شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   82- الحمقاء الصغيرة -آن هامبسون - روايات عبير القديمة(كتابة /كاملة **) (https://www.rewity.com/forum/t103639.html)

أمل بيضون 07-03-10 12:13 AM

أستدارت كيم , وحدقت اليها بأنشداه أذ رأت رافيلا تقف على مقربة من روك وبارت وقد بدت منسجمة للغاية بما كانت تتنصت اليه , وأمالت رأسها جانبا غفلة عن كل ما كان بقربها أو أنها أرادت أن تصبح محط أستغراب لما تفعله , وهمست كيم وهي تعبس:
" لا بد أنها قررت الذهاب الى البار , ولكن , كم هو غريب أن تتنصت".
ولاحظت كيم أن كلا الرجلين أدار ظهره للفتاة , أما سوزان , فقالت وهي تعبس فجأة :
" لا بد أن حديثهما شيق ,وأنت تعرفين ولا شك ما يمكن أن يتحدث الرجال به ".
تغير لون كيم قليلا أنك ساذجة , فروك وبارت لا يختلفان عن سائر الرجال بشيء متى تعلق الأمر بتبادل النوادر البذيئة ".
هزت كيم رأسها معترضة , وركزت نظرها على رافيلا التي ظلت غارقة في أستيعاب أقوال الرجلين ,ولم يحول أنتباه كيم عن رافيلا ألا أقتراب كليف من سوزان , فسألته لماذا ترك هو ورافيلا حلبة الرقص.
" أحست رافيلا بالعطش , فذهبت الى البار طلبا للشراب , وكنت سأذهب معها , غير أن جون بايترسون أوقفني وتحدثت اليه".
ثم نظر نحو البار وصاح:
" ها هي ذي , أظن أن روك سيشتري لها ما تشربه".
ورأت كيم الرجلين يتحركان , ورافيلا تنطلق بعيدا ثم تستدير وتقترب منهم بلامبالاة وهي تبتسم أبتسامة مطمئنة , وتحدثت , فأجابها روك وكأنه يعتذر , وما لبث أن ناولها كوبها.
ورجع روك بينما تخلّف بارت عند البار ليتحدث مع أحد أصدقائه الذي أقترب منه , وأبتسم روك وهو يمسك بيد زوجته ويقول:
" هل تريدين أن نرقص؟".
بادلت كيم زوجها الأبتسام برغم القلق الذي أنتابها لدى مشاهدة عيني رافيلا التي رمقتها بنظرة فيها معاني الأنتصار , ولاحظ روك أضطراب زوجته , فسألها:
" هل هناك ما يزعجك؟".
" ك... كلا...".
" ما بالك؟ أنك لا تبدين واثقة من نفسك وجوابك".
" لا شيء".
أحست ببلاهتها وهي لا تقدر أن تكشف لنفسها , قبل زوجها , عما يزعجها ,وهي لا تكاد تجرؤ أن تقول له أنها لا تكترث لتعابير رافيلا , وعلى طاولة العشاء لاحظت كيم تصميم رافيلا على جذب أنتباه روك , وقد غازلته , ومع أن ذلك كان غير لائق ومقبول.
زروك نفسه لاحظ ذلك لأنه من المستحيل أن يخطىء فهم أندفاعات الفتاة المتعمدة , وأرتبك مثل سوزان وكليف , اللذين جلسل قبالته الى الطاولة المنخفضة , وأحاطت رافيلا وكيم بروك من الجانبين , وعصفت الغيرة بكيم للمرة الأولى , فغضبت أشد الغضب , فغضبت أشد الغضب من روك , وشغلت نفسها بالحديث مع فال الجالس بجانبها , ومن نافل القول أن فال شعر بصدمة عندما سمع بخبر خطوبة كيم , ولكن بالطبع كان عليه الأقرار أن لا رابطة يجمعه بكيم , صحيح أنهما أحبا بعضهما بعضا ,ألا أن علاقتهما وقفت عند هذا الحد علما بأن فال تمنى لو أنها تطورت.
ولما أنتهى العشاء , أنسلّت كيم خارجة الى الحديقة مدفوعة بحافز لم تستطع السيطرة عليه , وعاودتها كل مخاوفها السابقة , فسورتها الشكوك , وتجولت في الأماكن المظلمة وهي بالكاد تتمتع بما حولها من أشجار نخيل متمايلة تسرب عبر أغصانها ضوء النجوم , ومن صورة معتمة للجبال وقد بزغ هلال القمر , وللهواء المعطر الذي هب فوق المرج النائم الساكن , وفجأة تشنجت أذ سمعت أصواتا في الجانب الآخر أنهما سوزان ورافيلا ... وقالت سوزان:
" عرفت أنك كنت تسترقين السمع الى حديث روك مع السيد ناش , لكني لم أتصور أنك أطلعت على كل ذلك".
وقبل أن تستطيع يم التحرك , أضافت سوزان :
" أذن , فالسيد ناش لن يعيش أكثر من شهور معدودة".
أشهر معدودة , نبض قلب كيم بقوة وعنف , وعجزت عن التحرك , حتى وأن أرادت ذلك أذ كانت رجلاها تتهاويان , وعرفت أن وجهها أبيضّ وأعصابها أضطربت , بارت.... الرجل الذي كان بمثابة والدها , بل والدها ووالدتها...

أمل بيضون 07-03-10 12:15 AM

ثم نطقت رافيلا بصوت ينم عن القسوة :
" قلبه.... لما أخبره الطبيب أنه لن يعيش طويلا , أشتد ألحاحه في التمني بأن يرى كيم تستقر , واليوم كان السيد ناش يشكر روك لموافقته على الزواج بكيم , ومن هنا أستنتجت أنه رجاه أن يتزوجها , لقد طوّق عنقه بجميل ....".
قاطعت سوزان رافيلا بصوت أختلفت نبرته كثيرا عن نبرة صوت رفيقتها أذ أمتلأ قلقا وشفقة وغنا:
" لا أتصور أن روك يذهب بعيدا الى هذا الحد في أسداء خدمة لصديقه ,ولا بد أنه أحبها".
" لا شيء مما تقولين , أنا أعرف وأفهم ما سمعته يا سوزان , فالسيد ناش أكّد أن كيم يجب ألا تعرف بطلبه من روك الزواج منها , وبذلك سيضمن مستقبلها , وأضاف أنه كان يستطيع أن يورثها المال , لكنه لم يعتبر ذلك ضمانة أذ هي بحاجة لمن يرعى شؤونها , وقد أفرط في الأعراب عن أمتنانه وعرفانه بالجميل".
" ولكن , كيف قابل روك ذلك الثناء الحميم؟".
أعقب سؤال سوزان صمت غريب كئيب ,وتكون لدى كيم رغم ذهولها أنطباع بأن رافيلا , كانت تنصت , أو ربما تختلس النظر عبر السياج , فكرة سخيفة , فها رافيلا قد عادت للكلام :
" أجاب روك أن لا داعي لشكر السيد ناش لأنه كان يفكر منذ بعض الوقت بأن يتزوج حتى ينجب وريثا , ثم أضاف أن كيم مثل أي فتاة تصلح لذلك العمل".
شعرت كيم بألم حاد كالسيف في رأسها , فهي مثل أي فتاة تصلح لذلك العمل.... أذن, أنها لا تعني شيئا لزوجها , ووظيفتها لم تعد أنجاب وريث له , وخطرت لها ذكريات عديدة أكسبت كلام رافيلا معنى حقيقيا , فأستعمال بارت عبارة ( بألحاح) عندما قال أنه تمنى أن يراها تستقر , ثم أصطحابه روك الى غرفة مجاورة حتى يتحدث اليه على أنفراد , وقول روك لكيم أنه لا يجب أن تهتم كثيرا كثيرا بمسألة تقاعد بارت.
وكان لكيم شكوكها , التي عرفت الآن أنها نشأت منذ أن سألت روك أذا كان قد ناقش مع بارت أحتمال زواجهما في حال تقاعد الأخير , لقد ضرب على الوتر غير المتناغم في معزوفة طلب روك اليها الزواج به , وخمّنت أن روك عارض بادىء الأمر على الأرجح , لكنه وافق أخيرا ليريح صديقه ويحقق رغبته , أي الزواج لتأمين الذرية , لقد تأثرت كيم برقة روك في تلك اللحظة , غير أنها الآن تعتبرها بلا معنى أذ كان عليه تصنعها حتى يقنع كيم بحبه لها , وألا لما قبلت كيم الزواج به.
الأمر واضح...
ضغطت كيم بيدها على رأسها , لكن الألم المبرح لم يتوقف , لقد قضى ما سمعته لى حياتها كلها , فهي ليست زوجة غير محبوبة فقط , بل أن بارت الحبيب سيفرغ منها عما قريب , وبكت بهدوء فيما فاضت بها الذكرى , وبدت كأنها تعيش الحزن الذي عرفته بعد الحادث الذي أودى بأحبائها الثلاثة , وهمست:
" لا أستطيع تحمل الأمر , ليس بارت , لا يمكنني تحمل فقدانه".
تابعت الفتاتان حديثهما , لكن كيم تحركت آخر الأمر ,والكلمة الأخيرة التي سمعتها نطقت بها سوزان , التي تهدج صوتها :
" مسكينة هي كيم ,. لا ينبغي أن تعرف أبدا أن كل ذلك قد رتب له...".
دقق روك النظر الى زوجته , فيما تشنجت عضلات فمه وألتمعت عيناه وهو يصرخ:
" ماذا دهاك؟ لقد رفضت قضاء شهر العسل , وأدعيت أنك مريضة وترغبين بالنوم لوحدك , كما أنك ترفضبن السير معي , أو ركوب االسيارة بجانبي....".
ثم توقف وهو يتنهد غاضبا:
" أنك ترفضين فعل أي شيء معي".
سألته وقد طغى الشحوب على شفتيها :
" هل أنت فعلا راغب في فعل شيء أو ممارسة نشاط أشاركك فيه؟".
لقد فكرت كثيرا بما سمعته , وقررت بادىء الأمر ألا تفاتح زوجها أو بارت بشيء , ونجحت في أخفاء حزنها وخيبة أملها لما يزيد على أسبوع , لكن ذلك العبء أثقل كاهلها ,ولما أنتهت حفلات الميلاد – وكانت بمعظمها محنة عاشتها كيم مع مغازلات رافيلا في الحفلات وفي سهرة الشواء- أعلن روك أستعداده للذهاب في رحلة شهر العسل , فرفضت كيم قائلة أن ذلك يشكل أنقلابا , وبعد يومين من معرفة كيم أن مجامعة روك لها تستهدف فقط أنجاب الوريث , أدعت المرض وأعربت عن رغبتها بالأنتقال الى غرفة أخرى , لم يسعد روك بالأمر , ويا للدهشة ,لم يعترض بل أنتقل هو بنفسه الى غرفة نوم أخرى , ولم تعرف كيم كم سيطول ذلك لأن الحزن ملأ عليها كل تفكيرها , وروك لم يعد يعني لها شيئا , صحيح أنها لا تزال , وستظل مقيمة على حبه , ألا أنها شعرت بكراهية أتجاهه فقط لأنه خدعها أذ تزوجها عن غير حب , وتأملت مدى قدرته على التمثيل وهو يردد بدهشة وعدم تصديق:
" هل فعلا أود أن تشاركيني نشاطاتي ؟ هل جننت يا كيم؟ أنا زوجك... زوجك الجديد , وأنا بالطبع أرغب أن تشاركيني نشطاتي , ماذا دهاك؟".
" لا يمكنني أن أخبرك".
" أذن , هناك شيء تخفينه عني".
أطرقت صامتة , فيما سألها ملحا:
" كيم , يجب أن تخبريني ".

أمل بيضون 07-03-10 12:40 AM

أبتعدت عنه وواجهته عبر الغرفة , وفجأة رغبت بالرد عليه ومعاقبته على ما فعل بها , فتكلمت بسرعة متعمدة حرمان نفسها فرصة تغيير رأيها :
" بكل بساطة ,أنا لا أحبك".
الصمت , صمت مخيف نتيجة الأنشداه والأنكسار , ثم ضيق حدقتي روك.
" أنت... أنني أرفض تصديق ما سمعت , لا بد أن هناك سببا آخر".
أنقلب لون كيم أبيض , وهزت رأسها وقد صممت أن تقنعه أنها لا تحبه , ففي أي حال كانت تلك أفضل طريقة حيث لم يكن بوسعها أطلاعه على الحقيقة , ولو كان ذلك التدبير مقيّدا بمدة بقاء بارت على قيد الحياة , فلا بد لروك أن يخبره بشيء في حين لم ترد كيم أزعاجه في هذه المرحلة من حياته.
" كنا دائما نتشاجر , أليس كذلك؟ أذن كان يجب أن نعرف أن زواجنا هو منتهى الحماقة , ولعلك تذكر أنني كنت مريضة عندما طلبت يدي ,ولا أظن ألا أن آثار الحمى هي التي دفعتني الى أتخاذ مثل هذا القرار المتسرع....".
صرخ وموجات الغضب تعلو جوانب فمه:
" أصمتي , كفّي عن هذا الكذب والهراء , وقولي لي ماذا جرى لك".
تذكرت كيم قوله أن أثارته ضرب من الجنون , صحيح , ولكنها لم تعد تبالي , فليغضب ,وليضربها ,أنه في أي حال لن يزيد آلامها الحاضرة , كررت بجسارة ما كانت قد قالته سابقا:
" بكل بساطة , أنا لا أحبك يا روك".
تقلصت عضلات فمه , وظهر جليا أن غضبا جامحا تملّكه , وشعرت كيم رغما عنها بالسعادة لوجودهما في قاعة الأستقبال في منزلهما عند ىالضحى , ولو كان الوقت ليلا , وكانت في حجرة نومها....
ألا أن الليل لا بد آت , وأستحمت كيم ,ورقدت وهي ترتدي قميص نومها الشفاف , وفتح الباب بعنف على حين غفلة , وأقتحم زوجها الغرفة , ونبهتها قسماته القاتمة الى أنه في ثورة غضب عرفت هي الدافع وراءها.
وقال وهو يصرف أسنانه:
" ألم تتناولي الشاي مع فال بعد ظهر اليوم؟".
" وماذا في ذلك؟ لقد غازلت رافيلا بما فيه الكفاية في الآونة الأخيرة ".
" لم أغازل رافيلا ".
سكتت كيم , وأقرت أن رافيلا هي التي غازلته وجددت سعيها لخطب وده بعد أن علمت أنه لا يحب زوجته , وقد قالت أنها ستبقى طالما وجدت المتعة , وهي لم تظهر حتى الآن أي دليل على قرب رحيلها الى بلدتها , وكان واضحا أن روك هو الذي جذب رافيلا علما بأنها أظهرت أهتماما أيضا بكليف ستاين , الذي أشيع أنه حوّل أهتمامه من سوزان الى رافيلا ,ولا غرو أن يعجب بفتاة مثل رافيلا وهي على هذا القدر من الجمال والفتنة , خصوصا أنه لم يدرك أنها تستعمله لتخفيف ضجرها وملء فراغها أثناء غياب روك.
وبعد أن لاحظت كيم أنتظار زوجها لتعليقها على قوله , همست آخر الأمر:
" ليس من المهم أذا كنت تغازل رافيلا أم لا , لكنني أفترض أنها هي التي أخبرتك أنني تناولت الشاي مع فال , فقد رأتنا سويا , فيما تحدثت اليها أنت هذا المساء ".
لقد زارا منزل أسرة بيترسون لتناول شراب الغروب , وكالعادة أستعملت رافيلا كل وسائلها للأستئثار بأهمام روك.
" لا أسمح لك أن تشربي الشاي معه ثانية ,هل تفهمين؟".
وحانت من عيني روك ألتفاتة قاسية , فأحمرت خجلا , ثم رأته يتطلع اليها.
" سوف أشرب الشاي مع من أشاء".
ثم صاحت:
" أرجوك , أخرج , فأنا متعبة".
" متعبة؟ هل أنت متعبة؟".
لم يغادر روك الغرفة , بل خطا خطوتين ,وبلغ وسطها , أما كيم , فتراجعت حتى كادت رجلاها تصطدمان بالسرير فيما أمرها برقة:
" تعالي الى هنا".
بلعت كيم ريقها وقد تنبهت الى تسارع خفقات قلبها ,ورغم الغضب الظاهر على وجهه , شعرت بحب جارف له في داخلها , وقالت:
" لقد طلبت اليك المغادرة ".
لم تعرف كيف نطقت بهذه الكلمات ببرود , لقد أنقسمت الى شخصين_ أحدهما يكره روك , والآخر يحبه حبا عارما هدد بأجبارها على الخضوع له.
علت السخرية فمه فيما تسمرت عيناه بصلف ووقاحة على جسدها النحيل المغري:
" هل تظنين أنني سأغادر الآن؟ أنا زوجك يا كيم , وأنا رجل تعالي الى هنا".
وعندما رأى أنها لم تتحرك , أضاف وهو يشير الى نقطة أمامه :
" أنصحك بأطاعتي , أطيعيني يا كيم ,وألا فستندمين , أنا لا ألقي كلامي جزافا".
أنفجرت باكية وهي تتمنى لو تعيش مع بارت الأشهر القليلة الأخيرة من حياته ,ولكن , كان عليها عوض ذلك أن تبقى مع زوجها الذي لم يحبها , فتحكمت بها رغبة العصيان والتمرد , ورفعت رأسها وصاحت باكية:
" أخرج , ألا ترى أنني لا أريدك؟".

أمل بيضون 07-03-10 12:45 AM

أبتعدت عنه وواجهته عبر الغرفة , وفجأة رغبت بالرد عليه ومعاقبته على ما فعل بها , فتكلمت بسرعة متعمدة حرمان نفسها فرصة تغيير رأيها :
" بكل بساطة ,أنا لا أحبك".
الصمت , صمت مخيف نتيجة الأنشداه والأنكسار , ثم ضيق حدقتي روك.
" أنت... أنني أرفض تصديق ما سمعت , لا بد أن هناك سببا آخر".
أنقلب لون كيم أبيض , وهزت رأسها وقد صممت أن تقنعه أنها لا تحبه , ففي أي حال كانت تلك أفضل طريقة حيث لم يكن بوسعها أطلاعه على الحقيقة , ولو كان ذلك التدبير مقيّدا بمدة بقاء بارت على قيد الحياة , فلا بد لروك أن يخبره بشيء في حين لم ترد كيم أزعاجه في هذه المرحلة من حياته.
" كنا دائما نتشاجر , أليس كذلك؟ أذن كان يجب أن نعرف أن زواجنا هو منتهى الحماقة , ولعلك تذكر أنني كنت مريضة عندما طلبت يدي ,ولا أظن ألا أن آثار الحمى هي التي دفعتني الى أتخاذ مثل هذا القرار المتسرع....".
صرخ وموجات الغضب تعلو جوانب فمه:
" أصمتي , كفّي عن هذا الكذب والهراء , وقولي لي ماذا جرى لك".
تذكرت كيم قوله أن أثارته ضرب من الجنون , صحيح , ولكنها لم تعد تبالي , فليغضب ,وليضربها ,أنه في أي حال لن يزيد آلامها الحاضرة , كررت بجسارة ما كانت قد قالته سابقا:
" بكل بساطة , أنا لا أحبك يا روك".
تقلصت عضلات فمه , وظهر جليا أن غضبا جامحا تملّكه , وشعرت كيم رغما عنها بالسعادة لوجودهما في قاعة الأستقبال في منزلهما عند ىالضحى , ولو كان الوقت ليلا , وكانت في حجرة نومها....
ألا أن الليل لا بد آت , وأستحمت كيم ,ورقدت وهي ترتدي قميص نومها الشفاف , وفتح الباب بعنف على حين غفلة , وأقتحم زوجها الغرفة , ونبهتها قسماته القاتمة الى أنه في ثورة غضب عرفت هي الدافع وراءها.
وقال وهو يصرف أسنانه:
" ألم تتناولي الشاي مع فال بعد ظهر اليوم؟".
" وماذا في ذلك؟ لقد غازلت رافيلا بما فيه الكفاية في الآونة الأخيرة ".
" لم أغازل رافيلا ".
سكتت كيم , وأقرت أن رافيلا هي التي غازلته وجددت سعيها لخطب وده بعد أن علمت أنه لا يحب زوجته , وقد قالت أنها ستبقى طالما وجدت المتعة , وهي لم تظهر حتى الآن أي دليل على قرب رحيلها الى بلدتها , وكان واضحا أن روك هو الذي جذب رافيلا علما بأنها أظهرت أهتماما أيضا بكليف ستاين , الذي أشيع أنه حوّل أهتمامه من سوزان الى رافيلا ,ولا غرو أن يعجب بفتاة مثل رافيلا وهي على هذا القدر من الجمال والفتنة , خصوصا أنه لم يدرك أنها تستعمله لتخفيف ضجرها وملء فراغها أثناء غياب روك.
وبعد أن لاحظت كيم أنتظار زوجها لتعليقها على قوله , همست آخر الأمر:
" ليس من المهم أذا كنت تغازل رافيلا أم لا , لكنني أفترض أنها هي التي أخبرتك أنني تناولت الشاي مع فال , فقد رأتنا سويا , فيما تحدثت اليها أنت هذا المساء ".
لقد زارا منزل أسرة بيترسون لتناول شراب الغروب , وكالعادة أستعملت رافيلا كل وسائلها للأستئثار بأهمام روك.
" لا أسمح لك أن تشربي الشاي معه ثانية ,هل تفهمين؟".
وحانت من عيني روك ألتفاتة قاسية , فأحمرت خجلا , ثم رأته يتطلع اليها.
" سوف أشرب الشاي مع من أشاء".
ثم صاحت:
" أرجوك , أخرج , فأنا متعبة".
" متعبة؟ هل أنت متعبة؟".
لم يغادر روك الغرفة , بل خطا خطوتين ,وبلغ وسطها , أما كيم , فتراجعت حتى كادت رجلاها تصطدمان بالسرير فيما أمرها برقة:
" تعالي الى هنا".
بلعت كيم ريقها وقد تنبهت الى تسارع خفقات قلبها ,ورغم الغضب الظاهر على وجهه , شعرت بحب جارف له في داخلها , وقالت:
" لقد طلبت اليك المغادرة ".
لم تعرف كيف نطقت بهذه الكلمات ببرود , لقد أنقسمت الى شخصين_ أحدهما يكره روك , والآخر يحبه حبا عارما هدد بأجبارها على الخضوع له.
علت السخرية فمه فيما تسمرت عيناه بصلف ووقاحة على جسدها النحيل المغري:
" هل تظنين أنني سأغادر الآن؟ أنا زوجك يا كيم , وأنا رجل تعالي الى هنا".
وعندما رأى أنها لم تتحرك , أضاف وهو يشير الى نقطة أمامه :
" أنصحك بأطاعتي , أطيعيني يا كيم ,وألا فستندمين , أنا لا ألقي كلامي جزافا".
أنفجرت باكية وهي تتمنى لو تعيش مع بارت الأشهر القليلة الأخيرة من حياته ,ولكن , كان عليها عوض ذلك أن تبقى مع زوجها الذي لم يحبها , فتحكمت بها رغبة العصيان والتمرد , ورفعت رأسها وصاحت باكية:
" أخرج , ألا ترى أنني لا أريدك؟".

أمل بيضون 07-03-10 01:09 AM

في الصباح دخلت الى غرفة المكتب .
فأبتسم لها بارت , رفعت كيم نظرها اليه ونجحت في مبادلته الأبتسام , ثم تساءلت عن تأثير الأجهاد الحالي فيما بعد , لقد أدعت السعادة , وأضطرت لتمثيل دور الزوجة السعيدة كلما ألتقت روك بحضرة بارت , كما أظهرت الأهتمام الشديد كلما ذكر بارت موعد نشر الكتاب , أظهرت الأهتمام , في الوقت الذي أرادت أن تبكي لعلمها أن بارت لن يعيش حتى يرى كتابه ينشر ثم سألته وهي تضع أناملها برقة على مفاتيح الآلة الكاتبة :
"ماذا هناك ؟".
" قررت أن أذهب في رحلة صيد".
أتسعت حدقتا كيم ,ورددت:
" رحلة صيج ؟ هل ستكون على ما يرام؟".
فكرت بحالته وخشيت أن تضره الرحلة أكثر مما ستنفعه , ولكنه سيتمتع بها أشد الأستمتاع علما بأنه أعرب غير مرة عن رغبته في مشاهدة بعض الحيوانات الأفريقية في البرية , ثم , ماذا ستفعل طوال النهار أثناء غيابه؟ من المؤكد أن هنا عملا مؤجلا ينتظرها , ولكن, ما أن تنتهي منه حتى تصبح بلا عمل , وفي أي حال , كان همها الأول هو سعادة بارت , ولما ظهر أنه أتخذ قرارا نهائيا في هذا الشأن , لم تجد بدا من مشاركته حماسته ومناقشته في ترتيبات الرحلة.
وبعد الظهر حضر روك , فأخبره بارت عن رحلة الصيد , ولم تتحمس كيم أثناء مراقبتها للرجلين أول الأمر ,ألا أنها توترت الى أقصى الحدود عندما أشار بارت الى رحلة الصيد , وعلى رغم أستحالة تصديق خواطر كيم , فأنها تأكدت أن روك عرف كل شيء عن الرحلة , وأن بارت أخبره عنها من أجل كيم فقط.
السرية....
كان بمقدور كيم أن تفهم أسباب السرية في الماضي حين أراد بارت أخفاء حقيقة أنه سيعيش أشهرا قليلة , وهي , في أي حال , لن تلومه أبدا على الأكاذيب التي لفقها لها , فأكد لها أن الطبيب طلب اليه أن يخذ قسطا أكبر من الراحة لأنه متعب , أما الحبوب , فكانت لمعالجة شكوى قلبه , وقد عرف روك ذلك أيضا , وكيم ستغفر لروك تضليله أياها نظرا الى أنه فعل ذلك بناء على طلب بارت , أجل , كان بمقدور كيم أن تفهم دوافع السرية في الماضي , أما الآن ,فلا , ولم يرق الشك عندها الى حقيقة أن أمورا غريبة تجري من حولها , فروك لم يظهر أي دليل على الدهشة عندما أبلغه بارت عزمه على الذهاب في رحلة صيد , الأمر الذي عنى أنه ناقش الموضوع مع بارت سابقا , وأحتفظ به لنفسه.
وربما أعتبر روك أن علاقتهما جعلت من أحاديثه مع بارت أمرا لا يعني كيم , وأزداد الشرخ في علاقة كيم وروك يوما بعد يوم , فشعرت كيم أحيانا أن قلبها سينفجر , وقررت أن تغادر أفريقيا بعد أن يسافر بارت , وتترك الزوج الذي أستعملها لأنجاب وريث فقط.
وبعد أن جلس روك, سأل بارت:
" متى تظن أنك ستبدأ الرحلة؟".
" قريبا , قريبا جدا".
" هل ستترك الكتاب؟".
" أجل , فبأمكان الكتاب أن ينتظر , ولدى كيم الآن عمل كثير فيه , كما أن بوسعها أجراء بعض الأبحاث , وستكون جاهزة عند عودتي".
" كم سيطول غيابك؟".
أرادت كيم أن تعرف وهي تتساءل في سرها أذا كانت ستراه حيا بعد الرحلة ,وأحست بالقشعريرة عندما فكرت بذلك , يجب أن تذهب معه لأنه كان أهم بالنسبة اليها من روك.
" نحوا من أسبوعين ... هذا أذا كان كل شيء على ما يرام".
أعقب جوابه صمت مشحون أنتهى بتبادل بارت وروك نظرة غريبة.
ما بالهما؟
صمتت كيم لحظة لتصيغ كلماتها بأفضل طريقة ممكنة:
" بارت , أظن أن علي مرافقتك بصفتي سكرتيرتك , وروك لن يعارض , أليس كذلك يا حبيبي؟".
كان من الصعوبة بمكان أن تناديه حبيبي ,وتوقعت أن ترى الهزء والتهكم نتيجة ندائها , لكنها دهشت أذ رأت الأستغراب عليه , وكذلك على وجه بارت الذي قال:
ط كلا , مستحيل يا عزيزتي....
سألت بجرأة وهي تحاول ولو لمرة أن تحل اللغز :
" لماذا؟".
" لأنك متزوجة يا عزيزتي ".
" لقد قلت لك أن روك لن يعارض".
" ولكن روك لم يقل ذلك".
وتبادلا نظرة أخرى مريبة قبل أن يقول روك بهدوء وبلهجة حاسمة :
" أفضل ألا تذهبي مع بارت يا كيم".
أتّقد الغضب في عيني كيم ,ألا أنها حاذرت أن يراها بارت.
" بارت يحتاجني , وهو ليس على ما يرام كما تعلم".
وجدت كيم صعوبة في كشف كل ما تعرفه ,وفي القول أن بارت سرعان ما يتعب , ولذا يجب أن ترافقه لترى أنه يعمل بنصيحة الطبيب ويعمل بقسطه من الراحة , كان التظاهر صعبا , لكن كيم نجحت في أداء دورها , وقال بارت:
" لن أحتاجك يا كيم , أرجوك يا عزيزتي , لندع الموضوع يقف عند هذا الحد , فأنا أريد أن أرحل وحيدا ... بل يجب أن أرحل وحيدا".
حدقت كيم اليه وقد فطنتأنه يعني ما يقول , فهو لم يكن يريدها .... وكذلك روك لم يكن يريدها فعلا , وللمرة الثانية في حياتها شعرت أنها وحيدة في العالم.

أمل بيضون 07-03-10 02:15 PM

9- الصراع والرحلة
حل السبت , وأخذت كيم تستعد لحضورحفلة النادي الراقصة , وكانت قد أخبرت بارت أنها لا ترغب في الذهاب , ألا أنه أصر مداعيا أنها تحتاج للتغيير وقال:
"هذه الفرصة ستريحك لأنك لازمت الآلة الكاتبة طوال أيام الأسبوع ".
" أنه عملي , وقد لازمت الآلة الكاتبة دوما طوال أيام الأسبوع".
تنهد بعصبية وهو يضيف:
"قال لي بارت أنك تعملين أشياء أضافة الى الطباعة , ولذا أظنني مصيبا في القول أن الأسبوع الماضي كان شاقا أكثر من العادة".
هزت كتفيها وردت بلامبالاة:
" فكر كما تشاء".
الحقيقة أن روك أصاب في القول أن هذا الأسبوع كان شاقا أكثر من العادة , فكيم أرادت تسهيل الأمر على بارت , حتى يذهب وهو مطمئن على الكتاب خصوصا أن صعوبات كبيرة رافقت تأليف الفصل الحالي , فأعادت كيم طباعته مرات عدة وكل مرة قرأ فيها بارت الفصل , كان يعبس ويأخذ القلم ليجري بعض التعديلات , ورأت أن أعصابه أنهكت , فيما صممت هي أن تطبع الفصل بصورته النهائية , وقطعت شوطا كبيرا في سبيل تحقيق ذلك , وأملت أن ترضيه النسخة الأخيرة.
لدى وصولهم الى النادي , أنصف بارت ليتحدث الى أحد أصدقائه تاركا كيم وحيدة مع زوجها , الذي قال ببرودة ولا مبالاة أنهما سيرقصان.
وعندما راقص رافيلا بعد فترة قصيرة بدا كأنه الفتنة بعينها أذ أبتسم بوجه الفتاة النضر , وتحدث اليها أثناء تنقلهما حول الغرفة بشخصيهما حول المهيبين اللذين جذبا أنتباه الكثيرين , وفي الوقت الذي شعرت كيم فيه بالأرتياح لعثور روك على شريكة سواها , أحست بشيء من الرثاء لنفسها والأشفاق عليها , فقد نظر الناس أولا اليها , أحست بشيء من الرثاء لنفسها والأشفاق عليها , فقد نظر الناس أولا اليها , ثم الى الراقصين الطويلين المتميزين , وكان من الطبيعي أن تلقى كيم العزاء في صحبة فال الذي تشوق لمراقصتها وأصطحابها الى العشاء , ومرافقتها في نزهة داخل حديقة النادي , ومن المؤكد أنه ارتبك مثل سائر الناس , ألا أنه أبدى لباقة تحاكي لباقة سوزان , التي ضحكت وهي تقول:
" أن رافيلا أسوأ مغازلة في العالم , وكم أنا سعيدة أنك لست من النوع الذي تلتهمه الغيرة يا كيم".
نظرت كيم الى سوزان , وكان من العسير ألا تلمح القلق في عينيها , وتنهدت , وهي تتمنى لو أنها تصادق سوزان , لأنها سترتاح كثيرا أن فتحت قلبها وفكرها لشخص يعرف كل الحقيقة مثلما عرفتها سوزان؟
وحضر كليف ليصطحب سوزان ويراقصها , كيف تطورت علاقتهما ؟ طرحت كيم هذا السؤال فيما أستدارت لتبتسم لفال الذي أقترب منها فور رؤيته سوزان تبتعد مع كليف , وقال لكيم:
"أنك شاردة الذهن , أو أنك كنت كذلك".
" كنت أفكر بسوزان وكليف ".
أطرق مفكرا قبل أن يقول:
" أنك تظنين أنها قصة عاطفية وعلاقة حب".
" ستكون علاقة مريحة ومفيدة لكليهما ".
لم يكترث كليف كثيرا للفتيات من قبل , والحقيقة أن لا هو ولا شقيقه قد عاشرا النساء فعلا".
" ووالداهما .... هل توفاهما الله؟".
هز فال رأسه :
" أنهما متقاعدين يعيشان في جوهانسبورغ , وقد تركا المزرعة لولديهما ".
علقت كيم :
" أن حظهما كبير أذ ملكا مزرعة على هذا القدر من الضخامة وهما لا يزالان شابين ".
" كليف يحب المزرعة كثيرا , أما جاك, فيفضل العمل الفكري".
قالت وهي تتذكر أن فال أطلعها على رغبته بتأليف كتاب:
" مثلك؟".
" أجل , وبالمناسبة , بدأت بتأليف ذلك الكتاب بعد أن أعطاني بارت الأرشادات الأساسية أضافة الى لائحة الكتب التي يجب أن أقرأها".
فحذرته قائلة:
" أنه عمل شاق للغاية".
" أعرف ذلك , ولعلني سأظل أعمل في الزراعة".
ثم راقبت كيم سوزان وكليف بضع لحظات قبل أن تسأل :
" أتظن أن جاك قد يبيع حصته من المزرعة لكليف – على أفتراض أن كليف سيتزوج؟".

أمل بيضون 07-03-10 05:10 PM

أجاب فال وهو يفكر ويتأمل , متابعا بنظراته أتجاه عيني رفيقته:
" أنها فكرة معقولة ,ولست أظن جاك سيندم أن هو باع حصته لشقيقه".
"سوزان تحب الزراعة".
سكت فال لحظة فيما نظر الى الشابين الطويلين , اللذين بدا وكأنهما يسيطران على حلبة الرقص , ثم علق مجيبا:
" أعرف ذلك , وأعرف أنها تعتني بقسم الدواجن بمفردها , وأظنها قد تحملت ما فيه الكفاية من قريبتها هذه".
" أتقصد رافيلا؟ لقد أمضت وقتا طويلا هنا".
حول فال نظره الى وجه كيم الجامد , وقال:
" كان يفترض أن تقضي ستة أسابيع فقط , أنها تقطر سما وحقدا".
لم يخدع فال بمحاولة كيم التحدث عنها بأستخفاف:
" أذن, فأنت لست من أؤلئك الذين أعجبوا بمفاتنها؟".
" كلا , أنها صنف لا يناسبني ولا يعجبني أبدا".
لم تجب كيم بشيء , وبعد هنيهة بدأت ترقص مع فال , وألتقت عيناها بعيني زوجها , فلمحت في وجهه التهكم المرح الذي كان أشد أمتاعا في السابق , أذن لم يعد روك يبالي بأهتمام فال بزوجته , ومع ذلك , فأنه أشار اليه حين وصلا الى البيت عند منتصف الليل أذ تحدث بصوت خلا من أي تعبير تماما كما خلت عيناه:
" يبدو أنك تمتعت بأمسيتك مع فال".
" وأنت مع رافيلا".
" أوافق".
لم تتمالك كيم نفسها من التعقيب:
" أنها لا تروق للجميع".
" هل أستنتج من ذلك أنك تعنين فال؟".
أطرقت كيم فيما وقفت بقرب النافذة المفتوحة تحدق الى المناظر الصامتة وقد غمرت السكينة الطبيعة , وهنا قالت:
" أجل , أنني أعني فال , أنه لا يجدها جذابة على الأطلاق".

أمل بيضون 07-03-10 09:39 PM

أطرقت كيم فيما وقفت بقرب النافذة المفتوحة تحدق الى المناظر الصامتة وقد غمرت السكينة الطبيعة , وهنا قالت:
" أجل , أنني أعني فال , أنه لا يجدها جذابة على الأطلاق".
تقدم زوجها بضع خطوات الى حيث وقفت وهو يسأل:
" هل يظن صديقك أن ذوقي لا يرتقي الى مستوى ذوقه؟".
" يعني شيء مثل هذا القبيل ".
" أذن... لقد تحدثتما عني".
أستدارت , فرأى روك أمتقاع وجهها وهي تؤكد له ببرودة:
" لم يذكر أسمك في الحديث بيني وبين فال".
عقب بعد صمت قصير:
" كيم , ماذا جرى لك؟ أنك لست الفتاة التي تتزوج رجلا لا تحبه".
كان صوته هادئا , وقد ظهرت فيه رنة أعتذرار لم تألفها كيم التي تذكرت غروره بادىء الأمر , فأجابته وهي تتعمد بلهجة عصبية:
" قلت لك... أنني ... أنني كنت مريضة حين وافقت على الزواج منك, أو على الأقل كنت أعاني من آثار الحمى , وقد قلت لي بنفسك أنني قد أرى الأمور كلها بمنظار خاطىء , وقد فعلت".
سألها بصوت خفيض طغت على نبرته الصرامة والقسوة :
" هل هذا كل ما ترغبين قوله؟ أولست نادمة؟".
أستدارت كيم ثانية لتواجه زوجها من جديد :
" طبعا , أنني نادمة لأمر الندامة لأنني تزوجت بك".
فجأة أصبح وجه روك شاحبا شحوب وجه زوجته , وقال:
" يا ألهي , لم أتصور أنني سأسمعك تتلفظين بمثل هذه الكلمات , ماذا تقترحين أن نفعل؟".
أذعن للأمر ؟ هل يمكن أن يرغب في الطلاق منها من دون أثارة ضجة ؟ الطلاق... تلألأت عينا كيم بالدمع , لأنها أفترضت أن زواجها سوف يكون أبديا ,وقد عرفت دائما أنها لن ترتكب هذا الخطأ أذ لن ترضى أن تتزوج شخصا لا يحبها من أعماقه , صحيح, وهي لا تزال مقيمة على حبه , ومع ذلك , فهي تقر أنها أرتكبت خطأ , وسرت بالأذى اللاحق بروك الذي أدى دورا مقنعا للغاية جعلها تصدق أنه يحبها, وقررت أن تخبره بكل شيء عند رحيل بارت وتعيد على مسمعه كل ما تنصتت اليه بين سوزان ورافيلا , وعاد روك يردد سؤاله بألحاح أكثر من ذي قبل , فأجابت كيم:
" هناك شيء واحد يمكننا فعله".
بلع روك ريقه بصعوبة , وبدا فمه مرتجفا , ألا أنها لم تتأكد من ذلك , لقد أضطرب لأن لعبته أخفقت , فهي لن تنجب له الأبن الذي يتمناه .
" أوتقترحين أن ننفصل".
" أنا أقول بأنه يجب أن نطلق بعضنا".
" أنا لا أؤمن بالطلاق".
" لم يعد يهم في هذه الأيام أذا كنت تؤمن بالطلاق أم لا , فأنا بأمكاني الأستحصال على كتاب الطلاق".
" أنت..........؟".
صرف أسنانه , فيما واجهته بشجاعة لأنها لم تعد تكترث لغضبه الذي لا يحد وقد عانت منه غير مرة , وسيستمر هذا التفاعب بعد... بعد بارت. وأوقفت كيم التفكير قبل أن تتشكل في ذهنها الكلمة المخيفى , فقط لو أنها تستطيع قضاء هذه الأشهر القليلة الباقية مع بارت , ألا أن القضية تكمن في أنه يجب أن يكون بارت سعيدا بأعتقاده أن كيم سعيدة آمنة مضمونة العيش اليوم وغدا , وظهر أنه لا يبالي بزواجها من شخص لا يحبها , وتذكرت بوضوح كلمات رافيلا , الكلمات التي نقلتها من حديث روك الى بارت...
" كيم تنفع مثل أي فتاة أخرى".

أمل بيضون 08-03-10 12:25 AM

هنا فقد التماسك والأنسجام في القصة , وظهرت أحدى قطع أو أجزاء الصورة غريبة كليا , فبارت لم يكن ليوافق أبدا على زواجهما لو أن روك قال مثل هذا الشيء , لا , لا بالفعل , فبارت يحبها كثيرا , هل يمكن أن تكذب رافيلا؟ كانت الفكرة سخيفة لأن الكذب لم ولن يفيد بشيء , والأمر لك يكن كمن يتحدث الى كيم نفسها بنية خبيثة تقضي أبلاغها أن زوجها لم يقترب بها عن حب , لا , فرافيلا كانت تتحدث الى سوزان , وهي على دراية تامة أن سوزان تبوح بكلمة , بل ستحتفظ بالقصة كاملة لنفسها , وعبست بعد أن تنبهت لأمر آخر لا يتلاءم مع الرواية , فكيم نفسها تركت طاولة العشاء بسرعة رغبة في الوحدة بينما كانت رافيلا تتحدث الى روك.... ومع ذلك, رأتها في الحديقة بعد دقائق معدودة تكلم سوزان على الجانب الآخر للسياج , ألا أن صوت روك قطع عليها تأملاتها , فنظرت اليه وهو يقول:
" كيم , بماذا تفكرين؟".
أقرت والعبوس والحيرة ما زالا يجعدان جبهتها :
" كنت أحاول حل لغز ما".
" أي لغز حاولت حله؟".
هزت كيم رأسها بأرتباك وقالت:
" ليس بأمكانك مساعدتي".
قال بصورة مقنعة :
" بأمكانك أن تجربيني".
" هل تذكر أنك تحدثت الى رافيلا على طاولة العشاء في ليلة حفلة الميلاد الراقصة في النادي؟".
بدا روك مندهشا كما كان يفترض فيه , وأجاب:
"لست أدري ماذا تقصدين يا كيم".
ردت بسرعة قبل أن يقاطعها:
" هذا لا يهم.....".
" بل يهم , من الواضح أن لهذا الأمر بعض الأهمية , وألا لما حاولت حله كما تقولين".
" ألا تستطيع أن تتذكر الحادث؟".
عقد روك حاجبيه الأنيقين في محاولة للتركيز:
" على طاولة العشا.......؟ آه , أجل... لقد كنت تجلسين بجلنبي من الجهة الأخرى وتتحدثين الى فال".
" هذا صحيح , هل تذكرماذا حدث بعد أن تركت الطاولة؟".
" أختفيت فجأة , لقد كنت بجانبي لحظة ,وفي اللحظة التالية أختفيت".
علقت بعصبية:
" لا أقصد نفسي بالسؤال , ماذا فعلت رافيلا؟".
نظر اليها روك مستغربا حتى ظنت أنه يعتقدها فقدت صوابها , وسأل:
" رافيلا؟".
" لا بد أنها غادرت الطاولة بسرعة أيضا".
" كيم , ماذا تحاولين أن تبرهني؟".
وتنهدت من أعماقها متمنية لو أنها لم تثق به:
" كنت أتساءل عن مدى السرعة التي تركت بها رافيلا الطاولة ".
" لا بد أن هناك سببا مهما لذلك".
" أجل... أجل".
أتقدت عيناه بشرر مخيف:
" ألا يمكنك أن تكوني أكثر وضوحا يا كيم؟".
لقد أراد أن يعرف , ألا أن كيم زت رأسها وأكدت أن القضية شخصية , وأضافت:
" بأمكاني أن أقول هذا فقط, أود أن أعرف كيف خرجت رافيلا مع سوزان الى الحديقة بهذه السرعة بعد أن تركت الطاولة".
تنهد روك بيأس:
" بحق السماء يا كيم كفي عن هذا الغموض".
أستدارت نحو النافذة ثانية وهي تصارع الشكوك , وقالت ببرودة :
" أنني آسفة".
لقد تيقنت من عدم فهمها لأمور كثيرة , وأن ما بدا واضحا وجليا , كان في الحقيقة مربكا ومحيرا , لكنها أستنتجت أن رافيلا نهضت فور مغادرة كيم للطاولة , ثم ألتقت سوزان , أبنة عمتها , وقالت لها أن لديها ما تطلعها عليه , وأقنعتها بالخروج معها الى الحديقة , وبدا غريبا أن تتخلى رافيلا عن روك على هذا النحو , وواضح أن ليس بأستطاعة روك تذكر الحادث ألا أن ذلك في الحقيقة لا يهم , فكيم تعرف ماذا حدث , ولكن, لماذا العجلة....؟ فجأة تجمدت كيم أذ خطرت لها فكرة , لقد أرادت رافيلا أن تسمع كيم ما كانت ستقوله , وعلى أساس هذه الفكرة

أمل بيضون 08-03-10 12:43 AM

تبلورت فكرة أخرى بسرعة , لم يكن أنطباع كيم عن تنصت وحتى أستراقها النظر عبر السياج وهما , فهو خاطر ليس سخيفا على الأطلاق.
لقد أرادت رافيلا لكيم أن تسترق السمع اليها... وقد خططت لذلك, لماذا؟ قررت كيم بمرارة أن الأجابة ليست صعبة , فرافيلا تمنت الحصول على روك , ولما أكتشفت عن طريق التنصت أن روك تزوج كيم لتلبية حاجاته وحاجات بارت على حد سواء, وجدت الفرصة سانحة لأستعادته , وبغية تعزيز مركزها , قررت العمل على أحداث شرخ بين روك وزوجته , حينئذ صاحت كيم بينها وبين نفسها:
" لا , لا يمكن أن تكون خبيثة ولئيمة الى هذا الحد".
غير أن كيم أدركت أنها مصيبة في بعض تخميناتها , كما أخطأت في البعض الآخر , فلو عرفت كيم أنها تتنصت عليها , لأمكنها أن تضيف كذبة أو كذبتين حتى تبدو الأمور أسوأ مما هي في الواقع , والكذبة دارت حول قول روك لبارت أنها تصلح للأنجاب مثل أي فتاة أخرى , قالت ذلك حتى تسمعه كيم , فتشعر بالذل , وبذلك تتأكد رافيلا أن كيم ستنقلب على زوجها.
وقال روك بلطف وحماسة متسائلا:
" كيم , أرجوك قولي بماذا تفكرين , فأنا أشعر أنك لو فعلت لأنجلى بعض الغموض".
كم كان محقا , ولكن, ليس بأستطاعتها أن تخبره شيئا وذلك لأن سعادة بارت وأطمئنانه وتحرره من القلق في هذا الوقت كان بالغ الأهمية بالنسبة اليها , من هنا لم ترغب في مخاطرة قد تدفع بروك للذهاب الى بارت وأبلاغه أنها تعرف كل شيء , وقالت لنفسها همسا:
" لا أظنه سيفعل, لأنه يهتم ببارت ويقلق عليه مثلي , لكنني لن أخاطر لأنني في أي حال لن أربح شيئا في أطلاع روك على ما علمته".
أنقضى أسبوع آخر , وتعاظم حر كانون الثاني( يناير) مع هطول الأمطار الغزيرة التي خربت أزهار الحديقة , وأعد بارت لرحلته , ولما سألته كيم عن وجهته , أرتبكت قليلا لجوابه المبهم , وقالت له:
" لا تبدو متحمسا كما يجب , ما هي الترتيبات الفعلية التي أتخذتها؟".
ثم لاحظت أمتقاع وجهه وزرقة فمه , فأنقبض قلبها وتملكها اليأس , هذه هي الخاتمة ... وخطر لها فجأة أن الطبيب أخطأ , لكنها تذكرت أنه لو كان هناك أي أحتمال من هذا النوع , لأصر روك على رأي آخر ولفعل كل ما في وسعه لأنقاذ حياة بارت الذي قدر صداقته حق قدرها , هنا أجاب بارت:
" أن روك يهتم بأموري هذه كلها يا عزيزتي , وقد أحضر لي كراسا من وكيل السفر في تنغافيل , ولكن , يا ألهي , أين وضعته؟ آه , أجل , أنه في الدرج الأعلى من مكتبي , لعلك تحضرينه لنتأمله سويا , فكرة ممتعة , أليس كذلك؟".
لم تشعر كيم بحماسته , بيد أنها فعلت ما أمرها به, وأحضرت الكراسة اللمعة من ادرج , ثم وضعتها على الطاولة وفتحتها قائلة:
" ها هي".
" سأطير أولا الى جوهانسبورغ .... وسيوصلني روك الى المطار , ولكن من الواضح أنه أخبرك عن ذلك".
أطرقت وهي تفكر أنه حزم أمتعته في حقيبة واحدة , حقيبة واحدة... صحيح أنها كبيرة , لكن كيم تتصور أن ما تحمله من ملابس ستكون كافية أذا نوى أخذها فقط , ثم أضاف مبتسما:
" أجل , سأطير الى جوهانسبورغ , ومن هناك نبدأ رحلة الصيد هذه في اليوم التالي حين سنركب أحد الجيبات المرقطة...".
وهنا أشار الى أحد الرسوم وأضاف:
" ثم نقضي الليل في فندق آخر قرب منتزه كورغر القومي , وفي اليوم التالي..".
توقف ليقرأ تعليمات الكراسة :
" آه , سنجتاز المنتزه لنرى الحيوانات مثل الحمار الوحشي والزرافة وفرس النهر وكثير غيرها , وفي الغد نسافر الى سوازيلاند لنتأمل المشاهد الرائعة".
ومضى يشرح تفاصيل الرحلة وهو يقرأ الكراسة التي ذكرت أنهم سيرجعون الى أراضي قبيلة زولو حيث يبتون ليلة في فندق خاص برحلات الصيد.
" يبدو أن أحتياطات الصيد في هذه البلاد كبيرة ومغرية في الحقيقة ,ألا توافقين على ذلك؟ ومن الطبيعي أن هنالك أشياء عدا الحيوانات يجب رؤيتها , خذي وأقرأي بنفسك وسوف تكونين فكرة أوضح".
قالت وهي تنظر الى الكراسة , التي دفعها اليها عبر الطاولة :
" كم أتمنى لو أذهب معك , فأنا لا أطيق فكرة ذهابك بمفردك".
" سوف أكون مع مجموعة كبيرة من الرفاق , وبأمكانك أن تكتشفي بنفسك أن هذه رحلة منظمة".
أطرقت وهي تعقب:
" لا زلت أشعر ببعض القلق يا بارت".
كم صعب عليها التظاهر بالجهل , فقط, لو أنها أستطاعت أن تقول:
" أعرف أن قلبك ضعيف ولذا أريد مرافقتك حتى أعتني بك".


الساعة الآن 07:16 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.