74-السر الدفين - ماري ويبرلي- روايات عبير القديمة**

[أمل بيضون]

3- ما هو أسمك الحقيقي؟
بعد الساعة التاسعة بقليل , دخلت فانيسا وكال المكتبة , وكانت الشمس تملأ الغرفة من خلال النوافذ الواسعة ذات التصميم الفرنسي , حاولت فانيسا جاهدة مقاومة الشعور بالأنزعاج , أنها مهمة صعبة , لكنها هي التي قررت المضي فيها بغض النظر عن كل الأعتبارات الأخرى , شاهدت على الطاولة الخضراء في منتصف الغرفة رداءا واقيا , رفع كال الرداء وقدمه لها.
قال لها:
" السيدة بانكس أحضرت لك هذا الرداء الذي سيحمي ثيابك من الأوساخ والغبار".
كان صوته هادئا وخاليا من أي معنى , لكن فانيسا شعرت- مرة أخرى- بشيء , مزعج يحيط بهما ... نوع من التوتر الحاد الذي لم تفهمه ولم تحبه .
" شكرا لك ولها".
كان الرداء مصنوعا من النايلون ولا يصل الى منتصف الساق , ومع ذلك فهو يفي بالحاجة , نظرت الى الطاولة وقالت:
" سأضع الكتب عليها تمهيدا لفهرستها , فهل من مانع؟".
سار كال الى أحدى الزوايا وأشار بيده الى مجموعة من الصناديق وقال:
" الأوراق والبطاقات وكل ما تحتاجين اليه موجود هنا".
ثم سألها:
" سوف تحتاجين الى مساعدة عندما تصلين الى الرفوف العليا , أليس كذلك؟".
لم تكن تريد أن تتطرق الى هذه النقطة , ولكن من الغباء ألا تفعل الآن , أجابت وهي تراقب وجهه:
" هناك شخص سيأتي لمساعدتي".
قطب حاجبيه وقال:
" ماذا تقصدين؟".
" ذهبت في نزهة هذا الصباح , فألتقيت برجل يدعى لوري ماكينزي فقال لي أنهم طلبوا منه مساعدتي...".
لم يتركها تكمل جملتها .
" لوري؟".
ولاحظت أنه ذكر الأسم بالطريقة التي ذكر فيها لوري اسمه.
وأتسعت عينا فانيسا وسألت ببراءة:
" هل هناك شيء غير طبيعي".
نظر كال اليها مليا , لم تكن هناك أية تعابير على وجهه ,لكنها أحست بالغضب الشديد يعصف به وهو يحاول السيطرة على نفسه , قال:
" لا شيء , لو كنت مكانك لراقبته جيدا ... فقد تواجهين المتاعب معه".
" المتاعب؟ ماذا تقصد؟".
ظهر عليها الأستغراب بالأضافة طبعا الى محاولتها تمثيل دور المغفل البريء ... لكنها تناست ما يمكن أن يفعله هذا الرجل.
رد بجفاء:
" أتركي هذه الألاعيب , ولا تمثلي دور البريء المسكين , فذلك لن ينطلي عليّ , أنت تعرفين تماما ما أقصد, بل يجب أن تعرفي , أنت بالغة بما فيه الكفاية , أم هل تعتقدين أن الشابن اللذين هاجماك بالأمس كانا يريدان تقديم الأحترام والطاعة لسيادتك؟".
جاهدت فانيسا للأحتفاظ بهدوئها , لم ترد أن ترفع صوتها لئلا تفضح أضطرابها , فقالت بصوت خفيض:
" أنت مقرف".
" أذا كانت تصرفاتي المقرفة ستضع بعض الحس في رأسك ... فلا بأس أنا لن أكون موجودا دائما للدفاع عنك , المسألة كلها أن لوري ماكينزي ذئب خبيث , وآمل أن تقدري على التعامل معه".
" أنا قادرة على ذلك تماما , عندي من التجارب ما يكفي لأعرف كيف أتصرف مع كل الرجال".
ألتمعت عيناها السوداوين بالغضب وقد أستعادت ثقتها بنفسها :
" ستقول بعد قليل أن عليّ ألا أشجعه .... هذا ما أوحيت به أمس أيضا".
" حسنا , أياك أن تشجعيه , أشغالي تكفيني , ولا أريد أن أسمع صراخك طلبا للمساعدة".
" لماذا لا ترحل وتتركني لوحدي؟".
ردت بضب وهي تجمع قبضتي يديها بشدة , يا له من رجل عنيد ومغرور .
" وفري لكلماتك له".
كان يراقب يديها وعلى شفتيه أبتسامة ساخرة :
" لقد حذرتك مما سيحدث لك أذا ما تعرضت لي".
" أذهب من هنا فورا".
" أنا ذاهب , الغداء سيكون في الواحدة ظهرا ,والسيدة بانكس ستقدم القهوة عند الساعة الحادية عشرة".
راقبته فانيسا وهو يغادر المكتب بهدوء , تضاربت المشاعر في صدرها , لم تلتق بأحد من قبل يشبه كال غرين , أنه يخيفها بالفعل.
ظلت صامتة للحظات ثم أستدارت تتفحص رفوف الكتب المتراصة , بعض الكتب كانت قديمة للغاية وقد أصفرت أوراقها وتفتت الجلد الذي يغلفها , رفعت كتابا عن الأرض وفتحته بعد أن نفضت طبقة الغبار التي كانت تعلوه , كان مجلدا يجمع أعدد أحدى المجلات للعام 1767,وكانت أوراقه مصفرة بفعل الزمن ومتشققة في أماكن عدة , لكن الطباعة كانت واضحة بالرغم من صغر حجم الحروف , حملت فانيسا المجلد بعناية , فأحست- كالعادة0 بأنها عادت الى تاريخ سحيق , شعرت برغبة في تصفح المجلد , لكنها أبعدته مباشرة , لعلها تستطيع ذلك عند الساعة الحادية عشرة , وقت تقديم القهوة.
كانت على وشك أن تضع الرداء فوق ثيابها عندما سمعت الباب يفتح , ومنه دخل لوري ماكينزي , عادت اليها على الفور كلمات كال عن لوري , لكنها أستبعدتها بسرعة وأغتصبت أبتسامة عاجلة , فمن السخف أن تترك أعصابها نهبا لذلك الرجل.

[غربة حرف]

أمولة

ماهذه الرواية الرائعة

إختيارك كان موفقا وشكرا لك لنقلها إلينا

[أمل بيضون]

حيته قائلة:
" أهلا بك, كنت على وشك المباشرة في العمل".
رد على تحيتها مبتسما , كانت أبتسامة ناعمة خجولة , وليست أبدا أبتسامة ذئب.
قالت :
" كنت أتأمل الرفوف هنا , وسأكون ممتنة للمساعدة التي ستقدمها ".
كان ينظر اليها بتأمل , ومع أنها أعتادت هذه المواقف , ألا أنها أحست برعشة تسري في أطرافها , هل من المعقول أن يستغل وجوده معها ؟ كل شيء ممكن حتى مع أكثر الرجال هدوءا وخجلا , ولذلك وجدت سلوك كال غرين محيرا , أذ لم يبد عليه أنه يفكر بالتقرب اليها بالرغم من أنه رجل طبيعي بكل معنى الكلمة.
لكن لوري يختلف عن كال , أنه هنا لمساعدتها , وسوف تعقد الأمور أذا ما أمضت الوقت في مراقبته , لذلك قررت فانيسا أن تتجنب كل ما يمكن أن يساء تفسيره بحيث لا تدع مجالا لأحد , أبتسمت له ببرود , وقالت مشيرة الى ناحية محددة:
" سأبدأ من هنا , ومن الأفضل أن نجمع الكتب على الطاولة ثم أقوم بالتسجيل ".
" سأتناولها من فوق وأضعها على الطاولة".
نزع سترته الجلدية الرقيقة فكشف عن قميص داكن الزرقة , كان صدره عريضا وذراعاه قويتين, وضع سترته على كرسي قريب وتوجه الى أحدى الزوايا وعاد بسلم خشبي.
أمضلا ربع الساعة الأولى في عمل متواصل ينزل الكتب عن الرفوف ويحملها الى الطاولة , عمل بسرعة ونشاط ,وعندما وصل عدد الكتب الموجودة على الطاولة الى حوالي مئة كتاب , توقف عن العمل ونظر الى فانيسا.

[القارئة111]

الرواية مرة حلوة مشكووووووووووووووورة
منتظرين التكملة :icon30:

[أمل بيضون]

" هذا كاف على ما أعتقد !".
ثم أضاف:
" فأنت بحاجة الى مساحة من الطاولة للكتابة".
" نعم , وشكرا لك".
" سوف أساعدك".
نظرت اليه فانيسا بأستغراب, ماذا يقصد؟
شاهد نظرتها وأبتسم:
" سأساعدك في ترتيب الكتب حسب التسلسل,
" أليس هذا ما ستفعلينه أولا؟".
" أجل , ولكن...".
" بهذه الطريقة تسير الأمور بسرعة أكبر اليك وألي".
هزت رأسها موافقة:
" هذا ممتاز , لكنني لا أتصور....".
" ماذا؟ أنا أعرف القراءة أيضا".
" لم أقصد ذلك".
أعترضت بسرعة قبل أن ترى أبتسامته وتدرك أنه يمزح.
" أعرف أنك لم تقصدي شيئا , على كل سيكون الأمر مثيرا , خاصة مع الكتب القديمة".
" أذن من الأفضل أن نبدأ الآن , في الواقع ربما تكون لديك أفكار أفضل مني , كنت سأسجل كل عناوين الكتب مع أسماء المؤلفين والمراجع الأخرى , ثم أعيد ترتيبها مع أشارة محددة عند كل عشرة كتب أو...".
" لكن عندي فكرة أفضل , لنفترض أننا...".
وأخذ يشرح خطته بهدوء وتفصيل وهو يحمل كتابا من هنا ويقلب صفحات كتاب آخر من هناك , وكانت فانيسا تفكر وتراقبه :
" أنه شاب لطيف , فلماذا لا توجد علاقات طيبة بينه وبين كال؟ لعل الأمر مجرد عداء طبيعي , وهو كثيرا ما يحدث دون أسباب.... وقد حدث بالفعل بيني وبين كال".
ولم يكن هناك متسع من الوقت للحديث أو التفكير أذ غرقا في دوامة العمل , ومضى الوقت بسرعة بحيث فوجئا بالسيدة بانكس تدخل عليهما بالقهوة عند السلعة الحادية عشرة... وعندما شاهدت السيدة بانكس لوري قالت:
" سأحضر لك فنجانا آخر".
أبتسم لفانيسا التي كانت تراقب قهوتها وتساءل عما أذا كان سيعتبرها غير مهذبة أذا ما أخذت رشفة من فنجانها.
قال:
" لا أظنك تعتقدين بأنها تحبني؟".
كان كال قد قال شيئا ما عن أن أقوال السيدة بانكس أكبر من أفعالها , لعله على حق , هزت فانيسا رأسها وقالت:
" كلا, هل تكرهك؟".
" أل , بطريقتها الخاصة , يجب أن تتعرفي الى زوجها , فهو لا يفتح فمه بكلمة أذا أستطاع ذلك , ومع ذلك فهي طاهية ممتازة , ولهذا السبب لا يتركها الرجل العجوز ترحل".
هذه هي الفرصة , وأستغلتها فانيسا بسرعة:
" لم ألتق بعد بالسيد ماكلين , هل تعتقد أنه شخص مناسب للعمل معه؟".
" بالطبع , أنه رجل ممتاز , عندما يعرفه الأنسان بشكل عميق".
لكن النبرة التي حيرت فانيسا من قبل كانت لا تزال موجودة في كلامه :
" ماذا تقصد بالتحديد؟".
" حسنا , أنه فظ في البداية , قد لا يكون فظا معك كونك مرأة ... لكنه قادر على ذلك مع الى هذا الموقف؟ لكن ما الذي كانت تتوقعه؟ بالطبع لن تقابل رجلا لطيفا ,خاصة بعد الذي سمعته عنه من أبيها....
الرجال".
خفق قلب فانيسا بشدة , ما الذي دفعها

[أمل بيضون]

خفق قلب فانيسا بشدة , ما الذي دفعها الى هذا الموقف؟ لكن ما الذي كانت تتوقعه؟ بالطبع لن تقابل رجلا لطيفا , خاصة بعد الذي سمعته عنه من أبيها....
" حدثني عنه قليلا!".
فكر لوري قليلا:
" أنه طويل القامة , نحيف بعض الشيء , مهووس بالمحافظة على رشاقته , يمشي عدة أميال يوميا .... ولا شك أنك رأيت غرفة الرياضة".
" شاهدتها بالفعل ,كال غرين أخذني اليها مساء أمس".
ووجدت نفسها مدفوعة لأن تضيف قائلة:
" لقد وعد بأعطائي بعض الدروس في الجيدو".
أحتقن وجه لوري بالغضب , كان على وشك أن يقول شيئا عندما أنفتح الباب ودخلت السيدة بانكس حاملة فنجان القهوة الثاني.
" هذا فنجانك".
ووضعته على الطاولة ونظرت الى فانيسا قائلة:
" الغداء يقدم في الساعة الواحدة...".
ثم غادرت الغرفة.
تساءلت فانيسا عما كان سيقوله لوري , أذ أنه حاول جاهدا خلال وجود السيدة بانكس أن يطرد من نفسه مشاعر الغضب , لكنه عاد الى طبيعته الآن وقال:
" لو كنت مكانك لأبتعدت عن مضايقاته".
" لماذا؟".
نظر اليها بحدة.
" لأنه ثعلب , عرضه لك هو مجرد عذر...".
قطع حديثه فجأة ورفع فنجان القهوة الى شفتيه.
أستغربت فانيسا كيف حافظت على طبيعتها , كال حذّرها أولا من لوري , والآن لوري يحذرها من كال , القصة كلها مضحكة , لكن الأثنين جادان في مخاوفهما.
" يا ألهي , هل هو كذلك؟ ".
وراقبته وهو يخرج علبة السجائر , قدم لها سيجارة , فرفضتها قائلة:
" لا أدخن , شكرا".
" هل تمانعين في أن أدخن؟".
" لا أبدا لماذا تتقول أنه ثعلب ؟ فأنا لم أره كذلك؟".
بدا الغضب واضحا على وجهه عندما أجاب:
"لأنه ذكي جدا في أخفاء أحتياله , لكن عليك أن تسألي أختي عن الحقيقة فهي تعرفه أكثر من أي أنسان آخر .... أجل أختي , لقد رحلت الآن الى أبردين ..... هي تستطيع أن تخبرك أشياء عديدة عن كال غرين".
" متى رحلت؟".
" منذ أكثر من شهر تقريبا , أنها تعمل الآن في فندق خالتي , وتقول أنها لن تعود ما دام كال هنا".
كان ينظر الى الباب وكأنه يتمنى أن يدخل الشخص الذي يتحدث عنه , تناولت فانيسا جرعة كبيرة من القهوة لترطب فمها الجاف , وتنازعتها رغبتان: الأولي في أن تسمع المزيد ,. والثانية أن تقول للوري أنها لا تريد أن تسمع شيئا آخر , لكن لوري حل المشكلة عندما وقف وأطفأ سيكارته في المنفضة , وشرب قهوته دفعة واحدة.
" حسنا , لقد قلت ما فيه الكفاية , يجب أن أعود الى عملي بعد تناول الغداء , قبل ذلك سأجهز لك من الكتب ما يكفي لعملك اليوم".
" شكرا لك , هل تعرف متى سيعود السيد ماكلين الى البيت؟".
أجاب قائلا:
" أنا لا أعرف , لكن السيدة بانكس يمكن أن تخبرك , لماذا تسألين؟".
" أنه صاحب العمل , وأعتقد أنه...".
قاطعها بأبتسامة صفراء:
" حاولي الأستفادة من الوقت قبل أن يحضر".
لكنه أستدرك قائلا:
" كنت أمزح فقط , أنه ليس سيئا على الأطلاق, فقط...".
تردد قليلا ثم تابع:
" من الصعب شرح ما أقصد بكلمات قليلة , فهو يبدو في بعض الأحيان وكأنه ينظر من خلال الأنسان , أي كأنه لا يراه أبدا أو أنه بعيد عشرت الأميال... أنه غريب جدا".
أنصتت فانيسا بأمعان , أين يكون عندما يذهب بعيدا ؟ هل يسترجع الأحداث الماضية ويندم لما فعله؟ هل يعرف أن ما فات قد مات؟ ربما لن تعرف أبدا , شيء ما خفق في داخلها , أنها تريد أن تلتقي هذا الرجل , جدها , وفي الوقت ترغب بالهرب وتنسى كل شيء عن دينستون هاوس, أطرقت تنظر الى يديها , كلا, يجب أن لا تفعل ذلك أبدا, عليها أن تستمر حتى النهاية.
" هل أنت على ما يرام؟".
" ماذا ؟ آه , أنا متأسفة".
هزت فانيسا رأسها وأبتسمت بعمق للوري ناسية قرارها بأبقاء مسافة بينها وبينه .
" كنت أفكر".
وشاهدت وجهه يتغيّر , التمعت في عينيه في عينيه السوداوين ملامح دافئة ... فحوّلت نظرها عنه وشغلت نفسها بأحد الكتب.
بعد عشر دقائق وقع المحظور , كانت قد توجهت الى أحد الرفوف للتأكد من كتاب وضعته هناك قبل قليل , وعندما رفعت رأسها , شعرت به خلفها تماما حتى قبل أن تلتفت اليه , تنفست بعمق , ثم أحست بيده اليسرى على ذراعها فألتفتت بهدوء وقالت:
" نعم , ماذا...؟".
ماتت الكلمات , أذ أنحنى نحوها وعانقها بملء ذراعيه.
دفعته بعيدا عنها بدون غضب وقالت:
" لماذا فعلت ذلك؟".
أبتسم لوري قائلا:
" أحسست برغبة في ذلك".
كان وجهه شاحبا عندما نظر اليها.
قالت بحزم:
" أرجوك أن لا تكررها , يجب أن تتذكر أننا نعمل معا فقط , وليس أكثر من ذلك".
" سأحاول أن أتذكر , هل كنت سترحبين بالأمر لو كان كال مكاني؟".
كبتت فانيسا موجة عارمة من الغضب , وقالت:
" بالطبع لا , وعلى كل فأن الأمر لا يعنيك أطلاقا".
" هذا أفضل , فأنا لا يمكن أن أتصورك بين ذراعيه".
أجابته ببرود شديد:
" أذن لماذا لا تفكر بعملك بدلا من الأفكار الأخرى؟".
طغت أبتسامة كبيرة على شفتيه وهو يقول:
" أنك قوية بالفعل , أنا أحب الفتاة التي تتأجج بالنار".
أبتعدت فانيسا عنه بأتجاه الطاولة , وضعت الكتاب الذي كان بيدها ثم عادت نحوه وهي تقول:
" أسمع , يبدو أنك خرجت عن حدودك , أنا أشكر لك مساعدتك في الكتب , لكنني متأكدة من قدرتي على الأستغناء عن خدماتك أذا كنت سأضطر الى مراقبتك طوال الوقت , هل كلامي واضح؟".
ألتمعت عيناها بالغضب وأمتلأ خداها بالدم , وهي تقف بتحد وثقة بالنفس بينما كان لوري يقترب نحوها.
وفي هذه اللحظات بالذات دخل كال الغرفة , فخيم جو من الصمت المتوتر لثوان معدودة , قطعه كال بصوته العميق قائلا:
" جئت لأرى أن كان كل شيء على ما يرام".
لأستدارت نحوه قائلة:
" الأمور ممتازة , شكرا لك".
حاولت الأبتسام , لكنها لم تستطع , في حين كان كال يوجه نظرة حديدية الى لوري.

[بسنت]

بليزززززز كملي بسرعة الرواية شكلها رائعة ويسلمو كتير على جهودك

[أمل بيضون]

" هل واجهت أية متاعب مع الكتب؟".
قابل لوري نظرة كال بقسوة أشد.... وفكرت فانيسا التي كانت تراقب المشهد بأنهما أشبه بكلبين في شارع مهجور , كل منهما يزن قوة الآخر ويستعد للهجوم في أية لحظة.
" لا متاعب على الأطلاق , وأمورنا تسير على خير ما يرام".
وحاولت أن تضع أبتسامة معبرة على وجهها , فقد قررت بينها وبين نفسها أن تثبت في موقعها وتنتظر ما سيحدث , لأن ما يجري الآن لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد.
هز كال رأسه دون أن يعبر وجهه عن مشاعره.
" حسنا , سأترككما تكملان العمل".
ثم غادر المكتبة وهو يحاول أن يسيطر على أعصابه الثائرة , وعندما أغلق الباب التفت لوري الى فانيسا وأفلت صفيرا متقطعا.
قال لوري:
" حظنا جيد أنه لم يدخل قبل ثوان , ترى ماذا كان سيفعل لو رآني وأنا أعانقك؟".
" لست أدري".
ثم أضافت وهي تحاول أخفاء دهشتها:
" كنت تفضل ذلك! فعندها سيقع الشجار بينكما وهذا ا تريده!".
أنقبضت عضلات وجهه وهو يقول:
" أتمنى الفرصة المناسبة لضربه... أذا كان هذا ما تقصدين!".
عقدت فانيسا حاجبيها وقالت:
" أذن من الأفضل أن أحذّرك , لقد تعرضت وأنا في طريقي الى هنا لمشكلة مع شابين يركبان الدرجات النارية , وأستطاع كال أن يطيح بهما أرضا بلمح البصر مع أن أحدهما كان يحمل زجاجة فارغة , لم أر مثل ذلك المشهد في حياتي , وأتمنى أن لا أرى مثله في المستقبل , وحتى لو كنت تكره فيجب ألا تستهين به , فهو أقوى بكثير مما يبدو عليه".
أجاب لوري بنعومة:
" أستطيع تدبر أمري معه , فقط أريد الفرصة المناسبة".
راقبته فانيسا جيدا , أنه قوي وصلب العود , ترى لماذا يرغب الرجال في القتال دائما؟ ولماذا يحلون المشاكل بالقوة الجسدية؟ أحست بأنها تعبت من هذه الأجواء التي أصبحت مزعجة للغاية , ولعل أحداث الأمس , أو ما كاد يحدث بالأمس , هي مصدر تعبها.
وحتى حلول موعد الغداء , كان سلوك لوري سليما , جهز عشرات الكتب بحيث لا تضطر فانيسا الى تناول أي منها طيلة اليوم مهما عملت بسرعة , ولم يحاول أبدا أن يلمسها ولا أن يقترب منها , وقبل دقائق من الساعة الواحدة قال:
" سوف أذهب الآن , ولكنني سأعود صباح الغد أذا لم يكن عندك مانع؟".
أجابت:
" شكرا لك , السيد ماكلين سيكون هنا في ذلك الحين , فهل تعتقد أنه يمانع؟".
" هو الذي أقترح الفكرة أساسا ".
وأضاف مبتسما :
" عندما يراك سيدرك فورا لماذا غيرت رأيي , فهو معجب بالنساء الجميلات أيضا".
لكن مزاجها لم يكن ليتقبل الأطراءات :
" أذن, أراك صباح غد, يجب أن أذهب وأستعد للغداء".
خلعت الرداء الواقي ووضعته على الكرسي قبل أن يتحرك لوري لمساعدتها , ثم خرجا معا من المكتبة.
كانت غرفة الطعام خالية تماما عندما دخلتها فانيسا بعد عشر دقائق وأول ما لاحظت كان وجود كرسيين فقط حول الطاولة , خفق قلبها بطريقة غريبة , أذ هذا يعني أن جدها لم يأت بعد , جلست في المكان الذي شغلته أمس فأحست بموجة عارمة من الوحدة تجتاح نفسها , فجأة دخل كال غرين الغرفة , فبذلت جهدا كبيرا كي تخفي الأسى الذي كان واضحا في عينيها.
جلس كال في مواجهتها وعلى وجهه تعبير غريب وفي عينيه نظرة متفحصة وكأنه يعرف ما الذي جرى في المكتبة , وأخيرا حطمت كلماته جدار الصمت :
" أنا متأسف أذا كنت قد دخلت عليكما في الوقت غير المناسب".
ولكن فانيسا لم تجد في صوته ما ينم عن الأسف فعلا.
أجابته بهدوء:
" لا أبدا , كنا مشغولين في ترتيب الكتب , هذا كل شيء".
" هل كنتما فعلا؟ بدا لي أن في الجو نقاشا حادا .... لكن المسألة لا تعنيني على أي حال".
أجابته موافقة:
" معك حق , المسألة لا تعنيك أبدا".
في تلك اللحظة دخلت السيدة بانكس , فقطعت ما كان كال على وشك أن يقول , تركت لهما الحساء وبعض الخبز ,وقالت:
" سأعود بعد دقائق, الغداء اليوم فطيرة بالجبنة , فأستعدا لها".
فكرت فانيسا :
" لو كنت هنا مع شخص آخر لضحكنا لى طريقتها في الكلام , لكن هذا الشخص العدواني ... لماذا هو هكذا , لماذا؟".
أنحنت نحو طبق الحساء الذي كان ساخنا جدا , وما أن لمست الةعاء حتى سمعت زعيقا حادا من الخرج فقفزت خوفا وأضطرابا , أصطدمت بالطاولة فأهتز الطبق وأنسكب الحساء الساخن على يدها اليمنى , أطلقت فانيسا صرخة ألم عالية وهي تحس حرارة الحساء تلسع يدها بشدة, ركض كال نحوها وأمسك معصمها بيده وسكب محتويات أبريق الماء على الجزء المصاب , طلب منها بصوت آمر أن تجلس وتضع رأسها بين ركبتيها فورا , أطاعته دون أية مقاومة وسمعته يقول:
" سأحضر بعض الأسعافات الأولية , دقيقة واحدة فقط".
عادت اليها موجة الألم أشد مما كانت , ولكنها لم تتحرك من الكرسي , كان صوته آمرا بحيث لا تستطيع أن تخالفه ,لم يغب كال سوى لحظات معدودة عاد بعدها وهو يحمل صندوقا وضعه على الطاولة وفتحه بسرعة... ثم أخرج مرهما أصفر اللون ودلك به الجزء المصاب.
قال لها وهو يواصل التدليك:
" الصرخة التي سمعتها هي صوت الطاووس , صحيح أنه يصدم الأنسان للوهلة الأولى , لكنك ستعتادين عليه بسرعة".
| طاووس!".
تساءلت بصوت هامس وهي تضغط على شفتيها لتحبس صرخة ألم :
" هذا أفضل , أليس كذلك؟".
كان كلامه باردا وهادئا , وقد أختفت العداوة بينهما على الأقل لبعض الوقت.
" أجل , شكرا لك".
نظرت الى الطاولة , فصدمتها الفوضى التي سببها الحادث , شعرت بالدموع تطفر الى عينيها وهي تقول:
" أنا آسفة".
قاطعها وهو ينظر بدوره الى الطاولة:
" لا تهتمي , فالسيدة بانكس سترتب كل شيء في لحظات".
قالت له معتذرة:
"لم تتناول حساءك بعد".
كان يلف قطعة من القماش حول يدها , في حين بدأ الألم يخف بفعل الدواء الذي وضعه, أجاب قائلا:
" أنه ساخن جدا ,هل تريدين أن أحضر لك صحنا جديدا؟".
هزت رأسها :
" كلا , سأكتفي بقسم من الفطيرة ... فأنا لست جائعة تماما".
" بالطبع , هل تنوين الراحة في غرفتك لبعض الوقت ؟".
نظرت اليه بحدة عندما أحست السخرية في صوته , أستغرب نظرتها وقال:
" ما الأمر؟".
هزت فانيسا رأسها المتعب:
"لا شيء , أعتقدت أنك...".
قاطعها بأبتسامة لطيفة:
" أسخر منك؟ لقد شحب لونك من جراء الصدمة , لا أحد يمانع في أن تأخذي قسطا من الراحة ولو لنصف ساعة".
"كلا , شكرا لك , سأشعر بتحسن كبير بعد أن آكل".
لكنها بدأت ترتجف , ولم تستطع أن تخفي الحقيقة.
وضع ذراعيه على مرفقيها ورفعها عن كرسيها قائلا:
" من هنا , أنتقلي الى الكرسي الآخر وأحضري معك طبق حسائك".
وكانت فانيسا أضعف من أن ترفض أوامره.
أحست بالدفء والشبع عندما تناولت الحساء الذي أصبح فاترا , أحضرت السيدة بانكس الفطيرة , ولما شاهدت فوضى المائدة طلبت منهما الأنتقال الى ناحية أخرى حتى تنظف الطاولة وتعيد ترتيبها , ففعلا بدون تردد.

[زهرة برية]

شكلها حلو اوووووووووى يا امل فى انتظار الباقى بكل شوق

تسلم صوابع ايدك

[أمل بيضون]

أشتد الألم ي يد فانيسا التي أعتقدت أنها أستطاعت أخفاء الحقيقة عن الرجل الجالس قبالتها والذي لم يظهر علامات العداء المعتادة أتجاهها , بعد أن أنهيا الأكل , أتجه ناحية فانيسا وقال:
" هيا بنا , سنتناول القهوة في الصالون ".
" أجل".
تمايلت قليلا عندما وصلت الى الباب , وسمعت صوته وكأنه قادم من البعيد.... ثم أحست بدفء يده على ذراعها.
همس في أذنها:
" لماذا أنت عنيدة الى هذا الحد؟".
وبالرغم من أنها فهمت ما يقصد ألا أنها قالت:
" لم أفهم ما تعني تماما؟".
وعلى طول الطري من غرفة الطعام الى الصالون كانت الجدران تتمايل أمام ناظريها ... وكم شعرت بالفرح لأن ذراعه القوية تسندها .
قالت وهي تنظر اليه بعد ان أجلسها في المقعد:
" أنني على ما يرا".
ولم تستطع أخفاء دموع الألم , ودون أن ينبس ببنت شفة أستدار مغادرا الصالون وتركها وحدها.
أعتقدت أنها أزعجته , فرحل , قالت لنفسها:
" هذا ممتاز ".
لكنه عاد بعد أقل من ديقة حاملا فنجانين من القهوة , قال وهو يضع الفنجان على الطاولة القريبة منها:
" سآخذك الى الطبيب في القرية أشربي قهوتك قم نتوجه اليه".
" لكنني لا ...".
" أرجوك بدون نقاش".
ثم أضاف بلطف:
" سنذهب اليه حتى لو أضطررت لحملك الى السيارة".
نظرت الى فنجانها ثم تناولته ببطء , لا شك أنه يعني كل كلمة قالها , وهي تعرف أنه سينفذ وعيده ,وأبتسمت في سرها عندما تصورت نفسها محمولة بين ذراعيه الى السيارة.
" حسنا".
وأغمضت عينيها بألم عندما رشفت جرعة كبيرة من القهوة الحارة .
" هل تريدين سيكارة؟".
" أنا لا أدخن الا نادرا .... شكرا لك".
سمعت صوت الولاعة , ثم شمت رائحة التبغ المحروق ... لكنها لم تستطع أن تنظر اليه , ولسبب غير معروف أخذ قلبها يخفق بسرعة غير طبيعية , لدرجة أعتقدت معها أنه سيسمع دقاته أذا ما رفعت عينيها اليه .
كان رأسها ساخنا , وتساءلت أذا كانت حرارتها قد أرتفعت بسرعة , وضعت يدها على جبينها فأحست به مشتعلا.
" هل أنت على ما يرام؟".
بدا لها صوته وكأنه آت من مسافة بعيدة جدا , أو كأنها على وشك الأصابة بالصمم ... رفعت رأسها بسرعة فوجدته وقد أقترب لتناول فنجان القهوة من يدها .
" لا بأس ... لا بأس, فقط...".
لم تستطع أن تبلع ريقها ,يا الله , ما الذي يحدث لها ؟ بدت الغرفة لناظريها سابحة في ضباب رمادي كثيف , ورفعت يدها في محاولة يائسة للتمسك بأي شيء .... ثم أحست بيد تمسك يدها وسمعت صوت كال آتيا من البعيد البعيد.... لكنها لم تسمع كلمة مما قاله.
أفاقت بعد فترة لتجد نفسها ممددة على المقعد المجاور , فتحت عينيها ببطء , فوجدت كال واقفا بالقرب منها , ألتقت عيونهما , قال لها:
" لم يحدث شيء , أغمي عليك فقط , فلا تقلقي".
قالت فانيسا:
" لم يحصل أن أغمي علي من قبل".
أبتسم برقة وهو يقول:
"لقد بدأت الآن , أرتاحي هنا لعدة دقائق ثم نذهب الى الطبيب".
لا تريد أن تذهب بسيارته , أنها لا تعرف لماذا , ولا تستطيع أن تقول له ذلك أيضا لأنه هدد بحملها بالقوة أذا رفضت ,بدأت قوتها تعود اليها وصارت قادرة على التفكير بوضوح , بعد عدة دقائق نظرت اليه قائلة:
" أنا جاهزة الآن".
" أذن سنذهب الآن , فكلما أسرعت بمعالجة الجرح ,كان الشفاء أسرع".
أنتظرت فانيسا في البهو الداخي في حين توجه كال لأحضار السيارة الى الباب الأمامي , سمعت صوت عجلات السيارة , فغادرت الباب بتأن لأنها لم تكن قد أستعادت توازنها بعد.