آخر 10 مشاركات
على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          و حانت العــــــــودة "مميزة و مكتملة" (الكاتـب : nobian - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          إلى مغتصبي...بعد التحية! *مميزة ومكتملة *(2) .. سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          لعبة القدر -بيتي نيلز - عدد ممتاز - عبير الجديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          مرحبا ايها الحب -عدد ممتاز- بوليت أوبري - روايات عبيرجديدة [حصرياً فقط على روايتي] (الكاتـب : Just Faith - )           »          قصر الشوق -باتريسيا هولت -عبير جديدة (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree32Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-05-16, 02:24 PM   #321

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رزان عبدالواحد مشاهدة المشاركة
شكراااا حلو الفصل كتتير
العفو أختي الغالية




الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 29-05-16, 02:25 PM   #322

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رزان عبدالواحد مشاهدة المشاركة
جمممميل جدااا يسلموو حبيبتي
تواجدكِ معي هو الاجمل ربي ما يحرمني منك اختي


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 29-05-16, 02:25 PM   #323

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رزان عبدالواحد مشاهدة المشاركة
شكراااا حبيبتي فصل حلوو كتتير
فرحت ان فصولي اعجبتكِ كثيرا بانتظارك يا طيبة


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 29-05-16, 02:28 PM   #324

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدى عيدروس محمد مشاهدة المشاركة
لم أصدق عيني عندما وجدت روايتك هنا أيضا ههههه ياااه بالفعل انت كونتيسة الروايات .. طبعا متابعة معك منذ الأزل فمن يدخل دوامة شهاب لا يخرج منها ههه و لكن تعرفين انشغالات الحياة لذا فأنا انهي الفصل على عدة مراحل ما جعل أمر لحاقي بك مهمة عسيرة هههههه
هههههههه يا عيني هدى حبيبتي هنا وانا والله ما صدقت عيوني ههه اهلا صديقتي العزيزة ومرحبا بكِ هنا أيضا معي ربي يحفظك لي غاليتي ولا يهمك أعلم مشاغل الحياة لا ترحم رغم ان متابعتكِ لي تهمني جدا جدا لكنني متفهمة جدا لظروفك عزيزتي يا رب يوفقك بكل ما تبغين حلوتي ولكِ مني كل الود صدقا فرحت بهذه المفاجأة كاتبتنا الغالية موفقة حبيبتي


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 29-05-16, 02:30 PM   #325

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهراء5 مشاهدة المشاركة
كلمه الابداع والرقي فيما خطته حروفك
قليله بل هي قاصره امام هذا الجمال
من سرد الروايه والاحداث وفيض المشاعر
انتي مبدعه وبأمتياز عزيزتي🌷
وكُلي شوق.للفصل القادم
بالانتظار وكم هو صعب الانتظار ههه🌝
أوووه غاليتي زهراء ممتنة لكِ جدا كلماتكِ حقا لامست شغاف قلبي وأسعدتني بها ربي يحفظك لي على الرأي الذي استشعرته وعنى لي الكثير والكثير فرحت ان روايتي نالت اعجابك بهذا الشكل ، واتمنى الا اخذلك ابدا في لاحق الفصول وطبعا انا سأكون ممتنة اكثر لمتابعتكِ الدائمة معنا وعسى هذا الفصل يكون بالمستوى ايضا تسلميلي يا رب


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 29-05-16, 02:32 PM   #326

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انجوانا مشاهدة المشاركة
حبيبتي نسرينا طمنينا عنك ...ان شالله بخير ...بانتظارك بكرا
اهلا انجوانتي انا بخير حبيبتي وتسلميلي ع السؤال يا غالية وها قد جئت بالفصل المنتظر اتمنى يعجبك حبيبتي بانتظارك انا ايضا ههه


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 29-05-16, 02:40 PM   #327

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 14



" يا من جعلتنِي أتجرَّعُ فقدكِ فجأة ، يا غُربة قديمة تستوطنُني وكأنهُ مُحرَّمُ علي العيشُ بسلام ، أنتِ يا من تُحمِّلينني تنهيدَة غبراء تجرفُني بقسوةٍ نحوَ دائرةٍ سوداء لا ينبتُ فيها سوى العجزُ والانكِسار ، فراقُكِ يُنديني ألمَا وشُموعكِ التي كانت تُنير دربي أحرقتْ أرضي ، كم هرولتُ بعدكِ نحو مُدن الظلال وما كنتُ بقادر عن استئصَالِ ذكراكِ بقلبي فأنتِ تجعلينَ اللهاثَ شرطًا من بُنودِ الوداع ، ألا يا ليتكِ قبلَ الرَّحيل كتبتنِي سطرًا لا ينجلي فليسَ الموتُ مُقتصرًا على القبور إنَّما الموتُ كلُّ المَوت حين يخبُو من كان يعني لكَ يومًا معنى الحياة …"
~ قبل 16 سنة تقريبا ~
في قصر ضرغام العتيق حيث كان يجلس في صالونه الفاخر يده على عصاه في جلسة مظلمة ، عيناه مصوبتان خارجا هناك نحو الحديقة حيث كان أحفاده شهاب وائل وهديل ، أخذ يتأمل كلا منهم على حدة ويتنبأ لهم بمستقبل مختلف حسب نظرته الشخصية ، طالتِ النظرة عميقا حتى دخول رستم لم يستشعرهُ الجد لحين تنحنح للمرة الثانية ..
رستم:- احم احم .. فخامتك
ضرغام(تنهد عميقا ونظر إليه):- رستم .. هل من جديد ؟
رستم(ابتلع ريقه):- لقد وجدناها ..
ضرغام(رفت عيناه بغضب):- أين ؟
رستم:- بحديقة عامة تغني و…ترقص
ضرغام:- ههه طبعا الراقصة حتى لو جُنَّت ستظل تتذكر حرفتها السافلة … أين وضعتها ؟
رستم:- حبستها بالقبو معالي الباشا لحين تأمر بما قد نحرره في حقها
ضرغام(بتخمين):- تكتَّم على مكانها ولا تخبر أحدا ، لأنني قد فكرت بوضعها في مصحة هكذا أمسح ظنون حفيدي وأكسبه لصفي بدلا من فتح فوهة العصيان بوجهي ، الشاب بالعشرينات الآن ولم يعد طفلا ..
رستم:- هذا تماما ما أرمي إليه فخامتك .. لكن يستلزم منا أن نخرج أنفسنا من الصورة ونستفيد من حالتها يعني حين حاولت أذية نفسها مثلا .. ..
ضرغام(بإعجاب):- يروقني تفكيرك يا رستم بت تقرأني دون حديث ، أنجز الأوراق إذن وتكفل بالمهمة التي ستريحني من تلك المصيبة
انحنى رستم بطاعة وغادر مقام ضرغام الذي ظل يتأمل ضحكة هديل الصغيرة ويشبع نظره منهم الواحد تلو الآخر …
في الحديقة
هديل:- من بين كل تلك الأنواع التي ذكرتها حضرتك أنا لا أفضل سوى الأزهار الراقصة تلك إنها معبرة جدااا
وائل:- انعزالكِ في ذلك البيت الزجاجي سيؤثر عليكِ سلبا يعني خالطينا حاورينا هذا هو فقط ما طلبته يا هديل لم أطلب شيئا مستعصيا
شهاب:- دعك منها يا وائل .. هذه قد أجبرت جدي على إحضار تلك الراقصات من آخر الدنيا لرعايتها في جانب مخصص من حديقة القصر فقط لأن سمو الملكة تعشقها
هديل(بتذمر):- أنت لا تملك حسا أساسا حتى تشعر بمدى روعتها ، أنظر إلى تلك الأزهار النادرة مليا إنها تبدو كفتيات صغيرات يرتدين تنورة رقص ويتمايلن عبر إيقاع الرياح ، إنها تلقب أيضا بقرط السيدة
شهاب(بهزل):- واضح ذلك فهي تنمو بالمقلوب كأقراط السيدات تماما
هديل(بعمق):- إنها تبعث على الأمل في زمن كثرت فيه الأحقاد ..
شهاب(بذهول):- سؤال لو سمحت يا وائل أختك هذه كم عمرها ؟؟؟
وائل(كان ما يقارب السادس عشر):- أآن أظن أنه سؤال ليس بمحله يا شيهوووب
هديل(بحنق وعصبية):- عديمي الذوق همم سأنعزل مع أزهاري وأنتما ابقيا هنا تتحادثان عن التفاهات والفتيات الخبيثات ..
شهاب(حرك لها يديه بإهمال):- ارحمينا يختي واقبعي وسطها أتمنى لو تأتي ساحرة وتحولكِ لزهرة راقصة مثلهن لتريحي بالنا من هذه النزعة الغريبة ..
وائل(تابعها مليا وهي تدخل لذلك البيت الزجاجي حيث ترعى أزهارها المفضلة):- تتت
شهاب(زفر بعمق وجلس على الأرجوحة بإهمال بينما وائل كان يجلس على الكرسي الحجري):- وِيلِي !!
وائل:- نعم ؟
شهاب:- افف لا أدري ولكنني أشعر بالضيق الذي أنفس عنه بفوضوية وطيش..
وائل:- جيد أنك تعترف بأن طبعك حاد هذه الفترة
شهاب(بحزن):- طبيعي يا وائل فأمي قد خرجت منذ أسبوع ولم تعد حتى الآن ، تعبت من كثرة البحث عنها دون فائدة ولا أحد غيرنا يحرك ساكنا حتى الشرطة لم تقدم أي جديد
وائل:- ربما يجدر بك أن تفكر جديا فيما اقترحه عليك جدي سالفا
شهاب(بكره):- لن أعرض أمي على طبيب نفسي أبداااا ..أمي ليست مجنونة هي فقط مضطربة بسبب موت أبي وسوف تكون بخير أجل ستكون بألف خير وعافية ..
وائل:- ولكنك رأيت النتائج يا شهاب كل مرة تسوء حالتها من سيء إلى أسوأ ، وهذا يضر بصحتها كما قال الطبيب المعالج الذي أتانا به جدي يوم وجدناها بالمسبح نائمة
شهاب(انتفض برفض وهو يشير لصدره):- تلك أمي أمي كيف تطلب مني أن آخذها لطبيب خاص بالمجانين والحمقى ؟؟
وائل(بجدية):- لكنك تضر بصحتها يا شهاب
شهاب:- لقد أصبحت تتحدث مثل ذلك الرجل القاسي الذي لا يملك قلبا البتة .. ماذا وهبك كي تقنعني بهذا الهراء هدايا ثمينة سفرة سياحية مثلا ؟؟
وائل(استقام إليه):- شهاب أنت تخطئ في حقي كثيرا لماذا تحملني وتحمّل نفسك ما لا طاقة لنا به ، أي أحد مكان جدي كان سيقترح نفس الشيء ولو كان عمي أنيس على قيد الحياة كان قام بذلك دون مشورة أحد ، لأنه يصب أولا وأخيرا في مصلحة الخالة ماجدة
شهاب(مسح على شعره):- لا يا وائل لا لا وألف لا أنا سأجد أمي ولا أحتاج مساعدة أحد ،أصبحت راشدا كي أتحمل المسؤولية
وائل:- هل تظن أن جدي سيسمح لك بالمغادرة ؟
شهاب:- لا يهمني أمر جدك ذاك أساسا أنا هنا في انتظار ميراثي الشرعي ولولا ذلك لكنت غادرت وأمي دون رجعة وسترى كيف ستتحسن نفسيتها فور ابتعادها عن قبضة جدك
وائل(اقترب منه):- شهاب ..
شهاب(ابتعد عنه بغبن):- إلحق بجدك الحبيب من الأصل أنت المفضل لديه .. سلام
حرك وائل رأسه بدون فائدة فيه وهو يرمق طيف شهاب يختفي من أمامه وسط الأشجار الوارفة بالحديقة ، تنهد عميقا وتوجه لداخل القصر
ضرغام(ناداه بصوت مضخم):- واااااائل …
وائل(اقترب بهدوء ناحية القاعة الكبيرة):- نعم يا جدي
ضرغام:- اقترب مني يا صغير وأخبرني ما به ابن عمك ؟
وائل:- إنه متذمر بشأن الخالة ماجدة
ضرغام(بتمعن):- وما رأيك أنت ؟
وائل:- أنا.. وشهاب كنا نتناقش بخصوص وضعها الصحي الأمور تزداد سوءا
ضرغام:- أهاااه أرى أنك قد أثرت حنقه لذلك غادر الحديقة بذلك الأسلوب
وائل(مص شفتيه وعقد حاجبيه بحنق):- جدي هل أنت على علم بمكان الخالة ماجدة ؟
ضرغام(رفت عيناه لجرأته):- لماذا ألمس في سؤالك شيئا مبطنا كأنني أخفيها عن شهاب مثلا ؟
وائل(رمش بعينيه مرتين وتابع):- في المرة السابقة وجدناها بالشقة القديمة ولم تصل إلى هنالك بالصدفة طبعا ..
ضرغام(بصرامة):- ماذا تقصد يا ولد هل أودعتها بنفسي هناك ؟ أيعقل أنك تظنني كنت على دراية بمكانها وتركتكم تبحثون عنها دون تدخل مني ؟؟
وائل(بنظرة تعني أن كلامك صائب جدي):- إذن بما تفسر وصولها إلى هناك ، البيت في منطقة نائية والخالة ماجدة يستحيل أن تصل إلى هناك دون مساعدة أحد .. وأقصد أحدا يعلم علم اليقين مجريات الأحداث
ضرغام(ضرب بعصاه الأرض):- حديثك يأخذ منحى لا يعجبني يا ولد .. انسحب من أمامي هذا ما ينقص أن تتهمني بإخفائها عنكم ، لعلمك أنا أفعل كل هذا لمصلحتكم فمتى ستقرون بفضلي عليكم متى ؟
وائل:- أعلم ذلك يا جدي وأقر أنك لن تؤذينا ، ولكن شهاب حالته تعيسة جدا بدون أمه فلا تكن قاسيا أنت والأقدار عليه يكفي ما تجرعه من ألم حتى الآن
ضرغام:- إخرس .. هل ستعلمني كيف أتعامل مع أحفادي ؟؟ لن أسمح بتطاولك لشخصي حتى لو كنت تستغل محبتي الكبيرة لك دونا عن الآخرين
وائل(ابتلع ريقه وبعصبية):- وأنا كذلك .. لن أسمح بأن يجرح ابن عمي في حين أنا أقف متفرجا أرجو ألا تخذلني وتكون صادقا في كلامك جدي عن إذنك ..
ضرغام(في أوج غضبه):- رستم .. يا رستم
رستم(بعد لحظات دخل مسرعا):- نعم فخامتك بما تأمر؟
ضرغام(بكره):- هذا الولد يزداد جرأة لا أدري فيما أخطأت في تربيته آه يا ربي تتت ،، المهم تلك الراقصة .. عليك أن تخلصني منها في أقرب فرصة أريدها داخل جدران المصح في وقت وجيز يا رستم تصرف بشكل نظيف هيا
رستم:- تمام سيدي سيحدث ذلك فقط دعني أمهد للموضوع كي لا نقع في نفس الخطأ السابق
ضرغام(استقام بعصبية مزمجرا وهو يضرب الأرض بعصاه):- خطأ من في نظرك ؟ إهمالك يا رستم هو من تسبب في عثور الأولاد عليها في الشقة القديمة الخاصة بابني أنيس
رستم:- لا عليك يا سيدي لن نكرر نفس الخطأ هذه المرة نحن نسير وفق الخطة بحذر
ضرغام(تحرك للمغادرة):- سنرى ذلك يا رستم سنرى ذلك ..
توجه ضرغام من فوره صوب جناحه ليزيل الغبار عن عقله الذي تسبب حفيده بتشويشه في شرارة عصيان تأججت لتولد بينهما ، لن يسمح بأي شيء يشوش العلاقة بينه وبين حفيده حتى لو كان الثمن أن يطبق فم كل المعوقات التي ستحول بينهما … ظل وائل ذلك المساء ينتظر عودة شهاب الذي لم يعد منذ أن تشاجرا بالحديقة ..
ضرغام(على طاولة الأكل العريضة):- لن ننتظر أكثر من يهمل قواعد الطعام بالتأخير لا طعام له ، تفضلوا بالأكل ..
رانيا(بمودة):- حبذا لو ننتظر قليلا يا خالي
ضرغام(نظر إليها بهدوء):- رانيا باشري أكلكِ قبل أن تبرد أطباقك
وائل(بامتعاض):- لا شهية لي للأكل الآن أريد التوجه لغرفتي
ضرغام(بحدة):- لن تبرح مكانك قبل أن تنهي طعامك وائل .. ولن أعيد كلامي
رانيا(ابتسمت بقلق):- حبيبي وائل أطباق الليلة لذيذة لا تهدرها
وائل(تراجع لأجلها والتفت لأخته هديل التي كانت متوجسة من كل ما يحدث):- حسن ..
لم تمر سوى دقائق معدودة حتى دخل عليهم شهاب معربدا في حالة ثملة لم تكن مقبولة البتة من أي منهم ، وخصوصا جدهم الذي أثاره شهاب بذلك التصرف الطائش ..
شهاب:- مساء الخيرات هووووه عائلتي الجميلة مجتمعون حول المائدة ،،، عذرا عذرا لقد تأخرت سامحوني منعرجات الطريق كثيرة وسيارتي النتنة قد تعطلت لأزيد من مرة ههه آه لحم مقدد خالة رانيا سلمت الأنامل
رانيا(ابتلعت ريقها وهي تنظر لضرغام واستقامت من محلها):- شهاب لما لا تأتي معي أحم قليلا فقط هيا
ضرغام:- مهلكِ… دعيني أمعن النظر في هذا العربيد السكِّير
شهاب(تقدم إليهم واصطدم بكرسي الطاولة حتى ارتجت الصحون بها والكؤوس أيضا تماما مثلما ارتجت أفئدتهم الواحد تلو الآخر):- أووه جدي العظيم لا تتعب نفسك سأترك لك صورتي على جانب منضدتك فوق استيقاظك صباح غد ، لربما اشتقت النظر لتفاصيلي أكثر حين أغادر قصرك اللعين
وائل(قلق عليه):- يكفي شهاب ماذا تفعل احترم جدَّنا ؟
شهاب(ضرب على صدره بألم):- أحترم من يا وائل هل تعلم ماذا فعل جدك بأمي أم أنك تدافع عنه فقط لأنك مفضله لعلمك أنت مجرد استنساخ مصغر عنه لذلك هو يمجدك أكثر واحد فينا
ضرغام(انتفض بعصبية):- إخرس أيها المعتوووه ، ما هذا الذي تتفوه به في حضرتي ألا يوجد لديك ذرة احترام حتى ، فعلا إنك لنتاج فاسد من تلك الراقصة التي غوت والدك فأوقعته في شباكها بالمكر والخداع
شهاب(أمسك كأسا وكسره بين يديه دون شعور وعيناه محمرتان بشكل مريب):- إياك وأن تتكلم عن أمي بتلك الطريقة أو تقلل من شأنها أنا لا أسمح لك إطلاقا بذلك ،، أسمعتني ؟
وائل(نظر للدم المتساقط من يديه):- شهااااب !!
رانيا(نظرت لهديل):- هديل اصعدي إلى غرفتكِ فوراااا فورااا هيا
هديل(ببكاء وخوف):- …. حاضر أمي ..
ضرغام(صغر عينيه فيه):- حياتك كلها عربدة ورعونة أنت نطفة سيئة ، هل ستنكر ذلك ؟ شهاب(ضرب بيده المدججة بالدماء كلما وصلته قبضته فأحدث صوتا زلزل أكوان المكان بشكل مروع):- أنت السبب فيما وصلت إليه أمي لن أسامحك أبدا وسوف أخرجها من المصح الذي أودعتها به يوما ما سأخرجها ، وسأغادر قصرك المنحط هذا حين آخذ نصيبي الشرعي منك رغما أو طوعا لا يهمني ولا يشرفني البتة
ضرغام:- احترم نفسك إن كنت ستدنس حرمات قصري فغادره
شهاب(قاطعه):- ههه ههه هل ستظنني سأرحل ببساطة من هنا ،، ههه بليز يا جدي الحبيب لا تكون دراميا جدا ولا تحلم أثناء يقظتك ،(من بين أسنانه) أنا هنا سأبقى لكي أذكرك بكل المآسي السابقة واللاحقة
رانيا:- شهاب بني .. توقف عما تفعله واذهب لغرفتك على الفور
وائل(اقترب منه):- شهاب تعال معي هيا يكفي مهزلة هنا
شهاب:- أنت لا زلت يافعا يا ويلي ولا تفهم شيئا مما يحدث ، جدك الذي تمجده ليس سوى فوتوغرافيا لشخصية شريرة مقيتة
رانيا(باحتدام):- لقد تجاوزت كل الخطوط الحمراء يا شهاب ، رجاء إلى غرفتك الآن مؤكد أنك لست بحال سويِّ يخول لك الخوض في حوار عائلي بمنطق
شهاب(بألم ودموع مكومة في عينيه):- وأين المنطق يا خالة رانيا حين أوْدَع ذلك العجوز أمي في مصح عقلي يعج بالحمقى هااااه أين الإنصاف هنااا ؟؟؟؟
وائل(جذبه من يده):- يدك تنزف يا شهاب رافقني رجاااء
ضرغام:- يفضل أن تغرب عن وجهي الآن قبل أن أصب فيك جام سخطي … هيا انصرفاااا
رانيا(بعد ذهابهما نظرت إلى ضرغام شزرا وبتوتر فركت يداها):- خالي … هل حقا أودعت ماجدة بمصح عقلي ؟
ضرغام(جلس بوهن):- وماذا كنتِ تنتظرين مني.. لقد وجدها رجالي بحديقة عمومية تغني وترقص وتجمع حولها الصعاليك وغيرهم من الحثالة ، هل تريدين أن يفتضح أمرنا ونصبح مسخرة الجميع .. إن علمت الصحافة بأن كنة آل رشوان غانية وراقصة مجانية في الطرقات سوف لن يدخروا جهدا كي يبخسوا من قيمتنا
رانيا(بحزن):- ولكنها مريضة يجب أن نعذرها يا خالي
ضرغام:- وهذا تماما ما فعلته كي أحافظ على اسم عائلتنا ، لقد تصرفت حسبما ارتأيت أنه سيحد من الضرر
رانيا(نظرت حولها للحال الذي لا يسر):- كان لزاما عليك أن تدع الأمر لشهاب بما أنه الوحيد المخول بذلك يا خالي ، هكذا أنت فاجأته بل صدمته بالخبر الصاعق
ضرغام:- كان عليه أن يتوقع ذلك في أقرب فرصة ، هل كان يظن بأنني سأتغاضى عن هذا العبث ؟؟ مستحيل أمه كانت غلطة في حياة ابني أنيس وتحملت وجودها لأزيد من 20 سنة إلى هنا ويكفي بعد موت أنيس لم يعد شيء يحد بيني وبينها ولا حتى حفيدي …
رانيا(ابتلعت ريقها):- لقد مرضت ماجدة بعد موت أنيس وهذا ما استغربناه جميعا
ضرغام(أجفل جفنه):- ماذا تنتظرين يا رانيا دعيهم ينظفوا هذه الفوضى ،، إنه لمنظر مخز ، اللعنة بئس التربية وبئس النشأة لذلك الصبي .. أنا بجناحي
نظرت رانيا حولها لكل ذلك البؤس المخيم هناك ، ونادت على الخدم ليلملموا تلك الفوضى ، بينما كان وائل يضمد لشهاب يده في غرفته
وائل(منهمك في التضميد):- كيف علمت أن الخالة ماجدة بالمصح العقلي ؟
شهاب(اهتزت حدقاته بوجع):- رستم النذل .. اتصل بي وزفَّ لي الخبر بكل صلف ووقاحة
وائل(تشنجت عضلاته حزنا على حال ابن عمه وتابع عمله):- ربما هكذا أفيد من أجل صحة خالتي ماجدة ، فكر مليا معي بالموضوع من وجهة مصلحتها فقط
شهاب(بوجع يعتصر قلبه):- ألا تفهم ما الذي يؤلمني ؟؟؟ إنها وحيدة هناك مؤكد أنها خائفة الآن وتبحث عني ، لما لا تستوعبون وجعي علي أن أكون رفقة أمي ولكن مع الأسف لم يسمحوا لي برؤيتها ولن يسمحوا إلا بعد فترة من الزمن هكذا قال ذلك الممرض التافه كدت أن أطرحه أرضا لولا تدخل رجال الأمن
وائل(ترك يده المضمدة وبرفق):- لهذا ثملت ؟
شهاب(عقد حاجبيه واستقام مبتعدا):- أنا لست ثملا كان علي تجرع شيء يمنعني من ارتكاب جريمة في حق ذلك المصح اللعين ، إنه يمنعون عني رؤية أمي فكيف بالصبر أن يلج فكري كيف كيف ..؟؟؟ تتت أتعلم ماذا دعني وشأني الآن أرغب بالنوم
وائل(نهض خلفه وربت على كتفه):- أنا معك دوما يا ابن عمي في السراء والضراء ، سوف أرافقك حين يسمحون بزيارتها أشتاق لرؤيتها مثلك
شهاب(قوس حاجبيه بامتنان):- أشكرك وائل .. والآن دعني وحدي
خرج وائل من عنده مطأطأ الرأس وقلبه يهفو لإزاحة ذلك الغم من قلب ابن عمه ولكن ما بيده حيلة لا يزال صغيرا على فهم ما يصعب فهمه ، إن كان ابن عمه نفسه يتخبط في دوامة من الأوجاع القاسية والتي يصعب عليه استيعابها حتى الآن فما فتئ يتأقلم مع فقدان والده حتى زاد مرض أمه الغريب الطين بلة ..
رانيا(وقفت بالرواق حين رمقت قدوم وائل):- عزيزي
وائل(رفع رأسه إليها بيأس):- شهاب ليس بخير يا أمي ، إنه يحتاج الخالة ماجدة والتي مع الأسف حاليا ليست كما عهدناها .. هل ستتعافى ؟
رانيا(مسحت على وجهه بحنان):- لنأمل ذلك يا صغيري، ستأتينا أيام عصيبة يجب عليك أن تتماسك وتكون ونعم السند لابن عمك إنه مثل أخيك ، إياك وأن تتخلى عنه يوما يا وائل مهما حدث مهما كانت الظروف لا تتركه ..
وائل:- أعدكِ بذلك أمي لن أخذله مطلقا ، لكن جدي ..
رانيا(ربتت على كتفه):- لا تفكر بشيء عدا دراستك هذه الفترة يا بني ودع الأمور تمضي على خير ، شهاب بحاجة لوقت كي يتأقلم مع فكرة تواجد ماجدة بالمصح العقلي وسيعي أن ذلك تم لمصلحتها حين تتعافى وتعود إلينا بخير .
وائل:- هذا ما أرجوه لأنني أعلم مدى تعلق شهاب بوالدته ومدى تعلقها به إنهما مثل السمك والبحر لا يقويان على الابتعاد عن بعضهما خصوصا بعد موت عمي أنيس
رانيا(عضت شفتيها بألم وعانقته):- يا حبيبي كلامك ناضج وهذا ما يسرني ويجعلني موقنة أنك ستكون شخصا طيبا في كبرك ، فخورة بك أنا وائل
وائل(عانقها أيضا بحرارة):- متى يعود أبي من سفرته لقد طال ابتعاده عنا في خضم هذه الأوقات العصيبة
رانيا(رفت عيناها بدموع):- سيعود حين ينتهي من أعماله يا ولدي …أ هيا اذهب لغرفتك الآن تصبح على خير تغطى جيدا
وائل(قبل خدها):- وأنتِ من أهل الخير .. سأمر بهديل قليلا ربما لا تزال خائفة مما حدث
رانيا:- طيب لكن لا تطيلا السهر .. أراك غدا
دلفت رانيا لغرفتها وهي تتنهد عميقا لعلها تزيح عن كاهلها ثقل الأوجاع المتتالية التي تطالهم من كل حدب وصوب ، جلست على طرف السرير وأمسكت بهاتفها طقطقت رقما وأخذت تنتظر الرد الذي أتاها بعد لحظات من الانتظار
وحيد:- حبيبتي
رانيا:- وحيد .. الأمور تزداد سوءا هنا متى ستعود إلينا ؟
وحيد:- لم يتبقى سوى القليل يا امرأتي العزيزة ونقبض على المجرمين فريق تحقيقنا يبذل قصارى جهده ، لن أتمكن من التخلي عن عملائي قبل أن نقبض على الرأس المدبر لاغتيالات دار الأيتام
رانيا(زفرت بتعب):- مجددا نفس الموضوع يا وحيد ..
وحيد(لاحظ تذمرها):- يا عمري أعلم أنني مقصر بحقكِ أنتِ والأولاد ولكنني أعلم أكثر أنكِ كفؤ لتحمل المسؤولية في غيابي
رانيا(مسحت على جبينها):- الأمور في الشركة مستقرة حظيت بمساعدة كثيفة من الموظفين وهم يتنبئون نجاحها بعد سنوات ، يعني أبذل قصارى جهدي كي أبقيها متوازنة
وحيد:- جيد جدا يا رانيا ، إنها شركة الأولاد من بعدنا لذلك علينا أن نتعب من أجلها ونعلمهم كيف يتحملون مسؤوليتها في الوقت المناسب ، ما أخبار أبي هل يضايقكِ ؟
رانيا:- أبدا لقد عرض علي المساعدة في إدارة الشركة لكنني رفضت بناء على رغبتك
وحيد:- جيد ما فعلتِ لا تدعيه يقربها ولو مترا واحدا رانيا ، تلك شركتي أنا وأخي أنيس رحمه الله وليس له سلطة عليها لذلك اقطعي أمله بالحصول عليها
رانيا:- طيب طيب يا وحيد طمئني عليك بداية هل تأكل جيدا ؟
وحيد:- آه يا روحي دوما ما تقلقين علي لكن لا تشغلي بالكِ أصدقائي هنا يقومون باللازم ، وبغض النظر انتصارنا وإمساكنا بأولئك المجرمين هو أكبر مكسب لنا
رانيا:- فلينصركم الله على أعدائكم
وحيد:- اللهم آمين ، كيف هو ولدي وائل وشهاب وصغيرتي هديل اشتقت لهم بحجم الكون
رانيا:- إنهما دوما ما يسألان عنك وينتظران عودتك بفارغ الصبر ، ا.. حتى شهاب يسأل عنك وبخصوصه فإن لدي أخبارا سيئة تخص ماجدة
وحيد(بقلق):- هل ضاعت مرة أخرى ؟
رانيا:- أجل ضاعت ووجدها رجال خالي وأمرهم بإدخالها لمصح عقلي
وحيد:- يا إلهي هل وصلت بها الأمور لتلك الدرجة ..عليكِ بزيارتها يا رانيا والسؤال على وضعها وكذلك عليكِ أن تدعمي شهاب في هذه الفترة مؤكد أنه يشعر بالوحدة
رانيا:- أجل فكل هذا حدث الليلة مع الأسف لم يتحمل فكسر كل ما جاء بطريقه لكن لا تقلق سنسيطر على الأوضاع لا محالة ، هذه البداية فقط
وحيد:- لما أشعر أنكِ حزينة صوتكِ تعيس جدا .. هل أعود ؟
رانيا:- لا يا حبيبي أكمل مهمتك فهذا واجبك تجاه وظيفتك وأعلم تماما أنه يعني لك الكثير ، ويستحيل أن أتدلل وأمنعك من تأديته كما تبتغي وعليه سوف أصبر وأتحمل لحين عودتك
وحيد:- زوجتي الغالية كم أنا فخور بكِ وسعيد لأنني وجدت امرأة عطوفة ومسؤولة مثلكِ ، دمتِ لي يا قرة عيني
رانيا(مسحت دموعها المحبة):- ودمت لي أيضا ولأولادك يا غالي ..

تلك الليلة تحديدا وبعد مضي ساعات بسيطة خرج وائل من حجرته متسللا بهدوء ، واتجه نحو غرفة شهاب فتح بابها بتوجس وأطل برأسه داخل الغرفة المظلمة قليلا ، دخلها وهو يتسحب كي لا يحدث صوتا ولمح شهاب نائما على سريره في وضعية غير سليمة بنفس ملابسه ويظهر من وجهه التعب ، اقترب منه بحنان وأمسك بالغطاء وقام بوضعه عليه ثم أزال حذائه بلطف وساعده بجهد جهيد على النوم بشكل مستقيم .. وقبل أن يتمم عمله الأخوي همس في أذنه بصوت دافئ
وائل:- سنتخطى هذه الأزمة معا يا شهاب ، حتى لو خذلك الجميع وائل لن يخذلك
مسح على شعر ابن عمه أو لنقل أخيه فهو يعتبره دوما دعمه وسنده أخاه المدلل صعب المراس ، وإن كان يكبره بكم سنة إلا أن وائل كان شبه مسؤول عنه في كل يوميات حياته ، مخططاته وقراراته الطائشة هو الذي يغطيها ويحلها بدلا عنه ، حتى شهاب كان يستشيره في صغائر الأمور وكبائرها لأنه كان يعامله بما يكبر عمره الصغير بكثير … حتى وقت الوفاة المفاجأة لأنيس رشوان العم الغريب الذي تحدى سلطة والده وتزوج من حبيبته الغانية ، كان وائل هو من جعله يصمد في وجه هذه المأساة من أجل الخالة ماجدة التي أصيبت بإحباط شديد بعد موت زوجها وهذا ما جعل حالتها تتدهور لحين وصلت حالتها للطبيب الذي وصف لها أقراص مهدئات كي تتحمل المأساة وتتخطى الأزمة لكن ما حدث .. هو
رستم:- فخامتك تم الأمر لقد توفي طبيبها المعالج دون أدنى مشاكل وبطريقة نظيفة
ضرغام:- رائع … لا أريد أن يتبقى أي دليل يجعلنا متورطين في مرض تلك اللعينة وجنونها الذي تستحقه .. أحسنت عملا يا رستم
رستم:- أي خدمة يا سيدي .. لا تقلق لقد محوت كل آثار الاتفاقية التي أنجزناها مع الطبيب وضعنا الآن في السليم
ضرغام(ابتسم بانشراح):- ههه دعها تقبع بين جدران ذلك المصح لحين تموت تلك المجنونة هذا سيجعلني أسلبها من ميراثها بالكامل لأنها ليست بكامل قواها العقلية
رستم:- لكن ستنتقل ملكيته لحفيدك شهاب
ضرغام:- وإن يكن يبقى حفيدي وهو أولى منها به ، لن أجعلها تتنعم بثروة ابني كما أملت طوال تلك السنين ، لقد بترت الشر يا رستم ما فعلته بها كانت تستحقه فمن دخل بالخديعة يموت بمثلها وأكثر … شهاب سيتخطى أزمتها عاجلا أم آجلا وقتها سأحظى بحفيدي وحده كما كنت أريد من البداية
رستم(انسحب من أمامه):- كما تشاء سعادتك .. ليلتك هانئة
ضرغام(أشار له وانغمس في أفكاره السعيدة):- غادر ..(بعد ذهاب رستم) ههه الآن تخلصت من ماجدة ولن تقف عثرة في طريقي مجددا ، والآن علي أن أخطط جيدا من أجل الإيقاع بسليم الراجي وآله أجمعين ههاهاهااااا ..

مرَّت الأيام متوترة فشهاب لم يتوانى لحظة واحدة دون خلق المشاكل بالقصر أيا كان نوعها فقد لاستثارة غضب جده والقصاص منه ، وهذا الأخير لم يعطي بالا لأفعاله لأنه قد وصل لغايته فليحرق شهاب نفسه حتى لن يهتم لأن المياه التي ستطفأ تلك النيران المندلعة ستخرج من قصر ضرغام نفسه .. تركه على سجيته في مرات عديدة ولم يقدم على أي ردة فعل جراء ذلك ، وهذا ما كان سيفقد شهاب عقله والذي في النهاية استسلم لهوس رؤية أمه وبأي طريقة كانت وعليه لم يجد سوى الحيلة هي التي ستنفعه من تحقيق مراده ..
وائل(على جانب في الحديقة ليلا):- هل جننت أتود رؤيتها في هذا الليل .. وماذا تنوي رشوة الحارس كي يسمح لك بزيارتها فعلا أدهشتني يا شهاب ..
شهاب:- اسمعني يا وائل أنا لم أخبرك بخطتي كي تمنعني بل لكي تساندني ، فاترك شعائرك جانبا ودعني منها .. والآن هل أنت معي أم ماذا ؟؟؟
وائل(ابتلع ريقه وزفر بعمق):- أنا معك طبعا وسأساندك لكن ليس على هذا الأمر المريب لو علم أحد سنتعرض لموقف صعب أمام جدي وأمي
شهاب:- وائل أنا لا أثق بأحد غيرك فهل ستتخلى عني في وقت حاجتي ؟ تت ضع نفسك محلي أما كنت ستقدم على هذا مثلي لو كانت والدتك في نفس موضع أمي هااااه ؟
وائل(أحنى حاجبيه بغبن):- بل كنت سأفعل ما هو أكثر ..
شهاب(ببسمة مشرقة):- هااه أرأيت إذن نحن متفقين ، هيا بنا الآن قبل أن يستشعر غيابنا رستم أو أحد منهم
وائل(تنهد عميقا):- …… هيا بنا
إشراك شهاب لوائل في هذه الخطوة الغير متوازنة صحيح جاء لأنه لا يثق بأحد غيره ولكن في نفس الوقت كان فقط ليخدم مصلحته ورغبته في زيارة والدته وذلك لكي يملك بطاقة غفران باسم وائل رشوان الحفيد المفضل كي تخوله من الضغط على جده إن اكتشف موقعهما الذي سيقصدانه ، في حين كان وائل غافلا عن نوايا شهاب ويظن أنه سيدعمه ويقوم بواجبه الأخوي الكامل تجاهه .. غادرا في حلكة ذلك الليل بسيارة شهاب خلسة من القصر وتوجها صوب المصح العقلي وبعد مدة ها هما يقفان أمامه
وائل:- هااه ما الخطوة التالية ؟
شهاب:- أنت ستشغل الحارس بأي شيء وأنا سأتسلل إلى الداخل
وائل:- وهل تعلم أين هي غرفة الخالة ماجدة أم أنك ستتسبب بسجننا ؟
شهاب:- أعلم أعلم لقد رشوت إحدى الممرضات عشية هذا المساء هي التي ستساعدني في الدخول للقسم الخاص بأمي
وائل(باحتدام خافت زوره):- أرى أنك قد تدبرت أمرك حقا ، أتعلم ما هي جنحة اقتحام مصحة خاصة ؟؟؟
شهاب(من بين أسنانه):- إسمع حلمك في المحاماة ضعه على جنب ولا تدعني أبرز لك حلمي في المصارعة الآن وفي هذا المكان
وائل(عاد برأسه للخلف فزعا من جملته):- يا إلهي يجدر بي ألا أمزح معك الليلة خصيصا
شهاب(أمسكه من كتفيه بنظرة جادة):- ويلِي أنا أضع ثقتي بك كل الثقة مهمتك تقتصر على إبعاد الحارس قدر الإمكان عن البوابة كي يتسنى لي الدخول ، فهل أعتمد عليك ؟
وائل(رمق النظرة العميقة في عيني شهاب وابتلع ريقه):- اعتمد علي لكن لا تتأخر
شهاب(ربت على كتفه بابتسامة):- لن أنسى معروفك هذا إطلاقا يا حبيب قلب ابن عمك
وائل(بدعم معنوي له):- حتى لو خذلك الجميع وائل لن يخذلك
شهاب(تنهد بامتنان):- هه أعلم ذلك .. هيا إذن موفق
شعر وائل بأنه يقدم على خطأ جسيم سيندم عليه هو وشهاب على الأغلب وسيدفعان ثمنه غاليا ، لكنه توقف عن حصد العواقب لقاء نظرة الحماس اللامعة في عيون شهاب فرحا برؤية أمه وأيضا الاطمئنان عليها ، لذلك وجد أن واجبه هو كالتالي أن يشغل الحارس ليساعد شهاب على الدخول دون أن يلحظه لكن كيف سيتصرف ولا فكرة معينة تطرأ على باله تلك اللحظة ، شهاب داهم عقله فجائيا وعليه أن يرتجل الحل سريعا .. أخذ يراقب من خلف الشجرة الحارس الذي يجلس على كرسي قريبا من الباب الرئيسي ويحتسي الشاي
وائل:- آه يا وائل ها أنت ستعيش مغامرة أكشينية لم تكن في حسبانك ،،،لكن كله يهون في سبيل الخالة ماجدة يا بسم الله …
خرج مترنحا بشجاعة وصمود واقترب من الحارس الذي انتبه له وعقد حاجبيه استغرابا
وائل:- ليلة هادئة أليس كذلك ؟
الحارس(بعدم فهم):- ولأنها كذلك جدير بك أن تكون بفراشك يا ولد هيا ارحل من هنا
وائل(واضعا يديه بجيوبه ومتقدما نحوه):- حسن كنت أفكر بتغيير روتين لياليك سيد ..أأ ما اسمك يا عم ؟
الحارس(استقام):- هل سنترافق أم ماذا ؟ قلت لك ارحل من هنا وإلا جعلتك ترحل بطريقتي
وائل(وقف ولم تفصل بينهما سوى خطوات):- لما أنت محتدم هكذا يا عم ، مؤكد أنك ساخط على الوضعية والمعيشة ، معك حق لا ألومك الحراسة أمر رتيب خصوصا إن كان ذلك يتكرر ليلة بعد ليلة دون جديد يذكر
الحارس(اقترب منه):- قلت لك غادر هيا لا أريد سماع شيء …
وائل(دفعه الحارس بقوة):- ههييه لما تدفعني هكذا أنا أردت تسليتك فقط
الحارس(تقدم إليه أكثر وأمسكه من يده):- وأنا لا أريد تسلية أسمعت .. أغرب عن وجهي
وائل(لاحظ تسلل شهاب خلف الحائط بغية الدخول من الباب الرئيسي وبسرعة أشاح بنظرته نحو الحارس):- أنت تؤلمني يا عم لماذا هذا الظلم ماذا فعلت لك أنا ؟ ألا تملك ذرة إنسانية في قلبك كيف يطاوعك تفكيرك على ضربي دون أدنى سبب مقنع هذا أمر تعاقب عليه الحكومة ولو علمت بأمره جمعية حقوق الإنسان تأكد أنك ستنسى تاريخ ميلادك وسيمحى أثرك حتما
الحارس(تركه بفزع):- ما كل هذا يا ولد ؟ ماذا تريد مني في هذا الليل إسمع أنا أعصابي تالفة أساسا فاتقي شري وغادر المكان فورااا
وائل(يعدل ياقة قميصه):- إعلم أنك سوف تشعر بتأنيب الضمير فور عودتك لبيتك
الحارس(كتف يديه مستمعا له بصلف):- والله! وهل أنت من بقية أهلي حتى أقلق بشأنك ؟
وائل(تنهد عميقا حين رمق شهاب قد تخطى الخطر ودلف للمشفى):- حتى لو لم أكن من عائلتك يكفي أننا بشر مثل بعضنا ويجدر أن نتعامل بإنسانية وليس مثلما تفضلت حضرتك
الحارس(بعصبية):- اسمع يا ولد أنا لا أعلم ما الذي يدور في دماغك الصغير ذلك لكن سيسرني وجدا أن أخرجه من محله لأكتشف ذلك بنفسي إن لم تغادر هذه البقعة في غضون ثوان معدودة
وائل(تراجع بقلق خطوات للوراء):- حسن حسن يا عم لما كل هذه العدائية أنا راحل عمت مساء وليلتك سعيدة أحلاما طيبة ووقت جميل وكل كل شيء تحبه احم إلى اللقاء
تراجع وائل من محله خطوات للوراء وهو يرمق غضب الحارس المتأجج وابتعد عن الأنظار لكن كان عليه تأمين الحماية لشهاب الذي سيخرج بعد مدة ولذلك ما كان عليه سوى الانتظار ، فقد اتفق معه على رنة عبر الهاتف تجعله يتصرف بعدها على الفور .. دخل شهاب بهدوء نحو المصح العقلي ووجد الممرضة التي ستساعده متوجسة بانتظاره
شهاب(بخفوت):- من أين أذهب ؟
الممرضة(تلتفت من كل اتجاه):- تعال معي
رافقها شهاب على عجالة من أمره فرغبته في رؤية والدته كانت تفوق أي رغبة عايشها من قبل ،لذا لم يفقه في المسافة شيئا قط بقدر ما كان متلهفا للنتيجة المنتظرة ، وصلت به إلى القسم الشرقي وأشارت له لكي يستمر هناك وصولا للغرفة 44 هناك توجد والدته ، شكرها كثيرا إذ انسحبت من أمامه كي لا تتورط أكثر في المشاكل بسببه ، لذا تركها وتقدم تجاه الممر المؤدي للغرفة المقصودة ما إن وصلها حتى تنهد عميقا قبل أن يفتحها بالمفتاح الذي أعطته له الممرضة مؤقتا ..
شهاب(فتح الباب بحب):- أنا قادم لكِ ماما ..
فتحه بحماس ورعشة ود سرت بكل جسده ، وما إن دخل حتى وجدها نائمة ملتفة على نفسها فوق السرير بحالة متعبة وهالات زرقاء تحت أعينها التي تماثل وجهها شحوبا وذبولا ، حزن لحالها وأقفل الباب عليهما ثم تقدم نحوها ..
شهاب(متألم من ذلك الحال):- أماه ..
لم تجبه فاقترب أكثر وعقد حاجبيه حين لاحظ آثار ضربات على جسمها تظهر من جوانب فستانها الأبيض الخاص بالمصح .. شهق من هول ما رأى فتلك الضربات كانت من أداة حادة أو سوط جلدي متشكلة في خطوط مزرقة وقرمزية في كل منحنيات يديها وظهرها وقدميها حتى ، أزال الغطاء الذي كان يحجبه عنها ووجد أنها هزيلة ضعيفة في حالة تحزن القلب كثيرا ، أمسك صدره بصعوبة لكي يتمالك نفسه وغبنه القهري على أمه وهو يبتلع ريقه شفقة عليها .. حاول أن يوقظها لكنها لم تستجب له فأرجح أنها قد تناولت شيئا منوما بناء على رغبة الأطباء فهذا حال المجانين .. فور نطقه بتلك الكلمة ابتلع غصة مسننة في جوفه ونظر حوله بعصبية يود كسر المكان كله والصراخ بعلو صوته ، لأن ما يفعلونه بأمه ليس منصفا لكن تمهل في ذلك فصوته لن يجدي نفعا لذا توجب عليه التصرف وبدون خطة حتى .. أمسك هاتفه واتصل على وجه السرعة
شهاب(بحدة):- وائل .. اسمعني جيدا حاول أن تشتت انتباه الحارس وتبعده عن البوابة نهائيا لا أدري كيف لكن تدبر أمرك ، وعد للسيارة بسرعة سوف أخرج إليك بعد دقائق معدودة تصرف هيا …
وائل(يلعن ويشتم وهو يقفل الهاتف ويعيده لجيبه):- ما الذي دهاني حتى وافقت على هذه المهمة المجنونة … هيا يا وائل تشجع ولتمضي هذه الليلة على خير
طبعا كان يجدر به أن يقوم بعمل أرعن لعله يلفت انتباه الحارس له ، وكان كذلك توجه خلسة نحو الجانب من البوابة ولفت انتباهه وجود مخزن هناك على الأغلب يخص أدوات التمريض أو أشياء من هذا القبيل ، اقترب منه وائل وقام بمراقبة المكان فطرأت بباله فكرة ، رمى بحجر كبير نحو الباب حتى ارتطم به وأصدر صوتا جعل الحارس ينتفض من مكانه ويده على عصاه والأخرى على مسدسه يبحث عن سر تلك الحركة ، أخذ الحارس يتحرك ببطء ويتلصص بحذر عن مصدر الصوت يلتفت من كل جانب ويقترب الهوينا من المخزن ، لحين وصل إليه فلم يجد شيئا يثير الريبة هناك لذا حكَّ رأسه بتعجب وتحرك كي يعود لمكانه لكن صوت ارتطام حجر آخر في باب المخزن جعله يلتفت بسرعة ويسير نحو المخزن دون تردد ، فتح الباب ودخل ليتفحص المكان غير مدرك للشخص الذي أتى من خلفه وقام بإغلاق الباب عليه وهنا عم الجنون المكان أخذ الحارس يطرق ويطرق في الباب ولكن لا حياة لمن ينادي ، فوائل قد ركض بسرعة عودة لسيارة شهاب وقام بالاتصال به فورا والذي ظهر بعد برهة ولكن أوأون ليس وحده .. جحظ وائل بعينيه من ذلك المنظر وهو يرمق شهاب يجر والدته فوق كرسي متنقل ويهمس للممرضة التي انسحبت عائدة للداخل بالكرسي الفراغ بعد أن حمل شهاب أمه بين ذراعيه ..
وائل(هز رأسه نفيا):- لالالا لم نتفق على هذا يا شهاب
شهاب(حول عينيه):- اعتبرنا قد اتفقنا يا أخي .. افتح الباب الخلفي بسرعة يا وائل
وائل:- لن أفتحه عليك أن تعيدها حيث كانت هذا الأمر غير مقبول
شهاب(بعصبية):- هل ستفتح الباب أم ماذا ؟؟؟ لعلمك أنا لن أتراجع وسوف آخذها رغما عنك وإن كنت خائفا عد لجدك وأنكر أنك رأيتني هذه الليلة لتنفذ بجلدك ..ماذا تنتظر قرر ؟؟
وائل(زفر بعمق وهو يفتح له الباب الخلفي):- لعلمك أنت تقوم بأخطاء جسيمة ستعود على خالتي ماجدة بالضرر وسترى
شهاب(ركب بسرعة مكان السائق بعد أن غطى والدته برداء في الخلف):- إركب اركب بسرعة .. بالمناسبة أين أودعت الحارس ؟
وائل(ركب بجانبه مذهولا):- وهل هذا سؤال يا شهاب قلت لك اعتمد علي ؟؟ أوه لا إنه الحارس لقد غادر المخزن أسسسسسسسسسسسرع يا شهاب قد السيارة قبل أن يصل إلينا
الحارس(يركض تجاههم ويصفر بصافرته):- توقفاااااا توقفاااااااا النجدة النجدة أعلنوا الطوارئ …
انطلق شهاب بسيارته من المكان بسرعة قياسية خولتهم للابتعاد قدر المستطاع عن الخطر المحدق حولهما ..
وائل(في حالة تعسفية صعبة):- أنا لن أقبل بهذا يا شهاب فلا تطلب مني أن أتكتم على الأمر حتى على أمي
شهاب:- والله يا وائل رغم مساعدتك البطولية لي الليلة إن لم تطبق فمك سوف أغلقه بشريط لاصق دون تردد لحين تعيد عقلك لرأسك وتكف عن التذمر مثل السيدات
وائل(بصراخ):- أنا لا أتذمر لكنك لا ترى الأمور من منظوري ما كان يجب أن تسرقها
شهاب(دعك فرامل السيارة بعصبية وتوقف في منتصف الطريق هادرا):- منظوووورك هااه طيب دعني أريك منظوري التفت أنظر أنظر لتلك الضربات المتتالية على جسد أمي المتهالك أنظر لتلك الآثار العميقة .. هذا هو منظورك في سلامتها صحيح ؟؟؟
وائل(رفت عيناه ندما حين شاهد ذلك المنظر المؤلم):- أنا آسف يا شهاب
شهاب(عاد ليقود السيارة بعصبية):- دعنا نفكر أين نأخذها يا وائل شقتنا القديمة مستهدفة وسيجدنا جدي فيها بلمح البصر
وائل:- طيب أين سنذهب بها يا فهيم ألم تفكر بذلك حين أخرجتها ؟
شهاب:- بصراحة لم أفكر فكل ما كان بعقلي حينها أن أبعد أمي عن براثن ذلك المشفى
وائل:- أوه لا إنها أمي تتصل بي مؤكد أنهم علموا بأمر مغادرتنا من القصر
شهاب:- لا تتوتر ولا ترد عليها
وائل(جحظ بعينيه):- ماذا تنوي ؟
شهاب(تنهد عميقا):- ستعلم بعد قليل ..
إلى أين يا شهاب أنت عازم على الجنون والجنون لن يحده سوى العقل المدبر لكل شيء ، كان يصرخ ويشتم بعصبية بينما رستم يحاول الاتصال برجاله للبحث عنهما
ضرغام:- جد لي ابن الساقطة ذاك وإلا سأقتلع عيناك من محلهما يا رستم
رستم(هز له رأسه إيجابا):- أنا أحاول يا سيدي لا تقلق سنجدهما
رانيا(تجلس على جنب وتحاول الاتصال بوائل):- تت ردُّ علي يا ابني
ضرغام:- لا تتعبي نفسكِ بالاتصال فإنهما قد غادرا طوعا لقد اتفقا ضدي أتصدقين ؟ حفيدي الذكي يضع يده بيد ذلك الأرعن الطائش لا أدري كيف أقنعه لكنهما سيعاقبان معا على ذلك
رانيا(بقلق):- حتما هناك تفسير منطقي لكي ما فعلاه يا خالي دعنا لا نستبق الأحداث
ضرغام(هدر فيها مقتربا منها):- الأحداث توالت لتتفاقم يا رانيا لقد سرقوا المرأة من المشفى وهذا سيزج بهما في السجن إن لم يعيداها إلى هناك في غضون وقت وجيز ، لكي يتسنى لي تغطية الموضوع وإغلاقه قبل أن يصبح فضيحة
رانيا(شهقت وهي تضع يدها على فمها خوفا عليهم):- يا إلهي رحمتك يا ربي … تتت سأظل أتصل حتى يرد علي
ضرغام(رمق رستم عائدا إليه من الخارج):- هاه هل توصلتم لشيء ؟
رستم:- اتصلت بعملائنا بقسم المرور لقد شوهدت سيارتهما مبتعدة عن المدينة على الأغلب سيودعها بفندق بعيد فالشقة القديمة لم يقرباها رجالنا هناك ولا شيء يدل على وجودهما
ضرغام:- اجمع رجالك يا رستم وابحث عنهما في كل الفنادق أريدهما في حلول الفجر هنا أمامي ، أسمعت ؟؟
رستم:- بأمرك سيدي
ضرغام(بحدة وصرامة):- رُستم !!! لا تعد بدونهما …
تراجع رستم للخارج وأشار لجيش رجاله وانطلقوا بسياراتهم للبحث عن وائل وشهاب اللذين وصلا لمنطقة نائية على حدود المدينة واختارا فندقا قصيا هناك ..
وائل:- كيف سندخل الخالة ماجدة معنا أكيد صاحب الفندق سيشك بشيء ؟
شهاب(تنهد عميقا وفتح جيب السيارة الأمامي):- لحظة فقط ..
وائل(فتح عينيه بفزع حين رأى محتوى الصندوق):- ما هذااااا مسدس يا شهاب من أين لك به ثم ما كل ذلك المبلغ الذي تحمله في صندوق سيارتك ؟
شهاب(حرك له حاجبيه وهو يضع المسدس خلف ظهره):- كان هذا تحسبا للطوارئ يعني ما كنت أعلم كيف كانت ستجري خطط المهمة
وائل:- وهل ظهر لك أن تعترف لي بهذا الوقت الرائع وتشركني بنواياك كاملة يا شهاب ؟
شهاب(وضع المال في جيوبه):- اعتبرني قلت والآن يا ويلِي ابقى مع والدتي سوف أعود لك بعد قليل
وائل:- إلى أيييييييين ستذهب ؟؟
لم يجبه بل خرج من السيارة بسرعة يلتفت حوله من كل جانب من أجل الحيطة ، اطمئن لأن الفندق بعيد وشبه مهجور وعلى ذلك دخل إليه فوجد صاحبه رجل ستيني تقريبا وعلى جانبه فتاة ثلاثينية تشاهد التلفاز بملل ورتابة ، ولكن بمجرد دخول شهاب أشرقت أعينهما بولوج زبون إليهم ما يعني الحصول على بعض المال لسد ضيقتهم في ذلك الفندق ..
شهاب:- مساء الخير سأدخل صلب الموضوع معي أمي بالسيارة وهي مريضة ولدي بعض المال سنبيت هنا لعدة أيام أنا وأخي الصغير في غرفة واحدة بسريرين فهل أجد طلبي هنا أم أغادر لفندق آخر ؟
صاحب الفندق(رأى المال الوفير الذي أخرجه شهاب من جيبه وهز رأسه):- أكيد يا بني الفندق كله تحت إمرتك وألف سلامة لأمك .. هيا يا ابنتي حضري لهم الغرفة بسرعة وسأكمل إجراءاتي مع السيد
شهاب(بعد ذهابها أشار للرجل كي يقترب منه عبر حافة الطاولة العالية التي تفصل بينهما):- بصراحة لا أملك هوية شخصية كل ما لدي هو مالي فهل سيسبب لك ذلك مشكلة ؟
صاحب الفندق(أمام ذلك المال المغري لم يهتم):- ولو يظهر أنك ابن ناس سأخدمك بعيوني
شهاب(وضع نسبة مالية بجيب الرجل):- لقد أعجبتني حتما ستنال رضاي وقبل مغادرتي سأكرمك أكثر …
صاحب الفندق:- يشرفني ذلك سيدي يشرفني ذلك
ابتسم شهاب بهزل فالرجل مثل الكثيرين من بائعي الذات مقابل جرعة مال ، مسح عن فكره هذه الأفكار وعاد لوائل الذي خرج من السيارة بناء على إشارته
وائل:- هااا ؟؟
شهاب(لف الرداء على أمه وحملها بين ذراعيه):- أقفل السيارة يا وائل والحق بي سنبيت هنا الليلة تدبرت الأمر
وائل(بامتعاض نفذ ما طلبه ولحق به):- الأجدر أن نحسب خطواتنا القادمة فالعالم الآن كله في أوج غضبه يبحث عنا
دخلا للغرفة المنشودة وأخيرا وضعها بسرير مريح سرير سيحميها من المعاملة السيئة التي تعرضت لها بالمصح والذي ينتوي لاحقا أن يحرقه إن أسعفه الحظ انتقاما لما فعلوه بها هناك ، طرأت بباله هذه الفكرة العابرة ومرت مرور الكرام فهو الآن في غنى عن التفكير بأي شيء سوى أمه الحبيبة التي كانت لا تزال نائمة بحالتها المتعبة ، غطاها بالغطاء جيدا ونهض عند وائل الذي كان يراقبهما من محله على السرير الآخر بذات الغرفة ..
شهاب:- أعرف أنك نادم لإقحامك في هذا الأمر صحيح ؟
وائل:- تت مخطئ يا شهاب أنا فقط حانق على الحال الذي وصلت إليه الخالة ماجدة ، وأتساءل عن سر تلك الرضوض والكدمات بجسمها لما كل هذا ؟؟
شهاب(بغضب نفثه من أنفه):- صدقني سأجعلهم يدفعون ثمن ذلك فقط لأطمئن على أمي وسأصفي حسابي مع كل من تسبب بالأذية لها
وائل(ابتلع ريقه):- شهاب .. ماذا تنوي أن تفعل ؟
شهاب(مص شفتيه):- يظهر لي أنك ترغب بالنوم اتخذ ذلك السرير وأرح بدنك ، أنا سأراقب المكان حتما لن أغفو .. لن أغفو
امتثل وائل لطلب ابن عمه وانسدح على السرير وعيناه مصوبة نحو ماجدة وشهاب الذي كان بجانبها يمسح على شعرها بحب وحنان ، لم يشعر بنفسه حتى نام سويعات قليلة لأنه قد استيقظ على صراخ قض مضجعه بشكل مرعب ..
وائل(بفزع):- ما الذي يحدث ؟
كان شهاب يحاول إيقاف أمه ومنعها من الخروج والتي كانت بحالة هستيرية تصرخ وتبكي وتضرب في صدره كي تتجاوزه للباب ، هنا ركض وائل وقام بوضع كرسي على مقبض الباب كدعامة وحاول إمساكها مع شهاب الذي كان يصرخ فيها هو الآخر
شهاب(يحاول السيطرة عليها):- إهدئي يا أمي هذا أنا شهاااااااااب شهاب ابنكِ يا أمي أنا شهاب أنظري إلي أنظري إلى عيناي يا أمي تعرَّفي علي يا أمي وارحمينا من هذا الحال ؟؟ يا أمي أنا شهاااب ابنكِ حبيبك ألا تميزين صوتي هاااااه اسمعيني يا أمي رجاااااء … توقفي يا ماااااااااااااااااااااجدة !
فور ذكر اسمها انتفضت فجأة متوقفة بصمت وسكون وهي تشهق بعد ذلك الصراع الهستيري الموجع للناظرين ، أخذت تبحث بعينيها عن يقين يعيدها للواقع ويخرجها من بوتقة الضياع ، نظرت إليه من بين وابل دمعها وهي تنقب عن هويتها بمقلتيه المظلمة حزنا عليها ، هزت رأسها مرارا وتكرارا ورفعت يدها تحك شعرها بحركة مريبة زادت الأمور قلقا ، بعدها أنزلتها بتردد واضعة إياها على خده في محاولة فاشلة للتعرف عليه
شهاب(بوخز كالإبر يؤلم صدره):- هذا أنا يا أمي تعرفي علي يا ماجدة بالله عليكِ عودي إلي ولا تكسري فؤادي عليكِ .. أمي أمي
ماجدة(بغمغمة دمع مالت برأسها ثم مطت شفتيها وهي تتفحصه مليا وتنتقل بنظرها منه إلى وائل):- … من أنا ؟؟؟
صوت رعد ضرب لحظتها ليزيد من وجع تلك اللحظة ورعبها المتناقل بين عيون شهاب وعيون وائل في حين كانت عيونها تتكبد عناء التعرف عليهما والأحرى التعرف على نفسها في خضم كل ما يحدث ..
ماجدة(بصوت باكي):- أين أنا ؟ من أنا ؟ من أنتم ماذا تريدون مني ؟ لا تضربوني سآكل الدواء سآكل الدواء أرجوكم لا تضربوني أنا ماجدة الراقصة الغانية أنا ماجدة الراقصة الغانية لا تضربوني لا لا ابني ينتظرني أخرجووووووني من هنا أخرجووووووني أرجوكم اهئ … هل أنت الطبيب ستقتلني صحيح لن أفتعل مشاكل لن أكون مشاغبة سأعقل سأعقل هناك …..
شهاب(نفضها بعنف وهو يتألم بانكسار من حالتها):- أمي ما الذي دهاكِ هل حالتكِ متدهورة لتلك الدرجة ؟ أنا شهاب وأنتِ ماجدة زوجة أنيس رشوان هل نسيتِ والدي يا أمي ؟؟؟
ماجدة(بتعب ارتخت قواها في حضنه):- أريد أن أنام ماجدة تريد النوم ماجدة الراقصة الغانية تريد النوم .. لا تتعبوني لا صعقات كهربائية سامحوني ماجدة الراقصة الغانية لن تغني من جديد لن ترقص لن تضحك لن تبكي لن تعييييييش ستموت ستموت هههه هههه ماجدة مجنونة ماجدة جنت ماجدة فقدت صوابها أين أنت يا بني .. شهااااااااااااااب ؟؟
اعتصرها بين أحضانه في لحظة مؤثرة ترجمت كل معاني الحزن والأسى الذي ارتسم على ملامحه بعد معايشة تلك المأساة الموجعة ، ظل هو ووائل بوجه متجهم ينظران إليها وقد ابتعدت عن شهاب هاربة إلى السرير الذي تقوقعت فوقه وهي ملتفة حول نفسها ، مرتجفة خائفة مرتابة من كل شيء عيناها تتحركان بلا هوادة وهي تضم يديها لصدرها بوضعية جنين يخشى أن تلفظه الحياة من رحم الخلاص ..
كم آلمه ذلك المنظر أمه فلذة كبده ، لا تتعرف عليه ولا تتعرف على أي شيء يحيط بها ، لقد أفقدوها صوابها أفقدوها صوابها ، لم يشعر من فرط الغيظ إلا وقد ضرب بقبضته عرض الحائط ، هرع إليه وائل ولكن شهاب أشار له بأنه متمالك نفسه وأنه بخير ، لذا اقترب بهدوء من سرير أمه واستلقى خلفها وأخذ يمسح على شعرها ويدندن لها مقاطعا من أغانيها التي كانت تسمعه إياها والتي يحفظها عن ظهر قلب ، وهذا ما قد أتى بنفعه فقد استكانت ماجدة من الارتجاف وأخذت تستمع له وتسترخي لحركته الحنونة على شعرها المجعد وعلى كتفها واستسلمت أخيرا للنوم العميق ، غطاها جيدا واستقام متوجها صوب النافذة هناك ..
شهاب(عقد حاجبيه بقهر):- هل رأيت يا وائل هل هل رأيت إلى أين آل حال أمي الحبيبة ؟
وائل(اقترب منه وربت على كتفه):- لا تحزن يا شهاب إنها معنا الآن سنفكر بطريقة لمعالجتها ولن نعيدها لذلك المشفى لقد تعرضت للأذية فيه سنرفع عليهم قضية مؤكد أننا سنجد ما يكفي من أدلة لمقاضاتهم
شهاب:- وهل سأعيدها لهم لست أحمقا لأفعل ذلك .. دعني أستوعب كل ما حدث وسأرى ما قد ينفعنا يا وائل ولعلمك غدا صباحا ستعود للقصر
وائل(انتفض):- كيف… لكن لماذا ؟
شهاب:- هكذا يا وائل لن أقحمك معي في معركتي ، لا ذنب لك كي تحسب في جبهة المعارضة لجدنا المبجل ولذلك عد وقل لهم بصريح العبارة عن كل ما حدث معنا
وائل:- مستحيل أنا لن أدعك وحدك في خضم هذا الأمر وأغادر بسهولة
شهاب(استدار إليه):- ماذا تريد ماذا تريد ؟ أنا لن أستطيع أن أرعاك في ظل كل ما يحدث فرضا جن جنون أمي وقامت بأذيتك ماذا سأفعل أنا حينها إنها حتى لا تعرفني فكيف ستتذكرك؟
وائل(اقترب منه بإصرار):- سنفكر بشيء سوية مثلما قمنا بهذا العمل معا سنكمله معا
شهاب(هز رأسه):- أنت لا زلت صغيرا لا تفهم عالم الذئاب الذي نعيش به ، فكف عن مراوغتي ولا تناقشني كما قلت لك غدا صباحا ستغادرنا وانتهى النقاش
وائل(باحتدام):- لن أرحل وأتركك ولو أخذتني عنوة يا شهاب سأعود إليك ، أنا أعلم أنك منكسر الآن وأنك حانق على المستجدات الموجعة ولذلك دعني أكون عونك وسندك رجااااء
شهاب(بتعب):- لما تفعل كل هذا معي يا وائل في حين يمكنك التملص من هذا العصيان ..
وائل:- وأنا لا أريد ذلك التملص أنت أخي وهذا واجبي
شهاب(أحنى حاجبيه بعطف له):- آه يا صغير
وائل:- كف عن نعتي بتلك الصفة أنا كبير كفاية لأتحمل المسؤولية معك
شهاب(مسح على رأس وائل بمحبة):- وقد أثبتت ذلك
وائل(وضع يده على يد شهاب):- سنتجاوز هذه المحنة صدقني …
شهاب(تنهد عميقا ونظر نظرة حزينة لأمه):- آمل ذلك ..
أيام معدودة قضوها هناك ثلاثتهم ، وائل كان يحضر لهم الأكل من الفندق ويطلب من صاحبه إحضار ما هم بحاجته كاملا والذي لم يبخل بالمساعدة طبعا جراء المال ، وهذا ما سهل عليهم المعيشة هناك ، شهاب لم يبرح والدته مطلقا كان كل لحظة بجوارها يهدهدها ويغني لها ويرعاها كي ترتاح ، حتى في نوبات صراخها كان يضمها لحضنه بقوة غير آبه للخدوش التي كانت تصيبه بها في محاولتها للابتعاد عنه ، كانت بعد كل نوبة هستيرية تهدأ أكثر من السابق وتستكين بقربه وتستريح للمساته الهادئة وتنام بأريحية .. قضى معها فترة لا بأس بها وقد تعوّد عليها أكثر شيء حتى أنها في مرة ضحكت حين انزلق شهاب أرضا وسقطت عليه الملاءات ولأنها ضحكت من قلبها أعاد شهاب السقطة مرات ومرات فقط كي يشاهد الضحكة مرتسمة على ثغر والدته الحبيبة ، لقد أحاطها بحنانه ودفئه وحمَّمها ذات مرة غسل شعرها بلطف بينما كانت هي وسط المغطس تلعب بفقاعات الصابون وتضربه بها وهو يحاول جهده أن يبقيها مستكينة كي لا تصاب بنزلة برد خصوصا أنه لم يزل عنها فستانها كي لا ترى تلك الرضوض وتفزع منها ، وأيضا كي يحترم خصوصيتها حتى وإن كانت مثل الطفلة البريئة بدون عقل … شاركهم وائل المتعة تلك الفترة وكان له حق في ارتياح ماجدة بينهما وإن كانت لا تفقه شيئا المسكينة ، لم ينسى أن يطمئن رانيا عبر الهاتف والتي أمرته مرارا وتكرارا أن يعود للقصر كي لا ينابه غضب جده ، لكنه أبى وقرر أن يتحمل نتائج قراره ويكمل إلى النهاية رفقة ابن عمه الذي كانت بهجته بأمه التي بدأت تتحسن شيئا فشيئا لا تضاهيها بهجة ..
شهاب(بابتسامة يمسك بيديها):- قولي شهاااااب
ماجدة(تضحك وهي تحرك رأسها يمنة ويسرة):- شيييييهااااااااببببء
شهاب:- ههه أعلم أنكِ تمازحينني فقط قوليها يا ماما شهاااااب
ماجدة(ضحكت أكثر من السابق):- شيه شيهااااااابء
شهاب(دغدغها بعنقها):- والله إنكِ لمشاغبة يا ست ماجدة هههه
ماجدة(على غفلة ضحكت وأحاطته بيديها من عنقه حتى كادت تخنقه ولكنه لم يهتم بقدر ما كان مصدوما من حركتها):- ماجدة تحب شهااااب
شهاب(امتلأت عيناه بالدموع وفرح لتفاعل والدته الملحوظ يوما بعد يوم وقبل جبينها وهو ممسك بوجهها بين يديه):- وشهاااب يحب مااااجدة
وائل(فتح الباب ودخل محملا):- احزروا ماذا أحضر لكم وائل معه
ماجدة(رأت المثلجات):- يااااااااااااااااا مثلجات مثلجات ماجدة تحب المثلجات ههه
شهاب:- هاتِ عنك يا وائل هيا دعيني أطعمكِ
أعطاه وائل المثلجات وقام بوضع المأكولات على الطاولة بينما كان شهاب يطعمها ويأكل مثلجاته أيضا كي يشاركها متعة اللحظة وقد التهمت مثلجاتها بسرعة قياسية ونظرت إلى مثلجات شهاب بعيون لامعة ولم تستأذن خطفتها منه وهي تضحك وأكلتها ، وهنا انفجر كلاهما مرحا من حركتها المضحكة … وانتهت السهرة على تلك الفرحة العارمة التي كانت تملأ صدر كل واحد منهم بشكل مختلف ، فشهاب سعيد بتجاوب والدته يوما بعد يوم ووائل سعيد لسلامة ماجدة ولفرحة شهاب بها أما هي فقد كانت سعيدة لأنها في أمان معهما ولم تعد تتعرض للتعذيب مثلما كانت سابقا .. ولأن الظروف لا تسير دوما وفق ما يتمناه المرء طبيعي أن تخرب كل المخططات التي انتواها أولاد العم ، ففي تلك الليلة تحديدا استلقى وائل بسريره ونام بينما كان شهاب بجانب أمه يهدهدها ويطمئنها بحركته المعتادة أنه بجانبها وأنها في أمان كما تعود تلك الفترة البسيطة .. وهم في سكينة وراحة فجأة تبخر كل ذلك حين اقتحم رجال جده الغرفة عليهم وهم مسلحون وأخذوهم عنوة رغم مقاومتهم الفاشلة ، فشهاب قاوم أزيد من أربعة أسقطهم أرضا إلا أنهم أحكموا القبضة عليه دفعة واحدة هو ووائل بسهولة ، وقاموا بسحب أمه مثل الحشرة معهم والتي أخذت تصرخ بهلع وتنظر حولها دون أن تدرك شيئا مما يحدث لها أو لهم ، تنادي ابنها بعينيها لكي ينجدها والذي كان لا حول ولا قوة له محتجز تحت وطأة الظلم والطغيان .. رغم صراخه المبحوح بأن يتركوا والدته رغم ندائه لها ورغم استجدائه لهم إلا أنهم لم يكترثوا له بل سحبوه هو الآخر في سيارة مغايرة واصطحبوهم للقصر بعد أن نال منهم ضربا أفقده مجمل قواه ، حاول وائل هو الآخر أن يمنعهم ويتحرر من قبضتهم لكنه لم يتمكن فقد كانوا كثر وأشدااااء … بعد مدة بسيطة هدأتِ العاصفة ومَثل الاثنان أمام جدهما واقفان في حالة مزرية ينتظران أوامره القاسية
ضرغام:- سرقة واعتداء واختطاف ورشوة وهروب لأزيد من أسبوع كامل وغيره وغيره.. ما شاء الله إنكما لأحفاد ترفعون الرأس حتما
شهاب(هدر من بين أسنانه وهو يحاول أن يمتلك أعصابه):- أين أخذتم أمي ؟؟
ضرغام(اقترب منه هازئا وهو يستند بعصاه أرضا):- لمكانها الصحيح ، المكان الذي يجب أن تبقى فيه لحين تشفى يا سيد شهاب
شهاب(نظر إليه بعيون محمرة وكدمات تملأ وجهه):- وأنا لا أريدها أن تبقى هناك لحظة واحدة ، إنها تتعرض لسوء المعاملة جسمها كله مشوه بالضربات والكدمات اللعينة ، سوف أرفع قضية ضد رؤساء ذلك المصح وسآتي بذكر اسمك فأنت الذي رميت بها هناك
ضرغام(ضرب بعصاه أرضا وباتت المواجهة بينه وبين شهاب وجها لوجه ، بادله بنظرات تحدي لا تقل نظيرا عن استعداد شهاب للحرب والذي ظهر جليا بعينيه):- إن كنت تظن أنك ستقف بوجهي وتتحدى أوامري ستكون واهما يا شهاب ، أنا قد توليت الموضوع وكما رأيت حتى لو هربت لسابع أرض كنت سأجدك وأعيدك إلي مجرورا مثل الكلب
وائل(ابتلع ريقه):- جدي .. أنت تظلمه كثيرا إنه قلق بشأن الخالة ماجدة لما لا تعذره وتحقق رغبته يمكننا أن نعالجها من داخل القصر ونحتجزها بغرفة و…
ضرغام(ترك شهاب وتقدم نحو وائل بنظرة شرسة):- هل أذنت لك بالكلام ؟
وائل(ارتجفت شفتاه وأكمل مراده):-لا.. ولكنني أفكر بمشاعر ابن عمي فهو منكسر وقلق ب
ضرغام(بصراخ قاطعه):- رستم رستم ….خذ هذا الولد إلى غرفته واحتجزه هناك لا أريده خارجها مطلقا حتى آذن أنا بذلك
وائل(انتفض برفض):- وهل نحن بسجن ؟
ضرغام:- أرى أن بقاءك مع هذا الطائش لأسبوع كامل قد أثر بأخلاقك حتى بت ترد الكلام بوجهي دون أدنى احترام ..
وائل(أحنى حاجبيه):- العفو منك جدي ..
شهاب(بسخرية ضحك):- هه مضحك جدا في الوقت الذي تعيش فيه أمي أوقاتا عصيبة حضرتك هنا تمحص وتدقق في آداب الحوار ولباقة الحديث
ضرغام(اهتزت حدقته في رعونة شهاب وجرأته):- رستم خذ وائل فوراااا من أمامي ..
وائل(اهتز برفض تحت قبضتي رستم القوية):- لا لا دعوني هنا لا أريد الذهاب شهاااااب شهاااب دعني يا رستم دعني يجب أن أبقى هنا
شهاب(بوهن):- لا تقلق يا وائل … لا تقلق
ضرغام(أغمض عينيه وهو يستسيغ صراخ وائل الذي كان ينقص إثر ابتعاده):- والآن أنا وأنت وجها لوجه أخبرني كيف سنتفاهم يا حفيد آل رشوان ؟
شهاب(مال بشفتيه وبصق جانبيا):- مع أنه لا يشرفني لكنني رشواني رغما عن أنفك …
ضرغام(بشرر رفع يده وصفعه على خده):- هذا لكي تتعلم الآداب والأصول حين تكون بحضرتي يا ولد !
شهاب(وضع يده على خده وزفر أنفاسا مختنقة):- مهما فعلت لن تجعلني أحترمك يا جدي لأنني أعرفك على حقيقتك ، أنت لست سوى وحش آدمي يعشق السلطة والنفوذ وقد يضحي في سبيلها بدمه إن ترتَّب .. لا يمكنك خداعي يا ضرغام رشوان أنا لست وائلا حتى أنخدع بك أنا أدري تماما ما فعلته
ضرغام(تشنجت قبضته بالعصا ونظر إليه بحدة):- نصيحة أخيرة .. لا تجعلني عدوك واكسب مودتي سوف أعالج أمك وستعود إليك ثق بي
شهاب:- ههه هه من ماذا أنت قلق ؟؟ أتخشى أن أفقد صوابي أنا الآخر وأفتعل فضيحة أمام الملأ مثلا ؟؟؟ يا ترى ماذا ستفعل حينها هل ستوصلني لنفس الحالة التي حكمت على أمي المسكينة بها ؟؟
ضرغام(بعصبية نافذة):- ما الذي تتفوه به يا أحمق ؟؟
شهاب(اقترب منه وبصوت خافت):- أتفوه بالحقيقة النكراء التي تحاول جهدك إخفاء دلائلها مع الأسف نسيت أن الطبيب دوما ما يملك مساعدا خفيا ينتج كل أعماله في الخفاء ..آه لن تجده فقد بعثته لمدينة بعيدة لا تخطر بخيال أحد ، يعني يا جدي أنا أسبقك بخطوة لقد تعلمت منك كيف أحافظ على الدلائل وكيف أخفيها
ضرغام(شعر بالتعرق في جبينه ولكنه لم يتململ):- أتظن أنك قادر على تهديدي ، أنا ضرغاااام رشوان الأسد الجامح الذي لا يقوى أحد على الوقوف بوجهه يأتي حفيدي المنحط ل لوي ذراعي ههاهاهااا إنها لنكتة لا تُصدق …. (بصوت جهوري) ليكن بعلمك أنني أنا من يسبقك بآلاف الخطوات ولأنني أفهم تفكيرك جيدا تركتك لتتحرر وتفعل ما فعلته مع الطبيب المساعد ، هههه جميلة هي مدينة نيوجيرسي أحببتها أظن أنني سأمضي بها فترة الصيفية
شهاب(اهتز جدعه بعدم تصديق):- هل آذيته ؟
ضرغام(مرر يده على عنقه بحركة ذبح):- وقد مضت أكثر من ليلة على موته ههه أرأيت ؟
شهاب(عقد حاجبيه وهو يرمقه بكره):- حتى لو تخلصت من كل ما يدينك ستبقى في عيني إنسانا مدانا للأبد ولن أغفر لك ما فعلته بأمي ما حييت ، وسيأتي يوم ويعلم الجميع بتلك الحقيقة المؤلمة لن تخدعهم لوقت طويل .. لكن ما يؤسفني حقا أنني ساعتها لن أكون هنا بالقرب كي أتفرج عليك وأنت تنال العقاب
ضرغام:- توقف عندك !
شهاب(بألم دفين):- انتهى الكلام جدي أنت لم تترك أي رابطة عائلية بيننا ، وبقائي هنا لنيل ميراثي الشرعي فقط وبعدها لن تلمح خلقتي ولا حتى بأحلامك ، وأمي تلك سوف آخذها ولو وضعتها بخرم إبرة ورميت بها في عمق الجبال أسمعت ؟؟
ضرغام:- طيب طيب لما لا تأخذ الأمور من منظوري وتدعها هناك ستؤذي نفسها إن أنت أخرجتها وأظنك لمست بيدك سوء حالتها
شهاب:- لمست بيدي وشاهدت بعيني هل لك أن تفسر لي ما سر تلك الكدمات على جسمها ؟؟ هل وصل بك الجشع والرغبة في الانتقام لكي تأمرهم بتعذيبها هناك ، ألا تخشى إن عاقبك الله ذات يوم وكنت محلها
ضرغام(تأوه عميقا):- حين يأتي ذلك اليوم ستعلم علم اليقين لما فعلت كل هذا يا شهاب
شهاب:- أيا كان عذرك فلن يجعلني أغفر لك تعذيب أمي .. أنا لن أسامحك مطلقا وسوف أتوجه الآن لنفس المصح لأخذها من جديد ولن يمنعني أحد …
ضرغام:- شهاب ..
شهاب(توقف قبل خروجه من القاعة ورفع رأسه للأعلى):- …قد كنت أحترمك ذات يوم يا جدي كنت حقا أقدرك لكن مع الأسف لقد مسست بشيء يصعب علي غفرانه
فور إلقاء هذه الكلمات غادر بخطوات متعبة تاركا جده في حالة غريبة لم يعايشها قبلا ، فور ذهاب شهاب نادى على رستم بأعلى صوته والذي أتاه ركضا
رستم:- نعم فخامتك ؟
ضرغام:- اتصل برجالك بسرعة وأطلب منهم ألا يؤذوا ماجدة الليلة لم أعد أريدها ميتة ، هيا أسرع ماذا تنتظر أوقفهم بسرعة يا رستم إن ماتت تلك المرأة سأخسر حفيدي للأبد
رستم(استغرب لهفة سيده ولكنه اتصل بسرعة حسب الأوامر):- حاضر حاضر سيدي .. هيه يا رجال أوقفوا عملية الاغتيال لقد تراجعنا أسمعت تراجعناااااااا ترر… ماذا قلت ؟؟
ضرغام(بقلق راقب نظرة رستم التي لم تكن تبشر بالخير وجلس على مقعده الوفير ليلتقط أنفاسه):- …. لارد
رستم(أغلق الخط ونظر إليه):- .. السيدة ماجدة … قد انتحرت
ضرغام(بعدم تصديق جحظ بعينيه):- ك.. كيف ؟
رستم:- لم يحددوا بعد لكنهم يقولون أنها قطعت أوردتها بشيء حاد …
ضرغام(بصرخة أليمة):- لالالالالالالالالا
شهاب(عاد إليهم وقلبه مقبوض بشكل غريب يشعره أن الأمر يخص أمه ، سمع رستم جيدا وهو يقول البقاء لله في السيدة ماجدة وبعدم تصديق):- هه هههه أمي … أمي أمييييييييي لالالالالالالالالالالالال الالالالالالالالالالاللال الالالالالالالالالالالالا لالا
صرخة مدوية اعتلت جدران ذلك القصر وهزت عرش السلام به ، غير معقول لقد كانت معه منذ ساعات تضحك وتمرح كيف تموت بتلك السرعة الغير متوقعة .. على الفور خيم الجو الجنائزي الحزين على المكان كله لوقت طويل فموت ماجدة أثر سلبا على شهاب الذي كان مثل المجنون ظل لأيام وأيام وهو يصرخ ويبكيها حتى قبرها ما فتئ يبرحه إلا بجهد جهيد وبعد ترجي متواصل من رانيا ووائل اللذين لم يتركاه البتة ، أوجاع حارقة كانت تعتمر صدره لا يجد سبيلا لإخراجها فقد سرقت منه أمه في غمرة فرحهاااااا ، كل ليلة كان يسمع ضحكاتها في أذنه ويجلس على الأرض يشد على أذنيه وهو يبكي بقهر ، تلك الضحكات كانت مثل السم القاتل الذي يسري في وريده ، تذكره بذلك الأسبوع الذي قضاه معها والذي كانت فيه قريبة منه طفلته التي رعاها بكل معنى الكلمة والتي أخِذت من بين أحضانه بشكل فظيع .. ضرغام كان بحالة سيئة هو الآخر فلأول مرة يندم على شيء في حياته فقد علم أنه لن يستعيد حفيده مهما فعل لذلك تركه على سجيته ولم يقترب منه أو يحاول التودد له حتى ميراثه الشرعي أعطاه له دون نقصان ، لا يزال يذكر يوم جنازة ماجدة كيف عامله شهاب بسوء وتذكر الحديث الذي دار بينهما ساعتها والذي كان مليئا بمعلقات الألم ..
شهاب(بحالة متدهورة وثائرة):- أنا لن أقبل تعازيك أبداااااا أنت السبب فيما وصلت إليه أمي لولا أخذكم لها بتلك الطريقة لما خافت ولما انتحرت ..
ضرغام(بوضع سيء هو الآخر):- يا شهاب أنا كنت أبحث عن مصلحتها ولم أعرف أنها سوف تنهي حياتها بتلك الطريقة حتى
شهاب(يهز رأسه بهزل):- أجل أجل فكيف ستعترف بجريمتك في حقها طبعا ستقول هذا وستبرأ ذمتك من دمها ، لكن عذرا منك أنت الوحيد الذي ألقي عليه اللوم وموتها سيبقى دينا ثقيلا برقبتك يا ضرغااااام
ضرغام:- شهاب لا تكن بمثل هذه القسوة واحترم جنازة أمك
شهاب(اقترب منه مهددا بإصبعه):- إياك وأن تأتي على ذكرها أنت بنظري مجرم خائن غادر مخادع تستحق السسسسسسسسسسسجن
ضرغام(ارتج صدره من كلمات حفيده):- شهااااب ..
شهاب:- ابتعد عني الآآآآآن أنا أريد البقاء وحدي قبل تشييع جثمان أمي
انسحب ضرغام بهدوء يتلحفه الغبن فما هكذا كان يريد ما هكذا كان يأمل … طأطأ رأسه وغادر القاعة تاركا شهاب بجانب الجثمان المغطى بالحرير الأخضر المطرز باللون الذهبي بآيات القرآن الكريم ، اقترب بهدوء من الصندوق المغطى كاملا ووضع يده على محل رأسها وهو يتنهد بعمق يقاوم دموعه الشاهقة
شهاب(ببكاء قهري):- سوف أنتقم لكِ يا ماجدة سوف أجعلهم يدفعون ثمن ما فعلوه بكِ ، لن أكون ابنكِ إن لم أذقهم علقم المر الذي أذاقوني إياه وحرقوا قلبي عليكِ يا فتاتي الجميلة …
الألم .. والخيبة .. والخذلان كلهم ترجموا حالة الحزن المرتسمة على وجهه يد واحدة هي التي ربتت على كتفه وانتشلته من جب الحزن حد التلاشي ، دعمه وسنده الدائم ابن عمه الصغير الذي حمّله همومه ومشاكله في سن مبكرة / بادله شهاب نظرة البؤس وهز له رأسه إذ علم أنه الوقت المناسب لتوديع أمه ودفنها كما يجب .. انتهت الجنازة ولم تنتهي الأحزان عند شهاب الذي لم يبرح القصر كان يظل في غرفة والديه متقوقعا أحيانا على سريرهما يتمرغ في ثيابهما ، وأحيانا أخرى يكسر كل شيء هناك وروحه تكاد تفرط منه من كثرة الآلام التي يتعايش معها ، لقد سرقت منه أمه بعد أن كانت مسك الروح وبهجة الفؤاد وأمله المتبقي له في هذا الوجود .. كان وائل حزينا عليه يحاول أن يشاركه أحزانه لكن شهاب كان يرفض ويبعده عنه حتى أنه في مرة قام بلكمه دون قصد وبعد أن استوعب فعلته انهار على الأرض باكيا وما كان على وائل سوى أن يضمه لصدره ويعزي روحه بمواساته … كل هذا وذاك وبرغم كل المآسي التي استعمرت قلبه إلا أنه لم ينسى انتقامه لم ينسى ، وأراد أن يبدأ بالمشفى أولا وينتقم من الطبيب عينه الذي كان يعذبها ولذلك كانت تلزمه خطة ..

في إحدى الليالي غادر القصر خلسة دون أن يستشعر غيابه أحد ، اختفى من هناك لينفذ تخطيطه وتوجه لتلك المصحة وأخذ يراقب من محله بالسور الخلفي بنظرات شرر تتطاير لتحرق المكان أمام عينيه ، لم يكن يدري ما هو فاعل لكنه سيشفي غليله منهم الواحد تلو الآخر بدءا بالطبيب المجرم.. وهو في خضم مراقبته الحريصة والحذرة ، لفت انتباهه حركة غريبة بين الأشجار المتوسطة داخل المصحة ، وإذ به قد تفاجئ بفتاة تركض نحوه ولم تلاحظه لأنها كانت تحاول تسلق الجدار مرة بعد مرة وهي في حالة هلع ورجفة ..
شهاب(حرك لها يده):- هشش ما الذي تفعلينه هناااااا هل تنوين الهرب ؟؟؟
سمر(التفتت إليه بهلع):- هل أنت شرطي ؟
شهاب(بتفاجئ):- وهل يجدر بي أن أكون كذلك ؟
سمر(تأملته مليا):- لست كذلك إذن أرجوك ساعدني على الخروج من هنا لو سمحت أخرجني إنهم يبحثون عني يجب أن أغادر هذا المكان
شهاب(عقد حاجبيه):- عودي من حيث أتيتِ أنا لست مكترثا لهمومك لا شأن لي بك، لدي ما هو أهم فرجاء ابتعدي عن مداري ولا تورطيني معكِ في هذا الأمر ..
سمر(بشراسة):- أنت فظ وعديم الإحساس ونذل من فوق ألا ترى بأنني في موضع صعب وأنت هناك فوق السور تجادلني
شهاب(نظر إليها):- وتشتمين أيضا فعلا تستحقين مآلكِ وكل الشكر لمن وضعكِ هنا
سمر(ببؤس شديد تتوسله):- يا سيد أرجوك إن وجدوني سوف يعاقبونني إنهم يعاملونني بسوووء هنا وإن علموا بهربي سوف ينفذون مخططهم ويحولونني لمجنونة وأنا لست كذلك أقسم لك أنني لست كذلك … أرجوووك
فور ذكر تلك الجملة تذكر أمه المسكينة ونظر للفتاة نظرة تأملية مرفقة بدموع مجمدة بعينيه لم يعرف لما شعر بالمسؤولية تجاهها ، وكأنه تخيلها أمه وهي تستنجد به في تلك اللحظة لذلك وبدون تردد مد لها يده لكي يساعدها على الصعود ، هنا انفرجت أساريرها أخيرا ستتحرر من هذا السجن ، دفعت بجدعها إليه وقبل نزولها نظرت خلفها وتركت كل همومها ومآسيها هناك …
شهاب:- هيا هل تحتاجين صورة تذكارية مع المكان ؟؟
سمر(باشمئزاز):- لالا هيا بنا
شهاب:- تمام سأقفز وأنتِ اقفزي بعدي لأمسككِ
سمر:- حاضر حاضر
قفز شهاب ومد لها يده مجددا كي تقفز ولكن جسمها الهزيل والمتعب خذلها فسقطت بشكل متمايل تسبب في ارتطامها به وانتهى الأمر بها فوقه على الرصيف
سمر:- آسفة آسفة منك يا أخ ، إنهض سوف أنفض الغبار عن ملابسك
شهاب(نهض معها ولم يتركها تمسح شيئا):- لا عليكِ أنتِ حرة الآن ..
سمر(بكت لحظتها):- هووف
شهاب(عقد حاجبيه مستغربا):- لم البكاء أنتِ الآن خارجا اذهبي
سمر(نظرت للمشفى بغضب):- ما كنت أظن بأنني سأنجح في الهرب من هذا الجحيم ، إنه جحييييم صدقني
شهاب(بأسى نظر معها):- نعم لدي فكرة شاملة عن الأمر .. هيا غادري
سمر(فركت يديها وهي تنظر للمكان حولها من تحت غرة شعرها التي كانت تصل عيناها وتحجب ملامحها المتغيرة):- ولكنني لا أعرف إلى أين سأذهب في هذا الليل أأ.. أقصد علي أن أتصل بهم و و
شهاب(أخرج من جيبه محفظته):- لا بأس لا بأس خذي هذا المال واذهبي في حال سبيلك
سمر(ابتلعت ريقها وهي تنظر للمال الذي سيخرجها من ضيقتها وأمسكته):- سوف أرده لك حتما يعني .. فور استقراري
شهاب:- هل لكِ أن ترحلي فقط ودعيني أكمل مخططي يكفي ضياع الوقت الذي تسببتِ لي به
سمر:- ماذا تفعل هنا هل أنت مريض أيضا هل هربت منهم ؟ لكن مظهرك لا يدل على ذلك رغم أنك تبدو في حالة مزرية
شهاب(بعدم تصديق):- وهل أعطي لحضرتكِ تقريرا مفصلا عن شخصي وسيرتي الذاتية أيضا إرضاء لفضولك ؟
سمر(كتفت يديها وهي تضم رداء الصوف الذي كانت تضيفه فوق لباس المشفى):- لا داعي فمن شراستك هذه يظهر أنك لئيم
شهاب:- هه أتعلمين إن لم ترحلي من هنا سوف أصرخ وأجعلهم يمسكون بكِ من جديد
سمر(اهتزت بفزع وتحركت):- لالالا سأرحل شكرا لك وآسفة …
شهاب(أحس بالذنب قليلا وهو يلمحها تسير وحدها هناك في الطريق ولكن انتقام والدته كان يحرق وجدانه لذا تركها وعاد ليراقب المكان):- أمي سوف آخذ الآن بثأركِ حبيبتي …
بعد لحظات رمق خروج الطبيب المقصود من باب المشفى الداخلي والذي علم بكل المعلومات الخاصة به من تلك الممرضة عينها والتي أعطته مقابل مبلغ كبير تقارير طبيبة مفصلة تدين الطبيب الذي كان يؤذي أمه بالصعقات الكهربائية ويعذبها كما يعذب بقية المرضى دون ذرة إنسانية ، لذا أخرج مسدسه من جيبه وصوبه تجاهه وقبل أن يضرب استوقفته
سمر(بفزع):- توقف …
شهاب(مص شفتيه وهو يرمق الطبيب مبتعدا عن مرماه ونزل إليها وهو يعيده خلف ظهره):- اللعنة عليكِ من أين خرجتِ لي
سمر:- لا تقتل أحدا رجاء سوف تسجن بسبب ذلك وسوف تحرم عائلتك منك أرجوك
شهاب(عقد حاجبيه بألم وشعر بحركة سيارة فأمسكها من ذراعها وابتعدا عن المشفى متغلغلين وسط الأشجار في الحديقة المجاورة):- ما شأنكِ أنتِ ؟؟ ألم أعطكِ مالا إذن اذهبي واتركيني في حال سبيلي لا دخل لكِ
سمر:- بل دخلي .. أنت ساعدتني ويجب أن أساعدك هل لي أن أعرف لما تريد قتل الطبيب ؟
شهاب(ضرب صدره بوجع):- لأنه عذب أمي … أفهمتِ الآن ؟
سمر(بذهول وبكاء):- هل هل كانت أمك مريضة هنا أيضاااا ؟
شهاب:- يظهر لي أنكِ لستِ بمجنونة حقا فماذا كنتِ تفعلين بالداخل ؟
سمر(بوجع ودموع):- لقد وضعوني هناك قسرا لا أعرف لا أذكر شيئا ، في البداية حين أتيت إلى هنا لم أكن في كامل وعيي ولكن مع الوقت تحسنت وأردت الخروج ولكنهم منعوني من ذلك فقررت الهرب
شهاب:- يا فرحتي بكِ والآن أتممت واجبي الإنساني كله معكِ ولذلك ابتعدي عن مداري قبل أن ينالكِ غضبي فأنا لست بتلك اللطافة صدقيني
سمر(اقتربت منه):- ولكنك لم تؤذني ما يعني أنك إنسان عفيف
شهاب:- يا إلهي .. هل أنتِ حمقاء فعلا أم تتغابين علي ، قلت لكِ انصرفي لقد فوت بسببكِ فرصة قتل ذلك الحقير
سمر:- حتى وإن كان يستحق ذلك المصير إلا أنها ليست الطريقة المثلى لتحقيق ذلك
شهاب(بعصبية):- ومن تكونين حضرتكِ حتى تقرري الصالح والطالح ، شتان ما كنتِ معذبة على يديه أو أيدي غيره مثلكِ مثل أمي تماما أمي التي أفقدوها صوابها عمدااااا
سمر(رأفت لحاله):- لا أحد يختار مصيره بيده ، أنا لست معصومة من الأخطاء لقد ارتكبت الكثير منها وهي ما آلت بي في هذا المكان تحت رحمة منعدمي الضمير ، ولكن ما إن أجد الفرصة سأرمي بكل هذا خلفي ولن أتذكره مطلقا
شهاب:- اسمعي اسمعي أنا لا يهمني شيء صدقا أشفق على حالك وأتمنى لكِ حياة سعيدة فقط دعيني أكمل مخططي قبل أن أفقد صوابي هنا
سمر(بإصرار):- لا لن أتركك
شهاب(بعصبية نافذة):- أنتِ لا تفهمين .. أنتِ أبدا لن تعرفي عمق وجعي لقد انتحرت أمي بسببهم ماتت بسببهم لأنهم سلبوها من حضني أتتخيلين مدى فظاعة ذلك ؟؟؟
سمر(بصدمة):- هل أنت ابن ماجدة ؟؟؟؟؟؟؟
شهاب(بوجع اتكأ على جذع شجرة):- آآآآه يا ربي
سمر(عضعضت شفتيها واقتربت منه):- إن كنت ابنها فعليك أن تعرف أنها كانت تحبك كثيرا
شهاب(ارتجف باندهاش):- هل كنتِ تعرفينها ؟
سمر(لمعت عيناها الدامعة ببسمة):- أجل كانت صديقتي وكنا نقضي وقتنا سوية بالحديقة ، أحيانا كانت تستعيد ذكرياتها وتصبح عاقلة مثلنا وتحدثني عن ابنها الذي أحبته أكثر من أي شيء في هذه الحياة ، لكن في اليوم الموالي حين ألتقي بها أجدها ساكنة صامتة مغيبة عن الواقع وأعلم أنها تعرضت لصعقة كهربائية أعادتها للصفر من جديد
شهاب(تضخم صدره وهو يثور غضبا مما فعلوه بوالدته):- وتنتظرين مني ألا أحرقهم ههه
سمر:- لن تجد خلاصك بما تنوي فعله صدقني
شهاب:- يا ليت الأمور بتلك البساطة
سمر:- الانتقام لن يجديك نفعا ، دع الأمور كما هي عليه وأثبت ذاتك بهذا سوف تنقذ ذكرى والدتك وتهديها السلام الذي تستحقه ، أنظر لنفسك حالتك مثل أولئك الصعاليك المعربدين في الطرقات الذين عاقبتهم الحياة بطريقة مؤذية ولم يجدوا سبيل النجاة
شهاب(بالرغم من أن حديثها بلغ لبه وأثر فيه إلا أنه لم يعدل عن قراره):- أنتِ فتاة ذكية أتنبأ لكِ بحياة أفضل سررت بمعرفتكِ أيا كان اسمكِ والآن ارحلي
سمر(طأطأت رأسها وتحركت للرحيل):- أنت أول شخص أكلمه بعد خروجي وحتما سيكون للقائك تأثير عميق في حياتي ، ومثلما كنتُ لأمك صديقة مصغية بإخلاص دعني أكون بحياتك حاجزا يحول بينك وبين الانتقام ..
شهاب(تأملها بوهن تحت حلكة الظلام المحيطة بهما):- ما الذي فعلته حتى عرفتِ أن الانتقام لن يجديني نفعا ؟
سمر(توقفت في منتصف الطريق بدموع ولم تستدر له بل ظلت على وقفتها):- لقد كسرت أعمدة في بيتنا لن تعود لسابق عهدها مهما طال بنا الزمن
شهاب(بعد صمت تأملي في كلامها نظر خلفه للمشفى):- لن يهنأ بالي قبل أن أنتقم وإن لم يكن الليلة سيكون في يوم ما .. دعيني أوصلكِ حيث تريدين
سمر:- لا داعي يمكنني تدبر أمري وحقا أسعدتني أنك عدلت عن جنونك يعني معذرة لكن ما كنت ستفعله هو الجنون بعينه
شهاب(سار بجنبها):- هل لكِ أن تحكي لي عن أمي أكثر ؟
سمر(ابتسمت بطمأنينة):- من البداية ؟
شهاب(بحزن وأسى):- أجل … من البداية …
روت له عن كل ما يخص والدته بكل التفاصيل وكل الأحاديث الضئيلة التي دارت بينهما ، كان يصغي لها وهو يقود سيارته متوجها لوسط المدينة حسبما طلبت منه الفتاة التي لم يعرف اسمها بعد حتى الآن والتي لم تبخل عليه بذكريات جديدة عن أمه سيبقيها في صندوق عقله محفوظة ، فهذا ما تبقى له من ماجدة .. [الذكريات البائسة فقط لا غير] …
سمر:- توقف هنا وشكرا لأنك سمحت لي باستعمال هاتفك
شهاب:- لم أسألكِ في البداية لكن من يكون ذلك الشخص الذي كلمته يعني هل هو يقربكِ ؟
سمر(توترت):- أجل إنه خالي وسوف يأخذني رفقته يعني لا تقلق هو على عداوة مع أهلي وهذا سيخدمني
شهاب:- إن احتجتِ لشيء اتصلي بي هذا رقمي خذيه
سمر(ضمت ورقة صغيرة كتب عليها رقمه):- شكرا لك وأتمنى أن نلتقي يوما ما وأجدك قد نسيت فكرة الانتقام تلك وخدمتها في تطوير ذاتك ، والدتك كانت تحلم بتسلمك لشركة ما لا أتذكر جيدا لكنها ذكرتها مرارا وتكرارا كانت تقول " أحلم أن يصبح ابني جالسا محل كرسي أبيه في الشركة هو يستحقه ويليق به " ..
شهاب(تأثر حين سماع تلك الجملة):- أشكركِ حقا على كل شيء ..
سمر:- لا بأس لقاؤنا حتى لو جاء صدفة إلا أنك أنقذتني وأنا أيضا أنقذتك ههه
شهاب:- لقائي بكِ الليلة مؤكد أن تبعاته ستكون واضحة في الفترة المقبلة
سمر(لمحت همام في ناصية الطريق وارتبكت):- حسن حسن علي أن أذهب الآن
شهاب:- هييه توقفي لم تخبريني عن اسمك ؟؟
لم تجبه بل جرت متخبطة في رجليها نحو رجل لم تظهر ملامحه من السواد الذي يتلحفه ، فقد أودعها بسيارته وانطلق بها ، هنا التفت شهاب حيث كانت تجلس ووجد ورقة رقمه قد وقعت منها مع الأسف ، لم يحرك ساكنا فقد تلاشت سيارة خالها في الطرقات وعاد هو أدراجه يفكر في كل حرف مما قالته الفتاة عودة للقصر ..
وائل(كان ينتظره بغرفته):- لقد تأخرت قلقت عليك ؟
شهاب(دخل إلى الغرفة ولحقه وائل):- كنت أرفه عن نفسي قليلا فقط
وائل:- هل أنت بخير ؟
شهاب(استدار إليه وربت على كتفه):- بخير بخير لا تقلق .. فقط عقلي مشوش بعض الشيء لكنني سأكون بخير
وائل(بقلق):- أين كنت ؟
شهاب(رمى بنفسه على سريره):- ذهبت لأقتل الطبيب الحقير
وائل(جحظ بعينيه بفزع وأغلق الباب ثم ركض إليه):- هل قتلته ؟
شهاب:- لم يتسنى لي ذلك لقد وقع حادث عارض منعني عن ذلك
وائل(تنهد بفرح):- الحمدلله وجيد أنك عدت سالما
شهاب(لمس فرحة وائل به):- ويلِي لقد قررت شيئا
وائل:- ماذا ؟
شهاب:- سوف أستلم الشركة مع الخالة رانيا بدءا من الغد
وائل(قفز بسعادة وعانقه):- يا حبيبي يا ابن عمي أخيرا قررت وضع عقلك برأسك ونسيان فكرة الانتقام إنه لخبر مفرح
شهاب:- أجل مفرح من جهة ومن جهة أخرى .. أنا سأغادر القصر
وائل(توقف حينها بجمود واستدار عنه في سكينة):- ماذا قلت هل ستغادرنااا ؟؟
شهاب(وقف خلفه):- لا مكان لي هنا يا وائل لن أستطيع البقاء مع جدك نحن لا نتفاهم يعني لا أريد أن أسبب صدعا بينكما لكنني أنا وهو لسنا على مودة ووفاق ولذلك يجدر بي الابتعاد ، لا تقلق سوف نلتقي كل يوم يمكنك زيارتي في شقتي التي سأستأجرها يعني لم أستأجرها بعد سأحاول تدبر الأمور خلال هذين اليومين و
وائل(ارتمى بحضنه بدموع):- لا ترحل يا أخي لا تتركني وحدي هنا سوف أكلم جدي وأطلب منه ألا يضايقك .. ألم تلاحظ أنه لم يحاورك أو يزعجك منذ مدة
شهاب(أحاطه بيديه بحب):- ويل لن ينفعني بقائي بشيء لأن رغبة الانتقام ستتأجج أكثر وأنا أريد أن أخمدها كي أحقق حلم أمي لقد أرادتني أن أحل محل والدي في الشركة وسأفعل ذلك سأساهم في تطويرها يعني لا أدري كيف لكنني سأدرس وأحصل على شهادة تخولني من السير بها نحو القمم .. سوف لن يموت ميراث أبي وعمي وحيد سيفخر بي حتما
وائل(رفع رأسه إليه):- وماذا عني أنا ؟
شهاب:- أنت لم تعد صغيرا يا وائل يمكنك رؤية الأمور بوضوح وقتها فقط ستجد بابي مفتوحا لك لكي تنضم لحياتي ، نحن لن نفترق يا أخي
وائل:- لا أدري لا أدري لا يمكنني تخيل يوم بدونك
شهاب(ربت على كتفه):- ومن قال أنه سيمر يوم عليك بدوني سنلتقي بطريقة أو بأخرى ، هيا يا حبيب ابن عمك ألن تدعمني ؟
وائل:- مؤكد سأدعمك فحتى لو خذلك الجميع ..
شهاب(تابع معه ببسمة صادقة):- وائل لن يخذلك ……………..

~ في الوقت الحالي ~
شهاب(ردد بهمس خافت):- حتى لو خذلك الجميع وائل لن يخذلك ، حتى لو خذلك الجميع وائل لن يخذلك / ولكنك خذلتني يا وائل خذلتني خذلتني خذلتنييييي ……لمااااذا ؟؟؟؟؟
أخذ ينظر إليه هو وميرنا بشكل انتقامي وبحزن شديد غزا قلبه ، فأبدا أبدا لم يتوقع الأذية من وائل حتى لو مسار حياته كان مليئا بالأخطاء التي ازدادت بعد موت أمه ماجدة إلا أنه كان يجد عزائه بوائل الذي يكن له معزة لا يمتلكها أحد ، إنما حين يتعلق الأمر بالخداع والخيانة هنا لا يمكنه أن يتفهم ، فوائل كان الملاك الحارس بحياته هو الذي حال بينه وبين الانهيار ودعمه مرارا وتكرارا فلن يأتي اليوم ويغدر به بهذا الشكل المؤذي … بميرنااااا الفاكهة المحرمة التي عانى بسببها سابقا حين افترقا والتي غدرت به هي الأخرى لأنها أحبت ابن عمه وأغرمت به ، كم تمنى لحظتها لو أنها عشقت رجلا غيره كان ليتفهم ولو قليلا فقد أوضحت له بشكل تام أن العلاقة بينهما اقتصرت على الصداقة وأن لا شيء سيعود مثل سابق عهده لقد سلبت الأمل منه ذات يوم وبشكل مؤذي ولكنه توقعها مجروحة وتستحق بعض الوقت ولم يتوقع أبدا أنها تتمرغ في العسل مع ابن عمه ….. هنا تضخم صدره من جديد وهو يمسح تعرقه من جبينه ويصوب مسدسه نحوهما وهو يراهما في حالة عشقية جرحت صميمه ..
لم يتحمل لم يتحمل أن تغدره المرأة التي تذكره دومًا بأنه إنسان مثلما كان يشعر مع والدته ماجدة كان يشعر ذات الشيء مع ميرنا ، فهي كات ترى فيه الشيء الجيد دوما مثلما كانت تفعل ماجدة وهذا ما صعَّب عليه هذا الخداع المشترك ، لذلك وبوجد كسير صرخ بعلو صوته حتى أربكهما بظهوره المفاجئ
شهاب:- وااااااااااااااااااااائل
وائل(انتفض من محله مصدوما وهو يراه متقدما نحوهما بمسدسه فجعل ميرنا خلفه وتقدمها):- شهااااب ما الذي تفعله هنا ؟؟
شهاب(توقف على بعد خطوات مصوبا مسدسه نحو جبين وائل):- ما الذي أفعله أنا أم أنت ؟ أخبرني يا ابن عمي ما الذي كنت تخبر به خطيبتي السابقة ؟؟
ميرنا:- شهااااب نحن قد افترقنا ولم يعد لك سلطة علي .. أنا ووائل نحب بعضنا
شهاب(صوب مسدسه تجاهها):- يا لوقاحتك ألا زلتِ تردين بوجهي
وائل(بخوف عليها):- أبعد مسدسك عنها يا شهاب وضعه جانبا لنتحدث ، أنا كنت بصدد إخبارك فلا تعتبر هذا خيانة أو شيء من هذا القبيل لقد عرفت ميرنا قبلك وأحببتها قبلك وهي نفس الشيء فرجاء تفهم الموضوع
شهاب(بعيون طائشة ضحك ساخرا):- يا سلام هههه الشاب المثالي الذي لا يخطئ أبدا قد غدر بابن عمه وطعنه في ظهره وسرق منه حبيبته وخطيبته السابقة التي لولا ظهوره في حياتها كانت عادت لي ……. بسببك بسببك رفضتني ميرنااااااااااا
ميرنا:- كف عن هذا الهراء هل أنا التي خنتك أم أنك نسيت ليلتك الحمراء مع شقيقتي ؟؟
شهاب(مسح على فمه والمسدس بيده):- ولكنك سامحتني ووعدتني أن نبدأ صفحة جديدة
ميرنا(صرخت فيه):- كأصدقاااااااااء كأصدقاء يا شهاب وليس شيئا آخر
ها قد وصلت اللحظة التي كنت تخشى منها يا وائل ها قد عرف شهاب بعلاقتك بميرنا وسيعتبرها إساءة له ، طبعا لأنه اكتشفها بشكل مزري سينعكس على علاقتك به من الآن فصاعدا ، أخذ يراقب نظرات شهاب المتوترة ويحاول ضبط أعصابه لكي لا يستفزه أكثر ولا يتهور هذا الأخير الذي كان ينظر إليهما بنظرة متبادلة تعني لماذا فعلتما ذلك بي ..
وائل(بحذر شديد):- شهاب أترك المسدس رجاء ودعنا نتفاهم بهدوء
شهاب(هز له رأسه):- لا يا وائل لقد توضح كل شيء أنت طعنتني في ظهري ،ألم تجد غير ميرنا لتحبها يا رجل ؟؟؟؟
ميرنا:- هذه مشاعر يا شهاب ولا يمكننا التحكم فيها
شهاب:- طيب ما خطبي أنا هاااااااه لما لم تقعي في غرامي ؟
وائل(صبرا يا رب):- شهاااااب يكفي مهزلة هنا ضع مسدسك جانبا ودعنا نتحدث بشكل جدي بعيدا عن هذه الحالة المريبة التي جعلت الأجواء تكتسحها في عرض سخي
شهاب(حرك زناد مسدس استعدادا لضرب الرصاصة):- مؤسف يا ويلي أنت حتما غفلت عمن يكون ابن عمك ولا كيف يتعامل مع الغدر والخيانة ، هل نسيت ما فعلته بأولئك قديما حين تورطوا في إيذائي ؟؟؟
وائل(ابتلع ريقه وهو يحمي ميرنا من جنونه):- اسمعني جيدا الموضوع بيني وبينك فدع ميرنا ترحل من هنا وفوراااا
شهاب:- إياكِ وأن تتحركي خطوة واحدة وأنت لا تحاول أن تتأمَّر علي هنا فأنا من يملك السلطة المطلقة في هاته اللحظة
وائل(هز يديه):- طيب طيب فهمت بدون أعصاب أنزل مسدسك لأنك تزعجني به هكذاااا
شهاب:- أزعجك هههه ههه والله إنك لذو روح مرحة في هذا الموقف الصعب
وائل:- أنا وائل ابن عمك أحببت ميرنا حبا جما ولن أتوانى على المحاربة في سبيلها وأريدها لي زوجة فهل ستساندني أم أنك ستقف عثرة في طريق سعادتنا ؟
شهاب:- أنت تلعب بعداد عمرك يا وائل رشواااااان لست أنا من تسرق منه حبيبته ويبقى متفرجاااااااااااا لست أنا لست أنااااااااااا
ميرنا(صرخت بعلو صوتها):- لالالالالالالا لا لا يا شهاب إياااااااااك
هنا انطلقت رصاصة من مسدسه وظهرت بالعرض البطيء مخترقة الهواء في اتجاهها المباشر لقلب وائل حيث استقرت ، بسرعة البرق أصابه في الصميم فسقط أرضا ممسكا على صدره ونظرة واحدة متبادلة بينه وبين شهاب وهي عدم التصديق
ميرنا(سقطت أرضا ممسكة بوائل بحضنها تبكي وتصرخ):- واااااااااائل وائئئل حبيبي لا تمت يا واااااااائل اهئ اهئ ، لما فعلت ذلك يا شهاب لما قتلت ابن عمك لماذا لماااااااااذا لقد كنت أحبه كنت أحبه أحببته هو دونا عن أي أحد آخر في هذا العالم ، لما قتلت نصفي الثاني حبيبي ونبض قلبي لمااااااااااااذاااااا اهئ واااااااااااااائل يا وائل استيقظ رد علي لا تغلق عيناك يا روحي آآآآآآآآه …
حرك رأسه يمنة ويسرة من ذلك المنظر وظهرت خلفه أمه ماجدة بفستان أبيض مشعر
ماجدة(بنظرة عتب):- كيف قتلت أخااااك كيف قتلت أخاااااك ؟؟
رانيا(من خلفها ظهرت بنفس الهالة المنيرة):- كان يحبك كثيرا لما خذلته يا شهاااااب
ماجدة(تقدمت إليه بغضب):- أنت قاتل قاتل
رانيا(بدمع لامع):- كان يحبك كان يحبك
شهاب(هز رأسه وهو يغمض عينيه كي يستوعب ما يحدث):- لالا هو غدر بي هو هو السبب
تراجع خطوات للوراء وهو يمسح على رأسه والمسدس لا يزال بيده غير مصدق لما فعله ، كيف أمكنه قتل ابن عمه أخوه الصغير كيف طاوعه قلبه وفرط فيه ، أخذ شريط ذكرياتهما سوية يمر بينهما في لحظات منفصلة ركوبهما على الخيل لعبهما بالكرة جريهما على الشاطئ لعب الشطرنج القيادة السريعة أوقاتهما العصيبة أيضا، كيف استطاع الضغط على الزناد وسحب روح صديقه الوحيد في هذه الحياة ورفيق دربه .. لم يستطع تحمل الصدمة وصراخ ميرنا يصم أذنيه رفع المسدس لأعلى جبينه وبنظرة ضبابية ملأتها الدموع نظر لابن عمه وحبيبته آخر مرة وضغط … بوووووووم
شهاب(انتفض فزعا في حالة ذهول وتعرق يلهث بصعوبة وهو لا يزال يراقبهما):- يا إلهي لقد كان مجرد خيال مريض اففف الحمدلله …تتت
وائل(يدللها بين يديه):- هيا ميرنا قوليهاااا واجعليني الأسعد ؟
ميرنا(بحضنه مبتسمة):- تتت واااائل هل هذا وقت مناسب لعرض الزواج ؟
وائل(مسح على شعرها):- أريدكِ لي ولن أتحمل أكثر يا حبيبتي
ميرنا(استندت على خده بخدها وهي تهمس له):- يجدر بك أن تحبني أكثر لأجيبك بشكل أسرع هههه
وائل(قبل خدها بثقل):- ما كنت أعلم أنكِ خبيثة النوايا هههه .. أووه ما هذا هاتفكِ يرن ؟
ميرنا(تفقدته):- لا ليست نغمة هاتفي ربما هاتفك أنت
وائل(تفحصه):- ولا هاتفي ..متأكد أنني سمعت نغمة هاتف
ميرنا(نظرت حولها في الظلام):- هل يوجد أحد معناااا ؟؟ تت ربما يجدر بنا النزول الآن
وائل(أمسكها من يدها وهو يتفقد المكان):- تعالي .. لكننا سنكمل حديثنا هااه ؟
ميرنا(ابتسمت واستندت على كتفه):- أنت تأمر يا حبيب قلبي ….
ظهر من خلف الظلام وهو يعض على يده يراهما مبتعدين عنه في اتجاه الأسفل غير آبهين بخيانتهما له ولا حتى مهتمين لمعاناته ، تغلغل الحقد في قلبه ونفث شررا من حوله وأعاد المسدس لمحله ثم نفض سترته وغادر السطح بدوره .. إذ يكفيه المعاناة الخيالية التي عايشها حين تخيل أنه قد قتل وائل بنفسه ، مجرد التفكير بهذه الفكرة جعلتِ الأمواج الهادرة تفتك بقلبه وتعتصر عقله إذ لا يمكنه تخيل حياة بدون وائل الشخص الذي رافقه في كل مراحل عمره ووعده ألا يخذله ولكنه خذله الآن وسلبه من شيء كان يكمله ميرناااااا … انسحب من المشفى معتمدا على الباب الخلفي كي لا يصطدم بأي زائر معروف يراه هناك ، استقل سيارته وانطلق يدعك فراملها بعصبية متأججة تنتظر الساعة التي ستنفجر فيها .. إلى أين المفر لمن سيهرع في ضيقته تلك من سيسمعه ؟؟ اكتشف لتوه أنه لا يملك أحدا سوى وائل يأتمنه على حياته ويثق به لكنه الآن بات وحيدا وائل كسر كل المعاني العميقة التي جمعتهما بفعلته تلك لم يعد قادرا على التفكير في كيفية التعامل معه لاحقا .. لما فعل به ذلك لماذا لماذااااا ؟ طرح هذا السؤال وهو يضرب برأسه الكرسي خلفه ويضرب على المقود مرات ومرات ، صرخ وشتم والضيق يملأه من كل حدب وصوب حتى بات الاختناق ذاتيا يرافقه في تلك الطريق الخالية ،،،، تاه وسط الطرقات لوقت طويل ووجد نفسه قد وصل مفترق طرق إحداهما يؤدي لقصر ميرا لم يفكر كثيرا بل توجه ناحية قصرها دون تردد …
ميرا(بعد لحظات انتفضت من منضدتها):- من قلت شهاااب تحت ؟؟
باتريك:- أجل يا سيدتي إنه بالصالون
ميرا(عقدت حاجبيها مستغربة):- وفي هذا الوقت .. تتت خيرا إن شاء الله
أضافت رداءا على كتفيها ونزلت إليه حائرة فيما قد يجعله يزورها وقتها ودون موعد ، آه هذا ما ينقص يا ميرا أن تضعي جدول مواعيد لحبيبك .. أبعدت الفكرة عنها وهي تنزل آخر درجات السلم تجاهه وجدته واقفا أمام تمثال صغير يتأمله بعقل غائب عن الوجود
ميرا(بتوجس):- شهااااب
شهاب(تنهد عميقا والتفت إليها بملامح مظلمة وحالة مزرية):- أنا متعب يا ميراااا .. لم أعرف إلى أين أذهب أو لمن ألجأ غيركِ ..
ميرا(لمحت الدموع المكومة بعينيه وزادت حيرتها فاقتربت منه):- ما بك يا شهاب هل أنت مريض أخبرني رجاء ؟؟
شهاب(اقترب منها وهو يعضعض شفتيه وبألم واضح على ملامحه):- اليوم قد طعنت في صميم صدري يا ميراااا ، أنا الآن تحت وطأة العقاااااب
ميرا(لم تفهم منه شيئا وترددت في وضع يدها على كتفه لكنها ابتلعت ريقها ووضعتها وهي تنظر إليه بقلق):- أنت تفزعني عليك ماذا يجري لك ؟
شهاب(سحب أنفاسا بجهد جهيد):- آه ياااا ميرا لو تعلمين …
كان ضائعا مشتتا غريبا وحيدا وقتها غير قادر على التفوه بحرف وكأن الحروف أبت أن تغادر فقد أعلنت حدادا تحت شعار الصمت الخانق .. وجدت نفسها تضمه لصدرها وتهدهده في حين انفجرت تناهيده الحارقة تباعا في حضنها ، لعله يستريح من الحمل الثقيل الذي سقط على كاهله بطريقة مؤلمة من المؤكد أنها ستلازم عقله الفترة المقبلة …

في المشفى
بعد نزول ميرنا ووائل الذي ودعها في اتجاهه للبيت على أمل اللقاء غدا بالشركة لمزاولة العمل فإياد يتحسن وكان مقررا في اليوم الموالي مغادرته لبيت الراجي للراحة والنقاهة ، ظلت ميرنا تمازحه في الغرفة في حين غادرت كوثر وزياد الذي أقلها إلى بيتها وفي الأسفل
كوثر:- دعني أفاتح بابا أولا بالموضوع يا زياد يعني عشنا هذه الفترة في توتر لا متناهي ويجب أخذ الأمور بروية
زياد(أمسك يدها وقبلها):- وأنا سأكون بانتظار ردكِ محبوبتي وأتمنى من العم عبد المالك الموافقة كي يتسنى لي مفاتحة أهلي بالموضوع يعني لنقل بالمعنى الواضح إعلان الحرب ههه
كوثر:- بصراحة أنا قلقة حيال هذا الأمر من جهة لا أريد لك المشاكل مع أهلك بسببي ومن جهة أخرى .. لا أفرط بك حبيبي أريدك لي
زياد:- يا عيني أين كان هذا الكلام الجميل قبلا حين كنتِ تنعتينني بالممل أتذكرين ؟
كوثر:- هههه لم أكن أرك بشكل جيد لأنك كنت تستفزني
زياد(بغزل):- طيب وماذا الآن ؟
كوثر(همست له بخجل):- أعشقك دون توقف ههه
زياد(عض شفتيه):- أتعلمين ربما سأبيت تحت بيتكم هذا اليوم فقط كي أسمع منكِ مثل هذا الجمال ههه
كوثر:- حسن يكفي شغبا هنا هيا إلى بيتك حين تصل كلمني ماشي
زياد:- حاضر يا نبضي أراكِ غدا بالمكتب
كوثر(خرجت من السيارة ولوحت له):- أراك .. ليلة سعيدة
دلفت لبيتها ووجدت عبد المالك واقفا عند النافذة في محله وينتظرها ، تنهدت عميقا ووضعت مفاتيحها وحقيبتها على المنضدة وتقدمت له إذ فهمت أنه من صمته ينتظر إجابة واضحة على تساؤلاته ..
كوثر:- سأشرح لك كل شيء بابا أنا وزياد قررنا أن نتزوج
عبد المالك(رف بعينيه واقترب منها):- وهل الأمر بتلك السهولة ؟
كوثر:- كيف بابا .. نحن راشدان لاتخاذ قرار مثل هذا يعني من بعد إذنك طبعا
عبد المالك:- إذني أنا لندعه على جنب هل سيحصل هو على إذن أهله وإن تم ذلك سيكون تحت ضغائن وأحقاد ، كوثر بنيتي أنا لا أرشح لكِ هذه الديباجة سوف تتأذين وتتألمين بسبب الموضوع ، أهله لن يوافقوا على هذا الزواج ولو انطبقتِ السماء على الأرض
كوثر(تشنجت عضلاتها بقلق):- لما تقول ذلك بابا أنت حتى لم تسمع زياد
عبد المالك:- من دون أن أسمعه أنا أفهم جيدا تقاليد وعادات أولئك الناس ، إنهم لا يقبلون الرفض وقراراتهم كحد السيف
كوثر(مسحت على شعرها بخوف وهي تجلس على الكنبة بوهن):- أنت تخفيني وتجعل الأمل يضمحل في جوفي
عبد المالك(جلس بجانبها وربت على كتفها):- لأنني قلق عليكِ يا صغيرتي ولا أريدكِ أن تعيشي في دوامة أحزان بسبب هذا الموضوع ..
كوثر(بحيرة):- طيب كيف يجب أن أتصرف هل هل أفرط به ؟
عبد المالك(زفر عميقا):- اتركا لنفسيكما بعض المساحة لأن الخوض في قرار كالذي اتخذتماه في هذه الفترة لن يجدي نفعه
كوثر(ببؤس):- كيف لك أن تجزم شيئا هو في علم الغيب ؟؟
عبد المالك:- لا تكوني حالمة
كوثر(نظرت إليه بدموع):- ولكن أنت من علمني كيف أتمسك بأحلامي أم تراك نسيت يا أبي كيف كنت تلهمني وتخبرني عن العشق حتى قبل أن أعيشه
عبد المالك(مسح على جبينه):- تبقى مجرد قصائد على ورق والواقع شيء آخر
كوثر(ارتمت بحضنه باكية):- لما تريد أن تسلب فرحتي مع زياد ، دعنا نجرب يا أبي ساندنا وكن دعمنا ولنخض حربنا من أجل أن نكون معا أنا أقبل بذلك ومن أجله سأجابه أي شيء
عبد المالك(مسح على شعرها):- آه يا كوثر قد نضجتِ بشكل لافت يا عمري ولكنني لن أشجع الفكرة أكثر ، ومع ذلك لن أرفضها حددي موعدا لزميلكِ ودعيه يقابلني
كوثر(عانقته بمحبة):- شكرا شكرا يا أحلى بابا في الحياة ..
ضحك لصغيرته التي انتفضت من أمامه متوجهة لغرفتها في حين اختفت بسمته وارتسم القلق عليها بوجهه ، إنها قرة عينه التي بدونها تصبح الدنيا ظلام وعليه أن يحرص على سعادتها وسلامتها أيضا مما ينتظرها ..
في هذه الأثناء كانت هذه أيضا قد عادت من الشركة منهكة القوى وما إن ولجتِ البيت حتى ارتمت على سريرها دون حديث
نعمة:- رقية حبيبتي هل أنتِ متعبة ؟
رقية:- قليلا يا عمة نعمة العمل كثير وقد أتيت ببعض منه معي سوف آخذ قسطا من الراحة وأنهيه لاحقا
نعمة(اقتربت منها وجلست بقربها):- رقية ..
رقية(ابتلعت ريقها واستدارت لنعمة):- هااا يا عمة نعمة ماذا هناك ؟ أشعر بأن بعض الكلام يثقل لسانكِ فهيا أخبريني عنه
نعمة:- بصراحة الأمر يخص إياد
رقية(ارتعشت فور ذكر اسمه):- وما الذي يخصه ؟
نعمة:- إنه شاب ناضج ومسؤول وعاقل وطيب وحنون ورغم كل هذا وذاك محب للخير يعني أرى أن تتقربي منه أكثر فهو شاب يستحق
رقية(آه لو تعلمين يا عمة نعمة لما كنتِ قلتِ كل هذا):- يعني نحن في طور ذلك أصدقاء يعني ولا ندري ما قد تخبؤه لنا الأيام ثم الشاب مريض طبيعي أن نقف معه في محنته
نعمة(ابتسمت):- وهذا ما آمله منكِ عزيزتي هيا سأحضر لكِ وجبة عشاء ريثما تأخذي حماما منعشا
رقية(بحزن):- حسن إذن ..
زفرت عميقا وهي تمسح دمعاتها المنهمرة بعد خروج نعمة التي لا تفقه شيئا من الأوجاع التي تعايشها رقية على إثر هذا الموضوع ، إنها تعاني من شيء لا يزال شكا إن اتضح أنه حقيقي حتما سوف تنكسر وتصبح مدعاة للمآسي لفترة طويلة ، فقد صارت تحلم بإياد وتأنس له تقلق عليه بشكل كبير ، كم تمنت لو أنها ترافقه طوال الوقت ولكنها لا تستطيع ذلك فكل شيء يعارض رغبتها بالتقرب منه وهو على تلك الحال ، ولذلك قررت أن تزوره ببيت ميرنا لاحقا فهي لن تتمكن من الابتعاد والتفرج من بعيد .. عادت لها ذكرى ابتسامته لميرنا التي كانت تضحك له وتبادله بمزحاتهما وذكرياتهما الماضية كم هما ملائمان لبعضهما بعضا .. قالت هذه الجملة وبعدها استسلمت لدموعها الحزينة كي ترافقها ذلك الوقت ..

هنا كانت وصال تصر وتصرخ عليه أن يصطحبها معه لرؤية العم بشير قبل عودتهما للمعسكر ، وهذا الأخر لم يجد بدا للتخلص من نعيقها المزعج سوى تحقيق رغبتها ، وصل بها إلى شقة العم بشير وصفَّ سيارته على جنب
وصال:- ألن ترافقني ؟
جاسر:- لا ادخلي لوحدك ولا تتأخري نصف ساعة تمتثلين أمامي وإلا ذهبت وتركتكِ ورائي
وصال:- حسن حسن بضع دقائق فقط ههه
جاسر(هز رأسه):- طيب طيب
رمقها وهي تركض نحو بيت العم بشير وما إن رنت جرس الباب الذي فتحه بنفسه ارتمت بحضنه مثل الطفلة الصغيرة التي رأت أخيرا والدها ، لم يتوانى هو الآخر بإغداقها من نبع حنانه فلطالما اعتبرها مثل ابنته
وصال:- آآآآآآه لا تدري كم اشتقت لك يا عم بشير
بشير:- هه أعلم بمقدار عشر كتائب من الجند
وصال:- ههه يعني نوعا ما
بشير:- هل تشربين شيئا ؟
وصال:- آه لو تعد لي مشروبي الدائم شراب الشمندر سوف أعشقك بزيادة
بشير:- ها يا ملعونة أتحفظ ببعضها بثلاجتي أنتِ محظوظة سأعده لكِ بسرعة إذن
وصال:- سأساعدك يا أغلى عم في الدنيا
قضت تلك اللحظات معه في فرح تسرد له تفاصيل عملها بالمعسكر ، وحالة إياد المستجدة والكثير من الأمور التي تشاركها معه وحده ، وكأنها تعايش والدها الذي افتقدته منذ مدة طويلة حتى أن نسيت تمااااااما أمر جاسر .. يعني كالعادة ^^
جاسر(ضرب بمقوده):- ساعة ساعة يا وصال محفوظ ، طيب لما أنا متذمر هي فعلا نسيت أمري مثلما نسيته في المشفى مرتين يعني أين الشيء الغير مفهوم بالنسبة لك يا جاااااااسر ، تبا تبا كيف طاوعتها على المرور إلى هنا واحدة مثلها لا يليق بها سوى الحبس الانفرادي هففف هففف
لن تأتي ما لم يقتحم خلوتها ويوقظها من حالة الاستهتار التي تعايشها ، رن الجرس مرتين على التوالي وطرقه بعصبية فقد توقع أن تفتح هي ولكن ظهور العم بشير جعله يجفل قليلا وقام بتأدية السلام العسكري
بشير:- نعم ؟
جاسر:- أنا الرائد جاسر ..مدير النقيب وصال بالمعسكر
بشير:- آآآآآآه جاسر إذن أخيرا التقينا .. طيب تفضل يا بني البيت بيتك
جاسر:- لا سيدي اللواء الوقت متأخر وعلينا أن نبدأ سفرتنا من الآن كي نصل باكرا للمعسكر
بشير:- بضع دقائق لن تضر هيا هيااا أدخل
وصال(تذكرته لتوها وهي تمسح فمها من عصير الشمندر الأحمر):- أ.. سيدي الرائد
جاسر(تحت أسنانه):- لتوكِ تذكرتِ سيدكِ الرائد صبري عليك فقط
بشير:- هيا يا وصال صبي كأسا للرائد تفضل هنا يا بني .. أخبرني كيف هي الأمور هناك ؟
جاسر:- بخير كله تحت السيطرة
بشير:- والله أنا لا أسمع عنك سوى الأخبار الطيبة فليحفظك الله لشبابك ، مسؤوليتك كبيرة
جاسر(حدج وصال شزرا محاولا ضبط أعصابه قدر المستطاع):- نحاول جهدنا السيطرة على كل الأمور ، يعني حتى لو كانت هناك بعض العراقيل الصغيرة التي تواجهنا فترة بعد فترة لكننا حتما نسيطر على الوضع
وصال(قدمت له العصير بارتباك):- تفضل عصيرك
جاسر(أمسكه وهو يزورها بحنق):- شكرا
بشير(رن هاتف منزله فتوجه للمكتب):- ستعذرانني قليلا عائد لكما
جاسر(وضع الكأس على المنضدة):- خذ وقتك سيدي اللواء …والآن لما كل هذا التأخير حضرة النقيب هل تتعمدين إخراجي عن طوري بحركات الأطفال التي تقومين بها
وصال(رفعت رأسها إليه):- أبدااا لكن تأخرنا بسبب عصير الشمندر كان يجب أن نطهوه قليلا ليغلي في الماء وبعدها قمنا بتقطيعه لقطع صغيرة ووضعناه بالعصارة الكهربائية مع قليل من الجزر المصفى و…
جاسر(بنفاذ صبر):- وأضفتما السكر وبضع قطرات ليمون وقمتما بعصره لأزيد من ثلاث مرات حتى حصلنا على هذه النتيجة الرائعة ، برافو برافو تصفيقاتي الحارة لكِ وبالمناسبة لما لا تقلبين عملكِ لتصبحين طباخة هاوية أتنبأ لكِ حينها بعمل مناسب فالنقيب لا زلت أصر على أنه لا يليق بكِ إطلاقااااا
وصال(كانت قد جحظت عينيها وهي تستمع له دون توقف):- واووو ما شاء الله إذاعة متنقلة على التوالي
جاسر(اشتعل غيظا):- عفواااااا !!
وصال(تداركت نفسها وهي تحمل الكأس مجددا وتمده به):- خذ خذ سوف يعجبك أنا واثقة
جاسر:- لا أريد عصيرااااا قلت لا أريد و أ…آه أرأيتِ ماذا فعلتِ الآآآآآآآآن ؟؟؟
وصال(شهقت وعضت على فمها):- هءءءء يا إلهي
صبَّت العصير كله على بنطلون جاسر وقميصه أيضا وبات ملطخا باللون الأحمر بشكل مضحك لم تستطع وصال تمالك نفسها أكثر حتى انفجرت ضاحكة ، وهذا ما جعله يستشيط غضبا وقبل أن يفتح وابل الشتائم خرج اللواء على ذلك المنظر ليشارك وصال محاولته العقيمة في منع نفسه من الضحك
بشير(بصعوبة):- والله لن تبرح محلك قبل أن تستحم وتبدل ثيابك جيد أنني لا زلت أملك ما يناسبك في خزانتي هيا يا بني
جاسر:- أنا خجل منك جدا سيدي اللواء كان حادثا عرضيا
بشير:- ولا يهمك ولا يهمك الحمام من هنا تعال معي ..وصال نظفي عندكِ بسرعة
وصال(كانت على الكنبة تشد على فمها من كثرة الضحك):- ههه ههه حاضر
ما إن دخل جاسر للحمام حتى عاد بشير متهالكا من الضحك يشارك هو الآخر وصلة الضحك مع وصال من جديد فالمنظر حتما لم يكن محض حادث عابر ، خصوصا حنق جاسر وعصبيته بعد ذلك والذي ما إن وقف تحت صنبور الماء حتى شعر بأنه مهزلتها فهي تفعل به ما تشاء إنه يفقد نفسه معها ، حتى صرامته وحزمه يتضاءل بقربها ، وهذا ما يجعل جاسر في حالة توتر دائمة خشية من فقدان ذاته أكثر .. بعد فترة بسيطة خرج إليهما بثياب تخص بشير وكم كان متذمرا من الفكرة حتى أن وجهه امتقع بالرفض
بشير:- أووه يا جاسر قد أعدتني لزمن قديم جيد أنني احتفظت بها طوال هذه السنين
جاسر(تحت أنفه):- جيد جدا بت ألبس من أنتيكا الثياب وكله بسببها ..
بشير:- هااه هل قلت شيئا ؟
جاسر(مسح على رأسه):- لا شيء فقط سأحتاج لكيس كي أضع به ملابسي وآخذها معي لحين أبعث لك هاته مع شكري الجزيل
بشير:- أ… وصاااال اهتمي بالأمر صغيرتي تفضل يا جاسر اعتمد على وصال هي سريعة التأقلم وستتدبر الأمر في غضون دقائق
جاسر(رمقها وهو يصغر عينيه):- أكيد سريعة التأقلم لدرجة الانبهار صراحة ..
طبعا سيدقق حيال هذا الأمر لأزيد من ساعات متواصلة فأثناء عودتهما للمعسكر لم ينفك يذكر الموضوع لغاية ما أصابها بصداع من شدة تكرار جمله
وصال(لم تستطع التحمل):- سيدي الرائد أعتذر منك للمرة المليون ولكنه كان حادثا لا ذنب لي فيه يعني شيء وارد حدووووووثه
جاسر(عيناه مسمرتان على الطريق):- طبعا طبعا ستقولين ذلك
وصال(انتفضت والتفتت للجانب الآخر يدها على فكها والصمت شريكها):- هممم
جاسر(بطرف عين):- لا تفتحي النافذة أنا أشغل المكيف
وصال:- ولكنني أريد استنشاق الهواء الطبيعي
جاسر(أغلق النافذة من أداة التحكم الشاملة):- وأنا رفضت
وصال(ابتسمت ثم بشراسة):- ألا تلاحظ معي أنك تتدخل كثيرااا كثيرا في شؤوني الخاصة حتى أنك حرمتني من البقاء مع صديقي الحميم
جاسر(دعك فرامل السيارة وأوقفها جانبا في ذلك الخلاء ):- اسمعيني جيدا جيدا ولنتفق على شيء إن أردتِ الوصول لمعسكركِ عند كاملكِ الأخرق سليمة معافاة يجدر بكِ ألا تستفزي غضبي خصوصا الليلة
وصال(رفعت حاجبها وهي تتفحص ملامح وجهه المتجهم طوال الوقت):- هل أنت هكذا طوال الوقت ؟
جاسر(هز رأسه بعينان جاحظتان وفم معوج):- بمعنى ؟؟
وصال(بامتعاض):- دوما غاضب متعصب يعني هكذا ستتسبب بموتك المبكر هذا إن لم تكن مصابا بأمراض مزمنة تلازم هذه العصبية المفرطة والتي قلَّما تكون ب داع وأحيانا بدون
جاسر(زم شفتيه وهو يتنفس بأنفه ويهز رأسه يمنة ويسرة كي لا يقوم بفعل أخرق يندم عليه لاحقا):- بصراحة أنا فعلا مصاب بأمراض خطيرة وأشدها فتكا ، ولعلمك إنني سفاح متسلسل أقتل كل من يستفز أعصابي بدم بارد وأقوم بتقطيعهم قطعة قطعة لكن قبل ذلك أصفيهم من كل الدماء التي بأجسامهم وبعدها أحرقهم على النار وأستمتع بتلك الرائحة التي تفتح شهيتي على الحياة ..
وصال(ابتلعت ريقها وهي مصعوقة في ما يقوله وأخذت تلطم):- يا لحظكِ يا وصال يا لتعاستك يا وصال يا لشبابك المغدور يا وصال
جاسر(لم يستطع مقاومة ضحكته):- هههه هه يا لكِ من طفلة جبانة يا وصال
وصال(بعينان تبرقان تأملت ضحكته حتى أنها شردت فيها):- ضحكتك …
جاسر(اختفت بسمته بارتباك ونظر بتشتت حوله ثم تنحنح):- أعلم هي مريعة ثم ..لنكمل طريقنا هل ستحللين هنا …
وصال(تابعته بشرود وهي مستلقية على الكرسي بشكل مريح تنظر باتجاهه فقط):- إنها مريحة ..
جاسر("ههه ضحكتي أناااا …. مريحة" انتفض قلبه لالا بل اهتز مئة ألف هزة تلك اللحظة):- ..أ..الطريق طويلة سأواصل بالقيادة احم
وصال(وقد بدأ يغالبها النعاس):- عصير الشمندر يصيبني بالهذيان ربما سأنام ريثما نصل
جاسر(نظر إليها وقد فتحت ربطة شعرها وحركته بتلقائية وشعر أن أنفاسه مهددة بالانحباس إن لم تتوقف عن أداء تلك الحركة):- ي..يجدر بكِ النوم لعل هذا يساهم في اتخاذ التدابير والوصول بسلام هممم
تنهد عميقا وهو يصارع رقتها بعقل يقاوم حالة شعورية لا يسعه التحكم بزمامها أو حتى برمجتها حسب التوقيت المناسب ، وجد نفسه مدلها بها طوال تلك الطريق فبعد غفوتها لم يستطع إلا أن يراقب الطريق بنصف عين والعين الأخرى تراقبها بحرص …بدت رقيقة جدا تحت جنح الظلام وضوء القمر عليهما شاهد في تلك الطريق الطويلة الممتدة بين بقاع أرضية فارغة على الجانبين وعدة أشجار متباعدة تسابق الرياح معهما …
جاسر(في سره):- هذه الفتاة توترني بحركاتها الطفولية ، شتان لو لم تكن أفعى بمئة رأس أخذت مكان رفعت دون وجه حق وتلاعبت بعقول الجند حتى بات الكل يمجدها وكامل المسكين هائم في غرامها ، هذا دون أن نتطرق لصديقها ذاك لو لولا إصابته لكنت نازلته في ساحة المشفى نزال مصارعةكنت سأربحه أسقطته أرضااااا بقبضة واحدة ..
آخر جملة ذكرها قالها بصوت عال من شدة الانفعال وانتبه لذلك حين تململت وغابت من جديد في نوم عميق ، هز رأسه يمينا وشمالا وهو يحاول تركيز انتباهه على الطريق فكفاه جنونا مذ أن دخلت وصال محفوظ لحياته ..

في اليوم التالي
كان مقررا أن يوقعوا لإياد على خروج ولذا حضرت نور وميرنا من الصباح الباكر إلى هناك وقامت ميرنا بتجهيزه للرحيل في حين تكفلت نور بالتحدث مع طبيبه المعالج من أجل أخذ وصفته الطبية وإحضار ما يلزمه من راحة في البيت ..
إياد(وضع يده بكم السترة وسحبت ميرنا الكم الآخر ليبقى مستقرا على كتفه المعلق بضمادة خاصة):- هيا يا دكتورتي لقد مللت أريد الخروج من هنا
ميرنا(عدلت السترة وهي تنظر إليه):- هشش من الآن فصاعدا حضرتك مريضي وتحت رعايتي الشخصية سأتفرغ لك هذا المساء ، وسأغيب عنك لبضع ساعات هل أطمئن عليك مع بنات الراجي ؟
إياد(تنهد عميقا):- والله إن وجدتني بعقل سليما حين عودتكِ يمكنكِ المجازفة
ميرنا(مسحت على شعره):- يا مدللنا ههه أظن بأنك ستستغل حالتك بنرجسية سادية ، أنا من يقرأ خفاياك
إياد(عض شفته بسرعة وهو ينظر لنور خلفها وقد انضمت لهم):- نووور تعالي أنتِ من سينصفني أختكِ تعاملني بشكل غير لائق علما أنني لا زلت مريض
نور:- والله لو لا أنني أعرفك ذو حركات مشاكسة كنت ساندتك
إياد(عقد حاجبيه بهما):- أنتما متفقتان علي وهذا أمر غير محبب أريد أن أشعل الضغينة ولكن لا فرصة لدي أمامكما
نور(عانقت ميرنا من خصرها):- يا ولدي نحن لا نفرط ببعضنا إنسى المحاولة
إياد(تحرك ليستقيم):- حسن لقد تحطمت آمالي للتو
ميرنا(تأبطت ذراعه السليم):- مجنون أظن أن أيامنا المقبلة ستكون مرحا في مرح معك أستاذ إياد نجيب
إياد(هز رأسه):- الله يسترني من ضيافتكم ههه هيا إذن
غادر ثلاثتهم نحو البيت وما إن وصلوا إليه بعد مدة وجدوه يعج بالشعب المنتظر ^^
رنيم(فجرت مسدس الشرائط الملونة فور دخوله):- الحمدلله على سلامة بطلنا الهمام
إياد(بفرح رمقهم جميعا وهو في استقباله):- واوو رنيم هنا غاليتي كيف الحال ؟
رنيم(تحمل أيهم):-أتيت صباحا كي أراك ، سعيدة أنك بخير يا إياد
إياد(قبل أيهم في خده):- أكيد زوج ابنتكِ المستقبلي وطبيعي أن تخشي عليه من الموت ههه
رنيم:- ههه هكذا تماماااا هي نائمة الآن ما إن تستيقظ حتى أحضرها لك
إياد:- عروسي المستقبلية ههه يا عيني
نهال(عانقته وقبلته في خده):- عودة ميمونة إيادووو
إياد(تنحنح بألم دعابي):- عفاف أمسكي ابنتكِ ستؤذيني بحبها العميق هذااا هههه
عفاف(بابتسامة):- ههه أهلا بك يا إياد نورت البيت
نبيلة:- أفسحوا المجال يا بنات ما بكن مثل الدجاج الملتف حول الحبوب
ميرنا(همست له):- تقدم ملحوظ يا إياد آخر مرة شبَّهتك جدتي بأضحية العيد ههه
إياد(رفع يده استقبالا لنبيلة):- أحممم المهم حيوان هههه .. جدتي الغالية
نبيلة(قبل جبينها بحب):- سلامتك يا حبيبي هل تؤلمك ذراعك ؟
إياد:- قليلا فقط لا تقلقي ابنكِ صنديد
نبيلة:- أظنها عينا وقد طرقتك علينا أن نسكب على رأسك بعض الرصاص
إياد(بفزع):- رصاااااص ألا يكفي ما قد اقتحم صدري يا جدة نبيلة ..
مديحة:- هههه رصاص من نوع آخر يا ولد
نور:- هيا يا جماعة أفسحوا الطريق للشاب هلكتموه بأحاديثكم التي لا تنتهي
عواطف:- أجل يجب أن يرتاح في غرفته لقد جهزناها منذ الصباح
ميرنا:- يا بختك ها قد بدأ الدلال !!
مديحة:- لنصعد إذن يا حبيبي اخترنا لك غرفة مميزة تحظى بتهوية جيدة وإطلالتها على الشارع
عواطف:- ههه إنها تنافس غرفة ميرنا جمالا
مديحة:- ابني حكيم أكيد لن يمانع لو استضفناك بغرفته ههه
نور:- يا أمي برفق على الشاب إنه مصاب في ذراعه وليس قدميه يستطيع السير وحده
عواطف(بمهل):- أردت المساعدة فقط يا بنت
نور(رافقتهم في الدرج):- من مثلك يا سيدي غرفة ابن العم من المحظورات ببيتنا ها قد حظيت بشرف المكوث فيها هههه
مديحة:- حرصنا على أن تكون الغرفة أقرب من غرفة ميرنا في ذلك الرواق ولذا كانت غرفة حكيم هي المرشحة الأولى
إياد:- يا جماعة أشعر وكأنني سأحظى بغرفة مقدسة احذروا إن أحببتها ربما سأكون ضيفا مقيما ههه
عفاف:- تنورنا يا إياد
نهال:- آآآآآه أخيرا وجدت مع من أتسلى حين رجوعي من الثانوية
إياد:- أمسكوا هذه الفتاة عني سوف لن أشفى إن جاورتني هاااه ههه
ميرنا(توقفت في حين صعد الجميع معه ورافقوه للأعلى وضحكهم المرح يصل مسمعها، شردت وهي تصعد الدرج خلفهم لحين دخولهم لتلك الغرفة المحصنة منذ زمن بعيد .. تنهدت عميقا وما إن دخلتها حتى همست باسمه):- حكيم …
نور(جاورتها):- إنه أمامكِ مباشرة يا ميرنا بهذا ستساعدينه أسرع واحدة فينا وهذا جيد من أجل الدواء والحقنة الخاصة به وهذه ستكون من اختصاص ممرضتنا
عفاف:- ولوو سأحرص على ذلك كل صباح
إياد(جلس على السرير وكلا من عواطف ومديحة تدللانه بطريقتهما):- أشكركم يا جماعة على اهتمامكم بي صدقا بعد إصابتي هذه علمت أن لي أهل يخافون علي
عواطف(بدموع):- لا تقل هذا يا إياد أنت ابننا أيضا
مديحة(بدموع هي الأخرى):- الحمدلله الذي حفظك لنا وأبقاك على قيد الحياة
نبيلة:- دعوه يستريح يا بنات .. أنا وأصبت بصداع فما بالكم بالمسكين
إياد:- دوما ما أقول أنكِ تفهمينني دون عناء تسلميلي جدتي الحبيبة ..
على تلك الضحكات خرج الجميع من غرفته ليزاولوا مهامهم المعتادة في حين أغلقت ميرنا الباب وتوجهت إليه
ميرنا:- هل ستشعر بالملل في غيابي ؟
إياد(نظر إليها بتأمل):- في حالة واحدة … إن تأخرتِ
ميرنا:- علي أن أمر بالجريدة فتحي النتن حين أتى البارحة لزيارتك طلب مني تقديم تقارير روما ومقالات أخرى حتى النذلة إيمان بدلا من أن تعتق الموقف أخذت إجازة
إياد:- لم تزرني حتى
ميرنا:- كانت بالمشفى حين وقع الحادث ولمَّا اطمأننا عليك اختفت كانت حالتها صعبة وقتها
إياد(تثاءب):- لا يهم …آه ميرنتي هل لكِ أن تمري ببيتي أنتِ أو كوثر أحتاج لعدة أغراض ولحاسوبي الشخصي أيضا
ميرنا:- طبعا سأطلب من كوثر أن تصطحبني لهناك وقبل عودتي سآتيك بهم
إياد:- جيد المفتاح الثانوي معكِ تصرفي
ميرنا(استقامت واقتربت منه):- طيب سأذهب الآن إن احتجت لشيء فقط نادي أيهن فكلهن بخدمتك اليوم يا سلطان زمانك ههه
إياد(رمقها وهي تغادره):- لا تتأخري علي أخاف ألا أصدق الراحة التي أحياها اللحظة
ميرنا(عند الباب):- بل صدق … أراك لاحقا
إياد:- سلامي
قبل أن تقفل الباب سبحت بعينيها في جميع زوايا الغرفة وقد سرت بها قشعريرة غريبة جعلتها تنسحب في اتجاه غرفتها بشرود أو بالأحرى بذكرى قديمة لاحت بفكرها
~ ميرنا تتذكر قبل عدة سنوات ~
نور:- يكفيكِ تذمرا يا ميرنا أنتِ ستنامين معي بغرفتي بدءا من اليوم هل رضيتِ الآن ؟
ميرنا:- يس رضيت أنا أستحق غرفة مستقلة ولكن كل الغرف مسكونة
طارق(حضر من خلفها وبصوت مخيف):- هووووهووو الغرف مسكونة بالأشباااااح
ميرنا(ارتمت بحضن نور):- يا إلهي إنك تخيفني لا وجود للأشباح
طارق:- بل يوجد يوجد أنظري خلفكِ إنه يقف هناااك
ميرنا(قفزت بخوف ونظرت خلفها):- هئئئئئ لا يوجد …آآآآآآآآه لما جذبت شعري
طارق(أتى من أمامها ليرعبها):- ههه لأنكِ مدللة خوافة
ميرنا(بدموع):- حين يأتي حكيم سوف أخبره عما فعلته بي أنت ونور
نور:- وأنا ما ذنبي لقد سمحت لكِ بالمبيت في غرفتي والله إنكِ لخبيثة
ميرنا(هزت كتفيها):- لا شأن لي سأخبره بكل شيء ليحاسبكما كلاكما
طارق:- هذا كله من فرط تدليله لها أرأيتِ ما يفعله بنا ذلك الحكيم
حكيم(دخل عليهم على ذكر اسمه):- وما يفعله حكيم بكم يا ترى ؟
ميرنا(ركضت إليه بفرح):- حكيييييم أخيرا أتيت
حكيم(التقطها في السماء وعانقها بمودة):- من الذي أزعج صغيرتي ؟؟؟
نور:- يا رجل أنزلها الأرض لقد قاربتِ الفتاة على أن تصلني في الطول
حكيم(أنزلها برفق وضمها إليه):- أخبريني من ضايقكِ فيهما ؟
ميرنا(تشير لكليهما مرة طارق مرة نور):- اممم امم دعني أرى
حكيم:- خذي راحتكِ فمن ستنطقين باسمه سيكون هو وجبة عشاءنا الليلة
ميرنا(بصراخ):- يا إلهي حتى أنت ترعبني مثلهما أوووه
طارق:- هههههههه وقد استنجد غريق بغريق آخر مثله .. عفارم يا حكوووم
حكيم(مسح على فكها بمودة):- حسن يكفي صراخا أنا أمزح معكِ صغيرتي .. احزري ماذا أحضرت لكِ معي
ميرنا(لمعت عيناها):- ماذا ماذا ؟
حكيم(أخرج من جيبه علاقة مفاتيح خشبية):- سنضع لكِ بها مفتاح البيت يعني ستحملينه لأول مرة وسيكون خاصا بك
ميرنا(قفزت بنشاط وهي تضمها):- يااااااااي يعني كبرت لأتحمل مسؤوليتي وأحظى بمفتاح مثلكم هههه شكرا شكرا أحبك أنا يا حكيم
حكيم(استقبلها حضنها):- أكثر منهم ؟؟؟
ميرنا(حكّت رأسها بحضنه وقد حملها إليه):- أكثر أكثر بكثيييييييير حتى ههه
نور:- يا للسعادة !!
طارق:- هههه وأنا يا ميرنا ألا أحظى بقليل من ذلك الحب الذي تكنينه لحكيم ؟
ميرنا:- أنت تخفيني دوما لكن حكيم لا يفعل ذلك بي إنه يحبني أكثر منكم
طارق:- طبعا طبعا من يشهد له هنيئا لكما هذا الحب منكِ له
سمر(انضمت لهم بوجه متجهم):- ما كل هذا الضجيج .. أنتِ ألا تصمتين قليلا صوت تذمركِ أصابني بصدااااااع
ميرنا(مطت شفتيها وأرتها علاقة المفاتيح):- أنظري ماذا صنع لي حكيم سوف أحظى بمفتاح أيضا للبيت خاص بي
سمر(تجاوزتها بتأفف):- مرحى إذن افرحي بمفتاح بيتكم النتن هذاااا
نور(نظرت إليها):- لما تقولين ذلك يا سمر .. ثم ميرنا سعيدة بذلك لا تزعجيها
سمر(وضعت رجلا على رجل):- حسن حسن لن نزعج سمو الكونتيسة ميرنا
حكيم(أزال خصلة من على وجه ميرنا وهمس لها):- لا تحزني يكفي أن تنظري لمفتاحكِ حتى تبتسمي من جديد
ميرنا(رفعت رأسها إليه بفرح):- أجل … أنت أسعدتني
حكيم(ابتسم لابتسامتها):- كوني أكيدة من أنني سأسعدكِ دوما صغيرتي
سمر(رمقتهما شزرا وبعصبية):- بماذا تتهامسان ؟؟
حكيم(رفع حاجبيه لسمر كي تتوقف عن هذا الجنون):- ميرنا يمكنكِ أن تُري خالتي عواطف هديتي ستعجبها أكيد
ميرنا(ركضت):- هههه حاضر
نور:- سآتي معكِ انتظريني يا بنت
طارق:- وأنا سأرى ماذا يحدث بالمطبخ متنا جوعا هناااا
سمر(فور ذهاب الجميع نهضت إليه):- كف عما تحاول فعله يا حكيم هي تكبر ولم تعد تلك الطفلة حتى تعاملها بذلك القرب
حكيم(عقد حاجبيه غير مصدق لما تفوهت به وسحب نظره الجانبي إليها):- عفوااا يا سمر كرري ما قلتهِ على مسمعي ؟؟ هل أنتِ تشتبهين بي مثلا ؟
سمر(تلاعبت بلسانها داخل فمها بغيظ):- أنا أقرأك جيدا حكيم نظراتك بها الكثير من المعاني التي لن تخفى على أحد لو فكر قليلا في تمحيصها
حكيم(ابتسم وهو يقترب منها بخطوات):- لا أحد يلاحظ ذلك سوى عقلكِ المريض يا سمر فدعيني أحترمكِ ولا تتلفظي بمثل هذا الهراء أمام أحد
سمر(بلوعة قلب اقتربت منه):- لما لا أحظى أنا أيضا بنفس الرعاية منك هاااااه ؟
حكيم(مسح شعره وهو يضحك):- ههه هل تغارين من طفلة ؟
سمر(باحتدام ضربت صدره):- هي ليست كذلك في نظرك أنت تنتظر السنوات فقط لكي تعلن عن … ع
حكيم(أمسك يدها بقوة):- عن ماذا يا سمر ؟؟؟
سمر(نفضت يدها بأسى وهي تخفض رأسها للأسفل):- أنت تعرف تماما مرمى كلامي
حكيم(تنهد عميقا وهو يرفع رأسها إليه وعقد حاجبيه من الكدمة القرمزية تحت عينها):- يجدر بكِ أن ترتاحي بغرفتك قبل عودة عمي .. هيا
انسحبت من أمامه بعيون مكومة بالدموع إنه يعلم تماما مقصدها ولكنه لن يعطيها رأس الخيط سيكون أحمقا إن فعل ذلك ، هي من غير واسطة أو تدخل تمقت ميرنا فما بالها بالنبض المشترك ، زفر عميقا وتوجه للمطبخ لينضم للبقية ولكن قبل ولوجه إليه استوقفه وقوف ميرنا على جنب الحائط وبملامح بائسة ..
حكيم(رف قلبه لها وتوجه إليها):- لما الحلوة زعلانة ؟
ميرنا(رفعت رأسها له):- لا أعلم لما تكرهني سمر إنها تتمنى لو تبعد عني كل من يحبني حتى أنت
حكيم(انحنى القرفصاء لمستواها):- أممم ولكنني أعرف شيئا آخر هي تحبكِ وإن كانت تظهر العكس
ميرنا(باندهاش):- هل أخبرتك بنفسها؟
حكيم:- لا داعي أن تخبرني المهم أنني أعرف
ميرنا(عقدت حاجبيها):- طيب وأنت .. من تحب أكثر واحدة فينا ؟؟
حكيم(نظر عميقا إليها مندهش من سؤالها الذي لطالما كان يملك جوابه دون تفكير ، أمسك بيدها ووضعها على قلبه):- لما لا تكتشفي الأمر بنفسك
ميرنا(أشرقت بسمتها وهي تتحسس نبضاته):- أنا أحبك حكيم لا تتأخر في العودة للبيت إنني أفتقدك ولا أتخيل يوما بلا أنت
حكيم(أمسك يدها وقبلها وضمها بين يديه):- حكيم دوما سيظل ملاككِ الحارس صغيرتي
ميرنا(ببراءة طفولية أحاطت عنقه بذراعيها وارتمت بأحضانه):- ههههه أنا الأمييييرة
حكيم:- فعلا أنتِ الأميرة ولا يليق بالأميرة سوى الدلال …
عادت من تلك الذكرى وتلمست خداها وتفاجئت بالدمع المنسكب عليهما ، كيف بكت أو لما بكت لم تستوعب شيئا ، ركضت لحمامها تنظر لنفسها نظفت وجهها وأعادت ضبط ماكياجها وحظيت بعدها بنظرة عميقة للمرآة فيها كل معالم الأسى القديم ..
ميرنا(بأسى دفين):- لكنكِ تركتني يا حكيم تركتني وحدي 16 سنة وأخلفت بوعدك ، أكره التحدث في هذا الأمر ولكن جرح غيابك لن أسمح لك بأن تحييه من جديد مهما كانت هويتك الحالية سوف أتعامل معك على ذلك الأساس لنرى ما هو مرادك مني يا ابن عمي ..
تنهدت بعمق بعدها وهي تضبط نفسها مستعدة للتوجه لعملها الذي ينتظرها منذ وقت ..والأهم من ذلك لحبيبها الذي ستلتقيه بالشركة أيضا قبل عودتها للبيت ..

في الشركة بعد مدة
منذر:- أجل لم يحضر ولم يتصل يا سيد وائل
وائل(يوقع له بعض الملفات):- غريب حتى هاتفه لا يرد عليه ، تمام يا منذر سوف أمر به في المساء وأرى أين اختفى ربما يكون متعبا
منذر:- صحيح لقد تعب كثيرا ليلة أمس هنا بالشركة حتى أنه كان يود تأجيل زيارة السيد إياد والذهاب للنوم
وائل:- زيارة إياد .. ولكن متى ؟؟
منذر:- عشية أمس
وائل:- غريب ولكنه لم يأتي إلى هناك ، ربما غير رأيه وتوجه لشقته عموما خذ الأوراق يا منذر واستعجل تقارير البورصة أحتاجها
منذر:- حسن لك ذلك يا سيدي عن إذنك ..
وائل(أمسك هاتفه واتصل بابتسامة):- أين هي حبيبتي الهاربة من عرض الزواج ؟
ميرنا(تخط أرضية الجريدة ودلفت لتوها إلى مكتبها):- لم أهرب وأنت تعلم
وائل(تنهد عميقا):- لا عليكِ حلوتي طالما سنضع خططا مستقبلية سوية فيما بعد ، المهم أين أنتِ الآن أحتاج رؤيتكِ على وجه السرعة
ميرنا:- ولماذا ؟
وائل(عض شفته جانبيا):- لأنني اشتقتكِ مثلا !
ميرنا(مسحت خلف عنقها بغنج):- هه وأنا اشتقت لك أيضا ، يعني قرابة الساعة سأكون هناك بالشركة آه ولن أتأخر بوجودي بها إذ يجدر بي العودة باكرا للبيت من أجل إياد
وائل(رفع حاجبيه):- أهاه ويجدر بنا السماح لكِ بالخروج باكرا بإذن من شخصنا الكريم
ميرنا(جلست على مكتبها بأريحية وهي تصف أوراقها):- تماماااا
وائل(بدفء خافت):- ميرنا …
ميرنا(بعشق همست):- يا قلبها ..
وائل(ابتسم بعشق هو الآخر):- أحبكِ ..
ميرنا(ترفرف في المكتب):- يااااه هذا فقط ..
وائل(هيمان):- وأعشقكِ
ميرنا(عضعضت شفتيها):- وماذا بعد ؟
وائل:- وأنتظر اللحظة التي ستكونين فيها زوجتي
ميرنا(هنا أمسكت قلبها وتنهدت بعمق):- أشتاق لأولادنا يا وائل ههه أريد أن نحضر العديد منهم 4 على الأقل
وائل:- يا سلام 4 على الأقل ، طيب سنقوم بوضع استراتيجية للموضوع وندرسه من كل الجوانب على مدار السنتين
ميرنا(شهقت بخجل):- ههه أتريد في غضون سنتين إحضار هذا العدد يا إلهي
وائل:- طيب طيب 3 سنوات هل هذا يناسبكِ يا أم أولادي ؟
ميرنا(أعجبتها الصفة كثيرا):- يناسبني وجدا
لبيب(طرق الباب ودخل):- ميرنا ابنتي المدير فتحي ينتظركِ بمكتبه على الفور
ميرنا(بارتباك):- أ.. طيب أنا قادمة ، أ وائل سأراك بالشركة
وائل:- وسنكمل هذا الحديث ماشي .. قبلاتي الحارة
ميرنا(بخجل من لبيب):- ماشي احم .. ها يا عم لبيب رافقني وطمأنني كيف حالك ؟ …
رقية(اقتحمت مكتب وائل):- أوووه الموضوع أصبح مزعجا تلك المروة اتصلت مجددا تريد موعدا لمقابلتك على وجه السرعة
وائل:- اممم ألا تنقذين صديقكِ الوحيد وتقومي بإبعادها عني خصوصا هذه الفترة
رقية(لمحت بسمته الغريبة):- أهاااه روحك اليوم مرحة فدعني أحزر هل حضر لك العم نزار فطورا فرنسيا لهذا أنت مبتهج ؟
وائل:- لا أبدااا
رقية:- طيب ما سر بهجتك ؟
وائل(ابتسم واستقام إليها):- عادي .. هه آه بالمناسبة متى آخر مرة رأيتِ فيها شهاب ؟
رقية(حكت رأسها):- هنا عشية أمس قبل توجهه للمشفى لماذا ؟
وائل:- عجيب أنتِ تقولين نفس ما ذكره منذر ، لكن شهاب لم يحضر للمشفى ولا يجيب على اتصالاتي ربما يجب علي التوجه لبيته هذا المساء
رقية:- آه خيرا تفعل ولا تنسى أن تطمئنني عنه
وائل(انشغل باله بشكل كبير):- أتعلمين ماذا العم نزار ذاهب للسوق أو ما شابه ذلك سأطلب منه زيارة شهاب بشقته هكذا أفضل لتسريع الأمر
رقية(اتكأت على سطح مكتبه):- العم نزار يطمئن على شهاب هههه فعلا إنه لأمر خارق للعادة يستحيل أن يقبل
وائل(أمسك هاتفه):- دعينا نجرب يا فتاة لما تعشقين تحطيم الآمال ..
رقية:- جرب جرب هاه كلي آذان صاغية
وائل(أشار لها بالصمت):- ألووو … عم نزااار حبيبي الغالي
نزار(بتذمر):- ماذا هل نسيت أن تكتب شيئا آخر في القائمة الطويلة العريضة التي تلزمك
وائل:- هه حسن أنت لا تجيد كتم الأسرار كما يجب ، أحضر ما طلبته منك ولا تدقق كثيرا أخبرني أين أنت الآن ؟
نزار:- لا زلت بالبيت بصدد المغادرة للتسوق
وائل(غمز رقية):- جميل جميل ! هل لي أن أطلب منك عملا خيريا سيعود عليك بالأجر والثواب وسيخدمني شخصيا ؟؟
نزار:- الله أكبر ما هذا المدخل في الحديث هل ستطلب مني التبرع بكليتي لمريض تعرفه ؟
وائل :- ههه لا ليس كذلك يا رجل ولكنني قلق على شهاب وأحتاج منك الذهاب لشقته ، مع الأسف لدي عمل كثير علي أن أنجزه ورقية لا تستطيع هي الأخرى ، لذا لا أمل لي غيرك همم هل أعتمد عليك أم ستردني خائبا ؟
نزار(بامتعاض):- يا ولد قليلا بعد وسوف تقبل يدي كي أرى ذلك الفحل المتبجج حسن لا بأس سأراه فقط من أجلك
وائل:- يا سلام أنت رائع يا عم نزار ولك مني أن أسمح لك بوضع قطعة سكر إضافية في قهوتك ليومين متتاليين
نزار(بحماس برقت عيناه):- الله هذا خبر مفرح ويفتح الشهية لرؤية ذلك المتعجرف
وائل:- أنبهك بدون حزازات اطمئن عليه وغادر في حال سبيلك لا تتشاجر معه رجاء ، وفور مغادرتك اتصل بي وأعلمني بالمستجدات اتفقنا
نزار:- اتفقنا اتفقنا وكأنك تراني أموت فيه عشقا حتى أسمح له باستضافتي ، عموما سأكلمك فيما بعد علي الخروج الآن
وائل:- طيب يا عم نزار دعواتي معك
رقية:- والله أنت لست محام من فراغ ههه حسن إذن دعني أذهب لعملي الآن أراك لاحقا
وائل:- رورو هناك سؤال يشغلني... ذلك اليوم بكيتِ إياد بشدة هل لديكِ تفسير للأمر ؟
رقية(ارتبكت ونظرت إليه):- الموقف حزين جدا وإياد صديقنا وتأثرت لإصابته ولم أستطع كبت دموعي يعني تعلم أنا سريعة البكاء وأي شيء مهما بلغت ضآلته قد يجعلني أبكي فما بالك بحالة صديق ما بين الحياة والموت ثم إن جميع الأمور هناك كانت تشجع على البكاء ولم أتمكن من حبس دموعي و..
وائل:- ووه مهلكِ يا بنت كان سؤالي جدا بسيط والحمدلله هو بخير الآن لقد انتقل لبيت ميرنا
رقية:- وكيف عرفت أنت ؟
وائل(رفع لها حاجبه):- من ميرنا .. ألم تكوني على عجلة من أمرك ؟
رقية(صغرت عينيها فيه):- كنت كنت آخ عليك فقط ..
ابتسم وطيف محبوبته يطوف بعقله ساعتها وعاد لينهمك بأعماله في حين كانت ميرنا في جلسة بمكتب فتحي الذي لم يتوانى عن تمجيد نفسه في سيرورة التحقيقات ..
فتحي:-لقد قمت بجميع اتصالاتي الضرورية والمحققون يلاحقون الموضوع وأكيد سوف نعرف من هم الجناة الذين اعتدوا على صحفي قدير مثل إياد نجيب
ميرنا(تثاءبت خفية):- أمم خيرا تفعل سيد فتحي وإن انتهى اجتماعنا هذا أستأذنك في الذهاب علي أن أمر بشركة دابليو إر بعد قليل
فتحي:- حسن لا جديد يذكر يمكنكِ الذهاب ولا تنسي تقديم المقالات لمكتب التدقيق كي يقوموا باللازم
ميرنا:- تمام عن إذنك
فتحي(فور خروجها اتصل برقم معين):- سيدي .. أنا فتحي رئيس تحرير جريدة الحقيقة أتصل بخصوص قضية إياد نجيب جدير بي أن أخبرك أنهم لم يتوصلوا بعد لأي خيط يشير إلى الجناة الحقيقيون وعلى الأغلب سوف تغلق القضية ضد قطاع طرق مجهولين .. حسن لا تقلق من تلك الناحية لقد أعطيتها إجازة لحين تتمالك نفسها ستعود للعمل أنا أسيطر على الموضوع بلا شك إن شاء الله تحياتي سيدي الفهد ..
مساعد الفهد(أغلق الخط):- كل شيء تحت السيطرة
الفهد البري(تنهد عميقا واستقام من كرسيه وبيده سيجارته الرقيقة):- آه تمام ، ذلك العرندس توسطت له أمي كهرمانة وإلا لكنت طحنته في مطحنة اللحم جراء خطئه الغبي وجيد جدا أن الشاب لم يمت وإلا كنا دخلنا في جنازة سنوية مع بنات الراجي لن تنتهي على خير ، لا والأدهى أننا كنا سنفتح مجالا للعصيان والشغب وهذا ما نحاول ضبطه منذ سنوات
مساعد الفهد:- يجب علي أن أخبرك أن الأسد بات يغادر عرينه في هذه الآونة كثيرا
الفهد البري(غمزه بمكر):- لرؤية ميرنا … لا بأس دعه يستمتع بحلمه القديم قليلا حتى يمكنني أن أبعث له ببطاقة تهنئة إن قام بتزوجها لكنني لن أكون مسرورا جدا إن لم يلفظ أنفاسه بعد تلاوة النذور مباشرة
مساعد الفهد(فهم مغزى كلامه):- أشك بأنه لن يصل لتلك المرحلة فهناك رشواني وسط الموضوع والآنسة ترافقه
الفهد البري(تنهد عميقا):- لن نحرك ساكنا هذه الفترة دعهم يعيثون رعونة ووقت الجد سوف أسحب منهم بيادق اللعب وأخلطها لكي أخرب كل مخططاتهم بيداي هاتين
مساعد الفهد:- صولي مريض
الفهد البري(بفزع):- عالجوه على الفور وأحضروا له كل الأطباء البيطريين أريده سليما قبل جولتي صباح الغد مفهوووم ؟؟
مساعده:- مفهوم حضرتك وهناك شيء آخر .. بخصوص دفعة البنات إن السيدة كهرمانة تتولى الأمر من عندها بعد فترة سيتم توزيعهن حسب المخطط
الفهد البري:- تصرف حيال هذا ودع أمي تحضر على العشاء أريد أن أعرف ما سبب زيارة فخرية لها بعد كل هذا الوقت
مساعده:- سيتم ذلك ، سأنسحب الآن عن إذنك سيدي
الفهد البري(أشار له بيده بينما سحب نفسا من سيجارته ونفثه في الفراغ):- هيا يا ميرنا هل سيطول بنا الأمر كثيرا أم ماذا ؟ اشتقت للعب لكن لا بأس تستحقين الصبر أيتها اللبؤة الغامضة والتي لا يفقه أسرارها غيري هه ههاهاهااااا …
تلك الضحكة لم تكن ضحكة خير وعليه كان لا بد من الانسحاب من هناك والتوجه مباشرة لقصر ميرا حيث كانت تجلس في صالون بيتها تضع يدها على فكها وتنظر إليه
شهاب(أضاف سترته مستعدا للمغادرة):- لا ترمقيني بتلك الطريقة
ميرا:- بل سأفعل ما يحلو لي إن كنت لا تريد إشراكي في الأمر الجلل الذي جعلك تأتيني نصف واع ليلة أمس
شهاب:- هل ستجعلينني أندم أنني طرقت بابكِ ؟
ميرا(نهضت إليه):- أبدا .. يعني أريد أن أفهم
شهاب:- لا شيء لتفهميه يا ميرا كنت مخنوقا بسبب أمر عائلي هذا فقط لا تكبري الموضوع أكثر من اللازم وجيد أنني نلت قسطا من الراحة في غرفة ضيوفك كي لا أزعجكِ ..
ميرا:- حسن لن أدقق أكثر يمكنك أن تخفي أسرارك عني أعلم أنك لا تثق بي بأمارة ما فعلته بالبيت الجبلي أنا لم أنسى ذلك الأمر حتى الآن
شهاب:- هل أنا الذي هرب أثناااااء الفجر مثل المجرمين ؟
ميرا(اقتربت خطوة):- ماذا كنت تنتظر مني لقد سمعتك بأذني وأنت تعشق في ميرنا اعتقدتني هي فأي أمر جارح أكثر من هذا في نظرك ؟
شهاب(مسح على شعره):- أعتذر عما حدث لم أشعر بنفسي وقتها
ميرا:- وهذا هو بيت القصيد يا شهاب قلبك معي في واد وعقلك في واد آخر ، لم أعد قادرة على تحليل غاياتك ، مرة تريدني شريكة فراشك وملجأ أحزانك حتى عيوبك أنا أتقبلها بكل ما فيها ومرة تعيدنا للنقطة الصفر ولديباجة ميرنا التي لا تنتهي ..
شهاب:- يكفي يا ميرنا لدي صداع ..
ميرا(انتفضت حين أخطأ باسمها):- أرأيت .. حتى اسمي تخطئ به أتعلم شيئا غادر قصري الآن كي لا نجرح بعضنا أكثر
شهاب(جمع يديه بحركة تأسف):- دماغي ليس بعقلي الآن فرجاء إن كنت أعني لكِ ولو جزيئة دعيني أذهب وسنتحدث حين أجد أجوبة ترحمني من السقوط في هذا البئر المظلم
ميرا(كتفت يديها وأدارت جذعها عنه):- يمكنك الرحيل الباب أمامك
شهاب(أتى من خلفها ووضع يده على كتفيها بحركة تملك):- حين أجد تلك الأجوبة لن أزعجكِ بعدها ثقي بي يا ميرا
ميرا(شعرت بالعديد تلك اللحظة وبدموع تكومت في عينيها):- وما الذي تملكه ميرا غير الانتظار ؟؟
شهاب(نفث هواء بصعوبة ووضع رأسه بجانب رأسها):- تأكدي أنكِ شخص مهم بحياتي لولا ذلك لما كنتِ ملاذي في الوقت الذي ضاقت بي الدنيا كلها
ميرا(لمعت عيناها من جملته وبقيت على وقفتها):- أتمنى أن أشمل باقي الوقت فأنا امرأة لا ترضى بأن تأتيني في وقت الحاجة أو الفراغ هممم
شهاب(أبعد يديه عنها وتحرك):- … وداعا يا ميرا ..
ميرا(ببؤس رمقته وهو يغادرها):- وداعا ..
هنادي(نزلت من الأعلى واقتربت منها):- هل أنتِ بخير سيدتي ؟
ميرا(بعيون مغرورقة بالدموع رمقتها):- حتى وإن لم أكن كذلك هل سأجد من يواسيني ..هه جهزي نفسك أنتِ وباتريك من أجل جلسة التصوير دعيني أنسى همومي بالعمل فهو الوحيد الذي ينسيني آلامي ..
هنادي(حزنت عليها وهي تلاحظ ملامحها الذابلة):- طيب ..
باتريك(أتى من المطبخ ومرت به ميرا بحالة شاردة فتقدم لهنادي ليستطلع الأمر):- كلما زارنا شهاب هذا يقلب حالتها لهذا الشكل أخشى أن برجه وبرجها يؤثران على بعضهما بالطاقات السلبية والمزاج السيء
هنادي(حدجته بقسوة):- ما الذي تتفوه به أنت عن أي أبراج تتحدث ؟؟ تت أستغفر الله هيا جهز نفسك سنذهب بعد قليل لجلسة التصوير
باتريك(تركته وذهبت):- لما كل النساء عصبيات دوما ؟؟ يعني إن وجدت جوابا على سؤالي المستعصي هذا ربما سأدخل مجموعة غينيس للأرقام القياسية في ضبط الأعصاب .. هفف

" لوعَة المُشتاق حين تترجمُ بالوصال تُصبح للحياة مذاقات أخرى مُغمسة بشهدِ الشُّعور ، قد يلامسُ فيها النبضُ عُباب السَّماء وقد تتطايرُ بين غُيومه فراشاتٌ ملونة تُسابق الريِّح لغيرِ وجهة ، لأن كلَّ الدُّرُوب تلتقي في بؤرةِ عشق تآلف فيها قلبين بقلب واحد "
حكيم(بهمس):- هكذا أكون حين أفكر فيكِ حبيبتي !
ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تخرج من مصعد الشركة وقد رمقتِ الرقم المجهول الذي يطلبها على الهاتف):-ألو مرحبا
حكيم(بصوت حميمي):- الساعة 7 تماما قرب كورنيش البحر ستجدين هناك سيارة رمادية بانتظارك .. لا تتأخري
ميرنا(بانفعال أخفضت صوتها وهي متوجهة لمكتبها):- أنا لن آتي
حكيم(مال برأسه):- ألا تريدين معرفة المتسبب بوضع صديقك ؟
ميرنا(برد سريع):- الشرطة تحقق بالأمر سأنتظر
حكيم(بهزل):- ههه الشرطة !! عزيزتي ولو بحثوا لألف سنة أخرى لن يتوصلوا لشيء
ميرنا(بعصبية):- خلاصة القول أنا لا أريد رؤيتك مجددا ولن آتي
حكيم:- وأنا لا أستشيركِ هنا ، برضاكِ أو بدونه ستأتين ولو حكم علي الأمر سوف أختطفكِ مثل المرة السابقة
ميرنا(زمت شفتيها وهي تدلف لمكتبها الذي صفقت بابه خلفها):- أنت إنسان مريض وأنا لا أثق بك ولن آتي انتهى
حكيم:- وهل يعلم صديقكِ بأنكِ لا تكترثين لأمره يعني أنا أقدم لكِ الجناة على طبق من ذهب ولكنكِ ترفضين مساعدته وهذا أمر يدل على شيء واحد أنكِ لستِ صديقة حقَّة
ميرنا(لمعت عيناها بشرر متطاير):- لا أسمح أبدا بالتشكيك في نزاهة صداقتي بإياد أبدا ولأبرهن لك ذلك سآتي في الموعد سلام
حكيم(ضحك وهو يغلق الهاتف):- هههه هذه أنتِ يا عصفورتي تعشقين سجني وليس لكِ منه فرار !
وضع الهاتف بإهمال في جيب بنطلونه ومسح على شعره بابتسامة وحماس سيرى عصفورته الليلة منفردين في المكان الذي يحضره منذ الصباح ولذا كان يجب الاطمئنان
حكيم(اتصل من جديد):- إلى أين وصلتم ؟
طلال:- لا يزال هناك بعض الترتيبات البسيطة ستنتهي بعد قليل
حكيم:- ميرنا ستأتي على الساعة 7 يترتب عليك إحضارها في الموعد مفهوم ؟
طلال:- سيتم سيتم يا صديقي العزيز اعتبر الأمر مجابا
حكيم:- لولا ثقتي بك يا طلال ما كنت طلبت منك ذلك لك مني مهرة كهدية
طلال:- ههه أريد المهرة بوالديها
حكيم:- تستحق يا حبيب
طلال:- ههه عال عال .. هل تظنها ستتذكرني ؟
حكيم(ضحك بألم):- إن لم تتذكرني أنا ابن عمها أيعقل أن تتذكرك أنت ،، لا تكن حالما ومع ذلك أنت وحظك سنكتشف ذلك في المساء
طلال:- هههه طيب يا غالي سأكلمك فيما بعد
فخرية(اقتحمت خلوته دون سابق إنذار):- ألغي كل شيء يا حكيم ، من أجلها إنهم يراقبون كل شيء ويتفرجون من بعيد حتى يأتي الوقت المناسب ويفطرون قلبك عليها
حكيم(رمى بهاتفه على سطح طاولته واستدار إليها):- فخرية فخرية لا تتدخلي ، أنا واع تماما لما أفعله ولن يمسها أحد بسوء
فخرية(اقتربت منه بلوعة):- وما الذي يضمن لك هذاااا ؟؟؟
حكيم:- أعلم علم اليقين أنهم لن يؤذوني بها حتى لو وصلنا لحافة المواجهة
فخرية:- واهم أنت يا حكيم لقد راودتني رؤيا أخرى هذا الصباح ، أفاعي كثيرة تلف حول عنقك وأنا أحاول إبعادها عنك لكنها لدغتك وجعلتك تتألم وأنا هذا ما أخشاه يا بني خائفة من رؤية الألم في عينيك حينها لن أستطيع التخفيف عنك
حكيم(أمسك بيدها بحنان):- فخرية أنتِ غالية جدا علي ولذلك لا داعي لأن تقلقي كل هذا القلق ، أنا لا أخرق القوانين في هذا الموضوع تحديدا أنا أطالب بحقي الطبيعي فيها وهي تنتسب لأرضي إذن على أرضي ستحيا
فخرية:- وهل هي موافقة على هذا أتعلم ماهية مشاعرها حتى ؟ يا ولدي إن رشوانيا يقف بينكما أتعي ما معنى ذلك ؟
حكيم(بعصبية ضرب على سطح الطاولة بيده):- وأنا من الراجية وأعي أيضا أن بنات الراجي محرمات على آل رشوان وهذا منذ عهد لم يكن لنا فيه وجووووود
فخرية:- لا يهمني شيء أنا سوى قلبك المكلوم بالآهات
حكيم(رفع رأسه للسماء يستمد منها ما يرحمه من هذا الضيق):- رجاء يا فخرية ليس اليوم أريد أن أبقى على سجيتي الهادئة وأتحضر للمساء ، يمكنكِ الذهاب لغرفتكِ الآن
فخرية(عضعضت شفتيها منسحبة):- أنت أدرى .. تحمل مسؤولية قراراتك حين تشتد ساحة المعركة بيننا وبينهم
حكيم(بطرف عين):- أنتِ موجوعة منذ لقائك بكهرمانة أعرف هذا ، ولكن لا سبيل لنا لردعها ولن نهتم يا فخرية لن نهتم طالما انفصلتِ الطرقات لا فائدة
فخرية(بحزن وشراسة):- تلك اللئيمة تستحق العقاب وستناله ، وشاهيناز أيضا تستحق المثل لقد وجدتها تضع لك منوما في صحن غذائك بالأسفل وهذا ما أحضرني
حكيم(باستغراب وعدم تصديق):- مخدررر ؟؟؟؟ لماذااااا ؟
فخرية(رفعت له حاجبها بمكر):- إحزر أنت لماذاااا ..
حكيم(أغمض عينيه وفتحهما بشر وتجاوز فخرية بسرعة البرق):- تلك ل… تتت
فتح الباب بقبضة قوية جعلته يرتطم من خلفه مع الجدار ويغلق بصوت مرتفع جعل الرعب يتخلل جوارحها فتراجعت في محلها على السرير ملتصقة بجداره الخشبي هي الأخرى ..
شاهيناز(بهلع):- مم ما بك ما بك يا حكيم ؟؟ تلك العجوز الشمطاء بما أخبرتك إنها مجرد كذبة نسجتها للإيقاع بيننا هي التي أرادت وضع المنوم لك و و الخادمات أسروا لي بذلك ومنعتها أقس…
حكيم(أمسك فكها بين يديه ورفع رأسها بحركة شيطنة ومن بين أسنانه):- أقسم لكِ يا شاهيناز إن لم تعقلي فسوف أرمي بكِ في الشارع من المكان الذي التقطتكِ منه يا قذرة وجعلت منكِ إنسانة أسمعتني ؟
شاهيناز(تمسكت بذراعه وهي تشعر بالألم):- لم أرد شيئا سوى أن أحظى بليلة في حضنك لقد هجرتني منذ مدة طويلة وهذا يؤذيني لقد اشتقتك حبيبي
حكيم(ترك ذقنها وهدر فيها):- حري بكِ أن تبتعدي عن مداري كي لا أؤذيكِ شاهي
شاهيناز(التصقت بعنقه مرتمية بحضنه تهمس له بينما شفتاها تسبحان بعنقه):- ألا تشعر باشتياقي لك يا حكيم أنا أتحرق شوقا ل
حكيم(أغمض عينيه وأزال يديها من عليه ثم نظر لها):- أخبرتكِ مرارا وتكرارا أن تكفي عن هذه التصرفات الرخيصة معي
اشتعلت غضبا وجنونا وأمسكت وجهه عنوة وقبلته في شفتيه بقوة لم يبادلها إياها حتى توقفت مبتعدة عنه بدموع مليئة بالأسى
شاهيناز(اهتز ذقنها بغمغمة بكاء):- أنت لم تعد تريدني في حياتك صحيح ؟ تود التخلص مني ولكنك لا تعرف كيف تخشى أن تشعر بتأنيب الضمير إن رميتي هذا هو أليس كذلك ؟
حكيم(ابتعد عنها واستقام للمغادرة):- لا تهذي رجاء لست في مزاج يتقبل جنونكِ الآن
شاهيناز(نهضت خلفه وعانقته من الخلف دون أن تفلته):- أنا أحبك أحبك وأريدك فمتى ستعفو عني وترضيني ؟
حكيم(تنهد بتعب وأزال يديها وتوجه صوب الباب):-أنا مشغول الآن وإلا لكنت حاسبتكِ عن هذه الشقاوة الصبيانية والتي لا تليق بواحدة في مثل عمرك .. عمتِ مساء
راقبته وهو يغادر جناحها بكل برودة في حين كانت هي تغلي بالغضب تنظر لانعكاس صورتها بمرآتها العمودية الثابتة أمامها ، ضربت الأرض بقدمها بغل وحقد وأمسكت أباجورتها التي كانت بقرب سريرها وضربت بها المرآة التي انكسرت مثلما انكسر فؤادها منذ أن أغرمت برجل يعشق غيرها ، تضاعف الكره لمعرفة خاطفة حبيبها منها والتي لن تتوانى عن قتلها لكي تكسر قلبه وتطوعه من أجل حبها هي وفقط …

في فيلا آل الحمداني
كانت تجلس العقرب بجانب الأفعى وتخططان لإغواء رأفت مستغلتين غياب رنيم تلك الفترة
نورهان:- حسن يا خالتي فهمت سوف أرتديه من أجل رأفت وأنتظره بغرفته هذه الليلة مؤكد أنه سيتأثر بي ولن يقاومني وقتها سأصور كل شيء لأخرب العلاقة بينه وبين تلك الغبية
وجدان:- جميل ها أنتِ قد فهمتِ الخطة حتى وإن لم يمتثل لكِ دعيه لينام وقومي بالتصوير نحن بحاجة لدليل مهما كان وهذا يعني مغامرة فرأفت لو اكتشف ذلك سوف يفضحنا
نورهان:- لا تقلقي خالتي برأيي الصور أولا وبعدها أبث سمومي إن رضخ كان بها وإن لم يرضخ نكون قد حصلنا على ما نريد
وجدان(ضربت بكفها):- يا عيني عليكِ يا تربية يداي ، يجب أن نتخلص من تلك الحيوانة الساذجة جيد أنها ببيت أهلها هذه الفترة
نورهان:- ارتحنا منها ستبقى هناك لأزيد من أسبوع بحكم الزفاف وأيضا للراحة بعد الولادة
وجدان:- أتمنى لو تموت كم أكرهها وأمقت سذاجتها التي تدعيها أمام الجميع ، وحاتم حاتم أتصدقين أنه هجر غرفتي منذ فترة واتخذ غرفة الضيوف مخدعا له وكله بسببها
نورهان:- اهدئي يا خالتي سوف تدفع تلك الألعبان ثمن كل ما تسببت فيه لنا
وجدان(ببسمة):- أعتمد عليكِ الليلة كوني مثيرة هاه الرجل مهما كان مخلصا لزوجته إلا أنه أمام الإغراءات يضعف
نورهان(بخبث غمزت لها):- اعتمدي علي …
في غرفة أخرى في الطابق السفلي من الفيلا كان تامر ينهي دروسه المعتادة حتى اقتحمت هدى غرفته وأقفلت الباب خلفها ..
تامر(نهض مندهشا):- ما بكِ يا هدى لما أنتِ هنا ؟
هدى(نظرت إليه مليا):- أحتاج لعذر غياب ولا يوجد غيرك قد ينجدني
تامر(صغر عينيه):- عذر غياب لأجل ماذا أنتِ يا هدى لا تحتاجينه مؤكد
هدى:- ومن قال أنني لا أحتاجه بالعكس أنت منقذي وبابا لا يثق بغيرك
تامر:- قبل كل شيء وجودكِ بغرفتي أمر خاطئ يجدر بنا الالتقاء بالحديقة اسبقيني إلى هناك
هدى:- لما تكبر المسائل دعني أحاورك هنا وأذهب في حال سبيلي إن كنت قلقا على سمعتك
تامر:- أستغفر الله ، يا بنتي أنا قلق بشأنكِ أنتِ والآن لا تجادليني واسبقيني فوق
هدى(بتذمر):- تفكيرك الرجعي هذا سيجعلك قابعا في العهد الماضي لأزيد من عقد هف حسن سأغادر يكفي توترا
تامر(نفض يديه بعصبية وهو ينظر إلى طيشها الغير محسوب ولحق بها):- هممم …
هدى(كتفت يديها وهي تنتظره بالحديقة):- هل ستساعدني ؟
تامر(نظر حوله بقلق):- وهل لي أن أعرف بداية بما سأساعدكِ ؟
هدى:- سفرة ليومين بيخت صديقنا ميمون سنمرح فيه ونفرح ونحضر حفلة على الشاطئ الآخر سترعاها مجموعة شبابية مشهورة جدا.. أسمعت ؟ ما بك لما لا أرى الحماسة بعينيك ؟
تامر(جمع يديه وهو يتأملها):- أهذا أمر يتحمس المرء من أجله
هدى:- لما تريد أن تخمد حماستي يا تامر أعلم أنك لا تطيق هذه الحفلات لكن ألا يعني لك شيء أنها تهمني
تامر(بتأفف):- خلاصة القول ماذا تريدين مني ؟
هدى:- أن ترافقني إن علم بابا بذهابك سيسمح لي حتما دون أن يخشى شيء فأرجوك أرجوك وافق على الذهاب معي
تامر:- مؤسف يا هدى لدي امتحانات مصيرية ولن أتمكن من مرافقتك فانسي الفكرة
هدى:- لالا لن تحطم ترتيباتي أصحابي كلهم بانتظاري يا تامر اخدمني هذه الخدمة ألست حبيبتك التي تريد إسعادها ؟
تامر:- يا إلهي هل ستتذللين باسم الحب أم ماذا ؟ أنا لا أطيق تلك الحفلات لأنها مدعاة للسخرية والنفاق والمظاهر الخادعة
هدى(رفعت حاجبها):- آه الحساسية من الطبقات المختلفة قل من البداية أن هذا هو العائق الذي يمنعك من مرافقتي أنت تخشى أن ينظروا إليك بدونية
تامر(تفجر الغضب بملامحه):- ما كنت أظن أنكِ تحسبين تفكيري بهذا الشكل المنحط عموما أوضحتِ ما كنت غافلا عنه يا هدى ، إذهبي حيث شئتِ لا يهمني بعد اليوم
هدى(أمسكته من يده متوسلة):- لالا لا تغضب مني لم أقصد ما قلته لقد تفوهت به في غمرة غضب وفقط ، أنت لا تتفهم رغباتي ماذا سيحصل لو رافقتني أنت أيضا شاب وتستحق المرح الحياة ليست كلها دروس وجامعة وانضباط
تامر(أزال يدها وصدره متضخم بالحزن):- دعيني يا هدى الآن قبل أن أخطئ في حقكِ وأجرحكِ وهذا ما لا أطيقه
هدى(اغرورقت عيناها بالدموع حين سحب يدها بتلك الطريقة وذهب):- أففف ماذا قلت لهذا ثم لما لا يفهمني إنه أناني متسلط معقد من حالته ويحاول أن يجعلني أعيش نفس ذلك الوضع ولا أتمتع بما حباني الله به أليس هذا قمة الجنووووون ؟؟؟
كان نزيف قلبه عميقا جدا لطالما أشعرته هدى بفارق المستويات بينهما لطالما رمت بوجهه كلمات جارحة ومع ذلك يغض تركيزه عنها كي لا يجرحها ، في كل مرة يتيقن أن هذا الحب الذي تولد بينهما موؤود في مهده ورغم ذلك لا يستطيع مقاومة مشاعره تجاهها ، وهذا ما يجعله في كل مرة يغفر لها ويوافقها على جنونها المعتاد …
ولأن الجنون متفشي في كل الأشخاص طبعا بأشكال متباينة ومختلفة سنرى هنا جنونا من نوع آخر نوع رومانسي مثلا
كانت تنظر له بابتسامتها المعهودة بينما كان يحتجزها جديا في غرفة مكتبه تحت سبق الإصرار والترصد
ميرنا:- لا ينقصك سوى القيود كي تمنعني من الهرب
وائل(أقفل الباب بالمفتاح وتقدم إليها):- لا تنخدعي بمظهر الرسمية هذا فأنا مجنون بكِ وقد أفعلها دون احتساب لأية أضرار آنسة ميرنا
ميرنا:- أوووه لا تذكرني بهذا اللقب لقد بت أمقته حين سماعه
وائل(توجه إليها وهي متكئة على يد الكنبة الجلدية):- ههه لأنني كنت أذكرها مرارا وتكرارا لعلكِ تشعرين بحنقي منها
ميرنا:- صدقا ما كنت أطيقك حين تناديني بها
وائل:- طيب ما دام الأمر هكذا ، لما يا جبانة لم تقدمي على الاعتراف ؟
ميرنا(وضعت يديها على جنبيها):- ولما لم تفعل حضرتك ؟
وائل(لامس خصلة من شعرها):- لأنني كنت بانتظار اكتمال مجموعتي الشمسية
ميرنا:- عدنا للفضاء الخارجي وحياتك أنا أعشقك فوق كوكب الأرض
وائل(جذب خصلتها ونظر لعينيها مباشرة):- وأنا أعشقكِ ما فوق الأرض وأزيد
ميرنا(تنهدت بعشق وهي تعضعض شفتيها):- يا لي من محظوظة
وائل(دفعها إلى حضنه بقوة حتى استقرت يداها على كتفيه):- متى ؟
ميرنا(باندهاش انزلقت يداها على صدره وهي تتأمله بحب دون مقاومة):- متى ماذا ؟
وائل(سحب أنفاسا هادرة):- متى تكونين لي ؟
ميرنا(فتحت فاهها واحمرت وجنتاها):- لقد تحدثنا يا وائل والموضوع لا يزال مفتوحا س
وائل(مسح على خدها بحنان):- أحتاج أن ألامسكِ وأنتِ حلالي هكذا لا أقوى على ضبط نفسي معكِ ، أنتِ شعلة يا ميرنا تهدد استقرار تعقلي الذي لا أدري كيف أوقفه وأنتِ بين أحضاني حبيبتي
ميرنا(أحست بالدفء وهي تذوب من كلماته):- وائل ..
وائل(تنهد عميقا وهو يلامس التردد في ملامحها):- أنا لا أجبركِ على شيء يا ميرنا ولكنني لن أصبر كثيرا ، أريد أن يكون عشقنا أمام مرأى الجميع نحن سنواجههم سوية وأي عراقيل سنتخطاها من أجل ما يجمعنا
ميرنا(بضعف):- أعدك بذلك ، أعدك بأنني سأحل أموري سريعا ونكون لبعضنا حبيبي
وائل(غمزها بمكر دعابي):- طيب ألن أحظى بعربون وعد ؟
ميرنا(ضربته في كتفه):- لا يوجد عربون على فكرة الدفع مباشر وهذا لأجل غير مسمى
وائل(زفر بتعب):- أمري لله سننتظر سموكِ لتتعطفي على شعبكِ المتعب
ميرنا(تملصت منه):- يجدر بي أن أذهب الآن لقد تأخرت بما فيه الكفاية ، سأشتاق إليك
وائل(قبل يدها بدفء):- ماذا ستفعلين هذا المساء ؟
ميرنا(تذكرت موعدها مع حكيم وتوترت وهي تمسح خلف عنقها):- لا.. لا شيء سأكون بالبيت يمكن لا أدري أو سأرافق كوثر يعني لم أخطط .ل.. لماذا ؟
وائل:- مجرد استفسار صغير يا عسل غروبي
ميرنا:- أحبك حين تناديني بهذه الألقاب
وائل(بهمس خافت):- ميرنا يا شمس لياليَّ الحالكة وعسل الغروب
ميرنا(قبلته في خده بخفة وغادرته):- هههه إن لم أهرب فسأبقى هنا اليوم كله كلامك حلو جدا ويشعرني بالدفء
وائل:- انتبهي لنفسكِ حبيبتي ..
ابتسمت له بحب وغادرت مكتبه في اتجاهها لبيتها في حين تركته يكلم العم نزار
وائل(بحماس):- أين وصلت طلباتي ؟
نزار:- كله جاهز في البيت لا ينقصنا سوى حضور الشيف وائل
وائل:- جميل جدا أخطط لتحضير العشاء بنفسي هذا سيبعث حميمية أكثر للأجواء صحيح ؟
نزار:- وهل تسأل أعزبا لم يذق طعم العسل عن العسل عينه ؟
وائل:- يا لحديثك كيف تحوَّل واتخذ منحى سافلا يا عم نزار ؟؟
نزار:- ههه ههه متشوق للتعرف على من سلبت قلب بني وائل
وائل:- ستتعرف عليها يا نزار وستتفاجء بها المهم هل رأيت شهاب ؟
نزار:- لا تذكرني لم يفتح لي إلا بعد أن طرقت بابه حتى آلمتني يدي المسكينة
وائل(ازدادت حيرته):- طيب كيف وجدته ؟
نزار:- هذه آخر مرة تطلب مني الذهاب إلى هناك إنه غير لبق في استقبال الضيوف لقد طردني بدون خجل وكان وقحا في حديثه ، لا أدري كان يبدو غير متزن وكرامتي لم تسمح لي بالتدقيق لذلك غادرت بعد أن أسمعته وابلا من الشتائم كرد اعتبار وهذا حقي
وائل:- حقك حقك وهل قلنا العكس … طيب لما كان منزعجا لتلك الدرجة ؟ عموما لا بأس يا عم نزار أشكرك على تعبك سوف أرى الأمر بنفسي نلتقي مساء ..
نزار(بتذمر):- حسن حسن ..
حالة شهاب المذكورة جعلت وائل يستغرب الأمر هنالك ما يزعج ابن عمه وعليه أن يعرفه وعلى أساس ذلك قرر أن يزوره بعد نهاية الدوام للاطمئنان عليه .. في هذه الأثناء كانت رقية بمكتبها في حديث وردي من نوع آخر
رقية(برقة وعذوبة):- طيب هل ذلك يؤلمك يا ترى ؟
إياد:- ليس كثيرا يا رقية ولا تقلقي سوف أمتثل للشفاء عما قريب
رقية(ابتلعت ريقها):- أردت رؤيتك اليوم ولكنني لم أتمكن ربما مساء أمر ببيت ميرنا سريعا يعني فقط كي أطمئن عليك وأغادر
إياد(فهمها تماما وزفر بعمق):- أكيد مرحب بكِ في أي وقت
رقية:- طيب لن أطيل عليك الحديث خذ قسطا من النوم كي تتعافى بأسرع وقت ربي معك
إياد:- بانتظاركِ إذن ..
تأوه بضيق وهو يضع هاتفه على جانب السرير يناظر الفراغ ، فما يتعايش معه أكبر من حجمه لقد رأى الموت بعينه يومها ولا يزال عازما على الإمساك بالمجرمين والقصاص منهم ، ومن جهة أخرى قلق بشأن من يحبهم إن تعرض لمكروه سوف يتألمون وإن جازف من جديد سوف يكونون عرضة للخطر ، مسح على جبينه وهو يبحث عن حل يساعده على الخروج من هذه الدوامة المحفوفة بالمخاطر … أين هي ميرنا لقد تأخرت ؟ ، سأل هذا السؤال وهو يتأمل الغرفة من حوله ويشعر بدفء غريب فيها جعله ينهض من سريره بصعوبة فالجرح لا يزال حديثا ويجب عليه أن يرتاح ، إنما رغبته البحتة غمرته بابتسامة رسمها على جانب فمه حين خرج من حجرته ونظر لباب غرفة ميرنا أمامه بقليل ، خطا خطوات بسيطة إليها وفتح بابها ليهب بوجهه نسيم عطرها السابح بأركان المكان .. دخل وجذب الباب خلفه قليلا دون أن يغلقه وتوجه لمكتبها يتفحصه بعينيه بحميمية ويراقب كل أشيائها بشيء من الراحة ، فتح دولابها وأخذ يتأمل ثيابها ثم اقترب من منضدتها حيث كانت هناك صورة تجمعه بها وقت التخرج من الكلية ..
إياد(ببسمة أمسك برواز الصورة بيده):- لطالما كنتِ الأجمل …
دعاء(لم تجده بغرفته فأطلت بغرفة ميرنا ذات الباب المفتوح):- آه عذرا إياد أنت هنا
إياد(وضع الصورة):- أ.. كنت أبحث عن شاحن لهاتفي لقد نفذتِ البطارية
دعاء:- لا يجب عليك أن تبرح سريرك يا إياد أنت لا زلت مريضا
إياد:- وأنتِ لا يجب أن تبرحي غرفتكِ فأنتِ عروس هه
دعاء(بوخز كالإبر في قلبها):- لا أدري لكنني غير متحمسة للموضوع مثلكم
إياد(اختفت بسمته وأشار لها ليجلسا على كنبة ميرنا):- تعالي وأخبريني ما الذي يضايقكِ ؟
دعاء(ابتلعت ريقها):- هه ماذا سيوجد ربما هي حالة اكتئاب العرائس قرأت على النت أنها حالة واردة الحدوث
إياد:- ولكنكِ خامدة مذ يوم الخطوبة يا دعاء لا تحسبيني لم ألاحظ خفوتكِ ، لا يوجد بعينيكِ ذلك البريق
دعاء(ارتعش قلبها بحزن):- أي بريق ؟
إياد(ببسمة شريدة نظر حوله):- بريق الحب
دعاء(عقدت حاجبيها وهي تراقبه):- الأمر طبيعي لا يتعلق بالحب هو حالة مزاجية للعروس يعني كلما اقترب الوقت زاد توتري
إياد:- استرخي يا دعاء وإن كنتِ تشعرين أن هذا الزواج لن يسعدكِ أوقفيه
دعاء(شهقت):- أوقف ماذا لقد حضرنا كل شيء بعد يومين سيكون زفافي ولا يسعني إلغاء شيء، لقد اخترت هذا الطريق ولا بد من أن أتحمل نتائج قراراتي ..
إياد(ربت على كتفها):- على أي إن احتجتِ لفضفضة رجولية لن تجدي أفضل من أخيكِ إياد
دعاء(بمودة):- صدقا أنت رفيق الجميع وهذا لن يمنعك من الاستجابة للأوامر ، هيا إلى غرفتك الآن
إياد:- أمركِ أمركِ ..
دينا(بركض إليهم):- عمو إياد عمو إياد لتوي أتيت من المدرسة لم أصدق نفسي حين علمت أنك هنا ببيتنا ستنام بضع أيام هههه
إياد(استقبل عناقها وهو ينحني إليها):- آه إن آلمتني فالبضع أيام ستطير في الهواء
دينا:- ههه هل رأيت فستاني الذي سأرتديه بزفاف عمتي دعاء إنه خيالي لن تصدق
إياد:- يا عيني شوقتني لأراه عليكِ أميرتي الصغيرة
دينا:- متحمسة جدا حتى اسأل عمتي دعاء
إياد:- ههه من دون أن أسأل الحلو يليق به الحلو
دينا(احمرت خجلا ووضعت يداها على وجنتيها):- أشعر بالحرارة المفرطة ههه سأهرب لجدتي الآن الآن الآن ههه
إياد:- اهربي يا مشاغبة ههه .. هل نذهب ؟
دعاء(دعمته وسارت بجنبه):- عليك أن تتحسن يا رجل ، من سيكون رفيقي بالزفاف واليومان مدة قريبة
إياد(بجدية):- دعاء إن احتجتِ أي شيء يمكنكِ الاعتماد علي
دعاء(توقفت معه بالرواق):- صدقني لو احتجت شيئا لن يكون هنالك أحد غيرك كي ينجدني في المحن ..
إياد(ببسمة):- جيد أنكِ تعلمين ذلك ..
تنهدت عميقا لتتمم في سرها ، أساسا لا يوجد غيره كي ينجدكِ يا دعاء بعد نور التي كانت أكثر منها لهفة وقلقا تعد الدقائق والثواني كي تصل ليوم الزفاف ويتم التوقيع على عقد الزواج ، فبذاك التوقيع فقط ستريح قلبها وستتنهد بأريحية عندما زوجت ابنة عمها من ذاك الرجل الخسيس الذي يستحق ما تدبره له كهدية زفاف تليق بنذالته ، والتي كانت خارج البيت متجهة لصالونها الذي ما إن ولجته حتى ابتسمت ابتسامة نصر
نور(ببسمة مشرقة):- ريمة ريمة ..
ريمة(أتتها مهرولة):- مرحبا ست نور،، يا نعم
نور(تنظر تجاه امرأة هناك تنتظر دورها في التصفيف):- إيتيني بمعداتي الشخصية سوف أتدبر أمر تلك المرأة بنفسي
ريمة:- ولكن لماذا هناك العاملات سوف يقومون باللازم …لما تنظرين إلي هكذا ؟
نور(صغرت عينيها فيها):- لأنكِ تجادلينني كثيرا حين أقول أمرا يُلبَّى بدون فلسفة أم الخير الخاصة بكِ ريمة هانم والآن معدااااااااتي على الفور
ريمة(هزت شفتها):-اشتهيت يوما أراها تضحك من قلبها إنها عبوس مثل الحماة
نور:- أضيفي كلمة أخرى وستكونين خارج الصالون تمسحين الزجاج الخارجي كعقاب على لسانكِ الذي يستحق غسلا بالصابون
ريمة(نفضت نفسها بتعنت مضحك واتجهت صوب مكتب نور):- همممم
ارتدت مريلة خاصة بالعاملات هناك وجرَّت معداتها فوق الطاولة المتحركة وتقدمت إليها
نور:- تفضلي يا سيدة سوف أخدمكِ بنفسي
جيداء(وضعتِ المجلة على جنب ونهضت إليها):- أنتِ صاحبة المحل إنه لشرف لي هذا الاهتمام حقا شكرا لكِ
نور(بابتسامة انتصار):- ولوو نحن نخدم أولى زبائننا بأعيننا تفضلي هنا ماذا تريدين أن تفعلي بشعرك ؟
جيداء(تلمسته بملل ورتابة):- لا أدري إنه يشعرني بالملل والكآبة أريد شيئا جديدا ملفتا للنظر ومبهجا وأيضا يكون مناسبا لي
نور(مطت شفتيها وهي تتحسس خصلاتها بخفة):- بما أنه يصل حد الكتفين أفكر بقصه قليلا لونه بني داكن إن فتحنا اللون قليلا وأضفنا خصلات شقراء من الأسفل سوف يعطي نضارة لوجهكِ ذو البشرة البيضاء حتما ستكون نتيجة مبهرة لا محالة
جيداء(بحماس):- أشعر بالحماس لمجرد تخيل ذلك أنا أثق بكِ لقد نصحتني إحدى صديقاتي بزيارة مركزكِ ، صيته خيِّر في كل المدينة
نور:- هذا من دواع سروري ست آآآه ما اسمكِ ؟
جيداء:- أدعى جيداء الحصبي
نور:- وأنا نور تشرفت بمعرفتك ، إذن يا جيداء سلمي لي نفسكِ وسوف تجدين جيداء أخرى فور انتهائي إن شاء الله
جيداء(ببسمة تناظرها من المرآة):- وأنا كلي شوق واستعداد على بركة الله ..
تنهدت نور عميقا وهي تناظر الروح المرحة والطيبة التي تملكها زوجة ذلك الخسيس والتي لا تليق به نهائيا ، كان لابد لها من أن تراها عن قرب وتلتقي بها شخصيا ، لذلك بحثت في الأمر وبعثت بإعلان صالونها لأستاذة تعمل بنفس مؤسسة جيداء وهذه هي صديقتها التي كانت مولعة بكل ما يهم النساء والموضة ومع قليل من الحديث عنه دارت الفكرة بعقل جيداء، لكن كان يستحيل أن تأتي لو لم تبعث لها هي الأخرى بإعلان لبيتها مع عرض بالتخفيضات ولم يكن بيد نور سوى الانتظار ذلك اليوم لحين قدومها .. مع أنه لم يكن مضمونا إلا أن استفزاز أنثى في أنوثتها من المؤكد أنه سيجلب نتائج مهمة ، أخذت تعمل على شعرها بعناية ورفق تام بمساعدة من إحدى عاملاتها التي كانت تقف بالقرب وتمدها بكل ما تحتاجه
نور(تضع قفازات خاصة):- والله لو علي أرفض الزواج نهائيا ، الرجال نتنون غادرون خائنون أحضري لي رجلا واحدا على وجه البسيطة لم يخن أو يغدر قبلا مستحيل أن تجديه
جيداء:- ليس كل الرجال من نفس العينة ست نور يعني هناك من هم مخلصون لكن بوجود أولئك الخونة اختلط الحابل بالنابل
نور(تمسح على خصلاتها السفلية صبغة خاصة):- أنا من جهتي حتى لو وُجدوا مثلما ذكرتِ حضرتكِ فهم بعدد الأصابع وهذا ليس مرتبطا بنشأة الإنسان بل بالمحيط الذي يتعايش معه ، قد تجدينه ابن بيت محافظ ، وأب وأم ربياه على الخير وووو لكنه نذل خسيس خائن لا يقر بالمعروف
جيداء(شردت في حسام):- معكِ حق ، هناك رجال تضحين من أجلهم بالغالي والنفيس وفي الأخير يطعنوكِ بظهركِ ويدوسون على كرامتكِ وكبريائك بأرجل مغمسة بطين الخيانة
نور(خفق قلبها بوجع عليها):- أنا مثلا طليقي الحقير الذي تمنيت لو يظهر مجددا لأبصق بوجهه ، تخيلي ماذا فعل في ليلة زواجنا والتي من المفترض أن نقضيها سوية توجه لقاعة قمار وخسر فيها كل ما يملكه
جيداء(بفزع):- يا إلهي …
نور:- دعيني أتمم لكِ أتعلمين ولجني اتصال من فاعل خير لا أدري ربما كان من الديانين وذهبت أختكِ إلى هناك وجدته ثملا فوق طاولة رفقة بائعات الهوى المحيطات بطاولته ويبكي الله الله ع العريس الحلو ما كان علي سوى أن أعطيهم نصف المبلغ وأخذته للبيت أو قولي انتشلته من تلك القذارة ، فكرت أنه ربما سيتأدب ويخجل من عروسه ، لكنه كرَّر فعلته ليلة بعد ليلة دون خجل ناهيك عن النساء كل يوم تتصل واحدة بشكل تسأل عنه وفي مرة طرقت بابنا عشيقته وطردها أمامي بحجة أنه لا يعرفها ، أقسم يومها ألف قسم وما كان علي سوى أن أنتظر بعد لكن فاض بي كأس الصبر لذلك بعد أن وجدته يفتش بين أغراضي عن المال أو مجوهراتي قمت بتبليغ الشرطة عنه وأدخلته في السجن والبركة في الديانين ما إن سمعوا مني أنه قد قبض عليه ولا يوجد ما أعطيه لهم ، أضافوا بلاغات ضده بتقديم الشيكات التي بدون رصيد وهذا ما سهل عملية طلاقي من بعد حصولي عليه تركته هناك ليتعفن
جيداء:- ههه مع أن قصتكِ مريعة إلا أنها مضحكة أنتِ قوية جدا
نور:- هي مريعة بحق تصوري ما الذي اكتشفته بعدها .. هه اكتشفت أنه لم يتقدم لخطبتي إلا بعد أن لمحني في طريقي للعمل وتشاطر هو وصديقه علي في من سيوقع بي أولا وكان الحظ من نصيب عديم الحظ طليقي ، هه يعني زواجي تم على أساس لعبة رهان
جيداء(بتأثر):- أووه يا عزيزتي أكيد قد عانيتِ كثيرا وقتها
نور:- يعني تعلمت كيف أتأقلم مع مواجعي وكيف أخفي آلامي وأواجه مصيري
جيداء:- إنه إنسان بغيض لقد قمتِ بالمحاولة ولكنه لم يبالي بذلك
نور(مطت شفتيها):- يعني أعطيته فرصة ولم يستغلها فكان علي التصرف لحماية ابنتي
جيداء(عقدت حاجبيها):- لكن كيف حدث ذلك يعني سامحيني هي خصوصياتك إن لم تشائي إخباري عادي جدا
نور:- وعلى إيه هل سأخجل ههه أنا حقا لا أدري كيف حدث ذلك في ليلة ما أحضر معه مشروبا ولأنني كنت حانقة على كل شيء عرض علي مشاركته في الكأس ، بداية لم أرضى ولكنه استفزني بطريقة ما فشربت كأسا تلو الكأس وعندما استيقظت وجدت نفسي بغرفة النوم وهو بجانبي على السرير وكان قد تم الأمر ههه يعني لم أتذكر شيئا مما حدث نهائيا ولا هو تذكر لدرجة أنه لم يهتم حتى ، بعدها بأيام اكتشفت أنني حامل وحتى عندما أخبرته بالحمل لم يهتم وظل معربدا في أوكار القمار وأخذ جزاءه مني بالطريقة التي تليق به ..
جيداء(بحزن بعد أن ضحكت):- روحكِ جدا مرحة ولا يظهر عليكِ أنكِ عشتِ مثل هذه المعاناة برافو عليكِ ، لكن بما أنكِ كنتِ تعرفينه إنسانا غير سوي لما تزوجت به وأقحمتِ نفسكِ في عيشة لا تبتغينها ؟
نور(أخفضت عينيها وقد وضعت الفرشاة على الطاولة):- أردت أن أنسى وأبدأ صفحة جديدة
جيداء:- أووه يا إلهي إنها قصة حب أليمة صحيح ؟
نور(ابتسمت بحزن):- أتصدقين أنني أحببت شخصا وهميا
جيداء:- لم أفهم ؟
نور:- شخص عابر اصطدمت به في طريق حياتي لا أدري كيف أو متى لكن بمجرد أن رأيته أول مرة تعلقت به ، وبت أتطلع لرؤيته دوما ولكنه كان قليل الظهور ولا يأتي إلا ليلا وظروفي لم تكن تسمح لي برؤيته يوميا ولذلك كنت أتحجج بأي شيء لعلي أراه حتى عملي قلبته لعمل ليلي فقط من أجله ، ستضحكين إن قلتِ لكِ أنه حب من بعيد كانت أعيننا هي الوحيدة التي تهمس لما ينبض بقلبينا وفي يوم لم أستطع تحمل المزيد قررت مفاتحته بمشاعري يعني كنت جريئة ولا أخشى شيئا وحين ذهبت إليه تجاوب معي وكان بانتظار تلك اللحظة منذ أن التقينا أول مرة ، تواعدنا على كل ما يتواعد به الأحبة وكان ذلك أول يوم نتحدث فيه وآخر يوم أيضا
جيداء(بفضول):- لماذا ما الذي حدث له ؟
نور(تنهدت بحزن):- توفي إثر حادثة هكذا أخبرني صاحب المقهى الذي كان يلازمه بين فترة وفترة ، حين اختفى فجأة وغاب انتظرته طويلا في البدء اعتقدت أنه مسافر لكن غيابه طال ولأنني لا أعرف له اسما ولا رقما قررت سؤال صاحب المقهى وهو الذي بلغني بوفاته
جيداء(بحزن):- أكيد حزنتِ كثيرا وبكيته أكثر
نور:- لن تتصوري ما حدث لي وقتها كنت موجوعة جدا يعني تبخر حلمي الذي تمنيته ولم أعرف حتى قبرا له كي أزوره وأقرأ الفاتحة على روحه الحبيبة
جيداء:- تعازي الحارة وإن كانت متأخرة
نور(غمزتها بقوة):- يا ستي مضى على الموضوع أكثر من سنوات لقد نسيته تماما
جيداء:- لو نسيته ما كنتِ ذكرته بتلك الحميمية والدفء ، عيناكِ كانتا تلمعان لو عاد بكِ الزمن لتلك الفترة ما كنتِ فاعلة يا ترى ؟
نور(ابتلعت ريقها بتفكير في الأمر):- كنت لأحظى بأول عناق معه وأول قبلة كنت سأحتفظ بها في أجمل صندوق أحمله بقلبي ، كنت عرفت اسمه على الأقل فخجلي منعني وقتها من السؤال رغم أنني كنت أفوق الجرأة بأشواط لكن معه كنت أشعر وكأن قواي ضعيفة لا تقوى على مجابهة عينيه .. المحزن في الأمر أنني لا أتذكر ملامحه جيدا مع مرور كل هذا الزمن ، لقد كنت أراه فقط ليلا ومن بعيد والمرة الوحيدة التي رأيته فيها عن قرب كنا بشارع مظلم ومن حظي كانت تمطر ههه يعني المظلة والليل كل شيء كان ضدي ، يااااه كم كنت طائشة
جيداء(بعيون دامعة):- أحيانا طيش الصغر يجعلنا ندفع ثمن أخطائنا عمرا بأكمله
نور(تابعت تعديل الخصلات):- يكفي أن نقول كفى للألم وللأخطاء ونبدأ من جديد هكذا سوف نشعر بالسلام الداخلي وبأننا قمنا بالصواب أخيرا
جيدا(وكلام نور يعشش بعقلها):- أحيانا لا ينفع ذلك قد يكون هناك أولاد ومسؤوليات تمنعكِ من فعل ما تريدينه يعني تشعرين وكأنكِ مقيدة والمجتمع لا يرحم
نور:- ههه إن انتظرتِ أن ينصفكِ المجتمع ستنتظرين كثيرا عزيزتي فالمجتمع لا يفقه شيئا في رفع المعنويات بالعكس هو يبحث عن الزلات كي يقوم بتضخيمها وتأليف الروايات عنها وتداولها مثل سيرة يومية يشغلون بها أفواههم ، ما على المرء سوى وضع خطة والسير عليها فحياتنا كلها تسير وفق مخططات رسمها القدر ويجب علينا نحن اتخاذ مساراتها لنجد ما يريح قلوبنا لا ما يتعبها ..
جيداء:-كلامكِ عميق جدا ، ويلامس شغاف القلب حتما ولكن يبقى الواقع شيئا آخر
نور:- أوافقكِ الرأي تماما ، ولكن اعذريني إن كان واقعا لا يليق بي ولا يقدرني ويجرحني طوال سنوات دون أن يعطيني اعتباري ، بربي الحبيب سأجعله يدفع الثمن غاليا وبداية برفع دعوى الطلاق والتي سأنالها من أول جلسة لأنني سأقوم بفضح أمره أمام أولاده وأمام العالم أجمعه
جيداء(شعرت بالخوف يتسلل قلبها من هذه الخطوة):- ماذا لو كانتِ المرأة جبانة ولا تقوى على مواجهة كل هذا ، ماذا لو كانت تعشقه بحيث تغفر له خطاياه الواحدة تلو الأخرى ؟
نور(هنا توقفت ونظرت إلى عينيها الدامعتان):- مؤسف ألا يرى هذا الشخص الخائن ما يملكه بين يديه ويؤسفني أيضا أن أخبركِ أنه لن يراه حتى يفقده
جيداء:- ماذا يعني هذا ؟
نور(تركت ما بيدها وأخفضت رأسها لمستوى جيداء ونظرت لعينيها بالمرآة):- يعني إن أردتِ معرفة قيمتكِ لديه اهجريه وابتعدي عنه وقتها إن عاد لكِ فربيه من الأول وعلميه درسا لن ينساه ، حين سيفكر باللعب بذيله مجددا سيتذكر أنه بذلك سيخسركِ للأبد لكن طالما هو يمارس حياته بالشكل الخسيس الذي يحبه وأنتِ لا تحركين ساكنا طبيعي أن يطغى ويستمر وقد يصل الأمر أن يتزوج عليكِ حتى .. ههه يعني بعيد الشر عنكِ عزيزتي جيداء أتحدث بصفة عامة فهذه الحالة متفشية أينما حللتِ وهذا ما تشكو منه ملايين النساء .. هييه يا ابنتي قومي بتجهيز المغسل سوف نقوم بغسل خصلات السيدة جيداء الأمامية بعد قليل
العاملة:- حاضر ست نور ..
نور:- حبيبتي جيداء عائدة لكِ بعد قليل يجب أن أقوم باتصال ضروري ريثما يجف شعرك
جيداء(بدون حياة):- طيب…
تركتها تفكر بكل ما قالته وعرفت أنها بلغت لب الهدف بكل هذا الحديث ، وسوف تجبر جيداء على رفع دعوى الطلاق تحت الضغط والبحث عن الخلاص الذاتي ، من جهة أشفقت عليها كثيرا فحسام لا يستحق امرأة رائعة مثلها ومن جهة تريد أن تحرمه من كل شيء ولذا أمسكت هاتفها وطقطقت رقما من غرفة مكتبها حيث كانت تقف وتراقب حركات جيداء المصدومة ..
نور:- ها يا شريكي أين وصلت ؟
الشخص:- اعتبري الأمر منجزا يومان فقط وستسمعين الأخبار الحلوة
نور(تنهدت عميقا):- أنت تعلم أنك تفعل هذا من أجلها صحيح … ؟
الشخص(تنهد بحزن):- أكيد .. لكن ألا توجد طريقة أخرى غير الزواج ؟
نور:- مع الأسف يجب لهذا الزواج أن يتم كي تأخذ جميع حقوقها من بؤبؤ عينيه وبعدها سيكون لي أنا حق التصرف ، أنت تساعدني في إخراجها من بوتقته ومؤكد أن هذا سيعني لها الشيء الكثير يا معاد
معاد(استدار بكرسي مكتبه ببسمة شريدة):- فقط اجعليها بخير يا نور
نور:- صدقني يا معاد لولا الظروف لم أكن لأجد خيرا منك لابنة عمي دعاء، ولكن تشاء الأقدار أن تحكم عكس ما نتمنى
معاد(بأسى):- لا بأس فقد انتظرتها لسنتين لا مشكلة إن انتظرت أكثر
نور:- حبك هذا مؤكد أنه سيصلها بطريقة أو بأخرى وقتها ستجد منفذها الصحيح إليك
معاد:- آه أتمنى فقط ألا يتأخر الوقت يا أختي نور
نور:- دعنا نخرجها من بين براثن حسام الزفت ولكل حادث حديث
معاد(بتذمر من كل ما يحدث):- أراكِ بعد يومين
نور:- أراك بالنصر بعد يومين أريد القصاص منه من كل حدب وصوب سأكون مثل التسونامي الذي يفتك بحياته شرقا وغربا لن أجعله يهنأ مطلقا بحياته بعدما فعله بدعاء
معاد(بألم):- سيأخذ جزاه ولكِ مني كل الدعم
نور:- تمام نتحدث فيما بعد يا معاد لأعلم منك المستجدات أمامي الآن مواجهة إقناع الجبهة الأقوى في حياة ذلك النهواني
معاد:- دعواتي لكِ ….
كان معاد من البداية هو الذي خططت معه نور كيف تسقط شركة حسام النهواني ، وهو لم يبخل فور معرفة المستجدات التي طرأت بحياة دعاء حبيبة قلبه التي أذاها كثيرا ذلك المجرم الآدمي ، قرر أن يمد يد العون ويساهم في إسقاطه في فخ أعماله القذرة وهذا ما سيحطم مركز حسام إضافة لزوجته التي عادت إليها نور لتزرع بعقلها فكرة التخلي عن زوج خائن قذر لا يليق بأسرة وهذا ما تغلغل في عقل جيداء بشكل عميق وباتت الفكرة متاحة للتدقيق بعقلها الباطني بشكل واضح …

في هذه الأثناء وصلت ميرنا لبيت إياد كي تحضر له المستلزمات التي طلبها منها ، لذا أخرجت من حقيبتها مفتاح شقته الثانوي الذي تملكه منذ فترة طويلة ودلفت إليه ، وجدته مظلما بعض الشيء فأشعلتِ الإنارة به ، وضعت المفاتيح وحقيبتها على جنب وتوجهت صوب غرفته تحديدا لتسرع بالعودة للبيت كي تلازمه قليلا قبل خروجها في المساء ، فور تذكر ذلك شعرت بالضيق فآخر ما تريده هو أن تلتقي بالشبح الشبح الذي اتضح أنه أقرب لها مما كانت تظن ، أغمضت عينيها وهي تحاول التركيز على ثياب إياد التي كانت تضعها بحقيبة صغيرة وجدتها بدولابه أيضا ، اختارت له عدة أشياء ولم تنسى وضع طقم مناسب مع ربطة عنق لحضور الزفاف ، بعد أن أتممت جمع الأغراض أغلقت كل الأبواب وحين قررت الخروج من البيت رن جرس الباب
ميرنا(وضعت الحقيبة أرضا وتقدمت لتفتح):- من هناك ؟
أحلام:- إنها أنا أحلام
ميرنا(رفعت حاجبيها وفتحت لها):- ست أحلام يا مرحبا بكِ أختي تفضلي
أحلام(عدلت شالها بحرج ودخلت معها):- يعني رأيت الإنارة ببيت الأستاذ إياد فقررت طرق الباب لمعرفة إن كان بحاجة لشيء يعني أهو نائم ؟
ميرنا:- أ.. لا هو ليس هنا لقد اصطحبناه لبيتنا كي يمكث هذه الفترة ويستعيد صحته
أحلام(بخيبة أمل):- آه هكذا سمعت بذلك في المشفى ، إذن جميل جميل معكم سيلقى الراحة اللازمة أكيد لاستعادة عافيته
ميرنا:-أهاه تماما
أحلام(هزت رأسها ولم تجد معنى لوجودها هناك):- طيب سأدعكِ تكملين عملكِ وبلغي سلامي الحار للأستاذ إياد أ…مني ومن تيسير زوجي أيضا
ميرنا:- الله يسلمكم يا طيبة مشكورة
انسحبت أحلام من أمامها وهي تتخبط في لباسها وتنظر لأنوثة ميرنا وجمالها الأخاذ وكم خشيت لو تكون هي حبيبة الأستاذ إياد وقتها ستلطم ليوم الدين ، هنا غادرت ميرنا بعد أن أقفلتِ الباب بالمفتاح واتجهت صوب البيت
ميرنا(في شارع إياد تسير وتتحدث عبر هاتفها):- ماذا تريدين بعد يا بنتي لقد تركتني آتي كل هذا المشوار منفردة لعلمكِ أنا أسجل لكِ سجلات عدة بدءا بسجل المهندس زياد وصولا إلى هذا الموقف
كوثر:- هههه حسن ستعلمين أنتِ أول شخص بقصتي مع زياد
ميرنا:- آآآآآآه يعني تعترفين أن هنالك قصة نعم يا عم
كوثر:- لا تخجليني لقد أحببته حتى قبل أن أعي ذلك وحدث كل شيء بسرعة ، لكن هنالك عقبات عويصة يجب علينا تخطيها إن أردنا الاستقرار مع بعضنا في أمان
ميرنا:- أوه الموضوع فيه إن ولكنَّ وبنات خالتها طيب متى سأراكِ لتخبريني عن كل هذا تعلمين أن فضولي لن يسمح لي بالانتظار كثيرا
كوثر:- اليوم لن ينفع لدي عمل كثير لكن غدا أعدكِ بسويعة لصديقتي الحلوة
ميرنا:- طيب يا ستي اتفقنا إذن لا تنسي أن تهاتفي المدلل النائم ببيتنا تعلمين أنه يسترعي الاهتمام دون شبع
كوثر:- ههه سأكلمه ما إن أنهي مكالمتي معكِ جيد أنكِ ذكرتني وإلا كان نبذني
ميرنا(أشارت لسيارة أجرة):- هييه تاكسي … هيا هيا يا كوكو سأتوجه للبيت الآن أكلمك لاحقا باي
كوثر:- باي يا روحي …
في البيت
مرام:- يا دينا لقد أكل الكثير من قطع الشوكولا إنه طفل لا يعرف الشبع فتوقفي أنتِ
رنيم(كانت تهدهد سجى):- يا دينا لا تطعميه الشوكولاطة لقد أكل الكثير سيصاب بتسوس مبكر هذا الولد لا محالة
عواطف:- ههه دينا تعالي وأطعميني أنا
دينا:- ولكنكِ لا تبتسمين مثله بخدود مثل الخوخ هههه
عواطف:- له له هكذا إذن يا شقية
مرام:- لقد باعتنا جميعا فور وصول الأمير أيهم والبرنسيس سجى ههه
عواطف(بحسرة دعابية):- تربيتي ضاعت هباء منثورا
دينا(تقبله):- أنا أحبه أحبه ولا أقوى على مقاومته
رنيم:- يا عيني يا ليل اسمعوا وعوا ههه
نهال(خطفت أيهم وحملته بيديها):- تعال يا بطل حان الآن وقت القبلات المتواصلة هينيهن
دينا(تضحك لضحكات أيهم):- وأنا وأنا أريد أيضا حصة
رنيم:- مؤكد أنني سآخذ هذا الولد وهو مصاب بانفصام شخصية أشك أنه لن يتعرف علي لاحقا لا أنا ولا أبوه ههه
عواطف:- آه عليه إنه يؤكل مثل السكر وتلك اللؤلؤة مشعة مثل القمر الله يحفظلي أحفادي كلهم حلوين ما شاء الله
رنيم:- يا حبيبي حتى أنتِ ماما …
مرام:- هي الأولى يا بنتي هه عموما أنا بغرفتي يا جماعة
عواطف:- طيب حبيبتي
دينا(سمعت رنين الجرس):- أنا أنا سأفتح الباب … عائدة أيهم
عفاف(أتت بفناجين الشاي):- على مهلكِ يا دينا لا تركضي كي لا تقعي … تفضلوا يا جماعة الشاي قبل أن يبرد
عواطف:- ألا زالت أمي تصلي بغرفتها ؟
عفاف:- والله انشغلت بتحضير الشاي ولم أتفقدها سأراها لحظة … آه أم طلال يا أهلا وسهلا
أم طلال:- يا أهلا بالجيران كيف حالكم ؟
عواطف(وقفت ورحبت بها كما يجب):- اشتقنا لكِ كثيرا يا أم طلال والله غيبة
أم طلال(تسلم عليها):- لقد عدت منذ أيام من السفر وقلت أنه لابد لي من زيارة أحبابي بالحي القديم
عواطف:- آنستِ وشرفتِ يا أم طلال كيف صحتكِ وابنتكِ نوال كيف هي ؟
أم طلال:- بخير بخير لقد اطمأننت عليها بعد ولادتها وتركت لحماتها المسؤولية العمر يمضي بنا ولن أعيش لها طويلا يجب أن تعتمد على نفسها .. آه هذه رنيم صحيح ما شاء الله
رنيم:- تسلمي يا خالة حمدا لله ع سلامتك .. أ.. نهال ساعديني بإحضار أيهم لتغيير حفاظه سجى قد نامت أستأذن منكم
عواطف(قدمت لها الشاي):- تفضلي يا ابنتي .. يا دينا اذهبي ونادي خالتكِ مديحة هي بغرفتها تستريح
دينا:- حاضر نانا
أم طلال:- هل هي مريضة ؟
عواطف:- لا لا بعيد الشر هي فقط متعبة نحن نجهز لزفاف دعاء ابنتها بعد يومين
أم طلال:- الله الله خبر رائع الله يتمم على خير
عواطف:- أنتِ مدعوة منذ الآن ستشرفيننا أكيد .. أنتِ من الجيران القدامى يا أم طلال ولستِ بغريبة عنا
أم طلال:- والله بعد رحيلي من هذا الحي ارتاح بالي بعد كل المصائب التي حدثت لنا جميعا بالماضي الحمدلله وجدنا الراحة فيما بعد
عواطف(بأسى):- حمدا لله
أم طلال:- ألا توجد أخبار عن طارق ؟
عواطف(نظرت حولها بتوتر):- ليس بعد يا أم طلال 25 سنة ليست بالأمر السهل
أم طلال:- الله يجازي اللي كان السبب لفقوا للولد تهمة لم يكن له بها يد
عواطف:- لقد عاقبه الله ومات إثر مرض عضال أصابه في آخر أيامه ذلك الرماح الخبيث منذ أن دخل اسمه هذا البيت والمصائب تتوالى
أم طلال:- الله لا يرحمه ضيع الولد في شبابه وفي زوجته وابنته
عواطف:- مع الأسف هذا مكتوب وليس منه مهرب
أم طلال(وضعت الفنجان على الطاولة بعد أن شربت منه القليل):- وهل تزورونه ؟
عواطف:- آخر شخص رآه فينا ومنذ سنوات عديدة كانت أخته نور وطلب منها انقطاع الزيارات وإلا سيؤذي نفسه يا كبدي لم يتحمل كل ذلك الظلم وهو يعايش سنواته بعيدا عنا
أم طلال:- خيرا فعلتم بتلبية طلبه فالمسجون يكون مثل المجنون لا عقل له
عواطف(مطت شفتيها بحزن):- قدر الله وما شاء فعل
أم طلال:- طيب وابنكم الآخر حكيم هل يزوركم ؟
مديحة:- أم طلال هنا يا مرحب يا مرحب عاش من شافك يا صديقتنا الغالية
أم طلال(عانقتها بحب):- وأنا بدوري اشتقت لكم يا جاراتي العزيزات لتوي كنت بسيرة ابنكِ حكيم
مديحة(رف قلب الأم):- أصحيح هل رأيته ؟
أم طلال:- ابني طلال التقى به لا أذكر أين لكنه على اتصال به
مديحة(بحزن):- جميل عساه بخير في غربته ؟
أم طلال:- الحمدلله أولادنا يقاسون في هذه الحياة ما علينا سوى الدعاء لهم
مديحة:- تسلمي يا غالية
أم طلال:- بالمناسبة سمعت شيئا رائجا بالحي لا أدري أساسه ولكنه لم يعجبني
عواطف(بقلق):- ما هو أقلقتنا يا أم طلال ؟
أم طلال(تنهدت بعمق):- أم تحسين تسير وتقول أنكم تأوون ببيتكم عشيق ميرنا ابنتكم دون حياء أدخلتم رجلا غريبا بيتكم وقصصا من هذا القبيل ، أصحيح ذلك ؟
عواطف:- تلك المرأة لن تهدأ قبل أن تنال من غضبي ما يجعلها تقف عند حدودها
مديحة:- الموضوع صحيح صديق ميرنا وليس عشيقها في غرفة ابني حكيم لقد تعرض لاغتيال نجا منه بالصدفة والشاب يتيم وقريب منا نعتبره فردا من العائلة لذلك آويناه
أم طلال:- ولكن الغير لن يعتبره فعل خير
عواطف:- ونحن لا يهمنا تلسين الناس بقدر سلامة ابننا إياد وتلك المرأة ستجد نهايتها معي لا محالة ذات مرة
مديحة:- هذا إن لم أسبقكِ وأقوم بتمشيط الحي بشعرها
أم طلال:- ههه شرسة كعادتكِ يا مديحة آه أسمعتم الخبر المؤسف عن زهرة أم رشيد
عواطف(ابتلعت ريقها وتغير لونها ونظرت لحظتها لمديحة):- ما بها ؟
أم طلال:- معقول ألم تسمعوا بما حدث لها يا إلهي أتيت منذ أيام بسيطة وقمت بمعرفة كل الأخبار ههه
مديحة:- طيب أخبرينا نحن لم نلتقي بها منذ مدة طويلة إنها لا تبرح بيتها
أم طلال:- طبيعي ألا تبرحه مع الأسف لقد أصيبت بشلل نصفي ولم تعد قادرة على النطق
عواطف:- لا تقوليها المسكينة
أم طلال:- حسرتها على ابنها لازمتها طوال هذه السنوات المسكينة حرمت منه وهو حي
مديحة(بحزن عليها):- ربي يتولى أمرها بالخير
أم طلال(أمسكت فنجانها من جديد):- آمين
تنهدت الأختان وهما تنظران لبعضهما بعضا بأسى وحزن ملحوظ ، فهما تعلمان علم اليقين أن ميرا وراء سجنه ظلما وسبحان الله في نفس اليوم اقتص الله منها بسجن أخيها الذي وقع في براثن الشر التي تسببت بسجنه طوال تلك المدة .. أتممت أم طلال حكاياتها التي لا تنتهي واتفق الثلاثة على زيارة زهرة ذات يوم بعد الزفاف مباشرة ، هنا دخلت ميرنا إلى البيت قامت بتحيتها كما يجب وانسحبت بسرعة نحو غرفة إياد فوجدته نائما ولم تشأ إزعاجه بعد وضعت حقيبة أغراضه على الكرسي .. دلفت إلى غرفتها وفتحت دولابها ترى ما قد ينفعها في عشائها مع الشبح ، إنها لا تشعر بالخوف بقدر ما تشعر بالقلق مما قد يحدث بعد هذا اللقاء فهي ستخفي الأمر عن وائل وهذا بحد ذاته يؤلمها إنما هي تعلم علم اليقين أنه لو علم بذلك سوف يمنعها من الذهاب ، وسوف لن تعرف من حاول قتل صديق روحها ولا ما قد يوصلها للفهد البري ، أجل فقد أجمعت بعد كل الاستنتاجات أن حكيم على دراية بكل شيء لكن كيف أو متى هذا ما ستحاول فهمه منه هذه الليلة التي ستحاول فيها معرفة العديد من الأجوبة على تساؤلاتها الكثيرة .. دخلت لحمامها وغاصت وسطه لعلها تنال قسطا من الراحة يساعدها على الهدوء والتحضير معنويا لمقاومة جموحه الغريب عنها ، فحتى لو كان مألوفا فهي لا تزال تجهل طبعه 16 سنة ليست بعمر هين ولذا يتوجب عليها التريث ودراسة طبعه جيدا جيدا لتصل إلى أكبر عدد ممكن من المعلومات التي قد تفيدها في تحقيقها .. فور خروجها من الحمام جففت شعرها بالمجفف في تسريحة لولوبية لخصلات شعرها ، أضافت بعدها ماكياجا مناسبا ووضعت على سريرها ما يليق بخروجها ولكن قبلا …
ميرنا(أطلت عليه برأسها في غرفته):- ألا زلت نائما لا أريد الخروج قبل محادثتك إيادي
إياد(ابتسم وهو يشير لها كي تدخل):- غفوت كثيرا تعالي ..
ميرنا(مدت له الحقيبة من فوق المنضدة):- هنا كل أشيائك سوف أرتب لك ثيابك بالدولاب هناك وحاسوبك سأضعه بقربك إن أردت الولوج إليه ماشي ، آه لقد تدبرت أمر شهادتك المرضية وفتحي يبلغك سلاماته ومن أيضا آه جارتك
إياد(عقد حاجبيه):- ست أحلام ؟
ميرنا(أخذت تعلق ثيابه على جنب في الدولاب ولمحت بعضا من ثياب حكيم مطوية هناك فشردت فيها):- أ..أجل هي وزوجها يتمنيان لك دوام العافية ،
إياد(نظر إليها مليا وهو يهدأ من روعه):- جيد .. إلى أين أنتِ ذاهبة ؟
ميرنا(بنظرة خاطفة رمقته وعادت تتمم تعليق الثياب):- إلى كوثر ..
إياد(مال برأسه):- غريب لقد حادثتني للتو ولم تعطني أي دلالة أنكِ ستلتقي بها
ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تحاول تجاوز نظراته):- مهو الموضوع أنني سوف أذهب إليها فجأة أحتاج لاستشارة نسائية ومن هذا القبيل يعني فيما يخص زفاف دعاء بعد غد
إياد(يتابعها بحرص):- جميل .. شكرا أتعبتِ نفسكِ
ميرنا(أغلقت الدولاب بعد أن أتممت):- لا تعب ولا شي هذا قليل بحقك ، أ..طيب أنا ربما أتأخر معها فلا تقلق وبخصوص الدواء اتفقت مع عفاف كي تعطيه لك بالوقت ، ونور سوف تزعجك برفقتها قليلا كي لا تشعر بالملل آه وبالنسبة للعشاء أخبرت أمي بأن تطبخ لك بعض الحساء المفيد..
إياد(رآها وهي تفرك يديها وتشتت نظرها في كل شيء إلا عينيه):- هل لكِ أن تضعي الحاسوب على سريري ؟
ميرنا(بتفكر):- آه آه لحظة أحم … ها هو ذا وإن أتعبك الولوج إليه لا ترهق نفسك
إياد:- ضعيه بالشاحن ميرنا كيف سألجه هكذا ؟
ميرنا(مسحت على شعرها بتوتر):- ههه نسيته
إياد(مال بعينيه تجاهها وهي تضع الشاحن بقرب رأسه واستساغ عطرها بشكل مريح ، وقبل أن تصعد أمسك يدها قربه فاضطرت للنظر إلى عينيه):- امم ميرنااااا
ميرنا(يا ويلي كشفتِ يا ميرنا كشفتِ):- ن نعم ..
إياد(ابتسم):- لا تنسي …… أن تبلغي سلامي لكوثر
ميرنا(تنهدت عميقا وهي تبتسم له):- طبعا هههه أكيد هيا سأتركك الآن هل ستكون بخير ؟
إياد(مط شفتيه بامتعاض خفي):- لا تقلقي أنا في أيد أمينة
بصعوبة تملصت من غرفته فهي مكشووووفة أمامه مثل الدفتر ، حتى لو فهم أنها تكذب لكن ما كان عليه سوى المضي في كذبتها ريثما يتوضح كل شيء ، أما هي فبسرعة ارتدت فستانا رماديا بدرجة أغمق وبثوب قطني لامع يميل من الكتفين وينزل على مستوى جسمها حد الركب وفوقه أضافت سترة صوفية في الأسود ، أضافت كعبا وقبعة أنيقة في الأسود زادت من روعة مظهرها الكلاسيكي تعطرت ووضعت سلسال حقيبتها على كتفها مع قفازات سوداء صغيرة أنيقة لم ترتدها بعد …
نور:- الله الله إلى أين بكل هذا الجمال ست ميرنا ؟
ميرنا(التقت بها في الدرج والله لو تعرفين أنتِ والعائلة جميعكم ستنضمون لي بالطبل والزغاريد):- لدي موعد عمل
نور(رفعت حاجبها وهي تنزل معها):- موعد عمل وبهذا المساء
ميرنا:- أجل وسأمر بعدها عند كوثر من أجل بعض الأغراض التحضيرية للزفاف
نور(وضعت يدها على جنبها):- خذي سيارتي
ميرنا(بذعر التفتت إليها):- أنتِ تعلمين أنني لا أقوووود ما بالكِ الآن ؟
عواطف:- مهلكما أنتما الاثنتين ماذا يجري ؟
ميرنا(تنهدت عميقا إذ ينقصها أن تبدأ الليلة بتوتر مثل هذا):- لا شيء ماما إن تأخرت سأكون مع كوثر لا تقلقي علي ، انتبهي لإياد
نور(كتفت يديها):- لم أقل لها شيئا سوى أن تأخذ سيارتي إلى متى ستبقى متأثرة بتلك العقدة لقد مضت سنتان وانتهى الأمر
مرام(بحزن طأطأت رأسها وهي تخرج من غرفتها):- لم ينتهي أختي
عواطف(برأفة على ابنتها):- مرام حبيبتي
مرام(تنهدت عميقا):- لقد سمعتكم وأنتم تتكلمون عن عمليتي والمبلغ الذي تجمعونه من أجلي ، ولذا يتوجب علي أن أخبركم بأنني لا زلت على قراري وأنا لن أجري تلك العملية فلا تشغلوا بالكم بي ، لقد رضيت بنصيبي وعجزي قدره الله وما شاء فعل ..
نور:-استسلامكِ هذا لا يليق بفتاة عشرينية مطلقا ، يا بنتي إن كانت العملية ستعالجكِ لما ترفضين أنا لا أفهم ؟
مرام(ببكاء):- لأنها قد لا تنجح لا تنجح ماذا سأفعل أنا حينها هاه ، هل تتصورين مدى انكساري حينها تت أتعلمان لا أحد يستطيع الشعور بما أشعره به لأن لا أحد منكم في مثل وضعي ورجاء لا تفتحوا الموضوع أمامي مرة أخرى .. همم
سحبت نفسها بكرسيها المتحرك عودة لغرفتها تاركة أمها وأختها في حسرة عليها ، بكت كثيرا كثيرا لحظتها غبنا وحرقة على مآلها الذي أخمد فتيل براءتها وشبابها ، مسحت على أنفها وهي تطالع رقمه منيرا في شاشة هاتفها كأنه يشعر بها حين لا تكون بخير ويتصل كي يطمئن باله..ترددت في استقبال اتصاله لكنها بدون شعور وجدت نفسها تضع الهاتف على أذنها وتجيبه
مرام(برعشة):- فريد
فريد(استساغ نبرة بكائها):- مرام هل أنتِ بخير ؟
مرام:- أنا بخير
فريد(بتنبه لصوتها المتحشرج):-أكنتِ تبكين ؟
مرام(عقدت حاجبيها بغمغمة مكتومة):- أنا لست على ما يرام لقد تعبت من كل شيء
فريد:- أخبريني يا مرام ما الذي يؤلمكِ لتلك الدرجة ؟
مرام(ارتبكت بما ستجيبه وكيف ستسر له عن مواجعها):- ل.. لا شيء فقط ضايقتني أختي هذا كل ما في الأمر ، أحم لما لم تأتي للمؤسسة اليوم ؟
فريد:-كان لدي عمل مهم أ… بخصوص السيد إياد هل غادر المشفى ؟
مرام:-إنه في بيتنا لقد غادرها صباحا
فريد(مص شفتيه):-جميل جدا إذن سوف أراكِ بعد قليل
مرام(ارتجفت حين سماع ذلك):- تراني أين ؟؟ هييه ألو ألووو ماذا يقصد هذا الفريد؟؟

في شقة شهاب وصل وائل إليه قبل قليل وطرق الباب ولكنه لم يجبه لذلك استخدم مفتاح الشقة الثانوي الذي يملكه ودخل إلى البيت ، بحث عنه فوجده نائما بغرفته أو لنقل يتظاهر بالنوم
وائل(أشعل الإضاءة وكتف يديه):- هل تنفي نفسك هنا مثلا إنهض أود التحدث معك ؟
شهاب(تمطى بفراشه والضوء يزعجه):- أطفأه وائل أريد النوم
وائل(تقدم إليه وجلس بجانبه وأزال الغطاء الذي رفعه على وجهه):- لا لن أطفأه وستنهض معي الآن سأجهز لك القهوة التي تحبها
شهاب(نظر إليه بامتعاض):- لا أريد قهوة غادر فقط أحتاج للنوم
وائل(عقد حاجبيه وهو يمسك به من يده):- يستحيل أن أتركك شهاب ماذا يحدث معك أنت لست على ما يرام
شهاب(انتفض بغضب ورمى بالغطاء جانبا):- أوووه ماذا بك اليوم أنا أتحاشى اتصالاتك من الصباح فقط كي لا تزعجني لا أنت ولا نزارك الذي أصابني بصداع
وائل(لحق به إلى المطبخ):- قف هنا أنا أكلمك لما تتحدث بهذا الشكل
شهاب(أخرج قنينة ماء من الثلاجة):- أتصرف مثلما يحلو لي لا شأن لك
وائل(اهتز من رده الغريب ورمقه وهو يرتمي بكنبته على الصالون):- شهاب ما الأمر ؟
شهاب(تجرع بعض الماء ليطفأ لهيب روحه وقام بوضع القنينة على سطح الطاولة):- لا شيء لا يوجد شيء أنا فقط أشعر بالملل والقنوط وهذا أمر طبيعي حدوثه ، وأرجو أن تتفهمه وذلك بأن ترحمني وتغادر بيتي أريد أن أبقى وحدي
وائل(فتح سترته ورمى بها جانبا):- وأنا لن أبرح مكاني قبل أن تخبرني ما الذي يزعجك
شهاب(نظر إليه بغبن وأشاح بصره عنه وفي سره):- ما يزعجني هاه ما يزعجني أنني حاولت قتلك ليلة أمس حاولت قتلك أجل يا أخي الصغير ، وما يمزقني أنك تخونني مع حبيبتي السابقة المرأة التي أريد أن أنهي معها حياتي ، حتى لو كان قلبي بين مد وجزر معها ومع ميرا إلا أنني كنت لأختارها هي فهي التي ستجعلني سويا أما مع ميرا فسأغوص معها وسط الظلام ستعيدني إلى الماضي السحيق وهذا ما لا أريد تذكره …
وائل(جلس بجانبه):- بما أنت شارد ؟ ما الذي يشغل بالك يا ابن عمي ؟… أعلم أنه بك شيء ما فانطق ماذا هناك ولا تتعبني أكثر ؟
شهاب(تشنج من يد وائل التي وضعها على كتفه فاهتز متأففا وهو يضع يده على جبينه):- أنا متعب يا وائل ولا مزاج لي كي أتعاطى معك هذا اليوم دعني وشأني
وائل(هزه مجددا بعصبية):- حاورني رجلا لرجل وكف عن هذه التصرفات ما كنت أعلم أن التردد من شيمك
شهاب(بغمغمة قهر استدار إليه هادرا):- وأنا ما كنت أعلم أن الغدر من طبعك وائل
وائل(فتح فاهه بدهشة وهو يرمق شهاب يقف بعيدا عنه موليا ظهره):- م .. ما قصدك ؟
شهاب(مسح شفتيه وهو يسند بيديه على جنبه):- لم أقل شيئا غادر .. بليز
وائل(بعدم فهم نهض إليه بإصرار):- لن أبرح مكاني قبل أن تتفوه بكل ما يضايقك
شهاب:- لقد اختلطت علي الأمر ورجاجة عقلي مهددة بالانفلات ، لذا لو سمحت أنا في حالة لا تسمح لي بالتحدث مع أحد ولا حتى أنت وائل فانسحب من حيث أتيت
وائل(توجع من حديثه ولكنه ما كان ليتركه بتلك الحال):- شهاب .. هذا أنا يمكنك إخباري عن كل ما يعتمر صدرك ، ماذا فعلت حتى أثرت غضبك ؟
شهاب(نظر إليه جانبيا وهو يرسم ضحكة بهزل):- وتسألني بعد ماذا فعلت ، تمام يا ويل لنتواجه رجلا لرجل وعلى طاولة البيلياردو إن فزت عليك ستخبرني بما تخفيه عني وإن فزت علي سنضطر لإجراء حديث مطول
وائل(وضع يده على جنبه):- البيلياردو لعبتك المفضلة هاه ؟؟
شهاب:- إن كنت تخشاني فانسحب الباب مفتوح
وائل(تلاعب بلسانه من داخل فمه وتوجه للغرفة المجاورة حيث توجد الطاولة):- ليس وائل من ينسحب ويتنكَّب للأمر سأواجهه
شهاب(فرك يديه ولحق به):- شجاع كعادتك لكن دعني ألمس هذه الشجاعة في النهاية جهز نفسك لأردعك فخسارتك ستكون على يدي
وائل(رفع كمي قميصه بين يديه وفتح أزراره العلوية ونظر إليه بتحدي):- سنرى ذلك ..
أخذ أولاد العم مراسيم اللعب بجدية كبيرة بحيث كان التحدي باديا بينهما واللعبة اشتدت على آخرها والإصرار على فوز كل منهما كان جليا في أعينهما التي ترجمتِ الغضب بشكل أوضح من الشمس …
شهاب(ابتسم بخبث):- ها يا ويلي ألا زلت مصرا على الفوز ؟
وائل(نظر إليه بثقة):- لحد الآن لم أمكِّنك من الإطاحة بي
شهاب(مرر لسانه على شفته بثقل وعيناه مسمرة في كرة معينة):- صدقني ليس لوقت طويل هااااااااه ضربة موفقة لي سأستمر ههه
وائل(مال برأسه بتحدي ومط شفتيه مركزا بدقة على الكرة التي لم يصبها للمرة الثانية لذلك صغر عينيه من أجل المبادرة في اللعب):-خذ هذه يسسسس إنها لي لي أناااا
شهاب(هنا تغلغل بغضب فتلك الجملة تخص ميرنا وهنا رفع رأسه إليه وهو يتنفس بنفاذ صبر):- لن تكون لك لوقت طويل يا كبد ابن عمك لا بد من عودتها لمكانها الأصلي
وائل(ابتسم حين ربحه في الجولة واستمر):- امم أظن أن حظ المغرور يُحسد عليه ههه
شهاب(ضرب يده على حافة الطاولة):- استمر باللعب لنرى أين ستؤول المواجهة بيننا
وائل(توجس منه ولكنه آثر إنهاء اللعبة ليعرف سر غضبه الجامح ذاك):- لك هذا
استمرا في اللعب حتى لم يتبقى على الطاولة سوى كرتين وفرصة واحدة لكل منهما والدور كان لشهاب
شهاب(بخبث):- مستعد ؟
وائل(تنهد عميقا وأومأ له بالبدء):- تفضل
تنهد شهاب عميقا وهو يرى في الكرة فرصة حياته في الفوز بميرنا رغم أن النزال غير نزيه فوائل لا يعرف بعد ما سر هذه العدائية في شهاب ، لكن هذا الأخير كان يعتبرها حقا مسلوبا وعليه استرجاعه ولذلك وبكل ما يملكه من براعة قام بضرب الكرة حتى سقطت في موضعها وأعلن الفوز له ..
وائل(رما بالعصا على طاولة البيلياردو وتقدم إليه):- أنا لك يا شقيق تكلم ؟
تقدم إليه شهاب في نفس الوقت متوجهان لبعضهما بعضا حتى وقفا تقريبا بمنتصف طاولة البيلياردو وجها لوجه ، بيد شهاب كان مبرد العصا الخاصة باللعب والتي قام بوضعها ببطء شديد على سطح طاولته مع المبرد والتفت إلى وائل ببسمة
شهاب:- أنت تعلم تماما أن طبعي سيء جدا فيما يخص الأناس الذين يغدرون بي
وائل(سحب نفسا عميقا ومط شفتيه):- أعلم ذلك علم اليقين
شهاب(اقترب منه خطوة وبهسيس شرس):- وتعلم أيضا أنني لا أتوانى في الانتقام حتى لو كان ذلك الشخص أقرب لي من الوريد
وائل(نظر بطرف عين لرأس شهاب الذي كان يهمس بأذنه):- هذا ليس بجديد عليك
شهاب(أمسكه من ياقة قميصه):- إذن لماذا سمحت لنفسك أن تفعل بي ذلك يا وائل ؟
وائل(لم يحرك ساكنا حاول إزالة يد شهاب لكن الأخير كان مستعرا):- ألا أستحق مساعدة شكلية تبرز لي فعلتي الشنيعة التي تجعلك تتطاول هكذا وتمسك بياقة قميصي كالأهوج ؟
شهاب(دفعه على الحائط بقوة والغضب يتطاير من عينيه):- لا تستفزني
هنا وائل رد الدفعة لشهاب حتى ارتطم بطاولة البيلياردو وبات الاثنان ينظران لبعضهما بنظرات لا تعرف الرحمة
وائل:- إياك وأن تعاملني مثل الطفل أسمعت ؟ لقد ولى زمن الإصغاء لك يا ابن العم
شهاب(مسح على فمه بغضب):- أنت قد سلبتي شيئا يعنيني ولن أتوانى في استرداده كن متأكدا من ذلك وائل ، وتذكر أنك من وضعنا في هذا الموقف
وائل:- كفى !!! أنا حتى لا أفهم عماذا تتحدث وضح كلامك ويكفي أحجيات هنا
شهاب(سمع رنين الباب):- بما أنني الفائز باللعبة سأسألك سؤالا محددا وتجيبني عليه
وائل(أنزل كميه بعصبية وغادر الغرفة):- لن أستجديك أكثر إن كان لديك شيء قله وإن لم يكن سأذهب في حال سبيلي أرهقتني يا رجل من فرط التفكير
شهاب(استوقفه بكلمة):- ميرنا …
وائل(هنا فتح عينيه بصدمة وتوقف محله لالالا لن يكون كل هذا بسببها أووه):-…لارد
شهاب(ابتسم بمكر):- سأعرض عليها الزواج …
وائل(ضحك بهزل واستوعب حجم المصيبة تلك):- م.. هه ماذا ؟؟
شهاب(تقدم نحوه فاستدار الآخر إليه في مواجهة أخرى وتعني هذه المرة بداية الحرب):- كما سمعت أنا أحبها وسأعرض عليها الزواج وهذه المرة بالطريقة التي تناسبها
وائل(انتابه غضب الدنيا بأكملها إلى هنا ويكفي):- يستحيل أن توافق عليك
شهاب:- وما أدراك أنت ؟
وائل(مسح على حاجبه وهو يلتقط أنفاسه):- أعلم تفكير ميرنا كيف هو وقد أوضحت لك أنكما أصدقاء يعني ..
شهاب(سمع جرس الباب ولم يهتم):- إنسى أمر الباب ولنكمل من حيث بدأنا ، آه أين كنا في يعني يعني تقصد بها أنه لم يعد هنالك مشاعر و جعجعة من ذا القبيل ، صحيح صحيح لقد قالت كذلك ولكنني أعلم كيف أجعلها تقبل بعرضي فأنا شهاب دونجوان النساء ولم تفلت أيهن من قبضتي ولو كانت تعيش وسط محارة في أعمق بحر
وائل(الآن إن ضربته في نصف وجهه سيكون لي عذر):- لا تتفوه بالحماقات شهاب أنت لا تليق بها وحتى لا تريدها حبا بل شجعا فأنت لطالما كنت تموت في سبيل استرداد لعبة سلبها منك أحد
شهاب(أغمض عينه منزعج من طرق الباب المتواصل):- وميرنا ليست لعبة كي أسمح بأن يسلبني منها أحد غيري
وائل:- لما لا نتحدث على المكشوف فأنا لا أطيق اللعب بالكلام المفخخ الذي تهواه
شهاب(رفع يديه بترحيب):- وأنا كلي آذان صاغية
وائل(ماذا سأقول له وميرنا قد نبهتني ألا أعترف لأحد حتى تختار هي الوقت المناسب ، لكن وعدي لها مقابل صراحة ابن عمي):- شهاب أنا وميرنا ..
شهاب(رن جرس الباب بكثافة حينها مع طرق مزعج):- أوووووووه من من من ؟؟؟؟
توجه بغضب كي يفتك بمن أزعجه في حديث مصيري كهذا وما إن فتح الباب حتى اندهش مثله مثل وائل الذي عقد حاجبيه مستغربا من تلك الزيارة اللطيفة
فؤاد(دخل دون انتظار دعوة):- ما الأمر ساعة وأنا أطرق الباب صراخكما وصل للشارع ؟
شهاب(أغلق الباب):- هل سمحت لهذا بالدخول ؟
فؤاد(أزال سترته واستلقى بأريحية على الكنبة):- وائل حبيب عمك حضر لي كأس مشروب جف ريقي وأنا أنتظر أحدكما يتعطف ويفتح هذا الباب البائس
شهاب(فتح فمه كي يشتم ويلعن):- اللع..
وائل(أشار له):- ماذا تريد يا عمي ؟
فؤاد(نظر إليهما الواحد تلو الآخر وبامتعاض):- أتصدقان أنكما قمة الفظاظة ، إيتيني بما طلبت يا وائل وأنت تعال اجلس هناك
شهاب(حسن هنا قمت بإشعال القنبلة):- أنا سوف أفتح رأس…
وائل(جذبه بقوة خلف عمه الذي كان يوليهم ظهره فوق الكنبة):- اجلس وكفى جنونا الليلة
شهاب:- دعني لا يزال بيننا حوار غير مكتمل وسوف ألقي بهذا خارجا ونتممه
وائل(تحت أسنانه أيضا وبخفوت):- هذا الذي ستلقي به يعد عمك فاحترم قليلا المقامات
فؤاد(رفع يده):- لا تنسى مكعبات الثلج يا ويل ههه
شهاب(تقدم إليه وهو ينفث بنرفزة):- مقامات هاه هففف اللهم طولك يا روح
فؤاد(رآه وهو يجلس مقابله وأردف بمرح):- آمين آمين ..
شهاب(ضرب على فخده ويده الأخرى على فكه):-يا نعم أي خدمة ؟
فؤاد(رفع شفته مع رجله التي وضعها فوق الأخرى):- أيوجد لديك سيجارة ..أوه من ملامح وجهك الممتقعة كالبطيخة يتضح أنها قد نفذت حسن سأكتفي بكأس ، شكرا وائل
وائل(قدمه له وجلس بتعب):- على الرحب والسعة
فؤاد(شرب منه القليل واسترخى بحركة مضحكة):- أوه السهرة ستكون ممتعة معكما يا أبناء إخوتي الحلويييييييين ، يا كبد عمكما ما أجملكما هاه من سيحضِّر منكما لنا العشاء ؟؟؟؟
هنا نظر كل منهما لبعضهما بعضا وعادا لينظرا إليه بعدم تصديق ، ملامح الدهشة كانت جلية على وجههما ، الصدمة لم تترك لهما مجالا للاستيعاب حتى منظرهما كان جدا مضحكا ، فكيف سيتحملانه حتى موعد العشاء ، لا يدرون أساسا من أين نزل عليهما حتى ههه فليكن الله معهما إذن ^^

في تلك الأثناء تحديدا وببيت الراجي
كان تقريبا الجميع ملتفين حول إياد بالغرفة العلوية رفقة فريد الذي أتى لكي يطمئن عليه
إياد:- أتعبت نفسك صديقي فريد
فريد:- ولو لا شيء من مقامك جيد أنك تتماثل للشفاء
إياد:- تسلم
فريد:- طيب يا جماعة سأنزل لأتفقد الآنسة مرام قبل مغادرتي ، عمتم مساء
نور:- سأرافقك
إياد(نظر إليه):- أ… نور أنسيتِ دوائي رجاء أعطني إياه
نور(صغرت عينيها في إياد وابتسمت):- آه نسيت نسيت ..إذن تفضل يا فريد تفضل يا عزيزي البيت بيتك
عواطف:- كيف تنسين الدواء يا بنتي ؟
نور(تلاعبت بلسانها وهي تنظر شرا في إياد):- حمم الدواء هاه
إياد(حرك لها حاجبيه بمرح):- يعني هههه ..
نزل فريد بخطى هادئة وبحث عنها لقد تركها في الصالون حين قدومه والآن أين ذهبت ، توجه بهدوء صوب الصالون الآخر فوجد رنيم مع طفليها ودعاء بجوارها تلاعب سجى بين يديها
رنيم:- أهلا فريد أتبحث عن مرام إنها بغرفتها هناك بنهاية الرواق
فريد(بتوتر):- شكرا لكِ سيدتي أريد أن أودعها قبل ذهابي فقط ممتن لكِ
رنيم(ببسمة):- تفضل ..
دعاء(انحنت عند رنيم):- هممم ما رأيكِ ؟
رنيم:- والله إن كان هذا الشاب سبب عودة روح أختنا المرحة فسأرحب به ليل نهار ههه
دعاء:- بصراحة فور تعرفها عليه انقلبت شخصيتها وعادت تضحك وتتحدث معنا
رنيم:- لقد لاحظت ذلك وهذا أمر جيد حتى نفسيتها ستكون مرتاحة
دعاء(آآآه لو تكون نفسيتي أنا أيضا مرتاحة ولكن مع الأسف):- أتمنى ذلك ..
طرق الباب طرقة خفيفة وسمع إذنها بالدخول كانت تجلس جوار مكتبها تلامس كمانها بشرود حتى أنها توقعت دخول إحدى إخوتها لذا لم ترفع رأسها لحين اقترب
فريد:- هل لي بإزعاجكِ قليلا ؟
مرام(شهقت بفزع ضئيل):- هئ فريد أ.. اعتقدت إحداهن يعني احم تفضل بالجلوس
فريد(ظل واقفا يتأمل غرفتها بتمعن):- لديكِ ذوق جميل في تنسيق الألوان هنا
مرام(بخجل):- شكرا
فريد:- أنثوي ودافئ إلى جانب أن الغموض يتلحفه بعض الشيء
مرام(بدهشة):- واو حسُّك فني عن جدارة
فريد(غمزها بخفة):- يعني .. أشكركِ على هذه الفرصة الآن فقط رأيت غرفة فتيات حقيقية لأن غرفة الفتاة التي عشت معها طوال عمري أشبه بغرفة السفاحين ولا تطلبي مني وصفا سأجعلكِ يوما ما ترينها بأم عينيكِ
مرام(انفجرت ضحكا من حديثه):- ههههه كلي شوق لرؤيتها صدقا
فريد(مرر إصبع على حافة مكتبها حيث انتبهت):- طيب ألن تخبريني ما كان يزعجكِ حين اتصلت بكِ آنفا
مرام(لم تخفي ابتسامتها بل حافظت عليها وهي متوترة داخليا):- مجرد مشكلة في فستاني الذي سأحضر به زفاف ابنة عمي هذا فقط
فريد:- أهاااه إذا كان كذلك فمعناها هي مشكلة عويصة أعانكِ الله عليها
مرام:- ههه سلمت
فريد:-تمام سأنسحب الآن غدا لن تمري بالمؤسسة صحيح ؟
مرام:- لا لقد طلبت الإذن من أستاذتي وسمحت لي بالغياب
فريد:- أوك سأراكِ إذن بعد يومين هنا
مرام:- سأكون بانتظارك ، دعني أرافقك للباب
غادر فريد غرفتها وأشار لرنيم ودعاء بإشارة وداع واتجه رفقة مرام صوب الباب الخارجي وحين فتحه وهمّ بتوديعها دخلت كوثر كالرعد
كوثر:- مرحباااااااا أنا جيت أهلا فريد أهلا مرام أين الجميع ؟
مرام(ببسمة):- بالأعلى ستجدينهم متجمهرين حول سمو الملك
كوثر:- أوهوووه يليق بي هيا دعوني أراه قبل أن ينفيني نفيا من مملكته على تقصيري
فريد:- تفضلي أختي
صعدت تركض لفوق ونادتها رنيم فأشارت لها كوثر أنها عائدة بسرعة لرؤيتها ..
نور:- آه يا ربي ما كنت أعرفك بذا الدلال حسن يا سيدي سوف نضيف الملح لحسائك أي أوامر أخرى ؟
إياد(تؤكله عواطف):- هذا فقط ست نور مشكورة لتفهمك ههه
كوثر:- مرحباااااا من اشتاق لي ؟
عواطف:- كوثر آه أهلا حبيبتي عدتم باكرا ؟
كوثر:- يعني قلت أن آتي لزيارة صديقي وإلا سيكرهني ليوم الدين على تقصيري في حقه
إياد:- طالما جئتِ الآن غفرت لكِ
كوثر:- ههه كيف حالك الآن ما أخبارك ؟
إياد:- جيد لكنني لا زلت غير قادر على تحريك يدي كما يجب
كوثر:- طبعا لن تستطيع الجرح لا يزال حديثا هه .. أين هي ممرضتك ؟
نور:- ميرنا ؟
كوثر(ببسمة):- ومن غيرها أهي بغرفتها ؟
إياد(ضحك بسخرية):- ولكنها في بيتكِ يا كوثر ألم تكن معكِ ؟
عواطف:- قالت أنها متوجهة إليك من أجل أغراض تخص الزفاف
كوثر(تنقلت بعينيها إليهم الواحد تلو الآخر وعرفت أنها بموقف محرج):- أووووووه يا إلهي نسيت تماما موعدنا بالمحل التجاري ستقتلني ميرنا وداعا وداعا سأعود لاحقا
نور:- ههه اتصلي بها يا مجنونة
مديحة:- آه على طيشهن ههه ربي يحفظهم يا رب
إياد(تنهد عميقا):- لقد شبعت خالتي عواطف أحتاج للنوم قليلا
عواطف:- طيب يا حبيبي هيا بنا نور مديحة
مديحة:- إن احتجت شيئا نادي علينا فقط
غادروه وتركوه يستشعر وجعا من نوع آخر كان يعلم من البداية أن ميرنا تكذب عليه لكن إلى أين ذهبت وما الأمر الذي تطلب منها أن تخفي عنه ما تخططه له وتنجزه خفية عن الجميع ، خرجت كوثر بسيارتها وأخذت تتصل هي الأخرى بها ولم تستجب فالهاتف كان مغلقا لذلك تركت لها رسالة صوتية وغادرت إلى بيتها كي لا تسبب لصديقتها مزيدا من الإحراج أمام أسرتها .. إذن لننتقل لنرى أين وصلتِ الآنسة ميرنا ^^

نزلت من سيارة الأجرة بجانب كورنيش البحر ، تأبطت جيدا حقيبتها الجلدية السوداء وعدلت قبعتها ثم استدارت حولها بالمكان لم يكن هنالك وجود لأدنى سيارة رمادية ، ولهذا تنهدت بارتياح وتقدمت صوب البحر لتشكو له أرقها ووجعها الدفين ، عدلت قفازيها بيديها وضمت الحقيبة بهما وهي تطالع البحر الهائج قليلا فالجو كان غائما والسماء ملبدة كأنها كانت ستمطر ، وهذا ما ينقصها حقا كي يكتمل جمال يومها شردت بعيدا في ذكرياتها لحين سمعت صوت فرامل سيارة توقفت خلفها فاستدارت بخفة ولمحت شخصا يترجل من سيارة رمادية إذن حان الوقت ، كان يجب عليها أن تتحلى بالقوة للمواجهة الضارية التي تنتظرها حتى وإن كانت تشعر بأنها تقدم على خطأ فادح في حق الكثيرين وأنها ستكذب رغما عنها ، إلا أنها عزمت على فهم الأمور كما يجب بدلا من أن تبقى في الواجهة كعارضة لا جدوى منها ..
طلال(فاجأها بمصافحته لها):- مرحبا آنسة ميرنا أنا لست مصابا بمرض لا تقلقي
ميرنا(باندهاش):- لما تقول ذلك ؟
طلال:- من قفازتكِ يعني ههه أمزح معكِ إنها تليق بكِ آنستي تفضلي معي
ميرنا(من غريب الأطوار هذا أكل من يعملون مع حكيم مجانين مثله):- همم شكرا لك
طلال(آه كم أصبحتِ فاتنة له الحق في أن يجن بكِ):- السيد حكيم بانتظارنا
ميرنا(وكأنني متلهفة):- تمام ..
طوال الطريق الذي جاور البحر كانت تناظر النافذة بصمت ، قلقة وفي نفس الوقت قلبها لم يتوقف عن الخفقان شعرت بتوعك لكنها أقرت بأنه بسبب عدم تناولها لشيء منذ ساعات ، مصت شفتيها وهي تتنهد عميقا وعقدت حاجبيها وهي تلمح نظرات سائق حكيم الغريبة لها قد كان مبتسما طوال الطريق وكأنه يعرفها ليكون بأريحيته هكذا ، عدلت جلستها الأنيقة وزفرت بعمق وهي تنتظر متى تغادرها ، بعد مدة بسيطة وصل بها أمام قصر حجري في الطرف الآخر مطل على البحر ، ذهلت بروعته وهندسته الخارجية فقد كان تحفة وهذا ما جعلها تستغرب تواجده الذي لم تلحظه يوما في حياتها ، طيب كيف ستلحظه وهي لا تصل تلك الأماكن بتاتا تنهدت للمرة الألف وهي تتمالك أعصابها فهذا ليس وقت استفسارات بل وقت الحصول على الأجوبة .. ترجلت من السيارة بعد أن فتح لها طلال الباب وانحنى ببسمة زادتها توجسا منه وتقدمت نحو مدخل القصر الذي كانت دعائمه الحجرية الشاهقة تزيد من غرابته .. ولجت متحفا وليس قصرا فكل زاوية فيه كانت بلوحة فنية من الطراز العتيق زيادة على الأنتيكا المرصوصة على الجوانب جعلتها تندهش أكثر فأكثر ، تعمقت وسط ذلك الممر الطويل وصولا للقاعة الرئيسية حيث كانت ستائرها البيضاء تتراقص مع وتيرة الرياح المحيطة بالمكان … همم طيب أين هو أمير هذا القصر أم أنها خدعة سافلة منه ، قبل أن تفتح صنبور الشتائم بعقلها لفت انتباهها شرفة جانبية للقاعة فتوجهت إليها بهدوء ووجدت طاولة طويلة عريضة موضوعة هناك عليها أواني فضية منتقاة بعناية ولشخصين اثنين وموضعهما كان متباعدا بحيث يكونان أمام بعضهما بعضا …
ميرنا(حلو وكأنني بمسلسل أرستقراطي قديم):- هفف لا ينقص سوى عازف كمان لتكتمل اللوحة الخيالية
حكيم(كان ماثلا على الجانب يتأمل البحر من سفح الشرفة التي كانت مطلة عليه):- هي فكرة جميلة لكنها لم تكن واردة لدي ، أضفتهِا لمعلوماتي سأعتمدها المرة المقبلة شكرا
ميرنا(نظرت إليه نظرة خاطفة بطقمه الرجولي الأسود كان مثل النبلاء فالطقم كان بستايل الثمانينات وليس مرافقا لهذه الحقبة وهذا ما جعله جذابا أكثر):- أهلا
حكيم(تقدم إليها ببسمة متأملة لكل تفاصيلها وأمسك بيدها بين يديه وقبلها):-أهلا بكِ بقصري المتواضع
ميرنا(هذا متواضع طيب لو كان منتهى الرفاهية كيف كان سيكون):-احم شكرا لك
حكيم(سحبها بهدوء وجذب الكرسي الخاص بها لتجلس):- تفضلي هنا
ميرنا(وضعت حقيبتها الجلدية على جنب):- شكرا لك
حكيم(انحنى إليها بهمس):- أنتِ تشكرين كثيرا هل هذا طبعكِ أم من خجلكِ فقط ؟
ميرنا(رفعت رأسها له وجدته قد انسحب ليجلس أمامها):- أنا لست خجلة مما سأخجل يعني
حكيم:- اهدئي أنا أمزح فقط .. مجهود رائع ممتن لذلك
ميرنا(عن أي مجهود يتحدث هذا الغبي):- .. أ..
حكيم(أمسك بجرس الطاولة وحركه):- .. دعهم يجهزون الأكل يا طلال وحبذا لو تأتينا بمشروب للآنسة ميرنا
ميرنا:- أنا لا أشرب
حكيم(نظر إليها بتمعن):- مشروب غازي ممكن ؟
ميرنا(مسحت خلف عنقها بتوتر):- هذا ينفع ..
حكيم:- مشكور يا طلال
طلال(غمزه بخفة وذهب):- تمام ..
حكيم(تنهد من قربها الساحر وابتسم):- أشكركِ على قبول دعوتي آنسة ميرنا
ميرنا(مطت شفتيها ببسمة بلاستيكية):- قبولي كان له شروط والتي أتمنى لو تجعلنا نخوضها كي نكسب وقتا إضافيا أتمكن فيه من المغادرة سريعا
حكيم(فتح قنينة المشروب التي كانت بجانبه وصب لنفسه القليل):- طالما وطئتِ قصري معناه أن تبقى بين جدرانه لحين آذن لكِ بالرحيل ، وشيء آخر أنا أفي بوعودي
ميرنا(ضحكت بهزل):-والله !! أمتأكد من ذلك ؟
حكيم(هز حاجبه واستوقفه قدوم الخادم بالمشروب):- همم ..
بادلته نظرة حنق وهي تبعد عينيها عنه وطبعا قد بدأ التوتر والقلق أبكر بكثير مما كانت تظن ، بعد أن صبَّ لها الخادم مشروبها تجرعته بسرعة فقد كان كل شيء حولها يجعلها تشعر بالظمأ ، أعادته للطاولة بهدوء تام ونظرت إليه وجدته قد وضع كأسه هو الآخر مبتسما
ميرنا(بتوجس وفي سرها):- لما يبتسم بتلك الطريقة الهوجاء هل شعري غير مرتب أو قبعتي يا ترى لالا يمكن هناك شيء بكحل عيني تتت أوه ماذا علي أن أفعل ؟؟
حكيم:- لما أنتِ متوترة تفضلي المشروب ..سأعود لكِ بعد قليل
تنهدت بأريحية فور ذهابه وفتحت حقيبتها بسرعة وأخرجت مرآتها تفحصت نفسها ولم يكن هنالك شيء يدعو للانزعاج لكن لما كان يبتسم بتلك الطريقة ؟؟؟؟
سؤال يستلزم إجابة ستحصل عليها فور عودته ، تجرعت ما تبقى من مشروب ونهضت من محلها تتأمل ملكوت الله حولها ، لذلك استقرت على سور الشرفة وهي تتنفس عطر البحر الذي لا يضاهيه عطر آخر روعة ..
ميرنا(أمسكت بعقد الشمس بين يديها وبنظرة كسيرة):- اشتقتك حبيبي وسامحني على كذبي المتواصل لكنها حياة إياد وعلي أن أضحي لأجل ذلك ، أحبك حبيبي
قالتها وهي تهمس لقلادتها التي أعادتها لصدرها وأخذت تستسيغ نسمات البحر من جديد ، تفكر وتحلل وتستنتج لوحدها الآن إن صارحته بأنها تعرف هويته كيف ستكون ردة فعله وماذا سيخبرها وإن صمتت هل سيثق بها ويفصح لها عن من حاولوا اغتيال إياد ، طيب ما السر الذي يخفيه خلفه لما كل هذا الغموض ؟ وطالما هو يعيش هنا وهذا قصره لما لم يزرنا ولو مرة واحدة ببيتنا وخالتي مديحة المسكينة التي تنتظر عودته كل يوم ألم يفكر بأن يطمئنها عنه ولو مرة ويمتع عينيها بطلته ؟؟ لالا هناك شيء وإلا فإن ابن عمها أكبر أناني طماع جشع عرفه الوجود ..
حكيم(أتى من خلفها وهمس):- لقد تكبدتِ عناء كل هذا من أجلي حقا أنا رجل محظوظ هه
ميرنا(أغمضت عينيها وفتحتهما به):- لا شيء هنا من أجلكِ هذه أنا ودوما متألقة
حكيم:- ومتعجرفة لقب لائق أكثر
ميرنا(بدأنا لعبة الاستفزاز ، عضت شفتيها ورمقته بحذر):- أنا حتى لا أعرف اسمك الشخصي
حكيم(غمزها وسار بعيدا عنها):- أنسيتِ .. أنا الشبح ههه
ميرنا(حولت عينيها ولحقت به لداخل القاعة وكتفت يديها بينما كان هو يتقدم نحو الغرامافون الموضوع على جنب هناك):- طيب حتى الشبح يملك اسما فما اسمك ؟
باهتمام حرك أسطوانة هناك وانطلقت موسيقى متفرقة ما بين آلة القانون والناي قليلا وبعدها انضم صوت الساكسفون الذي صدح بقوة يفرض نفسه في وجوده الحتمي ، وهذا ما جعل قلب ميرنا يخفق بشدة فقد أعادها لزمن ساحق
حكيم(تقدم إليها وهو يضع يده على صدره ويده الأخرى ممدودة لها):- راقصيني
ميرنا(رفضت وهزت رأسها بنفي وهي تشيح ببصرها عنه):- لا أريد ..
حكيم وصلها دون أن ينتظر ردة فعل أخرى منها ، قد جذبها إليه بحركة تملك وأزال قفازتيها ورمى بهما على سطح الكرسي هناك بإهمال جعلها تجفل ولم تلاحظ أنه قد أزال قبعتها هي الأخرى ووضعها بجانب القفازات وقبل أن تنطق بكلمة رفض واحدة دفع برأسها إليه وجابه عينيها بنظرة تحكم في زمام الأمور ، وتهديد مبطن سرَّب الرجفة لأساريرها المصدومة .. جذبها لوسط القاعة وبدأ يراقصها بعناية على وقع تلك الأنغام المتفجرة بالأكوان ..
لم تكن رقصة عادية فقد كان يحركها كاللعبة بين يديه يأخذها يمينا وشمالا ويسحب يدها تارة ويبعدها تارة أخرى ويجذبها لصدره مصطدمة أغلب الأحيان حتى ينتفض شعرها من تلك الحركات التي أفقدتها يقينها بالحياة ، فتلك الأجواء كانت رغم الرفض آسرة بشكل لم تستطع مقاومته فأي مجنون سيرفض رقصة من العهد الجميل ..
حكيم(تنهد واعتدل في رقصة اعتيادية يدها على كتفه ويدها الأخرى بيده وهو ممسك بها من خصرها يضمها إليه بشكل متباعد):- إذن أخبريني يا ذات العيون العسلية هل لديكِ حبيب ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها حتى سعلت وهي تجحظ بعينيها متفاجئة من سؤاله هذا يا إما مجنون يا إما مجنون):- أفندم ؟؟ حضرتك ليس مسموحا لك التدخل بحياتي أو السؤال عن شيء يخصني أنا هنا أجاريك فقط في هذا كي يمضي الوقت ويصل موعد العشاء ونتناوله بروتين معهود وبعدها تخبرني بما أود معرفته وتتفضل بإيصالي لبيتنا ونقطة انتهى وداعا ..
حكيم(ضحك وهو يعض شفته ويمرر عينيه حول تفاصيل وجهها المشرق ، فأبعدها عنه حسب مطلع الرقصة ليجذبها إليه مجددا):- ميرنا كم تعشقين النهايات السريعة وتغفلين أمرا مهما ، أن التفاصيل هي سر الوجود
ميرنا(مال بها إلى الأسفل مع مقطع موسيقي):- ليست كل التفاصيل مهمة
حكيم(أعادها لوقفتها الطبيعية):- لكنها تبقى مترسخة بالعقول وإن غابت عنا
ميرنا(حركت فمها وهي تتنهد):- لقد تعبت دعنا نتوقف
حكيم(أبعدها عنه وأعاد جذبها إليه رأسه إلى رأسها وبنظرة خاطفة):- كما تشائين
تركها واقفة هناك تضع يدها على بطنها ووجدانها كله ينتفض بأشياء غريبة تستفيق مع هذا الشخص الذي يعذبها بمعنى الكلمة .. لم تجد بدا ساعتها سوى أن تكمل سير قرارها لم تلحق به بل طلبت التوجه للحمامات وقام الخادم باصطحابها
ميرنا(بعد دخولها أقفلت الباب خلفها ونظرت حولها بتمعن ثم انحنت على حافة المغسل وهي تناظر نفسها بالمرآة):- ماذا يحدث لكِ يا ميرنا لما ينعقد لسانكِ معه إنه يستحق العتب واللوم لقد آذاكِ يجب أن تقتصِّي لنفسكِ ولطفولتكِ منه لقد وعدكِ بالعودة ولكنه لم يعد وأنتِ التي اعتقدته يعاني ، أنظري لكل ما يملكه إنه ميسور وظروفه تسمح له بالعودة لكنه لم يعد لم يعد
مسحت على شعرها بعصبية وغسلت يديها وهي تتنفس بعمق وتشحن عقلها بصور تأملية تحول بينها وبين التهور والانفجار في وجه بارد الأعصاب الكامن خارجا .. أزالت توترها بجهد جهيد ورسمت بسمة اصطناعية على شفتها وخرجت من جديد ، بعد أن حل الظلام باتت للأضواء المنيرة في كل زاوية رونق خاص بها مع الموسيقى التي تحولت لعزف آلة الهَارْب الناعمة والتي أضفت سحرا آخر لتلك الليلة الغبراء ..
حكيم(يحدث الخادم الذي كان يضع أطباق العشاء):- لا تنسى حلوى العنب ميرنا تحبها
الخادم:- إنها جاهزة سيدي فور طلبك سوف تكون بالمتناول
حكيم(ببسمة ربت على كتفه):- تستطيع الذهاب الآن ..آه ميرنا تقدمي قبل أن يبرد العشاء
ميرنا(ابتسمت بشرود للخادم الذي ابتسم لها وتقدمت وهي تطالع بسمة حكيم وكأنها لم تستفزه قبل قليل مطلقا ، طبعا إنه كتلة ثلج فما الغريب):- احم إنها أطباق كثيرة وأنا أكلي قليل سيد شبح
حكيم(رفع حاجبه وضحك وهو يعدل جلسته):- ههه أعجبني لقبي الجديد تفضلي
ميرنا(نظرت أمامها ووضعت قليلا بصحنها ، يعني حتى لو تم قتلي ورميي في ذلك البحر يجب أن تكون بطني ممتلئة حرام الأسماك المساكين يتناولون جسما جافا بطنه خاوية ههه آخ على تفكيركِ ميرنا هل هذا وقت خيال أنمي الآن ؟؟؟):- تت همم
حكيم(قطع اللحم بسكينه والتقطه بشوكته):- هل أقوم بالتقطيع لكِ ؟
ميرنا(تعصبت مع قطعة لحم لم تكن طوع أمرها):- لا داعي أنا أعرف كيف أقط..
فاجأها بوقوفه السريع بجانبها فرمقته باستغراب وقد كان هو منهمكا في تقطيع عدة قطع لها ويضعها بحرفية على صحنها الواحدة تلو الأخرى ، سكب أيضا بعضا من الصلصة بحافة الصحن فانسكبت على قطع اللحم وكم بدت شهية
حكيم:- الآن هي جاهزة تفضلي
ميرنا(مسحت خلف عنقها مجددا وهي تزفر بتعب إنه لا ينفك بيدي اهتماما بلاستيكيا مزيفا على الأغلب):- همم مشكور
أول قطعة اعتقدت أنها ستكون هي الأخيرة لكن لذة الأكل كانت لا تقاوم مع المنظر الذي كان بجانبها البحر الأزرق الداكن فبعد سقوط الليل بات بتلك الروعة الساحرة ، رفعت رأسها للسماء وجدتِ النجوم قد تفرقت وظهرت النجوم جلية لامعة بشكل أوضح مما تظهر عليه بالمدينة وهذا زاد انشراح صدرها ونهمها للأكل ، أما بسمتها بين لحظة ولحظة كانت تلهمه لتأمل تفاصيلها بدقة لا متناهية .. إنها جميلة لا بل مدعاة للتأمل المحرم
حكيم(في سره):- عصفورتي الصغيرة كبرت وهي أمامي الآن تتناول طعامها بأريحية متمازجة مع قلق النساء ، متى أصبحتِ بهذا الجمال يا صغيرتي ؟
ميرنا(مسحت شفتيها بعد أن فتكت بحلوى العنب التي تحبها وحين رفعت رأسها إليه وجدته قد توقف عن الأكل واضعا يده على فكه ويتأملها بوقاحة وهنا تذمرت):- لا أطيق من يشاهدني وأنا آكل
حكيم(مط شفتيه بتساؤل):- وهل هذا انعدام ثقة ؟
ميرنا(صغرت عينيها فيه):- أجده أمرا مزعجا فحسب لا علاقة له بالثقة
حكيم:- تمام حين تنتهين انضمي لي بالقاعة فالجو قد برد هنا وأخشى عليكِ من المرض
ميرنا(رفعت حاجبها بامتعاض ورددت خلفه وهو يبتعد):- أخشى عليكِ من المرض طيب ألا تخشى علي مثلا من أن أصاب بجنون من كثرة الصواعق التي تضرب عقلي مرة بعد مرة .. تتت الصبر يا ربي الصبر
أبعدت الكرسي ودخلت إليه وجدته يقف بجوار نافذته فتقدمت إليه وقد رمقت خلفها الخدم يتحركون كالنمل من أجل تنظيف الطاولة الخارجية، لم تهتم بل وصلت إليه وتوقفت نظرت إلى حيث ينظر قد كان أمامه صورة البحر المظلم ولوهلة رأته تشبيها مناسبا له فهو غامض مثل تلك الظلمة الموجودة هناك ، لاحظت انحناء عينيه وكأنه يصارع شيئا داخليا خامد منذ أزل وقد حان إطلاق سراحه لحكم الحاضر ..
ميرنا:- ألن تقول شيئا سيد شبح ؟
حكيم(ابتسم ولم يتزحزح من محله ولا عن نظرته العميقة):- صديقكِ يبحث عن أسرار ستودي بحياته إن استمر باللحاق بها
ميرنا(ارتعشت خوفا عليه):-أتعرف شيئا عنهم ؟
حكيم:-ههه ذكية أنتِ ، أجل أعرف عنهم الكثير
ميرنا(بلهفة اقتربت منه):- مثلا ؟
حكيم:- أنهم قتلة بلا ضمير بلا رحمة بلا إنسانية ومن يقف بطريقهم يقومون بتصفيته هو وكل أسرته حتى يمحى أثرهم بالكامل من على هذه الأرض
ميرنا(ابتلعت ريقها بقلق):- أنت تقول هذا لكي تخيفني فقط ونسيت أنني وصديقي لا نهاب شيئا ، نحن حراس قلم وسنلاحق تلك القضية لآخر الرمق
حكيم:- برافو أبهرتني شجاعتكِ أثرت بي حقا ، ميرنا ميرنااااا كفي عن الجنون وانسحبي من تلك القضية التي لن تجلب لكِ سوى المتاعب
ميرنا(رمقته شزرا ومن بين أسنانها):- وأنا لا أتهدد
حكيم(هدر فيها بعصبية):- أتظنين أنه صعب عليهم القصاص منك ومنه ؟؟ ألا تعتقدين أنهم لا يعرفون عنكِ الشيء الكثير أهلكِ أصدقائكِ ماذا تأكلين ماذا تشربين من ترافقيييين ؟
ميرنا(تحركت حنجرتها وأردفت):- وإن يكن طالما أنني صاحبة حق فسوف أتابع الحق حتى النهاية
حكيم(أغمض عينيه ليتمالك أعصابه وأمسكها من كتفيها وجذبها إليه):- ألا يهمكِ أهلكِ إن تأذيتِ أنظري لحالة صديقكِ تعرفين الجواب ، لقد كان محظوظا ولم يمت بعد ما تلقاه منهم
ميرنا:- إن كنت تعلم هويتهم فأنجدني بها دعني أفضحهم إنهم يختطفون المئات من النساء ويسوقون بعضهم للخبائث وبعضهم يبيعونهم للدول المحيطة أترضى بذلك ، والأطفال الأطفال بعضهم يموتون جراء عمليات نقل الأعضاء وبعضهم يخضعونهم لتجارب علمية ناهيك عن آخرهم فهم يقومون بتعريضهم لمعاملة سيئة بذيئة فبالله عليك عن أي سكوت تحثني ؟؟؟
حكيم(لاحظ الدمع المتغلغل بعينيها وحرقة حديثها فمسح على خدها بحنان):- ميرنااا
ميرنا(ابتعدت عنه مولية ظهرها له):- يجدر بك أن تحس بهم وتفهم تشبثي بالقضية ، أتحسب أنني لم أتعرض لتهديد أنا وإياد لقد وصلنا المئات منه ولكننا لم نهتم بل تابعنا مصيرنا حتى كنا على مقربة من الوصول للحقائق ولكن مع الأسف تمت إصابته
حكيم(بلهفة):- وستتم مرة بعد مرة وإن سلم من الموت أتظنين أنه سيسلم منه لاحقا ؟
ميرنا(مسحت على شعرها بحركة جنون إن فقدت إياد سوف تموت أغمضت عينيها بسرعة وفتحتهما):- لما تخيفني ؟
حكيم:- أنا فقط أخبركِ بالواقع الذي لا ترغبين برؤيته ، أتفهم مناضلتكِ في سبيل الحق والظلم لكنكِ لستِ حاكم العدالة هنا يا ميرنا أنتِ ضعيفة ولا تعلمين مع من أنتِ تتعاملين إنهم لا يعرفون ما معنى الرحمة القتل بالنسبة لهم كاستنشاق الهواء سريع وغامض ..
ميرنا:- هل أنت واحد منهم ؟
حكيم(عقد حاجبيه وقد اهتز من سؤالها فأدار رأسه عنها):- لا يهمكِ من أكون بقدر ما يهمكِ سماع النصيحة والعدول عن جنونكِ ذاك لأنكِ لستِ حاكمة العالم حتى تمسحين هذا الجور
ميرنا(اقتربت منه خلفيا وأطلت عليه بإصرار):- لما تصر على تنبيهي إن كنت لست سوى شبح عابر في حياتي
حكيم(فتح فاهه بصدمة وهو يناظر طيفها خلفه من النافذة الزجاجية):- ربما لأنكِ تعنين لي أكثر مما تظنين
ميرنا:- أو أنك أنت هو الفهد البري وتريد إبعادي عنك كي لا تتورط بي
هنا جعلته ينفصل عن العالم للحظة ويعود إلى جسده في اللحظة الموالية ، هذا كثير كيف تشك به لتلك الدرجة إنها تتعمد استفزازه لأقصى درجة ولن يمكنها مما تريد فلن يكون حكيم إن أعطاها الإجابة على طبق من ذهب ..
حكيم:- تناولي معي كأس مشروب هذا سيفيدكِ ميرنا
ميرنا(بغضب رمقته وهو يتوجه للطاولة ويصب كأسين):- قلت لك أنا لا أشرب
حكيم(عاد إليها بهما وقدم كأسا لها):- أمسكي وأجيبيني عن سؤال
ميرنا(أمسكته منه بعصبية):- تابع
حكيم(تجرع رشفة منه وبجدية):- لنفترض أنني أعطيتكِ اسما وأشرت بأنه هو عدوكِ اللذوذ ماذا ستفعلين ؟
ميرنا(أشرقت ملامحها بحماسة):- سأقدم اسمه للعدالة لكي يقتصوا منه ويقبضوا عليه
حكيم(هز رأسه لها):- خطوة ذكية ههه ههه لكنها تليق بسارق حلي ومجوهرات أودع مسروقاته في حفرة ترابية بفناء بيتهم وليس بشخص يعادل نصف مدينتكِ حضورا
لم تجبه وهذا جعله يبتعد عنها ليعيد الكأس محله وهنا ابتلعت ريقها بعذاب وهي ترى كل آمالها تتهاوى أمامها مصت شفتيها ونظرت لكأسها وشربت منه والدموع تغالب عينيها ، بثقل وضعته على سطح المنضدة ونظرت خلفها للبحر الأسود الذي كان يشبه بقعة سوداء تجرفها نحو الأسفل بلا هوادة ..
حكيم(شعر بأنه قسى عليها كثيرا لكن هذا واجبه):- أنا لا أريدكِ أن تتعرضي لخطر بسبب أمر لا أنتِ ولا غيركِ يستطيع إيقافه
ميرنا(بغبن ممتزج بالخذلان):- إن كنت تظنني سأترك الموضوع لحال سبيله فأنت مخطئ ، لست أنا من تهرب خائفة من المواجهة
حكيم(نفذت عصبيته منه فأمسك ذراعها بعصبية):- مواجهة ماذا مواجهة ماذااااااا هل جننتِ أنت تحاربين أسطولا بأكمله فاستفيقي وكفاكِ من هذه التواشيح الواهية ، اسمعيني جيدا أنتِ غير مدركة لحجم المخاطر التي تنوين رمي نفسكِ بحضنها بكل برودة
ميرنا(بدأ الدوار يفتل بها):- أنت هو ذلك الشخص صحيح ؟
حكيم:- وفيما يهمكِ الأمر هل ستقبضين علي ؟
ميرنا:- لا أعرف اسمك حتى أقبض عليك
حكيم(لاحظ اختلال توازن حديثها فحاوطها من خصرها ودفعها إليه):- وإن أخبرتكِ به ماذا ستفعلين ؟
ميرنا(ابتسمت وعيناها تنغلقان بشكل متقطع):- سأقبض عليك طبعا هه
حكيم(ابتلع ريقه وهو يقاوم ضعفها تلك اللحظة):- ميرنا أنا لا أريدكِ أن تغامري بروحك من أجل شيء لن يتحقق ، انسي الأمر ومارسي حياتكِ بشكل طبيعي
ميرنا(ضربت صدره بتثاقل):- لن ينفع ذلك أنا مسؤولة عن حمايتهم ويجب أن أحميهم من ذلك المجرم السفيه
حكيم(اعتصرها بحضنه في حركة تملك):- وماذا عني أنا هاااه ؟ ماذا عن سيد شبح ؟
ميرنا(ضحكت وهي تحرك ظاهر يدها فوق صدره في محاولة عقيمة للتملص منه):- ههه سيد شبح سوف يكون مصيره المقابر فهناك تسكن الأشباح هناك مأواااااااها
حكيم(جحظ بعينيه):- يا حبيبي !! أسعدتِ قلبي كثيرا يا ميرنا لما لا آخذكِ كي تنامي قليلا
ميرنا:- تت ت أعطني حقيبتي أحتاج للذهاب للبيت سيسألون عني هناك وأنا تت ماذا أعطيتني في المشرووووب ؟؟
حكيم(رمقها وهي تشد على رأسها بدوار أشد حدة وضمها إليه وهمس بعدها):- بعضا من الحيل القديمة عصفورتي الصغيرة …
فور إتمام جملته سقطت بحضنه مغمى عليه ، رسم على وجهه ابتسامة عميقة مرفقة بتنهيدة استخرجها من أعماق أعماقه وقام بحملها بين يديه بخفة متوجها بها صوب حجرة ملوكية كمَّلتها ميرنا بحضورها ، وضعها وسط السرير الوارف وقام بإزالة كعبها ووضع غطاء على جسمها ثم مسح على شعرها بحب
حكيم(بعيون لامعة بالعشق):- اشتقت لكِ حبيبتي
قبل جبينها وغادرها تلك اللحظة متوجها صوب حقيبتها مباشرة والتي فتحها واستخرج منها آلة التسجيل التي وضعتها ميرنا كي تقوم بتسجيل محادثتها معه
حكيم(باستهزاء):- ألعاب صحافة قديمة يا ميرنا هههه
أتلف التسجيل ورمى به في عرض البحر ثم أغلق الحقيبة وتوجه بها بقرب غرفتها قام بوضعها على منضدة هناك ، وتوجه صوب المطبخ
طلال(فتح علبة مشروب صغيرة):- أووووه حكيم أخيرا ظهرت ما أخبار العصفورة ؟
حكيم(أخذ علبة طلال وشربها وجلس بجانبه على كرسي المطبخ):- نامت
طلال(صغر عينيه):- نامت ؟؟ بسهولة آخخخ
حكيم:- كان يجب فعل ذلك وإلا ما كنت سأحظى بفرصة مثل هذه أحتاج لقربها معي ولو قليلا يا طلال إنها إكسيري بل أفيون الحياة بالنسبة لي
طلال:- آه يا لوعتي عليك يا عاشق حالك صعب صعب
حكيم(بلوعة):- أتوق لأن ألمس يدها دون أن أخشى من ردة فعلها ، موقن أنها تعرف هويتي ولكنها ترفض الإفصاح عن ذلك لأسباب تعرفها أكيد
طلال:- أعرف أعرف ولكن ماذا تنتوي ؟
حكيم:- لا أدري يكفيني الليلة من التفكير أريد أن أغيب معها وسط غيمة أحلامها الوردية بعيدا عن تفكير كل يوم
طلال(هز حاجبيه بمكر):- من حقك
حكيم(شرب المزيد وأعاد له علبته):- طيب أراك غدا إذن سألحق بقطارها قبل أن يبتعد
طلال(أصدر صوت وصول القطار):- بيب بيييييييييب ههههه
ضحك حكيم بحماس لحركة صديقه التي زادته مرحا ساعتها ، مرِّ بالحقيبة فجذبها بخفة بين يديه أخرج هاتفها منه وجده مطفأ وابتسم لذلك وأعاده محله ورمى بها فوق الكنبة بإهمال ، أغلق الباب برجله وأزال سترته قميصه ، واستقر ببنطلون مريح ثم اقترب منها جلس بجانبها يتأمل محبوبته المشاكسة ، أزال سترتها عنها وناظر فستانها الرمادي المرتسم على جسمها مثل لعنة تحثه على ارتكاب الخطيئة دون تدبير .. تأوه عميقا فلكم انتظر هذه اللحظة حين يرى حبيبته الصغيرة نائمة أمامه مثلما كانت في صغرها ، لكن مع اختلاف بسيط فهالتها في الصغر كانت هادئة أما هذه فشعلة نارية قد توقد الكون بدون توقف .. مسح على شعرها بلطف مرورا بخدودها الموردة لشفتيها المنفرجة لعنقها الشامخ لخط صدرها المتفجر الأنوثة ليديها المشعتين بوهج البياض ، أميرة بحق ز. أغمض عينيه وهو يتلمس يدها التي استقرت بفمه يقبلها باشتياق ، وضعها على وجهه مستكينا عليها بأريحية احتاجها منها هي بالذات لتخلصه من الأنات التي تفتك بصدره لأزيد من عقد ونصف الآخر …
حكيم:- ميرنا يا عصفورتي الصغيرة عودي لقفصك فأنتِ لغيره لا تنتمين ….
ما إن أنهى آخر كلمة حتى استلقى بجانبها على السرير يراقبها بتمعن تام كي لا تهرب من مدار عينه ولا لحظة ، لم يتمالك نفسه أكثر فجعلها في حضنه بهذا ربما يصل لذلك الإحساس الهارب الذي انتظره طويلا وفعلا وجده وإن كان ناقصا استيقاظها ، أغمض عينيه وهو يستنشق عطرها وسحر شعرها الذي غاص فيه متنعما بنعومته القاتلة ..

في مكان مجهول كان يحتسي معها فنجان قهوة ما بعد وجبة العشاء في قصره
كهرمانة:- الشاب بخير الآن وهو يتماثل للشفاء
الفهد:- جيد جيد أنه لا يزال على قيد الحياة وإلا لكنت دعكت ذلك العرندس دون رحمة
كهرمانة:- الرجل نادم وقد وعدني بعدم تكرارها على رقبته
الفهد:- ليكن كذلك وإلا سيرى مني مصيرا أسودا ، ماذا عن الاتفاق الآخر ؟
كهرمانة:- بني أرى أن نترك الأمر كما اتفقنا عليه حكيم سيتدبر الأمر
الفهد:- حكيم حكيم حكيم ألا تعلمين بأنه غير قادر على مقاومة تأثيرها به ، إنها تملكه وإن كانت بعيدة عن مسعاه فكيف إن كانت بين يديه لربما أثرت به وقلبته علينا أكثر
كهرمانة:- لا تنسى أننا نمسكه من يده التي تؤلمه يعني لن يخرج عن طوع أحكامنا
الفهد:- أنا غير مطمئن ولا أريد المجازفة يا أمي ، أحتاج للتروي ولقاؤكِ بفخرية كان بوقته فقد عرفنا نواياها وحكيم عرفنا لما يخططان ويطمحان ، وأنا سأجعل كل ما انتظراه يضمحل أمامهما كالبنيان الرملي
كهرمانة(وذكرى أختها تطعن بقلبها ألف طعنة):- من يغادر المجموعة يحتسب من المرتدين لولا رابطة الدم لسفكتِ الأرواح
الفهد(بتمعن كبير):- اممم ما أخبار الشحنة ؟
كهرمانة:- لقد تيسرتِ الطلبات على البنات كل واحدة منهن تحمل ثروة في جعبتها
الفهد:- قومي بالبيع فورا لا أريد الإطالة بهذا الموضوع
كهرمانة:- طيب نحن نقوم بتحضيرهن ومتى ما انتهينا سنقوم بالإرسال ، لكن ماذا قررت بشأن ميرنا ؟
الفهد(سحب نفسا عميقا):- دعيها تختار مصيرها بيديها إما ابن رشوان أو ابن الراجي فكلاهما سيقتلانها حبا في نهاية المطاف
كهرمانة(ضحكت):- ومن الحب ما قتل … ههه
على تلك الضحكة شرد الفهد في البعيد وبالضبط في رقعة الشطرنج التي يحركها بيديه كيفما يشاء ، ولأنها لعبة مطولة سوف يترك الأمر بيد الأيام ..
هنا كان وائل يحاول الوصول إليها اتصل مرات عديدة لكنها لم ترد عليه وقبلا
نزار:- ألو يا وائل أنا أحاول الوصول إليك منذ ساعات ماذا حدث لدعوة عشائك والفتاة ؟
وائل:- لن يسعنا تنفيذ المخطط الليلة يا عم نزار حبيبتي ليست متوفرة وأنا الآخر لست كذلك أتصدق أنني أطبخ لعمي معكرونة وشهاب يقطع السلطة أجل أجبرنا ذلك الرجل على فعل ذلك وجيد أن شهاب هنا بجانبي لكان قتله وشرب دمه عصيرا
نزار:- هههه ههه أضحك الله سنك يا ولد فعلا يليق به أن يكون سفاحا وقليلة بحقه
وائل:- اووه يكفي يا عم نزار أنت تبالغ عموما سأدعك الآن لننهي هذا الأمر بسرعة وأعود
نزار:- طيب جيد أنك أخبرتني لكي أرتب الأغراض بالثلاجة لغير يوم
وائل(بإحساس بالخيبة):- كنت أريد أن أطبخ لها أطباقا شهية على العشاء لكن لا بأس لندعها غير مرة
نزار:- حسن يا بني انتبه لنفسك
نظر خلفه لعمه فؤاد الذي كان متكئا يشاهد التلفاز بصوت مرتفع وشهاب ينظر إليه مرة بعد مرة بنظرة إجرامية ويعود ليقطع السلطة لكي لا تنفلت منه أعصابه ، تنهد عميقا وتوجه إليه
وائل:- شهاب
شهاب(تشنج ولم يرفع رأسه):- هممم
وائل:- أكنت جادا بعرض الزواج ؟
شهاب(مال بشفتيه وسحب نفسا عميقا ونظر إليه):- أجل
وائل(ابتلع ريقه):- دعنا نتحدث بعد ذهاب عمنا لأنه لدي ما أخبرك به
شهاب(وضع السكين بعصبية على رخامة المطبخ):- أحقا ؟ لأنه أنا أيضا لدي ما أفاجئك به سيد وائل
فؤاد(رفع رأسه من الكنبة):- ما كل هذا الكسل أين الطعاااااااام لقد مت جوعا هنا ؟؟؟؟؟؟؟
شهاب(تلاعب بلسانه داخل فمه وهو يحول عينيه):- إن لم تخرس هذا بعد 10 ثوان سوف أقتلع لسانه وأشويه
وائل(جحظ بهلع):- طيب دعنا ننهي العشاء باكرا ليتناوله ويغادر
شهاب(زفر بعمق فهو لا يقوى على معاملة ابن عمه بتلك القسوة ولكنه موجووووووووووووووووووووع):- ااففف هيا
بسرعة قياسية كان كل شيء موضوعا على الطاولة ونهض فؤاد وهو يتبجج عليهما وكأنهما مجبران على فعل ذلك رغما عنهما وهذا ما زاد اشتعال الوقود ، لكنهما كانا عاقلين لأقصى درجة فهذا ما يجدر بهما فعله تلك اللحظة
فؤاد(يتوسطهما ويتناول بنهم):- أووووه العشاء معكما يفتح النفس أشك بأنني سأنهي هذا الصحن وأضيف بعد
وائل(لم يقرب أكله فقط بضع قضمات):- صحة وهنا عمي
فؤاد(بفم ممتلأ):- كل يا شهاب هذا لن يزيد من وزنك ههه أنت تخشى أن تفقد جسمك الرياضي لكي لا تهرب منك النساء ههه هه
شهاب(ضرب على سطح الطاولة فأوقفه ونظر لوائل الذي أشار له بتمالك أعصابه):- أنا أتناوله يا .. عمي
فؤاد(مط شفتيه وهو يشرب العصير):- جميل جميل هيا أخبراني ما جديدكما ؟
وائل:- الروتين العملي فحسب
شهاب:- ليس كذلك فقط بل أكوام مكومة من العمل تركتها حضرتك لتتراكم أثناء سفرنا ، ولولا حلي لها سريعا لكنا في مشاكل عويصة
فؤاد:- لا تلوموني لقد مت وحدي في تلك الشركة وذلك المنذر نصيحة افصلوه إنه لا يصمت
شهاب:- وأنت أثبتت أنك لا تليق لإدارة شيء
فؤاد:- هيا يا ولد أنسيت أنني حين أعمل بنية صافية يزدهر العمل لا تنكر .. ويل تكلم ؟
وائل:- فعلا فعلا عمي أوووه عمي يعني مميز بعمله حتى أنه في مرة خلط الأمور بين شركتين نتعامل معهما وكنا سنفقد نزاهتنا بهذا التلاعب
فؤاد(عض شفته):- على فكرة أنتما حقودين جدا ، تلك كانت هفوة بداية العمل يعني معذور
شهاب:- ويتفير !! شخصيا لا أبالي وحين تتناول عشاءك يمكنك أن تسلم على جدران الحائط بعد خروجك من هنا ، شهية طيبة
وائل(رمى بشوكته وهو يرمق شهاب متوجها صوب غرفته بعصبية):- إنه عصبي الليلة
فؤاد(أطل بجذعه للرواق فكان شهاب قد صفق الباب خلفه):- أعلم يا غبي أتظنني قد أتيت هنا صدفة
وائل(بريبة):- ماذا تقصد ؟
فؤاد:- اسمعني جيدا أنا أعلم بأمرك مع ميرنا وإن أردت أن تبقى في حياة ابن عمك لا تخبره بشيء
وائل(انتفض برفض):- مستحيل أن أخدعه ليست طباعي وسوف أصارحه بما يجمعني بميرنا حتى يستوعبه ويتأقلم معه ، أنا وهي اخترنا طريقنا وعليه أن يرضى بذلك وإلا .. وقفنا في مفترق طرق سيقودنا نحو البعاد
فؤاد(أمسك بيده بعصبية وهو يهمس):- اجلس هنا .. هل أنت مجنون ألا تعلم من تكون بالنسبة له ؟ أنت هو الشخص الوحيد الذي يلتقطه من براثن ظلماته أتريده أن يعود لأفعاله الشنيعة التي وشَّحت الماضي بأبهى الذكريااااات
وائل(جلس بتعب):- طبعا لا أنا الذي أعرف ما مرَّ به شهاب تلك الفترة ، حتى أن الأمر تفاقم ليصبح مرضا تحول للضرب العنيف لكل شيء ولأي أحد يحاول إزعاجه
فؤاد:- جميل جدا إذن نحن نتفق هنا على فكرة واحدة
وائل:- ماذا تريد أن تقول ؟
فؤاد:- شهاب يعرف بالموضوع يا وائل يعرف بأنك مع ميرنا الآن
وائل(تنهد بعمق والأسى يغمره):- شعرت بذلك فالليلة لم يكن على سجيته وما فتئ يهددني حتى أنه قرر عرض الزواج عليها
فؤاد:- كل هذا لتصفية حسابات شهاب لا يحب ميرنا إنه غارق في غرام أختها والغبي لا يفقه شيئا البتة ولذلك الحل الأمثل الذي تملكه أن تبعده عن ميرنا بالتي هي أحسن وبعدها فجِّرا قنبلة حبكما كما تريدان
وائل(بتفكير):- وكيف ذلك ؟
فؤاد(نظر إليه مليا وببسمة على جنبه):- الحل يكمن في ميرا نفسهااااا
وائل(ضحك بعدم تصديق):- لالا أنت تمزح صح ؟
فؤاد(رفع يده بكأس العصير):- فكر مليا ستجدها الحل المناسب الذي سيخرج ابن عمك من وهم ميرنا والغدو مع أختها والأهم ألا يعتبرك خائنا لوقت طويل
وائل(تضخم صدره برفض وهو يزفر بوهن واستقام):-تت كلامك هذا يعني أن أستمر بخداعه وهذا ما لا أريده لذلك أشكرك على النصيحة سأفعل ما يمليه علي ضميري
فؤاد(أمسكه مجددا من ذراعه بقوة ونهض له):- ألا تفهم حرفا مما أقول ،أنا أفهم شهاب أكثر منك لأنني أقرأ السواد الذي يملأ قلبه بشكل لن يمكنك أن تراه فهو بالنسبة لك طفلك البكر الذي تحاول أن تصلحه ليكون مثاليا ، ولكنك تغفل على أن ذلك الطفل أكبر من أن يتعامل مع تلك الرعاية بعد النقض بعرف الوفاء
أثناء حديث فؤاد كان شهاب يظهر بغرفته وهو يدور بها من مكان لمكان مرة يقف عند النافذة مرة يمسح على فكه مرة يجذب شعره بقوة مرة يستلقي على سريره مرة يمسك بصورته هو ووائل مرة ينظر لنفسه بالمرآة ومرة يخرج مسدسه من محله ويتأمله وعقله يحثه على أشياء مجنونة لا يدري كيف سيتعامل معها بعد الآن ..
فؤاد:- أفهمتني يا وائل شهاب يحتاج لتعامل خاص لكي لا تكون فاقدا أو مفقودا في هذه المعركة عليك أن تصغي لي
وائل(نظر بشرود وألم تجاه غرفة شهاب):- ولكن الخداع ليس طبعي أي نعم سكتت هذه الفترة من أجل ميرنا لكن بعد أن علمت بمعرفته لن أخدعه بل سأواجهه وأجعله يفهمني
فؤاد(وضع يده على جنبه):- ستخسره بتلك الطريقة
وائل(توقف في نصف الطريق):- وما الذي يضمن لك أنني بخطتك تلك سوف أنجح ؟
فؤاد(رفع يديه لعقله):- بواسطتي ألست الراشد بينكما إذن سوف أكلمه بطريقتي أو الأحرى أستفزه وهذا قد يساعدني على معرفة ما يضمره لكما
وائل:- لديك مهلة يوم واحد وبعدها لن تمنعني من الاعتراف لست أنا من يهرب من المواجهة
فؤاد(حول عينيه):- فهمنا يا ذا القواعد الحتمية
وائل(عاد إليه ليلملم فوضى الأكل):- لماذا تساعدنا ؟
فؤاد(حمل معه بعض الصحون):- ربما لأنني بدوري بحاجة لمساعدة منكما
وائل(بعدم فهم التفت إليه):- والتي هي ؟
فؤاد(غمزه):- لندعها للظروف .. هاتفك يرن
وائل(إنها حبيبتي أخيرا شغلت هاتفها):- تمام سأعود الآن
فؤاد(بسخرية):- آآآآخ ع الحب !!
وائل(بلهفة قلب أمسك هاتفه ولكن ملامحه تبلدت حين لمح رقم رقية):- رقيتي
رقية:- أهلا وائل عذرا لإزعاجك الآن ولكن هل تملك ملف قضية عائلة زكريا ربيع بحثت عنه بالمكتب ولم أجده
وائل:- آه نسيت لم أخبركِ أنني نقلتهم للخزنة الحائطية بالمكتب
رقية:- آه القلق كنت أخبرني لقد جننت وأنا أبحث اعتقدتها قد سرقت ، الحمدلله تمام غدا سوف أخرجها من هناك وأبدأ العمل عليها أنت كيف حالك ؟
وائل:- بخير بخير هئئئ ما هذااااا ؟
فؤاد(انكسر له صحن وبحركة مضحكة رفع يديه باستسلام له):- آآآآآآسف
رقية:- ما كان ذاك ؟
وائل:- عمي فؤاد يا ستي تناول معنا العشاء نحن بشقة شهاب
رقية:- هههه واووو من كان ليظن ذلك وكيف قضيتم وقتكم ؟
وائل:- كيف تتوقعين واحد انعزل بغرفته والثاني كسر نصف الأواني إثر مساعدة في التنظيف يعني أحاول أن أضبط هذا وذاك
رقية:- الله يعينك هما مثل النار والبنزين الكوارث متوقعة في حضورهما
وائل:- تماما أ..هل زرتِ إياد هذا المساء ؟
رقية:- أجل إنه بصحة جيدة الحمدلله عائلة ميرنا يعتنون به جيدا
وائل(مسح على شعره بقلب مشتاق):- طيب وكيف هي ميرنا هناك أهي بخير ؟
رقية:- لم أرها أخبروني أنها مع كوثر تحضر أشياء للزفاف لا أدري شيء من هذا القبيل
وائل(رفع حاجبه بتساؤل لما لم تخبرني حتى هي أشارت لي ولكن من المفترض أن تكلمني كي لا أقلق عليها ؟!):- أوك عزيزتي رقية الآن علي أن أفصل الخط فعمي فؤاد جزاه الله كل خير فتك بكل أواني المطبخ علي أن أتدخل بالقوات المساعدة قبل أن يثور شهاب ونصبح في ليلة حرب شعواء
رقية:- ههه طيب بلغهما سلامي باي …
نظر تجاه عمه وجده قد عاث في المكان فوضى يا ليته ما قدم يد المساعدة أو حاول حتى ، وضع الهاتف بإهمال في جيبه وتقدم لينقذ ما يستطيع إنقاذه ، وفي داخله غصة تعتصر قلبه لم يعرف لها حيلة كي يخفف من وطأتها فشعوره مرتبط بميرنا تلك اللحظة وما دام لم يسمع صوتها فلن يهنأ باله ….

"أيتها السَّامقةُ بذاتكِ في مُدنِ الهوى اشرئِبِّي جُنونا يا صفحَتي المسرُوقة من كتِف الحكاية ، كغصَّةٍ في الصَّدر تغدُو لتملأَ وتينَ النظرَةِ بالذكريات لتُدنيني وجعًا يلقيني على سريرِ الخيبة ، أداهِنُكِ فتمضِينَ في تعريَّة ذاتِي من الشَّوائب ، ألم يكُن لقاؤنَا يحتاجُ عناقا …لمسة..همسة ؟ هيا الفظي قلبكِ وانظرِي إلى الحقيقة هُناكَ بين التيهِ واليقين موجُودٌ أنا وغرامي وبضعُ سنينَ منَ الانتظار "
كان يتنشق عطرها بسادية مطلقة بينما يده الأخرى تضمها إليه مثل الطفلة ، هي تنتمي له وهذا ما لن يتمكن أحد من تغيير حقيقته ، كان مستمتعا بوجودها بل كل الفرح كان يغرد في قلبه بهجة بحبيبته النائمة ، قبَّل أنفها بلطف مثلما كان يفعل حين كانت صغيرة ومسح على فكها بحنان وعطف يتغنى بحلمه الجميل فيها
حكيم:- حبيبتي يا عصفورتي الصغيرة أتوق إليكِ لحظة بعد لحظة متى ستتفتح عيناكِ لتشق الروح طريقها إلى قلبي ..آه يا ميرنا آه
انحنى لشفتيها تحت وطأة سحرها الفتاك فقد كانت جذابة مغرية للناظرين وقاتلة بالنسبة له وما إن همَّ بتقبيل شفتها حتى اقتحم طلال الغرفة وشكله لا يطمئن
طلال(بملامح لا تبشر بالخير):- حكيييييييييييم ….
حكيم(بقلق نظر إليه ونظر لميرنا بخوف عليها):- … ماذا هناك يا طلال ؟
طلال(ضرب بيده جانبا وملامح الغضب مرتسمة على ملامحه تدل على حضور مصيبة إلى غاية عنده):-… إنها شاهيناااااز …
فور ذكر ذلك الإسم طبيعي أن ينزل كل غضب الدنيا على كاهل حكيم ، فما الذي يخص تلك المجنونة كي يتسبب في تغير مناخ الجو هناك من هدوء ربيعي لعواصف هادرة ؟؟
سنكتشف ذلك بالفصل المقبل


يتبع ..


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 29-05-16, 08:12 PM   #328

زهراء5
 
الصورة الرمزية زهراء5

? العضوٌ??? » 373104
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » زهراء5 is on a distinguished road
افتراضي

ارتويت من هذا الفصل الجميل
بأحداثه وكل جزئيه حملها
وأن طريقة سردك للرواية تجعل قارئها
يعيش الاحداث وتتجسد الشخصيات امامه
مبدعه عزيزتي كن ماانفك ارتوي من فصل
حتى تأتي قفلتك لنهايته فتصيبني بظمأ
للاحداث القادمه فأتمنى الا تتأخري علينا بها
واتمنى لكِ آلَتـوفيق يا أميرة الروايات��


زهراء5 غير متواجد حالياً  
قديم 30-05-16, 10:59 AM   #329

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فصل روعة وان اثار الكثير من الاسئلة والغموض للشخصيات اسلوبك جميل كل لمي توضحي اكتر يزيد الغموض اكتر الفهد ابن هذه السيدة وعلاقته بميرنا كيف وغموضه ورغبته الانتقامية فؤاد يراعي ابناء اخوته من بعيد ويقترب عند الحاجة وهو الشخص المجهول حبيب نور اياد هل تحب ميرنا حقا ام هي الاخوة نور وخطتها الاحداث كثيرة والرواية تزداد متعة ومع قافلة مقلقة ف انتظارك عل نار هل ستكمليها ف رمضان كل عام وانت بخير شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

modyblue غير متواجد حالياً  
قديم 30-05-16, 03:17 PM   #330

انجوانا

مشرفة منتدى الصور وتسالي مصوره وعضو مميز في القسم الطبي والنفسي ونبض متألق في القسم الأدبي وفراشة الروايات المنقولةوبطلة اتقابلنا فين ؟ومشاركة بمسابقة الرد الأول ومشارك في puzzle star ومحررة بالجر

 
الصورة الرمزية انجوانا

? العضوٌ??? » 359808
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 11,533
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » انجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond repute
افتراضي

كونتيسا ابدعتي بالفصل ....
ميرنا ولقائها بحكيم واعجابها بشخصيته ونومها الان ماذا سيحدث وخاصه بقدوم شاهي التي لا تنوي خيرا ابدا وماذا تخبى ليصدما هكذا من قدومها الان ...يعني حكيم ليس هو الفهد البري بل يعمل معهم ....اياد اكيد بانه يحب ميرنا ...كوثر وزياد هل ستندم خاصه بعد كلام والدها ...
وصال وجاسر هههه مستفزه له ولا تعلم ذلك وهو يكاد ينفجر منها ومن كمالها هههههههه ....
رنيم الله يعينها الان بخطه وجدان وابنه اختها التي على الاغلب ستنجح الان ...دعاء خائفه من الزواج القريب ...نور ستدمر حسام بمساعده معاد
بزرااعه فكره طلاق جيداء من حسام.....
فؤاد اذن كان هو ونور يحبان بعضهما ولكن ماسبب اعتقادها بموته ...لقد عانت مع زوجها بالماضي ولكنها قويه جدا ....
الفهد البري يراقب الجميع ومتحكم بالوضع ولكن ما يريد من ميرنا ...
ميرا ملجأ شهاب الذي صدم بوائل وميرنا سويا ....عليه ان يحسم مشاعره
اولا قبل اي خطوه يقوم بها ....نزار مضحك لا يتفق البته مع شهاب
ان شالله ما اكون نسيت احد ...شكرا عزيزتي .....ابدعتي بالفصل .....


انجوانا غير متواجد حالياً  
التوقيع





مع الله تضيقُ فجوات الوجع، ويخفت صوت الألم ويعلو الأمل، مع الله تُنار لك الدروب، وينجلي الظٌّلم والظلام الحياة مع الله سعاده وأمان .
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:37 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.