مزاج شرقي_ديدي بريتي

[pretty dede]

مساء الخير
سيتم تنزيل الفصل الثاني من نوفيلا مزاج شرقي
قراءة ممتعة مقدمًا

[pretty dede]

الفصل الثاني

صوت مهران أوقفها, يتساءل بغموض:" عرفتِ اللي حصل؟.."

التفتت إليه باهتمام صامت, فأكمل بهدوء:" الباشا خلاص هيخطب.."

لوهلة تجمدت نظراتها, تشعر برجفة غير ملحوظة اجتاحت جسدها, تبتلع ريقها بصعوبة, مرددة بخفوت:" هيخطب!.. وإنتَ عرفت منين؟.."

بابتسامة واثقة أجابها:" البوص بتوصله الأخبار يا روح الروح لحد عنده.. ثم ده الباشا مش أي حد.."

غامزًا إياها بطريقة ذات مغزى, تُخبرها أنه يعلم أهميته بالنسبة إليها..

جذت على أسنانها بقوة, قبل أن تقول ببرود, مناقض لما تشعر به:" وماله.. مبروك.. المفروض نباركله.. ربنا تاب عليه, وهيمشي بالحلال.."

عقد حاجبيه ينظر إليها بتدقيق, ثم قال بترقب:" وإنتِ عايزة تباركيله بنفسك!.."

ارتفع حاجبها, بابتسامة مريبة, تقول بتسلية:" ماهو الغالي لازم الواحد يباركله بقيمته.."

ضحك بخفوت, مع لمعة عينيه بإعجاب صريح لوردته القوية, يقول بمرح:" وماله.. أحلى تحية من البوص للباشا, ونوسة هتوصلها.."

هزت رأسها بخفة موافقة, دون أن تفقد ابتسامتها, وتحركت لقاعة التدريب..

وتحرك مهران لمكتبه, تتبعه الفتيات, بابتسامة راضية, فيبدو أن الباشا قد انتهى من نوسة, وقد فقد الأمل من أن ترضخ إليه, وقد تخلص من تهديد أن تتركه وردته الذهبية, ويخسر الكثير بعدها..

فنوسة بالنسبة إليه مكسب كبير, رغم جموحها, وعدم رضوخها إليه, فهو لا يستطيع الاستغناء عنها..

يوافق على كل ما تريده, فهي الوحيدة التي تعمل لديه دون عقد احتكار, أو ضمان يجعله يستطيع السيطرة عليها..

لكن كما يُقال

" كل فولة وليها كيال"

هي كيالها ليس كأي كيال..

عاد ينظر للفتيات اللاتي وقفن بالمكتب أمامه, يقيم كل منهن, يعد, ويُنظم اختصاصها بالطريقة المُثلى التي تستطيع أن تكون مناسبة لها..

*************
يتبع

[pretty dede]

منذ البارحة قد نال كفايته من هؤلاء الحمقى, يشعر وكأن رأسه تُطرق بمطارق فولاذية, لا يكاد ينتهي من مشكلة حتى تظهر أخرى..

فبالأمس تلقى بلاغًا عن شجار بأحد المناطق الشعبية, نتج عنه هرج وذعر, مع تكسير لمجموعة من المتاجر..

فذهب والقى القبض عليهم, والمخفر تحول إلى ساحة قتال, بين تراشق بالألفاظ, وبالأيدي, وحين وضعهم بالحجز كادوا يقتلون بعضهم البعض, فقام بفصلهم بأماكن متفرقة,

ولم يهنأ له بال, فقد وجد زوبعة صاخبة تغزو المخفر, من أصحاب المتاجر يقومون بعمل محاضر لإثبات الواقعة..

تنهد بتثاقل, يمد يده يمسد عنقه المتشنج, فيغمض عينيه بنفاذ صبر, وهو يستمع لطرقات الباب, وبعدها فُتح الباب..

فتح عينيه ينظر أمامه, فوجد حامد, ومعه أحدهم,

ولم يكن سوى فتحي, الذي هتف مهللاً:" ياسين باشا.. وحشتني والله.."

زم ياسين شفتيه بقوة, يرمقه بحنق, قائلاً باقتضاب:" خير إن شاء الله.. جاي في إيه يا فتحي المرادي!.."

ابتسم فتحي باتساع, يقول مدافعًا:" لأ المرادي أنا براءة, أنا جاي بس علشان أضمن واحد معرفة, وقولت أصبح عليك يا باشا.."

ارتفع حاجب ياسين بسخرية, يردد بتهكم:" تضمن واحد معرفة.. لا بجد فاجئتني.."

ثم بصوت حاد حانق أضاف:" فتحي اطلع من دماغي دلوقتي.. أنا على أخري, هحبسك.."

بحاجبين معقودين, عاتبه:" ليه كده بس يا ياسين باشا.. ده أنا جايلك مخصوص.."

ثم أضاف متفكهًا:" ده حتى بينا عشرة طويلة.."

رمقه ياسين بنظرة مشتعلة جعلته يتراجع, ولا يتباسط معه بالحديث, آمرًا بصرامة:" حامد خد الواد ده من هنا مش عايز صداع.. ومتدخلش أي حد هنا.."

فيهتف حامد بقوة:" أمرك يا باشا.."

دافعًا فتحي أمامه:" امشي قدامي.."

تحركا سويًا للخارج, وهناك,

التفت فتحي لحامد الواقف بجواره, يمد يده يعطيه لُفافة من التبغ, متسائلاً:" ماله ياسين باشا؟.."

تناولها حامد, يجيبه بفتور:" خناقة امبارح.. يلا امشي من هنا يا فتحي, مش ناقص مشاكل.. عندك الصول منصور, روحله هيخلص مصلحتك.."

هز فتحي رأسه موافقًا, وانطلق حين أخبره الصول حامد..

في حين رن هاتف ياسين, فنظر للشاشة ليجدها والدته, زفر بتثاقل, يستعد لتوبيخها المُعتاد, فهو لم يعد للمنزل منذ أيام..

ضغط زر الايجاب, قائلاً:" أيوه يا ماما.."

وصله صوت والدته خافت:" أيوه يا ياسين.. إنتَ فين؟.."

قلب عينيه بملل, يمط شفتيه للجانب باستهجان, مجيبًا برتابة:" هكون فيه يعني, في القسم.."

_ طيب تقدر تجيلي؟..

عقد حاجبيه بتعجب, متسائلاً بحذر:" آجي فين بالظبط؟.."

بصوت متعب أجابته والدته:" أنا في الشغل.. كنت عايزاك تجيلي تروحني البيت.."

مع صوتها المُتعب, هتف بقلق:" إنتِ كويسة ياماما؟.."

_متقلقش ياحبيبي.. بس يمكن السكر عالي شوية, تعالى خدني..

نهض من كرسيه, يتحرك سريعًا, يقول بلهفة:" جاي حالاً متقلقيش.."

فيصله صوتها ملهوف بسعادة:" بجد!.. طب يلا بسرعة.."

في خضم قلقه لم ينتبه لنبرتها القوية, المُناقضة للنبرة السابقة, يقول بإيجاز, يفتح باب مكتبه:" ربع ساعة بالكتير وهكون عندك.."

أغلق الهاتف, يخرج من مكتبه, يقول سريعًا, لحامد الذي وقف يؤدي التحية:" أنا خارج دلوقتي.. لو حد سأل عليا أنا رجعت البيت.."

ولم ينتظر ليسمع إجابة حامد, وانطلق لسيارته..

وعلى الجانب الآخر, كانت تجلس هدى بابتسامة منتصرة على وجهها, تنظر إلى رفيقتها أمال, قائلة بسعادة:" ربع ساعة وجاي.. ها قريبتك جاية؟.."

لتؤكد أمال بابتسامة:" طبعًا ده أنا مأكدة عليها.. متقلقيش.."

لتتسع ابتسامة هدى بترقب, دون شعور بالذنب, على ذلك الذي قامت بترويعه كي يأتي إليها..

***************

يتبع

[pretty dede]

بغرفتها نائمة بسكينة وهدوء تحاول الاستمتاع بحلمها الوردي, التي هي واثقة تمام الثقة, أنها لن تتذكر منه شيئًا حين تستيقظ،

تبتسم برقة منافية لهيئتها العامة..

فبنومها الغريب, كأنها تُحارب لفرض سيطرتها على الفراش, متسطحة بالأربع..

مفرودة الذراعين, والساقين, كأنها تستعد للطيران..

مُلقية الغطاء على الارض..

دلفت والدتها مُشغلة ضوء الغرفة, تنظر حولها بامتعاض, غير راضية أن تكون هذه غرفة فتاه أبدًا..

فابنتها مُلقية لبعض ملابسها على كرسي منفرد..

غير تلك الملابس المكومة دون ترتيب, البارزة من ضلفة خزانة الملابس المُغلقة بأعجوبة..

نظرت اتجاه الفراش لتجد نومها الغريب؛ لتهز رأسها بيأس تتجه نحوها, توقظها بسخط:" إنتِ ياهانم.. اصحي.."

تململت بنومها, تُحاول تجاهل الصوت, لتُكمل حُلمها الجميل..

لكن الالحاح مع ذلك الضوء, الذي ضرب عينيها بقوة..

فاغمضت جفنيها بقوة، مغمغمة بضيق:" الواحد ميعرفش ينام في البيت ده!.."

ومع تبرمها انتفضت من صوت والدتها الهادر,

مرددة باستنكار:" مبتعرفيش تنامي!.. ده إنتِ مفيش وراكِ إلا النوم.. اصحي يادلال احسنلك.."

بوجه حانق فتحت عينيها بصعوبة، تنظر لوالدتها الغاضبة، بجفنين شبه مغلقين،

متسائلة:" خير ياماما.. فيه ايه على الصبح؟.. هي الساعة كام أصلا؟.."

_الساعة 11..

بصوت شبه باكٍ, ردت:" 11 وبتقوليها في وشي.. أنا نايمة بعد الفجر, ده مش ميعاد صحياني.."

قلبت والدتها شفتها السفلى بامتعاض، قائلة بنزق:" يا فرحتي بيكِ وإنتِ بتقوليلي كده.. قومي يابت.."

اعتدلت بحركة ساخطة، تهتف بحنق:" خير ياماما.. البيت نضيف.. غسلت المواعين قبل امبارح علشان ميكونش فيه حجة,

وتقوليلي مفيش وراكِ إلا النوم والنت.. فيه ايه تاني؟.."

رمقتها بنظرة مشتعلة قبل أن تشير بيدها حولها,

هاتفة بحدة:" ده منظر أوضة نوم بنت!.. لبس مرمي. على الكرسي.. غير اللي جوا الدولاب.. هتتعلمي النضافة والتنظيم امتى؟..

واحدة على وش جواز وبالمنظر ده.. الله يكون......."

قاطعتها دلال تهز رأسها بضجر, مرددة كلمات تحفظها عن ظهر قلب:" الله يكون في عون اللي هيتجوزك.. أكيد أمه دعت عليه بليلة القدر.."

ثم عادت لصوتها الحانق:" ايه يا أمي معاملة مرات الأب دي.. ده لو بنت جوزك هتشكري فيا, علشان تخلعيني من هنا.."

ومع لكزة من والدتها لذراعها, وهي تقول من بين أسنانها بتوعد:" طب قومي بقى, بدل ما اوريكِ معاملة مرات الأب شكلها ايه.. قومي البسي وتعالي معايا.."

عقدت حاجبيها بريبة, من تبدل حالة والدتها, وتلك الابتسامة التي ارتسمت على شفتيها, تكاد تُضيء وجهها,

فتساءلت بحذر:" على فين إن شاء الله؟.."

لمعت عينا والدتها بغموض, وهي تقول بنبرة أكثر غموضًا:" البسي بسرعة علشان منتأخرش.."

منبهة بلهجة قوية:"والبسي حاجة كويسة سمعاني!.."

ثم تركتها وتحركت تخرج من الغرفة,

وهتاف دلال يلاحقها بفضول قاتل:" على فين ياماما؟.. خدي بس.."

عقدت حاجبيها, تدير عينيها بتفكير, متسائلة:" ياترى ماما هتاخدني على فين!.. استر يارب.. الموضوع مش مريحني.."

بتثاقل نهضت من فراشها, تتجه للحمام, وبعد أن انتهت..

اتجهت لخزانة ملابسها كي تنتقي ما سترتديه, حين فتحت ضلفة الخزانة, سقطت جميع الملابس المكومة أرضًا,

فنظرت إليهم بحنق, تميل بجسدها, تلملمهم كيفما اتفق,

هاتفة بنزق:" هي نقصاكم إنتوا كمان.. مش كفاية ماما.."

مُصاحبة حديثها بدفع الملابس داخل الخزانة, بعد أن وجدت ما سترتديه, تقول:" مسيري هرتبكم متقلقوش.."

وهذا حديثها دومًا كلما فتحت الخزانة, لكن هو حديث دون فعل كالعادة..

**********************

يتبع

[pretty dede]

بعد عشرين دقيقة بالضبط, وصل إليها بمقر عملها, وقلبه يخفق بقوة من قلقه عليها,

أخرج هاتفه, يتصل بها يُخبرها بوصوله, بالخارج, فيجدها بعد دقيقتين أمامه بوجه مبتهج, وبجوارها..

طنط أمال, تبتسمان إليه, ابتسامة صياد وقع بفخه صيده الثمين أخيرًا..

نظر إليهما بتدقيق, يتساءل بتوجس:" عاملة إيه يا ماما؟.."

لتتسع ابتسامتها, تقول بصوت قوي سعيد:" الحمد الله يا حبيبي.. كويس إنك جيت بسرعة.."

وأمال تقول بابتهاج:" عامل ايه يا ياسين يا حبيبي؟..

جاي ببدلتك الميري.. حلو أوي.."

نقل نظراته المرتابة بينهما, ثم قال باقتضاب:" طب يلا

يا ماما علشان أوصلك البيت.."

ليجد هدى تمسك بذراعه بقوة, تقول بارتياع:" لا توصلني إيه.. استنى دول على وصول.."

لينعقد حاجباه, مع تضييق عينيه, متسائلاً بترقب خافت كمن يشعر بوقوعه بالفخ:" هما مين اللي على وصول؟.. إنتِ مش اتصلتِ علشان تعبانة!.. فيه إيه يا ماما؟.."

لكن قبل أن ترد عليه, سمع صوت أمال, تهتف بفرحة:" نادية حبيبتي وصلتِ أخيرًا.."

مُصاحبة حديثها بالتوجه إليها تحتضنها بقوة, ترحب بها بحفاوة شديدة, وكأنها لم تراها منذ سنوات..

وبجوارها دلال متجهمة الوجه, تشعر بالحنق الشديد؛ فهي حتى الآن لم تعرف سبب هذه الزيارة..

ومع رؤيتها لطنط أمال, عبست أكثر, تزم شفتيها, متمتمة بنزق:" طنط أمال وماما كإنهم مكنوش بيتكلموا مع بعض امبارح بالساعات.. ستات غريبة.."

لكن مع اقتراب أمال منها, تقول بابتسامتها الواسعة:" دلال حبيبة قلبي.. إيه الحلاوة دي.."

وبالطبع لم يخلو الموقف من جذبها بقوة, تُقبلها القبلات التقليدية الأربع..

وهدى تنظر إليهن بعينين متحمستين, تقول بخفوت لياسين الجامد بمكانه وقد عرف ذلك الفخ الذي وقع فيه:" شوف يا ياسين البنوتة حلوة إزاي.. قمر.."

ولكنه لم يرد عليها, وتقترب منهما أمال مع احتفاظها بذراع دلال بيدها كرهينة, قائلة:" تعالي يا نادية أعرفك على هدى صاحبتي, وابنها حضرة الظابط ياسين.."

ومع تلك النظرة اللامعة فهمت دلال الخطة, فها هي رفيقة والدتها ( طنط حشرية) كما تُلقبها..

تُتحفها بعريس آخر, بل كان عليها أن تفهم منذ أن اتصلت بوالدتها في الأيام السابقة..

وبوجه مرتاع, وعينان متسعتان, هتفت بداخلها بهلع:" الله أكبر.. أنا بلبس وأنا واقفة.."

أجفلت على صوت والدتها, وهي تهتف باسمها, لترحب بصديقة طنط أمال, فمدت يدها, بابتسامة متكلفة,

قبل أن تنظر لذلك الجماد الواقف بجوار تلك الطنط الجديدة, يرمقها بنظرات غامضة, ثم زيه العسكري..

ومع السلامات والتحيات التقليدية, انتهى اللقاء الذي كان سيتحول لموعد غداء, لولا تعلل نادية بانشغالهما..

فتصحب ابنتها وترحلان سويًا, وابتسامة مشرقة على وجهها..

فتلتفت إليها دلال هاتفة بحدة:" بقى كده يا ماما.. بتعرضيني لموقف زي ده؟.."

التفتت نادية برأسها ترمقها بطرف عينها, تقول بهدوء بريء, ولا زالت الابتسامة على ثغرها:" موقف إيه يا ديلو؟.."

فتتجهم ملامحها, تكاد تصرخ, لكنها تقول بغضب خافت من بين أسنانها:" جو الأفلام القديمة اللي حصل من شوية, طنط أمال وصدفة ومعرفش إيه.. ليه كده يا ماما.."

هزت والدتها كتفها بخفة, تقول ببرود جعل التي بجوارها تكاد تُصاب بجلطة ثلاثية الأبعاد:" ولا فاهمة إنتِ مضايقة من إيه.. دي كانت صدفة.."

فتردد بسخرية حانقة:" صدفة فعلاً.. تصحيني من النوم وتخليني ألبس, ونيجي لمكان شغلها, وتقوليلي صدفة.."

وتجذ على أسنانها تكتم غيظها بحُرقة, أن تتعرض لمثل هذا الموقف المُحرج, فقط ليراها عريس ما, كي يتم تقييمها من قبله, كأي سلعة قد يود لو يشتريها..

زمت شفتيها المرتعشتين بقوة, تهتف بداخلها داعية على رفيقة السوء لوالدتها, التي تملئ رأسها بتلك الأشياء عن زواجها, وضرورة الإسراع به, وكأنها شارفت على الخمسين..

أما نادية فكانت تمشي بسعادة جلية, فالعريس يبدو جيد, بل رائع.. داعية من الله أن يجعله من نصيب ابنتها البلهاء..

أما هدى فصوتها السعيد الذي يكاد يكون مُهللاً, قالت:" تعالي يا أمال نوصلك بطريقنا.. يلا يا ياسين.."

ليتحرك ياسين الصامت منذ بداية اللقاء, اتجاه سيارته, متمتمًا بغل من بين أسنانه:" أقسم بالله لو كنت أعرف لكنت جيت بالبوكس وحطيتهم فيه.. وأولهم أمي.."

وبداخل السيارة جلست أمال وهدى بالخلف, يتحدثان عن تلك الفتاه, ومحاسنها, كمحاولة لجعل ياسين يشعر بأنها عروس لن يجد مثلها أبدًا..

وبالطبع العريس المغدور به لم يُعلق, فقط يبتسم ابتسامة صفراء, يهز رأسه مرارًا, وبداخله يلعن أمال, ويتمنى لو تسقط بيده, فيُلقيها بحجز, يوصي عليها رفاقه, فيتم الترحيب بها بحفاوة, وتدليلها..

فيهمس من بين أسنانه بغل شديد:" إلهي يدلعوكِ دلع المخبرين للحرامية.. دلع وصاية.."

وبعد أن أوصل طنط أمال لمنزلها, تحركت والدته لتجلس بجواره, تنظر إليه بعينين لامعتين,

تتحدث عن تلك العروس؛ وكأن حديثها مع رفيقتها لم يكفيها, وهو لا يزال ملتزمًا الصمت, حتى وصلا للمنزل, وهبطت هدى, تنتظر ترجل ياسين, لكنه لم يفعل, فهو لن يقع بالفخ الآخر, فيبقى معها بالمنزل لتبدأ بحربها المكثفة عليه,

بنبرة مقتضبة, قال:" أنا راجع القسم عندي شغل.."

ولم ينتظر حديثها, فتحرك بسيارته سريعًا, يحدث نفسه بغضب, من يراه يظنه يتشاجر مع أحدهم, حتى وصل للمخفر, ودلف بخطوات لمكتبه ساخطة, وخلفه حامد الذي تعجب من عودته, وهو الذي أخبره أنه سيبقى بالمنزل..

بعد أن جلس خلف مكتبه, نظر إلى حامد, يقول بحدة:" مش عايز أشوف وش بني آدم النهاردة, وإلا هحبسك إنتَ شخصيًا يا حامد.."

ليومئ له حامد بتوجس, مؤديًا التحية, بصمت, فهو يعرف كيف يكون ياسين حين يكون غاضبًا..

وياسين باشا ليس غاضبًا فقط؛ بل يكاد الدُخان يخرج من أذنيه..

************

يتبع

[pretty dede]

هل جربت الرقص على صفيح ساخن!..

تكاد تغلي من الغضب تشتعل,وترسم ابتسامة أجمل ما يكون, تُبهر بها من حولك،

تتمايل على كلمات الأغنية, تجعل الأنفاس مقطوعة من جمالها, تنظر إليه بعينين متحديتين،

تراه يجلس بجوار عروسه الراقية, يُبادلها الابتسامة, يميل عليها بين الفينة والأخرى, هامسًا بأذنها ببعض الكلمات,

ثم يعود ناظرًا إليها بوجه رزين, يُشغلها غيظًا؛ كأنها لا تعنيه، بل لا يعرفها من الأساس..

مجرد راقصة قد أتت, أرسلها أحدهم كمُجاملة..

اقتربت منه بجسدها المتراقص بغنج مدروس،

تتمايل يلمس شعرها الطويل ظاهر يده، رائحتها تخترق حواسه, ضاربة عقله؛ لتجعله يكتم سخطه بشق الانفس,

تلك الوقحة تتراقص هكذا؛ لتزيد جنونه, وأعين الجميع تلتهمها،

بل يكاد يرى لهاثهم, وسيلان لعابهم من دلالها برقصها،

جذ على أسنانه بقوة يزفر نارًا, بذلة رقصها مُهلكة للأعصاب,

على أحدهم أن يمنع ارتداءها؛ فهي جريمة بحق البشرية، رغم أنها ليست فاضحة؛ لكنها تُجسد الإغراء بعينه, وهي تحتضن جسدها لتزيده فتنة..

متى تنتهي هذه الأغنية ليتنفس الصعداء؟!..

تبًا تلك الوقحة ترقص باستمتاع؛ وكأنه لا يعنيها خطبته،

هل هي حقًا سعيدة لا تهتم بأمره!.. من أرسلها!..

عيناها الواسعتين تنظران إليه بلمعان مشتعل, يجعله يكتم تأوهه بصعوبة, بل يرسم تلك الواجهة الرزينة, فلا تفضحه نظراته المتنقلة على جسدها المغوي,

يغض بصره مُكرهًا, كي لا يتمعن بتفاصيلها المُهلكة, فيجمح خياله بما لا يُناسب حفل خطبته,

ينظر لتلك الجالسة بجواره بهيئتها الأنيقة, تبتسم ابتسامات مدروسة, وكأنها بأحد المؤتمرات, وليس حفل خُطبتها..

زفر بقوة, بعد ان انتهت فقرتها المُرهقة لأعصابه..

لكنه لم يكد يشعر بالارتياح, فيجدها قد بدلت ملابسها, بملابس مناسبة لحفل الخُطبة, تتحرك بأريحية بين الحضور, والكثير منهم قد التفوا حولها, يتحدثون, يتضاحكون, وهي تهديهم ابتساماتها..

تتعامل وكأنها ابنة أحد العائلات المرموقة, وليست راقصة..

التف بعض الفتيات حول بيريهان يهنئنها على خطبتها, فتحرك منتهزًا الفرصة..

ووقف أمام ياسين, الذي قال مُباركًا:" مبروك يا باشا.. وأخيرًا هتدخل القفص.."

ضحك حمزة من كلمات ياسين..

ياسين قريب له من بعيد, لكن علاقتهما طيبة..

فقال متفكهًا:" الله يبارك فيك يا سيدي.. عبالك.."

ليزفر الأخير بثقل, يقول بأسى:" شكلي هحصلك قريب.. ست الكل قايمة عليا الحرب, علشان الموضوع ده.."

عاد حمزة يضحك, فهو يعرف والدة ياسين حين تضع شيء برأسها, فتنفذه دومًا, فقد كانت رفيقة والدته رحمها الله..

انتبه لياسين, وهو يقول بتلاعب:" بس مكنتش أعرف إنك هتدلع ضيوفك كده يا حمزة.. نوسة مرة واحدة.."

ارتفع حاجب حمزة, يتساءل بترقب:" إنتَ تعرفها!.."

أومئ برأسه موافقًا, فعاد حمزة يقول بتهكم:" وتعرفها منين؟.. زبونة بالقسم عندكم ولا إيه!.."

ضحك ياسين بتسلية, ثم قال:" تقدر تقول زبونة دايمة, بس علشان تضمن.. مش تتضمن.."

رفع حمزة حاجبه باستفهام, فأكمل ياسين موضحًا ببساطة:" أصلها تعرف واحد يعتبر بلطجي من حارتها اسمه فتحي.. دايمًا تيجي تدفعله كفالة وتخرجه.."

هز رأسه بخفة بتفكير, قائلاً, وعيناه تتابعان تلك المتمايلة بغنج بحركتها:" أها.. قولتلي.."

التفتت برأسها تنظر إليه, فتغمزه بوقاحة, تقترب منه بدلال, قائلة بصوتها الناعم متجاهلة إياه:" أهلا أهلا ياسين باشا.. وحشتنا.. أديلي مدة مشوفتكش.."

ضحك ياسين بخفوت, ثم قال بسخرية:" متشوفيش وحش يانوسة.. ماهو طول ما فتحي ماشي في السليم مش هشوفك.. وأنا بصراحة مش عايز أشوفك.."

للغرابة ضحكت بمرح, دون شعور بالإهانة, بطريقة جعلت حمزة يتأوه, يكبح رغبته في عض شفته السفلى, هاتفًا بداخله:" الله.."

وهي تقول بمرح:" مقبولة منك ياباشا.. نجيلك بالأفراح.. عبال مانجاملك بفرحك.. وهتكون كادوه من نوسة.."

مُنهية كلماتها بغمزة متسلية, جعلت ياسين يتنحنح بحرج, يهمس بعبوس, وهو ينظر حوله بتوتر:" لا كده منظري هيبقى فانله.. وتطلع عليا سُمعة.."

نظر إليها, يقول بنبرة جادة:" شاكرين أفضالك.. بس معتقدش هحتاج خدماتك المميزة.."

ثم التفت لحمزة يضيف:" مبروك يا حمزة.. عبال الفرح.. عن إذنك بقى لازم أمشي.."

هز حمزة رأسه بخفة, يراقب انصراف ياسين, فيميل بحذر, قائلاً من بين أسنانه:" إيه اللي جابك؟.."
********
يتبع

[pretty dede]

:" إيه اللي جابك؟.."

وهنا ابتسمت بتألق, تقول بعتاب ناعم:" معقول يا باشا تسأل سؤال زي ده؟.. إن مكنتش أجي أعمل معاك إنتَ الواجب هعمله مع مين؟.. هو فيه عندي أغلى منك!.."

جملتها الأخيرة كانت هامسة بطريقة, جعلته يتأوه مرة أخرى, يسُب نفسه أكثر مما يسُبها مع تفاعله معها..

فقال بغضب:" أحسنلك تبعدي عن سكتي.. أنا......."

قاطعته هي ببرودها الفاتن, تقول بتسلية واضحة:" اهدى يا عنيا.. أنا جيت أعمل الواجب.. وأوصل تحية البوص بنفسي.. بس متبقاش تنسانا.. ده إحنا برضو حبايب.."

ثم ختمت كلماتها بغمزتها الضاحكة, وتحركت من أمامه, يراقبها بعينين وقحتين, يكاد يلتهمها,

هامسًا بحرارة:" يخربيت كده.. ملبن متغرق بقشطة, صبرني يارب.."

مُلملمًا شتات نفسه فيرسم هيئته الرزينة, عائدًا لخطيبته, وأفكاره مع تلك المغوية..

*************
يتبع

[pretty dede]

تكاد تلتصق به كظل, كلما تحرك من مكان تحركت معه, يكتم ضحكاته على منظرها, فهي منذ أن عاد وهي تتحدث دون انقطاع عن تلك الفتاة التي قابلاها أمام مقر عملها, لكنه كالعادة لم يعلق..

دلف إلى المطبخ, يعبث بالأواني, يتناول بعض الطعام, دون أن يضعه بأحد الأطباق, ويعلم كم تبغض والدته تلك الحركة, لكنها عادة لا يستطيع أن يتوقف عنها..

يشعر معها بالتلذذ بالطعام..

وصوت والدته المتسائل بإنهاك يصله:" ها يا ياسين إيه رأيك؟.."

_في إيه يا ماما بالظبط؟..

وسؤاله ماكر ببراءة خادعة, جعلها تهتف من خلفه بحدة:" هو أنا بكلم نفسي من الصبح.. رأيك بدلال؟.."

التفت إليها برأسه ينظر من فوق كتفه, مرددًا:" دلال.. هو اسمها كده!.. طيب.."

_ها إيه رأيك فيها؟..

_تحفة يا أمي تسلم إيدك..

عبست بحيرة, تتساءل:" هو إيه اللي تحفة يا بني.. يعني العروسة عجبتك!.."

التفت هذه المرة بجسده, يبتسم بسماجة, يرفع يده بما فيها, يقول ببرود:" أنا أقصد البوفتيك.. والمحشي.. بصراحة إنتِ أستاذة فيهم.."

[pretty dede]

انتهى الفصل الثاني من نوفيلا مزاج شرقي
قراءة ممتعة

[pretty dede]

أدوات الموضوالذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 1 والزوار 2) ‏pretty dede