11-06-11, 02:30 AM | #43 | ||||
| و نظرت إليه شارلوت و قالت: -نعم. و أجابها بإيماءة صغيرة قبل أن يغادر و لمدة ثلاثة أيام لم تر شارلوت زوجها إلا أثناء وجبات الطعام. كانت نهارات طويلة و شعرت بالوحدة, فقلما ابتعدت عن الفيلا. و تناولت طعام الافطار في سريرها و بعدها إما تأخذ حماما شمسيا أو تتمشى في الشاطئ. لم تسبح ولم تصادف زوجها ثانية كما فعلت في ذلك الصباح. طعام الغداء كان دائما الساعة الثانية. و بعد الغداء كانت تذهب إلى سريرها وفي يدها كتاب من المكتبة التي عرفتها عليها ماريا. و كان يحضر أليكس لتناول الشاي في الشرفة معها الساعة الخامسة و طعام العشاء الساعة الثامنة. كانت تنتهي وجبة العشاء بين التاسعة و التاسعة و النصف, و كان أليكس يذهب بعدها إلى غرفة الجلوس للاستماع إلى الموسيقى ة لكنه لم يدعها أبدا, و بالتالي كانت تذهب إلى سريرها معظم الأيام في الساعة العاشرة حتى لو لم تنم. أحيانا كانت تصادف فيتوريوس و ديميتريوس في الفيلا. و علمت من صوفيا أن الاخوين سانتوس يعيشان في القرية و لكن بما أن أليكس كان في اجازة فلم يكن وجودهما ضروريا شعرت بالوحدة خلال تلك الأيام حيث أن عدد الكلمات التي تبادلتها مع أليكس أثناء طعام الغداء و العشاء كانت معدودة ومن الصعب القول أنها محادثة. كانت محادثاتها الوحيدة مع الخدم. وفي صباح اليوم الرابع كانت تجلس على الشرفة تقرأ كتابا وهي ترتدي بنطلونا قطنيا و بلوزة عندما أتت صوفيا لتعلن أن السيدة ألني فولكنر وصلت وهي تنتظرها في الصالون. ورددت شارلوت الاسم: -السيدة ألني؟ و نهضت بسرعة و تركت زجاجة الكريم التي كانت تستعملها للوقاية من حروق الشمس و استفسرت... من هي؟ و تعجبت صوفيا بنظرات عدائية كالعادة, و كأنه من المفروض أن تعرف سارلوت من هي السيدة ألني؟ -إنها جدة أليكس. و رددت شارلوت: -جدة أليكس. كان قد أخبرها أن جدته تعيش في الجزيرة و لكن ماذا تفعل هنا الآن؟ و أين أليكس؟ و استوقفت شارلوت صوفيا متسائلة: -هل تعرفين... هل تعرفين أين... أين زوجي؟ و أجابتها صوفيا باليونانية: -لا اعرف. و بالرغم من معرفة شارلوت الضئيلة فهمت ما تعنيه صوفيا. و أجابت: -حسنا. و صرفت الفتاة و دخلت إلى الفيلا. كانت ألني فولكنر طويلة القامة, حتى أنها أطول من شارلوت, لم تكن نحيلة و كانت ترتدي ثوبا أسود طويلا. وبدا غريبا لشارلوت أن معظم السيدات اليونانيات يفضلن الألوان القاتمة في هذا الطقس الحار بينما الألوان الفاتحة تخفف الحرارة. كانت ألني سمراء و شعرها الأبيض واضحا متناقضا مع لون ثوبها. و بالرغم من أن شارلوت قدرت عمرها بين السبعين و الثمانين. لم يكن ظهرها محنيا و لم تظهر علامات الضعف و العجز عليها. و دخول شارلوت من الضوء الساطع إلى الظل أعطى المرأة العجوز الوقت الكافي لتتفحصها بينما تعتاد على الضوء الداخلي. و بادرتها ألني فولكنر بقوة و صراحة: | ||||
11-06-11, 03:43 AM | #44 | ||||
| -إذا أنت شارلوت. لماذا لم يحضرك حفيدي لمقابلتي؟ و قالت شارلوت: -ألا... ألا تتفضلين بالجلوس, سيدة فولكنر؟ أنا... أليكس. ليس هنا الآن. فنظرت شارلوت حولها و رأت ماريا تقترب من الباب فشعرت بالارتياح و استدارت إلى زائرتها وقالت: -ما رأيك بفنجان قهوة؟ فأجابت ألني بعصبية: -أنا لا أشرب القهوة, شوكولاتة, نعم. و هزت شارلوت كتفيها و نظرت إلى ماريا: -هل يمكنك احضار الشوكولاتة للسيدة فولكنر؟ و لما اومأت ماريا رأسها بالإيجاب تابعت شارلوت قائلة: -لاثنين إذا أمكن. فابتسمت ماريا تودد و انصرفت. و جلست شارلوت مقابل زائرتها وقالت في محاولة لبدء حديث: -لا أعلم أين ذهب أليكس. أنا آسفة أنه ليس موجود ليراك. أنا متأكدة أنه سينزعج إذا لم يرك. ربما أمكنك أن تتناولي يوما معنا طعام الغداء أو العشاء. فاستوقفتها ألني قائلة: -أرجوك عدم خلق الاعذار, أنا لم أسألك أين حفيدي, فأنا أعرفه جيدا. على الأغلب أنه على ظهر أحد الزوارق, ولكني سألتك لماذا لم يحضرك لرؤيتي؟ و أجابت و كأنها لا حول ولا قوة لها: -أنا... نحن وصلنا فقط منذ أربعة أيام و لم يكن عندنا وقت. -كلام فارغ. أليكس يعرفني, و يعرف أني انتظرت عشرين عاما ليتزوج, فليس من الكثير علي أن أكون مشتاقة لرؤية زوجته. و شبكت شارلوت يديها حول ركبتيها و قالت: -بالطبع لا. و لكن يعني... أنت تعرفين كيف تسير الامور... -لا أعرف و لهذا أسألك. لم تكن ألني لتتركها تفلت من هذا السؤال. و تذكرت شارلوت أنه عندما كان ينوي أليكس اصطحابها بجولة في الجزيرة كان على ما يبدو ينوي أخذها إلى جدته ولكنها رفضت الذهاب معه. و ادركت شارلوت أنه ما من فائدة للأعذار فقالت: -أنا آسفة لم أتخيل أنك مهتمة برؤيتي إلى هذا الحد. و ضاقت عينا ألني وقالت: -ولم لا؟ لماذا لا أكون مهتمة بحفيدتي الجديدة؟ | ||||
11-06-11, 03:56 AM | #45 | ||||
| وما كانت تقصده شارلوت هو أنه في انكلترا الجدات و الاجداد لا يهتمون عادة إلى هذا الحد بشؤون أحفادهم. و ارتاحت شارلوت عندما سمعت صوت زوجها مرحبا بجدته وقد اتكا على الباب وهو يرتدي البنطلون القصير و قميصا قطنيا. و دخل إلى الغرفة و قبّل يد جدته وقالت له ألني: -الكسندروس. وحدقت به محاولة الاستفهام ثم تابعت قائلة: -لماذا تخفي زوجتك عني؟ واعتدل أليكس في بوقفته وقال: -جدتي ما زلنا حديثي العهد في الزواج... هل كنت أنت و جدي تواقين لرؤية الناس في شهر عسلكما؟ كان ذلك مختلفا لأني أنا و جدك لم نقض شهر العسل بين العائلة. و أنت وعدتني بأن تأتي لرؤيتي. وشعرت شارلوت بالضيق لسماعها تلك المحادثة, من جهة لأنها أحست بمسؤوليتها عن تقصير زوجها في حق جدته. ومن جهة ثانية لأنه كان يعطي جدته فكرة خاطئة عن طبيعة علاقتهما, ولكن ماذا كان بإمكانه أن يقول؟ كيف يشرح لتلك المرأة العجوز الجاهلة أن السبب الوحيد لهذا الزواج هو لعة قمار ورغبة مؤخرة بابن وريث. وعادت ماريا بالشوكولاتة الساخنة و اقترحت احضار فنجان ثالث عندما شاهدت أليكس. لكنه اجابها بالرفض. و أستدار إلى جدته قائلا: -ستبقين طبعا معنا على الغداء.. سأذهب لتبديل ثيابي. ونظرت إليه جدته و قالت: -لا. الكسندروس, لن أبقى على الغداء اليوم. لم آت لأتدخل بخصوصياتك. أتيت لأقابل زوجتك وها أنذا. و نظرت إلى شارلوت وقالت: -إنها جميلة ولهذا على ما يبدو تريد أن تحتفظ بها لنفسك. ولكن أتوقع رؤيتكما قريبا, أليس كذلك؟ ونظرت شارلوت إلى زوجها وهي مدركة أنه يتوقع منها شيئا ثم قالت: -أرجوك ابقي على الغداء, فهذا يسرني حقا. -شكرا يا عزيزتي ولكن أنا أعرف عندما يكون وجودي غير مرغوب به. و أشارت ألني إلى الشوكولاتة الموجودة على المنضدة بجانب شارلوت و قالت: -إذا كان بإمكاني تناول بعض الشوكولاتة ثم أذهب. -شوكولاتة! آه, نعم. أنا آسفة. كادت شارلوت أن تنسى الشوكولاتة و حاولت أن تسكبها بدون أن تدلقها. و قطبت ألني وهي تحدق بأليكس قائلة: -ما بك يا بني تبدو شاحبا؟ و نظرت إلى شارلوت وقالت: -ويبدو أن زوجتك مرتبكة بوجودي, ماذا حكيت لها عني؟ وابتسم أليكس بدون أن يفقد جديته وقال: -يا جدتي, انت تتخيلين الأشياء. و ثانيا اعطاؤك ملاحظة عن ارتباك شارلوت بحضورها يزيد من ارتباكها. | ||||
11-06-11, 04:13 AM | #46 | ||||
| و هزت ألني كتفيها وتناولت الشوكولاتة من يد شارلوت وتابعت: -صحيح أنها نحيلة و لكن بعد الحمل و الولادة, كل شيء سيتغير. -لا أتمنى ذلك, فأنا معجب بها كما هي. شربت الني الشوكولاتة ببطء في حين أن شارلوت وجدت صعوبة حتى في ابتلاعها. ولما كانت جدة أليكس قد رفضت البقاء على الغداء, فلم يذهب هو لتبديل ثيابه و شعرت بالارتياح لذلك ولو أن ذلك كان يعني أنه ربما سيذهب في اللحظة التي تغادر فيها جدته. و أخيرا قررت الني الذهاب ورافقها اليكس و شارلوت إلى الباب. و لدهشت شارلوت كانت هناك عربة بانتظارها يجرها حمار, فتركت زوجها و جدته بدون شعور, و اتجهت إلى الحمار تتلمس عنقه و تحدثه... لم يكن قد خطر لها كيف جاءت ألني من الطرف الآخر من الجزيرة, فلم تر أي سيارة منذ وصولها إلى الجزيرة و لما كانت كل الأمكنة على مسافات قريبة يمكن قطعها سيرا فلم يخطر لها أن هناك أي وسيلة للمواصلات. و اقتربت منها ألني و صعدت إلى العربة و ساعدها أليكس في ذلك, و أمسكت باللجام و السوط لتنطلق. و سألتها شارلوت بحرارة و تلقائية: -ما اسمه؟ و نظرت إليها ألني باستغراب و أجابتها أخيرا: - بيبي, أنت تحبين الحيوانات أليس كذلك؟ فأومأت شارلوت بتشوق و قالت: -أنا أحبها, كان عندنا كلب... و ترددت قبل أن تتابع: -وبعد وفاة والدتي و ذهابي إلى المدرسة لم يعد هناك من يصطحبه في نزهته اليومية, فقرر والدي أننا يجب أن نتخلص منه. تبادل أليكس النظرات مع جدته ثم انطلقت ألني و قالت: -يجب أن أذهب الآن و سأراكما بعد أيام قليلة. لا تنسى يا أليكسندروس. و غادرت العربة باتجاه القرية و شعرت شارلوت بالضيق نوعا ما, فبالرغم من الضغط الذي تعرضت له أثناء محادثتها مع جدة أليكس كان هناك بعض التشويق. و الآن عادت الأمور إلى رتابتها و إلى الروتين الطبيعي. عاد أليكس إلى المنزل و لحقت شارلوت به و دخلت إلى القاعة لتجد كرسيها الذي تركته في مكانه و كذلك الكتاب الذي كانت تقرأه قبل مجيء ألني. لم تر أليكس و لربما اتجه إلى غرفته, وكانت شارلوت قد استنتجت أن أليكس يحتل غرفة قريبة من غرفتها و اللمحة الخاطفة التي رأتها منه أن غرفته لم تكن مترفة و إنما عادية جدا بالمقارنة مع غرفتها؛ أغطية السرير و الستائر كلها عادية و كذلك الأريكة الموضوعة بجانب سريره. كانت الساعة الثانية عشرة و أمامها أكثر من ساعتين لإضاعتهما حتى يحل طعام الغداء. وشعرت بالحر و رطوبة الجو و تمنت لو أنها تعرف أين بركة السباحة التي ذكرها لها أليكس و بعدها تناست الفكرة, فما من طريقة يمكنها بها اكتشاف مكانها. كان الطقس حارا جدا و ليس من المناسب السير حول الجزيرة. و كانت تتردد في الرجوع إلى الشرفة عندما شعرت بيد أليكس تبعدها و يخرج إلى الشرفة و استند إلى أحد الأعمدة و نظر إليها و كان قد غير ثيابه. -حسنا شارلوت. بماذا تفكرين؟ و اعترفت شارلوت: -كنت أفكر بأني أشعر بالحر و الرطوبة. | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|