آخر 10 مشاركات
وداعا.. يليق بك || للكتابة : إيناس السيد (الكاتـب : enaasalsayed - )           »          639 - فلورا - ساندرا استيف - د.م (الكاتـب : angel08 - )           »          560 -زواج بالقوة -فلورنسا كامبل - روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : Roqaya Sayeed Aqaisy - )           »          488 - لن ترحل الشمس - سارة كريفن (عدد جديد) (الكاتـب : Breathless - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          85 - لن يعود الموج - ربيكا ستراتون (الكاتـب : فرح - )           »          امرأة متهورة - شارلوت لامب - روايات غادة (الكاتـب : Just Faith - )           »          87 - ومرت الغيوم -آن هامبسون -عبير جديدة (كتابة /كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree27Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-02-23, 09:09 PM   #1

لولو ليال

? العضوٌ??? » 496421
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » لولو ليال is on a distinguished road
افتراضي طموح أنثى


السلام عليكم ورحم الله و بركاته.



رواية جديدة بفكرة جددة أتمنى تعجبكم.


عَن آلَأحلَآمِـ و آلَأمِـلَ.

عَن آلَحبّ و آلَحبّ و بّيـﮯنهِ?مِـآ فُرق گبّيـﮯر..
عَن آلَحيـﮯآ‏‏هِ?ُ‏‏ُُ و عَن آلَزمِـن ..و عَن گلَ ألَمِـ لَمِـ يـﮯمِـحهِ? آلَنسًـيـﮯآن..
.
أبّطٌـآلَ ظٌـآهِ?رهِ?مِـ لَيـﮯسًـ آبّدآ گآلَبّآطٌـن..يـﮯدُورون فُيـﮯ دُوآئر آلَزمِـن..يـﮯعَيـﮯشّـون آلَألَمِـ..آلَفُرح..و مِـن
گلَ شّـيـﮯء لَهِ?مِـ نصِـيـﮯبّ... ويـﮯبّقى آلَسًـؤآلَ
هِ?لَ آلَطٌـمِـوح مِـحمِـودُ آلَعَوآقبّ آمِـ مِـثلَوبّ..



مرحبا بكل مار من هنا فأعجبته هاته الهمسات لذا قرر أن يستكشف ما تخفي خلفها من أسرار..
مولودتي الأولى تتشرف بك كما أتشرف أنا بمنحك جزءا من روحي على شكل سطور..استمتع و انتقد كما تحب ..قلبي كبير ويسع من الحبايب ألف.. و لا تنسى أن تقرأ ما بين الأحرف و السطور عله يفك تعجبك و تحضى بالخبايا و تكشف المستور..
مرحبا بك و ليحفظك الله أينما كنت.

كل الأفكار التي في الرواية هي عبارة عن رأي شخصي للكاتبة و لا تلزم به أحدا، و كالعادة جميع شخوص الرواية خيالية و أي تشابه في الأسماء يعد من وحي الصدفة لا غير.


قد أبدأ التنزيل يوم السبت القادم بإذن الله و نرى فيما بعك كيف سيكون الأمر.. تحياتي " اور كيديا" أو "لولو ليال" كما يحلو لكم تسميتي.


بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة.

أن تجد حلما في زمن توأد فيه الأحلام قبل أن تبصر نورا يستدل به في طريق وعر مليء بالخيبات و الهزائم لهو غاية الرضا. و أن تسعى لتحقيقه وتجدّ و تتعب و تنزف دما بدل العرق حتى تصل لهو غاية المنى؛ و لكن أن تسعى لتحقيق حلم محطما كل اعتبار و متخطيا أي شيء وكل شيء مهما كان منافيا لثوابت وركائز تبني عليها حياتك، في تلك اللحظة يتحول الحلم لكابوس و الطموح لوحش يتغلغل داخلك و أول من يلتهمه هو أنت، فخد حذرك.
و في المقابل هناك الثمن. التكلفة التي عليك دفعها للحصول على ما تريد، و أن لكل شيء جيد في حياتك ثمن عليك دفعه. للسعادة ثمن، للرضا ثمن، و هل للحب ثمن؟
بل السؤال الذي علينا طرحه في هذه الحالة هو:
- ما هو تصنيف "الحب"؟
- هل هو في خانة الشر فنستعيذ منه ونبتعد ناجين بأنفسنا؟ أم هو في خانة البر فنهفو ونطمح إليه مهما كان الثمن الذي ندفعه للحصول عليه؟
و هنا يكمن الفرق بين "الحب" و "الحب".
--------------------------------------------------------









1- نيويورك...

بداية..
ظهرت من بين جموع الناس بزييها الرسمي. تنورة يصل طولها لمنتصف الساق، قميص أبيض أنيق وحذاء أسود بكعب عال. تمشي باستعجال و تحمل في يدها كوب من القهوة تتصاعد الأبخرة منه. تتخطى هذا وذاك و شعرها الحالك يتراقص على ظهرها قاصدة مبنى بعينه، ذاك الذي على بعد شارع منها. مبنى فارع الطول يضم عدة مكاتب و شركات . ويضم أيضا مقر جريدة " يولترا " الفنية، مجلة أسبوعية مشهورة في " نيويورك " و كل البلاد، و قد تتخطى شهرتها إلى الدول المجاورة. و يتم حاليا إنشاء مكاتب لها في أوروبا و أيضا في شرق آسيا و الشرق الأوسط. وقفت أمام المبنى كعادتها لبضعة ثواني منتشية، فخورة بالمكانة التي وصلت لها، خلعت نظارتها لتظهر عيناها العسليتان الجميلتان و انفها المعقوف قليلا، قد تنفر منه لوهلة عندما تراه لأول مرة لكن ما إن تعتاده تجده مميز و يعطيها جمالا ربما يكون استثنائيا. رفعت كوبها لتشرب قليلا من ذلك المشروب السحري الذي يدفع بتركيزها إلى أقصى حد قبل أن تبتسم بثقة وراحة يشوبها شوائب عدة و تدلف بسرعة قاصدة المصعد.
نيويورك..
مدينة الأحلام، ما إن تدخلها لن تعود أبدا كما كنت. قد ترفعك و تسندك لتحقق جل أحلامك، ثم وفي لحظة تهوي بك إلى قاع سحيق. ربما تنجوا منه و ربما تتحول لفتات يذرى مع الريح، و قد يحدث العكس تماما. قاسية.. منافقة و بالتأكيد حسناء غاوية لن تستطيع مقاومتها.
------------------------------------------

خرجت من المصعد لتتوجه مباشرة إلى المكتب الزجاجي المقابل لها في آخر المبنى متجاهلة ما يحدث من حركة وفوضى في المكاتب المترامية على طرفي الرواق. أوقفها صوت من خلفها قبل أن تدلف إلى مكتبها:
- " ليف".
التفتت إلى محدثتها و يديها لا تزالان تحملان تلك النظارة الثمينة و ذلك الكوب الفارغ تقريبا.
- " ريتشارد" يريدك في مكتبه حالا.
تأففت بملل قبل أن تسألها:
- "هل من جديد؟"
تقدمت ذات الشعر الأشقر منها ليظهر فارق الطول بينهما عندما انحنت على أذن "ليف" تهمس لها:
- أظنه تشاجر مع " ميلا" و سينفث فيك غضبه.
ابتسمت "ليف" ابتسامة لم تصل لعينيها ثم قالت بينما تبتعد وترمي بذلك الكوب في القمامة:
- "صباح الخير إذن".
طرقت الباب بخفة ثم ما لبثت أن دخلت حتى استقبلها ذلك الصوت الحانق:
- "أين كنت يا فتاة؟ كل هذا تأخير؟. عندنا اليوم برنامج مثقل و أنت تلعبين هنا وهناك... "
قاطعته بعد أن اتخذت مكانها مقابله . ذاك البدين الذي يبدوا في الخمسين من عمره و مع ذلك لم يرحم نفسه و هاهو يحمل قطعة " الدونات" بعد أن قضى على نصف الدزينة الموضوعة أمامه أو معظمها.
- " ريتشارد" ألا تتوقف عن المضغ أبدا، ستصاب بنوبة قلبية من كثرة الأكل. أنظر إلى وزنك أنت بالكاد تستطيع أن تتحرك.
تكلم ببرود ساخر وهو ما يزال يمضغ: "ماذا؟ .. هل استقلت من وضيفتك كمذيعة ومحررة في المجلة لتعملي أخصائية تغذية؟ أصمتي بالله عليك. أنا هنا أغلي و أزبد من كثرة المشاكل، و أنت يا لوح الثلج تتكلمين عن سمنتي" .
- عزيزي. أنا أتكلم لمصلحتك، فصحتك...
قاطعها حانقا و في يده فأرة الحاسوب مهددا برميها عليها.
- توقفي يا حمقاء عن برودك هذا قبل أن أفقد أعصابي و تعالي هنا أخبرك ما الجديد يا.. أخصائية الحمقى..
"ريتشارد" هو رئيس تحرير المجلة و أحد المساهمين فيها. حبه الواضح للأكل لم يمنعه من أن يكون أحد أهم أركان هذه المجلة وله الفضل تقريبا في شهرتها. اكتشف " ليف" عندما درسها في الجامعة . أجل مرات يذهب ليلقي محاضرات في الجامعة التي درس فيها وحصل منها على الدكتوراه و هناك لاحظها. ذكية و عندها شغف للتعلم وحبا كبيرا لتخصص الإعلام و الصحافة و ذات طموح كبير. أعجب بها و جذبها للعمل معه في السنة الثانية لها فساهم هذا في الوصول لما هي عليه الآن، لذا تكن له محبة جمة و احترام وامتنان كبيرين.
.
.
بعد مدة ليست بالقليلة دخلت مكتبها و توجهت مباشرة إلى حاسبها لتبدأ العمل بنشاط وهمة وشغف كبير. هكذا هي منذ حضرت لهذه المجلة قبل ثمان سنوات، ورغم شهرتها التي كسبتها من عملها كمذيعة بعد ذلك و التي مكنتها من بلوغ أعلى المراتب و تعد الآن من أهم المحاورين في البلد رغم سنها الصغير الذي لم يتخطى الثلاثين لكن طموحها وشغفها وموهبتها بالأخص مكنتها من ذلك . و لا تزال تطمح و تسعى ولا تشبع والجدير بالذكر أنه ليس فقط البراعة والموهبة فقط ما أوصلها هي أو ما يوصل أي أحد إلى أعلى الهرم، بل أيضا هناك تضحيات جمة تقدم؛ و القاعدة المعروفة تقول" لن تأخذ أبدا ما لم تدفع " و ربما يكون الثمن أعلى من قيمة البضاعة حتى. رغم كل ذلك لم تترك العمل في المجلة التي كانت البداية منها والانطلاق.
-----------------------------------------------------
في المساء .
خرجت من موقع التصوير بعد مقابلة أجرتها مع شخصية شهيرة على " أحد مواقع التواصل الإجتماعي" وضعت سماعاتها على أذنيها وانطلقت بخفة بحذائها الرياضي تستمع موسيقى و تدندن معها. تضع يديها في جيب السترة الجلدية، تعقص شعرها للخلف في شكل ذيل حصان يتراقص خلفها قاصدة شقتها في الجانب الآخر من المدينة.
الجو جميل، هواءه منعش مائل إلى البرودة ينبئ بخريف ماطر على الأبواب. حرة هي وتستمتع بحريتها جيدا ولكن مهما كانت الحرية موجودة لكنها تبقى محدودة.
جفلت من اليد التي أمسكت بزندها وسحبتها و لم تعي حتى وجدت نفسها في زقاق جانبي خال إلا من بعض السكارى و المشردين، قابلها شاب داكن السمرة يتكلم بثقل ويحمل في يده سكين موجه إليها. نزعت السماعات من أذنيها في وجل لتسمع ما يقول:
- " هيا يا "&éçà" إما أن تعطيني المال أو تعطيني... "
صمت بينما يخترقها بنظرات شهوانية قذرة أثارت اشمئزازها. لم تتكلم بل فتحت حقيبتها بخفة مبدية خوفها منه متظاهرة بجذب المال و قبل أن تسحب رذاذ الفلفل لترميه به كان هناك من وقف بينهما و لكم الشاب في فكه بقوة أدت به إلى ترك السكين يسقط من يده. دارت بعدها معركة شرسة بينهما تتخللها ألفاض نابية وشتائم فجة، كانت الغلبة فيها للشاب الجديد، فيما فر الآخر يترنح من شدة الألم وأثر السكر ربما. التفت لها الآخر يرمقها بغضب قبل أن تترك الحقيبة وترتمي في حضنه تلتمس أمانها الضائع.
بعد مدة قصيرة كانت تجلس أمامه في محل للأطعمة السريعة تمسك شطيرة و تأكلها بتلذذ و هو يرمقها ببواقي غضب وخوف خفي عن الأعين.
تكلم بحدة وهو يرى كيف تمسح يديها و شفتيها بمنديل بعد انتهائها من شطيرتها:
- " و الآن اخبريني ماذا كنت تفعلين في تلك الجهة ؟"
- كانت عندي مقابلة في مكان قريب و أنهيتها في وقت متأخر.
أجابته و هي تشرب الصودا ذات الحجم الكبير. أبعد عينيه عنها مبعثرا نظراته هنا وهناك سائلا:
- " لما لم تتصلي بي لأوصلك؟ أو حتى لما لم تركبي سيارة أجرة وأنت تعلمين كم تصبح المدينة خطرة في الليل؟"
نظرت لسوداويتيه بحب ووله صامتة مستمتعة لوهلة بخوفه الذي يخفيه واهتمامه الظاهر من كم غضبه ثم قالت:
- "أردت العودة مشيا لأرتب بعض الأفكار في رأسي لخطة العمل القادمة و..."
قاطعاها بغضب:
- " هل أنت مجنونة؟ يا غبية أنت تعيشين في هذه المدينة من قبلي فكيف تتصرفين بهذا التهور و..."
صمت قليلا ثم أكمل بينما ظهرت بوادر الغضب عليها من تبرم شفتيها واشتعال عينيها:
- هذه الملابس، ألم اقل لك مرارا أن ترتدي شيئا واسعا قليلا..
قاطعته بحدة بعد أن لمس سلكا عاريا في نفسها:
- " " رامي" أرجوك... لا أحب أن يحد أحد من حريتي. أنا كبيرة كفاية لأتحمل مسؤولية نفسي و اختياراتي في الحياة. حبي لك لن يمنحك أي حق في التحكم في ..."
قاطعها متحدثا بهمس حانق:
- " اصمتي يا حمقاء. أنا حبيبك وسأكون زوجك و لست أي احد، لن اسمح لك بتجاوز حدودك والتقليل من احترامي بحجة حريتك المزعومة. فأي حرية هذه و أنت تدعين الناس لل"&éèàç&é" بلباسك و تصرفاتك. ثم تعرفين أنني شرقي و دمي حار لا أقبل بهكذا شيء و كذلك أنت المفروض أن لا تقبلي يا "حياة "."
نهض خلفها بعد أن حملت حقيبتها وخرجت تاركة إياه يحادث كراسي المطعم. امسكها بخشونة من مرفقها وكان على وشك أن يحطم وجهها لولا تمسكه بآخر ذرات تعقله. نهرته صارخة والدموع المتجمعة جانب بحيرة العسل هوت متتابعة:
- أتركني، لا حديث لك معي. ألم أخبرك مرارا بعدم تكرار هذا الحديث أمامي وأنت كأنك تمعن بدفع سكين الألم إلى قلبي . إن لم تقبل بي كما أنا فاتركني.
أفلت يديه عن ذراعها وأمسك يدها ليجرها خلفه معيدا إياها إلى المطعم. أجلسها ثم جلس ليزفر معيدا الثبات لنفسه ثم قال:
- "حياة" أنا احبك بكل ما فيك من حسنات أو عيوب اتفقنا؟ وهذا لا يمنع سعيي لتغيير ما لا أراه مناسبا لي و لنشأتي ونشأتك أنت، أو بالأحرى أريد أن تعودي لما كنت عليه قبل أن تأتي هنا.. قاطعته.
- لا شيء سيعود لما كان عليه، خسرت الكثير للوصول هنا وقد أحرقت سفن العودة منذ وطأت قدمي هذه البلاد. ولدت من جديد، حرة أبية، عصية على القيد، وإن كان ارتباطك بي سيقيدني فلا أحلى علي من فكه.
صمتت مسترجعتا نفسها وشغفا خبا قليلا مع مرور الزمن، ولتكالب الشوق عليها دور أكيد. تنتظر رده على كلامها ولم يتأخر إذ سألها بنبرة حزينة:
- أحبك لي ضعيف لهذه الدرجة؟
ردت بنبرة قاطعة:
- لن اقبل أن تقول عن حبي ضعيف أبدا، لو تعلم فقط كيف تمكن حبك مني و استفحل في قلبي. لكنني أخاف ... أخاف أن يضعفني و يسلبني نفسي فأضيع.
صمتت قليلا ثم أكملت بغصة تستحكم حلقها:
- أنا أريد أن أقوى بهذا الحب و أنت بهذه التحكمات تخيفني ... جدا.
- هل أنت مجنونة ؟ أنا لم أقل غير أن لباسك ضيق قليلا وصدري يضيق من هذا، لم افرض و لن افرض عليك شيء؛ وكل هذا من حبي لك. و إن لم تريدي فأنت حرة كما تقولين.
صمت متبرما لتتكلم هي بقليل من اللين بعد أن زال غضبها وبقليل من اللؤم أيضا:
- سأحاول أن امتثل لكلامك، لكن في المقابل عليك أن تقبل نصيحتي أيضا وتتوقف عن التدخين.
همهم موافقا لتردف و هي تقوم من على الكرسي:
- إذا اخبرني كيف حالك و هل من تقدم في البحث الخاص بك؟
نهض هو أيضا من الكرسي و تقدم ممسكا بها من خصرها ليظهر فارق الطول بينهما برغم لونا بشرتهما المتقارب والذي يوحي للناظر لهما أنهما من نفس البلد أو على الأقل من نفس المنطقة.خرجا من المكان بعد أن ترك ثمن ما أكلاه أو بالأحرى ما أكلته فيما يجيبها:
- قليلا؛ قد أسافر الأسبوع القادم إلى "ميتشيغن" لأحضر محاضرة لرجل الأعمال " لورال ويس" صاحب مجموعة " ويس القابضة" الرجل أسطورة؛ تخيلي انه لم يحصل على أي شهادة جامعية و مع ذلك انظري أين وصل.
- أغلب أثرياء هذا العصر لم يحصلوا على شهادات جامعية و مع ذلك تجدهم من الرواد في عالم المال والأعمال.
كلماتها كانت خدرة من اثر العاطفة التي اجتاحتها من قربه فيما ازدادت التصاقا به باحثة عن حنان ضائع. زاد من ضمها ثم تكلم بحدة خفيفة بينما يقتربان من سيارته.
- هذا وهم لم يقوموا بدراسة "أكادمية " . لو فعلوا فكيف تكون النتيجة؟
- أصبت .
تركته لتركب السيارة ووقف ينظر للبعيد شاردا فيما شردت هي في قسماته، هو بكل ما فيه يمثل كل ما تمنت في أي رجل، سواء شكله الذي يوحي بدمه العربي البحت مع انفه المسلول وعيناه السوداوات ذوات الرموش الكثيفة و أيضا تلك اللحية السوداء المنمقة، أو شخصيته الحنونة القوية. هو نقطة ارتكازها و هو محور دورانها، تدور في فلكه مهما ادعت غير ذلك ومستعدة لخسارة أي شيء لتبقى معه حتى لو كان حلمها الذي بذلت الغالي و النفيس لتحقيقه. تذكرت ما فعلت قبل قليل فاتسعت ابتسامتها، لو يعلم فقط أنها تفتعل هذه الحركات لتؤثر عليه؛ و لو ضغط عليها قليلا لنفذت ما يقول بأعين مغمضة، لكنها تعرف أيضا أنه لن يفعل ذلك أبدا، واثقة في حبه جدا و تحس انه ربما يحبها أكثر مما تفعل هي. زارها إحساس مزعج قبض صدرها لوهلة من تلك الفكرة، وأدته سريعا بضغطها على زمور السيارة لتنبهه من شروده. ابتسم و عجل خطواته ليركب وينطلق بسرعة محدثا صريرا عاليا.
---------------------------------------------


دخلت شقتها الراقية المكونة من غرفتين تحوي كل منهما على حمام خاص وشرفة، المطبخ مفتوح على صالة كبيرة مواجهة للباب الخارجي؛ مجهزة بأثاث جميل أنثوي ذا ذوق عالي. رمت المفاتيح بتعب في السلة الصغيرة الموضوعة على الطاولة بجانب الباب، نزعت معطفها متبعتا إياه بحذائها و ما كادت تنهي الفردة الأولى حتى عاجلها صراخ حاد من الداخل. لم تدري بنفسها إلا وهي تقف داخل الغرفة متسعة العينين والشعلة الصهباء المتقدة تقفز هنا و هناك قبل أن تتعثر وتسقط على ظهرها مطلقة صرخة أخرى. كتمت " ليف" ضحكتها وتقدمت تساعد صديقتها على النهوض و الأخرى تتمتم بألم.
- آه يا ظهري ... يا خسارة شبابك يا "ريما".. ستشلين وتجلسين في مكان ، آه.. ليس بعيدا أن يلقوا بك في دار المسنين آه. و كل هذا بسبب الصرصور اللعين.
لم تستطع " ليف " كتمان ضحكتها أكثر فانطلقت عالية و هلت دموعها مغرقة وجنتيها، في حين لم تعر لها ريما أي اهتمام مواصلة نحيبها ودمعة تعلقت بعينيها البنية الواسعة في حين سقطت أخرى تلامس خدها ذي النمشات كأنها قبلات الفراشات:
- لما حظي هكذا يا رب. كل ما أخاف منه يظهر لي خصيصا كأنه يتوعدني . آه يا ظهري.
تكلمت "ليف" من بين ضحكاتها بينما تجلسها على السرير.
- الم تسمعي بالمثل القائل" اللي يخاف من العفريت يطلع له"
- سمعت ... سمعت آه يا ظهري.
- لا تخافي فلن تشلي قريبا. على الأقل ليس قبل أن تتسببي بشلل كل من حولك يا كتلة المصائب.
ضحكت الاثنتان قبل أن تردف " ليف":
- اخبريني متى عدت؟
- قبل قليل، و أحببت أن أرتب ملابسي في الدولاب قبل أن أحضر شيئا آكله، لكن ذلك الصرصار اللعين كان يختبئ في الداخل يحضر لي مفاجأة، و في الأخير ترين المفاجأة كم كانت مفرحة حد أن كسرت ظهري. آه يا ظهري.
- كفي يا عجوز و قومي أكملي عملك و أنا سأحضر لك شيئا يؤكل.
ما كادت " ليف" تقوم حتى أمسكتها " ريما "من يدها وتكلمت برجاء و الدموع تلمع في عينيها:
- أرجوك لا تتعبي نفسك فمعدتي لا تزال تؤلمني بسبب المعكرونة التي أعددتها ذاك اليوم ..
صمتت قليلا قبل أن تكمل وسط حنق الأخرى وهي واضعة يدها على شفتها في تفكير:
- صراحة تفوقت على نفسك آخر مرة. عليك دخول مجال تصنيع السموم بسرعة فأنت بارعة بالفطر... آه توقفي.
أمسكت ذراعها مبعدة يد " ليف" التي قرصتها ثم أردفت:
- أطلبي لنا معا من محل "البيتزا" في التقاطع الخامس...
قاطعتها "ليف " و هي خارجة من الغرفة:
- سأطلب لك وحدك فأنا أكلت مع "رامي"
- حسنا لكن أخبريني كل ما فاتني هذا الأسبوع بعد أن أنتهي من هذا الترتيب الممل.
- سنتحدث كثيرا لكن ليس اليوم، أنا تعبة جدا.
استدارت خارجة من الغرفة ثم التففت بغتة مستطردة بريبة:
- ثم خذي حذرك فقد سمعت أن وراء كل صرصور يظهر، هناك ثلاثون مختب....
قطعت حديثها "ريما" صارخة وهي تقفز من السرير لتتعرقل في اللحاف و تسقط على رأسها. ارتفعت ضحكات "ليف" على إثرها و هي تخرج من الغرفة.
.
.
أغلقت الباب خلفها تنتقل بنظرها على غرفتها الغير مرتبة إطلاقا والابتسامة ما تزال تزين محياها، ملابسها مرمية في كل مكان، أغطية السرير مهملة، نصفها على السرير والنصف الآخر على الأرض و الكتب مبعثرة فوق مكتبها. الحاسب مفتوح فوق الأريكة الصغيرة المختفية تحت أكوام الملابس. زفرت بتعب بعد اختفاء ابتسامتها و رمت بنفسها فوق سريرها راجية القليل من النوم الذي لن يأتي إلا بشق الأنفس. تقلبت في فراشها قبل أن تبدأ وصلة الدموع ككل ليلة منذ عشر سنين مضت. دموع بقدر ما تضعفها وتتركها مع الم مستبد ينخر قلبها، بقدر ما تعيد بعثها كل صباح بكل قوة و إصرار على مواصلة مشوارها. هي تؤمن أشد الإيمان أن هذا ثمن لما وصلت له من نجاح و تخاف دوما أن لا يكون الثمن الوحيد. جذبت هاتفها من على الطاولة بجانب السرير ثم فتحته على الصور الموجودة وشرعت تمرر الواحدة تلو الأخرى ودموعها ترسم قصة حزينة على صفحة خدها.
---------------------------------------------------



روابط الفصول

المقدمة والفصل 1.. اعلاه
الفصول 2, 3, 4, 5, 6.. بالأسفل
الفصول 7, 8, 9, 10, 11, 12, 13
















التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 10-05-23 الساعة 01:04 AM
لولو ليال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-02-23, 12:35 AM   #2

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي




اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


حجم الغلاف رجاءً يكون بمقاس 610 × 790




نرجو الالتزام بحجم الفصل المطلوب ضمن القوانين

15صفحة ورد بحجم خط 18






واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء



قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 26-02-23, 06:17 PM   #3

لولو ليال

? العضوٌ??? » 496421
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » لولو ليال is on a distinguished road
Rewity Smile 5 2- مِـفُآجآ‏‏هِ?ُ‏‏ُُ غّيـﮯر مِـتُوقعَ‏‏هِ?ُ‏‏ُُ..

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمغين....

أستغفر الله العظيم وأتوب إليه.....




في الصباح


بعد أن جهزت نفسها دخلت المطبخ و توجهت مباشرة إلى الخزانة تجذب الطبق ومعه علبة حبوب الفطور، وضعت القليل في الطبق ثم فتحت الثلاجة وجلبت علبة الحليب لتفرغ القليل منه في الطبق، و ما كادت تعود حتى هجمت " ريما" على الطبق خطفته و هربت بينما تقول بضحكة مرحة.
- حضري آخر لك أنا مستعجلة، فاتتني المحاضرة وسيعلقني الدكتور من ياقة قميصي اليوم... وبالمناسبة صباح الخير يا قمر.
لم تجبها " ليف" و اكتفت بشبه ابتسامة تدل على مزاجها المعكر لهذا اليوم ولا تدري لماذا. تدعوا أن يمر على خير إذ أن عندها مقابلة مهمة مع فنان مشهور و المخرج لهذا اللقاء سيئ السمعة وهي اكتفت من تلك التصرفات القذرة و المضايقات التي لحقتها منذ اليوم الأول للعمل. تحملت كثيرا ولا تدري متى يفرغ خزان الصبر عندها لتنتفض.
.
.
خرجت من المصعد كعادتها تحمل كوبها وتدندن بأغنية ما تحاول تعديل مزاجها لتجد تلك الشقراء تقف أمامها كأنما كانت تنتظرها، تكلمت بسرعة وهي تجرها من يدها:
- " ليف" هيا لا وقت لديك، "ريتشارد" سيحرق المكان من شدة غضبه و أنا أهاتفك منذ الصباح الباكر. أين هاتفك يا فتاة؟
- توقفي.. فقط توقفي لما تسحبينني هكذا كمعزة من وسط الحقل. قلت توقفي.
سحبت " ليف " يدها تعدل ملابسها بحنق قبل أن تردف:
- لماذا كل هذه العجلة ؟ نسيت هاتفي على الصامت لهذا لم أسمعه ثم " ريتشارد" وتعرفينه منذ متى لم يكن غاضبا أو متوترا.
زفرت و مزاجها يزداد سوءا بينما تكمل:
- أخبريني الآن ما به قبل أن أدخل إليه و ينفث نيرانه علي.
- جاءه اتصال بالأمس- أظنه تلقاه في الحلم- يقول أن هناك مهرجان للسينما مهم جدا ولا تسأليني لماذا ستعرفين كل شيء في الداخل. هيا ف" ريتشارد" من قبل طلوع الشمس هنا يجمع المساهمين والأعضاء، حتى انه اتصل بملاك القناة التي تعملين بها.
أمسكت " ليف" جبهتها بتعب قبل أن تتقدم بخطوات مثقلة إلى قاعة الاجتماعات. طرقت الباب و قبل أن تفتحه سبقها" ريتشارد" بفتحه وعلامات الحنق بادية عليه، ثم مباشرة وبدون أي كلمة سحبها وراءه إلى المكتب. دفعها بخفة لتدخل و الدهشة تأكل ملامحها؛ دخل خلفها ليتخذ مكانه وراء المكتب وينطلق في الحديث:
- "ليف" تلقيت اتصالا بالأمس من هيئة تنظيم المناسبات والمهرجانات الثقافية والسينمائية؛ و قد أخبروني أنه هناك مهرجان ضخم سيقام في "......." هذا بلدك الأم أليس كذلك؟
هزت رأسها موافقة وخطواتها تقودها تلقائيا للجلوس مقابله دون أن تعي وقد استحكم الهلع جميع خلجاتها، ليكمل هو بعدم اهتمام بحالتها:
- مهرجان أظن أنه يقام لأول مرة في هذا البلد على حد علمي.
صمت قليلا ثم أكمل وهو يحك مؤخرة رأسه بحيرة:
- الأهم من هذا هو أنني علمت أنه سيكون هناك جمع بين الثقافتين الغربية والشرقية وليس ذلك فقط بل حتى الثقافة الآسيوية والإفريقية. بالمختصر يعد هذا المهرجان همزة وصل أو نقطة دمج بين كل ثقافات العالم و هذا بحد ذاته حدث كبير. و الدولة المنظمة ستنفق ثروة لإنجاح هذا الحدث وقد تدعوا كل الفنانين من كل العالم، و يقال قد يحضر شخصيات سياسية وكتاب و أصحاب السير الذاتية و ربما رؤساء دول ورؤساء سابقين.
قال آخر كلماته بصراخ من شدة حماسه فيما كانت " ليف" ما تزال فاغرة فمها وعقلها توقف عند كلمة " بلدك الأم" و كادت تأخذها دوامة الذكريات لولا أن ضرب " ريتشارد" سطح المكتب بقوة أفزعتها وهو يتحدث بغضب.
- " ليف" أفيقي هل نمت على حظي، أفيقي يا فتاة قبل أن أحطم رأسك، هل هذا وقت...
قاطعته و قد وجدت صوتها أخيرا:
- أظنك أكثرت من الأكل أمس قبل النوم.
رد عليها ببلاهة:
- ماذا!!؟
ثم أردف بخشونة وقد عاوده الغضب:
- توقفي عن السخرية يا حمقاء فليس لدينا وقت لذلك. اتصلت بكل من له صلة بهذه المجلة وسنعقد اجتماعا بعد أن يكتمل عدد الحاضرين.
انهي كلماته وخرج تاركا إياها تصارع باب الذكريات فليس من مصلحتها أن يفتح. لكنها لم تدري انه فتح ولا سبيل لإقفاله، جالبا معه جيوش ستسعى لتحطيمها. فهل تكفي عزيمتها للوقوف في وجهه؟ لا ندري...



تجلس في مقهى الجامعة مبعثرة أوراقها وتنقر على حاسبها، كوب كبير موضوع بجوارها وآخر فارغ مرمي على الجانب؛ هاتفها مرمي بعيدا و قلم مغروس في شعرها الأصهب المطلق لتشعثه في كل مكان. لا تأبه لأي شيء غير تلك الشاشة أمامها. رنين هاتفها جذبها عنوة من انغماسها و دفعها لترفع عينيها عن الشاشة العزيزة إلى مصدر الصوت، و ما لبثت تبحث عنه تحت الأوراق أو بجانب الحاسب حتى جفلت من صوته عندما ارتمي أمامها؛ رفعت بصرها للذي فعل ذلك قبل أن تتكلم ببرود وشبه ابتسامة وقليل من التعجب.
- "بدر" ‼ متى هللت علينا؟ ظننت أننا لازلنا في بداية الشهر.
- مزحة ثقيلة.
أجابها بينما يجلس تزامنا مع انقطاع الرنين. حملت هي الهاتف ليرتفع رنينه مرة أخرى؛ أعقبت بينما ترد على الهاتف:
- صدقني... ليست أثقل من طلتك... ألو ..
صمتت تستمع لمحدثها بينما يبتسم "بدر" ابتسامة غاضبة بها لمحة من شجن و عينيه تنتقلان بحرية على صفحة وجهها.
- كيف حدث ذلك؟؟
غضن حاجبيه توجسا عندما لمس القلق في نبرتها فيما تتحدث هي.
- حسنا... حسن ... أنا قادمة الآن أين نلتقي؟
اتبعت كلماتها بشروعها في لملمة الفوضى أمامها ليساعدها هو بطريقة عفوية عندما رأى تخبطها. أغلقت الهاتف بعد أن سمعت اسم المقهى ثم تكلمت بتوتر:
- علي الذهاب. اعذرني قد نلتقي فيما بعد.
استقام واقفا بعد أن نهضت تحمل حقيبتها المهملة ثم تبعها قائلا:
- هيا سأوصلك فلن تجدي سيارة أجرة بسهولة في هذا الوقت.
تبعته معقبة باتهام.
- اشتقت لسيارتي التي سحبت مني بدون سبب.
ابتسم ساخرا بينما يفتح لها الباب.
- أجل ظلما و عدوانا.
ردت ببعض التحدي:
- ها أنت قلتها بفمك. " ظلما و عدوانا"
- و الحادث الذي كاد أن يودي بحياتك؟
- ما به؟ ثم أنا بخير الآن، هيا كلم بابا ليعيد لي سيارتي الجميلة يا مغتصب.
نظر لها نظرة أربكتها قبل أن يقول بتحد واضح.
- مغتصب!؟ لا يا عزيزتي أنت مخطئة، من أحبه يأتيني بالحب و ليس بالغصب.
- أقصد سيارتي يا أحمق، ثم نعم أنت السبب؛ فلو لم تجبر والدي تقريبا على أخذها لما فعل أنت تعرفه، لا يهمه شيء عدا العمل.
همست آخر كلماتها وقد طغى الوجع على نبرتها و اختفي التحدي والغضب الذي كان في أولها. زفر بتعب من تفكير ابنة خالته ومن الحياة التي تعيشها عامة، تكلم ببعض اللين معقبا:
- هو يحبك لا تقولي ذلك.
ردت ناهرة إياه و قد اشتعلت جذوة الغضب من جديد:
- لا تحدثني في هذا الموضوع مجددا فهو منتهي بالنسبة لي.
صمت على مضض ثم سألها عن المكان الذي تقصده.
بعد مدة قصيرة أوقف السيارة بجانب المقهى، و قبل أن تنزل تكلم بخفوت لكن بنبرة قوية:
- سأعيدها لك عندما تأتي للبيت في الإجازة القادمة، لكن حاذري على نفسك.
أجابته بغضب وحزن حفر فيها عميقا وهي تصفع باب السيارة بقوة.
- عرفت أن ليس أبي من أخذها، لم يفعلها من قبل أبدا.

---------------------------------------------------
دخلت المقهى بخطوات عجلة ويدها تمسح دمعة توهمتها مست خدها من اثر الحزن الذي يسكن صدرها. لمحت صديقتها في الزاوية البعيدة بجانب النافذة التي تطل على الشارع المكتظ. كانت شاردة وعلامات الشجن تظهر عليها. كوب القهوة الساخنة يقبع بين يديها ويحكي حكاية أخرى. لم تستطع المقاومة فجذبت هاتفها ملتقطة صورة لها ثم نشرتها على أحد المواقع كاتبة تحتها " بعد أن تخذل.. تصبح أكثر هدوء وأعمق نوما و أطول صمتا... و ابخل حرفا.." " مقتبسة" و تقدمت مدعية مرحا غير موجود كمحاولة لإزالة الوجوم البادي على " ليف".
- مراحب يا عبوس المدينة . ماذا حدث ؟ هل ستنقرض البشرية قريبا؟ صراحة أتمنى ذلك لتختفي عدة وجوه تنغص على حيا...
قاطعتها "ليف" بنبرة ساخرة طبع عليها بعض الألم و براعم الغضب قد تشكلت على حاجبيها:
- ماذا يا حمقاء المدينة. ألن تصمتي قليلا لتعرفي المصيبة التي وقعت على راسي والتي تفوق فناء البشرية.
- تكلمي فورا وبدون فواصل إعلانية فليس لدي صبر والإعلانات مملة هذه الأيام.
- ريما ... توقفي أرجوك فظرفي لا يحتمل مزاحا أبدا.
كلمات "ليف" الناهرة لم تلقي لها " ريما" بالا بينما تعقب بسخرية:
- ربما المشكلة في الطابع، غيريه أو غيري الظرف ككل ههههه.. ثم لما تستخدمين الظروف؟ وقتها انتهى منذ زمن جدي . الانترنت أفضل بكث... انتظري ... أنا آسفة .
ضحكة ريما بعد أن أعادت الغاضبة التي نهضت عازمة على الذهاب لمكانها ثم أردفت بجدية:
- يا فتاة قصدت أن أغير القليل من جوك، كنت تبدين بائسة وعلى بعد كلمتين من شلال الدموع الذي يسقط بمناسبة أو من غير. ثم اخبريني لماذا دموعك ليست عزيزة، أظن أن كل المياه التي تشربينها تذهب في مجرى الدموع. عندك خلل أكيد..
قاطعتها "ليف " و قد اكتفت من مهاتراتها الفارغة، فإن كانت دموع "ليف" تهل دون سبب، لسان " ريما" يتكلم دون سبب أيضا.
- ابلعي لسانك قليلا ودعيني أتحدث. " ريتشارد " تكلم اليوم عن إمكانية عودتي للبلد.
صمتت تترك لصديقتها بعض الوقت لتستوعب لكن الأخرى ردت بمنتهى الغباء:
- أي بلد؟
- أو.. لا أرجوك ركزي معي قليلا. " ريتشارد" عقد اليوم اجتماعا حول المهرجان الذي سيقام في البلد هناك، والذي بالمناسبة اليوم عرفت به أيضا. وعينني ضمن الفريق الذي سيذهب لتغطية الأحداث.
ابتلعت "ريما" ريقها الجاف قبل أن تقول بجدية غريبة عليها:
- و ماذا ستفعلين؟
- لا ادري صدقيني ذهني مشوش و أحس أنني في دوامة.
صمتت قليلا لتحتسي من ما يوجد داخل الكوب ثم أردفت ببؤس:
- و عندي الآن مقابلة و لا يمكنني تحمل ذلك ال&é& أوه يا الله.
- من هذا؟
- لا عليك شخص غير مهم ، ركزي معي وفكري في حل للمشكلة.
فهمت "ريما" أن صديقتها تحتاج قليلا من الدعم على الأقل حتى تنهي اليوم. فأعقبت بنبرة قوية:
- لا تقلقي، كل شيء سيكون على ما يرام. أنت قوية وسيمر هذا كما مر ما قبله، اعتبريه تحدي و ستنجحين بإذن الله. ثم أنت " ليف" الآن شخص جديد تماما بكيان و روح جديدة.
ردت "ليف" بانهزامية غريبة:
- لا أدري "ريما" لا أظن أنني استطيع المواجهة. أحس كأنني احمل في صدري الكثير والجبل على ظهري يزداد ثقلا كل عام يمر. أخشى أن تكون المواجهة فوق طاقتي فافقد كل شيء، أخاف أن ينضح صدري بمكنوناته ويهد الثقل ظهري ليقسمه ولا تقوم لي بعده قائمة.
- أنت أقوى من ذلك عزيزتي، ثم لما تفترضين السوء. ربما لن تكون هناك مواجهة أبدا فأنت ذاهبة للعمل ليس إلا.
- لا أعرف ..أنا فقط خائفة. خائفة جدا.. وجزء خائن مني مشتاق بل يكاد يموت شوقا للذي مضى.
- أنت قوية "ليف". قوية جدا وتأكدي أن قوتك الكامنة داخلك أكثر من ما يظهر منها. لا تبتئسي واشحني طاقتك سواء كتب لك المواجهة أم لا، أنا واثقة انك تستطيعين النجاة بنفسك.
ابتسمت "ليف" بشجن و دمعة تتدحرج على خدها. أمسكت يد صديقتها ثم قالت بامتنان.
- شكرا حبيبتي، لن أنسى فضلك أبدا.
صمتت قليلا ثم أردفت بمزاح:
- أخبريني كم كررت كلمة " أنت قوية" حتى الآن.. ههههههه.. أحسست أنني سأواجه مصارعا ما أو عندي مسابقة في رفع الأثقال، أنت كارثة في المواساة.
انطلقت ضحكات الفتاتين عالية لتعقب ريما بعدها بكلام جدي نادر عن طبيعتها استدعى دموع الأخرى.
- اضحكي يا صديقتي الغالية فلن تنتهي المشاكل أبدا مادمنا نعيش و مادام فينا نفس. و لولا هذه الضحكات المسروقة من الزمن لما استطعنا المواصلة.
- لما تبكين حبيبتي يا صهباء؟ ألم أحذرك من فعل ذلك.
تشدق "رامي" بابتسامة قبل أن ينظم إليهما في حين أعقبت " ريما" رافعة يديها مستسلمة
- براءة يا ناس، دمعتها من تتلكأ على النزول.
ابتسمت " ليف" ثم نقلت نظرها ل "رامي" بحب شع من عينيها مما استدعى كلمات " ريما " المشاكسة التي ألقتها وسط ضحكها المرح بينما تنغز "رامي" في خصره:
- أنظر " رامي " القلوب تخرج من عينيها، ههههه، أنظر وصلني قلب هنا.
أشارت بيدها في الهواء فيما تكمل وسط ضحك "رامي" وخجل "ليف" الحانق:
- اذهب لست أنا المقصودة، بل الجالس بجانبي. اذهب ليحملك في كيس مع إخوتك بجانب قلبه هو الآخر.
- "رييما"
نهرتها "ليف" ووجهها احمر من الإحراج ليعقب "رامي" بهيام"
- لا تقلقي، سأحفظهم داخل قلبي وليس جواره فقط.
- أووه ... الآن حقا ليس لي مكان بينكما، هيا نلتقي فيما بعد يا أصدقاء، عندي محاضرة الآن وسأعلق حتما في السقف هذه المرة.
أنهت كلامها منطلقة بصخبها المعتاد حتى اختفت خارج المقهى. سحب " رامي" سيجارة من جيبه و أشار للنادل بالقدوم ثم ما لبث أن وضعها في فمه حتى سحبتها "ليف" قائلة بحنق.
- ألم نتفق على أن تتوقف عن شرب هذه السموم.
أجابها مدعيا عدم الاهتمام بينما يسحب أخرى ويضعها في فمه ونظراته تخترقها.
- اتفقنا على الكثير، لكن لا احد يهتم على ما يبدوا.
نظرت إلى ما ترتدي ولم يكن بالسوء الذي يلمح له فتنورتها الوردية الواسعة تصل إلى ما تحت الركبة بقليل كما القميص الأبيض الرسمي ذا ياقة عالية تكاد تخنقها. زفرت باختناق من تحكماته قبل أن تقول:
- "رامي" أرجوك لا تبدأ مجددا لا ينقصني تأنيبك الآن.
- لست أنا من بدأ. ثم ما بك؟ لما كل هذا البؤس؟.
رد بلؤم و هو يشعل السيجارة و ينفث دخانها بغير اهتمام و عينيه تلقطان ينبوع الدموع وهو على وشك الانفجار. لترد هي وبنبرة مهزوزة لم يرها عليها من قبل:
- أنا تعبة و أحس أن صدري على وشك الانفجار. أظن أن تراكمات السنين ستغدو بركانا يطيح بي ولا يدعني إلا جثة هامدة.
انفجر ينبوع دموعها أخيرا ليهرع مسرعا جالسا بجانبها و يسحبها لحضنه. و لم تمانع هي إذ كانت في حاجته فتمسكت به تحاول أن تبعد حالة الضعف التي ألمت بها منذ سمعت خبر عودتها. بعد مدة ليست بالقليلة استعادت القليل من ثباتها و لاحظت جموده لذا رفعت رأسها لتجده ينظر بعيدا إلى شخص يقف بجانب الباب يطلب شيئا فتكلمت.
- تعرفه؟
ابتعدت عنه معتدلة في جلوسها بعد أن حول نظره إليها و أجابها بنبرة مخنوقة.
- لا..
صمت قليلا، تنحنح و تعدل في جلسته ثم سألها بحنان ظهر من عينيه.
- أخبريني ماذا هناك؟ قد استطيع مساعدتك.
ردت بنفس نبرته:
- باختصار وبدون إطالة. سأعود للبلد في غضون شهر من الآن.
اتسعت عيناه من الدهشة وظهر بريق سعيد فيهما لتسأله باستغراب.
- لما أنت فرح كأنني قلت لك أنك ربحت المليون.
رد و البهجة مسيطرة عليه:
- بل أكثر يا حبيبتي، أكثر.
ازداد استغرابها و تغضن حاجبيها لتسأله مرة أخرى.
- لهذه الدرجة كنت تود الخلاص مني؟
انتفض كمن لسع للتو وأمسك بيدها يشرح ومشاعر جمة تمر على صفحة وجهه.
- بل أنا فرح لكلينا يا غبية. سأعود معك وسنتزوج هناك.
جاء دورها الآن ليعلو وجهها دهشة ليست أقل من دهشته وردت بصوت مغاير:
- ماذا تقصد؟
أجابها بهدوء يشوبه بعض الحماس وهو يضغط على كفيها:
- كما سمعت عندما تعودين سأعود معك واطلب يدك للزواج، كما تعلمين كل أهلي هناك و كنت أتحين الفرصة لأطلب منك العودة لنتم زواجنا هناك في وجود أهلي و صراحة خفت أن ترفضي أو على الأقل أن تماطلي؛ لكن الحمد لله جاءت الفرصة على طبق من ذهب.
ردت وغصة استحكمت حلقها لتلك الفرحة الموءودة في المهد:
- أنت تعرف أنني لن استطيع ثم أنا ذاهبة للعمل.
أعقب بإصرار:
- لا يهم ..
صمت مستدركا لما قالت ثم سألها:
- أي عمل؟
- هذا ما لم تدعني أقوله قبل قليل. هناك مهرجان عالمي سيقام في البلد و أنا ذاهبة مع فريق المجلة والقناة أيضا لتغطية أحداثه. هذا أولا ... و ثانيا قد أخبرتك بكل ظروفي من قبل و بالتأكيد مستحيل أن يحصل ما تقوله الآن. سنتزوج لكن هنا في أمريكا و باسمي " ليف" و ليس هناك غيره.
- و أنا أقول لك لا تقلقي. سأدبر كل شيء و سنتزوج هناك و بمباركة الكل وباسمك الأصلي " حياة سعد" و ليس " ليفانا سميث" .
نبرته كانت واثقة مستحكمة تدل على الصدق أثارت تحدي " ليف" لترد:
- و كيف ذلك؟ الأمر مستحيل.
- لا تقلقي ودعي كل شيء علي، سأحل كل المواضيع الشائكة و بعدها نتزوج.
صمت الاثنان ليزداد بؤس "ليف" بعد هذه الكلمات ليس قلة ثقة به، لا، لكن المراد صعب؛ صعب جدا ويكاد يكون مستحيلا. و هي متأكدة أن هناك ثمنا عليها أن تدفعه لتحصل على حبيبها ورفيق الروح " رامي" و تتوجس خيفة من ماهية هذا الثمن، تخشى أن يكون اكبر من أن تستطيع دفعه.
-------------------------------------------------------

Soy yo likes this.

لولو ليال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 02:24 PM   #4

لولو ليال

? العضوٌ??? » 496421
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » لولو ليال is on a distinguished road
Rewity Smile 5 طموح انثى

اللهم صلي وسام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أستغفر الله العظيم وأتوب إليه عدد خلقه وضى نفسه وزنة عرشه ومدادكلماته...

3- حلم طال انتظاره..

خرجت من المقهى مسرعة باحثة عن سيارة أجرة و هي تنظر في ساعتها، زفرت بتعب قائلة:
- أخخخ.... تأخرت على المحاضرة، ارجوا أن لا يلاحظ الدكتور ذلك.
صمتت تستوعب ما قالت ثم غضنت حاجبيها في استياء مردفة:
- إن لم يلاحظ الآن، سيعرف ويتأكد عندما تظهرين أمامه يا غبية.. أووف.
قاطع حديثها رنين الهاتف. أجابت بعد أن تحولت قسماتها للوجوم.
- أبي..مرحبا كيف حالك؟
- "ريما" تعالي اليوم إلى المنزل، أقيم حفلة و احتاجك.
تهللت فرحة لكلمة" أحتاجك" و ردت بحماس المنقذ:
- سأكون هناك .
أنهي والدها الاتصال بدون رد، خبت حماسها لوهلة قبل أن ترفع كتفيها بعدم اهتمام و هي تشير إلى سيارة قادمة ناسية المحاضرة و من أنجب المحاضرة.
------------------------------------------------------------
في المساء.

دخلت الشقة تجر رجليها و أحداث اليوم تمر عليها لتزيد تعبها. زفرت باختناق و رمت بنفسها على الأريكة بدون اهتمام بحذائها و ملا بسها المغبرة. نقلت بصرها في المكان ورهفت حسها لتسمع أي حركة تدل على عودة " ريما" من الخارج لكن لم تجد أحدا. أغمضت عينيها متذكرة الكارثة التي حدثت أثناء المقابلة. فلم ينقصها بعد خبر العودة للبلد في الصباح وخبر الزواج الذي يعد "رامي" بأنه سيتممه بمعجزة، لينتهي اليوم بشجار مع ذلك المخرج ال "&éàç " فأثناء ما كان يتم إعدادها لبدء المقابلة بعد أن أوصلها " رامي" لموقع التصوير، حضر ذلك السمج يحمل في يديه قطعتين من الملابس لا تكبران حجما عن المنديل وطلب إليها أن ترتديهما أثناء المقابلة. ثارت فيه بداعي انه ليس له حق في التدخل في لبسها. على الأقل ليس الآن وقد أصبح لها اسمها ووزنها لكنه قال بالحرف:
- هذا برنامجي وأنا المسئول عنه كمخرج؛ وكمساهم تهمني جدا زيادة الأرباح من الحلقة المعروضة، و هذه الملابس ستؤدي المطلوب. كما أن شهرتك بالتأكيد ستزداد بعد نهاية العرض وهذا مطلبك. فلما أنت معارضة؟
ردت بقوة و ثقة عالية:
- بالتأكيد لا أريد أية شهرة من وراء عرض جسمي على الملأ. وإن كنت تريد هذا النوع من العروض، يمكنك الذهاب إلى أي حانة وجذب أية سا.ق.ط.ة لتقوم بهذه المهمة. أما أنا فاسمي لوحده يكفي لنجاح الحلقة، وهو ما جعلكم تستدعونني وتعطوني ذلك المبلغ المرتفع. لذا إذا سمحت هل أقدم هذه الحلقة كما أريد أم أنسحب وتتصرف أنت كما تحب وتريد.
حمدت الله في سرها على أنها لم تضطر يوما لفعل ذلك الابتذال وكل الفضل يعود ل"ريتشارد"، فهي رأت بعينيها كيف يتم استغلال المذيعات المستجدات بطرق دنيئة وخالية من الإنسانية.
.

"" هناك عدة تقارير تتحدث عن تعرض العديد من المذيعات و الممثلات للتحرش في هوليود، و قد أطلقت حملة " أنا أيضا " لمحاربة هذه الظاهرة التي اتهم فيها عدد من الوجوه البارزة في الإعلام و عدد كبير من نجوم الفن والترفيه في هوليود""
رد بغضب أججته ثقتها وغرورها بنفسها. ماذا تحسب نفسها ال"&éçàè"، لولا " ريتشارد رود" لكانت هي من تستجدي لفرصة أقل بكثير من هذه، تلك العربية ال"&éèçà" مكانها في الصحراء تحلب الإبل وتعيش كمحضية لسيد أو شيخ ما.
- لن تخرجي من هنا قبل أن تكملي المقابلة فهناك عقد يحكمك فإن أخللت بأحد شروطه، سيكون علي متابعتك قضائيا.
- إذن سأتصل بالمنتج ونتكلم عن تصرفك هذا وإن كان حقا هذا اللباس سيجعلني اترك القناة مثلا..
لم تكمل حديثها بعد أن قاطعها مقتربا رامقا إياها بنظرات لعوب وهو يقول بإغواء مقزز قاصدا التحقير من شأنها و كسر ذلك الغرور الذي يشع من عينيها، و كذلك لغاية دنيئة في نفسه.
- لك ما تريدين يا " حبيبتي" لكن يمكن أن ترتدي هذه الملابس لي في البيت بمناسبة احتفالنا بنجاح الحلقة الذي أنا متأكد منه على الأقل بسبب جمالك و ...
صمت ممعن النظر لجسدها بوقاحة تعدت كل الحدود ويده تمتد لتمسك بذراعها ليقربها منه أكثر. جفل مبتعدا بعد أن صفعته بقوة مطلقة سيلا من السباب العربي المخلوط بالإنجليزية و ابتعدت نازعة عدة الصوت من ظهرها وأذنها ثم رمتها بغضب قبل أن تخرج من المكان.
زفرت نفسا مثقلا عله يخفف من ثقل صدرها الذي يكاد يخنقها متذكرة ما حدث بعد خروجها.
قصدت حديقة صغيرة وراء الموقع لتستجمع نفسها، يخف غضبها و تبتلع الإهانة التي تلقتها في الداخل و بالتأكيد تمسح دموعها. ابتسمت بشجن عندما تذكرت مزاح "ريما" عن دموعها. فعلا دموعها كثيرة جدا و من يراها بكل تلك الينابيع المتفجرة على وجنتيها يقول المسكينة مضطهدة و بطبيعة الحال تستفز فيه غريزة الحماية. لكنها ليست كذلك أبدا فدموعها ليست ضعفا وإنما استراحة وإعادة شحن لتقف و تحارب مجددا.
وردها اتصال بعد مدة قليلة من جلوسها على أحد الكراسي لترد بنبرة حيادية:
- مرحبا سيد " مانويل" ... أجل أنا في الخارج ... أعرف ... سأعود .... أكيد لكن اخبر ذلك ال "&éèçà&" أنني لن أرتدي ما يمليه علي القذر ، أنا لست ساق. طة ولا هذا برنامج للعاه.. را.ت. قد تخطيت تلك المرحلة منذ أعوام بالله عليك.... حسن .. حسن .. مع السلامة.
نهضت متأففة عائدة إلى الموقع من جديد. وجدت أن المخرج اتخذ مكانه والضيف أيضا. دخلت غرفتها تعدل قليلا من شكلها ثم خرجت لتركب عدة التصوير من الجديد، جلست مقابل ذالك الممثل الشهير محيية إياه بلباقة قبل أن تتوجه عينيها إلى الكمرات أمامها و الشغف يلمع في عسليتيها لتنسي كل ما مر وكل مما هو آت غير لحظتها تلك، لديها موهبة كبيرة في جذب الأنظار إليها بجمالها و بمواضيعها المختارة و أسلوب حديثها الشيق، تحاور الممثل بمهارة عالية و ثبات انفعالي حقيقي. نعم إنها " ليفانا سميث" من صنعت اسما لها في عالم الإعلام وأصبحت من أوجهه الساطعة في مدة قليلة لا تتجاوز الأربع سنوات و سن صغير لا يتجاوز الثلاثين، و رغم أصولها العربية إلا أن عوامل عدة ساهمت في ذلك النجاح كذكائها الحاد و سرعة بديهتها وشخصيتها المنطلقة، كما ساهم جمالها بالتأكيد في ذلك مع الكثير من الحظ و الكثير الكثير من الجهد و التضحية.
عند هذه النقطة عادت من هواجسها منحنية على جذعها تنزع حذاءها، رمته بدون اهتمام فوق السجاد ثم سارت بتثاقل إلى غرفتها لتعيد تسطير ذكريات، لكن من نوع آخر.
-------
- حياة... ارمي الكرة هيا.
- في أحلامك يا أحمق، تعالى أنت وخذها إن كنت تستطيع.
صرخت بهذه الكلمات الفتاة ذات التاسعة عشر ربيعا ونيف قبل أن تنتقل بخفة والكرة بين رجليها متجاوزة أخيها الأصغر منها ب أربع سنوات " حازم" ببراعة وسرعة تركض قاصدة ذاك الذي يقف بين حجرين على أساس أنهما المرمى. ولم يكن غير أخيها الأصغر آخر العنقود " احمد في الخامسة من عمره، و لكن قبل أن ترمي الكرة لتسجل هدفا عرقلها التوأم السيامي أو كما يقولان دائما" شقيق الروح" " ياسر" . كان يصغرها بثمان سنوات لم تمنع انسجامهما مع بعضهما و تلاؤم شخصياتهما الواضح. حيث كان كل منهما يلوذ بالآخر عند كل نائبة. قطع عليها الكرة ليركض بسرعة متجها لمرمى الأخيرة لتواجهه " رؤى " ابنة عمتهم " حبيبة"و في مثل سنه، حاولت أخذ الكرة منه تحت صراخ "حازم " مطالبا برميها له؛ وصراخ " حياة " القادمة من بعيد تحاول الوصول مطالبة إياها بعرقلته قليلا فقط حتى تصل. لكنه لم يأبه بكل هذا و مرر الكرة بخفة بين رجلي "رؤى" و عبر ملتقطا إياها مرة أخرى و سددها ببراعة داخل الشباك الفارغ المكون من حجرين متباعدين بمسافة مناسبة. علت صرخات الشباب فرحة بتسجيل الهدف، " أحمد " يرقص بحركات خرقاء أضحكت " حازم " الجالس مادا رجليه بتعب، بينما "رؤى" تتابعه بهيام أكبر من سنها و" ياسر " يقفز هنا وهناك مغيظا حياة المتجهمة و التي تتوعد بكلمات غاضبة، تارة بالانتقام وتارة أخرى تجزم أنها ظلمت و يجب عليهم إعادة تقسيم الفرق. لم تكد تنهي وصلة حنقها حتى أرهفت الحس تستمع قليلا قبل أن تصرخ.
- أبي ينادي علي أليس كذلك؟
صمت الكل في محاولة للتركيز في الاستماع قبل آن يهتف " حازم" بثقل:
- أجل أظن أنني سمعته.
وافقته " رؤى" ببلاهة قائلة:
- أجل .. أجل . سمعه...أ أقصد سمعته أنا أيضا.
زفرت " حياة" بتعب من اللعب، ومن تلك الحمقاء التي تكبر سنها و ذهبت مسرعة تلبي نداء والدها الذي تكرر.
ركضت باتجاه البيت عابرة حديقتهم المليئة بأشجار مثمرة تتوسطها سواقي عدة، الجو جميل جدا بالنسبة لنهار صيف حار في قرية تقع في وسط الصحراء تقريبا. شرعت تقفز بمرح بينها وهي تستنشق روائح الثمار الناضجة الشهية حتى وصلت للباب الحديدي المزخرف المفتوح جزئيا، دفعته وأكملت جريها حافية، قاصدة مصدر الصوت وبرودة المنزل تلفحها و تخفف قليلا من قطرات العرق المتساقطة من جبينها. ضحكت تلقائيا عندما وجدت والدها يضحك فرحا وهو جالس أمام الحاسب المنزلي؛ و ما إن لمحها حتى وقف وجرى ليتلقفها في عناق مبهج وصراخ اجتمعت العائلة كلها على إثره. نطق الأب بعد أن أبعدها عنه ضاما كتفيها بيديه.
- مبارك صغيرتي؛ نجحت.. نجحت و بامتياز. مبارك عليك شهادة الثانوية العامة والعاقبة لمستويات أعلى بإذن الله.
بهتت و شلت جميع حواسها من اثر المفاجئة. كانت تتلقى التهاني والمباركات الفرحة و هي جامدة، عقلها يسبح في الفراغ، يجسد حلما طال انتظاره؛ حلما باتت قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه. عند هذه الفكرة زال الجمود وهلت الدموع من عينيها فرحة و رضا لتخر ساجدة شاكرة، حامدة الله أن أنعم عليها بالنجاح بعد تعب ليس أشهر فقط بل سنين و سنين. استقامت تبحث بعينيها عن "رفيق الروح" الذي كان يقف بينهم و الفرحة ترسم معالمها على وجهه كأنما هو الناجح لا غيره. أمسكته من يديه و صرخت بفرحة طاغية وتلك الينابيع لم تجف بعد.
- أخيرا " ياسر"، بات حلمي قريبا مني.
وجمت قسماته بعد كلماتها ليرد بتأني وحذر:
- مبارك حبيبتي. لكن لا أظن أن هذا هو الوقت المناسب للتكلم في الموضوع.
- أي موضوع؟
- لما لا؟
جملتان مختلفتان خرجتا في نفس الوقت من الواقفتين أمامه. "حياة" و أمها. جفلت حياة ملتفتة لوالدتها ولم تعرف ما تقول لتعود بعينيها لأخيها مترجية. فهي لا تريد أن يفتح الموضوع بهذه الطريقة. أشار" ياسر" لها بعينيه مطمئنا ثم أعقب مستغفرا الله على كذبه:
- رحلة " البر" هي تريدها كهدية بمناسبة نجاحها، و الآن ليس الوقت مناسبا.
نظرت له والدته بتأنيب ثم التفتت ل"حياة" تهتف بحنان:
- أنت اليوم أدخلتي فرحة كبيرة لمنزلنا وحياتنا، لك ما تتمنين؛ لكن كما قال " ياسر" الوقت ليس مناسب فالحر شديد ولن تستطيعوا التخييم في الخارج. دعيها حتى يحل فصل الخريف، يبرد الجو قليلا و كذلك الأمطار ستصنع لنا جوا استثنائيا.
تدخل " حازم" قائلا:
- أجل يا أمي كما تلك المرة.
- أي مرة تقصد؟
سأل الوالد ليتحول الحديث إلى رحلتهم التي قاموا بها منذ عدة أعوام. انشغل الجميع في ذات الحديث بعد انضمام " رؤى " و " احمد" الذي يقفز هاتفا هو الآخر مطالبا بحقه في الكلام دون أن يلقى أدني اهتمام بما يقوله وسط انسحاب " حياة" و " ياسر" من الجمع قاصدين غرفتها.
أغلق الباب خلفه ثم تكلم ناظرا لها بتأنييب بينما تجلس هي متربعة على سريرها.
- أمازلت مصممة على ما تريدين؟
ردت بثقة وهي تحمل وسادة لتضعها على رجليها:
- أجل.. و الآن أكثر من قبل.
هتف بسخرية و قد ظهر عليه بعض الغضب:
- لكن أبي لن يوافق، واحتمال أن يدفنك مكانك اقرب.
لم تأبه لتخويفه فعقبت و الثقة كل ما تملك:
- سأجعله يوافق. أبي لن يرفض لي طلب، سأستخدم كل الأسلحة اللازمة لذلك. حتى المحرمة دوليا. المهم أن أنجح.
نهرها وقد بات غاضبا جدا:
- أنت ستشعلين نارا لا قبل لنا بإخمادها. إذا كنت أنا لست موافقا أبدا ومجرد التفكير في الأمر يجعل دمي يغلي، فما بالك بأبي. سيحرقك حية ولن يقيم لك قبرا حتى.
ردت بحنق بدأ يظهر:
- إنه حقي، و لن يحرمني احد منه حتى لو كان أبي. أما أنت فلا آبه برأيك، الأمر كله بيد أبي إن وافق ستوافق أنت صاغرا.
نظر لها شذرا ثم خرج صافقا الباب خلفه بقوة تاركا " حياة" تكفكف دموعا كانت قبل قليل دموع فرحة، إصرارها يشتد و جذوة التحدي تتقد في مقلتيها. أليس والدها من زرع فيها حب التحدي والإصرار. وهو أيضا من شجعها على تحديد أهدافها منذ صغر سنها و حرضها على العمل للوصول لما تريد. و أن تبذل الغالي و النفيس في سبيل ذلك. نعم هي تربية والدها، و لن تحيد عن قوانينه التي سنها لها. لن تكون " جذوة الحياة" كما سماها والدها إن فعلت.

-------------------------------------------------------------------

نلتقي في البارت القادم بإذن الله بعد يومين أو ثلاث لا أدري ....
تحياتي "لولو ليال" أو "اوكيديا"...


لولو ليال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-03-23, 12:14 PM   #5

لولو ليال

? العضوٌ??? » 496421
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » لولو ليال is on a distinguished road
Rewity Smile 5 طموح انثى

اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد و على آله وصحبه أجمعين...

استغفر الله العظيم و أتوب إليه عدد خلقه ورضا نفسه و زنة عرشه ومداد كلماته...

---------------------------


4- صيدة جديدة‼

في المساء.

دخلت ذلك المنزل الضخم الذي يكاد يكون قصرا من أبوابه المشرعة، الندل ذووا البدل السوداء مصطفون على الجوانب للترحيب بالضيوف ومظاهر البذخ تظهر في كل جانب من جوانبه، الطاولات المرتبة و المنمقة برقي في تلك القاعة الفخمة المتدلية من سطحها ثرية عملاقة زادت المكان جمالا والفرقة الموسيقية تعزف موسيقى كلاسيكية في آخر القاعة. خطت بكعبها العالي الظاهر من فتحة الفستان الذي يمثل كل ما هو مبهج للعين مثير للغرائز لكن لم تهتم فوجهتها واحدة. ذلك الخمسيني الرابض وسط ثلة من أقرانه أصحاب البدل المنمقة التي لا تكاد تفرق شيئا عن بدل الخدم، و لكن كما يبدوا أن اللباس وحده ليس معيارا للحكم على الشخص. فشخص كالسيد" عماد المالكي" يليق عليه مسمى " القالب غالب" هو رجل أعمال عصامي. بدأ من تحت الصفر يبيع بعض الأطعمة على رصيف الشارع بجانب مدرسته، وترك دراسته في الإعدادية ليتفرغ لعمله و شغفه المتمثل في حبه للطهي. رغبته الدائمة في اكتشاف كل ما هو جديد في هذا العالم مكنه من التقدم في هذا المجال إذ ابتكر خلطة سحرية لقطع اللحم كان لها الفضل في وصوله لما هو عليه الآن بعد أن لاقت إقبالا منقطع النظير. افتتح بعدها مطعما ثم سلسلة مطاعم ثم مصنعا ينتج وجباته المميزة ويبعث لكل مطاعمه المنتشرة في عدة ولايات حتى كندا. قصة كلاسيكية بسيطة تعبر عن حياة رجل الأعمال، لكنها تخفي خلفها العديد من التساؤلات. رمت بنفسها عليه تحتضنه بشوق و تجدوا منه حنان لم تجده يوما ليبعدها ببرود ويحتضنها من كتفها قائلا لمن معه بلمعة عينيه التي تشابه رسمة عينيها ولونهما:
- و هذه مدللة أبيها " ريما" أظنها غنية عن التعريف.
تكلم احد المتملقين بسماجة.
- و هل يخفى القمر سيد "عماد"، فالآنسة سبب مهم لنجاح اغلب صفقاتك.
صمت ناقلا نظره عليها بوقاحة قبل أن يردف بنبرة حيادية:
- هذا غير أنها لا تزال تدرس. أظن أننا على بعد.. عفوا ‼.. في أي سنة أنت يا آنسة؟
أجابت بتملل من هذا المتحذلق:
- الأولى "ماستر"..
قاطعها بشبه حماس:
- إذن .. نحن على بعد عام أو اثنين من ظهور حوت جديد لسوق وجبات السريعة. ألا توافقني الرأي سيد " عماد".
رد " عماد" بثقة و نبرته توحي بفخر اطرب حواسها و جعلها تلتصق به أكثر:
- أكيد.. هذا الشبل من ذاك الأسد..
صدحت ضحكات الجميع، و التي كانت على الأغلب مجاملة لوالدها في حين أردف هو:
- لكن فخري الأكبر و وريث مجدي الحقيقي هو ذاك القادم " بدر الخالد" هو من سينقل مملكتنا نقلة أخرى. إنه ثعلبي الذي اسعد بضمه لأسرتي وأمتن للأقدار التي جعلته يتربى تحت كنفي.
مع آخر كلمات السيد "عماد" كان "بدر" وصل بطوله فوق المتوسط قليلا ووسامته التي كان لشعره الحالك المصفف بعناية دور فيها مع انفه المسلول كعلامة مميزة لأصله العربي كما عينيه البنيتين وحاجبيه الكثين يناقضان شاربه الخفيف مع ذقن محلوق، بذلته سوداء أنيقة أخذت من أناقته الخاصة والظاهرة في خطواته الواثقة. تنحت "ريما" جانبا بعواصف جمة في مشاعرها تاركة المكان له و سمحت لوالدها بتطويقه محتضنا إياه بمحبة وحنان. استولى "بدر" على اهتمام الجميع. فهو كما اعتاد دوما، إنسان لبق و محاور جيد، سريع البديهة لماح، يلتقط مابين الأسطر ويجيد جيدا الضرب تحت الحزام إن اضطر لذلك. و ما أكثر ما يفعل في مثل هذا النوع من المناسبات.
خرجت "ريما" من قاعة الحفل إلى الشرفة لتتنشق بعض الهواء وتعيد القليل من الثقة التي تزعزعت في الداخل. و تعاود البدء من جديد في محاولة جذب اهتمام والدها عن طريق تنفيذ كل ما يحب ويرضى عسى أن يجود عليها ببعض الحنان والحب وتحصل على نظرة الرضا التي تصبوا إليها و تدفع حياتها ثمنا لها.
- "ريما".. أين ذهبت عزيزتي.
تكلم والدها و هو يخطوا داخل الشرفة. برقت عيناها و رمت بنفسها تحتضنه قائلة.
- أبي اشتقت لك كثيرا وأنت لا تطلبني إلا إن كانت هناك مهمة جديدة.
أبعدها عن حضنه متحسسا خدها بحنان فيما يقول:
- ألا تريدين معرفة المهمة الجديدة.
تململت في وقوفها دلالة على عدم تقبلها للأمر لكن قالت باستسلام:
- بلى والدي، كلي شوق لذلك.
- أنظري هناك عند العمود . ذاك الواقف بجانب السيد " ليو مرتينيز"
أشار للمكان بيده قبل أن يكمل بتركيز.
- اسمه " يوسف مرتينيز" و هو ابنه ووريثه.
هزت رأسها موافقة وهي تمعن النظر في الشاب. متوسط الطول ذا جسم متناسق، وجه خشن وسيم نوعا ما، شعر مرتب ومصفف بإتقان، ملابس أنيقة تشي بذوق عال/ طبعا يجب أن يكون كذلك فكيف سيحضر لمكان كهذا؟ أ بسروال ممزق مثلا؟/ ابتسمت على أفكارها و لم تعي على شرودها إلا بضربة على ذراعها تنبهها من والدها الذي أكمل.
- عليك أن تتعرفي عليه و تنشئي صداقة بينكما ثم يأتي بعدها العمل الجدي.
قطع اندماجهما حضور " بدر" الذي لاحظ نظراتهما على الشاب ليهتف بحنق وصوته خرج عاليا.
- أنتما لا تصدقان حقا.
انتفض الاثنان على إثر صراخه ليسرع السيد " عماد" بتكميم فمه و هو يهمس بحدة:
- أصمت فضحتنا.
نزع يده ليعقب الآخر و عيناه تطلقان شرارا:
- ما الذي تفعلانه الآن؟ أهي صيدة جديدة؟ انتظرا لأرى، ربما لا يستحق؛ وربما اذهب واخبره عن الخطة قبل أن تبدأ ما رأيكما؟
قرن قوله بفعله و هم بالذهاب ليتمسك به الاثنان و يعيدانه إلى الداخل فيما أسرع السيد " عماد" بغلق الباب والعودة، صرخ فيه بغضب قائلا:
- ماذا بك يا ولد؟ لم كل هذا الصراخ؟
تحدث " بدر"من بين أسنانه مجيبا وإصبع الاتهام يتجه إليها:
- هل جننتما؟هل نحن نتعامل مع سذج لتتصرفا هكذا تصرف؟ أم هي لعبة و أنا لا ادري؟
صمت مسترجعا نفسه ثم أردف موجها حديثه لعمه و إصبعه ما يزال يشير إليها:
- كيف تريد لهذه الغبية أن تخدع أحدا و تجعله يوقع على اتفاقية تدر الملايين. الأعمال لا تسير هكذا. و أنت عمي تعرف ذلك جيدا.
- بدليل أنني نجحت في جذب عدد لا بأس به من العملاء لتوقعوا مرتاحين مطمئنين.
ردت باستفزاز نجح في زيادة اشتعاله ليعقب بغلضة:
- هل أنت ساذجة و حمقاء لهذه الدرجة. من سعى إلينا يعرف تماما لماذا فعل ذلك وليس لأنك جعلته يفعل. نحن يا آنسة هدف لكل الحاضرين هنا إن لم يكن اغلبهم.
لا اصدق أنني أخوض هذا الحديث في كل مرة، و في كل مرة ألقى هذا الرد المستفز.
- أنا من طلبت منها فعل ذلك، لذا كلامك معي أنا.
أردف السيد"عماد" بعد أن اخذ نفسا، لا يريد إغضابه فهو قطعة من روحه و كذلك يريد أن يشرح له وجهة نظره التي لا يقتنع بها.
- أنت حقا تشغل رأس البغل عندما يصل الأمر لهذا الموضوع. "ريما" فقط تتواصل مع من نريد عقد اتفاقية معهم لتوضح لهم بطريقة غير رسمية أهدافنا وطموحاتنا من إنشاء هكذا اتفاقية و أمور لن نستطيع التحدث عنها في اجتماع رسمي. هي توطد العلاقات بيننا و تعمل بجهد لفعل ذلك؛ ولبل مرات هي من تجلب لنا عملاء و مساهمين، هذا غير نشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لمنتجاتنا. لذا وجب علينا شكرها.
صمت ليعقب"بدر" و قد زال غضبه بعض الشيء بينما قلب " ريما" يعزف سيمفونيات الفرح بكلام والدها.
- أنا أعرف أن لها دورا هاما في المجموعة و لا أبخسها حقها في هذا. لكن نقطة التعرف على العميل وجعله صديقا لها لتجعله فيما بعد يوافق على عروضنا ليست من المهنية في شيء. هي أو نحن بهذا نخدعه و نحن اكبر من هذا ولا منتجاتنا بهذا السوء لتحتاج للخداع كي تسوق.
هذه المرة ردت «ريما" بنبرة يعلوها التحدي المشوب بالقليل من الحماس:
- أنا لا اخدع أحدا، فمنتجاتنا فوق مستوى الشبهة كما تقول. لكن لا مانع من بعض الصداقات التي تنفعنا. ثم ها أنا ذا أتعرف على عالمي وأقيم فيه أسسا وقواعد لتعاملاتي المستقبلية لا ضير إن كان الكل مستفيد و لا خاسر بيننا. و لأثبت لك جدوى ما نفعله أنا وأبي...
صمتت تشير بسبابتها إلى ذلك الشاب الذي كانا يتحدثان عنه قبل وصوله فيما تردف:
- ألا تظن أن السيد " مرتينيز" جدير بصداقتي؟ خصيصا و أن شركات "مرتينيز" من أكبر شركات التوزيع في البلد. وهم قبلة لكل الشركات الراغبة في توزيع منتجاتها بفاعلية وأمان، و هناك تنافس كبير للحصول على دعمهم، فعندما يضاف اسم شركته لأي اسم، هذا وحده يرفع أسهم الشركة لأعلى مستوياتها...
قاطعها بغضب مشتعل:
- أعرف كل هذا و أكثر لكن في اعتقادك ، السيد" مرتينيز" بكل هذه الحنكة التي مكنته من السيطرة على سوق التوزيع هل سيسقط صريع " صداقتك" المزعومة؟ أنت واهمة.
ردت و التحدي يأخذ مأخذه منها:
- ليس الوالد بالتأكيد. لكن الابن؟ سنجرب ونرى.
قالت آخر كلماتها منطلقة للرابض بجانب العمود ويبدوا انه في جدال مستمر مع والده.
التفت "بدر" لعمه رامقا إياه بسخط لم يهتم له الآخر معقبا:
- أنت تعرف أن لا مكان للصداقة في مجالنا و أن ما تقصده ابنتك بال" صداقة" هو علاقة حب أليس كذلك؟
رد السيد" عماد" بنبرة مبهمة وعيناه تجوبان صفحة ابنه بوجوم:
- و ماذا في ذلك؟ هي حرة في حياتها. ليس لي حكم عليها بعد أن أتمت الثامنة عشر، و هي قد فعلت منذ مدة كبيرة. بالمختصر هي حرة في اختيار شريك حياتها وللزلات مكان أكيد، و الأكيد أنها لن تجد " السيد الصحيح" من أول مرة، هذا غير معقول وخيالي بدرجة كبيرة. ألا تتفق معي؟
رد "بدر" و احمرار عينيه نتيجة الغضب بات واضحا:
- إذن هل تعرف ما يقال في الأروقة يا عمي. يقال أن ابنتك تقدم جسدها في سبيل إتمام الصفقات. أ ترضاها على سمعتنا؟
عقب السيد"عماد" بثبات زعزع قلب الآخر:
- أنت قلتها. كلام أروقة ولن يجرؤ أحد على الجهر به، الحساد كثر والمغرضون أكثر ولا عزاء للحاقدين. شركتنا الكل يعرف كيف أنشأتها بدمي قبل عرقي، ليس في ذلك شك أبدا.
عقب بدر بمحاولة أخيرة.
- بغض النظر عن كل شيء. هي ابنتك كيف تقبل أن تتبعها هذه السمعة؟
- لن ينقص هذا الكلام من رصيدي البنكي ولن يفسد سمعة شركاتي لهذا لن اهتم به. و نحن هنا في بلاد الحريات كل يفعل ما بدا له شرط أن لا يتعدى على حرية الآخر. و صدقني هنا لن يهتم احد بهذه السمعة التي تتشدق بها. و يكفي أنني اعرف أنها لم و لن تفعلها. و من يملك الدليل فليواجهني ويثبت ذلك. تأكد أنك إذا كنت ثعلبا، ف "ريما" ذئب شرس والذئب وفي لقطيعه.
صمت قليلا ثم أردف بحنان:
- "بدر" تكلمنا في هذا الموضوع مرارا لكن إن لم تقتنع فعلى الأقل مثل ذلك من اجلي. أنت لا تعرف كم الصراع الذي يدور داخلي. عالم المال لا يعترف بالمشاعر ونحن كما ترى نعيش في عالم مادي مجرد لا مكان لكل تلك القيم هنا، و من يتبعها سيهلك لا محالا. تأقلم أو حاول على الأقل كما أفعل أنا.
انصرف "بدر" بدون أيه كلمة تاركا خلفه ذلك الصامد ينظر لابنته و الحماس يشع من عينيها الشقيتين، تارة تكلم الرجل الكبير و أخرى تلتفت للآخر الساهم بها. عندها هالة جميلة دافئة تجذب من حولها بحميمية نادرة الوجود في عالم بارد خال من العواطف. تقدم بخطوات ثقيلة يقصدهم وصوتها العالي يصله من على بعد تكلم الشاب.
- أنت ترسم؟ غير معقول؟
ابتسم بخفة مرددا لنفسه:
- هاهي قد نثرت سحرها عليه وسحبت سرا لا يعلمه الكثير عن وريث شركات "مرتينيز" القابضة.
ليرد الأب هذه المرة بشيء من الحنق:
- أجل موهبة فاشلة . أنا لا اعرف لما لا يهتم بمجال والده بدل هذه المواهب التي يبتدعها كل مرة، هذا إن كان جادا يستمر لشهرين على الأكثر ثم يغيرها..
قاطعه يوسف مبديا عدم رضاه عن حديث والده:
- لا تقل ذلك يا أبي. أنا جاد في مواهبي كما أنني جاد في عملي معك.
صمت قليلا ثم أردف بخبث موجها حديثه للشابة المتوقدة أمامه. قد سلبت لبه وانتهى الأمر:
- ثم أنت تظلمني إذ لم تخبرها عن موهبتي الوحيدة التي لم ولن اقلع عنها أبدا.
ارتفعت ضحكات الاثنين الخبيثة بينما تنظر لهما "ريما" ببلاهة ليقاطع والدها الجلسة قائلا ببشاشة:
- أرى أنكما استمتعتما جيدا برفقة ابنتي.
أعقب السيد "ليو" بمرح:
- إنها شعلة من المرح والحماس المتقد. شعرت معها أنني صغرت عشرة أعوام .
اتبع كلامه بغمزه تلتها ضحكة قبل أن يردف وسط ابتسامات البقية.
- لو بقيت معنا قليلا بعد ستعرف كل أسرار العائلة. إنها خطر علي.
- عندها سحر قوي ينشر الفرح في المكان.
كلمات "يوسف" كانت شغوفة و عينيه تلتهمانها. ارتبكت "ريما" من نظراته و كلامه لتلتجئ لوالدها و يستقبلها هو محتضنا إياها بجانب كتفها فيما يعقب بابتسامة.
- أجل، أنها نوارة بيت " المالكي".
رقص قلبها طربا لما سمعته و اعتلت البهجة ملامحها، تحب والدها بل تعشقه و لهذا هي مستعدة لان ترمي بنفسها في النار من اجله. ترك كتفها موجها حديثه للسيد" ليو".
- و الآن سيد "ليو" هل تسمح لي بحديث على انفراد، قد اروي لك رواية شيقة اخطف بها سرا أنا الآخر فابنتي ليست وحدها من لديها سحر. فسحري أنا من النوع الأسود ولن تنجو منه .
ابتعد الاثنان وسط ضحكات الجميع فيما التفتت "ريما" ل "يوسف " تقول بحماس.
- إذن سيد "يوسف " متى تود اطلاعي على رسوماتك، قد تعجبني واحدة واشتريها بدولار أو نصف دولار. لا تقلق أنا عندما يتعلق الأمر بالفن أكون كريمة جدا و ستزيد ثروتك من ورائي قطعا.
رغم أن نبرتها مرحة وكلامها مازح إلا أنها رمت له معنا فهمه هو جيدا ليرد.
- سنرى يا عزيزتي. و الآن هل نبتعد عن هذا المكان، اختنقت من هذه الربطة.
ردت بمرح و اندفاع أصيل فيها:
- عرفت أنك من أصحاب القمصان المتهرئة و سراويل الجينز الممزقة. اسمهم " هيبي" صح؟
ضحك باستمتاع قبل أن يرد وهما يبتعدان.
- لا .. لست مهملا لتلك الدرجة يا "ريم"
- "ريما" اسمي " ريما" و لا تخطئ فيه و إلا علقتك على السقف.
- ههههههههه حسن يا شرسة. ما معنى اسمك؟
وهكذا اختفى الاثنان وراء باب الشرفة غافلين عن عينين كانت تنظر لهما بغضب و... ربما....غيرة.
-----------------------------------------------------
تحياتي "اوركيديا" أو "لولو ليال " كما تحبون


لولو ليال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-03-23, 08:18 PM   #6

Shadwa.Dy

? العضوٌ??? » 418619
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 627
?  نُقآطِيْ » Shadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond repute
افتراضي

رواية رائعه مشوقه
ايمت موعد التنزيل


Shadwa.Dy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-23, 04:13 PM   #7

لولو ليال

? العضوٌ??? » 496421
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » لولو ليال is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shadwa.dy مشاهدة المشاركة
رواية رائعه مشوقه
ايمت موعد التنزيل
يومين في الأسبوع بإذن الله... عفوا تم مسح الرد السابق.


لولو ليال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-23, 04:15 PM   #8

لولو ليال

? العضوٌ??? » 496421
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » لولو ليال is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ....
جاري اعادة التنزيل للفصول التي حذفت..


لولو ليال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-23, 04:24 PM   #9

لولو ليال

? العضوٌ??? » 496421
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » لولو ليال is on a distinguished road
افتراضي

5- رأس البغال.. ‼


بعد أسبوع:
تقف عند مكينة القهوة تنتظر كوبها و عقلها يسبح في ذكريات ابتلعتها طوال الأسبوع الماضي.
-----------
- أبي.. أريد الحديث معك إن كان وقتك يسمح.
وقفت بجانب الباب مرتبكة تحك يديها ببعضهما تنتظر رده عليها. أغلق هو الكتاب الذي كان يقرأه قبل دخولها ورد بنبرة اعتيادية.
- تفضلي حبيبتي لما أنت واقفة هكذا.
تمتمت بكلمات غير مفهومة وهي تتقدم لتجلس أمامه داعية بكل الأدعية التي تعرفها أن يسمع لها ويوافق على مطلبها. شحذت نفسا عميقا قبل أن تتكلم بثبات لم يكن موجودا قبل قليل ووالدها يجول بعينيه عليها مدركا جدية الموضوع.
- أبي.. بالنسبة لموضوع تخصص الجامعة، لقد اخترت ما سأدرس.
هز رأسه معطيا لها المجال لتكمل.
- صحافة وإعلام.
حل صمت ثقيل على الجو و الأب ما يزال يمعن النظر إليها، حتى ظنت أنه لم يسمع. تنحنحت بملل قاصدة كسر هالة الصمت ليستجيب والدها ويقول بتمهل.
- هل أنت متأكدة؟
أجابت بثقة عالية.
- أجل.
- كنت أظن انك ستدرسين الطب أو الهندسة بمجموعك الكبير؟
ما تزال نبرته متمهلة بطريقة زادت ارتباكها لكن أجابت بنفس الثقة.
- إنه حلمي.. أن أصبح مذيعة.. في التلفزيون.
اتسعت عيناه دهشة قبل أن ينتفض واقفا ممسكا بذراعها ليقربها له.
- ماذا قلتي؟
نطقت بنبرة متألمة وعينيها تسبحان في لجة الدموع:
- إنه حلمي..
لم تستطع الإكمال إثر الصفعة التي طبعت على وجنتها. صرخ والدها بغضب جم.
- أعيدي ما قلتي الآن؟
ردت بثبات كاذب، يدها تمسك خدها و الغصة تمسك حلقها:
- أريد أن أصبح مذيعة في التلفزيو...
صرخ مقاطعا لها:
- هل أنت واعية لما تقولين؟ مذيعة؟ و هنا ؟
هجم عليها يريد سحبها من جديد لكن حال بينهما بقية العائلة التي حضرت على علو صوته الذي أسمع الجيران على الأغلب. عاد يصرخ مهتاجا.
- هل تسمعون ما تقول؟ تريد أن تصبح مذيعة.
- و ماذا فيها يا أبي.. إانها مهنة كأي مهنة.
كانت هذه كلمات "ياسر" التي زادت اشتعال والده، هتف صارخا بعدما دفع الجميع عنه بهياج لم يروه من قبل. حتى "رؤى" المتخشبة بجانب الباب دهشت لما يحدث.
- مهنة كأي مهنة؟؟ ماذا ؟؟ هل جن جنون الجميع إلا أنا؟
صمت يسترد نفسه و يعيد بعضا من تعقله ثم أردف.
- تعرفون أين نعيش أليس كذلك؟ و تعرفون أسلوب حياتنا. و أنت يا " ماذا فيها" تعرف أننا نعيش في قبيلة رأس مالها السمعة. يعنى و بالخط العريض أن تعمل ابنتي في المستقبل مذيعة لا يختلف شيئا في أعرافنا عن أنها تعمل راقصة. تخيلوا الوضع حينها. يا الله سأموت مجلوط.
صمت يتنفس بصعوبة قبل أن يهتف صارخا وهو يدفعهم كلهم للخارج.
- أخرجوا الآن هيا. لا أريد أن أرى أحدا منكم في الغرفة. هييااا..
خرجت حياة يساندها " ياسر" و في عقلها تدور فكرة واحدة. " إنه فقط تأثير المفاجئة، حين يهدأ سيعيد التفكير. أجل هو كذلك." في حين بقيت أمها مع أبيها تهدئ من روعه.
------------
- "ليف" هل نمت وعيناك مفتوحتان؟
عادت من شرودها على صوت " ميلا" صديقة "ريتشارد"، ابتسامة مزيفة رسمتها على شفتيها و تأثير ذكرياتها يرجف قلبها لتقول بلطف و يدها تمتد لتصافح الأخرى.
- "ميلا" عزيزتي مر زمن منذ أن رأيتك آخر مرة. كيف حالك؟
ردت "ميلا" بشيء من الحزن.
- أقول بخير.. لكن أنا تعبة جدا.
سألتها "ليف" باهتمام بعد أن حملت كوبها وارتشفت منه رشفة أعادت لها ثباتها.
- لماذا عزيزتي؟ هل من خطب؟ أقصد "ريتشارد" هل هو يضايقك؟..
قاطعتها الأخرى مازحة.
- توقفي..توقفي ما كل هذه الأسئلة؟ هل أنا في مسابقة.
ضحكت " ليف" من بين كلماتها:
- ذكرتني بالنحلة الشقية، لم أرها منذ أسبوع.
سألتها " ميلا" مستغربة:
- من هذه؟
- أووه ... هههه إنها "ريما" تعرفينها صديقتي في السكن.
- أكيد اعرفها .. أحب تلك الفتاة.
- و من لا يفعل؟ ها أخبريني ما هي مشكلتك؟ لعل وعسى عندما نحلها يتوقف " ريتشارد" عن الصراخ فينا بسبب و من دون.
غمزت بابتسامة في آخر كلماتها وهي تجلس خلف مكتبها وتضع الكوب في مكانه المخصص و "ميلا " تجلس مقابلة لها متنهدة بهيام معقبة عليها:
- لن أكذب إن قلت أن " ريتشارد" أحسن رجل في العالم، و أنا أحبه كثيرا حتى أنه عرض على الزواج ..
صمتت لتهلل الأخرى ناطقة بفرح.
- مبارك لكما ارني الخاتم حالا وأخبريني أين تقدم لك؟ هيا يا فتاة أريد معرفة كل ش...
قاطعتها الأخرى بحزن.
- لا يوجد خاتم ولم يكن هناك شيء.طلبت منه أن يؤجل الأمر قليلا.
- لماذا؟ ألم تقولي انك تحبينه؟
- "ليف" خذي هذا الموضوع اكتبي عنه مقالا للغد.. أريد ..
كان هذا "ريتشارد" قد دخل حاملا حافظة يقرأ ما فيها ويتكلم قبل أن يرفع عينيه وتلتقيان بعيني" ميلا". ارتبك ثم صمت لوهلة قبل أن يردف بخفوت:
- مرحبا .."ميلا" كيف حالك؟
هزت "ميلا" رأسها وامتلأت بحيرتاها الزرقاوتان بالدموع قبل أن تندفع خارجة . صرخ باسمها و هو يتبعها تاركا الملف فوق مكتب "ليف" المستغربة لما يحدث. لكن و كما في عادة الأمريكان التي اكتسبتها. نفضت الأمر عن عاتقها دون تدخل أو فضول و سحبت الملف لتبدأ العمل.
بعد دقائق رمت الملف بإهمال على المكتب سامحة لدوامة الذكريات أن تبتلعها:

-------------
- هل أدخل؟
استعدلت جالسة في سريرها بعد أن سمعت هذه الكلمات الهادئة من والدها الواقف بجانب الباب. توجست خيفة من سبب قدومه فهو لم يخرج من غرفته تقريبا منذ ذلك اليوم لكنها هزت رأسها موافقة ليتقدم ويجلس بجانبها على السرير. جذبها ليحتضنها بحنان قبل أن يتكلم بصوت يشوبه الحزن.
- " جذوة الحياة" كيف حالك يا صغيرتي.
سالت دموعها على صدره مجيبة بدلال:
- لست بخير.
- و لما؟؟ أخبريني ما يزعجك.
- أخبرتك ذلك اليوم ولم بنبني غير إعادة تشكيل تقاسيم وجهي.
ضحك على كلامها قبل أن يقول باهتمام:
- المفاجئة شلتني ثم اختلطت مع الغضب ليحدث ما حدث. لم أفق لنفسي إلا بعد مرور بعض الوقت، عندها بدأت أفكر كيف أن لابنتي حلم وطموح لم اعرف عنه شيئا. قلت في نفسي أ أخطأت في شيء؟ أو هناك ما سقط مني سهوا أثناء تربيتي لك؟ يا فتاة كل أسرارك كانت عندي فكيف لم يكن هذا من ضمنها.
أجابت بتبرم متصنع لتنهل الكثير والكثير من حنانه اللا مشروط.
- أنت لم تسألني أبدا عن دراستي المستقبلية.
رد بثقة وثبات.
- لأنني لم أرد التدخل. إنه مستقبلك أنت و أنت من تحددين ماهيته و كانت مهمتي أن أعلمك كيف تسعين إليه و تبذلين فيه الغالي و النفيس، فعلت كل هذا لأنني كنت واثقا أنك لن تحيدي عن احد التخصصات العلمية لتفوقك الواضح في هذه المواد. لأفاجئ ذلك اليوم بهذا الطلب .. يا ألله ما أزال كلما أتذكر يقشعر جسدي.
- و الآن يا أبي ما هو قرارك.
- القرار عندك فأنا أوضحت رأيي المرة الماضية.
- ماذا تقصد؟
- أقصد أنك لن تدرسي هذا الاختصاص أبدا إلا في حالة واحدة.
- و ما هي.
- شرط أن تعملي في المستقبل في جريدة مكتوبة. كأي عمل مكتبي آخر.
- لماذا؟ ماذا فرق هذا عن العمل في التلفزيون.
- فرق كبير يا عزيزتي.
- لكنني أريد أن أكون صحفية. مراسلة من بلدان أخرى، أنقل الحقيقة وأوعي الناس لمخاطر قادمة. الصحافة مهنة شريفة للغاية أنها تشبه الجهاد نوعا ما.
ضحك باستمتاع على كلامها قبل أن يعقب:
- كلامك حقيقي وأنا لا أذم الصحافة كعمل لا. أنا أذم أن تعمل ابنتي في أماكن كهذه . مجتمعنا يعيب على المرأة فعل هذه الأشياء. و الدين قبل العرف يرفض ذلك؟
- ما دخل المجتمع في هذا؟ لماذا يكون عليه أن يحكمنا.
- لأننا نعيش وسط مجموعة من الناس وعلى هذا الأساس نحتكم بأحكامهم.
- حتى لو كانت مغلوطة.
- لا يا ابنتي فقبل حكم المجتمع هناك حكم الدين. فما يتعارض مع الدين مرفوض نهائيا حتى لو قبل به كل المجتمع.
- لكن ليس هذا ما يحدث في الحقيقة. ففي الشهر الماضي حكم على ابن الأصفهاني بغرامة مالية عندما سرق منزلا في الضاحية . وهنا لم يتم الحكم حسب ما يقول الدين. إذ أن جاهته شفعت له عند مجلس القبيلة وبعدها تم هذا الحكم. ثم يا آبي عمل المرأة لا يتعارض مع الدين في شيء.
زفر بتعب قبل أن يسمعا طرقا على الباب. تحدث " سعد" بتعب:
- تفضل.
دخلت تلك الشابة الثلاثينية ببشاشة محيية إياهم ثم جلست على الجانب الآخر للسرير بجانب "حياة" وقالت بمهادنة ملاحظة توتر الأجواء.
- ماذا فعلت لابنة أخي المفضلة؟ هيا اعترف.
تصنع ضحكة مجيبا:
- أساليها هي. فهي تكاد تصيبني بجلطة وصبري بدا ينفذ عليها. سأتركها لك افهميها جيدا وسأبعث والدتها لتعينك. و ليعنك الله على رأس البغال خاصتها.
ضحك الاثنان قبل أن ينصرف الأب مغلقا الباب خلفه. تكلمت " حبيبة" بلطف تسألها:
- أريد معرفة كل شيء منك. ما ذا حدث؟
أخبرتها " حياة" بكل ما حدث بعد انضمام " جيداء" والدة حياة لهم وأضافت هي الأخرى بعض التفاصيل التي تاهت عن "حياة" لتصمت ثلاثتهن بعد ذلك قبل أن تهتف " حبيبة" بنبرة محايدة:
- " حياة" حبيبتي، باختصار مجتمعنا يعتبر المرأة عورة، ثوب شاهق البياض عليهم حمايته من أي دنس. وفي هذه الحالة والدك هو حامل الثوب، و عملك فيما سيكون، أو حتى دراستك لهذا التخصص يعرض هذا الثوب للدنس في تفكيرهم.
قاطعتها "حياة" باندفاع الشباب:
- أخبرت آبي من قبل كما أخبرك الآن، لا يهمني رأي الناس. هم لن يعيشوا حياتي كما العكس. لذا لا دخل لأحد بالآخر. كل حر في تصرفاته.
نطقت " جيداء " هذه المرة بنفاذ صبر.
- يا حمقاء، العار بعد ذلك يعود لوالدك. هو من سينكس رأسه في القبيلة، هو من يقل قدره بين الناس و كل من يراه سيتكلم في ظهره وفي وجهه عن ابنته التي تعرض نفسها في التلفاز لكل من هب ودب.
ردت " حياة" بغضب و قلة أدب:
- و هل أنا أزني على التلفاز .. أنا سأقدم أخبارا وتقارير بكل احترام ومهنية. هذا إن نجحت في الوصول إلى ذلك المكان. أنتم تسبقون الأحداث.
- يا بنت أنت وبمجرد دراستك لهذا التخصص ستفتحين بابا من الأقاويل وستؤذي والدك وكل العائلة. ثم تقولين أنك لا تزنين على التلفاز ؟ صدقيني سيعتبرونك أكثر من ذلك.
- قلت لك لا يهمني. أريد تحقيق حلمي لما لا تفهمونني.
خرجت الأم بغضب مطلقتا سبابا لاذعا في حق ابنتها غليضة الرأس ذات عناد الحمير، في حين ردت " حبيبة" في شبه استجداء مغيرة نقطة النقاش علها تخف من عنادها قليلا. فهي تستشعر قرب حدوث كارثة في هذا المنزل إن تمت "حياة" في عنادها:
- حسن .. دعينا من الناس و المجتمع فليذهبوا للجحيم بأفكارهم.
ضحكت " حياة" من بين دموعها على تعبيرات وجه عمتها الحانقة لتردف الأخيرة:
- الدين ماذا يقول؟
أجابت " بثقة"
- الدين لا يحرم عمل المرأة.
- أعرف ذلك .. لكن ليس في المجمل.
- عملي المستقبلي الذي لا يبدوا له مستقبل حاليا لا يتعارض مع الدين في شيء.
- و كيف ذلك يا فهيمة.
- سأكون بحجابي الكامل و سأطبق كل التعاليم التي تنص على عدم الاختلاط..
قاطعتها كمن وجد الثغرة.
- لن تستطيعي فعل ذلك أبدا.
- سأحاول قدر استطاعتي .
قاطعتها مرة أخرى.
- تعلمين أنك منقبة فأي قناة ستقبل بك وهم كما ترين المحجبات يعددن على الأصابع في كل هذا الكم من القنوات المنتشرة.
- سيزيدون محجبة.
- هل ستنزعين النقاب؟
- أجل و لما لا فهو ليس فرضا كما الحجاب و إلا لفرض في مناسك الحج والعمرة.
تأففت " حبيبة" ثم أجابت بتعب:
- أنا لست عالمة في الدين ومعلوماتي محدودة لأستطيع مقارعتك. ولكن ما أنا أكيدة منه انك ستتسببين في قتل والدك. فترفقي به قليلا.
- لا تقلقي . سأقنع والدي.
رفعت حاجبا معقبة.
- إذا كنت أنا لم أقتنع؟
- لا يهم .. المهم أن يقتنع أبي.
- أووووف .. يعينك الله يا "سعد" على ابتلائك.
----------------------------------


لولو ليال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-23, 04:27 PM   #10

لولو ليال

? العضوٌ??? » 496421
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » لولو ليال is on a distinguished road
افتراضي

6- خيبة..

لفضتها دوامة الذكريات على شاطئ الواقع بعد دخول " ريتشارد" ووجهه المتغير قائلا:
- أين وصلت في المقال؟
جلس منهكا كأنه يحمل جبلا فوق ظهره. سألته باهتمام:
- ماذا بك؟ هناك مشكلة مع " ميلا" ؟
رد عليها ببرود وهو يعاود الوقوف.
- لا عليك.. أمر غير مهم. ثم لم تجيبيني هل علي أن أذهب ثم أعود مرة أخرى، يا الهي هل أنا الوحيد الجدي في هذا المكان؟
ردت بمهادنة قصد تخفيف غضبه.
- المقال سيكون على مكتبك قبل أن أخرج من المجلة؛ لذا لا تقلق أنا جدية كفاية في عملي.
صمتت ترتشف القليل من مشروبها الذي برد ثم أكملت بلؤم.
- ثم أنا أعرف كيف أعدل مزاجك هذا .. انتظر ربع ساعة و ستجد كمية معتبرة من "الدونات" عليه مرفقة بكوب كبير من " الكبوتشينو" ها ما رأيك؟
همهم موافقا وهو قاصدا خارج الغرفة بمزاجه العكر قبل أن توقفه مجددا:
- لكن بشرط أن تخبرني ماذا فعلت بك تلك الشقية " ميلا"
استدار ناظرا إليها مليا ثم قال قبل أن يختفي وراء الباب:
- جهزي نفسك في غضون أسبوع ، تقدمت رحلتك مع " كارلا" لأمور تخص القناة.
ارتفع وجيب قلبها بمشاعر مختلطة اثر قوله لكن حاولت قدر استطاعتها التركيز في عملها، لا لشيء، غير أنها تريد تأجيل التفكير في الأمر بقدر استطاعتها.
بعد مدة من الزمن وفي غمرة انهماكها سمعت نقرا على الباب، همست سامحة للطارق بالدخول بينما عينيها مزروعتان في الحاسب.
- مشغولة؟
رفعت رأسها بعد أن ألهبت قلبها رنة الصوت لتقفز من كرسييها قاصدة الواقف بجانب الباب حاملا كوبا كبيرا وعلبة مربعة الشكل، يرتدي زي مقهى معروف. لم تلبث أن رمت نفسها عليه حتى تلقفها بحضن اشتاقت له كثيرا. ابتعدت عنه ممسكة بيده لتجره خلفها وتجلسه على الكرسي وتجلس هي على الكرسي المقابل له هاتفة بسعادة من وجد طوق نجاة ينقذه من أمواج عاتية تكاد تغرقه:
- اشتقت لك كثيرا عزيزي " رامي" لقد مر علي هذا الأسبوع كأنه سنة.
رد بنبرة عكرة أثارت استغرابها:
- و أنا كذلك اشتقت لك حبيبتي. أخبريني ما الجديد؟
تبرمت ملامحها و هي تقول:
- قبل هذا اخبرني لما أنت متبرم؟ ألم توفق في سفرك؟
- لا .. لا.. أنا بخير غير أنني تلاسنت مع غبي في الخارج.
ردت مهتمة وبنبرة حنان:
- و هل أنت بخير؟
لانت قسماته ورد مجيبا بحنان انتقل له منها:
- لا تقلقي أنا بخير. و كما ترين أحضرت طلبك بنفسي لأنني لم أصبر حتى نلتقي في المساء.
ابتسمت بعمق ونهضت لتجلس على حافة الكرسي محتضنة إياه من الجانب هاتفة بسعادة برقت لها عسليتيها.
- و أنا لم أدري أنك عدت، أخبرتني في الصباح أنك لن تأتي حتى المساء يا لئيم.
ابتسم مستمتعا لتردف هي بمرح:
- ثم أن الطلبات ليست لي. إنها ل"ريتشارد" المسكين، يمر بأزمة عاطفية.
رفع حاجبا ليرد بسخرية بدت حادة.
- و أنت مختصة الشؤون العاطفية للمجلة؟
ضحكت باستمتاع على غيرته التي تظهر من عينيه لتعقب تزيد عليه:
- لا تقل هذا ف "ريتشارد" صديقي الصدوق و بالتأكيد كل مغامراته العاطفية عندي.
انتفض واقفا بغضب و امسك كفها يضغط عليه فيما يهمس بحسيس:
- ماذا؟ ألم تفكري من قبل في اتخاذه حبيبا مكاني؟ أو ربما كان بالفعل ثم حللت أنا مكانه. فنحن نعيش في بلد الحريات و التعاملات الحيوانية، و أنت الآن جزء مهم من هذا البلد وتطبعت بطباع أهله أليس كذلك.؟
عقبت و هي تنزع يدها التي تؤلمها من يده عنوة. عيناها تكاد تفيض و نبرتها مهزوزة.
- لا تقل هذا "رامي" أنت الأول والأخير في حياتي و أنا.. أنا تكلمت هكذا فقط لأثير غيرتك. لا تغضب أرجوك.
عاد ليمسك يدها لكن برفق هذه المرة وأخذت أصابعه في تحسس منطقة المتورمة بحنان بينما يقول بحدة لم تختفي كليا:
- أخبرتك أن مزاجي عكر من قبل أن آتي إليك و أنت زدت العيار قليلا.
زفر منهيا غضبه ليسحبها و يجلسا متجاورين فيما يردف بهدوء:
- إن الفترة التي عشتها هنا وحدك تثير جنوني. أتساءل دوما كيف استطعت النجاة و تنتابني شكوك كثيرة، ولولا ثقتي بك و حبي الكبير؛ لما أقدمت على اتخاذ خطوة جدية اتجاهك. و أكثر ما يطمئنني هو أنني اعرف معدنك و طيب أصلك وأنك امرأة بمائة رجل عندما توضعين في موقف سيء. أحبك " حياة" و أتوق لأن يضمنا بيت واحد، أتوق لأجعلك لي وحدي، فاعذريني إن حاربت لأحقق ذلك حتى لو اضطررت أن أحاربك أنت شخصيا.
ابتسمت بحب عظيم للماثل أمامها و لم تملك غير أن أمسكت يده لتطبع قبلة امتنان داخل كفه ليحتضن هو كفيها و يقربهما من فمه ليطبع قبلة أطاحت بكيانها. نهضت تحت غيبوبة المشاعر لتقترب منه و يلتقيا في عناق دافئ كان ليتحول لشيء آخر لولا اندفاع الشعلة الصهباء داخل الغرفة بدون أي اهتمام بطرق الباب ليتيبس الاثنان كمن مسك في لجنة.
اتسعت عينيها و رفعت يدها لتغطي فمها بدون وعي من الدهشة ثم همست بخفوت قبل أن تنطلق في ضحكة طويلة خففت من تشنج الموقف.
- "أوبس "..
احمر وجه "ليف" من الحرج بنما اكتفى "رامي" بابتسامة و هو يعود ليجلس مكانه ويهتف باستمتاع:
- دائما في وقتك يا هادم اللذات.
نهرته "ليف" بعينيها و هي تقترب لتحتضن صديقتها التي غمزت ل" رامي" و هي تقول.
- أي خدمة..
ضربتها "ليف" على كتفها فيما يضحك الاثنان باستمتاع لتهتف متبرمة:
- و الآن أخبريني أين اختفيت لأسبوع كامل؟ اشتقت لك كثيرا. حتى مكالماتك كانت قصيرة.
- كانت عندي مهمة أملت أن تنتهي في غضون الأسبوع لكن للأسف لم استطع.
صغرت "ليف" حاجبيها مستفسرة:
- لا تقولي انك كنت مع "رامي" و أنا أجلس هنا ك"قرطاس لب " فمن غير المعقول أن تختفيا معا وتظهرا معا.
ضحك الاثنان بصخب حتى أن عيني "ريما" دمعتا وسط حنق "ليف" التي تبدوا جدية وتنتظر الإجابة بفارغ الصبر.
لم تكد "ريما" تلتقط أنفاسها لتجيبها حتى ارتفع صوت تكسير في مكان قريب. اندفع الثلاثة إلى مصدر الصوت و ما إن دخلوا المكتب المجاور حتى هالهم حالة "ريتشارد " الهائجة وهو يحمل مضرب و يهوي به على كل ما أمامه. اقترب منه "رامي" وبضعة أشخاص آخرين ليقيدوه و يمنعوه عن إحداث المزيد من الضرر، وما إن امسكه "رامي" حتى خر جالسا و صوت نواحه الذي يقسم القلوب يعلوا في الهواء. تقدمت "ليف" مسرعة إليه تحاول مواساته لكن قبل أن تصل أمسك "رامي" يدها ودفعها بخفة عائدا هو الآخر للجموع الواقفة أمام الباب، تحدث بصوت مرتفع وهو يجذب "ريما للدخول ويقفل الباب على أربعتهم.
- كل منكم إلى عمله هيا.
و بطبيعة الحال لن يهتم الناس كثيرا لأنهم معتادون على هكذا تصرفات ولن يسألوا لماذا فما كثرة الأسباب لحدوث ذلك. لذا وبكل هدوء عاد الكل إلى عمله
عادت "ليف" تقترب من "ريتشارد" المنهار تتكلم والعبرة تخنق صوتها:
- عزيزي ما بك؟ هل أصيبت "ميلا" بسوء؟
عند اسم حبيبته صرخ منهارا:
- تركتني يا"ليف" هل تصدقين ذلك؟ نعيش معا منذ خمس سنوات و قد كنت قد تقدمت لها بطلبي للزواج قبل أيام لكن تركتني. لا استطيع تحمل الألم في صدري. أحس أنني فقدت جزءا مهما مني. أنا تعب جدا.. جدا.
اقتربت أكثر لتضع يدها على كتفه في مواساة لكن أوقفها "رامي" مرة أخرى ناهرا إياها بعينيه، دفعها للخلف واقترب هو يقول بحيادية ضاغطا بكفه على كتف الآخر:
- أظن أن عليك الذهاب للمنزل لترتاح قليلا. فأنت تحتاج للراحة ودع التفكير فيما بعد، ولا تقلق كل شيء سيكون على ما يرام.
هز "ريتشارد" رأسه موافق واستقام بمساعدة "رامي" ثم جر خطواته إلى الخارج. ابتعدت "ريما" من طريقه إذ كانت تقف بجانب الباب و قبل أن يفتحه قال مستديرا ل"ليف" بانهزام غريب عليه:
- كلميها أرجوك وأخبريها أنني لا أستطيع الحياة بدونها.
خرج بعدها تاركا ثلاثة أوجه تقابل بعضها بمختلف المشاعر من خوف ووجل و حيرة وغضب... و أشياء أخرى كثيرة.
-------------------------------------------------------------

في المساء.
خرجت "ليف" برفقة "ريما " من المجلة و كل منهما تسبح في أفكارها. تغير مزاج الكل بعدما حدث في الظهر، "رامي" استأذن منهم قائلا أنه تأخر على العمل و لا يحب أن يخصم له من راتبه على وعد أن يتصل بها عند انتهاء دوامه. وبقيت "ريما" معها فهي الأخرى ليس لديها دوام جامعي اليوم. جفلت "ليف" من صرخة "ريما" بعدما خرجا من المبنى لتقول بحنق:
- ألا تسكتين هذا البوق قليلا.. سأصاب بالصمم من وراءك
ضحكت "ريما" باستمتاع ثم جذبت صديقتها عنوة وهي تقول بفرح.
- نسيت أن أخبرك... أنظري ماذا أحضرت؟
صمتت متحمسة لتشير بيديها للسيارة المركونة بجانب الباب. لتهتف الأخرى بفرح انتقل لها:
- اشتريت سيارة جديدة؟
- لا بدلت القديمة بهذه العروس ما رأيك؟
- جميلة جدا .
قاطعتها بحماس شع من عينيها:
- و سريعة جدا أيضا، كما أن لونها غريب و مميز.
- فعلا " النيلي" كيف عثرتي عليها؟
- أنا "ريما" المميزة وبطبيعتي أجذب كل ما هو مميز.
ضحكت ريما في حين عقبت "ليف" بسخرية وهي تقف عند الإطار الأمامي للسيارة بعدما دارت حولها في محاولة لتقييمها.
- فعلا أنت مميزة حتى انك حصلت على سوار في إطارك المميز.
تقدمت "ريما" بسرعة إلى حيث تقف "ليف" لتصرخ حانقة في حين أمسكت الأخيرة أذنيها و هي تقول:
- أذني .. حرام عليك، ثم إن هذا جزاؤك يا غبية. من يركن سيارته في مكان للركن المؤقت كل النهار غيرك. أنظري لكم المخالفات التي حصلت عليها.
أشارت بيدها لواجهة السيارة و الأوراق ملصقة على ماسحاتها. أردفت بخيبة :
- لماذا لم تركنيها في مرأب سيارات الشركة؟
دمعت عينا "ريما" و هي تهتف بإحباط.
- يا الهي.. كنت اخطط أن نأخذ جولة فيها و نذهب لذاك المطعم الذي يقع في الناحية الأخرى من المدينة تذكرينه؟
هزت رأسها "ليف" ثم ردت ببشاشة:
- لا تبتئسي سنعوضها يوما آخر لأنني لم أكن لأستطيع فعل ذلك حتى لو لم تحجز سيارتك.
صمتت قليلا ثم أردفت و يديها تمسكان ذراع "ريما" بحنان:
- و الآن اعذريني حبيبتي، احتاج للاختلاء بنفسي قليلا. اسبقيني للبيت هيا.
ردت "ريما" بإحباط:
- حسن.. كما تريدين.
و ما لبث أن تفرقتا كل في جهة حتى رن هاتف "ريما" لتجيب ببشاشة وقد تبدل مزاجها للنقيض. صدق من سماها بالعاصفة.
- ألو.. آه الرسام بنفسه يتصل بي... ههه... انتظر لأرى الشمس اليوم من أي اتجاه أشرقت...ههه.
ابتعدت "ريما" بهالتها عن "ليف" التي بقيت تنظر لظهرها باستغراب قبل أن تهز كتفيها و تنطلق كعادتها واضعة سماعتيها في أذنيها، مشغلة موسيقى كلاسيكية مريحة للأعصاب بينما عينيها تتبعان أثر الشمس البرتقالي على الأبنية المحيطة بها من كل جانب وهو يزول بالتدريج سامحا للظل أن يحل محله. وصلت الحديقة الكبيرة المسماة" سنترال بارك" بعد دقائق من مشيها ثم أخذت توزع نظرها على المكان تبحث عن كرسي فارغ، ما إن وجدت واحدا حتى أسرعت إليه ومن حسن حظها انه كان مقابل بحيرة كبيرة، صفحتها تعكس لون الأشجار والشجيرات المحيطة بها بخضرة باهرة مصفرة الجوانب، مختلطا بلون السماء البرتقالي المزرق وبعض الغيوم القطنية في الأطراف تبعث جمالية فريدة للمكان. أخذت نفسا عميقا فيما تجلس وتنزع سماعاتها تستمع لصوت الطبيعة الخلابة من حولها. الطيور الرابضة على سطح البحيرة تضرب بجناحيها لتطير إلى أعشاشها مطلقة أصوات عالية كأنما تنادي بعضها أن حان وقت الرحيل و الاختباء، في حين أسراب من طيور أخرى تحوم في السماء في دوائر كأنها تقوم بطقوس ما. صوت حفيف الأشجار ونقيق الضفادع المدموج بخرير ساقية قريبة منها؛ و صرصور الليل الذي يبدو أنه بدأ معزوفته باكرا هذه الليلة. كل هذا مع النسيم المنعش المائل للبرودة استعداد للخريف، شكل لوحة غاية في الجمال تنفع لان تكون علاجا للاكتئاب؛ لكن فقط لمن يقدر قيمتها. أغمضت عينيها سابحة في ذكرياتها مستمعة لسيمفونية الطبيعة الخلابة من حولها.
-----------------
- " حياة"
صحت من شرودها الناجم عن بحثها الحثيث عن حل لتجعل والدها يوافق على دراستها خاصة و قد قرب وقت انتهاء التسجيل. لقد مضت أيام وأيام وأبيها يرفض حتى الكلام في الموضوع و هي لا تيأس إذ يبست رأسها ورفضت أن تسجل في أي كلية غير التي تريدها. حاولوا معها كلهم حتى إنها تشاجرت مع والديها في هذا الشأن دون أن تزيح الفكرة من رأسها ومنذ ذلك اليوم وهما يخاصمانها، والدها عنيد وهي اعند وسترى من ينجح في الأخير. ردت بحيرة وهي ترى كيف يرمقونها كلهم كمن ينتظر جواب أثناء جلوسهم على طاولة العشاء.
- نعم.. ماذا هناك؟
تكلم والدها بجمود بينما يمسح فمه بالمنديل ناهضا من على الكرسي.
- تعالي للغرفة بعد أن تنهي عشاءك.
لم ترد كما لم يعقب احد. بعد أن ساعدت أمها في نقل الأواني إلى المطبخ، نقلت خطوات ثقيلة إلى الغرفة وقلبها ينبئها أن هناك شيء سيئ سيحدث. طرقت الباب ثم دخلت بعد أن سمح لها ثم تقدمت لتجلس أمامه ويستهل هو الحديث بنفس البرود:
- التقيت اليوم في البنك بصديقي "عبد الله العامر" تعرفينه؟
هزت رأسها موافقة وهي مستغربة، لما يخبرها أبوها هذا الحديث بعد أيام من القطيعة‼؟ أكمل هو حديثه متجاهلا تساؤلاتها التي تنضح من عينيها:
- لم نلتقي منذ عشرين سنة أي قبل ولادتك وقبل زواجي حتى، اشتقت له كثيرا. طلب مني أن نعيد أواصر علاقتنا كما كانت من قبل. فقد تربينا مع بعض رغم أنه يصغرني، كانوا جيراننا وكان بمثابة أخي و لا يزال.
أردف بعد أن صمت قليلا متبينا تعابير وجهها:
- طلبك للزواج.
انتفضت واقفة والصدمة تلجم فمها. هزت رأسها برفض ودمعتين تدحرجتا من عينيها و مدت يديها تمسك بذراع والدها تسال بخفوت مذبوح.
- لن تفعلها أليس كذلك؟
هز رأسه برفض وهو يعقب بهدوء.
- بلى سأفعلها.
ابتعدت كالملسوع وصرخت فيه لأول مرة في حياتها:
- لماذا؟
أجاب وما يزال يحافظ على بروده.
- لأنك لن تستسلمي كما لن أستسلم. وصراحة بت أخاف منك، أخاف أن تفعلي شيئا يضع رأسي في التراب كنتيجة لصراعنا. لهذا لم يبقى لدي غير حلين أحلاهما مر. أن أقتلك.
صمت ممعنا النظر فيها بشفقة ثم أردف:
- و لم استطع فعل ذلك.. على الأقل ليس و أنت لم تفعلي شيئا بعد. أو أزوجك و أتخلص من مسؤوليتك التي أصبحت كخيط من النار يلتف على عنقي يهدد بخنقي كل الوقت.
و اخترت الحل الأسهل .. لأنني أحبك يا قطعة من قلبي. ولم استطع احتمال اختفائك من حياتي هكذا و بهذه الطريقة.
زفر بتعب واختناق ثم أكمل:
- تعرفين أنني أندم على جعلك بهذه القوة، حتى أنك بت لا تخافينني؛ ناهيك عن عدم خوفك من ما سيحدث لو تهورت وفعلت ما أنا أعرف انك فاعلته. لذا و بدون نقاش أنت ممنوعة من الخروج من غرفتك حتى يتم هذا الزواج. لا تكرهيني أرجوك فانا افعل ما هو صالح لك.. ولنا ككل.
صمت مبعدا وجهه عنها يمسح دمعة تخيلتها سقطت، دمعة جزار ذبح ضحيته بدم بارد وبقي ينعى فقدانها. لم تجبه بل تحركت ببرود الموتى إلى الباب وقبل أن تخرج التفتت له ترمقه بنظرات من خاب ظنه وسقط حصنه وفقد أمانه.
- افعل ما بدا لك، فأنا من اليوم سألبس الأسود حدادا على أب فقدته ذات غدر.. وللسخرية لم يكن الغادر غيره ولم يكن المغدور غيري.
--------------------------------


لولو ليال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
حب،عاطفة،خداع،انتقام،هادف ،دين،زواج

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:10 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.