آخر 10 مشاركات
الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دانبو ...بقايا مشاعر (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          وأذاب الندى صقيع أوتاري *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          و آن أوان قطافك * مميزة **مكتملة* (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          العشيقة البريئة(82)للكاتبة كارول موتيمور(الجزء الثالث من سلسلة لعنة جامبرلي) كاملـــه (الكاتـب : *ايمي* - )           »          بروحي أشمُّ عطرك(81)(مميزة) _حصرياً_قلوب نوفيلا_للرائعة(bambolina) كاملة+الروابط (الكاتـب : bambolina - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree1236Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-05-23, 01:07 PM   #1

دانتِلا

? العضوٌ??? » 504444
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » دانتِلا is on a distinguished road
Icon26 الــــسَــــلام


.






.









السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

ترددت كثيراً في نشر هذه الرواية ..
أكثر بكثير عندما قررت في السابق نشر روايتي الأولى ويأتي الصباح ..

أعتقد عندما يقرر الكاتب أن ينشر كتابه الثاني تأتيه الكثير من الهواجس ..

هواجسي كانت هل ستكون أفضل من سابقتها ؟
هل سيتمّ المقارنة بينهما ؟
هل ستكون رواية ممتعة ، دافئِة كما أطمح وَ أتمنى ؟

وأكثر من ذلك ولكن لا أريد أن أصيبكم بالملل ..
أتمنى فعلاً أن تنال على إعجابكم ..
وأتمنى أكثر منكم أن أستطيع إكمالها إلى النهاية دون انقطاع ..








‘ ‘










المقدمة .*





هل كل إنسان يأخذ من اسمه نصيب ؟
بغداد ، مدينة السلام ..
كانت مدينة ذائِعة الصيت في عهد العباسيين القديم
تجمع بين العلم، والجمال، والثقافة، والرُقيّ ..
حسناً ماذا إذا كانت هناك بغداد أخرى، ولكن ليس في العراق، بل في جدة ، عروس البحر الأحمر!
وقد لاق بتلك الفتاة اسمها الغريب ، كثيراً ..






)(




اسم العنود مُشتق من عَنِدَ أيّ عتا وطغى وجاوزَ قدرَه
فماذا إذا كانت تلك العنود قد عتت وجاوزت
وهي تنظر إلى نفسها في المرآة كل صباح وهي موقنة تماماً أنها أنثى فاتِنة لن تتكرر في التاريخ!
وما دامت كذلك فكثير من الأمور الممنوعة تُستباح لها !
عندها هل سيكون جمالها نعمة أم نقمـة ؟









‘ ‘




هي طبعها ناري لكنها تتسربل بالبرود واللا مبالاة ، جافة العواطف ، مؤمنة إن الرجل لا يؤمن جانبه
الاستقرار والثبات من ركائز الزواج الناجح المستمر ، لا تحتمل العواصف ، شخصيتها قويـة نوعاً ما ..

هو إنسان متفائل مرح ، حنون وعاطفي ، محب لمباهج الحياة ، يهوى السفر وِكشتات البحر عشقه الأزلي

بعد زواج دام 6 سنوات ، أصبح من الظاهر له إنه الطرف المِعطاء في هذا الزواج ، ولم يأخذ
وهذا الإدراك هو أول بادرة لهبوب العاصفة ..




* * *




هي أنثى رقيقه ، ناعمة ، مثقفة ، متفائلة ، مؤدبة ، مطيعة ، حنونة
كل صفاتها جميلة لكنها تصطدم بزوج يتقن فنّ السخرية وإطلاق النكات القاسية ، كان أول تحدي لها في هذه الحياة مع الأسف ..

هو مع كلمات كانت تغزو سماعه منذ الصغر أصبحت لديه قناعات صعبة التغيير
يصطدم مع هذه الزوجة الغريبة ، مثالية زيادة عن اللزوم
من المستحيل أن تكون هذه صفاتها الحقيقة
لابد أن تكشّر عن أنيابها في أي وقت ، ولابد أن يكون مستعداً على الدوام لهذا التغيّر ..




* * *




هي أنثى أنانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى
وشعارها في الحياة الضرورات تبيح المحظورات ، أما هدفها الأسمى فهو أن تكون في مستوى عالي يناسب جمالها الغير مكرر ..

هو رقيق وحساس وحالِم ، لم يستطع التصديق أن هذه الفاتنة ملكه الخاص ، أصبح مغيّب العقل مأسوراً لها
أما صحوة العقل فهي مجهولة ..




* * *




هو حاد الطِباع ، عقله يسبق سنه كثيراً بغض النظر عن الطيش الذي هو مستمتع به في هذا العمر
يصطدم مع فتاة تصبح أشبه بلعنة دخلت حياته ولم يستطع الفِكاك ..

هي أنثى متحرره مِغناجة لا توجد لها قوانين تحكمها
تعلم يقيناً أن في هذه الحياة إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب وَ البقاء للأقوى ، للأذكى ، للأجمل ، للأفضل
تعرف دائماً ما تريد و ما إن تحدد هدفها حتى تصل إليه طال الزمن أو قصر
أصبح هدفها الحالي الزواج من هذا الفتى الأشبه بالثور الهائج
حسناً الثيران لها بعض المنافع وبعض الصفات المميزة أبرزها ، عندما ترى اللون الأحمر لا ترى شيئاً أخر
وهذا ما تنوي فعله
إطلاق اللون الأحمــــر فلا يرى سواها
سواءً كان الأمر برضاه أم مُجبر ، لا يوجد فرق ، المهم والأهم النتيجة ..

فصول الرواية
المقدمة... اعلاه.
البداية... الفصل 1,2,3,4,5 أسفل الصفحة.
الفصل6,7,8
الفصل9
الفصل 10
الفصل 11,12
الفصل 13
الفصل 14,15
الفصل 16
الفصل 17
الفصل 18
الفصل 19
الفصل 20
الفصل 21
الفصل 22
الفصل 23
الفصل 24
الفصل 25

.


.



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 12-10-23 الساعة 01:06 PM
دانتِلا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-23, 01:09 PM   #2

دانتِلا

? العضوٌ??? » 504444
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » دانتِلا is on a distinguished road
افتراضي

.











- البدايـة -

" الأمر مُريب "
هذا ما كان يدور في رأس ابو احمد وعيناه تنتقل بين عقد الذهب الثقيل الذي في يده
وبين الفتاة المُلثّمة الواقفة أمامه وتضع يدها على طرف البترينة الزجاجية

تنحنح قبل أن يخبرها مرة أخرى وهو يرى صِغر سنها البادي على مظهرها وبين ثقل الذهب الذي بين يديه
: يا بنتي أنا مشتري وما يهمّني شي لكن أفضّل إن أمك تكون موجودة هنا معاكي

عدلت طرف لثامها وهي تقول ب أكبر قدر من الثقة: لو إنها تقدر تجي ما بكون لوحدي طبعاً وانا راح أبيعه
وبأسى ظهر في صوتها أكملت: ولو إنها تقدر تجي ما كنت راح أفكّر أبيعه
الواحد ما يبيع الذهب يا عم إلّا وهوّ مضطر

عند هذا الحدّ توقّف العم ابو أحمد وهوّ يرى التأثّر ظاهرً عليها
أنّب نفسه في داخله بتدخّله فيما لا يعنيه، وندم على سؤاله المتكرر لها عن سبب بيعها لهذا العقد الثمين

انتهت إجراءات البيع على خير ما يُرام..
وها هي تغلق باب الغرفة الخاصّة بها..
جلست على السرير بعباءتها، لم تفكر في نزعها..
كل ما كان يجول في بالها، إن أمر بيع الذهب، قد تمّ بالكـــامل، أخيرًا..

أمسكت البطاقة القوية، ونظرت لها بِ سعادة وهيّ تهمس: أخيرًا يا العنود، راح تضحك لكِ الدنيا..

وبنبرة قوية تحمل من التصميم والعزم الشيء الكثير قالت
وهيّ تضغط على مخارج الحروف: أخيرًا راح تقدّري تمشّي حياتك على كيفك!



**




دخلت المجلس بثقتها المعهودة وهيّ تلقي السلام بصوتها الرقيق ذا النبرات الناعمة

ابتسمت والدتها وهي ترى جميع النساء الموجودات ينبهرن بها ويثنين على جمالها ورقتها
حسناً لنكن صريحين، هي ليست بذات الجمال الأخاذ أو الملامح المميزة ، بل ملامحها عادية جداً ..

لكنها تمتلك كاريزما وجاذبية كبيرة اهتمت أمها بتغذيتها والعناية بها منذ الصغر
حتى أصبحت من أبرز صفاتها ..
وأصبحت تعطيها جمال من نوع آخر، جمال نادر جداً..
جلست بجانب والدتها وهي ترتب فستانها الذهبي الجميل والذي أزداد جمالاً على قوامها الرشيق وطولها الفارع

قالت بخجل وهيّ تغطي طرف فمها بيدها: ماما، ليش يطالعوا فيني كذا، استحييت..
ابتسمت أمها وقالت وهي ترتب خصلات شعرها القصير
: مبهورين فيكي حبيبتي، وهم كل يوم يشوفوا بنت جميلة زي بغداد بنت خالد

كلام أمها زاد من إحراجها، ابتسمت دون أن تستطيع قول شيء
ولكن إحراجها زاد أكثر فأكثر عندما قالت إحدى الموجودات: ما شاء الله عليكِ يا بغداد كاملة والكامل الله
وأكملت كلامها: ها يا أم فارس راح يكون لنا نصيب عندكم إذا اتقدمنا ولا لأ..

كلا، لقد تجاوز أسلوب المرأة الفج كافّة احتمالها..
هي لم تعتاد ابداً على مجالس الحريم وكلامهن، ف كيف إذا كان كلام من هذا النوع الثقيل!

سمعت أمها تضحك ضحكة صغيرة وقالت بمجاملة واضحة: ما تنـردوا طبعاً يا ام محمد
لكن البنت اتخرجت هاذي السنة من الجامعة ولسى ما شمّت نفَس
ومسحت على ظهرها بحنان: خليها ترتاح وتنبسط، لاحقين على هاذي السوالف

أوه جيد لقد كان ردّ امها جميل ولبق، حان الآن الوقت بأن تنسحب من المجلس
فليس هناك حاجة لها بالجلوس أكثر..




| |





" ما قبل البداية "

هل بقي لها شيء؟
هل يوجد لديها سبب واحد على الأقل كي تحبّ هذه الحياة؟
لقد توقفت عن شرب القهوة المُرة باعتبار أن حياتها أصبحت مريرة وليس هناك داعي بأن تزيدها مرارة..

ولـــكــن..

حياتها التي كانت تراها مُرّة ستغدو أشدّ مرارة بعد رؤيتها لهذه الصدمة الفظيعة أمامها..
لم تملك إلّا أن تصرخ بأعلى صوتها..

صرخت وصرخت حتى شعرت أن حبالها الصوتية ستتقطّع من شدة صراخها..

بخطوات سريعة رغم جسدها الممتلئ دخلت الغرفة، وهناك أحسّت أن الدم جفّ في عروقها
وهي ترى والدتها بمنظر هستيري لم تره من قبل..

كانت تشد شعرها بالمعنى الحرفي للكلمة ووجهها أحمر من الغيظ
تصــرخ وتولول وهي تشير بيدها إلى الخزنة التي كانت محتفظة بذهبها فيها
أغلى ما تملك في حياتها والتي منذ دقائق معدودة اكتشفت اختفائه بالكــامل دفعة واحدة
: يا كثـــــــر المُغريات اللي كانت تغريني أبيع لو حتى خاتم لكني كنت صامدة، ودحين راح
الشي اللي كنت ساندة نفسي وحياتي عليه راح
ايش حأسوي لو جارت علينا الدنيا زي قبل خمسة سنين
إيــــــــــش حأسوي في عمري يــــــــــاربي، يــــارب رحمتك وعفوك
يارب ما كنت خازنته إلّا للأيام الصعبة، يارب كنت أزكّي كل سنة عشان ما يكون مال حرام
يارب ألطف فيني وفي عائلتي يارب..

" لاحول ولا قوة إلّا الله " كانت تردد هذه العبارة في داخلها، تحاول تجلب ولو قليل من الهدوء لعقلها
لكن الهدوء كان أبعـــــد شيء عنها، التوتر والخـــــوف كان مسيطر عليها

هي لا تعلم هل هي خائفة من حقيقة أن الذهب قد سُرق، أو من انهيار والدتها على الأرض عند الخزنة
لم تستطع أن تنطق بحرف، لا تعلم ماذا تقول لها أو كيف سوف تُهدئها
وهي على هذا الحال، لفت انتباهها شيء داخــــل الخزنة
فتحت الباب ومدّت يدها لِ الشيء الذي أتضح أنه ورقة في النهاية!

قبل أن تفتحها، انتبهت أمها لحركتها وقالت لها بسرعة وحِدة: هذه كانت داخل الخزنة؟!
أنقبض قلبها بخوف وهزت راسها بإيجاب قبل أن تتعدل أمها واقفة وتسحب الورقة منها بعنف

إذا كانت منذ البداية تشعر بالخوف، فَ هي قد تعدّت مرحلة الخوف عندما رأت أمها تقرأ الورقة
والغضب يزيد ويزيــــــد في عيناها ، جسدها بدأ ينتفض من الغضب في النهاية

ولكــنها..

رفعت راسها بعد ما انتهت من الورقة وفلتتها من يدها
قبل أن تقول بهــــدوء يخفي تحته أكوام وأكوام من النيران: حأبلغ الشرطة
اختك العنود هي اللي سرقت الذهب..

بِ ارتياع قالت لها: إيــــش؟ كيف اخذته؟ متى أمداها أصلاً؟
لم ترد عليها أمها، وخرجت من الغرفة وهيّ تتمتم بعصبية: انا ما خلّفت بنت
أنا خلّفت شيطان..

جلست على ركبتيها، واخذت الورقة الي تجعدت بفعل يد أمها
فردتها بشكل بسيط قبل أن تقرأ ما كُتب فيها
(امي انا اسفة، اخذت الذهب، راح أستثمر فيه في مشروع ناجح
لا تدوروا عليّا، بأختفي لفترة وأرجع بقيمة الذهب وزيادة عليه، ممكن أطول أكثر من سنة لا تقلقوا.. العنود)









.


.


دانتِلا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-23, 01:14 PM   #3

دانتِلا

? العضوٌ??? » 504444
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » دانتِلا is on a distinguished road
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 17-09-23 الساعة 06:53 PM
دانتِلا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-23, 01:16 PM   #4

دانتِلا

? العضوٌ??? » 504444
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » دانتِلا is on a distinguished road
افتراضي

.











[ الفصل الثاني ]


تنزل من الدرج الرخامي بخطوات بطيئة ، بل هي أكثر من أن يطلق عليها خطوات بطيئة
ويرجع السبب أن بالها مشغول جدا ومشاعرها محبطة
لقد مرّ إسبوعان بالتمام والكمال منذ أن تحدثت مع والدتها بموضوع الخطبة
وبعدها ماذا حدث ؟
لم يحدث شيء ، ويا للغرابة !
لا تدري هل هي الوحيدة التي تشعر بالحماسة لأنها لأول مرة تخطب

أليس من المفترض بأمها أن تشعر بالحماسة أكثر منها !
ولكن البرود، بل وتجاهل الأمر برمّته كان تصرف والدتها ..

علاقتها بوالدتها تُحسد عليها
إنهما تمضيان أغلب الوقت برفقة إحداهما الأخرى سواءً داخل المنزل أو خارجه

ولا تنفصلان إلّا عند ذهابها هي إلى الجامعة ، أو خروج أمها لبعض مناسباتها الاجتماعية
والتي لا تحبّذها هي أبداً

فيما عدا ذلك إنهما معاً أغلب الوقت
ألم تجد والدتها الوقت المناسب لتتحدث معها في هذا الموضوع المهم !

نزلت اخر درجة وهي تفكر ، حسناً لقد تحمست زيادة عن اللزوم
ولكنها ترى أنه أمر طبيعي كونها تجرب هذا الشعور للمرة الأولى
أليس كذلك ؟ هي ليست شاذّة عن القاعدة ..

: تعرفي النصيب يا ام ماجد ، الله يرزقه باللي أفضل من بنتي ، الله يسلمك ، مع السلامة

شعرت بحرارة عالية تسري في كامل جسدها وهي تسمع والدتها تقول هذه الجمل البسيطة ..
والتي عرفت معناها فوراً ..

جلست بجانبها وقالت لها وهي تنحّي خجلها الذي كان يمنعها من سؤالها عن الموضوع طيلة الأيام الماضية
: ماما إنتي كنتي تكلمي ام بسمة ؟

وقبل أن ترد عليها والدتها ، أكملت بسرعة وكأنها تخشى أن الجرأة التي تتكلم فيها تتلاشى
: كيف تردي عليهم بالرفض وإنتي ما كلمتيني في الموضوع من الأساس

عقدت والدتها حاجبيها وهي متفاجئة من الانفعال الغريب الظاهر عليها
لكنها تكلمت بصوتها الهادئ المعتاد : سألنا عن الولد وطلع مُدخن

قالت لها بحنق : وهذا السبب مقنع إنك تردي عليهم بدون ما تسأليني
بتعجب قالت لها : بغداد يا ماما إشبك اهدأي ! ترى هو مو أول واحد ولا اخر واحد راح يتقدم لك
إن شاء الله ربي يرزقك باللي أفضل منه ..

لم تركّز في كلام والدتها إلّا على جملة واحدة
: مو أول واحد يتقدم لي ، ليش في غيره قد أتقدم لي ورفضتموهم

وسكتت قليلاً لثواني قبل أن تقول بصدمة وعدم إستعيـاب : من غير ما تشاوروني ، زي هذا يعني !

أخذت والدتها نفسًا عميق قبل أن تقول
: أول شيء يا حبيبتي الناس كلهم طبعاً يتمنوا إنك تكوني زوجة لولدهم
ما أدري كيف جا في بالك إنو محد أتقدم لك ..

وباستحقار خفي لم يظهر قالت : وما أدري كيف اتوقعتي إنو هذا أول واحد يتقدم لك !
لا يا ماما قد أتقدم اللي يسواه ويسوى عشرة زيه ..

كانت هذه من أول الصدمات اللي تتلقاها في حياتها
قالت بصوت مرتعش وهي تحاول استيعاب ما تقوله والدتها : كيف بأعرف إذا إنتي ما قلتي لي

أحسّت وهي الذكية اللماحة بصدمة ابنتها من هذا الأمر البسيط بنظرها
لكنها لم تحب أن تعطي له حجماً
أخذت تُهدّئها وهي تربت على ظهرها وتقول لها بحنان خاص لها
: يا قلب أمك ، يا حبيبتي ، إنتي ما كنتي فاضية ، مشغولة بالمذاكرة أغلب الوقت
أنا وأبوكِ كنا نسأل عنهم وما شفناهم مناسبين لكي
وما كنت حابّة أشغلك عن مذاكرتك ، عارفة يا بنتي إن المواضيع هاذي تشغل البنات
وحتخلي وقتك يروح على الفاضي بدون ما تستغلّيه بشيء مفيد

كلام والدتها لم يقنعها بالقدر الكافي ، لم تسألها كم عدد الخطّاب الذين تقدموا لها ..
ولكن ، ليس من المعقول أنه لم يوجد فيهم واحد على الأقل
يمكن أن يكون مناسب ليسألوها عن رأيها فيه الأقل


لاحقاً ، وبعد أن انتهت من صلاة الوتر واستلقت على سريرها ..
أخذت تفكر في الموضوع بهدوء ..

وبعاطفتها العميقة وإيمانها اللامحدود تجاه حكمة والدتها
لم تستطع إلّا أن تخرج بفكرة أن والدتها قد فعلت الأفضل لها بالتأكيد ..

إذا رأت أن كل من تقدم لها غير مناسب ، فهو كذلك ..

تنهـدت براحة خرجت رغماً عنها ، إحساسها أنها لم تُخطب من قبل
رغم أنها فكرة تافهة إلّا أنها سيطرت عليها في الفترة الأخيرة

والآن تستطيع أن تعود إلى الهدوء والروتين المعتاد
دون أن تشعر بالإثارة الذي كان يثيرها هذا الموضوع ..




**





اليوم التالي . .



: استاذة
التفتت على النداء الموجّه لها
ورفعت حاجبيها استغراباً لآخر فتاة من المتوقع أن تتحدث معاها خارج الصف الدراسي ..

ابتسمت ابتسامتها الودودة المعروفة وهي تقول : إيوه يالعنود ؟

عضت على طرف شفاتها السُفلية وهي تقول بخجل : بسألك سؤال
بس هو خارج عن المقرر اللي تدرسينا ياه ، عادي ؟

اتسعت ابتسامتها وهي تقول : عادي يا حلوة اسألي

سكتت لثواني ترتب ما تريد أن تقول ثم قالت : في المحاضرة اللي فاتت سألتينا عن بيت شعر محبب لنا
ولمن سألناكِ إيش هو بيت شعرك اللي تحبيه قلتي
" بنتم وبنّا فما ابتلت جوانحنا شوقاً إليكم ولا جفّت مآقينا "
بيت الشعر هذا قاله ابن زيدون لولّادة بنت المستكفي بالله ، صح ؟

رفعت إحدى حاجبيها بإعجاب لحفظها بيت الشعر رغم مرور عدّة أيام على قولها لهم
قالت لها : تعرفي القصيدة هذه ؟

: أعرف بدايتها بس ، أنا أساساً مُغرمة جداً بقصتهم لكن ما كنت أعرف تكملة القصيدة إلّا لمن قلتي بيت الشعر
حسيت إنه مألوف ولمن بحثت عنه طلع تكملة للقصيدة
استاذة تعرفي قصتهم ؟
وكيف كانوا يحبّو بعض ؟
تعرفي إنو فيه نصب تذكاري في اسبانيا لهم ؟

تدفّق الكلمات منها وحماسها ذكّرها بنفسها لمن عرفت قصتهم
ابتسمت بسعادة وهي ترى ولأول مرة شخص يشاركها اهتمامها ، سألتها : تحبي التاريخ يالعنود ؟

ابتسمت العنود ابتسامة جميلة لم تستطع بغداد إلّا أن تذكر الله في داخلها لفرط جمالها
قالت لها : أحب التاريخ ، بس ما أحب الوقائع التاريخية وكذا لأ
أحب القصص وأحب أعرف هما كيف عاشوا ، بالمرة أعشق هذا الموضوع ودايماً يثير فضولي

لا تبالغ إذا قالت إنها ولأول مرة تجد شخص يقول نفس قولها عن التاريخ ..
صديقاتها في المرحلة الثانوية كانت لهم اهتمامات مختلفة تماماً عنها
أما صديقات الجامعة فهم قد دخلوا التخصص بسبب معدلهم
الذي لم يسمح لهم إلّا بدخوله أو دخول تخصصات مشابهة له في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ..

أمّا هي فقد دخلته بحب خالص ورغبة كبيرة في التعلم العميق له ..
وبسبب هذا الحب كانت قد تخرجت من البكالوريوس ومن ثم الماجستير بدرجات كاملة مع مرتبة الشرف الأولى
وهذا ما جعلها أصغر مُعيدة في قسم التاريخ بالجامعة ..

قالت لها بصدق : أول مرة أقابل أحد نفس اهتمامي ..
وغمزت لها : شكلوا حيكون لنا جلسات طويلة مع بعض بعد ما قلتي لي هذه المعلومة عنك ..
ابتسمت لها وهي تقول لها بأدب جمّ : حأتشرّف أكيد بجلوسي معاكِ يا أستاذة




**




بعيداً عن جدة ورطوبتها ، في أمريكا وتحديداً واشنطن دي سي
كان يجلس باسترخاء في مقعده الوثير وكجزء لا يتجزأ عنه كان يحمل في يده كتاب يقرأه بِ استمتاع شديد ..

قطع عليه قراءته صوت نغمة الجوال العالية ..
رفع عيناه عن الكتاب وهو ينظر إلى الجوال بانزعاج
ما لبث أن ابتسم ابتسامة بسيطة عندما رأى اسم المتصل ظاهراً على الشاشة ..

اتسعت ابتسامته فور أن أجاب عن الاتصال وهو يسمع صوت والدته معاتباً له
: كذا يا الظالم ، اسبوع كامل ما تسمّعني صوتك ، ما تقول امي تعبانة ، امي فيها شي

قال لها ممازحاً : الاسبوع هذا كذا مره شفت في سناب طارق فيديوهات لكِ والحمدالله مطمّن إنو ما فيكِ شي

قالت له أمه بنفاذ صبر : فارس رجاءً لا تمزح معايا كذا ، إنت ما تدري قد إيش مشتاقة لك
خاف الله فينا وتعال خلاص كفاية غُربة

قال لها وهو معتاد على كلامها هذا : إن شاء الله قريب ، أدعي لي

: لو إنك تدرس كنت بأسكت وما بقول شي ، لكنك دحين تشتغل مدري تدرّس في الجامعة
يعني في أي وقت تقدر تجي

: يا أمي يا قلبي كيف في أي وقت أقدر أجي ؟ انا مرتبط بعقد عمل مو على كيفي وهواي أروح وأجي

: ليش أساساً تشتغل عندهم ، بلدك أولى فيك ، بدل ما تدرّسهم تعال درّس عيالنا مو أحسن ؟

تنهّـد بصوت منخفض ، هو معتاد على كل هذا الكلام لكنه يثير في نفسه الضيق كل مرة
ألم تمل وهي تحدثه في هذا الأمر ، في كل مكالمة له وفي كل زيارة ؟ !

قالت له والدته وهي منتبهه لسكوته وضيقه الذي لا يخفى عليها
قالت له بنبرة هادئة أسبغتها كل حنان ودفئ تملكه : أنا لو إني ما احبك ما كنت أقول لك هذا الكلام في كل مرة
وانت عارف الشيء هذا حبيبي صح

يا لها من ماكرة ، تعرف كيف تثير فيه إحساس الخجل لضيقه من تذمرها لغيابه الطويل عنها
: عارف يا أمي ، بس زي ما قلت لك ما أقدر على مزاجي أجي
إن شاء الله ما بطوّل شهرين بالكثير وبجي أزوركم

قالت له وهي ترمي أول طلقاتها : إن شاء الله هذه المرة تجي وتخطب ، وتطمّن قلبي عليك

شعر وكأن أحد قد لسعه وهي تقول كلماتها بكل برود
: أخطب ! ، أخطب إييش انا قد جبت لك سيرة الزواج ؟!

: وإن شاء الله متى ناوي تتزوج ؟ لمن تدخل الأربعين ولا لمن يبدأ الشيب في شعرك ؟

: مو كذا ، بس ما أفكر في موضوع الزواج ، الفترة هذه على الأقل

: أنا لو بأنتظر إلين ما تفكر إنك تتزوج حأموت وانت لسى ما تزوجت

بسرعة وضيق من كلامها قال : اعوذ بالله يا أمي ، صلّي على النبي إش الكلام هذا

زفرت بحرقة ولأول مرة يشعر بالحزن لأنه كان السبب في حزنها
لكن شعوره لم يستمر وهو يسمعها تقول : لو جيت إن شاء الله اخطب بغداد رسمي
والفرح على مهلنا نفكر فيه لسى ما ورانا شي والبنت لسى دوبها استقرت في وظيفتها

هل هو يسمع ما تقوله والدته جيداً ، هل قالت بغداد ؟

هل هي بجميع قواها العقلية عندما نطقت هذا الاسم ؟ !

لم يستطع أن يستمر في الجلوس ، هبّ واقفاً في مكانه وهوّ يقول بصوت مرتفع قليلاً عن المعتاد : إييييييييش
أمي إنتي واعيـــــــــة للي بتقوليه لي ، بغدااااد ، خلصو البنات عشان أخطب بنت زوجك ؟ ! !
مستحيييييل اخر وحده في الحياة ممكن أتزوجها هاذي البنت ! !






**






غريب حال الأيام ..
تارة تمشي بسرعة شديدة ..
وَ تارة أخرى تمشي ببطئ قاتل ..

مرّت شهرين على معرفتها بالعنود بشكل قريب ، ويا لها من معرفة ..

تكاد تقسم أنها من أمتع الشهور التي مرّت عليها في حياتها
إنه لمن النادر أن يلتقي المرء بشخص كأنه نفسه
وهي كانت كأنها تجلس مع ذاتها ..

بعد شهر من جلوسهم سوية أوقاتاً متفرّقة ولكنها قليلة
أعطتها رقم هاتفها عن طيب خاطر ..

قليلة المكالمات التي أجروها بعد ذلك، ولكنها كانت عميقة وممتعة ..

واليوم سوف تأتي إلى منزلها بعدما دعتها إلى مشاهدة فلم تاريخي درامي
قد تم عرضه على الإنترنت قبل اسبوع ..

تأكّدت من أن كل شيء في غرفتها مرتّب في مكانه
ثم نزلت إلى الأسفل لتنظر إلى الضيافة التي حضرتها الطباخة

توقفت عند المرآة الطويلة بجانب الدرج
نظرت إليها وهي تتأكّد من تصفيف شعرها كما يجب

ألقت نظرة على فستانها الأبيض الأنيق ، ثم أكملت مشيها بعد رضاها الكامل عن نفسها

: هذه أول مرة أشوفك متحمسة عشان وحده من صحباتك جايه عندك

ضحكت قبل أن تقول لها : طالبة عندي يا خالة هدى مو صحبتي
لكن يجمعنا قواسم مشتركة ، وبسببها أحس إنها ممكن تفهمني أكثر من صحباتي
يعني كيييف أقول لك

: فاهمتك ما يحتاج تشرحي أكثر
ضحكت مرة ثانية : طيب كويس الحمدالله ، باللهِ يا خالة هدى ركّزي مره على تارت الفراولة
عارفة إنو طبخك لا يُعلى عليه ، لكن بلييز زيدي العيار شوية اليوم

لم تخبرها الطباخة الأمر البديهي وهو أن الحلوى التي تريد التركيز عليها تقبع منذ ساعات في الثلاجة
لكنها ابتسمت لها وهي تتمتم بـ : إن شاء الله حبيبتي ولا يهمك ..

خرجت من المطبخ وذهبت لمكان جلوس أمها المعتاد في الصالة

قالت لها والدتها فور أن جلست بجانبها : أشوفك مبسوطة اليوم بزيادة ما شاء الله ، الله يديمها
قبل أن تجيب عليها ، قال صوت ناعم فيه مسحة طفولة
: أكييد حتكون مبسوطة ، مو اليوم بتجي العنود اللي صجّت راسنا فيها من كم اسبوع

قالت وهي معتادة على تدخّل اختها فيما لا يعنيها : عليكِ نور يا نور
والتفتت على والدتها : ماما بتروحي بيت عمتي ولا كنسلتي
قالت نور مرة أخرى متدخلة فيما لا يعنيها
: لااااا إن شاء الله تبغي قلبي يوقف ، لي اسبوعين ما اشوف أحلام
بس نستنى بابا بعد صلاة العشاء قال بنروح

ابتسمت بغداد وهي تقول : وإنتي في أحد موكّلك تتكلمي بالنيابة عن الجميع ، اهدأي شوية
قالت نور متجاهلة الفارق العمري بينهم : خلّيت الهدوء لكي يا اختي الجميلة
قالت والدتها لها بتأنيب : نــــــور ، وبعدين مع طوالة اللسان

أمسكت بغداد بيد والدتها وهي تقول بصوت منخفض : خليها ماما ، لا تهزّئيها
قالت والدتها بعدم رضى : هذا تهزيئ ، الله يهديها لأنها عارفة غلاتها عند الكل قامت تطوّل لسانها ، آمنة العقوبة

ابتسمت بغداد لكلام والدتها ولم تقل شي ، صحيح أن نور غالية عند الجميع وخصوصاً عندها
فهي الأخت التي أتت بعد ثلاثة عشر عاماً كانت طويلة جداً عليها بعدم وجود أخت لها

التفتت على والدتها التي قالت : وبعدين هذه العنود كيف تخليها تجي البيت وهي طالبة عندك ؟
وأكملت بارتياب : أساساً من فين طلعت فجأة كذا ؟ !

قالت لها ببساطة : صحيح إنها طالبة عندي بس عادي ماما ، تفكيري وتفكيرها واحد
غير إنها ما شاء الله عاقلة مره عن البنات اللي في سنها

: حتى وإن كانت عاقلة ، كيف تجلسي معاها كذا بشكل عادي ، كم الفرق بينك وبينها ؟

ابتسمت بغداد في داخلها وهي تعرف رأي أمها المتزمت عن علاقة المعلم بالطالب
: عادي ماما ، شوفي سبحان الله عمر بن الخطاب كان صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم
و من أقرب الناس له بعد ابو بكر الصديق ، والفرق بينه وبين الرسول 13 سنة

تنهدت والدتها بصوت مرتفع على إدخال كل أمور حياتها بالتاريخ
رغم أنها هي من زرعت فيها متعمّدةً هذا الأمر
وقالت لها باستسلام : طيب متى حتجي الآنسة عنود

: العنود ماما مو عنود .. ونظرت إلى شاشة جوالها التي أنارت برسالة وقالت : البرنسيسة برى

نظرت إلى ابنتها وهي تخرج بسرعة لاستقبال الزائرة التي لم يختفي اسمها في البيت طيلة الأيام الماضية
ركزت أنظارها على الباب وهي تشعر بقليل من الفضول أن تراها ..

بطبع بغداد الهادئ لم تكن تركّز في كلامها على ذكر التفاصيل ، هذا إذا استثنينا كلامها عن التاريخ بالطبع
لذلك عند كلامها عن العنود ، تكونت في رأسها صورة عنها

ولم تكن الصورة بعيدة عن فتاة كئيبة مُهلهلة ترتدي نظارات كبيرة وتحشر أنفها في كل شي
لماذا تكونت هذه الصورة عنها ؟ هي نفسها لم تعلم ..

لذلك ، عند رؤيتها لهذه العنود ، تكاد تقسم أنها سمعت تحطّم زجاج في رأسها ..
ما هذا ؟
ما هذه الفتاة ، وما هذا الجمال الخارق الذي تملكه ؟

بعد دقائق من سلامها على هذه الفتاة ، تكوّنت فكرة أوليّة عنها متناقضة للفكرة السابقة قبل رؤيتها

( هذه الفتاة ، خـــطيــرة .. )





**






بعد ذلك بوقت طويل نسبياً ، وفي الطابق الأعلى
في الغرفة التي تزخر بالأشياء الأنثوية
كانت جالسة على الكرسي المفرد الموجود في طرف الغرفة
والتابع للجلسة البسيطة أمام التلفاز

كانت عيناها تجول بخفّة في أنحاء الغرفة مانعة بجهد جهيد جداً شعورها بالانبهار التام يظهر عليها ..

هل هذه غرفة الأحلام لجميع فتيات العالم ؟
لم تجد بالرغم من طبيعتها الناقِدة أدنى أمر تستطيع به انتقاد الغرفة ..
كل شي موضوع بِ أناقة ودقة متناهية ..

اندماج اللون الأبيض والوردي فيها وقليل من الأصفر الفاتح خلّف غرفة مُريحة مُنعشة مريحة للنظر ..

لم تخالف الغرفة توقعاتها ، فمن ينظر لصاحبة الغرفة وأناقتها الفائِقة
سوف يخمن أن مكان جلوسها الدائِم لن يقل أناقة عنها

ولكن ، كيف للأناقة والراحة أن تجتمع في مكان واحد ..
كانت الغرفة مُريحة ولها جو دافئ بشكل لا يصدق ..

فاقت من تأملاتها على دخول صاحبة الغرفة وهي تحمل صينية فاخرة
ومن خلفها الخادمة تحمل صينية أخرى

أخذت ترتب الطاولة المستطيلة الموجودة أمامها وهي تقول
: عشاء خفيف بس لذيييذ ، إن شاء الله يعجبك

ابتسمت وهي تقول لها : يا الله يا استاذة بغداد مره كلّفتي على نفسك

على الرغم من أن بغداد تجد مناداة العنود لها بـ " استاذة بغداد " في غرفتها أمراً غريب
لكنها لن تجازف بإزالة الكَلفة تماماً بينهما : ما كلّفت ولا شيء ، العشا من البيت

بلعت ريقها وهي تنظر لأصناف الساندويتشات المُعدّة بإتقان
وكأنها من أحد المطاعم المختصة بصنعها

رفعت رأسها تنظر إلى بغداد التي قالت : كيف تحسّي الفلم ، قد المدح ولا لا ؟








**






بعد مضي قرابة الساعة ، أخبرتها أن سيارتها تنتظرها بالأسفل
وقفت بغداد وهي تخبرها أن منزلهم فارغ
وبإمكانها النزول وارتداء عباءتها بالأسفل مكان وجودها أساساً

خرجت من الغرفة وهي تقول : زعلانة لأنو ماما ما جلست معاكي مزبوط يدوبك قعدتي معاها عشر دقايق

ابتسمت العنود دون أن تقول شيء ..

ف بالنسبة لها عشر دقائق أكثر من كافية لجلوسها مع تلك المرأة المُخيفة
لقد شعرت وكأنها تستطيع النظر إلى داخلها ..
رغم ادعائها اللطف والبهجة بجلوسها معها ..

حسناً ، إن دخولها هذا البيت للمرة الأولى لم يكن بالأمر السيء
لقد استطاعت تكوين صورة أولية لهذه العائلة ..

عند نزولها إلى الصالة انتبهت إلى الساعة التي كانت تشير إلى الحادية عشر والنصف
ومع خروجها في هذا الوقت ونحن في إجازة نهاية الاسبوع
لن تستطيع الوصول إلى الشقة قبل أقل من ساعة ..

قال بإحراج حقيقي : استاذة عادي لو استعملت دورة المياه

ابتسمت بغداد لإحراجها البادي عليها
قالت بصدق وهي تضع عباءة العنود بعناية على إحدى الكنبات :
عادي يا قلبي ، البيت بيتك ، شوفي دورة المياه على يمينك جهة المغاسل ..

ذهبت العنود إلى حيث أشارت لها وهي تشتم نفسها في داخلها ..
لقد أُحرجت بحق
ولكنها مضطرة لفعل هذا وإلّا ستفقد احتمالها قبل وصولها إلى المنزل ..

بعدما خرجت من دورة المياه ، نظرت إلى مرآة المغسلة أمامها وهي تسترجع ما قالته لها " البيت بيتك " !
وهل يُطلق على هذا المكان بيت !

كانت منشغلة بإلقاء نظرة أخيرة على نفسها
فلم تنتبه إلى من كان يقف على بُعد عدة أمتار عنها ولم يستطع أن يزيح نظره عنها ..
هو لم يستطع أن يرمش حتى ، لقد تجمّــد تماماً أمام هذا الجمال ..

أما هي ، عندما شعرت بالرضا عن مظهرها ابتعدت قليلاً
والتفتت جهة اليمين لِتفاجئ بالواقف أمامها

كانت ردّة فعلها أن أصدرت شهقة حقيقية قبل أن تلتفت بارتباك

ذكر الله في داخله وهو يرى شعرها الطويل يتحرك مع التفاتتها
قال بِ ارتباك وهو يستوعب أخيراً الموقف : اسف ، اسف
ولم يستطع قول شيء اخر ..

انتبهت لخطواته السريعة نحو الأعلى ، وهي تستوعب الموقف ..

خرجت إلى الصالة الواسعة ، وهناك رأت بغداد قادمة من جهة الشمال وهي تقول بتوجّس
: لا يكون من أول إنتي واقفة هنا

جاوبتها بسرعة تخفي ارتباكها : لا دوبني خرجت من دورة المياه ..

لبست عباءتها بهدوء حرصت أن تظهر فيه كي لا تثير الشكوك ..
وخرجت من المنزل بذات الهدوء رغم الإثارة التي خلفها داخلها الموقف الأخير ..

بعد أن استوت جالسة في مقعد السيارة الخلفي
لم تستطع منع ابتسامتها من الظهور ولو بشكل بسيط ..
هل يُعقل أن يتحقق أحد أحلامها بهذه البساطة ، ومن دون أي تخطيط منها !




نهاية الفصل الثاني ..
قراءة مُمتعة ..






.



.


دانتِلا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-23, 01:26 PM   #5

دانتِلا

? العضوٌ??? » 504444
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » دانتِلا is on a distinguished road
افتراضي

.









[ الفصل الثالث ]


بداية اسبوع جديد :
على الرغم أن علاقتهم لم تتأثّر ظاهرياً على الأقل
إلّا أنها كانت تشعر بأنه يوجد لديها ما تقوله

لذلك لم تفاجئ عندما سمعتها تقول: بغداد ، أنا من جد ، مـــن جـد ما أبغى صداقتنا تتأثّر بأي شيء
لإنك بصراحة إنسانة الواحد يحب جلستها
بس ابغى اسألك سؤال من أول نفسي اسألك ياه بس خايفة يولّد عندك ردة فعل
من أول ابغى اسألك بس قلت الموضوع يبرد أحسن

فهمت بغداد ما تريد زميلتها قوله
وهي قبل ذكائها حسّاسة تشعر بعاطفة الناس قبل فهم كلامهم ، فكيف بموضوع مثل هذا
ابتسمت ابتسامة بسيطة مشجّعة لها على إكمال كلامها ..

أكملت زميلتها : ليش رفضتي أخوي ، لأنه أقل من مستواك المادي ؟
أجابتها بسرعة : لأ طبعاً

سألتها وهي ما زالت تشعر بالقليل من الحسرة على رفضهم البارد لأخيها الغالي : ليش طيب ؟
قالت لها بصدق : لأنه مدخن ، امي مستحيل توافق

قالت لها باندفاع : وإذا مُدخن ، إنتي عارفة إني ما عرفت أنه مدخن إلّا لمن امي قالت لي قبل شهرين وقت رفضكم
تخيلي إن أخوي اللي أشوفه يومياً ما كنت أعرف أنه مدخن
مستوعبة قد إيش هو حريص إنه ما يإذي أحد بريحة الدخان

وبنبرة أهدئ قالت لها : أتمنيت إنكم توافقوا لأني أشوفكم لايقين الاثنين على بعض

لا تستطيع أن تنكر أنها تأثّرت تأثر طفيف بكلامها
لكنها قالت بجدية وثبات : النصيب يا بسمة

وسكتت لثواني قبل أن تقول : أتمنى هذا الموضوع ما يعلق معاكي كثير ويأثّر على علاقتنا الحلوة مع بعض

قالت لها بنفي سريع : لا أبداً ، بس زي ما قلت لك سؤال في بالي ..





**






لم تنته الاسئلة الغريبة لها اليوم
فبعد انتهائهم من وجبة الغداء ، وجلوسهم لشرب الشاي
فوجئت بِ أخاها يسألها بصوت منخفض : البنت اللي كانت عندنا في البيت يوم الخميس ، صحبتك ؟

قال هذا السؤال بعدما أرهق نفسه بالتفكير عمن تكون تلك الجميلة التي رأها في منزلهم ..
ولشدة تفكيره في هذا الأمر ، لم ينتبه أن طرحه لهذا السؤال على اخته ..

مع وجود أغلب أفراد الأسرة ليس بالأمر المستحسن بتاتاً البتّة خاصّة مع شخصية كشخصية والدتهم ..
إذ أنه على الرغم من صوته المنخفض جداً عند سؤاله لها
التقطت أذنا والدته التي تمتلك حاسّة سمع قوية هذا السؤال وكأنه طرحه عليها هي

تكملت بسرعة وهيّ متفاجئة من سؤاله : أي بنت قصدك ؟ ؟

ونظرت إلى ابنتها نظرات اتهام
جعلتها تقول بخوف وبنفي سريع : ماما ما أعرف هو عن إيش يتكلم

والتفتت على أخيها الذي ما زال ينظر إليها منتظر جوابها : أي بنت هذه اللي شفتها يوم الخميس ؟

هي ليست بحمقاء ، تعرف مقصده تماماً على الرغم من تفاجئها
إلّا أنها لا تعلم متى تمكّن من رؤيتها
لم تجازف بنطق اسمها ، تريد استجوابه أولاً ..

ولكن مع وجود نور في الجلسة وطبعها الذي لا يُطاق بعض الأحيان
قالت باستمتاع : أكيد قصدك العنود ، متى شفتها ؟

نظرت لها بغداد وأمها على سواء بنظرات عصبية لم تُعرها هي أي اهتمام ..
وقالت لأخاها الذي سألها عمن هذه العنود : هذه يا حبيبي صحبة بغداد أو بالأصح طالبة عندها
بس أنهم اتعرفوا على بعض بزيادة دحين
وابشّرك تحب التاريخ زيّها ، اممممم في مثل يقول الطيور على أشكالها تقع ، صح ماما ؟

لو أن النظرات تقتل لكانت نظرات أمها لها قد قتلتها في التو واللحظة
شعرت بالخوف وهذه من المرات القليلة التي تشعر به
وغادرت الجلسة متعللة بالمذاكرة بعد أن أشعلت الجو بكلامها ..

لم يهتم بعصبية والدته الظاهرة والغير مبررة ..
قال لأخته : غريبة خليتي وحدة من طالباتك تجي عندك في البيت ، من متى تموني على أحد بسرعة كذا ؟

بغداد التي كانت واعية لعصبية أمها الظاهرة من حركات جسدها رغم عدم نطقها بكلمة إلى الآن
فإذا كان اخاها طارق قد رأها ، فلن يكون إخراجها من رأسه بالأمر السهل

قالت له بنبرة عادية : اممممم عادي كانت بيني وبينها نقاشات في التاريخ وحسيت إننا نتوافق شوية

وغصبت نفسها على ابتسامة بسيطة رغم توترها وهي تسأله
: إلّا إنتا اللي قول لي ، شفتها برى عند البيت ولا كيف

نعم تعلم أن سؤالها غبي فلما عساه يسأل عن فتاة رأها خارج المنزل
ولكنها كانت ترجو في داخلها أن يماشي سؤالها
خيب أمالها عندما قال بكل صراحة : شفتها عند المغاسل هنا

نظرت له وهي تشعر بالقليل من الفضول ، فإذا كانت هي تنبهر بجمالها في كل مرة تراها
فكيف بنظرة أخيها لها ..
لكن لن تستطيع سؤاله ابداً هذا السؤال فهي ليست حتى خطيبة مُحتملة له ..

: وما شاء الله إنتي كنتي مخليه البنت تسرح وتمرح على كيفها في البيت يا بغداد ؟ ! !

لم تعجبها التُهمة التي وجهّتها أمها لها كما لم تحب تحقيرها البسيط الواضح في كلامها للعنود
: ماما إش الكلام هذا ، كيف باللهِ حأخلي البنت تسرح وتمرح على قولتك
والبنت أساساً مؤدبة ما راح تمشي في البيت على كيفها ..
هي بس طلبت إنها تروح دورة المياه ، وأنا وقتها رحت المطبخ كنت ابغى اسأل خالة هدى عن شغلة

ونظرت إلى أخيها : أعتقد وقتها شافها طارق ، مع إنو ترى البنت ما جابت لي سيرة ابداً عن الموضوع ..
يا عمري عليها أكيد انحرجت لمن شافتك بس ما حبت تبيّن لي شي ..

لم ترد على ابنتها التي بطبيعتها الحساسة والرحيمة
تنظر إلى جميع الناس أنهم لُطفاء لا يحملون في داخلهم شراً ابداً

لكنها مختلفة عنها ، لقد رأت في العنود قوة شخصية وثقة لا متناهية
كانت فتاة تعرف قيمتها تماماً وقيمة جمالها ، وهذا هو المخيف فيها

من يدري ربما كانت تقف هنالك متعمّدة لكي يراها طارق
فهو يعتبر صيد ثمين للفتيات رغم صغر سنه قليلاً عن هذه الأمور ..

لم تحب أن تتكلم أكثر عن الموضوع خشية أن تعلق الفتاة أكثر في رأس ابنها
على الرغم من معرفتها أنه طالما سأل عنها فلابد أنها قد أخذت حيز من تفكيره في اليومين الماضيين ..

قامت من الجلسة وهي تدعو الله أن تأتي العواقب سليمة
منذ دخول هذه الفتاة منزلهم وهي فعلاً قد أوجست في نفسها خيفة ..

عندما تأكدت أن والدتها قد صعدت إلى الطابق العلوي
التفتت إلى أخيها وهي تريد أن تسأله براحتها عن كيفية رؤيته للعنود

ولكن هذا الأخير بمجرّد إحساسه بما تعتزم فعله ، خرج من المنزل بسرعة متعذراً بأمرٍ مهم يريد فعله
أخرجت زفرة ضيق وهي تتأفف ..

لقد شعرت بعدم استلطاف والدتها عند رؤيتها للعنود لكنها تجاهلت الأمر
ولم تسألها حتى عن رأيها فيها بعد ذلك

لكن أن يكون طارق قد رأها فهذا أمر اخر ..

طارق أخاها الحساس الهادئ المنطوي على نفسه ، كيف كان شعوره عند رؤيته العنود ..
من الواضح أنه لم يمرّ مرور الكرام ..
رباه ماذا سيحصل إذا تطورت مشاعره في هذا الأمر ؟
كيف ستتصرف والدتها حياله ؟ !

وهي غارقة في أفكارها هذه لم تنتبه إلى أخاها الآخر
الذي جلس على أحد المقاعد وهو يناديها بصوته العالي المعتاد

فزعت من صوته الذي ظهر فجأة وبحركة لا إرادية وضعت يدها على صدرها
وهي تقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، من فين طلعت إنتا

نظر إليها باستنكار لردة فعلها : يا بنت اصطلبي وسيبي عنك الحركات المايعة هذه
ووضع يده على صدره مقلداً إياها : من فين طلعت إنتااا
وعاد إلى صوته الطبيعي وهو يقول : إش ذا ، إش الحركات ذي

حسناً هي تؤمن أن لكل قاعدة شواذ ، وأن في أغلب العائلات طفرة جينية تظهر على أحد أفرادها
ولكن أن تكون هذه الطفرة شاذة جداً عن القاعدة ستكون مشكلة كبيرة

وأكبر مثال على ذلك الشخص الجالس أمامها ، لا تعلم من أين تبدأ
هل تبدأ من طوله الفارع الذي لا يقارن بطول أحد في العائلة
هذا إذا استثنينا ذلك الشخص ..
امممممم لا تريد التفكير فيه ، ستتجاوز أمر الطول ولتنظر إلى جانب اخر

معظم أفراد الأسرة على جانب كبير من الذوق ومهتمين أقصى الاهتمام بشكلهم وملابسهم ..
حتى نور طويلة اللسان تكاد تنافسها الاهتمام بمظهرها الخارجي ..

إضافةً إلى ذلك إنهم مهتمين بالثقافة كلٌ فيما يحب ويهوى ..

لكن ، أخاها صقر كان مختلف تمام الاختلاف مثل اسمه المختلف عنهم
لا تدري لماذا يحب أن يتكلم دائماً بصوت مرتفع مزعج ..

ولا يهتم بمظهره إطلاقاً ..
وعلى عكس الشباب في سنه فهو لا يلبس إلّا الثياب البيضاء فقط ..

والأمر الأكثر أهمية أنه لا يهتم بالثقافة والقراءة بشكل عام
بل أنه دائماً ما يقول إنه يكره القراءة كما يكره الشيطان ..

غير أنه رجولي وحاد زيادة عن اللزوم على الرغم أنه لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره !

لا تريد أن تعدد المزيد من صفاته المختلفة ، عوضاً عن ذلك قالت بهدوء ترد على كلامه السابق
: يا حبيبي هذه حركات البنات الطبيعيين لمن ينفجعوا ، ليش متفاجئ ما أدرى

قال كلمته المشهورة عندما لا يعجبه أمر ما : ياليييل الليييل
طيب خلينا نقفل الموضوع ، دوبني صاحي من النوم و مو رايق لشي
فين امي والباقيين ؟ وابويا فينه لمن رجعت من الجامعة ما شفت سيارته ؟

قالت دون أن تبدي استيائها لأسلوبه المُتعجرف دائماً والنزق دائماً
على الرغم أنه تأتيه بعض الأحيان ساعات الرحمن
ويكون كطفل وديع لا يعكر صفو مزاجه شيء : ماما طلعت فوق تريّح بعد الغدا
والباقيين أتفرقوا يشوفوا أمورهم ، أما بابا

وابتسمت بحب عند تذكرها له : بابا عنده اجتماع في فرع المؤسسة في الرياض، و راح يجي بكرة إن شاء الله
عندك سؤال ثاني يا استاذ صقر ؟

: إيوة ، إيش الغدا ؟






**






بعد عدة أيام ..
واشنطن دي سي . .
أنهى جميع أعماله باكراً هذا اليوم ، وها هو ذا يدخل إلى منزله
وفي رأسه خطة واضحة محددة

بدأ بأخذ حمام دافئ ، وانتهى بجلوسه على مقعده وبجواره على الطاولة الصغيرة متعته الكاملة
القهوة العربية وصحن صغير مليء ب التمر السُكري

لقد جهّز منذ الأمس فيلمين حربيين أحدهما أحداثه في فترة العصور الوسطى
أما الآخر فهو عن حدث حصل في الحرب العالمية الثانية ..

على الرغم من حبه اللامحدود للكتب ومن يدخل بيته سيعرف هذا لا محالة
بوجود عشرات الكتب مرتصّة بترتيب ودقة على الأرفف

إلّا أنه في بعض الأحيان يحب مُشاهدة الأفلام كتغيير وكسر للروتين

بعد مرور ما يُقارب الساعتين والنصف كان قد أنهى خلالها الفلم الأول ويستعد لمشاهدة الفلم الثاني مباشرة
رأى رسالة واردة من والدته ..

زفر بضيق منها ومن نفسه ، فمنذ ما يقارب الشهرين وهي أقرب لإن تكون هاجرته بطريقة ماكرة كعادتها
تتصل عليه كالمعتاد ، لكنها تتكلم معه ببرود وبمجرد أن تطمأن على أحواله تسارع بإغلاق المكالمة
وهذا الأمر ليس بعادتها بالطبع

وفي بعض الأحيان تتكلم معه بشكل عادي
لكن صوتها يختنق في آخر المكالمة وعندها تغلق الخط فوراً

كان متضايق لأنه لا يستطيع إجبار نفسه ابداً على ما تريده منه ..

من منهما يقسو على الآخر أكثر ؟
هو الذي لم يهتم ابداً بما تريد حتى بعد فهمه العام لما كانت تقصد ؟

أم هي التي تريد تزويجه من ابنة الرجل الذي غير حياته 180 درجة ؟

حسناً إذا أراد أن يتكلم من باب الإنصاف فذلك الرجل الذي يعتبر زوج أمه حالياً لم يتدخّل في شؤونه قط
ولم يؤذيه بكلمة صريحة أو بالتمليح

المشكلة كانت أنه لم يوافق من الأساس على زواج أمه من هذا الرجل
في البداية كان الأمر غيرة طفل صغير لم يُنه السابعة من عمره
رأى والدته تنساه قليلاً عند زواجها من رجل غير أبيه
وغيرة أكبر من توددها لابنته الصغيرة التي لم يستلطفها قط ..

تحوّلت الغيرة إلى كره عندما كبر وأصبح واعي بالدرجة الكافية
التي مكنته من معرفة أن حياتهم التي تغيرت للأفضل كانت بسبب ذلك الرجل

النقود التي تشتري بها والدته ثيابه ولوازمه الدراسية ، وجميع حاجياته
بل وحتى الدراجة الهوائية كانت منه

أما هو وأمه كانَ مثل صائدي الكنوز أو مثل الذين يربحون اليانصيب
بدخولهم بيت هذا الرجل الغني وجعله مسؤولاً عنهم

لم يستطع منع شعوره هذا مطلقاً طيلة بقاءه في ذلك المنزل
لم يهـدأ ، ويجد السلام في حياته إلّا بعد سفره وإكمال دراسته خارج الوطن
بل وحتى مشاعر الكره قد رحلت

هنا في هذا المكان ، كان قد استقر لأكثر من عشر سنوات
وأقام علاقات طيبه مع من هم حوله من الجيران
أهتم بشقته الصغيرة ، وجعلها مكان يسعد بالرجوع إليه
هنا توجد مكتبته الكبيرة العامرة بما يحب
وفي هذه الزاوية يوجد مقعده الوثير الذي يحب الجلوس فيه والاستمتاع بقراءة الكتب في ليالي الشتاء الباردة

فكرة العودة إلى الوطن والاستقرار فيه كان أمراً حتمياً
لكنه بعيد الوقوع على الأقل في هذا الوقت

وأن تأتي أمه بفكرة من العدم بأن تخطب له بغداد ، لهو أمر مكروه بالطبع وليس متواجد في خطته

فتح الرسالة ، ورفع حاجبه الأيمن من محتواها غير العقلاني ابداً
ولكن منذ متى والعقلانية مرتبطة بوالدته !

( أتقدم قبل يومين شاب لبغداد ورفضته ، البنت إذا صارت عانس في ذمتك )

في ذمته !
وما دخله بها ؟ !
تنهد بصوت مرتفع وهو يقول : الظاهر إن اللعبة اللي كانت تلعب بيها طوال السنين اللي فاتت
كبرت عليها وتبغاني أورثها بعدها !!






**






مِنْ وجهها أبداً نهارٌ واضحٌ
من فرعها ليلٌ عليه بهيم
إنْ أقبلتْ فالبدرُ لاح وإن مَشَتْ
فالغصنُ راح وإنْ رنَتْ فالرِّيم
نعمتْ بها عَينِي فطالَ عذابُها
ولكَمْ عذابٌ قد جناه نعيم
نظرتْ فأقصدتِ الفؤادَ بسهمِها
ثم انثنَتْ نَحْوِي فكِدتُ أهيم
ويْلاهُ إنْ نَظَرتْ وإن هِيَ أعْرضتْ
وقْعُ السِّهام ونَزْعُهُنَّ أليم
وممّا دَهَتْنِي دون عيني عينُها
لكنَّ غِبَّ النظرتيْن وخيم

تنهد وهو يقرأ هذه الكلمات لابن الرومي
وكأنه يلامس بكلماته أحاسيسه والمشاعر الغريبة التي يشعر بها منذ أربعة أيام فقط

هل هذا هو الحب الذي تغنّى به الشعراء منذ قديم الزمان ؟ !

لا يدري ، لكنه لم يستطع إخراجها من رأسه منذ رؤيتها في منزلهم

عيناها الخلابة المدعوجة بكحل عربي أصيل والتي اتسعت فور رؤيتها له
أنفها الصغير المستقيم
شفاتها المكتنزة بلونها الزهري النديّ

بشرتها الصافية الأشبه بالشمس في أول خروجها
شعرها الذي كسواد الليل بلا بدر

هل يوجد من هو أجمل منها ؟

تنهّـد للمرة الثانية، ولكن ، تبدّل حاله في أقل من ثانية
عند رؤيته لرسالة واردة من بغداد تخبره فيها أن يأتي لأخذها من الجامعة

ابتسم ابتسامة واسعة أنارت وجهه وهوّ يقفز من كرسي مكتبه بحماس

فرصة وعلى طبق من ذهب قد جاءته من دون تعب ..
لا يوجد أفضل من هذا الوقت بوجود أخته بمفردها خارج من المنزل ليستطيع سؤالها عن هذه الفاتنة ..





**





في نفس الوقت، ولكن بمكان آخر ..
دخلت إلى مكتبها وهي تبتسم لبسمة التي ما إن رأت ما ورائها
حتى اختفت ابتسامتها تدريجياً ، لا تدري لما لا ترتاح لهذه الطالبة بالذات ..

جلست بغداد على كرسي مكتبها وهي تقول : انتهيتي من محاضراتك خلاص ؟
قالت بسمة والتي كانت قد انتهت من ارتداء عباءتها : إيوه الحمدالله

وأكملت ارتداء حجابها و هي تودعها على عجل
غادرت بعدها غرفة المكتب دون أن تبتسم أو تنظر على الأقل للزائرة الصغيرة

لم يكن بالأمر الهام لها إذا جلست في المقعد المقابل لمكتب استاذتها
وهي تخمن بلا مبالاة أن تجاهل الاستاذة الأخرى لها ما هو إلّا غيرة معتادة ممن حولها

كانت تجهل سبب طلب الاستاذة بغداد منها أن ترافقها إلى مكتبها و إصرارها عندما حاولت أن تعتذر ..

بغداد التي كانت شاكرة لله في داخلها أن شريكتها في المكتب قد خرجت عند دخولها
تستطيع الآن سؤال العنود والتحقيق معها
نظرت إليها وهي تقول بمودة : إيوة يا حلوة قوليلي متى شافك اخويا لمن كنتي عندي الخميس اللي فات

لم تسألها هل رآك أم لا ، لقد أخبرتها معرفتها بالأمر اختصارا للوقت وبنية خفية بمباغتتها اختبارا لها
فوجئت العنود بسؤال بغداد فعلاً ، وقالت لها بصدق : لمن خرجت من دورة المياه

وأكملت : ما عرفت كيف أقول لك الموضوع لأني مره كنت منحرجه
بعدين شفت إن ماله داعي أقول لك شيء

ورفعت كتفيها وهي تقول باستسلام للواقع : الصدف اللي زي كذا دايماً تصير عادي
بس أنا الغلطانة إني ما لبست عبايتي أو خليتها طارفة عند المغاسل على الأقل

قالت لها بغداد بسرعة عندما شعرن أنها أحرجتها : لا مو لهذه الدرجة ، أنا بس استغربت الموقف

ابتسمت دون أن تقول شيء ، ثم استأذنت بعد ذلك عندما لم يكن هنالك ما يُقال ..

لم تستطع سؤالها عن كيفية معرفتها بالموضوع رغم أنها كادت تموت من شدة فضولها
لكنها حافظت على هدوئها إلى آخر لحظة

نظرت إليها بغداد وهي متشككة في داخلها
من جهتها ترى أن الموقف حصل صدفة فعلاً وليس هنالك أي نية خبيثة من العنود

لكن والدتها تكاد تكون متيقنة أن هذه الفتاة قد استغلت جمالها لتغوي أي رجل في المنزل !

قامت عن مقعدها عندما أنار هاتفها باتصال من طارق دلالة على وصوله خارج بوابة الجامعة ..

في الطريق ، كانت تشعر بالإثارة وهي ترى سرحان طارق وسكوته الزائد عن الحد
هل يا ترى قد تعلق في العنود فعلاً ؟ !

بعد عدة دقائق نهرت نفسها في داخلها عن هذه الأفكار الغريبة التي تغوص فيها
فمن المستحيل من نظرة خاطفة أن يتعلق طارق بها
يبدو أنها ووالدتها قد غاصوا وغرقوا في افكارهم الخاطئة ..

: دحين هاذي العنود كم لكي تدرسيها ؟
سؤاله بنبرته الهادئة خلّف انفعال في داخلها حاولت أن تخفيه ، ولكن كيف ؟

لقد نطق اسمها بكل اعتيادية وكأنه معتاد على مناداتها طوال حياته ..
قالت له بحذر : هذا الترم بس ، ليش تسأل ؟

: عادي اسأل بس ، تقدري تسميه فضول

: آها ، طيب عادي اسألك سؤال ، ليش مهتم فيها ومن أمس تسأل عنها ، فيه في راسك شي ؟

اجل ، لقد رمت بهذ السؤال مجازفة
ولكنها بإمكانها أن تطلق عليه رمية من غير رامي
لم يدر بخلدها أبداً أن يقول لها بكل وضوح : ممكن يكون في راسي شي ، ليش لأ !

التفتت عليه بكامل جسدها رغم جلوسها في السيارة
وهي تقول بانفعال ظهر في صوتها : طارق مو من جدك ! !

نظر إليها وهو يقول بجدية : ليش مو من جدي ، شايفه على البنت شي مو كويس ؟ !

أطلقت تنهيدة بصوت عالي وقالت وهي تعتدل في جلوسها : مو كذا ، بس امي بتعارض أكييد هذه الفكرة
: ما أعتقد لها الحق تعترض على اختياري شريكة حياتي

اتسعت عيناها وهي تنظر له غير مصدقة ما يقول : إيييش ، شريكة حياتي ؟ !
طارق ، مو كأنو بدري على هذا الكلام لسى مالك فترة طويلة وانت تشتغل مع بابا
غير كذا البنت شفتها مرة وحده وما جلست معاها ، كيف فكرت إنها ممكن تكون شريكة حياتك
ترى هاذي حياة كاملة مو كم شهر وبعدين تنصدم منها

نظر لها بتعجب من سيل كلماتها : دحين أنا إيش قلت ، قلت ما يحق لأمي تعترض على اختياري !
انا اللي بتزوج وبعيش مع الإنسانة اللي بختارها مو هي !
هذا شيء ، الشيء الثاني إشبك دحين قلبتي على البنت ما تشوفيها مناسبة من أي ناحية ؟ !

قالت بتوضيح لمقصدها : ما قلت إنها مو مناسبة ، قلت إنك ما تعرف البنت ، بس شفتها
ما أنكر إنها خارقة الجمال ، لكن الجمال مو كل شي ، أنا حتى ما أعرفها كويس
كل اللي بيننا كلام عن التاريخ وما قد اتكلمنا في تفاصيل حياتنا سواءً أنا أو هي
غير كذا يا حبيبي لسى إنتا كمان لازم تثبّت نفسك في المؤسسة مع بابا ويصير يعتمد عليك
بعدين تفكر في الزواج والشغلات هاذي

حسناً هو لم يفكر في أمر الزواج مطلقاً ، ولكن عند طرحه لم يكن بالفكرة الخاطئة ..
بل بدت له فكرة رائعة أن يتزوج من تلك الجميلة ..

قال بهدوء وهو غير مقتنع بكلامها : الحمدالله من وقت ما اشتغلت مع ابويا وأنا مثبّت نفسي ما يحتاج
وأكمل بمرارة : ولّا يعني لأن فارس طق الثلاثين وما اتزوج لازم اكون زيه ؟

أجابته ببرود : يا قلبي محّد قال لك خليك زي اخوك ولا شي
أنا بس اقول لك اتمهّل وفكر في الموضوع من جميع النواحي
ترى الزواج يعني إنك تشيل مسؤولية البنت والبيت وكل شي ، هل تشوف نفسك قادر عليها ؟
ولا تنتظر كم سنة إلين ما تستقر في شغلك أكثر ؟ بس هذا هو المقصد

قال لها وهو ينوي أن ينهي النقاش في هذا الموضوع : للمعلومية بس
ابويا لمن اتزوج أمك كان أصغر مني ، ايش الفرق يعني بيني وبينه ؟ !






**






دخلت إلى المنزل ومزاجها متعكّر بعض الشيء بسبب مناقشتها قبل قليل مع طارق

لكنها ابتسمت بسعادة وهي ترى والدها يقف في منتصف الصالة قريباً من الدرج
أسرعت في مشيها وهي تناديه بفرح

أبتسم والدها لها وهو يتلقاها ويحتضنها بحنو : هلا بعين أبوها ، كيفك حبيبتي
: الحمدالله ، بس مره وحشتني ، مو كان المفروض اليوم الفجر تكون موجود في البيت

: انشغلت تكّه وأهو رجعت بسرعة ، ما قدرت أبعد عن السلام

ابتسمت بزهو لمقصد أباها
فهو أحياناً يسميها السلام نسبة إلى تسمية الخليفة المنصور مدينة بغداد بدار السلام

ثم أصبح بعد ذلك يقول لها أنه كلما يراها يشعر بالسلام والطمأنينة حتى أصبح ارتباطها بهذا الشعور ارتباطا وثيقاً

احتضنت ذراع والداها وهي تمشي به متوجهة نحو مكان جلوسهم المعتاد وهي تقول
: حبيبي واللهِ حتى انا ، كيف الرياض حكّيني ، من الصور اللي أشوفها والفيديوهات صرت متحمسة أروح لها قريب ..




نهاية الفصل الثالث ..
قراءة مُمتعة ..






.

.


دانتِلا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-23, 01:29 PM   #6

دانتِلا

? العضوٌ??? » 504444
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » دانتِلا is on a distinguished road
افتراضي

.





[ الفصل الرابع ]

تغيّر لون الأوراق وتساقطها من الشجَر ..
يشبه تغيّر أفكاره التي سكنت عقله لفترة طويلة من الزمن ..

كان ينظر إلى الأوراق الملونة على الأرض مكان جلوسه في المنتزه القريب من شقته
والذي أعتاد على ممارسة رياضة المشي فيه ..

رفع رأسه ينظر إلى الطفلة الصغيرة ذات المعطف الوردي الناعم تمشي بجوار والدتها ..
وتقفز بسعادة وحيوية بين الفينة والأخرى ..

قدّر أن الفتاة في عمر الخامسة ، أما والدتها الشابة فلا تزيد عن الثلاثين ..

تنهّد وهو ينظر إليهم ، وإحساس جارف بتأنيب الضمير يغزوه كما هو معتاد في الأيام الماضية

يشعر أنه يقف حجرة عاثرة في مستقبل الفتاة التي على حد علمه قد قاربت من عمر والدة هذه الطفلة
ولكنها لم تتزوج بعد ، بسبب والدته وتفكيرها الغريب

أعتدل في جلوسه وهو يتذكر حديث والدته التي قالته في تلك المكالمة المشؤومة
: " البنت ربيتها واهتميت فيها من كل قلبي ، أكثر منكم كلكم ، ودحين بعدما كِبرت وتعبت
تجي أي وحدة كذا وتقطف ثمرة جهدي ، مستحيل ، إما إنك إنتا تتزوج البنت ، أو خليها عندي أحسن "

رباه هل يوجد ظلم أكثر من هذا ؟ !

تريد أن تحرم الفتاة من أمرٍ مغروس في فطرتها ! إذا هو لم يوافق
والمشكلة أن صاحبة الشأن لا تعلم ..
بل هي متعلقة تماماً بوالدته وتنظر لها بجلاء واحترام كبيرين ربما أكثر من جلاء الشعوب لملوكهم

حسناً لقد كانت المكالمة التي جرت بعد عدّة دقائق دليل على صحة ما يقول
فبعد السلام والسؤال عن الأحوال في مكالمته مع اخته نور الشقية
سألها عن والدته لتجيبه تلك : تحت في الصالة

: وإنتِ ليش مو جالسة معاها يا بطلة ؟

: ترى كملت قبل شهر 15 سنة ، يعني بلييز بطلة ، وشاطرة ، والكلمات هاذي بطلوها
غير كذا ما يحتاج أجلس معاها ، دام معاها بغداد نور عينها ما راح تسأل عن أحد

قال لها مازحاً : أشم ريحة غيرة طفولية في كلامك ، مو دحين قلتي إنك خلاص كبرتي

ردت عليه متأففة : مو غيرة ، بس مرره ماما تبغانا كلنا نكون نسخة عن بغداد وهذا طبعاً من سابع المستحيلات
لازم يكون لكل شخص هويته المستقلة ، بس ماما ما تفهم هذا الكلام

قال لها بتأنيب : نــور !

: اسفة بس هذا الواقع ، الحمدالله إنو بغداد تحبني وتدلعني ولا كنت كرهتها

نظر إلى هاتفه بتعجب قبل أن يعيده على أذنه ، يريد أن يتأكد أن من يتكلم معها هي اخته نور ، الطفلة الصغيرة
هل الأطفال يكبرون بسرعة فائقة في هذا الزمن ام ماذا ؟ !

لا يستطيع التصديق أنه يتكلم مع فتاة لم تتجاوز السادسة عشر حتى بهذا الكلام !
يبدو أنه سيفاجئ كثيراً بزيارته هذه المرة لهم ..

أفاق من أفكاره على صوتها وهيّ تسأله بنبرة مهتمة : بسألك فارس سؤال ، بس لا تقول لماما
كتم ضحكة كادت أن تخرج من طريقة كلامها وقال لها : اسألي يا قلبي

: صحيح إنو دحين بغداد تعتبر عانس ؟ !
أمس صحباتي لمن عرفوا إنو بغداد عمرها 29 ولسى ما تزوجت قالو إنها عانس ، من جد هذا الكلام ؟ !

لقد كانت كمن يعصر الليمون على جرح نازف ..
هل كان من المفترض أن تسأله هو نفسه هذا السؤال ، ما فائدة وجود طارق وصقر إلى جانبها ؟

قال لها بجفاء : صحباتك هذولا جايين من العصر الحجري ، مافي أصلاً كلمة عانس دحين
: يعني هي دحين تعتبر عانس ولا لا

كاد أن يصرخ بها قائلاً وبماذا يهمك الأمر ، لكنه كبح رغبته بأن قال لها ببرود : لأ
: طيب كويس ريحتني

خرجت زفرة حارة رغماً عنه ، لقد تكرر اسم بغداد في هذه المكالمة كثيراً بصورة أرهقته
ولم يحب أن يستمر هذا الأمر ، ودّعها سريعاً رغم ترجّيها له أن تتكلم معه أكثر

نظر إلى شاشة هاتفه وهو يفكر ماذا ستقول أكثر مما قالت يا ترى ؟

نظر إلى شمس الغروب وهو غارق في التفكير ..

إذا كانت والدته قد أصدرت حكماً ظالماً بعدم زواج هذه الفتاة إلّا منه ، فهل سيشاركها هو هذا الظلم ؟ !
وإذا كان سيوافق على زواجه منها ، ألن يظلم نفسه حينها

أغمض عينيه بإرهاق وهو يفكر أنه بمجرّد زواجه منها سيُعيد التاريخ نفسه ..

قام من مقعده وهو يجر خطواته جراً إلى شقته ، رأسه المتخم بالأفكار المتناحرة قد أرهقه فعلياً
فور دخوله إلى شقته ورؤيته لعالمه الصغير الذي يحبه ويجلب السكون له تنهّد بأسى

هل سيترك كل هذا من أجل الأميرة الصغيرة ، دُمية والدته التي كبُرت عليها ؟ !







في وقتٍ ما بعد منتصف الليل ، استيقظ من نومه فجأة واخذ ينظر إلى الظلام الدامس أمامه ..

بعد عشر دقائق قام من فراشه مُتجه إلى دورة المياه ..

توضئ ، وأسبغ الوضوء ، ثم خرج إلى مُصلّاه ، وكبّر

رفع يديه بعد السلام وهو يدعو بملء قلبه : اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك،
وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب
اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من هذه الفتاة خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي
ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري
فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به

لا يعلم لمَ قام من نومه ، ولمَ صلى صلاة الاستخارة ..
ولكن كل ما يعلمه أنه لا يُريد أن يُشارك والدته في هذا الظلم الجائِر ..






**




لقد أصبح النوم يجافيه بعد رؤيته لتلك الجنية ، لا يكاد يغمض عينيه حتى تأتي صورتها أمامه ..
وفي نهاية الأمر أصبح يتلصص كاللصوص ليلمح طيفها بين الجموع !

لقد أتمّ اليوم اسبوعاً كاملاً وهو ينتظر عند بوابة الجامعة ، علّه ينعم برؤيتها

بدّل سيارته بسيارة السائق الاحتياطية لكيلا يعلم أحد بأمره حتى اخته ..
كان يبتسم في داخله عندما يراها تمشي إلى سيارة السائق المعتادة دون أن تعلم أو تستشعر وجوده

ولكن ، مع ذلك الانتظار والترقب لم يستطع أن يراها مطلقاً ..

حسناً لقد نفذ صبره ، سوف يفعل ما كان يخشى فعله منذ البداية ..



عند حلول المساء انتظر حتى نزلت اخته إلى الطابق السفلي
ودخل إلى غرفتها وهو مطمئن أنها لن تفاجئه بعودتها سريعاً
يعلم أن هذه الساعة عادة ما تشرب القهوة برفقة والدتهم ..

بهدوء أخذ هاتفها المُهمل دائِماً من قِبلَها
وفتح رمز القفل الذي استطاع التقاطه سابقاً والذي لم يكن سوى تاريخ ميلادها ..

بحث بين جهات الاتصال عن اسم بعينه ووجده سريعاً ..

خرج من الغرفة بعدها و من ثم المنزل وهاهو الآن يجلس في سيارته و بين يديه رقم هاتفها ..
وماذا بعد ؟
هل سوف ينفلت من مبادئه بهذه السرعة ؟

بعد ساعة أو أكثر من التردد ..

نظر إلى هاتفه وهو يضغط على أيقونة الإرسال وعيناه تحمل من التصميم الشيء الكثير ..
وعقله لا يفكر إلّا بأمر واحد ، أليست كل الأمور مباحة في الحرب وَ الحب !




**





مستلقية على سريرها بكسل بعدما انتهت من استحمامها الدافئ قبل نصف ساعه
تقلّب في هاتفها بملل ، لا تعلم لماذا، ولكن لا شيء يعجبها اليوم ، تشعر أنها فاقدة أمراً ما

والمصيبة إنها في أعمق أعماق نفسها تعلم ما هو ، ولكنها لن تتحدث به ابداً
فلا فائدة من التحدث فيما مضى أو حتى التفكير فيه ..

تأففت بصوت عالي وهي تستلقي على جانبها الأيمن وتغلق هاتفها
فلا شي قد شدها لمتابعته في مواقع التواصل الاجتماعي

عقدت حاجبيها عندما سمعت طرق باب غرفتها

تعلم من الطارق، ولكنها متعجبة أنها لم تسأم بعد من طرق باب غرفتها كل يوم
تعدلت جالسة وهي تأذن لها بالدخول

: العنود تعالي اتعشّي معانا ، طلبنا من البيك
: لا شكراً ، شبعانة

: يلااا ، شوي بس ، لا تفوّتيه
: لا ، جد شبعانة

تنهدت وهي تراها تغلق الباب خلفها، ولكن بعد ما دخلت رائحة الطعام إليها
عضت على شفاتها وأغمضت عيناها بقوة
و كأنها بهذه الطريقة سوف تمنع سيل ذكرياتها المرتبطة بهذه الرائحة من الانهمار

رنين رسالة واردة أخرجها من هذه الحالة
فتحت هاتفها بسرعة وهي تريد أن تنشغل بأي طريقة

ولكن ، ما جاء في تلك الرسالة قد شغلها بعد ذلك لأيامٍ طويلة ..






**





: متأكد من هذا الكلام
: مو هذا اللي تبغيني أقوله لكِ قريب الشهرين أهو سمعتيه بأذنك

: يا حبيبي واللهِ ما بتلاقي زيها لو لفيت الدنيا كلها
: ما يحتاج ألفّ الدنيا ، مو الكاملة موجودة عندي

لم تفتها نبرة الاستهزاء في صوته ، ولكن لا يهم
لا تصدق أن دعواها التي تدعوها لسنين طويلة قد أُجيبت

قالت له مستفسرة : يعني راح ترجع لآخر مرة إن شاء الله ، ما في سفر بعد كذا
: اسألي البنت أول شيء ، وإذا سمعت موافقتها ذيك الساعة وتأكدت ، راح أنهي أموري هنا

قالت بثقة راسخة : راح توافق إن شاء الله ، بنتي وما راح تطلع عن شوري
: وأبوها برضو ما راح يطلع عن شورك ؟ !


آه لقد نقر هذه المرة بدناءة خفية ، لكنها لم تظهر تأثرها بكلماته وهي تقول بذات النبرة الهادئة
: إن شاء الله ما راح يصير إلّا كل خير ، إنت خلّص أمورك وتعال بس



نظر إلى هاتفه وهو يشعر أن رياح عاتية سوف تقلّب أمور حياته في الأيام القادمة ..
بعد تفكير مطوّل في هذا الأمر ، قرر أن يوافق على ما تريده والدته
رغم عدم إيمانه التام بنجاح هذه الزيجة !

لكنه فكّر أنه حتى إذا لم تنجح وانتهى الأمر بالطلاق
بإمكان الفتاة أن تتحرر من سجن امه ، والأمر كذلك بالنسبة له

ولن يكون أمر عودته إلى الوطن بالفكرة السيئة تماماً
فهو أمر سيحصل في نهاية المطاف وإن كان سيحصل بصورة مستعجلة عما كان يتوقع ..

عليه الآن أن ينتهي من جميع أموره هنا ، سيأخذ الأمر فترة من الزمن، ولكن لا بأس

سيقضي هذا الوقت بالتفكير في حياته المستقبلية
والنقاط التي ستوضع بصورة إلزامية مباشرة على الحروف !





**





بَعد عِدة أيـام .*


ما هذه الخفّة في روحه التي يشعر بها منذ أيام ؟

ما يستغرب له فعلاً ، هو كيف كان يعيش طيلة حياته وهو لم يجرب هذه المشاعر ..
والأحاسيس الرقيقة بالغة العذوبة ..

مغرمٌ هو بأشعار الغزل ، لكنه لم يكن سوى متذوقٌ لها
ولكن بعد رسالته الأولى لتلك الفاتنة فوجئ بجانب آخر من شخصيته قد ظهر فجأة

ولم يكن يعلم أن جانبه هذا كان ينتظر بفارغ الصبر لحظة خروجه
فما إن يضع يده على لوحة المفاتيح في هاتفه
حتى تخرج منها أبيات شعريه رقيقه تناسب من تُكتب لأجلها

ضغط زر الإرسال بعدما أفرغ مشاعره على هيئة ابيات شعريه كعادته اليومية
وهو يتمنى من كل قلبه أن يرى وجهها عندما تقرأ رسائله

يا ترى هل تشعر بهذه الشعور مثله ؟






**




رأيتُ بحلمي أنّا التقينا
‏ مُصادفةً حلوةً في الزّحام
‏حديثٌ قصيرٌ جرى بيننا
‏سؤالٌ عن الحالِ ثمّ سلام
‏وأمّا العيونُ فقالت كثيرًا
‏وأزهر قلبي لوقعِ الكلام
‏فليت اللقاء يكونُ يقينًا
‏وليت الفراق حديثُ المنام


كانت رسالة كغيرها من الرسائل التي تنتظرها بلهفة لا تعترف لنفسها بها حتى ..
وبدون أن ترد عليه بالطبع ..




عندما رأت اخته في الجامعة لفتتها العلامات الراقية التي تتسربل بها من رأسها حتى أخمص قدميها ..
أما عندما رأته هو صدفة خارج أسوار الجامعة علمت أنها قد وجدت غايتها ..

وهل هناك أفضل من زوج محتمل صغير السن لا يحمل الكثير من خبرات الحياة
ولكن جيبه يحمل الكثير والكثير ؟ !

اطمأنت إلى أن اخته الوديعة لن تشكّل عقبة في طريقها
ولكن والدته كانت كَ النسر الذي يراقب ما يجري من حوله ..

لا يهم ، إذا ما تأكدت من عمق محبته لها ، فلن تشكّل تلك النسر العقبة الكبيرة
ولا بأس إذا ما طمأنت أن الآمور صارت إلى ما تصبو إليه أن تنشئ بينها وبين والدته حرب داحس والغبراء

وهل هناك ما هو أجمل من الحروب بين النساء والتي تُذهب ملل الحياة ؟ !

عندما أرسل رسالته الأولى أثار الأمر اهتمامها وكل تفكيرها كان هل الرسالة منه هو بالذات ؟
مع تكرار الأمرة مره وثانية وثالثة ، أرسلت علامة استفهام وحيدة ، ليرسل لها بعد ذلك
رسالة شعرية كعادته، ولكنّه ذيّلها باسمه ..

في الأيام التي تلت ذلك الأمر لم يتقدم بخطوة أخرى غير الرسائل وهي ليست مستعجلة في خطواتها ..

أليست ألذ الثمار من تنضج على مهل ..





**





في وقتٍ متأخر من الليل ..
دخلت إلى غرفة ابنتها بهدوء وهي تلف رباط روبها الفستقي بإحكام

لم تستطع منع نفسها عن الابتسام عندما رأتها جالسة على كرسيها الهزاز
وهي تحمل رواية في يدها تقراءها بـ اهتمام كبير ، إذ أنها لم تنتبه إلى دخولها للغرفة

أقتربت منها وهي تنادي عليها ، سرعان ما ارتسمت ابتسامة واسعة مُرحّبة عند رؤيتها موجودة في غرفتها
: ماما بجلالة قدرها جايه غرفتي ، يا هلا و يا مرحبا

: لا يكون قطعت عليكي اندماجك في الرواية
: إذا وجد الماء بطل التيمم يا قلبي



ابتسمت من ردّها اللبق دوماً ، المؤدب دوماً ، المرح دوماً
هل يلومونها في محبتها لها وإعتزازها بها ؟

فعلى الرغم من إنجابها أربعة من الأبناء ، لم تشعر بتقدير ومحبة من أحد منهم مثلما تُشعرها هي
حتى أصبحت تقول لها أنها أنجبتها من قلبها بينما اولئك أنجبتهم من رحمها وشتان ما بينهما

ربما كانت في البداية محبتها ناتجة عن شفقة بتلك الطفلة الصغيرة التي رأتها للمرة الأولى وهي بعمر الثالثة
كانت محط شفقة جميع من يُحيط بها ذلك الوقت بسبب فقدانها أمها فور ولادتها
وكان لقب " مسكينة " مُلحق دائماً باسمها

عندما رأتها في تلك المرة ، دخلت إلى قلبها بدون أي جهد ، وكأنها كانت تنتظر قدومها من قبل
محبة الفتاة لها وأدبها الجمّ قد زاد من محبتها هي لها
كانت ذات أخلاق رفيعة منذ طفولتها ،لا تذكر أنها اتعبتها في تربيتها أو توجيهها

حسناً ، ربما هذه الصفات التي تتمتع الفتاة بها ، قد جعل جزء صغير منها
يطمع في أن يرى الاهتمام الكامل في شخص ما ، والطاعة العمياء للطرف المقابل ، ماذا قد ينتج عنه

كانت هنالك نية خفية أخرى ، لكنها كانت تجد لها مبرر دائماً

عندما شبّت الفتاة وهي ملتزمة بجميع تعليماتها لها ، ومُطيعة لأغلب كلامها
بدأت نيتها الخفية في الظهور ..

هل من الغريب أنه عند رؤيتها لفتاة هادئة مُطيعة تتمتع بجميع الأخلاق الحسنة
أن تفكر فيها زوجة لابنها ؟ !

ابنها من زواجها الأول ، والذي لم يعدّ نفسه من أهل هذا المنزل ابداً
رغم أن غالبية من يسكنون فيه يشاركونه نفس الدم !

لكن تفكيره المتزمّت منذ الصغر لم يجعله يقتنع بأي كلام في هذا الموضوع

قرار الابتعاد الصارم عنهم وهو في الثامنة عشر من عمره كان بسبب شعوره بالغربة في منزله !
حاولت بجميع الوسائل أن تثنيه في ذلك الوقت عن قراره ، ولكن رأسه العنيد كالصخر لم يتزحزح ابداً

وبعد بضع سنين عندما أنهى مرحلة البكالوريوس ، فاجأها بأنه يريد أن يتمّ الماجستير
عندها علمت أن أمر رجوعه النهائي لن يتم إلّا بزواجه من بغداد ، لتكون هي الوطن


تركته على هواه ، ولم يخيب تفكيرها عندما أخبرها بعد مرحلة الماجستير أنه يحضّر لمرحلة الدكتوراه
وماذا بعد ذلك ، جاء بالعديد من الحجج أنه يريد أن يدرّس قليلاً هناك
و يكتسب خبرة من تلك الجامعة العريقة التي درس بها
خلال سنوات غربته لدراسة التاريخ عن أُناس ميّتين لا فائدة من معرفة أمرهم هذا على حدّ قولها

كانت قد زرعت في بغداد حبّ هذا العلم
فـ ابنها صعب الطباع لابد أن يجد فيها ما يحب ، ولكي يكون هنالك همزة وصل بينهما
تفكيرها لم يكن أنانيّ صرف لابنها فقط !

فهي قد فكرت أنها لن تجد زوج لبغداد أفضل من ابنها ، وإن كان يعني هذا الأمر أن تنتظره لسنوات طويلة !

ولن يكون الأمر إلّا في مصلحة بغداد أيضاً في النهاية ، فهي قد أحبّت هذا العلم وتريد التعمّق فيه قليلاً
ولم تكن تفكر في أمر الزواج طيلة السنوات الماضية لعدم تفرّغها ، أما الآن

نظرت إليها وهي تجلس بأناقة منتظرة ما تريد قوله لها
مدت يدها تدعوها لأن تجلس بجانبها على السرير

جلست بغداد بجوارها ، وهي متوجّسة بداخلها عن سبب دخول والدتها إلى غرفتها في هذا الوقت المتأخر
قالت لها بحنان وهي تمسك كفّيها : تعرفي إنو محّد في البيت يجي بغلاتك عندي ، صح ؟

شدّت على كفيها وهي تبتسم دون أن تقول شيئاً
: عارفة إنك اتأثرتي فترة بسبب خطوبة أخو زميلتك لكِ ، بس دايماً انا وابوكِ نظرتنا أوسع من نظرتك
ونفكّر في اشياء ممكن إنتي لسى في هذا السن ما تفكري فيها

سكتت قليلاً ، ومن ثم أكملت : ومن كم يوم جا خطيب ثاني لكِ
أنا موافقة ، وما أعتقد إنك راح تلاقي شخص مناسب لكِ أكثر منه
عارفة إنه متخصص في التاريخ زيك

رفعت رأسها تنظر لها بدهشة ممزوجة بخجل بدأ يزحف لها ..
قالت لها بهدوء : أكيد جاكِ فضول تعرفي من هو .. وأكملت ببطء : فارس ، ولدي

قالت بصدمة : فــــــــــارس ! !




نهاية الفصل الرابع ..
قراءة مُمتعة ..





.

.


دانتِلا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-23, 01:35 PM   #7

دانتِلا

? العضوٌ??? » 504444
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » دانتِلا is on a distinguished road
افتراضي

.







[ الـفـصــل الـخــامـــس ]



بمكان غير بعيد عن مدينة جدة ..
كانت تنظر إلى الجدار الخالي وهي تتذكّر كلماتها

: " بذمتك قد شفتي جمال زي هذا الجمال اللي قدامك ؟

الجمال هذا حرام يروح في الفقر

أنا لو أموت عانس ولا أتزوج واحد فقير منتف

امي ليش ما تبيع الذهب وتعمل مشروع صغير على قدها ، يمكن حياتنا تتحول للأحسن ؟ "

لقد كان هذا كلامها المعتاد ، الذي تردده بشكل شبه يومي
كانت هي من عاشت في الرفاهية أكثر منها لم تفكر بتفكيرها هذا

كانت هي مؤمنة أن الدنيا تدور ، يوم لك ويوم عليك
غير أن هذا من باب الابتلاء للعبد ، ليراه الله صابراً أم لا
لكنّ اختها كانت تغلق أذنيها عن مثل هذا الكلام

خرجت تنهيدة حـارقة من صدرها وهي تقول بصوت مسموع : الله يرحمك يا ابويه
كانت تتمنى لو أن اباها الذي تزوج امها وهو موظف بسيط ، بقي موظف بسيط لا يملك إلّا قوت يومه

ولم تتفتح له الدنيا ، فبعد ثلاثة سنوات من زواجهم كان قد بدأ بمشروع بسيط استطاع أن يدرّ عليه دخل لا بأس به
وخلاص بضعة سنوات كان المشروع قد ازدهر ، ومن خلاله استطاع والدها أن يشتري منزل جديد

ومن ثم بدأ بشراء بعض الأصول الثابتة ، اراضي هنا وهناك ، وأطقم ذهب ثقيلة تكون خزنة وخزينة كما يقال
كان يريد أن يأمّن لهم مستقبلهم وكأنه يعلم أنه سيفارقهم سريعاً ..

حصلت بعد ذلك عدة مشاكل في مشروع والدها ، وكما يحدث في كل زمان ومكان
سرق أحدهم نقود والدها السائلة على دفعات لكيلا يشعر بها

وبالطبع بدأت الخسارة تدبّ في المشروع والديون تأتي من كل صوب
ولكن خسارتهم الأكبر كانت بفقدانهم والدهم في حادث سيارة متهورة

والدتها التي تزوجت في سنٍ صغير جداً ولا تحمل خبرة في الحياة وليست بتعليم جيد
كانت امرأة قوية ، صبورة ، استطاعت أن تكون خير عونٍ لزوجها في جميع أمور حياته

وعندما فقدت زوجها ، وبدأ الديّانة يطرقون عليهم الباب بعد ذلك
قررت بحزم أن تبيع كل ما يملكون من أصول وبالطبع المنزل الذي لا يتناسب مع الحالة المادية التي هم فيها حالياً

تم تسديد جميع ديونهم ومن ثم ابتاعت بيت شعبي في حي فقير بما بقي من المال
وبقرار لا رجعة فيه اخذت جميع ما تملكه من الذهب ووضعته في خزانه ليكون ذا نفع في أحد الأيام

لم تكن حتى تلبسه ، المشكلة العويصة كانت أنه لا يوجد مصدر دخل ب استثناء الضمان
قررت أن تعمل في أحد المدارس الحكومية لتكون مُستخدمة في غرف المعلمات

عمل مُريح قريب من المنزل ، والأهم أن تضمن لأطفالها الصغار الذي لم يتجاوز عمر أكبرهم الرابعة عشر حياة مُريحة قليلاً
ليست بالضرورة أن تتوفّر فيها الحياة المرفهة ، الأهم أن يجدوا ما يحتاجونه فعلاً ..

ولكن امها الطيبة لم تكن تتوقع أن تتغير أحوال الزمن بعد ذلك
فبعد دخول مواقع التواصل الاجتماعي إلى البيوت

أصبحت اختها التي تصغرها بسنتين والتي كانت مبهورة بما تشاهده في هاتفها من الترف الذي يعيشه غيرها
ترى أن جمالها الباهر لا نفع منه وهو مختبئ خلف الفقر الذي يعيشون فيه

وتتحسّر على حياتهم السابقة طيلة الوقت ..

تنهدت مرة ثانية وهي تتصل على رقمها، ولكن كالمعتاد كان مغلق لأكثر من سنة
نظرت إلى اسمها الظاهر في جهات الاتصال وهي تتساءل كيف هان عليها أن تقطعهم كل هذه المدة

تأتيها الوساوس أحياناً أنها قد ماتت ولذلك لم تعد لتتواصل معهم
ولكنها تتعوذ من الشيطان وهي تطمأن نفسها أنها إذا كانت قد ماتت فلابد أن يتواصل الشرطة معهم

ولكن اختفاءها من دون صوت يعني أنها تمضي قدماً في مشروعها الذي تُديره بذهب والدتها التي سرقته

سرقة الذهب ، يالها من فكرة مجنونة لن يجرؤ أحد على تنفيذها سوى شخص مجنون كالعنود ..

ولكن إذا كانت العنود قد نجحت في مشروعها كما تريد وتتمنى ..

هل تظن أنها ستعود إلى أسرتها بعد ذلك وهم مشرّعين لها أبواب منزلهم ، مُرحّبين بوجودها ؟ !

إذا كانت هي تريد أن تطمئن عليها على الأقل لتريح قلبها
فوالدتها أصبحت مُحرمة عليهم ذكر اسم الشيطانة كما أصبح هذا اسمها الرسمي في بيتهم ..







**







يوم الجمعة من الأيام المُحببة لها ، وكأنه يوم العيد برائحة العود التي تزخر في المنزل
إضافة إلى رائحة القهوة العربية العابقة برائحة الهيل الطازج والزعفران

كانوا قد أنهوا طقوس يوم الجمعة ، وها هم يرتشفون الشاي بعد العصر كالعادة

ولكن هي لم تكن كعادتها كل جمعة ..

إذ انها تكون دائماً في أوج نشاطها وحيويتها بعد استلقائها في فراشها إلى قرابة الظهيرة وهي تمحو بذلك تعب اسبوعٍ طويل
كانت ساهمةً تفكر في الموضوع الذي قلب كيانها رأساً على عقب

منذ حديثها مع والدتها قبل عدة أيام وهي لا تنفك عن التفكير في هذا الأمر الغريب ، الصادم لها بحق

فمن ينظر إلى تجاهل فارس التام لها منذ طفولتها سيعرف أن ذلك الشخص لا يكنّ أي مشاعر لها ابداً

تتذكر بشيء ضبابي فرحتها عند زواج والدها ، وجلبه لأمٍ لها
ولكن كان هنالك هدية مجانية مع هذه الأم ، كما كان يُطلق على نفسه هذا اللقب فيما بعد

هي لم تنظر للأمر إلّا أنه قد أصبح لديها أخ مثل بنات عمها ، ولم تعد وحيدة
ولكن مع كل محاولاتها لجذب أخيها لها إلّا أنها فشلت

لا تتذكر حتى أنه قد أنعم عليها ب ابتسامة أو كلمة جميلة تُشعرها أنه يمتلك ولو بعض الود أو الأخوة الصادقة تجاهها

وعندما كبرت قليلاً استطاعت أن تفهم مشاعر الصدّ الذي يشحذها بهمّة تجاهها
لم تعد تتكلم معه ولا تحتك معه بأي شكل من الأشكال ، وعندما سافر أنقطع التواصل بينهم تماماً

وحتى عند عودته إلى المنزل لزيارتهم
كانت هي تستغل مجيئه بذهابها إلى جدتها الغالية وقضائها معظم الوقت عندها

الطريف في الأمر أن جدتها قد أصبحت مؤقتةً مجيئها الطويل عندها بمجيء فارس إلى المنزل
غير ذلك الوقت لم تكن تفرّط والدتها بها ابداً ..

حسناً ، الآن وهي تفكر في الأمر وتتعمّق فيه ، تجد أنه من الغريب خطبة فارس لها
وكما تقول والدتها ، لقد ألحّ عليها أن تتوسّط له عندها وتقنعها فيه ، بل وقد توسّل أن توافق عليه
هل الأمر حقيقي ، تكاد لا تُصدق ؟!

ولكن ، غرور الأنثى لديها قد اهتزّ لدى علمها أن هنالك من ابناء ادم قد توسّل ليخطب ودّها
هي لا تنكر هذا الأمر ابداً ..

أفاقت من شرودها عندما شعرت أن هنالك أمر غريب حولها
نعم ، لماذا يبدو على أخيها طارق هذا السرور ، بعد شروده الدائم ذاك
إن عيناه تفيض بسعادة غريبة وحيوية غير معتادة منه

نظرت إلى والدتها التي كانت تتحدث إلى والدها بشكل عادي جداً
لم تلاحظ تغيّر طارق مثلها ، إن هذا لشيء غريب من والدتها المعروفة بحاستها السادسة القوية جداً

ولم تكن تعلم أن والدتها كانت جالسة معهم، ولكن عقلها كان يسبح في التفكير بموضوعها هي وفارس
لقد كان الأمر محتل عقلها بالكامل ، ولم تنتبه إلى الماء التي تجري من تحتها ، كما يُقال ..






**







في أحد الأيام ، وأثناء لقائتهم التي أخذت تقل شيئاً فشيئاً ..

فبغداد أصبحت مشغولة الذهن قليلاً بأمر خطبتها
إضافة إلى انشغالها باقتراب الامتحانات النهائية لطالباتها

أما العنود فقد أصبحت هادئة من جهتها وحذرة
بسبب الرسائل التي يمطرها بها اخاها يوماً بعد يوم

قالت لها بفضول وهي تجلس في مكانها المُعتاد في الكرسي الذي امام مكتبها
: استاذة ايش تفضّلي أكثر الشعر بالفصحى ولّا الشعر بالعامية ؟

قالت لها بتفكير وهي تعدل خصلات شعرها : امممممم ما اهتم بالشعر كثير ..
بس أحس الشعر بالفصحى أقرب للقلب ..

وابتسمت : وبصراحة أهتم كثير بالقصص اللي خلف القصائد وقصص الشعراء أكثر من القصيدة الشعرية نفسها
يعني زي المتنبي ، عن نفسي شدّتني قصته كثير
تخيلي إنه كان من أعظم الشعراء ، وبعض المؤرخين يشوفوا إن ما في شاعر جا بعده إلى الآن أفضل منه
لكنه مات وعمره خمسين سنه ، وبسبب أحد أشعاره

يعني زي هذه القصص تثير اهتمامي أكثر صراحة ، اجلس أفكر وأبحث في الموضوع وأنقّب عنه إلين ما أرتاح

عندما توقفت ، استوعبت امراً ، غطّت فمها بيدها قائلة بخجل : أووبس معليش ، استرسلت في الموضوع

ابتسمت العنود وهي تنظر إليها قائلة بأدب : لا عادي ، بالعكس مستمتعة بكلامك

بادلتها بغداد الابتسام وهي تسألها بدورها : طيب إنتي إيش تفضلي ، الشعر الفصحى ولا العامي ؟
قالت لها بمُحايدة : كذا وكذا ، على حسب القصيدة نفسها

قالت لها مازحة : كنت متوقعة ردك كذا حيكون
: ليش يعني ؟
رفعت بغداد أكتافها بمعنى لا أدري

وما كانت تجهله بغداد ، أن العنود عادةً لا تعطيها عادة إجابة قطعية في أي سؤال
هذا ما جعل عقلها الباطن يتكهّن بما ستقوله قبل لحظات ..








**







بعد مرور شهر قررت أنه حان الوقت ..
لأن تقفز قفزة بسيطة لتتعدى هذه المرحلة التي هم فيها ..

نظرت إلى هاتفها والتي تظهر من خلاله الأبيات الشعرية الرقيقة التي أرسلها اليوم

ُمن أيِّ نافذةٍ دخلتِ عواطفي
‏ونشرتِ هذا الطُهرَ في بُستاني
‏قد كنتُ أكفرُ بالهوى وبأهلهِ
‏أنتِ التي أرجعتِ لي إيماني

من البداية كانت قد أدخلت في محرك البحث أبياته الشعرية الأولى ، لتُفاجئ أنها ليست موجودة ابداً ..
وتلى ذلك الأمر المرات القادمة ، كانت كل يوم تدخل في محرك البحث الأبيات الشعرية ..

وكأنها في كل مرة تؤكد لنفسها أن هذه الأبيات لم تكتب لسواها ..
كانت تجهل ماهية شعورها الحقيقي تجاه هذا الأمر
ولم تتعمق كثيراً في هذا التفكير ..

كان كل ما يهمها أن الرسائل ترسل بشكل يومي ..
فهذا دليل عميق أنها لم تغب لحظة عن باله ، وهذا هو المطلوب ..

عندما قرأت الرسالة ، وقررت أن تقوم بأمرٍ ما ، شرعت في فعله فوراً
أرسلت له رسالة مُقتضبة كتبت كلماتها بكل دقة ..

كانت تنهاه فيها عن إرسال هذه الرسائل اليومية بعد الآن
وأنها قد صمتت في الأيام الماضية نظراً لمكانة استاذتها عندها
وإذا لم يكفّ عن فعله ، فلن تتوانى عن إخبارها !






لم تمر خمسة دقائق على إرسالها رسالتها حتى رنّ هاتفها برسالة واردة تحمل اسمه
ابتسمت عندما فتحتها إذ أنها كانت تتوقع محتواها
ولكن ابتسامتها توقفت قليلاً ..
عند قراءتها لهذه الأبيات الشعرية الرقيقة كالعادة والتي يصف فيها هذه المرة ما يريد ..

سارٍ هَوَاك بِمُهجتي كعروبَتي
‏تجري بِدمّي والدماءُ فِدَاكَ
‏وأكادُ مِن شَغَفِي أموتُ توجدًّا
‏فالشوقُ فِي رُوحِي يُريدُ لقاكَ

هل تقلبين بي زوجاً لكِ ؟

في الحقيقة خالف توقعاتها قليلاً بأسلوبه المُتفرّد ..
وبصراحة ، لم تعتقد أنه سيكون بهذا الرُقي والاستقامة بأن يخبرها بما يُريد دون مواربة ..

أمرٌ اخر قد حصل وبشكل غريب غير مُتوقع لم تستطع السيطرة عليه ..
هناك نبض صغير خافت ، في عميـق قلبها قد نَبض ..

لقد أُخِذت على حين غرّة !

خلال الساعة التي تلت ذلك كانت على سريرها في غرفتها وحيدة كالعادة ..
ولكن هذه المرة رافقتها رسالته التي لم تستطع الخروج منها ..

بعد مرور ساعة كاملة ، رنّ هاتفها برسالة منه فتحتها على عَجل
لتجد فيها جملة مكونة من ثلاث كلمات ( السكوت علامة الرضا )







**





لقد أُتخم بالمشاعر التي يشعر بها منذ بدأ مُراسلتها
بل على وجه الدقة منذ رؤيته لوجهها الفاتن في منزلهم

في تلك اللحظة يستطيع أن يقسم أنه لم يستطع الشعور بنفسه وهو ينظر إليها
فقد الإحساس بالزمان والمكان ، بل لم يصبح في عالمه سواها ..
ولو لم تتحرك ، قطعاً لبقي جامداً في مكانه يتأمّلها ..

منذ تلك الليلة بدأ فصل جديد في حياته ، وربما سيغيّرها تماماً ..
حسناً وماذا بعد هذه المشاعر القوية ، لا يوجد بدّ من خطبتها
فمن المؤكد أن فتاة بجمالها لن تتأخّر قبل أن يقطفها رجل غيره

وعندما نهرته بتلك الطريقة الجميلة التي زادت من تقديره لها
رأى أن الوقت قد حان فعلاً ليُفاتح أهله بالموضوع

ولا يوجد من هو أفضل من بغداد ليبدأ بالتحدث معها بغية أن تسانده عندما يخبر والدته بالأمر
توجّه إلى غرفتها بعدما هدأت الأصوات في المنزل وذهاب كل شخص إلى غرفته
تبسّم عندما طرق الباب وأذنت له بالدخول بقولها : تعالي

فتح الباب وهو يقول بلطف : ما ينفع تعال طيب ؟
جلست على السرير بعدما كانت مستلقية وهي تقول بلطف مماثل
: إلّا أكييد ، بس توقعتك نور ، ما في غيرها يدق باب غرفتي في هذا الوقت

همهم بخفه دون أن يقول شيئاً ..
وقفت بغداد وهي تشعر أنه يريد قول شيء لها
وكم أصبحت تخشى من هذه الزيارات الليلية التي ستتفاجأها حتماً

لكنها تحكمت في نفسها وهي تقول بهدوء فلابد كشخص حساس مثل طارق أن يأخذ وقته قبل أن يتكلم بما يريد
: تبغاني أعمل لك كوفي أو شاي ؟

طارق الذي كان مُحرج فعلاً في داخله أن يُفاتحها في الموضوع رفض قائلاً لها وهو يحاول تنحية إحساس الخجل الذي يعتريه
: لا تتعبي نفسك ولا شيء ، ابغى اتكلم معاكِ في كلمتين وخارج

جلست مرة أخرى على سريرها بجواره وهي تقول له باهتمام : وإيش هي الكلمتين هذه
قال بحزم يُخفي خلفه أي تردد أو خجل : أبغى اخطب العنود ، وابغاكِِ تسانديني لمن أتكلم مع امي

حسناً بصراحة لم يُفاجئها الأمر بقدر مفاجئتها من الحزم القوي الذي تبدّى في صوته ..
قالت له بجدية : يا قلبي ، أنا مو ضدّ الموضوع هذا ، يا ليت لو تتفهّم النقطة ذي
أنا بس متخوّفة من التسرّع في الموضوع ، غير إنو ما ادري أحس إن البنت لسى صغيرة ، وإنتا كمان

وسكتت لثواني قبل أن تكمل : تحس إنك تقدر إنت وهي تتحملوا حياة زوجية بمسؤولية كاملة

: ما أشوف إن السن مشكلة إذا كان الرجال يتحمّل المسؤولية ، ولّا عندك شك من ناحيتي أنا مثلاً ؟

قالت له بصدق : لا أبداً ، ما شاء الله عليك بابا دايماً يمدحك في الشغل

وسكتت قليلاً تفكر في الأمر ..
ثم قالت رغم عدم قناعتها إلّا أنها رأت أن الأمر ليس من شأنها ، فهذه حياته يقرر فيها ما يُريد
: إذا إنت كنت عازم على الموضوع هذا ، أستخير وكلم ماما في الموضوع

قال لها بتأكيد : وتوقفي معايا ؟
ابتسمت وهي تقول له بودّ : وأوقف معاك يا حبيبي ليش لأ ..








نهاية الفصل الخامس ..
قراءة مُمتعة ..





.

.


دانتِلا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-23, 01:47 PM   #8

دانتِلا

? العضوٌ??? » 504444
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » دانتِلا is on a distinguished road
افتراضي

.







يَ مساء الورد

أخيراً قدرت انزّل فصول الرواية مرة ثانية بعد ما انحذفت مع تغيير النظام في المنتدى ..

كنت من قبل بدأت في تنزيل الفصول خلال شهر رمضان
وأعتقد اننا وقفنا عند الفصل الخامس ^.^


بإذن الله حيرجع التنزيل الاسبوعي
وراح يكون كل يوم [ ثــــلاثـــاء ]


أتمنى ألاقي تفاعل أكثر ..
لأني فعلياً كنت مفكرة ما ارجع أنزلها لأن التفاعل كان اقل من 1% من قبل !



ما أحب ابداً لمن الكاتبة يكون تنزيلها للفصول مرهون بِ المشاركات
لكن ما اعتقد إنه من المعقول إن المشاهدات تكون عالية والردود أقل من أصابع اليد الوحدة !

في النهاية أنا برضو ابغى اشوف ارائكم في الرواية وفي شخصياتها وتوقعاتكم لبقية الأحداث


فَ أتمنى فعلاً إن احداث الرواية تنال على إعجابكم
وأتمنى إنه يكون فيه ردة فعل وصدى لِ هاذي الرواية
وللجهد المبذول لإخراجها بأفضل صورة مُمكنة ..



وبس والله ^_^
موعدنا بإذن الله يوم الثلاثاء القادم مع الفصل السادس ..





.


.


دانتِلا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-05-23, 04:23 PM   #9

ward77

? العضوٌ??? » 408977
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 281
?  نُقآطِيْ » ward77 is on a distinguished road
افتراضي

الكاتبة الجميلة ..
وصلتي في تنزيلك للرواية للفصل السادس عندما رجع فارس من أمريكا و ذهب في عمرة مع طارق الحزين .. الذي رفضت أنه اقترانه بالعنود
و اخبره فارس أنه سيقنع أمه بالموافقة ..
الرواية جميلة و لكن موعد تنزيلك في رمضان ظلمها فالكل مشغول و القليل الذي يدخل المنتدى..

سما وقمر likes this.

ward77 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-05-23, 02:10 AM   #10

سما وقمر

? العضوٌ??? » 462800
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » سما وقمر is on a distinguished road
افتراضي

روووعه مبدددددعه
طارق والعنود مابىيعرف تفاصيل حياه العنود وانها سرقت ذهب امها

فارس وبعداد
ام فارس صنعت لابنها زوجه تحب التارخ مثله


سما وقمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.