماجد بحري صديقي منذ سنوات ومع ذلك لم تحاولي الاندماج مع زوجته.
قالها وهو يمرر أنامله فوق خصلات شعرها المنسدل على جانب وجهها فأردفت ببساطة
-هي فقط ليست النمط المٌفضل لتكون صديقة لي.
أومأ برأسه دون رد فهي منذ زواجهما وهي تعطيه وتعطي نفسها قدرًا من الخصوصية لا تفرض نفسها على تجمعات أصدقائه وتحتفظ لنفسها بمساحة خاصة من صداقاتها بعيدًا عنه،
وهذا لا يضايقه بل يُشعره بقدرِ كبير من الحرية التي -يعشقها-وفي الشقة المجاورة "شقة الجد إبراهيم الدسوقي"
كان الأخير يجلس بحجرة المعيشة ابتسامته على وجهه وحوله كل أحفاده يملؤن البيت عليه ،عبد الرحمن وسمر وسهر ومحمد وعُدي فأردف الأخير بضيق موجهًا حديثه لإخوته
-لا أعرف لمَ تذهبون أنتم مع أبي دوني؟
قال عبدالرحمن -لأننا سنسهر حبيبي وأنت لديك مدرسة صباحًا.
بدى تذمره على وجهه فقد كان يريد أن يرافق اخوته بينما يُخفي عبدالرحمن تذمره هو الآخر لاضطراره الذهاب إلى بعض المُناسبات الإجتماعية التي لا يعرف فيها أحد فقط ليرضي والده.
وبعد ساعة كان عمر يدخل إلى إحدى قاعات المناسبات في أحد الفنادق الكبرى لحضور حفل زفاف ابنة صديقه -ماجد- تتأبط سهر ذراعه بينما تفعل سمر المثل مع عبدالرحمن وبعد أن بارك لصديقه وزوجته اتخذ طاولة مع أبنائه برفقة صديقين مٌقربين له ولماجد ومعهم عائلاتهم وأبنائهم
موسيقى هادئة تٌغلف الأجواء قبل أن يحضر العروسين وعٌمر يجالس أصدقائه الذين تعرف عليهم منذ دخوله المجال الإعلامي بينما ينشغل كل من عبدالرحمن وأختيه كل منهم بهاتفه إلى أن جاورت سمر زوجة أحد أصدقاء عمر،امرأة جميلة متوسطة العمر أردفت وهي تتفحص كل من سمر وسهر بنظرة خبيرة
-ما شاء الله عليكما كان الدكتور عمر يتحدث عنكما كثيرًا ولكني لم أتخيل أنكما بهذا الجمال.
ابتسمت سهر ابتسامة خجولة وتمتمت بكلماتِ شكر رقيقة أما سمر فارتسمت على شفتيها ابتسامة مشاغبة وشعور يتسلل إليها أن هذه المرأة خلفها شيء ولم يَخِب ظنها فيتأكد لها شعورها سريعًا والمرأة تشير إلى شاب كان يقف مع مجموعة من الشباب على مقربة منهم فيدنو الأخير من الطاولة بابتسامة أنيقة فتعرفهم به قائلة
-أركان ابني يعمل مع والده بشركة الاستيراد والتصدير خاصة والده.
أخذت المرأة تٌعرف ابنها على عبدالرحمن وسمر وسهر والشاب عيناه تطالعان سمر وسهر تقارنان بينهما بنظراتِ واضحة وبعد دقائق انصرفت مع ابنها فأردفت سمر وهي تميل على أذن أختها بضحكة خافتة
-يبدو عريسًا جيدًا.
-مبارك عليكِ.
قالتها سهر بلا اكتراث
فأردفت سمر بابتسامة رائقة
-كان يُناظركِ بدقة، ربما يقع الاختيار عليكِ.
قالت سهر بضجرِ-إن حدث فأنا متنازلة لكِ.
أردفت سمر بجدية هذه المرة -ألا زلتِ على رأيك في أمر الزواج ؟
قالت سهر دون تفكير وبصوتِ خافت
-يا ابنتي الزواج هذا مؤسسة اجتماعية فاشلة،مشروع خاسر لا يجب على المرء الدخول فيه من الأساس.
مطت سمر شفتيها وهي تنظر حولها إلى مراسم الحفل والأضواء الساطعة من حولها،تعرف أن سهر لا تتحدث مجرد حديث في هذا الأمر بل بالفعل لا تريد الزواج هي أكثر من تأثرت بانفصال والديهم وأكثر من تنظر حولها إلى الزيجات الغير مٌتكافئة والتي انتشرت حتى ملأت المجتمع من حولهم ويطول أثرها السلبي الأبناء لذلك تضع كل جهدها في دراستها وعملها.
عادت المرأة بعد أن تحدثت مع ابنها وجلست بجوار زوجها الذي يجاور عمر وتمتمت بخفوت لعمر
-ما شاء الله يا دكتور البنتان آية في الجمال ولكن أركان اختار ذات الثوب الازرق(تمتمت ضاحكة)اعذرني لم أستطع حفظ الاسماء بعد ثم أنهما متشابهتين جدا.
ابتسم عمر ابتسامة رصينة ومن داخله يشعر بالظفر أن فلحت خطته،كان صديقه يُلمح له منذ مدة أنه يتمنى نسبه واقترح أن يجمعوا بين الأولاد في مناسبة ليروا بعضهم إلى أن أتى حفل الزفاف فأصر عمر على ابنتيه الحضور لهذا السبب وللعجب كان يتوقع أن يميل أركان الى سمر ولم يَخِب ظنه.
غمغمت المرأة بوضوح
-طبعًا تعرف أن شباب هذه الأيام لابد أن يتعرفوا على بعضهم جيدًا لذلك أقترح أن نُرتب مُقابلة عائلية أخرى في مكان أهدأ ليتعرف الأولاد بشكل أفضل على بعضهم.
أردف برصانة -بإذن الله.
كانت نبرته هادئة لا تعكس حماسه الداخلي فهو يسعى لأن يزوج أبنائه الثلاثة من دائرة معارفه،قرار أخذه دون الرجوع فيه إلى أحد فيكفيهم أنهم عاشوا السنوات الماضية مع أمهم،حقه أن تكون السنوات التالية تحت رعايته هو.
دقائق مرت إلى أن دلف العروسين إلى القاعة وتحولت جميع الأعين تجاههم إلا عبدالرحمن الذي انسحب من بينهم بهدوءِ مُتجهًا جهة الشرفة المفتوحة على حديقة خلفية للفندق يستمع إلى الموسيقى الصاخبة التي تسبب له التوتر فهو يميل إلى الهدوء ولا تستهويه الأجواء الصاخبة،ينظر من بعيد إلى العروسين لا يرى ملامحهما كل ما يبصره فستان أبيض وحلة سوداء فينفصل عن الواقع تدريجيًا فيتخيل الكون وقد تغيرت نواميسه،يتخيل نفسه في عالم خالٍ من العادات والتقاليد فتدنو منه حبيبته بثوبِ ناصع البياض كقلبها ،لا يريد زفافًا أسطوريًا يريدها هي فقط
دون أن تحكمهما تقاليد
دون تعنت آباء
دون سيطرة أعراف
دون صراع بين ما يجب وما لا يجب
دون عقل يٌسيطر على مقاليد الأمور فيسحق قلبًا نابضًا فيٌرديه صريعًا.
زفر نفسًا عميقًا بعمق إحساسه بها وشوقه إليها
وابتسم ابتسامة صغيرة مشتاقة،متى اشتاق إليها ألم يراها منذ ساعات؟
الحقيقة أن الشوق يسكن أضلعه منذ سنوات كنصل سكين يتلاعب بصدره يٌدمي ولا يقتل
الشوق حي بداخله لا يموت وليس هناك أقسى من شوق إلى شخص يجاورك، يعيش معك بنفس المكان تتنفسان هواءً واحدًا ولا تملك أن تقل له أنه حبيبك الأول والأوحد لأنكما ببساطة أمام الجميع إخوة...
لم يحملكما رحم واحد
لا تتشاركان دماءً واحدة
لا تحملان اسم أب واحد
ليس هناك أي دليل أٌخوة
ولكنكما إخوة ...
إخوة في نظر كل المحيطين بكما
فهل يَصِح أن يخرج أخ ليٌعلن أمام العالم أجمع حبه لمن يدعونها أخته؟
صراع داخلي ينهش عقله ،يوغر صدره ،يؤلم قلبه ،يؤرق مضجعه منذ سنوات والمؤلم أكثر أن صراعه داخلي لا يعرف عنه أحد، يتلظى هو فقط بنيرانه فلمن سيشكو؟
إلى أب لن يشعر بمثقالِ ذرة من عشقه وألمه!
وإن علم سيٌقيم الدنيا !
أم إلى أم ربما يهز اعترافه هذا الأرض تحت قدميها ويُهدد استقرار حياتها التي رست على برِ أمان بعد سنوات تيه شهدها بنفسه!
اعتاد منذ سنوات طوال أن يبث نجواه إلى خالقه فالشكوى لغيره مذلة وهو رغم لين قلبه اعتاد الجميع على رؤيته قويًا ثابتًا فليبقَ في عيونهم كما اعتادوا وليبقى ما في القلبِ بالقلبِ ....
حريقُ داخلي لا تطفئه سيول اشتعل بداخله، حريق لا تطفئه إلا بسمتها ففتح هاتفه على صورة جماعية تتوسطهم هي فيها فيٌكبِر الصورة فيصغٌر جميع من بها إلا هي وبسمتها فتتسلل البسمة إلى شفتيه خلسة وهو يغرق في بحر عينيها .
-دكتور عبدالرحمن.
التفت خلفه إلى مصدر الصوت الذي اقتحم خلوته ليجد فتاة شابة شديدة الجمال والجاذبية تقف عند مدخل الشرفة ،تمسح على قامته الطويلة بنظرة سريعة وتتأمل هيئته المٌنمقة بهذه الحلة الأنيقة بابتسامة حلوة، اتسعت عيناه بسؤالِ دون أن تنطق شفتيه فأردفت برقة
-أنا سديم ماجد،أنكل عمر طلب مني أن أناديك لأنه يريدك.
ابتسم ابتسامة صغيرة متمتمًا للفتاة التي يراها لأول مرة
-أهلا بكِ.
تقدمت منه وصافحته فاستجاب مُصافحًا وجذبته كرجلِ نعومة يدها الشديدة كملمس الحرير فيسأل نفسه سؤال هل حبيبته لايزال ملمس يدها ناعمًا هكذا؟ منذ متى وهو لم يلمس يدها ؟ منذ متى وقد حرم على نفسه مصافحتها يدًا بيدِ؟
شعرت سديم بشروده فتنحنحت قائلة بخجل
-أنكل عمر يريدك.
انتبه الى واقعه وقد غيبه الشرود فيها والدوران في فلكها فتنحنح قائلًا برصانة
-حسنًا .
فتسير الفتاة الجميلة ذات الفستان الطويل الذي يُصدر حفيفًا من خلفها بجوار الطبيب الوسيم وحين يُقبلان من بعيد متجاورين هكذا يبتسم عمر ابتسامة -مٌنتصر- وهو يراهما منسجمان هكذا كأميرِ وأميرة
ومن أكثر منه سعادة وقد أصاب هدفين في ليلة واحدة ؟
سمر وعبدالرحمن...
والبقية ... تأتي .
***
في اليوم التالي
كانت سهر قد ارتدت ملابسها استعدادًا للذهاب إلى الجامعة،لديها اليوم محاضرة واحدة ولديها بحث هام تحتاج الذهاب إلى المكتبة للحصول على عدة مراجع بشأنه...
لم تجد سمر بالغرفة فظنتها قد نامت في إحدى الغرف الأخرى فتفاجأت حين دلفت سمر إلى الحجرة ترتدي كامل ملابسها وبيدها فنجان نسكافيه فأردفت سهر باهتمام
-إلى أين في الصباح هكذا؟ لقد سهرتِ طوال الليل!
تنحنحت سمر وتمتمت ببراءة هي أبعد ما تكون عنها
-سأذهب معكِ إلى الجامعة حبيبتي.
-نعم؟
قالتها سهر باستنكار فأردفت سمر بسرعة
-قلتِ بالأمس أنكِ ستجلسين بالمكتبة لعمل بحث فرأيت أنه من واجبي كأخت مع ظروف عينيك المُتعبتين أن أذهب معكِ وأساعدك أكتب بدلًا منكِ أو أبحث معكِ عن مرجع ما.
رفعت سهر حاجبيها دهشة ولكن سرعان ما زالت دهشتها وهي تدرك السبب الحقيقي...
ومن غيرها يفهم توأمتها ويدرك ما تخفي وما تعلن!
حرف واحد هو ما يميز بين اسميهما ورحلة عمر تشاركاها منذ الميلاد وحتى اليوم بملامح متطابقة وأرواح متألفة كفيلة بأن تقرأ كل منهما دواخل الأخرى فأردفت سهر بسخرية
-ومنذ متى وقلبك طيب هكذا؟
أخذت سمر رشفة من كوب النسكافيه ثم أردفت بنبرة متسلية
-منذ زمن حبيبتي.
ناظرتها سهر بابتسامة غامضة دون رد،تعرف أنها تريد الذهاب من أجل رؤية الدكتور فارس،لن يخفى عليها إعجابها به...
تظٌن الأمر لُعبة هذه المٌتلاعبة ولا تعرف أنه لو كُشِف أمرهما ستتضرر هي
ولكنها ستهادنها اليوم وتأخذها معها تستفيد منها فعلا وتساعدها في البحث
لن يضرها اليوم شيء ففارس ليس لديه محاضرات اليوم ولا يأتي الجامعة ولكنها لن تقول لها
حيلة مُقابل حيلة ...
-حسنًا حبيبتي أدامك الله نعمة في حياتي.
قالتها سهر بابتسامتها الغامضة قبل أن تخرج كل منهما خلف الأخرى
أحداهما لا يشغلها سوى دراستها وعملها
والأخرى قررت اتباع قلبها في رحلة قصيرة مٌشاغبة لا ترجو منها سوى التسلية
التسلية ليس أكثر...
***
وفي مكتبة الجامعة جلست سمر على طاولة بمدخل المكتبة تنقل بضجر ما طلبته منها سهر...
حضرت سهر المٌحاضرة بينما انتظرتها سمر في بهو الكلية...
تجولت الأخيرة قليلًا ونظرت مٌتعمدة في جداول المحاضرات المٌعلقة وحين اكتشفت أنه لا توجد لديه محاضرات اليوم خَفَت وهج التسلية بعينيها وتراجع حماسها دفعة واحدة ولاحظتها سهر ولاذت بالصمت وهي تكتم سخريتها اللاذعة بداخلها حتى تستطيع استغلالها أفضل استغلال ...
وبالمكتبة كانت سهر تقف أمام أحد الأرفف تبحث عن كتاب بعينه وسمر تنقل برتابة جزأ من أحد المراجع
رفعت عينيها مصادفة لثانية واحدة لترى ما جعل عينيها تجحظان فأمامها كان فارس يدخل إلى المكتبة يحمل حقيبته السوداء على كتفه وبين يديه العديد من المراجع...
صُدفة من جعلته يأتي إلى نفس الوجهة في نفس الوقت رغم أن هذا اليوم ليس بيوم مجيئه ؟
أم تدابير القدر حين يتكفل بنسج خيوطه بين طرفين أحدهما من الشرق والآخر من الغرب؟
وهو حين وقعت عيناه عليها تسمر بموضعهِ لثانية ...
لقد كانت هي ... بوجهها الذي يضوي كأنها نجمة سقطت من السماء
بعينيها اللامعتين ببريق الحياة
بملابسها ذات الألوان الصارخة جدًا واللائقة جدًا
وضع المراجع التي كانت معه والتي كان آتيًا بالمصادفة ليعيدها بعد أن استعارها منذ فترة وتقدم الخطوتين الفاصلتين بينهما
لم تتحكم في ابتسامة جذابة ارتسمت فوق شفتيها
وبادلها إياها دون تعمد فقد انفرجت شفتيه تلقائيًا وتمتم
-صباح الخير، كيف الحال؟
قالها وهو ينقل بصره بينها وبين المرجع العلمي المفتوح أمامها
-بخيرِ.
قالتها ونقر الفراشات بصدرها يُدغدغها
صوته به خشونة رجولية تروق لها ونظرته ثاقبة كالفهد ،ملامحه بها شيء يجذبها تمامًا كما ينجذب هو إلى ملامحها ...
-ماذا تدرسين؟
سألها ليفتح معها مجالًا للحوار فلم تجد ما ترد به فقد كانت تنقل بطريقة آلية لا تعرف حتى اسم المادة التي بين يديها ...
فتنحنحت وهي ترسم على وجهها ابتسامة لطيفة ولا يحضرها ردًا مناسبًا
خرجت سهر من خلف أحد الأرفف الذي كان يحجب عنها الرؤية، برفقتها مرجعين هامين وما إن لاح أمام عينيها فارس وهو يقف أمام سمر يوليها انتباهه واهتمامه حتى اتسعت عيناها وتراجعت للخلف بسرعة تختبيء خلف أحد الأرفف وهي تردد بهمسِ وأنفاس متسارعة
-من أين أتى هذا؟ أليس اليوم اجازته؟
ثم أسبلت جفنيها قائلة من بين أسنانها
-منكِ لله يا سمر ،خرُب عقلك الذي وضعني في هذا الموقف.
ظلت مُختبئة خلف رف الكتب العملاق تتابع من ثقب صغير شقيقتها التي تتحدث مع فارس الذي كان واقفًا كما هو ... لا تستطع سماع شيء من حديثهما بالطبع ولكنها لا تنكر حقيقة وجود انسجام بينهما ولكن كل ما يهمها الآن ألا ينكشف أمرهما
دقائق قليلة مرت طويلة على سهر المٌترقبة
ومرت كنسمة خفيفة على فارس وسمر وحين وجد الأول أنه أطال الوقوف معها تنحنح قائلًا
-أترككِ تُكملين عملكِ وإذا احتجتِ أي مساعدة في الدراسة لا تترددي.
-طبعًا طبعًا ... لن أتردد.
قالتها بنبرة ظاهرها الجدية باطنها التهكم فانسحب من أمامها وحيرته تتضاعف،ترك المراجع لأمينة المكتبة وسار بشرود حتى عاد إلى سيارته،لقد ظل يتفحص وجهها بجرأة طوال الدقائق التي تحدث فيهم معها وهو يستعيد كلمات شقيقته...
كانت بالفعل تضع مساحيق التجميل، تلون شفتيها ووجنتيها بلون وردي والكحل الأسود يرسم عينيها بدقة
تسارعت دقات قلبه مع تسارع أفكاره
هكذا تتضح الصورة، كما توقعت جهاد الكثير من مساحيق التجميل تغير الشكل ...
هكذا أقنعه عقله ولكن هناك صوت خفي بداخله أبدى اعتراضه...
الأمر ليس هكذا ،ليست مُجرد ملامح ملونة بل روح شديدة الحلاوة تغمر وجه شديد العذوبة وبحر مٌتسع في حدود عينين تجمع نظرتهما ما بين الشقاوة والبراءة في مزيج غريب...
فيجد نفسه لاإراديًا ورغم عدم منطقية الفكرة يجنح إلى ما قالته جهاد بشأنِ وجود أخت لها أو قريبة بالدفعة فتومض بعينيه فكرة للتأكد من ظنه سرعان ما هَمّ بتنفيذها وهو يتحرك عكس اتجاهه عائدًا إلى المبنى الذي غادره للتو لابد أن يبحث في بيانات الدفعة عن كل ما يخص سهر عمر وهل لها أخت أو قريبة؟
في الوقت الذي كانت سهر تسحب سمر خلفها تخرجان من باب المبنى الذي دخله للتو والأولى تغمغم باستياء
-أنا المُخطأة من البداية لأنني اعتمدت على فتاة مٌستهترة مثلك.
فتبتسم سمر ابتسامة رائقة وهي تسترجع الدقائق القليلة التي منحها القدر لها معه ولا تكترث بكلماتِ سهر التي يشتعل انفعالها بصدرها والحيلة التي ظنت أنها لن يلاحظها أحد تهدد بالانكشاف حين ظنتها توأمتها لُعبة.
***
في النادي الاجتماعي الذي يشترك به تيمور و أسرته وأخوة فريدة كان الاجتماع العائلي الذي يُقام مساء كل خميس فيجلس الدكتور فؤاد والجدة عايدة في البرجولة المُطلة على ملعب كرة القدم وحولهما فريدة وشقيقتها فدوى وعلية زوجة فادي والأولاد جميعًا بينما الرجال بالملعب يلعبون مباراة كرة قدم
تيمور وسامر وفادي ووليد صديق تيمور وعبدالرحمن يشكلون فريقًا أمام فريق آخر، يلعبون بحماس ونشاط وعلى طاولة قريبة كان كريم ابن وليد يجلس منفردًا يتابع المباراة بلا حماس وحين لاحظته شروق انسحبت من جلستها مع أسرتها وأقبلت عليه قائلة بنبرة مرحة
-لماذا تجلس وحدك يا فنان؟
تسلل صوتها العذب عبر أذنيه فرفع عينيه السوداوين إليها قائلًا بابتسامة صغيرة يُخفي خلفها دائمًا فيض غامر من مشاعر متأججة
-الفنان يبقى جسده مكانه وعقله يُحلق في عوالم أخرى.
تمتمت بضحكة عذبة وهي تسحب الكرسي الوحيد الموجود أمامه وتجلس عليه
-إذن كنت شارد في فكرة جديدة؟
لو نطق الصدق فستكون الإجابة
-كنت شاردًا فيك وحدك دونًا عن الكون كله.
ولكنه أردف كاذبًا والكذب في حالته مُباح
-نعم،فكرة جديدة.
تمتمت وهي تنظر إلى الملعب
-لمَ لا تنضم إليهم في المباراة؟
أردف بنظرة قاتمة وهو ينظر إلى جانب وجهها المضيء وهي -غافلة- عن نظرته بمتابعتها بحماسِ لوالدها وعبدالرحمن
-لا أهوى هذه اللعبة.
عادت إليه بنظرها قائلة باستنكارِ
-لا أعرف كيف لرجل ألا يحب كرة القدم ؟أنا كفتاة أعشقها.
ازدادت نظرة عينيه قتامة ولكنها لم تنتبه بفضل نبرته الساخرة وهو يغمغم
-ومن لا يهواها لا يكن رجلًا بنظرك؟
الجملة رغم بساطتها ولكنها تحمل قدرًا ليس هينًا من السخرية الممزوجة بالحنق و الحسرة...
لا تخلو من وجع يسكن القلب ولكن صاحبه أبيًا ...
أردفت ببساطة وهي ملكة البساطة في الفهم والتفسير ولا تُكلِف نفسها عناء التفكير الكثير
-لا أقصد ولكنك غريب.
قالتها وهي تعود بعينيها لمتابعة هدفيها المُتألقين بالملعب تيمور وعبدالرحمن
والأخير تأخذه الحماسة فيقول لوليد الذي يقف كحارس مرمى وهو يدنو منه
-بالله عليك يا دكتور اترك لي المرمى فقط الربع ساعة الأخيرة.
قالها عبدالرحمن بمزاحِ بعد أن دخل في وليد هدف وقد بدأ في الشعور بالتعب وجسده البدين لا يساعده فأردف الأخير ضاحكًا وهو يتنحى لينضم إلى الفريق ويأخذ عبدالرحمن الذي يشع حماسًا وقوة مكانه
-هيا أرني همتك.
تتبسم شفتيها وهي ترى عبدالرحمن يصد الهجمات وتلمع عيناها بسعادة ومن يجاورها تنطفيء عيناه بالحسرة
حبيبته هي منذ الصغر ولكن لا هي -تدري- ولا هو -يبوح-
وكيف يفعلها ومنذ أن انجذب لها وهناك حاجز صلب يسد عليه طريق الوصول
حاجز اسمه -عبدالرحمن-
الذي يلازمها كظلها وتلمع عيناها فقط حين يُذكر اسمه
وهو !!!
هو اتخذته أعز الأصدقاء
يختلج القلب مرددًا بنبضات متهكمة
-يا لكرمها.
فيردد صوت كرامته النابض بين ضلوعه يمنعه بوحًا لمن لا تشعر
-بل يا لجحودها .
تمر الدقائق بينهما جالسان معا وكل منهما بوادٍ إلى أن انتهت المباراة،خرج الجميع وتوقفوا معا أمام الملعب يتسامرون
أما عبدالرحمن فأقبل باتجاههما فاستقامت هي وكأن من كانت تجاوره قد اختفى فيقترب عبدالرحمن مُلقيًا السلام على كريم الذي أردف باقتضاب وهو جالسًا مكانه
-أهلا عبدالرحمن.
فتنضم شروق إلى عبدالرحمن الذي يتساقط العرق من كل جسده قائلة
-دورك لتلعب معي مُباراة تنس.
فأردف عبدالرحمن بحاجبين مرفوعين
-هل قال لكِ أحدهم أنني سوبر مان لأخرج من مباراة كرة قدم على مباراة تنس!
قالت بصوتها المرح
-ارتاح خمس دقائق بعدها نلعب.
-جزاك الله خيرًا ولكن لمَ البذخ!
قالها بسخرية لاذعة
فقهقهت ضاحكة بملء فمها على نبرته المٌتهكمة والمٌتابع لحديثهما يحترق احتراق بطيء ولا ينطق
وكيف ينطق وما بينهما منذ البداية خيوط صداقة امتدت أواصرها بمنتهى التلقائية؟
الفتاة لم تعده بشيء هو المكلوم بحبها وإن باح بمشاعره ولم يجد صدى لهذه المشاعر بداخلها سيخسرها كصديقة
وهو لن يُضحى بخسارة كهذه ...
استئذنت منه هي وعبدالرحمن يتركانه لدائرة مشاعره التي يدور بها كمن يدور بمتاهة لا يجد لها نقطة بداية ولا نقطة نهاية
فالمعادلة بين الحب والصداقة حقا شديدة الصعوبة بمجرد الوقوع في الحب لا يمكن العودة إلى خانة الصداقة والاعتراف بالحب في غير وقته حتما سيلغي خانة الصداقة.
***
نهاية الفصل
قراءة ممتعة بإذن الله








Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:09 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.