05-06-11, 12:48 PM | #21 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| بدت جولي مرتبكة: " أين هي أذن؟". أجابت لوسي: " أنها في المنزل الجديد , بالطبع , لا لزوم لأحضارها , أليس كذلك؟ أذ أنتما لن تبقيا هنا طويلا". أحست جولي بصبرها ينفذ: " لكنني لا أستطيع أن أتدبر أمري بما أحضرته معي الى هنا أكثر من أيام معدودة ". رفعت لوسي كتفيها بلا مبالاة: " يمكنك في أي حال شراء ثياب أخرى جديدة , لا أعتقد أن الثياب التي كنت ترتدينها في مالايا ستكون ملائمة هنا , ثم , هناك أختلاف الطقس بين البلدين , كما أنني آمل في أن تواكبي , من الآن فصاعدا , الموضة , خصوصا أنك الآن أرملة مايكل". لحقت بهالبيرد الى خارج الغرفة من باب كان أشار اليه , لتجد نفسها في غرفة طعام فسيحة , مضاءة , الطاولة فيها كبيرة , ذات زخرفة ساحرة الألوان , على الطاولة طبق واحد , فنجان قهوة , رقائق خبز طازج ومربى , فضلا عن مقلاة صغيرة وضعت على سخانة , فجأة , أحست جولي بميل الى ابكاء , للفتة هالبيرد الطيبة حيالها. هتفت وهي تلتفت نحوه: " لم يكن كل هذا ضروريا , كما تعلم". أبتسم الرجل وهو يجيب: " لم تتناولي طعام العشاء الليلة البارحة , أنا متأكد أنك جائعة , والمرء , متى أمتلأت معدته , رأى كل شيء في حال أفضل". حدجته جولي بنظرة ثاقبة , ألا أن العذوبة والرقة لم تغادرا قسمات وجهه , وعلى رغم هذا , شعرت أن هالبيرد يشفق عليها , لكنها أحست بسعادة تغمرها أذ أطمأنت الى وجود شخص واحد على الأقل لا يمانع في وجودها في تلك الشقة. وعلى رغم حالها النفسية البائسة وتوتر أعصابها , شعرت بالجوع , فتناولت أفطارا جيدا , وما أن أنتهت حتى شعرت بنفسها أكثر أستعدادا لمواجهة عالمها عموما , وآل بمبرتون خصوصا. وبينما هي تتبادل أطراف حديث مع هالبيرد , دخل روبرت غرفةالطعام , كان يرتدي بنطالا من المخمل أخضر غامقا , وقميصا باللون ذاته , وأرخى على كتفيه معطفا قصيرا مناسبا , بدا ضخما , ذا أطلالة تتميز بالقوة والتأثير , حاولت جولي جاهدة ألا تنظر اليه. " حسنا؟ ( بادرها بصوت أجش , قاطعا عليهما حديثهما ) هل أنت جاهزة؟". رفعت جولي , نظرها تستوضحه: " جاهزة ؟ جاهزة لأي غرض؟". حدّج روبرت هالبيرد بنظرة ذات مغزى , فأنسحب الخادم بتهذيب , عائدا الى غرفة الجلوس ليكمل ما كان بدأه . عاد يسألها , وهو على مسافة قصيرة منها: " ألم تنبئك أيما بالترتيبات المتفق عليها؟". أطرقت جولي قليلا قبل أن تنهض من كرسيها وتسوي كنزتها فوق وركيها , ثم أجابت: " لقد ذكرت شيئا بهذا الخصوص..... ذهابها معك لمشاهدة المنزل الجديد". " بالضبط , طبيعي أنك ترغبين أنت أيضا في مشاهدة منزلك الجديد". أجابت والسخرية ترتسم على وجهها: " أوه , شكرا لك ألتفاتتك الطيبة هذه". " بحق السماء , جولي , لا يمكننا أن نستمر على هذا المنوال , أوليس من المنطق أن نتصرف بأسلوب أكثر حضارة , وأيما بيننا؟ بدأت أشعر بالقرف من أستمرار هذا الجدال المتواصل". " وأنا كذلك أشعر ما تشعر به". " أذن؟". " الأمر سهل بالنسبة اليك, أليس كذلك؟ فأنت تسيّر الأشياء بحسب ما تقتضيه مصلحتك , أم تراني مخطئة هنا؟". " بالله , كفي عن هذا الأسلوب , جولي , ماذا تريدينني أن أقول؟ أنني أفعل ما أستطيع لأكون سمحا". " سمحا! ( وأعترى جولي غضب عظيم ) وما الذي يدفعك الى أن تكون سمحا؟". " أنت! ( وبعد أطراقة أردف قائلا) أوتظنين أنني كنت أقبل بهذا الوضع لو كان لي خيار في ذلك؟". " أنها مشيئة والدتك؟". " لكن , ليس هذا ما كنت أسعى اليه! ( وبدا صوته متهدجا ) صدقيني , جولي , أبتهلت الى الله كي لا أراك ثانية!". أحست جولي بغصة حارقة تصعد من حلقها وأشتعل خداها : " أنني...... أنني متأكدة أنك صليت". " أوه , جولي! ( وبدا في نبرات صوته الأجش بعض من ألم ) هذا الجدل لن يوصلنا الى نتيجة , ما مضى قد مضى , وعلينا كلانا أن نتقبله بحسناته وسيئاته , لقد قرر مايكل أن تكوني وأيما في عهدتي , فلنحاول ألا ننسى هذا على الأقل". " وكيف لي أن أنسى؟". أقترب منها روبرت يؤاسيها واضعا يده على كتفها كما لو أنه أراد أن يؤكد لها أنه يحس بالألم الذي يأكلها , فأنتفضت مبتعدة , كما لو أن برودة يده أحرقت جسمها , ظهر الغضب جليا في قسماته لتصرفها غير المتوقع , فأستدار مبتعدا وخرج عائدا الى الصالون. فجأة , فتح باب غرفة الجلوس , وظهرت أيما عند عتبته , وأرتسمت على وجهها علامات تساؤل أذ لاحظت تكدّر والدتها: " ما الأمر , أمي ؟ هل أنت تبكين أبي ثانية؟". " أنني لا أبكي , حبيبتي ...... لقد ......دخل عيني قذى , هذا كل ما في الأمر". | ||||
05-06-11, 01:10 PM | #22 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| عقدت أيما حاجبيها لحظة , ثم بدا أنها قنعت بتفسير أمها: " نحن في أنتظارك , ألا تودين الذهاب؟". ترددت جولي , كانت تود الذهاب , لكن قضاء فترة ما قبل الظهر في صحبة روبرت قد تكون بمثابة كارثة لحالها النفسية والذهنية , ثم أستدركت , أن قضاء هذه افترة في رفقة لوسي بمبرتون سيكون أكثر ألما ومعاناة. أجابت وهي تحاول أن تضفي على صوتها أهتماما بموضوع الذهاب , وجهدت في أن تظهر مظهر الممسك بزمام نفسه: " طبعا , أريد الذهاب , لو أنك أيقظتني باكرا لما أضطررت الى أنتظاري كل هذه المدة". بدا روبرت مرتاحا لكلامها: " حسنا , غير أنه عليك أرتداء معطفك , فعلى رغم أن الشمس مشرقة , ألا أن البرد خارجا قارس , صدقيني". أومأت برأسها موافقة , وبخطوات حثيثة تركت الغرفة. ما أن رآها روبرت تدخل الغرفة ثانية , حتى أطفأ عقب سيكاره وتوجه نحو الباب , لحقت به أيما بخطوات تحرّكها الأثارة والأنفعال , أما لوسي فبدت غير راضية أطلاقا. وسألت أبنها: " متى أنتم عائدون؟ أنها الحادية عشرة تقريبا , الآن! ( وحدّجت جولي بنظرة قاسية , ثم أستطردت تقول ) ظننت أنك راغبة في الذهاب الى السوق , على ما ذكرت". جمدت جولي في مكانها لدى سماعها كلام حماتها , فهي لم تقترح فكرة النزول الى السوق , بل تلك كانت فكرة لوسي , وأجابتها وعيناها على روبرت تتبيّن رد فعله: " يمكننا الذهاب في يوم آخر". " حسنا". وأحنت لوسي رأسها أستسلاما. فتح روبرت باب الغرفة وقد عيل صبره. " هل أنت قادمة أم لا؟". عضّت جولي على شفتها وبحركة خفيفة من كتفيها سارت في أتجاهه وهي تجيب بصوت جلي: " بل أنا قادمة". بعد أن أفسحت المجال لأيما لتجلس في المقعد الخلفي , أخذت جولي مكانها في المقعد الأمامي وجلس روبرت في مقعده خلف المقود , أغلق باب السيارة وأدار محركهها. لم تكن جولي تعير أنتباها الى ما حولها وهم منطلقون في السيارة , حتى تناهى اليها صوت أيما تسألها عن أسماء الأمكنة التي كانوا يمرون بها , أدركت عندئذ أن روبرت يجول بالسيارة في وسط المدينة ليتمكنا من مشاهدة معالمها , وبينما هي تنظر عبر زجاج النافذة , تتعرف على محلات شارع أوكسفورد أذا بأيما تسألها: " أليس الأمر مثيرا , أمي؟ عمي روبرت سيعبر بنا السوق الآن , صعدا في أتجاه قصر باكينغهام !". أرتسمت أبتسامة حنونة على وجه جولي وعلّقت قائلة: " لا بأس , ما دمت لا تتوقعين مقابلة المكلكة , أذ هي ليست على معرفة بقدومك". غرقت قسمات وجه أيما في ضحكة رائعة , فيما أحنت جولي رأسها . بعد أن عبرت السيارة أمام القصر , وعبّرت أيما عن فرحتها الكبيرة لرؤية الجرس خارجا , رغب روبرت في أفساح المجال للطفلة لتشاهد مبنى البرلمن فأنعطفت السيارة في أتجاه بيردكابج ووللك ثم قطعت جسر نهر وستمنستر , بعد أن تخطت السيارة المبنى المذكور , أنطلقت مسرعة , فنظرت جولي الى روبرت بتساؤل : " هل لي أن أسألك الى أين نحن, الآن , ذاهبون؟". خفف بعد حين من سرعة أنطلاق السيارة , وكانوا قد وصلوا الى تقاطع طرق , نظر اليها وقال: " نحن الآن على طريق واتفورد ووجهتنا ثورب هيلم. قالت أيما وقد عقدت حاجبيها: " لم أسمع بهذا الأسم قط". " كيف لك أن تسمعي بها؟ ليست , في الواقع , مكانا شهيرا , أنها قرية , مجرد قرية". " وفيها..... منزلنا الذي نقصد؟". " نعم". تدخّلت جولي تستوضحه: " سنكسن هنا , أذن؟ ما الذي دفعك الى أختيار هذا المكان؟". تردد روبرت لحظة , وأصابعه تشد بثبات على المقود , وأجاب: " في الواقع نأمل , باميلا وأنا , أن نعيش , بعد زواجنا في فارنبورو أذ أن والديها يسكنان في أوبنغتون , وبالتالي , لا تريد أن نسكن بعيدا عنهما , وثورب هيلم على بعد عشرة أميال من فانبورو". لم يرق جولي ما قاله , ذلك أنه متى تزوج وسكن حيث أشار , سيكون على بعد عشرة أميال منها فقط , وهذا أمر لم تستسغه , وأحست بشوق قوي الى الطمأنينة , وراحة النفس اللتي عرفتهما في منزلها في رانون. أدركت , فجأة , أن عليها أن تقول شيئا ما , طوت قفزيها ووضعتهما في حضنها , وسألته: " كنت أعتقد أن الشقة تلائم وضعك أكثر من منزل في هذه الديار , فهي قريبة من مكتبك , أم تراك لم تعد تدير أعمالك شخصيا هذه الأيام؟". كان سيل السيارات خفّ ثانية , فتخطى روبرت بضع شاحنات كانت تسير أمامه بطء , قبل أن يجيب: " طبيعي أنني لا أزال في عملي في الشركة , أذ العيش بقية حياتي مترفا , متعطلا , فكرة لا تروق لي , ألا أنني , حالما أتزوج , سأقلّص من نشاطاتي خارج البلاد , وهذا أيضا أمر طبيعي". | ||||
06-06-11, 11:31 PM | #23 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| القت جولي ملاحظة بسخرية: "حقا , لقد تغيّرت فعلا!". لم يعجبه قولها هذا فحدّجها بنظرة قاسية , ولفتها قائلا: " أعتقدت أننا أتفقنا على ألا نخوض في جدل من هذا النوع في حضور أيما؟". أوضحت جولي معترضة: " لكنني لم أقصد شيئا". ثم أدركت أن ردها هذا هو الجدل بذاته فأردفت قائلة: " حسنا , في أي حال , كون كلامي لم يعجبك , لا يعني أن ملاحظتي التي أبديتها قصدت بها نقاشا!". بدا روبرت غير مقتنع بما قالته , غير أنه لم يعلق على كلامها , فشعرت جولي باللوم لتسببها في شرخ آخر بينهما , وتساءلت لماذا لا يكون في مقدورها أن تقبل الوضع على ما هو , فلا تعذب نفسها بتصورات لما قد يحدث مستقبلا؟ نظرت جولي الى أيما , أقتربت الطفل , وبحركة عفوية عانقت والدتها , قاومت جولي أحساسا بالبكاء كاد يفضح أشفاقها على ذاتها , لقد أختارت طريقها في الحياة , وأصرت يومها على تفادي الذل برفضها مساعدة روبرت لها حين كانت في أمس الحاجة اليها , فكيف يمكنها , الآن , أن تلوم روبرت على عمل لم يكن على علم به؟ ولكن , والحقيقة تقال , كان هو أيضل ملوما... أنعطفت السيارة عن الطريق الرئيسية وأتجهت في أخرى فرعية لولبية الشكل توصل الى قرية ثورب هيلم , في الريف , بدا المكان جميلا , حتى أن جولي لاحظت ذلك على رغم كآبتها , أشارت أيما الى بحيرة صغيرة وسط الأخضرار حيث سرب من البط يسبح بأطمئنان. أوقف روبرت السيارة في محاذاة السيارات الأخرى , ثم ألتفت نحو جولي , وقال: " حسنا ؟ ( وبدا كأنه ينتظر جوابا ليعرف رأيها)". كانت لا تزال تتأمل المنزل , بدت عاجزة عن جمع شتا أفكارها , أحكمت معطفها غير شاعرة بروبرت يخرج من السيارة هو الآخر ليساعد الطفلة على الترجل من المقعد الخلفي , الى أن أخذت تعدو هذه نحوها هاتفة: " هل هذا هو المنزل الذي سنسكن فيه , أمي؟ ألا ترين أنه رائع ؟". ثم هرولت تتقدمهما , من دون أن تنتظر جوابا , أحست جولي بروبرت الى جانبها , رفعت نظرها نحوه وبدرت منها حركة عفوية وهي تقول: " أنه جميل , كيف حظيت به؟". دسّ روبرت يديه في جيبي معطفه , وأجاب: " كان معروضا للبيع في سوق ال****ات منذ ثلاثة أشهر , تاريخ وفاة مايكل تقريبا , أشتريته ..... لأنه أعجبني". " لكنني في ذلك الوقت لم أكن قد دعيت الى العودة بعد؟". خطا روبرت خطوتين الى الأمام ثم عاد يلتفت اليها ليسألها: " وهل هذا مهم؟". وأكمل سيره يلحق بأيما في أتجاه المنزل , دفع بابه ودخلا. تبعتهما جولي بخطى متمهلة , أرادت أن تشبع نظرها بالمنزل وتستوعب فكرة كون هذا المكان هو حيث ستعيش , ربما بقية حياتها ! لكن , لا , فحالما تصبح أيما في سن تؤهلها لترك , فسوف تستأجر شقة بمجرد أن يتحسن وضعها المالي , وبدا مستغربا كيف أن فكرة الزواج ثانية لم تراودها ...... أقله حتى الآن........... كان روبرت وأيما دخلا الى الرواق الكبير للمنزل , بدأ هو يتحدث الى رجلين في أمور مختلفة تتناول موضوع تأهيل المنزل , كان الجو ممتلئا برائحة الطلاء الجديد , وخلافا لما هو متوقع , كان الدفء يغمر أرجاء المنزل , وأدركت جولي أن التدفئة المركزية للمنزل كانت تعمل. أنتظرت حتى ينتهي روبرت من حديثه مع الرجلين , وكان يستوضحهما في شأن التصليحات المختلفة , ما أن أبتعد الرجلان عائدين الى عملهما حتى أستدار ناحيتها وقال: " قاربت التصليحات أن تنتهي , الأثاث لم يصل بعد ألا أنه في أمكاننا ألقاء نظرة على المكان أذا رغبت في ذلك". أومأت جولي أيجابا وهي تقول: " أنني أتوق الى ذلك ( ثم ترددت هنيهة ( أوه.... أوه..... روبرت؟". " ما بالك". " أنني ....... أشكرك". " تشكرينني؟". " ظننت أن مسألة الجدل حسمت بيننا؟". " حسنا , حسنا , أنني أسف , يبدو أننا لسنا أهلا لنتحاور في شكل طبيعي, أم ترانا نستطيع أذا أردنا ذلك؟". " يبدو هذا مستحيلا". أبتعدت جولي تسير في أتجاه باب يؤدي الى غرفة تقع على يمين الباب الرئيسي , تبعها روبرت , تاركا أيما تكتشف المكان لوحدها , وقال وقد بدت نبرة صوته جدية: " هذه غرفة الأستراحة خاصتك , قد لا يعجبك لون الطلاء , ألا أن الوقت دهمنا فلم نستطع أنتظارك لتختاري اللون الذي تريدين , يمكنك أن تغيري اللون أذا شئت فيما بعد". " هل أخترت الأثاث كذلك؟". تردد روبرت قليلا , ثم أجاب : " كلا , في الواقع باميلا هي التي أختارته". " كان ذلك لفتة كريمة من قبلها , أتعرف ماذا أختارت؟". " الأشياء الضرورية فقط , أما الديكور , فيمكنك أن تختاريه شخصيا في ما بعد , اللوحات , والى ما هنالك". | ||||
07-06-11, 11:46 PM | #26 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| " لا بأس . ماذا تعني بالأشياء الضرورية؟". " آه , سجاد ,مفروشات , جهاز تلفزيون , الخ ........... أعتقد أن سجادة هذه الغرفة لونها أزرق رمادي , يتناسب ولون ورق الجدران". أستدارت جولي , وخرجت من الغرفة , تعبر الرواق الى غرفة أخرى مقابلة , وسألت تستوضحه: " هذه غرفة أستقبال أخرى على ما أعتقد؟". " ذلك يعود اليك تحديده". وتقدّم ليفتح بابا جرارا في وسط الغرفة يفضي الى صالة تبدو مثالية لأقامة الحفلات والمآدب. أنتقات جولي أليها , ولاحظت أذ نظرت الى الخارج , الحديقة الكبيرة التي خلف المنزل , أشجارها مثمرة وأرضها يكسوها العشب مما يشير الى وجود بستاني يرعاها. سمعت وقع أقدام في الطبقة العلوية , فأستنتجت أن أيما تمضي أوقاتا ممتعة في تفقد أرجاء المنزل , فتحت بابا آخر يفضي الى الرواق وألقت نظرة على الأبواب الأخرى. بادر روبرت يوضح وقد لاحظ نظراتها المتسائلة: " هناك غرفة مخصصة لتمضية فترة الصباح , غرفة أفطار أذ صح التعبير , أو سمها ما شئت , مطبخ كبير وملحقات مختلفة , والآن , هل تريدين الصعود الى الطبقة العلوية ؟". بانت بوادر ضحكة مكتومة على شفتي جولي , أذ أن التوتر بينهما كان على أشده , وخيّل اليها أنها أذا لم تضحك فقد تنفجر بالبكاء. عقد روبرت حاجبيه , وسألها: " هل هناك أمر يدعو الى الضحك؟". عادت جولي الى رصانتها , وهزت رأسها نفيا : " كلا , بالطبع". مشى روبرت الى أول السلم , ثم قال بصوت بارد , وقد أدرك ما دفعها الى الأبتسام : " يمكنك الصعود بمفردك , أذا كنت تفضلين ذلك". رفعت نظرها اليه وخانها الكلام أولا , ثم جهرت بصوت جلي: " أنا آسفة , روبرت , أحتاج الى وقت كاف , أنا.... لست أدري , الأمر كله ...... مختلف". حدّق فيها طويلا قبل أن يجيب بصوت أجش: " أوتظنين أنني لست مدركا لهذا الأمر؟". أرتعشت جولي في غمرة الأحاسيس التي لم تستطع السيطرة عليها كليا , ومن دون أن تنبس بكلمة , أستدارت وصعدت الدرجات بحثا عن أيما.... والأمان. في أحدى الغرف العلوية للمنزل , وجدوا الصندوقين الكبيرين اللذين كانت جولي شحنتهما بحرا من مالايا , فبادرت أيما ترجو والدتها فتحهما . أعترضت جولي , قائلة: " لكن , ليس هناك خزائن جاهزة لوضع محتوياتهما ( ثم أستدركت , أذ تذكرت حاجتها الى بعض من ملابسها ( لكن قد يكون من الأفضل أن نأخذ معنا الى الشقة بعضا من هذه الملابس ( ورفعت نظرها نحو روبرت تستوضحه ) الى متى.... سنبقى في الشقة قبل أنتقالنا الى هنا؟". " لقد أعلمني المتعهد بأن المنزل سيكون جاهزا خلال أسبوع تقريبا , لذا تستطيعان الأتقال اليه بعد نحو عشرة أيام". " عشرة أيام ! ( ردّدت جولي , وقد فاجأها طول المدة , فتحت حقيبة يدها تبحث فيها عن مجموعة مفاتيح لصندوقي السفر , وأستطردت ) أذن , علينا أن نستعين ببعض من ملابسنا , فلا يعقل أن نبقى , أيما وأنا , في ثيابنا هذه نفسها طوال هذه المدة". جلس روبرت القرفصاء الى جانب الصندوقين يتفحّص الأقفال , وقال يلفت جولي الى أن هذا الأمر ليس ضروريا : " يمكنكما شراء بعض الملابس الجديدة". " أتظن أن هذا ممكن ؟ بماذا؟". " أن لوالدتي حسابا مفتوحا في كل محلات المدينة , يمكنك شراء ما ترينه ضروريا وتضيفين ثمنه الى حسابها". " كلا , شكرا ( وتابعت تقلب أغراضها في قاع حقيبتها ) اللعنة , أين هي المفاتيح؟". " لم هذه افظاظة ؟ يجب أن تدركي , كونك أرملة مايكل , أن في أستطاعتك طلب أي شيء تحتاجين اليه". رفعت عينين يملؤهما الغضب: " ماذا؟ أتريدني أن أفعل هذا لأفسح لوالدتك بأن تعيّرني بالأعتماد عليك أعتمادا مطلقا؟". تجهم وجه روبرت وغمغم متوعدا : " يوما ما , جولي.....". تنهد وعاد يجلس القرفصاء الى جانب الصندوقين . أخرجت جولي المفاتيح , فتطاول روبرت يتناولها من دون أن يتفوه بكلمة , بعد أن تفحصها جيدا وجد مفتاح الصندوق الأقرب اليه , عالج قفله في حركة عصبية , ثم أرخى الرباطين الجلدين اللذين يحكمان الصندوق , وفتحه. قفزت أيما فرحا وكادت تلج الصندوق لكثرة أنفعاله , لو لم يمسك بها روبرت , أستجمعت جولي نفسها وهزّت رأسها أذ أستعصى عليها الكلام ثم بادرت تقول والأرتباك يعاودها : " أن.... ملابسنا في الصندوق الآخر". أقفل روبرت الصندوق , وبدت الخيبة في وجه أيما , شدّ الرباطين وأحكم القفل , ثم.... وضع المفاتيح في جيبه , حدّقت فيه جولي مستغربة تصرفه , أما هو فبادرهما : " هيا بنا , هذا يكفي , الآن". أشارت جولي معترضة : " لكن , ماذا عن ثيابنا؟ ". ألا أنه مشى الى الباب وهو يجيبها: " في ما بعد". | ||||
08-06-11, 12:15 AM | #27 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| رفعت جولي كتفيها لا تفهم تصرفه , وركلت الصندوق الذي أمامها برأس حذائها , وقالت مصرة على فتح الصندوق: " يجب أن آخذ بعضا من هذه الثياب". نظر اليها وقال يحسم الأمر: " لا أعتقد أنك تريدين فتح هذين الصندوقين , هيا بنا الآن لقد تأخرنا , وأنا جائع". ترددت جولي لحظة قبل أن تذعن لأرادته , لم تكن تريد حقا فتح الصندوق , ليس الآن , ولم تستطع ألا أن تعجب بقوة حدسه ونفاذ بصيرته. قال روبرت فيما هم يصعدون الى السيارة: " سنتناول غداءنا في مطعم ( الثور الأسود ) في القرية , قيل لي أنهم يحسنون المشويات , هل تحبون المشويات؟". أطهرت جولي لا مبالاة للسؤال , وهي تعتدل في مقعدها : " لا مانع لدي أذا كان هذا ما ترغب فيه". تجهم وجه روبرت , ولم يعلق بشيء , أدارك محرك السيارة وأنطلق بها . لم تكن صالة الطعام ممتلئة , وبدا رئيس الخدم منزعجا أذ رآهم يدخلون , فبادر بلهجة جازمة: " أخشى أننا لن نستطيع خدمتكم , فالساعة تعدت الثانية ألا ربعا , وقد أنتهى موعد الخدمة في الصالة". تنهدت جولي , فيما ظل روبرت هادئا , وقال: " لقد سبق وحجزت طاولة , أسمي بمبرتون". فجأة , رفع روبرت نظره نحو جولي وسألها وفي عينيه غموض لم تستطع فهمه: " حسنا , هل أعجبتك وجبة الطعام؟". أنهت جولي شرب كوب الحليب الذي في يدها , أسندت رأسها الى ظهر المقعد , ثم أجابت بصوت جلي: " كان غداء رائعا!". " أترغبين في فنجان قهوة؟". " ألا تعتقد أن علينا العودة الآن ؟ أقصد .... أنهم في أنتظارنا ليقفلوا صالة الطعام". " سأعوض خسارتهم". " تعتقد أن كل شيء يشترى بالمال , أليس كذلك؟". " لقد أشتريتك , أليس كذلك؟". عادت تنظر اليه : " ماذا تعني بهذا؟". " حسنا , لا أعتقد أنك كنت تزوجت مايكل لو أنه كان معدما , أليس كذلك؟". ظهر الرعب جليا في عيني جولي , ورمقت أيما بنظرة خاطفة ألا أن هذه بدت غير آبهة لحديثهما بل مركّزة كل أهتمامها على محتوى كوبها من العصير , عادت تستوضحه ثانية : " لا أفهم ماذا تعني بكلامك؟". فجأة , أنتصب روبرت واقفا: " أوه جولي , كفي عن التظاهر والأدعاء الكاذب , فأنت لم تهتمي قط بمايكل , وقد واتتك فرص عدة , قبل سفري الى فنزويللا , لتتزوجيه بدلا مني , ألا أنك لم تفعلي , كلا! أنما أنا الذي كنت تنصبين شباكك حوله , لذا لا تحاولي أن تنكري هذه الحقيقة!". بدا وجهه ممتقعا , وأبتعد بخطى حثيثة يبحث عن رئيس الخدم , وهو يتناول محفظته من جيبه. في الحظة التي عاد روبرت يلحق به رئيس خدم أنيق , راض , كانت جولي وأيما جاهزتين في أنتظاره , أرتدى معطفه الجلدي , وشكر الرجل بأيماءة من رأسه ثم توجه الى باب المطعم , كان الهواء البارد في الخارجمنعشا , وتنفست جولي عميقا قبل أن تصعد الى داخل السيارة. لحظة أوقف روبرت سيارته في باحة المبنى الخارجية حيث يقطن , بدأ النعاس يثقل عيني أيما , كما لاحظت جولي أن الظلام بدأ يخيم والساعة لم تتجاوز الرابعة بعد. ألا أن النعاس طار من عيني الطفلة وهم داخل المصعد في طريقهم الى الشقة , وما أن وصلوا اليها حتى كانت أستعادت حيويتها كاملة الى درجة سمحت لها بأن تمتع لوسي بمبرتون بأخبار ما جرى معهم وما شاهدوه خلال نهارهم , ولا سيما قصة الصندوق وموضوع الغداء المتأخر في مطعم ( الثور الأسود). ترك روبرت جولي وأبنتها مع والدته ودخل غرفته , وبدت لوسي كلها أصغاء لما كانت أيما تسرده عليها , أما جولي فنزعت عنها معطفها وهي تتجه نحو الباب قاصدة غرفتها , وقد أحست برغبة في قضاء بعض الوقت وحيدة , أذ , بعد أحداث الساعات القليلة الأخيرة , شعرت بحاجة الى بعض التأمل والتفكير. غير أن لوسي , وقد لاحظت كنّتها تهم بالخروج , بادرتها قائلة: " لا تذهبي الآن , جولي , فهالبيرد يستطيع أن يعيد معطفك الى الخزانة , تعالي وأجلسي , أريد أن أعرف رأيك في المنزل". أسقط بيد جولي , فرمت معطفها بأمتعاض على مقعد , ودنت لتجلس على مقعد آخر قريب من الأريكة حيث جلسا حماتها وطفلتها , ثنت ساقا على ذراع المقعد الجلدي الوثير , وقالت معلقة: " أنه منزل جذاب , هل شاهدته؟". " بالطبع , لقد أصطحبتني باميلا الى هناك يوم كنت في زيارة لأهلها". " حسنا". " هل تعلمين أن باميلا هي أول من وقع نظره على المنزل ؟ في الواقع كان ملكا لعائلة تربطها صلة صداقة بأهلها , ألا أن العائلة أضطرت الى السفر , وهكذا ..... عرض المنزل للبيع". | ||||
09-06-11, 11:19 AM | #28 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| تدخلت أيما تسأل جدتها: " من هي باميلا ؟ هل هي عمة لي؟". ألتفتت لوسي الى الطفلة وأجابتها في أبتسامة: " قريبا , ستكون هكذا , عزيزتي , لأنها ستصبح زوجة عمك روبرت". " آه ( علّقت أيما وشفتاها متكورتان ) هل هي لطيفة؟". " أنها لطيفة جدا عزيزتي.. ستتعرفان اليها غدا". عادت أيما تسألها وبدت مهتمة للأمر ويدها تسند ذقنها : " غدا؟". ألقت لوسي نظرة عابرة على كنتها قبل أن تجيب: " أنها قادمة مع والديها لتناول العشاء عندنا مساء غد, في مناسبة التعرف اليكما , جولي". بلعت جولي ريقها تسأل بدورها: " حقا؟". ولم ترقها فكرة لقاء المرأة التي ستصير زوجة روبرت. " نعم , رأينا أنه من الأفضل لك , قبل أن نعرفك الى أصدقائنا , أن تنالي قسطا من الراحة لأيام قليلة , ثم أن مساء السبت هو االوقت الأفضل لذلك ألا توافقينني الرأي؟". " أذا كنت تعتقدين أن هذا مناسب , فهو كما تقولين". وسألت حماتها: " سها عني أن أسألك , هل تشعرين بتحسن هذا الصباح؟". رفعت لوسي كتفيها وقالت: " أنني أحسن حالا , شكرا ( ثم عادت تلتفت الى أيما ) أخبريني , عزيزتي , هل لاحظت الأرجوحة المتدلية من شجرة الكرز في حديقة منزلكما الجديد؟ لقد قالت لي باميلا أنها كانت تتأرجح فيها أيام طفولتها". هزت أيما رأسها بعجب نفيا: " كلا , لم أر أي أرجوحة". قالت لوسي مقطّبة: " هذا غريب". ألا أن أيما أوضحت لجدتها: " لم نخرج الى الحديقة ( ثم توجهت بكلامها الى والدتها ) لماذا لم نفعل هذا, أمي؟". رفعت جولي كتفيها كأنها لم تول الأمر أهمية , وأجابت: " لم يكن لدينا متسع من الوقت". علّقت لوسي بتهكم قائلة: " عذر أقبح من ذنب , كان لديكم وقت كاف". " حسنا , أظن أن الأمر لم يخطر في بالنا". ردت لوسي بحدة: " لقد أمضيتم وقتا طويلا خارجا". دخل هالبيرد , تلك اللحظة , وبادر لوسي: " هل ترغب سيدتي في فنجان شاي؟". أطرقت هذه للحظة قبل أن تجيب: " أوه نعم.... نعم , أعتقد ذلك". أما جولي فأستبقت سؤاله لها وقالت: " لا تزعج نفسك من أجلي .... ( ثم أستدارت فجأة على عقبيها ) فأنا ذاهبة لأستحم". أجاب هالبيرد مبتسما: " كما تشائين , سيدتي". عادت لوسي تسأل الخادم: " أين السيد روبرت؟". " لقد خرج, سيدتي". " خرج! ( رددت لوسي كلمته وقد فاجأها الجواب) لكن لم تمض على عودته لحظات؟". " نعم , سيدتي , أؤكد لك أنه خرج". " هل ذكر لك الى أين هو ذاهب؟". " قال لي أن أخبرك , أذا ما سألتني , أنه ذاهب الى المكتب , ولن يتأخر في العودة". عادت أيما تسأل جدتها , وهي تزرع الغرفة جيئة وذهابا , وتعبث بما نطوله يدها: " هل أستطيع أن أشاهد التلفزيون , جدتي؟". بدت لوسي متضايقة , فأجابتها بأمتعاض : " لم لا ؟ ( وألتفتت الى هالبيرد ) هلا أدرت مفتاح الجهاز هالبيرد ؟". أدار هالبيرد الجهاظ , وما هي ألا لحظات حتى أرتسمت الصورة على الشاشة بالألوان .بدت أيما مبتهجة جدا فهتفت: " آه.... أليس هذا رائعا؟". أومأت جولي للطفلة أيجابا , وسارت نحو الباب فبادرها هالبيرد قبل أن تخرج: " هل ترغبين في فنجان شاي , أحضره الى غرفتك , سيدتي؟". ترددت لحظة ثم تمتمت: " لا أريد أن أزعجك بالأمر". هز هالبيرد رأسه قائلا: " ليس هناك أي أزعاد في الأمر , سيدتي". بدا الضيق واضحا في تنهيدة أطلقتها لوسي وقالت معلقة في حدة : " أذا ما كانت السيدة بمبرتون ترغب في فنجان شاي , فما عليها , هالبيرد , ألا أن تتناوله هنا , معي". " أووه ! بالطبع , سيدتي". تنهدت جولي هي الأخرى قبل أن تجيب: " أنني آسفة , لا أستطيع ذلك الآن". " هل أنت فعلا آسفة؟ ( سألتها لوسي والشك في نبرات صوتها واضح , ثم تناولت منديلا صغيرا عالجت به طرف أنفها وأردفت ) في أي حال , بما أن علينا أن نعيش معا ..... أقله لبضعة أسابيع مقبلة , فأنني أكون ممتنة أذ ما حاولت أن تتصرفي معي بأسلوب أقل عداء". أسندت جولي جبينها الى أطاب الباب البارد , وقالت: " حسنا , سأحاول". أعادت لوسي منديلها الى مكانه وهي تسألها: " هل ستكونين اضرة في موعد العشاء؟". أومأت جولي مؤكدة: " طبعا". " حسنا". كان جواب لوسي أيذانا منها بأنتهاء الحديث مما أزعج جولي , فأغلقت الباب وراءها وسلكت الممر الى غرفتها , وما أن ولجت بابها , حتى أحست بنفسها عاجزة عن كبت مشاعرها , فألقت بنفسها على السرير وأطلقت العنان لدموع حارة. | ||||
09-06-11, 01:26 PM | #29 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| لم تر جولي روبرت ثانية ألا بعد ظهر اليوم التالي , أذ لم يعد لتناول العشاء تلك الليلة , وهذا ما حدا بوالدته على أن تشرح لجولي بأغتباط , وهما على العشاء , أن سبب تخلّف رورت , , أرتباطه وباميلا بحضور سهرة راقصة يقيمها أحد أصدقائهما , ويبدو أنه عاد من مكتبه فيما كانت جولي تستحم , فأستحم هو الآخر وأبدل بذلته ثم خرج ثانية , أما أيما , فذهبت الى فراشها نحو السابعة كما عادتها أن تفعل , لذا لم يبق الى العشاء سوى جولي وحماتها. كان الصمت مخيما , والجو لا يبعث الشهية , ولم تتمتع جولي بطعامها , بعد العشاء عادتا الى غرفة الجلوس لتشاهدا التلفزيون. بادرت لوسي وهي تستريح في مقعد وثير : " مما لا شك فيه أنك ستجدين صعوبة في التكيف مع نمط حياتنا هنا , ثم أنك لم تتعودي قط مستوى العيش الأجتماعي الذي نحياه , أليس كذلك جولي؟". تظاهرت جولي بأنها مشدودة الأنتباه الى الفيلم الذي كان يعرض تلك اللحظة على الشاشة الصغيرة ومن دون أن تلتفت الى محدثتها سألتها: " ماذا قلت؟". ردت لوسي بلهجة تشوبها الحدة: " قلت أنه يصعب عليك التكيف مع نمط حياتنا , فلا أظن أن الحياة في بقعة نائية في مالايا يمكن أن تقارن بمستوى الحياة الأجتماعية , هنا , في لندن؟". " كلا , لا أظن المقارنة ممكنة". أردفت الحماة تسترسل في حديثها. " لم يتسنّ لك أيضا العيش معنا لتتعودي طريقة عيشنا قبل أن يأخذك مايكل معه بعيدا , لم أكن لأتصور أن في أستطاعة مايكل أن يجد الأكتفاء الذاتي في مكان كالذي عشتما فيه , أذ أعتقدت أنه كان يعشق العيش هنا , في لندن". علّقت جولي في أقتضاب: " لقد ألتحق بالبحرية قبل أن يتعرّف الي". " نعم , أعرف هذا , فهو كثيرا ما أحب الأبحار , مذ كان صغيرا , لكن أن يقبل وظيفة في بلد بعيد.... وظيفة دائمة". " تلك كانت أرادته". " أعرف هذا , ألا أن تصرفه كان بعيدا عن قناعاته ( تطاولت لوسي لتتناول فندان الشاي الذي كان على طاولة قريبة منها , وأضافت ) ألا أنني أعتقد أن قراره ذلك جعل الأمور أقل صعوبة بالنسبة اليك". حاولت جولي جهدها أن تبقى هادئة , وأستوضحتها: " أقل صعوبة؟". " طبعا , أقصد....... أنك لم تكوني على صلة بنمط حياتنا , أذ أنك لم تتعودي قبلا الحياة الأجتماعية بمعناها الصحيح .... كأن تقيمي الحفلات والمآدب ! أنا متأكدة مثلا أنك لم تحضّري لائحة طعام قط في حياتك؟". " كلا , ففي المأوى حيث ترعرعت , لم يعلمونا أشيائ كثيرة كهذه". لم يرق لوسي جواب جولي لها , فقالت: " لنكف عن الجدل , كل ما أحاوله هو التفاهم وأياك". قالت جولي: " أنني لا أجادلك ( وتنفست عميقا , ثم أضافت ) قد تفاجئين أذا ما أدركت أنني كنت ومايكل سعيدين!". شخصت عينا لوسي عليها وتساءلت مشككة: " هل كنتما فعلا سعيدين؟". " نعم , ثم أنه لم يكن يحب مجتمع لندن , أبحر كثيرا ؟ نعم , لا أخالفك الرأي في ذلك , كان لنا مركبنا الخاص , مركب صغير , نقضي على متنه معظم أجازاتنا الأسبوعية , نسبح , نستلقي تحت الشمس , وندعو أحيانا أصدقاءنا الى أمسيات حلوة , تلك كانت ...... حياة رائعة ". أرتسم الغضب في أرتعاشة شفتي لوسي: " لو لم تقنعي مايكل بقبول تلك الوظيفة هناك لكان لا يزال حيا يرزق الآن". أمتقع وجه جولي: " هذا ليس صحيحا !". سألتها لوسي بلهجة عداء: " وكيف لك أن تعرفي؟". ترددت جولي لحظة , تضغط كلتا شفتيها , فهي لم تشأ أن تبحث مع لوسي في مواضيع وتفاصيل حميمة , كموضوع صحة مايكل مثلا , على رغم أن هذه والدته , ثم أجابت: " لأن السبب الذي حدا بهقبول وظيفته خارج البلاد , كان نصيحة طبيبه الذي أشار عليه أن يقلل من نشاطاته". " ماذا ؟ أنني لا أصدق كلمة واحدة مما تقولين!". " أنها الحقيقة , لم أعرف بالأمر ألا .... ألا بعد أن أصيب بنوبة قلبية أخرى , فأضطر الطبيب الى أن يشرح لي الحقيقة ( أرتدّت جولي في مقعدها الى الوراء وأردفت )ألا أن مايكل لم يعر حاله الصحية أهتماما كافيا". كانت لوسي تحدق فيها , شفتاها ترتعشان , وأحست جولي , للحظة , بعطف عميق حيال هذه المرأة : " أنك تختلقين ما تدّعينه حقيقة ........ أذ لو أن ما تقولينه صحيح لكان أطلعني عليه , فأنا والدته!". أجابت جولي غير مكترثة لأتهامها: " لم تعرفه جيدا كما عرفته". " بل عرفته لثمانية وعشرين عاما. أي بمقدار أربع أو خمس مرات أكثر مما عرفته". | ||||
09-06-11, 07:24 PM | #30 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| أجابت جولي بهدوء: " صحيح , لكن ليس كما عرفته أنا صدقيني, أنها الحقيقة , ولست أحاول بهذا أيذاء شعورك". أنتصبت لوسي من مقعدها : " هل أخبرت روبرت ما تخبرينني به؟". " كلا , لم أخبر أحدا بهذا". " أذن أتمنى عليك ألا تفعلي ( أخذت جولي تزرع الغرفة بخطواتها التائهة ) أفضل أن يعتقد الجميع أن وفاة مايكل كانت نتيجة حادثة مأساوية غير منتظرة , قد تحصل لأي كان في أي زمان ومكان". " لكن الذي حدث هو ما أخبرتك به". هتفت جولي وفي داخلها حرقة , أذ أدركت أن لوسي لن تقبل في أي حال أن يعرف أصدقاؤها السبب الحقيقي لوفاة مايكل وأنه أخفى عن أهله حقيقة أعتلاله , وبخاصة عن أمه , طوال ستة أعوام". " هل تتجرأين , صراحة , على أن تجهري بهذه الحقيقة؟". " طبعا , أستطيع". لم تعد تفهم شيئا من أحداث الفيلم الذي كان يعرض على الشاشة الصغيرة , ثم بدرت أشارة من لوسي رغبة منها أنهاء هذا الحوار. وقالت: " على كل , موضوع مايكل شيء من الماضي , وما من شيء يستطيع أن يفعله أي منا لأعادته الينا حيا , شكرا لله , أن روبرت بقربي .... وأيما أيضا , بالطبع". أنتصبت جولي ولم تتمالك نفسها من سؤال حماتها: " وماذا بعد أن يتزوج روبرت ؟". " ماذا تقصدين ؟". رفعت جولي كتفيها , قائلة: " لا شيء". لكن لوسي عادت تسألها وهي بادية الأزدراء: " أوتظنين زواج روبرت سيغيّر من حبه لي؟ كلا , فهو ليس كمايكل , ولن يقوم بأي عمل قد يؤذيني , هذا , فضلا عن أن الفتاة التي سيتزوجها تتفهم حقيقة علاقتنا ومقدار حبه لي , أنها فتاة لا تعرف الأنانية , وهي بالتالي صديقة حميمة لي". تنهدت جولي عميقا , كان هناك الكثير تستطيع قوله , وأن ترد بقسوة على كلام حماتها , وأن توضح لها أن العلاقة بين صديقتين هي غيرها تماما بين زوجة وحماتها , ألا أنها كتمت ما كان يخالج فكرها ,تلك اللحظة, وتوجهت نحو طاولة عليها أبريق الشاي تسكب لنفسها فنجانا , ثم سألت لوسي: " أترغبين في فنجان ثان؟". " كلا , شكرا". رشفت قليلا من فنجانها , ثم تفحصت الوقت في ساعة معصمها: " أنها التاسعة والنصف , هل لديك مانع أن أذهب الى سريري؟". " أطلاقا , واضح أن لا قاسم مشتركا في حديثنا , في أي حال". بعد ظهر اليوم التالي , أخذت لوسي أيما في نزهة الى الحديقة العامة , كان يوما رائعا من أيام تشرين , حيث يتحول الصقيع على أغصان الأشجار الى ماس يشع تحت نور الشمس, والهواء نقي منعش. سألت أيما والدتها أن ترافقهما , ألا أن جولي أمتنعت , أذ أدركت أن لوسي كانت ترغب في الأختلاء بالطفلة , فهي جدتها , رغم كل شيء . وكان روبرت قد خرج صباحا هو الآخر , حتى قبل أن تصحو جولي من نومها , وبعد أن أخطر هالبيرد أنه لن يعود ظهرا الى الغداء , وهكذا , بقيت جولي وحيدة في الشقة , عدا الخادم طبعا. كانت تجلس في الصالون , تتمتع بلحظات قليلة من الحرية حين رن جرس االباب , نهضت من مقعدها تلقائيا , وظهر هالبيرد قبل أن تستطيع التوجه لترى من الطارق. " سأستطلع من القادم , سيدتي". قالها هالبيرد بدماثته المعهودة , وععادت جولي الى مقعدها. ما هي ألا لحظات , حتى سمعت صدى أصوات , وهالبيرد يرفع صوته على غير عادته , ثم تناهى اليها صوت الباب يغلق , نظرت في أتجاه باب الصالون فأذا بهالبيرد يدخل , رزم وعلب ملء يديه. هتفت مبتسمة: " بحق السماء! ما هذا؟". تردد هالبيرد بدءا , ثم أوضح قائلا: " أنها مرسلة اليك , سيدة بمبرتون , أين ترغبين أن أضعها؟ في غرفتك؟". " خاصتي , أنا؟ ( رددت جولي غير مصدقة ) لكنني ...... لم أوص بشراء أي شيء؟". أجاب هالبيرد جازما: " هذا ما قاله لي الأجير". " هل أنت متأكد أنها ليست لوالدة السيد روبرت؟". " كلا , سيدتي , أنها للسيدة جولي بمبرتون , هكذا أوضح لي الصبي". تركت جولي مقعدها , وقالت: " من الأفضل , أذن , أن تضعها هنا , وسأرى ما تحويه". سألها هالبيرد وأبتسامة تغلف وجهه: " حسنا , سيدتي , أذا كان هذا ما تريدين... أم أنك تفضلين أن أفتحها لك؟". فوافقت جولي على عرضه وتخصبت وجنتاها. وضع الخادم مجموعة العلب قربها على الكنبة , ولاحظت جولي أسم الماركة التي على العلب فجمدت , أذ هو أسم أحد أشهر محلات الثياب في لندن , وللحال عرفت ما تحويه الرزم هذه. قالت له بصوت متقطع الوتيرة: " شكرا لك , أستطيع أن أفتحها بنفسي ( لكنها لاحظت أن هالبيرد كان لا يزال يرمقها بتساؤل , فأردفت ) هذه العلب لا تخصني". " لكن الصبي الذي أحضرها....". " نعم , أعرف ما قاله , لقد ظن أنها مرسلة الي , ألا أن الحقيقة غير ذلك , دعها هنا , هالبيرد , سأتدبر أمرها". " كما تريدين , سيدتي". | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|