آخر 10 مشاركات
خائف من الحب (161) للكاتبة : Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عديل الروح- شرقية-للكاتبة المبدعة:منى الليلي( ام حمدة )[زائرة] *مكتملة مع الروابط (الكاتـب : أم حمدة - )           »          عنـــاق السحــاب (الكاتـب : تيّـرا* - )           »          مُلوك تحت رحمة العشق *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          مذكرات مغتربات "متميزة ومكتملة " (الكاتـب : maroska - )           »          252 - غلبها الحب - جيسيكا هارت (الكاتـب : عنووود - )           »          كبير العائلة-شرقية-للكاتبة المبدعة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد)[زائرة]كاملة&روابط* (الكاتـب : منى لطفي - )           »          عبير القديمة جانيت ديلي نهاية أسبوع غريبة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          5-لو كنت اعلم - آن ميثر - حصـــريا" (الكاتـب : فرح - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > القصص القصيرة (وحي الاعضاء)

Like Tree1Likes
  • 1 Post By شهيره محمد
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-24, 09:01 PM   #1

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي مقصلة الكلمات


مجموعة قصص قصيرة ( اجتماعية رومانسية )

شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-24, 09:02 PM   #2

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

القصة الأولى ( كان الثمن غاليًا)
مقصلة الكلمات

༺༻

مقصلة الكلمات: هي مجموعة قصصية صغيرة تتحدث عن خطورة الكلمة ...فكما قد تكون الحياة في كلمة.. ربما يكون خلف الموت كلمة.

وكما قد تكون النجاة في كلمة، ربماتكون المقصلة خلف كلمة.

لذلك قفوا معي لحظات لتدركوا أننا يجب من قبل أن نتكلم أن نعرف ماهية الكلمة.

فالكلمة قد تكون في وعورتها أشد من الأفاعي السام، لا تظنوها محض كلمة... فتحسبونه هين وهو عند الله عظيم.

༺༻༺༻

القصة الأولى..

༺༻

القصة مجرد فكرة أتت من موقف غريب جدًا جمعني بإنسانة مشاكلها في الحياة تتلخص في ارتباطها بزوج وسيم جدًا بعكسها تمامًا، صراحة أنا لم أعاصر من القصة سوى مشهد حياتي عابر عن طريق الصدفة لكن انكسار تلك الإنسانة كأنها واثقة أنها تستحق ما يُقال جعلني أتيقن أن النهاية آتية لا محالة فقررت وضعها بدلًا عنها

༺༻

يا حب قتلته الكلمات لست وحدك من نحر، فها أنا أقف وحيدة بعدما وضعت النهايات على حافة قبري الذي قد حُفِر، وأراك عنه تبتعد وتكمل دربك كرجل ودعني وعبر، تاركًا لي ذكراه والندم وقلب يجلد ذاته دون ضجر. يا حب قهره الخبث ووساس البشر .. لا أصدق أني حين حسمت صراع كنت مادة تنادر عليها الجميع وسخر، كنت كطفلة أحكمت من حول نفسها القيود وتسببت لنفسها ببالغ الضرر، كنت الجانية في حكايتي وألسنتهم أضحت بريئة من دماري الذي لم يبق ولم يذر.....

༺༻

تكاد تتجمد أطرافها من شدة البرد رغم انتصاف أغسطس الحارق وكل اختلاجة في روحها تعبر من مقصلة الحياة نحو الهلاك.

عيناها اختلط سوادهما القوي بالدموع المنهمرة.

والنظرات الهاربة ما بين دمعة وأخرى ما هي إلا لجسدٍ منهك من صراع أخلّ بثباته وجعله ينهار.

تختلط الأصوات من حولها فلا ترتكز بكل وعيها سوى على ملامحه التي كانت سبب الانتصار والهزيمة، ويا للعجب كادت أن تشق ثغرها بسمة حنين وهي تتذكر روعة البداية.

كانت حينها فتاةً عادية بكل ما تملك ...عائلتها ...تعليمها ..حتى ملامحها الباهتة التي جعلتها تفقد الأمل في أن تحظى بنظرة إعجاب من ذكر بعيد أو قريب، جعلتها تنخفض بسقف أحلامها عن شريك العمر أكثر مما يجب.

جعلتها تجمع أحلامها الوردية وتطليها بألوان الواقع الذي يقول المظاهر تأتي أولًا.

جعلتها تهيئ نفسها لتقبل قدرها بنفس راضية حتى جاء اللقاء الأول.

يومها خرجت مندفعة من المبنى تجيب صديقتها الحانقة على الهاتف

"لقد أصبحت أمام المبنى أين أنت؟"

أجابتها بغضب

"أجلس في السيارة، لقد اضطر أخي أن يبحث عن مكان لتقف به السيارة لننتظر الكونتيسة.

أقسم لو تهرب من توصيلنا غدًا سأقتلك"

تلفتت حولها وهي ترفع كفها لتعيد حجابها الذي تهدل على جبهتها فهي لم تحكمه من شدة الاستعجال وهي تقول:

"لا تقلقي لن يفر من يوم واحد.

الشاب قد وصل بالأمس من السفر وسيحتاج بعض الوقت حتى يدرك أن عليه الفرار.

أنا لا أراكِ.

أين سيارة أخيك؟"

قاطعها صوت هادئ يسأل "كونتيسة ضي؟"

التفتت تنظر خلفها بعبوس لينفلت عقال نبضها فجأة وتنفرج شفتاها، تريد أن تستجمع أفكارها أو تتذكر اسمها أو تسأله من أنت لكنها لم تستطع حتى ظن بهيّ الطلة الذي يقف أمامها أن أسلوبه في السؤال لم يرقها فاتسعت ابتسامته يسألها مجددًا بلباقة

"أقصد آنسة ضي"

حركت رأسها بحركة بلهاء غير مفهومة فضيق عينيه باستفهام لتلتقط أنفاسها أخيرًا وتقول بهمس "أنا ضي"

حرك رأسه بحركة مختالة وقال مازحًا

"بكر أخو منّة"

همست بذهول تردد خلفه

"بكر أخو منة"

اتسعت ابتسامته وقال:

"تفضلي آنستي لقد تأخرنا"

لا تعلم ماذا حدث لها فالشمس التي أشرقت بدون موعد في وادي سحيق بقلبها تزامنًا مع الرياح التي هبت بداخلها معطرة برائحة عطره أعلماها أن موازين الأمور بداخلها تختل.

༺༻

عادت من لحظة البداية إلى لحظة النهاية وصوت المأذون يقول بأسف:

"يا بنيتي..لا تتسرعي وتأخذي قرارك في لحظة غضب زوجك يبدو متمسكًا بكِ"

أغمضت عينيها تتذكر كل موقف كسرها

كل همس حوّل روحها النقية إلى شظايا شك وظنون لا ترحم

(كيف تزوجتِ هذا؟ هل عقدتِ له سحرًا؟

لا يمكن أن يكون هذا زوجك!.

اعذريني ولكن زوجك لا يمكن أن يكتفي بامرأة مثلك.

لما يكون نصيب ابني فتاة مثلك؟ دومًا ما تمنيت له فتاة تفوقه في الحسن.

أنتِ لا تليقين بأخي انظري له وانظري لنفسك.

بكر يحتاج امرأة تماثله في كل شيء تملأ عالمه مثلي وقد أصبح يدرك ذلك وتبقين أنتِ العقبة.

بكر تزوجك دميمة لكي لا ينظر لك رجل آخر ويرد له فيك كل العبث الذي عاشه.

الرجل الذي لا يجد أنثى مهلكة بين جدران منزله مؤكد سيجدها خارجه)

وقالت بقهر:

"أرجوك...أنهِ الأمر ليس هناك شيء للتفكير به"

صرخ بكر يقول وقد فقد كل سبل التفاهم معها

"أنا لن أطلقكِ يا ضي حتى أفهم السبب الذي أوصلنا إلى هذا الموقف.

أنتِ لن تهدمي ما بيننا، منزلنا الصغير، حبنا، زين.

ألم تفكري بزين يا ضي؟

ألم تفكري بابنك؟"

أخفت وجهها خلف كفيها وانهارت في بكاء عنيف لتقف والدته تقول بغضب:

"يبدو أن لديها أسبابها التي لا تريد أن تفصح عنها.

طلقها يا ولدي فزواجك منذ البداية كان خطأً وعليك أن تصححه وتتزوج بمن تليق بكَ، فهناك ألف فتاة تتمناك"

التفت بكر لوالدته بعيون مشتعلة فوقفت أخته متخصرة تقول:

"لماذا تماطل؟ كنت أظن أنك أنت من سيطلب الطلاق يومًا ما وتفوق من سكرتك.

لا أحد يراكما معًا إلا ويقول هل جنّ أخوكِ ليتزوج هذه؟

العائلة بأكملها كانت تظنك ستتزوج ملكة جمال تليق بالفتى الذهبي لتخجلنا جميعًا بزواجك منها"

هدر بكر بأخته وهو يشعر بالإهانة

"منة احذري لما تتفوهين به وإلا سيكون ردي عليك بقدر إهانتك لي فمن يهين زوجتي كأنما أهانني ولست برجل يقبل الإهانة وأنت تعلمين"

زمت منة شفتيها ونظرت لوالدتها التي أشارت لها أن تجلس فقال والد ضي بغضب:

"ابنتي تشرف أي شخص تنسب له، ملامحها لا تنتقص من قدرها فالله خلق لكل منا جماله الخاص والحمد لله الذي خلقنا بأحسن تقويم، رأيك بها آخر ما قد ألتفت له وأسلوبك معها لا يعنيني مادام لها رجل يرد كل من يتطاول عليها وقرارها هي صاحبته وأنا معها وسأدعمها لأني أعلم أن ابنتي تملك عقلًا راجحًا"

التفت بكر لضي يقول برجاء "ضي أنهي هذا الوضع.

لا تفعلي بنا هذا.

إذا أخطأت في شيء حاسبيني لكن ليس بهذه الطريقة"

علا صوت نشيج والدتها المتحسرة بصمت تدرك أن عقل ابنتها الذي صوبت نحوه أسهم الألسنة المسمومة قد سقط بعد صراع دام أربع سنوات طويلة وتهتك جدار حمايتها العازل لسبب تجهله فلم تعد تقوى على المقاومة.

داهم الاختناق ضي بقوة وذكرى أخرى تمكنت منها فترى نفسها تقف بفستانها الأبيض بتوتر بالغ وقد فقدت الكثير لتصل إلى هذه اللحظة وأولى خسائرها صديقة عمرها، تنظر إلى نفسها تبحث بضراوة عن شيء مميز بها فلا تجد سوى أنها ستصبح له، و حين يجاورها سينير ظلمتها بفيض من الجمال والسعادة فيحولها إلى أخرى.

تدخل والدتها غرفتها تبكي ولكن شتان ما بين دموع وأخرى وهي تقول:

"لقد وصل بكر"

التفتت إلى والدتها وقد أصابت جسدها رجفة تسألها بضياع "أخبريني يا أمي.

ماذا أفعل لأبني بيتا صغيرًا دافئا؟"

اقتربت والدتها تقول بتأثر:

"المودة والرحمة يا حبيبتي هما الأساس المتين.

أعطي زوجك بقدر ما تستطيعين، لا تكوني يوما أنانية، وحافظي على منزلك فقد أكرمك الله برجل لا يعوض"

ظهر بكر خلف والدتها بعينيه اللامعتين يقترب منها مقبلًا جبهتها بعمق وهو يقول:

"مبارك عليّ أنتِ كونتيسة ضي" أسبلت أهدابها بخجل فجذب كفها يقودها إلى خارج عالمها ويدفع بها نحو عالمه لتتصلب أمام النظرات المستنكرة ويبدأ الهمس من حولها كنبالِ لا تخطئ الهدف.

نفضت عنها وابل الذكريات قسرًا وحشود الشك المدسوسة بخلاياها تضافرت لتدمي قلبها فتقول بإصرار:

"لم يعد الكلام يجدي يا بكر من فضلك لا تجعل تلك اللحظة أسوأ، دعنا نفترق بهدوء لم نجده حين اجتمعنا.

دعنا ننفصل وكلٌّ منا يحمل بداخله للآخر الاحترام،لا تجعل وطأة اللحظة أقسى من أن نعبرها يومًا ما وننسى"

ظهرت الصدمة جليةً علي ملامحه يسألها بانكسار

"ألهذه الدرجة ما عدتِ تطيقين الحياة معي؟"

تدخلت والدته تقول بكره واضح "هل ستنتقص من قدرك أكثر و ترجوها؟

لا أصدق أن هذا ابني من أضعت عمري في تربيته.

حسبي الله ونعم الوكيل فيمن كان السبب. مذ رآكِ وكأنما حلّ علينا البلاء"

فجأة تغير الزمان والمكان من حولها ترى نفسها تنام فوق سرير المشفى وآلام المخاض المبرحة مازال صداها يتردد في جسدها، تضم زين إلى صدرها وكلها ينتفض من رهبة الموقف فيميل بكر إلى رأسها يقبله ويقول:

"حمدا لله على سلامتك "

ترقرقت الدموع في عينيها وقالت بانبهار:

"لا أصدق أني أحمله أخيرا" فقالت منة الواقفة بجوار والدتها "ولمَ لا تصدقين والطفل جاء نسخة منكٓ؟

الجميع يسعون لتحسين النسل إلا أخي من سيصدق أن هذا الطفل من عائلتنا؟"

أشاحت والدته بوجهها قائلة بحسرة:

"ألم ترَ طفلة ابنة خالتك وجمالها؟

كنت أتمناها لك، لكن ماذا أقول" قال بكر بغضب:

"أمي ما هذا الكلام؟

الفتاة تزوجت وأنا تزوجت وأنت ما زلتِ تفكرين في الأمر.

لقد أصبحتِ جدة ركزي مع حفيدك"

ولكي تنتهي جولة الذكريات بالضربة القاضية فتسقطها في بئر الفراق بلا مقاومة داحضة أي تأثير للاستماته في التمسك بها قذفتها بعنف إلى مستوى آخر من الألم لتراهما وهما يقتربان من مائدة مستديرة يجلس عليها مجموعة من الشباب فيسحب لها مقعدها بلطف ويعرفها على الجميع بانطلاقه المعهود، فحاولت أن تكون لبقة قدر الإمكان وهي تتلقى النظرات الساخرة أو المبطنة بحديث تكاد تسمعه دون أن تنطق به ألسنتهم حتى أُعلن عن اسم الموظف المثالي لهذا العام فوقفت تشجعه بفخر لينحني مقبلًا رأسها أمام الجميع وهو يقول:

"لهذا أصررت هذه المرة على قدومك معي، ففي حضورك تُفتح لي أبواب النجاح يا ضي"

تحرك بحماس يشق الجموع أمامها يتلقى التهاني فيتوهج كنجم يلمع في ليل ذلك الحفل وهي تصفق بحرارة جعلتها لا تشعر بكفيها لكنها تريده أن يسمع صفق كفيها من حيث يقف إذا تاهت عيناه عنها وسط ذلك الجمع، انغمست في مراقبته ليقاطع لحظتها صوت أنثوي ناعم يقول بثقة:

"أنتٓ زوجة بكر أليس كذلك؟" التفتت تنظر للواقفة أمامها قبل أن تجيبها بتردد

"نعم إنها أنا.أأنت زميلته في العمل؟"

ابتسمت الواقفة أمامها وهي تتأملها ببطء قبل أن تجيبها "رؤيتك تفسر الكثير فدومًا ما تساءلت لماذا يخفي بكر زوجته عنا، لكن إذا عُرف السبب بطل العجب حقًا.

إذاً كما سمعت تمامًا بكر تزوجكِ دميمة لكيلا ينظر لك رجل آخر ويُرد له فيك كل العبث الذي عاشه"

ألجمتها الصدمة فقالت:

"ماذا؟"

لتقاطعها الأخرى بحزم بدون أن تترك لها فرصة لتفهم قائلة:

"إنها ليست المرة الأولى التي أراكِ بها فأنا حضرت زفافك لكن هذا هو الوقت الأنسب تمامًا لأقول لك أنتِ لست المرأة المناسبة لرجل كبكر.

بكر يحتاج امرأة تماثله في كل شيء تملأ عالمه وقد أصبح يدرك ذلك وتبقين أنتِ العقبة ومهما تأخر في أخذ خطوة الانفصال فهي آتية، أكاد أجزم أنكِ شخصيًا لا تدركين السبب الذي جعل رجلًا مثله يرتبط بكِ رغم أن السبب واضح جدًا لكن عينيكِ أبتا أن تريا وعقلك رفض أن يصدق" خرس قسريّ فرض نفسه عليها فوقفت كالتمثال تستمع للأخرى تقول:

"انظري له، انظري للعالم الذي ينتمي إليه، إنك دخيلة ومكانك بجواره خطأ يجب أن يصحح، آسفة لصراحتي المفرطة لكن ربما يومًا ما تشعرين بالامتنان لصراحتي فأنا أعطيك الفرصة لتنسحبي بكرامة قبل أن يتخلى عنكِ فأنا أؤكد لكِ أن ما يبقيه حتى الآن ليس سوى الشفقة، وحتى ذلك الشعور لن أدعه ينغمس به أكثر من اللازم فما يربطني به يجعلني واثقة أني سأنسيه اسمك في ظرف يوم، لا بل ساعة فأنتِ لست بالشخص المهم وأنا لست بالشخص الهين وبكر حاليًا يخصني"

༺༻

غامت أعين ضي بقهر وهي تجيبه

"للأسف، بكر سامحني فأنا استُنزفت كليًا ولم أعد أستطيع.

أشعر معك أني على حافة الموت وكلما نظرت لصغيري أشعر أني ظلمته حين أتيت به إلى هذه الحياة.

أرجوك أخرجني من تلك المعادلة المجحفة فأنا قد أقبل أن أكون لا شيء في نظر نفسي ولكن ليس بنظرك"

أغمض بكرعينيه ينحره الخذلان ونقاط الوصل بينهما تتلاشى واحدة تلو الأخرى فتثور بقايا كرامة أبى ألا يهدرها وهو يقول: "لك ما تريدين يا ضي لأنني لن أرضى أن أعيش بجوار امرأة لا تريدني، لكن لا أريد لعلاقتنا أن تتأثر لأجل زين سأترك المنزل لكِ فلا أريده أن يشعر أن عالمه ينقلب بسبب وضع لا يد له به.

لا أعلم لما تخليتِ عما بيننا ولن أسألك.

إذا كان هذا قرارك فأنت طالق يا ضي"

رصاصة الرحمة انطلقت من بين شفتيه لتنقلها من جحيم القرب إلى جحيم النوى وفي كل الحالات كان الموت مصيرها المحتم.

༺༻

بعد ثلاث سنوات...

تقف أمام المرآة ترتدي ثوباً أبيض يلتف حولها كالكفن فاليوم آن موعد الدفن، وها هي تستعد لمراسم الوداع الأخير.

وداع كانت هي صاحبة القرار فيه.

تمنع دموعها وتكظم قهرها متحاملة على شدة حزنها ومجمدة كل مشاعرها، فتتحرك كجسد بلا روح نحو زين الذي كان يرتدي بدلة سوداء وهو يقول بحماس "اليوم إذاً سيصبح لدي أم أخرى" هزت رأسها بهدوء وقالت له بصوت مختنق

"أريدك أن تكون مؤدبًا وتستمع لما يقوله والدك وتنفذه"

قفز الصغير حين دخل والدها الغرفة يسألها

"أما زلتِ مصرة على القدوم معنا؟

أنا ووالدتك سنذهب ونقوم بالواجب وسيكون زين معنا، ليس عليكِ فعل ذلك"

ابتسمت بحركة جعلت والدها يتألم لأجلها وقالت:

"بكر أصر على حضوري، أنت تعلم أنه يحاول أن يشعرني أنه مازال لي مكان ومازال مرحب بي كوالدة لزين على الأقل

لذلك عليّ الذهاب"

خطت إلى الحفل الضخم لا تظهر شيئًا من نزيف قلبها، الألم لا يطاق ولا يوصف والخدر قد غاب تاركًا إياها تتلظى ببركان الندم.

اقتربت حتى وقفت أمامه تود لو أنها ما زالت تملك فيه حقًا فقدته، وكعادته استقبلها بابتسامة وترحيب يقول:

"سعيد لقدومكِ ضي، ستسعد رحمة لرؤيتك، ها هي"

اقتربت من لا تعد غريمتها ليتصدع الكون من حولها وعيناها تقعان على ملامحها، هي أبدا لم تتوقع هذا، لم تكن فاتنة أو مبهرة، مجرد فتاة عادية مثلها تمامًا، لا بل هناك فرق فهي تشع سعادةً وثقة ذاتية، لا تنظر لنفسها بعين النقص، ابتعدت تفر من الصدمة وقد أدركت متأخرًا فداحة ما فعلته بنفسها فيعترض فرارها همس إحداهن تقول:

"انظروا لصدمتها، أين كان عقلها وهي تترك رجلا كهذا؟"

الصحوة كانت عنيفة ويكأنها كانت في غفوة تحملها رياح الوهم لتصحو على ارتطام مفاجئ بقاع الحقيقة ...أفاقت لتحصى خسائرها التي لا تنتهي وهذه المرة لن تجد من حولها لا همس ولا صدى.

تمت بحمد الله.


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-24, 09:03 PM   #3

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

القصة الثانية ( قيود واهية)

القصة الثانية ..

فكرة القصة أتتني حين انتشرت ظاهرة تحويل النقاب إلى غطاء للوجه، التعمق في الأسباب والدوافع جعل الأمر مادة للنقاش وكثير من النساء وقعو تحت مقصلة الكلمات وتغيرت قناعتهم للنقيض وهنا اكتشفت أن تلك الخطوة التي نتمنى أن تُحسب لكل النساء ثوابًا حولتها عوامل كثيرة إلى عقاب ... ولن أبالغ إن قلت أمر مكروه بل وباب للفتنة وكم دفعني ذلك للكتابة عن الأمر ربما لم أناقش الظاهرة بشكل أعمق لكني على الأقل جازفت وسلطت الضوء عليها ولكم الحكم ........

༺༻༺༻

ألجموا نبال الكلمات عنا، فلا سامحكم الله ولا غفر لكم على ما عطب منا، ألجموا أفواهكم التي باتت تشكل خطراً على ثوابت كادت من شدة النفاق أن تفنى، فلستم الحاكمين بأمر الله ولا لحدود إرادتكم سطوة تبنى، ما أنتم سوى زمرة لا يأخذون من الضلال براح ولا هدنة، زمرة تمادوا في غيهم حتى صار سهلًا عليهم أن يجعلوا من الدين فتنة، أهوائهم اختلطت وتضافرت بداخلهم وزادتهم سخطًا ونقمة، فلا حد الله يردعهم ولا هم المؤمنون حقا كما علمنا، فمن قمعنا باسم الدين ليس منا .. ومن أوهن عزيمتنا بالكلمات ليس منا.

༺༻

تقف سلمي داخل غرفتها تتأملها بعيون متأثرة وساعات الزمن الحاسم في مصائرنا تمر بها اللحظات سريعًا لتضعها داخل تلك اللحظة الفاصلة ما بين حياة تودعها بامتنان لكل من دعمها داخلها وعلى مر سنوات ثم تعد حقائب الأمنيات المبتورة بصدرها لتعيد وصلها داخل حياة أخرى تأمل أن تتحرر فيها من كل قيد وضعف كبلاها طويلًا، طامحة في أن تصبح أخيرًا جزء من كيان يمنحها الحق في أن يكون لها صوتًا مسموع ورأي يؤخذ به ومشاعر تراعى وتفاصيل تهتم لها.

كل شيء في هذا اليوم كان أفضل مما تمنت.

كل شيء كان منسق بحكمة ربانية جعلت قلبها يبتهل لله شكرًا على نعمه، كل شيء يدعوها لتصر علي التحرر وهذا ما جعلها تحسم أمرها في قرار قد تنشب لأجله ح.رب لم تعد تبالي به.

فبالماضي كانت خاضعة دون حماية، لكن الآن الأمر يختلف فقد رزقها الله زوج صالح متقي متفاهم يدرك تعاليم دينه ويسير عليها لا يسيرها حسب أهوائه، ابتسمت سلمي وهي تُكمّل إعداد حقيبتها التي اختارت كل شيء سيوضَع داخلها بدقة متناهية فكم مرة بالعمر ستغدو عروس

ليطرق باب غرفتها وتدخل أختها يمني تقول بدموع متأثرة

" لا أصدق أنكِ سترحلين، ما بال العمر ...كأنه عجول في كل شيء.

في أخذ والدكِ منا

في دفعنا نحو النضوج

في رحيلك

ليتنا لم نكبر يقين "

اقتربت منها سلمي تضمها بتأثر

وبقوة وهي تقول

" هذه سُنة الحياة، لا شيء يجعلكِ تتحاملين على الزمن، ثم يومًا ما أنتِ أيضًا سيتحتم عليكِ الزواج هل سيعني ذلك أنكِ سترحلين عني ...أماكن الأحبة وإن بعدت قريبة، ما بالكِ بشخص يسكن القلب، أنت بالقلب يمني "

بكت يمني تأثرًا ثم حين وصلهما صوت الحركة الدؤوبة بالخارج ابتعدت عن أختها تمسح دموعها وهي تقول

" لقد كنت أبحث عن نقابك لأقوم بكويه قبل وضعه بالحقيبة لكنّي لم أجده، أخيكِ شدد على أن زوجك سيصل ليقلكِ إلى مركز التجميل بعد ربع ساعة ويجب ألا يقف في انتظارك كثيرا ، تعلمين كيف يهتم إبراهيم بتلك التفاصيل " قالت سلمي

" نعم أعلم فابراهيم يهتم لكلام الناس ، ونظرة الناس ، وافكار الناس أكثر مما يهتم لنا "

ثم تحركت نحو حقيبتها لتنهي ما كانت تفعله وهي تقول

" لا تهتمي لأمر النقاب واذهبي لتستعدي يمني فأوس على وشك الوصول "

سألتها يمني بعدم فهم

" ما بك لا تبدين بخير ، ثم من سيكمل كوي الملابس إذًا، أعطني إياه سأنتهي سريعًا " اقتربت سلمي منها ودفعتها بلطف خارج الغرفة وهي تقول

" اذهبي يمني واستعدي ودعيني أستعد لما سيحدث "

لم تفهم يمني حديث أختها لكنها انسحبت لتتمم على حقيبتها وترتدي نقابها هي الأخرى وتقيم صلاة الظهر الذي أذن منذ نصف ساعة كاملة.

༺༻

بعد قليل....

وقف إبراهيم على باب منزله يتنحنح بصوت مسموع وهو يخفض عينيه أرضًا ويقول

" يا أم إبراهيم "

اقتربت والدته التي تخفض أكمام عباءتها بحرص شديد ثم تخفض نقابها وتقول

" ما الأمر يا بني "

قال لها إبراهيم

" لقد وصل أوس، هل انتهت يقين ..ثم صوت الفتيات مرتفع يا أم إبراهيم، صوتهن يصلني بالأسفل وهذا لا يجوز..هل هذا ما وصيتك به .. "

قالت والدته

" يا بني أنهن ضيفات لدينا ولن أستطيع أن أفرض عليهن الصمت، ثم الصوت مرتفع نظرًا لعددهن كما ترى، تساهل قليلًا فلن يأتينا الفرح كل يوم "

قال إبراهيم بتجهم

" حسنًا يا أمي لكن لا أريد مزاح ولا ميوعة ولا أصوات مبالغ فيها، ماذا سيقول الناس عنا ؟؟؟ فالجيران دوما ما تحاكوا في استقامتنا والتزامنا ...من فضلك يا أمي شددي عليهم حتي تمر هذه الليلة و أحضري سلمي هيا "

أسرعت والدته تعبر صالة البيت العامرة بفتيات ونساء العائلة نحو غرفة سلمي تطرق بابها ثم تدخل بعجل لتجدها تجلس على طرف سريرها تتمسك بحقيبتها الموضوعة بجوارها وهي تبدو شاردة فنادتها والدتها

" سلمي، ألم تنتهي ...زوجك بالأسفل واخيكِ يقف على الباب ويبدو علي عجلة من أمره " وقفت سلمي وقالت كأنها تقر بلحظة التحرر

" بلى أمي لقد انتهيت منذ قليل، سأخرج حالًا"

نظرت لها أمها وقالت

" كيف انتهيتِ ..أين نقابكِ ..هل لم تحضره لك يمني حتي الآن "

أجابتها سلمي ولا شعور قد أثنى عزيمتها عما تنتوته

" لا أمي ...يمني لا دخل لها ...إنه أنا لقد قررت من اليوم خلع النقاب "

تجمدت والدتها بصدمة وقالت بتخبط

" ماذا تقولين! تخلعين ماذا يا ابنتي؟

أخيكِ على الباب وهو لا يطيق الانتظار، ارتدي نقابكِ واخرجي له"

هزت سلمي رأسها برفض وقالت

" لن تسير الأمور بهذه الطريقة اليوم يا أمي ...سامحيني أرجوكِ، لكنها ليلتي ومن حقي أن أخذ قراري فيما أريد بشأنها وما لا أريد ويكفي أنني تحملت فرض الأمر عليّ لسنوات، إبراهيم إما أن يقبل ويتفهم وإما أن يرفض ولكن لا تنتظري أن يجد لرفضه صدى بداخلي ، لا تنتظري مني أن ألتفت وأهتم لكلام الناس مثلما يفعل فقد حسمت أمري"

أسرعت أمها تغلق الباب لكي لا يتسلل صوتها للخارج وهي تقول"

يا ابنتي ألم ننتهي من هذا الأمر منذ سنوات، ما الذي أعاد فتحه اليوم، يا حبيبتي لماذا تسعين لتكدير الأجواء من حولكِ في يوم كهذا، اذكري الله واخرجي لأخيكِ ولا تدعي الشيطان يتلاعب بكِ " قالت سلمي

" لن أفعل يا أمي، فهذا الأمر لم ينته يومًا، أتدرين كمّ الصراع الذي أعيشه يوميًا خلف قرار لم يكن لي، أتدري كم مرة أرفع وجهي للسماء بخجل عظيم يملأ روحي لأني أداري وجهي إضطهادًا وليس تقربًا، أتدري أني اليوم كأي فتاة أريد أن أرى ذاتي في صورة ترضى الله و ترضيني وليست ترضى أخي والناس الذين يجب حين ينظرون إلي يقولون هذه فعلا أخت الشيخ إبراهيم ، يا أمي ارتداء النقاب له لذة روحانية لم أشعر بها مطلقًا لأنه لم يكن قراري "

ظهر الخوف جليًا على وجه أمها التي قالت

" يا حبيبتي، أخوكِ لم يُرِد لك سوى الصلاح، لما تتحاملين عليه بهذا القدر وتتركي الشيطان لينغز بينكما "

قالت يقين بقوة

" يا أمي إبراهيم فرض عليّ الأمر رغم علمه أني لست مستعدة له لأنه حسب قوله راع ومسؤول عنا، لكنه أغفل أن علاقتي بربي ما دمت سوية في ديني وأرى الحق حقًا والباطل باطلاً لا يحق لأحد التدخل بها ، لكنه لم يكن قويا كفاية ليضحد كلام الناس الذي جعله يكبلنا بقرارته " تعالى الطرق على باب الغرفة قبل أن يُفتح وتدخل يمني وهي تقول

" أمي لقد وصلت مجيدة "

دخلت مجيدة رافعة النقاب عن وجهها متقن الزينة تطلق زغرودة قوية وهي تتمايل وتقول

" مبارك يا سلمي، ستكونين أجمل عروس "

وصلهن صوت إبراهيم الغاضب من الخارج يقول

" الصوووت يا من بالداخل "

سارعت والدته تغلق الباب وهي تقول لسلمي

" استغفري الله يا حبيبتي وارتدي نقابك وتوكلي على الله، أخوكِ لو علم بما تنتويه سيقيم الدنيا على رؤوسنا "

سألت يمني بتوتر

" ماذا يحدث يا أمي "

ضربت والدتها على خدها بخفة علامة على الخوف والتوتر وقالت

" أختك تريد خلع النقاب " توسعت أعين يمني فيما قالت مجيدة بهدوء

" لا تكبري الأمر يا زوجة عمي، أغلب المنتقبات يخلعن النقاب في أفراحهن، إنه يوم بالعمر "

نظرت لها سلمي برفض وقالت

" لا يا مجيدة فأنا لست أنوي استعراض جمالي اليوم والتعفف بقية العمر فأنا عفيفية بحجابي واحتشامي، وليس كل المنتقبات يفعلن ذلك، اعذريني فيما سأقول وسامحيني إن بدى كلامي جارحًا لكِ لكن لعل الله أرسلكِ اليوم في هذا الوقت تحديدًا لتسمعي أني أخاف أن يأتي يومًا عليّ فأهتز وأصبح مثلك "

بهتت مجيدة وقالت بصدمة وهي التي لم تعتد من سلمي سوى التهذيب والاحترام

" مثلي ...ماذا تقصدين، ما بي يجعلك ترفضين أن تصبحي مثلي"

قالت سلمي

" ألا تنظري لملابسك، ألا تلتفتي لتصرفاتك، إن تمردك على إرتداء النقاب جعلكِ تتصرفين بطريقة مغايرة لطبيعتك الخلوقة، هل هذه الملابس تناسب وقار وعظمة النقاب، هل هذا النقاب العصري يُعَد نقاب ساتر، لقد وصل بكِ الأمر لترتدي النقاب على ملابس شبابية، ترسمين عينيكِ أسفله بشكل يجعلك أكثر إغرء ولفتًا للأنظار، لا تخفي حاجبيكِ المنمقين على الدوام، لقد أهنتِ النقاب ومكانته وتحول من درجة للقرب لله لرمز لتحكم زوجك بكِ ، صغرتي لأمر ترفضه روحك حتي أصبحت دميمة لكي لا يقول الناس أنك كسرت كلمة زوجك "

صاحت بها والدتها بغضب قائلة " سلمي احفظي لسانك، ماذا حدث لكِ "

قالت يمني

" يا سلمي هذا الحديث الآن ليس له فائدة "

قالت سلمي بما يشبه الصراخ المكتوم

" بلى له ألف فائدة، أنا لست الجانب الخاطيء في هذا الأمر لأكن مجبرة على الصمت والقبول أكثر، ألا تعرفو جميعًا لما ذادت نسبة التحرش ضد المنتقبات، لأن أمثال مجيدة من منْ قرروا التحرر أسفل النقاب كانوا السبب في دفع الفتيات السيئات لاستخدام النقاب لاخفاء وجوههن ..لقد سهلوا لهم الأمر كثيرًا، فأصبح أمر شائع بين الرجال أنّ أغلب المنتقبات ربما ارتدوه لاخفاء هويتهن لا أكثر " عمّ الصمت تمامًا وسلمي تناظر والدتها برجاء أن تدعمها في قرارها وحين يأست قالت

" يا أمي المنتقبة عن إقتناع، المدركة لفحوى النقاب تعرفها العيون من بعد أمتار، فهي تكون وقار في ذاتها .. .حاجبة نفسها عن جميع الأعين إلا عين الله التي لا تنام، تجاهد قدر استطاعتها لكي ترتقي بدينها، زينتها حياء واحتشام وعفة وهذا ما علمتنا إياه"

ثم التفتت إلى مجيدة وقالت

" مجيدة أسفة لفظاظتي لكن النقاب ليس بأمر هين يمكنك العبث به أو التمرد عليه، إنه رمز لشيء مقدس وأنتِ تنتقصين من قدره وقدر نفسكِ وتجعلين تحررك ذريعة لغيركِ للفساد، أرجوكِ إما أن تلتزمي بكونكِ امرأة مسلمة محتشمة لا تقدر على إرتداء النقاب وعسى أن يعينها الله على ذلك، وإما أن تدركي معني كلمة إمرأة منتقبة وتخضعي لها لأن ما تفعلينه يحملكِ من الذنوب ما لا طاقة لكِ به ، وحديث الناس آخر ما تهتمي به ، فلو تركنا عقولنا لما يقوله الناس لمتنا شنقا علي مقصلة الكلمات"

بكت مجيدة وقالت

" يا ليت لدي إصرارك وقوتكِ وقدرتك علي تجاهل البشر من حولنا ، فأنتِ محقة يا سلمي لقد تحول النقاب في مجتمعنا لمجرد ساتر لملامح الوجه لأننا تناسينا ديننا وصارت الأهواء تسيرنا وضغط المجتمع يدفعنا لأشياء لسنا علي إستعداد لها ، فبالماضي حين كانت تقبل المنتقبة وجب أن تتنحي الرجال لأجلها، وأن تعامل باحترام مبالغ فيه أما الآن فقد أصبح هذا نادرًا جدًا "

قالت يمني

" ما تعنيه سلمي هو أنكِ إن أردتِ التمرد فليكن على زوجكِ والمجتمع لا على رمز ديني لأنكِ هكذا تسيئن للإسلام، النقاب تشبه بأمهات المؤمنين ومظهركِ لا يقترب لاحتشام المؤمنين يا مجيدة "

بكت مجيدة وشعور قاتل بالذنب يملأها أنها سلمت أذنيها لحديث الناس الذي جعلها تخضع لما لأمر كهذا يستلزم من المرأة إلتزام وتقدير فقالت سلمي

" أرجوكِ يا أمي قفي معي هذه المرة، أخبري أخي أن المسؤلية عن الرعية تعني التوجيه وليس الجبر، أخبريه أن الله أعطانا المساحة في كل أمر ليس بمعصية، أخبريه أني أرتدي الحجاب طاعة لله عز وجل وإن أراد الله يومًا ما سأرتدي النقاب لمرضاته لا غيره وأنا ملتزمة بكل ما يعنيه ذلك "

هزت أمها رأسها وقالت

" أخيكِ لن يتقبل هذا الحديث " خلعت مجيدة نقابها بحرقة وقال

" ليس قراره هو أو غيره، أنا لم أكن هكذا يوما يا زوجة عمي، ليتني كنت بثبات يقين، على الأقل هي لم تتزعزع عن احتشامها كنوع من الاعتراض الواهي علي حديث البشر أو تحكم زوجها ، أرجوكِ لا تضغطي عليها أكثر وساعديها لتأخذ تلك الخطوة " نظرت والدتها للثلاثة أوجه وقالت بقلة حيلة

" لله الامر من قبل ومن بعد "

ثم التفتت خارجة فقالت يمني لسلمي

" هل يعلم زوجكِ بهذا الأمر " أجابتها سلمي

" لا ...لكنّي لا أنوي الذهاب إلى أي مكان قبل أن يعرف وله مطلق الحرية في قراره، أعلم أني اخترت توقيت خاطيء جدًا لكن الجرأة على الاقدام استلزمت مني ألف تردد حتى وجدت نفسي أمام الأمر الواقع "

بمجرد أن أنهت سلمي حديثها كان إبراهيم يقتحم عليها الغرفة بعيون جاحظة تنذر أنه أدرك كل شئ.

༺༻

ليلا....

كانت سلمي تجلس كشمس أشرقت في ربوع ليلة سرمدية تضوي بغني ولا وصف لها سوى غانية، يجاورها أوس الذي كان اليوم من بدايته يخبيء له صدمات ومفاجئات متتالية، التفت نحو يقين التي تجلس شامخة منتصرة لكن دون لمحة واحدة من الزينة، كأن سعادتها تزينها بزينة ربانية جعلته يسمي ويصلي من عيون الناس، مال عليها يهمس لها

" لقد تركتك في مركز التجميل منذ ساعات، وحسب ما أتذكر لقد دفعت مبلغ لا بأس به وكنت متحير جدًا في كيفية تصرفك بعد قراركِ المفاجيء، هل لي أن أعرف ماذا فعلت بالأربعة ساعات الماضية "

أجابته هامسة

" لقد كنت أهتم بنفسي ..ببشرتي وشعري وأظافري وأقدامي وأفعل كل شيء يشعرني أني عروس، لقد خلعت النقاب لكن هذا لا يعني أني أعطي لنفسي ذريعة للتبرج، نحن نستطيع أن نفعل كل شيء في إطار الدين " كانت توليه كامل اهتمامها متجاهلة النظرات الموصوبة عليها كسهام تطلق نحوها بعدما نصب البشر أنفسهم عليها قاضي وحكم والهمسات التي كان تصلها لتخترق أذنها عن عمد

" خلعت النقاب يوم زفافها كأنه كان ترتديه لاصطياد العرسان الملتزمة وها لم يعد له داعي ...أين ذهب التقوي والصلاح هل تبخروا بعدما أوقعت شاب من عائلة كريمة ، كلما تحدث أحد يقول أخت الشيخ وبالنهاية ظهر أنها منافقة ....هل أصبح خلع النقاب في الزفاف موضة تتبعها الملتزمات ...كيف استطاعت فعل ذلك ؟؟كم هي صفيقة "

ابتسم أوس غير مهتم بكل ما يسمعه ونظر لها نظرة مستبشرة بكونها ستكون النصف الذي سيعينه على الصلاح ودعا لها من أعماق قلبه المؤمن أن يرزقها الله حب النقاب والعودة إليه بقلب مقبل دون إدبار عما قريب.

༺༻

بعد خمس سنوات ......

دخل أوس شقته يحمل عدة حقائب ثم يتلفت يمينًا ويسارًا وسط سكون المكان قبل أن يعقد حاجبيه باستغراب وهو يلج تجاه الغرفة الرئيسية ليجد سلمي تقف أمام المرآة ترتدي عباءة سوداء ذو قصة مميزة، وتمرر يدها عليها عدة مرات صعودًا وهبوطًا في حركة متوترة، اقترب حتى وقف أمامها تمامًا وتعلقت عينيه بعينيها من خلال المرآة فقال

" ما بكِ "

ابتسمت وقالت

" لقد تأخرت "

رفع الحقائب إلى مرمى عينيها وقال

" لقد مررت بوالدتك وأحضرت الحقائب لكِ "

ابتسمت سلمي وهي تستطيل لتقبل فكه ثم تلتقط منه الحقائب وتفرغها بحماس على السرير بينما هو يراقبها بتعجب، لتلتقط قطعة قماش سوداء وتقول له

" هلا ساعدتني "

سألها بتعجب

" فيما"

أجابته بابتسامة راحة كأنها أتت بعد مجهود مضني

" أخيرًا وبمنتهى الرضا لقد حسمت أمري يا أوس، لا تعلم كم تمنيته، وكم تمنيت أن يرتعش قلبي هكذا ..وتدمع عيناي، تمنيت ألا يحرمني الله من تذوق حلاوة هذه اللحظة "

كان أوس قد أدرك ما بين كفيها فابتسم لها وقال

" لو أنكِ أخبرتني بما تنتويه لاشتريت لك العديد منه فلا داعي لتجعلي شيء مما مضى جزء من هذا القرار، فأنا لازلت أذكر يوم زفافنا...أذكر مواجهتكِ لي برغبتكِ وعينيك التي كانت مستسلمة لقرار موجع قد يصدر مني نحوك "

قالت سلمي

" أنت لم تخذلني أبدًا لقد كنت ونعم الرجل الراعي الذي أنصت وتفهم وأخذ القرار الصائب ثم تركني لأخذ خطواتي نحو الله على مهل، مهل لا يؤخرنا عن طاعة ولكن يرسخها في داخلنا، فأنت لن تفز بقرب إن لم تعطه حقه في كل شيء

والقرب من الله يحتاج نفوس مطمئنة حسمت صراعتها ووجهت وجهها الذي فطر السموات والأرض "

لفها أوس بذراعه وقبّل رأسها بعمق وهو يقول

" تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال، ووفقك إلى ما يحبه ويرضاه، وأضاء بصيرتك " ابتسمت بدفيء وهدوء لم تشعرهما من قبل في كنف إبراهيم قبل أن تتحرك نحو السرير تلتقط هاتفها ثم تقف أمام المرآة وتقول له

" هيا ، البسني إياها "

تحرك أوس نحوها وقلبه يتقافز فرحًا يضعه على وجهها ثم يعقده من خلف كأنما يعقد الأمر بقلبها الذي رق خاشعًا يدعوا الله أن يغفر له الذلات ويجعله عامرًا ما بقي له من أنفاس ويهديه إلى طريق الحق والصلاح ليسألها أوس

" أين حفصة "

أجابته

" لقد نامت بعدما قصصت لها قصة سيدنا موسى وغدًا سنقرأ الآيات معًا، إنها ذكية تحاور وتناقش "

قال أوس

" مثل أمها لديها إصرار لا يشوبه شائة على أن تكون مؤمنة صالحة حرة القرار "

قالت له بسعادة

" ديننا دين يسر وليس عسر، ومن يدرك الدين حقًا يسعد في الحياة وفي الممات".

༺༻

انتهت القصة

على وعد بلقاء آخر وقصة قصيرة أخرى تحت مقصلة الكلمات ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-24, 09:04 PM   #4

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

القصة الثالثة( مالا تعلمه)



(( ما لا نعلمه))

كل الكلمات التي ترتجف في قلوبنا لا نفصح عنها، نتركها لسقيعها في سجون الصمت، ونستبدلها بكلمات مستهلكة ليس من شأنها أبدا أن تنتفض على شفاهنا لتشي بما لا أحد يعلمه...

༺༻

أمام أحد مراكز التأهيل الكبري بالعاصمة، الساعة الثامنة صباحا تتوقف مجموعة من الآباء والأمهات الذين كان امتحان الحياة لهم أصعب وأشد تعقيدا من غيرهم ليسلموا أبنائهم يدا بيد إلى إدارة المركز المتشددة فيما يخص الأطفال، آملين بكل يوم يمر عليهم وهم واقفين أمام باب هذا المكان، كل واحد منهم يلوح لصغيره بابتسامة صمود وقلب ينتظر بصبر معجزة لا خيال لديهم قادر على الإلمام بتفاصيلها لكن الاحساس الرابض في صدور لم يكتنفها اليأس بعد وحده الذي يستطيع استنباط مدى قوتها.

على بعد خطوات منهم توقفت دراجة نارية قديمة فبدت كشيء مستهلك لا يتلائم مع فخامة المدخل الذي نزلت أميرة من خلف زوجها ووقفت أمامه ثم أنزلت ابنتها أيضًا وهي تقول لمعتز

" هل فكرت فيما تحدثنا به بالأمس "

قال لها معتز وهو يتأكد أن الحقيبة المعلقة على كتفه لم تسقط وقد وضع بها عهدته التي تخص عمله كمحصل للكهرباء

" أي حديث تقصدين يا أميرة، فأنا بالأمس كنت منهك من سهري بالعمل الإضافي ولم أكن بكامل تركيزي "

قالت أميرة لمعتز بتردد

" أقصد عيد مولد مالك ابن أختي، لن أستطيع الذهاب يد أمامي ويد خلفي، إنها لا تزورنا إلا ومعها زيارة بمبلغ وقدره "

نظر لها معتز بضيق وقال

" لذلك قلت لكِ اعتذري منها يا أميرة، أنتِ تعرفين أن الظروف آخر الشهر تكون ضاغطة بشدة علينا، وأنا بت من شدة تعبي ما بين لفي يوميا لتحصيل إيصالات الكهرباء من الناس وبين عملي في ورشة الحدادة أنام كما الجثة وكل هذا لألاحق على طلبات المنزل فلا ينقصنا شيء، ماذا أفعل أكثر من ذلك "

قالت أميرة بضيق

" لكن ...

قاطعها معتز يقول

" دون لكن يا أميرة، واحمدي الله، فأنا أحيانًا حين أنظر لمرام وأفكر لو لم يظهر ذلك الكفيل الذي تولى مصاريف علاجها في مكان كهذا ما سيكون مصيرها، الله يعلم بحالنا ويرسل فرجه فلا تعسريها علينا يا ابنة الناس واذهبي لتسلمي ابنتكِ قبل أن يغلقوا البوابة "

نظرت أميرة لزوجها بعدم رضا فلم يبال وهو يقول لها

" سأمر عليكِ في عودتي لأقلكِ، لو تأخرت انتظريني ولا تفكري في استقلال المواصلات العامة لكي لا تتأذي بالزحام أنتِ ومرام "

قالت له أميرة بامتعاض وهي تكتم حديث كثير على طرف شفاهها

" حسنًا، ألديكِ أوامر أخرى"

أخرج معتز ورقة مالية بسيطة وقال لها

" هذه عشرون جنيها، احضري لنفسكِ لفافة فلافل من المطعم السوري وعلبة عصير وابتسمي يا أميرة فنحن مازلنا بالصباح "

أخذت أميرة منه الورقة المالية وقالت بتهكم

" عشرون جنيها مرة واحدة، ظننتها ستكون عشرة فقط ككل يوم "

قال لها معتز

" لتعرفي أني لا أبخل عليكِ بشيء "

ثم غمزها مشاكسا فازدات انفعالا من لا مبالاته بمظهرها أمام أختها التي ستسألها عن سبب تخلفها عن عيد ميلاد صغيرها، ركضت أميرة نحو البوابة وهي تفكر أنها حقًا أصبحت تختنق من شعورها الدائم بأن معتز لا يفهم ما باتت تعانيه بسبب ضيق الحال ، نظرت أميرة للعشرين جنيها في يدها وقالت بشرود

" الحمد لله"

لكنها خرجت منها غير صادقة ...فاترة ...

༺༻

علي بعد أمتار وقفت سحر تنظر إلى هاتفها ذو الشاشة المكسورة تحاول أن تتابع بيان الأسعار الجديدة التي أعلنها الوكيل المصري للشركة المصنعة للجهاز التعويضي الذي يستخدمها ابنها وحولها مجموعة من الأمهات وهي تقول

" من أين سنأتي بالمال لندفع كل هذا، كلما ارتفع الدولار كلما أصبحت أطفالنا مهددة، منهم لله المسؤولين الذين لا يشعرون بنا "

اقتربت أميرة تقول بوجه ممتعض

" هل ستفطرن أم ماذا "

قالت لها سحر

" ما هذا البرود، هل علمتِ بالاسعار الجديدة لقطع الغيار"

قالت أميرة بضيق

" سمعت لكن ماذا سأفعل..

قاطع حديثهما وقوف سيارة فارهة أمام مدخل المركز ترجل منها رجل فارع الطول بالغ الوسامة يرتدي الزي الرسمي لاحدي شركات الطيران، أغلق باب سيارته ووقف يتفقد المكان بعينيه التي لا تظهر من خلف نظارته الشمسية اللامعة قبل أن يفتح الباب المقابل له وتترجل منه امرأة بدت كأنها خرجت من إحدى الإعلانات المعلقة على الطرق الرئيسية والتي تتحول ليلا إلى ومضات ساحرة قادمة من عالم آخر، بدت أنثى تختلف عن سحر التي تأملتها وهي تتحرك نحو الباب الخلفي للسيارة وتفتحه وتمد ذراعيها لتحمل طفل ربما في الثالثة من عمره وهي تقول

" انظري وملي عينيكِ بالبشر الذين لا يحملون همًا مثلنا، مؤكد هؤلاء يتعاملون مع الشركة الأم وليس مثلنا نتعامل مع الوكيل المصري الذي يريد أن يمتص دمائنا، انظري للسيارة التي وصلوا بها ونحن من تخرج أعيننا من محاجرها ونحن نتنقل من القطارات إلى الأتوبيسات المكدسة حتى نصل إلى هنا"

مطت أميرة شفتيها وهي تتأمل المشهد أمامها وتقول

" لا تجعليني أتحسر على حياتي أكثر، لقد لجمت نفسي بالقوة منذ قليل لكي لا أفتعل شجار مع معتز الذي لا يريد إعطائي مئة جنيه حتى لأشتري هدية لمالك ابن أختي لأن اليوم عيد ميلاده..."

صمتت أميرة للحظات وقالت

" لا أعلم إن طلبت منه يوما حقيبة مثل التي تحملها تلك السيدة ماذا سيكون رده وهو الذي يقابل كل طلباتي بلا ...والظروف ...والأوضاع "

قالت سحر بسخرية

" حقيبة ماذا التي لفتت نظركِ يا أميرة، انظري إلى الخاتم الذي ترتديه هذا مؤكد الماس الذي نسمع عنه، أتعلمين أن ذلك الخاتم يحل جميع مشاكلي "

نظرت أميرة للخاتم وهي تزداد نقمة على حياتها لتقول سحر

" أتعلمين ما الذي ينقصني لأصبح مثلها تماما "

قالت لها أميرة بحزن

" مؤكد ينقصكِ الكثير يا سحر "

هزت سحر رأسها برفض وقالت

" ينقصني فرصة، فقط فرصة أرتفع بها ولن أسقط مجددا".

༺༻

بعد قليل ....

داخل المركز كانت سدن تجلس بجوار زوجها ومن أمامها تجلس مديرة المركز الألمانية تتحدث لتترجم لها إحدى العاملات الحديث وهي تقول

" تقارير طفلك تشير أن لديه أمراض مزمنة بالإضافة إلى إعاقته "

أسبلت سدن أهدابها وصمتت قليلًا قبل أن تقول

" نعم فآثر مريض سكري كما أنه مصاب بمرض نادر يزيد من سيولة الدم لديه ".

༺༻

بعد أيام ....

وستظل الكلمات وسيلتك للإدعاء ، وسيلتك للتسلق، وسيلتك للخديعة، ستظل اللعبة الاحترافية الوحيدة التي يكن بدايتها حكم ونهايتها مقصلة.

༺༻

جمعت أميرة كومة الملابس التي تحتاج إلى الغسيل وتوجهت نحو الحمام وألقتهم أرضا بحنق قبل أن تجر الغسالة المتهالكة التي كانت لحماتها رحمها الله وهي تقول بغضب

" يداي جفتا من كثرة الغسيل، وكلما قلت أريد من يصلح الغسالة لا أجد سوى جملة واحدة الظروف لا تسمح، لقد تعبت ...تعبت "

وصلها صوت معز يقول

" مما تعبت يا أميرة "

قالت أميرة بانفعال

" لقد تعبت من كل شيء، انظر حولك هل ترى شيء مريح "

قال لها معتز

" أنا أرى أننا في نعمة من الله "

قالت له أميرة

" يجب أن تقول ذلك فلست أنت من ستظل لساعتين تدعك على يديك الملابس حتى تتسلخ كفيك ويتيبس جسدك من برودة الماء، ولما كل هذا، لأنك لا تريد أن تدفع ثمن تصليح الغسالة وأحضرت لي غسالة والدتك البدائية لكي لا أفتح فمي وأعترض "

قال لها معتز

" الغسالة كنت سأصلحها بالفعل لكنكِ من صممت أن تشتري حقيبة جديدة رغم علمكِ بكل قرش داخل وخارج، وأنا لم أقصر يا أميرة أنا أفعل كل ما أستطيع لكن أنتِ من أصبحت ناقمة "

قالت له أميرة بانفعال بات من كم الثورة التي احتشدت في صدرها بعدما أطلقت العنان لغزو الكلمات التي باتت تسمعها عن حياة سدن وتتخيل النعيم الذي تعيش به

" أصبحت ناقمة، بربك هل رأيت من هي أكثر صبرا وتحملا مني، من غيري كانت ستتحمل تلك الحياة، ثم إن كنت ترى شكوتي نقمة، حسنا ها هي الملابس اغسلها أنت وأنا لن أشتكي "

خرجت أميرة من الحمام بخطوات حادة تاركة معتز خلفها يتأملها بعيون باتت لا تدرك ما يحدث مع زوجته، أما أميرة فتوجهت لغرفتها تسحب هاتفها البسيط وهي تجلس على السرير بغضب وتطلب سحر التي لم تجبها كما تفعل منذ أيام، سحبت أميرة هاتف زوجها الذي كان أحدث من هاتفها قليلا وفتحت إحدي تطبيقات التواصل الاجتماعي وبحثت عن صفحة سدن التي باتت تتابعها يوميًا فوجدتها قد نشرت لنفسها صورة قبل ساعة من إحدى أكبر المراكز التجارية وهي تحمل باقة ضخمة من الورد خمنت أن مؤكد زوجها من أهداها لها فقالت بضيق

" والله الواحد يشعر أنه ليس حيًا كما الأحياء "

دققت أميرة النظر في الصورة ثم نظرت إلى باب الغرفة وتحركت تعبره بضيق وعادت إلى الحمام فوجدت معتز بدأ بالفعل بغسل الملابس فقالت له وهي لا تشعر بحدة الكلمات التي تخرج منها

" معتز لما لم تشتري لي وردا من قبل "

قال لها معتز الذي كان يخرج الملابس من غسالة والدته إلى طبق ضخم أطلق فيه المياه الجارية

" لأن لو لدي مال لن أضيعه على شراء الورد يا أميرة، بل سأمر على عم عبده الجزار لأشتري كيلو من اللحم البلدي الذي لم يدخل بيتنا منذ شهر "

نظرت أميرة لزوجها بغضب شديد وقالت

" أنا مظلومة في حياتي معك "

ثم ابتعدت عنه غير واعية لكونها كمن سدد سهم الكلمات ولم يسمي ورمى ولم يلتفت لما جنته يداه.

༺༻

في نفس الوقت....

داخل المركز التجاري كانت سحر تسير بخطى متخبطة وهي تنظر لكل ما حولها بذهول، كانت تشعر أنها كمن عبر إلى عالم آخر ما ظنت يومًا أن له وجود على هذه الأرض التي لا تحوي غير الكادحين المستنزفين، كان عقلها لا يستوعب الترف والبزخ المحيطان بها وهي تحمل عدة حقائب لسدن التي تقول لها

" أعطني الحقائب فحملك لها يشعرني بالاحراج أكثر لأني مؤكد تعبتكِ من كثرة اللف معي "

قالت سحر وهي تبعد يديها عنها

" والله أبدا ... لن يحمل الحقائب أحد سواي، هذا شيء بسيط لا تضخمي الأمور فأنا والله أصبحت أحبك في الله "

نظرت لها سدن بلطف وقالت

" شكرا يا سحر، حسنا على الأقل دعينا نجلس ونشرب شيء فأنا أجهدتك معي ولكن كان عليّ شراء هذه الهدايا اليوم فأخت زوجي عادت من السفر ويجب عليّ زيارتها "

قالت سحر وهي تتحرك تجاه أحد المطاعم ومن خلفها سدن تسير على مهل وتتبعها

" لا داعي، لا أريدك أن أكلفك ...ثم حمد لله على سلامة أخت زوجك يبدو أنكِ تحبيها لتشتري لها كل ذلك "

قالت سدن بلطف وهدوء لم تتبين سحر مطلقا ما خلفه

" لا تضخمي الأمور، أليس هذا قولك، ثم فعلا أخت زوجي تستحق كل خير " ابتسمت سحر باتساع وأسرعت نحو إحدى الطاولات تضع الحقائب وتجلس وهي تسحب قائمة الأصناف بلهفة وتنظر لها وهي تقول بصدمة

" الاسعار هنا باهظة جدا "

قالت سدن

" اطلبي ما تشائين "

نظرت سحر لسدن بانكسار وهي تطلق لسانها بكلمات ناعمة وتقول

" أنتِ ابنة أصول يا سدن ومؤكد ستفهميني، بصراحة أنا لا أستطيع تناول شيء من مكان لن أستطيع إحضار أطفال زوجي وأولادي له بيوم من الايام لذلك إن كانت ساقيك قد ارتاحتا قليلا دعينا نرحل "

قالت لها سدن

" لما تقولين هذا يا حبيبتي، أحضري زوجكِ وأولادكِ متى شئتِ، لا يمكن لأحد هنا أن يمانع "

قالت سحر بكلمات تتسلق العقول وتنفذ من أبواب الشفقة

" من أين سأفعل يا سدن والقادم على قدر الراحل، أتعلمين أن مصاريف التأهيل لطفلي في مركز كهذا تتكفل بها إحدى الجمعيات الخيرية، والله أنا أتمنى أن أفعل لأسرتي الكثير لكن العين بصيرة واليد قصيرة، حتى علاقتي بزوجي متوترة بسبب ضيق الحال، وكلما نظرت لعلاقتكِ بزوجك وسمعت حديثك عنه أتيقن أني لن أنعم معه بعلاقة هادئة مطلقًا "

أسبلت سدن أهدابها وقالت ولا تعي لوقع الكلمات بعقل الجالسة أمامها

" نعم زوجي حنون مراعي ...متفهم وكريم، وعائلته عائلة محترمة "

نظرت لها سحر وكأنما كلماتها تأجج في صدرها نيرانا لا تهدأ لتقول

" سدن هل إن طلبت منكِ أن يجد زوجكِ وظيفة لزوجي بالمطار سيكون الأمر ثقيلا عليكِ أنا فقط متعشمة فيكي خيرا "

رفعت سدن عينيها تنظر لسحر وقالت

" سأحاول لأجلكِ ولأجل أسرتكِ، قدر استطاعتي "

ابتسمت سحر لها وقالت

" وأنا لن أنسى لكِ هذا مطلقا ".

༺༻

بعد عدة أشهر .....

أما بعد فإنما الكلمات حاجز قوتي الهش، وإنما حروفها باقي زينتي الملطخة، وإنما معانيها هي دموع عيني التي لا يصبح لها معنى حينما تتوارى خلف أهدابي المحترقة.

༺༻

أوقف معتز دراجته النارية أمام المركز بوجه جامد كأنه قد من حجر، فنزلت أميرة تنزل ابنتها بانفعال شديد وهي تقول له

" اسمعني جيدا يا معتز، إن لم تجد حلا لحياتنا هذه، طلقني وليذهب كل واحد منا بطريق "

التوى عنق معتز ينظر لها بحدة دون أن ينطق فقالت له أميرة التي تركت أذنيها معبر لكلمات زرعت في روحها نبة شيطانية من النقمة

" أنت لا تسمع ما أسمعه عن حياة الناس، لا ترى ما أراه، نحن بسبب قلة حيلتك سندفن بالحياة بين جدران شقة والدتك القديمة "

قال لها معتز بحدة

" هذه الشقة أيام خطبتنا كنتي تنامي وتستيقظي وكل تفكيرك في اليوم الذي تخطين إليها كعروس "

قالت أميرة بصوت مرتفع

" كان هذا بالماضي، حين كنت غبية لا تعي ما تلقي بنفسها إليه، حين كنت حمقاء رمت نفسها للفقر دون تفكير " بهتت ملامح معتز وظل يتأملها للحظات قبل أن يقول لها بصوت مصدوم

" أنا فقر "

تجمدت أميرة من هول ما رأته في عينيه ولكن روح التمرد التي تجتاحها جعلتها تقول

" أنت أدرى بذلك "

ثم جذبت ابنتها وابتعدت عدة خطوات قبل أن تلتفت له وتقول

" لا تمر لتقلنا فأنا ذاهبة لمنزل والدي وأنت حين تجد حلًا يمكنك القدوم لأخذي "

تحركت أميرة نحو بوابة المركز غير واعية للقلب الذي أحكمت من حوله مقصلة الكلمات كما أحكمتها حول عقلها حين خدرت منطقها وتغافلت عما لا تعلمه.

༺༻

سلمت سحر طفلها للمسؤول عن استلام الاطفال وتحركت لتغادر دون أن تلقي السلام على من حولها وهي ترمقهم بنظرات مترفعة لتناديها أميرة التي عادت للتو من مطعم الفول والفلافل الذي رفع أسعاره بشكل جعلها تحدث نفسها كمن فقدت عقلها

" سحر ...سحر "

توقفت سحر على بوابة المركز والتفتت تنظر إليها وهي تقول بصوت جاف

" أهلًا أميرة "

نظرت لها أميرة بلوم وقالت

" أهلا وسهلا بكِ، لماذا لا تجيبين على مكالماتي يا سحر، ولمَ لم يعد أحد يراكِ، صرت لا أجدكِ بين الأمهات اللواتي ينتظرن أبنائهن "

قالت سحر

" زوجي لم يعد يقبل ببقائي في استراحة الأمهات جالسة كمن عليها ذنب وتخلصه، لذلك أخذ لنا شقة مفروشة في هذا المكان لأكون قريبة من المركز "

شهقت أميرة بصدمة وقالت بعدم تصديق

" شقة هنا، شقة مفروشة بهذا المكان " امتعضت ملامح سحر وقالت

" نعم وربما نحدث صاحب الشقة قريبًا لنأخذها تمليك، فأنا لم أستقر بعد، ما بين هنا وبين إحدى المجمعات السكنية "

قالت لها أميرة بحسرة

" متى انتقلتي وكيف حدث هذا "

قالت سحر

" منذ شهور، زوجي استلم وظيفة بالمطار وأثبت نفسه وأخذ ترقية سريعة وأصبحت الحياة القديمة لا تناسبنا كما ترين "

قالت لها أميرة بإدراك

" اغتنمتي الفرصة "

قالت سحر ببرود واستعلاء

" لا أفهمك "

قالت أميرة

" أقصد سدن "

قالت سحر

" أنا لا أحد صاحب فضل عليّ سوى نفسي "

همّت سحر بالتحرك لكن صوت صراخ جمد أقدامها وجعلها تغير وجهتها عائدة للداخل.

༺༻

قبل دقائق .....

كانت سدن تجلس بجوار زوجها المنفعل أمام مديرة المركز والتي تتحدث بانفعال أيضًا بينما تقول المترجمة

" طفلكم يحتاج رعاية أكثر من بقية الأطفال لدينا وهذا يحتاج خطة علاجية خاصة تتطلب تكاليف أكثر، لقد وضحت ذلك سابقًا "

وقف زوج سدن يقول بهمجية وقد أسقط ثوب التحضر لتختفي وجهة الطيار اللبقة وتظهر أخرى أكثر غوغائية

" أنا لن أدفع مليم واحد أكثر، أنتم مجموعة من النصابين، هل الأموال التي تأخذونها شهريًا قليلة "

توسعت أعين المترجمة بصدمة وعجزت عن ترجمة ما يقال لتقف المديرة وتطرق على مكتبها بعنف وهي تقول

" غادر حالًا مكتبي وإلا سأطلب الأمن "

رد عليها زوج سدن بالألمانية يقول

" بل أنا من سيلقيكِ خارج هذا المكان " نظرت سدن إلى المترجمة وسألتها بخوف

" ماذا يقولان "

قالت المترجمة

" هي تطرده وهو يتعدى عليها لفظيًا " توسعت أعين سدن بصدمة وجذبت زوجها من ذراعه تجره خارج المكتب وهي تقول برجاء

" أرجوك لا تفتعل مشكلة، لأجل ابنك أرجوك "

نظر لها زوجها بغضب شديد في اللحظة التي انفتح فيها الباب وعبر منه رجال الأمن تاركين المجال مفتوح لسحر وأميرة اللتان وقفنا لتشاهدا ما يحدث ومن خلفهما باقي أولياء الأمور، فقالت سدن بحرج بالغ و خزي شديد

" أرجوك "

هاج زوجها وبدون مقدمات صفعها صفعة مدوية كانت كأنها نزلت على رؤوس الواقفين فزلزتهم قبل أن يصيح بها

" اخرسي تمامًا، أليس كل هذا بسببكِ وبسبب المريض الذي بليتني به، صدقت أختي حين قالت أن بطنكِ لا تأتي إلا بالاموات أو المرضى وأنا لم أعد أتحمل، ماذا أخذت من زواجي منكِ وإنجابي له غير وجع الرأس، لماذا أصبر على هذا الوضع وأنا أستطيع أن أتزوج من الصباح وأتي بدلًا من الولد بعشرة معافين "

قالت له سدن بقهر ودموعها تجري على وجهها وهي تحاول الوقوف

" قلت لك سابقًا أن كل ما يعاني منه ابنك بسببك، بسبب ...

قاطعها زوجها مجددا يصفعها بعنف طرحها أرضًا فتدخل رجال الأمن يكبلونه بينما هو يصرخ قائلا

" أنتِ طالق، طالق ...خذي ابنكِ وعودي لمحل المنظفات الخاص بأبيكِ واجلسي بجواره، فأنا من أعطى لكي قيمة، وأنا من سيحضر سيدتك ويجلسها مكانكِ وينجب منها كل عام طفل وسترين، اتركوني "

خلص زوجها نفسه من رجال الأمن وغادر المكان وسط ذهول و صدمة الجميع، ما عدا أميرة التي كانت كمن أُلقي عليها دلو من الماء البارد فتوسعت عيناها كأنها تفيق على حقيقة تمزق كافة الكلمات التي يبدو أنها كانت مجرد ساتر أعمى بصيرتها، وسحر التي ابتسمت بشماتة واستدارت مغادرة كأن ما يحدث لا يعنيها مطلقًا.

༺༻

بعد ثلاثة سنوات ......

من عمقنا خرجت الكلمات تحجب عري الحقائق، ومن أقصانا خرجت الكلمات تتسلق أكتاف المترفين، ومن مدانا خرجت الكلمات ناقمة وقد ملأتها الظنون فيما لا تعلمه.

༺༻

داخل شقة بسيطة بحي شعبي كان معتز يحمل أريكة ضخمة ويحاول العبور من الباب فتوقفه أميرة قائلة

" انتظر ستجرح دهان الحوائط وأنا لم أفرح بها بعد، أنزلها أرضًا "

أنزل معتز الأريكة وهو يلهث ويقول

" متى سننتهي من هذا، لقد قاربت روحي على الخروج من جسدي من قلة النوم"

قالت أميرة بسعادة وهي تقترب منه

" وهل ننتقل لشقة أوسع كل يوم، دعنا نفرح يا معتز، فالفرح غالي "

نظر لها معتز بنظرة يدعي بها التمنع وهو يقول

" ظنتكِ ستظلين عمركِ نادمة على الفقر الذي ألقيتِ إليه نفسكِ "

التصقت به أميرة أكثر وأحاطت عنقه وهي تقول

" مازلت لم تنسَ، رغم أنك يومها عدت لتجدني في المنزل أنتظرك وأعتذر منك على لحظات طيش لم أكن واعية لها صدقني، لقد عدت إليك أعتذر وكلي ندم على ما صدر مني "

قال لها معتز وهو يحيط خصرها

" وما كان سببه، حتى الآن لا أعلم يا أميرة"

ابتسمت أميرة وقالت

" لا شيء سوى أني وقعت فريسة الكلمات، خدعت يا حبيبي ونسيت أنه رغم ما نسمعه هناك ما لم نعلمه "

قال معتز

" مازلت لا أفهم، لكن ما رأيك في الشقة، هل تستحق أن أمضي على نفسي إيصالات لثلاثة سنوات قادمة "

قالت له أميرة بسعادة

" مادامت تجمعنا سويًا إذًا تستحق، إنها نعمة وعليّ أن أحمد الله عليها دومًا، وأن أتذكر الصفعة لكي لا أنسى الدرس ".

༺༻

اقتربت أميرة من محل المنظفات تراجع الطلبات وهي تحاول أن تتخلى عن الأشياء الغير مهمة حاليا لأن المبلغ الزهيد الذي تحمله لن يأتي بكل النواقص، توقفت قدميها أكثر من مرة وهي تحدث نفسها من شدة التفكير قبل أن تتنهد بتعب وتدخل المحل قائلة

" السلام عليكم "

وصلها صوت من غرفة جانبية يقول

" وعليكم السلام"

قبل أن تظهر إمرأة بسيطة ترتدي عباءة سوداء وتقول

" أأمريني "

قالت لها أميرة

" أريد صابون سائل، وكلور و مسحوق لغسيل الملابس، لكن أولًا ما هي الاسعار لديكم "

لم يأتِ أميرة رد فرفعت عينيها عن المبلغ التي لا تتوقف عن عده رغم أنها تعلم عدده فوجدت المرأة أمامها ترمقها بنظرات لم تفهمها، وبدت ملامحها مألوفة بشكل ما، حاولت أميرة التذكر ولكن عقلها لم يساعدهامطلقاًا لذلك سألت المرأة البسيطة أمامها بشكل مباشر

" هل تقابلنا سابقًا ...أشعر أن وجهكِ مألوف بالنسبة لي "

أسبلت المرأة التي أمامها أهدابها وقالت

" أنا سدن والدة آثر، التقينا في مركز التأهيل الخاص بالأطفال منذ ثلاثة سنوات "

هبط الإدراك على عقل أميرة كما النيزك الذي يهبط على سطح الأرض مخلفًا ذوبعة عنيفة لتقول أميرة

" سدن والدة آثر، زوجة الطيار "

قالت سدن بهدوء

" طليقته "

قالت أميرة بحرج

" نعم أتذكر، كيف حالك وكيف حال آثر"

قالت لها سدن التي كانت كأخرى زال عنها كل شيء سرق نظرها بالماضي، زالت طلتها المترفه، وضوئها الساحر ، وجمالها الملفت ولم يتبق سوى أخرى مكسورة ... مهجورة ....مثقلة ....متعرية الروح

" بخير، نحن بخير "

سألتها أميرة محاولة فتح مجال للحديث معها

" هل مازلتِ على تواصل مع سحر، لقد كانت تجمعكما علاقة قوية على ما أذكر "

ابتسمت سدن وقالت

" كانت حين كان لها مصلحة لدي تجعلها تتسلق عقلي بنعومة الكلمات، لكن حين انتهت المصلحة وتبدلت الأوضاع واحتجت إليها ظهرت المعادن وانفضحت النوايا "

قالت أميرة

" لا أفهم "

قالت لها سدن وهي تتنهد بِهَم

" لقد قصدتها مرارًا لكي تساعدني وتجعل زوجها يبلغ والد آثر باحتياجنا للمال فقد صارا صديقين، كنت أناشد روح الأم بداخلها ظنًا مني أنها تشعر بي وقد مرت بمثل ظروفي من قبل لكنها صارت تتهرب مني ووضعت رقمي على القائمة السوداء، وحين ذهبت لها بنفسي بدت منفعلة وهي تقول لي أنها ما عادت تحتمل إلحاحي، وأعطتني مبلغ وطلبت مني ألا ترى وجهي مجددًا، فتركت المال وغادرت محاولة جمع ما تبقى من كرامتي التي أهينت "

قالت أميرة بحزن

" سحر منذ فتح الله عليها ورزقها تغيرت كثيرًا، لكن هل لي أن أسألكِ سؤالا يلح عليّ منذ سنوات "

قالت لها سدن وهي تبتلع غصتها

" تفضلي "

نظرت لها أميرة بتوتر وقالت

" لمَ حين تعرفنا لم أشعر يومًا أن هناك ما ينغص عليكِ حياتكِ، لقد كنتِ دومًا سعيدة هادئة، كل شيء فيكِ باذخ بشكل يعكس أنه لا ينقصكِ شيء حتى حديثكِ عن زواجكِ كان يشعر كل من حولكِ أنكِ تحظين بعلاقة زوجية مثالية "

ابتسمت سدن وقالت

" كلماتي كانت إدعاء يخفي حقيقة مخزية، كان ساتر أخفي به بشاعة الحقيقة على أن أتقبلها، عليّ من فرط الإدعاء أصدقه لكن كأني تركت الكلمات تتكوم حتى صارت مقصلة والتفت حول عنقي "

ابتسمت أميرة بحزن وقالت

" لستِ بمفردكِ من تلاعب بالكلمات، فسحر كانت تستغلكِ بالكلمات، وكانت تكسرني بالكلمات ...فإن كان للكلمات مقصلة فكلنا وقعنا تحت طائلتها...كلنا ما بين مدعي ومخدوع ومستغل دفعنا الثمن "

قالت سدن بحرقة

" لا أظن أحد دفع الثمن غيري "

ابتسمت أميرة وقالت

" دعيني أقص عليكي إذًا ما حدث لي أما سحر فلنجعل أمرها في خانة ما لا نعلمه".

༺༻

انتهت القصة مع وعد بقصة جديدة أخرى تحت عنوان ( مقصلة الكلمات)

Ektimal yasine likes this.

شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-24, 09:05 PM   #5

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

طريق معاكس ......

༺༻

لعل كل ما يحتاج إليه الأمر لتحسم قرارك في إختيار الطريق المعاكس هو تدابير القدر لا أكثر..

༺༻

ابتعدت شادن وتتسع ابتسامة ممتنة لرحلتها التي جمعتها يومًا بذلك الرجل الذي لا تصدق أنها رغم كل ما تسبب فيه من تغيير لحياتها لم تعرف اسمه حتى لكن لعله القدر، ذلك الذي حين يعصف بعالمنا يكن كل شيء على وشك التغيير..

وكانت هذه هي الحكاية ....

بداية القصة ????????????

༺༻

كلما ألمّ بنا نضج الحياة أدركنا أن أحلامنا ما هي إلا محض مستحيل حاولنا أن نلمسه في غمار اللاوعي الذي بات هو المساحة الوحيدة الحرة لنا بهذا العالم القاتم، على ورقة بيضاء فارغة كان هناك قلم حائر يخط خطوط مموجة تبدو بلا هدف أونهاية أحيانًا تتقاطع وأحيانًا تتواصل وأحيانًا أخرى تبدو بلا وصف دقيق قد يشملها، خطوط صامتة كصمت تلك التي تريح وجنتها على يدها بعيون شاردة وفي عقلها تدور عواصف من الأفكار التي تجمد في أوردتها الشعور بالحياة كأنها تبث فيها الموت النفسي شيئًا فشيء، تبثه على مهل مستمتعة بأن ترى إنكسارها جليًا على وجهها كما بات جميع من حولها يفعلون ومنذ مدة طويلة لا تظن أنها تذكر في مراحل عمرها الذي شارف على الثالثة والثلاثين سوى تلك المدة، كل تلك السنوات التي كانت تركض فيهما دون هوادة لتواكب أحلامها وتجعل من نفسها شخصية ناجحة طموحة مستقلة تفتخر بذاتها وتثير فخر عائلتها بها باتت محض هباء

فلقب الطبيبة الذي حصلت عليه لم يكن قويًا ليحميها من لقب عانس الذي فتح عليها أبواب نيران المجتمع والأهل.

༺༻

أغمضت شادن عينيها بألم وهي تشعر أن أفكارها الصارخة بح صوتها وغار نصل العجز في عمق قلبها أكثر وأكثر ليقاطع لحظات غرقها الخاصة طَرقْ على باب إستراحة الأطباء التي تجلس بها في انتظار انتهاء دوامها لتترك شادن القلم وتعتدل تنظر للباب الذي فتح وظهر منه الطبيب رامي يقول بإبتسامة لطيفة

" مساء الخير شادن، كيف حالك" أجابته شادن وهي تشعر أن لسانها أثقل من أن يتحرك

" مساء النور رامي، أنا بخير شكرا لسؤالك "

وقفت شادن وحملت حقيبتها واستعدت للرحيل وهي تسمعه يقول

" أين صفا، لقد أخبرتني أنها ستنتظرني هنا "

قالت شادن وهي تتحرك من أمامه لخارج الغرفة

" ربما لديها مرور، يمكنك انتظارها، معذرة منك عليّ المغادرة "

تحركت شادن ليقوقفها سؤال رامي الذي شعرته ثقيل بلا داعي

" هل أنتِ بخير، تبدين مجهدة " تنفست شادن واستدارت لتجيبه بشكل قاطع وتنهي ذلك الحديث الذي لا تستغيثه والذي من المؤكد أنه سيؤجج حقد صفا تجاهها أكثر ليسبقها صوت صفا التي اقتربت منهما تركض وهي تقول بانفعال شديد

" ماذا يحدث "

تجمدت ملامح شادن من سؤالها الهجومي فيما قال رامي بتوتر لم تتبين سببه

" لقد كنت أنتظرك "

قالت له صفا

" لقد أرسلت لك رسالة وأخبرتك أني مشغولة وطلبت منك ألا تأتي للإستراحة "

قال رامي الذي بدأ ينفعل

" لم أر تلك الرسالة صفا، ما بك!؟" نظرت صفا لشادن نظرة أشعرتها بالإهانة وأمسكت يد رامي وسحبته بحدة بعيدًا كما لو أنه أحد ممتلكاتها التي تعيدها لحيز الأمان فهزت شادن رأسها بيأس وقهر وابتعدت بخطى بطيئة وهي تسمع صفا توبخ رامي قائلة

" ألم أطلب منك الابتعاد عنها، كأنك تتحين أي فرصة لتتحدث معها، هذه ليست أول مرة أراكما معًا "

فيجيبها رامي قائلا بحدة

" صفا أوقفي جنونك لقد كنت أبحث عنكِ "

فتجيبه صفا قائلة

" خوفي على علاقتنا ليس جنون، أنت تفهم وأنا أفهم جيدًا ما أرمي إليه "

صمتت صفا لحظة ونظرت لظهر شادن التي تبتعد والتي كانت يومًا أعز صديقاتها ثم قالت بخفوت كسر حاجز كبرياء شادن قبل حاجز سمعها " ماذا هل أصبحت شادن هي أيضًا ممن يركضون خلفك، لعلمك هي لا تفعل هذا لسواد عينيك بل لأن عمرها تخطى الثالثة والثلاثين وحاليًا كل هدفها إيقاع أية رجل يوجد بطريقها أما أنت فهي لا تراك، لا أصدق أنك وقعت في فخ تلك العانس،

أقسم بالله يا رامي إن رأيتك تقترب منها مجددًا ستكون هذه آخر قشة في صرح خطبتنا الهش، كل ما أراه منك قد أمرره وأنا أقنع نفسي أنك اخترتني وفضلتني على كل من حولك لكن حين يتطور الأمر من محض معجبات لفتاة مؤكد تستميت لأجل إمتلاك رجل هنا يكمن الخطر، لأن من مثلها قد تفعل أي شيء...وأعني أي شيء، لتورطك بها وهذا ما لا تفهمه "

ركضت صفا مبتعدة وركض رامي بأنفاسه المنفعلة خلفها وركضت شادن بالاتجاه المعاكس وكل شيء يتساقط منها بعدما إستحالت إلى آلاف الشظايا التي محال أن تجرح أحد سوى نفسها، كم أرادت في تلك اللحظة أن تصرخ كما تصرخ الأفكار في عقلها، أن تواجه وتقف بثبات لكن كيف تفعل وكل ما قالته صفا في ظهرها تهينها به والدتها ليل نهار في وجهها، لقد كانت تملك مرافعة دفاع قوية لكنها كانت ستخرج من عمق قلب هش أوشك أن يؤمن بفشله، قلب حقًا ما عاد يحتمل..

༺༻

أخبر قلبك أن لا نصر بتلك الحياة سيزوره ما دمت لست فيه، فغيابي سيخلف دومًا بك ارتباك يزعزع خطاك عن الوصول إلى وجهتك..

༺༻


فتحت شادن باب المنزل تنشد طريق آمن يوصلها إلى غرفتها بسلام، فبعد يوم شاق من العمل وبعد يوم شاق من كونها عانس تشكل تهديدًا على كل رجل في محيطها ما عاد بها طاقة لترى أو تسمع أو تتحدث لمطلق بشر، أغلقت شادن الباب بهدوء وتحركت بخطى تناسب اللصوص لا أصحاب المنزل متوجهة إلى غرفتها لتتفاجأ أن باب الغرفة مفتوح ووالدتها تجلس على السرير بينما حنان زوجة أخيها تفتح خزانة ملابسها وتقف أمامها تقلب بين محتوياتها باهتمام، انتفخت أوداج شادن بغضب وولجت إلى الغرفة تقول بإنفعال مكتوم

" السلام عليكم، ماذا تفعلان هنا يا أمي، ألم أخبرك أني لا أحب أن يدخل أحد غرفتي في غيابي، هذه مساحتي الخاصة "

قالت والدتها ببرود

"جدي رجل وتزوجيه وحينها سيصبح لكِ بيت خاص، أما بيتي فأنا أجلس فيه أينما شئت لا أحد يحاكمني "

همّت شادن بقول شيء لكنها لجمت نفسها بقوة متحاشية النظر تجاه حنان التي تدرك أنها السبب الرئيسي خلف كل ما يصدر من أمها وأخيها نحوها وقالت

" أمي من فضلك أنا متعبة وأريد أن أرتاح "

التفتت لها والدتها ترمقها بنظرة حادة وقالت

" ترتاحي كيف، ألم أخبرك بالأمس أننا سنخرج "

قالت شادن وهي تلقي حقيبتها أرضًا بغضب

" قلت يا أمي لكني لم أوافق"

قالت حنان ببرود

" أنتِ لا تعرفين مصلحتك حقا أنا احترت بأمركِ وأخوكِ تعب من الحديث معكِ "

نظرت لها شادن بثورة وقالت

" أنا لا أعرف مصلحتي وأنتِ من تعرفيها، لماذا ؟؟ من منا الكبير هنا، ألا يدرك أحدكم أني كبيرة بما يكفي لأخذ قراراتي "

قالت حنان بأسلوب يصب الزيت على النار

" لو كنتِ تعرفين مصلحتكِ حقًا كنتِ قبلتِ بأحد العرسان الذين طرقوا بابكِ قبل أن يمل السائلين وتصبحي في نظر الجميع ...

صمتت حنان تنظر لحماتها قبل أن تكمل حديثها بصوت تدعي فيه الشفقة " تخطيت سن الزواج، لن أقول عانس فهي تضايقكِ "

هزت شادن رأسها بصدمة من جرأتها وغضب من أفعالها وقالت

" وإن كنت عانس كما تقولين فليس لكِ دخل بالأمر، هذه مشكلتي لا مشكلتك "

قالت حنان

" بل مشكلتنا جميعًا، أخوكِ مهموم دومًا بسببكِ، يقول من سيتزوج فتاة قد ينقطع طمثها بعد سنتين أو ثلاثة على أقصى تخمين "

شهقت شادن بصدمة وترقرت الدموع في عينيها ولم تستطع أن تفعل شيء سوى أن تنظر لوالدتها تطلب الرحمة بصمت ذليل لتقول والدتها

" الشاب الذي رتبت من خلال زوجة خالك لكِ معه موعد للتعارف قد يكون فرصتك الوحيدة لتنقذي نفسك من هذا المصير، يا حبيبتي الفتاة وإن وصلت لأعلى المراتب لا يكون لها قيمة سوى بالزواج والإنجاب هذا ما نشأنا عليه وأنتِ ما عاد أحدًا يطرق بابكِ وسيضيع عمرك هباءً وأنتِ تركضين خلف المرضى بأروقة المشفى ثم تعودين لسريرك البارد وحيدة فأنا مهما طال بي العمر لن أعيش لكِ "

كانت شادن في تلك اللحظة تشعر كما لو أن والدتها تضع حول عنقها مقصلة الكلمات ثم تدفعها نحو فضاء بهيم يبتلع أنفاسها لتقول حنان مسرعة " أطال الله في عمرك يا أمي، شادن لا تفهم أننا نفعل ذلك لأجلها لأننا نحبها ونخشى عليها من المجتمع الذي مهما ارتفع فيه شأنها ستبقى عانس جميع الرجال يرون فيها هدفًا سهلًا وجميع النساء يرون فيها خطرًا وشيكًا والأقسى من هذا وذاك أنها لا تعي أن جمالها مع الوقت سيزول وحينها لن يصبح هناك سببا باقيًا لتجذب نحوها رجل "

قالت والدة شادن

" زوجة أخيك إختارت لكِ فستان رائع يشبه ملبس فتيات هذا العصر فهي أصغر منكِ وتفهم في هذه الأمور، ارتدي الفستان يا ابنتي هداكِ الله وضعي بعض مساحيق التجميل على وجهكِ الباهت هذا ودعينا نلحق الموعد وحاولي ألا تعطي فرصة للشاب ليرفضكِ كوني مطيعة هادئة لبقة ولا تجادليه وكل شيء سيمر " قالت شادن بحسرة

" يرفضني "

لم تجبها والدتها التي انسحبت خارج الغرفة لتقترب منها حنان وتقول

" ما تقصده أمي أنها ربما فرصتكِ الأخيرة فتمسكي بها "

تحركت حنان تتبع حماتها وهي تغلق الباب خلفها تاركة خلفها شادن التي ظلت تنظر للفستان للحظات قبل أن تنفجر في البكاء وهي تفكر أن راحتها في هذا العالم باتت كوعد مبتور المشيئة ومستحيل لا جدال فيه، لذلك عليها أن تستسلم لذلك الضغط الرهيب فقد وهنت قوى مقاومتها بعد عمر طويل من المقاومة.

༺༻

إن كان في صدرك ركامًا من الانهيارات فأنا هنا لأعيد إعمارك، فقط امنحيني الفرصة..

༺༻

دخلت شادن خلف والدتها وزوجة أخيها ذلك المقهى الراقي تعلن هزيمتها الكاملة في كل سكناتها التي تضج بالانكسار، لم ترفع عينيها التي أخفضها شعور النقص العتي، لم تتصنع إبتسامة اختفت مع مثيلاتها في دوامة الحزن، لم تكن تشعر في تلك اللحظة سوى بكونها بضاعة قادمة لتوضع في أحد رفوف العرض، رخص بالغ ...ومهانة لكن من هي لترفض أو تثور، كل شيء قد يحتمل ويمر إلا وصمها بالعانس،

تحركت خلفهم منقادة كما تقاد البهيمة للمذبح لا يساورها فضول أو خجل أو توتر، لا شعور إنساني واحد فكل مشاعرها علقت في دنيوية بالغة من القيود الجبرية، شعرت بخطاهم تتوقف فتوقفت لتسمع والدتها تقول

" أهلا يا بني ...سعيدة لرؤيتك، الصور التي أُرسِلت لنا ظلمتك والله، ما شاء الله"

ابتسم الشاب وقال بلطف

" هذا من جمال عينيك سيدتي، تفضلن، ماذا تشربن...أم أطلب لكن شيئًا آخر "

قالت والدتها وهي تمسك ذراعها وتدفعها لتتقدمها بخشونة لم تظهر لعينيه

" هذه الطبيبة شادن ابنتي "

رأت شادن كف رجولية تدخل مجال رؤيتها وصوت يقول

" أهلًا وسهلًا "

رفعت شادن يدها تسلم بخفة قبل أن تسحب يدها وتقول

" أهلًا بك "

عاد الشاب ليقول

" تفضلن لمَ تقفن هكذا "

قالت والدة شادن

" أنا وحنان زوجة ابني سنجلس على الطاولة المجاورة لكما لنترك لكما مجالًا للتعارف وصدقني يا بني أنا سعيدة جدًا بمقابلتك، وأتمنى أن تكون ابني الثاني فقد ارتاح قلبي لك دون سبب "

قال الشاب بلباقة

" هذا شرف لي سيدتي "

همّت والدتها بقول شيء آخر لتقاطعها يد حنان التي جذبتها لتبتعدا وهي تهمس لها

" لندعهما يا أمي، عل الله يهدي ابنتك وتكسب ود الشاب "

سمعت شادن صوت هاديء يقول لها " تفضلي "

همّت شادن بأن تجذب المقعد المقابل له لكنه لم يدع لها الفرصة وهو يسحبه لها في لفتة جعلتها ترفع عينيها تنظر إليه لتجده شاب وسيم أنيق وفي بداية الثلاثينات من عمره هذا إن كانت تجيد التخمين، كان ينظر لها متفرسًا كأنه أدرك أنها ليست مرتاحة لما يدور ليقول

" ماذا تشربين "

قالت شادن

" لا شيء، شكرًا "

قال لها

" لا يصح أن نجلس دون أن تطلبي شيء أم أنكِ بخلية "

قالت له شادن باندفاع

" بالطبع لا أنا لست بخيلة "

ابتسم الجالس أمامها وقال

" اهدئي لقد كنت أمزح "

قالت شادن بحرقة

" تمزح ؟؟ "

شعرت شادن أنها تجلس أمام شخص يستخف بجوهر معاناتها فقالت له

" هل تريد المزاح، حسنًا دعنا نبدأ هذه التمثيلية الرديئة التي ستنتهي بمجرد أن تعرف أني تخطيت الثلاثين "

صمتت شادن تلجم نفسها بصدمة كبيرة وقد تفاجئت مما قالته ليعم الصمت للحظات قبل أن يأتيها صوته يقول

" لماذا تتحدثين عن سنك بتلك الطريقة، سنك تفصيلة واحدة من عدة تفاصيل تكون ذاتك التي تجلس أمامي، تفصيلة لا تعيبك بشيء " شعرته شادن يتمادى في الاستخفاف بها فقالت بحدة

" يحق لك أن تقول ذلك فسن الثلاثين لشاب مثلك هو السن الذهبي، مؤكد أنهيت دراستك وفترة تجنيدك وكونت نفسك وخضت عدة علاقات غير جدية حتى أصابك الممل من حياة الترحال التي تحياها ولذلك قررت الاستقرار كنوع من التغيير وكسر النمطية وبدأت بالبحث عن عروس ذات مواصفات قياسية ترضيك، تريدها أن تفهمك دون حديث تريدها أن تكون قيادية ومستقلة وواجهة اجتماعية جيدة لك وفي نفس الوقت تكون سيدة منزل متفرغة تمامًا لتحمل وتنجب وتربي وتهتم بك، تريدها أن تقف طوال اليوم بالمطبخ لتعد لك كل ما لذ وطاب ولكن تظل تملك جسد عارضة أزياء، تريدها أن تملك علاقات إجتماعية متشعبة ولكن ليس خارج دائرتك، تريدها صغيرة لتربيها على يدك لكن لديها عقل ناضج يتحمل المسؤولية ويتفهم حجم الزواج وكل ذلك صعب جدًا أن تجده في "

سألها بإهتمام بالغ

" وفرضًا لو أن هذا طموحي في شريكة حياتي لماذا ترين ذاتك أقل من ذلك الطموح فأنتِ من المفترض طبيبة و....

قاطعته تقول بحزن فقدت في غماره كافة السيطرة على ذاتها

" وعانس "

أغمضت شادن عينيها بأسى تقول

" لا تجيد التلون كفتيات هذا العصر لأنها أضاعت عمرها بين الكتب، مغلقة على ذاتها باب غرفتها لا تدري عمّا يدور خلف تلك الجدران و لا تدري عن العالم شيء، كل ما تراه نصب عينيها هو طريق طويل يحتاج منها كد وتعب لذلك أفنت نفسها في سبيل الوصول، سبع سنوات دراسة، سبع سنوات من الصراع الذي ابتلعها فنسيت في غماره كل شيء حتى هذا المجتمع الذي لا تحظى فيه الانثى بمكانة لائقة ما لم يكن بحياتها رجل، بل ولأزيدك من الشعر بيت، الأمر تخطى المكانة اللائقة كأن الانثى تفقد هويتها إن لم يؤكدها لجميع من حولها ذكر "

قال لها بخشونة

" من قال لك هذا الحديث "

أجابته بقهر شديد

" الجميع، أمي وأخي، أخي أخبرني أن المرأة إذا كسرت حاجز الثلاثين تصبح في نظر الرجل عجوز لن يتعب نفسه بالالتفات لها، وأن الرجل يريد إمرأة صغيرة ليضمن معها الشباب الدائم لها ولذاته، وأني كلما زاد عمري يومًا دون زواج أصبح كمن تحكم على ذاتها بالعنوسة الدائمة "

صمت محدثها يتأمل انهيارها قبل أن يقول بهدوء بالغ

" شادن، العنوسة قرار ...بل هو قرارك الخاص فإن رأيتِ أنكِ تأخرت في الزواج فحينها فقط ستكونين قد أكدت فكرة العنوسة على ذاتك ومنحت المجال لكل من حولك ليعاملوك من ذلك المنظور، ثم أنا رجل وأؤكد لكِ أن كلام أخيك محض عبث، لا يوجد قاعدة ثابتة في عالم الرجال تقول أن الرجل يحب المرأة الصغيرة بالسن يا إلهي، أنتِ طبيبة، انظري للواقع، الواقع يقول أن الرجال ليس لهم سن محدد في إختيارهم لزوجاتهم، فهناك رجال تزوجوا نساء أكبر منهم بأعمار صادمة ورغم ذلك كانت زيجاتهم ناجحة تمامًا لأن المقاومات التي نشأت عليها تلك الزيجة كانت أقوى من مجرد رقم، كل ما يدور في عقلك الآن، كل ما تسمعيه، كل ما يدور معكِ محض ضغط إن تركت له المجال ليتفاقم ستكونين كمن تدمر ذاتها ومستقبلها وتثبت على نفسها خرافة مجتمعية لا أساس لها "

هزت شادن رأسها بتعب ودموعها تتساقط بغزارة فقال لها

" الزواج ليس له سن محدد، الدين والشرع لم يقولا سوى ذلك وإن كان ما أوصلك لهذه الحالة من الانهيار هو المجتمع فلتعلمي أنه مجتمع رجعي مازال يمارس الضغط على المرأة ليشعرها بالنقص، شادن اسمعيني الرجال ليست جميعها أخاكِ، الرجل حين يبحث عن مرأة لتشاركه حياته، يكن له تطلعات خاصة به فهناك رجل سيريدها ذات ملامح ناضجة وأخر سيريد ملامحها طفولية وأخر سيريد ملامحها حادة وأخر سيريد ملامحها هادئة، هناك رجل يريد الجمال الصارخ وهناك رجل يريد العقل المتفهم، هناك رجل يريد إمرأة حماسية وآخر يريدها هادئة وآخر يريدها ملتزمة فمن الذي اختصر متطلبات الزواج في رقم، قائمة الاشياء التي أخبرك بها أخوكِ ليست مقررة على معشر الرجال وأنتِ تملكين حرية القرار في أن تكملين سعيكِ لتصلي للدرجة العلمية التي ترضيكِ وعليكِ أن تدركي وأنتِ تصلين إلى حلمكِ أنكِ أيضًا فتاة مفضلة لنوع من الرجال مؤكد سيسوقهم القدر نحوكِ لتجدي بينهم ذلك الذي ترتضيه لذاتكِ "

نظرت له شادن نظرة تكذب ذلك الأمل الصارخ في كلماته فقال لها بقوة

" سيأتيكِ ذلك الذي سيراكِ ملائمة له على جميع الأصعدة، السن الشكل المستوى الاجتماعي والثقافي، التكوين النفسي ... الهوايات وغيرها، أنتِ لا يجب أن تفقدي ثقتكِ بذاتكِ وأنتِ إنسانة ناجحة ومكافحة وطموحة ومتفوقة، مؤكد أنتِ تدركين أنكِ في تلك اللحظة التي تجلسين فيها أمامي على مفترق طرق وإختيارك وحده من سيحسم الأمر "

قالت له شادن بتعب

" لا أحد يقبل أن يسلمني زمام حياتي "

قال لها بانفعال

" بالعكس، أنا أرى أنكِ تملكين كامل الحرية في كافة خطواتك، وأكبر دليل على ذلك أنكِ لو قررت قبل جلوسك أمامي أن نخوض تلك المحادثة بشكل آخر من يعلم ربما لكان جمعنا النصيب في أتعس زيجة لأني أبحث عن مجرد عروس وأنتِ تهربين من العنوسة وهذه ليست المقومات التي قد يقوم عليها أي منزل، وربما لو رحلت أنا وظللت أنتِ على قرارك وقابلت رجل غيري بهدف الارتباط ولنفس الأسباب وبالغتِ في ضغطك على ذاتك أكثر حتى أتمتت الزيجة ستكونين كمن تهرب من لقب عانس للقب مطلقة وفي مجتمعنا الرجعي هذا اللقب أكثر سوءًا ولكن تخيلي أن تحمليه وتحملين معه طفل أو أكثر بعائلة مفككة "

عمّ الصمت بينهما لتقول شادن

" كم تمنيت أن أسمع ذلك الحديث من أشخاص آخرين "

قال لها

" شادن أنا أتمنى أن تملكي الإرادة لتحيي الحياة التي تستحقيها وأنتِ تؤمنين أن نصيبكِ سيأتيكِ حين يأذن الله، النصيب لا يأتي كرهًا، وهناك أرزاق لن يقبل لكِ الإسلام أن تسعي إليها مادام ذلك السعي سيعرضك للذل والمهانة، فالإسلام دومًا ما أراد المرأة عزيزة مطلوبة، الإسلام كرم المرأة ورفع قدرها فكيف ترضخين لمجتمع يقل من قيمتها ويختزلها في إطار الزواج، ماذا لو تزوجت وأنت على مشارف الأربعين أو الخمسين، أين المشكلة ...لا توجد مشكلة سوى في عقول البشر من حولك "

كلماته تغزو روحها المنطفئة حتى وصلت إلى عمق بعيد من الطاقة الكامنة فزادتها هياجًا وإيباءً لتنتفض شادن واقفة فوقف محدثها بدوره يقول لها بلطف

" أسف لوضعك بهذا الموقف شادن، أنتِ تستحقين ما هو أفضل من تعرف المقاهي هذا "

نظرت له شادن بإمتنان ثم قالت

" شكرًا لك "

أخذت شادن نفسًا عميقًا وأمسكت بحقيبتها تستجمع شتاتها ثم تحركت بخطوات ثابتة تجاه طاولة والدتها التي رفعت وجهها إليها بلهفة تسألها " هل كل شيء بخير "

نظرت شادن لوالدتها لوهلة ثم قالت بقوة استمدتها من كل قهر وحزن و من حرقت كل كلمة ألقتها في وجهها ككرة نار متأججة دون أن تبالي

" مؤكد يا أمي كل شيء بخير ما دمت بصحة وعافية ومنة ورفعة من رب العالمين، كل شيء بخير لأن الله خلقني في أحسن صورة فلم يرسلني لتلك الدنيا بعيب أو نقص يجعلني أرخص ذاتي لأي رجل حتى إن كنت كسرت حاجز سن الثلاثين وبت معيوبة حسب ظنك فهذه وجهة نظرك التي أرفضها منذ الآن رفضًا تامًا وقاطعًا، أنا من تلك اللحظة حرة مادمت لا أضر أحد، أرفض من شئت وأقبل من شئت وأظل دون زواج في الحياة كيفما شئت وأسعى خلف كل ما يجعلني معززة مكرمة، أنا من كرمني الله ورسوله لن أسمح لمطلق بشر أن ينتقص من قدري لأن الله أراد لنصيبي أن يتأخر قليلًا وأنا راضية بذلك وكل من لا يعجبه الأمر فيريني كيف بإمكانه أن يعترض على إرادة الله "

وقفت والدة شادن تنظر لها بصدمة وهي تقول

" شادن أخفضي صوتك "

ارتفع صوت شادن تقول بغضب

" ليس بعد اليوم أمي، أنا لن أسمح لأحد بعد هذه اللحظة أن يجعل أيامي في الحياة ثقيلة سوداء لا تمر لأني لم أتزوج، لن أسمح لأحد أن يثبط عزيمتي عن تحقيق ذاتي والوصول لأحلامي التي اجتهدت كثيرًا لأجلها، لن أسمح لأحد أن يقرر عني أي شيء أو أن يضعني تحت الضغط لأي سبب، أنا لن أسير خلفك أو خلف غيرك لأعرض ذاتي على أي رجل لن أهين كبريائي باستسلامي لتفكير هذا المجتمع الرجعي، أنا من اليوم حرة ذاتي ولا أحد يملك في أمري شيئًا سواي ما دمت لا أتخطى حدود الدين والأخلاق ....

قاطعتها حنان تقول

" شادن أنتِ هكذا تتسببين لذاتك بفضيحة و....

التفتت شادن تنظر لها بقوة وقالت

" أنت خاصة وكل مثيلاتك لا مساحة لكن في حياتي، من هذه اللحظة أنا لا أريد أن أعرفك، ولتعلموا جميعًا أني أسكن منزل والدي أي منزلي وسيظل كذلك وإن بلغت الثمانين وصار لدي عشرة أطفال، أي شخص سيحاول أن يشعرني بالغربة داخله سيجد مني رد رادع وقوي "

نظرت حنان لوالدة شادن بغيظ كأنها تطلب منها بصمت أن تسيطر على ابنتها لكن شادن لم تدع لهما الفرصة وهي تستدير نحو طاولة ذلك العريس فلم تجده كأنما انشقت الأرض وابتلعته ...كأنه لم يكن موجود من الأساس فتأملت مقعده وهي تبتعد بخطى واثقة ثابتة قررت ألا تهزها ريح الكلمات الجارحة أو يزعزعها انتفاضة قلبها المنكسر والذي ستبدأ من هذه اللحظة في إعادة ترميمه لأنها تحتاج إلى أن تحفظه سليمًا معافًا إلى أن يصل صاحبه والذي مهما تأخر لن تحزن أو تفقد الأمل فلكل شيء بالحياة موعد ومؤكد موعد السعادة قريب جدًا.

༺༻


أنت حرب سطر على جبيني أن تدور من حولي وأدور في فلكها حتى يوقف أحدنا تلك الدائرة فإما أن تنهي حياتي وإما أن أنهيها لأبدأ حياتي..

༺༻

بعد سبعة سنوات .....


تقف شادن أمام مكينة القهوة في أحد إستراحات مطار القاهرة الدولي، وهي تصب كافة تركيزها على هاتفها الذي تشاهد من خلاله مقطع جراحي شديد الدقة، كانت تبدو أخرى غير تلك المهزوزة المضغوطة الخاضعة التي كانتها من سبعة سنوات، كانت أخرى واثقة بذاتها أنيقة ملامحها ازدادت نعومة كأنما العمر انهزم أمام صمودها وقرر ألا يحاربها أكثر، كانت كل سكناتها تشع هيبة ورقي، كانت أنثى ولدت من رحم المعاناة فأضحت قوية لا يشق لها غبار تسرق الانظار أينما ولت وجهها الذي ارتفع حين سمعت صوت الماكينة التي انتهت من إفراغ القهوة فحملت شادن الفنجان بيدها الحرة واستدارت لتتفاجأ أنها تكاد أن ترتطم بشخص

فأبعدت يدها التي تحمل القهوة بسرعة وهي ترفع عينيها إليه وتقول بجدية

" عذرًا منك "

همّت شادن بإكمال طريقها ليوقفها ندائه المذهول

" شادن "

التفتت شادن تنظر إليه بعيون ضيقة تتأمل هيأته التي تميل للعبثية وقالت بهدوء

" عفوًا، هل أعرفك "

قال لها

" هل لا تذكريني حقًا "

ولته شادن كامل اهتمامها وهي تضع هاتفها في جيب بنطالها الكلاسيكي الأنيق وقالت

" هل أنت أحد مرضاي "

ابتسم بإتساع كأنه يستعرض وسامته البالغة ثم قال بخفوت

" أنا ذلك العريس من المقهى، أرجوكِ قولي أنكِ تذكرتِ ولا تجبريني على تذكيركِ"

علقت أنظار شادن بملامحه لتقول بإدراك

" أنت هو "

ابتسم لها وقال

" كيف حالك وماذا تفعلين هنا " قالت شادن بتوتر

" أنا لدي مؤتمر وطائرتي بعد ساعة "

قال لها

" أرى أنكِ وصلتِ لما كنتِ تحلمين به "

قالت شادن

" نعم فعلت، هل وجدت أنت عروسك المنشودة "

قال لها بمزاح

" لا لم أجدها ففي الحقيقة منذ خرجت من ذلك المقهى قررت أني لست مستعد للإستقرار وأن مجرد ميلي للفكرة ليس كافيًا لأخوض تجربة جدية كتجربة الزواج وأني يجب أن أملك دوافع أقوى لخوض تلك التجربة، لقد رأيت أني محظوظ أني لا أتعرض لضغط المجتمع وأني أملك القرار الذي يجعل أمامي الفرصة متاحة دومًا لذلك قررت أن الوقت لم يحن بعد وعلى ما يبدوا أنه مازال قراري "

ابتسمت شادن بذهول وهزت رأسها وهمّت بقول شيء ليقاطعها صوت رجولي يقول

" شادن ابنتك تريد أن تأكل حلوى للمرة الثالثة أنا أفقد السيطرة، النجدة من فضلك "

ابتسمت شادن بسعادة وهي تنظر لرؤوف الذي يقترب منها وهو يحمل خديجة ذات العامين ونصف بعيون تختزل دفء الكون وحبه في وجهيهما الذي أعطاها أكبر درس في العوض الرباني حين يدرك مؤمن ليقول رؤوف

" أنتِ من أصر أن نرافقك للمؤتمر إذًا تحملينا "

أحاط رؤوف خصرها بحركة دافئة لتقول له

" يبدو أنه كان قرار خاطيء، لمَ لا تعودان للمنزل الوقت لم يفت بعد " قال لها مغازلًا

" سنعود إذا عدتِ معنا "

ضحكت شادن بإنطلاق لينظر رؤوف للرجل الواقف أمامهم ويقول

" هل السيد زميل لكِ بالمؤتمر " نظرت شادن للوجه الذي يتأمل المشهد بسعادة وهّمت بالرد ليأتي رده أسرع

" كنت أتمنى سيدي لكن أنا محض رجل يحتاج لكوب قهوة وكادت زوجتك أن تسقيه لملابسي لكن تداركنا الأمر "

ضحك رؤوف وقال له

" هي وابنتها كوارث متحركة " نظرت شادن لوجه زوجها تدعي العبوس ليقول لها

" لنحل مشكلة ابنتك أولًا وبعدها نتفرغ لذلك الصلح "

دفع رؤوف شادن لتتقدمه لتلتفت بعنقها للواقف خلفها وتقول بصدق شديد

" شكرًا لك "

ابتعدت شادن تسمع جدال رؤوف وخديجة وفي عينيها تلمع دموع مليئة بالرضا والسعادة والحب وعلى شفتيها تتسع ابتسامة ممتنة لرحلتها التي جمعتها يومًا بذلك الرجل الذي لا تصدق أنها رغم كل ما تسبب فيه من تغيير لحياتها لم تعرف اسمه حتى لكن لعله مجرد صدفة بحتة، تلك التي حين تعصف بعالمنا يكن كل شيء على وشك التغيير..

༺༻

الى لقاء في قصة قصيرة أخرى تحت عنوان مقصلة الكلمات

فكما هناك كلمات تقتل روحنا ببطء هناك كلمات تحيينا

ويظل دائمًا القرار بيدنا في تقبل وقع الكلمات ......

شهيرة محمد ????❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:10 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.