آخر 10 مشاركات
أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عِـشـقٌ في حَضرَةِ الـكِـبريآء *مميزة مكتملة* (الكاتـب : ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          117 - توأم التنين _ فيوليت وينسبير ج2 شهر عسل مر ((حصرياً)) -(كتابة /كاملة بالرابط) (الكاتـب : SHELL - )           »          وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-08-09, 11:22 PM   #21

الراااااااااايقة
 
الصورة الرمزية الراااااااااايقة

? العضوٌ??? » 29019
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 732
?  نُقآطِيْ » الراااااااااايقة is on a distinguished road
افتراضي




الراااااااااايقة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-09, 07:09 PM   #22

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

وساءلت نفسها , أتراها كانت تحاول أقناع نفسها؟ أضطرت ترودي الى الضحك قائلة:
" وعد؟ أتصدقين حقا أنه سيحافظ على وعده؟".
قالت هيلين:
" أظن أنه موضع ثقة".
وطاف بوجه صديقتها ظل من الرثاء ... ثم قالت:
" ما أقل ما تعرفين , ولو كنت مكانك ما أتكلت كثيرا على وعد كهذا , هؤلاء الرجال الشرقيون على حالهم... أو كما يجعلهم المناخ... أنا متزوجة من أحدهم, وأعرف ... يؤسفني أن أبدد أوهامك , لكنك ترتكبين أكبر أخطاء عمرك أذا ظننت أنك ستبقين زوجك بعيدا ألى ما لا نهاية , ما هكذا خلق الرجال , كما أن هذا ليس طبيعيا لك أو له , كلا يا هيلين , صدقيني – عندما يقرر ليون أن ينتهك هذا الوعد فسينتكهه بدون أي وخز من ضمير".
" ولكن مشاعري ... يجب أن يراعيها".
" كلا يا هيلين , وحق السماء! أنك لست ساذجة , وعندما يؤاتيه المزاج ل..... ل...".
وسكتت وهي تهز كتفيها في ضيق , ولكنها أسترسلت بعد لحظة:
" عندما يحين الوقت , لم يتذكر أنه أعطى وعدا , فيجب أن تعدي نفسك".
ودهشت هيلين أذ وجدت نفسها ترتعد , وقالت في يأس:
" ليون له ملاهيه , ولن يرغبني أبدا".
قالت ترودي ضاحكة :
" ليس لديك دليل حقيقي على أن له ملاهيه ... كما تسمينها , في أية حال , من الأنسب أن يجد ما يريده في متناول يديه وقد لا يشعر دائما برغبة في الخروج".
أشتد تدافع الدم الى وجه هيلين, وقالت:
"أرجوك يا ترودي! أرى أن نغير الموضوع".
وهذا ما فعلتاه , وأنقضت بقية اليوم عل نحو هاديء , وبعد تناول الغداء في الشرفة , ذهبتا الى المدينة.
قالت ترودي وهي توقف سيارتها في شارع جانبي:
" كثير من المتاجر تغلق أبوابها من الساعة الواحدة والنصف الى الثالثة ولكن بعضها تسمر مفتوحة , وسوف نشتري ما نريد...".
أشترت هيلين جوارب الطفلين فقط , بينما أهتمت ترودي بشراء الأغذية , وعندما فرغتا من التسوق , ذهبتا الى مقهى طلبا للمرطبات , وأرتفعت عشرات العيون عن ورق اللعب والنرد لتتأمل الفتاتين بأهتمام , فقالت هيلين:
" أكره هذه المقاهي , لماذا يحملقون هكذا , حتى ليظن أي شخص أنهم لم يروا نساء في حياتهم؟".
فتلفتت ترودي حولها قائلة:
" هل لأن نساءهم لا يرتدن هذه الأماكن , توقعت أن يكونوا ألفوا مجيئنا نحن الأجنبيات , فما أكثرنا هنا , تعالي لنخرج!".
جلستا في الشرفة تتسليان بأحتساء الأوزو وتناول مازة من الزيتون والخيار ومكعبات صغيرة من الكبد والجبن , تذكرت هيلين عناءها الأول في تعود الأطعمة المحلية , وسألتها ترودي في سياق الحديث:
" هل ذهبت الى ماري مونتي ؟".
ألتمعت عينا هيلين وقالت:
" كلا , ولكن روبرت دعاني للذهاب الى هناك معه".
فتساءلت ترودي في فضول :
" روبرت؟ آه ... الشاب الأنكليزي الذي قابلته على السفينة , هل يذهب الى هناك ؟ أنهم يعدون مآكل مدهشة ... من أحسن ما تناولت , هل ستذهبين مع روبرت؟".
" ربما .. في أحدى الأمسيات , فالوحدة تقسو أحيانا , بعد أن أسلم الطفلين للفراش".
فسألتها ترودي :
" هل تستطيعين أن تتركيهما ؟".
أجابت هيلين:
" ستمكث آراتيه معهما".
" أتقولين أن ليون يكون خارج البيت دائما؟".
" ليس دائما , ولكنه يخرج في معظم الأمسيات ".
قالت ترودي :
" سيكون عليك أن تتأنقي قليلا , أذا خرجت مع هذا الروبرت ".
أومأت عيناها بلا أهتمام , فهزت هيلين كتفيها وقالت غير مكترثة :
" ليس لدي ما أتأنق به , لذلك ربما لا أذهب معه".
كان قد بقي – حين عادتا الى المسكن – نصف ساعة قبل مجيء ثيو ليقل هيلين , فأخذتها ترودي الى مخدعا لتريها بعض ثياب جديدة أبتاعتها في زيارتها الأخيرة لمصر , وقالت وهي تخرج بعض الفساتين والتايورات:
" ما زلت أظن أن الملابس الأنكليزية أفضل ما رأيت , ولكن ما رأيك في هذه؟".
وتأملت هيلين الثياب في تقدير , مشيدة بحسن ذوق ترودي.
قالت ترودي معترفة:
" لكنني أخطأت في هذا".
وقدمت ثوبا من التيل الأزرق , كان قصير جدا , فتحة العنق واسعة , وأسترسلت قائلة:
" أنه لا يناسبني أطلاقا , رأيته في نافذة المتجر , وأدركت أنه مقاسي فأشتريته بدون أن أجربه , تاسوس يكرهه".
فقالت هيلين محتجة وهي تتناوله:
" لكنه جميل , أنا متأكدة أنه يناسبك".
ونشرته على جسم ترودي , ثم أضطرت لأن تعترف بأن صديقتها على حق وقالت:
" أنه اللون ... درجة الزرقة تناسبك".
قالت ترودي:
" أنه أقرب الى اللون الملائم لك جربيه؟".
وفهلت هيلين , وسارت بحركة تلقائية الى المرآة , لا شك في ذلك , فقد تغير مظهرها بأكمله , وقالت وهي تضع الثوب على السرير:
" نعم , أنه لوني".
فقالت ترودي :
" بوسعك أن تأخذيه , فهو لا يصلح لي".
" هذا كرم منك يا ترودي , ولكني لا أحلم بأخذه وهو جديد تماما".
تناولته ترودي وعادت تقيسه على هيلين قائلة:
" ما كنت لأقدمه لك لو لم يكن كذلك , أنه يناسبك- يجب أن تأخذيه".
فهزت هيلين رأسها ولكن بضعف , كان الثوب بسيطا , ولكنه حسن الصنع , وأضفى عليها جمالا بالتأكيد , وشرعت تقول:
" لا توجد مناسبة لأرتديه ".
وأسرعت ترودي معترضة:
" تستطيعين أرتداءه في أي وقت ... ما رأيك في أرتدائه حين تخرجين مع صديقك روبرت الى ماريه مونت؟".
قالت:
" الواقع .... أنني لم أقرر نهائيا الذهاب".
كانت تقف على درجات السلم , متأبطة صندوق الثوب , حين جاء ثيو بالسيارة ... وقالت ترودي:
" سأراك الأسبوع القادم , أرجو أن تأتي!".
فقالت هيلين:
"نعم , سآتي , وأشكرك على الثوب , ليتك تدعيني أدفع ثمنه".
" أرجوك , لا تعودي لهذا الجدل ثانية".
فضحكتهيلين ... وما هي الا لحظة , حتى كانت تلوح بيدها لصديقتها من السيارة , وصاحت ترودي:
" مع السلامة".
ثم أردفت بلهجة غامضة غريبة:
" وأتمنى لك أحسن الحظ!".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-09, 07:33 PM   #23

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

4- المرأة الأخرى
الهواء مفعم بعبير زهر البرتقال, وأمتدت أشعة الغروب الذهبية الى مرتفعات جبال كيرينيا الوعرة فتوهجت بجمرات النار المحتضرة , والسحب البنفسجية تمخر عباب السماء فوق البحر الشاسع , سرعان ما سقطت الشمس وأقبل الظلام وبدأ ضياء القمر يلمس المويجات الصغيرة , فيحيطها , بتألق فضي.
وقف ليون مستندا الى مدخل الشرفة يسرح البصر في البحر , وألقى برأسه الأسمر الى الوراء , لحقت به هيلين , بعدما أسلمت الطفلين للفراش , فتزحزح جانبا , وبرغم الظلال التي تكسو وجهه , أحست هيلين أنه يبتسم حين مرت خارجة الى الشرفة , وجلسا برهة , ثم مد ليون يده فأنار المكان وسألها:
" ماذا تشربين ؟".
فقالت:
" لا شيء , شكرا".
لكنه دخل البيت , وعاد بأبريق بلوري وكوبين , ولم تجادل هيلين حين ناولها كوبا , ولكنها سألته وهو يجلس:
" ألن تخرج؟".
قل وهو يحدق في عينيها فتتسارع خفقات قلبها:
" لن أخرج الليلة , لماذا؟".
لم يخرج في المساء لمدة أسبوع تقريبا , وأدركت سر أضطراب قلبها , ولماذا كان بداخلها خوف ما , فمنذ أكدت لها ترودي أن ليون سوف ينكث بوعده , أخذت تراقبه وهي تحاول أن تسبر غور كل نظرة , وتأمل في نهاية كل نهار أن يخرج.
تمتمت ملاطفة بدون أن تقصد:
" أنها أمسية جميلة , من الحرام تمضيتها في البيت".
فقال:
" نحن لسنا في البيت".
" ولكنك كنت في المكتب طيلة النهار".
" أجل , وكان الجو حارا رطبا , أذ أختل جهاز التكييف ... أفرغي من شرابك وسنخرج لنتمشى".
كانت الكوب تمس شفتيها , وأذا جسمها يرتعد فجأة – لم يكن هذا ما أرادت ... فعادت تقول:
" أكيد أنك تفضل أن تكون خارج البيت مع ... مع أصدقائك".
فقال:
"لو صح هذا ما كنت هنا".
فزادت كلماته من أضطرابها , وتعجلت أفراغ كوبها , وشعرت برأسها يدور , وبحركة تلقائية , رفعت يدها اليه قائلة:
"أن بي صداعا".
فقال :
" أنا آسف".
كانت لهجته هادئة في مجاملتها , ولكن نبرة قلق داخلتها , ونهض من مقعده قائلا:
" الهواء المنعش سيشفيك , سأخبرك ماذا نفعل, سننطلق في السيارة حتى الشاطىء , ثم نتمشى هناك , وسرعان ما سيزيل النسيم صداعك".
قالت :
" الطفلان ... لا أستطيع تركهما".
فقال:
"سأطلب الى آراتيه أن تمكث حتى نعود".
قالت في ألحاح قانط:
" يحسن أن ألجأ للفراش".
كلا لم تكن تريد أن تذهب للفراش , فأستدركت :
" لعلك على صواب , وأن هواء البحر سيفيدني".
فسألها وهو يتفرس في وجهها الشاحب:
" هل أنت بخير؟ هل تشعرين بشيء غير الصداع؟".
أصطنعت هيلين أبتسامة ونهضت , فأقتربت منه ثم أبتعدت بسرعة قائلة:
"كلا , لا سوء بي يا ليون , أما رأسي .... فأظنني شربت بسرعة ".
قال:
"فعلا , ولست متعودة , كان عليك أن تحترسي".
وما أن أستقرا في السيارة , حتى شعرت هيلين بمزيد من الطمأنينة لحظة على الأقل!.
أوقف ليون السيارة على جانب الطريق , وتركها غير موصدة لأبواب, فقالت وهما يسيران الى الشاطىء:
" أتراها ستكون في أمان؟".
فأجاب بهدوء:
" الناس هنا لا يسرقون ... ولا أعرف أن أحدا يمر من هنا , في أية حال".
وكان على حق , لم يكن على الشاطىء سواهما...
القمر بزغ من وراء السحب , فأرسل خيوطه الفضية عبر البحر , لم يكن هناك صوت , ولا وسوسة الأمواج وهي تترامى الى الشاطىء , لم تر هيلين بحرا بهدوء البحر الأبيض المتوسط , ونسيت مخاوفها وهما يتمشيان وليون يتكلم من آن لآخر بصوت خافت , وكثيرا ما يخلد للصمت , فوجدت هيلين نفسها تهمس:
"يا للسكينة!".
كانت أنكلترا بعيدة جدا , فبدت مأساة حياتها غير واقعية , لو أستطاعت أن تبقي زوجها على مسافة منها , لظلت حياتها سهلة يسيرة ناعمة , من المؤكد أنه ما كلن يجدها جذابة , ولكن عينيه عادتا تحدجانها في اللحظة نفسها , فتطلعت على مضض تقابل نظراته , وسألها:
"هل تحسن رأسك الآن؟".
قالت:
" نعم يا ليون , شكرا".
كانت كلماتها متكلفة , وبدأت تشعر بحرج في حضوره , وأسفت لأنسياقها لذلك الحديث مع ترودي , فكانت مخاوفها- حتى ذلك الحين- مجرد همسات يسهل عليها أستبعادها , أما الآن, فقد أصبحت تلح عليها , وتساءلت : كم سينقضي قبل أن تعود ثقتها في وعد ليون؟ على أنها- في هذه اللحظة – عرفت الطمأنينة وتحرر ذهنها من الخوف , كان السير على الشاطىء الساكن متعة , حتى مع ليون ... طالما يلزم الصمت , ما كانت شواغلها تعاودها الا حين يتكلم , فلم تكن تدري ما سيقوله بصوته الخافت ونبرة القلق التي تشوبه.
قال:
"هناك مقعد على مسافة , نستطيع أن نجلس أذا شئت".
وما لبثا أن بلغاه, وفوجئت بأحدى التصرفات البسيطة التي تدهشها عندما أخرج منديله ونفض الغبار عن المكان حيث ستجلس , وما من شك أن الحفاوة والمجاملة فن لدى القبارصة , ووجدت هيلين في هذا ما يشرح الصدر . فلم تتعرف الى مثل هذه الرعاية من غريغوري أبدا , لذلك أبتسمت لتصرف ليون وشكرته في أكبار , وأنساب من وراء الشريط الساحلي الضيق شذى زهور البرتقال, فأخذت هيلين تنهل الهواء.
قال ليون:
" ليتك تشمين العبير حيث البساتين الكبيرة".
ثم جلس على المقعد المجاور لها , وفجأة قال , بما بدا لهيلين أنه دافع وقتي:
" سأذهب الى فاماغوستا الأسبوع القادم , وأمكث يومين تقريبا , فستجري تعديلات رئيسية أريد أن أشرف عليها , هل تحبين المجىء معي؟".
هتفت:
" أنا؟".
كان روبرت وكثيرون غيره حدثوها عن وقت اليناع في فاماغوستا , حتى القبارصة كانوا يغمضون أعينهم وهم يصفونه , وتمنت هيلين أن تذهب يوما ... لكن فكرة الذهاب مع ليون لم تخطر لها مطلقا لذلك أردفت:
" لست أدري".
وتوقعت أنهما سيزلان في فندق, فأسترسلت:
" لا يمكن ترك الطفلين .. آراتيه تحب أن تنام في بيتها , هكذا أخبرتني مرارا".
فقال مبتسما:
" هذا من أجل زوجها , يستطيع أن يمكث في بيتنا أثناء غيابنا , سيرضي هذا آراتيه , كلا , لا ينبغي أن تقلقي على الطفلين .... لن يتأثرا بغيابنا يومين كما أنني أشعر أنك بحاجة للترويح , كنت قلقا عليك في الفترة الأخيرة".
أتجهت عيناها اليه.. أذن فقد لاحظ , ولكنه لم يدرك الحقيقة , كان مهتما بها , فرأى أن الترويح يفيدها لكنها تذكرت الجانب الآخر من طبيعته , تذكرت أقتناعها السابق أنه يستطيع أن يكون قاسيا.
أنبعث صوته خفيفا ولكنه ملح:
" مما تخافين يا هيلين؟".
وعجبت أيكون أحس بأرتباكها وهو ينتظر أجابتها ؟ وأرتجفت , ثم أغتصبت ضحكة مرتعشة , وقالت:
" خائفة ؟ ما الذي أخافني؟".
فرد برفق:
" هذا ما أسألك عنه , ولا تجيبين".
هزت رأسها , وسرحت ببصرها في البحر تفكر في جواب مقنع ... فلو أنه أدرك الحقيقة...
قالت كاذبة متحاشية عينيه:
" لست خائفة من شيء ".
فقال بهدوئه:
" أذن , لا يوجد ما يبرر عدم صحبتي الى فاماغوستا , سأعطيك بعض النقود لتشتري لنفسك ثيابا".
فهتفت قبل أن تفكر:
"آه , كلا".
ثم أردفت بمزيد من الهدوء:
" لديّ الكثير يا ليون".
فتساءل:
" ما لديك أذن فلا بد أنها متروكة في خزانتك".
أذهلها رده , ثم تذكرت أنه زوجها رغم كل شيء ... من الغريب أنها لم تفكر في نفسها أبدا كزوجة ولذلك لم تكن مستعدة لأن يكلمها على هذا النحو الطبيعي في الظروف العادية , وقالت:
" الثياب الداكنة أكثر ملائمة لمن لديها أطفال تعنى بهم".
قالت ذلك وهي تحاول أن تجد ردا مقنعا.
أرتفع حاجباه قليلا وهو يقول:
" هذه فكرة عفا عليها الزمن!".
أجابته:
" أنني أفضل الثياب الداكنة".
توارى القمر وراء السحب العابرة , لكنها أحست بوجهه يتخذ المظهر الخشن , كما تغير صوته وهو يقول :
"أنا أفضل الثياب الزاهية , سأرى ما عندك , فأذا لم يرق تشترين ثياب جميلة يا هيلين, ألوانها تتماشى مع عينيك وتلقي ظلا عل خديك الشاحبين".
وأخذ قلبها يخفق بشدة , لكن نبرة مبحوحة سرت الى صوته , وأرتجفت وهي تقول لنفسها : لا يمكن أن أكون جذابة له, لكن هذا اليقين خالطه العلم بأن النساء سواء لدى أولئك الشرقيين المشبوبي الرغبة , فقالت محتجة:
" طبعا , يحق لي أرتداء ما أحب!".
قال :
" بل ترتدين ما يسر زوجك".
وسكت عندما أحس بضيقها , وسرت في صوته رنة تلطف وهو يضيف:
" سآخذك الى فندق الملك جورج- وهو خير ما في فاغاموستا – وأود أن أفخر بك – سنلتقي ببعض زملاء عمل لي".
أذن كان هذا هو السبب! وأسترخى جسمها , وندت زفرة أرتياح ولامت نفسها على مخاوفها , فما كان في نبرات صوته الرقيقة ما ينم عن رغبة- ما أغباها! وكل هذا لأنها أخذت كلمات ترودي بجدية بالغة وبدأ ذهنها يميل لفكرة قضاء أيام قلائل في فاماغوستا , على سبيل التغيير – كما قال ليون .
بالرغم من تعلقها بالطفلين كانا مسؤولية ثقيلة وكانا يفيضان في بعض الأوقات , وجهد العناية بهما تغيير كامل عن الحياة التي تعودتها , وغالبا ما شعرت بأرهاق ولعل هذا زاد أهمالها بمظهرها – قالت:
" متى سيكون سفرنا؟".
وأدهشها أنها تنتظر أجابة بلهفة – فقال:
"" حوالي نها ية الأسبوع المقبل ... ربما يوم الجمعة , لنعود يوم الأحد أو الأثنين , حسب تقدم العمل".
فتمتمت في قلق:
" أتظن أن تشيبي وفيونا سيكونان بخير ؟ لن يرتاحا لفكرة غيابنا عن البيت".
" بالتأكيد سيكونان بخير , لن يحدث شيء مع آراتيه ونيكوس, أما من حيث عدم أرتياحهما لغيابنا , فيجب أن يتعوداه , أذ قد أصطحبك مرة أخرى الى بافوس , فأنني أتدبر شراء أرض هناك".
قالت مقترحة :
" يمكننا أن نصطحبهما معنا".
كانت تدرك أن الطفلين سيحبان ذلك , ولدهشتها قال موافقا:
" سنفعل يوما... سوف نحظى – في وقت لاحق- بعطلة للترويح كأسرة".
أكفهر وجه هيلين للحظة عابرة .. كانت كلما رأت أسرة تتنزه , أو تقضي عطلتها , أو حتى تتسوق , شعرت بالفراغ الفظيع الذي عانت منه بعدما فقدت زوجها , وأبنها, لذلك , تحمست لفكرة ليون , وقالت وهي غير واعيى للضراعة في صوتها:
" ألا نستطيع أخذهما هذه المرة؟".
ولكن ليون قال بحزم قاطع:
" ليس في هذه المرة يا عزيزتي , فهذه الرحلة تغيير لرتابة حياتك كما قلت , ولن يكون ثمة تغيير ولا راحة أذا أصطحبنا هذين الوغدين".
ولم تجادل أذ كانت تعرف هذه اللهجة , وأرتاحت في مقعدها تسرح بصرها في البحر , شذى الزهور البرية ينساب على أنسام الجبل, ليمتزج بعبير زهور البرتقال القوي – وتمتمت:
" لا وقت كالربيع!".
فقال ليون:
" له بهجة خاصة , لكنه لسوء الحظ قصير جدا , بينما الصيف طويل أما شتاؤنا – أذا جاز تسميته كذلك , فهو محدود كما تعرفين".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-08-09, 09:15 AM   #24

غداف
 
الصورة الرمزية غداف

? العضوٌ??? » 40119
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,240
?  نُقآطِيْ » غداف is on a distinguished road
افتراضي

مشكوره وياليت تكمليها

غداف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-08-09, 12:11 PM   #25

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

في أقل من أربعة أشهر رأت تعاقب الخريف والشتاء , وها هو ذا الربيع , وستكون بقية العام صيفا بشمس متألقة وسماء صاحية.
بدأت نسمة باردة تهب من البحر , فألتفت ليون متسائلا :
" أنعود للسيارة؟".
كان الوقت مبكرا بعد , وبرغم زهد هيلين السابق في الخروج , لم تعد ترغب في تعجيل العودة ... وألتفت اليه مبتسمة وقالت:
" هل نستطيع البقاء فترة أخرى؟".
فقال:
" ما لم تكوني تشعرين ببرد".
ثم أردف بحزم فجائي:
"كلا ... أنك تتعرضين للبرد , هيا , لنتخذ طريقنا عائدين للسيارة".
لكن في طريق العودة , جنح بالسيارة الى مقهى أبيض غير مرتفع تألقت فيه أضواء ملونة , وشرفته الطويلة الواسعة تقابل البحر , وكان بعض الأنكليز يجلسون الى المائدة التي قادها اليها , وسرعان ما أبتسموا مرحبين وتحرك شاب بخفة ليحضر مقعدين .
" ما أطيب أن نرك يا ليون , أستنتجنا جميعا أنك في سبات منذ زواجك".
كان المتكلم شديد السمرة , ملتحيا , وأدركت هيلين- حتى قبل أن يخبرها ليون – أنه فنان ... فقد قال ليون وهو يضحك :
" لم يلق تكريما بعد , ولكنه سيحظى به... فهو موفق , وسوف يضع أسم لابيتوس على الخريطة يوما".
فصاح شاب آخر في أستياء :
" أن أسم لابيتوس على الخريطة ".
وتحول الى هيلين قائلا:
" لدينا هنا مجموعة صغيرة لطيفة من الفنانين , من المحتمل أنك تعرفين؟".
فأبتسمت هيلين وقالت:
" سمعت بهم ... قابلت أحدهم على السفينة عند قدومي".
" أجل , روبرت ! أنه كثيرا ما يتكلم عنك , أنه موفق الآن , وصوره في كل المتاجر الهدايا بالجزيرة , نعم , أنه والله ذكرك .. ويكن لك أعجابا كبيرا".
شاعت في وجه هيلين أبتسامة سعيدة , وتحولت تلقائيا نحو زوجها فأذا الأبتسامة على شفتيها , ترى ما الذي فعلته , كان وجهه مكفهرا ومتجهما , وأسرعت تشيح بصرها , بينما أحضر الساقي المبتسم الشراب ورفعت رأسها بتعاسة , وقد حيرها مسلك زوجها , ورد فعلها أزاءه , غضب وتجهم كثيرا في الماضي , فلماذا تأخذ ما طرأ عليه جديا هذه المرة؟ وسرعان ما أقبل آخرون , وحصل التعارف , وسيطر المرح على الجميع . وكانت النسوة يرشقن هيلين بنظرات جانبية , فأدركت أنهن يعجبن بما أعجب ليون بيترو – ومما زاد حيرتها أنه مشهور بكراهية النساء , لكنه أذا أحب أن يقع في غرام أمرأة فاتنة لا يقوى على مقاومتها ... كانت هيلين تقرأ أفكارهن بدون عناء , ثم فاجأت عيني زوجها ترمقانها بأنتقاد , فخيل أليها أنه يخجل من عدم أهتمامها بأناقتها , لماذا أحضرها لتلتقي بأصدقائه؟ ولمحته يبتسم فجأة , فأذا قلبها- بلا مبرر تعرفه- يقفز منتعشا , وعادت طيلة الساعة التالية مغتبطة كأي شخص ممن حولها , وقد نسيت مظهرها وأخذت تحادث فيل عن أعماله الفنية.
قال بعدما أخبرها عن أعمال روبرت:
" يقول روبرت أنك ترسمين؟".
قالت وهي تتورد عندما سكت كل الحاضرين متشوقين:
" رسومي ليست جيدة , فلم ألتحق بمدرسة للفن , ولا تلقيت أية أرشادات".
قال جيري مؤكدا :
" الفنان الصادق يرسم بوحي من قلبه".
هو الآخر يقيم في لابيتوس ويعمل في نيقوسيا , وأقامته في الجزيرة مهددة , أذ كان على مخدومه أن يطلب ترخيصا له بالعمل كل ستة أشهر , وكان موقنا بأن طلبه سيرفض ذات يوم , وعاد يقول:
" لا بد أن ترينا أنتاجك يا هيلين , فكل منا يهتم بالآخر هنا".
قال ليون رافعا كوبه الى شفتيه :
" أنا لم أر شيئا منه بعد , أظن زوجتي فنانة خجول ".
فقالت بضحكة صغيرة:
" لم أرسم شيئا منذ مجيئي , لم تسنح لي الظروف".
فهز فيل أصبعه لها محذرا , وهو يقول:
" هل يشغلك طيلة الوقت؟ هؤلاء القبارصة ممتازون في أستبقاء زوجاتهم تحت...".
وأدار أصبعه نحو الأرض , ففتح ليون فمه ليحتج , ثم رأى أن يضحك وأسترسل فيل :
"لا تخدعي يا هيلين , فزوجك يختلف تماما عنا معشر المعوزين , يستطيع أن يحيطك بدستة من الخدم أذا شاء".
وعقبت هيلين:
" ولكنني لن أجد ما أفعله عندئذ ولن ألبث أن أضجر ".
ولمحت أسارير أحدى النساء , فقرأت أفكارها مرة أخرى :
" أتضجرين ؟ ومعك زوج مثل ليون؟".
وتناولت كوبها تتأمله وهي تتبين بصر المرأة مثبتا على وجه ليون الأسمر , كانت المرأة تغبطها , فمن تكون؟ أحست هيلين- وهي تتعرف عليها – ببغضاء خفية تتوارى تحت أبتسامتها , ولكنها أستبعدت الفكرة حتى عندما فوجئت بنذير سوء ينبعث من عينيها , أما الآن , فمن تكون؟ وأخلدت للصمت تصغي محاولة أن تعرف شيئا عنها , وكان كل ما أستخلصت أن المرأة سمسارة **** في نيقوسيا , على أنها – في وقت لاحق- علمت مزيدا , فأكتشفت سر عداوة بولا الظاهرة لها.
أنفض القوم , وبدأت السيارة تنطلق , وذهب ليون الى سيارته , متوقعا أن تتبعه هيلين , لكن بولا هي التي تبعته , بينما تلكأت هيلين على الدرجات , تراقبهما لعلهما كانا يتكلمان في الأعمال , لكن فيل جذب كمه قائلا:
" ربما لا يكون من اللياقة أن أقول , لا تطمئني الى هذه.... كانت وليون ... لنقل صديقين على الأقل , وبرغم كل الشائعات أنه لا يفكر في الزواج , كانت تأمل في أن تصبح يوما السيدة بيترو , ولا داعي لوصف شعورها حين سمعت أنه تزوج سواها ".
وترك كمها – أذ ألتفت ليون متوقعا أن يراها قريبة منه- ثم أردف :
"أعرف أن هذا لا يعنيني , وأنك ربما تظنينني أتكلم فيما لا يخصني , لكنك لطيفة , وهي أمرأة معدومة الضمير , وأن كانت ذات جاذبية للرجال ....أعني بعض الرجال ".
ودفعها لتواصل الهبوط , وهو يقول:
" يحسن أن تنطلقي , فليون ينتظر , ولكن .... أحذري بولا ماكسويل !".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-08-09, 12:12 PM   #26

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

أجل أضفى عليها الثوب جمالا , وأبتعدت هيلين عن المرآة , لتتملى شكلها , كانت ذراعاها عاريتين , وكشف صدر الثوب عن نحرها الجميل ولمع شعرها الأشقر متهدلا فوق كتفيها في موجات غير مكتملة , لكن الثوب كان قصيرا , فظهر حسن قوامها , وكان حذاؤها من الجلد الأزرق اللين مثبتا بحزام مزخرف داكن اللون , ووضعت هيلين شالها على كتفيها , ثم تناولت حقيبتها المسائية , وخرجت وأخذت تهبط التل نحو القرية , ولم تبتعد كثيرا قبل أن تقف الى جوارها سيارة روبرت.
قال روبرت:
" في الموعد تماما ... ألست بنتا شاطرة؟".
فسألته وهي تستريح في جلستها :
" كم يبعد هذا المكان ؟".
قال وهو يتجاوز أنحناء الطريق , ويزيد السرعة :
" ليس بعيدا جدا , ألم تذهبي اليه بعد ؟ كنت أظن أن ليون أصطحبك الى ماريه مونت , فكل شخص يذهب الى هناك . كل الأنكليز يجتمعون هناك , وفي أماكن أخرى طبعا , لكن هذا المكان بالذات مفضل للأنكليز , وفي يوم السبت سهرة عظيمة , لكم يسرني أنك أستطعت المجيء".
قالت ورنة قلق تسري بدون قصد الى صوتها:
" يجب أن نعود في الساعة الحادية عشرة على الأكثر , سيعود ليون حوالي الحادية عشرة والنصف".
فقال:
"سنعود , فلا تخافي ".
وصممت لحظة في فضول:
" ما الذي جعلك تتصلين بي هاتفيا ؟ تصورت أنك لا تريدين أية علاقة بي, بعدما رفضت دعوتي لأقلك الى المدينة ذلك الأسبوع".
أمتقع وجهها وقالت:
" أوضحت لك أن ليون لم يرتح للفكرة".
فعاد يسأل:
" والآن ؟... لماذا أتصلت بي؟".
كانا منطلقين على طريق الشاطىء , والبحر يلتمع تحت ضوء القمر , وتذكرت هيلين تلك الأمسية حين جلست مع ليون على مقعد هناك, ثم أصطحبها الى المقهى ... وألتقت ببولا مكسويل , وفي اليوم التالي زارت هيلين ترودي وخرجتا معا لتشتري هيلين ثيابا لرحلة فاماغوستا , وأستقلتا الحافلة , ثم سارتا قليلا وأثناء مرورهما بالهيلتون , أبصرت هيلين بولا في سيارة ليون وهي تتجه الى الفناء الخارجي , ثم دخلت بولا وليون الفندق , لعلهما جاءا للغداء , وكان رد الفعل المباشر لوخزة الألم أن تساءلت هيلين: " لماذا تهتم؟ ألم تكن تعرف أن لزوجها علاقات بنساء؟ أليس هذا هو ما أرادته؟ أن يرضي نفسه لئلا يطالبها بشيء؟".
ولكن الأمر كان مختلفا والنسوة مجهولات لها , أما أن تلتقي بأحداهن , ثم تراها مع ليون , ولم تستطع أن تشهق خشية أن تسألها ترودي , ظلت طيلة الأصيل تشعر بتعاسة لم يكن لها مبرر, حتى أذا وافاها زوجها في النهاية ليصحبها , أضطرت لأغتصاب الأبتسام وتجاهل أن بولا كانت – قبل ساعات قليلة – في السيارة , تجلس في المقعد نفسه.
وتساءلت :" بأي حق أعترض؟ لكنها لم تكن تعترض , فما كانت تعبأ .
قالت أخيرا , تجيب عن تساؤل روبرت:
" أنما شعرت برغبة في أمسية خارج الدار , فالجلوس فيها وحيدة يثير الملل ".
قال:
" ألا يمكث ليون في البيت أبدا؟".
وبدون أن يمهلها لتجيب , أردف:
" هذا عيب الرجال هنا, كلهم يخرجون – كل مساء – ليجلسوا في المقاهي يتحدثون مع أصدقائهم الرجال , جو الأسرة المعهود في أنكلترا شيء لن تعرفيه هنا , ولكن , هكذا أنتن يا نساء , تقعن في هوى الرجل الأسمر المغازل – لماذا يا ألهي , لماذا ولدت بشعر كهذا؟".
وأضطرت هيلين للضحك , وظلت تضحك طيلة الأمسية , متظاهرة بالمرح , كان في دخيلتها فراغ غريب , عرفته فيما مضى , ولكنها شعرت به لأول مرة منذ مجيئها الى قبرص.
سرها أن حان الوقت للأنصراف , وتمنت- وهما يمضيان في الطريق- لو أنها لم تأت , وفي منتصف الطريق تقريبا , شعرت برجة , وهتف روبرت:
" يا للعنة! شيء خرق أطار عجلة".
أضطرب قلبها وقالت:
" هل يستغرق أصلاحها طويلا؟".
فقال :
" لا أصلحها , بل أبدل الأطار".
خرجا وفحصا الأطار , روبرت بصبر نافذ وهيلين بجزع – لو وصل ليون الى البيت قبلها .... لماذا تخاف؟ ... وآراتيه مع الطفلين , كان العمل في الظلام مربكا , وروبرت يلقى عناء كبيرا , فراح يسب من آن لآخر وهيلين تقف بأعصاب متوترة وخفقات قلبها تزداد كلما مرت لحظة , ونظرت في ساعى السيارة , فأذا بها تشير للحادية عشر وخمس وعشرين دقيقة .
قالت والسيارة تتسلق الدرب الصخري المؤدي الى البيت أخيرا:
" سأهبط هنا , قف يا روبرت".
فقال:
" لن أتركك هنا في الظلام , في هذا الوقت من الليل ... الآن حدث الضرر , وأذا قدر أن ينشب شجار , فسيحدث سواء نقلتك حتى البيت أو لم أنقلك , وأن كنت لا أعتقد أن من حقه أن يشكو, ما دام يسهر خارج البيت دائما".
ومضى بها- برغم رجائها الملح- حتى باب البيت , فأذا ليون يقف على قمة الدرجات , ووجهه – برغم العتمة- يحمل تعبيرا قاتلا.
قال روبرت وقد بدأت تصعد الدرجات:
" طابت ليلتك يا هيلين".
وألتفتت لترد التحية , فأذا صوتها مختنق حتى شعرت أنه لا يمكن أن يكون سمعها , وأفسح لها ليون لتمر , بدون كلمة, حتى أذا صارا في البهو , ألتفتت وفتحت فمها لتوضح ما جرى لعجلة السيارة , ولكن الكلمات أنحشرت في حلقها لفرط الخوف , لماذا تخاف هكذا؟ وبأي حق وقف يرمقها وقد بدا متأهبا لأن يقتلها , تكلم بصوت خافت , فسألها أين كانت....
قالت:
" لقد ذهبنا الى ... الى ماريه مونت ... وعطبت أحدى العجلات...".
وأفلت الدثار من أصابعها المرتجفة فسقط , ووقفت وهي ترتدي الثوب الذي أعطتها أياه ترودي , وهم ليون أن يعلق على أيضاحها لكنه سكت وعيناه الحادتان تلمان بها , وتتأملان بدقة ذراعيها العاريتين , نحرها المكشوف , شعرها الذهبي الفاتن الذي أفلت بفعل الريح أثناء أنتظارها في الطريق , كانت وجنتاها عابقتين وشفتاها منفرجتين في قوس ناعم رقيق , وهبطت نظراته الى ذيل ثوبها وتوقفتا , فلما رفعهما أخيرا الى وجهها ثانية , كان في أغوارهما القاتمة شيء أفزعها أكثر مما أفزعتها أساريره القاتلة حين غادرت السيارة , وحاولت أن تتخلص من الخوف الذي سد حلقها , وأن تتكلم, لكنها- بدلا من ذلك – أنحنت فألتقطت دثارها , لكنه أخذه وطوح به الى مقعد , وشهقت متلفتة حولها وكأنها تبحث عن مهرب , هامسة:
" يا ألهي , أنه ليس في طور أنساني".
وهتفت بصوت مختنق , وهي تساءل نفسها أكان الذعر في عينيها ظاهرا كما كان في صوتها :
" ليون , أن .... أن لي الحق في الخروج".
قطع عليها الحديث بصوت ناعم :
" هل تتركين الطفلين وحدهما في البيت؟".
ونسيت ذعرها في لهفتها على الطفلين , وقالت:
" ليسا وحيدين ... قلت لآراتيه .... لا بد أنها مكثت ..".
قال :
" أنصرفت آراتيه في موعدها المعتاد ... وهي تحسبك في البيت".
وبدت نظراتها حائرة وهي تقول:
"سألتها أن تمكث ... ما كنت لأغادرهما وحيدين أبدا وأنك لتعلم".
" الواضح أن آراتيه أساءت فهم ما أبلغتها ... أنك تعرفين جدا صعوبة فهمها للأنكليزية ".
قالت هيلين حائرة :
" بدا أنها فهمت .. كيف علمت بأنصرافها في موعدها المعتاد؟".
قال :
" عدت الى البيت في الساعة التاسعة وكان كوخها مضاء حين مررت به , ورأيتها فيه".
وسكت لحظة ,وأشتبكت نظراتها بنظراته , ثم أستأنف :
" عندما لم أجدك هنا , كان طبيعيا أن أتساءل عما جرى , كان الطفلان مستيقظين ., لكنهما لم يستطيعا أن يخبراني أين كنت ., فذهبت الى آراتيه , ولم تكن لديها هي الأخرى فكرة عن مكانك".
شيء واحد علق في ذهنها: عاد ليون في التاسعة , لماذا عاد مبكرا بعدما أخبرها أنه سيتأخر؟ أعتقدت أنه كان في نيقوسيا يقضي السهرة مع بولا , ولكن هل يحتمل أنه فضّل البيت؟ وبدافع غريزي تقدمت منه , وحدّقت في وجهه بتساؤل وقالت:
" لو عرفت أنك ستعود مبكرا ليون , لما خرجت".
بادر قائلا:
" هذا واضح".
وعادت عيناه تطوفان بقوامها الجميل , ثم عاد الوميض المتأجج الى أعماقهما , وسألها بخشونة:
" كم مرة تفعلين هذا؟".
أسرعت تقول:
" هذه أول مرة".
" لا تكذبي , لا تقفي هكذا وتكذبي عليّ ! كم مرة خرجت مع هذا الرجل؟".
عادت ترتجف , ولكنها جاهدت ليظل صوتها ثابتا , وقالت:
" أنها المرة الأولى , في أية حال من حقي أن أخرج".
قال:
" هل من حقك أن تخرجي مع رجال؟".
وبرغم خوفها , أرتفعت ذقنها بشمم وقالت:
" رجال؟ أنما ذهبت مع روبرت لأن ... لأن ...".
لم تجد كلمات لتخبره بأنها ظنته مع بولا ؟ ولكنها قالت:
" لأن بقائي وحيدة هنا لا يسر ... فأنت تخرج كل مساء تقريبا يا ليون ".
لماذا التذلل؟ لم تخبره بأن من حقها أن تسري عن نفسها ؟ أنها ليست طفلة حتى يسألها عن غدواتها ورواحها , لذلك أردفت:
" سأخرج كلما راق لي , ولا تستطيع أن تمنعني".
رباه ما هذا الذي قالته ؟ لماذا لم تلزم الحذر؟ أنحسر الدم عن وجهها تقريبا , وحاولت أن تهرب أذ تقدم نحوها بخطوة سريعة , ولكن ساقيها خذلتاها , ووجدت نفسها في عناق يهشم القلوع بلا رحمة , وقال:
" هل ستخرجين حين يروق لك , مع الرجال؟ ستتأنقين لأجلهم ؟ وتبدين جذابة , أما لي , فستبدين دائما كعجوز قريوية شمطاء".
"أرجوك يا ليون , أنك لا تفهم , لم أحاول أن أبدو جذابة لأي سبب ألا ...".
" ألا أن توقظي الرغبة في صديقك؟".
كان وجهه قريبا من وجهها , رهيبا كجذوتي النار اللتين تجلتا في عينيه , فلم يداخلها شك في نواياه , وأردف:
" نجحت في أيقاظ الرغبة في زوجك , وستتحملين العواقب".
فناضلت قسوته ولكنها بعد برهة أستلقت مستسلمة تبكي بصوت خافت , وأمسك بها على مسافة منه أخيرا , فلاحظ الدموع على خديها , مفاجأة هجومه والخوف الذي تملكها جعلا كل عصب في جسمها يرتعش , وتذكرت ما قاله من أن القبارصة يهتمون بنسائهم ويعتزون بهن , فتبادرت الدموع الى عينيها ثانية , وحملق فيها والدموع تلمع على أهدابها ثم تنحدر على وجهها , كان لمرآها باكية تأثير عجيب عليه فأذا كل غضب وضراوة يتلاشيان فجأة , ومر بأصبعه على وجنتيها يمحو دموعها بحركة حنون , وهتف:
" لا تبكي يا هيلين!".
كأنه يمحو قسوته منذ لحظة , وأذهلها تصرفه , ولكنه بعث فيها أملا , فلما أفلتها أخيرا , تطلعت اليه وقالت:
" ما أحسبك ... ستخرج عن وعدك يا ليون؟".
سيطر صمت طويل , وأشتد سواد عينيه وقد أستقرتا على وجهها ورأسها على الأرض , فأجاب برفق:
" أنك زوجتي يا هيلين!".
وغشيتها مرارة طاغية , صحيح أن القبرصي لا يستطيع أن يعيش بدون أمرأة ... وأية أمرأة ترضيه.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-08-09, 05:49 PM   #27

غداف
 
الصورة الرمزية غداف

? العضوٌ??? » 40119
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,240
?  نُقآطِيْ » غداف is on a distinguished road
افتراضي

مشكوره علي الروايه وياريت تكمليها

غداف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-08-09, 05:48 PM   #28

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

5- دعني وشأني
نظر الطفلان بوجوم وهيلين تغلق حقيبة ثيابها فيستعصي عليها أحد القفلين:
" كم ستغيبان؟".
وبدت لمحة من السرور في عيني , وقالت:
" ثلاثة أيام على الأكثر , أبتسم أيها السخيف ... أن من يراك يتصور أننا سنغيب شهرا".
قالت فيونا متذمرة:
" ثلاثة أيام مدة طويلة , ليس هذا عدلا , لم لا نصحبكما؟".
" لأن العمة هيلين تريد أن ترتاح , أخرجا الآن وأتركاها تحزم متاعها".
كان ليون يقف باباب ... فقالت فيونا في أغراء:
"هل من الممكن أن نصحبكما يا عمي ليون ؟ سنكون مؤدبين تماما".
فقال متعجبا يقطع ألحاحهما:
" سنأخذكما في وقت آخر ".
وعندها رأيا أسارير ليون تتبدل , أطاعا على الفور , وأنحنى ليون يتبين ما بالقفل , فلمست أصابعه القوية السمراء أصابعها , وأذا بها تنتزع يدها , وزم فمه وأعتدل , ثم تناول يديها متعمدا وأمسكها بقبضة قوية , قال مهتكما وعيناه تتأملان أصابعها الرشيقة:
" لا شك أنك تفضلين الرجال الأنكليز , ولكنك- لسوء الحظ- تزوجت مني".
فردت هيلين:
" لسوء الحظ ".
وجاهدت لتخلص يديها ولكن الضغط الفولاذي أشتد وجذبها اليه , فقالت:
" هل يجب أن أذهب معك الى فاماغوستا ؟ الطفلان مستاءان ".
أحنى رأسه الأسمر قائلا:
"قلت أنهما لا يصيبهما أذى , نعم يا هيلين, يجب أن تأتي معي".
" ألا تستطيع الأستغناء عن أمرأة لثلاثة أيام؟ أي صنف من الرجال أنت؟".
قال:
" أظن من حقي أن أتوقع مرافقة زوجتي حين أسافر".
كان صوته خافتا , لكن وميضا خطرا لمع في عينيه , وأمتدت خطوط الغضب البيضاء من أنفه الى فمه , وقال :
" تبدين مقتنعة بمعرفتك سبب رغبتي أن تكوني معي".
وحاولت أن تسحب يدها , فأفلحت هذه المرة, لكن أصابع ليون أنزلقت على ذراعيها وأمسكت كتفيها , قال محذرا وعيناه تتقدان:
" أحترسي يا هيلين... من أجل صالحك".
كان وجهه قريبا من وجهها , نحيلا وفظا , ومات الرد على شفتيها فلا معنى لأن تجازف بالتعرض لهياجه , كما حدث منذ ليل, ثم أفلتها , وسألها:
" هل فرغت من حزم أمتعتك؟".
قالت ببرود:
" كل ما أحتاج اليه في الحقيبة".
وخطت الى الشرفة , فأذا مشهد البحر والسماء يبعثان السكينة , كان من الممكن أن تنسجم – قبل أسبوع وما يزيد قليلا- مع الهدوء , أما الآن , فالأضطاب الداخلي يجعلها تتساءل:
" الى متى تستطيع الأحتمال ؟ وثقت به تماما حين قال- عندما خطبها- أنه لن يضايقها , ولم تتصور لحظة أن ينتهك وعده , ولكنه أنتهكه , وبدون أي تعليع أو أعتذار , لم يظهر من المشاعر سوى الرغبة.
قال ليون وهو يقف بجوارها :
" هل حزمت كل الثياب التي أشتريتها؟".
فتطلعت اليه , ولاحظت نثار الشيب في سوالفه أكثر ظهورا وقالت:
" هل حزمت ما أمرت بحزمه ... لن أكسفك يا ليون".
وساد الصمت برهة , ثم تحول ليون لينصرف , ولكنه عاد وقال بصوت خافت لكنه كزمجرة حيوان يتأهب للأنقضاض:
" أنذرتك بأن تحذري , ولو أغفلت هذا التحذير , فستتحملين الثمن".
وتركها وأصابعها المرتجفة على السياج , وعيناها تحدقان غائمتين في الخط الفاصل بين البحر الفيروزي الداكن , والسماء الأنقى زرقة.
أنطلقا بمجرد ذهاب الطفلين الى المدرسة , كان الصباح بهي الأشراق , ومنظر الجبال تبدل مع كل أنحناءة في الطريق , وما أن بلغا العاصمة وأجتازاها , حتى مضيا عبر السهل في الطريق المستقيمة الطويلة , عابرين بمناطق سكنية صغيرة, لا تتجاوز أحيانا مجموعة من الأكواخ الطينية تتناثر هنا وهناك بلا تنسيق , وقال ليون وعيناه لا تبرحان الطريق:
" سنذهب رأسا الى الفندق , ثم أصحبك الى المدينة القديمة".
ألقت هيلين نظرة على جانب وجهه , ثم ألتفتت تواصل تأمل الطبيعة , وأستأنف كلامه:
" تقولين أنك لم تزوري المدينة القديمة أبدا؟ أنها غاية في الجمال , لها جو أعتبره فريدا".
قالت بصوت جامد:
" سمعت عن جمالها".
وألتفت لحظة ينظر اليها , فواصلت أرسال بصرها خارج النافذة وسألها على غير توقع , وهو يحول عينيه الى الطريق :
" هل تكرهينني يا هيلين ؟ كنا سعيدين في شكل معقول قبل .... قبل...".
فقالت:
" قبل أن تتخذ مني متعة ؟ نعم يا ليون , كنا موفقين , وكان من الممكن أن يستمر هذا".
فمسّت حافة فمه المتصلب أبتسامة مريرة باهتة , وقال:
" أتظنين ذلك؟ وأنت يا هيلين , هل كنت تقنعين بهذا النوع من الحياة؟".
" عرفت أنني ما نويت السماح لأحاسيسي بالتورط ... أفهمتك هذا يوم حدثتك عن غريغوري وكيف خذلني".
" لم تجيبي عن سؤالي , الرجال بشر , والنساء أيضا".
قالت:
" النساء مختلفات , لا سيما الأنكليزيات".
فرد بمرارة:
" لا حاجة بك لأن تخبريني بهذا".
ثم أردف:
"ولكنني لا أزال أقول أنهن بشر , سواء كنّ باردات أو غير باردات , ألن تجيبي عن سؤالي؟".
قالت:
" لا يمكن أن أحلم بالأنغماس في المعاشرة لمجرد الت**** ".
فقال:
" ما زلت تراوغينني".
وأنحرف ليتفادى عجوزا مسربلة بالسواد, أنحنى جسمها تحت سلة كبيرة ربطت الى ظهرها , ثم أستأنف حديثه :
" أنني أعترض على مصطلح الت**** يا هيلين , فأرجو ألا تستعمليه ثانية".
" أنك تشير قطعا الى أنني مخطئة في أستنتاجي , وهو أنك تستغلني لمتعة مزاجك".
وأنذرها تهدج أنفاسه الى فورة طارئة من الغضب وقال:
" قلت لا تستعملي هذا المصطلح".
فقالت متهكمة:
"أنك مليء بالمفاجآت يا ليون ... ما كان ينبغي أن أتوقع منك الأعتراض على فظاظة المصطلح".
فقال:
"يريحني أن أسمعك تقرين بفظاظته , كنت قد بدأت أعجب من سذاجتك الفجة , فهي لا تناسبك يا هيلين ".
وأقبلا على أكثر أجزاء فاروشا شعبية , عابرين خلال شوارع محفوفة بالمنازل والفيلات البيضاء , لكل منها حديقتها الساحرة المتألقة بألوان زهورها , وكان عبير زهور البرتقال يهب خلال نافذة السيارة المفتوحة , قالت:
" أطراؤك يحيرني".
أجابها أن التهكم لا يناسبك , أرجو أن تتفاديه".
وألتفتت بسرعة وحمرة الغضب على وجنتيها وقالت:
" ألا يسمح لي حتى بحرية الكلام؟".
أجاب:
" لك الحرية طالما أنك لا تقصدين أهانتي".
ولم يتبادلا كلمة حتى بلغا الفندق , ونقلت أمتعتها الى حجرتها فأذا مصاريع النوافذ مغلقة أتقاء للشمس , ففتحتهما هيلين على الفور قائلة وهي تخرج الى الشرفة:
" لماذا يغلقونها؟".
كان الأمتداد الأزرق الشاسع للبحر الأبيض المتوسط يترامى أمامها وتحت الشرفة مباشرة تمتد الرمال الذهبية , وأدركت أن زوجها يقف بجوارها قائلا:
" أنها العادة .... لم تألفي عاداتنا بعد".
عادة! كانت عادة أيضا أن يعامل الرجال زوجاتهم كأنهن ممتلكات , وتلفتت فأذا بالحجرة فراش لأثنين أهو الذي طلب ذلك؟ قيل أنها القاعدة في أحسن الفنادق أن تجهز الغرفة بسريرن منفصلين , فقالت وفي صوتها رنة أغتمام مفاجئة:
" يحسن أن أخرج ثيابي".
ولكن ليون لم يتزحزح ليفسح لها مخرجا , فأستدارت وأستندت الى السياج تحدق في البحر ساهمة , وأحست بذراعيه يطوقانها فتيبست ولا بد أنه أدرك ما يخالجها , ولكنه قال:
" من الممكن أن يكون هذا شهر عسلنا يا هيلين".
فردت:
" شهر العسل للعشاق".
قال :
" وهذا ما أعنيه".
وأزاحته وفرّت داخل الغرفة , صائحة:
" ألا تستطيع أن تدعني وشأني؟ هل يجب عليّ أن أعاني منك ليلا نهارا؟".
وأنفرجت شفتاه الشاحبتان , ووقف كالمصعوق لكنه تمالك نفسه في الحال , وتقدم بتؤدة وقبضتاه مشدودتان وعيناه السوداوان تطلقان شررا , وقال:
" أذا كنت تعتبرين عناقي مصدر عناء , فالجواب عن سؤالك هو نعم , سآخذ ما أبتغي , عندما يروق لي".
قالت والغضب باق في صوتها , ولكن الخوف أفعم قلبها:
" لكنك وعدت".
ليتها تستطيع الفرار من هذا الرجل ولكن الطفلين كانا يعترضان أية فكرة لتركه , وكان يدرك أنها في حوزته ما دام الطفلان بحاجة اليها , وعادت تقول:
" ألا يؤلمك ضميرك أنك نكثت بوعدك؟".
فقال:
" لا ضمير عندي فيما يتعلق بصلتي بك , أنت زوجتي , وأنا لا أخرق القواعد أذا أخذت ما هو ملكي".
وقالت بسخط:
" لا داعي لأن تذكرني بأن الزوجة هنا ملك تقتنيه".
أضطربت عيناها أذ واجهتا الشمس , فأسرعت تجذب الستائر على النافذة , وقد كرهت- للمرة الأولى- الشمس والسماء الصافية , بل كل شيء يمت الى الجزيرة التي لا مهرب منها , وأردفت:
" لكنك لن تستبقيني الى الأبد , فبمجرد أن يبلغ الطفلان سنا كافية سأتركك".
أنبعثت طقطقة خافتة من أتجاه منضدة صغيرة , فشغلتهما عن الحديث , وأصغيا , هيلين بحيرة وليون بعدم مبالاة –قال بهدوء وهو يسير الى المنضدة:
" قد تكونين أنجبت أطفالا قبل ذلك بوقت طويل".
فصاحت:
" تود أن تقيدني بهذه الطريقة!".
وتطلعت مأخوذة , أذ كانت في صوته أختلاجة غريبة , كأنما يجد أشد الصعوبة في الكلام , وألتقت نظراتهما ., وبغير مبرر قفزت الى ذهنها ذكرى اللوعة البسيطة التي أحست بها حين رأته مع بولا قرب الهيلتون , ولذهولها محت الذكرى كل ما جرى , وتقدمت منه وكأن قوة في ذاتها تجذبها نحوه , ومدت يدا – بدون أن تفطن – في توسل , وهتفت:
" ليون".
تناول يدها فأمسكها بقوة , وعاد الدم رويدا الى شفتيه , وأكتسحت أبتسامته كل خشونة , وقال:
" نعم يا هيلين؟".
ولكنها لم تستطع الكلام , عجزت عن صياغة كلمات تعبر عن أفكارها وتصف أضطراب قلبها , ذلك الأضطراب الذي لم يعد وليد خوف , وخيّل اليها أن شيئا في كيانها يستجيب برغم أرادتها , فقالت:
" هذه الرحلة القصيرة ... هل .... نستطيع أن نكون سعيدين فيها؟".
وحدّق فيها غير مصدق , ثم جذبها برفق, وأحاط خصرها بذراعيه , وتمتم:
" أجل يا عزيزتي ... نستطيع ... أن نكون سعيدين".
سرى في أعماقها شعور بالذنب لا تدري معناه , وتكلمت مسرعة تحاول دفع الشعور عنها:
" ما هذا الصوت يا ليون؟ .... أهو الخشب؟".
فهز رأسه مبتسما وهو يقول:
" أنها حشرة , تدب في الأثاث , سنطلب من خادمة الغرف أن ترش مادة مبيدة".
قالت:
" حشرة؟ كيف تدخل في الخشب؟".
قال:
" صفحات المناضد مثقوبة , وتغلغل هذه الحشرات".
قالت :
" أحسب أنه أذا أوتيتم طقسا كهذا فلا بد من قبول المساوىء التي تصحبه , فلا يوجد شيء كامل!".
وأبتسمت أبتسامة واهنة , فعاد يمسك بيديها ويتأملها , ثم رفعها بأسى وقال:
" كلا يا هيلين , لا يوجد شيء كامل".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-08-09, 06:47 PM   #29

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

أنطلقا بعد الغداء الى فاغاموستا القديمة , في زيارة لأسباب تتعلق بالعمل – بالدرجة الأولى – كما قال ليون , ولكنه لم يبق في مصانع التعبئة سوى دقائق , وقال وهو ينزلق الى مقعد القيادة بجوارها :
" سنمضي في بساتين البرتقال, أنها متعة في هذا الوقت من السنة".
وكان على صواب أذ كانت البساتين تمتد أميالا في كل أتجاه , وكانت هناك فضلا عن أشجار البرتقال-أشجار اليوسفي والحامض , كانت المنطقة بأسرها كتلة زهور , والهواء مشبعا بعبيرها, وقالت هيلين وهي تستنشقه :
" هذا رائع , لم أر مثل هذا في حياتي".
أوقف ليون السيارة , وأختفى الوميض القاسي من عينيه وهما تتأملان هيلين برهة, وهي تقف على حافة بستان البرتقال, كانت ترتدي أحد الأثواب التي جعلها ليون تشتريها : ثوبا من القطن المطبوع بالزهور , أبرز قسمات جسمها الشاب , وقال بصوت خافت:
" أنت جميلة جدا يا هيلين".
وأشتدت حمرة وجهها , ومد ذراعه فوق رأسها , فقطع فرعا صغيرا , وقال:
" زهور البرتقال هدية للعروس".
وناولها الفوع , وفجأة بدا شابا صغيرا غير واثق من نفسه , كان التغيير سريعا حتى أنها تصورت أنها كانت واهمة , وأبتسمت له وهي تتناول الفرع المعطر وتقربه الى وجهها , وقال بصوت خافت ورقيق:
" أنت بارعة الجمال!".
قالت له وقد عادا الى السيارة , وهي ممسكة بفرع البرتقال قرب وجهها وتتنشق عبيره:
" حدثني عن البرتقال يا ليون , أعني ما عملك ... في مصانع التعبئة ؟".
فقال:
"كل الثمار تنتقل اليها بعد الجمع , فتغسل وتفرز ... تغسل قبل تصديرها , وتقوم نسوة بهذا العمل عادة , ثم تفرز وتعبأ للتصدير".
قالت:
" وأنت تملك المصانع فقط... دون البساتين؟".
قال:
" أمتلك المصانع...".
وساد الصمت والسيارة تمضي تحت سماء صافية , كانت الطريق ملاصقة للبحر , وعلى طول أحد جانبيها , كانت هيلين تلاحظ النباتات العالية .
قالت وقد ثار أهتمامها :
" ما هذه ؟ أنها تبدو نوعا من القصب".
فأجاب :
" أنها غابة قصب تزرع لحماية بساتين البرتقال من هواء البحر".
كانت البسلتين تمتد حتى البحر تقريبا , وأستطرد ليون:
" أننا نصدر كميات كبيرة الى أنكلترا , من الكريبفروت كما تعلمين".
كانت في صوته رنة زهو ,... زهو بجزيرته ومنتجاتها ... وكان كل القبارصة الذين ألتقت به مثله ... أي شيء ينتج في قبرص يتفوق على كل ما ينتج في أي مكان آخر.
عندما بلغا المدينة القديمة , أوقف ليون السيارة في الساح , ودخلا أحد المقاهي لتناول بعض المرطبات.
ولم يكن هناك سوى رجال, أتجهت عيونهم كالعادة صوب هيلين , وليون, ثم أرتدت الى الصحف ولعب الورق والطاولة .
قالت هيلين تستعلم , وهي تراقب رجلين يلعبان على مقربة:
" هل يلعبان على نقود؟".
قال:
" على المشروب فحسب".
فرمقته بنظرة , متساءلة:
"أليس لديهم عمل؟".
فضحك قائلا:
" ما زال رأسك الجميل مشغولا بأن النساء يعملن , بينما يقضي الرجال الوقت في التكاسل؟".
أمتقع وجهها لأن هؤلاء الرجال بدون نشاط سوى اللعب , وزاده أمتقاعا أستعمال ليون كلمة الجميل , يا له من شخص متقلب! تعمدت في بداية الأمر أرتداء ثياب قديمة لئلا تبدو جذابة للرجال , ولكنها تشعر بالسعادة الآن لأن ليون يعتبرها جميلة , وما الذي يساوره؟ من الواضح أنه عرف من البداية أنها مصممة على أن تستبقيه على مسافة منها , وقالت أخيرا:
" أكره أن أكون زوجة رجل فقير هنا".
رمقها متسائلا وقال:
" أصحيح هذا يا هيلين؟".
فعضّت شفتيها وقالت:
" ما عنيت هذا ... أنما قصدت أنني ما كنت أتمنى أن أولد هنا, وأكون فقيرة ... أنك تعلم ما أعني".
قال:
" نعم, أعرف ما تعنين".
ونظر الى صاحب المقهى أذ أحضر صينية تحمل فنجاني قهوة صغيرين وكوبي ماء , ثم أستأنف:
" لكن النساء هنا لا يأبهن , تعودن هذا , طالما أنهن يهتدين أخيرا الى زوج فهن مقتنعات".
تناولت رشفة من قهوتها وقالت:
" تلك الزيجات ... الزيجات التي لا تقوم على حب... كيف يتسنى ؟".
قال:
" الأمر بسيط , فمثلا تزوج بافلوس , أحد أبناء عمي أخيرا فتاة من قرية صغيرة في الجبال , سعى اليه أخوها وأخبره يميزاتها , قائلا بوسعها أن تقدم بيتا , فوافق بافلوس على اللقاء بها , والواضح أنها راقت له فقبل الزواج منها على الفور".
وتناول جرعة ماء , وومضت عيناه بأبتسامة حيال الصدمة التي بدت على هيلين , التي سألته:
" أهذا كل شيء ... الأخ يدبر الأمر والشاب يتأملها لكن هذا بشع!".
فقال:
" أنه الأجراء الطبيعي".
فصاحت:
"ولكن الفتاة... أليس لها رأي في الأمر؟".
قال معترفا:
" رأيها لا يذكر ... بل أذا رفضت فأن أباها وأخواتها لا يصغيان الى رأيها لكن يندر أن يحدث هذا , الرجل يحسن صنيعا للفتاة بأن يتزوجها , ولذلك تعترف بفضله ولا تفكر في رفضه , فقالت:
" أنه يبدو نوعا بغيض التدبير , لا بد أنه محرج للفتاة الى حد مؤذ".
فقال وعلى وجهه وميض أبتسامة:
" أبدا , أنها العادة يا عزيزتي".
خرجا الى الساحة فأذا ضوء الشمس ينعكس على جدران القصر البندقي الفخم , وكان يواجهه مبنى آخر شامخا , فقال ليون:
" هذا هو الجامع ... هذه المدينة القديمة هي – كما تعلمين- الحي التركي في فاماغوستا , أتودين دخول الجامع؟".
فأومأت برأسها , وخلعا أحذيتهما ودخلا المبنى الجميل- الذي كان يوما كاتدرائية القديس نيقولا , وأقامها ملوك قبرص قبل قرون كثيرة , حتى أذا خرجا , قال ليون:
" سنقوم الآن بجولة في السارة!".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-08-09, 08:21 PM   #30

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

وأخذها لترى الجدران البندقية , والقلعة ذات االبرج المشهور حيث أخرجت قصة عطيل , وخيل الى هيلين في جولتها أنها رأت مئات الكنائس , تحولت الى أطلال.


قال ليون:


" كانت ثلثمائة وخمس وستون كنيسة ".


فهتفت:


" غير ممكن .... في مثل هذا المكان الصغير؟".


قال :


" هذا حقيقي , أختفى معظمها طبعا, ولكن قسما كبيرا بقي ".


وتوقف مرات عديدة ليريها بقايا النقوش الملونة والفسيفساء , فقالت:


" لا تزال باقية بعد كل تلك السنين , هذا يبدو مستحيلا!".


فقال:


" المناخ يساعد على حفظها ... فالمطر هنا قليل".


أتجها في السيارة الى بوابة البحر , التي دخل ريتشارد قلب الأسد خلالها الى المدينة , ثم تركا السيارة , وسارا على الأقدام , لم تشعر هيلين بمثل هذه السعادة منذ أمد طويل , وأمسك ليون يدها أذ أنزلقت على حجر متفكك , وأحتفظ بها طيلة مسيرتهما.


عندما عادا الى غرفتهما في الفندق, وضعت هيلين غصن زهر البرتقال في كوب ماء , وراقبها ليون وهي تخرج من الحمام, فأبتسمت ووضعت الكوب على منضدة الزينة , وكان ليون قد دعا بعض أصدقاء العمل للعشاء فسألته , وهي تطرح ثلاثة أثواب كوكتيل على السرير:


" أيهما أرتدي؟".


أدهشها سؤالها بقدر ما أدهشه, فقبل سويعات قلائل ما كانت تحلم بأستشارته , ورفع ثوبا , ثم هز رأسه وتناول آخر , كان الثوب القصير الواسع , من القطن المائل الى الصفرة يلائمها كل الملائمة, فقال:


" هذا!".


كان أثنان من أصدقاء ليون أنكليزيين – والثالث قبرصيا يونانيا , وكان يانيس يني أول من وصل , فنظر بأعجاب الى هيلين حين تعرف اليها , وأمسك بيدها أطول مما ينبغي , فسأله ليون:


" ماذا تود أن تشرب؟".


والتفت يني اليه , فلمح عبوس محياه , وهتف:


" أتغار يا ليون؟ كلا , ليس مني!".


وجلس على مقعد مرتفع بجوار هيلين وقال:


" سأشرب رستينا أذا سمحت".


يغار؟ وحدقت هيلين في زوجها , وكان يرتدي حلة أنيقة من التيل , ذات لون رمادي جذاب مشوب بالزرقة , قميصه الأبيض يبرز سمرته , ولدهشتها وعجبها شعرت بلمسة فخر , فتصاعدت الحمرة الى وجنتيها عندما التفت ليون ورمقها بنظرة باردة , يغار؟ كيف تنشأ غيرة بدون حب؟ وما لبث ليون ويانيس أن أندمجا في الحديث عن ا لعمل وسرعان ما وافاهم صديقا ليون الأنكليزيان .. برغم كثرة المقيمين منهم في الجزيرة – كانوا يتلهفون للقاء معارف جدد من أنكلترا , وعندما علقت على هذا , قال أريك:


" هذا صحيح... ومع هذا فنحن في في كل مكان من الجزيرة".


وقال ليون دون ضغينة :


" سرعان ما سيفوق الأنكليز عدد القبارصة , الناس يغادرون بلادهم فرارا من الضرائب".


وألتفت ستيفن الى هيلين مبتسما وقال:


" هكذا يقتني زوجك وأمثاله الثروات".


وأضاف بأيجاز :


" الآرض!".


الأرض , ومصانع التعبئة , هل كان ليون واسع الثراء؟ ما أغرب أن تكون زوجة جاهلة تماما بشؤون زوجها المالية , لم تكن لديها أقل فكرة عن دخله.


وبعد العشاء أنتقل الجميع الى ملهى ليلي- وأخذ النعاس يغالب هيلين شيئا فشيئا , حتى باتت مستعدة لأن يحملها زوجها الى الغرفة حين دخلا الفندق في الثالثة صباحا.


بعد أفطار متأخر خرجا الى الشاطىء مباشرة , وكانت الشمس حارة , فأقترح ليون أن يسبحا , ولدهشة هيلين لم تشعر بآثار سيئة نسبة الى الليلة الفائتة , بل كان وجهها يتألق صحة وهي تسير الى جواره نحو الماء , وسبحا قليلا , ثم أستلقيا تحت الشمس , وبعدما تناولا غداءهما قال ليون:


" سأضطر لأن أتركك زهاء ساعتين فلدي عمل, ستكونين على الشاطىء أكثر راحة منك في السيارة الحارة".


وسألت هيلين نفسها , وهي تتأمله بفضول: هل كان يجد هذا العمل مضجرا حقا؟ على أنه لم يغب أكثر من ساعة ونصف الساعة , ثم فتحت عينيها فأذا به يقف في ثوب السباحة , طويلا , أسمر , وسيما بدرجة تفوق التصور , منذ متى كان واقفا يتأملها متفرسا؟


أستوت جالسة , يغشاها الحياء , وقالت:


" عدت مبكرا".


قال وهو يجلس باسطا ساقيه الطويلتين:


" لو صدقت ما تراه عيناي لقلت أنك سعيدة؟".


ومال على أحد مرفقيه يحدق فيها قائلا:


" هل أنت سعيدة يا هيلين؟ أم ترى لا يجوز لي أن أوجه ذلك السؤال؟".


وأستمرت ترسم بأصابعها صورة على الرمال , هل كان يريد أن تحفل به , أم أنه يريدها مجرد جارته المطيعة ؟ من المؤكد أنه كان يريد شيئا يفوق العلاقة من جانب واحد ويتحطى أن يأخذ بنفسه ما كان يعتبره حقا له, لكنها لم تمنحه شيئا وما كان يحتمل أن يرضيه فتورها وهو المتأجج الهوى , وربما عجزه عن ترويضها كان يجرح كبرياءه , أذ علمت هيلين من ترودي أن الحب لدى اليونانيين عامة فن وهم يدركون أنهم متفوقون فيه عن سواهم , قالت ترودي في خجل:


" الأنكليزي ناشىء في هذا الفن, أذا قورن بهم , ولو قدر لليون أن ينكث بوعده , ستشعرين أنك في نعيم !".


دفعت ذكرى هذه الكلمات الدماء الى وجه هيلين, وأختار ليون هذه اللحظة بالذات ليرفع رأسها بلمسة رقيقة تحت ذقنها , ومن الغريب أنها لم تقاوم حركته , وقال:


"لماذا يا هيلين الجميلة؟".


وأضطرب شيء ما في كيانها , ولكنها أبت أن تفسر هذه الهدنة التي ألتزماها , وكل منهما يوقن أنها تتوقف في نهاية الرحلة ... وتمتمت وهي تحاول أن تتبين ما في عينيه:


" كنت أفكر في أمر ما".


فقال وفي صوته أصرار:


" ما الذي كنت تفكرين فيه فجعل وجهك يحمر هكذا؟".


هزت هيلين رأسها وهبطت يده الى يدها , فأمسكها بأصرار حال دون تخطيطها العصبي على الرمال , وقال:


" الجو حار , أنزلي الى الماء".


ونهضت على الفور , بعدما أرتاحت لأقتراحه , وسارا الى حافة الماء يدا بيد كعاشقين , وأنطلق ليون في الماء بعيدا , لكن هيلين بقيت قريبة من الشاطىء , وما لبثت أن طلعت فجلست على الرمال الدافئة , وعيناها تتابعان رأس ليون عن بعد, لوح لها بيده فلوحت له , كانت مثل هذه الزمالة جديدة عليها , لم تعرفها مع غريغوري – وعجبت- وهي تسترجع علاقتها بغريغوري- أنهما لم يكونا متقاربين في الواقع , وما كانت تعتبره زواجا سعيدا , كان في الواقع مجرد تعايش كثيرا ما وصفه الناس بأنه مريح , أما السعادة؟ وتمثلت لها صورة ترودي وأشراقتها كلما ذكرت زوجها.


تمتمت هيلين لنفسها : وأنقضى على زواجهما ست سنوات! أجل, كانت حقيقة لا يمكن أنكارها , كان ترودي وتاسوس متحابين اليوم بقدر ما كانا يوم زواجهما .


كانت ترسم على الرمال حين وصل ليون , فقال وهو يمسك بيدها:


" ألا ترسمين لي؟".


قالت وهي تستجيب أذ جذبها فأوقفها:


" لست بارعة يا ليون".


كانت قطرات الماء تتلألأ على جسمه الأسمر , والتمعت عيناه وهو يتأمل كل صغيرة في قوامها الممشوق,وألصق ذراعه بذراعها فجففت ساعدها وهي تضحك ,وقال:


" بالنسبة الى رسمك هذا – أنا الذي سيحكم , هل هو جيد أم لا , عندما نعود الى بيتنا سترسمين لوحة".


فقالت:


" كلا , أين ستضعها؟".


فجاء رده ناعما:


ط سأعلقها في مكتبي".


وشعرت بهزة سعادة , لم يكن لغريغوري رأي في أنتاجها , بل كان يقول صراحة أن صورها ينقصها الشعور ... ورفض أن تعرض شيئا منها.


قالت منذرة:


" ربما يتغير رأيك حين تراها".


فقال:


" لن أغير رأيي".


لماذا كان يريد لوحة لها معلقة حيث يستطيع رؤيتها بأستمرار؟ هل لتذكره بأنه يمتلكها؟ وأبعدت هذه الفكرة, فمهما كانت عينا ليون , كان يبتسم بأخلاص صادق أعجبت به , فالناحية العاطفية من طبيعته التي كانت لديه حين عول على الزواج منها , وكان لنكثه بوعده, وعدم أكتراثه لمشاعرها , أسوأ الأثر على رأيها فيه , ومع ذلك كانت موقنة بأنه في جوهره رجل صالح , تستطيع أن تعتمد عليه وتركن اليه.


سارا ببطء الى حيث تركت هيلين منشفة الشاطىء , فألتقطها ليون وساعدها على أرتدائها , ثم أرتدى أزاره , ولم يكن على الشاطىء سوى أفراد قلائل من الفندق , يستمتعون بالشمس , وتساءلت هيلين:


" أترى زوجها كان يعرف أن زوجين يشغلان مائدة قريبة من مائدتهما في الفندق , راحا يراقبان رعايته لها بأهتمام؟


قال:


" أرفعي رأسك!".


فأطاعت... وأضطربت عيناها أزاء تألق الشمس , ومست أصابعه عنقها , ثم هز رأسه وأبتسم لها في حنان وقال:


" لو لم يكن هناك من يراقبنا لقبّلتك!".


ذهبا في اليوم التالي ألى لارنكا , وراحا يتمشيان على الشاطىء وتناولا بعض المرطبات في مقعى صغير تحت النخيل ثم أستقلا السيارة الى البحيرة المالحة الكبيرة , التي ترتادها الطيور الموسمية, وأعجبت هيلين بهذه الطيور فقال ليون:


" من حظنا أن نراها , فسترحل قبل نهاية الشهر".


وابتسم لها مضيفا:


" كنت أدرك أن هذا المكان سيروق لك , والآن , أتودين أن نوغل في الجبال؟".


وشاب صوتها شيء من الشغف وهي تقول:


"نعم يا ليون , هل نحن بعيدان عن ليفاكارا , أتمنى رؤية النساء تقمن بأعمالهن الحرفية وأود شراء بعض متجاتهن أذا أمكن..".


قال:


" هذا ممكن طبعا , ولست مضطرة لأن تسأليني يا هيلين".


وصلا الى قرية جبلية صغيرة , تصنع فيها منتجات , لاسيه ليفكارينكا ذات الشهرة العالمية , فأشترى ليون أغطية للموائد , ومناشف ومناديل وثوبا مطرزا بشكل فخم , مزين الصدر , والأكمام بأرق الدانتيل .


وشهقت هيلين أزاء ثمنه , وقالت:


" أنه باهظ.... والأبيض يناسبني".


فتلفت ليون حوله قائلا:


" حقا , الأبيض يلائمك".


ودعتها صاحبة المتجر الى التجربة .. وهزت ليون رأسها, لكن ليون ألح , كان الثوب مناسبا لها تماما , وجميلا , وحبست أنفاسها أذ رأت صورتها في المرآة , وهتفت:


" أنه جميل جدا .. ولكن الثمن غال جدا".


فقال ليون:


" لا شيء يعتبر غاليا لك يا عزيزتي".


ثم أردف بصوت خافت:


" ألم نقل أننا سنسعد؟".


وعاد يقول:


" هل أنت سعيدة يا هيلين؟".


كانت في صوته رجفة , وراح يتأمل محياها متلهفا في أنتظار الجواب , وأرتعشت أبتسامة على شفتيها الجميلتين , وقالت بصوت خافت وبحة:


" نعم يا ليون ... أنني سعيدة.....".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:00 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.