قال بخشونة والتهكم المرير يقطر من كلماته :- لم تقصدي ماذا ؟؟ أن توقعيني في حبك يا ملاك ؟؟ صدقا .. أنا أيضا لم أرغب بأن أفعلها .. لم أرغب بأن أتورط مع أي امرأة ... كل ما أردته هو أن أترك وشأني .. عندما عرفتك .. تلاشت كل رغباتي هذه .. رباه ... الأمر برمته أكثر سخرية مما أحتمل .. أن أتعافى من امرأة دمرت حياتي عندما لم تجد لدي ما تستطيع أن تأخذه .. لأقع بين يدي امرأة فعلت الأمر نفسه .. أيضا رحلت ورمتني ورائها عندما ما عاد ما أستطيع تقديمه لها يهمها ..
كيف لاعترافه هذا بالحب أن يؤلمها وكأنه يصفعها به ... تمتمت بصوت مختنق :- يجب أن تفهمني يا جميل ... بعد عام من انتظاري للعثور على رامي .. لم أكن أفكر ذلك اليوم ... أولوياتي كانت مركزة في ولدي .. لا تستطيع أن تلومني على هذا .. صحيح ؟؟
تنحنح وهو يهز رأسه وكأنه يطرد أفكارا مؤلمة .. ما يزال مصرا على تحاشي النظر إليها وهو يقول :- أناآسف ... كان على هذا أن يكون سؤالي الأول عند رؤيتي لك .. كيف هو رامي ... لقد وجدته .. صحيح ؟؟
هزت رأسها وهي تقول بصوت لم تستطع التحكم بالعاطفة فيه :- نعم .. لقد وجدته .. لقد كان منذ وفاة نائل تحت رعاية الدولة في دور متخصصة للأيتام ... لقد اعتنوا به جيدا ... إلا أن آثار بقائه مع نائل لا يمكن أن تمحى بسهولة ..
أومأ برأسه وهو يقول بدون تعبير :- أنا سعيد لأجلك .... ومتأكد بأنك ستتمكنين من تعويضه عن كل ما عاناه مع والده .. أنت أم رائعة يا ملاك .. ربما أنا لم ارك معه .. إلا أنني أثق بأنك ستعرفين دائما ما هو الأفضل لولدك ..
هل كان يطردها بكلماته الجافة .. هل يرغب بأن تغادر حياته إلى الأبد ؟؟ ملاك لا تستطيع أن تلومه أبدا ... إلا أنها لم تستطع منع نفسها من أن تسأله بصوت أجش :- لماذا لا تنظر إلي ؟؟
رفع رأسه مجفلا إليها وكأنه لم يكن مدركا لفعلته هذه حتى قالتها ... انكمشت وهي تشيح بوجهها قائلة بصوت تقطع :- أتكره النظر إلي إلى هذا الحد .... أهي ... أهي عيناي ؟؟
تبا ... أهي بلهاء ؟؟ هي لم تفكر بالسؤال قبل أن تنطق به .. رمش بعينيه وهو يكرر باستنكار :- عيناك ؟؟
وقف بطء وهو يقول :- ملاك ... أنا لا أنظر إليك ... لأنني إن فعلت .. فإنني لن أتمكن من الاستمرار في التزامي بمباديء حسن الضيافة ... ناهيك عن قيم الرجولة التي تمنعني من استغلال وجودك لأول مرة معي بين أربعة جدران في مكان منعزل بعيد عن الأنظار ..
ارتعدت والمعنى من كلماته يصل اليها بطيئا وهي تقول باضطراب :- هذه ليست المرة الأولى ... تلك كانت عندما ...
قال بخشونة :- أعرف ... عندما سقطت فاقدة الوعي بين يدي داخل شقتك ... أنا الآن لا أتمتع بالقوة ذاتها يا ملاك .. قد لا أصمد طويلا قبل أن أقطع المسافة بيننا مانحا إياك سببا وراء السبب لعدم الرحيل .. أنا ألتزم بما تتوقعينه مني .. كي تغادري شقتي وأنت محتفظة بشيء من احترامك لي على الأقل ...
أحست بالدموع تحرق عينيها وهي تتذكر كلماته القديمة عن زوجته ... عن طعنها لرجولته وهي تخبره صراحة بأنها ما عادت تريده ... وبأنه لا يمتلك ما تحتاج إليه بعد الآن ... هل فعلت ملاك المثل دون أن تدري ؟؟ هل جرحت رجولته بالطريقة ذاتها دون أن تفكر ؟؟؟ هل يضعها الآن في خانة واحدة مع زوجته السابقة .. أتراه فعل المثل ..وحاول أن ينسى جرحها له بين أحضان نساء أخريات كما فعل بعد طلاقه زوجته ؟؟
قالت بصوت مرتجف :- تقول بأنك تحبني ...
ضحك بمرارة وهو يقول :- تخيلي .... ولكم كانت سذاجة مني أن آمل بأن تبادلني ابنة قاسم الحولي مشاعري بمثلها .. آه ... لحظة .. أنا لم أعرف حتى أنك ملاك الحولي ...
ازدردت ريقها وهي تقول .. متغلبة على إجفالها من معرفته الحقيقة :- وهل ... هل كانت معرفتك لمن أكون ستصنع فارقا ؟؟ هل كانت لتمنعك من أن ... من أن تشعر نحوي بهذه الطريقة ؟؟
صمت وهو ينظر إليها مليا بعينين لا تريان ... ثم قال :- ربما في البداية .. كنت لأصاب بنوبة فزع وأنا أغامر بقلبي معك .. ما الذي أستطيع تقديمه لابنة قاسم الحولي .. لشقيقة فراس الحولي .. لحفيدة كورتومولوش .. لا شيء لا تمتلكه بالفعل في حياتها .. إلا أنني كنت لأحبك على أي حال .. إلى هذا الحد أنا غبي يا ملاك ..
تراجعت كي تتمكن من الاستناد إلى باب الشقة وهي تهمس متحاشية النظر إليه :- هل ... هل كانت هناك أخريات ؟؟ نساء .. أثناء .... منذ رحيلي .. ؟؟؟
جمد مكانه وقد أخذته كلماتها على حين غرة .. ثم قال بخشونة :- وهل يهمك إن كان هناك نساء أخريات ؟؟
همست بصعوبة وهي تشعر بقلبها يخفق هادرا داخل صدرها :- نعم ... إذ أنني ... أنا ... أنا أغار ...
اهذا صوت أنفاسه الذي كان يتردد هادرا على بعد أمتار منها ؟؟ أحست به يقترب .. ويقترب .. حتى كانت قادرا على الإحساس بدفئه .. برائحته الرجولية العطرة على بعد أقل من متر .. وهو يقول بصوت غير ثابت :- أن تغاري .. يعني أن تهتمي يا ملاك ..
هزت رأسها بتخبط .. بينما سمعته يتابع :- أن تهتمي .. يعني أن تبادليني مشاعري يا ملاك ..
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تقول :- لقد قلت بأنني أم جيدة .. بأنك تثق بأنني سأعرف ما هو الأفضل لولدي .. أنا ... أنا لن أتمكن من مساعدته .. إسعاده .. إن كنت أنا تعسة .. وأنا ..
شهقت مجفلة عندما أحست بيديه تلامسان وجنتيها .. تحيطان بهما بأصابع دافئة .. ترغمانها على أن تنظر إليه .. على أن تلاقي عيناها المميزتان عينيه الفائضتين بالعاطفة .. بعدم التصديق وهو يقول :- وأنت ...
ازدردت ريقها وهي تهمس :- أنا ... أنا كنت تعسة منذ رحيلي ... حتى وأنا سعيدة بعثوري على رامي .. أنا .. أنا لم استطع التوقف عن التفكير بك ..
أغمض عينيه بقوة وأصابعه تضغط على وجهها برفق .. وكأنه كان يحاول طبع ملمسه في ذاكرة أصابعه .. فتح عينيه أخيرا وهو يقول بصوت أجش :- ما من أي امرأة أخرى ... عندما طلقت بسمة .. كان علي الثأر لرجولتي مع نساء أخريات ... عندما رحلت .. أنت أخذت رجولتي معك ..
:Ts_ 012:
(( قمة في الإبداع << بلو مي >> رحيل ملاك ومعها (( رجولة جميييل )) أصبح خيال رجل ب رحيلها