27-06-23, 08:15 PM | #744 | ||||||||||||||
كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام
| السلام عليكم ورحمه الله وبركاته باذن الله اليوم الساعة 12 حنزل الفصل عيديه معتبره ب 45 صفحه اتمنى ينال اعجابكم يا رب | ||||||||||||||
28-06-23, 12:24 AM | #749 | ||||||||||||||
كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام
| الفصل الخامس عشر . . كُل أوجاعي كانت من شيء غير مرئي لم أستطع ولا لمرة وصفَ مكان ألميّ ولكنني هذهِ المرة احِسُ بِه بعُمق الروحْ واضحًا كثُقبٍ على رِداء . . رداد ==================== ها هو الظهر يغيب و يطوي معه حراره الشمس .. المتلألئة بين الغيوم .. كانت لطيفه تجلس و تفكر بطريقة للتخلص من تلك السعلوة .. هممم .. ظنت أن الأمر سيكون سهلًا لأنها لم تكن تُمثّل شروطه وكأن ما حدث معها يمثل جمله .. " انقلب السحر على الساحر " .. لم تتوقع ابدًا أن ابنها قد يحبها بهذا القدر .. أو ربما ليس حبًا ربما شفقه أو ودّ لأنها زوجته لا أكثر .. تجعله يعاملها كقطعه زجاج يخشى عليها من الكسر .. ربما لم يتكلم أو يعبر لكنها تعرف ذلك من نظراته المختلسة والخاطفة على حين غرة و التي لا يكلف نفسه عناء أن يبعدها عنها .. في كل مناسبة و عندما يجلسون سويًا .. او يتناولون الطعام .. ينظر لها خلسهً خاطفه وكأنها المرأة الوحيدة بالعالم ..!! لو كانت النظرات تأكل لأكلتها عينيه .. هل مضى وقت كافٍ ليحبها ويُعطيها القيمة ؟! لا تستطيع تخيل أن يغمرها بكل هذا الحنان والرقة .. وهي والدته التي من المفترض ان يحبها أكثر من أي احد آخر .. فهما دفنا الماضي معًا وليس لهما إلّا بعضهما .. أم وابنها فقط …!!! ماذا أراد بها تلك " البليدة التعيسة " ؟؟! تنهدت بيأس كل ما تخشاه أن تخسر ابنها بسببها .. بسبب امرأة ..!! في غمره أفكارها وصلتها رساله ما من رقمٍ مجهول .. جعلتها تتسمر بمكانها و اتسعت حدقتيها بصدمه إن كان ذلك حقيقيًا .. فابتسمت بمكر وعلمت أنه آن أوان الخلاص منها .. فالذي ارسل الرسالة بالتأكيد لم يرسلها عبثًا .. كانت فنار في الطابق الثاني في منزل خالتها .. تغسل بعض الأواني كما طلبت خالتها بالرغم من شعورها ببعض التعب والاعياء .. ربما بسبب الحمل أو ربما لأنها لا تأكل جيدًا فلا تشتهي .. أو ربما لأنها تفقده .. تفقده كثيرًا .. ولكن عل وعسى تستطيع نيل رضا خالتها .. التي لا تنفك عن قذف سمومها عليها في كل لحظه ان استطاعت ..!! فلقد افتقدت رداد كثيرًا هو من كان يواسيها .. وبقربه تشعر بأنها انثى مختلفة .. رباااه كم غيابه ليومين مؤذي تشعر بخواء ووهن شديد في قلبها … لم تظن يومًا أنها قد تفتقده بهذه الطريقة .. و لم تخبر احد انها تشك بحملها تريده أن يكون هو أول من يعلم .. قاطع شرودها صوت خبطهٍ شديده على باب المطبخ .. لتستدير برهبه تنظر لخالتها بذعر ظهر جليًا على عينيها .. و صرخت لطيفة تشوح بهاتفها :- صدق الي وصلني على الجوال انتِ خريجه سجون ؟؟! شحبت ملامحها البيضاء حتى انسحبت منه الدماء فجأة … واستحال وجهها الرقيق كلوحه رُسم عليها الألم .. انتابها القلق لتقول بتخاذل رغمًا عنها :- خلّني اشرح لك يا خالتي ..!! لتنقض عليها لطيفة وتصفعها صفعة قوية دون أن تسأل أو تفهم .. فكأنها كانت تنتظر سببًا واهيًا لتفعلها وتضربها و تُخرج بها " غلّها " ..!!! صرخت بحقد :- خلخلت عظامك قولي آمين .. حسبي الله عليك تبغين تفضحينا يا السافلة .. هاذي سواياك وسوايا أهلك ..؟؟!! مخدوعين فيكم من البداية .. !!! بس انا اوريك أن ما طلعتك من هالبيت تحفين على رجولك .. عادت تصفعها بغضب مجددًا وتشد شعرها بقوة وتهزها بجنون .. و تُخرج بها كل قهرها الأيام الماضية وجاءتها الفرصة المناسبة التي قد لا تتكرر ولن تفوتها ..!!! أما فنار فقد تفاجأت بذعر ولم تتوقع هجومها لقد كانت شرسة جدًا لم تستطع حتى أن تتملّص منها .. انخرطت فنار ببكاء حاد جنائزي وشعرت بالانهيار .. لقد فُضحت بأبشع الطرق كما لم تُفضح في منزل أهلها وانتهى الأمر .. ركضت فرح برهبةٍ تصعد عتبات الدرج بتسارعٍ لاهث .. بعد أن وصلتها الرسالة من الرقم المجهول .. رباااه .. ما الذي يحدث ؟!! نظرت بهلع لأختها المجنونة التي تضرب فنار بكل قوتها كما لم ترها من قبل .. و تُخرج بها " حرّتها " التي كتمتها لأسابيع .. ابعدت فنار التي غطت وجهها بكفيها تبكي بعويل .. بينما صرخت فرح بقوه :- لطيفه .. صاحية انتِ مجنونه تضربينها وحنا ما عرفنا للحين وش السالفة ؟؟! لتراددها لطيفه بذات القوة الصاخبة :- انتِ بعد وصلت لك الرسالة ؟؟! يعني الكلام صحيح وواضح وضوح الشمس .. وولدي يدري صار له يومين ولا شفنا طلته ولا فكّر يجي يشوف هالسافلة الي حاويها ..!!! الله اعلم شقد انغبن بسببها ذا العوبة .. شهقت فنار بقوه .. وثار الرعب والقشعريرة في اوصالها كصاعقة كهربائية .. هل عرف رداد قبل أن تخبره وتشرح له ؟؟! عن اي رساله يتحدثون ؟؟!! لا تفهم شيئًا مما يدور من حولها .. أما فرح قد أوجعها قلبها تذكر جيدًا عندما أخبرها رداد أنه سيغيب لثلاث أيام .. لتمازحه بالقول باللهجة المصرية المحببة لقلبها .. " ايه ..!! عايز تسيب مراتك الكتكوتة عند امك ثلاث ايام يا الظالم " ليرد عليها مقطب الجبين بقلق :- ما أظن أمي بتسوي لها شي بس تغار وأحاول أوازن الأمور وما أثير هالغيره … رفعت له حاجبيها حتى كادا أن يصلا إلى منابت شعرها :- والله انت خابرن البير وغطاه .. فقال بشفتين مطبقتين يرفع حاجبه بصرامه ويحرك سبابته على شعيرات ذقنه الداكنة كأشواك القنفذ :- تهقين تسوي شي ؟؟! مطت فرح شفتيها وهزت كتفيها بمعنى لا أعلم .. ليرد بهدوء مبتسم :- أمي وواثق فيها مع الوقت بتلين باذن الله عشان كذه فنار امانه عندك هالثلاث أيام وبس ارجع بنعقد قرانك بسرعه و نفتك منك .. شهقت بخجل لتضربه على كتفه .. وتهمس :- قليل ادب .. احترم خالتك يا رجل … ارتسمت السخرية على ملامحه ليرد :- ايه خالتي وقت ما تبين .. جرجرت ذاكرتها وهي تشعر برعشه فنار خلف ظهرها .. وانهارت عذابًا لأنها لم تستطع حمايتها ولم تحافظ على الأمانة .. قاطع شرودها العميق صرخة لطيفه المروعّة .. تقول بفظاظة لفنار :- روحي انقلعي اقشعي خلاقينك وعلى بيت أهلك .. ولدي اصلًا بمجرد وصوله رح يطلقك ويحذفك لمّهم .. لا تعتقدين انك بتجلسين على ذمته بعد سواد وجهك … وان صار وسمح أنا ما رح أسمح وكل من هب ودب بيعرف فضيحتك يا سعلوه ... همست فرح لفنار ان تصعد لشقتها فورًا وتنتظر دون أن تتحرك .. لتعود وتصرخ بلطيفة صرخة لم تصرخها من قبل على أحد :- خلاص .. بس .. اسكتي .. عوذه منك ومن لسانك .. غضب عميق ظهر على ارتجافه جسدها وعينيها .. لتهتف :- ما هو على كيفك تتحكمين فيها وتطردينها من بيت زوجها قبل لا يجي .. رداد هو الوحيد الي يقرر وش بسوي حنّا ما نعرف ايش الي صار ولا وش السالفة ... ويمكن بس وحده سخيفة بتشوه سمعتها .. فانطمي .. قاطع حوارهم صوت رجولي بعمق السكون .. حاد منهك ومضنٍ يتخلله الوجع :- وش الي صاير ؟؟!! وراه صراخكم واصل لتحت ؟؟! استدارت فرح نحوه بلهفه وهالها شكله القاتم .. بشرته شاحبه كما الأموات وعينيه زائغتين ضائعتين يُحيطهما السواد .. وكأنه ..!!! وكأنه لم ينام منذ ساعات طويلة .. لتقول بخفوت رقيق من هيئته التي رق لها قلبها :- امك هاذي انهبلت !! دخلت عليها وهي تضرب فنار مثل المجنونة فاقده العقل والمنطق ..!! لتتدخل لطيفه ببجاحه :- والله تستاهل اذبحها بعد السافلة وصلتنا رسالة انا وفرح .. و عرفنا انّ زوجتك المصون كانت خريجه سجون وما شاء الله عليك تدري وحاويها للحين على ذمتك ولا فكرت تطلقها وتخليها تذلف لبيت اهلها .. تجاهل والدته كما كأنه يتجاهل طفلًا ولأول مرة في حياته يفعلها .. مما جعل شيئًا ما ينكسر داخل قلبها ..!! و قال بوجه قاتم وقاسي ينظر لفرح :- وين الرسالة بشوفها ؟؟! أعطته فرح هاتفها .. ليقرأ الرسالة بعينين غليظتين غاضبتين حد الألم .. يلتهم بنهم حروفها الطائشة والغبية تشبه التي وصلته قبل يومين .. " مرت ولدكم خريجه سجون وولدكم يدري من يومين عطيته خبر " انها هي .. !!! الطفلة الساذجة والتافِهة نفسها .. لتقاطع والدته شروده بجفاف :- إيه .. وبعد ما شفت الرسالة وش ناوي تسوي ؟؟! لا يكون ناوي تخليها على ذمتك ؟؟!! نظر لوالدته نظره خاويه بفتور و أجاب رداد بملامح قاسية كالرخام البارد :- مرتي وأنا بتفاهم معها .. ما حد له دخل .. استدار لكي يخرج من المطبخ .. فوصله صوت والدته جافًا غليظًا مليء بالكره :- تبطي عظم يا ولد بطني ..!!!! لتتابع بصيغه الأمر :- بتطلقها وغصبٍ عنك .. لأنه ما لها قيمة أصلًا اسم انها زوجتك هو الي معطيها قيمة .. و لا فضيحتها بتصير على كل لسان و قد أعذر من أنذر ..!!!! تسمر رداد في مكانه دون حراك ودون ان يستدير إليها عده لحظات .. لأول مرة في حياته يسمع والدته تتحدث إليه بهذه الطريقة المهينة .. مما بدأ يشعل فتيل غضبه الخامد .. فقط عده لحظات استطاع بها السيطرة على انفعالاته وغضبه بمنتهى المهارة .. ثم يستدير إليها دون أن يطرأ أي تغير على ملامحه الصلبة .. ليقذف كلامه بنبرةٍ خرجت من بين شفتيه خشنة بقسوةٍ كالصخر كما لم يتحدث معها مطلقًا بهذه النبرة :- اقسم بالله العظيم و الي خلق السموات السبع بلا عمد لو اسمع طرف خبر بالموضوع طلع بره عتبه هالمطبخ ويمس عرضي وشرفي كلمه وحده بس .. إنك ما عاد تشوفين وجهي لين أموت ..!!! شهقت والدته بفزع غمرها من رأسها لأخمص قدميها من نبرته الغليظة و قسمه المهيب بـ " أغلظ الأيمان " .. وابتلعت ريقها بخوف من القادم .. زفر نفسًا حارًا قاتمًا من وسط الظلمة .. ضيّق عينيه ليتابع بصوتٍ شرس لينظر بعمق عيّنيها الحاقدتين :- وهاذي المرة الأولى والأخيرة الي تمدين ايدك فيها على مرتي أو تتكلمين عنها بهاذي الطريقة .. لم يهددها بشكلٍ صريح ولكنها استشفت نبره التهديد بصوته القاسي .. ابنها تحدث معها بهذه الطريقة لأول مرة فكيف لا تحقد عليها ؟؟! وسمعت شيئًا ينكسر في قلبها .. ومن نظراته لها عرفت أنها خسرت .. خسرت ابنها بسبب امرأه ....!! غادر المكان بعنفوان ينهب الأرض وما عليها مرورًا بجانب فرح التي شعرت برياحٍ عاتيه وقوية تمر بجوارها .. بينما فكرت بخوف عميق نبع من ماضيها معه وعقابه الصامت المؤذي ... وهمست :- يا حبيبتي يا فنار الله يستر عليكِ ويحنن قلبه .. ادري انه ما رح يأذيكِ جسديًا بس رح ينحرك نفسيًا ...!! هي تثق به و تعرف جيدًا انه لا يمد يده على إمرأة بل هو عاقل وحكيم .. يُحكّم عقله قبل قلبه غضبه .. ولكن أيضًا تعرف كم غضبه قاسي للنفس .. قاسي جدًا يؤذي دون أن يشعر ..!! ************* دخل لشقته وجدها كالعادة هادئة بسكون الليل .. ذو رائحة ياسمين رقيقه و ناعمه كنعومتها .. دخل بهدوء شديد إلى غرفته ووجدها تفتح حقيبتها وتلملم حاجياتها وملامحها بائسة مغرقة بالدموع … عصر قبضته بغضب و تشنج جسده وسرت به رعشه وهو يتخيل خلوّ هذه الغرفة من طيفها وظلالها .. اغراضها المنتثرة في كل زاوية .. مكياجها وعطورها على المنضدة .. مبذلها الحريري الذي يُزيّن أطرافه الريش على الكرسي جوار النافذة .. وبقرب النافذة محرابها سجادتها وجلال صلاتها .. حيث تحب ..!! ربما ليست ملاحظه مهمه .. ولكنه لاحظ ذلك كانت دائمًا وفي كل مكان تتخذ من جوار النافذة مُصلّى لها .. كل تفاصيلها الدقيقة والانيقة التي تظن أنه لا يُلاحظها .. يلاحظها ..!! حذائها البيتي الخفيف جوار السرير الذي لا تخلعه ابدًا و ان كان باستطاعتها لصعدت به داخل السرير ..!!! أما هي كانت شارده الذهن بإعياء وارهاق شديد ونبضات قلبها تنبض بسُرعةٍ من الخوف .. رغمًا عنها تخاف وهي تعرف مدى غضبه إذا غضب فيفجّر كل شيء من حوله بكلمه .. ثم تنبّهت لوجوده يرمقها قُرب الباب .. رغمًا عنها ارتجفت لنظراته و سرت رعشة جزع إلى اوداجها .. وهالها هيئته المخيفة والمظلمة بجسده الذي كساه اللون الاسود .. عادت لها تلك الرجفة بشكلٍ اشد من السابق .. بعد أن اختفت الأيام السابقة وهو يبتلع رجفتها بين أحضانه .. فهو الآن لم يكن ينظر لها بنظراته الساخنة التي تجعلها تذوب خجلًا فتنسى كل شيء بين ذراعيه .. لا بل كانت نظرته كالبرد القارس في وسط جبلٍ من الجليد .. نظر رداد الى وجهها المغطى بالدموع السوداء والكحل الكثيف السائل على وجنتيها الشاحبتين حتى بدت كصورة بائسة للعذاب .. عضله تحركت في فكه الصلب عندما لاحظ احمرار شديد في وجنتها و أثار أصابع .. أمه قد ضربتها ..!!!! وهو انسان يكره الضرب وينفر منه .. قبض على كفه بقوه وكاد يطحن أسنانه من الشد عليها اسفل شفتيه المطبقتين بصرامة .. ابتلعت فنار ريقها وتوقفت عما كانت تفعله .. لتبدأ الكلام بصوت أجش خفيض مخزٍ :- تسمح لي اشرح لك ؟؟! لم يتمالك لسانه أن يرد بجفاء وكأنه يبصق الكلمات بسخرية مريرة :- وش تشرحين بالضبط ؟؟!! أنتِ ما تعرفين شي اصلًا عشان تشرحين .. لم تتوقف رجفتها وهو ينظر لها وكأنها صغير غزالٍ شارد وخائف .. لتهمس بصوتٍ مرتجف أثار بداخله شيئا ما .. فقد بدا مقهورًا مظلومًا :- أنا بريئة والله بريئة .. ما سويت شي .. يا الله ... كم يكره نظرات الضعف والخوف في عينيها .. و يكره صوت أنينها المتخاذل في كل ليله .. ناضجه بعقلها و بأفكارها وحديثها ورقيها .. ولكن ذلك الضعف المقيت يستفزه ..!! إن كانت بريئة لما لم تخبره لينتزع حقها ؟؟! تذكر عندما قرأ الرسالة وكاد أن يعود للمنزل فورًا .. ولكن العمل وقع عائقًا بينهما .. وربما كان هذا لحسن حظها أن يرحمها الله من غضبه في تلك اللحظة ..!! فقد كان يدور حول نفسه كأسد جائع في قفص مغلق يزمجر بغضب يريد افتراس أي شيء امامه .. وبعد ساعات طويلة استطاع أن يهدأ كعادته التي تعب حتى يصل لهذه النقطة في السيطرة على الغضب .. فجأة طن انينها المقيت في رأسه في كل ليله .. تلك الآية التي قرأتها عن الظلم وانخرطت بعدها في بكاءٍ عميق وتذكر دعائها و مناجاتها قبل أيام .. ولاحظ حروف الرسالة الطائشة والساذجة وكأن من كتبتها طفله لا تفقه شيئًا ..!!! وأعاد قراءتها مرارًا ليبدأ سريعًا بالبحث خلف الموضوع ويتابعه مع الجهات المختصة دون تلكؤ و يكتشف الأمر بكل بساطه .. والمكيدة الكبيرة التي اُحيكت وغُزلت بتأني وخبث لإيذائها .. وكل ذلك لا يشفع لها اخفائها الأمر عنه .. فهو غاضب منها غاضب حتى النخاع .. أطال التفكير .. حتى جفت ملامحها وشحبت من هذا الانتظار الصامت حتى بدت كالموتى .. و وجنتيها تستقبل دموعها الصامتة عبر تلك المسامات .. و بينما الشحوب الذي كان يستقر على وجهها فقط بدأ يزحف على باقي جسدها المرهق والمتعب .. تنتظر رده الذي وصل أخيرًا باردًا كالزمهرير وكأنه يتحدث عن الطقس :- أدري انك بريئة .. !! وأدري انك غبيه لأنك سكتِ كل هذا الوقت وما علمتيني .. وأدري انك أغبى لأنك سمحتِ لهم يسكرون القضية وهي ما انحلّت من الأساس .. تهدلت شفتيها وتاهتا عن بعضهما .. لتهمس بذهول وحدقتين غائرتين بعنف الصدمة المختلطة بدموعها الصامتة على وجنتيها :- كيف عرفت إني بريئة ؟؟! بدت نبره صوته الباردة تتغير صوت حافلًا بموجٍ ناري تنير به البراكين قبل أن تعلن انفجارها .. دوّى صوته كرعد جلّجل وسط السماء بجلافة واسأله كثيرة تدور في رأسه :- مالك دخل شلون عرفت .. الي أبي أعرفه وراه ما علمتيني عن الموضوع من أول ؟؟!! ولا طالبتِ بحقك بتحقيق كامل ؟؟!! وليش سكتِ لأهلك ؟؟! لا تفكرين ان الموضوع بمر مرور الكرام و استغفالكم لي كل هذا الوقت .. نبرته الحادة المرتفعة بصخب أخافتها كثيرًا فعادت تنخرط ببكاء حاد .. وتهمس من بين شهقات بكاءها وعويلها المختنق :- اسفه لأني ما علمتك من البداية .. بس خفت .. والله خفت وأنا أعرف انك على اصغر شي تعصب وتنجن وتزعل .. ما قدرت أقول خفت تضربني ..!!! لم يهتم باتهامها المؤلم بأنها تخاف منه ولا تثق به .. على انه ضرب قلبه بقوه قاتله .. إلى انه كرر بكل تصميم حاد و مرتفع مبطن بالسخرية الجافة :- توقعتِ أصير جبان وضعيف وأضرب .. يأسفني أخيب ظنك أنه الضرب مو اسلوبي .. اساليبي الثانية أكثر قوه و فعالية من الضرب ..!! لقد أخافها هذا أكثر من خوفها السابق منه .. حتى أنها عضت على شفتها قليلا دون وعي .. وعينيها تهتزان أمام عينيه القويتين و اللتان لا تحيدان عنها ... لكنها افاقت و ابتلعت ريقها بصعوبة .. وهي تئن بصراع عنيف و تنفث كلماتها بارتعاش مُهلك :- انا اسفه والله اسفه .. بس اهلي وهم أهلي أقرب الناس لي وهم الي ربوني وما صدقوني ..!! حاولت انكر وما حد سمح لي أنكر حتى الضابط كان يصرخ وخفت منه .. كيف أتوقع انه الغريب يصدقني ..!!! كان هذا فوق احتماله كل ما أصابها … " من أي عجينه معجونين ذا الأهل ؟؟! " سحب نفسًا عميقًا فتركها وهو يستدير عنها .. يخفي عنف مشاعره المتألمة من تفكيرها به .. ألم تعرفه بالقدر الكافي لتقول عنه " غريب " ؟! بل هو الغريب الآتي من بعيد يفتح لها تلك الأبواب المغلقة .. لحظات لم يعلم كم طالت ليتمالك نفسه ويزفر هواء باردًا صاخبًا .. ليستدير إليها مجددًا بوجه باهت اصابه القحط والجفاف ليرد بجفاء :- غريب ؟! انا غريب .. انفاسها تهرب من رئتيها لتقول بأنين قطّع نياط قلبها :- كنت غريب والله كنت .. وحتى اليوم كنت بكلمك بالموضوع وأقول لك عليه لأني ما عدت أتحمل أخبيه في روحي أكثر من كذه .. اخفضت صوتها لتتابع باحباط خرج كهمسٍ حار من روح كسيرة وابتسامه بالكاد تلوّح على شفتيها الكرزيتين :- وكنت بقول لك على شي ثاني .. هز كتفيه بضيق ملأ اقصاه :- بعد ايش ؟؟!! ما عاد للكلام أي فايدة .. بعد ما كسرتِ كل الثقة الي بينا بسكوتك وخوفك كل هذا الوقت .. لم تستطع أن تحمل هذا الهمّ أكثر من ذلك على منكبيها والبكاء في كل ليله .. كانت تشعر بثقلٍ ما يسقط عن كتفيّها وقد تحملّا الكثير من الهموم .. راحه عميقه غمرتها عندما اتضحت الصورة واصبح رداد يعلم بكل شيء .. وردة فعله كانت كما النسيم العليل على قلبها .. وكانت لترضى مهما كانت لتكون ردة فعله . وشعرت بماء بارد يُسكب على رأسها .. كانت تقاوم الإعياء والغثيان منذ البداية .. و كانت كلماته هي آخر ما تحتاجه فنار كي تدور بها الدنيا .. و تزيغ عيناها و تضيع حدقتاها .. قبل ان تضيع منهما الرؤية لتسقط بين ذراعيه .. اللتين تلقتاها بحذر شديد قبل أن تتلقاها الأرض .. رأها تهوي أمامه فيهوي قلبه معها وكاد أن يفقد دقه من دقاته الهاربة ..!!! ************** في المستشفى .. و بالرغم انه اطمئن عليها في المنزل وكانت قد استعادت وعيها إلى أنه أصرّ أن يحضرها لهنا ليطمئن عليها أكثر .. وخاصه عندما همست له بأنها قد تكون حاملًا بطفله ولكنها ليست متأكدة ..!!! زاغ قلبه خشية أنه حدث مكروه لأحدٍ منهما تنهد بصوت واضح وعميق .. كان يسند مرفقيّه إلى السرير الأبيض الشاحب و يثبت رأسه بين كفيه .. وهموم الدنيا تحتشد فوق رأسه فهو متعب جدًا والأرق يجتاحه كوحشٍ كاسر يهدده بالراحة فلم ينم منذ يومين .. وكيف يأتيه النوم وهذه المصيبة تلوّح فوق رأسه ؟؟! لم يهدأ له بال حتى عرف كل التفاصيل .. عثر على الرقم أولًا وعرف عنوان المنزل الذي جعل رأسه يتصدعّ من الصدمة !!! وأفكار مرعبه تعصف برأسه .. رباااه ..!! ثم طلب من الجهات المختصة فتح القضية و أرسل الملف للمحامي سيف ليتفحصه سريعًا وبشكلٍ عاجل .. ليكتشف انه ينقصه الكثير لأن القضية أغلقت فورًا لحسن حظ الفاعل .. فأرسلوا الضابط المسؤول لإحضار الحاسوب من منزل اهلها لفحصه مجددًا ليكتشف أن الجهاز مهكّر .. فيطلب من المباحث احضار ذلك الهكر للتحقيق .. و طلب الاذن لحضور التحقيق فسمحوا له بسبب مقامه .. بالطبع انكر الهكر في البداية معرفته بمن طلب منه أن ينفذ الأمر فهو لا يريد أن يتورط ويغرق .. ولكن رداد سحّق مؤخرة عنقه تحت كفة القاسية على سطح الطاولة بضع ثوانٍ كان كفيلًا أن يجعله يتكلم .. فقد كان يخزن عنده معلومات كل من يستأجره وعرف اسمها .. أظلم وجهه بغضب فتلك الحقيرة قد أخبرته برسالة وانتظرت رده فعله ليومين وعندما لم يتحرك ويفعل شيئًا .. أرسلت مجددًا لوالدته وفرح .. بالطبع طلب التحقيق مع كل من كان السبب في اغلاق القضية والتكتم عليها بكل هذه السرية ومقاضاته .. كما تمت مقاضاه ضابط التحقيق الذي نال الرشوة .. كل ذلك حصل على عجل وخلال يومين ومازالت الاجراءات قائمة ولم تنتهي .. فوالدها سيحاسب أيضًا ويدفع الغرامة أو السجن .. ثم جاءه اتصال من والدها بالطبع يستفسر عن الحاسوب المشؤوم .. " قائلًا بتوتر ظهر بنبرة صوته :- في عسكري جا أخذ اللابتوب حق فنار ممكن أعرف السبب ؟؟! ليجيبه رداد بصوت منخفض بنبره خطيرة وجافه ودهاء :- أنت تعرف السبب عدل !! القضية الي لفيتها وأخفيتها بالرشوة عشان لا أحد يعرف عنها و كنت بتعترف فيها هذاك اليوم عشان تجبرني اطلقها .. لم يستطع رؤيه ملامح والدها ولكنه يستطيع تخيلها والصدمة المرتسمة عليها .. ابتلع والدها ريقه ليسأله بشك :- بتطلقها الحين بعد ما عرفت سواد وجهها ؟؟!! ربااااه .. مازال يصدق ان ابنته حافظه القرآن الهادئة والمحترمة قد ترتكب جريمة غبيه مثل هذه وهي التي لا تفقه كثيرًا بهذه التطبيقات الجديدة .. انتابه صداع شديد من هذه العائلة الغبية التي تورّط بها و على رأسهم هي ..!!! وغامت عيناه بقلق رهيب عندما تخيل أن يطلقها أو يفقدها فسيفقد الراحة التي بات يشعر بها بوجودها حوله برقتها التي تشبه الفراشات .. ولكن من المستحيل أن يتخلى عنها كما تخلى عنها الجميع و أولهم أهلها .. فيرد رداد بهدوء قاتم وازداد عبوسه :- لا .. لأنك ما تدري انه بنتك بريئة وعرفت مين هو الي لبسها التهمة .. لي لقاء قريب مع عائلتكم الغريبة و الحاقدة عشان تتوضح كل الأمور ونحط النقط على الحروف ..!!! سمع صوت تهدج أنفاس والدها الثائرة الذي يبدو انه لم يفق حتى الآن من صدمته .. وكأنه حتى الآن لم يصدق ما يسمع ..!!! هل أحدٌ ما في العائلة هو من فعلها وأوقع ابنته الوحيدة بالفخ ؟؟! فيغلق رداد الخط بوجهه رغم أنها ليست من عادته قله الأدب .. ولكن مع غضبه المتقد و المعتاد فهو يفعل ..!!! عاد يتنهد تنهيدة عميقه يرمقها بوجع وشعر بالعطف و الشفقة تجاهها لأنها تملك كعائله كتلك العائلة .. بينما يمسح على شعرها الأسود الطويل والمسترسل على كتفيها بكفّه القاسية .. ثم تناول كفها يمسح بخفه شديده بإبهامه حول ابره المحلول الذي وضعوه لها .. فيدفن فمه بباطن كفها يقبلها بحرقة .. زم شفتيه بضيق وتحركت عضله بفكه من تأثره . انخفاض بالضغط ..!!!! وهي ما تزال بهذا العمر الصغير .. والأدهى والأمرّ لم تكن المرة الأولى كما عرف منها .. غير أنها بالفعل حامل بطفله .. انها الفرحة المبتورة و تناغمت هذه الفرحة مع مأساتهم .. ويحمد الله ان طفله لازال بخير بالرغم من كل ما حدث .. فقد أُرهقت نفسيتها بشدة والخوف يغمرها من كل جانب .. فتحت فنار عينيها بوهن لتأسرها عيناه السوداوان القاتمتان .. ويجذب يده بعنف عنها حتى لا تلاحظ انه كان يلمسها .. فيهمس رغمًا عنه بخفوت جاف فما زال غاضبًا منها :- كيفك الحين ؟؟! فترد بغصة :- احسن الحمد لله .. ساعدها لتجلس بينما يقوم بتعديل الوسادات خلفها ويقول ببرود :- تعرفين وحده اسمها ريم خالد .. والثانية ترف سلمان الي رفعت عليكِ الشكوى مين هذول ؟؟! عقدت حاجبيها بحيرة ولم تستطع التفكير لتعبها وارهاقها ولكنها ردت بخفوت متعب :- ريم بنت خالي .. وترف بنت خالتي .. ليش ايش فيه ؟؟! سحق باطن شفته بأسنانه وقد اتضحت له الصورة الآن .. ليتابع بنبرته الحادة كبرودة الصقيع :- فتحنا ملف القضية من جديد عشان يتحاسب ويتعاقب كل الي كان السبب وحطوك بهذا الموقف .. وبرفع دعوى رد اعتبار .. قال جملته ليفتح عليها ابواب الجحيم … عقلها كان يقاوم ويذكرها بمراره ما تعرضت له من أذى وبقائها في السجن لأسبوع وأكثر قليلًا على ذمه التحقيق .. وبالمستقبل الذي ينتظرها والذي بالتأكيد سيتكرر .. انخرطت ببكاء مرير .. أثار جزع الواقف بقربها ..!! ليجلس فورًا يحاول أن يفهم سبب بكاءها .. فيسألها بهتاف صاخب تخلله الكثير من الغضب لبكائها طوال الوقت فيثير جنونه وغضبه :- ممكن تفهميني الحين وش الي يخليك تصيحين ؟؟!! فترد عليه بنشيج مختنق في صدرها :- ما أبغى ارجع ادخل السجن الموضوع مؤذي مره مؤذي ...!! عادت ترتعش بخوف شديد بينما تتذكر تلك العتمة والسواد والروائح الكريهة .. ردّ ساخرًا بمرارةٍ شعر بها في حنجرته :- لها لدرجه معدومة ثقتك فيني عبالك بسمح لهم يدخلونك السجن مره ثانيه ؟! هاذي المرة رح يصير العكس حنّا الي بنرفع الشكوى والتحقيق بصير بمكتب الضابط وأنا بكون معك .. كان يتكلم بثقه وكأنه .. وكأنه يعلم من كان السبب ... ليتها تفهم وتعرف من كان السبب ؟؟!! ولماذا ؟؟!! لم تقاوم أن تسأله تحاول التقاط أنفاسها بعد أن فشلت رئتيها في المساعدة :- رداد .. كلامك و اسلوبك يقول كأنك تعرف ايش الي صار وكيف ؟؟!! وتعرف مين الي تبلا عليّ ؟! مين ؟؟! رفع رأسه ينظر لها عن كثب وقد حدث ما كان يخشاه ويتجاهله منذ البداية .. أن تسأل هذا السؤال ؟؟! ربما .. !! ربما لو لم تتعب و تفقد وعيها أمام عينيه لأخبرها .. ولكن و هي في هذا الحال .. متعبه وتشعر بكل هذا الضعف والألم .. لن تتحمل الإجابة ففضل أن يسكت على مضض إلى أن تتحسن صحتها قليلًا ... فأهم ما عليه الآن صحتها وصحة جنينها .. قائلًا بفتور حاد وقاطع :- ما لك دخل بتعرفين بالوقت المناسب .. ثم سألها بخفوت ليعرف من أين عليه أن يبدأ :- مين كان محاميكِ ؟؟!! رمشت بعينيها بضعه مرات و نظرتها الفاترة البريئة أكثر مما ينبغي جعلته يدرك بأن أهلها لم يجلبوا لها أي محامي .. غشاه موج كان أغضب من الغضب فيطلق زفره قاسيه حارة كمدًا وقهرًا ... على هذه العائلة التي تورط معهم عن طريق خطابه ..!! كانت الحسنة الوحيدة أنه قد عرف المنارة من بينهم وقد ضلّ طريقه .. تمتم بخفوت " حسبي الله ونعم الوكيل " ==================== اغلق طراد الهاتف .. وكان قد انتهى للتو من استشارته الهاتفية مع الطبيب النفسي في حديقة منزله .. ليس لأنه متعب .. بل هكذا روتين معتاد كل ست اشهر ليحافظ على صحته النفسية من الأذى .. وكالعادة يشعر بماء بارد يراق عليه بعد انتهاء المكالمة السريعة .. فهو لا يريد ان يعود لتلك الدوامة السوداء التي كاد يغرق بها .. لقد أدرك بعقله أنه سيُجن من قراءته اليومية لتلك الرسائل وغرقه بذكريات الماضي لهذا كان عليه التصرّف سريعًا .. في البداية لم يرغب أن يذهب للعيادة فلم يكن يشعر بالراحة .. وكانت احد الخيارات لدى الطبيب .. ان يقابله خارج العيادة أو في المنزل او ربما مكالمه .. فكان يجد راحته عندما يتحدث معه كصديق في أحد المقاهي .. اخبره الطبيب بأن يتصالح مع فكره أن كل مرحلة في حياتك لها ناسها وذكرياتها .. انه هناك ناس وجودهم كان درس وتذكير أو تحذير لحياتك وينتهي دورهم .. احفظ الود واذكرهم بالخير .. أي خير هذا ؟؟!! وهو يحفظ كل كلمه حُفرت في رأسه بعمق رجولته التي نخرتها تلك الأفعى السّامة .. لا .. لا لم تشرخها وحسب .. بل نحرتها بدم بارد وأراقتها أمامه ..!! بل على العكس بدأ يتذكر الكثير من الأمور التي أُعميت عيناه عنها و لم ينتبه لها في غمره انشغاله وغوصه بالعمل وتكوين مستقبله .. هو لم يتهيأ للزواج وقد تزوج من اختها سريعًا وقد تدخلت والدته بالأمر .. ليردف الطبيب ... أبدأ مرحله جديدة مع شخصك المصقول أكثر .. وطلب منه بكل وضوح وصراحه أن يتحمل نتيجة قراراته بما انه قد دخل التجربة .. بغض النظر عن الطريقة أو من تكون الزوجة .. ألّا يربط الماضي بالحاضر .. وأنه ليس بالضرورة كل نهاية بشعة .. ولكن نهايته هو مع روان كانت بشعه .. بشعه جدًا ..!!! قاطع شروده صوت طفليه يدخلان للحديقة و هم عائدون من الخارج .. وخلفهما كالعادة تمشي كالعنزة " ماما أفنان" !! شعر بالاضطراب فليس من عادته الانتقاد اللاذع .. ولكنه لا يملك إلّا هذه الشخصية في حضور شقيقة روان .. حمل طفليه سويًا ليقبلهما بنهم ويقبلّونه هو ايضًا بالمقابل على وجنته الخشنة حديثه النمو .. ويقولون بصوتهم الطفولي :- نحبك بابا .. بينما كانت افنان تحرر رأسها من " الطرحة " و تُطلق سراح شعرها من مخلب الشعر الذي خنق نعومته تُخلل خصلاته بأطراف أناملها حتى يتنفس اكثر .. وقد شعرت بالحرارة بهذا الوقت من السنة وقد هرول الشتاء سريعًا ليحل معه الربيع الدافئ ... ونظرت لطراد بهيئته الضخمة المخيفة بطبيعتها دون الحاجة لبذل مجهود وقد أسرتها الهيئة الخشنة ..!! ليحدث أول شرخ في زجاج قلبها .. تنظر لهم بابتسامتها الفاتنة ثم تجمع شعرها على كتف واحد وتعبث به بأصابعها بحركة اعتادتها .. ولم تتذكر يومًا في طفولتها أنها قد اقتربت من والدها أو أخيها بهذا القدر لتعانقهم أو تقبلهم . فلم تكن من عاداتهم .. رمشت بعينيها و اهتزت بمكانها لحظة و فجأة غادرتها الابتسامة ببطء رتيب وحل محلها الوجوم الفاتر .. تكره هذا الشعور الذي ينتابها تجاهه وبجانبه رغم قلّه لقائهم وحديثهم المختصر بأمور الحياة .. فهي تشعر بأنها تخون أختها الغائبة ..!!! فهي بجانبه وخلال أيام من زواجهم ولأول مره منذ سنوات شعرت بأُنوثتها ويحق لها التدلل ..!! لطالما كانت هي رجل البيت والذراع اليمين لوالدتها خاصّة اخر سنتين عندما غادر ضاري للقرية من أجل سحاب الوحيدة .. كانت تقوم بكل شي بينها وبين والدتها والأغلب هي لأن معها سيارة .. فمسؤولياتهم كثيرة ولا تنتهي وعندما كان ضاري موجودًا لا يستطيع ملاحقه كل شيء فكانت تشاركه المسؤوليات .. و الآن طرّاد منعها من قيادة السيارة بتسلط عندما طلبت منه ان تحضرها والحجة أنه قال لها بتعجرف .. " ما أثق بسواقه الحريم أخاف على عيالي أي شي ضروري وتبغينه اكتبي لي أو علميني عادي " تعرف انه لا يفعل ذلك لسواد عينيها .. ليتها فقط تعرف لماذا يعاملها بهذا التسلط بينما كان يسمح لروان ان تفعل كل شيء منعها منه ؟؟! فهو بالكاد يتحدث معها .. ولكن بالرغم ذلك يعجبها شعورها بأنوثتها وهذا التدليل المبطن .. قاطع شرودها صوت لولو الطفولي التي ما زالت مرفوعة على ذراع والدها :- ماما أفنان تعالي .. اقتربت أفنان منهما قليلًا بخجل لترى ماذا تريد .. فقالت لولو :- بوسي بابا كذه مثل عمه فيّ تبوس عمّ يويو .. لتعود لولو وتقبله على وجنته بقوة التي تشبه أشواك القنفذ حتى تمثل لها .. اتسعت عينيّ طراد باندهاش ..!! أما أفنان شعرت بالدوار .. الدوار في مدار الحياة والحرارة تجتاح جسدها كله كأتون مشتعل .. لماذا لا يغمى عليها الآن و تفقد الوعي ؟؟؟!! تشعر بهبوط بالضغط ما هذا الاحراج ؟؟! " الله يسامحك يا فيّ وش سويتِ ؟؟! " فانقبض قلبها لترفع إليه عينيها المرتجفتين الخجولتين فاصطدمت بعينيه المتربصتين بها ... ابتسم طراد بداخله ولم تظهر الابتسامة على شفتيه القاسيتين وجهه حاد التعابير كما هو .. ينتظر رده فعلها بتكاسل مُتسلي .. تنحنحت ومسدت جبينها بأصابعها تحاول أن لا تنظر لطراد .. ولا تعرف لما شعرت أنه يتسلى بها ؟! همست بصعوبة تُجلي حلقها تحاول تغير الموضوع :- عيب يا لولو .. شافتك عمه فيّ ؟؟! لتهز لولو رأسها نفيًا وتقول ببراءة :- لا ما شافتني .. حسنًا لقد توقعت ذلك .. أرادت أن تقبل سعود وتعانقه بقوة فقد أنقذها عندما قطع الحديث قائلًا بضجر :- بابا نبى نروح البقالة .. لتعانق لولو عنقه وقد أغراها قول أخيها و نست ما قالته :- ايه .. ايه نبي روح بقاله .. أما طراد ففكر أن أخته فيّ تطبق ما كانت تراه في طفولتهم بين والديهم لقد كبروا بالحب منذ صغرهم هو واخوته .. وكان الأمر طبيعي جدًا بعض اللمسات و القبلات على الوجنات والعناق البسيط دون أي تمادي فكان يعطيهم ذلك الشعور بالأمان وسط العائلة .. وقد كان يظن أنه سيعيش حياه سعيدة مثل حياه عائلته مع روان وأراد هذه الحياة الصحية لأطفاله .. فالأمر يُعتمد على كل عائله وكيف هو نظامها وكيف تعيش ؟؟! فكلها عادات وتقاليد ..!! ليصطدم بالواقع المرير مع فتاة معطوبة مغمورة بالثقوب بزواج والدها من أخرى .. ومقارنته بوالدها طوال الوقت .. أراد مساعدتها كثيرًا عندما لاحظ تأثرها النفسي .. و الذي ازداد و اتضح اكثر بعد حملها وحاول معها مرارًا .. ولكنها رفضت ذلك بكل إصرار .. وسقط عنه الذنب .. كم كان أعمى ..!!! وأختها عاشت مع تلك المعطوبة تحت سقفٍ واحد بالتأكيد ستأخذ من غبائها الكثير ..!! وهو لن يتحمل تكرار التجربة فلذلك البُعد أسلم .. ردّ طراد على ابنه :- ابشر يا بابا بوديكم الحين .. ليسألها طراد بلطف صادق :- تبغين شي من البقالة ؟؟! ارتفع حاجبيها بهشاشة واتسعت حدقتيها قليلًا .. " بسم الله !! وش فيه هذا معه انفصام ؟؟! توه قبل يومين يتكلم من طرف خشمه والحين بأدب " ولكنها هزت رأسها نفيًا :- لا سلامتك .. حسنًا ..!! هذه واحده من بعض الأمور التي اعفاها منها فهي من كانت تأخذهم دائمًا " للبقالة " .. فوالدها في طفولتهم كان يدللهم ويأخذهم دائمًا .. وكانت احدى الذكريات القليلة معه فأرادت أن تُحيِّها و تطبق هذه العادة الجميلة مع أطفال أختها حتى يكبرون مع ذكريات رائعة .. في البقالة .. جمع الأطفال حاجياتهم .. ثم أخذ سعود بعض الآيسكريم و التفت لوالده قائلًا :- بابا ماما افنان تحب الآيسكريم هذا عادي اخذه ؟؟! عقد طرّاد حاجبيه بضيق وعبس بوجهه فحتى ان تخلص من الهاتف المشؤوم فكلماتها محفوره في عقله يحفظها عن ظهر قلب … ثم تذكر بعض كلام روان المسموم .. " غثيث !! هي مره وحده لا عادت من مره .. قلت له احب هالحلاوة من البقالة وطلّعها من عيوني وهو يجيبها كل يوم ما عاد اقوله احب شي يكرّهني فيه " .. تنهد بهدوء يُغلق عينيه وهمس بخفوت شديد :- مره وحده ما رح تضر وبعدين سعود هو الي طلب .. ركض الطفلان داخل الحديقة ثم دخلوا للمنزل يبحثون عن أفنان وقد كانت تجهز لهم الغداء المتأخر .. عائله غريبه ..!!! لم يسبق لها أن رأت عائله يتناولون الافطار عند الظهر و الغداء بعد العصر …!! نظرت أفنان للعاملة لتقول بأدب :- أنا بطلع فوق بس يخلص الاكل طلعيه فوق “ أوك “ .. هزت العاملة غريبه النظرات رأسها :- أوك مدام .. لقد نفّذ طراد شرطه وأحضر العاملة لتحمل عنها مسؤولية البيت كما أخبرها من قبل .. وبالرغم أنها شعرت بالدلال منذ مجيئها إلى هنا كل شيء متوفر لها دون أن تطلب .. ولكن لا تعرف لما شعرت أيضًا بغصة و أنها غريبه وسط هذه العائلة .. ولا فائدة من وجودها إلا من أجل الأطفال فقط .. ألم يكن هذا سبب الزواج ؟؟! " وش فيه يا أفنان موب أنتِ هنا عشانهم ؟؟! " فلم تكن تبدو كسيدة المنزل بإحساسها .. بل هو أخبرها بنفسه أنه أعفاها من أي مسؤوليات ولا علاقة لها .. فبالتأكيد هو لا يريدها ان تكون سيده منزله حتى لا تعتاد .. و أخبرها أنه سيُطلّقها عندما يعتمد الأطفال على أنفسهم ويكبرون .. " يا ربِ وش فيكِ يا أفنان مو هذا الي تبغينه من أول ووافقتِ عليه برغبتك ؟؟! تذكري اختك لا تنسينها هاذي المفروض حياتها هي ما هي حياتك ... هي الي كانت رح تكون صاحبه البيت ما هو انتِ " .. ولكنها اكتشفت ان الاتفاق بالهاتف شيء .. وعندما تعيشه على أرض الواقع شيء آخر تمامًا .. ولم تتوقع أن تشعر بكل هذا الأذى وهذه الغصة .. فهي لم تتخيل يومًا أنها ستعيش حياه بارده ومملة .. في غرفه المعيشة ... اخرج سعود الآيسكريم من الكيس ليقول بفرحه :- ماما أفنان .. شوفي آيسكريم تحبينه .. شهقت بفرحةٍ غامره عندما رأت آيسكريمها المفضل .. فمن مسؤوليتها الكثيرة نست أن تدلل نفسها بما تحب .. غافله عن تلك العينين المتربصتين لرده فعلها العفوية ..!! لتقول له بسعادة غامره فلقد حسّن من نفسيتها المحبطة ولو قليلًا :- شكرًا يا حبيبي .. فيرد الصغير بنباهة :- مو أنا جبته بابا هو دفع فلوس .. بالرغم أنها تعرف ذلك بالطبع ولكن شعور غريب آخر دغدغ قلبها .. فلم يفكر أحد يومًا ان يشتري لها أمرًا بسيطًا حتى يسعدها .. بل كانت هي من تعطي دائمًا دون أن تأخذ .. ولكن معه هو تشعر بأنه يعطيها وحسب دون أن يطلب المقابل .. أعادت خصلات شعرها خلف اذنها لتلاحظ وقوفه .. وكعادته أثناء حضوره يضيق المكان من هيمنته الساحقة دون أن يبذل أي مجهود يذكر .. فتهمس بخجل رقيق :- شكرًا الله يعطيك العافية ما قصرّت .. تمتم بالرد عليها بخفوت .. وردها الرقيق جعله يفكر ويتذكر الماضي فكم كان أعمى مجددًا ... ليقع أسير تلك الحرباء المتلونة .. فبالرغم من كل ما جلبه لها لم يسمعها قطّ تقول له " شكرًا " ... قاطع شروده صوتها الرقيق مجددًا تقول بخجل :- أبو سعود إذا ممكن بروح بكره لأهلي ؟ ليرد عليها بصوته الخشن المنخفض يتخلله التسلّط المبطن :- إذا ممكن تأجلينها بعد بكره ؟! لأنّ أمي وأبوي راجعين من السفر وبنمرهم نسلم عليهم .. فلقد مضى أسبوع وأكثر بقليل على زواجهم .. ولقد أصدر الأمر لينتهي الأمر .. ==================== كانت فرح تجلس على مكتبها شارده تفكر في فنار و هي من تشعر بها وقد مرت بموقف يشابه موقفها .. " حبيبتي يا فنار الله ينصرك قريب .. يا شين الظلم حسبي الله على الي كان السبب ".. لقد فقدت وعيها قبل يومين بسبب انخفاض الضغط ولأنها حامل .. ورأت مدى خوف رداد عليها في عينيه المرتبكتين وتراه مضطرب هكذا للمرة الأولى في حياتها مما أشعل الحنين في قلبها نحوه .. وفور عودتهما للمنزل وصعودها لترتاح .. جلس رداد معها ومع والدته ليشرح لهما القصة فقد غمرهما الفضول .. وأخبرهما بأن فنار لم تعلم حتى الآن من الذي فعل ذلك .. فلم يستطع أن يخبرها ويخشى عليها من الأذى .. لطيفه لم تصدق القصة وهي تحمل في قلبها الكره السحيق .. أما فرح فذعرت ..!! " يا ربِ وش ذي الشيطانة ؟؟! من وين لها هالأفكار ؟؟! حسبي الله عليها ربِ لا يسامحها " فهي تعرف هذا الاحساس جيدًا احساس الظلم والافتراء .. ولكن من أقرب الناس ؟؟؟! يأكلون ويشربون ويضحكون معها .. ما قمه النفاق هذه ؟؟!! تنهدت فرح بهدوء خافت وتصدّع رأسها من التفكير العميق وشعرت بظلٍ يحوم فوقها يقطع شرودها .. فرفعت رأسها ببطء مرتاب ورفعت عينيها للأعلى من خلف أهدابها لتراه هو " زوجها " .. بالرغم من مأساة رداد إلا أنه أصر أن يعقد قرانها بالأمس وأن لا يُأجل الأمر لأنه سيكون مشغولًا جدًا الفترة القادمة .. عقدًا مختصرًا بين الرجال وحسب .. وبالطبع تأجلت الحفلة إلى أجل غير مسمى .. لا يوجد في المكان الآن غيرها هي و الموظفة الأخرى التي تجلس خلفها وتعطيها ظهرها .. والمكان عاده اول الصباح يكون هادئًا غير مزدحم بالعملاء .. كان يتكلم بصوته الواثق بصرامه ويعطيها بعض الأوامر .. وشكّت أنها لتشتيت الانتباه وحسب ليُلقي لها ورقه دون أن يلاحظ أحد .. ويعود لغرفه الاجتماعات ذات النوافذ الزجاجية التي تطل على الاستقبال .. نظرت له ببهوت بطرف عينيها تتبع ظهره .. ثم نظرت للورقة وفتحتها بالتزامن مع فتح شفتيها .. " خيير … وش حركات المراهقين ذي ؟؟! " ووجدت رقمًا بالأرقام الانجليزية .. وكُتب عبارة بالعربية ..!! " يا انجليزي يا عربي أكتب !! ليش المكس .. يعني اني خطير " .. فعادت تقرأ الرسالة .. ( كلميني واتس اب الحين وضروري بسجل رقمك ما قدرت اطلبه امس من ولد أختك وجهه كان مصفوق وما حبيت أحرج أحد ) عضت شفتيها بألم فهي تعرف ما به رداد من هموم وكيف يغدو وجهه .. ثم نظرت إليه فرأته يشير لها بسبابته على الورقة ثم يشير بالسبابة إلى الطاولة .. بمعنى " الحين تكلميني " ..!! نظرت لزميلتها التي تعطيها ظهرها بذعر .. ان كانت لا حظت اشارته فوجدتها منغمسة بعملها لحسن الحظ .. فلا احد يعلم هنا انهما تزوجا ولن تخبر إلا افنان عندما تعود من الإجازة فهي الأقرب .. ثم فردت كفها ولوتها له بمعنى " ليش " ..!! فيشد بإصرار بسبابته التي يشير بها الى الطاولة وتود كسرها له .. لأنه سيفضحها بحركات المراهقين هذه .. ماذا دهاه ؟؟!! هي ناجحة بعملها بشكل فوق الرائع بشهاده الجميع ودائمًا تحصل على الامتيازات والأداء السنوي الممتاز فلا تريد من أحد أن يتحدث عليها ويقول فيما بعد .. " ايه زوجه المدير اكيد بيدعمها ويضبطها " " ايه زوجه المدير اكيد بخليها تطلع قبل الكل " وكل شيء ستفعله مستقبلًا سيتعلق بذلك المدير بينما هي تعمل بجهدها .. تنهدت بعمق .. لتسجل رقمه وترسل له بعجلة على الواتس اب بارتباك حتى ترتاح من " زنّه " ( هاي ) ..!! فيأتيها الرد فورًا لتشهق بقوه وتغطي فمها بكفها من فوق النقاب .. وتسحق شفتيها بأسنانها فقد أحرجها .. ( يهودي أنا تقولين لي هاي .. وين سلام المسلمين ؟؟ ) نظرت له بصدمه ليرفع لها حاجبه بتسلية .. ولفت نظرها للمرة الأولى ذقنه المغطاة بلحيته الكثيفة الداكنة ويتخللها الكثير والكثير من الشُعيرات البيضاء .. حتى تساءلت كم بلغ من العمر عتيّا ؟؟! كان يسترخي على المقعد بتكاسل ينظر لها مبتسمًا بكل هدوء منتظرًا ردها .. فالعمر يركض ولقد كبر ويريد الاستمتاع بما تبقى من عمره .. فلا يريد ان يتورط مع فتاه بارده وخجولة .. وخلال ما سمعه عنها من والدته وأخته بعد عقد القران فهي جريئة وحيوية .. همست تحدث نفسها " وش ذا الاستقعاد من أولها ؟؟! " شهقتها المفجوعة جعلت زميلتها تلتفت لها باستنكار .. فتقول زميلتها :- خير يا فرح وش ذا الشهقة ؟؟! صاير شيء ؟؟! شوحت لها فرح بكفها بعجله :- لا .. لا مو صاير شي اسفه .. بينما تكتب له بسرعه مرتبكة .. ( أسفه اربكتني بحركاتك و ما ابغى احد يعرف إنّا انخطبنا عشان لا يفهمون غلط .. السلام عليكم ) ليرد بتريث مبتسم يجاريها .. ( قصدك تزوجنا .. و ابشري ما حد بيدري و عليكم السلام ) همست مجددًا تحدث نفسها بحرج ... " هذا شبلاه قاعد لي على الكلمة ؟؟! " صمتت تتابع عملها بهدوء فلا تحب أن يُشغلها أحد عن العمل .. وعندما استرقت له النظر بعد فتره وجدته ما زال مبتسمًا بخفه ابتسامه صغيره بالكاد تظهر على شفتيه .. إلا لمن يعرفه جيدًا سيلاحظ تحرر الخطوط حول فمه .. فقد لاحظ الجميع اليوم ممن أتى وغادر أن مزاجه مختلف تمامًا .. وليس كما اطلقوا عليه بسبب عبوسه الدائم ... " المكشّر " .. و يسترخي بجذعه على الكرسي المتحرك و يضع القلم بين سبابتيّه على سطح الطاولة و يحرك الكرسي بخفه لليمين واليسار .. ويرمقها بلا رحمه .. " يا الله .. هذا شبلاه مو كان بارد ويلا يتكلم الحين ناوي يفضحني !! كل ما طالعت ألاقيه يطالعني " !! ما عنده شغل ولا مشغله ؟؟! ما عنده مكتب ينطق فيه جالس هنا ؟! بينما نظرت حولها بتوتر وقد بدأ المكان يزدحم ببعض الموظفين والعملاء وكأن زميلتها قرأت افكارها .. فتقول تقطع الصمت بعبوس :- غريبه !! " المكشر " من يوم جا وهو جالس بغرفه الاجتماعات ما هي عوايده ؟؟! ما نيب مرتاحة احسه يراقبنا مثل الخسيس الي كان قبل .. لا والحين طول الوقت متبوسم اقص ايدي اذا ما هو خاطب جديد .. ومبسوط مثل اخوي بالضبط ما شفنا الابتسامه الا يوم خطب .. لترد فرح بنفسها " بلاكِ ما تدرين " ولكن كلام زميلتها دغدغ بعضًا من مشاعرها .. هل يُعقل أنه " مبسوط " لخطبته لها ويتضح عليه كل هذا الوضوح ؟؟!!! ولكنها أرسلت له فورًا على الواتس اب .. ( معن .. تكفى ارجع مكتبك هاذي زميلتي وراي تقول ما هي مرتاحه احس يراقبنا !! عاجبك كذه تخرب سمعتنا و تفضحنا ؟؟! ) ليأتيها الرد سريعًا وكأنه يجلس عند الهاتف منتظرًا .. ( الله أكبر .. وش فضيحته يا كافي ؟؟! لو بغيتِ دقيقه وبنشر الخبر بإيميل للكل إنك زوجتي ولا أحد يقدر يفتح فمّه بكلمة ) .. ثم سطر الكثير من الايموجي الضاحك .. وابتسم لمناداتها له " معن " مجردًا دون كلمه " أستاذ " البغيضة .. بينما كانت تقرأ كلامه بعينين متسعتين .. سمعت شهقة زميلتها التي قالت بتوجس :- يمه هذا سمعني ولا ايش ؟؟! لتحرك فرح رأسها ببهوت فتراه وهو ينهض ويرفع أغراضه الخاصة وحاسوبه ليعود لمكتبه .. بعد فتره لم تستطع أن تتمالك نفسها لترسل له على استحياء وليتها ما فعلت ..!!! ( معن .. الله يسعدك أبغى اشوف كوكي .. مره اشتقت له ما شفته من زمان ) وقبل أن تكتب له أن يحضره هنا يوم الأحد .. ليصلها رده بعد ثواني متشدقًا لبدأها الحديث . ( من عيوني الثنتين .. بكره ويك اند بجيب لك كوكي و أبو كوكي بعد لو تبين ) اسندت جبينها على كفها باستياء تحدث نفسها .. " يا ربِ هذا وش فيه انهبل ؟! كل شوي يباغتني ما كان كذه وين راح البرود ؟! " لتأتيها رسالة منه .. ( على فكره اسمه تركي ما حب أحد يناديه كوكي ويكبر ويتعود عليه ) فترد بابتسامة وهي تتذكر لحظاتها القليلة معه وتتذكر لطافته .. ( عمري انا عاشت الأسامي ) ليأتيها رده مع " ايموجي " متسائل .. ( عمري لمين ؟؟! لي و لّا لتركي ) !! همست بخفوت خجول :- لا حول ولا قوة إلا بالله .. حشا امداك تصير عمري ؟؟! فترسل له متجاهله سؤاله .. ( انا يوم سألته وش اسمك ؟؟! قالي كوكي فما رح اناديه إلا كوكي .. بكيفي ) فيأتيها رده صادمًا يُغيظها بمكر .. ( وهو يوم سألك وش اسمك ؟؟! قلتِ له فروحه المرجوجة و أنا ما رح اناديك إلّا كذه !! مع انّ ما هو واضح عليكِ الرجّة ) ارتفعت حرارتها بشده وذابت بمقعدها تلوح بنقابها على وجهها .. " البزران هذول فضايح ما ينّقال لهم شي " !!! فنظرت لها زميلتها بعبوس قائله بنفاذ صبر :- فرح خلاص وش ذا السواليف الي ما تخلص وجوالك كل شوي يطن .. ما عندك شغل ؟؟! تابعت ببعض الغيرة :- وفي الأخير يعطونك تقييم ممتاز وحنا جيد ..!! ابتسمت فرح دون ان ترد وتستمر بعملها بكل شغف .. فهي شعرت أنها قد حصلت على الطاقة للعمل بمجرد الحديث معه عبر الرسائل .. وتعيش أجمل لحظات من عمرها .. ===================== قاسية هي الخيبات … ولكنها أفضل دروس الحياة ..!! في هذه الحياة .. ستتعلم كل شيء وحدك إلا ..!! ….. القسوة ….. سيقوم شخص آخر .. بتعليمها لك .. كان الغامد يتساسر مع والدته ويبدو كأنها كانت توبخه لأمر ما ..!!!! ثم نهضت لتغادر لأشغالها وتقول بصوت مرتفع :- على العموم خلاص هم وصلوا الرياض اليوم .. عاد لين يستقرون في بيتهم وتترتب امورهم بيجون يسلمون علينا وبسوي عزيمه لخيتي وعيالها .. نظرت للغامد وقالت بحزم :- عاد انت عليك تجيب الذبيحة .. ونظرت لسحاب تبتسم وتتابع :- يحتاج اقول وش عليكِ ؟؟! ولا مالك خلق ؟؟!! فهمت سحاب ما قصدته وردت بلطف :- إيه خالتي فهمت ما عليكِ أنا بسوي العشا ازهليها … لتتابع أميرة بهدوء :- زين .. الله يعطيكم العافية وإذا ما عندك مانع تجين معي أنا ورباب بكره بنساعدهم بترتيب البيت حوستهم حوسه مساكين ..!!!! استنكرت سحاب الأمر لأنها ما تزال عروسًا وعريسها البغيض لم يتدخل ليمنع والدته .. ولكن هزت رأسها على مضض :- أبشري خالتي بجي معك لا تشيلين هم .. أليست معتادة على الشقاء والتعب منذ المراهقة ؟؟! ما هو الجديد ؟؟! تذكرت أيام القرية وكان والدها موجودًا لم يكن يعمل عملًا ثابت بل اعمال حُرّه مره يصبح وضعهم جيد ومرات كثيرة ليس بجيد أبدًا .. كانت والدتها تستاء كثيرًا و ليس لديها أقارب مستعدين لاستقبالها ان تطلقت .. فمضطرة أن تتزوج وتعيش مع زوجها أيًا كان و لا تحب أن تبقى دون مال .. ووالدها في أوقات كثيره كان يصرف ماله و يذهب للرياض حتى يرى بناته الأخريات وابنه .. وفي هذه الأثناء كانت تأخذها والدتها معها لمساعدة الجيران بأجر مادي على عدد الساعات التي يبقون فيها للمساعدة ومرات أخرى للطبخ .. دون أن تعلم الجدة أو والدها حتى لا يحزن لأنه لا يستطيع تلبيه احتياجاتهم .. فهم يظنون أنهم يساعدون الجيران دون أجر .. استمر ذلك طويلًا .. ومره من المرات كانت والدتها متعبه وجارتها لديها عزيمه تحتاج فورًا لمن يطبخ .. فأرسلتها لوحدها بما انها تجيد الطبخ ..!!! قامت بكل شيء لوحدها حتى أُهلكت دون أي مساعدة من أحد .. وسمعت ابنه الجيران الصغيرة الجاهلة تقول " متى بتروح الخدامة ؟؟! " غصت بدموعها أنذاك وكسرتها الكلمة كثيرًا وأحدثت في قلبها ثُقبًا لا يندمل … هل هذه نهايتها ؟؟! وبعدها بفتره قصيره توفى والدها … كانت تعيش ببعض الراحة تحت كنفه فهو حاول أن لا يقصر عليها بأي شيء وكانت راضيه بما يقدمه لها من احتياجات وسفر للأماكن القريبة .. وفرّت والدتها لأول زوج تقدم لها ورفض مجيئها لتتركها … وعندما علم أخيها أن والدتها تركتها أخذها لشهرين عند عائلته ولم ينجح الأمر .. و عادوا للقرية ليرفع عنها الشقاء مده عامين .. وعملت في المدرسة .. و ما زالت تسمع قول " الخدامة " على تلك الايام التي عملت بها في منازل الناس .. تنهدت بعمق تخرج من ذكرياتها المريرة .. فهي لم تعد تريد تذكر الماضي بل تريد التركيز على مستقبلها فقط .. ثم نظرت للغامد وقالت :- اذا بتروح تشتري الذبيحة خذني معك إذا ممكن ؟؟! ارتفع حاجبه يقول بتوجس :- صدق ولا تستهبلين ؟؟! نظراتها الجادة دليل أنها لا تمزح .. لحق حاجب الغامد بالآخر ارتفاعًا ..!! ليقول بغضب :- هذا الي ناقص بعد اخذك معي لحوش الغنم تختارين .. ثم تابع بمكرٍ ساذج :- احسن شيء أحطك تعلفين معهم مره يناسبك المكان …!! شعرت بشيء عظيم يتحطم داخل صدرها وقبضه غير مرئية تعتصر قلبها الذي ينزف .. فماذا تقول وهي تشعر بكل ذلك الألم من شريك الحياة ؟؟! ولكنها قاومت الألم كما العادة .. و قاومت الضعف فلن ينفعها الضعف الآن .. لترد بفتور :- بروح اشوف الأسعار عشان مشروعي عاد تدري صممت المطبخ بشكل يساعدني على الشغل بس ابدأ و بختار خروف صغير للعزيمة .. تابعت باستهزاء :- الي جبته اول كان كبير بالعمر وناشف بس مشّى الحال .. وشوحت بيدها دلاله على ذلك .. لوى شفتيه قائلًا بسخرية لاذعه :- يعني بتفهميني الحين انك تفهمين بالذبايح ؟؟! لتجيبه بحنكة وهي تشرح بيديها :- ايه افهم الحمد لله .. لازم تطالع بأسنانه الفك العلوي والفك السفلي وعددهم واذا كانت لبنيه أو لا .. عشان تعرف عمره .. مطت شفتيها تضع سبابتها وابهامها عند فكها .. لتردف بسخرية لاذعه كسخريته تحاول استفزازه ليتحدث :- ايه صح !! نسيت انك طالع من قصر السلطان وما تفهم بهاذي الأمور .. كتّف ذراعيه لصدره بصبر ليقول بتبجح :- ما هو مهم اعرف أو لا .. بس شغل الهنود هذا والجزارين ما هو شغلك وتسمين نفسك انثى ؟! ليرفع حاجبه ويتابع بخبث مُتسلي بات يشعر به عندما يستفزها :- إذا تفكرين تجذبيني بهاذي الطريقة ؟؟! تراكِ غلطانه بالعكس تراكِ تزيدين النفور .. الحمقاء …!!! هل تظن انه بمعلوماتها وسناعتها هذه انها ستجذبه ؟؟!! هو يريد انثى سنعه تهتم به وببيته و متزينه و " مغناجه " .. وليست جزار ومسترجلة وتتدخل في أعمال الرجال .. همس بداخله .. " يا رب صبرني لين اتزوج الثانية " إذًا كما توقعت وتأكدت شكوكها إنه ينفر منها وليس كما ظنت هي الحمقاء ..!! أنه خطبها لذكريات الطفولة والصابون علامه سرية بينهما و انه معجب بها ويريدها .. لماذا تزوجها إن لم يكن يحبها ؟؟!! لماذا فعل بها ذلك ؟؟! أسبوع وبضعة أيام تجرعت الصديد المُرّ في حلقها مع كل كلمه يقذفها بها .. ومنذ الليلة الأولى لهما ورصيده ينفذ في مخزونها .. لقد طفا كأس المرارة والحنظل وبقي الجزء الضئيل منه .. جاءت رباب تؤكد على الغامد قول والدتها .. أن يبيض وجهها من أجل خالته .. و لاحظت سحاب بريق عيناه بحماس غريب لهذه الخالة ..!! فقالت بهدوء تتجاهل ألمها منه :- غريب حماسك لخالتك ؟؟! كل ما جا طاريها تحمست .. فيرد بحنين دون أن يشعر :- لأنه الشخص إذا كان يحبك تحسين بهذا الحب حتى لو ما تكلم .. فما بالك بخالتي تتكلم وتقول شقد تحبني وعيونها تتكلم .. فطبيعي أبادلها هالشعور .. ولقد كان صادقًا بمشاعره تجاه خالته .. فهو لم يفكر بابنتها كزوجة قطّ إلّا من أجلها واجل المثنى والقُرب منهما .. اغتصبت سحاب الابتسامه على شفتيها وغامت عيّنيها لما وراء كتفه بوهن وشرود .. لتهمس بفتور :- صادق !! الانسان يحس إذا كان الي قدامه يحبه أو .. لا .. إذا كان يحترمه ويقدره .. أو لا .. رمشت بعينيها تمنع سيلًا من الدموع ثم وجهت نظراتها إليه وابتسمت ببلادة ساخرة :- ما شاء الله مثقف وفاهم .. لا يعرف لما شعر بالارتباك من شرودها .. والتوتر من حديثها بكل هذا الأسى وقد شعر بنبرتها الحزينة .. كما أنها ليست بخير .. هل زاد جرعه تجريحه لها دون أن يقصد ؟؟! حتى يشحب وجهها هكذا بشحوب الموتى ؟؟! نهض عن الأريكة دون أن يفكر أكثر وقال لرباب :- خلصي شغلك وتعالي لغرفتك بكلمك بموضوع .. هزت رباب رأسها ولم تكن تركز بحديثهما بل عينيها النهمتين على هاتفها .. أو ربما سمعت وتجاهلت فالأمر لا يعنيها .. قاطع انشغالها صوت سحاب تقول برقه :- رباب .. عادي تساعديني افتح حساب عشان مشروعي وأنسقه ؟! سمعت انك شاطره بالتنسيق .. ابتسمت لها رباب قائله بنعومة :- ابشري من عيوني بروح اشوف الغامد وش يبي وأجيك نشوف وش بنسوي ... ************** بقت سحاب لوحدها في غرفه الجلوس .. تشاهد هاتفها وتفتح حسابًا لتأتي رباب وتنسقه لها .. ثم دخلت أميره قائله بعجله :- رباب قومي جيبي الشاحن جوالي بيفصل .. نظرت حولها فلم تجدها .. وقفت سحاب بهدوء تقول :- رباب بغرفتها و انا بروح الحين اطلب منها الشاحن .. صعدت الدرج بخطوات متمهلة تجر ساقيها بصعوبة بينما باب الغرفة كان موراب ليصلها صرخة رباب بوضوح .. قائله بانفعال :- صاحي انت .. مجنون ..؟! شلون تبغى تتزوج الثانية وانت توك عريس صار لك اسبوع وأكثر ؟! ليرد الغامد بانفعال اكثر :- مزوجيني وحده مشوهه بالبهاق .. وجزار و مسويه فيها يعني اني فاهمه كل شيء وهي ما عندها ما عند جدتي .. وتقولين ليش تبغى الثانية ؟؟!! لترد عليه رباب باصرار حاد منفعل بشده :- ما حد ضربك على ايدك وقال لك تزوجها .. اصلًا الكل كان يدري انك ما تبغاها وقلنا لك ما تناسبك لأنه نعرف ذوقك وانت اصريت .. ليش كذه تسوي فيها ليش ؟؟! حرام عليك .. ليقول بقوه وقد نفذ صبره ويصعقها بكهرباء سرت على أوداجها :- لأني بستخدمها ورقه اضغط فيها على ابوي عشان اتزوج مرام بنت خالتي و أمي تدري بهذا الشي ..!!!!! انا تزوجتها وانقذتها من العنوسة والكل كان يقول لها " عانس " وماحد راضي فيها بسبب مرضها .. وابوي عشان لا أطلقها ولا ازعلها وهي الغالية بنت أخوه رح يوافق اتزوج الي أبيها من سنين ..!! وهي بنت عمي على عيني وراسي ومكانها محفوظ وما رح أقصّر عليها بشيء بس القلب وما يهوى ..!!! عشان كذه ابيك بالوقت المناسب تسألين بنت خالتي اذا وافقت عشان بخطب رسمي وبسمع ردها بنفسي … شهقت رباب بصدمه .. تبعتها شهقة سحاب المكتومة التي اغلقت فمها بكفها التي تنتشر عليه الغيوم البيضاء .. تكتم أنينها الملتاع .. وصرخة نابعه من جوارحها فتشعر ان قواها تنهار من قسوته .. ما هذا الجبروت ؟؟! ما هذه القسوة ؟؟! تحطمت حياتها قبل أن تبدأ " إذا عُرِف السبب بَطُل العجب " !!!! وهي من تساءلت اليوم لماذا تزوجها ؟؟! لتعرف السبب بأسوأ طريقة .. ارتجف جسدها وكأنها شعرت بالبرد لوهله رغم حرارة الجوّ .. ثم شعرت به أنهى حديثه وسيخرج .. فاختفت تنزل عتبات الدرج وقبضتها تشتد بقسوة على سور السلّم .. ثم صعدت و عادت للظهور مجددًا تلهث بإعياء وكأنها للتو قد وصلت .. حاولت تمالك رجفتها واغتصبت ابتسامه فلا حيلة لها أن تتحدث إليه الآن لأنها ستنهار .. ليبتسم لها الغامد بوداعه " مالي خلقك الحين " وقال لرباب التي تجلس مكتئبة بغرفتها :- رباب سوي لي شاي وطلعيه للمنفى .. ثم نظر لسحاب بطرف عينيه ليُأكّد عليها القول بصلف :- انتِ الي سويه وطلعيه ما نبي أحد ينقل لنا عدوى البهاق .. يعلم أن البهاق لا يُعدي ولكنه هكذا يحب أن " يستفزها ويستفز غضبها اللذيذ " .. لكن الغريب انه الآن عندما القى كلمته .. لم تلوي شفتيها كالعادة بل كانت شفتيها مطبقتين بقسوة وكأنها تحارب عبراتها .. وعينيها .. آآآخ من عينيها الحزينتين .. ترمقانه بقسوة لم يسبق أن رأها بنظراتها الباردة له من قبل .. هز كتفيه ليصعد نحو السطح .. و صوت ساخر اطلقته سحاب في داخلها .. لتخرج رباب وتتفاجأ من وجود سحاب وشعرت بالقلق .. هل سمعت شيئًا ؟؟!! لكن ملامحها بارده كالجليد كما هي دائمًا .. فقالت رباب بأسى :- ما عليكِ منه يا سحاب يمزح مزحه ثقيل الدم بسوي له الشاي وأطلعه ما يحب احد غريب يدخل المنفى حقه .. لا تهتمين من زينه ذا المنفى عاد .. ابتسمت سحاب تلقائياً ببلادة دون ان تصل الابتسامة لعينيها وأومأت رأسها بهدوء .. فهي شعرت بشيء يربط حبالها الصوتية ببعضها فلا تستطيع التحدث .. فإن تحدثت ستنهار بكاءً لا ريب ..!!!! ثم غادرت رباب .. و أظلمت عينيّ سحاب وارتسم تعبير مخيف على ملامحها ونار الغضب تزحف على جسدها .. أثار بها رغبهً أن تثأر لخداعة لها واستغلالها هو ووالدته .. رمقت الدرج الذي صعد منه كضباب اسود كثيف .. و تمتمت وهمست بخفوت شديد وخطير :- بدفنك بهذا المنفى و بدفن معك ذكرياتي وطفولتي وغبائي ..!! و رح أعزي نفسي عليك وأواسيها وأنا جالسه فيه .. . . انتهى الفصل التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 12-12-23 الساعة 08:23 AM | ||||||||||||||
28-06-23, 12:35 AM | #750 | ||||||||||||||
كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 62 ( الأعضاء 27 والزوار 35) Aurora*, My.sai889, سما المجد!, almoucha, البتول العنزي, Toto9900, Ai35, نوااااارري, حووووووور, هياااام, سهى قيسيه, مليحة محمد, سارا لونا, mooogah, روجا جيجي, لطيفه خالد, mariam sayed, Arw2, ووررددهه, ابتسم للحياة*, عبق الرياحن, Qsn_, سحاب الحربي, yasser20, ريفونا, ام^عزووز | ||||||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|