شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   526 - القدر القاسي - أماندا بروننغ - ق.ع ( كتابة / كاملة )** (https://www.rewity.com/forum/t85945.html)

أمل بيضون 01-10-09 04:10 PM

526 - القدر القاسي - أماندا بروننغ - ق.ع ( كتابة / كاملة )**
 
526- القدر القاسي - أماندا بروننغ- سلسلة قلوب عبير
الملخص
قبل خمس سنوات ، تزوج بيرس من اليكس ليوم واحد و نبذها في اليوم التالي. و لماذا؟ لأنها كانت طريقة للوصول إلى أسطول من السفن التجارية و ها هو قد عاد الآن متطلبا كما كان دائما. إنها مضطرة للزواج منه لتساعد والدها ، و مرة أخرى لم يكن لديها خيار آخر ، لكن هذه المرة كانت الأمور مختلفة ، في ما مضى كانت تحبه ، لكنها الآن تكرهه و مهما حدث لن تثق به ثانية.

روابط الرواية
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

بنوته عراقيه 01-10-09 06:41 PM

يعطيك العافيه على اختيارك من الروايات الي احبها...بانتظارك اكيد

أمل بيضون 01-10-09 07:37 PM

الفصل الأول


نزلت اليكس بتراكوس من سيارة الأجرة بانتباه ، و أخذت لحظة كانت بحاجة ماسة لها كي تشد كتفيها قبل أن تبدأ رحلتها في صعود السلالم إلى باب الفندق المتلألئ بالأضواء. كان هناك حفل راقص ، و رغم أنها كانت تتطلع لذلك بشوق في مناسبة أخرى ، إلا أن الليلة لم تكن مهيأة للمرح ، كانت تعبة جدا. لقد كان يوما مميزا طويلا و غير مثمر بعد سيل من الأيام الطويلة غير المثمرة ، و لو أنها لم تكن مضطرة للمحافظة على ما تتطلبه المظاهر من أنها قد حضرت حفلة الإحسان الباهرة هذه ، لكانت بقيت في المنزل.
ساعدها واحد من الخدم على خلع معطفها ، أخذت نفسا عميقا قبل أن تتجه إلى غرفة الرقص بشخصها الطويل النحيل الذي يمكن أن يكون قد خرج للتو من صفحات إحدى مجلات الأزياء. منتديات ***** مع ذلك ، و رغم أن ثوب السهرة الذي كانت ترتديه من تصميم سان لوران ، و حذاءها من صنع إيطالي يدوي و مجوهراتها من مصنوعات كارتييه ، كانت أليكس تعرف أن أيامهم معدودة ما لم تستطع أن تجد الدعم المالي الذي تحتاجه أعمال العائلة بشدة ، فإن كل شيء سيذهب. و ليس سبب ذلك أنها قد تكون تضحية بارزة بغيضة ، فهي لم تكن متيمة بالموضة الراقية و الطبقة التي تدل عليها. لا ، إنما الأمر المحزن هو أن ممتلكات العائلة كلها إن جمعت لن تكفي إلا إلى تسديد القليل من جبل الديون.
توقفت لبرهة بعد مدخل الغرفة مباشرة ، و القت نظرة عامة على الغرفة المكتظة ، و لم تفاجأ حين عرفت العديد من الوجوه المتواجدة هناك. إنها في الواقع ، قد أمضت ساعات طويلة خلال الأسابيع القليلة الماضية تتحدث إليهم. الآن أولئك الذين شهدوا وصولها سارعوا إلى الإبتعاد ، و سارعوا أيضا إلى نشر أخبار الضيق المالي الذي تمر به عائلتها بأصوات منخفضة.
جعلها ذلك تشد على شفتيها اللتين أظهرتا مدى الضيق المرتسم على وجهها الرقيق ، الأمر الذي كان ملائما مع رقتها. منتديات ***** سمة أظهرتها قصة شعرها الحديثة ، فقد كانت قصة شعرها الأشقر ، تناسبها تماما. و سارت إلى داخل الغرفة بكل ما أستطاعت جمعه من هدوء.
و فيما هي متجهة لتحضر لنفسها كوب عصير ، ردت على تحيات أولئك الذين ما زالوا يتمتعون بشجاعة كافية لأن تلتقي عيونهم بعينيها ، و هم يبتسمون ابتسامة متهكمة باهتة. آوه ، لقد كان كل شيء مختلفا قبل ستة شهور ، مختلف جدا. الآن لقد إنهار المظهر الكاذب و عليها أن تتعامل مع ما ترتب على تصرفات والدها غير الحكيمة. مع ذلك مهما اعتقد هؤلاء الناس ،redroses309 فإنها لن تجعل أبدا التصرفات السيئة تزعجها هنا.
"لا تتظاهري بالدهشة لهذه الدرجة." كان ذلك صوت تردد من جانبها بسخرية ، و أضاف: "إنها لعادة قديمة للفئران أن تغادر السفينة الغارقة بعد إصطدامها بالصخور."
تلك اللهجة الرنانة المنخفضة هزت أعصابها ، و شعرت أليكس للحظة واحدة بالغثيان ، إن الغرفة تدور من حولها.
ثم تجمد الدم في عروقها و أشتدت عضلاتها ، و بدا أنها بذلت كل ذرة من قوتها لتدير رأسها كي تواجه صاحب الصوت ، لأنها عرفت من سترى.
أجابته بسرعة: "مفسحة المجال للنسور كي تنقض و تلتقط الهيكل البالي." و قد أدهشها كم بدا صوتها ثابتا ، فيما رؤية الرجل الذي قدم بهدوء تام ليقفبجانبها جعل قلبها يخفق بشكل مغث. و أضافت: "لماذا لدي شعور أن قول أمر غريب رؤيتك هنا ، بالكاد يكون ملائما؟ فقد سمعت إن القرش يمكنه أن يشم رائحة الدماء عن بعد أميال كثيرة."
دون أن تأبه إن كانت قد مزجت بين استعارات أم لا. فقد كان هناك سؤال واحد يدور في رأسها: ماذا يفعل هنا؟
ابتسم بيرس مارتينو ، إبتسامة كسولة طويلة ، قائلا:
"لقد أصبح عندك مخالب ، يا أليكس ، الأمر الذي لا يثير دهشتي ، لكنك كما القطة الصغيرة تماما ، عليك بعد أن تتعلمي متى يجب أن تنبشي أظافرك."
لسعتها تلك اللهجة الساخرة ، و ذكرتها كم كانت ضعيفة ذات يوم. مع ذلك فإن تلك الأيام مضت منذ زمن طويل ، و قد أرتفع جدار غليظ للحماية. فقالت: "في ما يختص بي ، إن ذلك يحدث دائما في كل آوان يا مارتينو!" سمحت لنقمتها أن تظهر ، راغبة أن تصفعه على الفور.
رفع أحد حاجبيه السوداوين ، و نصحها قائلا ببرودة:
"هل تستقبلين دائما صديقا ببنادق لامعة؟ أعترف أن لها قيمة البدع ، لكن قد يكوم من الحكمة أكثر أن تضعي سلاحك جانبا ، يا أليكس. فالعدو لا يرتدي هذه الأيام قبعة سوداء. redroses309 رغم كل ما تعرفينه ، يمكن أن تطلقي النار على حليف."
قالت: "حليف!" خرجت الكلمة بإشمئزاز كبير. ثم أضافت بعنف: "لم تكن كذلك قط ، و لن تستطيع أن تكون كذلك. إنك العدو يا بيبرس ، و كونك كذلك ، ليس عندي لك شيء سوى الإزدراء." كان عليها أن تعرف أنه قد يقول شيئا كهذا.
بدا لها أنه لم يعد يتذكر كل ما كان ، و أن ما طبع في ذاكرته أقتصر على أشياء محددة ، فيما كان كل شيء مطبوعا بوضوح في ذاكرتها. قالت له: "أخشى أن عليك أن تعذرني الآن. فكما ترى لقد أصبحت حسنة التمييز في أختيار أصدقائي هذه الأيام." و مع تلك العبارة استدارت بحدة و سارت بعيدا عنه و ساقيها تكاد أن تنهار تحتها مع كل خطوة.
لم تكن لديها فكرة واضحة إلى أي مكان تتجه ، إنما استمرت في السير حتى وجدت نفسها أخيرا في غرفة الإنتظار حيث لا مخرج آخر منها. و توقفت حينها ، حيث اكتشفت أن كل أوصالها ترتجف. لم كان عليه أن يكون هنا؟ ألم يكفه ما فعله؟ إنها تكرهه ، تكرهه بقدر ما أحبته في يوم من الأيام ، بمشاعر عميقة لا تعرف الحدود.
أحنت أليكس رأسها ، و شعرت بمعدتها تعتصر ، ما زال بيرس مارتينو يملك كل شيء. ما زالت لديه تلك النظرة التي تجعل قلب المرأة يخفق بجنون. ذات مرة ، جعلت تلك النظرات قلبها يطير. حيث لم تكن محصنة تجاه الشعر الأسود الكثيف اللامع ، و لا تجاه العينين الثاقبتين الزرقاوين ، و لا تجاه الوجنتين المظللتين بالغموض اللتين تحيطان بذلك الفم الجميل ، كانت أناقته و ثقته بنفسه تشعان و كأنها منارة ، فتشدانها ، كما العديد من الفراشات الأخرى ، للرقص ضمن نطاق حرارتها الخطرة و تألقها. كان يشربها الشراب و يطعمها الطعام ، و يعاملها بطريقة أكدت لقلبها الغارق في حبه أنه يحبها هو أيضا.
شعرت بالمرارة و كأنها قرح على لسانها ، و دون وعي منها ضغطت بشدة على الكوب الذي ما يزال في يدها. لقد حول ذلك الحب إلى كراهية باكاذيبه. لأن ذلك كله كان كذبا! كل شيء ، من البداية حتى النهاية! و قاطع تحطم الكوب ذكرياتها الغاضبة ، و قد أتبع ذلك على الفور صرخة رقيقة من الألم انطلقت منها. سقط الكوب المكسور من يدها ، و حدقت بإنشداه نحو الدماء التي سالت بسرعة على راحة يدها.
عندها فقط لاحظت أنها لم تكن في الغرفة لوحدها.
"هل جرحت نفسك؟ دعيني أرى." لا بد أن بيرس تبعها ، و تقدم نحوها الآن بسرعة و أمسك بيدها و تفحصها قبل أن تتاح لها الفرصة أن تسحبها بعيدا.
أرتعدت أليكس ، حيث وجدت نفسها فجأة تحدق في رأسه المنحني. أعادت إليها تموجات شعره الأسود الكثيف ذكريات ، إعتقدت أنها دفنت بأمان. شهقت بحدة ، فقط لتقذف احاسيسها برائحة عطره النافذة منه. ثم ، و كأنما لزيادة الإهانة إلى الأذى ، أرسلت لمسته في ذراعها شيئا يشبه صدمة كهربائية ، أرعبتها ردة فعلها هذه الغير متوقعة و غير المرغوب بها كليا ، فتجمدت مرتبكة ، و عقلها يصرخ في صمت لا!
"سوف تعيشين."

أمل بيضون 01-10-09 07:39 PM

كلمات بيرس سلختها من صدمتها ، و تأخيره البسيط في رفع نظره أتاح لها فرصة كافية لتعيد السيطرة على تعابير وجهها ، كي لا تظهر مدى تأثرها.
قال: "إنه أكبر من خدش بقليل. و يبدو نظيفا." نظر إليها
أضاف: "ماذا كنت تتخيلين الكوب ، عنقي؟"
بذلت كل جهدها ، لكنها لم تستطع أن تحتمل تلك النظرة ، و بسرعة أبعدت عينيها عن نظرات السخرية الظاهرة في هاتين الفجوتين الزرقاوين. و وقعت نظرات عينيها على يدها ، و اكتشفت أنه قد ضمدها بمديله. كان هناك آثار دماء على المنديل الأبيض النقي. دماؤها. دائما هناك آثار لدمائها عندما يدخل بيرس حياتها! أبدت إمارات الإمتعاض ، و تبخرت لحظة الوعي تلك مع رياح الذكريات الكئيبة القاسية.
قالت له ببرودة: "إن كان هناك رجل يستحق قطع عنقه ، فهو أنت."
كانت ردة فعل بيرس الوحيدة الضحك بإستهتار ، و أجابها: "كثيرات حاولن ذلك ، و ما من واحدة نجحت."
ابتسمت أليكس إبتسامة باهتة لغروره الواضح و قالت: "غرور كهذا لا بد أن يتحطم. أتمنى فقط أن أكون موجودة لأشهد ذلك."
للحظة ، ومض في عينيه وميض غريب قد يكون ندما ، لكنه إختفى قبل أن تستطيع إثبات ذلك. و رد عليها قائلا: "ذلك إرث نتوارثه ، ألا تعتقدين أن هذا هو أساس صنع المأساة اليونانية التقليدية؟ حيث أن الزوجات الحاقدات يخططن لأسقاط أزواجهن. هل سترقصين على ضريحي ، يا أليكس؟"
كان يعبث معها ، لكنها رفضت أن تلعب لعبته فردت عليه بسرعة: "زوجتك السابقة!" و عندها اعتصر قلبها بحدة ، حتى هي نفسها لم تستطع أن تدرك ما هية المشاعر التي عصفت بها في تلك اللحظة.
أحنى بيرس رأسه مسلما بذلك بسخرية و كأنه لم يكن يتوقع أي جواب آخر و قال لها: "تقولين ذلك بخفة ظاهرة."
رفعت ذقنها على الفور ، و تلألأت عيناها ، فيما قالت: "كان أسعد يوم في حياتي!"
إن كانت تأمل أن تجرحه ، فإن هدفها ضل سبيله بشكل واضح. ذكرها قائلا بعذوبة: "غريب ، أذكر أنك قلت هذا يوم زفافنا."
اضطرارها للاعتراف كيف بإمكانه أن يجعلها تنفعل حتى في هذا الوقت ، جعلها غاضبة بشكل جنوني من نفسها كما منه ، لاستذكارها كل تلك الأوقات السيئة بوضوح تام.
أجابته: "لم أكن أعرف حينها أي سافل أنت."
كل تعابير المرح غابت عن وجهه فجأة. و قال: "كان يجب أن يحصل ما حصل ، عليك أن تتفهمي ذلك."
غامت عيناها الرماديتان بعواطف متأججة ، و كان بإمكانه أن يقرأ فيهما مدى كراهيتها له ، و قالت: "لن أفهم ذلك إطلاقا ، و لن أصفح عنك أبدا. سأكرهك حتى آخر يوم في حياتي!.
اتسعت فتحتا أنفه عندما أخذ نفسا عميقا و قال: "أبدا ، هو وقت طويل ، قد يصبح لديك يومها سبب لتشكريني."
تطلب الأمر منها بذل كل ذرة من السيطرة على نفسها لتمنعها من الوثب عليه و تمزيقه إربا. و إنها في اللحظة التي ستفقد بها السيطرة على نفسها ، سيفوز هو و ذلك أمر عليها تحاشيه مهما كلف ذلك ، لذا أجابته بعفوية: "علام؟! ألقتلك جدي؟".
لا بد أن شوكتها غرزت في نقطة رقيقة ، لأن بيرس تقدم بخطوة غاضبة نحوها ، ثم سيطر على نفسه بجهد واضح ، و قال لها برباطة جأش: "لا تلقي اللوم علي بذلك يا أليكس.

أمل بيضون 01-10-09 07:40 PM

لقد كان رجلا عجوزا ، أقر بذلك ، لكنه عاش لسنوات عدة بعد أن التقيته لآخر مرة."
إرتجفت شفتيها ، من الغضب و الحزن معا فضغطت عليهما ثم أجابته: "ربما كان الأمر كذلك لكنك عجلت بموته بأخذك كل شيء غال على قلبه."
تصلب بكبرياء غاضب ، و تقززت عيناه الزرقاوان و كأنهما فقدتا الحياة تقريبا. و أجابها: "لم آخذ شيئا لم يكن لي بحكم الحق ، و عوضا عن ذلك تركتك له."
ضحكت أليكس بتكلف. لقد ترك جسدا. جسد إمرأة محطمة! قالت له: "إنك لص ، و قاتل ، و أنا أحتقرك."
بدا وجهه و كأنه قطعة اقتطعت من حجر ، و أصبحت هادئة جدا في ما قال: "ضعي الإحتقار جانبا ، لكني ما زلت أملك شيئا تريدينه."
أجابته: "أقطع يدي قبل أن تمتد لقبول أي شيء منك يا بيرس مارتينو!"
عادت الإبتسامة لترتسم على شفتيه لكنها كانت باردة و قاسية ، و قال: "أنت دائما مأساوية جدا. لقد نسيت أية مخلوقة عاطفية أنت."
لديه الوقاحة فقط ليذكرها بإستجابتها المطلقة له ، إستجابة استغلها من أجل مصلحته الشخصية ، لقد كانت غبية حينها ، لكن ذلك لن يحصل ثانية. قالت له بإيجاز بليغ: "إنك على حق ، لدي شيء علي أن أشكرك لأجله ، تعليمي درسا قيما ، درسا لن أنساه أبدا."
قال برقة: "إن كنت استاذا جيدا ، فأنت كنت تلميذة راغبة بالتعلم بشدة." متعمدا عدم فهم ما رمت إليه ، ثم أضاف: "يبدو أن ذلك قد أفادك ، أيضا ، إذ أنك تبدين أكثر جمالا مما أذكر."
صرت أليكس على أسنانها بغضب. الواقع أنه تزوج من فتاة بريئة. و كان أمرا وجدت صعوبة في التأقلم معه، بالنظر لم تبعه. اعتصرت معدتها لإنعدام إحساسه إذ عمل على تذكيرها بذلك الآن ، فقالت: "أتمنى أن لا تتوقع مني أن أشكرك على ثنائك. لأنه بصراحة تامة ، سيخنقني لفظ تلك الكلمات."
رقصت عيناه ، و قال: "ذلك لن يفي بالغرض أبدا. ربما علي التوقف قبل أن تصابي بسكتة قلبية ، لكني لا أستطيع مقاومة ذلك. تعجبني قصة شعرك هكذا ، إنها تجعلك تبدين أنيقة و حساسة في آن معا. عمل رائع. متى قصصته؟"
أجابته: "في الواقع ، قصصته لأول مرة منذ خمس سنوات!" و تركته يستنتج ما يريد من وراء ذلك.
لم يكن بيرس بطيء الفهم قط ، و قد فهم الآن ما قصدته على الفور. فقال لها: "آه ، مع كل ما هو قديم ، و أهلا بكل جديد... كنت معجبا جدا بشعرك الطويل الأسود ، كنت أحلم في غمر أصابعي و الأمساك به."
كاذت أن تختنق حينها ، لأنها كانت تقريبا تحلم الأحلام ذاتها عنه ، حتى بعد أن إنتهى الزواج بفترة طويلة. كانت الذكرى الآن تبدو كقطعة جليد حول قلبها. فقالت: "ذلك هو السبب الذي جعلني أقصه تماما." و أضافت محاولة أن تعيده إلى حقيقة قدره: "لم أرد أن يبقى شيء يذكرني بك."
لف بيرس ذراعيه ، و تأملها بتهكم قائلا: "و مع ذلك لم تنسِ ، على ما يبدو. ألهذا السبب أنت وحيدة هنا الليلة؟"
شهقت بحدة. ليس هناك من رجل آخر مثل بيرس يطرح أسئلة بفوارق دقيقة في المعنى لا تكاد تدرك من قبل الآخرين. أجابته: "يمكنك أن تحرر نفسك من فكرة أن لك أية صلة في حياتي الآن. إني هنا لوحدي لأن والدي مريض ، و على الأرجح أنك تعرف ذلك جيدا. لكنا أتينا كعائلة مجتمعة ، لكن عوضا عن ذلك أتيت بمفردي. هل يرضي ذلك فضولك؟"
أجابها: "ليس تماما. هل جميع الرجال في إنكلترا عميان؟ ألم يكن هناك أحد ما غيره ليرافقك؟"
أتخذت وضع المقاتل ، و سألته: "ماذا تريد أن تعرف بالضبط يا بيرس ، حالة حياتي العاطفية؟"
أجابها: "نظرا لحالتك المتوقدة ، أستطيع القول أنك لم تحصلي على فرصة واحدة ، أو أن أسلوبه سيء جدا فتركك محبطة."
سألته: "كيف تجرؤ؟"
"أيعني ذلك أنني مخطئ أم أنني على صواب؟"
أجابته بغضب: "ذلك يعني أن وقاحتك ثقيلة ، و ليس في نيتي الإجابة عن سؤال شخصي كهذا."
ضحك ثم قال لها: "أعتقد أنك فعلت هذا للتو. منتديات ***** على أي حال ، إن لم يكن الرجال قد شغلوا وقتك ، فماذا كنت تفعلين طوال السنوات الخمس الماضية؟"
أجابته: "يسعدني القول أني كنت أتقدم بشكل رائع بدونك."
أجابها موافقا: "هذا ما أراه." و بقليل من الصعوبة ثمن ملابسها و مجوهراتها ثم أضاف ساخرا: "إنك تعيشين فوق ما هو متاح لك. من دفع ثمنها جميعها ، والدك؟"
أتقدت إحمرارا من جديد ، و أجابته بحدة: "غير صحيح. إني أكسب المال لأدفع ثمن ملابسي ، و ذلك من خلال العمل بجد. و مجوهراتي هي هدية ذكرى مولدي الواحد و العشرون ، و لا أظنك ، تظنّ علي بذلك!"
قال بتهكم: "تتكلمين و كأنك لبوة تدافع عن أشبالها."
أجابته: "لم لا؟ ربما إنك تستمتع بضرب الناس فيما هم في الحضيض و لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ، أما أنا فلا ، و في الحقيقة ، أني لا أحب حتى مصادقة أناس هكذا. لذا إن كنت لا تمانع..." إبتسمت إبتسامة باردة ، و كادت أن تمر من أمامه ، إلا أن يده أمتدت لتمسك بيدها و تؤخر مغادرتها.
"ليس بهذه السرعة. ما زال علينا التحدث."
حاولت أن تبعده عنها ، لكنه قاوم ذلك دون بذل أي جهد ، و كل ما استطاعت القيام به هو أن ترمقه بنظرة قاسية قاتلة بفتور: "بقدر ما يعنيني الأمر ، لقد قلنا أكثر مما ينبغي."
هز بيرس رأسه قائلا: "يا عزيزتي ، لم نبدأبالحديث بعد. لكنك محقة. ليس هذا هو الوقت أو المكان المناسبين. سأكون في مكتبك صباح الغد عند الساعة العاشرة."
"يمكنك أن تأتي ، لكنني لن أراك فلدي مواعيد طوال اليوم و كذلك في المستقبل المنظور."
أفلت معصمها ، لكن فقط ليرفع يده ليمسك بذقنها ، ليرغمها على التحديق به قائلا: "تفرغي لذلك! و إن لم يكن هذا تحذيرا كافيا ، توقفي عن التفكير بنفسك و إبدأي التفكير بشأن موظفيك بدلا من ذلك. قد تكون هذه ربما فرصتك الأخيرة في إنقاذ وظائفهم. إن الأمر على عاتقك يا أليكس. هل يمكن تحمل نتائج كبريائك؟" و استمر تحديق عينيه في عينيها للحظة أطول ، مطلقا سراحها من بعدها و هو يعدها بقوله: "حتى نهار الغد." و غادر الغرفة بإيماءة من رأسه.
راقبت قامته المديده و كتفيه العريضتين و هو يمشي مبتعدا ، فيما كانت تغلي من شدة الغضب الهادر. كم تمنت أن تقول له أغرب عن وجهي ، لكن كلماته أوقفتها ، حيث كانت متأكدة من أن كلماته قد تمنعها. لقد عرف أيضا أنها سوف تراه في الغد ، من أجل الوظائف العديدة التي كانت تحاول بصعوبة إنقاذها ، لكن دون أن يحالفها النجاح. طعم الفشل كان شيئا كريها يجب أن تبتلعه الآن. ها هو بيرس يلمح أنه قد يكون مستعدا لفعل شيء ما ، و بالرغم من أنها تكرهه ، كانت تعرف أنه لا يمكنها أن تصده.
غادرت الحفلة باكرا ، لكنها لم تذهب مباشرة إلى المنزل ، بل استقلت سيارة أجرة إلى مستشفى لندن حيث كان ستيفن بتراكوس ما زال في غرفة العناية الفائقة. فقد عانى منذ ثلاثة أسابيع مضت من نوبة قلبية حادة ، و قد سبقتها نوبة أقل حدة. كان بقاؤه على قيد الحياة أشبه بأعجوبة. كانت حياته معلقة في الميزان عندما أكتشفت حالة شؤون دار النشر المحفوفة بالمخاطر. فيما كان الأطباء يكسبون ببطء معركة بقاء والدها على قيد الحياة ، كانت هي ما تزال تحاول إنقاذ شركته.

أمل بيضون 01-10-09 07:41 PM

تطلعت أمها التي كانت تحيك الصوف بصنارتها نحوها ، عندما دخلت أليكس إلى الغرفة. و قد رسمت المرأة الضعيفة ذات الوجه الشاحب الصغير إبتسامة مرحبة عند رؤية ابنتها قائلة: "مرحبا ، يا عزيزتي ، هل أمضيت وقتا طيبا؟"
أنحنت أليكس لتطبع قبلة على الخد الناعم. كانت إميلي بتراكوس إمرأة من النوع الذي تضفي طبيعتها الحلوة حماية من حولها ، و ليس أكثر من الحماية التي تقدمها فعلا لعائلتها ، و أصبح أمرا غريزيا لديها و قبل مرض والدها بزمن طويل ، أن تحمي أمها من الجانب القاسي جدا في الحياة. و سبب ذلك هو الفوضى التي تكافح بيأس لتسويها الآن. لكن رغم أن والدتها كانت تشتبه بالتأكيد أن هناك شيء ما ، و طالما أن والدها لم يخبر زوجته بشيء ، إذا فإنها لا تستطيع أن تقول شيئا لها أيضا. الأمر الذي جعل أليكس الآن ترسم على وجهها إبتسامة فرحة.
أجابتها: "آوه ، أنت تعرفين كيف تجري هذه الحفلات. كان سبب إقامتها وجيها. كيف حال والدي؟"
تنهدت أمها مجيبة: "إنه نائم الآن ، لكنه كان متعبا جدا قبل ذلك. أتمنى لو أنه يخبرنا ما الأمر." و أخذت تلوك شفتها بإهتمام ، و دون أن تدري أكدت شكوك ابنتها.
عانقتها أليكس ، قائلة : " حاولي أن لا تقلقي ، يا اماه ، أنت تعرفين كم يكره والدي أن يكون مريضا خاصة عندما يبعده المرض عن أعماله. على أية حال ، إني اسيطر على الأمور مؤقتا ، و اعتقد أني قد أحمل إليه أخبارا جميلة في القريب العاجل." و توسلت في قرارة نفسها آملة أن يكون ذلك صحيحا.
قالت إميلي بتراكوس و هي تبتسم : "انك قوية يا أليكس. و لا أحد يعلم ماذا كنت لأفعل من دونك." ثم زالت إبتسامتها ليحل محلها التجهم و هي تضيف : "لكنك تبدين متعبة يا عزيزتي ، ألا تنامين؟"
كان النوم أمرا نادرا هذه الأيام ، و حتى حين كانت تغفو قليلا كانت أحلامها مزعجة، إلا إنها ما كانت لتعترف بتلك الأمور. لذا قالت : "إنني بخير ، كل ما في الأمر ان اليوم كان يوما مرهقا، أنوي أن أذهب إلى الفراش مباشرة عندما أصل إلى المنزل. لا تنسي أن تنامي أنت أيضا يا أمي. أنت تعرفين أن رؤيتك قلقة ستحزن والدي كثيرا."
أجابتها: "أنت تجعلينني أبدو كدواء!"
ضحكت أليكس برقة، و قالت: "أنك كذلك ، و أفضل دواء يمكنه الحصول عليه." تظاهرت بالتثاؤب، نظرت إلى ساعتها ، و اضافت ، قبل أن تقبل أمها مرة أخرى و تغادر : "من الأفضل أن أذهب . سوف أمر عليكما غدا. قبلي والدي عني و أخبريه أن لا يقلق."
كانت شقتها تقع قرب النهر في تشيلسي. كانت شقة صغيرة إلا إنها كانت تناسبها تماما ، استأجرتها قبل زواجها القصير جدا. و لأنها رفضت أن تقبل أي مساعده مالية من مطلقها ، كانت سعيدة بالعودة إليها لتضمد جروحها. دخلت و هي تتنهد بارتياح، و لم تشعر بالأمان إلا بعد أن اقفلت المزلاج. بيرس هو من جعلها تشعر هكذا، و كأن عليها أن تهرب، و أن تستمر في الهروب. سارت نحو غرفة الجلوس ، ألقت بمعطفها على الأريكة و سارت لتسكب لنفسها شرابا منعشا. كان حضوره صدمة بالنسبة إليها، فهي لم تتوقع أن تراه ثانية بعد الطلاق. ثم فكرت و قد قلبت شفتيها ، بعد كل ما جرى ، لماذا عاد و قد أخذ كل ما أراده؟
لقد صدقت يوما أنها تجسد تلك الكلمات الثلاث العاطفية لكنها لم تكن سوى اداة. فقد اعد خططه كجنرال في الجيش، خطط لكل شيئ. فكانت كل الكلمات الرقيقة و نظرات الحب التي تبادلاها مجرد تصميم لهدف واحد. ليخفي وراءه هدفه الحقيقي.
لم تعرف أحدا في حياتها قط قد يستطيع التظاهر على هذا النحو. لقد أحبته و صدقت أنه يحبها، لكن ذلك ما كان يفترض أن تعتقده. كانت سذاجتها كسوط لروحها المعذبة.
كانت في الواحدة و العشرين من عمرها صغيرة بالنسبة إلى عمره البالغ التاسعة و العشرين و الواسع الخبرة، و لولا ذلك ما كان ليتأكد أنها ستقع في حبه فقد كان يعرف ما يكفي عن النساء ليستطيع أن يجعل ذلك الأمر ممكنا بشكل واضح.
أخذت أليكس ترتجففتقوقعت على كرسي ذات ذراعين ، كان بيرس محقا بشأن حياتها العاطفية ، فقد كانت خالية فعلا. و هل هناك أي عجب في ذلك؟ فما قاسته على يديه جعلها تخشى النار كأي أنسان مذنب.
لن تؤمن أي رجل على سعادتها ثانية. لديها بعض الأصدقاء من الرجال و الذين خرجت برفقتهم أحيانا، لكن رغم أنها كانت تعرف أن بعضهم كان يرغب في توثيق العلاقة أكثر، إلا إنها كانت دائما منتبهة لإبقاء مسافة بينها و بينهم.
توقف أصدقاؤها عن سؤالها عن سبب تغيرها بعد عودتها من امريكا عندما تمنعت عن الإجابة، و رغم ذلك استمروا في محاولة إيجاد زوج لها . لكنها في أحسن الأحوال كانت محاولة فاترة ، و احترموا رغبتها الخفية بعدم البوح عن خصوصياتها.
أغمضت عينيها. فقد كان إيقاف الأسئلة أمر سهل، لكن إيقاف الذكريات كان أمرا آخر. كانت المشاهد ترواد ذاكرتها الواحد تلو الآخر ، لكن رغم إنها كانت تطاردها ، تنام حينا و تستيقظ احيانا خلال السنوات الخمس الماضية، ثم أخذت تطول الفترة بينها ، حتى لم تفكر به منذ فترة طويلة ، لكن الليلة عاد كل شيئ بقوة.
كان بيرس ذكي جدا ليجعلها تعتقد ما ارادت أن تصدقه ، أنه يحبها. إلا إنه لم يفعل ، لقد بدا لها ذلك واضحا في ساعة قصيرة واحدة. لقد لعب دوره ببراعة فائقة، حتى أنها لم تكتشف ، إلا صباح اليوم الذي تلا زفافهما ، إن الرجل الذي تزوجته ليس سوى دجال.
و التقت أخيرا، في اليوم الذي كان يفترض أن يكون بداية حياتهما معا ، بيرس مارتينو الحقيقي...



latiana 02-10-09 03:14 AM

رواية رائعة احلفك بالله تكمليها وجزاك الله كل خير

shadwa 02-10-09 08:35 AM

الرواية شكلها روعة يا ريت تكمليها شكرا ليكي

sleeping beauty 03-10-09 03:15 AM

:syria8:رواية رائعة جدا ارجو انك تكمليها:44:

saranomy 04-10-09 01:47 AM

احسنتي بس ياريت ماتأخري علينا
بليز

anabel 04-10-09 01:54 AM

الروايه كتير

بتجنن

جورجينا 04-10-09 11:13 AM

سلمت ايديكي ناكرينك

أمل بيضون 04-10-09 01:23 PM

الفصل الثاني
كان يوما متعبا من العمل ، رغم أن أليكس لا تمانع العمل بجد إطلاقا. كانت على وشك إنهاء فترة ستة أشهر من تبادل العمل، و إكتشافها كيف أن شركة مماثلة تماما تعمل، سوف يمنحها بالتأكيد فائدة كبيرة عند عودتها إلى إنكلترا. الآن و قد باتت أسابيع قليلة فقط تفصلها عن المكان ، حيث ستستلم وظيفتها كمديرة تنفيذية مبتدئة في أعمال الاعلان و النشر التي أسسها والدها. و كان أصدقاؤها الجدد يشاركون في النشاطات الإجتماعية الليلية بنشاط لا يقل إطلاقا عن نشاطهم خلال العمل في النهار ، و لم تكن هي معتادة على المشاركة بالنشاطات طوال الوقت . و لهذا السبب كانت تشعر بالتعب ، و شكرت حظها لأنها استطاعت أن تتخذ الاستعدادات اللازمة الليلة ، للذهاب إلى المسرح مع بعض أصدقاء والدها.
كانت المسرحية جميلة جدا . و كانت تناقشها بحماس في البهو خلال في الاستراحة الأولى ، عندما شعرت بعينين تحدقان بها ، كان الاحساس غريبا . و قد جعل شعر جسدها يقشعر ، و شعرت كأن تلك العينين المجهولتين تجبرانها على الاستدارة . و فعلت، لأنها لم تستطع أن تمنع نفسها من ذلك، و أخذت عيناها تبحثان بين الحشد للحظات قليلة قبل أن تقعا على عينين زرقاوين مشعتين، بدا أنهما اصابتاها حتى اعماق روحها. افترت شفتاها عن تنهيدة صامتة فيما بدت غير قادرة على إبعاد عينيها عن الرجل الذي يقف على بعد ياردات قليلة منها، و انطلق بين عيونهما في هذه الثواني القليلة احساس قوي ، ثم كلمه احدهم فاسترعى انتباهه، عندهافقط اطلق سراحها.
استدارت أليكس على الفور لتبتعد، لكن دافعا لا يقاوم جعلها تنظر إلى الوراء من فوق كتفها. شعرت أن قلبها يخفق بجنون، و دون أن تشعر ضغطت بيدها على حنجرتها. كان ما يزال يتكلم، و لم ترى سوى جانب وجهه فقط لكن حتى ذلك سبب لها حالة من الإنزعاج الحذر جعل عضلات معدتها تنكمش. إنه الأكثر وسامة بين الرجال الذين رأتهم في حياتها، كانت بذلته تناسبه تماما ، فيما كان واقفا و يديه في جيبي سترته. بدا لها و كأن الدم في عروقها يخر ، و جف ريقها.
و عندما رفعت عينيها المذهولتين رأته يعتذر ، و بدأ يتجه نحوها.
نظرت بعيدا للمرة الثانية، لكن التوتر الذي غمرها انذرها باللحظة المحددة التي وقف فيها إلى جانبها. كان عقلها قد توقف عن العمل منذ وقت طويل ، لكنها سمعت مرافقيها يستقبلونه بسرور. و اجابهم بصوت خفيض رقيق، ثم سمعت اسمها، فكان عليها أن تستجمع نفسها بسرعة.
كان روبرت ولز يقول لها بمرح: "أليكس، نريدك أن تتعرفي على صديق طيب لنا ، بيرس مارتينو، هذه الشابة انكليزية ، و ابنة صديق قديم، أليكس بتراكوس."
مدت أليكس يدها بعفوية ، و هي تعرف أنها تحدق به بيأس و كأنها مغفلة، قالت له بصوت اجش: "كيف حالك؟" و شعرت أن اليد التي غمرت يدها ، ضغطت عليها قليلا. كان ذلك و كأنها لمست تيارا كهربائيا.
قابل بيرس مارتينو بصمت تلك النظرة بمثلها للحظة، و خالج أليكس شعور غريب جدا بأنه صدم. ابتسم بعد ذلك و تنحنح قائلا: "اعذري عدم تهذيبي، لكن لهجتك أربكتني، ناهيك عن جمالك ، و هذا كثير على رجل ضعيف."
حذرتها أوليفيا ولز و هي تضحك قائلة: "احذري ، يا أليكس لدى بيرس سمعة كبيرة ، إنه الثعلب بحد ذاته."
ترك بيرس مرغما يد أليكس؟، و بقي كل انتباهه منصبا عليها حتى بينما كان يجيب على المرأة الأخرى قائلا: "توقفي عن ذمي يا ليفي، إنك ستخيفينها."
غمر لون رقيق وجنتي أليكس ، قيما كانت تلوك شفتيها بعصبية مما جعل لونهما يصبح غامقا و مثيرا. و قد تتبعت عيناه حركتها تلك بدقة. فقالت بجرأة: "أفضل أن أكون احكامي الخاصة على الناس." و رأت شفتيه تتقوسان عندما ابتسم.
أجابها برقة: "ارتحت لسماعي ذلك." جاعلا أليكس تشعر و كأنهما الشخصين الوحيدين في الغرفة. ثم أضاف: "بتراكوس؟ يبدو اسما يونانيا و ليس انكليزيا."
أجابته بشق النفس تقريبا: "قدمت عائلتي من اليونان بعد الحرب. أمي انكليزية، و أنا ولدت هناك." و فيما رن الجرس معلنا بداية الفصل الثاني من المسرحية ، عضت على شفتها ، و قد أدركت أن عليهم الذهاب ، لكن فكرة أنها لن ترى هذا الرجل ثانية جعلها تشعر بالبرودة داخل نفسها.
أقفها بوضع يده على ذراعها ليسألها قائلا: "هل لي أن أدعوك غلى العشاء بعد المسرحية؟"
شعرت و كأن قلبها طار على أجنحة الفرح، و كانت متأكدة من أن ذلك انعكس على وجهها. و تذكرت قبل أن تنطق بأية كلمة أنها ضيفة عائلة ولز فأجابته: "أحب ذلك، لكننا سبق و حجزنا طاولة للعشاء."
علقت أولفيا بظرف على ذلك قائلة: "إنها تتسع لأربعة، أنضم إلينا يا بيرس."
قال موافقا: "سيكون ذلك من دواعي سروري." و ابقى عينيه طوال الوقت على أليكس، التي شعرت أنها تغرق في أعماقهما اللتين لا يسبر غورهما. ثم وعدهما بصوت أجش قائلا: "حتى نلتقي في ما بعد ، إذا." و ابتسم ابتسامة اخيرة قبل أن يبتعد.
أوضحت أوليفيا قائلة بتعجب: "حسنا! لا أعتقد أني رأيت بيرس يتأثر هكذا من قبل اطلاقا، انك بالتأكيد اصبت سهما هناك، يا أليكس."
كانت تأمل ذلك بالتأكيد، عرفت أليكس أنها وقعت في الحب من أول نظرة رغم أنها ما كانت تثق بذلك فعلا. و تاهت عن بقية المسرحية كلها، لأن افكارها كانت تسرح بعيدا جدا ، و لم يكن باستطاعتها أن تروي ما حدث، رغم أنها صفقت عند النهاية. و بدا أن الحياة عادت إليها فقط عندما خرجوا أخيرا إلى البهو و رأت بيرسينتظر عند الباب.
كان العشاء في المطعم القريب اكثر من عشاء عادي من جراء المشاعر الجديدة التي غمرت قلبها. و في ما بعد ، لم يكن هناك أدنى شك من أن بيرس سيوصلها إلى المنزل.
سار معها حتى باب الشقة التي كانت تستاجرها. و أخذ منها المفتاح و فتح الباب، و بقي ممسكا بيدها عندما اعاد المفتاح. ثم أخذ ينظر إلى وجهها المضطرب.
و تمتم بأنين متحسر غريب قائلا: "اليكس بتراكوس ، من كان ليعتقد أنك ستدخلين حياتي و تقلبينها رأسا على عقب؟"
حركت تلك العبارة أشياء غريبة في رأسها. سألته: "هل فعلت؟"
افترت شفتاه عن ابتسامة ساخرة ، و أجابها: "آه، أجل. بكل تأكيد. لم أكن اتوقعك."
"لم أكن أتوقعك، أنا أيضا، اتيت إلى هنما للعمل و ليس..." تعلثمت و توقفت عن الكلام.
ردد بيرس موافقا: "ليس." و هو ينظر في عينيها بغموض و اضاف: "ربما ليس من الذوق السليم أن ادخل منزلك في أول موعد لنا ، لكن رغبتي تعرف اني أريد ذلك."
سرقت الرقة التي غمرت صوته انفاسها، سألته: "أهذا موعد؟"
أجابها واعدا: "الأول من بين العديد."
قال بعد لحظات صمت: "الرجل الحكيم ينسحب عند هذه النقطة، لكن يبدو انني لا استطيع، ستتناولين العشاء معي غدا."
لم تفكر حتى في أن تقول لا، لكن لم يكن لديها فكرة كم ستغير كلمة "نعم" التي ستقولها حياتها.

أمل بيضون 04-10-09 01:24 PM

ذهبت معه لتناول العشاء عشية اليوم التالي، و مرت الساعات بسرعة . و في الوقت الذي اعادها فيه إلى المنزل، كان حبها له أصبح عميقا جدا. كان شخصا يسهل التحدث إليه، مهتما بكل ما تقوله. و عندما أخذ يتكلم عن نفسه انشغلت بتأمل تعابير وجهه المتغيرة ، و الاستماع إلى النبرة الرقيقة في صوته ، مما جعلها غير قادرة على تذكر كلمة مما قاله، لكنها و رغم ذلك كانت مأخوذة به.
لم تلتق رجلا مثله في حياتها، إنه وسيم أنيق ، آسر بشكل لا يوصف ، جعلها تفتتن به. فكان بيرس كنسمة هواء منعشة بالنسبة لها.
اختار أن يرضي احاسيس أخرى ، فأصبح كل موعد مغامرة فيما يطلعها على تجارب جديدة و مثيرة، فقد يخضعان يوما للاستماع إلى الأوبرا الجليلة حيث يذهبان بعدها لتناول عشاء في مطعم راق ، و قد يسيران في اليوم التالي حفاة الأقدام على الشاطئ ، و يأكلان محار بحري على الرصيف الممتد على شاطئ البحر . و كان ذاك الانجذاب الضمني قائما بينهما، و لكن كان ذلك دائما ضمن الحدود. ثم و في إحدى الليالي، و فيما كان جالسا على الاريكة في منزلها ، قال لها بصوت أجش : "عندما آخذك إلى منزلي ، يا أليكس ، سيكون ذلك بعد الزواج ، و ليس بعلاقة عابرة."
و فيما كانت تنظر إليه ، دمعت عيناها و سألته بلهفة تحمل بعض الشك: "أتريد أن تتزوجني؟"
ابتسم ابتسامة ساخرة و قال: "اعتقد أن علي أن أفعل ذلك، قبل أن أفقد السيطرة على نفسي."
بحثت عيناها في عينيه، كانت تريد أن تتأكد و قالت له: "تعرف أنك لست مرغما على الزواج بي ، يا بيرس."
كانت نظرات عينيه الزرقاوين تحرقها ، ثم قال لها متهما: "اعرف ، لكن إما الزواج أو لا شيئ ، ام أنك لا تريدين الزواج مني؟"
صرخت قائلة: "أوه، لا! إني أريد الزواج منك يا بيرس، أنا أحبك كثيرا."
و بعد ثوان قليلة ، أوضح قائلا بصوت عميق : "إذا سنتزوج حالما استطيع الاعداد لذلك. لن تمانعي إن كنا نحن الاثنين فقط؟ لا أصدقاء ، و لا عائلة؟"
نظرت إليه ، و السعادة تغمرها ، و قالت : "ابي و امي لن يعارضا طالما سأكون سعيدة."
و هكذا، تزوجا بعد أيام قليلة في لوس انجلوس ، دون أن يخبرا أحدا أبدا، و استدعيا شهودا على زواجهما ، أشخاص غرباء لا يعرفونهما، و اتجها بسرعة من حيث اجريت مراسم الزواج إلى المطار ليلحقا بالطائرة المتجهة إلى نيويورك ، لم يكن يقلقها إنها لا تعرف عنه سوى القليل جدا، عدا أنه اميركي و رجل اعمال ، لقد وقعا في حب بعضهما البعض، و كان وقتهما ثمينا جدا للاهتمام بأمور كهذه. عرفت أنه رجل أعمال ناجح، لقد اكتشفت أن الحب هو كل ما يحتاجاناه ليكونا سعيدين.
كان الوقت متأخرا جدا عندما وصلا غلى شقته. و وجدت أليكس نفسها فجأة متوترة. قد تكون هذه هي المرة الأولى التي يتواجدا فيها بمفردهما بالفعل، و ما ينتظرها في تلك الليلة جعلها ترتجف من الخوف. لم تتواجد مع رجل لوحدهما تحت سقف واحد طوال عمرها البالغ واحدا و عشرون عاما، كان مزاجه يبدو غريبا. كان هادئا طوال الرحلة ، منشغل البال، و عندما تكلم كان هناك تكلف غريب في تصرفه، الأمر الذي وجدته مثيرا للأعصاب قليلا.
و عندما استمر في مزاجه الغريب حتى عندما كانا يتناولان الوجبة التي كانت مدبرة منزله قد أعدتها لهما و التي لم يكن أيا منهما يتناولها بشهية، وجدت نفسها مجبرة على الكلام، فسألته: "هل كل شيئ على ما يرام؟"
استمر بيرس بتقطيع قطعة اللحم ، دون أن يرفع نظره غليها، ثم رمى بالسكين و الشوكة جانبا و رفع عينيه لتلتقي نظرتها الخائفة بنظرة كانت تعرفها جيدا، و التي جعلت قلبها يدق بقوة في صدرها.
قال موضحا بصوت أجش: "لا، الأمور ليست على ما يرام، أنا أريدك ، يا أليكس."
كانت تلك الليلة أجمل ليلة عرفتها في حياتها، ليلة دخلت فيها إلى عالم جديد لم تعرفه من قبل.
تقلبت أليكس في مخدعها في الصباح ، و سرت في جسمها موجة دافئة من السعادة الكلية لأنها لم تعد أليكس بتراكوس فقط بل السيدة بيرس مارتينو.
لكن كل ذلك كان الليلة الماضية. لقد أشرق الصباح الآن ، و كل ما عليها القيام به هو أن تمد يدها و تلمس شعره الداكن.
كانت حركة لم تكملها اطلاقا، لا، زوجها انتفض بعيدا عند أول لمسة لها ، جلس ، و دفع الغطاء . و صرخ قائلا: "لا تلمسيني." و صدمتها نبرات صوته الثائرة ، مما جعلها غير قادرة على الحراك، لكن فقط لجزء من الثانية ثم نهضت هي أيضا، و هي تنظر غليه دون أن تصدق ما سمعته اذناها ، فيما كان هو يبتعد عن السرير بخطوات ثابتة. ازاحت بيد مرتجفة خصلات شعرها الطويل و قد غشت عينيها الرماديتين ، سحابة من الألم.
سألته بنبرة كانت تتأرجح بين دعابة وادعة و رعب مما قد يحدث: "ماذا؟"
بدا و كأن زوجها الطويل ، النحيل ، الداكن الشعر قد تصلب لدى سماعه صوتها ، لكنه لم يوقف تقدمه نحو الحمام.
استجمعت أليكس أفكارها المبعثرة و نهضت من الفراش بسرعة . عليه أن يفسر لها معنى تلك الكلمات إن كان يريد منها أن تعتبرها مجرد دعابة إن كانت حقا كذلك.
استطاعت أليكس أن تبقي صوتها طبيعيا بجهد كبير، لكن رغم ذلك كانت صدمتها جلية عندما نادته قائلة: "بيرس! ليس ذلك مضحكا يا عزيزي."
و صدف أن بيرس كان منحنيا فوق المغسلة بانتظار أن يمتلئ الحوض بالماء، فأقفل صنبور الماء قبل أن يميل برأسه نحوها. لم تستطع أن تحبس تنهيدة خانتها فيما كانت عيناه تتفحصانها من رأسها حتى أخمص قدميها بإزدراء، و انتابتها موجة مؤلمة من الشعور بالاذلال لم تخالجها من قبل قط. فاتسعت عيناها و شعرت بشيئ ثقيل و بارد كالحديد يملأ معدتها.
كان صوت بيرس يحمل إهانة أيضا عندما تكلم قائلا: "لم أتخيل للحظة أنها كذلك."
لم تستطع أن تصدق أنه يقول شيئا يؤلمها هكذا، ليس بهذه البرودة. لم تكن دعابة ، بل كانت شيئا حقيقيا مريعا أكثر من ذلك. و كان عليها أن تعرف ما هو قبل أن ينهار عالمها و يتحول إلى حطام. فقال: "بيرس! ماذا حدث؟ ما الخطب؟"
كان بيرس منشغلا بوضع صابون الحلاقة على ذقنه، إلا أنه توقف ليرميها بنظرة ساخرة بدت و كأنها تحط من قدرها و قال: "ما الذي يجعلك تعتقدين أن هناك خطب ما؟"
و تعثرت في شرك من الارتباك. حتى الأمس كان محبا للغاية، و الآن... و بحثت يائسة في فكرها عن جواب ما، أي شيئ قد يوقف التيار المظلم من الألم. سألته: "هل هناك شيئ ما فعلته؟ هل أنت نادم على الزواج مني؟" لقد كان الشيء الوحيد الذي يمكن أن تفكر به.
ضحك لسماعه ذلك، و قال دون أي أثر ينم عن المزاح: "لا، كان عندي كل العزم على الزواج منك. كان ذلك ما أردت."
كان ذلك هو الجواب الذي أرادت سماعه، لكنه كان يحمل في طياته ما أصاب قلبها بقشعريرة. لقد بدا باردا جدا، و خاليا من العاطفة كجوال في متاهة، عرفت أن هناك طريقا واحدا للخروج من هذه المتاهة، و ذلك أن تتبع الممر الذي وضعها فيه و قالت: "قد تكون أردت ذلك، لكن اعرف أن هناك خطب ما. لست حمقاء كثيرا، بقدر ما ابدو بالنسبة إليك الآن. اعرف ذلك فقط، أنه مهما كان الأمر ، فبإمكاننا أن نحله سوية. هذا كل ما يتطلبه الأمر عندما يحب شخصان بعضهما الآخر."
لم يزعج زوجها نفسه حتى في أن يوقف حلاقته. فقال: "من قال شيئا عن محبتنا لبعضنا؟"
كان السؤال الفظ ضربة قاضية هزت كيانها. شعرت أليكس بألم في حنجرتها و هي تدفع صوتها لتقول له: "لكنني احبك يا بيرس."
قال: "هذا أوافقك عليه." و رمقها بنظرة حادة من عينيه الزرقاوين جعلتها تدرك ما قصده.
لم يكن لديها دفاعا تجاه الحقيقة التي أرادها أن تقر بها و صرخت: "لا!" كانت صرختها انكارا صارخا للألم المدمر الذي مزقها.
غسل بيرس بهدوء الصابون المتبقي و تناول المنشفة و قال: "لا، صحيح تماما أن النوم العميق قد فعل العجائب لادراكك."
شعرت أليكس أنها ضعيفة جدا بحيث تمسكت بمقبض الباب حتى لا تقع أرضا، فيما ضغطت يدها الأخرى بشدة على قلبها و قالت هامسة بإنكسار: "لقد أخبرتني بأنك تحبني."
قال: "إذا فكرت بذلك بروية ستتحققين بأنني لم استعمل قط تلك الكلمات."
و جنح فكرها المعذب إلى الوراء، إلى كل محادثة أجرياها، و عرفت أن ذلك حقيقة. فيوم أخبرته أنها تحبه، اجابها بيرس... و أغمضت عينيها أمام عينيه بقلق . لقد ظنت أنه قد أخبرها ذلك ، لكن كلماته الفعلية كانت بأنها لن تدرك عمق المشاعر التي يكنها في قلبه لها!
لم تكن حبا قط، كانت فقط...
كان عليها أن تعرف، رغم أن ذلك آلمها حتى الموت فسألته: "لم تزوجتني يا بيرس؟"
اجابها و صوته يحمل تهكما محزنا: "لم؟ تزوجتك حبا بالانتقام."

أمل بيضون 04-10-09 01:25 PM

دوت الكلمة كالقصف في اذنيها و سألته: "الانتقام؟ لكن ذلك لا يفسر شيئا، من أجل ماذا؟ ما الذي فعلته؟"
عندها رأت الغضب في عينيه ، غضب شديد ازاح جانبا كل الازدراء المريع و سألها قائلا: "هل حفيدة يانيس بتراكوس لا تعرف حقا؟ لا استطيع تصديق ذلك، يا عزيزتي أليكس. ابحثي في ثنايا ذاكرتك، و أنا متأكد انك ستجدين الحقيقة ، بالطبع ، إن لم تستطيعي تدبر الأمر ، يمكنك دائما اللجوء إلي لطلب ذلك." سيطر على غضبه بذلك الاستخفاف الساخر و تابع قائلا: "و الآن ، إن كان علي الوصول إلى المكتب عند الساعة الثامنة و النصف ، يجب أن أغتسل الآن الأمر الذي أفضله مع قليل من الخصوصية إن كنت لا تمانعين." اقفل بيرس باب الحمام بوجهها بعد اطلق رميته الفاصلة و رآها تصيبها في الصميم.
تعثرت أليكس على بعد بضعة اقدام من فراشها و سقطت منهارة عليه. كانت أطرافها مشوشة. الواقع الوحيد الذي تغلغل في اعماقها هو أنه لم يكن يحبها . كانت الكلمات تدور و تدور في رأسها و كأنها اسطوانة معطلة. عندما دخل بيرس عليها بعد دقائق و قد رمقها بنظرة سريعة ، راقبته بوجه شاحب و عينان غائرتان. لم يكن هناك أثر لتلك اللطافة المحببة، فقد بدا قاسيا مظهرا لونه الحقيقي.
توقف قليلا بعد أن ارتدى بدلته الرمادية الداكنة متجاهلا وجودها قبل مغادرته، و قال: "إن اسم مدبرة المنزل هو السيدة رانسوم، ان احتجت إلى شيئ اسأليها فقط."
لم يكن لدى أليكس رباطة الجأش اللازمة لتجيب، و لم يكن بيرس منتظرا لسماع ذلك. تركها دون أن يضيف كلمة أخرى، تركها برفقة تعاستها لشعورها بالغدر و افكارها المعذبة، بعد دقائق ظهرت السيدة رانسوم لتسالها ان كانت تريد تناول الفطور. كانت أليكس في مكانها دون حراك ، و وجهها الشاحب خاليا من أي أثر للدموع التي أبت أن تتساقط لم تكن تشعر بالخدر ، مع أنها تمنت ذلك الأمر الذي يضع نهاية لآلامها.
رفضت بهدوء تناول الطعام جاهدة تصنع ابتسامة على وجهها و هي تقول: "لا، شكرا، يا سيدة رانسوم. ما زلت اشعر بتعب من عناء السفر." التذرع بحجة تلك الظاهرة الحديثة كان أسهل بكثير من اخبارها الحقيقة التي كادت أن تفشيها لو لم تكبحها بقولها: "اعتقد اني بحاجة للراحة أكثر من الأكل."
اومأت مدبرة المنزل براسها و قالت: "حسنا، يا سيدة مارتينو. اتسمحين لي ان انتهز هذه الفرصة لأتمنى لك و للسيد بيرس السعادة؟"
لم تعرف أليكس ماذا تفعل ، أتضحك أم تبكي. السعادة؟ لا بد و أنها قدمت لها جوابا مقبولا، لأن مدبرة المنزل ابتسمت و غادرت المكان.و سقط القناع فيما اخفضت رأسها و قد اظهرت انحناءة عنقها انكسارها المريع. لم تعرف ماذا عنى بيرس بكلامه. فعائلتها لم تمسه بسوء ، حتى انها لم تسمعهم يذكرون اسمه قط. لكن بيرس كان متأكدا جدا . قال أنه يريد الانتقام ، لذا اعد خطة ليخدعها و نصب لها فخا لهذا الغرض. لقد امضى اسابيع و هو يلاحقها طالبا يدها للزواج مستعملا كل جاذبيته ليقنعها بهيامه ، لتكون زوجته حتى يتمكن من نبذها بخشونة بهذة الطريقة.
غطت وجهها بيديها. لكنها أحبته ايضا! كيف يمكنه أن يخدعها هكذا؟ هذا ليس عملا انسانيا ، كان خاليا من المشاعر... و احست بأن قلبها قد تمزق إلى اشلاء ، حتى أن شرايينها كانت تنزف ألما. فيما كان الألم يتعاظم كان يفسح المجال تدريجيا لولادة غضب عارم و حارق.
لم تفعل شيئا حتى تستحق هذا! كانت صرخة من أعماق قلبها اجابت عليها دماؤها. شعرت فجأة أنها تريد أن تؤذيه كما اذاها. ملأت تلك الفكرة جوفها بلهيب متوهج، مجرد ذكرى كيف منحت كل حبها و ثقتها لهذا الرجل جعلتها تشعر بوصمة عار في اعماق روحها. حرارة دموعها احرقت عينيها، لكنها رفضت البكاء امامه، لقد رماها في الحضيض ، لكنها لن تدعه يراها باكية.
عادت أليكس من رحلتها مع الماضي و قد أحست بقشعريرة. و ضعت كوب العصير جانبا دون أن تشرب منه شيئا. و أخذت تفرك ذراعيها براحة يديها لتزيد فيهما بعض الدفء. فالانتقام الذي سعت إليه من خلال غضبها و ألمها لم يتحقق بعد، فقد كانت هذه البداية فقط. لم يحدث معها شيء مؤخرا أثر بها كما فعل غدره بها. فقد اصابها الأذى عميقا متخطيا كل ما عداه.
حتى الآن، كما اخبرت بيرس بأن فترة زواجهما القصيرة قد لقنتها درسا. درسا قيما. لن تقع ثانية في مصيدة كذب الرجل ثانية، و لن تفسح له المجال ليسيطر على حياتها، و لن تكون له القوة ليتلاعب بها و يؤذيها. و لن تطلق العنان لأحاسيسها أن تقودها للغرق في نفس المياه الخطرة حاجبة عنها الرؤية الصحيحة.
لقد تلقت انذارا الليلة بأن جاذبيته طاغية و قد اكتشفت مدى هشاشة انوثتها التي جعلتها ضعيفة امامه ، اذن يجب أن تحترس و تبقي ذهنها صافيا و ان لا تدع عاطفتها تتغلب على منطقها. كانت الطريقة الوحيدة التي تجعلها متقدمة عليه خطوة واحدة إلى الامام ، أنها لا تثق به. لقد تعلمت ذلك بطريقة قاسية.
مهما كانت الخطة التي لديه، فعليها أن تكون على حذر منها. أنها تعرف كل شيء عن شركة مارتينو الآن. كانت متنوعة جدا. كانت هناك شكوك حول تهديده بالاستيلاء.
فقد كانت لديه عادة الحصول على الشركات النهارة حيث يعمد إلى تجزئتها ثم يبيعها كسبا للربح. إن كان هذا ما يفكر به ناحية دار بتراكوس للنشر، فعليه أن يعيد حساباته ثانية.
كانت سمعة بيرس الشخصية ناصعة البياض، فلديه لمسة ميداس. كان أمرا نادرا أن تكتب عنه كلمة في غير مدحه. و مع ذلك فقد كان هناك فارق بين شخصه كرجل اعمال و بين ما عرفت عنه مؤخرا كرجل. لو لم تكن امبراطورية بتراكوس في ضائقة ماسة ، لكانت قطعا دونما حاجة إليه. لكن عليها أن ترغم نفسها لتتغاضى عن كبريائها و أن تكون عملية من أجل معيشة الآلاف من العاملين في المؤسسة.
ان أبقت تفكيرها ضمن هذا الاطار فيمكنها أن تتولى أمر بيرس. فقد نضجت كفاية على مدى الخمس سنوات الأخيرة. و عرفت أنها أصبحت أكثر نباهة و ذكاء. لن تكون جبانة و تفر هاربة. هذه المرة ستقف في وجهه و ستنتصر عليه.
كانت مجرد فكرة جعلتها ترسم ابتسامة مشدودة على شفتيها و شقت أخيرا طريقها إلى غرفتها. ربما يمكنها أن تنتقم أخيرا.



أمل بيضون 04-10-09 01:27 PM

الفصل الثالث


ارتدت أليكس ثيابها صبيحة اليوم التالي بعناية زائدة. فلقاؤها هذا مع بيرس سيكون امتحانا لإرادة كل منهما، و تقضي مصلحتها أن تظهر واثقة بنفسها تماما. لذا اختارت لنفسها ثوبا اسود اللون زينته بدبوس مرصع بالألماس على الياقة، كانت قد ورثته عن جدتها ، و جعلته متكاملا بوضع اقراط ماسية في اذنيها و سلسلة ذهبية بسيطة حول عنقها.
تقدمت نحو المرآة و نظرت فيها لترى مدى الأثر الذي قد يتركه ظهورها امامه . كانت مسحة الزينة التي وضعتها متقنة و خفيفة و كانها لم تضع شيئا، و رضيت عن نفسها.
إنها تبدو امرأة اعمال تسيطر على حياتها تماما. لقد عملت بجد لكسب عيشها و كسب الاحترام الذي تتلقاه الآن. و لم تكن لتتخلى عن ذلك بسهولة.
كان الوصول إلى المكتب امرا مرهقا دائما، لكن اليوم سبب آخر زاد من ذلك. كان الوصول متأخرة آخر شيء تريده أليكس فهي تعرف كم من الصعب تعويض الوقت الضائع. و إبقاء بيرس منتظرا لم يكن جزء من خطتها، إنما ارادت أن تريه أن بإمكانها المحافظة على برودة اعصابها تحت الضغوط . و لحسن الحظ كانت الأمور تسير لصالحها.
و سرعان ما استقلت المصعد من موقف السيارات السفلي ليوصلها إلى مكتبها في الطابق الأعلى. عرجت أليكس على سكرتيرتها المنكبة على عملها بجد قائلة لها: "طاب صباحك يا روث."
نظرت إليها المرأة بابتسامة و قالت: "طاب صباحك يا أليكس، كيف حال والدك؟"
أجابت أليكس و هي تنقر بأظافر اصابعها المطلية بلون زهري على سطح طاولة المكتب اللامعة قائلة: "بخير، اسمعي ، من الأفضل أن تغادري مكانك الآن. سيأتي أحدهم لزيارتي عند الساعة العاشرة ، لذا أريدك أن تخلي المكان لي."
تناولت روث المفكرة و قالت: "هناك فقط موعد مع السيد جونسون من الاتحاد مدون هنا لفترة قبل الظهر."
قطبت أليكس جبينها فالاتحاد كان يسبب لها آلاما منذ ايام ، و كانت تبعدهم عنها حتى تصلها بعض الأخبار المؤكدة لذا قالت: "حسن، لن يعجبه هذا، لكن ما باليد حيلة، حاولي أن تجدي له موعدا في فترة بعد الظهر ، لكن إن لم تفلحي، اخبريه... اخبريه بأننا سنحدد له موعدا آخر لأن النور قد يلوح في نهاية النفق."
انتصبت اذنا روث التي كانت قلقة على وظيفتها كأي شخص آخر و سألتها: "هل هناك بصيص نور؟"
لاكت أليكس شفتيها و قالت باقتضاب: "كل هذا يعتمد على لقائي مع بيرس مارتينو."
تساءلت سكرتيرتها بتلهف واضح: "تعنين السيد مارتينو نفسه الذي يعمل في تجارة السفن؟"
لسوء الحظ لم يكن هذا الكلام مدعاة فرح بالنسبة لأليكس التي أكدت لها ذلك.
تنططت روث في مقعدها و قالت: "تعرفين ، للمرة الأولى اشعر حقا بأن أمورنا قد تتحول ، و على اية حال ، لقد فعل العجائب بذلك الأسطول، أليس كذلك؟ محولا الخسارة إلى ربح بأسرع مما تتصورين."
تمتمت أليكس باكتئاب قائلة: "أجل، قد يكون ذلك صحيحا، لكن افضل أن لا تنشري هذا الخبر حتى نعرف طبيعة الاتفاق ، فإن بيرس مارتينو لا يفعل شيئا دون مقابل أبدا."
قالت روث بفضول: "تبدين و كأنك تعرفينه."
استجمعت أليكس قواها لتضبط نفسها، و قالت لها: "لقد سبق و التقينا. سأكون في مكتب والدي ان احتجتني."
سارت إلى مكتبها ، حيث ألقت بحقيبتها على طاولة المكتب قبل أن تدخل مكتب والدها عبر الباب الذي يصل بين المكتبين. بدا المكتب دون وجوده على كرسيه المتحرك ، كأنما الحياة قد هجرته. و لم تستطع بأية طريقة ، أن تتخيل أنه لن يعود إلى هنا. و كان على ستيفن بتراكوس فوق ذلك ، و إن كان ما يقوله الاطباء صحيحا، ان يحدث تغييرا سريعا في نمط حياته إن كان يرغب في البقاء حيا مدة أطول .
اتجهت إلى خلف طاولة المكتب ، و مررت يدها فوق جلد الكرسي الناعم، ثم و ببطء القت بنفسها على مقعدها الوثير.
و قد غمرها احساس انها قد بذلت كل ما في وسعها. كانت الكرسي كبيرة جدا عليها، انها بحاجة لستيفن بتراكوس آخر يملأها ، و جعلتها معرفة ذلك تشعر بالتعب. لقد حلت محل والدها لأن الجميع توقعوا ذلك منها، حتى هي نفسها. و الآن ها هم يتوقعون منها القيام بالعجائب.
دارت في الكرسي حتى أصبح بإمكانها ان تسرح بنظرها عبر النافذة. كانت تعرف انها نجحت بما قامت به، لكن ذلك كان على الصعيد الاعلاني للاعمال، فلم تكن الإدارة امر تهدف للحصول عليه. و مع ذلك فقد بذلت كل ما في وسعها، و كانت تشك في أن أحداغيرها يعرف حجم الديون التي تراكمت على والدها، الأمر الذي اظهر لها رجلا يتحلى بفسحة من الاحتيال لم تكن تعرف انها موجودة من قبل.
و رغم ذلك فقد ادركت من خلال اللقاءات مع المدراء الآخرين، أن الجميع ليسوا غافلين عن ذلك الأمر مثلها، و جعلها توسع الشركة بشكل متطرف و حجم فوائد المدفوعات الذي تم عبر قروض ضخمة من المصرف و نظم لبدء مشاريع جديدة، تشعر بالغثيان، بدا أن المال يتدفق إلى خارج الشركة لا إلى داخلها، مما جعل الأمر يبدو ككابوس. لا عجب ان عانى والدها من نوبة قلبية. فما كانت الشركة بحاجة إليه هو حفنة كبيرة من السيولة و يد قوية لتكبح الفرامل.
تنهدت بصوت عال. و كان من سخرية الأقدار المريرةأن الشخص الوحيد الذي يملك الحل هو زوجها السابق ، و لم تكن ترغب في إقامة علاقة عمل معه لأنها كانت تعرف في أعماق نفسها أن الثمن سيكون باهظا ، ففي المرة السابقة كان جدها هو من عانى. ربما أن الأمر لم يكن ذا قيمةكبيرة ، لكن اسطول السفن التجارية العائد لعائلة بتراكوس كان مصدر فخرا له ، و فقدانه قد قتله ، ليس مباشرة ، انما على المدى الطويل.

أمل بيضون 04-10-09 01:28 PM

و رغم ذلك فقد ادركت من خلال اللقاءات مع المدراء الآخرين، أن الجميع ليسوا غافلين عن ذلك الأمر مثلها، و جعلها توسع الشركة بشكل متطرف و حجم فوائد المدفوعات الذي تم عبر قروض ضخمة من المصرف و نظم لبدء مشاريع جديدة، تشعر بالغثيان، بدا أن المال يتدفق إلى خارج الشركة لا إلى داخلها، مما جعل الأمر يبدو ككابوس. لا عجب ان عانى والدها من نوبة قلبية. فما كانت الشركة بحاجة إليه هو حفنة كبيرة من السيولة و يد قوية لتكبح الفرامل.
تنهدت بصوت عال. و كان من سخرية الأقدار المريرةأن الشخص الوحيد الذي يملك الحل هو زوجها السابق ، و لم تكن ترغب في إقامة علاقة عمل معه لأنها كانت تعرف في أعماق نفسها أن الثمن سيكون باهظا ، ففي المرة السابقة كان جدها هو من عانى. ربما أن الأمر لم يكن ذا قيمةكبيرة ، لكن اسطول السفن التجارية العائد لعائلة بتراكوس كان مصدر فخرا له ، و فقدانه قد قتله ، ليس مباشرة ، انما على المدى الطويل.
رغم أن نظراتها كانت ما تزال على العالم الخارجي ، إلا ان منظرا آخر انعكس على أفكارها. اسطول السفن التجارية لعائلة بتراكوس، فقبل خمس سنوات لم تكن تعرف بوجوده حتى، لكنه أمر لن تستطيع نسيانه اطلاقا ، كما أنها لن تنسى ذلك اليوم الذي سمعت عنه لأول مرة من بين شفتي بيرس مارتينو...
رفعت أليكس رأسها عند سماعها صوت فتح الباب و اغلاقه، و قد تبع ذلك نبرات زوجها الخافتة و المميزة ، فنظرت بعينين مروعتين إلى الساعة و دهشت عندما رأت أن ****بها تشير إلى ما بعد السابعة مساءا. لقد مر الوقت و هي تجلس على الكرسي قرب النافذة سجينة في عالم النسيان حيث كانت احاسيسها مخدرة بالسعادة.
غادرت ، كما أملى عليها كبريائها ، لأنها أدركت أن عليها أن تواجهه مرة أخرى. لقد قتل حبها له. و استغلها دون أن يفكر بمشاعرها. و هي تريد أن تعرف السبب فإنها تستحق أن تعرف الحقيقة مهما كانت مؤلمة.
أحست أليكس بتشنج عضلاتها و هي تنهض على قدميها فقد كان جسمها كله و كأنه قطعة صلب مؤلمة، و شعرت بالبرد رغم أنها كانت مرتدية سروالا من الجينز و كنزة.
عرفت أن احساسها ذلك كان ردة فعل و تمنت ان لا تخونها ملامحها عندما ترى بيرس. كان يعرف أنه قد جرحها ، لأنه تعمد أن يفعل ذلك.
مواجهته من جديد الآن لن تكون أمرا سهلا، و لعلها اصعب شيء قامت به في حياتها. كان باستطاعة الغضب فقط أن يمدها بالقوة التي تحتاجها.
كانت الشقة كبيرة، لكن كل ما كانت تعرفه فيها هو غرفة الطعام و غرفة النوم. كانت تتوق إلى معرفة أقسامها ، لكنها هذا الصباح لم تشعر برغبة في ذلك!
و فيما هي واقفة في الردهة ، نظرت بسرعة من حولها. كان هناك إلى يسارها باب مفتوح جزئيا و الضوء يظهر من خلاله ، ففكرت ان كان بيرس موجودا في أي مكان ، فعليها أن تبدأ بحثها عنه هناك.
وجدت أليكس نفسها في حجرة جلوس واسعة حديثة التصميم.
و كانت الستائر المخملية تغطي الجزء الأكبر من أحد الجدران، مما يعني على الأرجح أن نافذة تغطي ذلك الجزء. و كان هناك ارائك و كراسي ذات اذرع جميلة جدا حول مناضد منخفضة، و كان السجاد يخفي حتى أثقل وقع أقدام عليه، كما أن طلاء الجدران كان مبتكرا. كانت لتجدها في أي وقت آخر غرفة مذهلة جدا، لكنها الآن كانت متوترة جدا للاستمتاع بأي شيء سطحي كهذا. كانت هناك مدفأة في الجهة المقابلة، و رغم أنها لم تكن مشتعلة اتجهت نحوها ، بخطوات هادئة، و كأنما اقترابها من المدفأة يدفئ اصابعها الباردة كالثلج.
جعلتها قرقعة الثلج على الزجاج تدير رأسها بسرعة. لقد كان بيرس واقفا إلى جانب منضدة يراقبها بعينين غائمتين.
"أتودين تناول عصير الليمون قبل العشاء؟"
كان سؤاله ذلك كصفعة على الوجه. كيف بإمكانه أن يكون هادئا هكذا بعد ما حدث هذا الصباح؟ فازداد غضبها و اجابته و هي تصر على اسنانها: "لا، شكرا."
و أخذت تراقبه و هو يتقدم نحوها بخطوات متمهلة.
رأت شفتيه و قد قلبهما بسخرية عندما اصبح في نطاق الدائرة الضوئية التي بانت من المصباح المضاء إلى جانب الأريكة. ثم قال لها: "أرى انك تلبسين ملابس الحداد."
نظرت أليكس إلى ملابسها ، و لاحظت لأول مرة انها سوداء.
لم تكن تتعمد ذلك فقد كانت ملائمة تماما. تنحنحت قليلا و قالت بصوت أجش: "شيء ما مات اليوم يا بيرس، و مازلت لا أعرف لماذا."
اقترب بيرس أكثر، و ألقد بإحدى ذراعيه على رف المدفأة و قال: "اخبرتني السيدة رانسوم انك أمضيت النهار في غرفتك."
وجدت أليكس نفسها تكاد لا تحتمل اقترابه منها، و رغم ذلك أجبرت نفسها على أن لا تقوم بأية حركة لتبتعد عنه كي لا يعتقد أنها تهرب منه. قالت له: "اني اطلب منك أن تخبرني لماذا فعلت هذا؟ ماذا عنيت بما قلته عن جدي؟"
وقف للحظة يحدق بها ، ثم هز كتفيه بال مبالاة و قال لها برقة: "أنا و انت، يا عزيزتي أليكس ، تجري في عروقنا دماء يونانية. و بالنسبة إلينا القسم لا يؤخذ باستخفاف. و إني انفذ وعدا قطعته. أما متى ظهر يانيس بتروكس في الصورة فيسرني جدا أن اخبرك بالأمر عندما أرى ان الآوان قد حان لذلك."
تجاهله جعلها تشعر بالغثيان. و أصرت قائلة بغضب: "أريد ان أعرف الآن."
جالت عيناه الزرقاوان في شخصها المتصلب بتعجرف متكاسل. و اجابها: "بعد العشاء."
"أوه كم أكرهك!" خرجت تلك الكلمات من بين شفتيها كتنهيدة عميقة، فضغطت عليهما بقوة كي لا تتمكن اية كلمات أخرى الافلات من بينهما.
على اية حال لو أنها صرخت لبدا مستمتعا ، تماما كما يبدو الآن. اجابها: "حقا؟ البارحة فقط كنت تحبينني."
شهقت لتلك القساوة المتعمدة، و حدقت في عينيه فيما حدثت عملية قتل في قلبها. و سألته: "لماذا لم تتحداني عندما التقينا ان كان وعدك هذا مهم جدا؟"
اجابها: "ألم تجدي جوابا لذلك لوحدك؟ كان لديك النهار كله لأني كنت بحاجة لك لتكوني زوجتي، فدون ذلك ، كان بإمكانك ان تفري سالمة."
شعرت و كأن قلبها يعتصر بقوة. كان يمزقها ، تاركا اياها دون اي شيء. لا شيء سوى كبرياء عنيف، جعلها ترفع ذقنها قليلا و قالت له: "ما زال بإمكاني القيام بذلك الآن، أم تقول بأني سجينتك؟"

أمل بيضون 04-10-09 01:29 PM

ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة فاترة و اجابها مؤكدا بسهولة: "بإمكانك الذهاب ساعة تشائين. لست بحاجة لك كرهينة. كل ما كنت بحاجة إليه هو أن تصبحي زوجتي، و أنت كذلك الآن، أليس كذلك؟"
شعرت أليكس أن لونها قد شحب و سألته: "اتقول لي أن كل ما جرى بيننا فعلته فقط لتتم الزواج؟"
رفع أحد حاجبيه بازدراء، و اجابها: "ايمكن أن تكوني حمقاء لدرجة أن تتصوري أني قد أترك أي مهرب؟ فتنفيذ الوعد كان يعتمد على ذلك."
كادت تختنق تقريبا من شدة الغثيان الذي ازداد فجأة و هزت رأسها غير مصدقة ما تسمعه، و قالت له: "كيف حدث اني كنت حمقاء لدرجة اني اعتقدت اني احبك؟"
غطت جفناه العينين الزرقاوين فيما هو يمد يده ليمرر اصابعه على وجنتيها. و سألها: "أأنت متأكدة تماما انك لا تحبينني الآن؟"
سرقت قساوة قلبه انفاسها. لقد أخبرها للتو انه تزوجها لأنه مجبرا على ذلكو ليس لأنه كان يريد ذلك، و الآن ها هو يريد ان يثبت أنها ما تزال طوع بنانه متى أراد ذلك.
فصرخت بوجهه قائلة: "لا تجرؤ على لمسي."
و فجأة ظهرت في عينيه نظرة غريبة لم تعهدها بهما.
و قال لها موضحا بصوت أجش: "لا تتحديني أبدا ، يا أليكس، فهذا أسوأ شيء قد تقومين به." و أمسك بها فيما كانت تحاول الفرار و أعادها ، و هي تحاول المقاومة فيما ثبت ذراعيها بذراعيه ، و دفع رأسها بيد ثبتها باحكام في شعرها. و مرت لحظة التقت فيها عيونهما، عيناها تظهران الإشمئزاز و عيناه تحملان تلك النظرة الغريبة التي لم تستطع تفسيرها.
و عندما اطلق بيرس سراحها اخيرا بدت عيناها متسعتين في وجهها المتقد ، فيما كانت عيناه تلمعان بإشعاع لدرجة الانبهار.
قال لها: "ليس الأمر سهلا، أليس كذلك؟"
ما كان ليختار طريقة أفضل ، ان كان يريدها أن تشعر بالازدراء، لذا قالت له: "لم أكن اعتقد قط اني استطيع احتقار اي انسان كما احتقرك. و اني لا اشعر سوى بالكره لشخص قد يفعل ما فعلته انت بي اليوم." استدارت قبل ان يستوقفها صوته قائلا: "إلى اين أنت ذاهبة؟"
رمته بنظرة مليئة بالإشمئزاز ، و اجابته: "سأعود إلى غرفتي حتى تصبح مستعدا للتكلم معي."
كان التوتر الذي يبدو من صوته مرعبا عندما قال لها: "إن كنت تريدين معرفة الوقائع، عليك أن تنضمي إلي خلال العشاء. انني اصر على ذلك."
استدارت أليكس عائدة ، و قد كبتت أعتراضها و هي تعرف أن عليها معرفة كل شيئ رغم أنها لا تريد رؤيته ثانية.
جلست على الطرف الآخر من الأريكة لتبتعد عنه قدر ما تستطيع ، و أجبرت نفسها لتنظر في وجهه قائلة: "حسنا، ان كان ذلك ما تستمتع به، سآخذ ذلك العصير الآن." لقد كانت بحاجة ماسة له.
اجابها بيرس بإيجاز: "لم أقل اني استمتع بذلك." فيما كان متجها ليسكب لها كوبا من العصير ، ثم عاد حاملا بيده عصيرها المفضل.
ساد الصمت و لم يكن في نيتها القيام بمحاولة فتح محادثة لطيفة. فهذا لم يعد شهر عسل، و هي العروس الخجولة، اما حرب إنهاك، و هي لن تتصرف على غير هذا النحو ، لذا شعرت بالارتياح عندما قرع الباب و دخلت السيدة رانسوم لتخبرهما ان العشاء جاهز. كانت مجرد فكرة الطعام بالنسبة لأليكس مثيرة للغثيان، لذا حاولت استجماع كل رباطة جأشها لتتمكن من أن تأخذ مكانها إلى الطاولة، لكنها بعد ذلك لم تحاول أن تأكل الطعام الذي وضه امامها ، و لا حتى لتتظاهر انها فعلت ذلك.
تأملها بيرس عبر الطاولة ، و لم يعجبه مظهرها الهادئ الصامت.
و بعد لحظة قال لها مشجعا و هو يشير للحساء: "ان هذا لذيذ جدا، عليك أن تتذوقيه."
تحدت عيناها عينيه و هي تسأل بغطرسة: "هل هذا أمر؟"
فبدا التوتر على فمه و سألها قائلا: "هل تنوين ان تميتي نفسك جوعا؟"
"بسببك انت؟ ابدا!"
فابتسم ابتسامة متجهمة لذلك، و قال لها: "لذا تناولي بعض الحساء ، يا أليكس. فكما اخبرتني السيدة رانسوم فأنت لم تتناولي شيئا من الطعام طوال النهار." كان هناك حدة في صوت بيرس ممزوجة ، من بين أشياء عدة، باهتمام لا يحتمل، حين قال: "هل علي أن اذهب إليك و أطعمك؟"
لجأت أليكس إلى السخرية فأجابته: "ما الأمر؟ اتخشى أن ينعكس الأمر سلبا عليك ان مت؟"
استوى بيرس في جلسته على كرسيه، و نظر إليها بتجهم قائلا: "اني لا أخشى شيئا. اني افعل فقط ما يجب ان أقوم به. ليس في نيتي اطلاقا ان أجعلك تمرضين."
استعدت أليكس لمجابهته، و أجابته بشكل لاذع: "إذا، من الأفضل أن تغرب عن نظري أو تدعني أرحل، لأن مجرد رؤيتك تشعرني بالغثيان."
ابتسم و أجابها: "لا تقلقي، ليس في نيتي أن اطيل رفقتنا معا. حالما أحصل على ما أتيت من أجله. لن تريني ثانية اطلاقا."
شعرت أليكس ان عضلات وجهها تتصلب ، فصرخت قائلة: "اتمنى لو اني لم ارك قط." في الوقت الذي دخلت فيه مدبرة المنزل إلى الغرفة. فكان عليه أن ينتظر حتى تزيل السيدة رانسوم اطباق الحساء عن الطاولة و تضع مكانها طبق الطعام الأساسي كي يجيبها.
و عندما اصبحا بمفردهما من جديد ، هز بيرس كتفيه العريضتين بلامبالاة و قال لها: "لطالما كان علينا أن نلتقي، يا أليكس. هناك أمور لابد أن تحدث."
كادت تضحك ، يريدها الآن أن تصدق أن للاقدار دور بما حدث! لكنها اجابته: "اني لا أصدق هكذا أمورا خرافية. لقد خططت لكل شيء حتى التفاصيل الدقيقة ، و لم تترك شيئا للصدفة. يا لهذا التكبر! اخبرني، ماذا كنت لتفعل لو اني كنت مخطوبة و على وشك الزواج؟"
"لكنت حاولت جاهدا ان أفسخ خطوبتك، بالطبع."
صدقته، فرجل فعل ما فعله بيرس ما كان ليعيقه اي ارتباط موجود. و مهما يكن الأمر الذي يعتقد أن عائلتها قد فعلته، فإنه خطير بما يكفي ليقوم بأي تصرف ، مهما كان مخادعا. فقالت: "اعتقد أنك كنت لتفعل ذلك، و ليس عندي ما أشعر به تجاهك سوى الاحتقار."
"طالما انك افصحت عما في نفسك، و ربما احدا منا لا يستمتع بهذه الوجبة على ما يبدو ، يمكننا ان ننتقل إلى غرفة المكتبة."
غار قلبها، لكنها نهضت بسرعة و لحقت به عبر الممر.
اضاء النور و حثها على الدخول. كانت غرفة ترسل الارتياح في النفس مزدانة برفوف من الكتب، في إحدى جوانبها طاولة مكتب قديمة، و مجموعة من الكراسي حول مدفأة وهمية اخرى. و كان إلى جانبها مكان خصص للكؤوس و الميداليات و الصور. كانت يد بيرس على ظهرها تحثها على الوصول إلى هناك. و مد يده إلى أحد الرفوف المميزة، من حيث احضر صورة داخل اطار و ناولها إياها قائلا: "هل تعرفين أحدا منهما؟"
تجهمت ثم نظرت بسرعة إلى الصورة القديمة. حيث يقف رجلان يرتديان بذلتين سوداوين كتفا إلى كتف، و كأنما قزمان امام السفن التي تظهر خلفهما. لم تتعرف إلى اي منهما في البداية، لكن شيء ما في وجه أحد الرجلين الصارمين جعلها تتمعن في الصورة ثانية.
فصرخت بتعجب: "إنه جدي!"
"وجدي ، جورج اندرياس."
"اندرياس؟ لكنه اسم يوناني، و اسمك هو مارتينو."
"جداي كانا يونانيين لكنهما غادرا اليونان بعد الحرب و هاجرا إلى امريكا ، حيث تزوجت ابنتهما، أمي ، رجلا أميركيا ، لورنس مارتينو ، و أنا ولدت هنا." و كان بيرس ما يزال يشير باصبعه إلى الرجل الآخر ، قبل أن يحركه نحو خلفية الصورة ليضيف قائلا: "و هذا اسطول اندرياس."
و في غمرة ارتباكها ، نسيت ان تتصرف بغضب فقالت له: "انني لا أفهم. اتقول ان جدينا كانا يعرفان بعضهما البعض؟"
ضحك ضحكة قصيرة و اجابها: "اقول انهما كانا أفضل عدوين ، و ليثبت ذلك ، سرق يانيس بتراكوس الاسطول من جدي."
شهقت أليكس قائلة: "سرقه؟" ثم دفعت بالصورة إليه ، وأضافت: "لا تكن سخيفا! جدي لا يمكلك أية سفن."
كانت الابتسامة المستمتعة التي ظهرت على شفتي بيرس مقيتة، فيما قال: "اؤكد لك أنه يملك بضع سفن ترسو مهترئة في مسفن في شمال افريقيا ، و هي كل ما تبقى من مجموعة سفن بتراكوس التجارية. سفن كانت ذات يوم تحمل اسم اندرياس. كان يانيس بتراكوس يرغب دائما بالحصول على هذه السفن، فقد كانت تشكل اسطولا ممتازا، كان امتلاكها يعني الثروة، النفوذ و الخول ضمن طبقات المجتمع الراقية، كان هناك ثلاثة اشياء يتوق للحصول عليها، و اختار ان يحققها بالزواج من ابنة المالك. لأن تلك الاشياء ستكون جزءا من ثروتها ، لكنها كانت مخطوبة و لن تنظر إليه. كانت تلك المرأة جدتي، و حصل جدي على السفن عندما تزوجا. و منذ ذلك اليوم و صاعدا ، كرههما بتراكوس و أقسم ان يحطم جدي و السفن بأية طريقة قد تمنكه من ذلك، ما لم يستطع الحصول عليه، بحيث ان لا يحصل عليه احد سواه و وجد الطريقة المثلى ، بعد الحرب ، حيث اظهر اوراقا ، مزيفة بالطبع، تثبت ان جدي كان يتعاون مع العدو. و بكرم كبير عرض على جدي مخرجا لهذه الورطة ، ان وقع اوراقا بالتخلي عن السفن ، تختفي الاوراق، و ان لم يفعل فإن العائلة بأكملها ستقتل."
و أضاف: "بالطبع ذلك لم يكن صحيحا ، لكن لم يكن هناك طريقة لإثباته، بينما يانيس بتراكوس كان علاقة بالسوق السوداء ، و كان لديه طرق للحصول على ما كان يريده. و هكذا ، حصل أخيرا على السفن. لأن جدي كان يحب عائلته، فقد كل شيء، لكنه أخذ عهدا على نفسه انه سيستعيد سفنه يوما ما. اتى إلى اميركا و بدأ حياة جديدة ، و جمع ثروة جديدة. لكنه لم ينس قط رؤيته الطريقة التي كان الاسطول يترك فيها ليصبح شيئا فشيئا خرابا، حطم فؤاده. عرض ان يشتريه عدة مرات ، لكن بتراكوس رفض، و عندما لم يعد بحاجة لاستعمالها ، ترك السفن تهترئ بكل بساطة."
و تابع قائلا: "عندما مات جدي، جعلني اقسم عهدا له بأن افعل ما عجز عن فعله. و رفض بتراكوس ان يبيعني، لذا لم اجد مبررا لأستمر في ضرب رأسي في الحائط، فبحثت عن طريقة أخرى و وجدتك أنت المفتاح، يا أليكس. اريد سفن بتراكوس التجارية و انت من سيحضرها لي!"

أمل بيضون 04-10-09 01:30 PM

رنين جهاز الاتصال الداخلي الحاد جعل أليكس تجفل و تعود من ذكرياتها المؤلمة من جديد فدارت على كرسيها لتجيب: "نعم، يا روث؟"
"السيد مارتينو هنا، يا آنسة بتراكوس."
خفق قلبها بشكل مثير للغثيان، و قالت لها: "دعيه يدخل من فضلك، يا روث." علمت أن عليها ان تطلب احضار قهوة ايضا.
لكن لم يكن في نيتها ابقاءه وقتا كافيا ليتمكن من تناولها.
بالكاد استطاعت ان تمرر يدها فوق شعرها و تتأكد من أن أزرار سترتها كانت مقفلة بشكل جيد قبل أن يدخل إلى الغرفة.
كان يبدو هذا الصباح مثال رجل الاعمال الناجح ، حيث كانت بذلته الايطالية الرمادية اللون تناسب قامته الطويلة تماما ، كان يبتسم بتهكم كبير فيما كان يعبر الغرفة نحوها.
قال لها برقة: "صباح الخير يا أليكس." و مد لها يده، فارغمها على ان تصر على اسنانها ة تمد له يدها، التي ابتلعتها يده الكبيرة، مما جعلها تشعر انها ستبتلعها هي ايضا. و نتيجة لذلك سحبت يدها بعيدا على نحو مفاجئ مما جعل وجنتيها تتقدان احمرارا.
قالت له ببرودة: "سيد مارتينو." و هي تضغط اصابعها بقوة على ظهر طاولة المكتب لتوقف نزعتها للاضطراب.
كانت لمسته كتيار كهربائي اطلق الكهرباء في ذراعها. ثم تابعت: "كما ترى ، لقد تركت لك موعدا مفتوحا، لكن اكون ممتنة ان لم تهدر كثيرا من وقتي القيم، فلدي اشخاص آخرين علي رؤيتهم."
اتخذ لنفسه مقعدا مقابلا لها، متجاهلا اصول اللياقة، و قال لها: "اجلسي. يا أليكس ، و توقفي عن محاولة إعطائي انطباعا عن اهميتك، كلانا نعرف انك لا تتوقعين استقبال احد سواي. لقد قابلت كل من كان من المتوقع ان يمد يد المساعدة ، و لم تفلحي."
شعرت أليكس باضطراب في داخلها. هل عليه ان يفرك لها انفها بهذا الأمر؟ كان معرفة أنها فشلت أمرا، لكن سماع ذلك منه كان أمرا آخر. و دون ضرورة لذلك قالت له: "لم اطلب منك المجيء اطلاقا."
سألها: "كيف حال والدك؟" تجهمت عند سماعها سؤاله.
اجابته بشكل قاطع: "أتهتم حقا للأمر؟ ان لم يكن كذلك ، افضل ان لا تتعب شفتيك بالسؤال."
تصلب وجهه و اجابها: "مهما يكن ما تعلمته في غضون خمس سنوات ، فإن اصول اللياقة لم يكن من ضمنه. انك تعضين اليد التي تطعمك ، يا أليكس. من الأفضل ان انصحك بان تتذكري بأني لست مجبرا على مساعدتك ، يمكنني النهوض و المغادرة ساعة أشاء."
استحقت التأنيب، و تنهدت بعمق. فرغم كل الكره كان عليها أن تتملق له. و استطاعت أخيرا أن تقول له و هي تصر على اسنانها: "اني آسفة."
بدا أنه استساغ ذلك، إذ قال بسخرية: "هل أعتبر اعتذراك هذا انك تريدينني أن ابقى؟"
أجابته بصوت مخنوق: "نعم."
فقلب شفتيه و قال لها: "إذا ، هل لي ان اقترح بأن تطلبي بعض القهوة؟ أنا انك ستحتاجينها."
لم تجبه إذ أنها لم تثق بقدرتها على ذلك، الأمر الذي أحس به و الذي جعله يستسيغ الأمر أكثر، فاكتفت بان مدت يدها نحو الهاتف و طلبت القهوة. ثم استوت في مقعدها و تنهدت بعمق مرات عديدة مرغمة نفسها على الاسترخاء.
تركته يتمكن من التأثير بها، مما كان يجعلها دائما عرضة للأذى. كان عليها أن تريه أنها لم تعد شخصا يسهل التغلب عليه.
قالت بصوت أفضل حالا: "أشرت الليلة الماضية إلى انك قد تكون قادرا على مسادتنا. فما الذي يدور في رأسك بالضبط؟"
وضع بيرس ساقا فوق الأخرى، ثم قال: "كما فهمت فإن شركة بتراكوس الإعلانية ترزح تحت حمل ثقيل من الديون. و لكي يتم انقاذها فإنها ليست بحاجة إلى مبالغ كبيرة من السيولة فقط، و إنما هي بحاجة إلى تقييم جذري للطريقة التي تجري بها الأعمال. بإختصار ، بعد أن تنتهي من قضية الديون، أنت بحاجة إلى أن تقلصي الاعمال إلى حجم يمكن إدارته بشكل أسهل أليس كذلك؟"
اجابته: "انك تعرف أن الأمر كذلك، لكن، على أية حال ، عليك أن تدرك اني لا استطيع الموافقة على أي نوع من تبنيك الأمور دون موافقة والدي."
رفع أحد حاجبيه. و سألها: "و ما الذي يجعلك تعتقدين إني أريد أن اتبني اعمالك."
"لا تحاول خداعي. هذه هي الطريقة التي تعمل بها، و الجميع يعرف ذلك. انك تشتري من الناس ، تقسم الأعما إلى أعمال صغيرة و تجني ربحا هائلا."
قال لها بهدوء: "هل هذا نقد؟ غريب، لم اسمع أحدا غيرك قط يتذمر. اني أتعامل بالعدل و الانصاف ، فالناس يأخذون قيمة شركاتهم في السوق و بعد ذلك تقع علي كل المخاطرة. على أية حال ، ليس هذا نوع الإتفاق الذي أقدمه لك." عند ذلك وجدت أليكس اعصابها متوترة جدا. لدرجة أنها لم تكن قادرة على البقاء ساكنة في مقعدها.
أضاف بيرس برقة: "ما أرمي إليه، يا عزيزتي أليكس، هو اني على استعداد لتغطية كافة الديون. كما و أني مستعد لأن امد الشركة بمبلغ كاف من السيولة لتبدأ العمل من جديد.
حدقت أليكس به ثم قالت: "كيف؟ قلت لتوك أن لا رغبة لديك في تبني الأعمال. و أنك لست مجنونا لدرجة أن تعطي المال دون أي مقابل."
"انك محقة تماما. اني لست مجنونا. كما ترين، ما اقدمه هو عبارة عن هبة أكثر منها قرض، و اني بالتأكيد اتوقع أن أنال شيئا مقابل ذلك."
قالت بغباء: "هدية؟" و ببطء اتكأت أليكس على ظهر مقعدها و كانت عيناها الواسعتين الرماديتين تحدقان في عينيه. ابتلعت ريقها بصعوبة و سألته: "ما هي شورطك؟ افترض ان لديك بعضا منها؟"
احنى رأسه تسليما بصحة كلامها. و اجابها: "بكل يقين. الشروط هي أن أسلمك الكميات المطلوبة من المال، و أعين فريق إداري لمراجعة أعمال الشركة في اليوم الذي تصبحين فيه ، أنت يا عزيزتي أليكس، زوجتي."


sleeping beauty 04-10-09 06:24 PM

:018:شكرا جزيلا لك الزواية رائعة:44:

جورجينا 05-10-09 04:21 PM

الله يعطيكي العافية

بنوته عراقيه 05-10-09 07:02 PM

مشكوره يالغاليه على المجهود..بانتظارك

anabel 05-10-09 07:29 PM

بانتظارك الله يعطيكي العافية

ЄҺểểяΨ 07-10-09 01:30 AM


يسلمووو ياعمري

بانتظارك غلاتي

أمل بيضون 07-10-09 05:06 PM

الفصــــــــــــــــل الرابـــــــــــــــع



"زوجتـــك!"
شعرت أليكس للحظة أنها اصيبت بدوار، لكن بعد ذلك اندفع الدم يجري بقوة من جديد في عروقها ، و انفجرت تضحك بتهكم، و هي تهز رأسها انكارا.
ثم قالت له بقساوة: "انك مجنون! لا بد أنك فقدت عقلك تماما!"
لم تتغير تعابير ملامح بيرس قط بل اجابها: "ذلك بالطبع هو مسألة رأي ، و لا علاقة له اطلاقا بالموضوع الذي نتداول فيه..."
فقاطعته قائلة بفظاظة: "عدا انك تتوقع مني ان اتزوج رجلا مجنونا."
عند ذلك ظهرت على تعابير وجهه رقة متعمدة، و قال لها ببرودة: "اتوقع منك ان تفعلي ما هو عقلاني. ان كنت مجنونا كما تقولين ، إلا اني ما زلت ثريا جدا، و أنا أعرض عليك طريقة للخروج من متاعبك ، طريقتك الوحيدة للخروج من بين كل البيانات، و اختيار قبولها عائد إليك."
شعرت أليكس بغضب مغث يجيش في صدرها لفكرة أنه قد يملك الوقاحة حتى لمجرد اقتراح ذلك. فقالت له: "ان كنت تعتقد ، بعد زواجنا الأول الزائف، إني قد أفكر في الزواج بك يوما و تحت أي ظروف، فانك لست مجنونا فقط، بل مجاز بالجنون."
إلا ان بيرس أمرها بنبرة حادة، قائلا: "توقفي عن التصرف بشكل مأساوي هكذا، انت امرأة اعمال ، و هذا اتفاق عمل."
اتسعت عينا أليكس، و قالت باستهزاء: "اتعني أنك كنت لتقدم العرض نفسه لو أن رجلا كان يجلس هنا؟ كم هذا لطيف منك!"
نظر إليها بعينينه الزرقاوين الباردتين ، و قال: "ليس من الحكمة أن تدفعيني كثيرا، يا أليكس، عرضي فريد من نوعه، لكن يمكن سحبه بسهولة كأي عرض آخر."
شعرت بالارتباك من نظرات عينيه الثابتة ، إلا انها لم تستطع إلا أن تقول له: "ادهشني انك لم تفعل ذلك حتى الآن، فذلك سيتناسب و طريقتك في العمل." رغم أنها كانت تعرف أنها تعرض امكانيات انقاذ شركتها للخطر.
إلا انه قال لها: "اعتقدت انك قد تكونين الآن قد أدركت اننا فعلنا ما كان علينا القيام به. إنها سمة مشتركة لكلينا، لأننا نحن الأثنين تجري في عروقنا دماء يونانية."
رمته عيناها بسهام من الازدراء في محاولة فاشلة كي تذبحه. و قالت له بانفعال: "الدماء التي يسعدني فقط أن احررك منها. كما ترى ، لقد اكتشفت قبل خمس سنوات انه ان كان هناك أمر جيد قام به اليونانيون فهو معرفتهم كيف يحقدون. لقد قطعت عهدا على نفسي أنا ايضا يا بيرس، و هو ان انتقم منك لما فعلته بي."
"ما كنت لأتوقع أقل من ذلك من شخص من عائلة بتراكوس."
"و رغم ذلك تريد الزواج مني؟ و ستساعد والدي؟ هل تتوقع حقا ان يصدق شخص من عائلة بتراكوس كلمة من شخص من عائلة اندرياس؟"
أجابها بيرس و في صوته نبرة غضب قائلا: "اتوقع منك ان تأخذي كلمتي، بالاضافة إلى مالي كأي شخص حساس."
تركت أليكس بريق الاحتقار يظهر في عينيها فيما انحنت فوق طاولة المكتب نحوه، و قالت له بتحد: "جعلتني ابدو حمقاء لظهوري كلقمة سائغة في الفم ، لكنك نسيت اني أيضا سمعت عن طروادة. و اني اعرف جيدا كم عليك ان تحذر هبات اليونانيين ذات المغزى! لذا فإنه حقا ليس مثيرا للعجب ان لم اصدق بحبك للغير. إنها مجرد مكيدة أخرى لتضع يديك القذرتين على قطعة أخرى من ممتلكات عائلة بتراكوس!"
قال لها: "هناك عدة اهانات فقط اتقبل سماعها منك ، يا أليكس، لذا كوني حذرة. أما بالنسبة لزعمك عن نواياي..."
و توقف هنا عن الكلام و رفع كتفيه بلا مبالاة كما اليوناني التقليدي ثم تابع قائلا: "انت حرة لتصدقي ما تريدينه. اني أعرف ان محاولتي لأبدل لك رأيك ستجعلك فقط تتشبثين به. لذا سأقول هذا فقط كان لدي عدو واحد في حياتي، و هو يانيس بتراكوس. و لقد تم دفع الدينعندما استعدتمجموعة السفن التجارية."
لم تعد أليكس تقوى على الجلوس هادئة، لذا نهضت بتوتر على قدميها، و رغم ذلك لم ترى شيئا، لم تكن تعرف ان كانت حقا تؤمن بما زعمته للتو أو لا. كانت تقاتل بقدر ما تستطيع، لكن دون ذخيرة في أسلحتها و هي مكرهة على الدفاع عن نفسها.
قالت له بقسوة: "لقد استغليتني حينها، و تريد ان تستغلني الآن."
"على العكس، أنا أريد مساعدتك."
ضحكت و قالت له باجحاد: "أتتوقع مني حقا أن اصدق أنه سيسرك أن تساعدني فقط؟ أتقول انك ستدعني أرحل حالما أسدد المال؟"

أمل بيضون 07-10-09 05:07 PM

نهض بيرس برشاقة على قدميه، و سار حتى وقف بجانبها استطاعت اليكس أن تشعر بتوتره و توترت هي ايضا.
أجابها مؤكدا شكوكها ، بصوت تغشوه نبرة حادة: "لا ، الاتفاق غير قابل للتحويل و التبديل ، ستبقين زوجتي. لن يكون هناك طلاق هذه المرة، و الزواج سيكون زواجا حقيقيا جدا و إلى الأبد."
و شعرت بصعوبة في التنفس للذكريات التي استحضرتها في ذهنها ، و حركت فمها بمرارة. كان الحب مع بيرس رائعا، و قد احبته فعلا، لكن ذلك قد تغير الآن فقالت له: "اتشعر بنوع من السرور ن تزوجت امرأة تعرف أنها تكرهك؟"
تحرك بيرس ليقترب منها أكثر بشكل جزئي، عرفت أنها حركة متعمدة من قبله، و عرفت بحدسها ان أفضل دفاعا لها حياله هو ان تبقى ساكنة تماما و تتجاهله.
و بصوت مختلف تماما، سألها: "ربما أنت تكرهينني ، يا أليكس، لكني اتساءل ان كنت قد توقفت عن حبي."
لم تستطع تجاهل تلك الكلمات. و رغم نواياها الطيبة، استدارت و الغضب يعتمر نفسها ، و رفعت يدها لتصفعه على خده بقوة لدرجة أن يدها آلمتها.
ثم قالت له بلهجة آمرة و يديها على كتفيه لتدفعه بعيدا: "سافل بكل معنى الكلمة. لا تذكرني كم كنت حمقاء! الجواب هو لا ، يا بيرس، ألف مرة لا. و الآن اخرج من هنا قبل أن استدعي رجال الأمن ليرموك خارجا."
ظهر في عينيه استجابة غاضبة ، و تحرك بسرعة فأمسك كلتا يديها و دفعها بقوة إلى وراء ظهرها، و دفعها نحوه قائلا بصوت متوتر: "أوه، لا! ليس حتى أثبت أمرا أيتها المرأة الصغيرة المشاكسة."
بيرس فقط... اسمه مزق الشرنقة التي كان يحيكها حولها، و عاودتها الحقيقة المرة تعمل معها موجة مثيرة للغثيان من ازدراء النفس. تصلبت في وقفتها، فاطلق بيرس سراحها بسرعة، و خطى إلى الوراء لينظر باستهزاء في عينيها المعذبتين.
قالت له يإيجاز: "أريدك أن تذهب." الشعور باحتقار نفسها جعل الكلمات تبدو و كأنها طلب أكثر مما هو أمر.
لكن بيرس قال رافضا ذلك بصراحة: "ليس قبل أن نسوي هذا الأمر." نظر إليها بتأمل إلى وجهها الذي اشاحته عنه، ثم اقترح بصدق ، و قد عاود السيطرة على نفسه تماما: "تقولين انك تريدين الانتقام. أية طريقة أفضل لذلك من الزواج مني؟"
عادت أليكس لتجلس على مقعدها و هي تبتلع مرارة معرفتها كم هي يائسة، ثم أخذت تضغط بأصابعها على ذراعي الكرسي حتى أصبحت مفاصلها بيضاء اللون. و قالت له بكل ما أوتيت من ثبات: "لن أضع رأسي في حبل المشنقة ثانية."
سار بيرس بعد لحظة ليجلس على طرف طاولة المكتب ، ليقيد من حرية حركتها ، و قال لها: "حسنا، إذا انظري للأمر من هذه الزواية. توقفي عن التفكير بنفسك. تقولين انك تريدين مساعدة والدك، و اني اعرض عليك الطريقة الوحيدة لذلك. إلى أي مدى تعنين ما تقولينه؟ ماذا جرى للاخلاص تجاه العائلة يا أليكس؟ ماذا حل بالتضحيات الشخصية لأولئك الذين تحبينهم و يحبونك؟"
شهقت أليكس فيما شعرت بموجة من الألم تندفع في داخلها. كيف تجرأ على سؤالها هذا؟ ما من تضحية قد تكون كثيرة عليهم! و رغم ذلك ما أن خطرت لها تلك الفكرة الغريزية حتى بدت لها أيضا الحقيقة المؤلمة. أنها برفضها تنكر على والدها الفرصة الوحيدة التي بقيت له.
لقد حاولت كل وسيلة أخرى ، و كانت هذه الوسيلة الوحيدة المتبقية. لطالما احسن بيرس دائما التوقيت! فقالت له بصوت مخنوق: "انك سادي!"
اقترب منها و أمسك ذقنها بيده و اجبرها على النظر في عينيه. و هو يقول: "أنا واقعي، كل ما عليك فعله هو الموافقة على أن تتزوجيني، و بعد ثلاثة ايام من الآن سيكون المال في المصرف ، و ستنتهي متاعب والدك."
و فيما كانت متاعبها ستبدأ، جذبت نفسها لتتحرر منه و أجابته: "لا! اضافة إلى أن والدي لا يقبل مالا منك!" محاولة تبرير ذلك لنفسها.
قال دون مفاخرة لأن ذلك كان حقيقة: "لم لا؟ ان اسمي غني عن التعريف." كان اسمه ضمانة فعلية عن مصداقيته عالميا، بالرغم من ملاحظاتها المسبقة. ضاقت عينا بيرس بعد لحظة و سألها: طهل تحاولين اخباري بطريقة ملتوية، بأنك اخبرته عن زواجنا؟"
كم احبت أن يكون بإمكانها قول نعم، و بأن والدها اعتقد بأنه كاذب ايضا، لكن ذلك يعني انها أخلت بوعدها لجدها.
كان وضعا لا تحسد عليه في مواجهتها للحقيقة و قالتبإشمئزاز: "ما من أحد يعرف ذلك، لكن ان اخبرته من تكون ، عندها ، اني أشك كثيرا في أن يقبل بذلك مهما كانت الظروف!"

أمل بيضون 07-10-09 05:08 PM

بدا بيرس مستمتعا قليلا و قال: "أعرف انك تحبين التفكير هكذا، لكن والدك رجل واقعي ايضا. لم لا تحاولين سؤاله؟"
اتقدت عيناها بغضب يائس و قالت: "لا تظن اني لن أفعل ذلك." و مرة ثانية وجدها تنفعل بطريقة طفولية. ماذا حدث لكل وقارها و سيطرتها على نفسها عندما تكون بأمس الحاجة لهما؟ سؤال أحمق. بيرس هو السبب و هذا تفسير كاف.
و كما توقعت، ضحك في الحال و قال: "لم اضع شيئا أمامك يا عزيزتي أليكس تذكري فقط، ما زال بإمكانك عدم اخباره عن زواجنا القصير الأمد. و ليس من الحكمة أن ترتقي بآمالك عاليا جدا. فلا أعتقد انه سيكون البطل الذي تتوقعينه عندما يتعلق الأمر بزواج مدبر. فهو يوناني ، حتى لو كان متقلبا مثلنا قليلا، سيعرف ما هو صالحك، و زواجك مني سيوفر لك الأمان مدى الحياة."
كان وحشا. قد اقفل كل زواية يمكنها اللجوء إليها. بدأ شعورها يزداد أكثر و أكثر بأنها وقعت في الفخ. لم تكن تفكر ان كرهها قد يتعاظم ، لكنه حدث الآن و قالت: "تعتقد انك ذكي جدا ، أليس كذلك؟"
وقف يسوي بذلته و قال: "هل أنا كذلك؟ ستذهلين كم دعوت نفسي غبيا يا أليكس، لكن ليس هناك شيء افقده هذه المرة."
لم تفهم أليكس ما قاله و لم تكن قطعا راغبة في فهم ذلك و قالت: "سوى كمية كبيرة من المال!"
اقترب من طاولة مكتبها. و قال: "ليس المال كل شيء. تعلمت ذلك منذ زمن بعيد. و بالنسبة لهذا، فقولك لا ، ليس جوابا. فكري بالأمر يا أليكس. تحدثي إلى والدك ان وجدت ضرورة لذلك. سأمهلك اربع و عشرين ساعة. إذا أردت الاتصال بي فأنا باق في السافوي."
لم تنبس أليكس ببنت شفة و بقيت جالسة كتمثال، و راقبته و هو يغادر المكان. اغلاق الباب بهدوء جعلها تجفل. و ارتجفت و هي تطبق جفون عينيها. الزواج من بيرس؟ كيف يمكنها ان تقبل عرضا كهذا؟ كان أمرا لا يقبل التفكير. و بالرغم من ذلك أي خيار آخر أمامها؟ هل يمكنها أن تقف متفرجة على كل ما بناه والدها يذهب أدراج الرياح؟ هل يمكنها العيش بعد ذلك و هي تعرف أنه كان لديها الوسيلة لمنع حدوث ذلك؟
ارتعشت و شعرت بالبرودة تصل إلى عظامها. الزواج من بيرس؟ القت مرفقيها على الطاولة و دفنت رأسها بين يديها. منذ خمس سنوات قتلها بوحشيته. كيف لها أن تضع نفسها بين يديه ثانية؟ ماذا عليها أن تفعل؟
عند الساعة الثالثة من بعد ظهر ذلك اليوم. كانت أليكس قد استنفدت كل محاولاتها للعمل. لم تستطع حل ابسط الأمور و لقاءها مع ممثل الاتحاد كان مواجهة يمكنها تجنبها. و بعدما غادر المكان شعرت بأنها خائرة القوى. فقد ملأ عرض بيرس افكارها و استحوذ على كل ما عداه، لكنها عرفت أنها لن ترتاح قبل تسوية هذا الأمر وبدا لها أن هناك طريقة واحدة لتسويته.
أمسكت حقيبتها و مرت على مكتب سكرتيرتها و قالت: "أنا ذاهبة لزيارة والدي يا روث. هناك أمر هام علي مناقشته معه."
بدت روث منهارة قليلا و قالت: "ألم يقدم لك السيد مارتينو عرضا لا يقبل الرفض؟"
امتعضت أليكس لهذا الاطراء المفرط و قالت: "هذا ما أخشاه، سأراك في الغد." غادرت المكان و هي متأكدة بأن روث تحدق في انسحابها المرتبك. على أية حال لم يكن لديها الوقت لشرح الأمر مع أنها شعرت بأنها قادرة على ذلك.
كان الطريق مزدحما و بالرغم من طول الوقت فإن الشعور بالغليان و الإنزعاج لازمها حتى عندما أوقفت سيارتها في ساحة المستشفى. كان والدها يتعالج في غرفة خاصة و لم تفاجأ أليكس بوجود والدتها تحيك الصوف في غرفته فيما كان والدها نائما.
قالت أليكس بعدما حيت أمها بقبلة: "هل كنت هنا طوال الليل؟"
شرحت لها إميلي بتراكوس بعزم لطيف يصعب مواجهته: "ليس الليل بطوله ، لقد سمحوا لي بإستعمال إحدى الغرف للنوم فيها."
تنهدت أليكس و قالت: "سأجلس مع والدي قليلا. لم لا تخرجين قليلا لتنشق الهواء النقي؟ الطقس جميل في الخارج و انت بحاجة إليه و ذلك سيفيدك كثيرا."
قالت أمها بتردد: "حسنا ، إن كنت متأكدة يا عزيزتي ، هناك أمور يجب القيام بها. اعترف أنه أمر سخيف لكن لا استطيع أن أتركه. لدي شعور غريب بأن شيء ما سيحدث بينما أكون بعيدة عنه."
ضمتها أليكس بقوة و قالت: "فهمت، لكنني سأكون هنا. هيا اذهبي." ساعدتها في ارتداء سترتها قبل أن تخرج من الغرفة لتشيعها بابتسامة على شفتيها. و سرعان ما عادت إلى جانب السرير ثانية لتحتل المقعد الشاغر و تقترب من والدها النائم.
مع انها كانت بحاجة للتحدث معه ، لكنها لم توقظه، و انتظرت حتى تحرك. و لسوء الحظ قد ترك لها ذلك مزيدا من الوقت للتفكير. لم يكن هناك هكذا تأخير عندما ذهبت لرؤية جدها منذ خمس سنوات ، حيث كان طريح الفراش ايضا كان الوسيط حينها كما هو الآن. بيرس مارتينو، عادت بذاكرتها إلى الوراء غير راغبة في تصديق كلمة مما قاله بيرس...
خرج يانيس بتراكوس من غرفة النوم في شقته في مانهاتن، و قد بدا انزعاجه ظاهرا عندما رأى حفيدته جالسة على الكرسي الوثير.

أمل بيضون 07-10-09 05:09 PM

سألها بوجه عابس و هو يحدق فيها و في بيرس الواقف إلى جانبها: "ما الذي يجري يا أليكس؟ و من يكون هذا الرجل؟"
قبل أن تجيب أليكس تكلم بيرس قائلا: "اسمح لي أن اقدم نفسي. اسمي بيرس مارتينو ، و أنا زوج أليكس."
بدا يانيس بتراكوس مستغربا و سأل: "زوجها؟ لماذا لم أكن على علم بذلك؟" تساءل و قد بدا عليه و كأنه جرح في كبريائه، الأمر الذي جعل بيرس يزم شفتيه أكثر.
قال باقتضاب: "نحن نعلمك الآن." مما جعل الرجل العجوز يحدق فيه بإمعان و قد ضاقت عيناه و هو يفكر و قال: "مارتينو؟ هذا الاسم مألوف لدي. ألم نلتق من قبل؟"
أجاب: "ليس مباشرة، قدمت إليك عرضا بشأن شركة بتراكوس للملاحة و أنت رفضته."
اوداد تجهم جدها على هذا التعليق العنيف. فلم يكن معتادا على مقابلة اناس لا يتأثرون من حضوره و قال: "آه، أجل، تذكرت الآن، لقد كنت مقنعا جدا، لكن هذه الشركة لم تكن يوما و لن تكون برسم البيع."
انتهى الأمر عند ذلك فيما يخصه، و كما ظهر تجهمه فجأة ابتسم فجأة و مد يديه لأليكس قائلا: "لكن ما شأن هذا بزواجك؟ أنت فتاة سيئة لأنك لم تخبري جدك، لكني لا استطيع ان اغضب منك في هذا اليوم المهم. تعالي ، دعيني أقبلك يجب أن نحتفل بذلك."
ابتسم بيرس لأليكس ابتسامة ساخرة و قال: "لم ارسل بطلب الشراب بعد. اعتقد انك ستكتشف ان أليكس تريد الطلاق. أليس كذلك يا حبيبتي؟"
تجهم وجه يانيس ثانية فيما هو يتراجع خطوة بعيدا عن حفيده و قال متسائلا: "طلاق؟ أي جنون هذا؟"
أجابه بيرس برقة دون أن يتأثر بتأفف و تنحنح الرجل العجوز: "ليس جنونا. اني مستعد لمنحها الطلاق لكن بثمن، في حال قبلت به لن أعارض. لكن أن رفضت الإذعان لطلبي اعدك ، اني سأعمد إلى مقاضاتك لسنوات."
جعلت تلك الكلمات جدها يميل برأسه إلى الوراء بغضب و جذب أليكس إلى جانبه ليحميها قائلا: "أي رجل أنت؟ تزوجت حفيدتي لتطلقها فقط؟"
ابتسم بيرس ، و رفع حاجبه باستهزاء عندما حصل على الطريقة التي كان يتمناها لبدء كلامه ، فقال: "أنا يوناني الأصل، و انطلاقا من الدم الذي يجري في عروقي اريد الانتقام لعائلتي. اريد استعادة ما سرقته منا يا يانيس بتراكوس ، و مقابل ذلك أعطيك حفيدتك."
و وجدت اليكس لأول مرة منذ دخولها الشقة القوة لتتكلم فقالت بصوت مخنوق: "انه يريد اسطول سفن بتراكوس البحري يا جدي. لذا تزوجني ، قال انك سرقته و..."
التعبير الذي حل على وجه يانيس بتراكوس فاجأ أليكس، لكن بيرس بدا و كأنه لم يتوقع اقل من ذلك. قاطعها يانيس قائلا بلهجة قاسية آمرة: "توقفي!" مما جعلها تشهق. إلا ان عينيه بقيتا مسمرتين على الشاب الذي يقف بمواجهته و سأله: "من أنت؟"
أجابه بيرس بسخرية مهينة: "ألم تحزر بعد؟ اني حفيد جورج اندرياس، و قد أتيت للمطالبة بما كان لنا." قال ذلك بلهجة طبيعية جعل أليكس تنظر إليه بخشية ، رغم ما تشعر به من كره له.
ظهرت لهجة الرجل العجوز الأصلية بشكل أوضح، عندما أعاد ترديد كلماته باحتقار واضح، إذ قال: "أنت مخبول و ابن مخبول. أنا يانيس بتراكوس، لست شخصا من هذا النوع. كانت الوثيقة الموقعة التي تحيل إلي ملكية السفن قانونية و ملزمة. تلك السفن ملكي قانونيا، و ما هو ملكي لا أتخلى عنه!" و في نفس الوقت سحب أليكس بقوة إلى جانبه و أضاف: "و الآن و قد أحضرت حفيدتي غلي فإني لن أدعها تذهب. لن أدع شخصا من عائلة اندرياس يلطخ شخصا من عائلة بتراكوس! الزواج سيلغى. و أنت لن تنال شيئا!"
تصلبت أليكس فهي تعرف تماما طبيعة الورقة التي يحملها بيرس في يده. اختنقت الكلمات في حنجرتها و لم تستطع سوى أن تحدق به بخوف.
أما بيرس من جانبه فقد رماها بنظرة طويلة ، ثم حول كل انتباهه إلى عدوه، و قال بلهجة خالية من أية عاطفة: "لا يمكن الغاء الزواج ، أخشى أنك تأخرت كثيرا يا بتراكوس، فأنا و أليكس تزوجنا أمس. لقد أمضت الليلة معي."
اعتقدت أليكس أنها هبطت إلى أكثر درجات الاذلال عمقا اليوم، لكن بيرس استطاع بتلك العبارة الصغيرة ان يظهر لها أن الحفرة التي وقعت فيها لا يسبر غورها. شعرت بالتوتر الذي اعترى جدها ، فرفعت نظرها لتلتقي عينيه المتهمتين.
طلب منها قائلا: "قولي لي ان ذلك غير صحيح. قولي لي يا أليكس أنك لم تلحقي بنا الخزي بزواجك من شخص من عائلة اندرياس."
لطالما عرفت ان جدها كان رجلا فخورا جدا، لكنها لم تتوقع قط ان تتهم بالحاق الخزي بالعائلة. لقد جعل من زواجها من بيرس عملا سيئا جدا ، فيما اقدمت هي على الزواج به بدافع من حبها و ثقتها، عرفت رغم ذلك ان ما من جدوى من الاعتراف انها كانت تجهل من هو بيرس. فما يهم كان التصرف ، و ليس المعرفة لأن الضرر قد وقع.
و كان كل ما استطاعت القيام به هو تحويل غضبها إلى الرجل المسؤول عن كل هذا. قالت: "لا أستطيع." و كانت عيناها تظهران ان حقدها و احتقارها لزوجها حتى بينما هي تتكلم.
اتبع ذلك سيل من الكلام اليوناني الذي لم تفهمشيئا منه، لكن الذي بدا ان بيرس فهمه، لنه تصلب بغضب مستعملا معرفته الخاصة باللغة بإيجاز انما الشديدة التأثير. صمت جدها بالرغم من ان النظرة التي رماها بها كانت باردة. خامر أليكس شعور غريب جدا بان بيرس كان يدافع عنها لكنها لم تستطع التصور لماذا قد يفعل ذلك. نظرت إليه لكن لم يكن هناك تعابير يمكن قراءتها في ملامحه المتصلبة ، فقررت انها لابد مخطءة ، و فوجئت انها شعرت بموجة من خيبة الأمل جعلت معدتها تعتصر.
الأمر أكثر جنونا على الإطلاق بعدما استغلها هو بهذه القساوة.
بدأ جدها يتكلم من جديد، بعد مرور قليل من الوقت ، لكن باللغة الإنكليزية فقط هذه المرة، قال: "انك رجل ذكي يا سيد مارتينو. لقد عرفت الشيء الوحيد الذي يجعلني اذعن لطلباتك. لربما انك ربحت، و لكن أنا لدي بضعة شروط، سوف أرتب الأمور من أجل الطلاق، و سيكون هذا الزواج و كانه لم يحدث قط لا أنت و لا حفيدتي ستذكرانه لأي كان ، و لا حتى لعائلتك. و إن حدث و علمت أنك فعلت هذا، عندها سأعمل بكل سلطتي لأجعلك تندم ندما كبيرا."
"وفر تهديداتك يا بتراكوس، لأولئك الذين يمكنك غخافتهم، فكل ما أريده هو ما هو لي بحق، و المسألة قد تسوى هنا و الآن. اعرف انك تسافر دائما برفقة محاميك، اطلب منه ان يسحب الوثائق الليلة ، و في الصباح ساكون خرجت من حياتك."
هكذا انتهى زواج أليكس القصير، خلال ساعات الليل القليلة ، بتوقيع الوثيقة التي قايضتها مقابل شركة سفن تجارية.
أتى بيرس إليها قبل مغادرته و قد ارتعش فكه قليلا فيما هو ينظر إلى وجهها الشاحب و قال: "اني نادم لأن الأمور حدثت بهذه الطريقة."
إلا ان الإزدراء الذي بدا في نظرات عينيها اخبره أنها لا تصدقه و قالت: "لا اعتقد أن ذلك سيقض مضجعك خلال الليالي. اتمنى ان تكتشف ان الأمور كانت تستحق هذا كله يا بيرس، و ان تمنحك تلك الورقة السعادة. لكن إن لم تفعل يمكنك أن تتأكد أن الضحك الذي ستسمعه هو ضحكي!" كان ذلك كل ما استطاعت قوله ثم استدارت مبتعدة و رحل هو...
و منذ ذلك الوقت لم تره ثانية حتى نهار أمس.
لم يسامحها جدها قط لأنها تسببت بخسارة كبريائه. و مرحه. و قد مات بعد بضع سنوات من جراء ذلك ، لكنها حافظت على الجزء المختص بها من الإتفاق و لم تخبر احدا عن زواجها من بيرس. كان ذلك جزء من حياتها شعرت بسعادة كبيرة في أن تنساه، رغم أنها لم تنسه حقا قط.
و الآن عاد بيرس من جديد، مع اتفاق آخر من اتفاقياته فشعرت انها وقعت في الفخ ثانية تماما كما حصل لها من قبل.



sara1 07-10-09 11:59 PM

منتظره الباقي

anabel 08-10-09 01:52 AM

الله يعطيك العافية

saranomy 08-10-09 02:02 AM

أرجوكي ما تتأخري علينا

الجقة 09-10-09 07:02 PM

منورة يعني انت احلى الحلوات جد مشكورة اني اغلب اليوم لوحدي في المنزل وانت والروايات بتونسوني فلا تتاخري عليا شكراااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا اااااا

أمل بيضون 10-10-09 02:05 PM

الفصل الخامس

كانت أليكس لا تزال تطيل التفكير بظهور بيرس المفاجئ في حياتها، عندما تناهت إلى مسامعها تنهيدة من ناحية الفراش جعلتها تدير رأسها بسرعة لتجد والدها ينظر إليها.
قال لها بصوت حزين يفتقرالقوة: "كنت سارحة في البعيد البعيد، يا أليكس. و أفكارك بدت غير سعيدة."
نهضت لتطبع قبلة على خده، ثم جلست على حافة السرير، و أمسكت بيده و أضافت تقول بحذر: "أخشى ان المستشفيات تجعل الافكار السوداء تروادني. كيف تشعر؟ اصدقني القول."
ضحك ستيفن بتراكوس فيما بينه و بين نفسه، و ابتسم لابنته الوحيدة قائلا: "اشعر بتحسن كبير لرؤيتك، لكني لست مسرورا جدا لرؤيتك متجهمة." ثم تبددت ابتسامته، و غامت عيناه بنظرات اهتمام و وخز الضمير فيما قال بإحباط: "ما كان علي أن اترككتعالجين الفوضى التي احدثتها! لم كان يجب ان امرض الآن؟ آخر مكان احتاج ان أكون فيه هو سرير في المستشفى!"
شعرت أليكس ان قلبها قد غار من مكانه فيما هي تنظر إليه لمعرفتها انه من السيء لحالته اثارة مشاعره هكذا. فقالت: "هدىء من روعك يا أبي. لن تقدم مساعدة لأحد ان جعلت نفسك تمرض من جديد، غضافة..." عضت على شفتها، متحيرة بما تريد أن قوله. و بالطريقة التي تقوله فيها.
و اجبرتها الصراحة على ان تعترف ان جزءا كبيرا من حيرتها عائد إلى أنها كانت خائفة من سماع الجواب.
فأكمل والدها بغضب: "إضافة لماذا؟ إضافة إلى ان احدا لن يحرك ساكنا لكي يساعدك؟" و تراجع بوهن إلى الوراء على وسائده.
عرفت أليكس خطورة الموقف الآن و اختارت بسرعة الطريقة الوحيدة التي تعيد إليه هدوءه قائلة: "في الحقيقة ، هذا ليس صحيحا." شعرت بالراحة بعدما انكرت عنه الحقيقة و رأت مسحة الشحوب تختفي عن خديه و تحل مكانها نظرة عينيه الحادة و هو يسألها: "ماذا تعنين يا أليكس؟"
اختارت كلماتها بعناية شديدة قائلة: "حسنا، هناك شخصا يريد المساعدة، لكن عرضه... غير عادي."
انطلى الأمر على والدها فورا و قال: "تقولين غير عادي؟ بأية طريقة على وجه التحديد؟ على كل حال لدينا متاعب الآن لكن نحن شركة محترمة في الاساس. يمكننا أن نعود كذلك ثانية إذا استطعنا تسوية اخطائي. أفترض ان أي شخص راغب في تأمين السيولة سيطلب حصصا في الشركة و بعض الصلاحيات." رأى تصلب وجهها فأعاد التفكير و قال: "لا تقولي لي أن شخصا ما يريد استلام مقاليد الأمور كليا؟"
عرفت ان الأمر هو بمثابة اسوأ كابوس على والدها ، فأكدت له أليكس بسرعة: "ليس البتة، الحقيقة هي العكس تماما. الأمر هو أن هناك رجل... يريد الزواج مني. هو يعرف متاعبنا و على استعداد لمساعدتنا ماليا ، لكن... هناك مشكلة، فاسمه بيرس مارتينو." ذكرت اسمه بسرعة و انتظرت سماع دوي انفجار القنبلة التي اسقطتها.
بدا والدها للحظة عاجزا عن الكلام و بدت كلناته متعثرة و هو يقول: "تعنين مارتينو نفسه صاحب الملايين؟" تساءل و قد بدا وجهه مشرق: "تسمين ذلك مشكلة؟"
شهقت أليكس لأنها لم تكن متأكدة بأن بيرس بهذا الغنى الفاحش و استغربت طالما انه يستطيع شراء ما يريد، لماذا اختار مساعدة والدها دون مكسب ظاهر؟ و تابعت كلامها قائلة: "هناك أمر آخر، ان جده هو جورج اندرياس." لم يطل انتظارها طويلا لتسمع الرد.
امتعض ستيفن بتراكوس و قال: "آه ، الرجل الذي كرهه والدي، لم أخبرك قط عن ذلك يا أليكس و سبب الخلاف بيني و بين جدك هو اندرياس. لقد حاول أن يشركني في النزاع ايضا، أمر يتعلق ببعض السفن ، لكني رفضت. و حدث ذلك عندما عدت إلى انكلترا و بدأت بشركتي الخاصة، و كما ترين يا عزيزتي لا أحمل اية ضغينة تجاه عائلة اندرياس. تقولين الآن ان الحفيد يريد الزواج منك و اخراجي من الورطة؟" جلس والدها في سريره و قد علت الابتسامة العريضة على وجهه و تابع كلامه قائلا: "حسنا ، ذلك أفضل خبر نقلته إلي. هل تعتقدين ان هناك مشكلة؟ لا استطيع ان افكر بزواج افضل من هذا لك. هل تعرفينه منذ وقت طويل؟"
و كان من شدة حبه لها ان اتجهت افكاره اولا نحو سعادتها و ليس وراء انقاذ شركته.
قالت: "قابلته اول مرة منذ بضع سنوات. خرجنا سوية، لكن لم يحدث شيئا بيننا." و شعرت انها تكاد تختنق من جراء كذبتها، لكنها تنحنحت و تابعت قولها: "ثم عاد للظهور جديد ليلة البارحة و..."
"اخبرك بأنه لم ينسك طيلة هذه السنوات طلب منك الزواج؟ إذا، هذا ما قصدته أمك عندما أخبرتني أنك تحملين لي أخبارا جيدة!"
سألته: "ألاتعتقد ان الأمر حدث فجأة و على عجل؟"
أجابها: "هذا هراء. عندما يرى الرجل ماذا يريد ، فإنه يسعى في طلب ذلك! لم عليه الانتظار؟ و لم لا يريد الزواج منك؟ أنت جميلة و ذكية و الزوجة المثالية لأي رجل. من تكون أفضل منك؟"
غار قلبها في صدرها. و قالت بعد ان رسمت ابتسامة ملتوية: "لم تسألني يا أبي ان كنت احبه؟"
اشاح بيده و قال: "إذا كنت لا تحبينه الآن فستحبينه لاحقا. انه مهتم بك يا عزيزتي. ما الذي سيحدث لك لو لم اكن هنا؟ هذا الزواج سيوقف قلقي." ضغط على يدها متأثرا و اضاف: "هناك امورا اسوأ من الزيجات المدبرة يا أليكس. أنا و والدتك مثال على ذلك و ما كنا لنكون أكثر سعادة. عليك أن تتعلمي أن تعطي و تأخذي."

أمل بيضون 10-10-09 02:06 PM

كانت تعرف ذلك. لكن حسب خبرتها فإن البعض يأخذون أكثر مما يعطون. مهما يكن ، فقد ابقت على سرها و لم تخبر والدها بأنها لم تقل نعم بعد. كان امامها خيار واحد. فقد كان الشرك يلتف حولها بقوة. إلا انها ابقت على شجاعتها و ابتسمت و قالت: "من الأفضل ان تتمنى لي السعادة. عندها، هذه المرة عندما اقول لك ان تكف عن القلق ، ستعرف انه يمكنك ان تفعل ذلك."
ضحك والدها فيما عادت والدتها، و بالطبع فقد اطلعت على الخبر و بكت متأثرة لارتياح زوجها و سعادة ابنتها.
وعدت أليكس والديها بأن تصطحب بيرس لمقابلتهما ، و غادرت المكان بعد نصف ساعة حيث كان عليها رؤية بيرس.
كان يمكنها بالطبع ان تؤجل الاجتماع إلى الغد، لكن ذلك لم يكن سهلا فقد علمتها التجارب أنه من الأفضل تناول الدواء الكريه بسرعة.
انطلقت نحو السافوي و هي في حالة من الغضب الشديد. فقد أملت عندما تم طلاقهما بأن لا ترى بيرس ثانية ابدا، لكن الآن عليها أن تربط نفسها به بقية حياتها. كان ذلك عرضه الذي لا يقبل التفاوض، فالمال متوفر مقابل ان تصبح زوجته ثانية و ليس هناك من طلاق. احدثت تلك الفكرة طعنة حادة من الألم في صدغها.
كرهت ان ينصب لها الفخ بهذه الطريقة ، لكن الأمر الذي لم تستطع ان تفهمه فعلا هو ، لماذا ارادها بيرس ان تكون زوجته طالما هو متأكد من ماهية شعورها نحوه؟ و لم تكن غبية لتتخيل ان عرضه هو من أجل منفعة الآخرين. لا بد أن يكون هناك شيء آخر وراء الأكمة ، ليس مجرد مساعدة والدها للخروج من ضائقته. لقد كان وسيما للغاية و رجلا واسع الثراء، و بإمكانه الحصول على أية إمرأة يريدها زوجة له، لماذا إذا يربط نفسه بشخص يكرهه؟
كان السؤال يختمر في ذهنها عندما دخلت الفندق و طلبت من موظف الاستقبال ان يتصل بجناح بيرس. أملها الأخير بأن لا يكون موجودا تحطم عندما قيل لها ان تصعد إليه.
تحققت من مظهرها في مرآة المصعد. مررت أحمر الشفاه على شفتيها لتعيد لها نضارتها و سرحت شعرها بسرعة لتشعر بحضورها أكثر. افترضت لو أنها تذهب إلى المنزل لتبدل ثيابها، لكن حاجتها لتنهي الاجتماع كانت أكثر اقناعا.
فتح بيرس الباب لها، بدا مرتاحا جدا و قد نزعربطة عنقه فيما كمي قميصه مثنيتين، و ظهرت ذراعيه القويتين و قد كساهما الشعر الأسود. لم يزعج نفسه بالسؤال عن سبب قدومها انما تنحى جانبا فقط ليتيح لها الدخول ثم اغلق الباب وراءهما. بدا الأمر لأليكس و كأن آخر فرصة للهرب قد سدت في وجهها. غمرها شعور قوي بالغضب مما جعلها تسير إلى الامام و ترمي حقيبة يدها على أقرب منضدة. تبعها بيرس. كان بإمكانها الشعور بنظرات عينيه مركزة عليها و تخيلته يسخر منها. كان احساسا قويا جعلها تستدير لتكتشف فقط انها كانت على خطأ. كانت نظراته بعيدة عنها، متفحصة و بعيدة كل البعد عن السخرية.
حركت رأسها و قد بدت منزعجة و مرتبكة و قالت له بفظاظة: "لقد جئت لتوي من المستشفى." فازدادت حدة نظراته الفاحصة ليسالها: "كيف حال والدك؟"
تنهدت بإحباط ، و قلبت شفتيها بإزدراء فيما كانت تحرر إحدى يديها من خلال خصلات شعرها الأشقر القصير عابثة بها. ثم اجابته: "انه يتعافى بسرعة. و قد يسرك ان تعلاف أنه لا يكن أية ضغينة لأي فرد من أفراد عائلة اندرياس."
فرد عليها بيرس قائلا بجفاف: "على عكس ابنته."
و سار إلى حيث توجد صينية عليها أكواب و زجاجة عصير إلى جانب الغرفة ثم اضاف قائلا: "هل يمكنني ان اقدم لك شيئا؟ تبدين و كأنك تحتاجينه."
أجابته بإيجاز: "سأتناول عصير الليمون." و رفعت ذقنها عندما نظر إليها بدهشة. بدت ابتسامة عذبة جميلة فيما اضافت: "يقولون انه يساعد على التهدئة ، و هو أمر احتاجه ان كنت مضطرة لامضاء أي وقت معك. ما كنت لأفجأ لو أمضيت اياما في سديم."

أمل بيضون 10-10-09 02:07 PM

بدا انه لم يستمتع بكلماتها تلك اطلاقا، لكنها لم تعرف لماذا عليها ان تقيم وزنا لمشاعره فيما لم يفكر هو قط في مشاعرها. و لم تفاجأ في أن الكوب الذي أعطاه لها لم يكن يحتوي سوى على عصير آخر. فيما سكب لنفسه كوبا، و في رشفة واحدة ابتلع نصف محتويات الكوب، فيما شعرت أليكس أن عينيها قد تحولتا بشكل عفوي إلى عنقه الأسمر. فسرى من عنقها إلى وجهها دفق من الدماء جعله يتورد، فاشاحت وجهها عنه بسرعة و كرهت نفسها لأفكارها العابثة و ردة فعل احاسيسها. و رغم أنه لم يلمسها فإن شعورها بضعف ارادتها كان لا يحتمل. فما عادت قادرة على الجلوس بهدوء لذا سارت و وقفت قرب النافذة ، و توترت عندما رأت انعكاس صورة بيرس متجه نحوها لينضم إليها.
قال متأملا بتكاسل: "استنتج من ردة فعلك أنك اخبرته عن عرضي، و لم يرفضه؟"
قالت بسخرية و شعور بالكره: "كنت تعرف انه لن يرفض، لذا طلبت مني أن اتكلم معه في ذلك، و كنت تعرف بأني أردته أن يساندني. تبا، لابد أنه أمر رائع بأن تكون رجلا محقا طوال الوقت!"
"لو اني اعتقدت انك تعتقدين ذلك فعلا، لكنت جادلتك بالأمر. انك غاضبة فقط لأنك لا تملكين سببا يجعلك ترفضين عرضي." اثارت تلك الكلمات غضبها بقوة مما جعلها تستدير نحوه و تصرخ في وجهه بإزدراء قائلة: "مخطئ! لدي كل الاسباب لارفضك. قد يعتقد والدي أنك الأفضل منذ زمن. لكني أعرف اكثر منه. أليس كذلك؟ و انه لا يعارض الزيجات المنظمة ايضا و هو أمر مناسب جدا، لأنه ليس هناك من يقوم بتنظيمها أفضل منك لتناسب هواك."
نظر بيرس إلى وجهها المفعم بالحيوية و النشاط متفحصا كل قسمة من قسماته على حدة. ثم قال لها برقة: "انك جميلة جدا. و في الحقيقة، انت ما زلت أجمل امرأة رأيتها في حياتي."
اتسعت عيناها بإرتباك و قالت بدهشة: "ماذا؟" و جعلت ردة فعلها تلك ابتسامة باهتة تظهر على شفتيه.
قال: "كنت الاطفك."
هزت أليكس رأسها ساخرة من الدفاعات التي تجنبتها ببراعة و قالت: "حسنا، لا تضيع وقتك ، فما عليك أن تكسبني بالكلمات الفارغة، انك تمسك بكل الأوراق. و لا أفترض انك فكرت للحظة اني قد ارفض. اني احب والدي كثيرا مما يمنعني من رفض العرض الوحيد الذي لدي، مهما تكن رغبتي في ذلك."
تنهد بيرس بعمق، ثم قال بإيجاز: "ليس على زواجنا أن يكون ساحة معركة، يا أليكس."
قالت رافضة ذلك: "في ما يعني، فإنه لا يمكن أن يكون غير ذلك. أو هل تتصور انك ستنال من الفتاة الساذجة الحمقاء كما من قبل؟ تلك الفتاة لم تعد موجودة، أنت قتلتها يا بيرس. سوف تحصل علي كما أنا، و إن لم يعجبك ذلك فما عليك إلا لوم نفسك. هل هذا واضح لك؟"
نزع بيرس نظارته بكل تأن و وضعها جانبا، و بعد ذلك عندما أولاها كل اهتمامه من جديد، كانت عيناه مليئتين بالعزم و التصميم. و اجابها: "جعلت نفسك أكثر من واضحة على أية حال ، ان تصورت انك بإعلانك عن عدم حبك لي و ما قد يترتب عن ذلك سوف تجعلينني أغير شروطي، فأنت مخطئة. ستكونين زوجتي ، بكل ما في الكلمة من معنى."
صرت أليكس على أسنانها، متيحة لنفسها أن تعيد إليه نظراته بكل الإزدراء الذي استطاعت أن تجمعه و قالت: "ما كنت لأحلم بالرفض، و على كل حال، فإنها قضية شرف، و أنت ستشتري تلك الحقوق بالزواج مني، أليس كذلك؟ لكن هناك شيء اخطأت في حسابه، وهو اني لست مرغمة على الاستمتاع بذلك."
لسوء الحظ فإن ذلك ادى فقط إلى ظهور بريق مزعج في عينيه، و خطى خطوة ليصبح على مقربة منها، و تمتم على نحو خطر قائلا: "هل تقترحين انك لن تفعلي؟ ان ما قلته الآن جملة ساذجة، فلدي ذكرى قوية كيف انك فعلت ذلك من قلبك."
اجابته بقوة: "كان قبل أن أكرهك." ثم شهقت عندما امتدت يداه لتشد على كتفيها، فأمرته قائلة: "اتركني يا بيرس. و يحك ، قلت اتركني!" رفعت نظرها إلى وجهه، فرأت في عينيه نظرة تصميم مما جعل قلبها يخفق بجنون.
قال: "عندما أكون جاهزا." ثم اضاف بسخرية: "على أية حال، لقد اخبرتني لتوك بأني اشتريتك، لذا استطيع ان افعل ما أريده، أليس كذلك يا حبيبتي؟"

أمل بيضون 10-10-09 02:09 PM

ثم فجأة عاد كل شيء إلى نصابه ثانية، ترك يدها و مشى نحو النافذة. كان بيرس يقف هناك ينظر إليها بتأمل، و تلاشت الحرارة في لحظة ، تاركة إياها مرتجفة.
قال بيرس بسخرية جارحة: "يبدو ان ليلة زفافنا ستكون هادئة جدا.يبدو ان كرهك قد اضاف نكهة خاصة إلى الصفقة." استرد نظارته و عبر الغرفة ليملها بشخصه من جديد.
أحنت أليكس رأسها و قد شعرت بالغثيان لحالها.
سألها: "هل تناولت طعامك؟"
لم تكن تتوقع السؤال العادي اطلاقا، فأجابته بصدق و إن كان بفظاظة: "لا."
قرر بيرس قائلا: "سأطلب طعاما إلى هنا." و سار نحو الهاتف و هو يتابع قائلا: "لدينا اشياء لنناقشها، و لا اريد ان افعل ذلك في العلن. هل انت موافقة؟"
سألته ألكيس بسخرية: "و هل عندي خيار؟" و هي تحاول بجهد لأن تجد نوعا من الهدوء يتماشى مع هدوئه.
قال بإيجاز: "بالطبع عندك خيار. أنا لست مسخا. تعرفين ذلك." ثم كان عليه أن يغير نبرة صوته فيما اجابه احدهم من مكتب خدمة الغرف ثم كان عليه ان يحول كل انتباهه إلى طلب الطعام.
لم تهتم أليكس من ناحيتها لما طلبه، فقد كانت تشك في أنها ستكون قادرة على تناول أي شيء. سارت إلى أقرب كرسي و غرقت فيها بامتنان. فقد كانت تشعر بتعب شديد، فاسقطت رأسها إلى الوراء على ظهر الكرسي اللين، و اقفلت عينيها. ما قد تعطيه لتتمكن من التوقف عن التفكير قد تعطي أكثر منه بعشر مرات مقابل ان لا تشعر بهذا الحب نحو بيرس. كانت تعتقد انه انطفأ، لكن في اللحظة التي رأته فيها من جديد عادت بها الذاكرة للوراء. حتى الآن فإن ما يخالجها يجعل من اعتقادها بأنها نسيته، اعتقاد كاذب...
ليست مضطرة للاستسلام دون معركة. لقد قال ذلك هو بنفسه، عندما سألها ان كانت هناك أية طريقة افضل لها لتحقيق انتقامها من الزواج به. لم تفكر في ذلك حينها، لكنها ادركت الآن الفكرة، قد لا تستطيع التخلص من هذا الزواج لكنها ليست مرغمة على أن تكون زوجة صغيرة مطيعة! و على أية حال، انها تملك سلاحا، فالمرأة لديها أسلحة خاصة بها، و حتى ان لم تربح الحرب يمكنها ان تتأكد تماما ان عليه الفوز بعدة معارك ليكسب نصره!
جعلت تلك الفكرة ابتسامة ترتسم على شفتيها، و اعادت إليها بعض القوة المفقودة، و فتحت عينيها من جديد، لتجد ان بيرس يراقبها، و عيناه تلمعان ببريق يعكس نوعا من الاستمتاع النفسي.
قال لها: "اتخططين لتدميري؟"
توترت اعصابها بشكل عفوي لتمكنه من قراءة افكارها، و لم تستطع ان تتحاش اتقاد وجنتيها و كل ما استطاعت القيام به هو مواجهته بذلك، فقالت: "لم لا أفعل؟ فقد تعلمت شيئا من زواجنا الأول، رغم قصر مدته. ان بامكان الانسان ان يحقق اي شيء تقريبا بالتخطيط إلى الامام."
وضع بيرس يديه في جيبي سرواله ، ثم قال: "إذا، أنت تخططين لاستخدامي كعملك المجسم؟"
رفعت أليكس كتفيها بلامبالاة و قالت: "لم ازعج نفسي بالبحث عن واحد آخر فيما لدي واحد استطيع التصرف به، اليس هذا كلام صحيح؟"
"لم يسبق أن كنت ساخرة هكذا. اتذكرك تنظرين إلى العالم بتفكير منفتح على مباهج الحياة."
ضحكت لكلماته تلك لأنه بدا خائب الأمل فقالت: "آه، حسنا. يقولون ان الزواج قد يكون عاملا فعليا لرؤية الأمور على حقيقتها، و زواجي كان زواجا رائعا جدا، و انت تعترف بذلك؟"
هز بيرس رأسه بسخرية تقريبا، و قد خانته ضحكة رقيقة رغم انها كانت تحوي القليل من الملاطفة، و قال: "لن تغفري لي أبد ذلك، أليس كذلك؟"
قالت بحدة: "ان كان هذا ما تريده فانك ستنتظر طويلا. و في الحقيقة لو كنت مكانك لكنت فكرت ثانية و جديا بامكانية التقمص، لأنه لن يكون هناك استبداد من قبلي في هذه الفترة من العمر!" تاركة عينيها تنقلان له كرهها عبر بريقهما.
لدهشتها فان بيرس لم يغضب، انما غرق في التأمل اكثر و ردد ساخرا مستمتعا بالكلام: "اني افضل فكرة اننا نمضي السنوات معا. دائما معا."
طقطقت أليكس اصابعها بإنزعاج و قالت بشكل لاذع: "لا تكن معتدا كثيرا بنفسك. فما من شيء يؤكد اننا سنعود كبشر. فإن كان هناك اية عدالة ستعود كحشرة صغيرة استطيع ان اسحقها تحت قدمي." و اخذت تنظر بإنزعاج إلى منظر بيرس و هو ينفجر ضاحكا بلهو فعلي.
قالت بألم: "يسعدني اني عملت على تسليتك." فابتسم لها ابتسامة عريضة.
أجابها برقة: "آه، لقد فعلت أكثر من ذلك يا حبيبتي."
قالت بنفور واضح: "ان كان بامكانك ابعاد تفكيرك عن هذه التصرفات فقد قلت ان لدينا اعمالا نناقشها." لكن لسوء الحظ تلك الكلمات جعلته يخطو نحوها بخطواته البطيئة.
ثم انحنى، و امسك ذقنها بين ابهامه و اصبعه، و قال برقة: "هكذا قلت، لكن لا تتصرفي بعلو و كبرياء هكذا يا أليكس. كلانا نعرف أنه لن يتطلب مني مجهودا كبيرا لأسحبك معي إلى تلك التصرفات، لذا هدئي من غضبك، و لا تهتمي إلى اين احملك طالما اعطيك الرضى الذي تتوقين إليه." مما جعل لونها يتغير بسرعة و فمها يجف.
لمعت عيناها الرماديتان بدموع أبية و قالت: "انك..."
فأكمل عنها قائلا: "شخص جدير بالإزدراء و بدون قلب، أعرف، و سيكون من الأسهل لك ان تتذكري ذلك، ان كنت تريدين ان تحافظي على كبريائك الغالي دون ان يصاب بأذى."
رغم أن أليكس استطاعت ان تجد اجابة لكن لم تتح لها فرصة لتقولها، لأن طرقة على الباب قد قاطعتهما. استوى بيرس في وقفته و هو يبتسم ابتسامة ساخرة.
قال: "انقذك جرس العشاء!" و ذهب ليجيب، تاركا أليكس جالسة ترتجف في كرسيها.
كيف بامكانها ان تعيش معه؟ اخذت تفكر بغضب، ثم انحنت كتفاها. و تساءلت كيف يسعها الا تفعل؟ فليس أمامها من خيار. عندما يصل الأمر إلى بيرس مارتينو، لن يكون لها ذلك اطلاقا.

sleeping beauty 10-10-09 02:27 PM

:amwa7:سلمت يداك وبليز لاتتاخري علينا وشكرا:x2:

anabel 10-10-09 05:04 PM

يعطيك العافيه على اختيارك

MooNy87 10-10-09 08:53 PM

الرواية دى من اروع روايات عبير

تسلمى يا امولة على الاختيار الرائع

ويعطيكِ الف عافية

نولينا 11-10-09 10:58 AM

الروايةروعةتسلمي لكن بليز لاتتاخري:018:


الساعة الآن 11:22 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.