آخر 10 مشاركات
التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree25Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-06-16, 09:22 AM   #61

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





آسفة .. ثم آسفة .. ثم آسفة على التأخير


امسحوها في ويهي حبيباتي ....


وهاي هي عيديتكم يا احلى واجمل واظرف الناس ..

غير انها عيدية ..... انا شخصياً اعتبر هالبارت اهداء خاص لـ هموسة ... لنشاطها وتفاعلها الدائم في بات من يهواه ... ان شاء الله الاهداء هذا يعجبج يا هموستي


اخليكم مع البارت وقراءة ممتعة ...

ومرة ثانية اقولكم ...... مباركن عيدكم



.
.



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الســــابع والخمســــون



،



سيدي البعيد جداً من موقعي

القريب جدا من اعماقي

لا اعلم .. هل تضخم بي الحزن

فأصبحت أكبر من الوجود

ام ضاق بي الوجود

فأصبح أصغر من حزني ؟



لـ شهرزاد الخليج



،



الخبر نزل عليه كـ صاعقة الموت ..... لم يصدقه .. حتى الآن لم يصدقه .. لكن الدلائل التي امامه تجبره على اخذ الخبر على محمل الجد ....!




اشتدت قبضته على مقود السيارة ... وبيده الأخرى .. كمش بها ثوبه فوقه صدره ....

خفقات قلبه الوجلة الهستيرية تكاد تخترق حدود جسده ...



يا رب لا تفجعني به .. لا تفجعني به ارجوك .....






سيجن لا محالة ان لم يتبين الحقيقة .... سيجن الى الأبد ....


تذكر ما حصل قبل ساعات معدودة .. عندما تلقى اتصال من مسؤول أمني من الوزارة الخارجية والذي يكون احد اصدقاءه وأصدقاء سلطان شبه المقربين .... يقول له بصلابة قلب ان هناك خبر قد وصل إليهم من ماليزيا عن سلطان ...


قال بالحرف الواحد له وبطريقة جعلت قلب الأخير يخر ويستكين لحظات طويلة:
ا ا ا ... ماعرف شو اقولك يا بطي .. قو قلبك دخيل والديك ....



صمت قليلاً محاولاً استجماع ما يجب استجماعه من كلام "مُفجع" ...... وقال بأجش متوتر: الموتر اللي كان يسوقه سلطان انفجر في حادث ..


تردد قليلاً بارتباك شديد ملؤه الحزن قبل ان يكمل بصوت منخفض متحشرج:
و و و والسايق توفى ... ا احترق بكبره ...



: شوووووووووووه ...!!!



كان هذا صراخ بطي المصعوق والذي زاد من توتر الرجل وألم روحه ...


بطي بصراخ غليظ ملتهب: انت شو تقووول يا بو عماااار ... انت متأكد من هاللي تقوووله ...؟!!

أبا عمار بـ وجه متغضن ملؤه الربكة/الحيرة: لقوا من ضمن الأغراض في الموتر بطاقة سلطان الصحية وصورة جديمة له ولك ....

اتسعت عينا بطي بـ شعور اقل ما يقال عنها ..... "بالكارثي" ....!!!!!



فاجعة ...... الذي يشعر به الآن هو الفاجعة وليست غيرها .....!!!!




هز رأسه بعدم تصديق وقال بحرقة أخرجت بحة صوته الغليظ المختنق: ماصددق .. ماصددق ... انتو شفتوووه ...!!! شفتووه بعييينكم ...!!!!

أبا عمار بحزن ماكن: الجثة صارت فحم يا بوخويدم .... دليلنا الوحيد انه سلطان هي البطاقة والصورة ...

زمجر بـ وحشية هستيرية: جذذذذب جذذذذذب .. هب سلطااااان ... انا متأكد هب سلطاااااااااان ...




أغلق الخط بعنف وصدره يعلو ويهبط بجنون ..




ليس سلطان .. ليس سلطان يالله ........




سرعان ما اخذ يتصل بالمسؤولين من الامن والخارجية .. لم يترك احد الا واتصل به .... الا ان الجميع نفوا معرفتهم بالحقيقة .. حتى ان معظمهم يجهل الخبر الذي علم به للتو ....


اتصل بـ أبا راشد الا ان الأخير لا يجيب على اتصالاته .... هنا اشتعلت حمم شكوكه ... وارتفعت وتيرة هلعه المجنون ....

حاول معرفة ارقام احد الرجال الذين يعملون تحت امرة أبا راشد وسلطان الا انه فشل .... معظم الأرقام سرية ولا يستطيع التقفي خلفها بسهولة ....


اخذ يدور حول نفسه ... يخشى الاصطدام بالحقيقة .... يخشى الرضوخ لـ حقيقة ان سلطان قد مات بحق ....!!!!





لو تمووووت وتحيا جداااامي يا سلطااااااااان ما بسااااااامحك على اللي سوييييييته فيه .. لو تموووووووت ..

لو تمووووت وتحيا جداااامي يا سلطااااااااان ما بسااااااامحك على اللي سوييييييته فيه .. لو تموووووووت ..

لو تمووووت وتحيا جداااامي يا سلطااااااااان ما بسااااااامحك على اللي سوييييييته فيه .. لو تموووووووت ..

لو تمووووت وتحيا جداااامي يا سلطااااااااان ما بسااااااامحك على اللي سوييييييته فيه .. لو تموووووووت ..





رفع كلتا حاجباه بتعبير عاصف بـ الألم/بـ الأسى الأسود على وجهه ...



يالله .... أيكون حدث له مكروه بسبب كلمة خرجت من فمي في لحظة غضب ....!!!!

أتكون كلمتي .. كلمتي التي خرجت في ثانيةٍ مجنونة .... قد تعدت سابع سماء .... وتحقق مفعولها ....!!!!

لا يا رب الكون .... لا ..... لا تعاقبني به .... لا تذقني وجع العمر به يا رحمن ...

ارجع أيها الصديق الوغد ... ارجع وسأقسم لك انني سأسامح كل زلاتك الى يوم الدين .... ارجع فقط .....






: بوخويدم هد بارك الله فيك ... اذكر الله يا خويه .. نحن بعدنا ما تأكدنا من الخبر ...



كان هذا صوت احمد الذي فُجع كـ أخيه من الخبر ... رغم علاقته الباردة والمتحفظة الحالية مع سلطان .. الا انه لا يستطيع انكار ألمه على شخص عاش معه طفولته .. لعب معه ... اعتبره اخاً وصديقاً بحكم عشرة العمر بينهما وبحكم الصداقة المتينة بين والد كل منهما ....

فقد سلطان عظيم ... عظيم ولا يتحمله احد .. ان يفقد الوطن شخص كـ سلطان ... بشخصه/مكانته ... هي خسارة تكسر الظهر وتدمي الروح ...





أوقف بطي سيارته بجانب الطريق قبل ان ينحني ظهره الى الامام ويسند جبينه على المقود بـ انهيار تام ....


همس بـ صوت اختفى تحت نصل سكين الألم المهول: تـ تـ .... تعال سوق بدالي .... مـ ..... ماروووم ...




خرج بسرعة احمد من السيارة واستدار من امام السيارة قبل ان يفتح باب بطي ويقول بصوت بث فيه القوة قدر المستطاع: نش بطي ..



استطاع بطي الخروج من السيارة بصعوبة وبمساعدة احمد ... وبعد ان اجلسه الأخير في المقعد الأيمن .. رجع لـ مقعد السائق واخذ مهمة القيادة .....



هتف وهو ينظر الى الطريق بشتات فكري/عاطفي: بطي انت وين كنت ناوي تودينا ...؟!!

اسند بطي رأسه الى الخلف بإنهاك عاطفي مميت ... وقال بصوت متهالك: عند اختك ...

نظر احمد اليه بصدمة وقال بانفعال: لا تقولي تبا تخبرهاااا ...!!!!


تغضنت عيناه وجبهته بـ ارهاق حقيقي وقال بصوت مكتوم حد النخاع: ماباها تعرف من حد غريب ... أخاف الخبر ينتشر بسرعة ويستويبها شي ان عرفت لا قدر الله ..
ابااا .......



اخذ هواءاً بعنف وبصدرٍ مرتعش .... ثم قال بتحشرج زاد من خشونة صوته الرجولي: ابا أقويها واصبرهااا يلين ما نتأكد من الساااالفة ..


هز احمد رأسه بـ رفض من الفكرة الا ان جزءاً منه يؤيد ما قاله شقيقه ... خبر الأموات ينتشر كالنار على الهشيم ... كيف لو كان الميت هو سلطان بن ظاعن ...!!!


غير انهم لم يتأكدوا بعد من حقيقة الامر .... واخته ... وكما عرف مؤخراً .... حامل .... أي ان الخبر .. ان لم يتداركوا الوضع بسرعة .. سيؤدي لانهيارها الكلي ....!!


سعل فجأة وهو يغضن وجهه بضيق من الجو الذي بدأ يزداد سوءاً وخطورةً .... الرياح العاتية والمحملة بالأتربة اخنقت صدور البشر وحطمت غصون الشجر ....



يالله ... ما اقبح هذا اليوم وما اظلمه .......



.
.
.
.
.
.
.



ابتسمت بقلق ما ان فتحت باب منزلها الداخلي الكبير ودخل عليها اشقائها ...

استغربت من وجود احمد لان بطي لم يعلمها انه سيأتي معها ... واستغربت اكثر من مجيئهما معاً .... وهما .......

بهذه الهيئة المثير للريبة ... والابتسامة التي اوجستها ورفعت وتيرة خفقاتها بشكل مبهم ....!!!


قالت بعد ان سلمت على كليهما بـ رقة متوجسة: شبلاكم ..؟!

وضعت يدها على صدرها لا ارادياً عندما لمحت ازدياد شحوب بطي وصمته الذي بالتأكيد لم يجلب الا مشاعر الفزع الخالص ...

نظرت لـ احمد بخوف وقالت بتلعثم: ا ا احمد فديتك شو مستوي ..؟!

كاد احمد يشتم بغيظ ردة فعل بطي التي بدل ان تقلل من سوء الموقف .. زادته واشعلت سخونته ....

امسك ذراعها بقوة حانية وقال وهو يحاول اجلاسها فوق الاريكة: هب مستوي شي حبيبتي .. تعالي يلسي ...

وضعت يديها على صدر احمد وهي تنقل عيناها منه الى بطي .. ومن بطي اليه .. وقالت بصوت مرتعب: دخيلك خبرني شو مستوي .. بديتوا تروعوني .. ابويه فيه شي ...؟! امايه فيها شي ..؟!
دخيلكم ارمسوا لا تعورون قلبيه ...

اجلسها احمد مجبورة ... وبذات نظراتها المرتعبة .. رمقت بطي الذي كان يحك جبهته باستمرار .. جبهته المحمرة كـ احمرار سائر وجهه الجلي عليه امارات "انهيار مكتوم ببراعة" ....

امسك احمد بكلتا يديه وجنتي شما .. واجبرها بحنان ان تنظر إليه وترى عيناه ... رأت فيهما ما كانت تخشاه ...... رأت فيهما الـ....

لا .. لا لا .... بل اشتمت بنظرة واحدة إلى عيناه رائحة موت خانقة .. رائحة آتية إليها ببطء ... وبتروي خبيث مخيف ....


ثم وبهدوء شديد ... وبصوت رزين ثقيل ثابت .... اخبرها احمد بالخبر الذي وصله وشقيقه منذ قليل ....

ختم حديثه بأن قال وهو ما زال يمسك وجهها بقوة كي يجبرها على النظر لعيناه .... لم تكن مجبورة في الحقيقة ... بل متصنمة كلياً .. فارغة الفم كلياً .... خاوية الروح/النبض كلياً: هب متأكدين بعدنا شما ... ما تأكدوا من هوية السايق المحترق ... الدلايل اللي عند الشرطة الماليزية هي البطاقة الصحية وصورة بس .... اذكري الله وقوي قلبج بالصبر والدعاااا ...

حركت شفتيها لـ تتحدث .... الا ان ما سمعته لم يترك لها قوة للكلام ... ولا للتنفس ان صح التعبير ...!!!


سلطان .......... حبيبها سلطان ......... مات .......!!!

هكذا ....!!!!

مات هكذا ببساطة .............!!!!


الغريب حقاً ...... انها وبدل ان تشعر بالدموع تحرق عيناها .... شعرت بغثيان شديد ... غثيان سرعان ما جعلها تدفع بقوة يدا احمد من عليها ... وتنحني بظهرها .... وتفرغ كل ما في معدتها على سجادة المجلس الراقية ....


هب الرجلان كي يسندانها .. بطي بصلابته التي أصبحت بشكل صادم هزيلة ما ان غدت شقيقته امامه .. واحمد بصلابته التي حافظ عليها طيلة اللحظات التي اخبرها فيها عن خبر وفاة زوجها المشكوك به .....

دفعتهما بقوة خائرة حد النخاع وفكاها ترتعشان الى مالا نهاية .... وما ان رفعت رأسها حتى اخفضته وهي تخرج دفعة جديدة من جوفها ....

جوفها الذي تقلص وانقبض وحدث به الهوائل من فداحة/فجع ما سمعته .....!!!!

لم يخرج من معدتها سوى الماء .... الا ان هذا الماء كان كفيلاً بإحراق كل عضو مر عليه قبل ان يخرج من فمها ..


فاجعة هي كلمة تافهة مقارنةً بما تشعر به .... لا .......

هي ليست مفجوعة .. هي صدقاً ليست مفجوعة .......... هي تعدت كلمة الفجع بأميال ......

هي الآن تحتاج لرؤيته كي تحيى ... كي تعلم انها ما زالت بين الاحياء ولم تندثر بعد مع الأموات .....

تحتاج ان تشعر بطيفه كي تعلم ان سلطان صباها وانوثتها لم يتركها هكذا معلقةً بـ حبل هواه انتحاراً قبل ان تسمع منه كلمة
"انا مسامحنج" .....

ان لم يتركها قبل ان تراه يبادلها الغرام كما ينبغي .. لا كما يبغيه الكبرياء الحقير الذي حال بينهما بقساوة ....

قبل ان تسمع ضحكته الرجولية الحقيقية ترن بأذنها وتتنعم بـ جمال وقعها المهيب .....

قبل ......... قبل ان تقول له انها تحمل داخل احشاءها ثمرة غرامهم ... وتحوي بين حناياها "بعضاً منه هو" ....!!


لا ......... لا تمت وتترك التي لم تهنئ بك الى الآن .....


رفعت رأسها بوجه ميت .... بنظرة غائمة حالكة الظلمة حد السرمدية ....

قالت بصوت خشن متهالك يتلوى على صفيح مدبب من الحديد الملتهب:
ما مات .... سـ سلطان ..... ما ... مات .....

رفعت انظارها لـ بطي ... وقالت بذات صوتها .. والذي ازداد شراسةً .. وقوةً: ييبولي سلطان ... ييبولي إياه الحينه .. هو ما مات .. تسمعون ...

احتد صوتها وارتفع وهي تكمل: تسمعوووون ..؟! ما مااات .. ما مااااات .....

احتضنها بطي بقوة .... وقال بقلبٍ ينتفض بالرجاء/الأمل الدامع: ان شاء الله .. ان شاء الله ما مات .. اهدي واذكري الله ...

أبعدته بكلتا يداها بقوة خائرة ... وقالت له بنظرة دعجاء حادة انما "أليمة حد الوجع": اباه بطي .. ييبلي إياه .. الحينه اباه .. دخيلك ...

هز رأسه مجارياً إياها بصبر كي لا يحصل لها مكروه او تسوء حالتها ... وقال لـ احمد بصوت حازم تشوبه قليلاً من الظلمة/الاختناق: ازقر البشكارة وخلها تنظف الزولية ... وايلس ويا اختك .. ساعتين بالكثير وانا رادلكم ..

اومئ احمد قليلاً برأسه .. وتحرك بطي مبتعداً نحو الباب بعد ان اجلس شما على الاريكة وقبّل رأسها مطمئناً إياها بصوت خافت انه سيعود إليها قريباً .... الا انه توقف عندما ناداه احمد ..

اقترب منه أخيه الذي قال بـ توجس ملؤه القلق: وين بتروح ..؟!

نظر بطي لـ شما المتجمدة تماماً بمكانها .. ثم نظر لأخيه وقال بصرامة اخفى تحتها مخاوفه:
بروح اتأكد من اللي سمعناه ... ولو اضطريت اسافر يلين ماليزيا بسافر .. لازم اعرف الصدق احمد .. لازم ..
مع السلامة ...

تنهد احمد بصوت غير مسموع وقال بصوت منخفض: ربيه يحفظك ...

اكمل وهو يرى شقيقه قد تجاوز عتبة الباب: رد عليه يوم اتصلبك لا تخليني استهم ...



.
.
.
.
.
.
.



لا تعرف لمَ أتت الى هنا .. واليوم بالتحديد .. ومع سوء أحوال الطقس والجو الماطر الراعد ...

لا تعرف أهو هرباً من مسعود الحقير الذي ومنذ فترة يتعامل معها بهدوء خبيث .. هدوء ما قبل العاصفة .. فالذي كـ مثل مسعود لا يهدئون عبث .. بل يهدئون لينقضوا فيما بعد وينهشوا ما يتوقون لـ نهشه ...

يالله .. ما ابشع لهاثه الحيواني الذي تشعر به ينضح من عيناه ما ان يتفحصها من رأسها لـ اسفل قدميها في الذهاب والإياب ..

وما اجمل معرفتها لـ حقيقة انه لن يتجرأ ويفعل امراً يضطرها للهرب والرحيل مع وجود طفلاه .. فـ هي لو تركت له المنزل ولوحده مع الطفلان .. فإنها ستحرمه من نعمة "خدمة الخمس نجوم" ... خدمة تشمل الطبخ والتنظيف والعناية بالطفلان والاهتمام بهما ....!!!

مسعود شيطان حقير ويعرف متى يخطو خطواته وكيف يخطوها ...!!!


رفعت رأسها ما ان اصبح امامها .... راقداً مستكيناً وكأنه بـ سكينته يقول لهم

اني تاركٌ لكم هذه الحياة المخيفة بكل ما فيها ... فـ اتركوني انام بسلام .....


الا انها لا تستطيع تركه ينام بسلام .. ليس قبل ان يعلم انه بريء مما يعتقد انه مذنب فيه ....

ليس قبل ان يعلم انه لم يمسها .. ولم يقربها حتى .....!!


شيء في تعابير وجهه تجذبها كالمغناطيس ..... لا تعرف أهو تعابير وجهه ام طاقة جبارة تخرج من بين حنايا جسده الجامد الخالي من معالم الحياة ... لا يدل على الحياة فيه سوى صوت الأجهزة التي تثير التوتر/الاستفزاز .....


جلست بقربه .. يفصلهما مسافة معقولة .. لا هي بالقصيرة .. ولا بالطويلة .... مسافة تمكنها من الهمس بحيث يستطيع "كما تؤمن/تأمل" خليفة ان يسمعها ........ وبدأت تدخل غمار اعترافات طفولتها ..... وصباها ..... وتتحدث بلهفة "من غير ان تدركها" مع الرجل الرقاد بسكون .... الغافي عن كل شيء حوله ....


تحدثت ..... وتحدثت ...... كـ المرة الأولى تماماً ....... لا تعرف كيف الاحاديث والقصص مع هذا الرجل تخرج بتدفق لا توقف فيها ... بكرم لا بخل فيه ....... بطيب خاطر لا خبث فيه ........


وسط احاديثها ... التي تخللتها بعض القهقهات الناعمة منها ..... وبعض الخجل بين تقاطيع وجهها .... وقفت واخذت تتمشى في الحجرة .... وهي ما تزال تتحدث ......


وكأن تلهفها المستمر للحديث ما هو الا انفجار سنين من الكتمان .. وكبح المشاعر .. والاسرار ... ما هو الا احياء طفلة دفنتها في اقصى مكان في روحها بقسوة باردة سنين طويلة ملؤها الجفاف ... والصقيع ... والظلم ... والخوف ....


كانت تتحدث جاهلةً تماماً ..... ان احد كفوف خليفة قد انقبضت فجأة .... وعدة مرات ...........



.
.
.
.
.
.
.



منذ ساعات وهو يهيم على وجهه في الشوارع .... لم يبقى احد لم يهاتفه ليسأل عن سلطان ... الا انه لم يتلق أي خبر يريح اعصابه المنفلتة ... فـ البعض منهم يجهل الامر برمته لسرية الخبر .... والبعض من الذين يعملون في الخارجية يأكدون ان الخبر أتى من ماليزيا كما هو ....

نسيَ بطي في خضم تدهور اعصابه منصب سلطان الشديد الحساسية وانتشار خبر وفاته بهذه الطريقة ستكون ضد مصلحته .. خاصةً وانه يعرف شخصياً أعداء سلطان الكثر والمتربصين له ولأخباره في كل مكان ..

الا انه مفجوع يالله ... مذعور مفجوع ولا يريد الآن سوى التأكد من سلامة صديق عمره ......


وبعد ان فقد الامل بمعرفة ما حل بـ الاخير ... اتصل بـ احد الشيوخ ليطلب منه المعونه .... وحمد الله ان الشيخ قد أعطاه رقم خلفان الذي يعمل تحت امرة أبا راشد ......

بعد ان اخذ الرقم اتصل بالرجل .... الا ان الاخير لم يجب عليه .... وقرر ان يصبر قليلاً ويتصل فيما بعد ...

وها هو الآن يدور بين الشوارع وذهنه محموم بالشكوك المرعبة والأفكار الفظيعة ......


التفت بسرعة نحو هاتفه ما ان رن ..... استلته بلهفة وأجاب ما ان نظر للرقم الذي اتصل به منذ نصف ساعة ...

: ألووو ....

: بطي .... شحالك ...؟!

عقد بطي حاجباه وقال بتشكك: شدراك اني بطي ..؟!

ابتسم الرجل بخفة وقال: اللي عطاك الرقم خبرني انك بتتصل فيّه وانك محتاي ترمسني .. آمرني ...

مسد بطي رقبته بـ توتر شديد وقال: ما يامر عليك عدو يا خلفان ... دقيت على بوراشد ما رد عليه .. وينه ..؟!

خلفان بهدوء: بوراشد مسافر وهب في البلاد الحينه ... تروم تخبرني أي شي تبا تخبره لـ بوراشد ...

اخذ بطي شهيقاً سريعاً واعقبه بزفير اسرع قبل ان يقول: يا خلفان يا خويه يانا خبر ان سلطان مسوي حادث في ماليزيا والموتر محترق باللي فيه .. هالخبر صحيح ولا لا ..؟!

رفع خلفان كلتا حاجباه بتعجب ..... الا انه تدارك الوضع بأن قال بحزم بالغ: منو خبركم بهالخبر ...؟!

بطي بقلب ينتفض ترقباً/خوفاً: الخارجية خبرتنا .... الخبر صدق ولا جذب يا خويه طمني ...؟! .. والريال المحترق هو سلطان ولا غيره ....؟!


سكت خلفان .... كيف يخبر بطي عن أمور سرية ليس من حقه معرفتها ... الا انه قال بصوت هادئ مستكين:
بوخويدم ... عطني دقايق بس .. بتنشد عن السالفة وبرد عليك ... اطمن .. اللي الله كاتب بيصير .....

غمغم بطي بـ وجه شاحب: والنعم بالله .. لا تبطي عليه يا خلفان ... اترياك ....


زفر بـ عمق ملؤه الانفعال وعيناه الغائمتان ترمقان المطر الذي تساقط بعد أيام من الطقس الغابر المصاحب معه رياج شديدة محملة بالاتربة الخانقة .........

واخذ يدعو الله .. بقلبٍ متهدج ملؤه الرجاء ..... ان يكون الذي تلقاه .... مجرد كذبة ........

ان يكون سلطان حي بين الاحياء ... لا ميت مع الأموات ..........


رن هاتفه مقاطعاً دعاءه المتوصل ..... وسرعان ما استله ما ان نظر لإسم المتصل: هلا احمد ...

احمد: ها طمنا .. شو صار ..؟!

اغمض بطي عيناه بـ انهاك شديد ... وقال بغلظة مبحوحة: دقيت على واحد من اللي يشتغلون ويا سلطان .. وقال بيرد يدق عليه عقب ما يتنشد ويسأل ...

احمد بـ صدق شفاف بعيد عن أي مشاعر زائفة: ان شاء الله يبشرنا بالخير .. هد اعصابك يا بطي ... ان كان مسوي حادث ولا هب مسوي .. ان كان ميت ولا حي ... ترى كل ها بإيد رب العالمين .... هد اعصابك وايلس ادعي رب العالمين ... الدنيا مطر ورحمة وخير ..

غمغم بطي بذات غلظة صوته: ان شاء الله يا خويه .. ان شاء الله ... والنعم بالله سبحانه ....

تابع بعد صمت وجيز: وينك انت ..؟! بعدك عند شما ..؟!

احمد: لا رديت البيت ... بنت هامل بن ذياب يتها عقب ما روّحت بساعة .. فـ خليتها وياها وروّحت ....

سأل بطي وهو مرتعب من الإجابة: وشو كانت ..؟! تصيح ...؟!

احمد بـ قلق: لا .... يامده ... لا رمست ولا نطقت بـ حرف واحد ... الله يستر ......
بس وصيتها ما تخبر حد يلين ما نتأكد من السالفة ....



.
.
.
.
.
.
.



مرت الساعات ... واشتد المطر .. وارتعدت معها اغصان الشجر .. والورد .. والزهر ..


وقفت امام نافذة غرفتها وهي تحضن جسدها الضعيف بكلتا كتفاها بقوة ...

نظرتها ما تزال جامدة .. ما تزال ساكنة لا يلتمع فيها الا بقايا امل تتشبث به بأسنانها بوحشية ...


سلطان لم يمت ....

لم يمت ......

لم يمت ......


انتفضت بأكملها مع زمجرة الرعد المخيفة ... وتلألئ وجهها مع البرق الساطع المتوهج ....


هنا ...... شعرت ان قواها ذابت ... ذابت واندثرت ... وضعت يدها على فمها كي تكتم شهقة ألم كادت تهرب من حنجرتها ..

ونظرت من خلف كتفها لـ ناعمة التي تنام على السرير بوداعة وعمق شديد .....



لم تتحمل كبت شهقاتها اكثر من ذلك .. لذا فضّلت الخروج من الغرفة والنزول الى الأسفل مهرولةً علّها تهرب من شياطين تخبرها عقلها كل حين ... ان سلطانها مات .............


ما ان أصبحت امام الباب المؤدي الى الخارج ... أسندت بإنهاك جانب جسدها على الحائط وانخرطت ببكاء مرير .. بكاء جعل وجهها يتحول لشيء يشبه "الهلاك" .....


مذعورة ... مذعورة انا يالله ...... لا تمتحني في فقده ... اتوسل إليك يا رب العزة ... لا تمتحني فيه ....



وهي غارقة وسط دموعها الحارقة ... لم تعرف كيف فتحت الباب ..... وخرجت .... بلا غطاء يغطي رأسها .... "بحكم خلو المنزل من السائق بعد ان سافر اجازةً الى وطنه" ...... وبلا ملابس ثقيلة تحميها من الرياح شبه الباردة المصاحبة مع الامطار الغزيرة ......



مشت ..... ومشت ...... حتى توقف تحت المطر الذي اخذ وابله يتساقط على رأسها وجسدها كالسهام من فرط قوته ......


هي تخاف من المطر .... لطالما كانت الفتاة التي تخاف من الكثير من الأشياء في حياتها ... حتى المطر الجميل .... المرسل من الرحمن رحمة للبشر ... تخاف منه ...

الا ان خوفها من المطر الآن ... لا يساوي شيئاً مقارنةً بالخوف المظلم القابع في روحها الخاوية .... الخاوية من رائحته هو ....

رفعت وجهها حتى اختلطت دموعها الشفافة المرتعشة بـ برودة زخات المطر الهائجة .... وحتى أصبحت بأكملها .. كـ باقي الشجر .... والزهر ..... والثرى ... كـ جميع الأشياء الساكنة بلا حول ولا قوة تحت سيطرة البرد/الرياح ..... والمطر .....


بكت بصوت حاد مرتفع وهي تناجي الله بعيناها ان يرحمها من هذا الشعور القاتل الذي اخذ يجري كالدم في عروقها ...



لم يمت سلطان يالله .... اخبرني انه لم يمت ارجوووووووك ........



صرخت بذعر وهي ما تزال تبكي ما ان اهتز المكان فجأة من الرعد الذي جاء متتابعاً ..... ومن فرط ذعرها التفتت لتهرب بنفسها الى المنزل ... الا انها تراجعت عندما لمحت احد أبواب المنزل الخارجية لم تُغلق بإحكام ...

مسحت دموعها المتخالطة مع قطرات المطر بقوة وهي ما تزال تشهق بألم عاتي ... وحركت ساقاها المرتعشان من البرد/الانهاك .. نحو الباب ....



المكان يشتد ظلمةً/ضبابيةً .. وعويل الكلاب وشراسة مواء القطط من بعيد تثير فيها ضعفي الرعب الذي تشعر به يغزو روحها وقلبها الصغير ..


اخذت تغمغم بخفوت مختنق متحشرج: يا رب .. يا رب ... شو مطلعني انا هالوقت ياربي ....

شهقت وهي تكبح موجة أخرى من البكاء قبل ان تقترب بتردد/خوف نحو الباب .... وما ان اوشكت على اغلاقه ...


حتى صرخت بهلع وهي تشعر بجسدها يطير مع الباب الذي فُتح فجأة بقوة .....




مرت لحظة من السكون التام .. ولم يقطع تراقص السكون سوى تراقص المطر الذي ازداد عنفاً من حولها ..

تأوهت بألم وهي تضع يدها على بطنها .. وحاولت فتح عيناها ورؤية الذي امامها الا انها فشلت .. فـ زخات المطر قد أحال الرؤية وجعله اشد ضبابية واسوداداً ....

حاولت ثبت جسدها المنهار تماماً من تعب "القلب/الحمل" .. وأول اسم طرأ على بالها ما ان لمحت الجسد المظلم الذي يقترب منها بتروي .. تروي وتمهل ..

هو اسم شقيقها بطي .... بطي الذي وعدها ان يجلب لها سلطانها .... وخرج من المنزل منذ ساعات طويلة الا انه لم يعد .. وهذا ما جعل وساويسها تشتعل .... ورعبها يصرخ بين جنبات روحها ....

عندما اقتربت .. توهج وجهها بـ بسمة مرتعشة ... مرتعبة ... قلقة .. أليمة حد النخاع ... وقالت بصوت مختنق ينوح املاً/توسلاً:

بـ بطي .. بشرني .. لقيته .... لقيت سلطان .. لقققـ ....


ارتعد المكان فجأة مع الرعد المخيف .... ووجدت نفسها تصرخ بهلع وهي تتراجع مغلقةً عيناها بقوة واذنيها بكلتا يديها بانتفاض لا نهاية له ... من فرط رعبها مما ستسمعه ... ومن فرط رعبها من الرعد ... صاحت بحدة مجنونة تفجرت بالهستيرية:
وييييييينه ... وين سلطاااااااااان ... قلتلك ييبلي اياااااااااااه .....
ويييييييييينه دخيلك ييبلي اياااااااااه .....


مع كلمتها الأخيرة ... اخذت تبكي بصوت عالي .. عالي وكأنه بكاء ارملة فقدت ولدها للتو واللحظة .. بكاء أخرجت معه اعصابها التي ربطتها بحلقة من حديد ساعات طويلة .... لا .... لا ..... بل أيام طويلة ...
أيام جاعت فيهم قربه ... أيام اختنقت فيهم من انفاس ليست بأنفاسه .. وليست التي كانت تضخ في رئتيها من قبلاته .....


وهي في وسط بكاءها الحاد .. الغريب المثير للقلق .. سمعت صوت احدهم ينادي اسمها من بعيد واشياء أخرى .... لم تستطع سماع ما يقوله لأنها مغلقةَ الاذنين ...... وحاولت فتح عيناها لكنها لم تستطع ...

خافت ان فتحتهما تسقط رعدة من السماء على رأسها مع رعدة من فاه اخيها يقول لها بكل ببساطة ... ان سلطان مات ...

ارتفعت حدة بكائها وهي تهز رأسها بجنون .....

هذه الفكرة تقتلها ببطئ ... ببطئ حقير بشع .........



فجأة .. احست بأحدهم يمسك كلتا يداها ويبعدهما عن اذنيها وزمجرة مرتعبة تهتف لها من بين أصوات المطر العالية والرعد: شو تسوين هنييييه يالخبببببلة ...... تبين تجتلين روووووحج ....!!!!






صمــــــــــــت ... صمــــــــــــت تــــــــــــــــام ..!!!!





فتحت عيناها بقوة ..... وللتو فقط .... للتو فقط ..... تمكنت من رؤية وجه الذي امامها .....

وشهقت شهقة أودت بحياة بحات صوتها المختنقة .....!!!


لم تصدق ما رأته .... حتى انها كذبت حاسة انفها التي انبأتها بسرعة/استنفار ... ان الذي يدغدغ انفها ... عبقه هو ....!!!


ظلت فارغة العين .. جامدةَ الوجه/الجسد الى ان اقترب منها بخطواته الرجولية التي تحفظ تفاصيلها انشاً انشاً ...

احتوى كامل جسدها الغارق بأكمله بالماء وقال بصوتٍ ثقيل تخلله غضب خرج مع شعوره المتصاعد بالقلق عليها: اشهد انيه ماخذ وحده خبله ... ما تشوفين الجو كيف مستوي ...!!!
هااااه ....!!!



اجل .... هذه رائحته ...... رائحته ...... مسك رجولية جسده ...... وعود أنفاسه .....

عبقه هو لا عبق اخيها ولا عبق انسي آخر .......



رفعت ذراعاها .... واحتضنت خصره بقوة ..... وبدأت تهذي بخفوت ... بجنون .... ببكاء تقطع معه بحات صوتها:
دخيلك قول انك سلطان .. قول ....
ا ا انا ادري انك سلطان ... كون سلطان .... لا تكون خيال ... دخيلك .....
لـ .... لا ... لا تكون ميت .... ادريبك سلطان ... انت حي ... حي ومعايه ....
ا ا احلف انك سلطان ...


صرخت بوجع عاتي: احلف انك سلطااااااااان .....


احست بجسده ينتفض ... لا تعرف أهي انتفاضة رحيل طيفه ... أم انتفاضة جسده هو ... وسرعان ما وجدت وجهها بين يداه ... في نفس اللحظة التي اضيئت السماء بالبرق واهتزت الأرض بالرعد .....


ورأت عيناه ..... عيناه اللتان فعلتا بها الاعاجيب سنين ... وكونتا بصقريتيهما داخل روحها صرحاً شامخاً من العشق/الوله لا يهدمه سوى رب الكون الذي وضعه بقدرته ....


همس بأجش تخلله قلق ... وخوف .... وحيرة ..... همس همسةً خرجت من فاهه الى فاهها المرتعش مباشرةً: حبيبتي شبلاج ..؟!
انا سلطان .... والله سلطان ....

رفع رأسه وهو يحاول حمايته بيده من المطر الذي لا يبدو انه سيهدأ قريباً ... واكمل جاهلاً تماماً انه للتو فقط ... احيى روح حبيبته بكلماته العفوية القصيرة .... الثقيلة بـ ثقل مهيب كـ هو: لا اله الا الله ... صبيييب ... من زمان ما طاح علينا مطر جيه .. تعالي تعالي خل نحدر ...

سار بها ... وهو لا يرى تبهت وجهها على وجهه .. ونظرتها الخليطة من ذهول كاسح وجوع قاتل .... بلا أي رفة رمش او انخفاض جفن ....!!!

بهت تام ...!!!


ما ان احتمى واياها تحت السقف الذي يظلل مدخل المنزل المطل على الباحة بأرضها اللامعة من المطر واشجارها المتمايلة بخنوع مع هبوب الرياح القوية ... حتى نفض شعره بسرعة قبل ان يمسح جبينه المتغضن ...


رغم اشتداد الظلمة حولهما ... تمكن من رؤية جانب من صفحة وجهها من النور الخافت جداً الآتي من احدى نوافذ المنزل ....

عرقاً فيه تلوى ذهولاً .. وخوفاً من هيئتها المزرية .. ووجهها الذي انقلب رأساً على عقب من فرط شحوبه واحمرار البكاء فيه ...

عيناها زائغتان وكأنها عاشت مع الشياطين لحظات حقيقية ولأيام طويلة ... وتحتهما هالة سوداء دليل سهاد كالدهر وانهاك كالعمر ....

نظر لها بـ نظرة تتلألئ حناناً .... وشوقاً .... وغراماً ...... وقلقاً ... وهمس بأجش وهو يحاول إعادة نسخ صورتها الحلوة في عقله بعد فراق طويل .. طويل ... وبشع: ليش ظاهرة خاري ...؟!

باغتته بنظرتها ذاتها .. المؤلمة حد الانين .. الآنية حد الألم .. وبخفوت مبحوح .. متحشرج .. قالت: انت سلطان ...؟!


مع نظرتها غير المصدقة ... وكأنها تنظر لـ خيال لا لـ انسان ... توجعت أوردته وانقبضت حول قلبه المشتاق .. وقال بصدق شفاف ملؤه العاطفة والحيرة: والله سلطان ..

امسك يدها ووضعها على ذقنه حتى تحسست خشونة شعيراته السوداء واكمل بنظرة أليمة: زخيني ... انا سلطان يا لولوته ... انا صدق هب خيال .... شبلاج ابوي .. شو مستوي ..؟!



قال كلمته الأخيرة قبل ان ترمي جسدها عليه وتحتضنه بقوة جاهشةً بالبكاء الحاد مرة أخرى ...



: قـ قـ قالولي متتتت ... قـ قالوولي سلطان ماااااااتت .. مـ ما صددقتهمم .. والله مـ ما صدقتهمممم .. لان ادري انك ما متتت .. لو متتت ما بتلقااااني اتنصخ الحييينه .. آآآآآآه ....


دخلت في حضنه اكثر وهو وبكل قلب مغرم شد من احتضانه لها ... وتأوهت بنواح ... بـ سكرة شوق مُهلكة:
حبييييبي .... حبييييييبي .......


اخذ يهدهدها بـ رقة وخفوت وهو يمسد شعرها الرطب بـ حنان جارف: اششش .. بابا .. نبض سلطان .. اهدي .. انا هاذوه جدامج ما مت ....
خذي نصخ واذكري الله ..

قبّل اذنها بـ حرارة واكمل بذات صوته الرقيق الخافت: والله هب فاهم من اللي قلتيه شي ..
منو خبركم انيه مت ... جيه السالفة لعبة ..؟!

اجابته شما بصوت اخشوشن من البكاء واختفى اغلبه خلف فمها المختبئ في صدره الدافئ: مـ ماعرررف .. مـ ماعررف ..
بـ بطي و و واحمدد ....... يوني ا ا اليووم .. وقـ قالوولي ان يااهم خبر ... مـ من ... ماليزيااا ..

شهقت بمشاعر حارقة منفلتة كلياً ... واكملت بتحشرج متقطع مرتعش: ا ا انكك .. ا انكك مسوي حااادث .. و و وموترك احترق ... و و
ووانت .... ووانت احترقت ويااااااه ...

رفع كلتا حاجباه بـ ذهول .... واستغراب اثار فيه الريبة والتوجس .....





ماليزيا .....!!! ... وحادث خلف ورائه سيارة محترقة ..!!! ....... يبدو ان هناك لبس في الموضوع ......!





قال وهو يبعد وجهها قليلاً كي يجعلها تراه وترى عيناه الذائبتان من الرقة: وانتو صدقتوا الله يهداكم ..!! أي واحد ايي يقولكم فلان مات بتصدقونه ..؟!

احتد صوتها وهي ترد عليه بغضب: اللي ما يخافون الله طيحوا قلبيه ... قالوا حق بطي انهم لقوا مع الجثة بطاقتك الصحية وصورة لك انت وياااه ...

عقد حاجباه ..... ورغماً عنه .... جال بفكره يمنةً ويسرة .. حتى توهجت نظرته بصمت بعد ان تذكر انه ما ان اصبح في تركيا ... علم بفقدانه لـ بطاقته الصحية .... وصورته العتيقة التي تجمعه وبطي .... والتي تصاحبه أينما ذهب مذكرةً إياه بإحدى نعم الله الكثيرة عليه ......

لم يستغرب تأكد الشرطة من انه هو الجثة الميتة .. فـ غير البطاقة والصورة .. هو لم يخرج من ماليزيا بجواز سفره الأصلي ... بل بجواز سفر زائف كي ينتقل الى تركيا بـ سرية وكتمان وكي لا يعرف ديرفس وجماعته انه آتٍ اتجاههم ....



تراجع بـ صدمة مباغتة عندما اجس بـ جسدها ينسل من يداه ..... وتجثو على الأرض ..... بلا حول ولا قوة .....

وشعر بأحدهم يصفعه بحرقة .... بقهر .... ما ان رآها تهذي ورأسها منخفض الى الأسفل ... تهذي بكلماتٍ لم يستوعبها الا بعد لحظات ....



: خفت تموت قبل لا اتهنابك ....
خفت تموت قبل لا تسامحني على سواتي فيك .... على غبائي ... وغباء كرامتيه اللي ماذوق عسلها الا من نظرة عينك ..... وقوة روحك ......
خفت تروح عنيه وانا ما سمعت منك الكلمة اللي ما خلت قلبيه وعقليه في حالهن ابد .....



تحشرج صوتها حد الصميم .. وحد السكين الحار: خفت تخليني وانا ما بعدني ما سمعت ضحكتك ولا ريت بسمتك ....


هزت رأسها بـ النفي ... وقالت بصوت ارتفع من الهذيان ... والوجع .... والأسى: ضحكتك اللي اشوف فيها الحب بليا جروح انا سببها .... وبسمتك اللي اشوف فيها الهنا والسعادة .....



تأوهت وهي تضع يدها اسفل بطنها ....




ظنت ان سلطان سيركع ويجلس قربها ويعاهدها بفعل كل ما ترغب به .... او يرفعها إليه ويدخلها في احضانه ويبث في روحها الأمان ... والسكينة ..... سكينة تنافت مع روحها الحالية المتخبطة المتشعثة


ثواني قليلة مرت .... حتى صاحت بخوف باكي بسبب ارتعاد المكان من صوت السماء الراعد ...


هنا .. امسك كلتا كتفيها بقوة .... ورفع جسدها حتى أصبحت امامه .... نظرتها تقابل نظرته المظلمة الضبابية ..


قالت رغماً عنها ... بصوت طفولي .. صادق وخائف: خل نحدر ... انا أخاف من المطر والرعد ... انااا ........


انخرس لسانها ... ما ان قرّب وجهه منها ... وقال بأنفاس متلاحقة .. ملتهبة .... وبصوت أجش خفيض آتٍ من بعيد .. بعيد جداً:
لو هالمطر .... زرع في يوفج خوف منه .... فـ انتي .... بجفاج ... وقطعج للوصال .... حرمتي يوفيه من كل شي الا من الشقا والقهر .... والظما ......



ظل يأسر عيناها بـ عيناه الشفافتان ... المتلألتان بـ عاطفة حزينة جعلت دموعها تتساقط في دفعة جديدة وطازجة .....


اكمل بذات صوته الخفيض ... السحيق ..... البعيد جداً:
ظلمتي قلب سلطان ...



هزت رأسها بعنف وهي تقول بتحشرج وقد فقدت سيطرتها على اعصابها: ا ا ادري .. ا ادري ...



: وذليتي قلب سلطان ...



هزت رأسها مرة أخرى ....... وقالت بصوت اشتد بحته/خشونته من البكاء: هـ هيه .. هـ هيه ... ا ادري .. اددري ..



: وبعتي قلب سلطان .....



هنا .... انزلت رأسها ... بـ عذاب .... بـ خزي من نفسها ... بخزي من مراهقة ابت الا ان تأثر لكرامتها المهدورة .. من غير ان تتأكد ان الرجل الذي "كان باعتقادها جارحها/مُذلها" بريء .... وقالت بنبرة منكسرة ... أليمة ... مُعذبة .. وقد غدا وجهها اشد شحوباً:
يعل اللي باعوه يفدونه ........ ويفدون كل عرجن فيه ..........



ذبلت عيناه بابتسامة خافتة .... لامعة .. مشوبة بـ حزن اصيل ... بمشاعر اصيلة لا تعرف الزيف/الغدر .... واكمل يخرج ما يجيش في روحه:
عقب كل ها ......... تبيني اسامحج .......؟!



اشتد اعياؤها ... وألم بطنها .... الا انها ابت ان تضعف الآن .. ليس وهو امامها بعد فراق أيام طويلة ... ليس وهو يتحدث معها لأول مرة عن وجعه بما فعلته به .... بما اقترفته بحقه قبل سنين طويلة .........

نظرت لعيناه بنظرة شفافة ... تتلوى ألماً متأملاً .. وأملاً متألماً باكياً: ان سامحت ... فـ انت الكريم ولد الكريم .. وان ما سامحت واقفيت يا ولد ظاعن .. فـ الله يشهد عليه .. ما اعاتبك ولا ألومك .... بتظل شرات ما انت في القلب والروح ..........


ارتفع جانب من ثغرها عن ابتسامةٍ حزينة بالكاد ظهرت ... وتابعت بهمس: انت ما تستاهل تيلس ويه وحده خبلة شراتي .. انانية وما يهمها الا نفسها ودوم تـ..........




: أحبج .........................




كلمة واحدة .... واحدة فقط .... كانت كفيلة بإخراس لسانها ...... ومجسات اعصابها .... ودماغها .....

كلمة تلوعت رغبةً بها عمراً ....... وانصهرت توقاً إليها دهراً ............


كرر تحت انظارها المتجمدة ....... الأليمة ......... المصعوقة حد الرمق الأخير .. كررها بصبابة دامية وهو يتأمل بقلبٍ منتفض ثائر ...... فمها الشهي: أحبج ....




ثانية ......... ثانيتان ........

ثلاث ........... ثم اربع ...........



وفجأة ....... شهقت ملتقطةً اكبر كمية من الهواء الذي اختلطت ذراته ببعض زخات المطر المنعشة ...... وتراجعت بقلب مذعور الى الخلف ....






حبيب الروح

سارق النبض

تتراقص روحي اشتياقًا

تنوح أنفاسي توقًا لعبقٍ يأتي بك

المحاني تناديك

أرصفة العاشقين تفتقدك

كل الأماكن تصرخ حنينًا إليك

كل الذكريات أنت

تأتي كـ وميض في ذاكرة

الروح فتحترق بلسعة نورك

أفتقدك حد الضياع

أخاف المطر

وكان لقاؤنا موجعًا كـ حبات البرد

كـ صوت الرعد

كـ بريق البرق العاصف

كانت رعشات الجوى تبللنا كـ قطرات المطر القاصف لكل هدوء

كانت أحبك من ثغرك دواء

لكل أمراضي

ضاعت نبضاتي وتاهت عند

مفرق حروفٍ أربعة " أ ح ب ك "

ظالمة أنا على قلبك

قاسية على روحك

وجئتني بلحظة مطر لتغرقني لأسفل درك من التوق

،

*كلمات الراقية طعون






من هول صدمتها بالكلمة .... من هول شلل عقلها ... وحواسها ....... لم تعرف انها وضعت قدميها على بركة صغيرة من الماء تجمعت من المطر ......

وقبل ان تتزحلق وتسقط ....... امسكها سلطان بقوة وسحبها الى صدره .......


قال بـ خوف شديد: بسم الله عليج .. سلمتي .........


بذات نظرتها المتجمدة .. وبذات شحوب وجهها المُرهق ..... قالت بصوت مبحوح مختنق: شو قلت ...؟!


نظر لـ حالتها المُقلقة بنظرة رجولية تعج بالحنان ... بالرقة .... بالعطف .... وكرر بصوت رخيم شفاف صادق:
قلت احبج يالخبلة .... احبج يالانانية ... احبج يالجاسية ...


اخذت تتأمله لحظات بعيناي دعجاوتان حمراوتان بالدموع .. قبل ان تتأوه باكية وقد بدا له بوضوح كم استنزف اعترافه مشاعرها .. وكم آلم ضلوع صدرها ذهولاً ..... وألماً ..........


أسندت جبينها على صدره ... واخذت تبكي هذه المرة بـ رقة ... بخفوت .... بصوت متحشرج مكتوم .... وكأن بكائها العالي منذ قليل قد انهى ما تبقى من طاقتها فلم تجد القوة الكافية لتبكي مرة أخرى بعنف ....


احتضن جسدها الغض .. الرطب المرتعش كـ جسد عصفور طال زمن وقوفه تحت المطر .... احتضنها بقوته الحانية ... المتفردة كـ هو ...... ثم قال بصوت خفيض رقيق تخلله قلق عبق: حبيبي .. تعالي داخل .... انتي خرسانة ماي بتمرضين عقب ...

شدت من احتضانها له ... حتى شعرت ان كل عضلة من جسده الصلب قد تمازج مع طراوة جسدها اللين ..... وقالت برعب:
لا .... لا ...... أخاف تروح عني وتخليني ... لا ... بنتم هنيه ... دخيلك بنتم هنيه ......



توسلها إليه ... وبهذه الطريقة الموجعة ... جعلت من شرايينه تعتصر وتتلوى حناناً وغراماً .. ورفقاً ....


بلا تفكير ...ابعد وجهها عن صدره رافعاً إياه من ذقنها ....... وقبّلها .......






أخذت مني أنفاسي بلحظة عشق سحقتنا كلانا

موجة من الحرارة غمرت رئتيّ

وكأنك قضمت على قلبي وليس أنفاسي بقبلة مجنونة

لا أعلم أهو بريق عينيك أم إجهاد روحي الذي تجلى لي في عمق الليل

سلطان قلبي

ملكت عمرًا جديدًا برؤيتك

و التهم روحي شوقًا مؤلمًا لرؤية ضحكة صادقة منك

دهشة لذيذة مازالت تغمرني لسماع كل لغات الحب منك

أهلكتني بغيابك و مجيئك ..

فما أنت فاعل بي بحق الله ؟؟

،

*كلمات الراقية طعون







في وسط عاصفة شوقه المحموم .... الاهوج ...... ازاح ذراعيها عن خصره ...... ووضعهما خلف عنقه ..... معطياً لنفسه المجال ليقترب اكثر ... واكثر ...........


لحظات طويلة مرّت ... حتى ابعد شفتاه عن فمها .... واخذ يقبّل وجهها الساخن المتورد .... ووجنتاها الرطبتان من الدموع .... واهدابها الباردة المرتعشة الملتاعة ...........

قبّلها حتى يروي ظمأه ... حتى يشبع لهفته .... حتى تعرف انه حقيقة ... لا خيال .... لا مجرد طيف أتى مع المطر ... وسيرحل مع المطر ............



همس بأنفاس متلاحقة ..... وبفمه شبه الملاصق لـ فمها: ما بروح ... بتم معاج ... ولا بخليج ان شاء الله .. خلج واثقة من هالشي ....
تسمعين ......؟!


هزت رأسها كـ طفلة صغيرة ... وبعين غائمة "تفجرت بالعاطفة المشتعلة" ....


ابتسم لها بسمة فخمة مثيرة جعلت امعاءها تتلوى وتتقلص اثارةً .... ثم همس: يلا تعالي .....


قبل ان يصلا نحو باب الفيلا ... اوقفته وهي تقول بـ وجه متورد خجول: سلطان اصبر ...

نظر إليها سلطان باستغراب وهي سرعان ما قالته مبررة: ناعمة بايته عندي ....

ابتسم بـ تهكم طفيف وقال مداعباً: عذول ....

عضت شفتيها بـ خجل شديد والى الآن لم تتجاوز اعترافه الصادم وكلماته الساخنة المتفجرة بالغرام ........


يالله ........ سلطان يحبها ....... يحبها كما تحبه تماماً ............ يالله .... قلبي لا يتحمل ....



تابع وهو يدخل الى الداخل حاضناً تقريباً كل جسدها: بس ما عليه ... بنسير الحجرة الثانية .....



.
.
.
.
.
.
.



انتفض من مكانه وقد استيقظ بعنف على صوت اشتداد المطر الراعد المخيف ....


اخذ دقائق حتى يستوعب اين هو ....!!!

إذا هو في سيارته ويبدو عليه انه غفا بعد ارهاق عصبي استمر ساعات طويلة .....

رفع عيناه الغائمتان الناعستان وحدّق بـ الشارع الذي يقابله الدوار المؤدي لـ منزل سلطان ..... وتذكر كيف انه حام حول المنطقة بارتباك وتردد غير راغباً البتة بالذهاب لأخته خالي الوفاض غير محملاً بأخبار تسر الخاطر/الروح ....

وفي النهاية أوقف سيارته مقرراً انه من الأفضل ان ينتظر .... وقد انتظر طويلاً .. طويلاً جداً ....

شهق عندما نظر لساعة يده ووجدها قد تعدت منتصف الليل ......

الى الآن لم يتصل خلفان به ويخبره عن شيء ......

بدت وساويس شيطانه تشتعل .... وبدأ قلقه المتصاعد يخرج من فوهة روحه المذعورة ....



وبلا تفكير ... اتصل به .....



بعد لحظات .....



رد وقد بدا على صوته النعاس والخمول: ألو ...

شعر بطي بالحرج للحظة الا انه ازاح ما يعتريه بقوة وهو يقول: خلفان .. السموحه يا خويه .. تحريتك واعي ...
ا ا ما رديت عليه خبر .. شو صار وياك ..؟!

عقد خلفان حاجباه باستغراب .... وقال: ما ياكم ..؟!

اتسعت عينا بطي بهلع ... وقال بانفعال: يانااا ...؟! منو هووو ..؟!

اغلق خلفان عيناه بنعاس شديد وغمغم بلا وعي من عقله الغائب: يا بوخويدم سلطان في بيته الحينه سِر شوفه .. يلا مع السلامة أبا ارقد .....

واغلق الهاتف قبل ان يرد عليه بطي ...... بطي المصدوم .... بطي الذي تجاوزت صدمته كل الحدود .. وكل الأمكنة ...


وبوحشية اعصابه .... ونبضات قلبه العنيفة .... شغل سيارته ... ودعس على مزود السرعة بكل قوة لديه ساحقاً الشارع الرطب كلياً بماء المطر ... متجهاً مباشرةً الى منزل سلطان ........


ثلاث دقائق فقط حتى اصبح امام المنزل .... وبلا تردد .. وبلا اكتراث للمطر الذي ينهمر بغزارة ....

فتح باب سيارته وهرع بخطوات سريعة نحو باب المنزل الداخلي ......

نسيَ ان الوقت متأخر ... نسيَ انه ربما في المنزل نساء أخريات غير زوجته ... نسيَ حتى التفكير نفسه ....


فكره متشوش ويريد فقط رؤية وجه ذلك الصديق الوغد ليعود فكره لـ نمطه الطبيعي المعقول ... لـ تعود خفقاته المجنونة لوضعها المستكين المرتاح .... لـ يعود هو بطي ......


بتعقل معدوم .. اخذ يطرق الباب بحدة ..... الا انه لم ينتظر .... واتصل بـ شما ......

عندما ردت عليه .. طلب منها بشراسة ان تفتح له الباب .......


لحظات فقط ...... حتى فُتح الباب امامه ..... الا ان الذي فتحه ... لم تكن شقيقته ......


بل سلطان نفسه ........



رآه .... كان يسند ذراعه على حافة الباب .. وحال صدره يرتفع ويهبط بانفعال واضح .... بغضب واضح ... لا

لم يكن غضباً واضحاً فحسب .... بل كان غضباً حارقاً ملؤه الألم/القهر ...........

هذا ما شعر به سلطان من اول نظرة منه إلى صديق عمره .......


ما ان خطا خطوة مقترباً منه ........ حتى باغته بطي بـ لكمة ارجعته للخلف خطوتان ......

مسّد فكه برؤوس أصابعه قاطباً جبينه بحدة ....... وقبل ان يتفوه بكلمة ....

كان بطي ينقض عليه باللكمات ... والضربات العنيفة الغاضبة .....

زمجر وهو يضرب معدته بقوة مجنونة: تبا تمووووووت ....!!! هااااااه .....!!!!
تبا تموووووووت يالجلـ.... قبل لا اشوووفك واشرررب من دمممك .......!!!!
تموووت وتخلييينيه بحسرة فوااااااديه يالخسيييييسسس .......!!!!!


امسك بتلابيب سلطان .... الذي ... وياللغرابة ......... كان يبتسم باستمتاع ...... ابتسامة استفزت بطي الذي صرخ بغلظة وبملئ حنجرته الجريحة .... والتي بحت/اختنقت حد النخاع:
تبا تمووووووت يا الغدااااااار قبل لا نصفي حسابااااااااتنا ......!!!!


مسح سلطان بطرف اصبعه دماً نزل من فمه .... وقال وهو ينظر لـ صديقه بقوة ملؤها الوفاء/المحبة:
وانا ساكت عنك الحينه لانيه اباك تصفي حسابك ويايه ... هاذوه انا جدامك .. ولا بحرك فيه صبع ... ان بغيت تذبحني اذبحني ..


لانت نظرة عيناه بـ دفئ خالص ... وكرر بخشونة رجولية ودودة: وانا عنديه اغلى عن بطي بن خويدم ..؟!




بطي ... ومن فرط ما يعتريه من لهيب ... ومن فرط فقده لـ اعصابه .... دفع سلطان بعيداً عنه مخرجاً زئيراً من اسفل قاعٍ من حنجرته قهراً/ألماً ......


اشاح بجسده وقال وقد امتقع وجهه تماماً: كنت ناوي تكسر ظهريه للمرة الثانية يا بومييد ..؟!
هااااااه ...؟!
كنت ناوي تكسر ظهريه ...؟!


: ما عاش ولا كان اللي بيكسر ظهرك ..... ولا عشت ولا كنت لو فكرت في لحظة بس اشوفك منكسر .....


حاول الاقتراب ولمس كتفه الا انه حرارة جسد بطي المشتعلة والتي تدل على غضبه الذي لم يهبط ويستكين الى الآن اخبرته ان يتريث ....

خطا خطوتين نحوه .... وتابع بصوت هادئ مستغرب: شو سالفة الحادث ..؟! ومنو خبركم انيه مت ..؟!

رفع بطي رأسه ملتقطاً شهيقاً ليتعبه بزفير عميق علّه بهذا يتمالك اعصابه ويهدأ ..... ثم اخذ يحكي له "بصوت جامد كلياً" .. ما حدث قبل ساعات وما فعله كي يتأكد مما سمعوه .....

تأمل سلطان حالة بطي المنهكة اعصابياً/نفسياً ..... وقال: حسيت اني مضيّع بطاقتيه الصحية .. بس ما دريت انها طاحت في الموتر اللي كان ويايه ...

صحح بطي بصوت مكتوم: وصورتنا ....


لانت عينا سلطان بـ حنان جارف ... وهز رأسه موافقاً ... وقال: وصورتنا ....

حك بطي جبينه بتوتر ... وبشكل ما ..... استكانت خفقات قلبه الوجلة الهستيرية ..... وقال باقتضاب وهو يستدير ليخرج:
الحمدلله على السلامة .......

وقبل ان يمسك مقبض الباب ... تراجع بعد ان أحاط سلطان رقبته بساعده بقوة ... وسمعه يقول قرب اذنه بشراسة:
قبل لا نصفي حساباتنا ....!!



فجأة ...... اخفض بطي اهدابه بتأثر .. وصمت ...



يعلم سلطان ان بطي ما زال مجروحاً منه .. مجروحاً ويراه ذلك الخائن الغدار بعد ان خبأ عنه خبر مقتل شقيقه سعيد .... وقبل ان يتفوه بما يجيش بصدره ويعتذر ...


قاطعه بطي بخشونة عارمة تشوبها بعض الاختناق: الخبر اللي ياني وجلبني فوق تحت يسد ..... اعتبر حساباتنا انتهت يا سلطان ....

ازاح بهدوء ساعد الأخير عن رقبته .... واكمل ممسكاً مقبض الباب: مع السلامة ....








نهــــاية البارت السابــــع والخمســــون


.
.



ثنين عشاق

يظللهم مطر

الأول يبكي بإشتياق

والثاني حنانه بالنظر

مشاعرهم تعاني اختناق

والبوح ما يكفي للسهر

قالها أحبك يالولوة المشتاق

يالقاسية على قلب منفطر

حبك وردني لجنون الإلتياع

وروحي تتوق لك يا النظر

أثر عليها حيل بهالإعتراف

واستكانت روحها ونبضها استقر

انمحى مابقى بينهم من جراح

بقبلة كالجحيم المستعر

هو مولع وهي ماتت انتظار

وضمدت روحهم غيمة مطر ...



*للراقية طعون



"الابيات هاذي اهداء متواضع لمحبي سلطان وشما" ..




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 22-06-16, 09:27 AM   #62

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)


الجــــزء الثــــامن والخمســــون



،



و إني بغير التي ألهبت

خيالي بأنفاسها العاطرة

شريد يشق ازدحام الرجال

وتخنقه الأعين الساخرة



لـ بدر شاكر السياب



،



دخل الغرفة المجاورة لغرفته الرئيسية وهو يتنهد بعمق بعد مواجهته لـ بطي ......

الا انه سرعان ما لانت تقاطيع وجهه وهو يستنشق عبقها المنتشر حول المكان وبين الانفاس/الهواء .....


يالله ...... يعترف انه بعد اعترافه لها بحبه يشعر وكأن روحه قد انبثق من ايمنها وايسرها جناحان .... وحلقت به لـ سابع سماء ....

اعترافه الذي جاء هذه المرة مباشرةً .. مندفعاً .. عنفوانياً .. لا يشوبه التلكؤ والتخوف والتردد .... وليس كما في السابق والذي خرج في لحظات كان فيها لا يعرف الا لغة شتات المشاعر ... وحيرة النبضات ....


يعتريه شعور غريب/مُسكر ... بالحرية .. بالتحرر .. وبنشوة الغرام .....


أكلمة واحدة تفعل به كل هذه الافاعيل المدغدغة للوجدان ........!!

سحقاً ..... انها تفعل ... وتفعل .... ولو انها لا تفعل ... لما شعر انه للتو فقط ... ومنذ سنين طويلة ... يتنفس بأريحية ... وبسكينة ...

لما أحس بخفقاته ... تضحك ....!!!!

أجل .. خفقاته تضحك ... وتتراقص .... وتتمايل فوق سحب بيضاء قطنية تنافي اسوداد غيوم سماء ليلته هذه .....


كلمته هذه كانت كفيلة باسترداد كل حساباته الغابرة فوق رف الزمن .... كفيلة بأن تعالج كل وجع قلبه .. واحزانه ... وحسرته .....

ليست الكلمة من كانت العلاج ان صح هو التعبير .... بل زمن الكلمة ..... وساعتها ......

لم تكن لـ احبك ان تكون علاجاً له ... حتى رأى بأم عينه كم ان معشوقته تتعذب به ولأجله ..... وكم دموعها الشفافة المذروفة لأجله .... صادقة .... وتتلوى لوعةً/عشقاً .....

ليس ساديةً منه ..... هو فقط رغب بشدة برؤية دليل يجعله يتمسك بحبها اكثر ولا ييأس ..... بالتأكد من ان سنينه التي ولّت خلف حب "جريح" ... لم تذهب سدىً ... ولم تختفي كـ حبة تراب امام عاصفة خيبة النفس/خذلان الكلمات .....





تأوهت خفقاته حمداً وشكراً لله لتمكنه من العودة وإبراهيم الى ارض الوطن ما ان فتح الأخير عيناه وتأكد من استرداده لصحته .....


وخوفاً من اعين المتربصين والحائمين حولهما .... كتم عن جميع رجاله ومن يعملون معه خبر العودة .. وما ان نزلت الطائرة حتى اتصل بـ خلفان "الذي علم منه انه كان قبلاً يحاول الاتصال به وبلا جدوى" .. واعلمه انه قد عاد الى البلاد ..





: آآه ...


اعتلج بصدره القلق ما ان لمحها من بعيد مكومة على نفسها فوق السرير وتتأوه بخفوت رقيق .... للتو فقط استوعب الإرهاق الناضح من تقاطيع وجه زوجته الشاحب ....


اقترب منها حتى جلس بجانبها .. وقال بقلق حاني ما ان تخالطت انفاسهما الحارة: غناتي شبلاج ..؟! شو يعورج ..؟!

ارتعش ثغر شما ببسمة خفيفة ملؤها الاعياء/الخوف .. ثم امسكت يد سلطان ووضعتها على بطنها ...

همست وهي ترمق عيناه بـ دعجاء عيناها الذابلتان: هنيه يعورني ..

نظر إليها بحيرة وقال: بطنج يعورج ..؟! شو ماكلة ..؟!

ما ان وضع يده الأخرى على جبينها بحنان أليم .. حتى تراجع بقلق عاتي وقال: حرارتج مرتفعة .. نشي نشي بوديج العيادة ...

تشبثت بيده بقوة ضعيفة وهي تهز رأسها بالنفي ... وهمست: لا .. مابا عيادة .. اباك انت .. انت حايتي ودوايه ..



انتفضت اوردة قلبه لـ همسها الرقيق وكلمات روحها الأشد رقة .. والاعصف عذاباً ....

قبّل انفها بخفة ... وقال بنظرة تلمع بالتملك الرجولي: وانا ما ارضى الا انيه أكون حايتج ودواج ....

اكمل بأجش وهو يتلمس وجنتها الساخنة بطرف اصبعه: بس انتي تعبانه ... أبا اوديج العياده عسب اطمن عليج ...


عضت شما شفتها بـ غرام "مُهلك" ... وهمست قرب شفتيه: يا ربي .. ربي وحده يعلم كم احبك وكم احب قلبك وحنانك ..



تأمل تورد وجهها الشاحب بنظرة لامعة تشوبها بعض الصبيانية الحلوة .. وقال: وعبده الفقير ..!! ما له نصيب من هالعلم ولو شويه ..

اسبلت اهدابها بـ عاطفة مهتاجة ... وقالت: أي واحد فيهم تطري ..؟! في واحد منهم يعرف ....

رفع حاجباه قليلاً وقال بنظرة تشوبها سخرية لطيفة: عندج غيريه يا بنت خويدم حبيب ..؟!



ابتسمت شما بـ فرحة منتشية ... اولاً من كلمته التي خرجت من فاهه بثقة شديدة

"حبيب" .....

وثانياً من الحقيقة التي دغدغت روحها حد الضحك ... حقيقة حبيبها الثاني ... ابنها الذي ينمو في احشائها ...


ثم قالت:
هيه ...


شعر بالغيظ يقفز بجنون فوق رأسه ... الا انه وقبل ان يخرجه على هيئة كلمات .... قالت وهي تشد من يده على معدتها:
ولد الشيخ سلطان بن ظاعن ...


عقد حاجباه لـ ثانيتان فقط ... ثانيتان ليستوعب تزاحم الكلمات والحروف في عقله ... قبل ان يفرغ فاهه بـ ذهول اخذ مأخذه الكامل من تعابير وجهه اليوسفي ....


انزل عيناه نحو يده المستريحة فوق معدتها المسطحة ... ثم عاد ينظر إليها بـ فكر طار مع الصدمة ... وقال بصوت محترق:
و .... ولدي .....!!!
انتي ........ انتي حامل ....!!!!


تدافعت الدموع نحو مقلتاها وهي ترى صدمته الحارقة بالخبر ... هزت رأسها بعنف وهي تقول: هيه .... حامل ....


ظلت تقاطيع وجهه جامدة من الصدمة ... وعاد ينظر ليده الممسكة بمعدتها لحظات طويلة .... حتى قال بنظرة اهتزت من مشاعره التي تكاد تمزق قلبه وتخرج من كل جانب من جسده: متى ...؟! ....... أ أ اقصد .... متى عرفتي ..؟!


رفعت جسدها واضعةً كلتا ذراعيها فوق كتفيه ... وقالت وهي تتلمس بنعومة اطراف شعره عند عنقه وقرب اذنيه:
عقب ما سافرت .... حسيت بـ اعراض غريبة .. يوم سألت آمنة قالتلي انيه حامل .. وتأكدت من هالشي عقب ما فحصت ...





بلا تفكير .... سحبها ... واحتضنها ... حتى تمازج جسديهما بقوة/بانسيابية ألهبت اشواق كل نبض فيهما .....



اغرق وجهه في تجويفة عنقها بشراسة ...... وغمغم بخشونة مكتومة خرجت جرّاء روحه العاصفة بالجذل/الذهول:
ها بطي ........ ولدنا بطي ....... يالله ...........


تأوه وهو يبتعد عنها ليصبح وجهه مقابل وجهها ..... وهمس محدّقاً فيها بعشقٍ حد النخاع:
تعرفين شو يعني ولدنا بطي ....؟!


تساقطت دموعها بـ غنى فاحش مبتسمةً بـ سعادة لا قبل لها ولا بعد ......


اكمل وهو ما زال يحدّق بها ... وبارتعاشة الدموع بعيناها: يعني حلم وتحقق .... حلم سنين .... وتحقق الحينه بفضل الله ....



عند جملته الأخيرة ..... انخرطت ببكاء اشد وطأة على روحها ... مع شعورها المتصاعد .. والذي لا يبدو انه سيموت .... بالندم ... وبالألم ......


احتضنته بقوة .. بأقصى قوة لديها .... وقالت من بين دموعها المنهمرة بمشاعر منفلتة تماماً: آسفة .....
آ آ آسفة ....... انا احبك .... ا ا احبك وآ آ آ آسفة .... والله أحبك .....



: اشششششش ... قولي أحبك بس ... بس هي .. ولا شي غيرها ....



أبعدت جسدها عنه ... ورمقت عيناه الصقريتان بـ هيام أزلي ... وهمست بها بأنفاس حارقة:
أحبك ....


ابتسم حتى ظهرت صف اسنانه البيضاء .. ودعك برقة أنفه بأنفها .. قبل ان يقول بنبرة متلاعبة حلوة المذاق:
اكثر عن بطي الصغير ...؟!


رفعت رأسها وضحكت بدلال انثوي عبق .. وقالت بعد ان عضت لسانها بغنج: انت الأصل يا بوبطي وساس القلب ..


سلطان بنظرة ثملة .... متأرجحة على صفيح ملتهب من الحب: فديت قلبج


سرعان ما عقد حاجباه بقلق ما ان لمح وجهها يتغضن فجأة وكأنها تصارع ألماً فظيعاً .... هنا لم يتحمل ...

وقف واوقفها معه وهو يقول باصرار: تعالي لبسي عباتج بوديج العيادة ..

كادت تعارضه الا انه قاطعها بحزم شديد: ولا كلمة ... يلا تلبسي .. وانا بوعي ناعمة بخليها تسير ويانا ..



.
.
.
.
.
.
.



قبل أذان الفجر بـ ساعة ونصف



جلست في المقعد الذي وراء مقعد شما وهي تقول بـ وجه مرهق وانما باسم ماكر:
سمعت شو قالت الدكتورة ... اهتم في حرمتك ولا تروعها ... البيبي فديته ما يقهر أي شي ... ان روعت امه روعته هو ..



أعطاها سلطان نظرةً خاطفة ضحوكة وقال: عنبوه متى قالت ها كله ...

اخفض صوته قليلاً وهو يحدّق بـ شما باهتمام: قالت اللي فيها طبيعي بس محتايه راحه ....

لمس برقة وجنتها ... وأضاف متسائلاً: شو تانسين الحينه ..؟!



اعطته "اجمل" ابتسامة مرهقة وهمست بـ صوت مبحوح: الحمدلله احسن ...


غمغم: الحمدلله ..


ابتسمت ناعمة بحنان على صورة عمها وزوجته المتفجرة بالحب ..... وتسائلت بـ قلبٍ يرتعش ...



أفي يومٍ من الأيام ستنعم كـ شما بـ حنان "ذاك" .... وبلمساته العطوفة الرقيقة ...؟!



عند فكرتها هذه عضت شفتيها شاعرةً ان خداها تحترقان من الخجل .....

ثم ... وبعفوية من روحها الحلوة .... اقتربت من عمها وقبّلته بقوة على خده .. قبل ان تقول بشقاوة:
هاي حبة الـ حمدلله على السلامة ... نششتنا من رقادنا وروعتنا الله يهداك ونسيتنا حتى نسلم عليك ....



ضحك سلطان ومعه شما .. وتحركوا جميعاً باتجاه المنزل ....



بعد ان وصلوا .... خرجت ناعمة من السيارة ... وكادت تكمل سيرها لولا يد سلطان التي جرتها برقة نحوه ....


احتضنها بـ حب خالص ... قبل ان يقبّل رأسها ويقول بـ عاطفة أبوية قوية: وهاي حبة الـ مبروك .....


نظرت إليه بعينان حائرتان ... قبل ان تفهم مقصده .....


ومن فرط خجلها .... ومن فرط تأثرها بـ غيابه في يوم مهم "كذلك اليوم" ....

احتضنت خصره بقوة ..... ولم تتفوه بكلمة .....


مسد رأسها من فوق حجاب رأسها وهمس قريباً منها بـ صدق شفاف: السموحة يالغالية .... ادريبج شالة في خاطرج عليّه ... يا غير والله مريت بـ ظروف ما خلتني ارد قبل هاك اليوم ...


رفع ذقنها إليه بأصابعه السمراء .... وقال ببسمة جذابة وهو يرى لمعان مقلتاها المتأثرتان: مبروك العروس ...

اخفضت اهدابها بـ خجل شديد ... وهمست: الله يبارك فيك ...

اطبقت شفتاها على بعضهما قبل ان تلكزه برقة على معدته: سامحتك انا اصلاً .. فواديه رجيج ما يشل عليك ضيج او زعل ...

قهقه بخفة قبل ان يحتضنها بقوته الحانية ..



وفجأة ...... شعر الاثنان بـ ضوء أزال عتم المكان حولهما في ثانية واحد فقط .....

رفعوا اعينهم بدهشة باتجاه مصدر الضوء .... ورأوا شما وهي تمسك بهاتفها المحمول وعلى وجهها بسمة جذلة حلوة:
صوّرتكم احلى صورة ....



.
.
.
.
.
.
.



صباح يوم جديد
ألمانيا



: آآخخ ...


هتف الممرض المشرف على العلاج الطبيعي بـ بسمة مهنية وبـ لغته الإنجليزية السلسة: سيف .. لا تشد على عضلاتك بقوة .. حرك قدمك عند السير ببطء وتروي .. يجب ان تصبر ولا تستعجل ... فـ العلاج الطبيعي يحتاج وقت وصبر ..

اخذ يلهث بخفوت شاعراً ان روحه تكاد تتمزق كي يتحرر من هذه العكازات الكريهة وهذه الجلسات التي لا تنتهي ...

رغم نفاذ صبره ... وغيظه من سير العلاج البطيء .. الا انه سعيد ... سعيد حد الصميم وممتن لله كثيراً على نعمه ...

واخيراً عاد لـ ساقاه .. عاد لـ الحرية .. لـ الشعور بأنه مسيطر على ذاته .. على كيانه .. على عقله .....

لـ الشعور بأنه .... سيف ......!



لم يبالي بتعليمات الطبيب الصارمة وتحذيره من العودة الى البلاد قبل انتهاء العلاج .. لم يبالي بـ استنكار والده الغاضبة ... لم يبالي بـ نظرات زوجته "الحادة الصامتة" ..... ابداً ....

يريد العودة الى الوطن وحضور زفاف اختاه بـ ساقاه .... يريد ان يزفهما بنفسه ... هو فقط ...

وان تدخل احدهم ليمنعه ... فـ ليستبشر باقتلاع عيناه .....



جلس زاماً فمه بـ عصبية ما ان تذكر زوجته .... زوجته التي وما ان خرج من عمليته بالسلامة ... لا تأتيه الا نادراً .. وان أتت فـ هي تجلس بعيداً عنه بقدر ما تستطيع ..... لا تحادثه .. ولا تعطيه المجال كي يحادثها ...

أصبحت تحتمي اغلب الوقت وراء ظهر والده .... ان تحدثت تحدثت إليه هو ... ان ابتسمت فـ ابتسامتها له هو ... حتى ان نظرت .. فلن تنظر الا إليه هو ......


يكره قول هذا .... الا انه يجب ان يعترف ان وجود والده ...... يثير غيظه/غيرته ......




: احسنت سيف .. اني أرى تحسن واضح في علاجك ... استمر هكذا وستتمكن من رمي هذه العكازات قريباً جداً ....


ابتسم سيف بـ خفة تملؤها الحبور ... وغمغم بـ كلمة يعرفها الأجانب هنا بحكم امتلاء المشفى الضخم بالمرضى العرب:
ان شاء الله ...

هز الممرض رأسه وردد بـ عربية مكسرة: ان شاء الله ...


جمع الممرض عدته وخرج بعد ان دوّن في ملف سيف مستجدات حالته وتطورات سير علاجه ....


قرر سيف ان يستحم كي يزيح عنه ارهاق العلاج وينتعش قليلاً

ما ان انتهى وخرج من الحمام حتى سمع طرق رقيق على بابه ....


تراقصت نبضات قلبه فجأة ...

يعرف الطرقات هذه .. ويعرف صاحبها ......

تنحنح كي يخفي لهفته المجنونة .. وتوقه الأشد جنوناً ... وقال بهدوء بعد ان أعاد ربط المنشفة بإحكام على خصره: حياكم ..


عندما دخلت ... تراجعت بـ ارتباك ما ان ابصرت جسده العاري ... وتلونت وجنتاها بحمرة الخجل ...... والغضب ...!!!


كيف بحق الله يأذن للطارق بالدخول وهو عاري هكذا .....!!!

فليفترض انني لست انا من دخلت ..... فليفترض انها احدى الممرضات او امرأة غريبة دخلت الغرفة الخاطئة ...!!!


شعرت بـ قلبها يزأر كـ اللبوة ..... الا انها وبكل "برود الكون" ... تحركت قليلاً باتجاهه وهي تضع بعض الاكياس البلاستيكية فوق الطاولة ..... وقالت بصوت خفيض مقتضب: السلام عليكم ..


رمقها سيف بـ نظرة براقة ... وقال بذات صوتها الخفيض: وعليكم السلام ورحمة الله ...


تحركت باتجاه حقيبته ... واخرجت فانيلة بيضاء قطنية .. ومدتها إليه من غير ان تنظر نحوه ابداً: تلبّس ...

نظر للفانيلة ببطئ .. ثم رفع عيناه إليها ... وقال بصوت هادئ: شعنه ...؟!

رفعت حاجباً واحداً ببرود .. وقالت وهي ترمقه بنظرة جانبية ... في الحقيقة بالكاد كانت نظرة ... وقالت بسخرية باردة:
تستّر ... عايبنك اتم مفصخ جيه جدام الرايح والراد ..؟!

كبح بسمته بقوة .... وقال وهو ينظر إليها مطولاً: انا في غرفتيه .. ومعايه حرمتيه ... وين الرايح والراد ..؟!

رمت الفانيلة على السرير ... وقالت وهي تبتعد عنه: ما تبا برايك ... بس لا تتشكى عقب ان دش في بطنك برد ..

قهقه وهو يخفض رأسه قليلاً ... وقال بعدها وهو يحدّق بـ الغضب الواضح على تقاطيع وجه محبوبته رغم ادعائها البرود:
الحينه تبينيه اتلبس عسب اتستر ولا لانج تحاتيني عن اتعب ..؟!

أخذت ترتب الفواكه فوق صحن صغير وقالت محافظةً على ثلجية نبرتها: علها ضحكتن مديمة يا بومايد ... اختار اللي يعيبك منهن ..




آه ... يالها من لذيذة ..... حتى غضبها البارد .... لذيذ ...

لكنها قاسية يالله .. منذ أكثر من اسبوع وهي تتفنن بتجاهلي واختبار مدى صبري على برودها ...

فـ لتعاقبني بـ أي نظرة حقد .. بأي كلمة مؤنبة .. بأي شيء يبرد قهرها مما فعلته ...

لكن ان تتجمد كـ رجل الثلج هكذا ... وان تتعامل معي وكأنني احد المدراء وهي موظفة عندي ولا تتحدث معي الا برسمية وتحفظ وتبلد ..!!!!


يالله ... الأمر لا يُطاق ... لا يُطاق ابداً ....





امسك بطرف الفانيلة ... ولبسها بسرعة وهو يقول: حرمة يحيى بن احمد بعدها تسيّر عليج واتم وياج ..؟!

العنود بهدوء تام: هيه ... فديتها ما تقصر ويايه ... الله يحفظلها هلها وعيالها ...



شقتهم المستأجرة كانت بقرب شقة قريبٍ لهم يعمل في احدى شركات الطيران الوطنية الفرعية .. والرجل .. وبكل نبل .. طلب من زوجته المبيت يومياً مع العنود هي والأطفال حتى يخرج سيف سالماً من المشفى .. الا ان زوجة الرجل .. وما ان وصل أبا سيف الى المانيا ... حتى عادت لشقتها .. لكنها استمرت في المجيئ الى العنود لتطمئن عليها وعلى احوالها ...



اومئ سيف برأسه وتمتم: آمين ...


رفع عيناه ... وهذه المرة كانت نظرته مفعمة بالعاطفة ... متفجرة بالحب: ويحفظلنا ام مايد وقلب ام مايد ..


تسمرت يداها على الصحون والملاعق .... وتجاهلت ببساطة ما يقوله ..... كعادتها منذ أسبوع واكثر ...


أبسيطاً ما فعله بها ......!!!

أبسيطاً عليها ان تكتشف ان الرجل الذي لطالما كان مصدراً للدفء .. والذي وبدون سبب واضح اصبح مصدراً للصقيع .. ان يخاصمها اشهر طويلة بسبب كلمة خرجت منها في لحظة دعابة ... في لحظة طيش لم تقصدها ....!!!

أبسيطاً عليها ان تكتشف ان حبيبها وابن عمها كان ينتظر فقط الزلة منها كي يحاربها بقسوة ... وجفاء ظالم ..!!!


ليس بسيطاً ابداً .... بينهما حياة ... وأطفال ... وصلة رحم وحقوق نزلت من فوق سبع سماوات ... كيف بحق الله يعطي لنفسه الحق بإهانتها هكذا وانزال قدرها بهذا الشكل المخزي/المُذل ....!!!!


اجل هي تقدر مدى حساسية حالته النفسية بعد اصابته بمرض التصلب اللويحي .. واجل تقدر شخصيته كـ رجل صامت لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره بسهولة ....

الا ان حساسية النفس والصمت ليسا طرقاً تؤدي لـ إساءة الظن بالآخرين ... وتحقير اخلاقهم وإيلامهم بغير وجه حق ...!!!

وهي ليست "آخرين" ... هي زوجته ....!!




شهقت بـ صوت مكتوم عندما احست بيده تمسك زندها فجأة وتسحبها إليه ....


متى وصل إليها .. وكيف لم تشعر بـ خطواته ...؟!

خطواته المتعثرة البطيئة من حداثة العملية .....




: يلين متى بشوف هالقساوة بعينج ...؟!


اكمل بأجش حارق وهو يستنشق عبير عنقها بعمق/بجوع: انا تعبان بلياج .. ارحمي حالي ...


اسبلت اهدابها بـ ارتباك ... وارتعش جسدها متجاوباً "بشكل اغاضها" مع لمساته/كلماته ..


ابتسم بمكر "خفي" وهو يلاحظ ارتعاشتها اللذيذة .... وقرر ان يجتاحها بقوة .. ان يكسر قالب الثلج التي غلفت بها نفسها اياماً كانت كالدهر بالنسبة إليه ... ألا يعطيها مجالاً الا "للغرام وفقط" ..


اسند بقوة جسده على عكازة واحدة متحملاً قدر المستطاع الألم النابض في ساقيه قبل ان يلمس ذقنها برقة ... ويقترب ...

حتى اصبح لا يفصل وجهيهما سوى انفاسهما الحارة ..

اطبق فمه على فمها بدون سابق انذار ... وبدون التقاط انفاس/إشارات ....



آه ..... يحبها ..... بل يعشقها ..... يعشقها حد غباء الفكر وقت التعقل .. وحد غباء التصرف وقت الغضب ...!!!

يحبها ولا يرغب بـ رؤيتها الا وهي تشتعل سعادةً .. ودفئاً ... وحباً .....!!!


اشتدت قبلته تطلباً .... وغراماً .... وهيجاناً مدمراً .......


يالله .... متى كانت آخر مرة شعر فيها بانتفاضة براكين رجولته امام وردته ذات النعس ....!!!

متى كانت آخر مرة شعر فيها انه تواق حد الجنون .. حد الموت .. لامتلاكها .. لغرسها مرة أخرى في تربة ارض روحه ... وارض جسده .....!!!



زمجر بـ عاطفة سدت أوردته بثقلها ... بحرارتها .... وتمكنت منه احاسيسها/ثورانه حتى ما عاد يقوى على التحمل ..

جرّها بشراسة نحوه .. وبسهولة ... وكأنها لا تزن شيئاً ....


إلهي .... ألا تأكل شيئاً هذه الصغيرة .....!!!!


تأوهت محاولةً ابعاد شفتيها عن براثن شفتيه العنيفتين .. وغمغمت: سـ سـ سيف .. لا تتخبل ... نحن في المستشفى ... وووو ...


رمقها نظرة نارية ... ظلماء تشع بالعنفوان .. تشع بالعزم .... والمكر ...!!!


إلهي ... انه سيف ..... سيف الذي تاقت لعنفوانه ولعيناه اللتان تتقدان بشكل رهيب وقت اشتداد العاطفة بينهما ....!!


لكنها ......

لكنها لا تريد ان تضعف .. لا تريد ان تشفع له خطيئته بأن تخضع له ولـ رجولته الفتاكة .... تشعر بالحقد الشديد عليه ولا تريده بلمساته المثيرة/المُهلكة سحب اعتراف منها انها وان حقدت عليه ... وان حملت في قلبها الغل نحوه ... فـ هي ما تزال تلك الانثى المتعطشة إليه ... التواقة لـ حضنه/قبلاته ..... المجنونة به حد الرمق الأخير ....




"رديله الحركة .."

"سوي شرات ما سوى ... ساعتها بيعرف ان الله حق ..."




: شحقه ضحكت عليه قبل شوي ...؟!
تتمصخر ...؟!


رفع كلتا حاجباه بـ تعجب كاد يثير ضحكها الا انها حافظت على وجهها الغاضب البارد بمهارة ...

قال بـ عدم استيعاب: متى ضحكت ..؟!

ردت بنظرة تلمع سخريةً: توك ... ليش اخ سيف ..؟! لهالدرجة تشوفنيه غبية وهبلة ..!؟
ليش ضحكت ..؟!
لانيه ارد عليك مرة بـ شي وعقبها بـ شي ثاني ...؟!
هاه ...؟!
ضحكت عليه لانيه غبية وما اعرف ارمس صح ..؟!
قولها ليش ساكت ... قول انيه غبية وماعرف ارمس ...



فتح فاهه مندهشاً من هجومها غير المتوقع وفهمها الخاطئ لـ سبب ضحكته منذ قليل .. تلعثم محاولاً افهامها الا انها نزعت نفسها منه انتزاعاً ... ورتبت قميصها الذي تشعثت من لمساته بعد ان خلع عنها بعنف عبائتها منذ لحظات .....



فجأة ... دخل عمها الغرفة ...

وهي .... وبخبث شديد ... رسمت الألم .. والحزن على ملامحها ... وابتعدت عن سيف متجهةً نحو عمها بصمت ...

سأل أبا سيف بـ استغراب: العنود ابويه شبلاج ..؟!



حمدت الله انها تمكنت من اخراج بعض الدموع لمقلتاها ... وقالت بصوت متحشرج: مـ ماشي ...
السموحة بتمشى شوي خاري ...

امسك عمها رسغها هاتفاً بحزم متفحصاً وجهها بدقة: العنود .. شبلاج ..؟!
سيف قالج شي ضايقبج ..؟!

قال سيف مدافعاً عن نفسه ببراءة تنافت تماماً مع رجولة مظهره البالغ: والله ما سويتبها شي ابويه .. هي روحها جلبت ...

هتفت بحدة وهي تمسح دموعها: لا تحلف بالله جذب ...



ما ان شعرت بيد عمها على كتفها ... حتى انخرطت ببكاء شديد .....


وهذه المرة كان بكائها حقيقياً ... حقيقياً وأليماً حد النخاع .....


غضن أبا سيف جبينه رامقاً سيف المذهول بـ غضب شديد بعد ان قرّب ابنة شقيقه إليه حاضناً جسدها الصغير بدفئ/احتماء ..

مسد شعرها براحة يده وقال: العنيدي غناتي .. شو سوابج الهرم سيف ..!؟ خبريني وانا براويه شغله ...


زفر سيف بنفاذ صبر من والده الذي يقذف عليه التهم ... وبـ غيظ من هذه الصغيرة التي وعلى ما يبدو أصبحت تجد سلواها في أحضان غير حضنه هو ....

قال بقهر: ابويه قلتلك ما سويتبها شي ....


ابتعدت العنود قليلاً عن عمها ... موليةً ظهرها سيف ... ثم وبصمت تام .. مسحت دموعها الحارقة ... وتنفست بعمق خافت ...

بعد ان استردت ثباتها ... غمزت لـ عمها ... وقالت وهي تنظر لعيناه: عميه لو شو ما سوى وقال سيف ... يمون ... ها بومايد ... عزيز وغالي ....



فهم عمها مباشرةً حركة ابنة شقيقه .. وادرك انها دخلت غمار اللعبة من الآن ولم تتباطئ .....


التمعت عيناه بالمكر ... وقال مجارياً حديثها لادغاً سيف بالحديث بصورة غير مباشرة: ما شاء الله عليج بنتيه .. حرمة وتعرفين السنع والواجب ... شو ما يقولج ريلج المفروض تحسنين الظن به وما تفهمينه غلط .. يمكن كان يمزح ويسولف وياج ...
صح ولا انا غلطان سيف ..؟!





حسناً ... ابيه مسّ نقطة حساسة فيه من غير ان يعلم ..... مسّ نقطة يكن لها الكره والغل ... فـ هي من أبعدته بكل غباء عن زوجته ودفئها طيلة اشهر ...

نقطة اسمها الكبرياء .... وما اسخفه من كبرياء .....!!


اخفض عيناه ... وقال بهدوء: صادق ابويه ... كنت امزح ...


ربت أبا سيف كتف ابنته ... وقال وهو يتحرك باتجاه الباب: بخليكم شويه .. شفت على دربي واحد من الشواب .. حليله يتريا عملية حرمته تخلص .. بيلس وياه واونسه ....



اومأت العنود رأسها بخفة قبل ان يفتح الباب ويخرج ....


ما ان خرج ... حتى استدارت نحو سيف بحدة وقال بعينان تقدحان شراراً: كنت تمزح هااااااه ...!!!
يعني صدق اللي قلته ... كنت تتمصخر عليه ....


رمقها بـ ذهول من سرعة تغير مزاجها .. فـ هي للتو منذ ثواني كانت هادئة .. والآن تشع بالغضب:
يا بنت النااااس والله ما تمصخرت عليييج ... جيه الا كنت اضحك .. ماشي سبب ....


اخذت تلبس حجابها بحدة وهي تغمغم وتهدر بعصبية وانفعال: لا لا .... شي فرق بين تضحك بليا سبب وبين تضحك مصخرة وتطنز ... مبونك انت تشوفني وحده غبية وهبلة وما تعرف ترمس شرا الناس .. انا الغلطانة اللي ييت .. لو تامة في البيت ابركلي ...
ما عليه .... شو بقول بعد .. ترانيه غبيه ومصخره .... ما أقول الا الله كريم ....



امسكت مقبض الباب .. دفعته نحو الأسفل بعنف .... وخرجت ........



خرجت تحت انظار سيف ... المذهولة تماماً .........!!!!



.
.
.
.
.
.
.



مط ذراعه نحو الأعلى بكسل ثم وضعها مرة أخرى فوق جسد محبوبته ليشدها نحوه اكثر .....

ابتسم وهو ما زال مغمض العينان جذلاً من رائحتها الفواحة وطراوة جسدها الذي تاق مطولاً لاحتوائه بين ذراعاه ....


فتح نصف عين ناعسة واخذ يرتحل مع عشقه السرمدي فوق تقاطيع وجهها الجميل .. الساكن تماماً تحت سلطة النوم العميق ....



خرجت آه خشنة خافتة من عمق حنجرته وهو يشتم رائحة شعرها ووجنتها اللينة كالقطن .... وتذكر وهو يدعك انفه على وجهها برقة ... شيئاً كاد ينساه .....

ابتسمت عيناه تلاعباً/غراماً ... وهمّ ان يحرك جسده عنها بتروي كي لا يوقظها ليجلب الذي تذكره ....

الا ان هاتفه الخاص بالعمل .. رنّ فجأة .....

التقطه بسرعة كي لا يزعج نوم محبوبته .... ورد بـ صوت اخشوشن من النوم والكسل: ألو ...

: بومييد .... يعني صدق رديت البلاد ...؟! متى ...؟! وشو سالفة الحادث هذا ..؟!

ابتسم سلطان بـ تسليةٍ كسولة ... وقال: سلم انزين عنبوه ....

: السموحة يا ريال .. خلفان الله يهداه طيح قلبي ... السلام عليكم ...

اسند ظهره على السرير ... وأجاب وهو يزيح ذراعه من تحت رأس زوجته بحذر: وعليكم السلام ورحمة الله ...

: صبحك الله بالخير ...


قهقه سلطان بخفوت وهو يستشعر بوضوح نفاذ صبر "هذا الشاب القريب من روحه" ... وأجاب:
صبحك الله بالنور والسرور الحربي ... شحالك ..؟!

حارب بـ عصبية طفيفة: بخير بخير .. يلا خبرني شو مستوي ..؟!


اخذ سلطان ببسمة ودودة يحكي بالمختصر لـ حارب ما حدث ليلة البارحة ....


غمغم حارب بتهكم: عنلات بليسهم ... ترى حتى الجثة المتفحمة يرومون يعرفون من خلالها هوية الشخص .. يه من عظام الجسم او الاسنان ... اغبيا هاييل شو ..؟!

هز سلطان كتفيه بـ عفوية وقال وهو يمسد رقبته: هاللي صار بعد ...

ابتسم حارب باحراج وقال بصوت خفيض: يلا سر كمل ارقادك واسمحلنا على الازعاج ...

سلطان بمداعبة: زين يوم حسيت انك مزعج .. يلا فارج ..

حارب: هههههههههههههههه بنفارج بنفارج ... مع السلامة ..

سلطان: الله يحفظك ...




اغلق هاتفه وهو يرفع عيناه نحوها .... حسنائه ما زالت نائمة ....

تفحصها بـ نظرة متوهجة ....

حسناً ..... يبدو ان الحمل قد اكسبها مزيداً من الوزن .... ومزيد جداً من الحُسن .....!!

اخفض اهدابه بـ بسمة واسعة وذهب الى حقيبته التي ما زالت كما هي منذ ليلة البارحة .....


اخرج منها علبة مخملية بلون الكحل ... وعاد الى اميرته النائمة من جديد .....



بتروي حذر .... ازاح خصلات شعرها المظلمة الطويلة من على نحرها وكتفيها .....


وألبسها إياه بـ خفة ......



ما ان ابتعد قليلاً حتى اهتزت اهدابها السوداء معلنةً فتح ماستاها اللتان ألهبتا في قلبه الغرام ......

رمقته بـ دعجاء عيناها الناعستان وهو تستشعر قربه/أنفاسه المثيران .....

تحسست عنقها بـ رقة .... ولم تستوعب ما تعلق فيها الا بعد همسه الأجش:
ما زان في ذمتيه الا عقب ما لبستيه ....



.
.
.
.
.
.
.



بعد عدة ساعات

في احدى المخازن العتيقة المقابلة لـ ساحل الخليج العربي



ارتعدت بهلع هستيري ما ان اقتربت منها امرأة ضخمة بملامح مخيفة مظلمة متوعدة .. وصرخت للرجل الذي يسترخي فوق مقعده واضعاً ساق على ساق بهدوء تام: لا لا دخيلك .. بقولك كل شي بس خل هاي تخوز عني .. تروووووع


نظر نحو الفتاة بذات هدوء نظراته الباردة .. الفتاة الذي تمكن من معرفة هويتها وصلتها بـ مانع بعد ان اخرج كل بيانات الأرقام التي استخدمها الأخير بعد خروجه من السجن .. ثم قال بغلظة: ارمسي .. اسمعج ..


ارتعشت وشعرت لوهلة انها تكاد تسقط مغشياً عليها من الفزع الخالص مما يحدث حولها ومن هذان الشخصان في المقام الأول ...



كيف حدث الامر وجلباها الى هنا بسرعة كـ سرعة البرق هي لا تعلم .. كانت تمشي نحو منزلها وتوقفا امامها فجأة ...

وقبل ان تصرخ وتستنجد بأحد .. أغلقت المرأة فمها وجرتها نحو سيارة سوداء مظللة بالكامل ...





تلعثمت وهي تحاول الإجابة عن السؤال الذي طرحه منذ دقيقة: ا ا اناااا ... انا اللي عرفت مانع على البنية ... بـ بسس وو


قاطعها خلفان بقسوة باردة: ادري انج انتي اللي عرفتي مانع على البنية ... مب شي ايديد ... مكالماتكم لبعض كان واضحة وصريحة ... سؤالي هو يا اخت شمسة ... شو هي علاقتج بـ مانع من الناحية المهنية ...؟!


شمسة بذعر مجنون: مـ مـ ماالي خص في مااانع .. والله مااالي خص فيه .. هـ هو يحب يرابع البنات .. و و وانا عشان اربح بيزتين من وراه دليته على هالبنية .. كـ كانت طالبة عندي في العين .. ا ا الحين هي خـ خلاص متخرجة ... و وسمععت انها بتعرس بعد ...
انا مااالي خص فيه والله بس بغيت اخذلي كمن بيزة من وراهممم ...


رمقها خلفان بسخرية قاسية هاتفاً بغلظة: انتي تعرفين البنية من قوم منو ..؟! تعرفين لو ابوها ولا اخوها ولا واحد من عمامها عرف باللي سويتيه فيها شو بيسوون فيج ...!!!


ابتلعت شمسة غصة مرتعبة بصعوبة وهي تسمعه يكمل بصوت حاد مخيف: ولا بيتفاهمون حتى .. قص رقاب سيده ولحمج بيتوزع على جلاب العين كلهم ... انتي وهاللي اسمه مانع ....


تساقطت دموعها صدمةً ورعباً وارتعاشة جسدها تزيد وتزيد متمنيةً في أي لحظة ان تستقيظ من هذا الكابوس المريع ..



رباه ...... تشعر انها في احدى الأفلام الأجنبية الاجرامية .....!!!




: تعرفين واحد اسمه بومرشد ..؟!


رفعت شمسة رأسها وهي تصيح بانفعال: لا لا لا .. قسمن بالله لا .. لا بومرشد ولا بواحمد ولا بومحمد .. أي واحد من طرف مانع انا ما اعرفه ولا أبا اعررررفه ..


رفع خلفان حاجباً بشكل يثير أعصاب الذي امامه ربكةً وتوتراً وهلعاً .... وقال من تحت اهدابه الداكنة: وشو عرفج ان بومرشد من طرف مانع ...!!!
جد رمسج عنه ...!!!


من فرط هلعها .. صرخت نافيةً كلامه: والله لااا والله .... انت كنت ترمس عن مانع .... ويوم يبت طاري هاللي اسمه بومرشد قلت اكيد هو من طرررفه ....
صددددقني ... صدددقني والله العظيم ... ماعرفه ولا اعرف أي شي يخص مانع ... انا ما بيني وبين هالزفت الا اللي قلتلك عننننه ....


صمت قليلاً وهو يحدق بها بتمعن .... ثم اشر بعيناه نحو المرأة الضخمة معطياً إياها أوامر صامتة .... قبل ان تتحرك الأخيرة لترفع جسد شمسة التي اخذت تصرخ بكاء متقطع مختنق ملؤه الذعر: وين بتودوووووني ..!!!
انا مااالي خصصصص ماااالي خصصصص ... ما سويييت شي .. والله العظيم ما سوييييت شي ......



حاولت التملص من قبضة المرأة لكن هيهات ... وظلت تصرخ وتستنجد وتتوسل حتى اختفى صوتها داخل السيارة السوداء ... والتي نقلتها لمكان تجهله تماماً ......!!



.
.
.
.
.
.
.



بعد مرور عشرة أيام
يوم الخميس




دخل سيارة وهو يدندن بـ خفوت ... ومن يراه ..... يدرك بسرعة ... ان الرجل عريس بحق ...!!!

عض شفته وهو ينظر لمرآة سيارة بـ نظرة تعج بالسعادة والرضى .....

الحمام المغربي الذي تلقاه منذ لحظات قد زادت روحه انتعاشاً .. وحماساً ....



يالله ... من يصدق انه وأخيراً سيرتبط والى الابد .. بالفتاة التي امتلكت تفاصيل روحه/نبضه .....

فقط يومان .... يومان يفصله عنها ..... والفضل يعود لـ شقيقه الخبيث الذي .. وبشكل يجهله تماماً ... تمكن من تقديم موعد الزواج ....




تنهد بـ خفقات ترتعش لهفةً/ترقباً ... ثم شغل سيارته ... وتحرك باتجاه منزله ......



رص على عيناه ما ان لمح على طبلون السيارة .. ملف لونه رملي كالملفات الورقية التي تستخدم في الدوائر الحكومية والشركات ....


أوقف سيارته بجانب الطريق ... والتقط الملف بخفة ....


بعد ان دخل سيارته .... فتحه ... ليُخرج باستغراب مجموعة من الصور .....



ما ان سقطت عيناه على اول صورة .... وما ان قرأ الكلمات المكتوبة على زاوية منها .....


حتى شعر ان الدنيا بأكملها تلتف به .... وبروحه ......!!!!



.
.
.
.
.
.
.



قهقه بشيطنة صرفة ملؤه الغل ويشيح بوجهه بعد ان رآى الرجل وهو يأخذ الملف من طبلون سيارته ...

ثم زفر بارتياح قبل ان يحرك مقود سيارته ويتحرك بالاتجاه الآخر من الشارع ...

توقف عند الإشارة الحمراء قبل ان ينزل نافذته ليسند ذراعه عليها بكسل ... الا انه فجأة شهق بقوة ما ان انفتح الباب المجاور له ودخل رجل مثخن بالعضلات مرتدياً قبعة صوفية سوداء كتلك التي يراها على وجوه رجال العصابات ...!!


وقبل ان يأخذ أنفاسه المرتعبة ويستوعب ما يجري .. احس بفوهة مسدس على رأسه وصوت الرجل يهتف بصوت صارم خفيض كـ فحيح الافعى:
ولا كلمة .... بتتحرك الحينه وانت ساكت وبتسير المكان اللي بدلك عليه .....



من غير أية مقاومة .. فعل ما امر به الرجل .. واتجه مباشرةً نحو المكان المقصود ...





بعد ربع ساعة




سقط ارضاً وهو يلهث بجنون بعد الضرب المبرح الذي تلقاه من الرجل ..

يشعر ان جسده بأكمله .. ومن غير مبالغة .. متكسراً ضلعاً ضلعاً ... ويبدو انه فقد احدى اسنانه الخلفية من اللكم والصفع ...



تأوه بألم بالغ وهو يكور جسده حول نفسه في الأرض .. في الوقت الذي رمى فيه الرجل على رأسه صورة مستطيلة الشكل قبل ان يشيح بجسده ويخرج من البيت المهجور ....



بعد دقائق طويلة .. طويلة جداً .. تمكن من الجلوس بمحله بوجهه المنتفخ المكدوم العابس .... واستوعب بصعوبة وجود الصورة قربه ...


تأوه بخشونة ما ان حرك يده كي يلتقطها ...

وعندما التقطها .... تغضن جبينه بحدة ملؤها الارتباك/الرعب/الاضطراب ....


كانت الصورة تجمع بينه وبين أبا مرشد .... ومكتوب بزوايتها كلمات بالكاد تمكن من قراءتها خاصةً مع ألم عيناه المتصاعد والذي كان جرّاء الضرب الذي تلقاه بوحشية ....



"خلك بعيد عن بنت عبدالله بن خويدم .. ولا خبر شردتك من السجن بيوصل الامن قبل حتى ما تفكر تنفد بعمرك"



.
.
.
.
.
.
.



ما ان رأته امامه .. يستند بخفة على عكازةٍ واحدة ... حتى التمعت عيناها بالدموع ... وهرعت اتجاهه لتحضنه ...

: حبيبي ... فديت ويهك وطولك .... الحمدلله رب العالمين .. اللهم لك الحمد والشكر ...



اتسعت ابتسامته وهو يشد من احتضانها ... وقال بـ نظرة تعج بالدفئ/الجذل: فديتج عموه ... لا تصيحين .. ما صدقت على الله امايه والبنات سكتن عن الصياح من شوي ....


مسحت دموعها وهي تبتسم بـ ذات جذل ابن شقيقها الغالي .. وقالت: الحمدلله على السلامة حبيب قلب عموتك ... والله لا يعودها من أيام قول آمين ...


سيف: الله يسلمج غناتي ... آمين يا رب العالمين ...

أضاف ببسمة مرحة: لا يسمع بومييد وانتي تقوليلي هالرمسة الغاوية .. بيغار منا عقب ...

ضحكت شما برقة خجولة .. وقالت: ما يقدر يلومني ... متولهة على سيف الغالي ....

اضافت بسرعة وهي تلتفت: عيل وين اليميع ..؟!

سيف: عموه عاشه وامايه ويدوه في المطبخ ... وخواتيه سارن ويا العنود بيتنا .. يبن يساعدنها بـ فرز الشنط والهدايا ..

شما: عيل بزقر سلطان ... في الموتر هو .. يبا يحدر يسلم عليك ....

اوقفها بيده بحزم: خلج خلج انا بسيرله ... خلي البشكارة تسوي دخون ..

أضاف ببسمة متهكمة: الحريم الله يهديهن احشرن البقعة كلها بـ ريحة الحمسة والقلاي ....

شما: هههههههه زين فديتك .....




ذهبت شما اتجاه المطبخ .. بينما ثبّت العكازة تحت ابطه ... وبدأ يتحرك ببطئ .. وبجهد نحو الباب .....


تمكن "خلال بقاءه في الفترة الأخيرة في ألمانيا وبعد علاج مكثف قاسي" ... من المشي على رجلاه ... وبعد ان كان يعتمد على عكازان ... اصبح الآن وبفضل الله يعتمد على عكازة واحدة ...



يعترف انه روحه أصبحت اكثر انفتاحاً .. اكثر تقبلاً لوضعه ... حتى انه لا يخجل لو رآه الناس يمشي بعكازةٍ واحدة ....
ولا يتذمر بينه وبين نفسه ان لمح احدهم يحدّق به بفضول ....

يشعر انه قد اخذ كفايته من السخف والشعور بالدونية على أسباب واهية لا قيمة منها ....

اصبح واثقاً من نفسه .. مندفعاً نحو اهداف افضل في حياته ... خاصةً بعد ان تعلم بالطريقة الصعبة ان احباط الذات هو اسوء داء يحل في ذات الانسان ....



غمغم بـ الحمد والشكر لله حتى فتح الباب وخرج .. مستقبلاً سلطان الذي وما ان رأى سيف يخرج .. حتى خرج هو بسرعة من سيارته ....


سلم الاثنان على بعضهما برجولية صرفة ملؤها الود ... ودخلا الى الداخل ...



.
.
.
.
.
.
.



ما ان دخل باحة المنزل بسيارته ... ومعه زوجته ... وابناءه الصغار ... حتى تغضن جبينه وهو يلمح سيارة سلطان ...

نظر للجهة الأخرى محاولاً بمهارة إخفاء مشاعره المشحونة وتحفظه ... ثم نظر لـ حنان وقال باقتضاب شديد:
سيري عند البنات سيده .. لا يمين ولا يسار ...

نظرت إليه باستغراب ... الا انها باغتته بأن قالت بنظرة تلمع بالبسمة: اوووه شوف قوم سلطان هنيه ...

جفلت مذعورة عندما هدر بحدة: نعمممم ...!!! وخير يعني سلطان هنيه ...!!! شو تبيبه ...؟!!

تلعثمت وهي تقول بتوتر شديد .. وحيرة .... فـ هي لا تعرف لمَ فجأة بدأ يحادثها بهذا الانفعال وهذه النظرة المرعبة .... والمتهمة بشكل ما: مـ مابا شي منه احمد شبلاك ...؟!

نظرت لـ زايد وسعيد بقلق ... ثم اضافت بصوت خفيض رقيق نضح بالعتاب: الله يهداك ماله داعي تزاعج عليه جدام اليهال ...

اشاح بوجهه بـ عصبية تخللها احتقار ... وقال بصرامة غليظة: من الموتر للبنات سيده ... ان شفتج تمرين صوبه وتسلمين عليه بزوالج ...



رغم دهشتها .. رغم حيرتها ... رغم ألمها من فظاظته التي خرجت بتناقض خلال الاسبوعان الاخيران .. فظاظةً وقسوةً تخرجان فجأة ولأسباب تجهلها تماماً .. قالت بنظرة ثابتة قوية: بس ها ولد عميه .. لازم اسلم عليه ...



لو انها صمتت ولم تتفوه بما قالته .. لتجنبت اشعال فتيل دماغه .. ولتجنبت اثار غيظ شياطينه ... الا انها للأسف .. لم تصمت ...!



تراجعت عندما لمحت احتداد فمه حتى غدا شاحباً .. وسمعته يقول بصوت اشبه بالفحيح لأبنائه:
زايد .... سعيد ... انزلوا ....


بطواعية شديدة .. نزل زايد وسعيد تاركين الاثنان لوحدهما في السيارة ..... ما ان انغلقت الأبواب الخلفية ....


حتى جرها احمد من مرفقها بقسوة بالغة ... وقال من بين اسنانه ... ومن بين زوج عيناه المشعتان بالغضب المعتم:
ولد عمج ... ولد خالج .... ولد يدج .... ما يهمني ..... طز ..... ولو قلتلج لا تسلمين على ابوج نفسه ... تسمعين رمستيه وتسوين اللي اقولج عنه وانتي منطمه .... تفهمين ...؟!


اخذ صدرها يعلو ويهبط بانفعال مكبوت .. صدرها المشابه بـ ارتجافته .. ارتجافة صدره هو ......



لم تخف ... بل لم تهتز شعرة منها .. لأنها ببساطة عوّدت نفسها مسبقاً على تلقِ أي ردة فعل عنيفة منه ... هذا الـ احمد مريض .... ليس بـ مرض نفسي .. او عقلي .... او جسدي ..... هذا الانسان مريضاً في قلبه ..... والله وحده يعلم أسباب مرضه وعلاجه .....



اخفضت اهدابها محاولةً قدر المستطاع إخفاء ألم روحها منه ..... وقال بخفوت: ان شاء الله بوزايد ... اللي تامربه ...


حدّقت بيده المغروسة في مرفقها .. والتي آلمتها حتى النخاع ... وتابعت بعد ان ابتلعت غصة مريرة: ممكن تشل ايدك عنيه ... ما يحتاي ابداً تستخدم ايدك ... نحن ناس متحضرين مب همجيين يا ولد خويدم ...

نظر إليها بعيناه الحادتان مطولاً قبل ان ينزع يده عنها ويأمرها بجمود وهو ينظر للأمام: طلعي ..



وكأنها كانت تنتظر كلمته هذه ... سرعان ما رتبت غطاء وجهها وعبائتها ... وخرجت ...

ولتتجنب مواجهة سلطان .. دخلت المنزل من الباب الجانبي وليس الرئيسي .....




اما هو .... فـ اخذ يشتم انفلات سيطرته على نفسه ...... تباً .... لمَ كل مرة يتذكر فيها فعلة تلك الحقيرة يشعر انه على صفيح ناري مشتعل ولا يستطيع الا ان يظل يقفز فوقها كمداً .. وحقداً .. وقهراً .... لمَ .....!!!

غمغم وهو يغلق عيناه بقوة: اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله .....



خلال الاسبوعان الماضيان تجنب رؤية سلطان ... كان لزاماً عليه ان يتصل على الأقل به ليهنئه على سلامته .. خاصةً وان الأخير قد شاع عنه انه قد مات .... لكنه لم يقدر .... خاف ان يتذكر مأساته ... ومواجعه .... وحرقة قلبه .....

خاف ان يبدأ من جديد في معركة طاحنة يقارن خلالها بينه وبين الرجل الذي احبته زوجته وخانته عاطفياً معه ... بل وقد فعلت به الهوائل في الماضي وقبل وفاتها لأجله هو فقط .. لأجل حبٍ مريض لم يتركها الا جسداً بلا روح .....


خاف ان يزداد حقده وغله منه ... وهو لا يريد ابداً ان يترك روحه أسيرة شياطينه ... وحبيسة ذكرياته المشينة مع تلك ..!!



بعد لحظات قليلة .... فتح باب سيارته ... وخرج متجهاً نحو منزل والده .....






: السلام عليكم

وقف سلطان وهو يقول بصوته الرجولي الفخم: وعليكم السلااام ورحمة الله وبركاته ...

اقترب منه احمد وسلّم عليه بالأنف بابتسامة متكلفة وقال: الحمدلله على السلامة ....

سلطان بـ نظرة باسمة: الله يسلمك من الشر بوزايد ...

تحرك سيف ليقف الا ان احمد أوقفه: والله ما تنش .. استريح استريح ..

انحنى بجسده وسلّم على ابن أخيه كذلك بالأنف وقال: تستاهل السلامة بومايد ... ويعل ربي يتمم عليك الصحة والعافية وما تشوف باس ابد ...

سيف بنظرة دافئة: الله يسلمك عميم ... أجمعين يا رب العالمين ....

ربّت سلطان على كتف احمد وهو يهتف بـ ود: مبروكين بوزايد ما دبرتوا ... السموحه يت متأخرة يا غير ما ريتك من رديت من السفر الا الحينه ... وما بغيت اباركلك الا يوم اشوفك ...

احمد ببسمة بالكاد ظهرت: الله يبارك في حياتك بومييد .. يعلك سالم خوي شما مبونك راعي معنى ومواييب ....

سيف باعتراض باسم: لا خلاص ودروه بومييد ... الحينه خلاص غدا بوبطي رسمي ....

قهقه سلطان بخفوت وتمتم: ان شاء الله ..

لانت عينا احمد بـ جذل شاعراً بالسعادة لأجل شقيقه الذي سيسمى عليه ابن شقيقته اكراماً/حباً له ..... وقال بعفوية باسمة:
اووه .. يستاهل بطي من يسمي عليه ... شو قال يوم عرف ...؟!

اخفض سلطان اهدابه بـ بسمة خفيفة اخفى خلفها خيبته من صديقه الذي الى الآن لم يحادثه ولم يراه بعد عودته تلك الليلة الى الوطن ... وهتف بصوت هادئ: بعدنا ما قلناله ..

رد احمد "بطيبة قلبه الفطرية" وقد كان جاهلاً تماماً بالحاصل بين الصديقان: اسميه بيستانس يوم بيعرف ... الله ايقوم شما بالسلامة وتقر عينك بشوفة بطي الصغيروني ...

سلطان: آمين الغالي آمين ....



.
.
.
.
.
.
.



تتشـــــرف



عائلة السيد عبيد بن نهيان بن عبيد الحر الـ.. ، وعائلة السيد عبدالله بن خويدم بن زايد بن سعيد الـ ..



بدعوتكم لحضور حفل زفاف



فلاح بن عبيد بن نهيان الحر الـ..

و

حمد بن عبيد بن نهيان الحر الـ..




على كريمتا السيد



عبدالله بن خويدم بن زايد الـ..




وذلك في تمام الساعة الثامنة من مساء يوم الأحد
في صالة الخبيصي للأفراح – العين




ودامت دياركم عامرة بالأفراح والمسرات



.
.
.
.
.
.
.



اتصل بـ شقيقه شاعراً بالتوجس يعتريه منه وهو الذي منذ أيام مختفياً .. لا يُرى في الجوار ولا يُسمع له صوت ..


فلاح بحنق خفيف: ألو .... حمد وينك ياخي ...!!! .... بدوا المعازيم يلفون ....

حمد بصوتٍ ابعد ما يكون عن ..... "الحياة": ياي ...

فلاح بشك: حمد شبلاك ..؟! مستوي شي ..؟!

حمد: ولا شي ... ياي انا ..



اغلق الهاتف قبل ان ينتظر رد فلاح ... نظر فلاح لهاتفه بـ حنق من تصرف حمد الفظ "غير المعهود البتة" .. الا ان الرجال وشيوخ القبائل القادمين نحوه ألهوه عن حنقه وجعلوه يتجاهله ببساطة .....


واخذ يسلم على المهنئين ببسمته الثقيلة الواثقة على الدوام .....



.
.
.
.
.
.
.



بعد مرور ربع ساعة



استل هاتفه الذي رن مقاطعاً حديثاً بينه وبين سلطان: ألو ...

..

وقف بقلق .. وانزوى قليلاً بنفسه وهو يقول: حمد شبلاك .. وينك بطيت علينا ....؟!

..

حلّقت نظراته بين وجوه الرجال الجالسين منهم والواقفين في القاعة ضخمة الصاخبة .. وقال بحزم مسيطر:
لا تتحرك من مكانك .. خلك يالس وانا دقايق وياينك ان شاء الله ..
وينك انت ..؟!

..

: تمام .. عرفت الشارع .. مع السلامة ..




اغلق هاتفه ورغماً عنه شعر بالقلق والحيرة من شقيقه المنغلق تماماً على نفسه منذ يومان .. وسرعان ما رفع وجهه نحو سلطان الذي اقترب منه وهو يسأل باهتمام: بوعبيد ... رب ما شر ...؟!

وضع يده على كتف سلطان بعفوية .. وقال ببالٍ شارد: ما من شر ان شاء الله ... ساير شوي وراد ...

باغته سلطان بأن قال بفطنة سريعة: حمد وينه ..؟!

تنهد نهيان بسرعة وقال محدّقاً بجده واباه بحذر: هنيه العوق ... ساير اشوف شبلاه ...
بومييد فديت خشمك ان حد سأل عنيه قوله ساير شوي وراد ... لا تخلي حد يشك ....




من غير ان يتمادى سلطان بالسؤال والتدخل اكثر في الامر تجنباً للإحراج .. اومئ رأسه بثقة وقال:
توكل انت بسرعة وخل السالفة عليه ...

نهيان بامتنان: تسلم الغالي ....



رمى كلمته بسرعة قبل ان يترك قاعة الرجال بشكل لا يثير توجس احد .. خاصةً اباه وجده .... وسار بخطوات ثابتة رشيقة باتجاه سيارته قبل ان يحركها متجهاً نحو شقيقه .....

شقيقه الذي اثار فيه الذعر حد الصميم ... فـ صوته وان حاول إخفاء تغيره بقوة ... فقد وصله بوضوح

شاحباً .... مختنقاً .... صارخاً بالارهاق ....!!!






نهــــاية الجــــزء الثامــــن والخمســــون



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 22-06-16, 09:32 AM   #63

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


حبايبي .. السموحة ع التأخير ....


وهاكم بارت الـ 59 .... ان شاء الله تستمتعون فيه


وحابه اهدي هالبارت لـ انسانة غاليه ع قلبي تعرفت عليها في تويتر وهي من اجمل الناس اللي تعرفت عليهم ........ "منـــــال"


همسة لهموس القلب .... الله يردج لنا بالسلامة حبيبتي وما عليج شر ان شاء الله .. مأجورة بإذن الله سبحانه ... نحبج ونحب وجودج امبينا ... لا عدمناج عسى ...



.
.



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)







الجــــزء التــــاسع والخمســــون



،



وأنا يُبعثِرُني المساء على يَديكِ

فَكَيفَ أغفو؟

لا صوتَ يَجمعُني

و لا تمتدُّ نحوَ يديَّ كفُّ ..!

عيناكِ تبحثُ في دَمي عنِّي

و في غَسَقِي

ترفُّ

و أنا يُبعثرُني حُضُوري

في سمائِكِ

و هُوَ كَشْفُ،

الله مَنْ عَبَقٍ إلى شفتَيْكِ ياليلايَ

يهفُو

البوحُ يُولَدُ مِنْ رحيقِ الصّمتِ

إن أَغْرَاهُ وَصْفُ

وَ مَواعِدٌ خَضراءُ تَغزلُها الجَداولُ،

فَهِيَ رَشْفُ

هَلْ لإنفِراطِ الموجِ في عينيكِ يا سَمراءُ

جُرْفُ ؟

أَخشَى عليكِ،

و كيفَ لا أخشى عليكِ،

و أَنتِ عَزْفُ ؟



#عُمر محمود العنّاز



،



ما ان ابصر من بعيد سيارة شقيقه حتى زاد من سرعته ...


أوقف سيارته وخرج منها هارعاً باتجاهه بخطوات سريعة قلقة .... وسرعان ما اتسعت عيناه ما ان رأى الباب الخاص بالسائق مطعوج بشكل كبير وكأن السيارة للتو قد اصطدمت بشيءٍ ما ....



فتح الباب بسرعة وقال بأنفاسٍ متلاحقة: حمد ....



كان في سيارته ... مغمض العينان .. اشعث الهيئة وقد نزع عنه شماغه وعقاله ... لا يظهر من تقاطيع وجهه سوى الرمادية والشحوب التام ...



امسك نهيان ذراعه بعفوية ليسأله عن غرابة ما يراه الا ان الأخير تأوه بحدة وهدر بصوت مختنق: لا نهياااان ...


نهيان من بين عقدة حاجباه وقد لاحظ توجع شقيقه من ذراعه: شبلاك ..؟! انت شو داعم ...؟!


اخذ نفساً حاداً سريعاً قبل ان يقول بـ غلظة عصبية: داعم موتر بالغلط ... بـ بس الحمدلله يت خفيفة ...



جلس نهيان على ركبة واحدة وهو يحاول رفع كم ثوب حمد الذي لمحه رثاً ومتسخاً بالتراب لأسباب يجهلها .. وما ان رآى الكدمة الكبيرة المزرقة أعلى ذراعه حتى قال بتهكم شديد: خفيفة وايدك ورامة جيه ..؟! امش امش معايه بوديك العيادة ....



: لا ..... مابا .....



نهيان بانفعال: شو ما تبا ... ما تشوف ايدك شقى مسـ.....


سكت فجأة وهو يرى للتو يد حمد اليمنى .... وكانت لا تقل انتفاخاً/ازرقاقاً عن ذراعه اليسرى ....



هنا حدّق نهيان بوجه حمد بريبة/تشكك وقال: انت وين كنت ..؟! وشحقه ايدك الثانية وارمة جيه بعد ..؟!
متضارب ويه حد ..؟!


اشاح بعيناه بـ إحساس لا حياة فيه ... وقال وهو يحاول الخروج من سيارته: ودني البيت .. أبا اتسبح وابدل ..


وقف نهيان كي يعطيه مجالاً ليخرج ..

وضع يده وسط جسده واخذ يغمغم بقلق وعيناه على ساعة معصمه: بطينا على العرب يا حمد ... ما بيواحيلنا نروح ونرد من دبي ... اسمعني ... ماشي الا اوديك فندق جريب .. تتسبح وتبدل ...


أضاف وهو يرى حمد يستند على سيارته بإعياء يحاول اخفائه عنه الا انه فشل: يايب شنطة سفرك وياك صح ..؟!


ارتفع جانب فم حمد بتعبير كان اقرب للاحتقار ... للغل ... للكره الصارخ ... تعبير اثار ريبة نهيان فوق ريبته الأساسية ... وغمغم بغلظة: هيه ... في الدبة .....


اقترب نهيان منه وقال محاولاً اكتشاف ما به: حمد ... شبلاك يا خويه ..؟! حد مزعلنك ..؟! حد مكدر خاطرك ..؟!


تحرك حمد باتجاه سيارة أخيه وهو يهتف بنظرة معتمة خلت من الإحساس: لا .... يلا ودني اجرب فندق ... وموتريه ردوه دبي عقب العرس ...

حدّق نهيان بظهر أخيه ثواني ثم تحرك باتجاه مؤخرة سيارته .. حمل حقيبته الخاصة بالسفر والتي جُهزت مسبقاً لأن حمد سيأخذ عروسه وسيتجهون مباشرةً نحو المطار .. مسافرين تحديداً وكما قال الأخير سابقاً .... الى إيطاليا ....



.
.
.
.
.
.
.



نزل من سيارته وهو يعدل نسفة شماغه بسرعة فـ هو حقاً قد تأخر على الرجال بعد ان اضطر لتركهم مسبقاً لـ إيصال زوجته من الصالون الى قاعة النساء ....


لمح من بعيد سلطان .... وعلم انه وصل الى قاعة الاحتفال بعد ان ذهب هو لإيصال آمنة ....

بشكل مبهم ... انزل عيناه وتنحنح كي يضفي على هيئته الهدوء والرزانة ... هدوء ورزانة كانا بعيدان كل البعد عما يجري بداخله ... من معارك ....


ثم استقام ظهره .. وشد من صلابته ... وتحرك متجهاً نحو الرجال والشيوخ ....


ألقى السلام في طريقه على مجموعة من الرجال والمهنئين .. ثم اكمل سيره نحو الواقفين بشموخ في المقدمة .... عند الكبار والشيوخ واقارب الطرفين .. عائلته وعائلة الحر .....


تسلطت لا إرادياً نظرات الرجال عليه ... وكأنهم ينتظرون مشاهدة مقدمة فلم جديد الا انهم بالضبط يجهلون الفلم وأبطاله وقصته ......


تقدم نحو سلطان تاركاً الجميع .. لأنه سبق وألقى السلام عليهم جميعاً .... ولم يبقَ الا هو ....


وتحت نظرات سلطان المترقبة ... اللامعة ..... تقدم اكثر إليه ... وقال وهو ينظر لكل شيء حوله عدا وجهه: شحالك ..؟!


رفع سلطان حاجباً ببسمة متهكمة وقال: ماحيد الرياييل جيه يسلمون بوخويدم ..؟!


رمقه بطي بنظرة جانبية باردة .... وقبل ان يتفوه بكلمة .. امسك سلطان ذقنه بقوة وقرّب وجهه إليه ... وقال وهو يدق انفه بأنفه بخشونة: جيه يسلمون ...


زم بطي فمه قليلاً محاولاً ان لا يشعر ان تصرف طفولي/ساذج .. الا انه بحق شعر بذلك ....


تنهد سلطان بصوت غير مسموع ... وربت على كتف صديق دربه بـ محبة خالصة مجتذباً إياه بعدها بخفة وهو يقول:
تعال يا خويه تعال ... الله وحده يعلم كم تولهت عليك ..... تعال ......




حسناً ... يعترف انه تأثر بما سمعه .... وتأثر بشدة ..... ووجد نفسه يومئ رأسه بصمت ... ويقف قربه ليدخل بعدها فوج جديد من الرجال ولتبدأ مرة أخرى مرحلة من السلام والتراحيب الطويلة ......




: بوبطي ....




رفع سلطان رأسه بسرعة وهو يهتف للذي يناديه بصوت قوي رنان: لبيه ....


تقدم سيف بعكازته وهو يقول بعجلةٍ من امره: فدينا خشمك بوبطي .. عطنا سويج موترك نبا نحركه لانك صاك على الباب والعمال يبون يدخلون أغراض هنيه ...


قال وهو يخرج مفتاح سيارته من جيبه ويرميها بخفة نحو سيف الذي التقطه بمهارة: ها اندوك ...




: بوبطي ....!!!!




التفت نحو بطي .... وكاد يضحك مرحاً على تعابير وجهه التي شحبت من الذهول الكاسح .... وقال وهو يعطيه نظرة جانبية تخللها سخرية لطيفة: ولدنا ها طوليه بعمرك ... بنسميه بطي عندك مانع ..؟!



مرت ثواني حتى استوعب بطي الامر في عقله ... ثم وبشكل بطيء ... لانت نظرة عيناه على نحو أليم ... معتم ... قبل ان يبتسم بذبول ... ويهز رأسه لـ صديقه بـ لا ....



أتاهم أبا ذياب متسائلاً بعفوية: سلطان .. بطي ... بتخبركم شعنه حمد ما يه لين الحينه ..؟!


عقد بطي حاجباه باستغراب وهو يتلفت باحثاً عن العريس الثاني حمد وللتو فقط اكتشف انه غير موجود ... اما سلطان .. فقد أجاب أخيه الكبير هامل بحزم هادئ ولم يتطرق لموضوع نهيان الذي ذهب خلف أخيه لأسبابٍ وحده الله يعلمها: تلاقيه دخل في زحمة الخط والشوارع ... ياي الحينه ان شاء الله ...



.
.
.
.
.
.
.



منذ يومان .. منذ ان قسى فيها عليها بأن منعها من إلقاء السلام على ابن عمها ...وهي تعتلي منصة الصمت ... لم يفقد رؤية بسمتها الحنونة الموجهة دوماً لأبنائة .. لم يفقد اهتمامها به وبهم وبكل تفاصيلهم الصغيرة والكبيرة ... لم يفقد رؤية العطاء المتفجر منها/من روحها ...... الا انها صامتة كلياً ....... حسناً .. على الأقل معه هو ....



هو الذي اعتاد صخبها بعد صمت عوشة ... هو الذي اعتاد لمعة مقلتاها بعد انطفاء مقلتا عوشة .... هو الذي اعتاد توهج الدفء من جسدها/كيانها بعد موته من جسد/كيان عوشة ......


هو الذي اعتاد رؤية النقيض النابض/المنتعش منها ... والذي لم يزده الا تعلقاً "لا إرادياً وكأنه المغناطيس" بها ....



تعلق .. وياللغرابة .... يثير غيظه ... يثير حنقه ......



وكأنه لم يتزوجها لينتقم بما فعلته شقيقتها به ... وكأنه لم يتزوجها ليحرق قلبها على فعلة لا ذنب لها فيها ......


وكأنه يالله ................ لم يتزوجها الا ليبرهن لنفسه كم ما زال قلبه ساذجاً ... رخواً .. طيباً حد الغباء ......


عند هذه الفكرة اشاح بوجهه بـ اوردةٍ تنتفض قهراً/غضباً ...... ولم يلتفت حتى لينظر للأبواب التي فُتحت خلفه وجانبه لتدخل هي وابناءه السيارة ....



ما ان جلست ... حتى ألقت السلام بخفوت رقيق .. تسبقها رائحتها العودية والممتزجة بـ عطر فرنسي شديد الفتنة ...


رد باقتضاب ينافي تأثر روحه بقربها الطاغي: وعليكم السلام ....


وتحرك مع عائلته الصغيرة نحو مدينته الام .. العين ... الى الزفاف تحديداً ......



بعد ان اقتربوا من حدود المدينة .... شعر انه يحتاج لـ رؤيتها ..... النظر لعيناها فقط ..... لابد وانها تتوهج بجمالها الخاص كالمعتاد ... جمالها الذي اعتادت عيناه عليها ... وكأنهما مراهقان يختلسان النظر خفية نحو صبية حلوة كـ فاكهة حمراء ناضجة .....



الا انه سرعان ما شد من قبضته على المقود وهو يشتم نفسه على رغبات قلبه التي دوماً ما تتمرد على رغبات عقله ....


وظل يتمسك بالمقود بقوة بيد واحد وكأنه بهذا يمنع نفسه من لمسها ... او حتى الاقتراب منها ....


أوقف سيارته بعد ان اصبح امام بوابة قاعة احتفال النساء ....


انتظر ان تفتح بابها وتخرج ... انتظر ان ترحمه من قربها وتبتعد عنه قليلاً ... الا انها لم تفعل .....


وبشكل باغت عقله/حواسه .... شعر بها تدنو منه .... وتهمس قربه بـ نبرة كانت ضعيفة ... نبرة ان صح التعبير .... راجية حد العذاب: احمد ....




يالله ...... الصبر ..... بعض من الصبر فقط ........




التفت إليها رامقاً إياها بظلمة عيناه الضبابيتان ...... انزلت الغطاء الغليظ عن وجهها لتظهر امامه سحرها وتألقها الباذخ ....



الكحل المرسوم بعناية واتقان فوق جفنيها العلويان زاد مقلتاها بريقاً .... وجاذبية خارقة .......



أترغب هذه الصغيرة بإثارة جنونه ...........؟!



الا ان جنونه لم يكن ليُثار كالعاصفة ان لم يراها ترتفع بجسدها قليلاً وترمي نفسها على صدره .... ويسمعها تهمس بـ صوت مختنق وكأنها تحارب دموعها بقوة: احضني ....
ا ا ابـ .... ابااك تحضني .....


رغم اجفاله من حركتها ... الا ان شعور الاحتواء/الحماية تفجرتا فيه بشراسة ... ووجد نفسه يحويها بذراعاه بقوة ... ويقول لها بـ صوتٍ رجولي خشن .. وانما رقيق حد الوجع: حنان .... شبلاج ...؟!


تشبثت بـ ثوبه اكثر وهي تهز رأسها بالنفي ... وتقول بذات صوتها المختنق: مـ ما شي ... بـ بس ... بس احضني شوي ... شوي بس .....



الا ان "الـ شوي" دامت دقائق ... دقائق تخللها انفاس متهدجة ساخنة .... ونبضات متراقصة محترقة على صفيح مشتعل ..... ورغبات عاصفة من شوق مجنون .... ولهفةً اشد جنوناً .... وتوق فاق الأول والثاني حد اللامعقول ......



ابتعدت عنه بتردد .... وهمست منكوسة العينان: مع السلامة .....


امسك ذقنها كي يجبرها ان تراه ... ووضع يده بعفوية على وجنتها وهو يقول بأجش: خبرينيه شبلاج ..؟!

ارتعشت خفقاته عندما أمالت رأسها واسندت وجنتها على باطن يده وأغلقت عيناها ...

وكأنها بحركتها الناعمة تخبره انها لا تعيش النعيم الا مع لمساته ... وانها لا ترغب بالخروج من هذا النعيم ابداً ....

دعكت ببطئ وجنتها على يده .. قبل ان تفتح عيناها وتقول ببسمة حزينة: ولا شي بوزايد ...

التفتت للوراء وقالت لـ زايد وسعيد برقة: زيودي .. سعودي ... خلكم شطار ولا تلعوزون بابا ... زين ..؟!

هز الصغيران رأسيهما بـ أدب جم قبل ان تعطيهما اجمل ابتسامة منها ...

انزلت غطائها على وجهها .. ثم همست: مع السلامة ....



فتحت بابها ... وخرجت ..... تاركةً خلفها قلب لم/لن يستكن من الحيرة ..... والاضطراب .....



.
.
.
.
.
.
.



لم تستطع اخباره عما يعتمل في روحها من حزن ... وضياع .... وشتات ......


لم تستطع اخباره "شفهياً" عن حاجتها القوية لقوته .. ولحنانه ... خاصةً بعد ان اتعب روحها اياماً طويلة وهو يأرجحها برحمة منعدمة بين حنانه وقسوته ... بين بروده ودفئه .... بين هدوئه وغضبه ....


يأرجحها بلا حول ولا قوة منها بين تقبله لقربها ... ورفضه القاطع "والذي تراه بعيناه" لوجودها حوله ....


تارةَ يشعرها انها ملكة لمجرد ان تقبض عليه وهو يحدّق بها بافتتان .... وتارةً يشعرها انها احقر مخلوق لمجرد ان تقبض عليه يحدّق بها بـ ......... بـ ازدراء ... وبعين الاتهام/الشك ......


لكنها ومنذ دقائق ... ضعفت امامه ... كانت ترغب بأن تستشعر الأمان/السكينة بعد ان هاتفها والدها قبل ساعتان ليخبرها ان والدتها لن تأتي للزفاف اثر حالتها التي لم تتحسن الى الآن ..... تجاوبت مع العلاج واهتمام الجميع بها ولم تتحدث عن عوشة او تتفوه بأي امر غريب يخصها .. تلك التي بشأن قتلها وما الى ذلك .......


الا ان ما زالت تشرد ببالها كثيراً عنهم .... ولم تعد تتصرف كما كانت في السابق ... اصبحت اكثر انغلاقاً على نفسها ونظرتها غدت اشد شحوباً ... وكأنها معهم وليست معهم ......


ولاحظت امراً اثار ألمها .. وضيقها ... والدتها .. وفي كل مرة تتركها به لتعود لمنزل زوجها .. تغضب وتنفعل ..... وتسكب على رأسها سيل من الكلمات القاسية العنيفة ...... وفي كل مرة تصرخ: ما تبووووني ... كلكم خليتووووني ... روحووووا ...
مابااااكم انا بعددد ... روحوووووا ......


وتجد حنان نفسها في نهاية المطاف تبكي بحضنها وترجوها ان لا تقول هذا الكلام .. الا ان والدتها تدفعها عنها وتستمر بكلامها واتهاماتها المؤلمة .....


الذي يحصل معها يشعرها بزعزعة النفس ... بالخوف .... بعدم الأمان ...... وهي لا تجد ضالتها .. ولا سلوانها ... الا عند "ذلك" ..... القاسي الحنون .... النار الجليد ..... الرقيق الغاضب ....
احمد .......




: حنوووونة ....



التفتت للتي تناديها ... وما كانت الا ناعمة المتألقة بفستان اسود مثير ...

ما ان اقتربت منها حتى قالت لها بابتسامة حلوة زادت عيناها الحزينتان جمالاً: هلا وغلااااا ...



.
.
.
.
.
.
.



خرج من الحمام وهو ينشف شعره بالمنشفة الصغيرة .. وسرعان ما عقد حاجباه بعصبية وهو يرى نهيان يُدخل بخشونة مقدمة ثوبه الجديد داخل رأسه .... ويقول بتهكم: يا رياااال شو فيك جيه باااارد ... خلص بسرعة بطينا على الناااااس ....


ابتعد عنه حمد ببرود شديد وهو يكمل بمفرده لبس الثوب ....... وتحت تأففات نهيان المستمرة .... رتب هندامه ووضع فوق رأسه الغترة والعقال برجولية جذابة .... ثم اخذ عطره المفضل ورش محتواه بكثرة عليه .....


هادئ بنظراته .... هادئ بخطواته .... الا ان الله وحده من يعلم ما درجة حرارة النار في جوفه .... وحده الله من يعلم عدد شياطينه المتراقصة فوق رأسه الملغوم ......



تخالطت الصور في عقله ... لتترأسها صورها فقط ....... صورها هي .......



ما ان استرجع تفاصيل الصور ........ حتى تراجع وهو يشعر ان تقيؤاً بغيضاً يتصاعد من معدته الى حلقه .....



رمى قنينة العطر داخل حقيبته بـ نظرة تغيمت بالغضب .... ذلك النوع من الغضب الذي يصبح ظلاماً في أوجه ... في أقصاه .....


ورفع رأسه كي يدفع تصاعد القيء الى الأسفل ..........



"عطيتيني الحب ...... عطيتيني الوله ...... عطيتيني لحظات ما تنّسى ..... احبج غرامي"



الكلمات التي كتبت على احدى الصور تتقافز بجنون فوق عقله ليجد نفسه فجأة يضرب مرآة التسريحة امامه بوحشية كاسحة ...



صاح نهيان بذعر: حممممممممد ......



زمجر حمد وهو يعيد ضرب المرآة مرة ..... ومرتان ...... وثلاث ....... حتى نزفت يده اليمنى "المكدومة اساساً" ....


جرّه نهيان بقوة وهو يصرخ عليه غاضباً: انت مينووووون شوووو ..؟! شووووو فيك مسسسستخف ....؟!!!!


دفعه حمد عنه بعنف .. بصدرٍ يعلو ويهبط بجنون .....


وضع نهيان يده وسط جسده وهو يهز رأسه بحدة ... وهدر بانفعال مذهولاً بداخله من الغضب الذي يراه لأول مرة يتلبس أخيه بهذا الشكل المخيف: والله شي ياك في مخك ..... ان ما خبرتني شو فيك الحينه ما بيصير خير ... ارمس ... قوول شو صار وخلاااك جيييه ....!!!!


اطبق شفتاه على بعضهما حتى شحب لونهما واصبحا اشد جفافاً ....



ما الذي سأقوله لك يا ابن ابي ...؟!

أأقول لك انني اكتشفت كم ان زوجتي ..... حبيبتي التي تمكنت من قلبي ..... فتاة حقيرة .... وقذرة ..... ومتلاعبة ..؟!

أأخبرك انها فتاة وضيعة ... خائنة .... نجسة ......!!!!

إنها تصادق رجلاً وضيعاً مثلها ....؟!

رجلاً ... وياللقهر الأسود .... اجهل هويته ..... فـ لو عرفته فـ لن ارتاح حتى اراه مقبوراً امامي .......

كيف اقولها ....؟! كيف .....؟!

لا استطيع ..... كما لم استطع كذلك فك هذا الاقتران وإلغاء الزواج بأسره ...... لم استطع .... وهذا ما يزيد من حرقة قلبي .... واكتواء روحي .......



عندما رأى الصور المرسلة .. شعر وكأن عالمه انهار فجأة من حوله ..... شعر وكأنه يد خفية سحبته لـ أعمق نقطة في الأرض .. يد لم تتوانى عن كسر روحه ... وجسده ... واضلعه التي تشهق حباً بأسمها .....

وعندما استفاق صباح اليوم .... وجد نفسه يخرج من البيت لـ جهة يجهلها .... سار بسيارته وحفظ خطوط جميع شوارع دبي من فرط مروره عليها مراراً وتكراراً ...
طيلة الوقت وهو يسير بلا هدى ... وبلا هدف ....


ما ان عاد لمنزله .... شعر وكأن سكاكين تُغرس في ظهره وهو يضطر بكل خنوع بغيض ان يستبدل ملابسه ويتجهز للاحتفال ...... يتحرك ويتصرف بعين ميتة ..... وبقلبٍ خالٍ/اجوف .......


ويوم ان دخل مدينة العين .. لم يتحمل فكرة ان يدخل على الرجال كـ عريس ابله اخرق مغفل .. لم يتحمل البتة ...!!!


وجد نفسه يغير وجهته ويسير بغير هدى لمكان لا يعرفه ... في نهاية المطاف .... وقف عند حديقه صغيرة مطلة على احدى الشوارع الجانبية ....

خرج من سيارته .. ليسير بخطوات ضائعة/ميتة على طول الرصيف الأمامي .. الى ان دخل الحديقة ... وداست قدماه ارضها الترابية ... الا ان جلوسه على التراب محدّقاً بالخواء لم يبرد اشتعال روحه الغاضبة .... حتى لكماته العنيفة التي وجهها لإحدى أعمدة الارجوحة القابعة في احدى زوايا الحديقة لم تطفئ شي مما يستعر فيه ....


لا شيء يمكنه إطفاء نيرانه .... لا شيء ...... رباه ...... وكأنها نار حقيقية تسري عكس التيار في جوفه .....




غمغم وكأنه يبصق دماً نجساً: اللي صار انيه عرفت كم انا غبي ...... غبي واعمى .....

أضاف بحرقة قلب وهو يأخذ منشفته الصغيرة ليلف بها يده النازفة: هاللي صار يا ولد ابويه ... هاللي صار .....

عقد نهيان حاجباه بحيرة متألماُ في قرارة نفسه من الكمية المهولة من الوجع في بحة صوت شقيقه .... وقال وهو يرص على عيناه بتوجس/قلق/وعيد حقيقي: محشوم يا حمد .... هالرمسة مول مب لك ... مول .... منو الوصخ اللي خلاك جيه تقول عن عمرك ... قولي اسمه بس ....


شخر حمد بـ غضب ماكن .... وقال وهو يرمي منشفته قرب الحقيبة: لو اروم .. جان فقعت عينه بإيديه هاييل ...
بس ماروم ....... مارووم .......


امسك نهيان كتفا أخيه ما ان ارتجف جسده مع كلماته الأخيرة ... وقال وهو ينظر لعيناه مباشرةً بصرامة قوية:
طز فيه ... طز .... سوله طاف ... انت معرس الحينه ... لازم تفرح وتستانس .. انسى كل شي وركز في عرسك ...




يالله .......... شقيقه يدوس من غير ان يعلم على جرحه الحي الثائر ....




تنهد بعمق محترق ...... وقال بصوت جامد ميت: ان شاء الله ......


ربت نهيان على كتفه هاتفاً بذات نظرته: هيه جيه اباك .....




ابتعد عنه ليتجه لهاتف الجناح .. وسرعان ما طلب من قسم الاستقبال جلب علبة اسعافات أولية ......
وفاتورة التضرر المتعمد الذي احدثه حمد بالجناح منذ لحظات .......


فكر وهو يغلق السماعة وينظر لساعة معصمه .....


حسناً ... شقيقه "ذو التصرفات الأخيرة الغريبة" سيأخرهم دقائق أخرى عن الاحتفال .....


سترك يا رب ......
ان لم يصلوا بسرعة سيبدأ الناس بالهمز واللمز والثرثرة .........



.
.
.
.
.
.
.



بسرعة قياسية ... وصل نهيان الى قاعة احتفال الرجال بعد عشرون دقيقة .....



لم يجبر أخيه على التفوه بما يعتمل بخاطره اكثر واخباره بهويات الذين تركوه يغضب بهذا الصورة المخيفة .. لأنه يعرفه ويعرف انه لن يتفوه بأي كلمة ما لم يرغب هو بذلك ... وهو .... وبعد ان رأى حالته ... علم بالتأكيد انه لن يقول أي شيء له ......

هذا هو حمد .. رغم شفافيته .. رغم حنانه الذي لا يشبه حنان احد من اخوته ... رغم سماحة نفسه وحلمه ..... الا ان تركيبته الداخلية تختلف عن احد ..... خاصةً عند الغضب والحزن والألم ..... حتى عند اندفاع مشاعره ...
والكلمة التي توجعه .... تظل فيه ولا تخرج .... ولن تخرج .... حتى يأذن هو بذلك .......




اعطى شقيقه الصامت نظرة خاطفة قبل ان يقول بحزم: شق الحلج بوعبيد شو ها ...!!! اللي يشوفك ايقول ها ميبور على العرس ... شق حلجك واصلب طولك ....


تنهد حمد بضيق مع احتداد فمه .... وكأنه يكبح ما بداخله بقوة خارقة ..... وغمغم على مضض: يوم احدر صوبهم بشق الحلج على قولتك ....


رمقه نهيان بـ حنق خفيف قبل ان يوقف سيارته امام البوابة الضخمة ......

ثم نزلا ...



وقبل ان يدخلا عند الرجال ..


سحب نهيان شقيقه الصغير نحوه واوقفه مقابلاً له لتظهر صورة قامتهما امام بعض بشكل رجولي "اخوي صافيَ الجاذبية" ...

اغلق زر من ازرار ثوبه العلوية المفتوحة رافعاً حاجباً بتهكم خفيف: صك ازرارك يا بويه لا تفضحنا ..... ووين بشتك ..؟!

اشاح حمد بعيناه منزعجاً من فكره المتشوش واعصابه الفائرة والتي تركته يظهر امام اخيه كالأخرق ناسياً حتى نفسه/تأنقه .....


غمغم باقتضاب: عقيته ورا ....


هز نهيان رأسه بعدم رضى قبل ان يفتح الباب الخلفي من سيارته ويأخذ بشت أخيه ويلبسه إياه ....


: نهيان .. خل عنك اروم البس هب ياهل انا ....


ابتسم نهيان بتهكم من عصبية شقيقه قبل ان يقول بنبرة لاذعة: لا ياهل ....


احتدت عينا حمد على شقيقه قبل ان يكمل الأخير بصرامة: هيه ياهل ... عيل في ذمتك تخلي ناس ما تسوى تسويبك جيه وتخليك تستخف وتعور روحك عسبتهم ....؟!
شد ظهرك وقو قلبك ... انت حمد بن عبيد الحر ... حر ولد حر .... لا تخلي يهّال يسووبك جيه ....



عض باطن شفته السفلية بانفعال عاتي والتزم الصمت ... وترك نهيان يلبسه البشت ويعدل وضعية غترته بحزم .....


بعدها ... ابتسم نهيان بفخر ملؤه المحبة الخالصة ... وقال وهو يدق انفه بأنف حمد بخفة: يعلهم يفدونك .. احلى معرس في ذمتيه ...

ربت على كتفه بخشونة فجة .. وقال وهو يغمز بعينه بشقاوة: يلا يا ازقرت ... وراك ليلة ولا ألف ليلة ....


ابتسم حمد ببرود تام ... ودخل واخيه قاعة الاحتفال .....



.
.
.
.
.
.
.



أغلقت باب غرفة والدتها قبل ان تسند جسدها بقوة خائرة على الباب .....


اغمضت عيناها بأهدابٍ ترتعش ألماً ماكناً وهي ترجو الله ان يشفي والدتها ويخرجهم من هذه المحنة بقلبٍ قوي صلب ...


منذ ساعة ... وبعد ان أصرت أمها ان تجلس معها في المقاعد المخصصة للضيوف في غرفتها ... سقطت مغشياً عليها ووجهها الشاحب تماماً كالاموات لا يبشر بالخير ...


وها هي الممرضة ترغمها بمهنية ان تخرج وتترك والدتها ترتاح وتنام ...



يالله .. رحمتك وغفرانك يا ارحم الراحمين ....



تنهدت وهي تتذكر بضيق انها ومنذ ان علمت بمرض والدتها لم تزر والدها الا لماماً .... وليس كالسابق كل يومان او ثلاث ...


استلت هاتفها ما ان رن .....



روضة: ألو ... هلا شيخه ...

..

روضة: العرس ..؟! لا ما بسير .. وين فيّه قلب اسير عروس وامايه تعبانه جيه ...؟!

..

تنهدت بحزن ... ثم قالت: ماعليه انا مرمسه حصة البارحة واستسمحت منها .. هي تعرف ظروفي ومقدره ..

..

روضة: لا ما بتحير ان شاء الله .. دقايق ورادة البيت ..

..

روضة: في وداعة الله .. مع السلامة ...



لحظات حتى وصلتها رسالة على برنامج الواتس آب .... فتحتها ببال شارد .....

وشهقت بخفوت ما ان ابصرت الصورة المرسلة من رقم نهيان ......

هو وابنه ... ويبدو ان الصورة ملتقطةً للتو في قاعة احتفال الرجال ....

كان نهيان جاثي على ركبة واحد ليجاري طول ابنه القصير جداً .... يتلألئ ثغرهما بذات الابتسامة ... بذات المكر المحبوب والشقاوة الحلوة ....

الا ان عبيد الصغير كان يبتسم بشقاوة مظهراً كل اسنانه العلوية "والتي فقد احداها قبل أيام" بطريقة مضحكة ..

ضحكت من بين مقلتاها الذابلتان الحزينتان .. ورفعت هاتفها نحو ثغرها وقبلتهما بعشق ماكن .....



عشق لـ احلى رجلان التقت بهما في حياتها بعد والدها الحبيب ......


دوماً يبرهن نهيان لها انه نعم السند والعون ... في الأيام الماضية لم يتركها لوحدها .. حتى مع انشغاله المستمر في حياته ومؤخراً مع زفاف شقيقاه .... دوماً كان يتصل بها ويسأل عن احوالها واحوال والدتها وعائلتها ....


حتى انه قد تعامل كلياً مع مسألة استيلاء عمهم على xxxxاتهم واموالهم ... كيف ... ومتى لا تعرف ..!! هذا الـ نهيان لا تستطيع ان تتكهن بأفعاله او حتى تكتشف ما يفكر فيه ....


استيقظت منذ أيام من نومها على رسالة منه يقول فيها انه سيجلب بعد لحظات لها اوراقاً رسمية تخصهم وهو بحاجةٍ لتواقيعهم ....


يالله .......... بدايةَ تعلقها به ... ظنت انه طيف وسيغادر حياتها .... وها هي تكتشف ان الطيف ما هو الا فلاّح وسيم عنيد غرسها عنوةً في تربة روحه/وجدانه ..... غرسها لتنمو فقط ... تنمو .... وتنمو .... وتزهر شغفاً/هياماً على يداه .....



احتضنت هاتفها وهي ترجو الله ان يحفظه لها ... فـ هو اصبح لها الأب الذي تفتقده بجوع .... ولا تريد ابداً فقد ابٍ آخر .... لا تريد هذا ابداً .....



.
.
.
.
.
.
.



جلست على احدى المقاعد الأمامية والقريبة من كوشة العريسان وهي تطحن بغير وعي اسنانها ....


للمرة الثانية يتجاهلها في مناسبة زواج ويتجاهل الالتقاء بها لرؤية زينتها ... للمرة الثانية .... تشعر بالقهر يتصاعد من معدتها الى صدرها الى حنجرتها الى دماغها .....


أي نعم هي الى الآن لا تتحدث معه كالسابق .. أي نعم هي كالثلج مع أي كلمة تصدر منه ..


لكنها انثى يالله ... وانثى رغماً عن انفها "عاشقة" ... تعشق ذلك الأبله وتعشق خطوات قدماه ..... ليس ذنبها انها بلهاء وتحب ابله ....!!!!


ليس ذنبها البتة ....

تريد ان تراه يكتوي بنار الشوق كما اكتوته في السابق .. تريد ان تثير جنونه بـ سحرها وتألقها ... وفي المقابل هي لن تعطيه فرصة ليلمسها حتى ...

تريده ان يهرع نحوها مجنوناً تواقاً وهي تعذبه بنظرة متحفظة وبسمة صقيعية منها .... تريده ان يقذف على قلبها غزله وشغفه وولعه وهي توليه ظهرها ممانعةً متشفيةً .. ومكتفية حد الشبع ......


آخ ...... أهذه احدى نوبات برودك الكريه يا شبيه السيف بنصله ....؟! أهذه هي .....؟!


حسناً ..... فلنرى من سيظفر ... نصل سيفك ام خنجر عيناي ......!!




: عنوده .... العرايس بيحدرن الحينه ...



جفلت العنود على صوت والدتها ... وسألتها وهي تقف ليظهر جسدها الممشوق المغطى بـ فستان ماروني ياقته وسيعة على شكل قارب مظهراً جمال عنقها الصافي ومنابع الانوثة فيها بفتنة/غنج حد الصميم:
منو اللي بتحدر اول ..؟!


ابتسمت والدتها بـ جذل عبق وقالت: ويا بعض .. بيحدرهم ريلج ....


انتفضت خفقاتها ذهولاً ... وقالت غير مصدقة: سيييف ...؟!


تحركت والدتها مبتعدةً عنها وهي تقول: هيه .... سيري عندهن يلا عسب تعاونينهن ...


هزت العنود رأسها بارتباك وغطت جسدها ورأسها قبل ان تسير باتجاه الباب المؤدي للخارج ...



.
.
.
.
.
.
.



اسند عكازه على المنضدة الصغيرة الموجودة في غرفة الاستقبال الفاصلة بين البوابة الخارجية وبوابة قاعة احتفال النساء .... وثبّت جسده بقوة بساقاه .... واخذ يعيد نسف غترته برجولية جذابة .... غير مدركاً البتة تلك التي ترمقه بحدة تفجرت بالغيظ ....


ثم استدار نحو العروستان الجميلتان ... اخواته ... زمرداته الثمينتان .... وقال بنظرة معتدة امتلأت بالجذل/الحنان:
ها ... تزهبتن ..؟!


رغم جمود مشاعر الكبيرة وعصبيتها/ضيقها .... ورغم الذعر المطل من عينا الصغيرة والمتلألئ بوضوح فوق مقلتاها .... الا انهما .. وببساطة تامة .... ابتسمتا بتأثر ...... كيف لا اخاهما الكبير .... اخاهما عزها وفخرهما ... هو من سيزفهما الى الداخل ...؟!


تعترف حصة انها لو احبت هذا الزفاف في يوم .. فـ ستحبه لأجل هذه اللحظة فقط ... لأجل ما يفعله شقيقه معها وميره ....


اومأت كل واحدة منهما برأسها بصمت تخلله ربكة عارمة .... وقال ببسمة رجولية واثقة وهم يمد يده اليمنى لـ حصة ... ويده اليسرى لـ ميرة:
يلا شيخات قلبيه ....



مدت حصة يدها ومن بعدها ميرة ... وسار بهما متوسطاً اياهما حتى توقفوا امام الباب الضخم المغلق منتظرين إشارة الدخول في أي لحظة .....



اتاه صوتها الجامد الهادئ من خلفه: سيف .... ما بتاخذ العكازة ....؟!



التفت سيف لـ زوجته ... زوجته الخبيثة التي مارست عليه اشد أنواع العذاب الليالي الماضية ولم ترحمه بأدنى نظرة عابرة منها ... او كلمة خاطفة ...... وقال بنظرة برّاقة متفحصاً فتنها بتروي ..... وبغموض تام: لا .. ما بحتايها خلاص ...




لا يحتاجها .... هو مستعد ان يمشي مع اختاه مع عرجه الخفيف ولن يأبه البتة بنظرات النساء الفضولية منها والمشفقة .....

لن يأبه البتة ..... اكتفى بحق من الأفكار السوداوية .. والمحبطة .... والسخيفة حد اللامعقول ......!!!!



تراجعت العنود ونظرته البراقة والواثقة منعتها من الإصرار ... الا انها لن تنكر خوفها عليه .. وقلقها من حدوث امر شيء في الداخل ......




فُتح الباب الضخم .... ليدخل الثلاث بـ طلةٍ فائقةَ الجمال ... باذخةَ المشاعر/الخفقات .......

طلة كانت السبب الرئيسي في اختناق الكلمات في حناجر جميع النسوة/الفتيات اعجاباً ... وغبطاً .... وانبهاراً .....



تحت أضواء كميرات التصوير ... وعلى قصيدة غزلية "حصرية" بـ إسم كل من حصة وميرة هي هدية من خالهما معضد وقد عُرِف الأخير بـ شعره الجميل الرقيق ... وعلى دموع امهم شريفة وتأثر خالتهم آمنة الشديد وجميع نسوة العائلتان ..... مشى سيف بـ شقيقتاه متوسطاً اياهما بنظرته البراقة الواثقة ....


ما ان اوصلهما الى الدرج المؤدي الى المنصة ... حتى كادت آمنة تقف لتساعد سيف في رفع اخواته .. الا ان شما اوقفتها وهي تحاول كبح انخراطها بالبكاء على المنظر المهيب الذي تراه ... وهمست لها بحشرجة:
امون خليهم .... بيروم سيف يساعدنهن روحه ....


ثم وضعت يدها على صدرها وهي تكمل بتأثر شديد: فديت طوله يا ربيه .... طاعيه يمشي بليا عكازه .. يعلني افدااااااه ...


واخذت تقرأ عليهم من بعيد المعوذات وادعية حفظ النفس من العين والحسد ....


وبالفعل ... وكما قالت .... كان سيف اكثر من قادر على مساعدة شقيقتاه لوحده .....


ما ان اصبحا على المنصة العريضة المستديرة ..... تحرك بهما حتى وصل للستار الذي يفصل بين مقعد العروسان الخاص بـ فلاح وحصة ... والمقعد الآخر الخاص بـ حمد وميرة ....


استدار وشقيقتاه نحو الكاميرة بطلبٍ من المصورة ... واخذت للثلاثة صورة جميلة من جميع الزوايا والجهات ....



ومن بعدها استداروا ...


واجلس الكبيرة اولاً وقبّل يدها بدفء تفجر بالحنان ... قبل ان يجلس الأخرى ويقبّل يدها كذلك وبذات مشاعره المتفجرة ...


كانت تراقب كل حركة منه بـ ذهول ... بـ اضلعٍ تنقبض حول قلبها تأثراً/حناناً ...


منذ متى سيف يتصرف بهذه المشاعر الظاهرة المندفعة ...؟!

منذ متى تخلى عن خجله وتحفظه في معاملته مع اخواته ومحارمه امام الناس جميعاً ...!!

منذ متى كان بهذه الشفافية .. بهذه الجرأة .....؟!




مشى على المنصة عائداً بـ مشيته المتعرجة والتي لم تخفي ابداً رجوليةَ منظره وجاذبيته الصارخة الناطقة .....

عندما نزل من الدرج ... اقتربت منه خالته آمنة وعمته شما ووالدته وجدته وألقين السلام عليه ...

كلهن .. كل من تحل له ألقت السلام عليه وتصورت معه بهاتفها الخاص ... الا هي .......


الا هي يالله .............



بعدها خرج .... وهي "بخيبة شديدة" ظلت بمكانها ولم تتحرك مقاومةً بشكل اغاظها .. دموعها الحزينة المقهورة ...



.
.
.
.
.
.
.



بعد مرور ساعتان



كان فلاح وعروسه يخرجان من الباب الجانبي الذي دخل منه هو .. باب مطل على مقعديهما مباشرةً ولا يظهر بأي شكل من الاشكال العروسان الآخران على الجانب الثاني من القاعة ...



توقف بنظرةٍ تشوبها السخرية والضجر وبعضاً من التعالي .. ما ان اوقفتهما المصورة طالبةً منهما برجاء ان يقتربا من بعضهما وان يبتسما هذه المرة لأجل الصورة .. فـ هي بحق قد عجزت منذ ساعة ونصف عن التقاط أي صورة تظهرهما وكأنهما "عروسان حقيقيان" .....!!!!


اخذت تفكر بتهكم .... ما بال أصحاب هذا الزواج غريبين الاطوار هكذا ...؟! حتى العروسان الآخران صامتان وكأن صاعقة قد سقطت على رأسيهما وافقدتهما النطق/الحركة .... لا ابتسامةً هنا او ضحكةً هناك ....


غريبين بحق .....




هتف وهو يجرها من مرفقها بـ شكل فج نحوه ويقول ببرود: قربي خلصينا .. خل تصور هاي وتزول عن ويهي ...


نزعت مرفقها عنه بحدة وهي تقول باحتقار: لا تيرني ..... ومابا اقرب .. من زينك عاده عسب اقرب منك ...


اشاحت بوجهها عنه .... نظر إليها بحاجبٍ مرفوع ... وصمت .....


سيصمت ....... سيصمت حتى يأتي الوقت المناسب للتحدث ... ولحظتها .... سيعرف جيداً كيف ينتزع جذور لسانها السليط من بلعومها .....




بعد ان فقدت المصورة الامل في اخذ صورة حلوة لكلا العروسان .. ابتعدت عنهما آملةً ان تنال ما تطمح إليه عند الآخران ..



.
.
.
.
.
.
.



اقتربت من ابنتها بعد ان لمحت كم الأخيرة مذعورة .... صدرها ويعلو ويهبط بجنون وتتململ بمكانها توتر شديد ...


همست قرب أذنها بقلق: امايه ميرة .. شوي شوي على روحج .. تبيني اييبلج ماي ..؟!


هزت ميرة رأسها بالنفي بانفعال صامت .. قبل ان تمسك والدتها يدها وتربت عليه مطمئنةً إياها بلمساتها الحانية ....


اقتربت من العريس "المثير للريبة بصمته وجمود ملامحه التامة" .. وقالت له وهي تبتسم بخجل طفيف: حمد ابويه شوف الكيمرة ... المصورة عيزت وهي تباكم تشوفونها ....

لم يجب .... هو حتى لم ينظر إليها .... عقد حاجبيها باستغراب ونادته بصوت اعلى: حمد ...

جفل فجأة ... وعلمت انه كان شارد البال كلياً .... كررت ما قالته له قبل ان يومئ رأسه بنظرة متجمدة داكنة .....




بعد ربع ساعة .... كانا يسيران باتجاه الباب الجانبي المؤدي نحو سيارتهم الفارهة والتي ستنقلهم الى احدى فنادق دبي الفاخرة بعد ان يمران منزل عائلة خويدم لتتمكن ميرة من استبدال فستانها بـ فستان اخف وابسط .....



.
.
.
.
.
.
.



رمقها من تحت رموشه ما ان اصبحا بمفردهما بالسيارة ... وقال ببسمة باردة:
وينه لسانج ..؟! لا تقوليلي مستحية ... لانيه ما بصدقج ....


رمت عليه نظرة صقيعية يعلوها الازدراء .. وقالت: ليش استحي ...؟!

أكملت وهي تشيح بعيناها نحو نافذتها: بستحي لو عداليه ريال صدق ... هب ياهل ....




ضحك ...... ضحك بقسوة مخيفة ..... هذه الحصة على ما يبدو لا تريد ابداً نقصان حسابها الذي يتزايد يوماً بعد يوم لديه ....

لا تريد ..... تريد على ما يبدو التنعم بالذل ..... حسناً يا ام عويل ..... لك ذلك ........


دعك فكه ببسمته القاسية .. وقال بصوت خفيض متلكؤ: اممممم ..... ياهل عيل هاه ...؟! امممممم ... زين ....

غمغمت بـ كره صافي: انت دعا حد عليّه في ليلة القدر ... ان يودت هاللي داعي عليّه جتلته ...

حرك فمه بسخرية باردة ولم يعطي ما قالته اية أهمية ...


: انت وين مودني ... أبا اسير البيت ابدل فستاني ...



لم يجبها ...... مما زاد من غضبها ... كررت بصوت اشد حدةً: قلتلك أبا اسير البيت ابدل فستاني .. ما تسمع ..؟!



لم يجبها كذلك ... بل ارخى ظهره على مقعده بعد ان حدّق بالمرآة ممسداً طرف شاربه الى الأعلى ....




تباً ...... يتجاهلني هذا الأحمق ......

افففف .... لو كان هاتفي بحوزتي الآن لاتصلت بـ والدتي واحرجته امامها .....

رباه ..... لمَ لم يخبره احد مسبقاً انني يجب ان امر المنزل قبل الذهاب الى ......

الى ....!!!

الى اين .....!!!!

لا أعرف الى اين سيذهب بي هذا المغرور الاخرق ..... كل ما سمعته من والدتي انه لم يحجز لـ شهر العسل بسبب التزاماته المهمة الحالية في البلاد ....

هه ... يظنني سأنتحر لو لم يعطني شرف السفر معه لـ شهل البصل ..... غبي ........



تأففت بصوت حاد متعمد وقالت: شو آخر هالطاف ..؟! يعني تبا تعصبي واطلع قروني ..؟!
هه .. لا حبيبي ... حصة ما يعصبونها بهالسهولة ....




ببساطة .... لم يجبها ......... مما زاد من غيظها .. وغضبها .. وفورانها ......


تباً له ............



.
.
.
.
.
.
.



طيلة الدرب .. من قاعة الاحتفال الى منزلها ... كان الجو بينهما صامتاً حد الصميم ...
صامتاً .. وبشكل مبهم لها .. كان متكهرباً ...


هما الآن في طريقهما الى دبي .... والتكهرب ما زال هو المهيمن بين جسديهما/حواسهما ....


تشعر بشرارات من الكهرباء القوية تخرج من جسد هذا الجالس كـ الصنم بجانبها .. والذي لا يتحرك فيه سوى عيناه ليركز في الطريق فقط ....


ما به ..؟!


وكأنه ليس بـ حمد .....


اين بسمته الحانية البرّاقة واندفاعه المُربك لأنوثتها واللذان ظهرا جلياً لها خلال لقائهما الوحيد وخلال تواصلهما بالهاتف .. تواصل بالكاد تسميه تواصل لاصرارها ذلك الوقت على ان لا تتعدى حدود العرف معه ....؟؟؟



كبحت شهقتها ما ان لمحت للتو .. وسط اضطرابها التام ... يده اليمنى الملفوفة بالشاش الطبي ....


رباه ..... ما به ....؟!




عتمة السيارة الواسعة ... والهواء البارد الخارج من فتحات التكييف .... والسلبية التي تلسعها من صمت زوجها المريب ... والمُصاب كما هو ظاهر امام عيناها ...... كل هذا جعل أطرافها ترتعش ... ومعدتها تنقبض ... وحنجرتها تثقل ....



اخذت تذكر الله في قرارة نفسها كي تنخفض وتيرة توترها/ذعرها .... ثم تنفست من انفها بعمق ....




بعد ساعتان



كانت السيارة تقف امام الفندق الفاخر .... ورجلان من الاستقبال فارعا الطول يفتحان لهما الأبواب .....



.
.
.
.
.
.
.



كما كانت بالضبط قبل سفرهم ... رغم برودها ... جفائها ... وصمتها السحيق الاجوف من بسمتها المشرقة ومقلتاها المتوهجة ...


ما زالت تهتم بكل شيء يتعلق به ... من اكبر تفاصيل حياته الى اصغرها وادقها ... من عنايتها بصحته وتناوله دوائه في وقته المعتاد حتى تهييئ الجو المناسب في الغرفة ليسترخي ويرتاح ... حتى وهي ما زالت لم تبدل فستانها وتمسح عن وجهها زينتها الجميلة المتقنة ...


كان يجلس على اريكة غرفتهما .. وامام التلفاز "المغلق" ...... ويحدق بها كلما مرت من امامه ومن جانبه ... يحدق بها بعينان البراقتان المفتونتان كلياً .. وابداً .... بها/بفتنتها المثيرة ....


بعد ان أخرجت ملابسه الداخلية .. اقتربت من الحمام وهي تقول بصوتٍ جامد لا إحساس فيه: بومايد يلا اغراضك زاهبة ..

كانت توليه جانب جسدها وعيناها تفترشان الأرض ... والذي اثار ريبته ان يدها كانت ترتعش .... وكأنها كانت تقاوم "امراً ما" ......!!!


وضع يده على ذراع الاريكة ليسند جسده عليه ليقف بعدها ببطئ وحذر ..

ثم خطا بعرجه الخفيف نحوها وهو يتأمل انوثتها بـ جوع تواق/توق جائع ..

يالله ... هذه القاسية لا تعرف كيف يعذبني "سكرها" .. و"ربيعها" .. و"فتنة بنت حواء المجتمعة كلها فيها" .....!!!

تهلك رجولتي بها .. وفيها .. ومنها .. وعليها ....!!!


رباه ....




اقترب منها .. حتى ما عاد يفصل جسدها عن جسدها سوى حرارة الشوق المتفجرة منه .... انزل عنقه وهمس قرب اذنها بنبرة محترقة:
قلتلج انج اليوم ...... يننتيبي بحلاج ......؟!


شعر هذه المرة .. بازدياد ارتعاشة يدها .. ومع كتفيها .... الا انها وبكل ثلج تساقط في العالم قالت: لا ما قلت .. انت اليوم كنت مشغول لقمة راسك ... تفيجت لكل الناس الا حرمتك ...


ابتعدت عنه ووضعت ملابسه داخل الحمام قبل ان تخرج وتقول بصوتها الجاف المتباعد: يلا تفضل .. ونعيماً مقدماً ..


رمقها بنظرةٍ شابتها الحيرة .. وتعب الشوق/الحب وقال: يعني انتي الحينه من صدقج بعدج محاربتني عسبة اللي صار في ألمانيا ..؟!
ترى السالفة ما تسوى عنود .. انا ما قصدت اللي فهمتيه ابد ..


استدارت نحوه وعيناها قد اشتعلتا بغضب بارد .. بارد حد النخاع .... وقالت بنبرة قاسية لاذعة:
والله ..!!!
لا الصراحة خليت ضميري يعورني عليك ..
ولد العم .. عيد رمستك هاي الحينه .... وقارنها باللي صار قبل شهور وياك .... يوم ظنيت فيه سو وما طعت حتى تصارحني باللي سمعته ...
لو قارنت ... وكانت المقارنة .... عادلة .... فـ الحينه محد بياخذ الا يزاته ..

غضن جبينه بضيق وهو يقول: يعني انتي تعاقبيني على اللي صار قبل ..؟!

حركت كتفيها ببرود قبل ان تهتف بقسوة: افهمها مثل ما تبا .... انت حاربتني شهور على "سالفة ما تسوى" ..
فـ ليش الحينه يوم زعلت انا عليك عسبة "سالفة ما تسوى" تبا تراويني انك المسكين المظلوم ...؟!

احتدت عيناه غضباً للحظات من فظاظة اسلوبها ... الا انه وببطئ .. مص جانبي خديه بحركة يمتص بها انفعاله ويعيد إليه هدوءه .. ثم قال بصبر وهو يتأمل شرار الغضب البارد المتطاير من عيناها: انا ما اسوي عمريه المسكين المظلوم يااااا .... ام مايد ....
انا بس أبا اقولج ان الموضوع ما يسوى لانج فهمتي ضحكتيه غير عن اللي كان في خاطريه صدق ...


رفعت كلا حاجبيها باستهزاء مستفز وقالت: واو .. انت تصدمني دوم بفعايلك أستاذ سيف .. شمعنه يوم المشكله صارت ضدك ييت ورمستني وبررت اللي كنت تقصده وتسويه ... ويوم كان الموضوع ضدي انا سكت ولا فتحت ثمك شهور .. ويا ليت يت على السكوت بس ..

ارتعش صوتها رغماً عنها بانفعال حارق وهي تكمل: ذوقتني اقسى أنواع الجفا والبرود والنفور والاهانات ...

شخرت بسخرية علقمية خدشت بلعومها من حدتها/مرارتها .. وقالت: ليتك تميت على سكوتك ولا قطعت يوفيه باللي عرفته ..


استدارت بعنف مشاعرها المجروحة الا ان يده قبضت على رسغها بقوة وسحبها نحوه حتى اجبرها على الوقوف امامه وجهاً لوجه ...


امسك ذقنها برقة رجولية أليمة هاتفاً من بين نظراته الحارة:
آسف ... ادري انيه سويت اشيا جاسية وسخيفة وما لها معنى ... بس قلبج كبير ...
كبير يا عيون سيف ... وما بيهون عليج تشلين على خاطرج عليه وايد ..

كرر اعتذاره وهو ينظر لارتجافة ذقنها شاعراً انها وبشكل مجنون .. تحارب حنايا جوفها المستعرة:
آســـــــف ..




أغلقت عيناها ما ان صفعتها أنفاسه الخارجة مع كلمته الأخيرة .....

تكذب ان قالت لم تتأثر بكلماته .. وتكذب كذلك ان قالت انها ستقاوم اكثر دكه لـ حصونها بلمساته "المُحرقة" وهمسه "الأجش الصادق" اان لم تهرب منه الآن ... ان لم تبتعد عنه قبل ان تعطيه "كلها/خفقاتها الملتاعة/انوثتها العطشة" ...


أبعدت ذقنها عن مرمى يده بحدة ... وخرجت هاربةً "بضعفها/مشاعرها التي تكاد تسيطر على عقلها" ....



.
.
.
.
.
.
.



خرجت من الحمام وهي تنشف شعرها الطويل بـ وجه متورد من بخار الماء الحار ....


اهتزت كتفيها وهي تقهقه بخفوت من زوجها المشاكس .. الذي لم يتركها تبدل ملابسها وتستحم الا بعد توسلات وقبلات واحضان .....


يالله ........ ياللذة اندفاع حبه وصبيانيته المثيرة ...... ترى فيه الآن ما لم تره منذ بداية زواجهما ......


سعيدة به ومعه .... وتخاف ان تحسد ذاتها على هذه النعمة ...............



استدارت بخوف ما ان انغلق باب الغرفة فجأة خلفها ..... ورأته .......

كان يسند جسده على الباب ... ويرمقها بنظراته الصقرية العابثة الباعثة للرعشة ..........

يرمقها من رأسها .. حتى اسفل قدميها ......... بتمهل ... بتروي ...... بشكل يجعلها هي من تركض لأحضانه .. لا هو ......

الا انها سيطرت على نفسها ... ووضعت يدها على خصرها وقالت بنصف عين: وين كنت اعترف ..؟! مب قلتلك اترياني إلين ما خلص سبوح ...؟!

اقترب منها ببطئ وعيناها ما زالتا تحاصرانها من كل جانب ... وهمس بخفوت ما ان اصبح مشرفاً عليها بقامته:
نزلت ابند الليتات تحت ..

اكمل وهو يتتبع تورد خداها ولمعة عيناها بافتتان: يا بنت ....... شو هالجمال ...؟!

عضت جانب شفتها السفلية بخجل باسم ... وقالت بتغنج وهي تميل نحوه بعفوية:
ويوم شفتني بكامل كشختيه قلتليه نفس الرمسة ..... يعني في الحالتين انا غاوية في نظرك ..؟!


هي أصبحت تعرف منه الإجابة .. خاصةً وبعد ان انتفى السبب الذي يجعلها تعتقد انها قبيحة بنظره ... وانها مكروه لدى قلبه ......

قربها برجولية فجة إليه ... وقال محدقاً بعيناها بقوة/بجوع لا ينتهي: غاوية كيف ما كنتي ... بس الحينه ....

مسد خدها باصبعه مما سبب الا الارتعاش واكمل بأجش: مالج وصف .... ابدددد .....

من فرط خجلها .. خبأت وجهها في صدره .... وظلت صامتة ... صامتة باسمة متوردة الوجنتان حد الصميم ..

قهقه استمتاعاً وهو يشد من احتضانه لها .... وهمس وهو يسند ذقنه على رأسها الرطب ذو الرائحة الربيعية المخدرة للحواس: ياربي .. حتى مستحاج يذبح الوريد ....



ظلا على حالتهما هذه لحظات .. حتى ابعد جسدها قليلاً عنه وسار بها نحو الفراش ....


ما ان غدت مرتمية على صدره .. قالت وهي تحارب بقوة نعاسها: سلطان ...

رد بهمس وهو يلعب بأطراف شعرها: فواده ...

انكمشت بجسدها كقطيطة صغيرة ليزيد هو بحب من احتواءها واحتضانها ....

همست بعدها برقة يشوبها بعض الارتباك:
مرة قلتلي كلام ... آ آ اممم ... مـ ما فهمته ... لا ... يعني مرتين .. آ آ ..

ابتسم سلطان بكسل وقال: شبلاج انزين متروعه ...؟!

ضحكت شما بذات ارتباكها وقالت:لا مب متروعه ... بس يعني آ آ اممم ...

انزل عيناه إليها وقال بمكر لطيف: ايوه ..؟!

اغمضت عيناها فجأة لتقول بسرعة ما في جعبتها: انت صدق كنت تحبني قبل لا تخطبني اول مرة ..؟!

رفع بخفة حاجباً واحداً بسخرية باسمة وقال: وتسألين عقب كل اللي قلتلج إياه ..؟!

رفعت رأسها نحوه لتقول وهي تنظر نظرة خاطفة لعيناه: لا ... اقصد ... آ آ ... متى ..؟! ..... كيف ..؟!
انت عمرك ما شفتني الا يوم ... آ آ .....


اكمل وهو يرفع جانب شفته بخفة: يوم كنا في الميلس ويا ابوج واخوانج ..

اسبلت اهدابها كارهةً تذكر ذلك اليوم البغيض ... وهمست: هيه ...

رفع ذقنها حتى اجبرها على النظر لعيناه .. وقال بنظرة قوية متسلطة: وما شفت ويهج ... شفت عينج بس ....

هزت رأسها بنظرة غائمة ملؤها الغرام ... وهمست: هيه

أعطاها ابتسامة خافتة .... مُهلكة ..... رجولية حد النخاع .... وقال وهو يتأمل كل تقاطيع وجهها المتورد: ما يسد بنظرج شوفة هالعيون عسب اطيح غمران بعشق راعيته ...؟!

اخفضت عيناها غير قادرة البتة على مجاراة غزله الجميل ... وقالت بصوت مدلل حريري: سلطااااان ...

قهقه سلطان بخفوت .... وقال وهو يرفع رأسه نحو السقف بعفوية: تبين الصدق ولا ولد عمه ..؟!

رفعت رأسها متأملةً ذقنه الخشنة بهيام صامت ... وقالت: الصدق اكيد ..

اتسعت ابتسامته ... وعيناه بلا إرادة منه لانت وتغيمت بغيوم الذكريات العبقة .... وهمس بـ صوته الرجولي الخشن: شفتج قبلها بشهور ..... ومن طاحت عينيه عليج دشيتي خاطريه .....

شهقت بـ نعومة ... وقالت مصدومة: شفتتتني ..!! ..... وين ....!!!

انزل عيناه نحوها محافظاً على ذات ابتسامته .. وقال لها بالتفصيل عن ذلك اليوم الذي أتى فيه الى منزلهم ورآى تتغنى انوثةً وغنجاً مع حمامتها البيضاء الحلوة ... الحلوة كـ صاحبتها تماماً .......

وضعت يدها على معدته ورفعت جسدها نصف رفعة حتى غدت مشرفةً عليه من فوق ... وقالت بعينان متسعتان: كيف ما حسيتبك هاك اليوووم ...؟!

لعب بخصلة سقطت على جبهتها هاتفاً ببسمةٍ مغتاظة: انتي كنتي في عالم ثاني ... الحمامة كانت شالة كل أبو فكرج يا حلوة .....

رمقته بمكر انثوي رقيق وقالت: اهااا .. الحينه فهمت السالفة ... انت عرفت نشيدتي اللي احبها لانك سمعتني هاك اليوم انشدها .....

اخذ نفساً عميقاً وهو يشتم خصلة شعرها .. وهمس بعين برّاقة شبه غائمة: هيه ......

صمت لحظات وكأنه يسترجع في ذاكرته صوراً ما .... وابتسم بخفوت هامساً: بس ان يينا للحق .... ينون حبج ما تلبسني الا عقب ما شفت عينج .. وسمعت حسج وهو يرمسني انا من بد كل البشر ....

حدق ببريق مقلتاها الذي يعشق ... واكمل بغرامٍ يبكي المزيد ... والمزيد: من لحظة ما قلتيلي كلمتج اللي عورت فواديه سنين ..

لولوةْ خويدم بن زايد منقايه من الزين وهب كل وقى ايوزلها

اخ يا الفواد ...



جر ذقنها نحوه بعاطفةٍ شرسة مشتعلة وقال ببسمة مرحة مغتاظة تشع امتلاكاً/غيرةً: خبلتيبي وقتها ... خليتي الف شيطان يتلبس روحيه ...
خليتينيه مريضج ومينونج وعويج اعيانج ....


كان صدرها يعلو ويهبط ومقلتاها تصرخان صبابةً حزينة تكاد تبكي ألماً .. ومن غير كلمةٍ واحدة ... أحاطت يدها حول عنقه قبل ان تخبئ وجهها هناك تاركةً لنفسها الإفساح عن بعض ما يجول في خاطرها من ألم الندم ويأس السنين المرير ...


واخذت تقبّله برقة أليمة وتردد بهمس كلماتٍ غرامية خرجت كـ هذيان مرتعش مرتعد تفجر بالحب الخالص/الوجع الطاهر ....


بعد دقائق .. رفعت رأسها ودموع عالقة على اهدابها الداكنة ..


مسح دموعها وهو يجر وجهها نحوه ويقبل عيناها ببطئ حار كـ حرارة عاطفتهما المتقدة ..

عضت شفتها بخجل عاتٍ ... وبعد ان ابتعد قليلاً ..... وضعت كلتا يديها على صدره .. ثم أسندت ذقنها عليهما .... وقالت بخفوت وبنظرة برقت فجأة بالفضول الطفولي:
انزين سلطان .... يوم كنا في آسبن .... قلتلي انك تعرف عني اشيا انا روحي ماعرف عنها .... كيف ..؟!
آ آ أقصد ... يعني كيف تعرف وانا ما كنت حولك ابد .....



هنا .... ابتسم سلطان بافتتان وغموض ... افتتاناً بهذه التي لا تنسي اقل تفاصيل ما يحكيه ... وغموضاً لأنه لن يستطيع ابداً اخبارها بطريقته السرية في معرفته بكل تفاصيلها ......

لا يستطيع اخبارها انه قبل عدة سنوات وبمساعدة بطي .. تمكن من زرع خادمتان تابعتان له داخل منزل خويدم الكبير .. وذلك حرصاً على سلامة جميع العائلة من داخل المنزل بشكل سري ..

وبالطبع فعلته هذه جاءت على اثر تهديدات عديدة من رجال اعمال كبار سيئي السمعة لـ بطي .. تهديدات تطاولته ووصلت بوقاحة الى حدود عائلته ...

لا يستطيع اخبارها ان احدى الخادمات "والتي أصبحت شبه صديقة مقربة من شما" كانت بإعجاب شديد بها ... تنقل له بعفوية كل اخبارها واحوالها وكل تحركاتها ... وحتى ما تملك في المنزل وما تحب فعله في أوقات فراغها ......

كل امرٍ صغير وكبير عنها بلا مبالغة ..... ما كان يجعله يستشيط غضباً/ يشتعل لهيباً من عشقه الذي ابداً لم ينطفئ ولم يخفت اتجاهها ....!






همس وهو يمط شفتيها الى الامام برقة: سر ....

ثم ارخى جسده بسرعة معلناً بحركته انه سينام ... حركته شما بفم مزموم وقالت: سلطاااان ... قوووول ... كيف كنت تعرف كل شي عنيه ....


اصدر صوتاً عفوياً من فمه رافضاً اخبارها بحقيقة الامر تاركاً بسمة استمتاع تتسع فوق تقاطيع وجهه الوسيم ..... وهمس بنبرة خشنة ناعسة بعد ان اغلق عيناه: قلتلج سر .. ويلا خليني ارقد ورايه باجر نشة من غبشة الله ....


رمقته بنصف عين .... ثم أبعدت جسدها عنه وهي تقول بخبث بنات حواء: ان ما قلتليه السالفة ... ما بقولك كيف حبيتك ....


كادت تهرب عندما فتح عيناه ورأت فيهما ذلك البريق الشديد .. بريق آخاذ مفعم بالقوة/المغناطيسية ...... وهمس بأجش:
اهون عليج لولوة ......




رباه ............... ما ان ينطق بهذه الكلمة حتى تشعر ان حصون سيطرتها بأكملها تسقط على روحها/قلبها .......



رغم هذا .. اشاحت بوجهها عنه وهي تقول بدلال باسم: ما تهون عليه .. بس ما يستوي تقولي نص السالفة وما تكملها ... تبا الفضول يذبحني ...؟!


ارخى جسده مرة أخرى وقال وهو يغلق عيناه بمكر: ماشي ... ما يستوي اخبرج ... تبيني تقوليلي قولي .. ما تبين برايج ...

نظرت إليه بذهول مغتاظ ... وقالت: سلطااااااااان ......

ظل مغلق العينان ولم يجب ندائها .... مما تركها تتأمل وجهه لـ دقائق طويلة .... وانقلب غيظها في هذه الدقائق لـ شيء فاق معاني الهيام .... والغرام ..... والانبهار ..........



يالله ... كم هو وسيم ...... وكم تعذبها وسامته ورجولته الكاسحة ...........


تنهدت بحب .... وبلا شعور .... عادت تسند جسدها فوق صدره .... وتقول له وهي تمشط بدعجاء عيناها كل انش من ملامحه:
حبيتك قبل ما تشوفني بسنة ......


ظل مغلق العينان ساكنَ الملامح/الجسد رغم صاعقة الصدمة التي حلت على رأسه ... خاف ان فتح عيناه تمتنعع عن الكلام .. وهو ابداً لا يريدها ان تصمت ....

يريدها ان تتكلم ... وتتكلم .... حتى الى مالا نهاية ...........



واخذت تقص عليه ذلك اليوم الذي اتى فيه مع بطي الى منزلهم .... وكيف انها ومن شدة الخوف والارتباك اختبأت بين الأشجار تعاني حرارة الصيف الحارة ...... وكيف انها وبنظرة واحدة إليه .... سقط قلبها ضحية هيبة حضوره وجاذبيته المدمرة ......



بعد ان انتهت ... رفعت جسدها .. وقبلت عارضه برقة وهي تهمس قربه بعاطفةٍ جياشة: ادريبك سمعت كل حايه قلتها ... بطّل عينك وخبرني انك تحبني ......


فتح عيناه .... الا انه لم يتفوه بها ...... لقد تفوه بها حقاً سابقاً ولمرات عديدة ..... الا ان هذه المرة اوصلها لمحبوبتها بالافعال ..... لا الكلمات .........



.
.
.
.
.
.
.



دخلت الجناح الملكي بتعثر ... ساقٍ تتراجع للخلف ذعراً وساقٍ ثانية تتقدم بـ جرأة مزيفة تماماً ....


ما ان اصبحت وسط المكان .... شعرت بـ البرد ينهش عظامها .... مستشعرةً بيقظة شديدة الوجوم من هذا الذي ما زال لم ينطق بكلمة واحدة لها ..... ولم ينظر إليها البتة ..... وتشك بحقيقة انه رآها على الكوشة عندما زُف إليها الليلة ....


تمالكت شجاعتها بقوة .... والتفتت نحو الباب ما ان سمعت صوت انغلاقه .......

بـ اهدابها الطويلة المسبلة .... ووجهها المتورد المتوتر كلياً .... وثغرها المرتعش المُلون بـ احمرار دم الغزال ....

حركت شفتاها لتقول كلمةٍ ما ... أي كلمة ... فقط لتكسر الصمت المريب الباعث للقشعريرة ......



الا ان الصفعة التي أتتها على حين بغتة ........... أوقفت شفتاها حد التصنم التام .....!!!!


صفعة جعلتها تطير بجسدها الصغير .. وتسقط على اقرب كرسي خلفها .........




: ان فتحتي ثمج يالوصخه وقلتي كلمة وحده بييج صطار غيره ...... تسمعين ..؟!






نهــــاية الجــــزء التــــاسع والخمســــون



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 22-06-16, 09:38 AM   #64

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



طبعاً آسفة حبايبي ع التأخير ... بس كنت اعدل البارت ع السريع ....


بارت اليوم دسسسسم دسسسسسم دسسسسسم ... ابا تعليقات دسمة شرات دسامة البارت هههههههههههههه



قراءة ممتعة




.
.




(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)







الجــــزء الستــــون



،



أحبك لأنك ساخر

من كل شيء بادئاً بنفسك

أحبك لأن عينيك تكذبانك

وتصدقهما ولا تقلعهما

أحبك لأنك غجري الترحال المستقر،

لأنك القصائد وقد تقمصت طفولة متوحشة

لأن جسدك الحار قرين الإعصار

أحبك لأنني أحبك، وقلبي يحدّثني بأنك متلفي/ روحي

فداك عرفت أم لم تعرف

أدور حول أسوارك وقد جئت أطلب ناراً واليت مشتعل،

وشكوكك تتدلى أعلاماً محروقة على حصونك

آه كيف يهطل الشك المبرر من عينيك وأن أفتش في جسدك

الحصين عن موزاييك زجاجي ملون .. أكسره وأصرخ عبره إلى

قاعك وأقول إنني أحبك حقاً دون أن أكذب كثيراً

ولكن، حسناً تفعل حين ترفع جسورك وتغلق نوافذك وتفخّخ

شرفاتك

فلعلّي أحبك كما أَحبَّ حصان طروادة خديعته !



لـ غادة السمان



،



تمالكت شجاعتها بقوة .... والتفتت نحو الباب ما ان سمعت صوت انغلاقه .......

بـ اهدابها الطويلة المسبلة .... ووجهها المتورد المتوتر كلياً .... وثغرها المرتعش المُلون بـ احمرار دم الغزال ....

حركت شفتاها لتقول كلمةٍ ما ... أي كلمة ... فقط لتكسر الصمت المريب الباعث للقشعريرة ......


الا ان الصفعة التي أتتها على حين بغتة ........... أوقفت شفتاها حد التصنم التام .....!!!!

صفعة جعلتها تطير بجسدها الصغير .. وتسقط على اقرب كرسي خلفها .........


: ان فتحتي ثمج يالوصخه وقلتي كلمة وحده بييج صطار غيره ...... تسمعين ..؟!



لم تسمع ما قاله بوضوح .... الصفعة افقدتها التركيز التام "مع السمع/البصر" حد اللامعقول .......!


حتى عندما اشاح بجسده الذي يشع منه شرارات الرعب .... والغضب .... لم تلاحظ هذا ....

حتى عندما فتح الباب بحدة وصفقه ورائه بعنف ...... لم تلاحظ هذا .....!

ظلت على حالتها تلك .. ممسكةً خدها بجمود ... وبدموع ابت ان تسقط .. ليس انفةً او عزة نفس ..... بل ذهولاً فظيعاً سبب الشلل التام في كل أطرافها وحواسها ........



بعد دقائق طويلة ..... انزلت يدها ببطئ .. ورمقت باطنها بعقل غائم/متخبط .......



ما الذي حدث لها بالضبط .....؟!

أحقاً ذلك الانسان ................. قد قام بصفعها .......!!

لكن ......... لكن يالله ... لمَ .......!!!



بوجهها الجامد .. وبنظرة عيناها الضائعة ... وقفت بعد جهد جهيد .... بعد ان حاربت بقوة الألم النابض في جسدها كله وفيظهرها على وجه التحديد .. حيث ان اول شيء فيها ارتطم بالكرسي هو ظهرها ..... ولا تستطيع وصف وجعها الفظيع منه .....


الا ان وجعها الفظيع .. كان لم يتجاوز بعد حدود فظاعة ذهولها الأليم بفعلته ..........!!!!

مرهقة ... ومصدومة ... ومتعبة .... وقبل كل شيء .... هي مذعورة بشدة حد انها لا تعرف "تستخرج ردة الفعل المناسب للموقف المريع" ....


من غير احساسٍ منها ... قررت الدخول الى الحمام لنزع لباسها الفخم ومسح زينتها الثقيلة من وجهها .....

لبست بيجامة حريرية بيضاء وخرجت .. لتجد الغرفة كما هي .. خاوية الا منها هي .....

تاهت عيناها بخوف وقلق حولها ....

رباه ......... حتى دموعها تأبى الخروج ذعراً وصدمةً مما حصل .....

لكن ..... لكن لم قام بصفعها ...!!



لا ارادياً .... ذهبت لزاوية الغرفة وهي تتعثر بخطواتها ... جلست على الأرض وكمشت جسدها المرتعش حول نفسها .... وظلت تحدّق بالباب برعب مترقب .....


مرت الدقائق عليها كالدهر .... وبلا شعور ... وضعت ابهامها داخل فمها ... وغرقت في نوم عميق ملؤه الربكة .. والذعر ... والتخبط ....



.
.
.
.
.
.
.



هتفت ببرود مستهزء اخفت خلفه توجسها/قلقها: خير ابويه ... وين تبا ...!!
لا يكون هنيه بقضي شهر البصل ....!!!



لم يجبها .......... كما فعل طول الطريق الطويل من العين ..... الى الله اعلم ....!!!!

لكنها ومن لوحات الشوارع العلوية .. ومن الصحراء الظلماء التي تحوم حولهما من كل جانب ... استشفت ان المنطقة تقع في المنطقة الشمالية من البلاد .... وانهم في منطقة نائية الآن ولا يوجد بالتأكيد الا الجن حولهما ....


اتسعت عيناها بريبة .. ونظرت مرة أخرى للبوابة القديمة المتهالكة امامها والتي على ما يبدو تابعة لمزرعةٍ ما ....!!!

وسرعان ما استوعبت الامر .....!!




هدرت من بين اسنانها: تبطي السااااع ... والله ما اطب هالمكااااان ..

برقت عيناه بـ شيطنة مخيفة رامقاً إياه بنظرة خاطفة ... ثم حوّل ناظريه الى الامام قبل ان يضغط على زمور السيارة

حصة بغضب عاصف من تجاهله وصمته الذي اصبح مخيفاً: يااااا انننننت ....


قاطعها خروج رجل ضخم من خلف الباب فجأة ...... ارتعبت من هيئته المخيفة وتراجعت بعفوية حتى أسندت ظهرها على المقعد ....

تحرك فلاح بالسيارة وعبر بوابة المزرعة القديمة بهدوء تام ....

الظلام حولهما بدأ يشتد ... خاصةً وان معظم الاضاءات المنتشرة فوق سور المزرعة لا تعمل ...!!!!


تمكنت .. بمساعدة اضاءة السيارة الامامية ... من رؤية المنزل الصغير القابع في منتصف المزرعة الضخمة .... اجل كانت مزرعة ضخمة وكأن لا نهاية لها ....

ما ان توقف فلاح امام باب المنزل ... حتى انكمشت على نفسها بحركة دفاعية وقالت من بين شرار عيناها:
ما بدش هالمكان لو تمووووت .....

اتاها صوته جامداً .. ساخراً نوعاً ما: بسم الله علي ... يعله في اللي يكرهني ....

اغلق محرك السيارة وهو يقول بفظاظة: يلا وعن المصاخة .. قذيتينا ....

صرخت بأعلى صوت لديها: قلتلك ما بدششش هالمكان لو تموووووت ...

فتح بابه ورد بنظرةٍ تبرق خبثاً: يعني تبين اتمين هنيه طول الليل ..؟! في هالظلمة وبين الجلاب والذيابه والxxxxب ..؟!

كبحت شهقتها المرتعبة بقوةٍ مجنونة .. وقالت من بين اسنانها: الجلاب والذيابه والxxxxب اهون عنننننك .... قلت ما بدش هالمكاااان يعني ما بدددددشه ......

رفع كلتا حاجباه ببراءة مصطنعة ... ثم هز كتفيه ببرود ... وقال قبل ان يغلق بابه: كيفج .. عاد تحملي اللي بييج عقب ....

ما ان اغلق بابه حتى اخذت تبحث عن حقيبتها التي ولا بد ان والدتها وضعت هاتفها داخلها ...

التفتت للخلف بجسدها ... بصعوبة بالطبع حيث ان فستان الزفاف كان له النصيب الأكبر من ثقلها/سلبها مرونتها ...

وبحثت بعيناها ..... الا انها لم تجد شيئاً .. لا هاتفها ولا حتى حقيبتها ......



تباً ..... أتكون والدتها قد وضعت حقيبتها داخل الحقيبة الكبيرة ...؟!



تسمرت بمكانها فجأة ما ان وصل مسامعها عويل ذئب آتٍ من بعيد ....



إلهي ....... لم يكن يكذب ذلك المقيت اذا بخصوص الذئاب والxxxxب .....!!!



رغم هذا ... جمعت كل قواها العصبية وعدلت من وضعية المقعد حتى تتمكن من الجلوس بشكل مسترخي واراحة ظهرها بعد عناء وتصلب دام ساعات ....

الا ان استرخائها لم يخفف خوفها وتوترها ابداً ....



ذلك الحقير ..... أأخذني من بيت اهل كي يذلني ويتركني نائمةً في العراء هكذا ....!!!!



عضت على شفتها الملونة بـ لون وردي مائل للبنفسج اعطى لـ جمالها حيويةً .. وانتعاشاً ... ومكراً حلوَ المذاق ..



لا .... لن أكون ابنة عبدالله ان تركته يتلذذ بإثارة اعصابي وايذائي ....

هيا حصة ... يجب ان تسيطري على اعصابك اكثر بوجوده ولا تدعيه يستفزك بحركاته البغيضة ....



زفرت بقوة وكأنها بهذا تبث فيها حزمة جديدة من القوة والعزم والثبات .....

ثم أسندت رأسها على ظهر المقعد .... وأغلقت عيناها لتنام ...... ضاربةً عرض الحائط انزعاجها العارم من ثقل فستانها وزينة وجهها وكل شيء حولها ....



.
.
.
.
.
.
.



كان حارب يسند جسده الممشوق على مقدمة سيارته شابكاً ساعداه حول صدره ويبتسم بشرود على المنظر امامه ..

نهيان ابن خاله داخل سيارته وبجواره صديقه ناصر ... وحامد صديق الشباب واحد احفاد ابن خال خويدم الكبير والذي هو الآخر في سيارته ... متجاوران فوق اسفلت الشارع العام استعداداً لسباق اقترحه حامد على نهيان متحدياً إياه بعد انتهاء زفاف فلاح وحمد منذ سويعات ..

والحكم كان شقيق حامد "عبدالله" الذي وقف تماماً فوق منتصف الشارع العام ... بين السيارتان ...

صاح عبدالله وبسمةً مشاكسة تشق تقاطيع وجهه في ظلمة الليل الدامس الا من انارات الشارع العام الواسع: مستعديييييين

صرخ ذياب الواقف على قارعة الطريق قرب حارب بقلق متهكم: نهياااان متأكد هالشارع مب مفتوووح ...؟!

دعس نهيان عدة مرات ع دواسة البنزين مصدراً محرك سيارته الثانية ذات الدفع الرباعي صوتاً راعداً عالياً قبل ان يصيح بملامح تنضح بالحماس والنشوة: هييييه متأكككككد


التفت نهيان لـ ناصر واردف بنظرةٍ رجولية شقية: شد بو مشعل شد والله لاخليه يكره الريس وطاريه

ضحك ناصر قبل ان ينزل طرف شماغه ويلفها حول وجهه مغطياً اياه بفوضوية: ههههههههههههههههههههههههه شديت الحزام يلا قول حق عبدالله يبدا العد

صرخ نهيان بعد ان ألقى نظرة واثقة متلاعبة نحو حامد المشتعل بالحماس: عبوود يلااااا

صرخ عبيد الصغير الجالس بشكل مضحك فوق كتفي ذياب: بابااااا يلا وااااااحد اثنييييين ثلااااااااث

ذياب بتقريع لطيف: عبيدان ابويه تقبض زين عن اطييييح

الا ان عبيد المشاغب أخذ يقفز بحماس وسعادة منتظراً فوز والده في السباق

نظر حارب الى ذياب وقال بتعجب: شبلاك متروع ... جنك الا هب ظاري على الريس ...

رد ذياب بجبين متغضن وألف صورة وصورة تدور في مخيلته: هاك اول ... ودرنا الريس من زمان نحن ...

تأمل حارب ذياب وغموض كلماته المبطنة بوجع صافٍ لا تشوبه شائبة .....



وعلم بالضبط متى كان "الزمان" ذاك .....!!

ويعلم بالضبط سبب تخلي الاخير عن كل امر طائش كان يخص "الزمان" ذاك ......!!



ذياب بالمختصر كان يلبس روح عبيد من غير ان يشعر بذلك .....!!

كل ما فيه الآن ويظهر منه كان يصرخ باسم عبيد


كل شيء .....!!

جسده فقط من يظهر هويته الحقيقية .... لكن روحه .... طباعه التي تغيرت ... نظراته القلقة ... حنانه ... أفكاره ... عقله ... نبضاته ... كلها بلا مبالغة كانت تظهر هوية عبيد ....!





صرخ الحكم: وااااااااااااحد

اثنييييييييييين

ثلااااااااااااااااااااااا اااااث





وانطلق الشابان وهدير سياراتهم العالية تسبقهما بجنون .....

بعد دقيقتان محمومتان بالحماس والصياح والهتافات التشجيعية ... انتهى السباق بفوز نهيان ...

صرخ عبيد ببهجة لا حصر لها واخذ يتململ فوق كتفي ذياب لينزله ارضاً ويذهب الى والده ...

خرج نهيان من سيارته وهو يقهقه برجولية حلوة بينما أعطاه ناصر ابتسامة متهكمة وهو يقول: مبروك يالمجنون .. احسن مافي الموضوع كله اني طلعت من هالريس حي ...

اتاهم حارب وهو يضحك بخفوت وهتف لـ ناصر بمداعبة: اشلك يا ريال بـ خبال نهيان .. لو راد لـ عيالك دبي اخيرلك

ناصر: ايه والله صاج يالحربي

ضرب كتف نهيان بخشونة واردف: بس هذا الشيطان قص علي ..


اتاهم حامد وهو يبتسم بمرح: مبروك بوعبيد .. غلبتنا للأسف هههههههههههههه

نهيان: هههههههههههههههههههه تعيش وتاكل غيرها بوعلاوي

رفع يداه وهو يقول: لا خلاص الظاهر بنعتزل بسبتك يا وحش



بعد بضعة دقائق ...انصرف الجميع ولم يبقَ على قارعة الطريق سوى حارب ونهيان وذياب الذي حمل عبيد النائم ووضعه داخله سيارة والده

قال حارب بحنان: جان خليته يرد ويه يده

نهيان: ما طاع .. حاولت فيه وعمته حاولت فيه بس هو عزّر الا يرد ويايه ..

حارب: حليله .. رقد من التعب

صاح نهيان: الذيب .. ما عليك اماره ظهر الحطب من الدبة في خاطريه اشب ضو

حارب بذهول: الحينه ...!! وفي هالحر والرطوبة ...!!

نهيان بمداعبة: وابويه عليك ولد لندن .. من استوينا وجونا حر ورطوبة شو الايديد ...!!

حارب بجدية: نهيان الحينه ليل .. استهد بالله ورد انت وولدك دبي .. المسكين راقد يباا شبريته

رفع نهيان انفه بغطرسة مسرحية: خل يتعود على الشقا ورقدة الخلا شرات ابوه .. اربيه انا اربيه ...

غمغم حارب ببسمةٍ حانقة: امحق تربية بس


عاد ذياب وهو يضع الحطب على الرمال قبل ان يعتدل واقفاً ويقول: دام بتمون شويه هنيه .. عيل بسير الدكان اييب عصاير وماي ..

نهيان: تمام بو هامل




بعد ربع ساعة


خرج ذياب من سيارته وهو يبحث عن عصيره ليشربه .... الا انه حواسه قد تصنمت كلياً وهو يسمع الحوار الخافت بين نهيان وحارب





حارب: منو اللي يباها ..؟

نهيان: تعرف عبدالرحمن ربيع فلاح ..؟

حارب: هيه جني

نهيان: اخوه يباها .... ويباها يقول لو انها ما ترمس ...ما عنده خلاف الريال

حارب بخشونة تخللها استغراب: وهو شحقه يبا وحده تعبانه وما تروم ترمس ..؟

هز نهيان كتفيه ورد: مادريبه .. الظاهر هو ماشي ورا شور امه ومديحها للبنية

غضب حارب: وامه وين شافت ختيه أصلا ..!!

نهيان محاولاَ تهدئته: قلت الظاهر الظاهر هب متأكد .. وبعدين تعال .. حتى لو امه شافتها شو فيها ..!!
كل البنيات يعرسن جيه .. وهو ما بيخطب اختك الا انه سمع طاريها من امه او من اخته





كان يسمع الحوار بخفقاتٍ تتراقص على صفيح الغضب الملتهب

غضب

قهر

غيرة

ألم

وكل شيء يحمل في طياته المرارة الصرفة ......






: نهيان .. ختيه مول هب في حالة تروم فيها تعرس وتكون مسؤولة عن حقوق ريل وعيال ... موزة تعبانه وانت اكثر واحد تعرف حساسية وضعها واللي تمر به من وفاة امايه الله يرحمها ..

نهيان بـ جدية: حارب يا خويه ... انتو شحقه موقفين حياة البنية على صوتها .. يمكن مع الريل والعيال تتحسن نفسيتها وايد وتتشافى بإذن الله من اللي هي فيه ..

هز حارب رأسه باعتراض: لا ... انا لو موقف حياة ختيه على صوتها جان ما حنيت عليها كل يوم تكمل دراستها ..

ولو موقف حياتها الحينه على قولتك .. فـ انا ما بحركها الا للدرب الصحيح .. اباها تدرس وترد موزة الاولانية عقب تعرس وتشوف حياتها الثانية مع اللي يقدرها ويعرف جيمتها ..

هز نهيان كتفيه وقال: والله ماعرف شو أقول .. انت اخوها وانت اكثر واحد تعرف مصلحتها .. ربي يشافيها ويعافيها ..

تنهد حارب قبل ان يقول: اللهم آمين يا رب العالمين


أضاف وهو يحدق بالخواء: تصدق .. حطيته في خاطري ..

نهيان بتعجب: شو هو ..؟!

حارب: هههههههههههههههههه الريس

وقف وهو يقول بنظرة تبرق بالمكر والشغب الحلو: شو الراي ولد الخال ..؟!

نهيان: ههههههههههههههه لا لا ابويه منهد حيلي مابا .. من غبشة الله ناش ومب راقد ولا دقيقة وحدة .. بشل ولديه ونويّه جدا دار بوراشد علني افداه ..

حارب باعتراض حانق: يلا عاده نهيان .. دقيقتين بس ..

تثائب نهيان بصوت عالي وقال بعينان تلمعان بدموع النعاس: لا لا مابا خل الذيب يرايس وياك ...

حارب: صك حلجك انزين بلعتنا وياك

دفعه نهيان بشكل فج وقال وهو ينزع عن رأسه شماغه ويضعها على كتفه بإهمال: يلا سي يو ..

ما ان لمح ذياب حتى قال له بعفوية: يلا الذيب راد دبي انا .. شي في الخاطر خوي شما ..؟!

ذياب بملامح مظلمة لا إحساس فيها سوى إحساس "الجمود": سلامة راسك الحبيب .. هالله هالله بالدرب ورد السلام على يديه نهيان وعميه عبيد ...

نهيان: سلامن يوصل ان شاء الله ... في امان الله

حارب/ذياب: في امان الكريم



ذهب نهيان ليترك الشابان ينظران لبعضهما بشكل مريب .. الأكبر بخبث ضاحك ... والثاني بغموض شديد العتمة ...

حارب: تفكر باللي افكر به ...

ذياب: هيه ...

حارب باستغراب من ان ذياب قد وافق على السباق من غير اعتراض او استهجان: غريبة .. توك كنت معصب من نهيان على سبة الريس .. شو اللي غيّر رايك ...

ذياب: ما نبا نخليها في خاطرك بومحمد ...

اتسعت ابتسامة حارب الصبيانية وقال وهو يتحرك باتجاه سيارته: يلا عيل .. والفايز يطلب اللي يباه

اوقفه ذياب بأن قال بغموض: اللي يباه ...!!!

حارب بثقة عالية: اللي يباااااااه


وبدأ السباق بعد ان عد حارب العد التنازلي ...

لم يستمر السباق دقيقتان ... بل اكثر .... وتخطو نقطة النهاية المرسومة واكملوا سباقهم في الشارع الطويل الذي على ما يبدو سيكون معدوم الانارة في النهاية لحداثته ....

اتصل ذياب بـ حارب ... وقال له بنظرة تلمع بالاصرار/الغضب ..... والامتلاك: حارب الشارع ها بيدخلنا في رملة وما بيكون شي ليتات .... تكمل ......!

حارب: اكمل افا عليك ...

ذياب: آخر الرملة بندخل صوب الشارع الجانبي اللي يودي على البيوت الشعبية .... اللي يوصل هالشارع اول هو الفايز

حارب: تمااام


وارتفعت حرارة السباق .. واخذ الاثنان يظهران كل مهاراتهما في السواقة .. السيارتان ترتفعان مع الرمال الكثيفة وتنخفضان مع المنحدرات الخطرة ..

كل واحد منهما يريد الفوز ... فقط لغايةٍ في نفس يعقوب .... لا لغايةِ الفوز ذاته .....!


بعد عشر دقائق .... وفي الدقيقة العاشرة وخمس ثواني بالضبط ....

كانت سيارة ذياب تتخطى سيارة حارب بمسافة قصيرة جداً ... ولم تتوقف الا بعد ان قفزت من الطريق البري الى الطريق المعبد ....



توقف حارب قرب ذياب .... وقال بتكشيرة شريرة بعد ان انزل نافذته: غلبتنا يالـ ....


(ذكر حارب اسم قبيلة ذياب)


رمقه ذياب بقوة وهو بالكاد يستطيع السيطرة على أنفاسه المتلاحقة التي اعاقت مجرى تنفسه بسبب هيجانه وغضبه وارتباكه منذ بداية السباق ..... وقال بعد ان تنحنح بخشونة: ما تنغلب الا واقف وشامخ يالخوي ..




خرج الاثنان من سيارتيهما .... ليقول حارب بنظرة مشاكسة: يلا اطلب .. شو تبا ...!!

فجأة ... مد ذياب يده نحو حارب ... والذي اخذ يرمقها بغرابة واستفهام لعدة ثواني ... الى ان استوعب الامر ومد يده في المقابل ...

ما ان لمس يده .. حتى قبضها ذياب بقوة ليجره اتجاهه بحركةٍ مباغتة ويقول له من بين اسنانه بمشاعر ........... "شرسة حد الصميم": أبا اختك .... ترمس ما ترمس ابااهااا ... تدرس ما تدرس اباااهاااا ...

قبض على شارب حارب هادراً بعنفوان/انفعال غريبان يرعشان نابض الذي لا نابض له: وعلى ايد راعي هالشارب باخذها بحول الله ...



.
.
.
.
.
.
.



قبل آذان الفجر بساعة ونصف



: آه ......



وضعت يدها على رقبتها شاعرةً بلهيب يشتعل فيها ........ وكأن .....
وكأن احدهم قد نزع شيئاً صلباً منها بعنف ......



فتحت عيناها المنتفختان الذابلتان ... وتشوشت نظرتها على الجاثي على ركبةٍ واحد امامها .....

الا ان الرؤية امام نظرتها المُشوشة قد اتضحت .... ما ان سقطت عيناها على العقد المتدلي بين أصابعه .......

جفلت بعنف وهي تلصق ظهرها على الحائط بهلع ......



هذا ..... هذا العقد الذي لبسته لأجله ... العقد الذي كان اجمل هدية أُهديَت لي من يوم ولادتها .... والذي لم تخلعه حتى الآن لأجل ان تفي بوعدها له .....

لكنه نزعه قبل ان ترى ضياء السعادة بمقلتاه .......



تجمعت الدموع بعيناها وهي تتحس رقبتها بألم ..... لمّ نزعه مني بهذا الشكل الهمجي ......

كتمت شهقة وهي تنظر لابهامها ...... رباه ....... أتراه رآني وانا امص ابهامي كالخرقاء ...!!!!

لا ..... الا هذا الامر يالله .... الا هذا الامر .........



نظرته كانت داكنة ..... غامضة ..... مخيفة ..... جامدة ..... مما زاد من انكماشة جسدها وتلاصقه على الحائط خلفها ....



: ا ا انت ... ليش جيه تـ تسوي فـ فيه ....!!! ا ا انااا شـ شوو سـ سـويـ......



شهقت بحدة ما ان امسك بشعرها المنسدل على وجهها وكتفيها بوحشية "باردة كالصقيع" ... وقال بصوت كالفحيح من بين عيناه الجامدتان/المرعبتان: انا شو قلت ...؟!


قربها منه وهي يشد من قبضته على شعرها تحت وطأة تأوهاتها ودموعها التي انبثقت فجأة .... واكمل:
قلت ان فتحتي ثمج ورمستي بييج صطار ثاني ........ تبين صطار ....!!!



اخذت تشهق كالأطفال بدموعها محاولةً بفشل تغطية وجهها هلعاً منه .....



فجأة ..... تركها ....... كيف ولماذا .... لا تعرف .... لكنها حمدت الله انه ابتعد عنها .... على الأقل كي تتمكن من استرداد أنفاسها الهاربة .....


رفعت عيناها الحمراوتان نحوه .. ورأت نظرته المظلمة/المحتقرة إليها .... وسمعته يقول وهو يتأملها من رأسها لقدميها بازدراء قاني: ما تستاهلينه .... ها مصيره الزبالة لانه لمس انسانة قذرة شراتج ......



اتسعت عيناها ألماً/ذهولاً ......

ما الذي يتفوه به هذا المخلوق بحق الله ........!!!!!




خرج تاركاً إياها تلعق ألم صدمتها وقلبها الذي لم يعد يستوعب ما يجيش به من نيران .....

وفجأة ... لم تعرف كيف اتتها الشجاعة للوقوف ... والسير خلفه .... على ما يبدو .. فـ جينات خويدم بدت تتوهج داخل عروقها .....


فتحت الباب وهي تهتف بانفعال متلعثم .. متعثر .. راجيةً الله سبحانه ان لا تخونانها ساقاها وتسقط امامه: ا ا اننت .. ليش جيه تسوي فيه ....!!!! ا ا ا اانننت بأي حق تصفعني وتضربننني ..!!! بأي حققق .....!!!!
انا ..... اناااا شو سويييت ..؟! خبرني شو سويييـ...



ارتطمت فجأة بزاوية طاولة كانت امامها ولم ترها .. الارتطام اتى في فخذها .. ومن قوته .. شعرت ميرة بسريان كهرباء مجنونة على كامل جسدها منه ...... شهقت بعنف وسقطت على الأرض .... وانخرطت في بكاء حاد مرير .... بكاء كان سببه اكثر من مجرد ارتطام ... واكثر من مجرد ألم جسدي ........



الرعب الذي لازمها طيلة البارحة ..

الصفعة المدوية ..

كرامتها التي لأول مرة تذوق مرارة فقدها ..

نومها في الأرض ..

كوابيسها التي لم تتركها في هناء ..

نزعه العقد من عنقها بوحشية خادشاً قبل عنقها ... قلبها الصغير ..

ضربه لها وكأنها بهيمة سائبة ..

نعته إياها بأشنع الالفاظ والكلمات ..



رباه ........... كل هذا حدث لها في سويعات فقط ......... وممن .....!!!

من عريسها ..... عريسها الذي عاهدت نفسها ان تعطيه عاطفتها بروحها وكيانها وكلها .. بل في الحقيقة .... هي اعطته وانتهت ..... احبته ....

بكل جوارحها احبته ......

لمَ هو الآن يشعرها انه ليس بـ "هو" .....!!! انه ليس الشخص الذي "كان" .... والذي رغبت "ان يكون" طيلة عمرها معه ...!!!!

لمَ ...!!!!




من بين شهقاتها ... ودموعها التي محت الرؤية امام عيناها وجعلتها ضبابية مشوشة كلياً ... رأت خيال جسده يقترب منها ببطئ ... بتروي مريب ....



هي .. ولأنها غدت لا تعرف حقيقةً الرجل الذي يسمى الآن زوجها .... تراجعت الى الخلف بعنف وهي تصيح بانفعال شبه هستيري: لااا .. لاا تقرب ... لاا تقرب ... اباااا .. أبا ارد عن هليه .. رر .. رددني عندهم .... مابا اتم وياااااك .....


جثى على ركبةٍ واحدة امامها مسنداً ذراعاً عليها بحركة تنبأ الناظر ان نوايا هذا الشخص إجرامية بحتة ....

الا ان الاجرامية كانت ابعد عما يشعر به "الآن" ........ عض باطن شفته السفلية ليقتل ضعفه امام منظرها الباكي المزري .... امام شهقاتها وتوسلاتها ورعبها ......


ضعف سرعان ما اختفى ما ان تذكر صورها الكثيرة المقرفة في ذلك المغلف ... ما ان تذكر انها ليست اكثر من انسانة كاذبة مدعية حقيرة .......


دفع رأسها بأصبعه هاتفاً باحتقار بالغ تفجر منه الحقد: جني عاده بصدق هالصياح الماصخ ... نشي نشي عن هالحركات الغبية ....


وقف وهو يكمل ناظراً نحوها من علو اشتعل بالسخرية/الكره: لا واسمعوا .. تقول ردني عن هليه .. ابويه انا ما اتشرف من الأساس اخذ وحده وراها مصايب خايسة من هلها .. لولا الملامة جان خليتج عند هلج البارحة وافتكيت من غثاج .. شو أبا في وحده شراتج ..؟!



رباه ......... لقد تمادى .... تمادى حد البشاعة/القرف .........



بعقلٍ ثمل تحت وطأة كلماته الصادمة الشنيعة المريعة ..... امسكت بصحن الكريستال الموضوع فوق الطاولة بقربها ورمته بأعتى قوة لديها نحو زاوية غرفة الجلوس ....... قبل ان تصرخ بمقلتان حمراوان تتوهجان بالغضب التام:
ما اسمححححلك ترمسني جيييه ... ما اسمحلك ابداااا تسبني وتقول فيه كل هالكلام الوووصخ ..... ما اسمححححلك ... تسمعنننني ....!!!
منو انت أصلا عسب ترمسسسني جيييه ....!! .... منوو انت عسب تمد ايدك عليه وتضربني وترمسني جني حيووووانة عندك ....!!!
ردددني عند هليه الحيييين ... الحييين أبا اردددد .. مابااا اتم وياك دقييييقه وحددده .....



قالت جملتها الأخيرة وهي تغمض عيناها بقوة وكل تقاطيع وجهها تتشنج حد النخاع .....



حل صمتٌ جاف شديدَ الكهرباء/التوتر .. اعتقدت فيه انها قد فقدت صوتها من شدة الصراخ .....



ما زال جسدها يرتعش انفعالاً عاصفاً ..... الا ان ارتعاشها قد سكن فجأة ما ان سقطت فوق حضنها صور كثيرة ...
كثيرة حد ان عقلها الغائب من اثر الوجع/الاضطراب العاصفان لم يجد الوقت لعدهم ......



: تبين تردين بيت ابوج ..؟! فالج طيب .... بس ما اطبين بيتكم يلين ما يشوف ابوج هالصور الغاوية ويعرف بالضبط شو من البنيات مربي .... شرايج ..؟!


امسكت إحدى الصور بيدٍ منتفضة ... وما ان حدّقت بها .. حتى وضعت يدها الأخرى فوق فمها بصدمة .....


الصورة التي بين يديها كانت نسخة أخرى من الصورة التي اُرسلت لها من ذلك الرجل الحقير ... الذي ظل يلاحقها شهوراً ...
اما ما اكتفت برؤيته "بتصنم" عن بعد ... فـ كانت اغلبها صور مكشوفة الشعر ... اما تمشي .. او قرب النافذة ... او على الفراش نائمة ونور الشمس القوية تسطع فوق تقاطيع وجهها المستكين ....!!!!!

اغلب الصور مكتوب عليها كلام جريء بشع وقح لا يتحمله من يحمل في رأسه النخوة ابداً ....!!


لكن .......... لكن هذا ليس منزلها ... وهذه ليست غرفتها ........



رفعت انظارها إليه بعينان ذبلتا من الدموع .... وقالت بحشرجة: شـ .... شـ شو هالصور ...؟!


رفع كلتا حاجباه بسخرية مرعبة ... وقال مكرراً ما قالته: شو هالصور ..؟! ماشي والله فديتج هاي الظاهر جلسة تصوير على مستوى عالي ...


اسودت عيناه حتى غدتا كـ روحه السوداء .... واردف بصوت كـ فحيح الافعى: ها ما قلتي .... شرايج ابوج يشوف هالصور .... الله ايعينه عاده لو يته السكته منهن ....


شهقت برعب من كلماته القاسية الفظيعة ..... وصرخت بغضب عاتي من مقلتاها المحتنقتان بالدموع ... صرخة تنافت تماماً مع الخوف الجاثم فوق صدرها: فال الله ولا فااااالك ... اسمعني ... كل ها ما يهمني .. انا مربايه الحمدلله وما سويت شي غلط ....


صمتت قبل ان تردف بشجاعة مزيفة: هالصور مالها معنى ابد ... ماا ....


ما ان اقترب منها .. حتى انكمشت مرة أخرى على نفسها برعب وقد تلاشت شجاعتها كلياً .. وصاحت بطفولية ملؤها الجزع/الانفعال:
لا تقررررب ..... ان ضربتني والله بدق على ابوووويه والله ........



امسكت برأسها وهي تكمل صياحها المتهدج المبحوح وقد انهارت اعصابها وأصبحت لا تعي ما تتفوه به: هالككككككككلب ماعرف شقى صوووووورني .. قسسسم بالله ماعرف شقى صوووووورني .... والله مافي شي بيييني وبييينه ... ووووالله مافي شييي ..........



كان سيتراجع .... يقسم انه كان سيتراجع متعوذاً بالله من شياطين الغضب ..... الا ان كلماتها الأخيرة كانت كفيلة بإرساء دعائم الغضب .... والقهر ... ولهيب الوجع/الكبرياء فيه ......... كفيلة بشكل مدمر/مؤذي/مُهلك ......


ولم يستوعب انه اخذ عقاله المرمي فوق الاريكة وبدأ يضربها بوحشية انمحت منها الإنسانية ...... الا عندما سقطت مغشياً عليها بين يداه ... والدماء تتصبب من فمها ورأسها ..........!!



.
.
.
.
.
.
.



غضنت جبينها شاعرةً بألم فظيع في معدتها .... تململت بمكانها وهي تحرك رأسها حتى .......


: آآآخ ....



فتحت عيناها الناعستان المنتفختان والرؤية حولها مغبشة ورمادية كلياً الا من تسلل بعض اشعة الشمس الصباحية بين جزيئاتها .....


بعد لحظات طويلة .. تمكنت من صلب ظهرها والجلوس وهي تتحسس قمة رأسها الذي على ما يبدو قد ضرب شيئاً صلباً ..


رباه ..... ألم معدتها فظيع .... هذا غير الوجع الذي يكتسحها في عظامها ورقبتها من طريقة نومها الخاطئة ....



ما ان سقطت عيناها على السجادة القديمة المغبرة ... والجلسة العربية العتيقة البسيطة ... وصوت جهاز التكييف القديم يصدح فوق ارجاء الغرفة الصغيرة عنف/ارتجاج ...


حتى تراجعت شاهقةً بخوف منتفض ....


أين هي بحق الله ...........!!


عندما التفتت ليسارها ... جفلت بتوجس ..


وادركت بعد استيعاب بطيء مشوش .. ان رأسها اصطدم بهذا الشي الغريب .... الحامل الحديدي الذي يستريح عليه بالعادة الصقر ....



صقر ...!!!



وقفت بتعثر وعقلها يحاول استيعاب كيف خرجت من سيارة ذلك البغيض ليلاً وكيف في نهاية المطاف استيقظت في هذا المكان القذر القديم ....


ابتلعت ريقها بـ ارتباك ... وتقدمت نحو الباب المغلق عليها ...

بتردد .... فتحته ببطء .... واخرجت رأسها قليلاً لتنظر للخارج .....


لم تكد تأخذ أنفاسها الهاربة الوجلة .... حتى اتسعت عيناها برعب عاصف وهي تبصر الشبل الصغير الذي يركض نحوها بشكل جنوني سبّب التصنم التام لحواسها/خفقاتها ......

وقبل ان تستوعب انها لابد ان تأخذ ردة فعل مناسبة اتجاه ما رأته ... قفز عليها الشبل قفزة واحدة جعلتها تترنح صارخةً بأعلى صوتٍ اخرجته في يوم .....

من شدة هلعها .... لم تعرف كيف بدأت تناديه بإسمه وهي تبكي بهيجان عارم: فلااااااااااااح .... فلااااااااااااااااااااححح حح .....


ثواني فقط حتى شعرت بثقل الشبل الصغير ينزاح من عليها .....


وصوتٌ انثوي متهكم يهتف فوق رأسها: اوه ماي قااااد ... انتي ليش يخوف ماي بيبي .... نوتي قيرل ....


تراجعت حصة بوجهٍ مخطوف اللون من الرعب ... والصدمة ... والربكة .... وقالت بارتجاف جسدي/روحي وهي تحدّق بـ الشبل والمرأة "ذات الجمال الخارق": شـ شو ها ....!!!
ا ا انا و و .. وييين ...؟!
ا ا انتي مـ منوووه ...؟!



رمقتها المرأة باحتقار شديد .... وقالت بعربيتها المكسرة المتعجرفة: بنت مجنون ما في مك ....
ذس از ماي بيبي يا مجنون ....



حركت احدى حاجبيها بغطرسة وصلت حدود السماء واكملت: وكلو هادا مكان مال هبيبي ... مال ماي هازبند فلاه ....



.
.
.
.
.
.
.



بعد حلول وقت العصر



يعلم انه سيفعل امراً سيتجاوز به الحدود .. الا انه مضطر ... فـ حقاً قد سأم من تعامل احمد البارد "الغريب" معه .. هو شخص لا يؤمن بالالتفاف ولا الهرب .. يكره الهرب من المواجهة حد النخاع ....


منذ ان علم بما فعلته عوشة في الماضي والأفكار تتبلور في دماغه ... الا ان سفرته والاحداث التي مر خلالها حالت بينه وبينه هذه الإفطار فترة من الزمن .... وها قد رجع تطفو فوق سطح دماغه ما ان عاد للوطن واستقر مرة أخرى في منزله ...


لا يعرف أهذه الأفكار محض أوهام او هي بحق تلامس شيئاً من الواقع ..... بشكل ما ..... ربط بين اليوم الذي لاحظ فيه ان احمد قد اصبح غريب التصرفات معه .. وبين اختفاءه طيلة الأيام اللي أعقبت وفاة زوجته ..... ووصل لنتيجة غريبة .. غريبة وانما مشينة بحقه على الدرجة الأولى ....


هل يا ترى كان احمد على علم مسبق بما فعلته زوجته بـ شقيقته ....!!!


هل علم انها كانت مغرومة غراماً مريضاً بـ احدٍ غيره ....!!! به هو ان صدق بالقول .....!!!!


ان صدقت ظنونه .. فـ هل شما هي من اخبرته ..؟!



كان يفكر البارحة بسؤالها عن هذا الامر ... الا انه بغض فكرة ان يعكر صفو لحظاتهما الحلوة .... "الحارة" ... بأحاديث عتيقة وماضي مؤلم لكليهما ....




لا يعرف .. الذي يعرفه انه يريد الحقيقة الآن .... وبالكامل .... ومن احمد شخصياً ....!!!




بلا تفكير .... استل هاتفه واتصل به ....



بعد لحظات ...



: ألو

..

: شحالك بوزايد ..؟!

..

: بخير ربيه يعافيك ...... بوزايد وين بقعتك ..؟!

..

: في البيت ..؟!

..

: انزين شي وراك ..؟! مشغول منيه مناك ..؟!

..

: خلاص ياينك عيل .. دقايق ان شاء الله واكون عندك ...

..

: في وداعة الله ...



.
.
.
.
.
.
.



: حنان



استدارت حنان إليه وقالت بعفوية: هلا


قال باقتضاب شديد لا يظهر ما فيه من مشاعر البتة ..... مشاعر انبثقت منذ اتصال سلطان وطلبه المجيء لمنزله ...... يشعر ان مجيئه خلفه امرٌ لن يعجبه ابداً: زهبي الفوالة ... بومييد ياينا الحينه ....


اومأت برأسها وهمست: ان شاء الله


وقفت لتذهب الى المطبخ .. الا انها سرعان ما نظرت إليه بحيرة ما ان سمعته يقول بذات صوته المقتضب ... الجامد بشكل مريب:
ما يحتاي تسلمين عليه .. خلج داخل ....





تباً ... تمكن من اثارت غضبها بحق .... هذه ثاني مرة يمنعها من السلام على سلطان ... سلطان الذي تعتبره مجرد اخ كبير لا اكثر ...


اشاحت بوجهها وهي تقول بحدة: ما يحتاي تقول .. مبوني ما بحدر اسلم عليه .. تعلمنا من درسنا الاولاني ..


شهقت مذعورة عندما مسك معصمها فجأة وجرها نحوه حتى سقطت في حضنه ..


هتف قريباً من فمها الفاغر بقسوة باردة: هالاسلوب ما يعيبني .. اصطلبي .....


اغلقت فمها بحدة ... واخذت بعيناها تتأمل عيناه بجرأة "دغدغت رجولته حد الصميم" .... زفرت بأنفاس غاضبة صفعت وجهه بنعومة واثارة .... قبل ان تقول من بين اسنانها وهي تمسك ذقنه بشراسة "رقيقة":
عليك عيون تييب العافية وويهك سمح يشرح الصدر بسسس انننننت ...



جرت ذقنه نحوها تحت انظاره المذهولة واكملت بنبرة اشد عنفواناً .. اشد لهيباً ... اشد حرارةً:
انت غرررريب .... مرة تعذبني بدفاااااك ومرة تذبحني ببروووودك ..... اففففففففف ......



ابتعدت عنه عابسة غير آبهة البتة بالذهول الكاسح المرسوم على وجه احمد ... ذهول اختلط معه ربكة ... وتخبط ..... وخفقات مُثارة حد النخاع .....!!!!




بعد لحظات .... تمكن من استرداد أنفاسه الهاربة وتنحنح بخشونة .....




تباً ..... كم هي شرسة ..... شرسة مثيرة يعصى عليه السيطرة على خفقاته بحضرتها وبحضرة الحرارة الفائرة منها .....




وقف ما ان سمع صوت محرك سيارة توقفت امام باب المنزل الخارجي ... وعلم ان سلطان قد وصل ......



.
.
.
.
.
.
.



انزل بعفوية طرف غترته على كتفه ورماها مرة أخرى من خلف عنقه حتى استقرت فوق كتفه الأخرى .... وقال وهو ينظر مباشرةً لعينا احمد رغم شعوره المتصاعد بالحرج والذي اخفاه بمهارة .. حرج طبيعي من الكلام الذي يرغب بالتفوه به:
ماعرف الف وادور يا بوزايد .... ها طبعي واعذرني لو بتشوف اللي بقوله وقاحة وقلة حيا .... يا غير انت هب الاولي ويايه .. وانا ما ارضى موليه اشوفك على هالحاله .. انا حاس انك فاهمني غلط .. او خل نقول شايف شي او سامع شي عنيه وفهمتها عكس اللي هي في الصدق ..



وضع احمد فنجان قهوته وقال وهو يسند ذراعاه على رجلاه بجلسة اقرب للهجوم .. هجوم تخلله تحفز ... توتر .... تخبط ........ وغضب خفي: سلطان شو اللي تبا تقوله بالضبط ....؟!


جلس سلطان ذات جلسة احمد ... المتحفزة الخشنة المتربصة .... وقال وهو يحدّق بعيناه بصقر عيناه: شوف يا خويه .... ما بفكر ابد اتعدى حدودي وياك ... انا بنطق باسم واحد ..... ان شفت في عينك الشي اللي خايف منه ... بسكت وبحلفلك ما افتحلك الطاري مرة ثانية يلين ما ترمس انت روحك باللي فيك ..... وان ما شفت اللي خايف منه ... بـ



قاطعه احمد بحدة بأن وقف وهو يهتف بشراسة: لا



وقف سلطان بدوره وقال وهو يشد من سيطرة نظراته عليه: بعدني ما نطقت الاسم ...



اشاح احمد بوجهه وهدر بعينان تقدحان شرار الغضب العاتي: ولا اباك تنطق به .....



علم سلطان ان حدسه قد صدق ..... ودليله ليس الـ لا فقط .... بل كمية الغضب والجرح والوجع المنتشرين بشكل مهول فوق تقاطيع وجه احمد ......



اومئ برأسه وقال: خلاص .. ان شاء الله .... على العموم عرفت اللي كنت اتريا اسمعه منك .....



نظر إليه بعنف وهدر وقد فقد حقاً اعصابه بشكل "ابغضه/اغضبه": وشو اللي بغيت تسمعه ...؟!



هز سلطان كتفيه وقال: انك كارهني عسب ........



امسكه احمد بتلابيبه وجنون شياطينه تتراقص فوق دماغه بلا رحمة: قلتلك لا تنطططق بإسمهاااااا ... لا تنططططططق ......



ابتسم سلطان له ببرود ... وقال بذكاء: اولاً ما كنت بنطق باسم حد ... ثانياً ... انا ما حددت لو الاسم لـ ريال او حرمة عسب تقول "اسمها" ....!!



شحب وجه احمد وقد علم انه سقط في فخ سلطان شر سقطة ... فك تلابيبه وهو يتراجع ويوليه ظهره .....



زم سلطان فمه وهو يخفض عيناه وكأن عقله يفكر بشيءٍ ما .... ثم رفع عيناه وقال: مثل ما قلتلك يا بوزايد ... ان شفت الشي اللي خايف اشوفه بعينك .. بسكت وما برمس عن اية حاية يلين ما تييني وترمس روحك ...
السموحة ان ضايقتبك ... تظل عزيز وغالي وما يهون علينا نشوفك بهالحالة ......



تحرك خطوات قليلة اتجاه باب المجلس وهو يقول: مع السلامة ...



تسمر بمكانه ما ان اتاه صوته البعيد ..... البعيد عاطفياً لا جسدياً .. بعيد سحيق مظلم حد الصميم:
يعني انت كنت تعرف انها تحبك ..!!!



استدار نحوه وهو يعقد حاجباه بخفة ... نظر له عدة ثواني وكأنه يدرس ما يقول وبالاسلوب الذي يجب بحذر ...... ثم قال بعدها من غير مواربة او خبث: عرفت بس هب من زمان .... هب قبل لا اخذ اختك ...



تمكن من رؤية تصنم جسده والذي تخلله رعشة خفيفة يده ... وعلم ان الذي امامه يعاني الآن ... وبشكل مريع .....!!!



اكمل وهو يقترب منه بحذر: وصدقني .... عرفت بطريقة ما تمنيت اني اشوفها في كوابيسي حتى .....



اشر بأنفه باتجاهه بخفة بحركة عفوية ... واكمل بنظرة متفحصة سوداء: من اللي عرفته ... ومن اللي اشوفه جدامي الحينه .... اقدر اقولك ان اللي فيك بسبتها هي .... واقدر اقولك بعد ... انيه شاك انها سوت فيك اللي افظع من اللي في بالي .....
للأسف واسمحلي على هالكلام ... حرمتك الله يرحمها كانت انسانة مريضة ... ويعلم الله سبحانه انيه ما كنت اعرفها صدق الا عقب الحقايق اللي ظهرتلي عقب .....



تنهد بخفة ..... وأضاف: خل أقول حاية .... انت لو صدق ظان ان بيني وبينها شي .. جان ما ترييت دقيقة وحده عسب تذبحني وبدم بارد ......
بس انت تشوفني بريء .. والدليل انك ما حاولت موليه توقف زواجي من اختك .. او تحاول تحرض هلك عليه وتقنعهم انيه واحد هب كفو عسب اناسبكم .....



زم فمه وهو يتأمل جمود جسد احمد المريب/المُقلق: السؤال هو .... ليش تشوفني بريء ....؟! ليش ما أكون صدق مذنب بنظرك ... انت ما واجهتني عسب تعرف شو صار .....



رفع حاجباً واحداً وهو يمعن النظر بعيناه الغائمتان/الجامدتان .... واكمل: الا اذا هي قالت شي يخليك تحس انيه بريء من مرضها وخبالها ......



رفع عيناه إلى سلطان ..... وظل ينظر إليه بـ سكين نظراته الجامدة المظلمة حد اللامعقول ....



قال بعد صمت بصوته البعيد السحيق: شو الحقايق اللي عرفتها ...؟!



شخر بقسوة بالغة ... واكمل: عرفت انها اللي خلت شما تهينك قبل سنين في ميلسنا بجذبها وحيلها الخبيثة ...؟!



تسمرت نظرة سلطان بصدمة ..... وفكر ...... يبدو ان احمد يعلم اكثر مما يعتقد هو انه يعلم به .....!!!!



الا انه تدارك وضعه ... وتحفزت حواسه ..... وقال بحزم بالغ: هيه نعم ... وعرفت التفاصيل من اختك ... ما برمس عن اللي صار بالضبط وبخلي الخلق للخالق .. اللهم ارحمنا برحمتك .....
وشما انا سامحتها على اللي سوته لان بغض النظر عن حجم الإهانة وكم اويعتني قبل ... هي كانت صغيرة وما تفهم بنوايا وقلوب البشر ....



ابتسم احمد بغضب مرير فظيع وكلماتها ترن بدماغه كـ رنين سوط من الجحيم ....





(.......: تسأليني ليش خذت احمدوووه ..؟!! جيه انا كان عنديه حل غير اني اعرس وافتك من حشرة امااااايه .. !!
هذاك الحقير سافر يوم صارت السالفة ولا طاح الدار الا عقب كم سنة .. كنتي تبيني اترياه لين ما يرد حضرته وعقب اترياه مرة ثانية لين ما يفكر الشيخ انه يسوي فيه خير وياخذني ..!!!!
ما كان فإيديه حيلة .. لو كان عنديه أمل واحد بالميه انه يفكر فيه كـ حرمة وحبيبة والله ما خذت احمدوه ولا فكرت اودر بوظبي واسير العين ..)

(.......: ولا كنت بفكر اييب عيال امنه .. زيود وسعود غلطة والحمدلله رمت اعق اللي عقبهم بليا علم حد ..)





خرج من الذكرى وهو يبصق كلماته بصقاً: رداً على سؤالك ... انيه ليش اشوفك بريء ..!!!



هز كتفيه بسخرية عاصفة من نفسه/حياته ..... وتابع ببساطة شديدةً البرودة: لان الأخت روحها قالت بالحرف الواحد لو كان عندها امل واحد بالميه انك تفكر فيها كـ حرمة وحبيبة جان ما خذتني ولا فكرت تودر بوظبي وتيي العين .......



تراجع سلطان بصدمة صاعقة رافعاً كلتا حاجباه بحدة .... وقال بعدم تصديق: هي جيه قاااااااالت ......!!!!



نظر احمد إليه بشيء من الاستخفاف ... استخفاف لجهل الاخير فظاعة عوشة لا استخفافاً به شخصياً ... وقال: طبعاً ما يحتاي اقولك شو البلاوي الثانية اللي قالتها وسوتها ..... اعتبر هاي نبذة بسيطة ولك حرية تتخيل الباقي ......



ظلت نظرة سلطان المصدومة على احمد ... حتى انزل عيناه اخيراً وزفر ممسداً جبينه بانفعال ...


ثم قال بأسف صادق حار: شو اقولك يا خويه ....!!!
لا حول ولا قوة الا بالله ... والله ماعرف شو أقول ...
السموحة ..... ادري الشي هب سهل عليك ... انا ريال شراتك واعرف ان هالاحساس يذبح ... ما تنلام لو بغيت تذبحني من القهر ..... السموحة يا احمد .... السموحة .....
لو شو ما قلت ماظنتي بروم اخفف النار اللي فيك .....




وضع احمد يداه داخل جيوب ثوبه الأبيض مقترباً من سلطان ببطء ... حتى وقف بجانبه مباشرةً .. وقال له بجمود:
لا .. ما تروم تخفف ابد النار اللي فيّه ..



لانت تقاطيع وجهه تدريجياً وابتسم ببرود ما ان رأى الحيرة والإحباط بعينا سلطان ...... وقال: بس بتم نسيبنا وغالي على قلوبنا كلنا .... انسى كل شي واعتبره ما صار ..... وانا مع الأيام لابد بنسى ....



عض باطن خده بـ مرارةٍ عاتية اخفاها بجدارة ... واكمل بصوت صقيعي "بكلماتٍ لا مقصد منها سوى اقفال هذه المواجهة العنيفة على نفسه الأبية": دوام الحال من المحال يا بومييد .....



اومئ سلطان برأسه قبل ان يقول بنبرة ساكنة اخفى تحتها صدمته/ضيقه: نترخص عنك بوزايد ..



التفت نحو الباب ليخرج من المجلس بينما تحرك احمد ماشياً بجواره كي يوصله الى الباب الخارجي ...



ما ان خرج سلطان من المجلس الداخلي حتى رأى ابنة عمه بكامل غطائها الساتر ... بعفوية شديده انزل عيناه وقال:
سلام عليج بنت حميد ...



جفلت حنان التي كانت قرب الباب لتحمل حقائب الأطفال واغراضهم المتناثرة ... حمدت الله انها لبست غطائها فـ هي لم تكن تعلم ان سلطان سيخرج من المجلس بهذه السرعة .....



سيطرت على رعشة مرتعبة ما ان لمحت "الغضب الأسود الصامت" بعينا احمد وامتقاع وجهه على نحو مخيف ...


اسبلت اهدابها وهي بالكاد تستطيع حمل الحقائب الثقيلة .. وردت بتوتر: هـ هلا بومييد .. وعليكم السلام ... شحالك ..؟!


رد سلطان بصوت الرجولي الفخم: بخير يعلج الخير والعافية .. ما نشكي باس ...


أضاف بسرعة قبل ان يقترب من الباب: بالبركه بنت العم ... السموحة يت متأخرة ...


ازدردت حنان ريقها بصعوبة .... وردت بصوت خفيض مرتبك تخلله خجل طبيعي: يبارك في عمرك يا بومييد تسلم ... مسموح بالحل ..


رفع يده بعفوية وقال: يلا في امان الله ... وردي السلام على عميه ...


تراجعت حنان وهي تخفض رأسها وردت: سلامن يبلغ ان شاء الله ....




ثم خرج الاثنان .. وهي ومن شدة ارتباكها وخوفها من نظرات احمد التي لم تنم ابداً عن "خير" ... اخذت تدعو الله ان تمر هذه اللحظة بسلام ....


رغم ما يعتريها من ارتباك الا انها لم تتحرك من مكانها .. تريد شرح الموضوع له ... تريد اخباره انها لم تعصيه وان الذي جرى مجرد صدفة لم تقصدها .....

لا تريده ان يظن انها تتعمد عصيان أوامره .....



ما ان دخل المنزل ... حتى تقدمت منه وهي تقول مبررة: احمد ترى والله ما....


لم تكمل حديثها .... فـ احمد قد اخرسها بـ صفعةٍ هزت كيانها قبل جسدها ..........


سمعته يقول بـ صوت داكن .... مخيف ... خفيض ... وكأنه الثعبان نفسه:
منكرج .. ووصاختج .. هب عليّه انا .... الظاهر انكن يا بنات حميد ظاريات على الخياس .... ظاريات على المرابع ورا الرياييل ....



رفع جانب فمه بازدراء مميت .. وبصق باقي كلماته غير آبهاً بالسكاكين التي تنغرس بقلب التي امامه:
احشمي عمرج يا بنت الناس واحترمي ابوج اللي ما يعرف شو من البنات يايب ......


دفعها كـ حشرةٍ قذرة بعيداً عنه قبل ان يحمل حاسوبه المحمول ويدخل مكتبه الخاص بالعمل ......




اجل ...... تمكن بالفعل من تحطيمها ...... ووحده الله من يعلم ما تشعر به الآن من انهيار مدمر في روحها .....!!!





منكرج .. ووصاختج .. هب عليّه انا .... الظاهر انكن يا بنات حميد ظاريات على الخياس .... ظاريات على المرابع ورا الرياييل ....


منكرج .. ووصاختج .. هب عليّه انا .... الظاهر انكن يا بنات حميد ظاريات على الخياس .... ظاريات على المرابع ورا الرياييل ....


منكرج .. ووصاختج .. هب عليّه انا .... الظاهر انكن يا بنات حميد ظاريات على الخياس .... ظاريات على المرابع ورا الرياييل ....





اكتسى وجهها الجمود الخالص ... حتى انها لم تتمكن من اغلاق عيناها ....

بذات جمودها المريب ... استدارت ببطئ .... وصعدت السلالم ... متجهةً نحو غرفتها .....



.
.
.
.
.
.
.



: روض القلب


مالت على هاتفها بعد ان ارخت جسدها اكثر على سريرها وقالت ببسمة توردت بالخجل: همممم


: متى بتسيرين عند امج ..


اتسعت ابتسامتها قليلاً وقالت بمداعبة رقيقة: الحينه شفت شيخوه .. عقب العشا بيبدا شفتي ان شاء الله ..


استشعرت ابتسامته الحلوة من خلف السماعة .. وسرعان ما سمعته يقول باهتمام: شو صحتها الحينه ..؟!


تنهدت بعمق مرتعش .. وهمست شاكيةً لحبيبها ما يعتريها من خوف: الحمدلله على كل حال ... انا اللي خايفه منه الكيماوي .. اخاف امايه ما تتحمله ..


نهيان بـ ايمان شديد بالله: بإذن الله سبحانه بيعدي هالعلاج على خير وسلامة .. خلي ايمانج بالله قوي غناتي ....


ابتسمت بذبول وهمست: ان شاء الله يا رب .... والنعم بالله ...


نهيان: يلا متى عرسنا ..؟!


ضحكت برقة خجولة وهي تتلقَ هذا السؤال منه للمرة المئة على ما يبدو ... وقالت: نهيان اصبر .. قلتلج ماقدر احدد اليوم قبل لا تقوم امايه بالسلامة ...


زم نهيان فمه باستياء وغمغم: امج بتقوم بالسلامة ان شاء الله شحقه التأخير اللي ماله لزمة ..


قاطعته بنعومة تعج بالألم/الضيق: حبيبي امايه وايد تعبانه ... ما تروم حتى تصلب طولها .. وين فيّه قلب احدد يوم عرسي وهي جيه خبرني ..؟!


تنهد بصوت غير مسموع شاتماً نفسه بقرارة نفسه لهفته العارمة التي جعلته انانياً وانسته الواجب .. ثم قال معتذراً:
السموحة والله .. بس والله ها من لهفتيه عليج حبيبي .. اباج عندي اليوم قبل باجر ..


قربت السماعة من اذنها وكأنها بهذا تريد الإحساس بقرب حبيبها اكثر .. وهمست بقلبٍ نقي صرخ بالخجل من جرأة ما يتلقاه من كلمات: عادي نهيان ...... و وانا ... ا ا انا بعد أبا قربك .. اليوم قبل باجر ....



.
.
.
.
.
.
.



منذ ساعات وهو يتجاهل اتصالات الجميع ... من عمه أبا سيف وابنه سيف الى والديه ...


اتصالات أسبابها معروفة .. وهو لا يستطيع ابداً اعطائهم ما يريدونه ...


يريدون السؤال عن حاله .... وهو في اسوء حاله ...


يريدون السؤال عن حال زوجته .... وهي في ............ "اسوء حال على ما يبدو" ...


يريدون السؤال عن سبب عدم سفرهم الصادم .... وهو لا يمتلك إجابة شافية لهم ...


اجل .. فوتوا موعد الطائرة وهمت بالاقلاع بعيداً تاركةً خلفها عريس ضرب عروسه حتى ادماها وآذاها حتى سقطت على الأرض مغشياً عليها ....



رن هاتفه .... ومن غير ان ينظر لشاشة هاتفه ... اغلق جهازه بأكمله وعيناه الضبابيتان .... المظلمتان كـ ظلمة قلبه المجروح ... تفترشان ارض المشفى النظيفة اللامعة بغير هدى/إحساس ...!!


نظر لباب غرفتها المغلقة وحواسها بأكلمها تتردد وتتخبط ... يريد الدخول والأطمئنان عليها الا ان كبريائه يأبى الانصياع .. يأبى الرضوخ ....



: مستر حمد ..


رفع عيناه ببطء مخيف نحو الممرضة الاسيوية .. وقال بخفوت غليظ: يس ..؟!


: دكتور موهاماد وونتس تو سي يو ..


اومئ برأسه من غير ان ينبس ببنت شفه .. وابعد جسده المتصلب على ظهر الحائط البارد ليلحق بخطوات ثقيلة خلف الممرضة المتجهة نحو غرفة الطبيب المسؤول عن حالة زوجته ...



زوجته ..!!! هه ........ ليته فقط يمكن الهروب من كل شيء يتعلق بها .. وبظلالها .. وشياطين فعلتها الشنعاء به .. ليته ...!!




ما ان دخل .. حتى مد يده نحو الطبيب الذي بادر ومد يده ليسلم عليه بمهنية مقتضبة: شحالك حمد ..؟!


رد حمد بصوت جامد متباعد: بخير الله يعافيك ..


أشار الطبيب لـ حمد بالجلوس قبل ان يجلس هو ويقول بنبرة حازمة متفحصة: اخ حمد .. حرمتك الحمدلله صحتها الحين احسن وقدرنا نضمد جروحها ... بسس ....


رفع حمد حاجباً واحد وقال بصوته الجامد الميت من كل إحساس: بس شو ..؟!


تنحنح الطبيب بخفوت .. وقال وهو يطيل النظر بعينا حمد المظلمتان ..... المغيمتان بطريقة مثيرة للشك: حاب اسألك واباك تصدق وياي ... شو سبب الضرب في راس وجسم حرمتك ..؟!
واضح ان اللي فيها اثار ضرب مب مجرد حادث سقوط مثل ما سبق وقلت للمسعفين ... نحن يوم نشت سألناها وقالت شرات ما قلت .. انها طاحت ... بس الصراحة تقريرها يقول غير جيه ...



رغم صدمته من انها خبأت حقيقة ما جرى على الطبيب والممرضات ... الا انه .. وبشكل غريب ... قسى من تقاطيع وجهه ... ووقف ..


قال وهو يحدش الطبيب احدى نظراته القاسية المتجمدة: اظنتي سمعت انا شو قلت وهي شو قالت .. عطنا راشيته الدوا ان كان شي دوا وخلنا نتوكل ...


وقف الطبيب بدوره وهو يرمق حمد بحدة لم يستطع كبح شراراته: أستاذ حمد ... الموضوع ما نقدر نستهين فيه .. البنية معتدي عليها بالضرب ... وهالشي فيه سين وجيم من الشرطة ... ووو....


اشر بأنفه نحو الهاتف فوق طاولة الطبيب باعتداد لا يضاهى تخلله قسوة .. برود عاتيان .... وقال: دق على الشرطة وخبرهم ... وبنشوف عاده شو بيقولون يوم بيسمعون راي حرمتيه ...


زفر الطبيب من انفه بصبر كبير .. وقال بصوت حازم: بيني وبينك يا أستاذ حمد ... حرمتك صدق طاحت ولا ..!!


ابتسم حمد بسخرية صقيعية ... وقال وهو يستدير: اظنتي وصلك العلم .. ماله داعي تكرر سؤالك ....



ومن غير ان يستدير لنداء الطبيب المستنكر ... فتح باب الغرفة وخرج ....



اخذ يدور حول نفسه وهو يطحن اسنانه بـ انفعال قاتل وحشي وعقله يتحرك هنا وهناك بشكل سبب له الصداع الفعلي ...


النار فيه .............. مشتعلة ......... وفي اوج اوجها ....!!!


انزل مقلتاه الجمريتان نحو هاتفه ....... ثواني فقط حتى قرر ان يرد على المتصل ...... والذي لم يكن سوى نهيان شقيقه ...!



: هلا

اتاه صوته المرح المشاكس: هلا ومرحبا معرسنا ... ها ابويه .. شالعلووووم ..؟!


يعلم ان شقيقه لم يتصل سوى ليطمئن عليه بعد حالته المرعبة ليلة زفافه .. ويعلم جيداً ان خلف مشاكسته ومكره تكمن خفقات متوجسة قلقة ....!!


رد بصوت حاول ان يظهره طبيعياً قدر الإمكان .. فـ اظهره ساخراً: علوم الخير فديتك .. شعنه داق على المعرس الحينه ..!! ما تحس ان وقتك غلط ..!!


نهيان: ههههههههههههههههههههههههه يالهرم ... داق اتخبر شحقه ما سافرتوا ..!!


رفع حمد حاجباً واحداً وقال: ما شاء الله .. وصلتك العلوم بسرعة ..؟!


نهيان ببسمة خافتة تخللها ترقباً .... وقلقاً: هيه نعم .. خبرني .. شحقه طارت طيارتكم ..؟!


رد حمد بوقاحة رجولية فجة "غريبة عليه" وقد رغب باحراج نهيان كي يغلق دائرة الحديث نهائياً: كنا نايمين في العسل من الخاطر وما حسينا بعمرنا الا والطيارة طارت ..


انفجر نهيان بالضحك: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههههههههه هههههه


حمد بسخرية: ضحكتن مديمه .. عيبتك النكتة بوعبيد ..؟!


نهيان: ههههههههههههههههههههههههه هه لا مب النكتة ... بس شكلك وانت تبا تقفطني وتحرجني كان يضحك .. ابويه نسيت اني نهيان ...!!


شخر حمد بضحكةٍ قصيرة خافتة ....

صحيح ... كيف نسيَ ان الذي يحادثه نهيان الذي لا يمكن احراجه بهذه الأمور ...!!!


: ويهك لوح من استويت ..


نهيان ببسمة تصنعت الحنق/التهكم: جب جب سكتنا عنك وايد ..


ضحك حمد ببرود قبل ان يصمت قليلاً ... ليقول بعدها بصوت خفيض متباعد: انا بخير يا خويه لا تحاتيني .. اخوك سبع ما ينخاف عليه ..


سمع تنهيدة خرجت من حنجرة شقيقه الكبير .. ثم قال: ادريبك ما بتخبرني باللي فيك .. بس حلفتك بالله .. متى ما احتيت معونه دق عليه .. تسمعني ..؟!


رفع حمد جانب ثغره بمرارة تجسدت بأبشع صورها في روحه .. وهمس: ان شاء الله يا بوعبيد ..


اردف راغباً بانهاء المكالمة التي لم تخفف عنه وجع جرحه البتة: سلم على الاهل يميع


نهيان: يبلغ ان شاء الله ..


ثم سأل بسرعة بعد ان تذكر امراً ما: حمد .. بتكنسلون السفرة ولا بتسافرون على طيارة ثانية ..؟!


شعت عينا حمد بلمعان الثلج الصافي الصلب ... وتجمدت نظرته لثواني قبل ان يقول باقتضاب: كنسلناها ... بنتم في البلاد ما بنسافر مكان ..



.
.
.
.
.
.
.



عيناها متصلبتان على باب الغرفة القابعة فيها وتكاد تتقيأ من رائحة المشفى النفاثة الجالبة لكل أنواع التلبكات المعوية ...


لكنها جامدة .. وبالتأكيد لن تتقيأ .... ليس عقلها الصادم يرسل أوامره لأعضائها الجسدية ان تستكين الى حين ....


كلها مستكينة ... كلها خاوية ... كلها ............. "ذابلة" ....!!


يالله ....... وجعها لا وصف له ... ولا حدود لـ خدوش سكاكينه ......


تغضن جبينها ألماً قبل ان تلمس بأصابعها المرتعشة جانبه ....



هي ..... ابنة الشيوخ ..... حفيدة خويدم العز .... يُفعل بها هذا ......!!


رباه ..... أبعد حياة ملؤها العزة .. والأباء .. تُضرب وتُذل بهذا الشكل المشين ....!!!


أبعد حياة كانت تحت كنفك يا عبدالله ... اُرمى تحت رجل شخص قاسي/صلف/همجي ... كهذا ....!!!





اغمضت عيناها بقوة محاولةً قدر المستطاع ان لا تبكي ... ان لا تصرخ .... ان لا تنوح حظها العاثر ....


تداخلت الاحداث بمخيلتها .... وتذكرت تلك الصور التي صعقت قلبها قبل عيناها وعقلها ......

ذلك الحقير ...... ذلك الحيوان البشري ......... كيف تمكن بحق الله من تصويرها ... كيف ....!!!

أليست ام العنود من طمأنتها وقالت لها ان الموضوع سيُحل بمعرفتها ...!!! أليست هي من هدأت من روعها وطلبت منها ان تعتبر ان الموضوع منتهي ...!!!!

لمّ اذن لم ينتهي ....... لمَ .....!!!!




فتح الباب بحدة .... ورغم تصلب نظرتها .. الا انها لم تستطع التحكم برعشة الخوف في أطرافها .....


على قدر ما كانت تكن له العاطفة الحارة المتلهفة .. أصبحت الآن تكرهه .. وتكره قربه الرجولي المرعب ... ونظراته المعتمة السحيقة والتي لا تمت ابداً .......... ابداً ......... لذلك الرجل الذي احبته لطيبته وعنفوان مشاعره ودفئ صوته الرخيم .....


اتاها صوت ساخراً .. بعيداً ... مظلماً ..... وقبلهم "محتقراً حد النخاع": زين انج عقلتي وما فتحتي ثمج ... مع انيه اشك بـ السبب .. ما ظنتي سكتي الا عسب ما تنفضحين وتغدي سيرتج الوصخه على لسان الرايح والراد ....



يالله .......... طعم الإهانة كالموت .. كالموت البطيء تماماً ....



رفعت عيناها المرهقتان "الجامدتان" نحوه ........ وهمست بنظرة تبرق كرهاً/غلاً:
سيرتيه بيضا .. ابيض عن كندورتك اللي لابسنها يا عديم القلب والضمير ... وانا ما سكت الا لاني بعدني محترمة الرابط اللي بينا ومحترمة كونا معاريس بعدنا ... ومحترمة هلك اللي ماباهم ينصدمون بالوحش الهمجي اللي مربينه عندهم في البيت سنين طويلة ..



اقترب منها ... وهي بلا إرادة منها ... جفلت وتراجعت ... لا تستطيع التحكم بنفسها ما ان يقترب منها ... ما فعله بها في الساعات السابقة بث فيها نفوراً وخوفاً عاتيان اتجاهه ....


لمحته يرفع جانب فمه بسخرية نارية .. قبل ان يشخر بغلظة ويقول باستخفاف/استهانة: نشي نشي يا ام البياض وبسج هذربان .. انا لو قاص لسانج ومريح مخي جان أخير ...


حدشها بـ سهم نظرته المحتقرة ... وولاها ظهره .... وبشكل ما .... وبشكل مبهم لا يشوبه الا الغرابة بكل معانيها .... انقلب الاحتقار بعيناه "منها" .... "إليه هو" ...!!


احتقاره من نفسه طغى على .. "ويالغرابة ما يعتريه" .... احتقاره منها .....!!!


الا ان كرهه لها/غلها منه ازدادا في روحه ...... لأنها اول من جعلته يهين قيمة رجولته ... ويرفع يداه على انثى .. وبهذه الطريقة المريعة .......!!



: مابا اروح وياك مكان .. دق على سيف اخويه وخله اييني ..



احتقن وجهه بلون الدم القاني حتى اظلم .... والتفت إليها بشراسة قبل ان يزمجر بخفوت من بين اسنانه: اقسم بالله العلي العظيم .. دقيقتين ان ما شفتج ظاهرة .. بييج شي ألعن عن اللي شفتيه ...


حدّق بها بغضبٍ اسود مطولاً قبل ان يتحرك ويخرج من الغرفة بأكملها مغلقاً الباب خلفه بوحشية انفعالاته الداخلية المتراكمة ..



.
.
.
.
.
.
.



خرج من مكتبه بعد ان انهك روحه وجسده من العمل المتوصل امام جهاز حاسوبه ساعاتٍ طوال ..


كان لابد ان ينهك كل عرقٍ نابض فيه ... كان لابد ان يحرق بعمله كل صورة قديمة وحديثة تمر بمخيلته ... صورة بدأت بهيئة زوجته الحقيرة وهي تتلوى لوعةً بحب رجل سواه ... وتتشدق بوقاحة بما فعلته من جرائك بحقه ... وانتهت بهيئة اختها ... زوجته الثانية .... وهي تتعمد الظهور امام ذات الرجل ولا تعرف ان حيلها الرخيصة المشينة واضحةً كل الوضوح امامه ...


الاثنتان تحملان ذات دم الانوثة الملوث ... ذات دم الاخلاق الوضيعة ... ذات الجرأة الوقحة المستفزة ....




تذكر حركتها/كلماتها الشرسة .. ونظرتها القوية الثاقبة كالسهم: انت غرررريب .... مرة تعذبني بدفاااااك ومرة تذبحني ببروووودك ..... اففففففففف ......




تذكر ذهوله من جرأتها واندفاعها ... وتذكر قبلها كل تصرف خرج منها والذي رآى من خلاله انعكاس ليس بانعكاس أي تصرف من اختها ....


لكنه غبي .... ومغفل .... ومعتوه كعادته ...... ما كان أي تصرف من تصرفاتها الا انعكاساً حقيقياً لكل شيء يخص اختها ...


هي مثلها .... ذات وقاحتها .. ذات جرأتها المنافية للأخلاق ... ذات .... ذات ..........


رباه ...... هي مثلها ..... مثلها تماماً ..... وهو الذي ظن في لحظةٍ ضعيفةٍ ما انها لا تحمل أي شبه بها سوى شبه فصيلة الدم .... الا ان على ما يبدو ... فصيلة الدم قد حملت كل المساوئ المؤذية والكفيلة لتدمير قلب رجل مرتان ....



مرتــــــان ......!!



ارتعش فكه السفلي محارباً رغبةً شديدة للذهاب الى الطابق العلوي وصفعها من جديد ...


الحقيرة .... تعمدت الظهور امام سلطان وإظهار حسنها له واغراءه ........


عند هذه الفكرة ... لم يتحمل ... ووجد نفسه يذهب الى الطابق العلوي .. الى غرفته تحديداً ....


بلا تفكير .. فتح الباب بعنف ... ودخل والف نية شيطانية ترقص فوق رأسه .....


لكنه ما ان مشط بعيناه الحادتان المشتعلتان الغرفة الفارغة تماماً منها .. الفارغة تماماً الا من بقايا رائحتها الفاتنة ...

حتى تراجع بتوجس ....


بحث عنها في الحمام ... ولم يجدها ...


خرج من الغرفة وبحث عنها في الطابق العلوي بأكمله وبغرفة ابناءه النيام ... الا انه لم يجدها ايضاً ....


شعور التوجس انقلب للغضب والارتباك والتخبط .....


عندما عاد لغرفته ... اقترب من خزانة ملابسها ببطئ .. الا انه توقف ما ان وصله رسالة نصية على هاتفه ..


وكأنه احس بشكل مبهم ... ان ما أتاه مهم .. مهم ومريب ..!!


استل هاتفه من جيبه وفتحه بسرعة ....


"سرت بيت ابويه .. محتايه اتم عندهم كم يوم .. حط بالك على العيال"





شد من قبضته على هاتفه وفكره انعدم تماماً من الغضب العاتي والقهر الملتهب ..


فتح بسرعة خزانتها ولاحظ نقصان بعض ملابسها واغراضها الشخصية ..


اغلق باب الخزانة بغضب ملتهب وهو يشتم بصوت عالي غليظ ..


رص على اسنانه بنظرةٍ سوداء متوعدة ..



تلك الفتاة ..... كيف بحق الله فكرت ان تتجرأ وتخرج من المنزل من غير علمه ........!!!!

كيفففف .....!!!!

وتوصيه على اطفاله ....!!

سحقاً لها ولوقاحتها .... تظن ان تمثيلية الزوجة البريئة الحنونة ستظل قيد التصديق على ارض واقعه ......

تباً .......




قرأ رسالتها مرة أخرى .. كلماتها هادئة "ظاهرياً" .. مقتضبة .. جافة ... لا تظهر ان التي أرسلتها تلقت منذ ساعات صفعة قوية على وجهها من زوجها ...



كانت ............ كانت باردة ... باردة حد الاستفزاز ... ويالكرهه الشديد لبرودها .....



استدار وتحرك باتجاه باب الغرفة كي يخرج ويتجه لمنزل والدها وشياطينه تخبره ان اثارة فضيحة لتلك الصغيرة المتهورة الخبيثة يخرج معها ما يعتمل خاطره من "نار" هو ألذ ... واشفى حل ...... لروحه المتهالكة/المغدورة ....


لكنه وما ان امسك مقبض الباب .. حتى تصنم بمكانه ...


تذكر ذله ... وجراحه الداكنة المؤلمة ....


تذكر ذلك اليوم الذي افتعلت تلك الحرباء عوشة مشهد درامي وضيع بأن أرسلت له ***** كي تمسك عليه دليل تدينه ....


تذكر شكله المزري المشين "لرجولته" وهو يهرع خلفها متوسلاً إياها ان تقف ويشرح لها سوء الفهم ...


تذكر جنونه ورعبه وهو يتبعها من العين الى ابوظبي ولسان حاله يرجو الله ان تهدأ ليعرف كيف يستميل قلبها ويخبرها انه بريء ..


انه لم ولن يفكر ابداً بخيانتها مع أخرى ... ان قلبه الذي يحبها اضعف من ان يفكر بالخفقات لمرأة سواها ....



شد من قبضة يده واسنانه تصطك ببعضهما البعض بـ جرح غاضب ... غاضب غاضب حد الصميم .....


انزل مقبض الباب بوحشية مشاعره وفتحه بقوة ليخرج بعدها .. لكن ليس لمنزل والدها .... بل لمكان آخر ...



الويل له ان فكر ان يذل نفسه لـ انثى من جديد .. الويل له والبؤس لـ شخصه ......!!






نهــــاية الجــــزء الستــــون



.
.
.
.








في نقطة يمكن الكل بينقهر منها ويعارضها .. الا وهي فعلة حمد بـ ميرة "في هالبارت" .. وقسوته الشديدة الوحشية ...... وربيعتي شخصياً اعترضت على اللي صار وما صدقت ان هالفعلة تطلع من حمد الطيوب الحنون وان حركته كانت وحشية زيادة عن اللزوم وما يرزى جيه يسوي ......


حاولت اقنعها ... وخليتها تقارن بين حركة احمد بـ حنان ليلة زواجهم وبين حركة حمد بـ ميرة .....


قلتلها: احمد "كان بيخنق حنان بالماي ويذبحها" ليش ما اعترضتي وعصبتي وفرتي ...!!!

ليش يوم حمد سوى جيه استنكرتي .....!

طبعاً عقب ما تقرون البارت بتفهمون انا شو اقصد بالضبط ....


انا فاهمة ع ربيعتي واعرف هي ليش جيه اعترضت .... انا فاهمة تركيبتها يعني وشخصيتها ... قلبها رجيج ما تتحمل فديتها ههههههههههههههههههه


ابا اعرف رايكم انتو ..... شو تقولون عن حمد وباللي سواه في ميرة ......




اتريا تعليقاتكم



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 25-06-16, 06:10 AM   #65

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


قبل البارت .. حابة اعتذر حق كل من كتبلي تعليق هالاسبوع وما رديت عليه ..... وان شاء الله ما بتنعاد .. احب ارد عليكن حبيباتي واتواصل معاكن وحده وحده



ملاحظة: اللي تحصل اخطاء املائية منيه ولا مناك تخبرني .. احس مراجعتي لهالبارت كانت سريعة ومب دقيقه ههههههههههههههههههههههههه





يلا ..... قراءة ممتعة







(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجزء الحادي والستون



،



إِذا لم يكنْ مَعْنى حديثك لي يُدْرَى

فلا مُهْجْتيِ تُشْفىَ ولا كَبدي تُروَى

نَظرتُ فلم أنْظر سِواكَ أحبُّهُ

ولَولاكَ ما طَاَب الهَوى لِلَّذي يَهوى

ولَّما اجْتلاَك الفكرُ في خَلوة الرّضا

وغيّبت قال الناس ضَلت بي الاهْوا

لَعمرُك ما ضَلَّ المحبُّ وَما غَوى

ولكَّنهمْ لمَّا عمُوا أخطئوا الفتوى

ولو شَهدوا معنى جمَالِكَ مثْلما

شهدْتُ بعينِ القلبِ ما أنكروا الدَّعوى

خلعت عِذاري في هَواك وَمنْ يكنْ

خليعَ عِذارِ في الهوى سَرَّهُ النجوى

وَمزقتُ أثواب الوقارِ تَهتكا

عليكَ وطابت في محَبتكَ الْبلوَى

فما في الهْوى شكوىَ ولو مُزِّق الحَشَا

وَعارٌ على العُشاق في حُبِّكَ الشَّكوى



لـ أبو الحسن الششتري



،




تكشرت تقاطيع وجهها قبل ان تفتح عيناها المنتفختان من اثر اسغراقها بالنوم الطويل .. طويل وانما مليء بالكوابيس الفظيعة المزعجة ....




: آه ..





صداع كريه ينهش دماغها ...

أين هي ...؟!




بعد ثواني فقط ... وبعد ان استوعبت "كابوسها الواقعي" .. رفعت جسدها المتصلب الا انها هذه المرة اكتشفت انها تنام على سرير ... وليس على تلك الأرض اليابسة الصلبة القذرة ...



ماذا حدث ...؟! ما الذي جاء بي الى هنا ...؟!





ارتفع صدرها بشهيق قصير وزفير طويل .... ثم رمشت عدة رمشات قبل ان تسترجع ما حدث لها في الساعات السابقة ....





تلك المرأة ....... الحقيرة المتعجرفة ذات اللسان الشبيه بلسان الافعى .. ما ان صدمتها بحقيقة انها زوجة فلاح .. حتى التف الف شيطان حول دماغها .. وجهلت تماماً كيف اقتربت منها بغضب شرس فاق كل الحدود واخذت تضربها .. وتضربها .. وتضربها .....


ضربتها حتى اعتلى صوت صراخها مستنجدةً بـ ذلك الحقير الآخر ....


عندما سمعت صراخها المستنجد باسمه .. ارتفعت وتيرة غيظها وقهرها ... ومن غير ان تشعر .. اخذت تشد شعرها وتعض خدها وكل مكان تطأه اسنانها حتى ختمت كل موضعٍ في وجهها وذراعيها بختم "غضب حصة المبجل" ....!!!!





خرج زئير مرعب من اسفل قاع من حنجرتها ما ان تذكرت كيف اتى مهرولاً خائفاً على حبيبته ..


الحقير ... الحقير الحقير الحقير .......

كيف تجرأ وفعل فعلته الوضيعة بها ......!!!

كيف يتزوج عليها ..... وممن ....!!! من تلك الكريهة صاحبة الاعين الزرقاء البغيضة ... تلك التي الى الآن لا تعرف أي بقعة أرضية اخذت من ترابها جمالها الأخاذ ...



سحقاً ............



حسناً .. هي على الأقل تمكنت من اخراج "القليل" من غضبها على رأس تلك ...

وتمكنت من احراق أعصاب ذلك المغرور المتغطرس واغضابه بأن رمت كل شيء امامها عليه وتشتمه بنيران نظراتها المتفجرة بالكره حتى انهت كل الشتائم من قواميس اللغة العربية ... قبل ان تهرع وتخرج من المكان وتبحث عن اقرب غرفة "صالحة للمعيشة البشرية" وتغلق الباب خلفها وتقفله ثلاث قفلات .....





مطت ذراعها قبل ان تتنهد وتتلفت بلا هدى حول الغرفة الخاوية من أي شيء سوى من سرير صغير وخزانة خشبية متوسطة الحجم وحقائبها ..




هههه يا لكِ من ابنة اباك يا حصة .. كيف استطعتي جر حقائبك بسرعة صاروخية قبل ان يتدارك ذلك المغرور الوضع ويلحق بك الى الغرفة ...!!

ههه ... فليحفظكِ الله ورشاقتكِ وفطنتكِ .....





انحسرت ضحكتها عندما تذكرت اخيراً ... انها لابد ان تخرج وتواجهه ...

لن يفلت منها بعد فعلته الشنعاء ....

كيف استطاع ان يتجرأ ويجلبها الى هذه المزرعة القديمة وهي عروس جديدة ...!!

بل كيف من الأساس تجرأ وتزوج عليها .....!!!

أتراه كان متزوجاً قبل ارتباطهما ام بعد ......!!!





ارتعشت شفتيها وهي تطبق اسنانها ببعضها البعض ... وشعور غريب ... "من الحرقة" ... تغزو شرايين قلبها وتشعل فيهم الهشيم .........




رباه ........ لمَ يستمر بجعلي اكرهه واحقد عليه اكثر ... واكثر ....

انه .......... يؤلمني يالله ............





انتفضت غضباً عاتياً من مكانها ... وغمغمت بخشونة وهي تقترب من حقيبتها المفتوحة والتي سبق وفتحتها لتغير ملابسها وتزيح عن كاهلها ثقل الفستان .. هذا طبعاً بعد ان اخذت حماماً ساخناً طويلاً:
هذا اللي ما يسوى اخليه يعور فواااديه ....!!! يهبي والله يهبببببي ..... لكن ما عليه ..
ان ما ظهرت حرتيه منه ما أكون بنت عبدالله .. مسووود الويه يتحرا بيروم يقهربي بسواياااااه ...... عنلااات بليسه ...



زمت فمها بحقد وخلعت ملابس نومها الرقيقة .... لكنها جفلت بجزع ما ان طُرق الباب فجأة بعنف ...


اتاها صوته الغليظ من خلف الباب: بطلي الباب .. خليناج على راحتج وايد ..


بلا تفكير وجدت نفسها تصرخ عليه بحقد/غل: زول عن ويهي يالزفت يالغلس يا بو دم ثجييييل ...


احتد صوته وظهر من خلاله كم هو "يكتم غضبه بقوة": بطلي الباب يا حصة احسلج ...


رمت قميصها بقوة فوق السرير وصرخت بشراسة: تحللللللللم .....


التفتت وهي تجثو على الأرض مغمغمةً بشتى أنواع الشتائم وهي تبحث عن ملابس جديدة بغضب ...


الا انها شهقت بهلع ما انفتح الباب بركلة عنيفة منه ..

بغير إحساس .. اخذت تبحث بتوتر بالغ عن شيء يستر جسدها العاري الا من قطعتان وهي تصيح بصدمة تفجرت بالخجل الفظيع:
يا الووووصخ اظهررررررر ....




امسكت اخيراً بمنشفتها ولفت بها جسدها بسرعة مرتبكة قبل ان تراه "بأكمله" امامها ....

جرها من ذراعها العارية بقوة حتى اصطدمت بجسده الصلب ....

من شدة خجلها .. لم تكن تعرف ان خداها قد توشحتا بلون الورد حد اللذة/الفتنة .... ولم تكن تعرف انها كانت تغمض عيناها بقوة حتى سمعت صوت القريب جداً جداً من فمها ... صوته الذي كان ......... "خفيضاً بطيئاً متروياً مثيراً لقشعريرة الخفقات":
خاطريه مرة وحدة بس .. مرة وحدة .. تسوين اللي اباه من غير عناد ولا شتايم ..



ارتجف فكها وهي ما زالت مغمضةّ العينان جاهلةً تماماً تغيم نظرته والحرارة الخارجة من كل ثغرةٍ منه .. من مقلتاه اللتان تحدقان "بمشاعر حارة مجنونة" بانوثتها الباذخة .. وانفاسه المتلاحقة الساخنة .. الى كل تفصيلة من تفاصيل جسده المستنفر كلياً ....



رصت على شفتيها وهي تهتف بصوت مختنق .. متمرد .. حاد متشبثةً بكلتا يديها بمنشفتها التي تحوط جسدها الطري المرتعد: خوووز واظهر برررع ...



استشعرت اخيراً الحرارة "العاتية" الخارجة منه ... ما ان الصقها اكثر به وما ان اقترب همسه اكثر وغدا لا يفصل عن منافذ أنفاسها سوى "اللاشيء تقريباً": طالعيني



لم تفتح عيناها بل زادت من عنف اغلاقهما وهي تصرخ هذه المرة بصوت احد عن ذي قبل: قلتلك اظهررر برررع ....



قرب انفه من وجنتها الساخنة المحتقنة ضارباً بعرض الحائط صراخها الذي لم يكن الا صراخ "الانثى الخجول فيها" .. بشكل ما .... احب رؤية هذا الوجه العذب منها ... احب خجلها وتوردها بهذا الشكل الشهي .. وهمس بأجش:
طالعيني حصة ..



وضعت يدها على عيناها وهي تحاول الابتعاد عنه ... الابتعاد عن قربه المُهلك للخفقات ... وصاحت بكل غيظ تمركز في كيانها: ماباااااا مابااااااااااا ... اظهر برررع .. روح حق الحقيرة اللي ماخذنهااااا ... اظهررر مابا اشوووفك يالوصخخخ يالردددي



اسبل اهدابه وهو يقهقه بخفوت ... ثم رفع عيناه وقال متأملاً الغضب المتفجر من حور عيناها:
بظهر متى ما بغيت .. ولا تسبين حرمتيه لو سمحتي .. ما ظنتي هي سوتبج شي ....



توهجت عيناها المظلمتان بالغضب المجنون .. ولم تستوعب كيف اقتربت منه ودفعت صدره بيدها وهي تقول بشراسة عاصفة حد النخاع:
تخسسسي تسويبي شي هالحيـ... اللي ما تسوى بيززززة ....
وانت ... اسمعني ..... لا تتحرى ان يوم خذت هاي عليه ... يعني خلاص رمت تكسرني .. تبطططي ... سر خذلك بدال الوحدة هنتين زود ... ولا بتفرق ويايه ... لانك أصلا ولا شي بالنسبة لي .. تسسسمعني ...!!! ولااااا شي .....



لم يبق بعد كلامها سوى عنف أنفاسها الخارجة بهستيرية من صدرها المرتعد من اثر الانفعال/الغضب ....
أنفاسها التي تضرب وجه فلاح "الساكن التعابير كلياً" .....!!



هدأت أنفاسها تدريجياً بعد لحظات الا انها غضنت جبينها بتوجس .. بحقد .. بتوتر ... وهي تراه الى الآن ساكن ... لا يفعل سوى حدشها بنظراته المظلمة الغامضة ....



ثم ............ وبتروي ............... ارتفع جانب فمه ببسمة خافتة قاسية .... مغرورة حد اللامعقول ..... وهمس:
تغارين ..؟!


شهقت بحدة وكلماته اخترقت بجدران قلبه بوحشية .... الا انها كزت على اسنانها بقهر وقالت من بين شرار عيناها:
الانسان يغار على واحد يحبه .. هب .......



انقطعت الكلمات بحنجرتها فجأة "وبلا إرادة منها" ما ان اشتدت نظرته المسيطرة المظلمة عليها وكأن بنظرته هذه يتحداها ان تكمل كلامها ....


حقيقةً .... هي لا تعرف كيف اخرستها نظرته للحظات .... لا تعرف لمَ تأثرت بها على نحو اغاظها ..... ويالوجع كبرياء روحها .. لا تعرف كذلك لم اشاحت بوجهها ولم تواجهه وجهاً لوجه قبل ان تكمل بصوت بالكاد خرج ثابتاً: هب على واحد ما يحبه ....



خرج صوتاً خافتاً .. عميقاً .. "خبيثاً" من اسفل قاع من حنجرته وهو يعض باطن خده بعين ضبابية براقة ذات معنى قبل ان يخفض رأسه ويغرق وجهه في عنقها تاركاً إياها ترتعش بأكملها بين يداه مصدرةً شهقة مذعورة ملؤها الخجل/الاضطراب:
امممم .... ريحتج ...... تسكر العقل ........



ألصق انفه خلف اذنها بعنف واخذ يستنشق عبيرها بينما يداه تحاوطان خصرها بقوة ... واكمل بأجش صوته الخافت:
على فكرة ...... شعورنا متبادل ...... يا حلوة .......





كل كيانها يرتعد .. كل كيانها بلا مبالغة ... ربااااااااه ......
لمَ لا يرحمني من قربه البغيض ... الـ ....
المُـ ـ ـسـ ـ ـكر ...


إلهي ............. ماذا تقولين يا حصة ....

استيقظي ... استيقظي يا غبية ...............




بالكاد خرج صوتها مسموعاً .. انما مختنقاً من اثر تخبط الخفقات/استنفار مكامن الانوثة: هـ هـ هدددني ....



لثم شحمة اذنها ببطئ ... وبأنفاس حارة عاصفة .... واكمل بصوته الباعث للارتعاش من فرط غلظته/حرارته:
ماقدر ..... ريحتج ...... تسكر ...... انتي ...... بكبرج ...... تسكرين .......



تأوهت باسمه وقد فقدت سيطرتها كلياً على نفسها: فـ .... فلاااااح .....



لثم عنقها بمشاعر حارة وهمس: عيونـ.....



: فلاااااااااااااااااه .. هبيبي ... وير آر يووووووو




فتحت عيناها الغائمتان المتخدران ببطئ ..... وبعد ثانيتان .... شهقت وهي تدفعه عنها بعنف بعد ان ادركت فداحة ما كانت تفعله بحق شخصها/كرامتها ... وصوت تلك المرأة الكريهة يرن رناً قوياً بأذنيها .....


جسديهما متقابلان ... مستنفران ... منتفضان ... محترقان ... وقبل كل شيء ... مرتبكان حد النخاع ....



اسبل فلاح اهدابه مخفياً مشاعره بقوة قبل ان يتكرر صوت المرأة "المغنج الساحر" والذي غدا هذه المرة قريباً جداً ... تحديداً امام الغرفة التي كُسر بابها منذ لحظات: اوه هبيبي ... انا ينادي انته واجد .. تئال هبيبي آي نيد يووو ...



لم تكن حصة ظاهرةَ الجسد لعينا المرأة لأن فلاح قد اخفاها بجسده الفارع .. قال بصوت هادئ غامض وهو يتأمل ارتعاشة فك حصة والذي كان اكبر دليل على "غضبها الناري المكبوح": سيري .. ياينج ..



زمت المرأة فمها بامتعاض وقالت وهي تحرك عيناها بغطرسة باردة: اوكي هبيبي ..



ما ان خرجت ... حتى قالت حصة بصوت جامد كلياً: اظهر فلاح ... لو سمحت ...



تأملها بتمعن .... بمشاعر ما تزال حارقة/صارخة .... وبشكل غريب .... شعر بنفسه يتنازل عن عناده مع كلمتها "لو سمحت" ....



رفع اصابعه نحو كتفها العارية راغباً "بجوع" الشعور بملمسه الحريري الخرافي ... الا ان عقله اخبره ان ملمسها سيصيبه بالجنون .. سيصيبه بهلاك الخفقان ... سيهدد سيطرته .. سيهدم حصونه المنيعة ..... تراجع في آخر لحظة ....


ثم ولى ظهره بصمت سحيق ..... وخرج .......



.
.
.
.
.
.
.



: هارب ... هااااااااااارب



خرج من شروده وهو يجيب نداء الخادم المُسن: هلاا بورضا


أبا رضا: هارب هادا عمال مال صيانة ايجي .... هو يقول وين يبدا ... فوك ولا الملهك


حارب: لا خلهم يبدون فوق ويوم يخلصون يسيرون الملحق ..


اومئ أبا رضا برأسه ليذهب بعدها الى العمال الذي أتوا لعمل صيانة كاملة للمنزل لاستقبال العروس الجديدة


عروس حارب المنتظرة ...




نظر حارب نحو ساعته وتذكر انه اتفق وخلفان وبقية الرفاق زيارة إبراهيم الذي يتماثل بالشفاء ولله الحمد مساءاً .....



نهض من مقعد غرفة الجلوس الوثير ... ورغماً عنه ... كان يدخل عالم الشرود مرة أخرى



عالم عمره فقط ...... يومٍ واحد ......... البارحة .....!!!!



لن ينسى ابداً إحساس الاجرام الذي انفجر داخله ما ان انتهى ذياب من حديثه .....


تمكن من التقاط تحفز الأخير وتوجسه تحسباً لتلقي لكمتان على الأقل تكسران الصف العلوي من اسنانه .......



الا انه لم يفعلها لحسن حظه






ليلة البارحة






هتف بصوتٍ غليظ مرعب: تعرف لو واحد غيرك قال جيه شو بسويبه .....!


حافظ ذياب على قوة اعصابه/سيطرته على نفسه وقال بشجاعة: بتذبحه


حرك حارب شفتيه بشكل خافت لا يكاد يرى واخذ يتأمل المشاعر الحارة الهائجة النابضة من عينا ذياب وكلماته وحركات جسده ......




اجل ... لو ان احداً غيره قال الذي قال .... ووضع لنفسه الحق ليتحدث عن محارمه هكذا .... لكان قد ذبحه بكل دمٍ بارد .....!


الا ان ذياب .... الهائج تماماً ..... الفائر على نحو غريب مرثي ..... المتوتر على نحو يثير العاطفة


جعله يتريث قليلاً .....





قال وهو يحدّق به بقسوة: ادريبك سمعت رمستنا انا ونهيان قبل شوي ... لمحتك وانت ياي صوبنا لجنك يوم ريتنا نسولف ما بغيت تيي صوبنا ...



امسك عنق ذياب من الخلف وسحبه نحوه بخشونة وهو يضيف: لوي الذراع ما يمشي مع حارب بن محمد .... يوم انك سمعت رمستنا وسمعتني انا بالذات شو قلت حق ولد الخال بخصوص ختيه ... شحقه استغليت فوزك بالسباق حق هالسالفة ...!!
شحقه تسويها وانت تعرف اني ما اثني رمستيه وفي نفس الوقت ما بروم اردك يا ولد هامل ....!؟؟؟




بلع ذياب ريقه وهو يرمق حارب من بين عقدة حاجباه ونظراته المنفعلة ...... قبل ان يقول بخفوت أجش ممتلئ بالعنفوان:
اباها يا بومحمد ...



تراجع حارب وهو يرفع كلتا حاجبين بصدمة/استنكار غاضب



هذا الذياب قد جن بحق ولا يعرف ما الذي يتفوه به .....!!



قبل ان يسقط عليه براكين غضبه المتصاعد .... اسكته ذياب بأن اكمل بخفوت وهو يخفض اهدابه: اخت عبيد ما بتكون لـ غير خويّه







عبيد

عبيد

عبيد



آه يا من اسمك من بلسم الورد والبَرَد وزخات المطر ......








اشاح حارب بوجهه المتجهم ..... وظل عدة دقائق في صمت مهيب تام ......


تنهد ذياب شاعراً بالاسف لانه ازعج حارب واثار زوابيع آلامه: حارب




: كم حافظ من كتاب الله ...؟!




فغر ذياب فاهه وقد باغته حارب بسؤاله المفاجئ: هاااه ....!!


نظر حارب نحوه بقسوة وكرر: كم حافظ من كتاب الله يا ذياب ...؟!


تلعثم ذياب لثوانٍ قبل ان يقول بارتباك خجول: اممممم هب وايد ... جزء عم وتبارك ... ووووو


وصمت قليلاً محاولاً تذكر ما الذي يحفظه اكثر من القرآن الكريم الا ان حارب قد قاطعه بصرامة:
احفظ اول اربع سور مع التجويد ... البقرة وآل عمران والنساء والمائدة ... ان ما حفظتهن ما بتشم ريحة اللي تباه


فتح ذياب عيناه بذهول كاسح وقال: في ذمتك ..؟!


ابتسم حارب بشر ماكن وقال: غلطة وحدة تظهر منك في القراءة والتجويد تعتبر المسألة منتهية ومالك نصيب عندنا


غضن ذياب جبينه بغموض قبل ان يقول بعدها متسائلاً: انزين وشو عن رايها ..؟!


ابتسم حارب بسخرية غاضبة وقال بنبرة لاذعة: جيه انت كنت تبا تفكر برايها يوم طلبت اللي طلبته قبل شوي ..؟!


زم ذياب شفتاه بحرج لم يظهره .... قبل ان يقول بانفعال ملؤه العنفوان/التملك هارباً بعيناه من عينا حارب الحادتان:
شو اسوي .... الف شيطان ركبني يوم سمعت ان حد غيري يبا يخـ......... آآآآآآآآآآآآخخخخخ




تأوه بوجع وهو يضع يده على خاصرته بعد ان اسكته حارب برفسة غاضبة مغتاظة



حارب من بين شرار عيناه: هاي عسب مرة ثانية ما ترمس عن محارم غيرك بليا حيا ولا مستحى ..... وعسب المرة الياية ما تلوي ذراعي بشي انت عارف رايي فيه ...
يلا عطنا مقفاك ولا تيينا الا وانت حافظ السور اللي قلنالك عنها






ثم ولاه ظهره وتحرك باتجاه سيارته .....


اتاه صياح ذياب المتوجع من ألم خاصرته: وان حفظت السور .... بتيوزني إياها هاييج الساع ...؟!


رد حارب بخبث صقيعي قبل ان يفتح باب سيارته: ما بيوزك إياها إلين ما اسمعها باذنيه تقول انها موافقة


لمح ذياب من خلف النافذة يهز رأسه ببسمة منتشية غير مصدقة ....



وقبل ان يحرك سيارته .... سمع شهقته العالية المعترضة:
حااااااااااارب ......... بس اختك ما ترررررمس .........




حافظ بقوة على برودة وجدية ملامحه ولم يبالي بصدمة الأخير واعتراضه ..... بلمح البصر شق صمت المكان الخاوي المظلم بهدير سيارته العالي .....



رفع عيناه نحو مرآته الامامية ولمح شيئاً فشيئاً اختفاء ذياب وسيارته الواقفة ..... وما هي الا ثانيتان حتى انفجر ضاحكاً متذكراً المقلب الذي اسقط ذياب داخله .....




المجنون ........... يظن انه سيأخذ شقيقته الوحيدة بهذه السهولة ومن غير ان تعلن موافقتها الكاملة عليه .......


هذه موزة يا بشر ....... موزة بركة العسل الصافي ..... التي ان قالت ان القمر مستطيل فسيكون مستطيلاً مدى الحياة بالنسبة له .....!!





استيقظ من شروده على صوت رسالة آتية إليه من برنامج الواتس آب

كانت من حلوته العسلية

حك حاجبه الايسر ..... وفكّر بفكاهة حلوة .....

أيمكنه اقناعها بالزواج من ذياب قبل ان تقنعه بسحر عيناها ان القمر مستطيل .......!



.
.
.
.
.
.
.



بعد ساعة ونصف




شمخت بأنفها ما ان تأكدت ان جاهزة تماماً "للمواجهة" .... وخرجت من الغرفة ....


رفعت حاجباً واحداً ببرود .. وللتو فقط .. جمعت كامل تركيزها لترى المكان بوضوح اكثر بعيداً عن اضطرابها ليلة البارحة وتشوش فكرها الذي اجتاحها اثر الصدمات المتوالية على رأسها ...



المكان في الحقيقة .... المنزل التابع للمزرعة الضخمة .... لم يكن بأكمله قذراً ووسخاً ومتهالكاً .... القسم الذي هي فيه الآن كان نظيفاً وقابلاً للعيش ..... والترفيه قليلاً ...... مع وجود التلفاز على الأقل ...!!!


اما الذي وجدت نفسها نائمةً فيه بعد ان استافقت اول مرة .. فكان قذراً حد اللامعقول وكأنها زريبة حيوانات مغلفة بطابع البشر بوجود سجادة عتيقة وبعض المراكئ المتناثرة هنا وهناك .....



السؤال الذي يثير غضبها الآن ... لم جلبها هذا المغرور البغيض الى هنا ...؟!

و....... ولمَ زوجته الحقيرة هنا معهما .....؟!

أيريد حرق قلبها بفعلته الخسيسة المهينة لي ....؟!




خرج دخان الغضب من فتحتي انفها وهي تمشي بخطوات حادة حانقة الى ان مرت من احدى البوابات الكبيرة المفتوحة والمطلة على مجلس آخر واسع ..... مجلس متواضع بسيط ... والاهم ...... ليس قذراً .....




عضت باطن شفتها السفلية وهي تلمحه اخيراً ..... كان منبطح الجسد مغطياً عيناه بـ ذراعه اليمنى واضعاً ذراعه اليسرى فوق معدته .....



وتلك الـ.... الجميلة البغيضة ذات العينان الزرقاوان ... تعبث بهاتفها وجسدها يتمايل قليلاً على الاريكة بعيداً عن فلاح ....



ما ان رفعت عيناها نحوها .. جفلت بخوف وكأن نظرة واحدة من حصة إليها ذكرتها بالضرب المبرح الذي تلقته منها منذ ساعات ....

وبتوتر شديد اعتلاه نظرات الغطرسة/الغرور/الحقد .. اقتربت من فلاح وهي تقول بميوعة صوتها المتغنج المستفز: هبيبي فلاه ... اووه هبيبي ويك آب ... آي مسد يووو ....



مع كلمتها الأخيرة .. كتفت حصة ذراعيها امام صدرها ببسمة باردة تعلوها السخرية ..... والكره الشديد ....


كررت الفتاة ندائها بميوعةٍ اشد اغراءاً: فلاااااااااه ...


انزل فلاح ذراعه عن عيناه بحدة واستعدل بجلسته بذات حدته واخذ يرمق الفتاة بنظرات غائمة ناعسة غريبة وكأنه يحاول تذكر اين هو ومن التي تناديه بصوتها المغري المدلل ....


ثم رفع عيناه نحو حصة محدقاً بها لحظات قبل ان يغمس أصابعه داخل شعره بعفوية ويرجعه الى الخلف ...


سأل "المتغنجة" بقربه بصوته الذي اخشوشن من النوم: كم الساعة ..؟!


تمايلت بجسدها نحوه قبل ان تضع ساق على ساق وتقول بهيام ودلال: تسعة ونص بليل ..


اومئ برأسه بصمت قبل ان يعود لينظر الى حصة ............. المتوهجة من الغضب البارد الواضح بقوة لعيناه .....


ثانيتان حتى اقترب منهما ... بخطواتٍ باردة .. بطيئة .. تشع شموخاً/اباءاً ....


وبحركة عنيفة من قدمها ... دفعت ساق الفتاة الموضوعة فوق الساق الأخرى حتى جعلتها تجلس عنوةً بشكل طبيعي ... وقالت وهي تنظر لعيناها بتعجرف قاسي: ان يلستي جيه جدامي مرة ثانية بكسرلج ريلج وراسج .. تسمعين ...!!!

وانت .....



التفتت لـ فلاح الصامت على نحو غامض .... واكملت بقوة مفعمة بالنفور/الغل: سؤال وابا اعرف جوابه ..


اشرت بأنفها للفتاة من غير ان تنظر إليها واكملت بجفاء: هاي من أي علة يايبنها ..؟! ومتى خذتها ..!!!
قبل ما تملج عليه ولا عقب ..؟!


مشط عيناها بـ بطئ بارد مغرور .... ثم وقف حتى اصبح ينظر إليها من علو قامته الرجولية ...


وبشكل غريب ... ارتعشت خفقاتها ... وتذكرت قربه الساخن منها قبل قليل وتذكرت كيف اشعرها بالضعف ... والخنوع ... وبلذة الانوثة المُثارة ...........



رباه .......... اخرسي أيتها الغبية وليخرس معك هذيان افكارك الخرقاء ..........





ابتسم بسمةً خافتة بالكاد ظهرت ومد يده نحو الفتاة وهو يقول: السموحة ما عرفناج على حرمنا المصون .. يمامة .. وهي مسلمة كشميرية وخريجة ارقى جامعات أمريكا ...


رفع حاجباً واحداً واكمل وهو يحدق بمكر مستفز بها من اسفلها الى اعلاها: فـ مالها داعي الخقة حصة بنت عبدالله لان المقارنة امبينكن بتكون فاشلة ...





رباه .............. تمكن بحق من ايلام خفقاتها واشعارها ..... بـ الضآلة .....


حسناً ... انتي حصة .... حصة .. حصة .. حصة .. تذكري هذا يا مجنونة ولا تضعفي .....





نظرت له باستخفاف "ظاهري متقن" ثم حولت نظرتها لـ تلك التي تنظر إليها بسخرية .... وقالت وهي تهز كتفيها ببرود شديد:
ما نختق على اللي ما يسوى دوسة نعالنا يا اخ فلاح ... واذا "دوسة نعالنا" تخرجوا من ارقى جامعات أمريكا ... فـ بنت عبدالله خريجة جامعة الامارات فديتك .... وجامعة الامارات تسوى عندها جامعات الدنيا كلها يا حلو ....


نظرت للفتاة واضافت ببسمة ساخرة مستهينة: اممممم عيل قلتلي اسمها يمامة وكشميرية .....
ههههههههههههه قدرك هذا أصلا .. ما تيمع الا الطيور والحيوانات .. مرة متوه ومرة يمامة .. والله اعلم باجر تييبلي خفاش ..



اعطته نظرة محتقرة واكملت من بين حور عيناها الساخرة: عمرك ما بتقدر تملك الثمين يا ولد عبيد ولا تقدر ترخص به .. والحص ثمين جانك جاهل وما تفطن ...



تأوهت بـ شكل ساخر مسرحي ثم اشرت باستخفاف نحوه ونحو يمامة واكملت: يعني افهم انك خذتها عقب ما ملجت عليه صح ..؟!
يا ربي .. خاطريه اضحك بس ويوهكم ما تساعد الصراحة على هالشي ....


أصدرت صوتاً انثوياً متغنجاً ساخراً من بين شفتيها ... ثم اردفت بفظاظة وهي تمد يدها نحوه: خلصني .. عطني جرج أبا اجرج تلفوني .. جرجي نسيته في البيت ..



نظر لها باستخفاف تخلله سخرية ... ثم غضن وجهه بقرف وهو يقول: اخيييج ... انتي تشوفين نفسج شقى ترمسين .. يعني مصدقة عمرج انج بنت ..!!


نظر إليها بازدراء واكمل: لسانج وصخ ... اسلوبج في الرمسة دفش وما فيه ذرة انوثة ... لا رقة ولا ادب ولا حشيمة ولا حتى منطوق يشرح القلب ...
وفوق ها خقاقة ورافعة خشمج على ولا شي ...


اشر على يمامة التي ترمش بنظرة ازدادت فتنة وقال: تعلمي من البنات .. طاعيها كيف ترمس وتبتسم وتدلع .. سمعي حسها النعيم دخيلج ... هاي بنت هب انتي ..
وترى انتي فهمتيني غلط ... هي صح خريجة ارقى جامعات أمريكا .. بس هب ها اللي يميزها .. اللي يميزها عقلها الكبير .. طموحها العالي .. احلامها الكبيرة ووظيفتها ...
بس انتي شو ..؟! خبرينا ..؟!
انتي مثل ما يقولون .. كثرة مرعى وقلة صنعا ... لا شغلة ولا مشغلة ولا طموح ولا حتى مجرد تفكير انج تسوين شي مفيد ومهم في حياتج ..
عقلج صغير يناسب احلامج الصغيرة وايد في هالحياة ...


اشر عليها بانفه وهو يكمل بسخرية بالغة: خبرينا شو تعرفين تسوين في يومج ووقت فراغج ..؟!
هاه ..؟!
مجابلة التلفزيون والنت والتلفونات اربع وعشرين ساعة ... ومخسرة ابوج من زود ما تشترين نعل وشنط ماركات ... والمشكلة انج تتحرين ان النعل والشنط بتسويلج جيمة وقدر في هالدنيا ...


شخر بذات سخريته: يالله .. انتي فاهمة الدنيا غلط على فكرة ... الثمين يا بنت عبدالله المفروض يملك عقل ثمين .. عقل يشتغل وإيد تعمل ... وانتي لا هذا ولا هذاك .. اسأل الله العفو والعافية ....


اشر على يمامة الباسمة بشماتة ... واكمل بقسوة باردة: يمامة دكتورة بيطرية .. ولو فكرتي تستهينين بالبيطرة فـ ما بستغرب .. لاني سبق وقلتلج .. عقلج صغير وما يشتغل شرا العالم والناس ...


هز كتفيه بخفة واكمل وقد تعمد هذه المرة جرحها في الصميم: يمكن عسب جيه اخترتي تخصص ربيعتج بنت هامل بن ذياب اختارته عن قناعة .. اللي هو التاريخ .. اخترتيه عسب بس اتمين ويه ربيعتج .. ويا ليت عاده فلحتي في التخصص ... يه ترسبين او تنجحين على الحافة ...


زم فمه ببراءة مصطنعة تخللها خبث شديد: اممممم طبعاً ماروم أقول شو معدلج يوم تخرجتي .. لأن المعدل الصراحة .. يطيح الويه ... ما ينقال ...






كانت تنظر إليه بصمت وهو يقذف عليها كلمات .......... صعقتها حد النخاع ....!!!

وياللغرابة ....... اوجعتها جداً وابداً .......

من الذي اخبره بكل هذا ...؟!

من اخبره انها تعشق شراء الحقائب والاحذية ذوات الكعب العالي ...!!!

وانها اختارت تخصص التاريخ لانها رغبت بأن تظل قريبة من صديقاتها ...!!!!

من اخبره بحق الله بتعثرها الدراسي ومعدلها الجامعي الضعيف ....!!!!


رباه ......... أطعم الإهانة مر هكذا وقاتل ....!!!



لم تدرك انها كانت تضعظ بقوة على اسنانها وتحبس أنفاسها من فرط هيجان مشاعرها الا بعد لحظات طويلة من التحديق "الناري الحارق" به ....


وببطئ .... استدارت مبتعدةً عنهما .. عن هذا الذي يرمقها بنظرات تصرخ سخريةً/استهانةً .. وتلك التي تتشمت بها بنظرتها الزرقاء المتغنجة وبسمتها الانثوية اللعوبة ...


لكن .. وقبل ان تخرج من المجلس .... سمعته بقول بصوتٍ خشن هادئ وكأنه يرغب بإكمال هدم حصون قوتها بأبسط طرقه المتوافرة لديه "بكثرة": وهيه ... خذتها عقب ما ملجت عليج ... طبعاً ما ظنتي بتسألين عن الأسباب ... لأنها هي بكبرها "سبب" ...




اجل .. هي بأكملها سبب .. أهناك رجل يستطيع مقاومة كل هذه الكمية الباذخة من الجمال/الانوثة .....!!!!



ابتلعت جملتها مع غصة شديدةَ المرارة في بلعومها ... وخرجت بذات صمتها السحيق ...



حرك شفتاه وتفكيره يدور في فلك بعيد .. بعيد جداً ... بعدها استدار ببطئ نحو يمامة وقال بصوت رجولي خشن وقد قلب لسانه للانجليزية:
اعتذر مرة أخرى على الذي حصل بغيابي .. واكرر كلامي لك ... من مصلحتك ان تكوني اكثر حذراً مع حصة ...


مرر لسانه على شفته السفلية ببسمة مظلمة ذات معنى ... واكمل: فـ هي فتاة شرسة كما ترين ...


التمعت عيناها بثقة شديدة وقالت: لا تخف عزيزي .. ما حصل منذ ساعات سأعتبره سلاماً تعارفياً بيني وبينها ..


واكملت ببسمة حلوة وهي تتلقف الشبل الصغير الآتي ركضاً نحوها: وسلاماً تعارفياّ ايضاً بينها وبين ستورم


ابتسم بشكل باهت للشبل الجميل .. وقال باقتضاب ليمامة: غداً لدينا عمل كثير .. شحنة المواشي ستصل في الصباح الباكر .. يجب ان ترتاحي قبل ان تبدأي عملك الروتيني معهم ..


ردت ببسمة رقيقة وهي تداعب اذن الشبل: لا عليك ... اني اترقب صباح الغد بفارغ الصبر .. تعرف جيداً ادماني اللذيذ بعملي وسط الحيوانات البريئة ..


اومئ برأسه بهدوء وخرج من المنزل نحو مزرعته الجديدة والتي اشتراها منذ شهر فقط من رجل طاعن في السن قضى اغلب سنين طفولته ومراهقته فيها ... صحيح انها شبه مهجورة .. متهالكة .. وقذرة .. الا انه عزم على ترميمها وإعادة احيائها وتنظيفها ..

وقبل هذا .. تحقيق رغبته بامتلاك مزرعة دواجن ومواشي .. مع بناء قسم خاص لـ حيواناته المفترسة ...

حسناً ..... حبه بامتلاك الحيوانات المفترسة والصقور كان منذ القدم .. الا ان تأسيس تجارته الخاصة مع الحيوانات الأليفة اصبح هاجسه مؤخراً ....

يحب تحدي نفسه وفعل كل ما يطرأ على باله ..



.
.
.
.
.
.
.



: ألو


اتاه صوت صديقه المقتضب المتباعد: مرحبا سلطان .. وينك ..؟!


تنهد سلطان بعمق وأجاب بطي وهو يجول بناظريه نحو البحر الغارق تماماً بالظلام الا من ضياء القمر والنجوم ... وضوء سيارته الامامية الساطعة: مرحبتين .. صوب بحر البطين


رد الآخر بتعجب بارد: بحر البطين ...!!


سلطان: هيه


قال بطي باختصار: ياينك ..


لم يكن سلطان بمزاج يسمح له ان يزيد من تساؤلاته عما يريده بطي منه الآن .. واكتفى بأن قال: اترياك ..





في الحقيقة .. كان يشعر بأحاسيس مشتتة .. ضائعة ...... احاسيس مخزية بشعة ....!!!!

كيف لا وهو كان سبباً بشكل او بآخر .... في هدم حياة انسان .... وقبله روحه .....!!

كيف لا وهو كان سبب مرض ابنة عمه التي جرحت زوجها شر جرح وبأبشع الطرق واشدها جنوناً .....!!

رباه ...... لا يستطيع تخيل نفسه مكان احمد ............ يقسم انه لا يستطيع ..!!!!

يشعر بالكآبة ... بالضيق ... وبالحزن على حال اخٍ له لم تلده امه .....!!






بعد حوالي 45 دقيقة




اغمض عين واحدة ما ان سطع على وجهه ضوء سيارة صديقه القادمة من بعيد .. وما هي الا ثواني حتى خرج الأخير من سيارته ومشى بهدوء نحوه ..



: السلام عليكم



وقف سلطان وسلم على بطي بأنفه وهو يقول بصوت عميق خفيض: وعليكم السلام اقرب حياك


شعر بطي بشكل غريب .. ان صوت سلطان ونظرة عيناه كانا مختلفان .. وكأنه حائر .......... وحزين ..!!


تنحنح بثقل ... ثم جلس وسلطان على الأرض ... وقال وهو يمشط بعيناه المكان حولهما: شعنه يالس هنيه روحك ... وفي هالليل ..؟!


نظر إليه من تحت اهدابه واضاف بنبرة جافة "متصنعة" ... لأنه في الحقيقة كان قلقاً ومهتماً بما يجول بخاطر صديق عمره ... لكنه لا يستطيع الى الآن تجاوز الشرخ الذي حدث بينهما ومعاملته بعفوية كالسابق:
شي بلاك ..؟!


نظر سلطان نحو صديقه نظرةً خاطفة قبل ان يبتسم ابتسامةً لم تتجاوز حدود عيناه .. وقال بهمس: ولا شي بوخويدم ..


ضرب فخذه بخفة عفوية واكمل: خبرنا .. شو يانا على بالك الحينه وبغيت تشوفنا ..؟!


غضن بطي جبينه وهو يرمق المكان من حوله بفكر متشابك سحيق .. ثم قال بعد ان نفض يديه من رمال الشاطئ التي نثرها بعفوية امام قدميه: بغيت ارمسك في شي ..؟!


سلطان من بين حاجباه المعقودان: عن شو ..؟!


نظر بطي إليه بعيناه المظلمتان الجامدتان وقال: عن سعيد


رفع سلطان حاجباً واحداً بـ استغراب مذهول تمكن من كبحه بمهارة قبل ان يقول: شبلاه اخوك الله يرحمه ..؟!


بطي بنظرة تقدح شراراً معتماً مخيفاً: ما بيبرد خاطريه من اللي صار في اخويه الا يوم اشوف هالجلب بومرشد ميت عند ريلي ..


اكمل بسرعة تحت نظرات سلطان المتوجسة: سلطان .. أبا أكون على علم بكل صغيرة وكبيرة تخص مخططكم ضده ..


سلطان وقد اظلمت عيناه صرامةً مسيطرة: بس انت تعرف ان هالشي مب مسموح لك .. شغلنا سري تماماً ..
حتى لو كانت السالفة اللي تبا تدخل فيها تخص اخوك .. ها ما يعطينا الصلاحية والحق انه ندخلك فيها ونورطك بمشاكلها ..!!


بطي من بين اسنانه: لانه اخويه فـ ها يعطيني كل الحق انيه ادخل .. قلتلك .. ما بيبرد خاطريه الا يوم اشوف الجلب بومرشد ميت عند ريلي ..


حدّق سلطان بتعابير بطي الحادة الغاضبة ثواني قبل ان يقول: ما فهمت .. تبا تذبحه ..؟!
تتحرا الدنيا سايبة ..؟! البلاد ماشيه على قوانين وقضاء ومحاكم .. لو نبا نذبحه جان من زمان ذبحناه وفكينا خلق الله من شره .. بس نحن هب في غابة يا بوخويدم ..


شخر بطي بسخرية مريرة وغمغم: واللي سواه في اخويه تعتبره عادي وطبيعي ..!!!!


سلطان بحدة: اذا هو حيوان ويتحرا البلاد غابة حق جشعه وطمعه فـ نحن اوادم وفينا عقل ونعرف نفرق بين اللي المفروض يستوي واللي المفروض ما يستوي ....


اشاح بطي وجهه عن سلطان وقد وصلت حرقة قلبه على شقيقه حدها الأقصى في روحه .... ثواني حتى قال بعد ان تنهد بقهر جمري: على الأقل عطني خبر يوم بتزخونه ...


نظر نحو سلطان الذي يمعن النظر فيه .. وتابع من بين نظراته المشتعلة: تسمعني سلطان ..!!
يوم تزخونه أبا أكون حاظر وياكم .... ها طلبيه الأخير ..


حدّق سلطان بعينا صديق عمره بعمق ...... ثم اومئ رأسه صامتاً قبل ان يهمس بصوتٍ ثقيل: ان شاء الله


اكمل بحزم بعد ان وقف وانتعل نعليه: هاللي اروم اسويه عشانك ... بس مسألة انيه اخبرك بسوالف شغليه فـ ها اسمحلي .. ماروم ..



.
.
.
.
.
.
.



بعد مرور أسبوع .... العصر





: ها حبيبتي .. شو رايج ..؟!


مصت شفتها السفلية وهي تسبل اهدابها خجلاً .. وهمست: اذا هو يبا جيه .. خلاص على راحته ..


رمقتها بنصف عين ضحوكة تشع مكراً وقالت وهي تمطط كلماتها بمشاغبة حلوة: اذا هووو يباااا هاااااااااه ....
يا عيني يا عيني .. ما نروم على الدلع ...


قرصت ناعمة يد شما موبخةً ببسمة حانقة خجولة .. خجل اشتعل بدواخلها وبين مسامات بشرتها منذ ان علمت ان حاربها الأسمر قد اعلن رغبته بأن يكون الزفاف بعد ثلاث أسابيع فقط: شمووووه عاد عن الطفااااااسة ....


شما: ههههههههههههههههههههههههه ههه


قطع حديث الفتاتان رنين هاتف ناعمة ...


استلته وقالت بعد ان ضغطت زر الاستقبال: هلا هلا بالحلوين ...


: هلا عمري .. شحالج ..؟!


ابتسمت بغرابة وقالت: بلاه جيه صوتج رايح حنونة ..؟!


قهقهت حنان بخفوت ملؤه "الإرهاق التام" .. وهمست: حميد فديته عاداني بزجمته .. أصبحت الصبح الا واشوف صوتي رايح من التعب ..



لكن ناعمة احست ان مع اختفاء صوتها حنان .. كان هناك اختفاء من نوع آخر .. نوع يسمى "سعادة" ...


قالت بقلق: سلامات حبيبة قلبي ..


واستمرت تحادث ابنة عم عمها سلطان حتى قالت لها الأخيرة فجأة: نعوم ..... ا ا فـ فاضية الحينه ..


شعرت ناعمة لحظتها ان ظنونها لم تخطئ وان حنان تواجه مشكلة ما ... ردت وهي تنظر بعفوية نحو شما التي كانت مشغولة بمحادثة زوجها كتابياً: لا فاضية غناتي .. شعنه ..؟!


صمتت حنان قليلاً ... ثم قالت بصوت بعيد مكتوم: تعالي عندي الحينه .. انا في بيت ابويه ..


قطبت ناعمة حاجبيها بتوجس ... ثم تداركت الوضع وهي تقول بسرعة وقد استشعرت بقوة كمية حاجة حنان لها الآن:
افا عليج ... مسافة الدرب وانا يايتنج ان شاء الله ...




أغلقت ناعمة هاتفها واخذت تطرق به جانب فمها بتفكير متشربك عميق ... ولم يخرجها من عمق تفكيرها الا سؤال شما:
شبلاها حنان ..؟!


جفلت ناعمة بخفة قبل ان تقول وهي تهز كتفيها: ماعرف


رفعت شما كلتا حاجبيها بتعجب وقالت: ما تعرفين ..؟!


ردت ناعمة بعد ان استوعبت كلمتها الخرقاء: ا ا اقصد لا .. ما بلاها شي الحمدلله بس تباني اسيّر صوبها شوي ..


شما: تعرفين .. من متى أبا اقولج خل نسير صوبهم أبا اسلم على خالوه ام حميد واشوف شو صحتها فديتها .. يقولون ميهودة هالفترة مادري شبلاها ...


وقفت ناعمة وهي تقول بحزم رقيق: يلا عيل خل نسير ..


شما: صبري بخبر سلطان اول ..



.
.
.
.
.
.
.



بعد ساعتين



رغم انها في بداية رؤيتها لـ شما شعرت بضيقٍ ما .. لأنها رغبت بأن تستفرد قليلاً بـ ناعمة والغرق في الحديث معها من غير تحفظات ولا قلق ..


الا انها الآن ممتنة لوجودها .. فـ جلستهن أصبح احلى واروع .. خاصةً وان الأخيرة قد تمكنت من بث البسمة على وجه والدتها فيما مضى بحكاويها الشبيهة بحكاوي كبار السن وظرافة كلامها العجائزي المماثل لهم ..


واكتشفت ان هناك خصلة جميلة في شما ... تحب التعامل مع الذي امامها وفقاً لعمره .. لشخصيته .. لفكره .. لطباعه .. من غير ان تستبدل في الحقيقة "شما القابعة فيها" ..



أمها ........ آهٍ من أمها .....!!!

ازداد تعلق الأخيرة بها خاصةً في هذا الاسبوع ... بعد ان .............

لا ..... لا تريد تذكر ذلك اليوم .. ذلك الموقف .. تلك النظرات .. تلك الكلمات "السامة كـ سم الثعبان" ....





" منكرج .. ووصاختج .. هب عليّه انا .... الظاهر انكن يا بنات حميد ظاريات على الخياس .... ظاريات على المرابع ورا الرياييل"




رباه ..... كلماته السامة لا تغادر أذنيها ابداً مهما حاولت وترن داخلها كـ رنين ضحكات الشيطان

كلماته كسرت باباً من روحها لم يُفتح الا لأجله

ادمت نبضة وليدة خُلقت لعيناه/لكله

اوجعت وتيناً لم تعلم بوجوده الا على يداه

موجوعة منه حد السماء وما فوقها ...



كيف استطاع بكل ضمير معدوم ان يفعل بها هذا ...!!

ان يعذبها مرة أخرى بضربه .. وكلماته المشينة الحارقة ... وبنظراته المحتقرة المتشككة ...!!

كيف فعلها بعد ان تمكنت بقوة من نسيان فعلته الاولى ليلة زفافهما الأولى ..



آه يا انت .. آآه ..



هي حزينة .. موجوعة .. مجروحة .. وغاضبة غاضبة غاضبة حتى بلغ الغضب منتهاه ..


غاضبة من نفسها ومنه

غاضبة لأجلها ولأجله

غاضبة عليها وعليه



مجنونة هي وتعترف بهذا ... تعترف انها ورغم ما يفعل بها من تصرفات قاسية فظيعة .. ما زالت تعشق مشاركته معها حتى في المشاعر ..


وليس هذا فحسب .. بل تقدم نفسها عليه وكأنها تضع اللوم وكل المشاعر السلبية على عاتقها قبل ان تضعها عليه
وكأنها يالله تهوى تعذيب نفسها وحمل اكبر كمية من العذاب وترك البقية الخفيفة منه له ...!!


هل الحب يجعل الانسان ساذج ابله لهذه الدرجة ..!!



تشعر بقلبها منهك ... يكفيها يالله انهيارها الصامت في اول لياليها في منزل والدها .. يكفيها حرقان الدموع بمقلتاها كلما تذكرت صفعته المهينة ... كلما تذكرت قسوة .. نمروديته .. بروده .. شتائمه وتحقيره لها ..


يكفيها حيرة وهي تحاول بشتى الطرق اكتشاف لمَ هو يعاملها بهذه الطريقة .. لمَ دوماً يربطها بشقيقتها التي .... "والله وحده يعلم" .... تثير فيه اشد أنواع الحقد/الكره/الاحتقار ...


تشعر بقوتها التي حاولت الحفاظ عليها منذ ان تزوجته تذوب شيئاً فـ شيئاً ... وما عادت تلك الحنان التي تستطيع مواجهة احقاده اكثر ...


لهذا فقط قررت الذهاب لمنزل والدها ..


في الحقيقة ... هي "حجةٌ وحاجة" ... حجة لتظل قليلاً مع والدتها التي تستمر بإشعارها انها تركتها ونستها ولا تريدها .. وحاجة لها هي ....!!


لكيانها الجريح .. لأنوثتها المختنقة .. لقلبها الباكي المتألم ...

تريد تجاوز صدمتها المؤلمة بما فعله والتمسك بالقليل المتبقي "منها" ..

تريد اشعاره بالذنب .. بالأسف .. واخباره بحركتها انها تعبت من تصرفاته الهمجية وتعامله المتناقض الفج الصلف معها ...

لكنها .... ويالسخريتها من سذاجتها/غبائها .... الى الآن لم ترى أي من هذا وذلك ....!!!

لم يتصل بها حتى لـ يطمئن انها موجودة بأمان في منزل والدها .....!!!

وكأنه ....... وكأنه كان ينتظر فعلتها هذه ......!!!

يالله ........... يا لقسوتك يا موجع الفؤاد .... يا لقسوتك ...........!!

أتبغضني/قربي لهذه الهدرجة ......؟!





اتاها صوت ناعمة الخفيض المتفاجئ نوعاً ما: الله يرحمها .. ما جد ريتها تضحك جيه ..
متى هالصورة حنون ..؟!


رفعت عيناها الغائمتان من اثر ذكرى "موجعها" وحدّقت بـ ناعمة التي تقف قرب طاولة تسريحة غرفتها القديمة وتحمل بيدها صورة قديمة مبروزة .. "صورة اخرجتها من تحت الأنقاض لتذكرها انها في يوم من الأيام كانت تمتلك اخت تعرف كيف تضحك وتبتسم بحلاوة لها من غير جفاء وتعجرف"



ابتسمت بحزن وقالت: سنة 2001 ..


ناعمة بذات نظرتها المتفاجئة: اجذب عليج ان قلتلج شفت عوشة تضحك بهالشكل من قبل .. سبحان الله ....


التفتت نحوها وسألت: شو اللي كان يضحكها ..؟!


اسبلت حنان اهدابها .. وهمست: كانت تضحك على شي قاله ابويه ...


صمت وجيز تذكرت خلاله طفولتها وايام عمرها مع اختها الوحيدة قبل ان ترتمي على فراشها وتقول وهي تضع يديها على بطنها بعفوية: تعرفين .. احيد مرة .. ضحكت ويايه ضحك هب طبيعي يا نعوم .. لدرجة تمت تلوي عليه وتبوسني عقبها .. ما انسى ويهها هاك اليوم ... وماقدر اوصفلج شقد صدمتني وفرحتني في نفس الوقت .. حسيت عمريه أنجزت انجاز حقها مع ان اللي سويته شي عادي ما يسوى ...


ناعمة بفضول: شو سويتي ..؟!


هزت كتفيها بعفوية وقالت: ما أتذكر والله شو صار بالضبط هاك اليوم .. بس احيد انيه سمعت امايه ترمس خالتيه ام سعيد وتباركلها على خطبة سلطان لـ شما ..


أكملت موضحةً: خطبتهم الأولية اطري ..
والسالفة هاي كانت سكيتي محد يعرف عنها الا الجراب بس لاني سمعت امايه تقول حقها كلام بمعناه انها ما بترمس عن السالفة حق حد الا يوم تستوي الخطبة رسمية ..
بس انا من لقافتيه وفرحتيه سرت عند عوشة وقلتلها اللي سمعته ..


ابتسمت بألم متمكن في الروح .. وهمست: تبين الصدق سرت وخبرتها لانيه بغيت اتشارك وياها اسرار ... اسرار بين الأخت واختها ... عمريه ما ذقته هالاحساس وياها ويوم يتني الفرصة ما طوفتها عليّه ابد ..




شعرت ناعمة بالحزن ينتشر على صفحة روحها/وجهها من هذه التي لطالما طمعت "بأخت" ولطالما اعتراها الشغف لاكتشاف ماهية الاسم ومعناه الباطني ... الا ان هذا الشغف "على ما يبدو" تحطم لأشلاء على مر السنين ولم يُعطى أهمية البتة ...!!!



همست كي تحثها على الاكمال: انزين وعقب ..؟!


تنهدت حنان بعمق .. وتابعت: تخبلت .. يلست ادزني وتقول عنيه جذابة .. وما خلت سبة ما سبتني إياها ..


ناعمة بذهول: شعنه ..؟!


حنان: الله اعلم ..
بس عقب يومين .. يتني ويلست تترجاني اقنع امايه انها تسير وياها العين في العيد ..


ناعمة: ليش انتي تقنعينها هب هي ..؟! احيد هي المبزاية واللي تروم تفر راسهم بكمن رمسة حلوة ..


ضحكت بسخرية اخفت خلفها مرارة عمر بأكمله .. وهمست: لان وقتها امايه كانت زعلانة منها .. لان الحبيبة مدت لسانها عليها وقلت ادبها .. فـ ما طاعت توديها عقابٍ الها ..


ناعمة بادراك: اهاااااااا .. انزين وعقب ..؟!


لفت حنان ناحية باب حمامها وقالت بفكاهة مفاجئة: شما خاست في الحمام .. هب ناوية تظهر ..؟!


ناعمة: هههههههههههههه لا نزلت عند امج مرة ثانية يوم سرتي قبل شوي تيبيلي جاهي حليب ..


تابعت بحنق رقيق متلهف: يلا كملي حنووون عنبوه اير الرمسة منج ير ..


حنان: ههههههههههههه زين زين ... اممممممم .. وين وصلنا ..؟!
هيه ...
وعقب عاده يا ستي ما هان عليه اردها ... سرت عند امايه وليّنت فوادها بكمن كلمة لين ما طاعت ... ويوم قلت حق عوشة ان امايه رضت .. ضحكت ضحك مب طبيعي .. ضحكت من قلبها حتى انيه تروعت يا نعوم ... ولوت عليه ويلست تحببني من الخاطر ..

هههههههههههههه بعدني كل ما أتذكر شكلها اضحك من الفرحة .. بس لين الحينه تبين الصدق ماعرف شو اللي خلاها تستانس جيه ..


ابتسمت ناعمة بغرابة وهمست: غريبة والله ...




وارجعت ناظرها لـ وجه عوشة الضحوك ..... ولم تعلم ... كما لم تعلم حنان .... ان هناك من سمعت الحوار كله من خلف الباب الموارب .....!!!


حوار اشعل لهيب ذكرياتها ورتب تفاصيل الاحجية حتى اكتملت صورتها الحقيقية بمخيلتها .......!!!



.
.
.
.
.
.
.



أسبوع كامل مر وهي بهذه الحالة الغريبة من الصمت ......!!!
وكأن لسانها قد فقد قدرته على الكلام والعقل على التفكير صدمةً وهلعاً مما حدث لها ليلة زفافها .....!!!


أسبوع كامل وهي حبيسة غرفة الجناح الفندقي .. لم تره ولم تتحدث معه .. ما ان تسمع صوت باب الجناح يُفتح .. تخرج لتتحرر من سجنها ولتطعم جسدها بعض الطعام ... فقط لتحيى يوماً آخراً لا يحوي الا الألم والقهر والجرح ....


وما ان تشعر بقرب دخوله ... تدخل غرفتها ولا تخرج منه الا بعد خروج صباح اليوم الآخر ....


تحدثت مع أهلها عدة مرات خلال الأسبوع .... الا انها لم تتجرأ وتفتح فمها لتشكو إليهم جور ذلك الرجل النمرودي ....


ماذا تقول لهم يالله ....... وكيف تشرح لهم ما حصل .. وعبر الهاتف .. المصيبة التي وقعت على رأسها .....!!!



والدها لا يعرف التفاهم والعقل في أمور الشرف ... ان علم بموضوع ذلك الرجل الحقير والصور التي التقطها سيقتلها لا محالة ... بل لن ترف عيناه حتى وهو يقتلها ......



حكت عينها المنتفخة الحمراء من قلة النوم والأرق ....... والحزن ..


رباه .... كم هي مجروحة منه ... مجروحة ولا تعرف ما اذ ستتمكن من مسامحته يوماً ما على اقترفته يداه بها ....


أهناك ابشع من ان يُشك بـ شرف فتاة نظيفة شريفة .....!!!




اخذت نفساً عميقاً متهدجاً .... وقررت انها لابد ان تسيطر مرة أخرى على نفسها ....


لابد ان تقوي قلبها/ارادتها .. لابد ان تحل المشكلة قبل ان تزداد سوءاً .. لابد ....



اخذت نفساً عميقاً آخراً .. اكثر حدةً واشد عنفاً .... ثم دخلت الحمام كي تستحم وترخي اعصابها وعضلاتها المشدودة ...


أوان الصمت انتهى ..... ستنتزع حقها من ذلك القاسي الغليظ القلب بالقوة ورغماً عن انفه .....


بعد ان استحمت .. نشفت شعرها الناعم قليلاً قبل ان تخرج وترتدي ...... اجمل ملابسها .....!!




بعد دقائق




كانت تتأمل هيئتها المنتعشة وكأنه زهرة تفتحت للتو لتنشر شذاها على كل فراشة تمر فوقها ..

رغم هذا .. ورغم انها ارضت غرورها الكلي ببهائها ... الا انها ما تزال تشعر بالحسرة على ليلة زفافها .....

آه يا حمد ..... هدمت قصور سعادتي ودنيا احلامي بتلك الليلة بعد فعلتك الشنعاء بي .....

رباه ............. سكين قسوتك السامة انغرست في فؤادي وادمتها حد الهلاك المريع .....




شمخت بأنفها محاربةً دموعها التي علقت بين اهدابها كي لا تنهمر وتخرب زينة وجهها الخفيفة التي وضعتها منذ دقائق ..



لقد قررتِ يا ميرة وانتهى الامر ... انتي لن تضعفي ...

لن تضعفي يا فتاة ...



سمت بالرحمن بقلبٍ ينتفض توتراً/تخبطاً .... ثم امسكت مقبض باب الغرفة وسحبته للأمام ....



جالت بناظريها حول غرفة الجلوس الكبيرة الفخمة ببطئ ... وكادت تظن انه غير موجود ف الجناح لولا صوت خشن عميق آتٍ من خلف طاولة ما .. تحديداً بين الطاول المستطيلة الكبيرة وبين أطول اريكة بين الارائك المتناثرة بشكل مرتب انيق جذاب ..


صوت اشبه بشخير .... الا انه لم يكن شخيراً .....!!

كان انين خشن غليظ ........... مبحوح ....!!!!



انتفضت خفقاتها خوفاً وكادت تتراجع الا ان شيئاً مثل المغناطيس كان لا ارادياً يجتذب قدميها للأمام .. اكثر واكثر ..


حتى اصبحت تقف قرب رأسه ....!!


كان نائماً على الأرض ونصف وجهه مخبئ تحت الملاءة الخفيفة ........ ويأن .......!!




وضعت يدها على قلبها المرتعد شاعرةً بعاطفةٍ شديدة تجرها نحوه ... وتفجر حنانها رغماً عنها ما ان رأت هيئته التي كانت كـ هيئة طفل تائه نائمٌ في العراء ....


الا ان ملامح وجهها قست واحتدت ما ان اتذكرت افعاله المريعة واتهاماته البشعة ...


زمت فمها بغضب بينما انينه يزداد .. ويرتفع ....


وسرعان ما جفلت بذعر ما ان اتحرك قليلاً لتصطدم يده بإحدى ارجل الطاولة ويصدر تأوهاً حاداً ..... متوجعاً ..


نزع عن وجهه الملاءة بحدة والف شيطان غاضب يتراقص فوق رأسه ..


عندها ... وجدت نفسها تتراجع الى آخر غرفة المعيشة وتمعن النظر به بعيناها المرتبكتان عن بعد ..


اسند يده على الأرض لينهض ويستقيم بظهره .... وببطئ شديد ملؤه النعاس/الخمول .... استدار نحوها وتأملها بعيناه الحادتان الحمراوان ....


تغضن جبينه اكثر ولا تعرف هل انزعاجاً منها ام من امرٍ آخر ..... ورأته كيف رفع يده اليمنى ممسداً إياها وكأنها .... تألمه ...!!!!


ما باله ...!!! أكان انينه ذلك بسبب يده ...!!!


بلا سيطرة من عقلها المتشوش .. اقتربت قليلاً لترى ما اوجع تلابيبها خوفاً...!!


كانت يده منتفخة بشكل مخيف وانقلب لونها للون اخضر مزرق يرعب القلب من هوله ...!!



كتمت شهقتها بقوة .. خاصةً وهي تراه يزيح الملاءة عن جسده ويقف لتظهر قامته بأوج رجوليتها خلف فانيلته البيضاء الخفيفة وإزاره ..


اخفضت عيناها بخجل قاتل وتراجعت خطوتان وكأنها بهذه الطريقة تخفي نفسها عن مدار جاذبيته الكاسحة ....


اقترب منها بثقل صامت ...... ولم تكد تفكر بالهروب حتى لمحته بطرف عيناها الوجلتان يتجاوزها ويدخل الحمام المحاذي لها ..


بعد دقائق .. خرج ووهو يمسح وجهه ورأسه من قطرات الماء ..


وقف امام القبلة ..... وكبّر .....


طيلة صلاته وهي تحدّق به .. لا تعرف أهو رهبةً .. ام توتراً .. ام رغبة طفولية رعناء منها لتأمله فقط ..


تأمل الجانب الإنساني الرقيق المسترخي منه ... ذلك الجانب الذي عشقته قبل ان يحصل ما حصل يوم زفافها ....


عندما سلم من صلاته .. ظل بمكانه يستغفر ويذكر الله .. قبل ان يصمت وينظر إليها بعينان داكنتان ..


بهدوء خالٍ من السخرية قال: شعنه مصطنه هناك ..!!


اشر بأنفه نحو الاريكة واكمل: يلسي


شعرت بمعدتها تنقبض توتراً .. واضطراباً ... الا انها تذكرت قرارها ...


هي لن تضعف ....!!!



اقتربت من اقرب اريكة امامها .. وجلس على حافتها بصمت ..


رفع حمد سجادته .. ثم اخذ كيس ابيض مكتوب عليه اسم احدى الصيدليات الشهيرة كان موضوعاً قرب التلفاز ..


جلس على الاريكة المقابلة لأريكتها ... قبل ان يخرج مرهم طبي مسكن للألم ... ويدهن يده المنتفخة بها ...


لم تتمكن من السكوت .. ليس وقلبها يتوجع من العرق المتصبب من جبهته وكأنه يصارع ألماً شديد بصمت ومن غير ان يظهره على تقاطيع وجهه الجامدة ....


: لـ ... ليش ايدك منتفخة ..؟!



اغلق رأس المرهم بعد ان انتهى ورماه على الطاولة امامه قبل يسند ذراعيه على ركبتيه ويميل الى الامام ويقول بصوتٍ خشن مستكين لا إحساس يتخلله: اخيراً شفناج وسمعنا حسج ...


تململت بمكانها متوترةً من نظراته المتسلطة عليها .... ولم تعلق على قاله ... لحظات حتى همست بصوت بالكاد ظهر من حنجرتها: ا ا ابا أقول ... شـ شي ...


رفع حاجباً واحداً بنظرة لم تتزعزع ولم تهتز .... وقال بصوتٍ خفيض: تقولين شو ..؟! الأمور كلها انكشفت وعرفنا انج ......


سكت وكأنه كان يرغب بقول شيءٍ ما الا انه اكمل وهو يقول: هب شرات اللي بالنا ......




حريق ...... هذا الانسان لا ينفك اشعال الحريق في كرامتها بقبح ظنونه وظلمه .....




أغلقت عيناها بعنف هاتفةً بانفعال: دخيلك .. احترم انسانيتي شوي وخلني على الأقل ارمس واظهر اللي في خاطري .. يسد اللي سويته فيه يوم عرسي .. والله يسد يا ولد الناس ..


فتحت عيناها ورمقته بنظرة تبرق بعواصف من جرح/قهر/ألم/حسرة .. وسرعان ما اطبقت شفتيها ببعضهما بعزيمة وقوة وهرعت اتجاه غرفتها ...


عندما عادت .. كان ترفع امام وجهها هاتفها المحمول ...


وتحت انظاره المظلمة الحادة الغاضبة ... ضغطت عدة ارقام قبل ان تضغط على زر الاتصال .. وزر المكبر ..


: خالوه



.
.
.
.
.
.
.



أغلقت الخط عن شقيقها ناصر بعد ان طلبت منه ان يأتي إليها ويرجعها الى الفندق بعد ان تمر على منزل صديقتها الإماراتية وتأخذ أبنائها وأبناء شقيقها من عندها ....


كانت قد وضعت الأطفال لدى المرأة ليلعبوا مع اطفالها حتى يتسنى لها زيارة ام فاطمة في المشفى والاطمئنان على حالتها ...


عندما علمت بمرض الأخيرة أصابها الذهول والحزن الشديد عليها ... وهي التي أتت من قطر فرحةً مستبشرةً بالخير في موضوع زواج شقيقها من شيخة .... أتت كي تخطب البنت من والدتها ولم تجهز نفسها لتلقي خبر مرضها المريع ......!



تنهدت بخفوت واخذ تذكر الله وتستغفره بنظرة حزينة ....



حسناً .... كل تأخيرةٍ هي خيرة من رب العالمين ...... لن تتحدث عن امر الخطبة حتى تتماثل ام فاطمة بالشفاء ان شاء الله






اتاها صوتها المرهق جداً .... المكتوم جداً جداً: مـ ... منيرة


التفتت منيرة بقلق نحو ام فاطمة التي على ما يبدو قد استيقظت بعد سبات دام فقط دقائق


ظنت ان الأخيرة قد غرقت في النوم لذا قررت الرجوع الى المنزل وترك المسكينة تنام بهدوء من غير ازعاج



كحت ام فاطمة بوجهٍ شاحب كلياً ...... وقالت بحشرجة: حبيبتي تعالي .... في شي .... أبا اقولج عنه ......... الحين


دنت منيرة منها وهي تقول باهتمام حنون: رقدي فديتج شاللي خلاج تقومين ....؟!


هزت ام فاطمة رأسها بالنفي ... وصمتت ثوانٍ كي تلتقتط أنفاسها التي أصبحت ثقيلة على مجرى تنفسها وخفقاتها:
لـ ... لا ....
في .... في شي ضروري ...... لازم ......... أقوله ......
لـ ..... لاززم



.
.
.
.
.
.
.



غضن جبينه وامارات المرض ما زالت تغطي كل معالم وجهه من عينيه ووجنتيه الى انفه وشفتيه ..

قضائه في البحر مستحماً ساعاتٍ طوال في ذلك اليوم الذي ذهبت فيه زوجته لمنزل والدها لم يخفف من لهيب غضبه بل فقط جعلته ضحية رشح حاد لم يفارقه حتى الآن


رغم هذا .... لم يتوانى عن توبيخ ابنه الكبير بنبرة هادئة ليست بعالية: زيود ... هاي عاشر مرة اسمعلك الحديث وبعدك تخربط فيه ... يلين متى بترياك تحفظه ...!!


زم زايد فمه وغمغم بطفولية عابسة: وين ماما حنان .. اباها هي تسمعلي ..


هدر فجأة بغضب من كلمات ابنه التي وضعت الملح على الجرح: زيووود ... انطم يلا واحفظ .... ولا والله ما اخليك تبات عند عيال عمك بطي الأسبوع الياي ..


انزل زايد اهدابه بخوف وقال بصوتٍ يثير الشفقة: صعب ابويه


رمقه والده بحدة لعدةِ ثوانٍ قبل ان يتنهد ويقول بهدوء وصبر: ييب ورقة وقلم وتعال


اخذ زايد اقلامة ودفاتره واقترب من والده .... وسرعان ما طلب منه بتأني ان ينسخ الحديث عدة مرات كي يتمكن من حفظه بسهولة ....


بعد دقائق .... تمكن زايد من حفظ الحديث بالفعل وامتحنه والده به حتى تأكد من هذا ....


التقط زايد هاتفه وقال ببهجة برّاقة: بدق على ماما حنان واقولها اني قدرت احفظ الحدييييييث



: لااا



نظر الابن لوالده بخوف قبل ان يقول بتلعثم: بـ بس ابويـ....



: رمسها خاري ... هب هنيه عندي



خرج زايد مهرولاً وهو يقول: ان شااااء الله








رباه ........... أكان ابنه يستوعب ما كاد يفعله به ..........!

أكان يدرك ما كاد يقترفه من جرم بحق كيانه الملتاع ....... المجنون ..........


لـ شم مسك انوثتها ............!



أسبوع كامل قد مر عليه من غيرها ..........!

أسبوع بأطول ثوانٍ ...... واقبح دقائق .......!





عطس فجأة ثلاث مرات متتالية حتى شعر بالدوار والثقل الجاثم على رأسه


من فرط تعبه .... وضعه رأسه فوق الطاولة ..... واغمض عيناه بإنهاك شديد ..





في الخارج



قالت بهيام اخفته خلف صوتها الحنون الهادئ: بابا وين حبيبي ..؟!

رد زايد ببراءة: بابا في مكتبه ... يوم قلتله بدقلج قالي اطلع برع لا ترمس عنديه ...





إلهي .......... انه لا يريد حتى ان يستشعر قربي منه .......!

ذلك القاسي عديم الرحمة سليط اللسان ......




قالت فجأة بحقد اشتعل في جوفها: وانا ماباك ابد ادقلي وهو عدالك زيود تسمعني ....!!!


رفع زايد حاجباه بدهشة ..... ثم قال: ا انزين مامااا



زفرت حنان غضبها بصوتٍ حاد قبل ان تقول بتجهم: وينه سعودي .. عطني إياه ..



بعد ان حادثت الصغير سعيد ... أبعدت الهاتف عن اذنها كي تغلقه ..... لكن صوت سعالٍ حاد خشن اوقفها



هتفت بسرعة لـ سعيد: سعودي سعودي


أعاد سعيد الهاتف الى اذنه وقال: ها ماماااا


حنان بتوتر ملؤه القلق: هذا اللي يكح بابااا ..؟!


سعيد: هيه باباا .... هو تعبان وااااايد .. كل يوم يكح .. الصبح يكح .. الظهر يكح .. العصر يكح .. الـ ...


قاطعته حنان بعينان اتسعتا من الصدمة والخوف: من متى تعبان جيه ..؟!!


سعيد: امممممم ماعرف مامااااا






خفقاتها أعلنت منذ سماع سعاله حالة من الطوارئ القصوى .... حتى انها ومن فرط خوفها عليه كادت تتعثر في السلم المؤدي الى المطبخ الخارجي من منزل والدها .....



وصلها مرة أخرى صوت سعاله الحاد المثير للقلق .. وهنا لم تتحمل ..


طلبت من الصغير سعيد ان يعطي الهاتف له



مد الهاتف الى والده الذي خرج من مكتبه كي يشرب ماءاً علّ السعال الذي داهمه فجأة يخف ويستكين:
بابا .. ماما حنان تباك




نظر بحدة نحو الهاتف الممدود ..... ثم رفع حاجباً واحداً بقسوة صنديدية وقال بغلظة غير آبهاً لتلك التي تسمعه بوضوح: وانا ماباها ... بند التلفون يلا وعن الهذربان الزايد ... وراك سبوح ورقاد ...



ترك ابنه مع هاتفه وعاد الى مكتبه "بملامح تجمدت بصقيع الإحساس/اللامبالاة"


ملامح اجاد اظهارها بمهارة شديدة يُحسد عليها !!



أعاد سعيد الهاتف الى اذنه وهو يقول: ماماااا .. باباا يقوو......




طوووووط

طوووووط

طوووووط




غمغم سعيد بعقل طفل صغير لا يفهم ما يجري حوله: ليش ماما حنان بندت الخط ....!!








نهاية الجزء الحادي والستون



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 25-06-16, 06:14 AM   #66

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)



.
.



الجزء الثاني والستون



،


مـولاي .. حكمتـك فـي مهجـتـي
فارفـق بهـا يفديـك مــن حكـمـك!

مــا كــان أحـلـى قـبـلات الـهـوى
ان كنـت لا تذكـر.. فاسـأل فـمـك

تـمــر بـــي كـأنـنـي لــــم أكــــن
قـلـبـك أو صـــدرك أو مـعـصـمـك

لو مرّ سيف بيننا.. لـم نكـن نعلـم
هــل أجــرى دمــي أم دمـــك ؟!

سـل الدجـى كـم راقنـي نجـمـه
لمّـا حكـى .. مبسـمـه مبسـمـك

يــا بــدر .. ان واصلتـنـي بالـجـفـا
ومتّ في شرخ الصبـا .. مغرمـك

قـلّ للدجـى مــات شهـيـد الـوفـا
فـانـثـر عـلــى أكـفـانـه أنـجـمــك



لـ بشارة الخوري



،




: خالوه


: هلا والله بالمير .. هلا بالعرووس .. شحالج شعلومج حبيبتي ..؟!


: فديتج خالوه .. انا بخير دامج بخير يالغالية ..


تحشرج صوتها ألماً وهي تضيف بهمس: تولهت عليج خالوه


: وانا اكثر يا عيون خالوه



تنحنحت باضطراب/تخبط عارمان .. قبل ان تقول بصوت حاولت إخراجه مسيطراً ثابتاً قدر المستطاع كي لا تشك خالتها ام العنود بأن هناك جلل يحدث معها: خالوه تذكرين هاك الريال اللي رمستج عنه


وقف حمد وطيف اسود من الغضب المدمر تمركز بين عيناه واقترب الى ان امسك ذراعها بقوة وبأنفاس ثقيلة متلاحقة ..


تغضن جبينها بتوجع شديد الا انها لم تتراجع .. وقبل ان ينفجر حمد "فعلياً" بوجهها ....


سمع الاثنان صوت ام العنود وهي تقول بحزم هادئ ملؤه الاحتقار: شبلاه الجلب .. خلاص تراني طمنتج وقلتلج تصرفت وياه وما بيرد يحشرج مرة ثانية ...


عندما لم تتلقَ ام العنود الا الصمت من ميرة .. أكملت بقلق: لا تقولين رد يلاحقج هاك الحيوان ويدزلج مسجات وصخه شرات ويهه .....!!!


ارتعشت اهدابها وهي ترى عيناه تتسعان بشكل مظلم مخيف ملؤه الشك ...


هزت رأسها بالنفي ودمعة حارقة تنزل على وجنتها رغماً عنها .... وهمست بصوت رقيق متهدج: لا خالوه .. ا ا بغيت اتأكد بس انه ما بيسويبي شي مرة ثانية ..


: لا تحاتين امايه الريال اللي رمسته قالي انه وربعه ادبوه وخلوه يبوس التوبة .. غربلات بليسه ظهر راعي بنات وهب بس انتي اللي ملعوزنها الخمام ..


رمقت ميرة حمد نظرة كانت ....... كـ نصل السكين الملتهب ..... نظرة متلألئة بدموع الجرح/وجع الظلم ... وهمست باقتضاب:
تسلمين خالوه .. حشرتج ويايه


ام العنود بصرامة مستهجنة: بنتيه انتي شو تسلمين وحشرتج ويايه .. يلا يلا سيري جابلي ريلج وخلي عنج التلفونات ..


اقفلت ميرة الخط مخفضةً رأسها .. في الوقت الذي انقض عليها حمد ممسكاً بساعدها بشراسة تفجرت ........ بالغضب التام ..!!


هتف من بين اسنانه: شو اسمي هاللي سويتيه ...!!! جذبة ايديدة ...!!! تمثيلية ايديدة ....!!!


صرخ وهو يقرب بعنف نحوه حتى ارتطم جسدها بجسده: انطططططقي ....


ارتعش فكها ألماً من شكه المستمر بصدقها .... الا انها هتفت بنبرة هادئة مسيطرة قوية: لا جذبة ولا تمثيلية ... وهب بس خالوه عاشة اللي تعرف بسالفة الزفت اللي يلاحقني .. حتى عموه شما وختيه حصة ....


نزعت ساعدها عنه وهي تقول بنفور: لو سمحت شل ايدك ..


ابتعدت عنه قبل ان تشيح بجسدها عنه بضيق ... وبدأت تحكي له كل الذي حدث معها .. منذ اول اتصال من ذلك الحقير .. حتى اخبارها ام العنود افعاله الدنيئة الخسيسة معها .. كل شيء ولم تحاول البتة إخفاء أي تفاصيل ولو كانت صغيرة ....


نظرت له من طرف عيناها بـ جرح ماكن/غل متمكن ... وقالت بحدة عيناها البرّاقتان ببريق الخيبة/القهر: لو بعدك مب مصدقني .. تروم ادق على خالوه عاشة وترمسها انت هالمره ولا دق على عموه شما ..
اعرف منهن الصدق .. وهن بيخبرنك ....
وبيخبرنك كيف هاك الجلب خبل ويسوي أي شي ايي في بالك ... وترى شي صور من اللي طرشلك اياهن .. طرشلي اياهن قبل .. وهي نفس الصور اللي عطيتهن خالوه عاشه ..


صرخ بغلظة وقد امتقع وجهه بجنون الغضب/الصدمة: جذاااااااااابة .. انتي جذاااااااااااااااااابة


ابتسمت بسخرية ملؤها المرارة وقالت: للأسف خاب ظنك .. الوصخه القذرة في الأخير ما ظهرت جذابة
وتعرف شو ..؟!
الحينه بس بقولك تقدر تودي هالصور لابويه .. ولا أقول ....
عطني اياهن وانا بعطيه يوم ارد بيتنا ......


غدت مقلتاه اشد احمراراً .. واشد بريقاً مظلماً .... وقال بخفوت خشن ... مرعب: تردين بيتكم ....!!


رفعت حاجباً واحداً وقد تلبستها قوة وعنفوان لا مثيل لهما فجأة وبقدرة الله ... وقالت وهي ترفع جانب فمها بنفور شديد:
جيه ..!!
انتي تتحرا بتم زود وياك عقب اللي صار ..؟!
عقب الضرب والتجريح والاهانات ..!!


وضعت يدها على عنقها واكملت بصوتٍ متحشرج غاضب ........ محترق حد اللاحياة بعده: عقب ما عورت فواديه بشكوكك وقساوة كلامك ..؟!!!


اقترب منها وهي يطحن اسنانه من هول غضبه ..... وصدمته ...... وعجزه .... وزمجر:
خبرييييني كيف صووورج وانتي في حجررررتج ....!! كيييييييييف
هاااااااااااه
اتقصين على منوووو انتي يالـ....


أغلقت عيناها ألماً من شتيمته المشينة وعنف صوته الغاضب .... ثم همست بصوت متهتز انما حارق صادق شفاف حد النخاع:
يعلني النفاد يا ولد عبيد .... يعلني النفاد لو كنت اعرف كيف صورني كل هالصور ..


فتحت عيناها على شرار عيناه المتطاير اللاسع .. وتابعت رغم كل شيء:
بس .. بس الحجرة في الصور هب حجرتيه .. والله هب حجرتيه ..


تراجع بشخير غاضب مجنون وهو يقاطعها بغضبه الأسود الحارق المتصاعد:
اكيد ما بتكونين في حجرتج يا بنت الاصوووووول ....


اشر على نفسه وهو يزمجر كـ حيوان جريح كل خلية من جسده تصرخ دماً/قهراً:
طالعييييييني ... طالعييييييني زين ما زيييييييين ... انا حمد الحرررر
حمد الحرررر ... وحمد سم عيييييينه حد يستغفله ويحاول يلعب بعقله بكلمتين ما منهن فاااااااايدة ...


فجأة .... انفجرت مقلتاها بالدموع وكرامتها تصرخ وتأن:
انت شوو من البشررررر
شوووووو



ثم اندفعت خارجة ومرادها اخذ شيءٍ ما



الا ان حمد امسكها وجرها نحوه صارخاً امام نظراتها المشتعلة الهستيرية:
وين ساااااااااايرة



صرخت هي كذلك: مااا بتم وياك ثاااااانية وحده .. باخذ الصور وبوديهن حق ابووويه وبخبره كل شي ... وما يهمني لوو ذبحني ...
انذبح على ايد ابوووويه ولا انذبح من كلااااامك وشكوووكك الووووصخه



اخذت تسحب نفسها من بين يداه في الوقت الذي تدفع به جسده عنها بشراسة والف شيطانة صغيرة تتقافز فوق رأسها وما عادت تدرك ما تفعله ....


تمكنت من افلات نفسها والركض الى الخارج حتى لمحت الصور التي ما زالت مرمية على الأرض ولم تُمس منذ ذلك اليوم ..


التقطتهم بعقلٍ غائب من الغضب/هستيرية الكرامة المهدورة ولم يوقفها سوى يداه اللتان اوقفتاها على ساقيها وتدفعانها نحو الحائط الى ان ارتطمت به وتناثرت الصور على الأرض ...


صدرها يعلو ويهبط بجنون مقابل صدره الذي يرتعش غضباً .. وقهراً .. واحباطاً .. وعجزاً وكل شيء مظلم/مخزي بحق رجولته ...


ظل يحدق بها بعتمة عيناه المشتعلتان وسؤال واحد فقط يدور بخلده ......


لمَ علّق فؤاده بـ فتاة كانت ستمرغه يوماً ما بالتراب .......!


يعتريه الغضب .... بل ان الغضب اصبح في قاموس خفقاته المنتفضة الآن لا شيء ....


هو بأكمله يتلوى بالنيران ...


اجل ... نيـــــران ... نيـــــران ... نيــــــران ...


كيف بحق الله وصل لهذا المستوى المتدني من التحكم والثبات والعقلانية ....!


كيف تمكن رجل حقير خسيس بالسخرية منه واهانته بـ اول فتاة جذبت وتينه بـ فتنة شامتها .. هذه الشامة التي ترتعش مع ارتعاشة شفتيها الآن ..... والداعية ببساطة للخطيئة/الانتهاك ......!

رباه ......... يشعر بالموت البطيء .........

أهناك أبشع من ان يعلم عاشق ان هناك علاقة بين معشوقته ورجل آخر ... وان معشوقته هي في الأساس ... زوجته ....!

ليته يعلم مكان ذلك الحقير .. ليته .. يكاد يجن ليعرف مكانه

فقط ليقتله ..!





همست من بين دموعها المتساقطة بصوتٍ متقطع ملؤه الاعياء انما كان جامد مقتضب متباعد:
آخر مرة ........ آخر مرة بعطيك فرصة عسب تتأكد انيه شريفة وما عنديه سوالف الوصاخه اللي تطريها ...
دق على خالوه عاشه ........ الحينه ..........


لم يكن يرغب بإعطاءها املاً بأنه سيحاول تصديقها .. الا انه لم يعلم كيف قال فجأة: دقي عليها ..


رمقته نظرة ذابلة أليمة قبل ان تبتعد عنه لتجلب هاتفها ..


دقائق حتى اعطته هاتفها بعد ان ضغطت على رقم خالتها ام العنود ..


وبحدة ..... اخذ الهاتف بيده اليمنى والتي ازدادت تورماً بعد اهماله لها وتركه إياها من غير علاج فعال ...


والعرق المتصبب من جبينه كان اكبر دليل على مقاومته الألم الشديد ....



.
.
.
.
.
.
.




كانت تنظر إليه وإلى تلك الكشميرية الحسناء من خلف نافذتها بنظرةٍ تقدح كرهاً/قهراً ... كانا يقفان في احدى زوايا الخلفية من المزرعة الضخمة ويتفحصان على ما يبدو واحدى الحيوانات المريضة .....



ذلك الدونجوان ... يظن نفسه رشدي اباظه زمانه ....

انظروا فقط كيف يتحدث معها برقة ونعومة وكأنها قطعة من البلور الأزرق ......

تباً ...... انظروا بالله عليكم كيف تمشي بإثارةٍ وميوعة ... تلك الحقيرة الكريه .....


لكن اين هي ذاهبة .....!


عديم الحياء ذلك .... كيف يدع زوجته بلا حجاب يسترها او ملابس فضفاضة تغطي كامل جسدها .....!!

لقد سبق وقلت لكم انه ليس اكثر من مجرد طفل تافه ..... لم تصدقوني ....

حسناً ..... ما دخلي بهما .... فليذهب هو وخفاشته الى الهلاك بعينه .....




اشاحت عيناها باحتقار .... قبل ان تنظر للشيء الوحيد الذي أثار حماسها وبهجتها طيلة الأيام الفائتة ..


قفزت فوق سريرها ونظرت للصورة التي اكتملت على أرضية الغرفة ....


أسبوع كامل وهي تعمل على هذا المجسم المصنوع من الورق ...!!!


كونت في النهاية ومن غير إحساس .. حديقة صغيرة مع مجموعة أشجار صغيرة وازهار وعصافير وارجوحة ...


ذُهلت من نفسها .. كانت تعرف انها تحب اللعب بالورق وتشكيله لعدة اشكال بسيطة صغيرة .. الا انها المرة الأولى التي تصنع مجسماً كاملاً منه .... وبالدقة الشديدة هذه ....!!


ما السبب .... أحقاً لأنها تأثرت بما قاله ذلك المغرور عن فشلها وسذاجة تفكيرها وولعها بالحقائب والأحذية الغالية ...!!!


ألأنها رغبت بأن تثبت لنفسها انها تستطيع فعل شيء ولو كان بسيط في هذه الدنيا ...!!!


لا تعرف ...... حقاً لا تعرف


الذي تعرفه انها الآن ... وهي ترى المجسم الجميل من علو ... تشعر ببساطة ... بالنجاح ... والانتصار ...


بذلك الشعور الجميل الذي يغزو روح من يعمل ليل نهار لإنجاز مهمةٍ ما ....




انحسرت ابتسامتها السعيدة شيئاً فشيئاً ما ان تذكرت وضعها ... وما آلت إليه أمور حياتها الآن ...


كيف يالله وصل بها الامر ان تتزوج بـ شخص كرهته في البداية "كـ غريب" لاخلاقه المعدومة وقلة حيائه وأصبحت تكرهه في النهاية "كـ زوج" لفعله شتى الأمور الفظيعة معها ... آخرها اشعارها بأنها "فارغة الروح سطحية الفكر" .....!!!


لم يشعرها احد بهذا الإحساس الكريه بمرارته من قبل ... ولن تظن ان آخراً سيشعرها بهذا من بعد ....!



تباً له .....

هه .. من يسمع حديثه يظن انه الأمين العام للأمم المتحدة ...!!




زمت شفتيها بقهر وهي تجلس على سريرها بعنف ...




اخفضت عيناها وهي تنظر لهاتفها المغلق تماماً ... تذكرت اليوم التالي من المواجهة الحامية التي حصلت بينها وبينه كيف جاء لغرفتها ليعطيها شاحن هاتف لتشحن به هاتفها المحمول ... الا انها رفضت حتى النظر لوجهه وقول "لا" ..


رغم انها رغبت بقول "نعم"


لكن كرامتها وجرحها النابض من كلماته ما زالوا يصرخون بها مطالبون بالمزيد والمزيد من الحقد والكره والغل ..... "والثأر" ....!


وكما رفضت شاحنه .. رفضت كذلك اخذ هاتفه لتحادث أهلها .. الا انها اضطرت مرة لأخذه بعد ان اتاهما اتصال من والديها وجدها ...


لم تخبرهم بما يحدث معها وما سر عدم سفرهم للخارج ..


شعرت انها لو تحدث واشتكت لهم ستظهر بمظهرٍ طفولي امامهم .... وامامه قبل كل شخص ..


شعرت انها ستظهر لا محالة بمظهر الفتاة الضعيفة الخرقاء التي لا تملك أية شخصية او قوة .. وانها كذلك ستشعره انها تأثرت بما قاله عنها قبل أسبوعٍ مضى ...!


تتذكر جيداً كيف كان ينظر إليها وهي تحادث أهلها ... كانت عيناه تبتسمان .... بالتحدي ...!

وكأنه كان ينتظر اللحظة التي ستتجرأ فيه وتخبر أهلها بما يحدث معها .... وكأنه كان يؤمن كامل الايمان انه ان تحداها ... فستقبل التحدي ..... وهي قبلت به ..... قبلت به بكل قلبٍ ينبض بالكره/الغل .....!


تعلم ان تصرفها ستزيد من نقاط تقدمه عليها ... وستثير غروره وغطرسته اكثر ... الا انها لا تستطيع منع نفسها من الانجرار خلف الثأر ...


تريد ان تذيقه كل ما تذوقته منه .... تريد قبل ان تعود لأهلها ان تسترد كرامتها المهدورة والتي عانت من وجع فقدانها اشهر طويلة .. ابتداءاً من اجبارها على الزواج منه وانتهاءاً بكلماته المسمومة ......!


تريد ان يعيش ما عاشته طيلة هذا الأسبوع بالضبط .... من غير زيادةٍ او نقصان .....!


حسناً .. لا ضير من زيادة .... انما لن ترضى بالنقصان ابداً ......!


ما ان احست بقرب احدهم من باب غرفتها .. الباب الذي قام فلاح بإصلاحه اليوم التالي .. اخذت تتحرك حول نفسها بارتباك لا تريد لأحد رؤية مجسمها ...


لم تجد سوى دسه بيديها الاثنتين تحت السرير ..


ما ان أدخلت آخر جزءٍ منه حتى شعرت بظل قريب منها




: شو تسوين ..؟!




حسناً ........ ثأرها تضخم وسيشمل صوته المتسلط المغرور كذلك


وقفت على رجليها بملامح متجمدة قاسية وقالت باقتضاب: شي ما يخصك ..


أكملت بسرعة وهي تمر من جانبه بفستانها القطني المُظهر بوضوح جمال قدها الرشيق المتناسق: خير شو تبا ..؟!
الظاهر يمامتك الحلوة ما قدرت تشل عنيه هم قربك حوليه ...


رفع جانب فمها باستهزاء مضيفةً باحتقار ملؤه البغض: عسب جيه راحت ....... الدرب اللي يوديها ويوديك ولا يردكم ان شاء الله ..


بهدوء شديد ... حدّق بأسفل السرير .... ثم حدّق بها .... قبل ان يقول ببرود بالغ: لسانج هو هو .. بعده وصخ




رنين كلماته المحتقرة اشعلت في قلبها الغضب من جديد ..







"السموحة ما عرفناج على حرمنا المصون .. يمامة .. وهي مسلمة كشميرية وخريجة ارقى جامعات أمريكا"


"اخيييج ... انتي تشوفين نفسج شقى ترمسين .. يعني مصدقة عمرج انج بنت ..!!"


"لسانج وصخ ... اسلوبج في الرمسة دفش وما فيه ذرة انوثة ... لا رقة ولا ادب ولا حشيمة ولا حتى منطوق يشرح القلب ..
وفوق ها خقاقة ورافعة خشمج على ولا شي"


"تعلمي من البنات .. طاعيها كيف ترمس وتبتسم وتدلع .. سمعي حسها النعيم دخيلج ... هاي البنت هب انتي"


"وترى انتي فهمتيني غلط ... هي صح خريجة ارقى جامعات أمريكا .. بس هب ها اللي يميزها .. اللي يميزها عقلها الكبير .. طموحها العالي .. احلامها الكبيرة ووظيفتها ... بس انتي شو ..؟! خبرينا ..؟!"


"انتي مثل ما يقولون .. كثرة مرعى وقلة صنعا ... لا شغلة ولا مشغلة ولا طموح ولا حتى مجرد تفكير انج تسوين شي مفيد ومهم في حياتج .. عقلج صغير يناسب احلامج الصغيرة وايد في هالحياة"


"يالله .. انتي فاهمة الدنيا غلط على فكرة ... الثمين يا بنت عبدالله المفروض يملك عقل ثمين .. عقل يشتغل وإيد تعمل ... وانتي لا هذا ولا هذاك .. اسأل الله العفو والعافية"


"ويا ليت عاده فلحتي في التخصص ... يه ترسبين او تنجحين على الحافة"


"اممممم طبعاً ماروم أقول شو معدلج يوم تخرجتي .. لأن المعدل الصراحة .. يطيح الويه ... ما ينقال"








قالت بجمود اخفت خلفه غلٍ ماكن وهي تضع بحدة زجاجة العطر بعد ان بخت بعضاً منه في رسغها: شرات لسانك طويل العمر ....


لمحت طيف بسمةٍ ماكرة يترنح فوق ثغره قبل ان تسمعه يقول بصوت خفيض خبيث: الصدق ينزعل منه يا بنت عبدالله وشكلج زعلانه من اللي قلته قبل أسبوع ..


دفعت قنينة العطر بباطن أصابعها قبل ان تقف مواجهةً إياه وتهتف بحدة: رمستك ولا هزت فيّه اشعره يا انت ... سكوتي عن اللي قلته هب معناته انك قدرت تسكتني ولا تكسرني .. معناته انيه اترفع عن الرد عليك .. لا اكثر ولا اقل ..


خطى خطوتان قصيرتان رشيقتان "ماكرتان" نحوها قبل ان يقول: مهاري خبرتني كل صغيرة وكبيرة عنج .. بس ما خبرتني انج تحبين تجذبين كل دقيقة ..


احتدت عيناها بـ صدمة .. وبغضب عاتٍ




اذن مهرة من اخبرته بكل شيءٍ عنها ...!

تلك الصغيرة الثرثارة ... صداقة اختها ميره لها سنين طويلة واخبارها عن كل امرٍ يخصهما لم تعد عليها الا بالسوء في النهاية ....


الويل لك يا مهره وقبلكِ ميره .... يا توأما الشر ....




ابتعدت عنه بعصبية تخللها نفور "متعمد": اترفع عن الرد للمرة الثانية


امسك رسغها وجرها نحوه بعنف ... قبل ان يحاصر خصرها بذراعه اليسرى ... ويمسك جانب وجهها بكفه اليمنى ...


ارتعشت ..... وكم كرهت ارتعاشتها واضطراب خفقاتها حد الجنون ......

يالله ... تكرهه تكرهه تكرهه .......... وتكره كل ما يفعله بها ...



رغماً عن زيف قوتها ونفورها ... اخفضت اهدابها توتراً ... الا انها قالت بعصبية حادة وهي تحاول التخلص من سجنه لها:
شل ايدك


رمى عصبيتها ونفورها عرض الحائط ... وقربها نحوه اكثر ... حتى شعر انها ورغم ادعائها عكس ما فيها ... تذوب كـ كريمة الشوكولا تحت لهيب لمساته ....


قرّب انفه من منابت شعرها ببطئ ... واخذ نفساً قوياً خشناً من عبقه .. قبل ان يزفره بتلكؤ "خبيث مُهلك للأعصاب/الخفقات"

ويقول بصوتٍ ثقيل خفيض متقطع "مثير للربكة": أبا ..... اقولج ..... شي .....



رفعت اهدابها وكل حواسها قد تحفزت واشتعلت ارتباكاً .. وخجلاً .. وترقباً ..


اردف تحت نظراتها الغائمة المتخدرة كلياً: آنس فواديه يعورني


همست بصوت مختنق ومن بين رعشات جسدها الذي لا حول له ولا قوة: شـ شعنه ..؟!


اقترب اكثر من حدود انوثتها ... اقتراباً خطيراً .. مربكاً .. معذباً .... وهمس بأنفاس ساخنة مثيرة تسبقه:
لأن .......


ازدادت رعشات جسدها/اطرافها ...... واخذت تحسب الثواني ليكمل ما يرغب بالتفوه به .....



: لأن يمامتي خلتني وراحت .... آنس فواديه يعورني من فراقها ..




تيبست تقاطيع وجهها ... وقبلها قلبها ....... وكأن سهاماً سامة اخترقته وادمته حتى ما عادت تعرف كيف تسد منابع تدفق دمائها المجنون .......



غثيان ........ غضب ناري وشعور آخر لا تعرف ماهيته هما ما اشعراها بالغثيان

غثيان شديد وحاد ....... ومؤلم ..........!



اغمضت عيناها بعنف ........


استمرت لحظات على هذه الحالة ....... حتى واتتها القدرة الصادمة لتبتعد عنه بصمت تام .......


الا انه صمت يخبئ خلفه مشاعر اقل ما يقال عنها بالشرسة الهستيرية .......


هتفت بصوتٍ ساخر محتقر ارادت به اعلام الذي امامها انها لم/لن تتأثر بسموم كلماته وسخرياته المستمرة: راعي البنات ان مات وحيى بيتم راعي بنات وما يروم على فراقهن .... فوادك يعورك يا روح امك ..!!!
يعله ما يطيب ....



رفع حاجباً واحداً ببسمة غاضبة وقال: راعي بنات ....!


تحولت بسمته الغاضبة بعد ثانيتان للغرور التام الكاسح واردف: طوليه بعمرج البنات اللي يربعن ورا فلاح بن عبيد هب هو اللي يربع وراهن ..


شخرت باستهزاء/ازدراء قبل ان تقول: واضح ..... انا من شفتك وانت تسحب البنية هاذيج في دبي مول وانا غاسله ايديه منك .....


رفع جانب فمه بذات بسمته المغرورة والتي شابتها هذه المرة بعض التعجب/الحيرة: سحبت بنية في دبي مول ...!!!


رمقته ببراءة مصطنعة: افاااا ... نسيت حبيب قلبي ...!!
نسيت البنية اللي هزأتك ولعنت صيرك لانك سحبتها يا حلو يا مغازلجي ....





مغازلجي ........!



اتسعت عيناه وكأنه للتو تذكر امراً كان غائباً عن باله اشهر طويلة .....


وللتو فقط ... تمكن من استرجاع ما قالته له عند اول لقاء بينهما ......






" اوووووويه انت المغازلجي اللي تحرشت في البنية في دبي موووووووول"


" امفففففف عليييك ....... خسارة والله هالشنب فيك يالهرم"






ما زال يتذكر جملتها الثانية ... الا ان جملتها الأولى كانت قد ذابت في ارض ذاكرته ولم يسن له الفرصة لاستراجعها واستيعاب تسلسل حروفها ومعناها .....!


فـ هو قد اعماه الغضب في ذلك الوقت ولم يتمكن من تذكر سوى اهانتها له والتي صدمته بقوة لجهله التام بها وبأسباب حقدها الشديد عليه وهما لم يلتقيا سوى في ذلك اليوم .....!



: وانتي شو عرفج بالسالفة ....!


: بالعقل فديتك .. اكيد شفتك بعيني وشفت اللي صار ...




للحظات ظل يحدق بها باستغراب متهكم محاولاً استيعاب الامر الا انه وبعد ان تذكر انه في ذلك اليوم قد التقى بـ سيف بعد ان ترك شقيقته تذهب لـ صديقتها ميرة التي هي في الأصل شقيقة سيف .. ادرك ان حصة ولابد كانت موجودة معهن .. أي متواجدة في ذات المركز التجاري .. ولابد انها رأت ما حدث له وكوّنت بمخيلتها فكرة سيئةً عنه ......!!


ام عويل البلهاء ......... دوماً تتصنع الذكاء والفطنة وهي لا تمتلك الأول ولا تحمل ذرةً من الثاني ....!





اقترب منها وبسمةٍ ماكرة متسلية تتراقص فوق ثغره وهو يهمس: تعرفين شو ثمن كلمتج هاي ..!
مغازلجي ..!
اظنتي تعرفين انها كلمة قوية في حق فلاح .. ولا انا غلطان ..!!


اقتربت طاعنةً اياه بـ نظراتها الباردة الحاقدة حد اللامعقول ..... وجارته بذات همسه بعد ان شمخت بأنفها بتعالي:
فلاح وكل أبو هالخقة اللي في فلاح ما يسوون عندي ربيه .. تسمع ابويه ..!!


اشاحت بوجهها عنه بازدراء اخفت خلفه رجفة قلبها المتوجع حد السماء ... الا انها الصدمة كادت تُخرج عيناها من محاجرها ما ان جرها من يدها لتصبح واقفةً امامه من جديد ...


وضع يده خلف رقبتها قبل ان يقرّب رأسها منه بعنف .. ويهمس ببرود ينافي أنفاسه الحارة والتي لا تقل عنفاً عن حركاته:
اقدر احلفلج الحينه ... اني ما بشوف وحده لسانها اوصخ من لسانج ...
مع ها ......


التمعت عيناه ببريق شيطاني مرعب ....... واردف محدقاً بعيناها المشتعلتان/فكها المرتعد:
تخليني استمتع بشكل ما تتخيلينه ....


وتحت وطأة صمتها المرتبك ..... انزل عنقه ..... ومراده تعذيبها بأشد الطرق التي يعلم تأثيرها عليها تماماً ....


وقبل ان تصل شفتاه إليها ......


اخذت شهيقاً قوياً من انفها ........... و ....


حرّكت وجهها جهة اليمين وغرست اسنانها في ذراعه حتى سمعت زمجرته الغاضبة واحست به يدفع رأسها عنه بحدة



بصدرٍ يعلو ويهبط بانفعال ملؤه القهر ... قالت من بين اسنانها: ان لمستني مرة ثانية بذذذذذذذبحك







: انا هوووووووووووووووون



انتفض الاثنان بذهول ما ان اقتحم عليهما صياح انثوي عالي مفاجئ ..


وضعت الفتاة يديها على وجهها بخجل شديد .. قبل ان تفقد سيطرتها على نفسها وتصرخ خجلةً من منظر فلاح وحصة القريبان من بعضهما ....


وخرجت من الغرفة تركض وهي تعتذر بارتباك وصل حد البكاء: سووووووري ... والله سووووووووري


حصة بتوترٍ فظيع: مـ ... منو هاي ..؟!





تراجع فلاح خطوتان بعبوس مستغرب


تباً ... ما الذي جاء بهذه الفتاة الى هنا الآن ........!



.
.
.
.
.
.
.



صباح اليوم التالي






كانت مهرة جالسة في صالة المنزل وتطعم الصغير عبيد ... المكان كله كان مليئاً بضجيج صوت أناشيد قناة الأطفال حتى انها لم تسمع صوت زمور السيارة التي دخلت للتو باحة المنزل ...


انتفضت بمكانها هي وعبيد ما ان دخل حمد وهو يهدر بعصبية: ما تسمعون الهرن انتو ....!!


وقفت بخوف وهي تبرر بارتباك: سـ سوري حمد صوت التلفزيون عااالي ما سمعناكم والله


وسرعان ما اخفضت صوت التلفاز وهرعت باتجه شقيقها تتسائل: شـ شو السالفة ..؟!


تركها واتجه نحو غرفته وهو يقول باقتضاب قاسي: ما شي سالفة .. سيري عند ربيعتج خاري تباج .. وزقري البشكارة خل تشل سامانها وتوديها الحجرة


اتسعت عينا مهرة بهلع ... ولم تنتظر حتى تتسائل عما جلب العريسان الجدد الى المنزل بدل ان يمضيا شهر عسلهما لوحدهما ...


لبست غطاء رأسها الفضفاض الطويل وخرجت حيث السيارة التي اخذها شقيقها من احد أصدقائه لان سيارته قد أصبحت في حالة يرثى لها بعد حادثة ليلة زفافه ...



ما ان اقتربت من الباب الأيمن .. حتى سمعت صوت انهيار ميرة بالبكاء الشديد .....



هنا ادركت مهره ......... ان مصيبةً قد حلّت عليهم .....!



.
.
.
.
.
.
.



نظر إليها من تحت اهدابه بحدة .. ثم اخذ عنها فنجان القهوة الممدود إليه بصمت ...


رشف رشفةً قبل ان يقول بغضبٍ بارد: انا البارحة سكت عنج وما هزبتج جدام حرمتيه ... لجنج ما تيوزين عن سوالفج وكل مرة لازم نهزبج على خبالج


ضحكت بصخب طفولي وهي ترقص حواجبها .... ثم قالت بزهو: ما تولهت على اختك حبيبتك ..؟!


هتف بضيق: مياسة ... انتي هب خاليه ... قولي شعندج وشحقه يايه ..؟!


زمت فمها ببراءة وقالت: أبا اشوف حرمتك واتعرف عليها ..


هدر باستنكار: الحينه ..؟! تونا معاريس شو انتي ما تخيلين ..؟!



حدّقت بالمكان حولها باستهزاء عابث وقالت: ما شاء الله .. اشهد انكم معاريس صدق .. يوم انك تقول معاريس شعنه ميلّس حرمتك في هالخرابة .... هاااه ...؟!



حركّ مقلتاه بضجر حانق قبل ان يهتف بحدة: شعليج انتي ..؟! يلا خلصي ريوقج وردي البيت


عقدت حاجبيها حول صدرها وقالت بعناد: ماباااااا ...


ثم نهضت من الأرض برشاقة فتاة لم يتجاوز عمرها الحادي والعشرون .. واكملت وهي تهرع اتجاه الباب: وينها حرمتك ..؟! البارحة ما وحالي ايلس وياها واسولف ...


زمجر بغضب: مياسووووووووه


تجاهلته ببساطة وخرجت متجهةً حيث الغرفة التي رأت فيها زوجة اخاها بالرضاع ليلة البارحة



هي لم تأتي لترجع المنزل بهذه البساطة ... هي آتيةً لمهمة معينة ... ولن ترجع حتى تتمها بنجاح .....!




تأملت المكان حولها بنفور




رباه ... ما الذي كان يفكر به اخاها الاخرق وهو يجلب عروسه الى هنا في ليلة عرسها ...؟!


المسكينة ......


لم تكذب مهرة عندما اتصلت بها منذ أيام لتخبرها عن مخاوفها حول سبب زواج اخاها المغرور من ابنة آل خويدم ....


الفضول قد اخذ مأخذه الكامل منها .... ارادت ان تعرف ما الذي يخبأه هذا الفلاح المجنون ..... وعندما استعانت بفريق والدها الأمني ....


اكتشفت مكانه بسرعة ..... ولم تفكر مرتان بخطوتها التالية .....


في اليوم التالي كانت تتحرك بسيارتها الخاصة متجهةً نحوه ..... وشكوكها لم تزدها الا فضولاً وحماساً



هي هكذا ......... تعشق ان تستشعر المغامرة في كل امرٍ صغير او كبير في حياتها ...... حتى لو كانت المغامرة هو خوض معركة طاحنة مع من لا يمكن معاركته بسهولة



فلاح .... الباشا المتغطرس .....!



لكن غطرسته ليست عليها هي ...... المياسة ......!




اممممم .... الآن يجب عليها رؤية حصة ومعرفة كل شيء حول هذا الزواج الغريب ......!




ما ان طرقت الباب حتى اتاها صوت حصة القاسي: مابا اشوف حد


تجاهلت المياسة كلمات حصة ودخلت الغرفة وابتسامة كبيرة تحتل كامل وجهها: هاااااااااي


انتفضت حصة بمكانها .. ومن غير إحساس صرخت بغضب عاصف ملؤه القهر: انتي منو سمحلج تحدرين حجرتيه هااااه .....!!!
لو انتي جلبة من جلبات الزفت هذاك وياية تستجلبين على مخيه فـ انتي غلطانة ....


رفعت ابهامها بعينان تتوهجان بالوعيد المرعب: اقسم بالله العظيم ان ماااا .......


: صبري صبري صبري حوووووه
حشى يابوووكم انتي شو بالعة ....!!! راديووووو ....!!!
بس تصدقين ... ههههههههههههههههههههههههه هههههههههه والله انج حرمة ..... محد بيعرف حق فليحان الا انتي ....


صرخت حصة بصدمة تملأها الغضب والغل: انتي غبية شووووو ....!! اقولج ظهري برع واسم هالزززفت مابا اسمعه تسمعيييين .... اذلفي انتي وياه جهنم تاااااخذكم ان شاء الله .....


حركت المياسة مقلتاها ببرود وهي تضع يدها على خصرها بلا مبالاة ... وقالت: الله يسامحج بس ... اولاً يا حلوة انا هب جلبة من جلبات اخويه ثمني رمستج لو سمحتي ... ثانياً انا ييت اسلم عليج لا اكثر ..... لا ياية استجلب على قولتج ولا هم يحزنون ....


عقدت حصة حاجبيها وهي تهمس: اخوج ....!!


عادت ابتسامتها الكبيرة تحتل كل وجهها ... وقالت وهي تمد يدها نحو حصة بحماس: هاااااااااي .... انا المياسة بنت مكتوم .....



.
.
.
.
.
.
.



كانت تقف سارحة الذهن داخل غرفة تبديل الملابس .....


كلمات حنان ليلة البارحة ما زالت ترن بأذنيها بشكل مزعج ومؤلم .....


لم تكد تلبس روبها الشفاف وتضعه فوق كتفيها ... حتى احست بيديه تزيحان يديها والروب من فوقها ....



أحاط خصرها ومعدتها بيداه مسنداً ذقنه فوق كتفها اليمنى العارية .. هامساً بخفوت:
اللولو شبلاه من البارحة ساكت ..؟!
حد مزعلنه ..؟!


ابتسمت بحزن متفجر بالغرام قبل ان تلصق رأسها برأسه وتمسد ذقنه الملاصق بوجنتها برقة حريرية ...


همست بحب: دامك ويايه ... ما يهمني حد ثاني ...


اخذ يلثم كتفها ببطء مثير حتى وصل بقبلاته الى عنقها وخدها المتورد ......


ثم حرّكها حتى أصبحت تقابله وجهاً لوجه ..... وقال مضيقاً عيناه الداكنتان ببسمة يوسفية خفيفة:
من منو وارثه هالمنطوق ..؟!


قهقهت بأنوثة خجولة وقالت: حبك اورثني إياه ... بأنصافه وارباعه واسداسه ...


عض شفته السفلية بتكشيرة شريرة .... وقال وهو يقرّب وجهه من وجهه بعنف مثير:
شرايج تعلميني شوي من غزلج ..؟!


أسندت ذراعيها فوق كتفيه العريضيتين وهمست بنظرة تبرق هياماً/خجلاً جورياً: انت معلم يا بوبطي ... تعلّم ما يعلمونك ..



فجأة ...... حملها بخفة هامساً قرب اذنها بأجش محملاً فوق لهيب حرارته انفاساً متلاحقة تتفجر بالتوق/الغرام:
عيل خل نبدا درسنا ......... والحينه .....






بعد ساعة ونصف




لثم ما بين عيناها بخشونة لطيفة ... وهمس: خبريني حبيبي .. شبلاج ..؟!



مسدت صدره العاري برقة .. وقالت وهي تخفض عيناها: ولا شي يا عمري ..

تنهدت بغرامٍ حزين وهمست: أبا اعوض قلبيه عن كل دقيقة كنت فيها بعيده عنك ...


وضعت رأسها على صدره واكملت بتساؤل قلق: انت شبلاك ..؟! البارحة رديت وكنت هب على طبيعتك .. مويم وعاقد حياتك طول الوقت


تنهدت خفقاته ضيقاً ....


لا يريد ان يخبرها بما عرفه وانكشف امام عيناه


لا يريدها ان تغرق اكثر في بحر الندم والأسف على ما فعلته به في الماضي ...


قال وهو يلعب بحرير شعيراتها: الدوام ومشاكله فديتج ..


زمت فمها بغنج قلق وهمست: سلطان .. شغلك يزيّغ .. صح ..؟!


قهقه باستمتاع: ههههههههههه شغليه ما يزيّغ غناتيه .. بالعكس احبه واشوف عمريه فيه


تسائلت باهتمام: كيف دخلت هالمجال ..؟! يعني ... آ آ .... اممممم اعرف منصبك عود في الامن .. بس ولا مرة خبرتني كيف دخلته وليش من الأساس دخلته ..؟!


ابتسم لها برقة وفتح فمه ليتحدث الا انها أغلقت فمه وهي تقول بحماس منتعش: لا لا اصبر ... خبرني السالفة ونحن نتريق ...


نهضت من الفراش وهي تلبس بسرعة قميص نومها .. ثم هرولت متجهةً نحو الباب ...


سلطان بتوبيخ رقيق: شوي شوي على روحج عن تتخرطفين ...


صاحت شما وهي تبتسم بشقاوة: ان شااااااااء الله





على مائدة الفطور




وضعت آخر صحن والذي كان ممتلئ بكل أنواع الاجبان ..... ثم قالت وهي تجلس:
يلاااا ... ون تو ثري

رمقها بتعجب فكاهي وقال: اللي يشوفج يقول هاي بتشوف فلم الحينه

شما وهي تسكب لحبيبها كوباً من الحليب: هههههههههههههه يلا سلطاااااااان متحمسة اعرررف



قال وهو يغمس اصبعه في طبق اللبنة الشهية: كان يا مكان .. في قديم الزمان



رمقته بدلال مستنكر: سلطاااااااااااان


سلطان: ههههههههههههههههههههههههه ههه زين زين ....
امممممممم من وين ابدا ..... احم .....
سلمج الله ....


اتسعت عيناها بتشوق عارم: ايوووووا


ابتسم بخبث وقال: والصلاة والسلام على رسول الله


شما: ههههههههههههههههههههه يا خبيييييييث .... اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
يلاااا .... كمل

(صلوا على نبينا وحبيبنا محمد صل الله عليه وسلم ^^)





واخذ يخبرها كيف دخل تحت امرة عمه أبا حميد بعد ان نجح بجدارة في نيل ثقته وثقة الضباط والمسؤولين ذات الرتب الكبيرة: وبس يا طويلة العمر ...


همست بنظرةٍ تتلألئ بالاعجاب: ما شاء الله عليك ... انزين عنديه سؤال ..


ترددت بخجل .. وبعفوية غطت عيناها بحرج وقالت: وين سافرت عقب ما صارت هاييج السالفة امبينا ..؟!


رمقها سلطان بعينان ضحوكتان قبل ان يقول بسخرية لطيفة: شعنه انزين مغطية عيونج ..؟!


اجابت وهي ما تزال تغطي عيناها: ما احب اييب طاري سواد ويهي فيك ... مستحية من نفسي


ضحك بخفوت وهو يزيح يداها عن عيناها ... ثم قال بنظرةٍ رجولية باسمة تشوبها بعض العتب الخفيف: شمااا .. طالعيني


اخفضت اهدابها حرجاً ... ثم همست: جاوبني يلا بس ما بطالعك ..


أمرها بحزم رقيق: لا طالعيني


سلبت خفقاته ما ان رفعت دعجاء عيناها إليه ..... وقالت: يلا ... طالعتك .....


فتح فمه بمكر بعد ان قال: لقميني اول


بكل عشق ... امسكت قطعةً من الخبز الطازج وغمسته بالعسل ... ثم قربته من فمه وهي تهمس ببسمةٍ متوردة: تفضل يا بوبطي


فتح فمه وقرّبه من يدها ....... تناول القطعة وهو يلعق بدهاء أصابع يدها .... همس مستمتعاً بإثارتها/رعشات خافقها:
امممممممممم .... لذيييييييييييييييذ ......


هزت رأسها بأسف مسرحي خجول حد اللامعقول ... وهمست: خبيث خبيث ههههههههههههههههه


قهقه بخشونة ... ثم قال مجيباً على سؤالها السابق:
هذا يا غناة بوبطي ... كانت عنديه مهمة في إيطاليا وقتها ... مهمة تطلبت منيه سنين لين ما انهيتها بخير وسلامة ... اممممم ترومين تقولين انها مهمة يت في وقتها تماماً عقب الحالة النفسية اللي كنت فيها


عقد حاجبيه بصرامة محذراً إياها بلطف: ان شفت دموعج الحينه يا ويلج


لم يكن يخبرها بما كان يعتمل فؤاده ليجرحها ويذكرها بما فعلته به .... بل كان فقط يريد ان يتشارك معها ماضيه وذكرياته وان يشعرها انها مهمة بالنسبة إليه حد الشفافية والنقاء والصراحة ...


ابتسمت له بعينان تلتمعان بالتأثر .. ثم هزت رأسها بالنفي وهي تقول: لا لا .. ما بصيح ... كمّل ...


سلطان ببسمةٍ شريرة: هي خلج شطورة
المهم ... ماشي والله ... كنت محتاي شوي ابتعد عن البلاد وعن الناس اللي حولي ... يوم وكلولي هالمهمة سيده وافقت ... بس ما ظهرت منها الا وانا مستفيد من وايد اشيا ما شاء الله .. أولها العامل العقلي والروحاني .... واخرها الجسدي والصحي ...




واخذ يقص عليها مغامراته الشبابية في ماضيه بعيداً عن عمله .. علاقته الوطيدة بـ بطي شقيقها .. اصدقاءه الذي يشترك بصداقتهم معه .. اصدقاءه الذي تعرف عليهم من خلال عمله واسفاره الكثيرة ....

مواقفه المضحكة مع افراد عائلته خاصةً ذياب وناعمة وتوأمه الحلوة سلامة ...

الكثير والكثير مما لم تعرفه شما ولم تتعمق به في بداية زواجها منه ... والتي كانت بداية مأساوية بحق بالنسبة لها ....



.
.
.
.
.
.
.



همست وهي تمسد رأسه الموضوعة على فخذها بكسل: سلطان


: عيونه


عضت طرف ابهامها وقد توردت خداها بخجل ....


رفع ذقنه ليراها بالمقلوب .... وما ان رأى الخجل بوجهها والتردد بعيناها حتى قال بخشونة متلاعبة: اعترفي .. شو مسوية من ورايه ..


شما: هههههههههههه ما سويت شي والله سلطاااااااني


اعتدل بجلسته وقال: سلطاني بعد ...!!! عيل مسويه شي ... قولي ..


شما: هههههههههههههههههههههه والله ما سويت شي ..... كنت أبا اقولك .. امممممم


سلطان بترقب باسم: هيه ..؟!


شما بذات خجلها/ترددها: ا ا .. هههههههه ... امممممممم أبا تراب


اتسعت عيناه ذهولاً: تراب ....!!


أغلقت شفتيها فوق بعضهما وهزت رأسها بـ اجل ....


سلطان بتعجب: شعنه ..؟!


شما: ا اببـ ... ا ا بس ....


وضع يده على خدها وهو يحثها على الحديث: شعنه حبيبي ... أبا افهم شو ترابه ..؟!


قالت بدلال خجول: أبا تراب سلطاااااااااني


ابتسم بولعٍ بالغ قبل ان يقول: انزين فهمت تراب .. بس شو تبيبه ..؟!


شما بتردد مضحك: اببـ ابااا ... ا ا ... يا ربييييه ...


غطت وجهها وقالت بسرعة: مشتهية ترااااااب ... أبا اطعمممممه


رد بصدمة ورعب: تطعميينه .....!! وابوي .... خبلة انتي تطعمين ترااااب


شما برجاء: دخيلك سلطان لا تطنز عليه ... والله أبا تراب .. في خاااااااطري


سلطان باستنكار: لا ماشي .. هب مستغني عنج انا ...


التمعت عيناها وهي تتوسله: عادي حبيبي ما بيستويبي شي ان شاء الله .. دخيلك أبا تراب .. مشتهيتنه الحينه


واستمرت محاولةً إقناعه الا انه ومن خوفه عليها كان يرفض بصرامة الا انه في النهاية قد ضعف امام غنج توسلاتها ...



قال بحزم وهو يقف ويلتقط هاتفه: صبري انزين




بعد ثوانٍ




: ألو ... سلامي ...

..

: الحمدلله الحمدلله ... سمعي .. حرمتيه تخبلت اونه في خاطرها تراب الحينه

..

: عادي يعني ..!!! ما بيستويبها شي ولا البيبي بيستويبه شي ...؟!

..

: والله انكن يالحرمات تزيغن .... ولا حد ياكل تراب ...!!!

..

: زين زين شو بنسوي بعد ... يلا مع السلامة






سألته شما ما ان اتجه نحو الباب بجسده الفارع العضلي: وين ساير ..؟!


سلطان: بييبلج تراب من الحوش


صاحت باعتراض مدلل: سلطاااااااااان


وقف وقال بتعجب كاد يثير ضحكها: هاااااه


شما بعينان ذائبتان: سلطان مابا من حوش البيييييت


اقترب منها وسأل بدهشة: عيل ...!!!


عضت اصبعها ... ثم قالت بسرعة: أبا اكل تراب رطب من ماي المطر


فغر فاهه ذهولاً ... وقال: تراااب رطب من ماااي المطررر ....!!
من وين بالله عليج بييبلج مطر ...!! جيه هو بايديه غلايه ..؟!




احتضنت خصره وهي تقول: سلطاااااااااان


ضحك ضحكةً مجلجلة قبل ان يقول وهو يمسد جبينه: ياهي ساااااااااالفة .... بابا حبيبي ... افهمي عليه ...
انتي تبين تراب رطب من ماي المطر صح ..؟!


زمت فمها: هيه


سلطان بصبر وحلم: شي هنيه مطر عسب اييبلج تراب رطب منه ..؟!


هزت شما رأسها بالنفي: لا ... بس اباه .. مالي خص .. دبّر نفسك


سلطان: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههه يا ربيييييه


صاحت بصوتٍ باكٍ: سلطااااااااااااااااااااان



امسك وجهها بكلتا يداه قبل ان يقول بحب مجنون: يا عيون سلطان انتي .. فديت اللي تتشهى تراب
انزين اشتهيني انا ... ترى طعميه حلوو والله .. جربي


اجابت بمكر لطيف وهي تصارع ضحكةً رنانة خجولة: طعمك اعرفه يا عمري .. بس طعم التراب ما اعرفه


قال بسخريةٍ باسمة: التراب الرطب من المطر


وبخته بدلع حزين: سلطان يلا عاد لا تتمصخر عليه .. أبا اللي قلتلك عنه الحييين الحييين ... ماااالي خصصصص



قطع عليهما اتصالاً مفاجئاً آتياً من هاتف شما



ما ان قرأت الاسم حتى استلته بلا تفكير: هلا امايه

..

: شحالج ..؟!

..


: نحن بخير الحمدلله ربي يسلمج ويعافيج


..


: صدددددق ..؟! شو مودنهم صلالة ..؟!

..

قالت وقد تذكرت فجأة ما تشتهيه: اهااا ... زين امايه .. سمعيني عنيه افداج .. قولي حقها تييبلي تراب رطب من ماي المطر

..

عاتبت والدتها بعبوس: ليش كلكم تضحكون عليه ... مابا ارمسكم خلااااص

..

: امبلى تضحكين عليه سمعتج

..

: دخيلج امايه لا تنسين .. قوليلها تراب رطب من ماي المطر مابا العادي .. دخيلج لا تنسين ..

..

: هههههههه زين فديتج يبلغ ان شاء الله ..... مع السلامة






ما ان أغلقت الهاتف حتى قفزت فرحةً وهي تحتضن كتفي محبوبها بقوة: خلاص انحلت المشكله الحمدلله ... ربيعة امايه سايرة صلالة من كمن يوم ... والليلة ان شاء الله رادة .... وصيت امايه تخبرها تييبلي من تراب مطرهم ههههههههههههههه
الله يم يمممممي ... باكل تراااااااااااااااب

انفجر سلطان ضحكاً: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههههههههه هههه

وانتي شو عرفج عندهم مطر الحينه ولا لااا ..


رقصت حواجبها بشقاوة وقالت: عندهم عندهم ... هي روحها خبرت امايه ...



.
.
.
.
.
.
.



مساءاً



الأيام تمر امام عيناها الكهلتان بالحزن كـ مرور الرياح وذراته ..

الا ان هذه الأيام كانت العد التنازلي لولادة وجع جديد .. عذاب جديد .. ظلام جديد ..

أخطأت عندما ظنّت ان الطبيبة ستساعدها في خنق ذكرياتها البغيضة واسكات صراخ نظرة نيلا المحتضرة بين دهاليز عقلها وعيناها وروحها ....

أخطأت ويا ليت لم تخطو خطوتها تلك ..

الوقوف على مرسى الوجع والبُعد عن أمواج خذلان النفس اجمل بكثير من خوض تجربة الوجع في كل مرة واجمل بكثير من تذوق ملوحة الخذلان بشكل متوالي مرير ...

هكذا هي ... في كل مرة تزور فيها الطبيبة تتذوق ملوحة الخذلان ...

لن تضع المسؤولية على الطبيبة .. فالاخيرة كانت من امهر وافضل الأطباء الذين قابلتهم في حياتها ...

المسؤولية مسؤوليتها هي .... ذنبها هي ......... "عيبها هي يالله"

شيءاً ما فيها لا يريد الخروج مما هي فيه ... لا يريد التنفس .... التحرر .... الطيران ....

شيئاً ما فيها لا يريدها ان تُظهر ....... "موزة القديمة" .......!




مسّدت جبينها بتعب شديد .... وبلا ارادةٍ من خفقاتها التي تكبس كبساً بثقلها على اوردة تنفسها ...

رفعت عيناها ونظرت للروزنامة المعلقة على حائط مجلس منزل عمتها .....



رباه ............. منذ ان حدد اخاها موعد زفافه وهي تعيش الكابوس في كل ثانية تمر عليها ......

لا تعيشه فحسب .... بل تكاد تحلف انها تستنشق هوائه وتشرب ماءه وتأكل من ثمراته ......


أنّى لي يا عذابي التحرر منك ... أنّى لي .....؟!


زفرت ألمها بصمت ....


الصمت وحده ونيس يومها ورفيق درب اوجاعها .....



أغلقت عيناها بفك مرتعش ...... ودخلت في نوم غريب .... وفي وقتٍ مبكر غريب .......!






شهقت بعينان مغلقتان ما ان احست بدغدغة على وجنتها .....



نار ... نااااااااااااار


وكأن النار شبّت في وجنتها من هذه الدغدغة .....


دغدغة كانت على ما يبدو ..... بسبب ........



لمسة أصابع ........!!




فتحت عيناها ببطئ غائم حائر ....



ورأت ما جعل أطرافها تهتاج خوفاً .....



عينان كانتا كفيلتان ببث كل أنواع المشاعر في جوفها ..... واولها الخوف ...... الخوف المترقب ..... المتعجب ..... الحائر ...... المذهول ......


ملامح صاحب اللمسة مبهمة غير مرئية ......... الا ان عيناه مرئية ......


مرئية حد صفاء السماء ........ ودكنة الليل



رباه ......... دكنة مقلتاه غريبة ..... تلمع بشكل مغري مثير وكأنه ذئب خرج إليها من عمق الادغال المظلمة .....


ضحكت ...... هذه المرة ضحكتها مسموعة ..... ورنانة .......



ضحكت على نفسها ....

أهناك ذئبٌ مغري ومثير .......!!



تذكرت أمراً أصابها بالذهول


إلهي ...... موزة انتي تضحكين ........ وصوت ضحكتك صدحت بالمكان كله ........




انحسرت تعابير الضحك في وجهها ما ان ابصرت تكشيرته الباسمة المثيرة .... تكشيرة شريرة وانما ......... تُحرق الوتين بلهيب جمالها ..........!


همس بأجش: فديت ضحكتج


ابتعدت عنه بخوف ..... وقالت بتلعثم وقد اشعل غزله بها وجهها وكل جسدها: مـ منو انت ..؟!


: انا عذب مايج عقب السراب .... وشفى نبضج عقب الاكراب


عقدت حاجبيها وهي تكمش جسدها بعيداً عن اسهم نظراته البرّاقة .... وقالت: مغرور


ارتجفت ما ان لمحت ابتسامتة التي تتسع ...... وتتسع ............ ثم همس بثقة عاتية:
مغرور فيج


هدرت بانفعال كان سببه الأول توترها واضطرابها من قربه/رائحته المثيرة: منو انت عسب تربط عمرك فيّه ..!


عاد يهمس قريباً من اذنيها: ها قدرنا ..... الرابط اللي بينا اكبر منا يا العسل


ابتعدت عنه ولا تعرف ايّة قوةٍ اتتها وجعلتها تركض بسرعة


الا انها كلما ركضت ... كان هو يقترب منها بذات سرعتها ...


صرخت بحقد طفولي: تبببببببطي


هز رأسه بـ لا قائلاً بنظرةٍ قوية واثقة: بطيت بما فيه الكفاية يا ريحة عبيد


توقفت فجاة ورمقته بعينان ملؤهما الصدمة/التخبط


همست بلوعة: عبيد .....!!


كررت اسمه بهلع ما ان لمحت طيف الرجل يبتعد عنها فجأة: عبيييد


عبيييييييييييييييد




.
.




: موووووووووزة ...



انتفضت وهي تشتيقظ من نومها .... العرق يتصبب منها بغزارة وكأنها كانت تمشي في صحراء درجة حرارتها 55 ...!


مسدت العنود شعر ابنة خالها بحنان قلق وهي تقول: شبلاج حبيبتي ..؟!


عندما استوعبت موزة كابوسها ..... وضعت يدها على وجهها بأنفاس متلاحقة مضطربة غير مدركةً البتة اصفراره وشحوبه المخيف



رباه ................. رحمتك يا رب العزة ....!





اردفت العنود بذات قلقها: موزانة فديتج ... نشي نشي بييبلج ماي


هرعت العنود باتجاه المطبخ بينما موزة .... وبكل انهاك في الدنيا .... اعتدلت في جلستها واخذت ترمق الخواء بذهول أليم



أحقاً سمعت صوتها في الحلم ......!

يالله .......... أستكون خائنةً لأوجاعها ان قالت انها ......... اشتاقت لصوتها ..........!

أستكون خائنةً لوالدتها ان قالت انها ................ ترغب بسماع رنينه مرة أخرى .........!



رفعت عيناها الغائمتان المتعبتان للعنود الآتية نحوها والتي همست لها بحنو: يودي غناتي .. سمي بالرحمن وشربي


سمت بالله في قرارة نفسها وشربت بارتعاش وارهاق حتى ارتوى "بعضاً منها" ...


انزلت الكوب عن فمها .... وعندما لاحظت اخيراً خوف ابنة عمتها عليها .. ابتسمت لها بحنان وأشرت:
انا الحمدلله بخير عنوده .. ما فيه الا العافية


سألتها العنود وهي تتأمل الإرهاق في محيا موزة: شو مرقدنج الحينه حبيبتي ... توه الناس ...


هزت كتفيها واشرت: ماعرف ..


اوقفتها وهي تقول بحزم: تعالي تعالي .. كملي رقدتج في حجرتج


نزعت موزة يدها من يد العنود وهي تهز رأسها بهلع صدم الأخيرة واثار استغرابها


سألتها بقلق: ليش متروعه انزين ..


اشرت موزة بذات هلعها: مابا ارقد




لا تريد النوم ورؤية صاحب العينان الذئبيتان مرة أخرى ....... لا تريد .......!




العنود باهتمام وهي ما تزال متعجبة من ردة فعل موزة المنفعلة: عيونج منفخه وويهج مصوفر .. سيري فوق وريحي احسن لج يا قلبي



اشرت موزة باصرار مرهق: لا لا .. عقب برقد


العنود: على راحتج ...


صمتت قليلاً ثم قالت: انزين تعشيتي ..؟! انا توني حادرة البيت بس ما شفت امايه .. اكيد في المطبخ تسوي عشا .. عياليه عزروا عليها الا تسويلهم المعكرونة بالجبن اللي يحبونها من ايدها ...


ابتسمت موزة برقة واشرت: مب مشتهية .. العصر تفاولت وكثرت من الاكل


مسدت العنود شعرها وقالت: مداخيل العافية


أكملت وهي تبتعد اتجاه باب المجلس: بسير اشوف عمتج عيل ..


ما ان خرجت حتى تنهدت العسلية بصمت ... ولم يخرجها من شرودها الا صوت رسالة من شقيقها الحبيب ..


قطبت حاجبيها بعفوية واخذت تقرأ محتواها ... ومن غير ان تدرك ... ظهرت موزة القديمة مع البسمة الشقية التي توهجت من مبسمها العذب ..


ردت عليه بمكر لذيذ: كم تعطيني عسب اعطيك اللي تباه ..؟!


اجابها بـ مداعبة اخوية: بعطيج كف .. يلا اشوف عطيني إياه ..


موزة: ههههههههههههههههههههههههه هههههه انت قد هالرمسة يالـ...

(نادته باسم قبيلته)




حارب بابتسامة ماكرة: قدها وانا الحربي ..


موزة بخبث: ما عليه كله بظهره في عيالك السخيفين اصبر بس عليّه ...


وبعد مناوشة لطيفة بين الاثنان اعطته موزة ما طلبه منها في بداية محادثتهما ....



.
.
.
.
.
.
.




: السلام عليكم


: وعليكم السلام ... ا ا ا حارب


همس بصوته الخشن الرقيق: عرفتيني ..؟!


: ا ا ا هيه ..


سألها: مشغولة ..؟!


: احم .. لا ... انا خاري ويا ختيه فطيم ويدوه .. نزلن الخياط وانا تميت في الموتر ..


حارب: ليش ما نزلتي وياهن ..؟!


ناعمة بارتباك ..... هذا المحارب ينقض عليها في اكثر لحظاتها هشاشةً .... وكأنه كان يشعر انها في هذه اللحظة كانت غارقة في ذكريات عيناه الآسرتان/رجولته الفتاكة: ا ا مصدعه شويه ..


همس: سلامات


تنحنحت لتجلي صوتها من التوتر والارتعاش ... ثم قالت: الله يسلمك


: السموحه جان دقيتلج في وقت غلط


قالت بسرعة: لا لا عادي


أكملت بخجل شديد: ا ا .. امممم .. بغيت شي ..؟!


صمت ........ وكأنه كان يحارب امراً ما يتعارك في جوفه ...... ثم قال بصوتٍ خافت ساحر يرعش الاوصال: هيه


انتفض الوتين فيها ....... قالت بلهفةٍ حاولت اخفائها منه: شـ .. شو ؟؟


: بغيت اسمع حسج


انخرس لسانها/كل حواسها حياءاً وصدمةً ..... وهي ..... ولضخامة ما تشعر به ..... قالت بردة فعل ساذجة لا تناسب ما قيل لها: ا ا .... مـ ...... من وين يبت رقميه ؟؟؟


اجابها بابتسامة متسعة وكأنه احس بخجلها وتوترها البالغان: من موزة


اخفضت اهدابها ببسمةٍ خجولة وهمست: اهاا


همس بلهفة جائعة: ناعمة


رفعت اهدابها لترد عليه بذات لهفته: لبيه





: يا وييييل حااااااااالي ... فديت هالعيووووووون
0509585...




وقف حارب بسرعة وهدر: منو هاااا ...!!


قالت ناعمة بتوتر وهي ترفع نافذتها التي انزلتها منذ ثواني لتجيب جدتها التي كانت تسألها عن بعد ما اذ ترغب بحبة بندول من الصيدلية: ا ا ا ياهل متفيج .. ما عليك منه




صاح الشاب المتهور قرب نافذتها بطيش ابله غبي: يعلني افداااا الغووووى يا عرررررب .... انتي انسانه ولا ملااااااااااك




صرخ حارب وقد اشتعلت النيران في جوفه وعقله بشكل مرعب حد اللامعقول: انتي ويييينج ...؟!


ناعمة بارتباكٍ شديد .. فالشاب كان بحق اخرق وغريب التصرفات: قلتلك حارب انا صوب الخياط ...


صرخ: أي خياااط .... في أي سووووق ...؟!


تنفست الصعداء ما ان ابتعد الشاب بخوف .. فـ جدتها وشقيقتها قد خرجتا من المحل وها هما عائدتان الى السيارة ..



قالت برقة محاولةً امتصاص غضبه الذي اثار خوفها وضيقها في ذات الوقت: حارب هد الله يهداك .. خلاص الولد راح الله لا يرده ..



لم يكن يعلم ما يحل به ... النيران فيه تزداد ... بلا انخماد البتة ......


صرخ بقسوة: وشعنه انتي عاقة غشوتج !!! تستهبلين حضرتج ولا تستهبلييين ....!!


شهقت بصدمة وعيناها تتسعان: انا استهبل ....!!


هدر بغضب مجنون: لا يدّاااااااااااني ... شعنه عاقة غشووووتج اقووولج



غضبت .... ولم تستوعب كيف هتفت بحدة: لا تصارخ عليه لو سمحت



شياطين الانس والجن الغاضبة تضاعفت في دماغ حارب .... زمجر بصوت كاد يصم اذني ناعمة:
اصطلبي وانتي ترمسيييييني يا بنننننت



رغم ألمها من تصغيره له وتحقيره من شأنها الا انها لم تضعف .... هي لا تضعف بسهولة .... خاصةً ان كانت مظلومة ولا ذنب لها ....


اغمضت عيناها بعنف ...... وقالت من بين اسنانها: قلتلك ... لا تصارخ عليه ... انا هب ياهل عندك


صمت ثوانٍ .... صمتٌ تخلله أنفاسه الخشنة الحارة النارية ....... ثم همس بنبرة خافتة "مرعبة":
انا ترمسيني جيه ؟؟




سكتت بضيق شديد ...... كيف يالله وصلت محادثتهم لهذا المستوى .....!!

يالغبائها .... لو انها تجنبت النقاب ولبست غطاء وجهها الكامل لكانت الآن ما زالت تتنعم بدفء صوته الخشن العذب ....!




عادت تقول بحدة: حارب انا ما اسمح لأي حد يقلل من احترامه اليه ويزاعق عليه بليا سبب ...


اخرسها بذات صوته الخافت "المرعب": اهاااا .. ثرها هاي علومج ..


زم فمه بنظرةٍ شديدة العتمة ...... اعتم من ندبته التي توهجت تحت قمر السماء بشكل غامض مخيف ..... قبل ان يقول: مع السلامة



واغلق الهاتف فجأة عليها .... وعلى خفقاتها التي كانت منذ دقائق فقط ترفرف فرحاً لسماع صوته وقرب عبقه .....



احست بالندم والوجع لأجله ينهشانها نهشاً ضارياً ..... وبسرعة نوَت ان تتصل به كي تعتذر منه ...... الا ان دخول جدتها واختها قد اوقفها عما كانت تنويه ....... وقررت الانتظار حتى تعود الى المنزل وتنفرد لوحدها في غرفتها .....




بعد ان أصبحت في المنزل ..... وداخل مملكتها الخاصة ........ استلت هاتفها وهي تأخذ شهيقاً وزفيراً طويلاً يهدآن اعصابها وخفقاتها الوجلة المجنونة به ............ سمّت بالله ونقرت على رقمه ..........




بعد ثوانٍ .... انزلت هاتفها بضيق وخيبة لا توصفان ابداً من فرط مرارتهما ......


فـ حارب كراها ..... لم يجب على اتصالها ........!







: نعووووووووم ..... النااااااااااعم ..... تعالي سمعيلي هالصفحة ......





يا ربي ... ها هو شقيقها مرة أخرى .....


لولا حالتها النفسية "المريعة" الآن ..... لضحكت على شكله وهو يمشي هنا وهناك ممسكاً كتاب الله ويحفظ بانهماك شديد .......



تساءلت عدة مرات عن سببه المفاجئ في حفظ القرآن الا انها في نهاية المطاف كانت تبتسم بحب وتحمد الله عز وجل ان اعطى شقيقها هذه العزيمة الرائعة لفعل احب الاعمال اليه عز وجل ....




: نعووووووووووووووووووووووو م




صاحت وهي تعقد حاجبيها: ياااااااااية يااااااااية




قبل ان تخرج من غرفتها ..... ألقت نظرة أخيرة على هاتفها ....... ثم تنهدت بضيق عارم وخرجت ........



.
.
.
.
.
.
.



بعد منتصف الليل





امسك غترته البيضاء وفردها فوق ساقاه وألف مارد مظلم يرقص غضباً وجنوناً فوق رأسه .....



كانت عيناه .......... وبلا ايّة مبالغة ............. تصرخان بالاجرام التام ............!



لفّ الغترة حول رأسه ليترك طرفها الأيمن متدلٍ كيفما كان على كتفه الايسر .... ثم شمر عن ساعداه ملتقطاً سلاحه ....... قبل ان يخرج من السيارة ....





حدّق بالمكان بالفيلا المنصبة امامه بقرف وغضب وصلا حدود السماء وقيعان الأرض ....



وبخطوات صارمة سريعة ..... اقترب من الباب وضغط على زر الجرس .......





بعد دقيقة



رآى امامه فتاة صغيرة تتمايل بغنج فاضح وفي يدها سيجارة .... سمعها تقول بنظرةٍ تثير غريزة اعتى الرجال: هلااا ... منو انت ..؟!




من غير أي كلمة ...... دفع الباب بقسوة لتسقط الفتاة على الأرض بقوة .......

ثم اقتحم المنزل .......




لم يوقفه تحديق الجميع فيه ولا دهشتهم واستنكاراتهم ..... ولم يوقفه كذلك رائحة المكان المقرفة والدخان المتصاعد من انوف وافواه الرجال والنساء شبه العاريات .........



لم يوقفه الا وجه واحد فقط ........... وجه أعاد احياء "جهنم الغضب والقهر في جوفه"



عرفه ........ ويقسم ان الآخر كذلك قد عرف هويته من توتره وارتباكه الواضحان ...........




من غير تفكير .... جرّه بقسوة من تلابيبه حتى وقف مترنحاً امامه .......... وبصمتٍ تام ..........



اخرجه من المنزل ..... حتى وصلا الى قارعة الطريق .......




رماه على الأرض بوحشية .... وهتف من بين اسنانه/من بين نظراته التي تقدح شراً واجراماً:
اخيراً شفناك يا مانع ........










نهـــــاية الجــــزء الثــــاني والستــــون





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 25-06-16, 06:19 AM   #67

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)



.
.
.





الجــــزء الثــــالث والستــــون



،



تشهّيت الطفولة فيك

مذ طارت عصافير الربيع

تجرّد الشجر

وصوتك كان، يا ماكان،

يأتي

من الآبار أحياناً

و أحياناً ينقطه لي المطر

نقياً هكذا كالنار

كالأشجار .. كالأشعار ينهمر

تعالي

كان في عينيك شيء أشتهيه

و كنت أنتظر

وشدّيني إلى زنديك

شديني أسيراً

منك يغتفر

تشهّيت الطفولة فيك

مذ طارت

عصافير الربيع

تجرّد الشجرّ ....!




لـ محمود درويش



،




من غير أي كلمة ...... دفع الباب بقسوة لتسقط الفتاة على الأرض بقوة .......

ثم اقتحم المنزل .......




لم يوقفه تحديق الجميع فيه ولا دهشتهم واستنكاراتهم ..... ولم يوقفه كذلك رائحة المكان المقرفة والدخان المتصاعد من انوف وافواه الرجال والنساء شبه العاريات .........



لم يوقفه الا وجه واحد فقط ........... وجه أعاد احياء "جهنم الغضب والقهر في جوفه"



عرفه ........ ويقسم ان الآخر كذلك قد عرف هويته من توتره وارتباكه الواضحان ...........




من غير تفكير .... جرّه بقسوة من تلابيبه حتى وقف مترنحاً امامه .......... وبصمتٍ تام ..........



اخرجه من المنزل ..... حتى وصلا الى قارعة الطريق .......




رماه على الأرض بوحشية .... وهتف من بين اسنانه/من بين نظراته التي تقدح شراً واجراماً:
اخيراً شفناك يا مانع ........



عينا الشاب ... هيئته ... عتمة الشر المحيطة حوله ... كلها اثارت الرعب الخالص في جوف مانع .....

هدر بتلعثم محاولاً ان يخرج من هذه الورطة "بأقل الخسائر": مـ منو انت ..؟!
و و ...... وشو تبا فيّه .....؟!




: امممممممممم ....... منو انااااا ...............




ثانية فقط ........ حتى صرخ مانع بجنون وهو يتلوى من ساقه اليمنى




انزل حمد المسدس وهو يهتف بخفوت قاسي كـ قساوة غضبه الماردي الأعمى: ها ........ عرفتني الحينه ولا تبا غيرها ...؟!



رفع كلتا يداه امامه وهو يترجاه: حـ حممد .... حـ حمممد .... اناااا ..... انااا مالي خصصصص ... انااا ......... آآآآآآآآآآآآآآخ




الألم في ساقه كان لا يُطاق ..... وحمد ما ان سمعه ينطق بإسمه بصوته القذر البغيض لم يزدد الا غضباً وقهراً وشراً ......


دعس بأقوى ما عنده على ساقه المصابة وهو يهتف من بين اسنانه: سؤال ......... وابا اجابته .......... اقسم بالله الحي القيوم اللي خلاك لين هالثانية تتنصخ يالحيوان ..... ان ما قلتلي الصدق ... حرام يني اثورك بين عيونك ....





زمجر بأجرم صوتٍ خرج في يومٍ من حنجرته ..... في الحقيقة .. كان صوته هذا ....... للتو مخلوق ........ لا ينتمي ابداً لـ حمد المحبوب الهادئ .......!:
منووو مصوّووور حرمتييييه وشقى صوووووورها ......!




كان يصرخ حد البكاء من ألم ساقه .......... وازداد صراخه ما ان دعس حمد اكثر عليها وهو يصرخ باحتداد اعصف ...... وغضباً اقسى:
ارممممممسسسسسسس
منو مصوووووورنها .......!!!!!





: آآآآآآآآآه .... بـ بـ بقوووولك .... والله بـ بقووووولك بسسسسس
بسسسسس خوّززززز ريلك .... دخييييلك ..... آآآآآآآآآآآآآآآه





صرخ مرة أخرى ما ان زاد حمد من قوة ضغطه على ساقه .......... واخذ يبكي من بين كلماته المرتجفة المرتعبة: انااااا ..... انااااا خليت بشكارتهم تصوووورها ..... اناااااااااا ..... آآآآآآآآآآه .. دخيلك ارحمنننننننننني




عض حمد شفته السفلية بقسوة وقد انكمشت روحه ذهولاً من اعتراف مانع الحقير ....... صرخ بجنون: كييييييييف ....!!!! ومتتتتتتتتى .......!!!!




: آآآآآآآآآه .......... شـ شـ شلللل ريييلك واللي يرحم والدييييييييييييك .... آآآآآآآآآآآخ





صرخ بألم فظيع وحمد لا يرحمه ... فقط يضغط اكثر واكثر على ساقه مما جعله يقول بسرعة بصياح متألم حد اللامعقول: يوم كانوا في الشااااارجة قبل العيد بـ 3 اياااااااااام ... آآآآآخ ....... كانوا بايتين في فندق وشالين البشكارة وياهممممم ....

جــ جااان انااااا ........... اعطيها بيزااااااااات ... عـ عـ عسسب تصورها وهي في الحجرة هناااااك ...... و و سووووت اللي اباااااااااه ......... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ




اعتلت الصدمة تقاطيع وجه حمد القاسي .... "الشاحب مع شحوب احساسه الباهت الآن" ......!


يالله .................. لقد ..............................


ظلمها ..............!





اغمض عيناه بعنف ........... والقهر في جوفه يتصاعد من معدته مروراً قفصه الصدري حتى حنجرته ودماغه ....!


قهر من نفسه ... ولأجله ...

قهر مما ارتكبه من ......... جرم ............ بحق من امتلكت بملكوت جمال شامتها "نبض رجولته وقلبه"







ابتعد عن مانع ببطئ .......... واشاح بجسده وهو يفكر بلوعة




كيف السبيل لجمع شتاتك يا حمد ...........!






اصطكت اسنانه بقوة وخرج زئير غاضب موجع مرير حد النخاع من اسفل قاعٍ من حنجرته .......




ومن غير ان يفكر بتحرير نفسه من شياطين غضبه ..... وجنونه .......... التفت بشراسة نحو مانع الذي يلتوي على الأرض متوجعاً منتفضاً باكياً ...........



وأطلق "بشر ماكن" عدة مرات على يده اليمنى ........ وصرخ بوحشية قاسية وهو يسمع صراخ مانع الذي يكاد يفقد وعيه من شدة الألم والرعب: كلللللللللللللب .... كلللللللللللللللللللب .... والله لو ما حلفوووووني ما اجتلك جان جتلتك وخليت لحمك زااااد للحيواناااااااات يا اللل.............. يا الللل..................






مانع ..... ومن شدة عذاب الألم .... ونزيفه المستمر ... فقد وعيه كلياً .....






حمد ............. صدره يعلو ويهبط بجنون .... لا يكاد يلتقط اكسجيناً حتى يخرج ضُعفه كـ ثاني أكسيد كربون ملوث من جوفه





آه يا حمد ......... أفقط زفيرك ملوث ..........!

انت ..... بأكملك ........ ملوث يا ابن عبيد ...!

ملوث ...... وآثم ...... ومجرم متوحش .......!







: ها يا بوعبيد ...؟! بردت فوادك فيه الحينه ...؟!




التفت للوراء بعينان تقدحان بريقاً وحشياً مظلماً .... ورأى الرجل الذي دلّه على مكان مانع ......!



زمجر بصوت مبحوح من شدة الصراخ والغضب: شو يايبنك ورايه ..؟!



هز الرجل كتفيه ببرود وقال: السموحه منك ... بس انت معصب وكنت ناوي الشر لمانع ... ما قدرت اثق في حلفتك بانك ما بتذبحه ..... عسب جيه لحقتك




زمجر مع لهيب عيناه وهو بالكاد يستطيع التقاط أنفاسه الثقيلة المختنقة: هالحيوااااااااان ما يستاهل الذبببببببح على اللي سواااااااااااه .!!!!! هاااااااااااااااه !!!!!




رد بصرامة قاسية: الذبح ونص .... بس نحن عندنا شغل ومصالح وياه .... وهب من مصلحتنا الحينه نشوفه تحت التراب ..... عطيتك اسمه وعنوانه بس عسب تبرد حرتك فيه .... هب خلفان بن عوض اللي بيرضى على غيره اللي ما يرضاه على نفسه ....





ارتعش فكه بغل وصل عنان السماء .... قبل ان يشيح بوجهه وجسده ويبتعد عن المكان بأكمله .......... وعن العالم بأسره ان صح التعبير ............!!





ما ان ابتعد عن ناظراه ........ حتى استل هاتفه .......... واتصل بـ نهيان ..




: مرحبا بوعبيد


نهيان بود اخوي: يا مرحبتين الساع خلفان .... شحالك ..؟!


خلفان: بخير يعلك بخير ..... ومن جداك ....؟!


نهيان: الحال يسرك ما يشرك يالغالي ..



تأمل خلفان مانع المرمي على الأرض بذل حقير ......... ثم قال بحزم صقيعي اعتاد استخدامه منذ امدٍ بعيد:
في حايه بخبرك عنها ..... والظاهر ما عندك علم ابهاااا .....


اعتدل نهيان بجلسته هاتفاً باهتمام: اسمعك خلفان



: اخوك حمد



.
.
.
.
.
.
.



رفع حاجباً واحداً ببرود اخفى خلفه نار غيظه الشديد من ضحكات زوجته واخته بالرضاع الآتية من غرفة الأولى ..... او بالأحرى .... ما يُفترض ان تكون غرفتهما .......!



تلك الصغيرة الفضولية ........... ما الذي جعلها بحق الله تأتي وتلتصق كالصمغ في حياتي والآن بالذات ........!


سأقتلها لا محالة ان لم ترجع الآن الى دبي ....





: ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههه حسبي الله على ابليسج مياسووووه ... ههههههههههههههههههههههههه ههههه واااااايه بطني ...... بس بس دخيلج جتلتيني من الضحك









"مياسووووه" .........!

تقول "مياسووووه" وهي تضحك بهذا الصخب اللذيذ ........... "الفاتن"


تباً لها ام عويل ....... أبهذه السرعة اتخذتها صديقةً لها ...........!

أبهذه السرعة تعطيها شرف سماع ضحكتها ورؤية عذوبة مبسمها اللطيف ....!


اخ يا مياسة ......... احترت بماذا اقتلك ....... بسكينٍ أم بضربةٍ مميتة بكوعي الأيمن ..






وصله صوت اخته الشقية: حصيصي حصيصي .. أبا شيتوووس حااااااار ...



سمع حصة تجيبها بتذمر حاقد: واحسرتي عليه .... وين اييبلج شيتوس ... اخوج زطي بخيل حتى اكل شرات الناس ما قمت اكل من ييت هنيه .... بتخبرج بالله عليج امج شقى غلطت غلطة حياتها ورضعت هذا اللي ما يعرف وين الله عاقنه في هالكون .....




طحن اسنانه محاولاً قدر المستطاع ان يكبت غضبه




المياسة: ههههههههههههههههههههههههه ههههههه هيه والله ...... فديت ماماتي تلاقينها شفقت عليه يوم خالوه عذبة تعبت وطاحت في الفراش وقتها .. قالت خل ارضعه يمكن اخذ اجر من وراه ههههههههههههههههههههههههه ههه



اتسعت عيناه ذهولاً ... واقترب من الغرفة كي يلقن تلك الصغيرة درساً لن تنساه .... أبدل ان تدافع عني امام تلك الثعلبة تقف معها ضدي ........!




: ما يستاااااااااااهل .. ها يستاهل يرضعونه بحليب ياعده .. حتى حليب الياعده وايد عليه



ارتسمت شعلتان من النار بمقلتاه ........ وقرر ان ........... يلقنهما درساً ..........!

استدار وخرج متجهاً الى الخارج ...






في الغرفة




المياسة بضحكٍ مجنون: ههههههههههههههههههههههههه هه حصووووووص بس خلاص بتموتيني من الضحك ههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههه

يختي انتي عسسسل ..... ليت كل ربيعاتي شراتج .......


شمخت انفها بغرور فكاهي: حصة بنت عبدالله مفنده فديتج ما في منها الا حبة وحده في العالم ههههههههههههههههههههههه


رفعت المياسة يدها وقالت: انا اشهد والله ههههههههههههههههههههههههه هههههه


اضافت بشقاوة: أقولج .. بدق على دريولي بخليه اييبلنا وجبتين من ماك



حصة بدهشة: صدددق ..؟!


وقفت المياسة وهي تقول: هيه افا عليج ... صبري بس



وبعد ان اتصلت بسائقها وطلبت منه جلب وجبتان من المطعم الشهير .... قالت: يلا خل نبدا السهرة


حصة: سهرة شو ..؟!


المياسة: شو سهرة شو ...؟! فلم يا بنتي صحصحي


حصة بنظرةٍ ساذجة: وين اييبلج فلم وفي هالخرابة ..؟!


المياسة باستنكار: طاعو ...... تسألين وين تييبين فلم والمياسة هنيه ...... جيه ما في اختراع اسمه لابتوب ونت ويوتيوب ..؟!


حصة باستغراب: ما عندي لاااااااب


رقصت المياسة حاجبيها وهي تقول: بس انا عندي فديتج .....



ذهبت الى حقيبتها الصغيرة واخرجت جهازها المحمول وهي تبتسم بخبث ....



ضحكت حصة وقالت بإعجاب: والله انج عجيييييييبة ههههههههههههههههههههههههه ه مزهبة كل شي هااااه


المياسة بحماس: هيه افا عليج





بعد دقائق .... وبعد ان انغمسن في مشاهدة الفلم المعروض .... شهقن بخفوت وهن يلتفن حول انفسهن ...




قالت حصة بتوتر وهي تقف: مياسة تسكرت الكهربا


عقدت المياسة حاجبيها: بسم الله ...


وقفت واكملت بخفوت : تعالي خل نشوف شو السالفة



خرجت مع حصة الى خارج الغرفة ليكتشفن سر انطفاء الكهرباء .... عندها لاحظن ان جميع أبواب المنزل مغلقة !

حتى أجهزة التكييف واضواء السقف .....!


كان يبدو انهن في عزلة عن العالم بحق !



ازداد توتر حصة بينما المياسة كانت تحاول ان تكون قوية قدر المستطاع .. امسكت يدها واتجهت معها نحو المطبخ وهن يمشين ببطئ وحذر ...


قالت حصة بارتباك:
مياسه ماشوف شي جدامي


هتفت مياسة بمزاج ساخر رائق لا يناسب حالتهم ابداً: اكيد مابتشوفين شي فديتج ماشي ليتات


ضربت حصة ظهرها برقة وهي تهتف بتذمر: هب وقت غلاستج مياسووووه ... والله متروعه بسم الله


تأوهت بخوف وهي تحاول مجاراة سير مياسة السريع ...



مياسة بحزم: يوديني عدل حصوووص


اردفت وهي تسخر من نفسها: طاعو .. صدق غباء .. ترى عنديه تلفون شعنه ما ابطل الليت ماله



بعد ان اضاءت الهاتف .... أكملت سيرها والأخرى تتشبث بثوبها وتتذمر من كل شيء يمر بخاطرها ....


وبعد عدة محاولاتت من البحث في المطبخ ... تمكنّ من ايجاد شمعة وعلبة كبريت ...


اشعلت المياسة الشمعة وخرجت وحصة الى الخارج وهن يشتمن فلاح الذي اختفى فجأة من المكان .....



حصة بغيظ بالغ: اخوج ها مافيه خير .... كيف يظهر من البيت ويخلينا بنات رواحنا هااااه ....! امففففف عليه اللي ما يخيل ... الكرييييييه



المياسة وهي ترمقها من تحت اهدابها: حوه انتي ... لا تسبين اخويه وايد تراني احبه ... سبيه على الخفيف بس ... يعني كريه بس




: أقول بس سكتي ولا بالنعال على راسج .... اللي سواه فيّه شوي في ذمتج !!




ما ان تذكرت المياسة قصة حصة مع فلاح حتى انفجرت بالضحك: ههههههههههههههههههههههه الصراحة ههههههههههههههههههههههههه انتو ههههههههههههههههههههههههه هههههه
نكتتتتتتتتتتتة ........... ههههههههههههههههههههههههه هههههه اخ بطني ....... كل واحد اغبى عن الثاني هههههههههههههههههههههههه



حصة من بين اسنانها: مياسووووووه ... والله هب وقت سخاااافتج .... دخيلج دقي على الكريه اخوج وخليه يرد ويبطل الكهربااااا



أغلقت المياسة فمها وهي تكتم ضحكتها بقوة: هههههههههههههههههههههههه زين زين ..






بعد ثوانٍ .... اتصلت بـ اخاها فلاح ...... الا انه لم يجب عليها



زمت فمها وقالت: حصوص ما يرد عليه ... يمكن عده معصب عليه عقب اللي سويته فيه ...



ضربت برجلها الأرض وهي تهدر بغضب: اوهووووو ... يعله ما يرضى ... مالي خص انا .... بنقع من الحر مياسووووه واحس برجع عزج الله من الكتمة والظلاااام



المياسة باستغراب: حد اييه لوعة من الظلام ....!! اما انتي منكر ...


حصة بقهر: هيه هيه انا تييني لوعه .... يلا عاد اتصليبه مرة ثاااااااااانية ....


المياسة: لا حول ولا قوة الا بالله .. تراني اتصتلبه جدامج وما رد عليه .. شو اسوي يعني زود ....!!!


زفرت حصة بانزعاج .... وغمغمت بعصبية: الحمدلله انج ويايه .. والله لو كنت بروحي كنت عادي اموت من الروع ....


المياسة: هههههههههههههههههههه اللي سمع رمستج ما يقول هاي كانت بتجتلني بنظراتها اول ما حدرت عليها الحجرة البارحة ..



: هههههههههههههههههههههه اشدراني انج اخته انزين .. اتحراج وحده من خايساته الهرم ......


أكملت بتحرطم: ان شاء الله هاييج الزفتة ما ترد ...... يعلها النفاد عليها عيووون تخلي الآدمي يدوووخ ... غربلاتها من كشميرية ... تقهررررررر


المياسة بمكر حلو المذاق: انتي احلى


حصة بذهول: انتي شفتيها ...؟!


المياسة: هههههههههههههه لا .... بس اكيد انتي احلى .....


بغرور ردت حصة: هيه هيه انا احلى ... فقدتها وفقدت ويههاااا البيضااااا ..... وع عليهااااا



فجأة قاطعتها المياسة: أقول .... تسمعين اللي اسمعه ..؟!


تشبثت حصة فيها وهي تقول بتوتر: لا ...... حوه مياسة لا تزيغيني ما ازداد والله



سحبتها وهي تردف: تعالي تعالي



حصة: وين سااااااايرة ؟؟؟


المياسة بغيظ: اوهووو .. اسميج دياية .... لحقيني بس ولا ترمسين .... اسمع حشرة برع


حصة بانفعال: مياسووه لااااا أخاف حرااااامي


المياسة باستنكار جاد: حرامي ....!!! هيه ابويه ان شاء الله ... خل يفكر بس يطب صوبنا .... والله ادفنه تحت ريلي .. قال حرامي قال .. تعالي بس انتي وعن العبط



: افففففففف يا ربيييييييييه .... والله انتي بتخبليبي .....



اشرت المياسة بعينان متسعتان: حصووووووه .... طاعي شي ظل ريال خاري .....



سحبتها حصة نحوها وهي ترجوها: مياسوه دخيلج خلينا نحدر الحجرة ونقفل على عمارنا لين مايي اخووووج


المياسة باصرار عنيد: لا ... ماشي .. أبا اعرف منو هاااا ......


حصة بحنق: سيري روحج ما بسير وياج حبيبتي




ثم ابتعدت حصة عنها متجهةً نحو الغرفة وهي تتذمر من الخوف والارتباك



صاحت باستهزاء: ديااااااااااايه ههههههههههههههههههههههههه ه




سرعان ما شهقت بتوتر ما ان اهتز الباب فجاة مصدراً صريراً حاداً مرعباً ....


لمحت الظل يتحرك هنا وهناك بصمت .......



ابتلعت ريقها وتجرأت واقتربت من الباب اكثر ........ ببطئ شديد متوتر ..... حاولت فتحته .. لكن دون فائدة



فجأة .......... صرخت برعب مستحيل وهي ترى قططاً سوداء تقفز عليها وتدخل المنزل المظلم من فتحة النافذة التي فُتحت فجأة من قبل احدهم لم تتعرف عليه ...


أصبحت الآن لا ترى سوى الظلام ......... والاعين المضيئة في الظلام

ظلت وحدها مع القطط ......



صرخت مناديةً حصة بصوت مرتجف: حصووووووووووه حصووووووووووووه


: مابااااااااا ... ما بييج .... ياربيييييييييه ليش كتبتلي الشقا والعناااا وانا بعدني في عز شبااااااابي لييييييييش .... أبا ارد العين يا ناااااااااس أبا ارد بيتنااااااااااااا



هدرت بانفعال غاضب: حصوووه لحقي عليه شي قطاوة هنيييه ....



ما ان قالت آخر كلمة حتى هرعت اتجاه الغرفة ... دخلتها وأغلقت الباب خلفها ...




وبانفعال شديد ..... اخذت تتصل بـ فلاح ...



عندما اخيراً شفق عليها ورأف بحالها ..... أجاب بنزاقة قاسية: خير .... شو تبين ..؟!


قالت بصوت رقيق تستعطفه به: فلاح فديتك .. وينك شحقه هب في البيت ..؟!


: شو خصج انتي فيّه ...؟!


طحنت اسنانها بقوة قبل ان تهدر بغيظ: رد البيت ياخي .... الكهربا بندت فجأة .... والبيبان مسكرة علينا ... وشفنا بعد ريال خاري .. ما يندرى حرامي ولا مجررررم ....


قال بسخرية لاذعة: أقول ..... ردي بيتكم ردي وعن المصاخه .... قال ريال وحرامي قال ..... ردي بيتكم ابركلج قبل لا تتخبلين اكثر ...



صاحت بغضب طفولي: ماباااااااااا ... قاعده على قلبك يا فلااااااااح .. ماااااابرررررد دبي ........



صوت خطوات الرجل تزداد قرباً قرب نافذة غرفة حصة المطلة على المزرعة الخلفية ..... ومواء القطط يحتد ويزداد رعباً ......!



صرخت حصة بقهر اسود لتوصل صوتها لفلاح: يا باااااااااارد يا عديييييييم الإحساس والنخوه والضميييير .. البنية تقولك شي رياااااال خاري ............ الله اعلم شو يكوووووووون ..... تبااااه يخطفنا ويغتصبنااااااااااا يعننننننننننني ...!!!!!




ابعد الهاتف عن اذنه وهو يغطيه بيده كي لا تسمع المياسة صوت ضحكته .....



سمعها تصيح مهاتفةً المياسة بخوف: مياسوووه القطاوة قراب من الحجررررة إلحققققي ... يا ربيييييه يزيغووووووون



سأل المياسة مدعياً الجهل: قطاوة شو ..؟!


ردت محاولةً إخفاء توترها بصوت غضبها: شي قطاوة دخلت البيت ... هالريال اكيد اللي دخلهن ... يا آدمي حس على دمك ورد بسرررررررعه



: برد البيت .... وبشوف سالفة الريال والقطاوة ...... لكن على شرط .... تردين دبي الحينه ........



زأرت بغيظ .... الا انها صمتت قليلاً محاولةً استيعاب الموضوع وغرابته .... وبعد ثوانٍ شهقت وصرخت: فلاااااااااااااح ...... حسبي الله على ابليييييسك .... انت ورا السااااااااااالفة ...



: بتردين ولا ما بتردين ..!! ولا أقول ..... خلج انتي وخويتج في الظلام والحر وبين القطاوة السود



هتفت من بين اسنانها: لو تنتحر ما برد يا فليحااااان ... ما علييييه انا اراوييييك



اتاه صوت حصة المصدوم الغاضب حد النخاع: يعني انت اللي بندت علينا الكهربا يالهرررم وحبستنااااااااا .....



فجأة ....... اشرت المياسة لحصة ان تصمت وتترقب ما ستفعله ........ صمتت حصة بدهشة واخذت تنتظر خطة المياسة ....




صرخت بخوف مصطنع: حصصصصصصصصة



توقف فلاح عن السير وهو يهتف بقلق مرتبك: حووووه ... شبلاها حصة ......؟!



لم ترد عليه ... وادعت انها تحاول مساعدة حصة بصوتٍ متحشرج باكي: حصصصة .. حصصصة فديتج نشششي ..... ياربي ظلااااااااام وحررررررررر ... اكيد نصخها انقطع من الحررررررر ... يا ويلي عليج يا بنت عبدالله ...... شبابج ضااااااع يا غلااااايه شبابج ضااااااااااع .....



: ميااااااااسة ..... بطلي الحجرة انا ياااااااااي




اغلق الهاتف في وجهها .......... تاركاً إياها تنخرط في ضحك هستيري خبيث




حدّقت بـ حصة التي تراها بتعجب قبل ان تقول بضحك: ههههههههههههههههههه شو تتريين امايه ... يلا خلي عمرج غشيانة عشان يصدق التمثيلية ......


ضربت يدها اليمنى باليسرى وقالت بذهول ساذج: ومنو قالج انيه اعرف امثل ..... وبعدين ليش اخلي عمريه غشيانة ما فهمت .....


غمغمت المياسة بغيظ: اففففففففف بقطع شعريه من هالبنت ....... يا بنتيه سوي اللي اقولج عنه وخلااااااص ... ما تبين تبردين يوفج بهالخقاق البااااااااارد ......!!!


ردت وهي تقطب حاجبيها بحقد: طبعاً ......


بعد دقيقة ...... اضيئت الكهرباء واشتغلت أجهزة التكييف كلها .......


اقتربت المياسة من الباب وفتحته الا انها تركته مغلقاً حتى لا تدخل القطط الى الداخل .........




ركضت نحو حصة المرمية على الفراش مدعيةً الاغماء ..... واخذت تبكي بتصنع متقن وهي تضرب بخفة خد حصة وتناديها بلوعة: حصة .. حصة فديتج نشي ... دخيلج نشي لا تموتيييييين




اتاها صوته القلق المرتعب: وينها ....؟!



ازداد نحيبها ما ان اقترب منهما ... وقالت وهي تمسح "دموع التماسيح الخاصة بها": مااااااااتت فلااااااااااح ماااااااااااتت



وبخها بقلبٍ ينتفض بالخوف: صخي يالخبله شو ماتت ... فال الله ولا فالج .. نشي نشي خليني اشوف شبلاها ......




تحركت المياسة مبتعدةً عن حصة وهي تكتم بسمتها الخبيثة بقوة .... ولم تبتعد فقط .... بل تركت لهما الغرفة من غير ان يعلم الاثنان بذلك ......... وأقفلت الباب خلفها بالمفتاح ............




ضرب برقة وجنة حصة وهو يهمس بحنان قلق: حصة .... حصة فديتج نشي .... شو ياج بسم الله ..؟!


حصة .... ولأنها فاشلة كلياً في التمثيل .... لم تستطع الاكمال .... لذا حركت اجفانها ببطئ مرتعش "مصطنع" وهي تأن بخفوت: امممممممممم .... انا ......... وين ...........؟!


جرها لصدره وهو يقول برجولية حانية: انتي هنيه ....... في حظني .......... روعتيني عليج يا ام لسان ماحيدج جيه دلوعه وما تقهرين الحر والظلام .........


فتحت عيناها على وسعها ووجهها ما زال مختبئاً بين طيات صدره ...... لم يرى صدمتها ......... ولا صدمة روحها الحاقدة عليه بشدة .......... لو رآها لسخر منها حتماً ................. لكنها يالله ................... مصدومة .......... "من دفء صدره/همسه"



من غير وعيٍ منها ..... ومن بين ثمالة فكرها/قلبها ....... همست بصوتٍ اختفى اغلبه بسبب التصاق فمها بصدره: خـ ... خفت عليّه ...؟!




رد مباشرةً وبصدقٍ شفاف: هيه والله





ثانية ...................... ثانيتان ....................... ثلاث





حتى اخذت اكبر كمية من الهواء كي تخرج من دائرة ثمالة العاطفة ...... ثم دفعته بشراسة عنها وهي تصرخ بأقسى صوتٍ لديها:
يالززززززفت يا عدييييييييييم الاحساااااااااااااس .. يالباااااااااارد يالخقااااااااااااق يا بو دم ثجيييييييييييل .... شقى جيه تسوي فينا هاااااااااااا !!!!!
ردني العين الحيييينه ..... الحيييييينه الحيييييييينه مابا اتم وياك دقييييقة وحددددده ......



ضربت بعنف على صدره وهي تكمل بغضبٍ عاتٍ اشعل جمال الحور بعيناها: طلقني اول .... طلقني طلققققني ....
قولها يلااااااااااا .... قولها انتي طااااااالق وبالثلااااااااث بعد ..... يلاااااااااااااااا





قطع بشكل مباغت صراخاتها وهو يمسك بقوة وجهها بكلتا يداه ويجرها نحوه بعاطفة وحشية: يالله ................ انتي .............. عـ عذاااااااااااب ..............





وانقطعت الكلمات ............ وسيلان الحروف المرتعشة .............. مع ارتعاشة الأفئدة والمشاعر الملتهبة ............

مع رقصة التوق المجنونة في عاطفته الرجولية ................ واستجابة عاطفتها الانثوية لرقصته .... لغطرسة هجومه الكاسح ..... ولغرور مبسمه ........... "المُهلك للكيان" ..............!






همست باختناق وبين دميعاتها العذبة الشفافة: انا ........... اكـ ........... اكرهك .................



ابتسم برجولية حلوة مغرورة ملؤها العاطفة والشوق: ادري



اغرق وجهه في عنقها وهو يردف بأجش خشن مبحوح: وانا اكرهج ....... اكرهج بشكل ما تتصورينه ........






وغرق الاثنان في بحر العاطفة الهوجاء ......... البحر الذي تنافى بأمواجه العاتية وتياراته المندفعة .......... كلمة "الكره" الخارجة من افواههما ..............!



.
.
.
.
.
.
.



زفر بغضب عاتٍ وقال: شعنه ما خبرني ...!!! شعنننه ...!!!
والله كنت حاس انه شي فيه يوم عرسه .. كنت حاااااس بس ما دريت ان مانع الجلب ورا اللي صاير في اخووويه ....



زمجر بقهر وهو يركل الحجارة في الأرض المقابلة لمبنى مؤسستهم الأمنية ....



هز خلفان كتفاه وقال بحزم: هاللي صار بعد .. قدر الله وما شاء فعل .. واخوك ما قصّر فيه .. بغى يجتله .. بس حلفته ما يسويها لانه لنا مصالح وياه ...



نهيان بعصبية: خلفان الله يصلحك المفروض تعطيني خبر بالسالفة من اول ما دق عليك الريال وخبرك بسالفة مانع ... لو كنت اعرف جان انا مصلح وايد أمور مستوية ....




خلفان باستغراب: جيه شو صار ..؟!







صمت .......... في الحقيقة .... هو لا يرغب بإدخال خالفان اكثر بشؤون عائلته .... لا يرغب بإخباره ان الساذج اخاه الصغير قد رمى زوجته المسكينة بمنزل والده تاركاً الأخيرة تبكي بحرقة منذ ساعاتٍ طوال ..... هذا ما قاله له والده بغضب تخلله التهديد والوعيد منذ ساعتان ........!


والده بحق ...... ينوي الشر لولده الصغير ما ان يراه ......!



سحقاً لغبائك يا حمد ......... أأخذت الصغيرة من منزل والدها عروس لتذلها بهذا الشكل الوضيع .......!

يبدو انك ومن فعلتك بزوجتك ... شككت بشرفها واخلاقها .......!



المسكينة ....... حتى انها رفضت الاكل والشرب الا بعد ان اتاها جده وطلب منها بحنان ان لا ترده وان تأكل ولو بضعة لقيمات .....!



وتلك الأخرى مهره ....... من فرط حزنها على صديقتها وحرجها من فعلة شقيقها عاهدت انها لا تحادثه حتى يكفّر عما فعله بها ........!!



واكتشف هو بالاخير ..... ان كل ما حدث ..... هي مؤامرة حقيرة من مانع الكلب ........!



فكّر بغيظ ......... كيف بحق الله سقط ذلك الوغد في درب زوجة اخاه وجعلها ضحية وساخته ووضاعة اخلاقه ......!






زفر بقسوة قبل ان يسأل خلفان من بين حاجباه المعقودان: حمد عرف شي عنيه ..؟!


رد خلفان بثقة: لا طبعاً ..... يوم وصلني من طرف الضابط .... ويوم شفت شقد هو ميت يبا راس مانع ..... عطيته عنوانه عقب ما اجبرته يخبرني شو سوى هاك الحيوان فيه ...... بس ما خبرته أي شي زود عن شغلنا وعلاقتك ويانا .....


اومئ رأسه بهدوء وقال بخشونة: انا ساير اشوفه ..... الله يستر شو بيسوي زود هالحمد ..... يوم يعصب ما يعرف لا امه ولا ابوه .....

افففففف ....... استغفر الله العظيم ..... وين مانع الكلب الحينه ...؟!



خلفان وهو يأشر بيمناه: نهيان تعوذ من ابليس .. الريال خذا اللي يسده من اخوك ... لا تتهور وتخربط اللي خططناله كله .......



شتم نهيان بقهرٍ مشتعل: الله يلعننننـ ............. اففففف استغفر الله العظيم ........ أبا اعرف من وين ظهرتلنا هالساااالفة الحييييينه ... يعلك النفاد يا موينع الكلب .......




: نهيان ....


تنهد بغضب .... قبل ان ينظر لخلفان بعبوس وتجهم .....



: تحدد وين مكان تسليم الأسلحة ..؟!



ضرب نهيان جبينه وهو يقول بتذكر: الله يذكرك بالشهادة ..



خلفان: وياك يا رب



: هيه تحدد .... وعطيت خبر لـ سلطان وحارب من شوي ... وكنت بخبرك بس انت الله يصلحك خربطت مخي بسالفة اخويه ....

سلمك الله بيكون في ............



.
.
.
.
.
.
.



: الغالي .... ما رقدت بعدك ..؟!


زفر بغضب وهو يرد: وين ارقد وولدج مسود ويهي عند بنت العرب ... خبريني دخيلج ..؟! حسبي الله عليه ...


ام نهيان بضيق: عبيد دخيلك لا تتحسب عليه ..... والله بعدني هب مصدقه حمد جيه يسوي ... ولديه واعرفه يا عبيد النملة ما يروم يضرهاااا ..



قاطعها بصراخ: ما يروم يضر نملة وهو جاتل البنية من الضرررررررررب .... انتي شفتي بالله عليج رااااااسها ...!!!! حسبي الله علييييييه حسبي الله عليييييييييه .... وفوق ها عاقنها من الصبح وذالف الله اعلم وييييين ...... ما بيبرد خاطريه الا يوم اكسر ينوبه بالعصاااا .....


حرك يداه بغضب واكمل من بين شرار عيناه: عنبوه داااااارك ياللي ما تخاف الله .... تسوي جيه في حرمتك وهي بعدها عروووووس .....!!!
كبيره هاي عند رب العالمين يا خلق الله كبييييرة .... اعوذ بالله انا شو مربي من ولد ..... ولديه انا جييييييه يسوووووي ....؟! حممممممد ....؟! ماااااااصدق .....؟! حسبي الله ونعم الوكيييل شو بقول اكثر عن جييييه



هزت زوجته رأسها بأسف حزين ثم قالت: انزين هي قالت هو ليش جيه سوابها ...؟!


هدر بانفعال: لا .. وهاللي معور فواديه ... البنية ما تبا ترمس عن ولدج ولا تخبرنا بالسالفة اللي خلته جيه يسوي فيها .... ربيت يا عبدالله والله يشهد عليه .. ربيت وكبرت وعرفت تظهر بناتك من بيوتهن بنفسٍ عزيزة ثمينة ما تعرف درب العذاريب وسود الفعايل .....



ضرب صدره وهو يردف بقسوة: ولديه انا سود ويهي يا عذبة ... سوووود ويهي ... حسبي الله عليييييه .. لجني والله ما اخليها في خاطريه ..... ان ما خليته يتصفع وجدااااامها ما اغدي عبيد بن نهيان .........



وضعت يدها على وجنتها وهي تهمس بقلق وضيقٍ شديد: لا حول ولا قوة الا بالله .. انت هد هد الحينه وارقد ... وانا بسير اشوف الفقيرة جانها رقدت ولا لا ..... من الصبح وهي مبلقه عينها في الايدار ولا حتى ترفهن .... قسم بالله متروعه عليها ....



التفتت وذهبت اتجاه باب الغرفة ... لكن زوجها اوقفها بقوله القاسي: قوليلها انتي الداخله وريلج الظاهر من بيت نهيان الحر .... وان دقت على أهلها واشتكتلهم عليه بتزعل ابوها عبيد ....
هي بنتيه الحينه وانا ملزوم ابهااااا ...... وبإذن الله ... بإذن اللي خلق غلاتها في فواديه ..... محد بياخذ حقها من ريلها الكلب الا ابوها عبيد ..... وصليلها هالرمسة يا عذبة تسمعييييييين ....!!!!



همست بنبرة مكتومة: ان شاء الله فديتك .. ان شاء الله ....



.
.
.
.
.
.
.



دخلت الغرفة الباردة ببطئ كي لا تزعج ميرة في حال كانت نائمة .......... عندما أصبحت في المنتصف ... اخذت تجول بعيناها المكان المظلم .... لم تتمكن من رؤيتها في الظلام ....



فتحت أضواء الغرفة ........ وسرعان ما شهقت بصوت مكتوم ما ان رأتها متكومة في زاوية خلف التلفاز البلازما الضخم ...... وبشكل ......... يقطع نياط الفؤاد ألماً ووجعاً .........!




تغضن جبينها وهي تكاد تبكي من منظرها ......



كانت نائمة بذت ملابسها التي أتت بها ... بعبائتها وحجابها حتى ........ وووووو



تمص ابهامها ..........!




همست بخفوت متألم وهي تقترب منها بسرعة: يا عمررررررررررري



.
.
.
.
.
.
.



صباح اليوم التالي



قبّلت رأس والدتها بقلبٍ يرتعش بالرعب ... والدتها منذ يومان ونصف نائمة ... أي اكثر من 36 ساعة تقريباً .......


رغم ان الطبيب قد طمأنها ان النوم هو ردة فعل طبيعية تحدث لمثل حالتها .... الا ان قلبها لم يطمئن ولم يرتح .....!


تريد رؤية عيناها .... سماع صوتها .... اشتاقت لبسمتها والغرق في لج احاديثها السكرية اللذيذة ......

اشتقت لبريق عيناها ما تقبل رأسها ويديها بحب باذخ .........


اشتاقت يالله ..........



ربي اعطها عمري ولا تفجعني بها ...... ربي انت تعلم اني من غيرها اموت ..... اموت يا رب العزة .......


لا تحرمني من التي اشم ريح جنتي بين اصابعها الملائكية ...... ارجوك .......................






: رو ........ احم ............ روضة ................




شهقت ببهجة ما ان سمعت صوت والدتها .......... هرعت نحوها وهي تقول بلهفة متلألئة: يا عمر روووضة ودنياهااااا ..... فديت حسج وعينج يا ربي ..... ما بغيتي تنشين يالغالية .......



: روضة ....... ا .... ابـ ........... أبا اتوضى ............. واصلي ........... ساعديني




: امايه يالغلااا .... انتي الحينه ما ترومين توقفين ... خلج مرتاحة .... يوم تصحين بتقضين ان شاء الله كل صلواتج ....



: لا ..... لا ........ أبا ....... اصلي .........




مع كل كلمة كانت تخرج من فاه والدتها ... كانت تشعر ان الدنيا بأكملها تنقبض على صدرها ...



رعب ............... لا تستطيع انكار إحساس الرعب الكامن في جوفها الآن ............


ابتلعت غصة حارقة اشعلت في روحها النار ........ وساعدتها في الدخول الى الحمام لتتوضئ وتصلي صلواتها الفائتة ........



.
.
.
.
.
.
.



يمشي بروي ... امام مكتب والده ..... القاضي الكبير صاحب الإنجازات والنجاحات .....

محمد ابن حارب الـ....



يحرك سبابته على سطح المكتب ببطء ... بحذر .... وكأنه بهذا لا يريد ان يزيل قدسية البصمات التي ما زالت قابعة فوق كل انش من المكان ......




رفع عيناه المظلمتان نحو الصورة الواقفة بثبات فوق المكتب ........ وتحرك جانب ثغره بابتسامة تفجرت بالحنين .... واللوعة ........ والفخر الشامخ المعتد .............!


كيف لا يفخر بـ اباه محمد ............!

كيف لا يفخر بمن علمه ابجديات عزة النفس وسمو الاخلاق وخلق الامجاد ..........!


هذا محمد يا قوم ............ محمد الذي لم يفارق الدنيا عبثاً .... بل فارقها وهو يعلم ....... انه ترك العبث لـ صغار النفوس وحقراء القلوب ........!




آه يا طيفك الذي الذي يؤنس علي وحدتي في عز حاجتي للرفقة ..........!




تنهد بوجع سرمدي .... والتفت ..... لتسقط عيناه على طاولة الشطرنج ........... وكما اعتاد في كل مرة يدخل فيها مكتب ابيه




اتخذ مقعده امام الطاولة ........... وبدأ يلعب مع "ذاته" .... ويتحداها ........!





بعد ساعة ............ قهقه بانتعاش وهو يهتف لـ ذاته: قيم اوفر يا حبيبي .... المرة الياية ان شاء الله تقدر تفوز عليّه ....



اسند ظهره على المقعد ........... وعيناه تتأملان قطع الشطرنج بشرود غائم لا يمت للواقع بصلة ...........



دقيقتان حتى عقد حاجباه بغرابة ........



اقترب من سطح الطاولة بتروي .......... وبدأ يلمس زواياها بتفحص وهو يفكر ....



هناك خط فاصل بين سطح الشطرنج وبين قاعدة الطاولة نفسها ........!


لمس هنا وهناك علّه يجد طريقة لفصل السطح عن القاعدة ... الا انه لم يجد !


ولم يتمكن من فتحه بيداه لمتانة صناعة الطاولة ورصانته .........


رفع حاجباً بتعجب ...... ثم هز كتفاه بلا مبالاة ظاناً ان الامر لا يتعدى مجرد ان الخط الفاصل ما هو الا من ضمن تصميم طاولة الشطرنج وانه لا يُفتح من الأساس ...........!

بعدها وقف وخرج متجهاً الى العمل ...... فاليوم لديه عمل كثير مع سلطان وبقية الرجال .........




وهو في طريقه الى خارج المنزل .... رفع هاتفه لينظر الى الرسالة القادمة اليه





"انا آسفة"









آه منها تلك السمراء الغجرية


لم يعلم كيف اهتاج بجنون عليها ليلة البارحة ........ الغيرة اعمته كلياً عن تصرفاته !


يعلم انها لم تذنب الا انها وبكل جرأة اغاضته .... ابت الا ان تثير لواهيب غضبه اكثر واكثر بحدة كلماتها ولذاعة تحديها/اعتراضاتها .......!


رباه ........ أأصبح يشعر بالتملك الشديد الغريب نحوها حد انها أظهرت جانباً يندر ان يظهر منه امام جنس حواء وحتى جنس آدم !

لو انها امامه لعض خدها عضاً على ما فعلته البارحة




زم شفتاه بانزعاج ..... ووضع هاتفه داخل جيبه ...... فـ آخر ما يرغب به الآن هو بث الطاقة السلبية في روحه



عمله لا يحتاج لطاقة سلبية ابداً ...... يحتاج للقوة والايجابية ....... وبرودة الاعصاب ........




اما تلك الناعمة ........... فلهما جلسة خاصة بمفردهما ............ فيما بعد !!



.
.
.
.
.
.
.



بعد الظهيرة




"



: كـ كنت .... كنت بخبر بنتيه فاطمة بهالكلام .. بـ بس ... هي محد ..... وما عندي غيرج

وانا ..........



اسكتتها برقة حزينة: اشششش ... لا تتكلمين فديتج الكلام بيتعبج .. ارقدي وبكره ان شاء الله بنتكلم مع بعض




: لـ لااا .. لااا ... ا ا أبا اخبرج بهالشي ... الحينه ... ا ا ا الحينه منيرة ....



أخذت نفساً عميقاً متحشرجاً واكملت:
شـ شيخة ............. احم .....




كحت بتعب أليم .... واردفت تحت نظرات منيرة الحزينة الدامعة: شـ شيخة ..... شيخة ما عندها حد من عقبي ... ما .....

ما عندها الا خواتها ... بـ بس خواتها ... احم ......

خـ خواتها كل وحده فيهن غدت تحت مسؤولية ريال ..... هي ...... بعدها ...... انا احاتي ......... هي وصيتي ........ لا تخلونها تنظلم ..... وصلي هالرمسة حق ......... فاطمة وروضة بناتي ........ قوليلهن ...... امكن توصيكن على اختكن الصغيرة ........ خـ .....




كحت مرة أخرى بعنف خشن ....... قبل ان تقاطعها منيرة بقلق: الله يعطيج طولة العمر وتفرحين بها عروس ان شاء الله .. لا تقولين جيه يا حبيبتي اذكري الله وصلي الله على النبي محمد




: ا ا ... لا اله الا الله ...... محمد رسول الله ..... مـ منيرة .......... وصيتي هي يا منيرة ...... وصلي وصيتي لبناتي ........ دخيل كل من له غلا في يوفج يا بنت الايواد ...........





ثم صمتت ..... قبل ان تغلق عيناها ببطء مرتعش .... وتدخل في سبات عميق غريب جعل منيرة تشك لوهلة ما اذ كانت تتنفس ام لا ........... وعندما تأكدت من سلامة تنفسها .... تنهدت بحزن ....... وخرجت عائدةً دبي .. الى الفندق الذي تقيم فيه في زيارتها القصيرة الى الامارات ......


"







خرجت من شرودها على دخول أولادها واولاد شقيقها ناصر الصاخب بعد عودتهم من حديقة الألعاب المائية في دبي ....



وقفت وهي تقول بحنان: ها حبايبي ان شاء الله استانستوا ...؟!


قفز الصغار بحماس وبهجة وقالوا جميعهم بضجة لذيذة: وااااااااايد واااااااااااايد



واخذوا يحكون لها كل مغامراتهم وشقاواتهم وحركاتهم البهلوانية المضحكة هناك وهي لم تجد سوى الغرق في الضحك الطويل مستمتعةً حد الصميم بحكاويهم الطفولية الحلوة .........



تجمدت ضحكتها ما ان خرج اخاها من غرفته الخاصة وهو يلبس ثوبه القطري المعروف على عجلة وبوجه بهت وشحب كلياً ....


هرعت نحوه وهي تسأله بخوف: ناصر شفيك ...؟!


وقف بذهول وكأنه تذكّر للتو ان شقيقته هنا عنده ......... اخذ يحرك يداه بتوتر شديد ...... ثم قال: مـ ماعرف شو اقولج يا منيرة ... لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ...


هزت برعب وهي تقول: بسم الله الرحمن الرحيم ... تكلم يا رجال والله طاح قلبي من وجهك الأصفر ... شفييييك ..؟!


غمغم وهو يمسد جبينه بتوتر: لا حول ولا قوة الا بالله ..... جاني خبر من دكتور ام فاطمة اللي عطيته رقمي عشان يطمني على حالتها المسكينة ....
قال ان الله اخذ امانته من ساعة تقريباً ....




شهقت بصدمة أليمة ..... أليمة حارقة شديدةً العذاب ......... وسقطت على الكرسي بجمود تام ........... حتى وضعت يداها المرتعشتان على وجهها ........ وانخرطت في البكاء ............!



.
.
.
.
.
.
.



في اكبر مستشفيات العاصمة الحكومية





منذ ساعة وهو يحاول الاتصال به لكن دون جدوى ... يريد ان يخبر صديقه بخبر وفاة والدة زوجته


زوجته التي علم صدفةً انها تكون اخت من حازت ببراءة عيناها على جزء ليس بهين من نبضاته/تفكيره ... على من حازت اعجاب وحب اخته وجعلها تأتي من قطر الى الامارات لتخطبها له ......


وقتها علم لمَ رغب الماكر نهيان برؤية أبا فاطمة "خليفة" ....... العاشق كان يتلصص بجوع خلف كل امر يتعلق بروضة ....



هدر بضيق: رد يا نهيان رد .... لا حول ولا قوة الا بالله .... البنات منهارات داخل وماعرف شالدبره .... الله يهديها منيرة ما قدرت حتى تهديهم ....




خرجت منيرة وهي تكتم شهقاتها بقوة



هرع اتجاهها وسرعان ما رمت نفسها على صدره وهي تقول بصوتٍ باكٍ متحشرج: يالله ...... عمري ما انحطيت في هالموقف يا خوي ..... آآآآآه ........ لا حول ولا قوة الا بالله ....... لا حول ولا قوة الا بالله


حضنها بقوة وهو يقول بحزن حاني: منيرة الله يهديج البنات ناقصين صياحج الحين ... ادعيلها بالرحمة بس ....


قالت ببكاء مختنق: الله يرحمها ويغفرلها ...... الله يرحمها ويغفرلها



ناصر: علميني من داخل ..؟!



: بناتها ..... فاطمة ميتة من الصياح وفوق هذا فديتها قاعده تهدي اختها الصغيرة شيخة ... واعليه عليها منهاااااااااااااره






رباه ........................ وجع ................ وجع .....................!


أكان ينقصه تخيّل شكلها وهي تبكي فقد والدتها المُفجع !!


آه يا حبة القلب التواق لـ شذى ياسمينك ......!


ليتك "حلالاً" ........... لأدعس الحرام برجلاي وانساق لأحضانك ممتصاً كل املاح الحزن والجراح من عيناكِ !






سأل من بين نظراته الرجولية المتألمة: وروضة معاهم ..؟!



ما ان ذكر اسم الأخيرة .... حتى ازداد بكائها المرير: معاهم ومب معاهم .... هاذي اكثر وحده خايفه عليها .... ما شفتها يا خوي كيف قاعده ..... ولا جنه أمها متوفية ....... مكتفة ايدها وتطالع خواتها وهم يصيحون من غير أي ردة فعل ....... حتى يوم دخلوا يشوفون امهم ما انهارت ولا نزلت لها دمعة .......



غمغم ناصر وهو يهز رأسه يمنةً ويسرة: لا حول ولا قوة الا بالله ..... الله يعينهم ويصبرهم ... فقد الام غالي ....






من بعيد ... لمح احدهم يسير نحوه بسرعة وكأن الشياطين تلاحقه .... وعلم انه غانم زوج اخت شيخة الكبرى ....

عرف الأخير هويته واستغرب وجوده .. فالذي يعرفه انه فقط "الطبيب المشرف على حالة عمه خليفة" .. فما الذي يجعله واقفاً امام غرفة عمته ام فاطمة ...!!!



لكنه لم يتكلم لوجود امرأة بقربه ..... وعندما لاحظ ناصر ارتباكه همس لـ منيرة ان تدخل الى الداخل ليتمكن من التحدث الى الرجل الواضح على وجهه امارات ............ "الفاجعة" .............!



بعد ان سلّم عليه قال: دكتور ناصر .. شو يايبنك هنيه ..؟!


اشر ناصر نحو الغرفة وقال: الاهل يعرفون بناتكم الله يحفظهم .. عاد يوم عرفنا باللي صار يينا ...


هز غانم رأسه بشتات .. في الحقيقة .. هو لم يكن مع ناصر ... قلبه وروحه مع التي اعتبرها امه الثانية ...... رباه .............. أحقاً تيتّم للمرة الثانية .............!



رحماك يا رب ..... رحماك ..........





بشرود متألم ..... همس بحشرجة خشنة: لو سمحت أبا ادش على البنات .. خل الاهل يعطونا درب


ناصر: تامر يا بومحمد


اتصل بأخته وطلب منها الخروج كي يدخل غانم الى زوجته واخواتها ........





بعد دقائق ..... رن هاتفه ....... وكان نهيان



هدر بانفعال: نهيان انت وينك يا رجّال ....!



اتاه صوت نهيان الغامض ....... البعيد تماماً بشكل مخيف: انا ياي



سأل بقلق: فيك شي بوعبيد ..؟! انت وين ..؟!


نهيان بذات صوته المتباعد: انا ياي ناصر ... خلك هناك لا ترد دبي


غمغم بضيق: وين ارد دبي الله يهديك .... اختي اهني .. بتّم مع البنات .....
يلا ناطرك انا ...



.
.
.
.
.
.
.



تباً .............. من هذا الذي يلاحقه منذ ان خرج من دبي !!


اللعنة على الشيطان ........... ليس الآن ......... ليس الآن


حبيبته تناجي قربه الآن ........... لا يريد التفكير سوى بها .........








بعد عدة مناورات ... تمكن من الهرب من السيارة التي تلاحقه .....


تنفس الصعداء ..... واكمل طريقه نحو العاصمة ابوظبي ....... وسط شرود ذهنه وحزنه على الخبر الذي وصل بشأن وفاة ام زوجته ..... رن هاتفه السري ......






زفر بضيق لثوانٍ ... الا انه زيف مرحاً على تقاطيع وجهه ونبرة صوته .... وأجاب بفرنسيته الطلقة المحترفة: اهلا اهلا


اتاه صوت الرجل الخشن القاسي: اين انت ............... اريدك الآن امامي .................






اغلق الهاتف وهو يشتم بغضب عاتٍ عمله وقلة حيلته التي تجبره على ترك واجباته وحقوق احبائه في احلك الظروف .....




أوقف سيارته بعنف بجانب الطريق ..... وامسك جميع هواتفه قبل ان يغلقها كلها ........... ثم ادار مقود سيارته متجهاً لأقرب مخرج ليسلك الشارع المقابل ........ ليذهب الى "ذلك الرجل" ..............!










نهــــاية الجــــزء الثــــالث والستــــون




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 25-06-16, 06:21 AM   #68

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)

الجــــزء الرابــــع والستــــون



،



قبل َ كُلَ لقاء

قلبي يتبرّج ُ لك ِ

يُكحّلُ بالدفءِ أجفان َ نَبْضهِ

ويُخضّبُ دمَهُ بحِنّاءِ الحنين

ماؤكِ ـ لا ترابي

أعْشَبَ حقولَ أبجديّتي

كيف تَلِدُ الدُنيا قارات ٍ جديدة ً

ما لم يحتضنُ عشّك ِ عصفوري ؟

..

أيتُها البعيدة ُ كقلبي عن يدي

القريبة ُ كالشمس ِ من عينيّ

لِنُقِمْ مملكة القناعةِ

فأبايعك مليكةً

في أقاليمِ جنوني



لـ يحيى السماوي



،



ثاني أيام العزاء




هرع اتجاه منزل زوجته ووجهه يصرخ باللهفة ليراها ......... ويغمرها بصدره حتى يمتص كل آلامها ........


يعلم انها تعاني الآن .......... وبجنون ............ يعلم هذا من خفقاته التي تنقبض كلما فكّر بها وتخيّل طيفها امامه !





لكنه وقبل ان يتصل بها لتخرج إليه ... دخل خيمة العزاء ليقف قرب غانم وخال زوجته "الذي قدم من لندن مباشرةً بعد ان اتاه الخبر" وبعض رجال العائلة والاقارب ..... بعد ان قدّم واجب العزاء عليهم ......


الجميع كان حاضراً .... سلطان واخاه أبا ذياب .... وحارب ..... وآل خويدم ....





اتاه والده متسائلاً: وين كنت البارحة ..؟!


رد بحزم شديد اخفى خلفه احباطه من غيابه البارحة: شغل ابويه شغل ....


التفت بسرعة محاولاً تغيير الموضوع: وين فلاح وحمد ..؟!


اشاح والده وجهه بقسوة وقال: البارحة خبّرت فلاح بالسالفة ... ودق من شوي قال انه ياي في الدرب ... والثاني امره لا تييبلي طاريه .... يسد سواد ويهه الردي ....




حقاً لا يستطيع الآن التفكير سوى بغزاله ... زوجته الحبيبة .. لا بأشقائه .. ولا بأعماله المتراكمة المتوقفة ... ولا بالاتصالات التي تهل عليه منذ الصباح من أبا راشد وخلفان وبقية الرجال .......

يريد ان يراها الآن مهما كلّف الأمر




دخل ناصر خيمة العزاء وهو يلقِ السلام بصوتٍ رنان جهوري .... واخذ يقدم واجب العزاء على الجميع حتى اقترب من صديقه نهيان ......


ربت على كتفه وهو يقول: عظم الله اجركم يا بوعبيد .... عسى الله يرحمها ويغفرلها ويرزقها فسيج جناته


تنهد نهيان بصوتٍ غير مسموع ورد بخفوت: اجرنا واجركم يا خويه .... اللهم آمين يا رب العالمين ... كلنا مردنا لهالطريج .... نسأل الله حسن الخاتمة ...


ناصر: آمين يا رب .....






بعد دقائق ..... وجد ان صبره قد نفذ بحق ...... وضع يده على كتف غانم وقال بصرامة: بومحمد .. ما عليك امارة سولي درب أبا اشوف حرمتيه واعزيها .....


اومئ أبا محمد برأسه وقال: افا عليك .... اقرب اقرب .... بدخلك من الباب الوراني .. بعيد عن ميلس الحريم ...








اتصل غان بـ زوجته فاطمة ..... التي سيطرت على اعصابها "بقوة ايمان تُحسد عليها" بعد ان دُفنت والدتها .... وردت بصوت مبحوح هادئ: هلا غانم


.....: فاطمة سوولنا درب نهيان يبا يعزي حرمته



رفعت فاطمة عيناها الى روضة "الجامدة بمكانها" منذ ان تلقت الخبر .... حتى انها لم تلاحظ ان زوجها لم يأتي إليها منذ ان علموا بخبر وفاة والدتهم .....



وقالت بحشرجة خرجت اثر تأثرها من حالة شقيقتها الغريبة المخيفة: ا ..... احم ...... ان شاء الله ....






أغلقت هاتفها وهي تقترب من روضة الا ان ناعمة اوقفتها وهي تسألها بعينان ذبلتا من البكاء سابقاً ..... من جهة هي متأثرة من وفاة والدة صديقتها .... ومن جهة أخرى هي قلقة جداً من جمود صديقتها الغريب .....: فاطمة عنيه افداج شيخة وين ...؟!
أبا اوكلها فديتها من الصبح ما حطت شي في ثمها ....



دعكت فاطمة عينها اليمنى بقوة محاربةً بقوة دموعها .... ثم اخذت نفساً قوياً وهي تأشر بعيناها الى غرفة قرب السلم المؤدي الى الطابق العلوي: فـ .... في حجرة امايه ..... احم
ان رمتي تخلينها تاكل فـ يزاج الله خير .... هي اصلاا من البارحة ما كلت شي ..... حاولي فيها يمكن تاكل



قبّلت ناعمة جبهة فاطمة وهي تقول بصوت اخرجته قوياً حازماً قدر المستطاع: بتاكل ان شاء الله ما عليج .... انتي ايلسي وريحي عمرج يالغالية ...



.
.
.
.
.
.
.



: رواضي .. غناتي .. ريلج ياي يشوفج ..



بعينان ذابلتان .... زائغتان .... الا انهما ... "قمة في الصقيع والجمود" ... همست: وينه ..؟!


فاطمة: هو دخل من الباب الوراني مادري عاده وينه ... يمكن يلس في الصالة الصغيرة ...


هزت روضة رأسها بشرود ووقفت متجهةً خارج المجلس المزدحم بالنساء المعزيات ...






ما ان اقتربت منها حتى وقف بلهفة .... وهمس بعذاب عاشق: روضة


ومن غير ان يتوانى للحظة ...... سحبها الى صدره وغرسها غرساً فيه ..... واخذ من غير ان يشعر يعتذر ويتأسف عن غيابه يوم البارحة وقبلها ......



غمغمت باقتضاب وبصوتٍ خالٍ من أي مشاعر: عادي


رفع وجهها بأصابعه وهو يقول بإحباط وضيق: لا هب عادي ... انا آسف بس والله ما كان بايديه حيله ... ظهرتلي اشغال مهمة ....



: قلتلك ........... عادي




رمقها باستغراب .... وللتو فقط لاحظ تجمد نظراتها وغرابة كلماتها ............. انزل يده عن وجهها وهي تهمس بروحٍ ميتة: عقب الغالية ............ مافي شي في الكون يهمني ................





تأملها بأسى ........ ولم يعاتبها ابداً ......... فهي الآن مفجوعة ولا تعرف بما تتفوه به .........


امسك يدها واجلسها برفق قربه .... وقال بحزم وهو يشبع ناظراه من وجهها الجميل الشاحب متأملاً بألم انتحار السعادة بين دروبه:
بس انتي تهميني ..... وتهميني اكثر عن روحي .......



عندما لم تجب عليه .... تنهد بعمق ..... واردف:
عمج مبارك يه ..؟!


ردت بذات صوتها الجامد ... البعيد: يه ولا ما يه ............... ما يهمني ..........



: روضة ...... طالعيني .........




نظرت إليه ببرود ..... قبل ان يحبس عيناها بنظرته القوية المتمعنة .... ويقول بصرامة اخفى خلفها قلقه عليها: شحقه جيه ترمسين ..؟!



رفعت حاجباً واحداً وقالت: شقى تباني ارمس ..؟!



امسك يدها بقوة وقال: الحزن ماكل يوفج اكل .. مع ها .. تبين تحبسينه ببرودج وقسوتج .. ليش ... ظهري اللي فيج ولا تخلينه يذبحج من الداخل ..



وقفت وهي تبعد يدها عن يده ..... وقالت وهي تتأمل كل شيء حولها بنظرة فارغة ميتة: عليه السلام اللي كنت انحر الحزن فيّه لجل اشوف الضحكة بعيونه ...


قبضت يدها بقوة ........ واكملت ببريق حزن شرس مر بمقلتاها الجامدتان: عليه سلام ربي ورحمته وغفرانه ....
الدنيا عقبه ممات في ذمتيه ......




اقترب منها بعاطفة قوية وادارها نحوها وهو يقول: روضة .... ها يومها ... اجلها ... اذكري الله يا عين نهيان ... انتي مؤمنة ....



قاطع كلماته دخول فاطمة التي يبدو عليها امارات الضيق والعبوس: السموحه قاطعتكم ...



ثم قالت لـ روضة: روضة عمج خاري يباج ..


امسك نهيان يد روضة بتملك هاتفاً بحزم: نحن الاثنينه بنظهرله ....



.
.
.
.
.
.
.



رغم كبريائه الذي خُدِش هذه المرة بطريقة قاسية عديمة الرحمة ....ورغم عن انف غضبه .. وسخطه .. وغروره الذي انكسر ... رغماً عن انف كل شيء تشعر به رجولته المُداسة ...

هو متألم الآن لرؤيا دموعها المتساقطة بشكل موجع محموم ...


تذكر منذ يومان ما حصل وهو يقبض بوحشية على يده






"



قبل ان ينالها بشكل كامل ........ دفعته بقوة وهي تأن وتهمس بحشرجة من خلف عاطفتها المشتعلة المجنونة: خـ خوز ..... خـ خوز ...... ما ..... ما باااك .......


رد بقلبٍ ينتفض بالتوق والرغبة والمشاعر الهوجاء: لا ... جذابة ... انتي تبيني ... شرات ماباج ...


شهقت وهي تبكي بغضب وقهر رغم عيناها وخداها المتوهجتان بالعاطفة الشرسة: لا .... انا مابا واحد ذلني وخذاني غصبن عنيه .. مابا واحد يشوفني وحده مالها عازه في الدنيا ... لا فيها عقل ولا هدف في الحياة .... ما تعرف طموحها وزين منها نجحت على الحافة ....
مابا واحد يشوفني برخص واحتقار ودونية
خـ خوووز .... لو سمحت خوووووز




ابتسم بغرور .......... وهمس قريباً من ثغرها المرتعش: مع كل عيوبج ... فلاح بن عبيد ما زال راضي بج





يكاد يقسم .. انه رأى بريق لم يراه في حياته بعيناها ......... بريق سرعان ما انطفئ وهي تدفعه عنها وتزمجر: لو فيك ذرة رجوووولة يا فلاح يا بن عبيد بتخوووز عنيه الحيييييينه ........

اردفت بزمجرة اعلى واحد من سابقتها: الحييييييييينه





رمقها بسخط عاتٍ سرعان ما خفت خلف برودة اعصابه ....... تنحى عنها بصدره العاري ... وجلس قربها واضعاً يسراه فوق ركبته المنطوية امامه بإهمال وعبث .... وقال بسخرية غاضبة:
ممكن افهم هالفلم الهندي شحقه وانا اشوف الرغبة بعينج ....!




نهضت من السرير بحدة .... وبغضبٍ ملؤه الهيجان ... لفت على جسدها منشفتها المعلقة على الشماعة ..... وقالت بقسوة:
اظنتي سمعت شو قلت .... مابا واحد يشوفني برخص واحتقار ودونية .... الحص اثمن عن جيه يا الحر ...




امعن النظر بها بصمت حاد ثاقب ..... قبل ان ينهض بذات صمته ويدخل الى الحمام التابع للغرفة ...... تاركاً حصة منتفضةَ المشاعر لاعنةً شيطان تلك المياسة الماكرة التي خرجت وتركتها لوحدها مع فلاح ......



"





امسك بيساره مقود السيارة ... وبيمين امسك يدها وهو يقول بصوتٍ بحاني دافء: حصة .. ادعيلها بالرحمة فديتج .. ها مقدر ومكتوب ... كل نفسٍ ذائقة الموت ....




لم ترد .. كانت لا تزال تجهش بالبكاء المرير وتنتحب على والدة صديقتها الحميمة .... منذ ان علمت بالخبر وهي هكذا .. لا تكف عن البكاء .... وكأن ببكائها كانت تبكي ام فاطمة ... وكل شيء مرت به منذ ان عقد قرانها بـ فلاح ....

كل شيء ..... وجعها .. حسرتها ... احزانها ... كرامتها المُهانة ... غضبها ... مرارتها ...................




وغيرتها المجنونة ...............!


كل شيء بلا تحديد .....!





تنهد بأسى وفضّل ان يتركها تبكي وتخرج ما فيها قبل ان يصلا الى ابوظبي ويقدموا العزاء الى اهل زوجة شقيقه .....


بكاءها الآن راحةٌ لها .... اما بكاءها عند بنات المتوفاة رحمها الله فسيكون عذابٌ مضاعف لهن .......!


فلتبكي وتخرج ما فيها لتتمكن من السيطرة على نفسها هناك .....






وصلته رسالة من المياسة


"وصلت دبي الحمدلله .... وان شاء الله على صلاة المغرب انا وامايه بنيي بوظبي نعزي العرب"



رد عليها بهدوء


"ان شاء الله"



.
.
.
.
.
.
.



: لا ... لا انا ولا ختيه بنيي وياك .... هذا بيتنا وهنيه بنتم يالسات


هتف من بين شرار عيناه متواقحاً على وجود نهيان متعمداً ان يتجاهله ويحقّر من قيمته: هب على كيفج ... امج خلاص توفت الله يرحمها ... وفاطمة اختكن معرسة ولا هي وياكن طول الوقت ... شو بيلسكن بنات رواحكن في البيت !


هتف نهيان بصرامة حادة: يا بوخالد هالرمسة تو الناس عليها ... تونا ثاني يوم العزا وين تبا ياي تشل البنات ...!


هتفت روضة بشراسة لـ نهيان: رمسته مالها لزمة أصلا مب بس تو الناس عليها .... وبيته ما بطبه لا انا ولا ختيه ....


نظرت لعمها مضيفةً بقسوة: ولا تفتح الطاري هذا يا عم لاني ما بعيده رمستيه ....


اتسعت عينا أبا خالد غضب وهدر بقهر: انتي حووووه .... منو قااالج باخذ شوورج ولا بخليج تمشين رمستج عليّه ....!
تسوين اللي اقولج عنه وانتي منطمة ساااااامعه !



وقف نهيان بهامته الشامخة بين العم وابنة اخاه وهو يقول ببرود وبحاجبٍ مرفوع: الغالي ... خوي شما ... لا تنسى انها معرسة ... يعني لو أبا اشلها الحينه محد بيفتح ثمه ويرمس .... لا انت ولا غيرك ....



فتح العم أبا خالد فمه ليكمل هديره واعتراضاته الا ان روضة قاطعت الحوار الحامي بأن قالت بصوت ثلجي: وهاللي بيصير ...


حدّقت بعمها بنظرة تشع احتقاراً ..... واكملت: أصلا كنت متوقعة حركتك هاي ... انك تيي وتسوي فيها العم اللي يحب بنات اخوه وخايف عليهن .. عسب جيه انا مبوني كنت مقررة اخبر نهيان ان نخلص من سالفة العرس بسرعة



رمقت نهيان بنظرتها الجامدة واضافت متجاهلةً تماماً الحقد الناضح من مقلتا عمها: بس على شرط ... يعيش ويانا هنيه .... في هالبيت .... وختيه ويايه .....




التقط بفطنة وقلبٍ عاشق المناجاة بعيناها .. والتوسل بأن لا يكسر كلمتها ويخذلها حتى لو اخفت الشيء خلف قسوتها وجمودها ... لذا اومئ برأسه بسرعة وقال موافقاً إياها: شرات ما تبين ... شرطج بيتنفذ بإذن الله ....


صرخ العم أبا خالد باعتراض غاضب: بنت اخويه ما بتعيش ويا غريب ....


رفعت اصبعها مقاطعةً إياه بقسوة مرعبة ... قسوة أخرجت جانباً لم يخرج البتة منها واثار اعجاب نهيان بقوة:
والله ..... والله في سماه ...... ان فكرت تبعدني عن ختيه ... حرام ياني اجلب حياتك جحيم شرات ما جلبت حياتنا جحيم بفعايلك فينا سنين طويلة .....


اردفت بصوت اشد حدةً وظلمةً وهي تؤشر على الأرض: ختيه بتم هنيه .... غصب طيب بتم هنيه ... ويايه .....




: ر ... روووضة



التفت الجميع الى الوراء ورأوا شيخة متشحةً بالسواد وبجانبها فتاة أخرى متشحةً بالسواد كذلك ووجهها مغطى كلياً ...


اقتربت مهرولةً نحو اختها الكبيرة وهي تتلعثم بخوف شديد: مـ مابا اروح معاه .. دخيلج لا تخلينه يشلني معااااه ... بموووت والله بمووووت ....



احتضنت كتف اختها الصغرى بمشاعر تصرخ بالحماية والتملك ... وقالت من بين اسنانها: على موتي ياخذج وياااااه


زم نهيان فمه وقال بصرامة: سمعت راي البنات يا بوخالد ... تفضل رد خيمة الرياييل جانك تبا تكمل المواييب ...



نظر الى نهيان ثم الى روضة بلهيب حاقد وبغض عاتٍ وقال متوعداً: تتحرون السالفة بتنتهي جيه ...!! لا فديتكم .... البنية مردها بيت عمها .... الحينه انا بسكت لانا في عزا ...... بس حطوا في بالكم اني بيي ورا باجر وبشلها ....



قال كلماته وخرج تاركاً شيخة ترتعد ألماً ووجعاً في حضن اختها الكبرى .....



نظر نهيان بقهر الى اخت زوجته وهو يفكر بعقلانية



العقل يقول ان الذي يتفوه به أبا خالد حقٌ من حقوقه


فكيف يرضى أي رجل ان تعيش ابنة أخيه مع زوج اختها في منزلٍ واحد .... ليت ذاك الاخرق يعلم انه في الأيام القادمة لن يتمكن من المكوث في ابوظبي ودبي كثيراً ... فهو الآن يعيش اشد اللحظات حساسيةً في مهمته الرسمية الموكلة إليه !





: احسن الله عزاك يا بوعبيد




غض بصره ما ان اتاه صوتاً انثوياً غيرَ مألوفٍ بالنسبة له ..... قالت روضة بهدوء: هاي ناعمة بنت هامل


رفع نهيان كلتا حاجباه بحرج خفيف ورد على "ابنة خال أبناء عمه مصبح وزوجة ابن عمته حارب" بصوتٍ رنان: مرحبا مرحبا بـ بنت هامل ... الدوام والبقاء لله يا ختيه .. يزاج الله خير يا بنت الاشراف ...



دنا من روضة وهمس: انا راد الخيمة ... ان بغيتي شي اتصليبي زين ..؟!


اومأت رأسها بهدوء وصمتت ........ ليس بمقدورها الآن سوى الصمت ....... فليس غير الصمت من سيجعلها على الأقل ........... "محافظةً على عقلها من الجنون" .............!



.
.
.
.
.
.
.



منهكة الجسد ... والفؤاد ... ولا تعلم ما حيلتها لتعالج هذا وذلك ..... يبدو ان الله قد كتب عليها ان تعشق من لا يعرف ان للعشق حرمات .....!

من لا يعرف ان لعشق افئدة تكتوى من البعاد وطول الجفاء ......!

رباهٌ عليك يا ابن خويدم ........ أأرضعوك القسوة بالمهد او تشربته شرباً بشبابك المختال .......!

احبك ........ اجل احبك ........... ولا اعرف كيف استطيع ارجاع صورتك البهية في قلبي يا "نبضه" ......

اعتقدت ان بعادي عنك سيجلبك إلي ..... سيحن قلبك ويجعله يتلوى شوقاً إلي ... إلا انني كنت واهمة ......... كالمعتاد يا حبيبي


يبدو انك بأكملك "وهماً واقعياً لـ خفقاتي وروحي المولعة برجولتك" !!!!





"



: وانا ماباها ... بند التلفون يلا وعن الهذربان الزايد ... وراك سبوح ورقاد ...



وانا ماباها

ماباها

ماباها

ماباها

ماباها



"



ابتلعت غصة حارقة وهي تشتم بحقد ذاتها التي لا تنفك لحظة تفكر به وهو الذي في كل مرة يثبت لها انها بلا قيمة بالنسبة إليه .....




تنهدت بوجع محترق .... وعدلت غطاء وجهها قبل ان تخرج من سيارة والدها الذي قام بإيصالها لمنزل صديقة ناعمة لتقدم واجب العزاء

والدها الذي وبكل حنان عبق ابى ان يسألها عن سر مكوثها في منله وتركها لمنزل زوجها لأكثر من أسبوع .... تعلم انه يرغب بسؤالها والاطمئنان عليها الا انه يرغب كذلك بتركها تفعل ما تشاء وبالطريقة التي تريحها وتفضلها .... هذه احد طرق والدها ليكفر عن اهماله لها طيلة سنواتها الفائتة ....

هذا الامر غير خفي عنها ابداً ........!




أبا حميد: ابويه حنان .. انا بسير بعد اعزي العرب في خيمة الرياييل .. يوم تخلصين دقي عليّه ..


حنان برقة: ان شاء الله فديت عيونك


بعد ان اقتربت من باب المنزل الداخلي .... اوقفها صوتٌ صغير لذيذ



: ماماااااااااااااا ... مامااااااااااااااااااا




شهقت بسعادة قبل ان تلتفت وتهمس بحبٍ وشوقٍ سرمديان: يا عيوووون ماماااااا .....



ركض إليها ببهجة عارمة وهي ومن فرط شوقها ...... فتحت ذراعيها وتلقفته بحنان جارف ... حنان كـ هي تماماً !


: حبيبي سعودي ... تولهت عليييك ...


قبّل خدها بقوة وهو يصيح بملامح متوهجة من الشوق: وانا بعد ماماااااااا .....


اقترب كذلك زايد وبسمةٌ كبيرة تحتل كامل ثغره .... جثت على ركبتها واحتضنته هو الآخر بقوة ....




كانت تعلم ان والدهم موجود .. قريباً منها ..... ويرى كل تفاصيلها ..... الا انها ........ مجروحة ......... مجروحة بحق ولن تُظهر ابداً اهتمامها او شوقها إليه .... هي حتى لن ترفع عيناها وتنظر إليه .......




جاءها صوت الخشن ..... الجامد ....... القاسي: زايد ... شل اخوك وسيروا عند يدتكم .. هي داخل عند الحرمات ...


تشبثت حنان بالولدان قبل ان تقول بقهرٍ اخفته خلف صوتها الساخر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته بوزايد ...


اشاحت بجسدها وهي تردف بذات نبرتها: انا بوديهم روحي .. لا تنسى انيه خالتهم .. فـ لا تلغي دوريه في حياتهم لو سمحت



هدر بغلظة مرعبة: زااااااااااااايد



ارتعش زايد برعب وبسرعة امسك يد اخاه وذهبا الى داخل المنزل حيث تجلس جدتهم




اشتعلت نيرات الغضب بمقلتاها .... وبوحشية استدارت نحوه وهي تهتف من بين اسنانها: انت ما فيك ذرررة رحمممة ...!!! كيف ترمس الياااهل جييييه .....!!! وكيف تتصرف وياااايه بهالوقااااااحه جدام الاثنييييينه .....!!!



توهجتا مقلتاه جمراً وهو يهتف بفحيح: نعم ...!
منو الوقح يا مدام ...!



حنان ..... وقد انفجرت هذه المرة بغضب ليس بعده غضب ..... فهي حقاً قد تحملت الكثير منه: اننننننت ...
اننننت وقح وما تخاف الله ابد ... وقح وقح وقحححححح




اقترب منها ببطء .... كأسدٍ يستعد للانقضاض على فريسته ...... حتى وقف امامه تماماً ...... وجهاً لوجه ..... يستطيع ان يرى النيران من عيناها من خلف غطاء وجهها ......



تباً .............................. لأول مرة يرى هذه النيران ........!


من أي فوهة بركان خرجت بحق الله !!






قبض على معصمها بعنف .... وجرّها خلفه متجهاً نحو سيارته ..... متجاهلاً تماماً اعتراضاتها وامتناعها التام عن لمساته وقربه وحتى الانفراد به


لم تكن خائفة من غضبه ......... بل خائفة على نفسها من قربه


في كل مرة يقترب منها هذا الأحمد تثبت لنفسها قبل ان تثبت له انها خرقاء ساذجة لا تمتلك السيطرة على مشاعرها اتجاهه


رباه ................. اشتاقت بجوع للكهرباء التي تسري في كل جسدها من قربه الموجع ولمساته المُهلكة ...


حتى لو كانت لمساته عنيفة ..........!


ألم اقل انكِ ساذجة يا حنان وخرقاء ......!


ويحكِ ............





قالت وهي تحاول نزع يدها من سجن يده: هدددددني ... وين تبا توديييني ....



اخذ يجرها من غير ان يأبه لغضبها ..... الى ان اقترب من سيارته .... فتح الباب الأيمن وادخلها .... ثم مشى بخطوات سريعة تشع بالوعيد حتى فتح بابه الايسر وجلس خلف المقود .....



اقفل الأبواب ...... واسند ظهره على ظهر المقعد ...... صدره يعلو ويهبط بانفعال داخلي اهوج ......



اما هي .... فبدأت تهدر بقهر حقيقي ملؤه الجرح/الوجع: انت متى بتودر القسوة والمعاملة الدفشششة هااااااي هااااااه !!!! متى بتحسسني انيه انسانة قبل لا أكون حرمتك ... انيه وحده من عبيد الله هب وحده من عبيييييدك .... هااااااااااه !!!!



أكملت بحرقة هستيرية: انت انسان ميؤوووس منننننننك ..... ميؤوووووس منك ... انا تعببببببت .... تعبت وانا أحاول امشي مركبنا بس انت في كل مرة تثبتلي انيه ما استااااااهل هالشرف ..... ما استااااهل أكون في مركبك وفي حياتك وبين عيااااااالك ......
لييييييييش ....؟! ليش جيه تسوي فيّه خبرررررني .....!؟
انا هب ملزووومة انجرررح وانذذذل وانهااااان وانضررررب واتم سااااااااكته .... هب ملزوووومة يا بوزااااايد ... انا انسااااااان هب حيوااااااان ... متى بتفهم هالشي خبررررررني ... ريح فواديه وخبررررني ...

متتتتتتتتى !!!






اختنقت كلماتها وبح صوتها من الغضب المجنون ... الا انها اخذت نفساً كبيراً واكملت بعنف مشاعرها وارتعادة روحها الملتاعة: انا ادري ان ختيه مسوية بك شي .... ادري انها هي اللي جلبت حااااااالك ......




احمر وجهها بمشاعر مهتاجة غير آبهةً ابداً لشيء .... فهي ان لم تخرج ما فيها من قهر ستختنق به لا محالة .... هدرت مكملة بانفعال عارم ملؤه العاطفة: احمد اللي جذبني بطيبته وحناااااانه وحبه لحرمته وعياااااااله هب هو اللي يالس جدامي الحيييينه ... والله العظيم هب هووووو .... وييييينه
وين اختفى ....!!! مااااااااااات ......!!! عوشة اللي ذبحته .....!! هي اللي خنقت بسمة محياه وجلبت روحه فوق تحت قبل لا تروووح ....!!!
هي ولا لااااا انطططططق ... اررررررمس ... ريحني وارتااااااااح دخيل كل من تعزه وتغلييييييه
ارمس ورد احمد اللي حبيييييته ..... د ...... دددددخيلك ...........





احمد .............. كان لا يشعر بالصدمة فقط ..... ولا بالغضب الناري لأنها تمكنت من مهاجمته قبل ان يلقنها درساً على كلمتها السابقة ........... بل بفاجعة القلب الكاملة ............





"



احمد اللي جذبني بطيبته وحناااااانه وحبه لحرمته وعياااااااله هب هو اللي يالس جدامي الحيييينه ... والله العظيم هب هووووو .... وييييييينه

ارمس ورد احمد اللي حبيييييته ..... د ...... دددددخيلك ...........

ارمس ورد احمد اللي حبيييييته
ارمس ورد احمد اللي حبيييييته
ارمس ورد احمد اللي حبيييييته
ارمس ورد احمد اللي حبيييييته
ارمس ورد احمد اللي حبيييييته
ارمس ورد احمد اللي حبيييييته



"





وضعت يدها على جبينها بإعياء شديد ..... ولون وجهها قد شحب فجأة بشكل مخيف ....... وقبل ان تشهق خفقاته رعباً عليها .... رأى رأسها يترنح هنا وهناك ..... ويسقط على كتفه ............!



.
.
.
.
.
.
.



وضع يده على خصره ورفع جبينه نحو السماء



مهموم .... ومشغول البال بشكل يكاد يفجر عقله .....


لكن همه الأول الآن هو كيف سيحمي زوجته واختها من ذلك العم الذي لا يخاف رب العزة .... بعدها سيتمكن من التركيز في مهمته الخطرة .....



تنهد بضيق ...... ولمح بطرف عيناه تحديق صديقه ناصر به ......



دنا الأخير منه وسأل باهتمام: وش فيك يا خوي ..؟! صاير شي في شغلك ..؟!


زم نهيان فمه بحاجبان معقودان ..... ثم هز رأسه بالنفي وقال: لا ... آ آ ......




صمت ........



مالذي تفكر به بحق الله يا نهيان .....!


أستخبر صديقك بمشاكلك الشخصية وهنا في خيمة العزاء .....!


كم انت اخرق ..........





داهمه ناصر بأن قال بفطنة: شفت عم الاهل داخل البيت .... صار شي بينكم ...؟!


غمغم نهيان بانزعاج ومن غير ان ينتبه لما يتفوه به: امحق عم بس .... ها ما يخاف الله يا بومشعل ....


ناصر ...... ومن فرط لهفته لأن يعلم كل تفاصيل عائلة "تلك" ..... سأل مدعياً العفوية: ليش ..؟!


زفر نهيان بذات انزعاجه وقال: ياي وناوي ياخذ حرمتيه واختها الصغيرونة عنده .... يتحرا الدنيا سايبة الحبيب ....






وكأن افعى لدغته ......

لا يعلم لمَ فجأة انقبض قلبه وشعر انها ستختفي عن دنياه .... وانها ستُفرط من يداه ..........


والذي زاد من لدغات الألم في وتينه هو ما قاله نهيان فيما بعد: الحمدلله مالج عليها ولا جان خذاها وما رمت افتح ثمي بكلمة ... بس الصغيرونة ما نروم نقول شي بخصوصها ..... هو عمها وما نروم نقول شي .....


اردف من بين اسنانه: قاهربي الللل ...... اففففففف استغفر الله العظيم من كل ذنبٍ عظيم
ها من أي مصيبة ظهرلنا الحينه ...... انا ناقصنه !!!!


حك ذقنه مكملاً سرد أفكاره ومخاوفه بخفوت بالكاد يُسمع امام ناصر: جان ما يغصبها تاخذ ولده شرات ما آ آ .........





عندما احس انه تفوه بأمور جداً حساسة وشخصية ...... تدارك نفسه وصمت ....


الا انه تأخر ........ فـ ناصر سمع كل حرفٍ تفوه منه وبوضوح شديد




رباه .................. سيفقدها ............. يكاد يشم رائحة فقدها الموجع عن بعد ميل !!


لا يريد ........ لا يريد هذه الرائحة ولا هذا الإحساس بأكمله ..........




اتسعت عيناه على نحو ذابل مرتبك .........


الآن فقط ادرك رغبته المجنونة بها ........... الآن فقط علم انها تسكن الفؤاد وتجلس على عرش الخفقات !


يريدها يالله ........... يريدها حد النخاع !


لكن ............. هل تأخر في ادراك ما يريده وما سيجعله سعيداً في حياته !


هل فات الأوان لينال ياسمينته الصغيرة !




التفت لـ نهيان وقال بسرعة: نهيان .... تعال


نهيان باستغراب: على وين ..؟!


ناصر بارتباك حاول اخفائه قدر المستطاع: انت تعال وبس ... يلا الحقني


خرج ناصر من خيمة العزاء ... ولم يجد نهيان سوى ان يلحقه وألف فكرة مريبة تدور بدماغه "الذي لم ينم ابداً منذ سنين" !



.
.
.
.
.
.
.



في احدى المستشفيات الخاصة



سحبت ذراعها منه بحدة عندما امسكها بعفوية ليساعدها في الجلوس على كرسي سحب الدم


رمقها بغضب الا انها قطعت سهام نظراته بأن قالت بنبرة لاذعة: شعنه اطالعني جيه .... هب انا راعية رياييل وظاريه ارابع وراهم واني واني واني ....... شحقه تلمس وحده خايسه وصخه شراتي !


شخرت باستهزاء ملؤه القهر/الحسرة .... واردفت: وبعد ما ننسى انك قلت بلسانك انك ما تباني ....!




رصت على شفتيها ما ان دخلت الممرضة عليهما وبيديها أوراقها الصحية ....



هتفت الممرضة الفلبينية برقة: يلا هبيبتي آر يوم ريدي ..؟!


اشاحت بعيناها وهي تقول بجفاء: لو سمحت اظهر خاري ..


وقف قربها قبل ان تتسع عيناها بصدمة ما ان قال ببرود شديد: صكي ثمج ولا بضربه


خدشته بسكين عيناها الحارقتان قبل ان تقول بصوتٍ يشوبه الاحتقار: هب بعيده عنك على فكرة .... تعودنا نشوف الجانب اللاانساني منك من زمان ....


اخرسها بصوته القاسي الآمر: حنااااااااان


استدارت حنان عنه بنظرةٍ معتمة تتلوى جرحاً واهانةً ووجعاً ........... هذا الأحمد لن يتغير .... لن يتغير ابداً





رباه ..................... متى سأحظى ببعض الاحترام منك يا وجعي !





بعد ان انتهت الممرضة من سحب دم حنان .... جمعت عدتها وخرجت بعد ان قالت لهما ان نتيجة الفحص ستظهر بعد يومان ......


خرجت تاركةً الاثنان بحالة نفسية ....... اقل ما يُقال عنها "بالمدمرة" !




انزلت كم عبائتها على صوته الغليظ الآمر: باخذ ادويتج من الصيدلية عقب بسير الموتر ..... تغطي ولحقيني ....


: ما بسير وياك مكان .... بدق على ابويه بخليه يردني البيت





اغمض عيناه لثوانٍ .... وكأنه بحركته هذه كان يحاول التحكم قدر المستطاع باعصابه ....... ثم فتحهما هاتفاً بنبرة صقيعية تعج بالقسوة: تغطي ........ ولحقيني الموتر .............. بنرد بيتنا ...........



اقترب منها ........ وانزل عنقه ............ حتى اصبح انفه مقابل انفها الصغير ........... وكرر بجبروت: سمعتيني !
بيتنا ...........


وقف مشيحاً بجسده وهو يضيف بذات نبرة صوته: يلا لا تبطين





يالله ......... مجروحة .......... وبشكل لا يوصف


ليتها سيطرت على نفسها ولم تفتح ثمها معترفةً له انها كنّت له في يوم من الأيام المشاعر الحلوة ...... ليتها لم تجن وتكشف له كامل روحها المجنونة بـ احمد القديم ... احمد الوديع اللطيف الحنون !




حكت جبينها بألم/آسى ........ قبل ان تحولق بخيبة موجعة وتكمل سترها لنفسها وتخرج ........... خلفه !



.
.
.
.
.
.
.



تعلم انها تخطو خطوات نحو الموت البطيء ..... شيئاً فـ شيئاً ...... خطوةً فـ خطوةً .... الا ان امنية خالدة في روحها ترغب بتحقيقها ...... ويبدو ان قرب زواج شقيقها ...... وقرب دخولها "الحقيقي" لدائرة الموت المحتمة ...... شجعتها ان تفعل "ما يدمي الروح اكثر واكثر" وتحققها !


كما يقول المقولة المتداولة عندنا نحن العرب "هي خربانة خربانة"


فلم لا تبدأ تتذوق الخراب الآن بدل ان تتذوقه غداً !





اشرت لخادمتها التي ترافقها منذ ان بدأت تعيش بمنزل عمتها: خلي الدريول يوديني بيتنا ....... بيتنا الجديم


هزت الخادمة الاندونيسية رأسها وقالت بعربية مكسرة لسائق عمتها الهندي: راشي روه بيت بابا هارب ...


هز السائق راشي رأسه وذهب اتجاه منزل كفيله حارب



شيّعت بنظراتها الضائعة منزل روضة زوجة ابن خالها نهيان بعد ان تسللت مبتعدةً عن عمتها التي كانت مشغولة في العزاء .... وهي تفكر بحسرةٍ عاصفة


لمَ لا ترحم نفسها ........!


لم لا تنفك تعذيبها بأقسى الذكريات والأشد الصور رعباً في ذاكرتها المنحورة !




بعد دقائق ........... كانت تقف امام باب منزلهم


ترتعد كما لم ترتعد من قبل


لا


بل ترتعد كما ارتعدت من قبل ....... كما ارتعدت عندما رأت بأم اعينها يدا محمد المحاطة بوحشية حول عنق نيلا !




رباه .......... لا لا


عودي يا موزة


عودي واهربي من كل هذا


ارجوكِ


ارجو.......




مسكت مقبض الباب وكل جسدها ينفث ترياق الشجاعة ويمتص سموم الوجع والهلع والحسرة المعتمة !


لم تتحمل



اسقطت يدها من المقبض وهي تترنح حتى سقطت على الأرض بعنف


يالله ............ عيناكِ الجاحظتان يا نيلا "كابوس"


كابوس مجسد على هيئة شيطانٍ رجيم !





وضعت يداها على رأسها ......... واخذ ترص على جانبيه بشكل لم تعلم مدى وحشيته حتى جحظت عيناها هي الأخرى شاعرةً ان ضغط دمها قد ارتفع فجأة



اخذت نفساً قوياً حاداً ....... ووقفت بسرعة .......... وهرعت اتجاه الباب الخارجي الصغير الذي يقف خلفه سيارة السائق





الا انها وقبل ان تصل الى الباب ..... اوقفها صوت رجولي مميز ............. مميز بحق!:
جبانة




اتسعت عيناها العسليتان المشوبتان بحمرة الألم/هلع الماضي واستدارت بحدة لترى ذلك الذي يكاد يأكلها أكلاً بنظراته الجريئة


شفتاها افترقتا منصعقةً من الرجل ......... ومن كلمته اليتيمة !


عرفته ........... ومن اول نظرة !




رجعت خطوتان الى الوراء بريبة وارتباك وحرجٌ شديد ..... ومن غير ان تعلم السبب


استدارت لتهرول مبتعدةً عنه


شيئاً ما في عيناه جعلاها ترغب بالهروب والانطواء بنفسها بعيداً عنه !


الا ان الخشونة ........ "والدفء المُهلك" بصوته اوقفاها مرة أخرى: لا تشردين من ذكرياتج .... الذكريات ما بتنمحي .... بتم في عقلج للأبد لانها واقع وصار ......


ميّل رأسه بخفة واكمل بنبرة حلوة لطيفة تشوبها "بعض الذئبية" "ذئبيةً التملك .. ذئبيةً الذكاء .. ذئبية الجرأة":
تشجعي ..... كملي اللي بديتيه ...... أي حاية تخوفج واجهيها وسويها ...... لا تخلين شياطين ماضيج تنتصر عليج .... انتي اقوى عن جيه يا بنت محمد ......



عقد حاجباه وعيناه تبتسمان بغرور متفك ........ واكمل بأجش: انا مابا وحده جبانه ..... حرمتيه لازم تكون شرات ريلها قلبها قوي ما تهاب الا خالقها ......




كل ما فيها نطق بالصدمة ..... والارتباك الشديد ...... والحيرة البالغة .........



مالذي يتفوه به هذا المخلوق بحق الله !






: موجه ... ماما ئاشه يدق تلفون يقول ردي الهين .. هي وايد جئلان


التفتت موزة بحدة نحو صوت خادمتها التي تحمل بيدها هاتفها .... وبشرود رفعت هاتفها الخاص ورأت كمية كبيرة من الاتصالات والرسائل


إلهي ... متى اتصلت بها عمتها وبعثت كل هذه الرسائل من غير ان تشعر !




التفتت نحو ذياب بضياع ........ لكنها لم تجده !


اختفى فجأة




ابتلعت ريقها بربكة شديدة ... وهي تتحسس وجهها المحتقن الممتقع ....


بتعثر ..... عادت الى السيارة وألف صورة وفكرة تدور بمخيلتها بجنون .....




قبل ان تصعد الى السيارة ....... سمعت صوته الرجولي المرح الرنان: يالعسل




شهقت حنجرتها بصمت وهي تلتفت اليه ... كان يسند جسده بكسل على احدى الأشجار



ما ان حبس عيناها بعيناه الجريئتان ...... حتى غمز لها بمكر/عبث .....



زمت فمها ......... وكلماته الجريئة مع تصرفاته الوقحة الغريبة اشعلت في روحها الغضب/التمرد





قبضت على يدها ورفعتها امامه وكأنها تخبره انها ستضربه ان لم يكف عن حركاته الصبيانية


عندما رأى حركتها انفجر مقهقهاً بخفوت ....... يكاد يقسم بالله انه الوحيد الذي يُظهر الجانب الطفولي المتمرد المشاكس منها ...


اشاحت وجهها عنه بغطرسة مقهورة ودخلت السيارة بسرعة ..




صاح بصوت وصل لمسامعها بوضوح: لنا لقا جريب ان شاء الله يالعسسسل ..... اترييني ....





رباه .......... ما اوقحه !


كيف يتجرأ ويقول لها هذا الكلام !





ضربت برجليها ارض السيارة وهي تتوعده ..... ان رأته مرة أخرى ستلقنه درساً لن ينساه


المعتوه يظن ان البكماء لا تعرف كيف تأخذ حقها ممن يغضبها ويتواقح عليها ...


إلهي ... أتجرأ وقال ما قال لأنه اعتقد انني فتاة رخيصة وسهلة لمجرد انه رآني في غرفته !


لا لا ....... لا اعتقد هذا


من الأساس انا لم أكن اعلم انها غرفته حتى رأيت صورته مع عبيد




زفرت بغضب متوتر .......... قبل ان تتذكر انها لابد ان تطمئن عمتها انها بخير


لكن ماذا ستقول لها ان سألتها عن سبب ذهابها لمنزل والدها !


بالطبع لن ترد عليها وتقول انها رغبت ان .....................


ان تشم غرفة والديها !


ان تسترجع بعقلها زواياها ..... وحيطانها ..... ورائحة كاردينيا الدفء فيها وبين الارائك والوسائد والاغطية !


كما لن تقول لها انها جبنت ولم تحقق امنيتها الخالدة





"



جبانة


لا تشردين من ذكرياتج .... الذكريات ما بتنمحي .... بتم في عقلج للأبد لانها واقع وصار ......


تشجعي ..... كملي اللي بديتيه ...... أي حاية تخوفج واجهيها وسويها ...... لا تخلين شياطين ماضيج تنتصر عليج .... انتي اقوى عن جيه يا بنت محمد ......


انا مابا وحده جبانه ..... حرمتيه لازم تكون شرات ريلها قلبها قوي ما تهاب الا خالقها ......



"





عضت شفتيها بخجل قاني ........ وكلماته تشعل في روحها كل أنواع الاحاسيس الحارة .... واولها الذهول والتخبط !



تباً له ...... انه مجنون ..... لا اريد ان يجادلني احد بهذه الحقيقة


انه مجنون ... مجنون ... مجنون



.
.
.
.
.
.
.



كان قادماً من عاصمة الثقافة الشارقة ... متجهاً مباشرةً لمنزله ليستحم ويبدل ثيابه ثم يذهب ليقدم العزاء على والدة زوجة نهيان ....... لكن معدته قد صرخت مطالبةً إياه التوجه الى الحمام مباشرةً ......


ولأن مجلس الرجال في منزل حارب "مفتوحاً على الدوام لاستقبال الأقارب والأصدقاء" ولأن منزل الأخير اقرب إليه بكثير من منزله ...... اتجه إليه مباشرةً ومن غير تفكير .....!


لكنه لم يعلم ان صراخ معدته كانت صرخة نجاة لـ نبضات قلبه التواقة للعسل !





قهقه باستمتاع ما ان تذكر تعابير وجهها المحتقن ..... رباه


ليت عسل النحل يعلم مقدار جمال العسل بعيناك ليخجل من نفسه ويُخرِسَ جماله ...... ليته !



.
.
.
.
.
.
.



لم يتفوه احد من عائلة الحر بكلمة امام احد من عائلة خويدم بخصوص المشكلة الحاصلة بين حمد وعروسه .... فـ فضّلوا ان يقولوا لهم ان حمد ما زال يقضي شهر عسله مع ميرة في احدى الجزر في العاصمة بعد ان ألغوا سفرتهم الى إيطاليا ....


لم يرغب أبا نهيان ان ينحرج امام والد الفتاة وجدها .... ليس قبل ان يبرد غيظه من ابنه الذي الى الآن لم يظهر ولم يرجع الى البيت ....


وكأنه ملح وذاب !


حتى انه لا يجيب على اتصالاته واتصالات والدته


ذلك الوغد ......... يهين ابنة العرب ويذلها ويظن انه سيفلت من العقاب !





زفر بضيق واخذ يجول خيمة الرجال بعتمة عيناه اللتان تشبهان باقي اعين آل الحر تماماً



الى ان سقطت عيناه على الظل الداخل من باب الخيمة ....



ظل ابنه الأصغر ....... حمد !






مقلتاه اصبحتا اقسى من الحديد والصلب .....


لكنه تمكن من كبت انفعاله لان المكان غير مناسب لتصفية الحسابات !



دخل حمد بملامح متجمدة .... مقتضبة .... سوداء معدومة الاحاسيس .... واخذ يسلم على الجميع ويقدم العزاء بكل هدوء وسكينة ......


حتى اقترب من جده ووالده .......... جده اشاح بوجهه بغضب ما ان انزل حمد رأسه وقبّله


لكن عندما اتى دور والده .... فإن الأخير لم يكتفي بإشاحة وجه !


بل دفع صدره بحدة وبحرص كي لا يراه احد من المعزين وهو يغمغم من بين اسنانه: يحرم عليك راسي قبل لا ابرد جبديه منك يالكلب ... زول عن ويهي لا ارتكب فيك جريمة هنيه ......






يعلم ان الجميع يكرهه الآن ..... ومن حقهم !


هو آثم ......... وسواد روحه البشعة تستحق القتل على افعاله !


لذا هو سيصحح خطأه ....... لكن بأشد الطرق وحشية على نفسه !





انزل عيناه بهدوء وغموض .... واكمل سلامه على بقية الرجال



لمح من بعيد عمه والد زوجته ......... ولمح ابتسامته الفخمة اللطيفة


وتذكر ابتسامتها الحلوة الرقيقة !




يالله .............. لقد اغتال تلك الابتسامة شر اغتيال ........ أحقاً تكفيره عن خطأه سيطهر روحه من الذنب ام ان ذنبه اكبر من الطهارة واقوى من الغفران !



عندما رآه عمه .. اقترب منه وعلى وجهه بسمة مستغربة: حمد ..؟! انت هنيه ..؟!


ارتبك قلب حمد ظناً منه ان أبا سيف قد علم بما حدث بينه وبين ابنته الا انه لا يبدو عليه ذلك !


رد باقتضاب: توني ..


قبّل انف عمه ورأسه واكمل: شحالك عميه ربك الا بخير ما تشكي باس ..؟!


أبا سيف بحبور: بخير يعلك الخير .. الحمدلله رب العالمين ... وانت ابويه ... شعلومك انت وحرمتك ..؟!


اكمل بتساؤل: احيد ابوك قال انكم في يزيرة ياس ... شو يايبك ..؟!





شعر حمد بالصدمة تخدش خفقاته ............ وفكّر بارتباك !


جزيرة ياس !!!!!!


ألم يخبره احد انه وضع ميرة في منزل عائلته وتركها في ذلك اليوم !





رد بتلعثم حاول اخفائد قدر المستطاع: ييت اسوي الواجب يالغالي وراد عندها


أبا سيف: اهااا .... زين جان يبتها وياك


اكمل بحنان نادر ما يظهره: والله انيه فاقدنها هالمير ... فديتها الخريش هي اللي كانت تونسنا في البيت بخريشها وخبالها ...





آه يا ابن خويدم .......... لا تقلب الوجع في الوتين بالله عليك


انت لا تعلم ان غبائي وبصيرتي العمياء قد اجرما بحق "المير خاصتك"


اجل .... هي خاصتك ........ ليس لي الحق بعد الآن ان أقول انها "خاصتي" ولا ان أقول انها "تنتمي لي"


هي اسمى ... واطهر ... واشرف ... من ان تكون منتمية لشخصٍ قذر مثلي يا أبا سيف ......





رد وطيوف الحسرة تحلق فوق مقلتاه بغموض: بييبها عندكم جريب ان شاء الله


اومئ أبا سيف رأسه بحنان ولم يفقه للمعنى المبطن لكلمات زوج ابنته ....




بعد دقائق ..... مر والده من جانب مكان جلوسه وهو يهتف بقسوة من غير ان ينظر الى وجهه: الليلة اباك في البيت



.
.
.
.
.
.
.



مستشفى زايد العسكري
مساءاً




هرعت الممرضة الى الخارج ما ان ابصرت ما افجعها بحق !


عندما وصلت الى غرفة الطبيب المناوب ... هتفت بانفعال: دكتور دكتور


عقد الطبيب حاجباه وقال: ايوه سيستر !


ابتلعت الممرضة ريقها بربكة شديدة وقالت: أ أ أ ا ..... المريض خليفة جابر دكتور


رفع كلتا حاجباه بتخوف وقال: شبلاه خليفة ..؟!


: د د دكتووور ..... فـ ..... فتح عيوووونه ..........



.
.
.
.
.
.
.



: ميراني .. حبيبي العشا زاهب تعالي نتعشى


نظرت ميرة نحو صديقتها بنظرة ذابلة خاوية وهمست:
عموه ما ردت ؟!


مهرة بنبرة حنونة: لا بعدها في العزا


تنهدت ميرة وقالت بحزن فوق حزنها على حالها: بعدني هب مصدقة ان ام رواضي توفت ... الله يرحمها ويغفرلها ... في ذمتيه كانت ملاك بطيبتها وقلبها الكبير


مهرة بأسى: الله يرحمها ... ما الدايم الا رب العالمين يا ختيه ... امايه تقول جنه ربي رحمها من الكيماوي وخذاها عنده قبل لا تبدا فيه ... سبحانه ما ارحمه واكرمه ... ربي يجمعنا معاها في جنانه


ميرة بحشرجة: اللهم آمين


مهرة: يلا غناتي خل نتعشى ميتة يوع انا


ميرة بارتباك/ضياع: ا ا .... حد في البيت ؟!


مهرة محاولةً اطمئنانها: لا تخافين حمد محد .... اصلا من يابج هنيه هو ظهر ومارد


أكملت وهي تمعن النظر بملامح ميرة الذابلة المرهقة: ما بتخبريني شو اللي صاير امبينكم ؟!


اخفضت اهدابها بنبضاتٍ مجروحة وهمست بنبرة مكتومة: اسفه ... لو اقدر اقولج شو مسوي اخوج فيه جان قلت ... لكن ماقدر
بس ....... بس اخوج ذبحني ..... وما ظنتي في يوم اقدر اسامحه على اللي سواه


مهرة بوجه يعلوه الدهشة الأليمة: يالله ...... حمد ! انتي متأكدة ترمسين عن حمد !
انا صح مغتاظة منه ومعصبة ومتحلفتله على اللي سواه .... بس ان يينا للصدق انا يلين الحينه والله هب مصدقة ان حمد يقدر يزعل آدمي ما بالج بحرمته وتوه هو وياها بأول حياتهم ....
حمد طيب وحنون وما يعرف يعصب الا في الشديد القوي .... خبريني شو مسوي يمكن اقدر اصلح المنكسر


عقدت ميرة حاجبيها شاعرةً ان ألم كرامتها المخدوشة يزداد في جوفها ويشتعل ...... قبل ان تهمس بخشونة قاسية: اللي انكسر ما يتصلح ... انا عشان عميه عبيد يلين الحينه تامة هنيه ... لجني اتريا اخوج ايي عسب يتفاهم وياه ويردوني بيت هليه ..


: لا ميرة .. دخيلج .. لا تخلين ابليس يلعب بعقلج


التفتت نحو مهرة بعنف وهدرت بانفعال: ابليس ....!
يا حبيبتي ابليس طلع ارنب جدام اخوج وفعايله ... خليني ساكتة واللي يرحملي والديج ...




قطع حوارهما الساخن طرقات حازمة على باب الغرفة ... اتبعها دخول أبا نهيان ....... وبعده حمد !




ما ان اصبح أبا نهيان امام ميرة حتى قال لـ ابنته بصرامة غليظة: مهرة ظهري وصكي الباب وراج



نظرت مهرة بتوتر بالغ الى والدها ثم الى اخيها الجامد الصامت ... ولم تجد سوى ان تسمع كلام الأول وتخرج من المكان ...






ما ان خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها ............ حتى سمعت صوت صفعة مدوية رنانة ......... صفعة تُرجف القلب من رنينها القاسي الحاد العنيف !


ومع الصفعة ....... سمعت صوت شهيق ميرة المرتعب اشد الارتعاب !



.
.
.
.
.
.
.



كانت تجاس مع الصغيران في صالة المنزل وذهنها شارد كلياً حتى دخل عائداً من العزاء الذي لم يذهب إليه في النهار بسبب ما حصل بينه وبينها !



جلس قربهم وهو يقول بهدوء: السلام عليكم


ردت باقتضاب: وعليكم السلام ..


وقبل ان تسمح له بإدخالها معه في نقاشٍ ما .... حملت سعيد ووقفت


سأل بخشونة: على وين ..؟!


حنان ببرود شديد: بسبح سعودي


قفز زايد معترضاً: انا بعد أبا اتسبح


حنان بحزم: لا ... قبل شوي متسبح انت ... تبا يدخل فيك برد وتمرض ..؟!


زم زايد فمه بينما قال لها والده وهو يتفحص ملامح وجهها الباردة القاسية: سبحيه وتعالي عنديه أباج في رمسه


أكملت طريقها وهي تهتف بصقيعية تثير الاعصاب: اجلها لـ باجر ... تعبانة وما فيّه حيل للسوالف ...


اتسعت عيناه بذهول وقال بصوت خشن غاضب: انتي ايييه .... هب جنج خذتي راحتج ويايه وايد !! بتتعدلين ولا شو !!


رمقته بحدة ملؤها الوجع وقالت بصوت خرج مختنقاً رغماً عنها: كل اللي بقوله واللي بسويه مايون شي من اللي قلته اليه وسويته في حقيه ......
انت يا بوزايد الظاهر تجتل الجتيل وتنكر جرمك فيه ....


اولته ظهرها واكملت طريقها الى الطابق العلوي .... تاركةً اياه يزفر غضبه وضيقه على شكل لهيب يخرج من فاهه المرتعش من الانفعال/التخبط !




بعد دقائق ... وبعد ان نام زايد على الاريكة .... حمله واخذه الى الأعلى ... الى غرفته وغرفة أخيه الأصغر


عندما وضعه على فراشه .... لمح سعيد في فراشه ايضاً


يبدو انه انهى استحمامه ونام هو الآخر





حسناً ... هذا افضل ... يستطيع الآن التحدث مع تلك "الغاضبة ذات التصرفات المستفزة" الآن


عندما خرج من الغرفة ..... رآها تخرج من غرفتهما وتحمل بيديها وسادة صغيرة ولحاف قطني متوسط الحجم


سأل بخشونة قاطباً حاجباه: شحقه شاله هاييل ..؟!


ردت وهي تمر من جانبه ومرادها التوجه الى غرفة الصغيران: ماشي الغالي ... اباهم حق الرقاد


احمد بذهول حانق: بترقدين عند اليهال ..؟!


فتحت باب غرفة الصغار ....... وقبل ان تغلقه امام وجهه ... اعطته ابتسامة قاسية ساخرة وهتفت: لحسن حظك هيه ... خلاص بنعفيك عن مهمة الرقاد مع انسانة قذرة شراتي ..... تصبح على خير بوزايد ......








نهــــاية الجــــزء الرابــــع والستــــون



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 25-06-16, 06:24 AM   #69

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)


الجــــزء الخــــامس والستــــون



،



" في الليلِ

لا تتركيني

وحيدًا

ترعبُني العتمةُ

صوتي مصباحٌ مكسور

والنجومُ

إن غابت ضحكتُكِ

مرايا جارحة"

بلا أملٍ

بأصابعٍ من مطر

يتشبَّثُ بطرفِ منديلِها الأزرق

و يبكي



لـ سوزان عليوان



،



ثالث أيام العزاء
مساءاً



وقف هادراً بقسوة فجة ملؤها الوقاحة/التهذيب المنعدم: السموحة ... بس لا ... ما عندنا بنات حق العرس ...


وقف نهيان وقال بصبر حازم تام يُحسد عليه تنافى تماماً مع وجهه الآخر "الطائش الصبياني المتهور الساخر": ليش يا بوخالد ...
اظنتي نحن قاعدين الحينه نرمسك بهدوء وبأدب ونقولك نبا بنت اخوك الصغيرونة ربيه يحفظها ويصونها حق خوينا الدكتور ناصر .... شو هي اعتراضاتك الشخصية عليه عسب تحرج جيه وترفض ..؟!
خبرنا بارك الله فيك لانا نحن ابد هب ناويين من ييتنا الا كل خير ومحبة وطيبة ...


رد أبا خالد بنزق مُحتقر مثير للأعصاب: وانت شو الكم خص عسب تعرفون أسباب اعتراضي !!


اكمل ببريق متشفي شيطاني مر امام مقلتاه: جيه ...... مزااااااااج ....... انا قلت ما عندنا بنات حق العرس يعني ما عندنا ...... دوروا ابويه على بيت غير بيتنا تخطبون منه ..... ويلا ..... هاذوه الباب ...... توكلوا .......



اتسعت زوجان من الاعين .... الأولى غاضبة اشد الغضب الا انها جامدة لن تهزها بضعة كلمات غاضبة حقيرة ..... اما الثانية .... فـ مصممة عازمة لكنها تتوكئ على قارعة الانكسار/القهر !


يظن ناصر ان العيب منه هو ....... لكنه لا يعرف ان العم لم يكن ليرفض رجلاً مثله الا لسبب اسمه "نهيان" وفقط !


زم نهيان فمه بصبر شديد حد النخاع ....... فهو لم يأتِ لمصلحته هو ..... بل لمصلحة صديقه الذي اخبره في لحظة شجن صافية انه يرغب بشدة بالارتباط بـ اخت زوجته الصغرى .... شيخة !


وانه يكن لها اصفى المشاعر واطهرها معنى وصورة !




ارخى جلسته على الاريكة بفخامة رجولية مهيبة وقال بصرامة: مستعد اكتبلك شيك مفتوح .... واكتب فيه الرقم اللي تباه .... شو قلت !


رغم سيلان لعاب الجشع من جانب فم أبا خالد الا انه ما زال مغتاظاً من الأملاك التي تمكن نهيان من استعادتها منه بالقانون وبشكل الى الآن يجهله ويثير فيه الغضب الناري الحارق ......


هدر من بين شرار عيناه: وانسالك اللي صرقته مني يا ولد عبيد !!!
هه ... انسسسسى ..... يا هن يا بلاااا ...


اخفض نهيان اهدابه لثوانٍ قبل ان يقول بجمود: المال والاملاك ما كانن لك من الأساس فلا تيلس تسويلنا فيها المسكين المظلوم ..... فكّر زين ما زين واعرف وين مصلحتك يا الحبيب .....


اكمل وهو يمسك ذراع ناصر الذي وقف مستنكراً معترضاً جاهلاً لمحور الحديث الذي تغيّر فجأة: بس سالفة الحلال انساهن لانك لو تموت جدامي ما بتاخذ ربية حمرا من وراهن ....


أبا خالد بحقد شديد: وانا مابا الا خذته عني ..


عقد ناصر حاجباه باستنكار وحيرة من الذي يجري جوله: نهيان ... شو السالفة فهمني


نهيان محاولاً تهدئته: بفهمك خلاف انت ايلس يا بومشعل وهد شوي ....
بوخالد ... هاي آخر رمستك !
فكّر ... قلتلك شيك مفتوح اتحط فيه الرقم اللي تباه ...


ابتلع أبا خالد ريقه للرمة الثانية وشياطينه متناحرة ما بين من سيقنع الرجل بالافضل له ولمصلحته المادية ..... الا انه قال في الأخير بعصبية حادة نزقة تشع عناداً: وانا قلتلك ... يا اللي خذته عني يا بلا ...



لم يفقد نهيان الامل ... بل اخذ يحدّق بالرجل بتصميم/بحزم قبل ان يتنهد بخفة ويقول بصبرٍ شاسع: يا بوخالد انـ.....




رن هاتفه مقاطعاً حديثه فجأة ..... ولم يكن ليرد لولا الاسم الذي برق فوق الشاشة !


أجاب بسرعة متوجسة على غانم ... فهو كان قد طلب منه ان يتصل به ليطمأنه بعد ان اتصل به احد الطبيب المشرف على حالة عمه خليفة يخبره ان يأتي في الحال ..... وكان نهيان سيرافقه لولا انه اتفق مسبقاً مع ناصر ليذهبا لمنزل عمه ويخطبان له شيخة:
مرحبا بومحمد

..

: طمنا ..

..

وقف بحدة وهو يهتف بصوت وصل لمسامع الرجلان: في ذمتك ...!!!!

..

: يايين يايين الحينه ...




اغلق هاتفه .... واستدار بسرعة نحو ناصر وهو يردف: بومشعل تعال ورانا مشوار ضروري


ناصر بعدم فهم: وش صاير بوعبيد ..؟!


جرّه نهيان بلطف من ذراعه وهو يهتف بخفوت: بخبرك في الموتر ....




وقبل ان يخرج ....... التفت نحو العم أبا خالد .... واعطاه اشد ابتساماته سخريةً واحتقاراً وقسوةً ....... وقال بنبرة لاذعة: شوف ربك يوم يبا يذل عبده شو يسويبه .... المرة الأولى في خطبة بنت اخوك العوده .... والمرة الثانية في خطبة بنت اخوك الصغيرونة ..... صف قلبك وروحك يا بوالشباب ترى الدنيا ما تسوى تخسر هيبتك واحترامك لجل فلسين ما بيندفنن وياك تحت التراب .....

ههههههههههه لو انك بس قبل دقايق واقفت على سالفة الشيك جان اللي عرفته الحينه ما بيفرق ويايه لاني عطيت كلمتيه لك .... لكن شرات ما قلتلك ..... ربك يو يبا يذل حد .... يذله ويكسر خشمه بين الرياييل والناس يميع .....
يلا ناصر .....




خرج وخلفه ناصر تاركاً أبا خالد فاغر الفاه جاهلاً بمعنى كلمات نهيان الا انه يعلم شيئاً واحداً ........ ان روحه قد انشطرت لنصفان صدمةً .. ذلاً .. مهانةً .. غضباً .. وخيبةً !



.
.
.
.
.
.
.



ليلاً



حملت جميع الفناجين والكؤوس ووضعتهم في المطبخ بعد ان خرجت آخر المعزيات من مجلس عزاء والدة صديقتها رحمها الله ..


تنهدت بعمق وشرد ذهنها بما حدث طيلة أيام العزاء ..


عانت بشدة وتعترف بهذا ...... عانت كي لا تبكي امام فاطمة وروضة وشيخة ....... واحسنت الصنع !


لم تبكِ سوى بالحمام عندما تفقد السيطرة على نفسها ..... وهي لم تكن تفقد السيطرة على نفسها سوى عندما ترى شيخة تبكي .... اما فاطمة فـ كانت قوية بشكل مثير للإعجاب ... بينما روضة كانت قوية بشكل ....... "مثير للريبة والخوف" !


تنهدت للمرة الثانية ..... ودخلت حمام غرفة الضيوف كي تتوضأ وتصلي صلاة العشاء ......


ما ان انتهت حتى رأت صديقتها الأخرى ناعمة تدخل لتصلي هي الأخرى مع فطيم وموزة .........



تذكرت شقيقتها الوحيدة ........ ميرة !


هنا قفزت برعب وكأن ثعباناً قرصها ........... كيف نستها كل هذه الأيام من غير ان تتصل بها وتحادثها !


رباه .............. تباً لك يا صاحب الاعين البومة ............ أنسيتني حتى شقيقتي الصغيرة الوحيدة !


حاولت الاتصال بها الا ان هاتفها كان مغلقاً ......... حاولت مرة ثانية ........ وثالثة ....... لكن دون جدوى !




انزلت هاتفها باحباط وقلق ...... وهي تفكر بأحوال ميرة ......

هل سعيدة ام مكتئبة مثلها !

هل نالت حظها الحسن بزوجٍ طيب لطيف رقيق او اوقعها حظها السيء بزوجٍ كـ زوجها !

مغرور .. متغطرس .. قاسٍ ........... "غازٍ مهيمن بشكل بغيض مستفز" !

اففففففففففف ............ استغفرك يا ربي واتوب إليك ........ لا اعتراض على حكمك يا رب !




رن هاتفها مخرجاً إياها من شرود ذهنها العميق .... المتجسد بشخص يحمل كل السمات التي تخرجها من حدود تعقلها !


وكان هو .......... وليس غيره ..........



ردت بنبرة متباعدة متجمدة: هلا


قال بحزم: حصة ... سلمي على هلج لانا الحينه بنروح ..


سألت ببرود اخفت خلفه قهرها/غضبها: نروح وين ..؟!


أجاب ببرود مشابه: بيتنا


خرجت من غرفة الضيوف وهي تغمغم من بين اسنانها: مابا ارد حق الخرابة ..


باستهزاء اجاب: الخرابة ببدا فيها شغليه الايديد .. فلو سمحتي عن الهذربان الزايد ويلا سيري سلمي على هلج قبل لا نروّح


رفعت حاجباً وهي تقول بخفوت قاسي: ما تخاف أقولهم على كل سواتك فيّه !


قال باستفزاز واضح: ليش أخاف وانا متأكد انج ما بتفتحين ثمج وترمسين !


شخرت وهي تقول باستفزاز مشابه وبسخرية تامة: وليش متأكد مستر فلاه !

ابتسم بغرور ورد بنبرةٍ كنبرتها: اعرف مس هصه ..


ارتعد فكها السفلي غضباً ..... وهمست وهي تنظر حولها بطرف عيناها المتوهجتان بالمرارة/الغيظ: بقول حقهم انك عرست عليه وبخليهم يطلقوني منك الحينه


كادت تشهق بتوتر عندما فاجأها بأن همس لها بأجش خشن اربكها واستفز هرمونات انوثتها: وتخلين بوعبيد يتعذب من فرقاج ؟! ........ ما ترومين


اكمل بصوت اخفت ...... واثقل .... وانعم: اترياج في الموتر يا ام عبيد ....




ثم اغلق الهاتف .......... تاركاً إياها تنتفض من شدة الارتباك ............ والعاطفة المجنونة "الغريبة" !




ثلاثة دقائق مرت وهي واقفة تترنح ثملة على صوته الدافء الثقيل المُهلك ..... الى ان شعرت بأحدهم يدفعها بخشونة ... وضحكة شقية تتراقص انوثةً قرب اذنيها !


التفتت لليسار ورأت المياسة تغمز لها بمشاكسة .... وتقول لها فجأة ومن غير مواربة/مقدمات: هب معرس عليج


فغرت حصة عيناها بصدمة وقالت: كيف عرفتي ؟!!


شمخت انفها بثقة شديدة وهي تجيب: اخويه واعرفه ... وبعدين هو يحبـ...


سكتت عما كانت تريد التفوه به واكملت: آ آ اقصد امممم .... يعني ما يسويها ... اعرفه وخلاص


رمقتها حصة بنظرةٍ محبطة: صدق مياسوه ؟!


اردفت مبررةً للمياسة ما تشعر به بشكل ابله اخرق: ا ا انا أصلا ما يهمني لو معرس .. بـ بس يعني .... احم ..... يعني شسمه ....
نفسي ما تحق عليه أكون مع انسان يشاركني حياته مع وحده ثانية ....... خل يطلقني وياخذ اربع جان يبا .... ما يهمني ........ بس دامه مرتبط فيّه .... فلازم يرتبط فيّه انا وبس ........


دفعتها المياسة مرة أخرى بخبث وهي تعلم ان ما تقوله حصة مجرد "مبررات واهية": زين زين فهمنا ...... وهيه يا قلب مياسوه .. صدق ... الريال هب معرس عليج ..... ريحي فوادج ولا تخلين الغيرة تعصرج عصار


صاحت حصة باستنكار وهي تشعر ان وجنتاها قد احترقتا حرجاً: ما اغااااااار !!


المياسة بنظرة قوية ماكرة: جذوب .... هالنار الشابه في عينج تقول غير جيه .. يلا سيري سلمي على امج وباجي هلج ولحقي ريلج ...


أظهرت متعمدةً اللامبالاة للقسم الأول من كلام المياسة وقالت بفم مزموم: اباج تيين ويايه


المياسة بخبث شقي لذيذ: بكون عندج ان شاء الله جريب بس ابويه محرّج عليه الحينه خص عادة عقب ما ظهرت من غير علمه ههههههههههههههههه ....... يوم بينسى السالفة بييج


زفرت حصة ببؤس ثم قالت بحقد اسود بعد ان تذكرت المحادثة التي جرت بين فلاح وتلك اليمامة وهما متوجهان الى منزل روضة: سمعته يرمس يمامة ويقولها تعالي المزرعة عقب ما ارد من بوظبي ...


اردفت وهي تقبض بقوة على يدها: مياسوه يمكن حرمته صدق ... اللي قلتيه ما دخل مخيه الصراحة ...


المياسة بغيظ من بلاهة حصة وعدم ثقتها بها: هب حرمته اقولج هو قل جيه عسب يحرق قلبج بس


حصة بقهر بالغ: كيف اتأكد انزين ..؟!


حدّقت بها المياسة بحدة قبل ان تقول لها بحزم: شفتيه بعينج يلمسها شرات ما الريال يلمس حرمته ؟!


هزت حصة رأسها نافية وهي تهمس: لا


أكملت المياسة بذات حزمها: شفتيه عطاها مجال تلمسه شرات ما الحرمة تلمس ريلها ..؟!


حصة بغيظ: لا


المياسة: خلاص عيل ... هاللي أبا اقنعج به ... فلاح يمكن يكون خقاق .. نذل حبتين .. قاسي وبارد كمن حبة ... بس ما يتعدى حدود ربي ....


حصة بسخرية: ولو هب حرمته فهو تعدى حدود ربج وجذب عليه


تأففت المياسة بحدة وعصبية وهي تقول: افففففف عشانج يا خبله .... هو يحبـ......
اوهووووو .. هاي اللي بتخليني أقول سوالف مابا اقولهاااا ... بفلعج يا حصوه بالموسدة اللي عدالج ....
افهممممي ...... عشااااانج


حصة من بين حاجباه=ا المعقودان بـ حيرة/توتر/غضب: ليش عشاني ... اللي يسمعج يقول هذا يحبها ويباها تغار عليه ويحس بغلاه عندهااا


المياسة بنفاذ صبر: اففف بصفعج حصوه .... افهمي حركات ريلج ... شغلي ها اللي في راسج ...


اشاحت حصة بوجهها مغمغمةً ببرود اخفت خلفه احباطها ويأسها وألمها: انا هب فاهمة شي من اللي تقولينه


المياسة بحدة: خلاص هب لازم تفهمين ..
سمعيني .. يوم بتشوفينها سوي اللي بقولج عنه ... زين !!


حصة بحيرة وفضول الانثى قد لعب بقلبها واثار حماسها: شو اسوي ..؟!


: سمعي



.
.
.
.
.
.
.



رباه ......... كيف سيخبر زوجته بشأن نهوض والدها من غيبوبته !


ستصاب بالاغماء بالتأكيد ان لم يتدارك الوضع !


تذكر ما اخبره به غانم نقلاً عن الطبيب منذ ساعة ..... قال ان عمه خليفة قد نهض من سباته الطويل الليلة السابقة دقائق قصيرة قبل ان يغمض عيناه مرة أخرى ..... فـ توتر الطاقم الطبي لحالته الغريبة ........ واجمعوا على انهم لن يخبروا احد من اهله حتى ينهض مرة أخرى ويستجيب لردات افعالهم له !


وحدث ما تمنوه ...... وفتح عيناه للمرة الثانية هذا المساء ..... الا انه والحمد لله .... لم يرجع لإغلاق عيناه هذه المرة !


فـ اتصلوا بسرعة بغانم واخبروه ان يأتي ليخبروه عما حصل ......


وبدوره اتصل بنهيان واخبره ليتمكن الأخير من اعلام زوجته بأسلوب رقيق لطيف غير مفجع !


والآن هو يقف امام منزلها ينتظرها ان تاتي إليه لينقل لها الخبر ................ وهو متوتر بشدة


يخاف ان يحدث لقلبها شيء ..!




شدت من حجابها وهي تتهدل بمشيتها الغزال بأنوثة فطرية فيها تتنافى تماماً مع شحوب عيناها وهالة الألم والحزن القدسية المحاطة بها من كل جانب ....


حتى اقتربت منه ..




رباه كم يحبها ...... ويحب كل تفاصيلها الموجعة !




ما ان أصبحت امامه حتى همست بصوت مبحوح مقتضب: السلام عليكم


اقترب منها اكثر ............ ورد بعد ان انزل عنقه ولثم مقدمة رأسها بعشقٍ حاني: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


في السابق كانت ترتبك ... تتخبط بنظراتها الخجلى ... ترتعد شوقاً وحباً لأجله ..... اما الآن ... فيراها جامدة كالصنم الذي لا حياة فيه ولا روح تنبض !


احترم حالتها النفسية الحساسة ......... وابتسم بحنان بالغ لعيناها الميتتان .....


: شحالج ..؟!


ردت بهدوء جامد: بعدنا عايشين


تأملها بتمعن ملؤه الحب والتفهم ..... قبل ان يحضن كتفها ويقول بهدوء رقيق: تعالي الموتر أبا اقولج شي ...




بذات هدوئها وصمتها .... مشت معه لحيث يتوجه ...... وعندما دخلا للداخل ......... قال: انا ييت عسب اخبر عن شي صار ...... ومحتاي قلبج القوي وتحملج يا روضة .........


: قول ..... عقب الغالية ما عادت تهزني العلوم والاخبار اللي تصدم .......


قال بصرامة: اذكري الله اول ..


نظرت إليه بسخرية مريرة ....... وهتفت بقسوة: منو اللي مات .... ارمس نهيان وبليا مقدمات مالها لزمة ...


نهيان بقسوة: محد مات ... بس اباج تذكرين الله روضة .....


اشاحت بوجهها بحدة تشع قسوةً وقالت على مضض: لا اله الا الله محمد رسول الله ..... ارمس اسمعك .... منو اللي مات يا نهيان ...؟!




زفر بخفة من انفه ...... قبل ان يهتف بنبرة مباشرة: روضة .............. ابوج نش .......






وجهها الأصفر ..... الشاحب حد الموت ........ غدا كـ ورقة بيضاء خاوية من الكلمات ..... والخطوط ....... وتسطير النبضات .....


وكأنها للحظة فقط ........... شعرت بروحها تصعد للسماء وتنزل لقاع الأرض بجنون راعد مريع !


ذهول .......... ذهول قاتل مفجع مميت !




ابوها هي .......... خليفة ابنَ جابر ............... نهض من سباته !






قالت وقد أصبحت شفتاها جافتان رماديتان مرتعشتان: ابويه ........... نش ؟!


امسكها من خلف عنقها ما ان ادرك انها تحبس أنفاسها من غير ان تشعر من هول صدمتها: خذي نفس روضة .. خذي نفس


لكنها لم تأخذ ولو نفساً واحداً ...... بل كررت بصدمة مجنونة فظيعة: مـ ما .... مـ ما .... ابـ ... ابويه انا .... نـ نش ...؟!


هدر نهيان بخوف ملؤه الغضب: قلتلج خذي نفس رووووووضة .....


شقهت بحدة ... بصدرٍ يعلو ويهبط بعد ان اخذت اخيراً اكسجيناً ضخماً من الهواء حولها ........ واردف هو بعد ان تأكد من سلامتها: هيه حبيبتي .... ابوج نش وردلكم اخيراً بالسلامة




ومن غير إحساس ..... اخذت تلطم وجهها وهي تزأر بهستيرية ...... لم تسقط دموعها بعد ....... بل فقط تلطم بهستيرية ..... بوجع ينهش العظام نهشاً .... ويكسر الروح كسراً لا ينجبر ....... وتغمغم بخشونة من بين زئيرها الخائن المختنق وفؤادها الملتاع الدامي: آآآآآآآآه .... لييييشششش
ليش ينش الحييييييييينه ....!!!!
ليش ينش عقب ما راحت جننننننننتي ليييييييييييش ...!!!!
ليش ما نش من اووووول .... قبل لا تروووووح لييييييشششش ...!!!!




فجع من انهيارها المفاجئ ... ولم يجد سوى ان احتضنها بقوة محاولاً تهدئتها وتهدئة خفقاته المرعوبة عليها قبلها: روضة ... رووووضة ... هدي ..... مايوز جيه تقولين يا بنت الحلااااال .. قسم بالله مايووووز ...
اذكري الله وهدي .... قولي لااااا اله الا الله ... اذكري الله .... قولي لاااااا اله الا الله .......




لكنها لم تكن تسمع ........ وكأن خبر استيقاظ والدها كانت القشة التي قسمت ظهر البعير ......... حسرة قلبها على رحيل والدتها تفجرت في اللحظة التي ادركت ان والدها لو اسرع باستيقاظه قليلاً لكانت والدتها قد تنعمت بمرآى عيناه قبل الرحيل ... قبل الوداع .... قبل احتضارها واحتضار افئدة بناتها من بعدها !


كانت تلطم وجهها بجنون وزئيرها الملتاع الخشن يخرج من اعمق قاع من حنجرتها المبحوحة ......


مفجوعة ...... مفجوعة حد النخاع !


التي رحلت أمها ........ جنتها ........... احدى أبواب الجنة التي أغلقت في وجهها بصعود روحها الى بارئها !


رحلت قبل ان ترى رفيق دربها .... زوجها ...... والد بناتها !


ربااااااااااه .......




وبعد ان سجنت دموعها اياماً كالدهر ..... انهمرت تلقائياً وبشكل اقشعر معها بدن نهيان المرتاع ....


اخذ وعيها يُفقد شيئاً فشيئاً امام ناظراه مغمغمةً بحرقة مريرة: آآآآآآآآه يا حرقة فوااااااااااادي يا نهيااااااان ....... يا حرقة فوااااااادي .....



.
.
.
.
.
.
.



هذه المرة لن يتركها حتى تسامحه وتنسى الخلافات التي بينهما


يكفيه جفاءاً .. يكفيه صداً ... يكفيه قسوةً وبروداً وبعداً بغيضاً على نفسه العاشقة لذات العين الناعسة !




التقطت انفه رائحة الطعام من المطبخ ..... ومن غير تفكير .... انجرّ خلف الرائحة ومعه هيامه وشوقه البالغان ....




: شو تسوين ؟!



لم تستدر نحوه ... بل اجابته وهي تقلب مجتوى الطعام في القدر بهدوء بارد: شرات ما تشوف .. اسوي عشا


رفعت بعض الحساء لثغره لتتذوّق الملح .... بينما هو يقترب منها ويقول بنبرة خشنة خافتة: شربيني من هالشوربة ..


ابتعدت غريزياً عنه وهو تقول: ما خلصت بعدها


: عادي .... أبا اذوقها ....


لم تعطه ايّة نظرة حانية منها .... فقط جلبت وعاءاً صغيراً ووضعت فيه قليلاً من الحساء المكون من الفطر والكريما اللذيذة .... وهمست: تفضّل ..


: شربيني انتي ...


رفعت حاجباً قبل ان تقول ببرود اخفت خلفه غضبها من قربه المستفز لها ولشوقها الذي تحاول بقوة اخماده واضعافه: عندك ايد يا بومايد ...


اسند كلتا يداه على الطاولة خلفه وقال رافعاً جانب ثغره ببسمة رجولية متلاعبة عابثة: هاي حجتج عسب ما تلمسيني وتضعفين يا ام مايد ..؟!


اتسعت عيناها صدمةً من كلماته التي باغتتها على حين غرة ... في حين انه لم يترك لها المجال للتنفس ...


سحبها من خصرها بعنف نحوه ...... قبل ان يرفعها بخفة ويستدير ويجلسها عنوةّ فوق الطاولة


اصبحت امامه بالضبط ... وجهاً لوجه ... انفاً لأنف .... فماً لفم !


وقبل هذا وذاك .............. شوقاً لشوق !





دفعته بحدة وهي تشيح بعيناها عنه وتهدر بانفعال:
سـ سيف خووز ... نحن في المطبخ هب في حجرتنا عسب تسوي هالحركات ...


قرّب شفتاه من زاوية شفتيها المرتعشتين قبل ان يهتف بأجش تواق حد السماء/الأرض: اعترفي .... ما تولهتي على حسيه جريب من شفايف واذنيج ؟!


دعك بإثارة انفه على شفتها العلوية واكمل بذات نبرته الخافتة ... الخشنة ... الآسرة: ما تولهتي على ريحتيه .... على نصخيه فوق كل شبر من جسمج وهو غايص في حظني ؟!!


اشتم شعرها بصوتٍ حاد منفعل وقد ثمل تماماً من قربها الساحر وانوثتها الطاغية ....... واردف بلوعة جريئة وقد تخدرت حواسه كلياً: ما تولهتي على شهقات غرام سيف وهو يتنسم هواج ودهن عودج يالظالمة ...؟!


: سـ .... سـ ..... سييييييف


همس بخفقاتٍ كالطبول: يا ويل حال سيف وهو بعيد عنج وعن نصخج .. ارحمي حاله دخيل ابوج سعيد




شيطانها .... وفي لحظة ضعف .... تمكن منها لؤم ..... ولم تعرف كيف تمكنت من دفع سيف بعنف من صدره ..... وهو ...... ولأنه بأكمله كان مخدراً من رحمة غرامه وشوقه .. ولأنه كذلك لم تشفى ساقاه كلياً مائمة بالمئة من بعد العملية ... لم يتمكن من الاتزان ....... وسقط على ظهره ......


صرخت برعب وهي تقفز لتسقط جاثيةً على الأرض قرب رأسه: سييييف .... سييييف ..... والله آآآآسفة ..... والله العظيم آآآآسفة .....


تأوه سيف بوجع .... الا انه اسند جسده بيده ليتمكن من جعل ظهره يستقيم ويجلس ......


قال وقد رف قلبه حناناً لنحيبها المفاجئ وشهقاتها المرتعبة اشد الرعب عليه: حصل خير حصل خير ما صار فيّه شي عنود ...


لكن العنود انفجرت باكية وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة لتُحرر روحها من جثوة الوجع/الغضب عليها !


وبدأت تضربه بهستيرية على صدره وتشتمه: يا حماااااار يا حماااااااار ليش دوووم تروعني عليك ليييييييش !!!
انا شو سويت فيك يالشري .... شو سويت فيييييييك ؟؟!!!!!


قهقه باستمتاع وبريق الغرام يتراقص فوق مقلتاه بهجةً ونشوةً وسعادةً قصوى !


احتضنها وهو ما زال جالساً على الأرض ........ وقال قرب اذنها بعد ان قبّله بجوع وبأنفاسِ هادرة ثقيلة: اشتقت لج يالطفسسسسسه .....


تشبثت بعنقه كـ تشبث الرضيعة الصغيرة بعنق والدها الحنون ....... واكملت بكائها وسكب دموعها على ثوبه حتى ابتل منه ....


تحت اصوات شهقاتها الرقيقة الناعمة .... همس : العنيدي


بعد ان اخذت نفساً قوياً لتسيطر خلاله لى شهقاتها ... همهمت بنبرة مختنقة باكية: همممممممم


: احبج


: وانا اكرهك


انفجر ضاحكاً بمكر محبوب: ههههههههههههههههههههههههه ههههه ادري حبيبي


مسحت دموعها بخشونة ....... وتحت همسه الثاني ..... الانعم ..... والالذ: العنيدي ....


همهمت مرة أخرى ..... لكن هذه المرة بهدوء تخلله دلع/عتاب/غنج: همممممممممم


: آسف ....


تنهدت بحشرجة سحيقة ..... قبل ان تقول بصوتها المبحوح من اثر البكاء: مرة ثانية دخيلك اي شي يصير خبرني عنه لا تخليه ف خاطرك .. دخيلك ... هذا رجائي الوحيد يا ولد عميه ...


امسك وجهها بكلتا يداه وهو يهتف بصدقٍ شفاف حد الوجع: توبة ... والله توبة .... انا خلاص تعلمت درسيه وما بعيد غلطتيه مرتين


اومأت رأسها بخفة ...... قبل ان تحدّق بعيناه السوداوتان المتوهجتان كالبرق ..... وتهمس بشوقٍ يرعش الفؤاد بصفائه/عذابه: تولهت على عويناتك وهن يبرقن جيه ... عنيه افداهن ...


ابتسم ثغره لها بطريقة ساحرة فاتنة ... قبل ان يهمس قرب شفتيها بمداعبة: بسم الله عليج ... يعلهن هن يفدنّج يا اجمل ما خلق ربي .....


وقبل ان يبادر بالاقتراب لشن الحرب على شوقه الغادر .... هي بادرت وبدأت الحرب عليه ........ بأول سلاح امامها !


بثغره الذي يناديها بأحب الأسماء لقلبها !



.
.
.
.
.
.
.



نزعت عن جسدها غطاء السرير بحدة لتنزل منه بخفقاتٍ تنتفض وجعاً .... وحسرةً لا وصف لهما !


ما زال صدى صفعة عمها ترن كالاجراس الضخمة المرعبة بأذنيها


وكلماته ....... رباه من كلماته !



"



هدر بغضبٍ ناري مخيف: هاي لجل عين بنت العرب اللي ما لقت منك الا سواد الويه وهي عدها عروووسسس


صفعه مرة أخرى واكمل مزمجراً بوحشية: وهاي عسب مرة ثانية ما تنزل راسي يالياااااااهل وتفضحني بين الخلااااايج ....



ضرب على صدره .......... تحت انظار حمد الجامدة الساكنة ........ وتحت شهقات ميرة المرتعبة الخائفة المتوسلة ..... وصرخ: ولديه اناااااا يمد ايده على حرررررمة !!!!!
ما تخيييييييل !!!
ما تستحي !!!!
ما فيك عقققققققل !!!!
تييبها عندنا يا الردي وهي مضروبة ومصطرة ومفلعه !!!!!
انت شفت ويهها يالجلب !!
شفتتتتتتتتتتته !!!!

ماظنتي انك حمد ولديه ..... لا والله ماظنتتتتتتتي ... شو يااااااه عقلك خبررررني ..... شو ياااااااااه !!!!!



: عـ عـ ... عميه ..... د د د دخيلك .... خـ خلااااص .....


استدار نحوها بعنف وهو يهدر: وما تبيني بعد ابرد جبدج وجبديه فيييييييه ....؟!


نظر إليه من بين شرار عيناه واكمل: شو سوتبك المسكينة عسب تسوي فيها جييييييييه !!!! خبررررررررني .....
شو سوتبك يالجلللللب ......



: عـ عميه ... وو .... ورفجه ....... ورفجه خلاص ...... ما ....


صرخ أبا نهيان فيه مطالباً إياه بالتبرير والتحدث: ارمسسسسسسسسس



لكن حمد لم ينبس ببنت شفه ........... كان صامتاً صمتاً مظلماً لا حياة فيه .........!


رفع أبا نهيان اصبعه وهو يقسم: والله ...... واللي رفعهن بليا عمد ..... ان ما رمست وقلت شو.......



هرعت ميرة نحو عمها ....... وتوسلته وهي تتشبث بذراعه برعب هستيري: والله ما تكمل يا عميه ... والله ما تكمل .... ابوس ايدك ..... والله ما تكمل .....




اطبق اسنانه بشراسة تحت قسمها الذي اجبره على قطع قسمه .........



غاضب ......... بل غضبه في الحقيقة كان سببه في المقام الأول خيبته الموجعة من تصرف ابنه الغريب عنه كامل الغرابة

خاب ظنه به وهو الذي ظن ان الأخير .... اصغر أبنائه .... هو اكثر أبنائه ادباً وطيبةً وحلماً وخلقاً عالياً شامخاً !

جميع أبنائه هم هكذا ........ ولا ينكر صدقاً .......... لكن حمد كان يختلف عنهم بشكل مميز خاص .........


رباااااااااه ......... لكم خاب ظنه به ...... لكم خاب .............!!





أسندت جبهتها بذراعه مخبئةً وجهها بين طياته وهي تهذي بخوف شديد وصل عيان السماء: ا .... أبا ارد بيت ابويه ..... دخيلك عميه ....... دخيلك ....... ردني بيت ابويه ........ مابا اتم هنيه ......... الله يخلييييييك .......


احتضن رأسها من الخلف بعاطفةٍ ابوية عنيفة وهدر: ما الج ظهره من بيت نهيان الحر وراسه يتنسم هوا الدنيا .... ها بيتج يا ابويه ولو حد بيظهر فـ هو هالياهل اللي ما عرفنا انربيه ..... يا خيبتيه فيك بس يالردي ...... يا خيبتيه فيك ...


اردف مزمجراً له: شل قشارك يلا واظهر ..... مابا اشوفك يلين ما ترد حمد اللي اعرررررفه ..... يلااااااااا .....
زوووول .......


اخفض حمد اهدابه معتكفاً الصمت التام ..... قبل ان يومئ رأسه بهدوء ....... ويخرج من الغرفة التي كانت لتكون غرفته وعروسه ... لكنه ويالحسرة قلبه ... هدم حياتهما بيداه الاثنتان !




قال لها بصرامة: ظهره من هالبيت ماشي ...... انتي غديتي بنتنا نحن .....


: انا ... مـ مابا ... مـ مابا اتم هنيه عميه ... د دخيلك .... أبا ارد بيت ابووويه ...


لم يكن يرى جرحاً وألماً بعيناها اكثر مما كان يرى هلعاً ورعباً وتخبطاً ....... شعر بالشفقة والحنان تنهشان فؤاده عليها


غرسها اكثر في حضنه وهو يغمغم بغلظة أليمة: والله يالغالية ما بيصير الا اللي تبينه .... بس خلينا نكفر عن سواة ولدنا فيج لو كم يوم بس وعقبها لكل حادث حديث ..... اللي سواه بج هالردي معور فواديه يا بنتيه ....... حسبي الله عليه .... حسبي الله عليييييه


"



عاد لها ذهن على صوت خطوات ثقيلة قرب باب غرفتها





في الخارج


......: زخيتوها بنت الحرام بشكارة قوم بن خويدم ..؟!

......: هيه نعم بوعبيد ... وبتاخذ عقابها وزود بعد ...

........: تسلم خلفان كثّر الله من امثالك ....

خلفان: واجبنا بوعبيد ...




اغلق الهاتف عن الرجل ..... وفكره يحلق في دوامة لا قرارة فيها ........


ألف شعور يخدشه الآن بلا رحمة .......... واوله "إحساس النجاسة" !


يالله ............ أحقاً هو من قام بكل تلك الأفعال بتلك الصغيرة البريئة !


يالهول نجاستك يا حمد ..... يالهولها !






مسد أصابعه بأرق وارهاق لا نهاية لهما ...... وقرّر ان يكمل ما اتى من اجله لمنزل والده بعد ان طرده الأخير البارحة شر طردة !


يريد اخذ باقي ملابسه .... وحقيبته ....... فـ خلفه طائرةٌ تنتظره الآن ......


بخطوات ثقيلة متخاذلة .. اقترب من الباب ..... وفتحه بهدوء .... قبل ان يدلف للداخل ..... ويراها واقفة امامه



فكّر بلوعة



أفعلته بحق هذه الصغيرة جعلت عيناها وجمالها يتوحشان ويتمردان بهذه الطريقة الباذخة المؤذية لرجولته !



انزل عيناه .... ومر من قربها متجهاً لخزانة ملابسه ..... اخذ حقيبة صغيرة كانت قابعة فوق الخزانة ....


وبدأ يضع ملابسه كيفما كان داخل الحقيبة من غير ترتيب ولا اهتمام .......


بعدها استدار ليخرج من الغرفة ..........



لا يريد ان يراها ........ بل لا يستطيع ............... نجاسته تمنعه وتحتم عليه الابتعاد اكبر قدر ممكن عن هالة طهرها وبرائتها وعذرية روحها ......


الا انه توقف ما ان اتاه صوتها الناعم ..... الحازم ... القوي: لو سمحت ... اصبر




اغمض عيناه بقوة ........ شاعراً بخفقاته تكاد تخونه تفضح شوقه المجنون لها ووجعه العاصف بما آلت اليه الأمور بينهما


هتفت من بين اسنانها: شحقه ما بررت على الأقل لابوك عسب ما يهينك جداميه ويروغك من البيت ..!!


ابتسم بسمةً لم تتجاوز حدود عيناه .......... وقال باقتضاب بالغ:
شحقه استخدم شي لصالحي وانا اعرف انه ما بيزيدني إلا احتقار لـ عمريه ؟!
وكيف اطوف على عمريه فرصة اني اردلج لو شويه من كرامتج اللي انهدرت بسبتيه ..؟!


اطبقت فكيها ببعضهما بعنف قبل ان تهدر من بين شرار عيناها الجريحتان: كرامتيه ما بتردليه بشوفتك مذلووول


اومئ برأسه بثقة .... وبنظرة رجولية شامخة رغم ذبولها/شحوبها ...... وهتف: اعرف شو تبين ... وبسويه لا تستعيلين ... ما بعذبج ويايه زود واغصبج تعيشين مع واحد خسيس ونذل شراتي ...
ما ارضاها على ختيه عسب ارضاها عليج يا بنت عبدالله ...


شخرت باحتقار/سخرية مريرة ..... قبل ان تقول بنبرة لاذعة: شو اعتبر كلامك ...؟!
وحدة من أساليب تخفيف الذنب على الذات ..؟!


: لا .... وحده من أساليب علاج الذات المريضة


ارتعش فكها وجعاً علقمياً ..... قبل ان تشيح بعيناها وتقول بقسوة: كيف تأكدت ان ذاتك مريضة ...؟!
كيف عمتيه اقنعتك بشي انا ما رمت اقنعك فيه ...؟!
شو قالتلك ..؟!


اخفض حمد رأسه خزياً ..... ولم يتمكن بالتفوه بأي كلمة ..... الا انه قال ويحرك خطواته الثقيلة باتجاه الباب: عرفت منها الصدق وبس .....


رباه ........... تشعر بسكاكين الكره والغل والحقد تقطعان لحمها اوصالاً ......



غمغمت بذات مشاعرها الفائرة المتوجعة الصارخة بالجرح: يعلني ماشوفك ولا اطيح عينيه عليك مرة ثانية ..... اكرهك يا حمد كثر ما حبيتك في يوم ... كثر ما تولهت على قربك في يوم ... كثر احلاميه اللي رسمتها معاك في يوم ....
اكرررررررررررهك





عض شفته السفلى بمشاعر حارقة ............ حارقة حد النواح/الصراخ ......... لكنه تشبث ببقايا تحكمه بنفسه ....... وخرج لاعناً ابليسه الذي تركه يفعل ما هو البشع/الفظيع بحق فتاة لم يكن ذنبها سوى انها ارتبطت به هو !



.
.
.
.
.
.
.



وضع قلم الحبر فوق الطاولة ما ان رآها تمر امام مكتبه المفتوح امام الرائج والغادي


ناداها بصوتٍ هادئ رخيم: حنان


وقفت وهي تعقد حاجبيها بضيق ........ قبل ان تعود خطوتان الى الوراء .... وتقول باقتضاب: هلا


نهض من مقعده ...... واقترب منها قبل ان يضع ذراعه على اطار الباب الخشبي ..... ويقول: نتايج الدم بتظهر باجر ان شاء الله

هزت كتفيها ببرود شديد وهي تقول: ما فيّه شي الحمدلله ... هب محتايه اتعنى للعيادة عشانها ... السموحه بسير المطبخ



تركته واكملت خطواتها نحو المطبخ ........ الا انها توقفت ما ان قال بغموض وهو يخرج من مكتبه ويقف معها في الممر شبه المنير: يمكن حامل ..


رفع حاجباً بغيظ تفجر بالخجل ..... بينما اكمل محاولاً احراجها: اوه صح ... نسيت انج قلتي حق الدكتورة جداميه انها يتج هالشهر في وقتها ....




تمكن بحق من جعل وجهها بأكمله يتورد ويحتقن بشكل لذيذ "اثاره/ألهبه حد اللامعقول" .... لكنها رصت على اسنانها وقالت راغبةً بجرحه كما كان يجرحها دوماً: الحمل شي ما اتمناه الصراحة


توهجت مقلتاه بالغضب ............ وبالكبرياء الغارق بوحل يعود عمره سنيناً من المرارة والفقد والبرود !


أكملت غير شاعرةً انها تمس نقطة شديدةَ الحساسية في وجدانه الملتاع:
لانيه يا استاذ أحمد مابا ولديه يعيش مع ابو مريض بالشك والقسوة والبرود والاحساس الميت .... مابا ولديه يتربى على ايد ابو ما يشوف أمه إلا سلعة رخيصة تعفد من ايد فلان لعلان
مابا ولدديـ.............




قاطعها بصوتٍ كالفحيح ..... خافت .... مختنق ...... مرعب: سكككككككتي ......


ومن غير ان يشعر بنفسه الهائمة على وجهها توهاناً .. وتخبطاً .. وألماً .... وخيبةً ........ عاد لغرفة مكتبه ..... واغلق بابها خلفه !



.
.
.
.
.
.
.



تمشي خلال الممر الذي حفظته عن ظهر غيب لسنوات طويلة

لخمسة عشر سنة تقريباً


تمشي بتعثر ..... بلهفة هستيرية ...... برعب يجعلها ترتعد بأكملها بلا توقف



كلمات شقيقتها فاطمة الباكية المختنقة المتفجرة بالسعادة ما زالت ترن بأذنيها .....



"



: شيخه ..... ا ا احم .... شـ شـ شيخخخه ....
أبا اقولج عن شي صار ....


: ام حمود دخيلج قلبي هب متحمل عذاب ايديد .... لو شي هب زين مابا اعرفه .... دددددخيلج


فاطمة بهلع: لا لا ... لا يا عيوني شي زين ..... والله


ثم انفجر باكية بحزن قبل ان تكمل من بين دموعها المنهمرة: زين بس ييته بططططت ..... بططططت واااااااايد ...


تساءلت بصوت مرتعش مرتعب: شـ ... شو هو اللي ييته بطت ؟!!


ابتلعت فاطمة ريقها الجاف ..... وهي تمسح دموعها بحدة .... وقالت بنبرة مبحوحة: ا .... ابوونا



فجأة ... لم تعرف كيف داهمها رعبٌ شديد ...... واسوء الظنون قد شنت عليها افظع الحروب ....


اخذت تهز رأسها بحدة وتصيح: لاااا .... لااا تقولين مات ..... الله يخليج ...... ورفجه ما تقولين انه ماااات ...


صاحت فاطمة نافيةً بخوف: لا شيخه لااااا


احتضنت جسد شقيقتها المنتفض من الرعب .. والحزن ...... قبل ان تردف وهي تسدل اجفانها بقوة:
ابونا نش ..... خليفة بن يابر نش يا شيخه ...... نششششش



"



رباه .............. وها هي الآن تقف كالعاجزة امام غرفة من انتظرت رؤية عيناه منذ دهراً كاملاً .....


خائفة من رؤيته ........ بل مرعوبة ولا تكاد تستطيع الاتزان بوقفتها والتصرف كما ينبغي لفتاة ترى والدها المريض يحيى من جديد امامها !


ليتها رافقت فاطمة قبل ساعة ولم تجبن ...... ليت روضة معها ولم تفضّل المكوث في المنزل "لأسبابٍ تجهلها تماماً" وساعدتها على تخطي هذا الموقف المهيب المخيف ......





يالله ...... اعنّي .....

كن بجانبي والهمني القوة لمواجهته ........ اتوسل إليك .........




اخذت عدة انفاساً عنيفة ثقيلة متهدجة ...... قبل ان تمسك مقبض الباب ....... وتفتحه .......





رفعت عيناها بتلكؤ متخبط بطيء سببه الأول والأخير ......... هلعها الراعد !


الا ان هلعها وكل مشاعرها الثائرة ........ تجسدت على هيئة شهقة ناعمة حادة مصدومة خرجت برعب من حنجرتها .......... ما ان سقط ناظرها .......... على عيناه المفتوحتان ..... اللتان هربتا من ابنته الكبرى فاطمة ............ اليها هي !


ابنته الصغرى ....... شيخة !








نهــــاية الجــــزء الخــــامس والستــــون



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 25-06-16, 06:28 AM   #70

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)




الجــــزء الســــادس والستــــون



،



منكَ يا هاجرُ دائي

وبكفَّيْكَ دَوائي

يا مُنَى روحي، ودنيا

يَ، وسُؤْلي، ورجائي

أَنت إن شئتَ نعيمي

وإذا شئتَ شقائي

ليس مِنْ عُمرِيَ يومٌ

لا ترى فيه لِقائي

وحياتي في التَّداني

ومماتي في التَّنائي

نَمْ على نسيان سُهدي

فيك، واضحكْ من بُكائي

كلُّ ما ترضاه يا مَو

لايَ يرضاه وَلائي

وكما تعلم حُبِّي

وكما تدري وَفائي

فيك يا راحة روحي

طال بالوشي عَنائي

وتواريتُ بدمعي

عن عيون الرُّقَباءِ

أَنا أَهواكَ، ولا أَرْ

ضَى الهوى مِن شُركائي

غِرْتُ، حتى لَترى أَر

ضِيَ غَيْرَي من سمائي

ليتني كنتُ رِداءً

لك، أو كنت ردائي

ليتني ماؤك في الغُـ

ـلَّة ِ، أَو ليتك مائي



لـ احمد شوقي



،



رفعت عيناها بتلكؤ متخبط بطيء سببه الأول والأخير ......... هلعها الراعد !


الا ان هلعها وكل مشاعرها الثائرة ........ تجسدت على هيئة شهقة ناعمة حادة مصدومة خرجت برعب من حنجرتها .......... ما ان سقط ناظرها .......... على عيناه المفتوحتان ..... اللتان هربتا من ابنته الكبرى فاطمة ............ اليها هي !


ابنته الصغرى ....... شيخة !





خفقاتها وصلت لأوجها .. لأسخنها .... وارتباكها العاتي انساها حتى التقاط أنفاسها !



همست فاطمة بتوتر مشابه اخفته خلف بريق عيناها المتلألئتان بالدموع: تعالي شيخه


اقتربت بهدوء ... بتعثر ... بخوف غريب لا تفسير له سوى الرهبة !



رباه ........... وكأن السنين لم تمر عليه ... وكأنه نام البارحة واستيقظ اليوم


يا رب البشر ........ عيناه هي هي لم تتغير ........ لكنها ............


فارغة تماماً ........... فارغة وخاوية وممتلئة بـ "اللا إحساس" !



كانت ترتعش من غير ان تدري .... وفاغرة العينان ومنتفضة الحواس من غير ان تفقه ذلك ....


مشاعرها مشتتة ما بين فرح ..... وتوتر ..... وهلع .... وانبهار .......... "ورهبة لا وصف لها" !


تريد ان تقبل عيناه المتسلطتان عليها لكنها تخاف !


تخاف ان قبلته وابتعدت عنه تجزع من انغلاقهما مرة أخرى .............. تخشى ان لمسته ان يختفي ويعود لعالم غيبوبته مرة أخرى ...


يالله .................. أتحققت يا حلمي اخيراً واذقتني حلاوة الغرق بعينا خليفة من جديد !


اقتربت .......... واقتربت ........... حتى اصبح قرب رأسه تماماً .........


ببطء ............ ابتسمت عيناه بحنان .....


خفقاتها وصلت لحد تكاد تصيبها بالاغماء



يا رب الكون ........... لكَم حلمت ليالٍ ببسمته الفاتنة هذه !





التمعت عيناها بالدموع ........ ولم تتمكن ابداً من الاقتراب اكثر




خائفة يالله ................... خائفة حد النخاع !




سقطت دموعها لا ارادياً ما ان همست فاطمة لها: قربي شيخه .. بعده ما يروم يحرك كل جسمه .. قربي لا تخافين



اخذت انفاساً متهدجة هلعة ثقيلة ........ واقتربت كي تقبله ....... لا .......... بل لتشتم رائحة الحياة به قبل ان تلمس جلده الحي النابض ............


هذا حلمها الازلي ............. ويكاد يتحقق ......




لكن حلمها تكسّر بفاجعة امام عيناها المرتعدتان بالشوق/اللهفة/الحنين


ما ان سمعته يقول بكلماتٍ متقطعة ثقيلة شبه غير مفهومة بسبب الصمت الذي عاناه سنينَ طويلة: مـ ..... منـ


اشر بعيناه بحنان مستغرب نحوها .... ثم نظر لابنته الكبيرة واشر بيداه دلالةَ على انه يجهل الفتاة امامه .... وصمت لعدم تمكنه من اكمال الحديث


نهضت فاطمة بسرعة وبتوتر وهي تجيبه: ابويه فديتك هاي شيخه ..


نظر بسرعة نحو شيخة "المتصنمة تماماً على نحو مريب غامض" ... وابتسم بحنان منذهل متلهف قبل ان يومئ برأسه بصمت ويمد يده بثقل نحوها ...........



الا انها تراجعت خطوتان الى الخلف بوجه امتقع تماماً واسودّ من هول الموقف ...... وخرجت مسرعة من الغرفة وكأن شياطين الدنيا كلها تركلها بضراوة من كل جانب .......


وقفت فاطمة بقلق/ارتباك وهي تبرر لوالدها بسرعة قبل ان تلحق بأختها: ا ابووويه .... ا ا يمكن متوترة شوي ... بشوف شبلاها وبردلك فديتك .....



.
.
.
.
.
.
.



مساءاً جديداً
داخل احدى مطاعم العاصمة الراقية



همست بغنج وهي تميل رأسها نحوه: حبيبي


قضم قطعة من الحبار المقلي المبهر اللذيذ وهو يهمهم: همممم


: شرايك نظهر كلنا ظهره جماعية ... نحن وقوم عميه واخوك بوسيف وبوزايد وخويّك بومييد وهله كلهم ..؟!


قال بعد ان ابتلع طعامه: بوبطي ..


آمنة: هههههههههههههه نسيت نسيت ..... خويّك بوبطي ..


قال بتعجب بعد ان ابتلع طعامه: متى ..؟!


ارتشفت عصيرها وقالت: اممممممم ماعرف والله .... بس عقب عرس حارب احسن ... ومنها عسب يمر شوي وقت على وفاة ام روضة حرمة نهيان الحر ..


: خلاص ان شاء الله ... انتي خبري اليميع عسب يرتبون امورهم ... وقوليلهم الكشتة وكل الحجوزات وهالسوالف على بوخويدم ان شاء الله ..


صفقت بمرح وحماس: يااااااااااي ونااااااااااسة ...


صمتت فجأة وهي تنظر من خلف كتف زوجها متفحصةً امراً ما بتمعن مذهول ...


سألها باستغراب: شو اطالعين ..؟!


آمنة ببلاهة: اشوف هاك الريال


غمغم بطي من بين اسنانه: امون نزلي عيونج لا افقعهن لج


آمنة بشغب انثوي ماكر: ههههههههههههههههههههههههه وابوووي ... بدوي ما تتفاهم حشى
طالع طالع


زمجر بخفوت: امووووووون


آمنة بخبث وهي ترص عيناها: اخخخخ أشهد أنه مزيووووووون


سحبها يدها مهدداً بحدة غاضبة: انا الغلطان يالهرمة اللي خليتج اتمين في بوظبي وما روّحتي ويا امايه العين ..


قالت وكأن بطي لم يكن يتحدث: هاذوه هاذوه صد صوبنا


قبل ان يجرّها ليُخرجها من المطعم كالمعزة الصغيرة المشاكسة .... رن هاتفه فجأة ......


وكان سلطان ...



: ألو


: بوخويدم ... ريت موترك خاري مطعم الـ.....
انت يالس فيه الحينه ..؟!


استدار بطي بحدة وغضبه من آمنة ما زال ناضجاً ومشتعلاً .... حتى سقطت عيناه على سلطان الذي كان في تلك اللحظة يُجلس شما بلطف على احدى الطاولات في زاوية أخرى من المطعم ....


ثم أعاد نظره لـ آمنة ورآها ترقص حاجباها بمكر وتكتم ضحكتها بقوة ...


اشر إليها انه سيقطع عنقها ما ان ينتهي من محادثته .... ثم قال لـ سلطان:
هيه انا في المطعم ...


: اها ...... في وقتك ...... عقب ما نخلص أبا ايلس وياك وارمسك في حاية مهمة ...


بطي بتحفز: حاية مهمة ..؟!


سلطان بحزم: هيه نعم .... يلا عيل السموحه خلك ويا هلك ....






بعد ساعة تقريباً




اتصلت آمنة بـ شما وطلبت منها ان تلتقي بها داخل حمام السيدات


بعد ان ألقين السلام على بعضهن قالت آمنة: تولهت عليج يالطفسة


شما بضحك: ههههههههههههه يالخبلة البارحة شايفتنج في العزا ..


آمنة: صدق هب ويه مغازل ورمسة غاوية ... زولي زولي عن ويهي


شما: ههههههههههههههه فديت ام خويدم يا ربيه .. انا أصلا بخلي بنتيه تأخذ عندج كورسات في الرمسة الغاوية ..


آمنة: يعلني افداها منمن


شما بتعجب مُضحك: منمن !!! شـ منمنتَه !!!


آمنة بثقة: منمن يا شوشو ... منمن بنتج ... اكيد بتسمين بنتج عليّه شرات ما بيسمي ريلج على بعلي المصون


فتحت شما صنبور المياه وهي تهتف بسخرية: هيه ان شاء الله عمتيه .... قال اسمي عليها قال .... حبيبتي بنتيه مسمايه خلاص
سلطانة بنت سلطان بن ظاعن الـ.....


شهقت آمنة بهلع واشمئزاز حقيقي: سلطاااااااااااااااااااانة !!!!!!
يالله بالستررررر ... وععععع شو هالاسم شموووووه ... من صدقج انتي ترمسييييين !!!
بتسمين بنتج سلطااااااااانة !!!!


شمخت شما انفها بغرور مسرحي وقالت: من صدقي عيل من جذبي !


آمنة بعيناها المتسعتان على مصراعيهما: قلنا العشق يخبل بالواحد بس هب لهالدرجة عاد ! تبين تسمين بنتج على اسم ريلج !
ريلج اسمه غاوي لانه ريال ... بس بنتج انثى حرام عليج لا تظلمينها بهالاسم شموووووه


شما بتصميم شديد حانق: اظلمها اونه .... شبلاه الاسم ... والله انه غاوي وهيبة وجيه ... يحسب له ألف حساب


وضعت آمنة يدها على ثغرها الفاغر محاولةً استيعاب الاسم الضخم جداً على رضيعةٍ لم ترَ الى الآن نور الدنيا: ما اتخيل ما اتخيل .... سلطااااااااانة !!!
باجر ان يت ان شاء الله شو تبيني ازقرها .... سلطااااااانة !
لا لا يا ربي ..... ظلم ظلم مايووووز ... شما عيدي التفكير مرة ثانية لا تخلين بنيتج تكره حياتها قبل لا تعيشها ....


شما: ههههههههههههههههههههههههه هههههه مااافي شي بيغيّر تفكيري .... بنتيه سلطانة يعني سلطانة .... ونقطة انتهى


غمغمت آمنة بحنق شديد: لي يلسة خاصة مع ريلج ... لازم اقنعه يوديج المستشفى يفحصون مخج المجلوب ....




في الخارج



جلس امام سلطان وهو يقول: ها النسيب خبرنا ... شو الموضوع ...؟!


اسند سلطان يداه على الطاولة وهو يقترب من بطي بملامح لا تنبأ بالخير ابداً ... وهتف بقسوة: انت بأي حق جيه تسوي من ورايه ..؟!


اتسعت عينا بطي بتوتر ....... وقال بسرعة: شو سويت من وراك بسم الله ....!


رفع سلطان حاجباً وقال: عرفنا انك زعلان علينا من سالفة اخوك الله يرحمه .. لجنك زودتها يالخوي .... مهما كان نحن ربع واخوان وبينا عشرة عمر طويلة .... بأي حق تطعني بظهريه ..... خبرني ..... بأي حق ....!


تراجع بطي بغضب عاتٍ: يهبوووون .. هيه والله يهبوووون .... بوخويدم اناااا يا بن ظاعن .... وبوخويدم ما يعرف العلوم الردية جانك تجهل علوووومه ....




فجأة



: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههههههههه ههه


عقد حاجباه باستنكار ..... واستغراب ..... وارتباك ........ وهدر سائلاً: شعنه تضحك مسود الويه ..... خبرني شو مسويبك اناااااا


: ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههه


ومن فرط ضحكه الصاخب ..... اخذ يسعل بقوة .... وبخشونة ...... حتى ادمعت عيناه .......!


امسك بطي كوب الماء الكريستالي وهو يتوعد صديقه بحنق ناري: ان ما سكت الساع بـ هذا على راسك يا سليطين ....


: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههه يالله ....... يعلك العافية يا بطي ........ شكلك وانت محرج نكتتتتتتتتتته


غمغم بطي من بين اسنانه: ضحكت بليا ضروس ... شبلاك اليوم شارب شي انت !!!!!


سلطان بفكاهة اخوية لا تظهر سوى لصديق دربه: شارب من كاس حبك يا حبيبي هههههههههههههههههههههههه


بطي بصدمة: يالله بالستر ......... لا الريال شارب شي اكيد .... حووووه سليطين شو ياااك تخبلت .....


قهقه سلطان .... حتى سعل بخفة قليلاً .... ثم تنحنح قليلاً ...... قبل ان يثبت بجلسته ..... ويرسم عليه تلك الهالة المهيبة المحاطة بمرحه المميز وحنان المتدفق ........ قبل ان يقول من بين بريق عيناه الرجوليتان المعتمتان: تولهت على شوفة شي وشفته ...


بطي باستغراب ساخر: وشو هو ..؟!


اشر سلطان على عيناه وحاجباه وهو يردف بمكر: انت يوم تنصدم وتحرج تحرك حيّاتك وعويناتك لـ فوق عقب تنزلهن .... جنك تهازب حد فوقي ههههههههههههههههههههههههه


بطي وهو يمطط كلماته بشكل ساخر مُضحك: يالسخيييييييييييييييييييف


: هههههههههههههههههههههه شو نسويبك .... مسوي فيها اللي محد يروم يرمسه عقب هاييج السالفة ... قلنا شوي خل نظهر بطي الخبل منه ...


بطي بغموض: متوله يعني على بطي الخبل !!!


بخبث شديد أجاب: هيه


هتف فجأة بخوف وهو يؤشر من خلف كتفه: بومييد الحق الححححححق ..... حرمتك طاااااااحت


وقف سلطان بعنف وهو يهدر بهلع مجنون: وييييييييين !


نفخ بطي على اظافره مدعياً انه ينظفهم ..... هاتفاً ببساطة: صادوه


عض سلطان على شفته السفلية بحدة وهو يشتمه بغضب: ينعنننننننننـ


حرّك بطي حاجباه ببسمة كبيرة ماكرة وقال: دواك يالهرم ..



.
.
.
.
.
.



وضعت سماعة الهاتف في اذنيها وصوت ماهر المعيقلي يرج اركانه رجاً قوياً .... تريد بهذا ان تنسى صدى كلمات نهيان


ان تنسى حقيقة ان والدها قد استيقظ في دنيا معدومة من انفاس والدتها !


ان تنسى واقعها .. مرارتها .. وحرقة فؤادها المكلوم !


ان ......................... ان تنسى ذلك الحوار ........... الذي يعود عمره لبضعة اشهر مضت !



"



: رويضتي


: لبيه ماما


ابتسمت لها والدتها بحنان متفجر وهي تهمس: ما تقولين ماما الا يوم احط راسج فوق ريلي وترقدين .. جنج تغدين ياهل من اول وايديد


قهقهت روضة بغنج واغرقت وجهها في بطن والدتها وهي تقول: اصلا كل ما أكون عندج أكون ياهل من اول وايديد ماماااا


: ههههههههههههههه فديت عمرج انا ....


صمتت قليلاً وكأن تفكيرها تلوّن وانقلب فجأة .............. وهمست من بين بريق نظراتها الغريبة: رواضي .... شو اول شي بتسوينه لو ابوج نش بالسلامة


روضة بعفوية: امممممممممممممم ...... اول شي بسويه اصور عيونه وهن مبطلات ....


امسكت يد والدتها المسكية ووضعتها على خدها وهي تردف بشغف: بس لازم تكونين عداله ..... أبا الصورة اللي جمعتكم في عقلي سنين .. تجمعكم في صورتي سنين جدام بعد .....


: ولو ما كنت معاكم ؟!


عقدت روضة حاجبيها باستنكار وقالت: وليش ما تكونين معانا مدام مرايم !


أسندت والدتها رأسها على ظهر السرير وهي تكمل بحزن اخفته بقوة خلف مرح صوتها الامومي: ههههههه لا اقصد يمكن أكون في البيت ولا احوط منيه ولا مناك ....


روضة بتصميم: عااااااااادي ..... نأجل الصورة يلين ما تكونين عداله .....



"



لكنها يالله .......... لم ......... ولن تكن .............. بجانبه !


وهي ............. ويالهول حسرتها ........... لم تلتقط الصورة التي حلمت بها سنين ....


ايّ وجعٍ سقطتي بهاويته يا روضة ....... أيّ وجع !





شعرت بأحدهم يقترب من باب غرفتها شبه المفتوح ......... وايقنت انها اختها الكبيرة فاطمة ....... اختها التي منذ فراق والدتهم لم تتركها وشيخة لوحدهما ابداً .............. لكن الى متى !


حسناً ............ يبدو ان "المتى" ..... ستنتهي قريباً ......... فهي قد اتفقت مسبقاً مع نهيان ان يكملا زواجهما بعد العزاء !


لا ترغب بهذا الآن ليس وهي بهذه الحالة النفسية المريعة لكنها فقط كي تتجنب مصائب عمها الـ...




مسدتها جبينها وهي تستغفر الله وترجوه ان لا يؤاخذها ان تمادت في وصف عمها بأشنع الاوصاف واشدها قسوةً

فـ افعاله لم تكن بأقل شناعةً ..... ولا اقل قسوةً !




: رواضي ...


رفعت عيناها الميتتان نحو اختها بصمت مدقع


اقتربت فاطمة منها وهي تبتسم بطيبة قلب حزينة .... حتى جلست قبالتها فوق السرير ....... وهتفت: صليتي العشا


ردت روضة بجمود: الحمدلله


عادت فاطمة تسألها باهتمام اخوي: شعنه ما تغديتي غناتي ..؟! يوم رديت شفت صينية الغدا بعدها على ما هي من الظهر ... من زهبتها وسرت عند ابوج المستشفى ..




ما ان قالت "ابوج" ....... حتى تراجعت روضة فجأة واشاحت بوجهها عنها بقسوة


عقدت اختها حاجبيها بقلق من حركتها الغريبة ....... الا انها سألتها باستغراب: شحقه الين الحينه ما سرتيله ..؟! مب في خاطرج تشوفينه واعي عقب هالسنين كلها ...... بعده يتذكرج روضة ... ويتذكرني فديته


اضافت بكآبة: بس يوم شاف شيخه ماتذكرها المسكينة ... وهي شكلها واعليه عنها تضايجت وايد




اختاه ............ خليفة استفاق وتذكرنا في الوقت الضائع !




ظلت على صمتها ولم ترد على كلمات اختها حتى قالت بعد حين بصوتٍ ثلجي: سأل عن امايه ..؟!


اومأت فاطمة برأسها بحسرة ماكنة ....... وقالت: هيه .... تنشّد عنها الصبح ...... يالله يا روضة ........ حسيت حد يقطع فواديه تقطيع حزتها ......... ما تحملت ظهرت برع وصحت صياح اليهد ......


عادت تسأل بذات صوتها الثلجي: يعني عرف ولا ما عرف .....!!


تنهدت فاطمة ....... وقالت: خليت غانم يخبره عقب ما يه عسب يسلم عليه ....


حدّقت بأختها بتمعن واكملت: اليميع يه عسب يشوفه ويسلم عليه حتى ريلج على فكرة ... الا انتي
شعنه ......؟!


اجابت على مضض وهي تقف لتتجه نحو حمامها: باجر ان شاء الله بسير صوبه ....



تركت فاطمة ودخلت الى الحمام تاركةً الأخيرة تتفكر بأحوال عائلتها وشقيقاتها ......... وتتذكر البارحة وما حصل خلالها من صدمات !




"



شهقت بهلع ما ان نظرت الى اختها المحمولة بين يدي نهيان ...... حتى ان هاتفها الذي رن منذ دقائق والذي علمت خلاله من زوجها ان والدها قد استفاق من غيبوبته قد سقط على الرخام الصلب بقوة !



هتف بصرامة شديدة: ام محمد ... ما عليج امر سويلي درب بدخّل روضة


انقبض قلبها بعنف وهي تهدر: شبلاها ختيه !!!


: طوليه بعمرج سويليه درب وبتعرفين خلاف ..


تلعثمت بخوف بالغ: ا ا ان ... ان شاء الله



ادخلته غرفة روضة القابعة في الطابق العلوي ... وقبل ان تقذف عليه اسئلتها المرتاعة قال بسرعة: طاحت غشيانة يوم عرفت بسالفة نشة ابوكم
هي الحينه بخير وما عليها شر ان شاء الله بس محتايه راحة ورقاد ... ام محمد ما عليج اماره اول ما تنش عطوني خبر ..



"



.
.
.
.
.
.
.



منذ ساعة ونصف وهي تحاكي اختها .. اشتاقت لها حد اللامعقول ... عندما اتاها اتصالها كادت تبكي فرحاً وشوقاً

لكنها فيما بعد .................


حصة بتوجس: بتخبريني شو فيج ولا لا ! اعرفج انا يوم تكونين متضايجة ميراني .. ارمسي اشوف .. قولي شبلاج ؟


اجابتها ميرة بوجه شاحب مُرهق: ما فيه شي يا ختيه ... تعبانة بس وماليه خاطر لشي


حصة بمرح مزيف كي تنسة قليلاً كآبةً ما تعيشه: وي وي وي .... لا يكون حامل ههههههههههههههههههه


ميرة باشمئزاز حقيقي: لوعتي جبديه على فكرة ...


حصة بذهول/استغراب: افا .... جيه ....


شهقت فيما بعد ما ان استوعبت الامر: ميروووه لا يكون متواجعه ويا ريلج


شخرت ميرة بمرارة هاتفةً بسخرية: متواجعه ..!! خليها على ربج بس .... ثرج ما تعرفين شي يا بنت عبدالله


حصة بذات صدمتها: واللقعه .... شو مستووووي ...؟!


ميرة ببرود مغلف بالكره: هب مستوي شي ..... بس مستوي انيه كارهة حتى أنطق اسمه


حصة: اف اف اف .... ميروه سالفتج سالفة ..... والله ثم والله ان ما نطقتي لازعل منج زعلة ما مثلها زعلة


اشتعلت ميرة غضباً وسخطاً: يعلج بياهل يظهر عينج مثل ما تظهرين عيني دوم بحنتج وزنتج


حصة: هههههههههههه فديته ... يلا حوه ... ارمسي .... حلفت انا عاده ...


ميرة بحنق: حلفانج لعمرج حبيبتي شو خصني فيج


هدرت حصة بقهر: ميروووووووووووه .... انطططططقي


ميرة: لا حول ولا قوة الا بالله .... انا لابويه واميه ما قلت بقول حقج يعني !


حصة وهي تغمغم بغيظ: والكوبه يا ميروه .... انا اختج العوده ..... لو ما تخبرين اليميع لازم تخبريني انا ع الأقل .... يلا ... حلفت يا ميروه لا تكسرين حلفتيه


ميرة وهي تحرك عيناها للسقف بيأس/ندم: يا ربي .... هاي يزاتي والله .. انا الخبله اللي داقه عليج .. لو عاقه التلفون ومبندته ابركلي


: ميروووووووووووووووه


: زين زين .....







بعد ساعة ..




خرجت من الغرفة وملامحها لا تكاد ترى من اللهيب الخارج من مسامات وجهها وظلمة الغضب المحامة حولها


: الله يلعنك ويلعن اخوك في ليلة وحده


هتف فلاح ببرود شديد ولم يحرك أصابعه او عيناه من امام شاشة حاسوبه المحمول واوراقه المتناثرة: يالله لا تحرمنا من فردوسك ... تكثرن اللعن وتكفرن العشير .... هيه والله ...
خير مدام حصة ... شو اللي خلاج تظهرين من حجرتج عسب تلعنين المسلمين بغير ويه حق ....


رفعت كلتا يداها هادرةً بصوت حاد غاضب: يالله لا تحرمني من فردوسك بسبة ناس ما عندها ذمة ولا ضمير يخلون العاقل مينون والمينون عاقل


فلاح بذات جلسته الثابتة ونظراته الباردة اللامبالية: المشكلة لا انتي بالعاقلة ولا المينونة ... انتي الوصف اللي مفروض يطلق عليج بعده ادباء اللغة العربية ما اكتشفوه ... اظنتي بس نزل على ابونا آدم ...


حصة بقهر شرس: خاطريه اعرف ... انتو يا عيال عبيد من شو مخلوقين .... طين شراتنا ولا من شي لا له لون ولا طعم ولا ريحة ! خبرني لو سمحت ... لانكم بصراحة غريبين بشكل خاااااااااايس ...


رفع اخيراً عيناه عليها ............. وصمت لوهلة متأملاً إياها بنظرات برّاقة غريبة جعلتها تتورد وتنسى لثوانٍ انفعالاتها/جنونها .............. ثم ما لبث ان قتل بريق نظراته ليقول بسخرية مستفزة: غريبين بشكل خايس ....! من وين يبتيها هاي بعد هههههههههههههه
لا فديتج من طين بس ما يفهمنا الا اللي مخلوق من طين شراتنا ....


سيطرت حصة على نفسها/ارتباكها وهي تقول بسخرية مشابهة: هه هه هه ..... ما يضحك اللي أقوله عسب تضحك يا بودم ثقيييييل ....


أعاد ناظره لحاسوبه واوراقه وهو يقول: حصة .. شو تبين خلصينا ... انا مشغولة الحينه شرات ما تشوفين ....




صمتت وهي تلهث بعنف غاضب مسترجعةً حديث شقيقتها



"



: حصة .. ان نطقتي بحرف عند ريلج والله ما برمسج طول العمر ... هب معناته انيه عايشة في جحيم الحينه انيه أبا حد يعرف باللي اعيشه ... هي مب قصة الف ليلة وليلة .... دخيلج مابا ريلج ولا حد يعرف



"



غمغمت من بين اسنانها المتطاحنة: اخ بس ..... ليتني اقدر ازغدك انت وياه


رفع يده وهو يهتف بصرامة: ويت ويت .... انتي عن أي اخو ترمسين ... نهيان ..؟!


هدرت حصة محتقرة: يا حي نهيان عنكم .... اول تحريته هو الخبل امبينكم ظهرتوا انتو المخابيل هب هو ....


وقف وهو يهتف بقسوة: انتي ايه .. سكت عنج وايد ... يه ترمسين يا انقلعي هب متفيج لج ...


صرخت بحدة: لا تقول انقلعي ... الله يقلعك انت واخوك الزفت الخايس ....




استدارت بحدة ماشية وغمغمت بحقد اسود: غلطة عمرنا يوم وافقنا عليكم انا وختيه .... لجني شو بقول ... الله يسامحك يا بويه دنيا وآخرة .... عقيتنا على رياييل ما رينا منهم الا الشقا والتعب وعوار القلب ......


اتسعت عيناها بالذهول والصدمة ولحقها وهو يهدر بحدة: حصصصصصه .... ردي الحينه وخبريني شحقه فاجه لغبج على اخويه ... شو سوابج ...!!!
حصصصصصه


أقفلت باب الغرفة قبل ان يصل إليها .... وصرخت من خلف الباب بقهر شديد: مابا اشوووفك يا علة حصصصصصة .... هررررررم واحد


طرق الباب بقوة: حصصصه بطلي الباب


: مابااااااااااا


فلاح: اقولج بطلي الباااااااااااااااب


: وانا اقولك ماباااااااااااااااااا





رن هاتفه .......... وكانت يمامة





فلاح: هلا

..

: انتي خاري ..؟!

..

: وينه الحارس ..؟

..

: خلاص انا بيي ابطلج الباب





رفع كلتا حاجباه ما ان فُتح باب الغرفة فجأة بعنف ... وصوتها الأعنف يسبقها: هيييه ابووويه هييييه .... ما صدقت على الله سمعت صوتها وتخرفنت .... سر سر عندها خلها تاخذك بالاحظاااااان يا راعي البناااااااااات


وكما خرجت بنيرانها اللاسعة الشرسة ... دخلت مرة أخرى بذات نيرانها اللاسعة الشرسة




هز رأسه بأسف/يأس مردداً بخفوت: لا حول ولا قوة الا بالله ... ابتليت بلوة بهالخبلة ... حشى يابوكم فجها ما يعورها من الزعيج !!
افففففففففف



.
.
.
.
.
.
.



كانت تراقبهم من خلف نافذتها كيف يعملان مع بعضهما بحماس ... الأول يمسك بـ "التابلت الخاص به" وواضح من حركات يده انه يدوّن شيئاً ما في المدونة الرقمية ..... اما الثانية فـ كانت تمسك بإحدى القطط وتتفحص اسنانها وعيناها .....



ويحه الوغد .... انها بالتأكيد احدى القطط السوداء التي داهمتنا تلك الليلة


أمجنون هذا الآدمي كي يربي قطط سوداء !


ألا يخاف ان يدخل فيه احد الجان !


هه ........... هو بحد ذاته جني ..... بل شيطااااااااااااااان


زأرت بقهر ما ان رأت كيف اقتربت تلك الكشميرية الفاتنة من زوجها لتريه "بغنج" كيف القط يتفاعل مع الدواء ...


الحقيرة .........


حسناً ....... ربما المياسة صادقة ......... فهي حتى وان اقتربت من فلاح .... فالاخير لا يسمح لها ان تلتصق به بحميمية ...


لكن لمَ يكذب عليها ويدعي انها زوجته !


المعتوه ........... أيريد يكذبته ان يثير غضبها وغيرتها !


لكن .............. لمَ لا يكون حقاً متزوجاً بها وما اراه مجرد وهم كي امني نفسي انه لي لوحدي ...!



تراجعت بارتباك ما ان رفعت يمامة عيناها نحو النافذة ورمقتها بخبث انثوي ..




بعد دقائق




كان بابها يُطرق ............. ويُفتح من غير اذن صريح منها !



فتحت فمها كي تصرخ عليها وتطردها الا ان كلمات المياسة ترددت بدماغها



"خلج هاااااااااادية ... وبااااااااااردة ... واي شي تسويه الكشميرية عسب تقهرج اصدميها بضحكتج وابتسامتج الباردة"



ابتسمت ببرود وهي تقول: هلا هلا ... مرحبا باللي ما عرفت الادب ولا التربية ... بتخبرج ... هلج ما علموج ما تحدرين حجر الناس بليا اذن !!!


نظرت يمامة للغرفة التي أصبحت انظف واجمل واكثر اناقةً من ذي قبل ........ حتى سقطت عيناها على حصة ... وقالت باشمئزاز:
اوه قاد ..... يو آر سو أولد فاشند


نظرت حصة لثوبها المغربي السكري وقالت ببرود شديد ساخر تخفي خلفه نيران غضبها: اووه ماي قاااااد ..... امايه ان بعتي هالكندورة بتييج بيزات تسفرج حول العالم ...... ماقندا وحده



أغلقت فمها ما ان ادركت خطأها الاخرق


لا أيتها الحصة لا ...... ماقندا معناها جميلة بالفلبيني


الحمدلله أن هذه اليمامة لا تعرف اللغة الفلبينية هههههههههههههه



عقدت يمامة حاجبيها بفضول: ماقندا ..؟!


جلست حصة واضعةً ساق على ساق ... وقالت بغطرسة: أجل أيتها الخفاشة الزرقاء الجميلة .. يو ار سو ماقندا .... يعني سووو ستيوبد .... غبية ....


تجاهلت يمامة اهانتها وقالت وهي تأشر عليها من رأسها حتى اخمص قدميها:
اممممممممم لم انتي هكذا لا تحبين لبس ما تلبسه البنات ..؟!
طريقتك في اللبس قبيحة وتقليدية جداً



اغمضت عيناها بقوة ........ وهي تهمس بخفوت: اللهم صبرك .... اللهم صبرك



"حصوه ....... لو عيبت عليج ولا مصخرتج ردي عليها ولا تسكتين .... بس ببروووووود لا تخلينها ابد تنجح في استفزازج .... ان عطتج كلمة ردي عليها بألف ...... بس سمعي .......... الضرب ممنوع .......... ممنوع يا بنت عبدالله تسمعين !




لمَ ممنوووووووع لمَ .......... ارغب بتهشيم وجهها الأبيض هذا وتقطيعه بأظافري قطعاً قطعاً ..........



ردت عليها بانجليزية سلسة: اممممممممم ولم انتي تحشرين انفك بأمور لا تخصك ..؟!


هزت يمامة كتفيها هاتفةً باستفزاز واضح: اني اشفق على حبيبي فلاه المسكين
الرب وحده يعلم بمصيبته المريعة .... لقد رزق بامرأة فاشلة في كل نواحي حياتها ..... اووووه رباه فليكن الله في عونه


حصة باستهزاء مزدرء: في المقابل .... لقد الله رزقه امرأة أخرى ناجحة في كل نواحي حياتها .... أليس كذلك أيتها الماقندا ..؟!


يمامة بانفعال: لست ماقندا بل يمامة


غمغمت حصة من بين اسنانها: اسميج ماقندا ومن الخاطر يالجلبة ..... احم ........ أقول


اشرت الى الباب واكملت ببرود: دربج ادلينه ..... عطينا مقفاج ما نبا حشرة ..... يلا ......



: شو هالزعيق ..؟!



قالت بصوتٍ صقيعي جاف من غير ان تنظر إلى من دخل الغرفة وامتلأت زواياها برائحته الرجولية الفريدة: خلها تظهر من حجرتيه قبل لا اشوّه ويهها هاللي انت ميت عليه ....


كتمت شهقتها ما ان سمعته يقول لها بقسوة: جيه .... لا يكون صدقتي ان هالحجرة حجرتج ولا البيت بيتج ... ابويه تذكري زين شحقه خذتج ... لا حباً بج ولا شياته .... حمدي ربج انيه لين الحينه متساهل وياج .....


خدش قلبها بنظراته القاسية المحتقرة قبل ان ينظر الى يمامة ويقول بهدوء: هيا حبيبتي .. فلنعد الى عملنا ..




تركها مشلولةً تماماً ........ لا مشلولة الجسد ......... بل مشلولة الروح !



.
.
.
.
.
.
.



اتفق مع صديقه ان يلتقي به امام غرفة خليفة بعد صلاة العشاء .......... اولاً كي يتعرف الاثنان اكثر على الرجل ...... وثانياً كي يتقدموا اكثر بموضوع خطبة ناصر لشيخة ........... يعلمان ان الوقت غير مناسب وان خليفة ما زال غير متصل تماماً بالعالم الواقعي ......... لكن التأخير ليس من صالحهما ابداً ....... فـ عم الفتيات يقف امام وجهيهما بالمرصاد !



ما ان دخل نهيان حتى ابتسمت عينا خليفة .... وعلم نهيان من نظراته وحركات يده وهمهماته انه قد تقبله كـ صهر واحبّه كذلك ....... لا يعلم أهي محبة من الله نزلت عليه فجأة ام ان المحبة ترسخت به منذ ان التقى به وهو كان ما يزال يسبح في عالم اللاوقع !


قبّل رأسه وهو يهتف برجولية حانية: مساك الله بالخير يالغالي


: مـ ....... مسا .........ك ............. ا .......... اللـ ........... الله ........... بالنور


: عظم الله اجرك عميه ....


خليفة بمرارة عاتية: اجـ ....... اجر ........ نا ........ واجـ ............ رك







لا احد في الكون يعلم عظم مصابه ........... لا احد !



ترددت كلمات زوج ابنته الذي للتو فقط يراه ويتعرف عليه: عميه ...... محد دايم الا ربك سبحانه وتعالى ......
آ آ ........ احم ........... ماعرف شو اقولك .............. انما الصبر عند الصدمة الأولى .......


سكت قليلاً ..... قبل ان يرمي عليه "الصدمة المُفجعة": عموه مريم توفت من كم يوم ........ الله يرحمها ويغفرلها ....





لم يتفوه بأي كلمة ............... ولا حتى بهمسة ............. حتى خرج غانم ................. وعندما تأكد من خروجه


اسقط رأسه على الوسادة ........... وسقطت دمعته الحارقة وقلبه يتقطع لأشلاء صغيرة لا حصر لها ............ فالتي ماتت هي مريم !


مريم التي توجعت لفراقه سنين ......... وعندما عاد للحياة ............. هي فارقته !


مريم التي كان يلقبها بـ ام عيسى ............. فـ ذهب هو قبل ان يرى عيسى ............... وعندما عاد .......... ذهبت هي وعيسى معاً قبل ان يراهما ويشبع ناظريه بهما !


الحمدلله رب العالمين ......... الحمدلله رب العالمين ........... يا رحمن .... يا عظيم الغفران ....... اجمعني بها في جنانك وفردوسك الأعلى ...........





خرج من سطوة حسرته الدامية على صور ممزقة .... ضبابية ...... بين ذاكرته العتيقة الغابرة ... وصوت باكي من بعيد يتوسله الغفران ويناجيه بألم ......



"



آ آ آ آسسسسفه .. انا السسسسبب .. اناااااا .. آسسسسفة ..
دخيلك نش .. نش ورد لحرررمتك وبنااااتك .. رد للي يحبووونك ويبووونك ...

انت مااالك ذذذنب .. انت ما سويييت شششي ..
كللله من الحيوووان مسعووود .. انت ما لمستني هااااك اليوووم ولا قربتنننني ..
مسعووود جذذذذب علييييييكك وقااااال انك اعتديييت عليه بسس انننت مااا لمسسستني .. وووالله ما لمسسستني .. مسعووود جذذذب عليييكك ..
كان يبااااا يهددك فيه عسب .... عسب تخلي حقه الدووورة اللي .. بترررفع رتبته .. فـ في شغله ..
ربي حسييييبه .. ربييي حسيييييبه ..



"



خفق قلبه وكأن للتو فقط ......... بدأ يسترجع ذاكرته العتيقة الغابرة


مسعود
مسعــــــــــــــــود




همس بنبرة خافتة ثقيلة لثقل لسانه: مـ ..... مـ ........


اقترب نهيان منه باهتمام وهو يهمس قرب اذنه: شو تبا عميه .. آمر ...


: مـ ....... مسـ .........


اقترب ناصر وهو يهتف بتساؤل: وش في خاطره نهيان ..؟!


هز نهيان كتفاه بعدم فهم: ماعرف والله ..


نظر لعمه واردف: شي يعورك عميه ..؟! تباني ازقرلك الدكتور او وحده من النيرسات ..؟!


هز خليفة رأسه بـ لا .... وهو يحاول نطق اسم مسعود ........ حتى نطقها بشكل متقطع ثقيل: مـ .. سـ .. عـ .. و .. د


هتف ناصر لـ نهيان باستغراب: منهو مسعود ..؟!


نهيان بذات استغراب صديقه: ماعرف ..


ناصر: يمكن واحد من اخوياه ..


نهيان: يبا يشوفه هزرك ..؟!


ناصر: الله العالم ..


اردف موجهاً كلامه الى خليفة: عم خليفة ... منهو ذي مسعود ..؟! عندك رقمك ..؟! تبغانا اندقله ..؟!


هز خليفة رأسه بـ نعم وملامحه تشحب فجأة وتتحول لـ تعابير غريبة مخيفة مصفرّة .....


نهيان: انزين تذكر رقمك ..؟!


هز خليفة رأسه بـ لا ..


قال ناصر لـ نهيان: شـ الدبره بوعبيد ..؟!


نهيان: بسأل غانم ولا الاهل يمكن يعرفون الريال ولا عندهم رقمه ...


قال لـ خليفة بود حاني: انت ريّح عميه وانا بييبلك مسعود ان شاء الله ..


اومئ الأخير برأسه بارهاق واغلق عيناه لعدة ثواني قبل ان يفتحهما ويأشر نحو ناصر الذي للتو ادرك وجوده ..


اقترب ناصر منه مقبلاً رأسه ويقول: انا الدكتور ناصر يا عمي ... دكتور المخ والاعصاب والمشرف على حالتك من فترة ما هيب طويلة .. ومثل ما تشوف انا مش في رأس عملي حالياً لاني في إجازة سنوية ...


ابتسم نهيان وهو يربت على كتف ناصر: وصديج عزيز وغالي بعد ..


ابتسم له ناصر بخفة قبل ان يهمس قرب اذنه بخفوت: نهيان .. اظن الوقت ماهوب مناسب الحين .. خل نأجل الموضوع لين ما يرتاح العم خليفة شوي ويتعود على الناس حوله ...


نهيان: بس يا بومشعل ........


ناصر: صدقني احسن .... خل نأجل الموضوع ... الرجّال بعده محتاج يتذكر الناس حوله .... ولو ما خاب ظني حتى بناته ناسيهم ..... محتاج فترة لين ما عقله يستوعب التغييرات اللي صارتله ....


: متى يعني .... انت ناسي عمها واللي بيسويه ...؟!


اشر ناصر بعيناه نحو خليفة الذي ببطئ اخذ يغلق عيناه بسبب تأثير المغذي: جاه اخوه ولا لا ..؟!


نهيان: ماظنتي ... ليش السؤال ..؟!


ناصر باستخفاف: مثل ما توقعت ... اخوه خايف يواجهه .. او مرتبك


نهيان: وشحقه يخاف .... ماظنتي المسكين يعرف بفعايله في بناته وهله طول هالسنين عسب يعاقبه اول ما يشوفه ...


ناصر: الجبان والماشي على درب الضلال بيخاف حتى من ظله ... يمكن قال في نفسه اكيد بناته علموا ابوهم باللي سويته ... فـ انا ما بشوفه لين ما يهدا ومنها لاجل اخترع كم كذبة قوية تتصدق ...


نهيان: انزين يعني شو الحل ..؟! نرمسه ولا ما نرمسه ..؟!


ناصر: لا خل نصبر .... على الأقل لين ما بوخالد يجي ويشوف اخوه ...


تنهد نهيان ....... وقال بخفوت: على هواك .....


اكمل بصوت فحيحي بالكاد يُسمع وهو ينظر لـ خليفة بتمعن/تصميم: بس ان فكّر يجيس حرمتيه يقرا على روحه الفاتحة ....





لا .... بل لن يفكر أصلا ...... فـ هو قد سبق وقرر ان تكون الدخلة غداً ........ ولن يثنيه احد عن قراره سوى الله وحده .....



خرج من الغرفة بعد دقائق كي يتصل بوالدته ويخبرها بقراره ... يعلم ان مثل هذه الاخبار لا تُقال على الهاتف خصوصاً مع والدته لكنه لن ينتظر ان يصل الى دبي كي يخبرها ..... يريد ان ينهي جميع الإجراءات بسرعة .......... ولا ينسى ابنه !


ابنه لن يعيش بعيداً عنه وعن والدته الجديدة ......... ابداً !



.
.
.
.
.
.
.



منذ ان اعادها عنوةً الى منزله وهي تتجنب الاحتكاك به ........ وكأنها تعاقبه !


يعترف ان الامر يضايقه ........ يضايق روحه التي غدت تشتاق لروحها بشكل غريب ...... لكنه صامت


لمَ الصمت يا احمد ......... أتكاثر جراحك في الوتين انساك الحديث ........ ام انك بكلماتها تبك ايقنت انك لم/لن تتعلم رد قيمتك لنفسك المُهانة !


تنهدت بضيق ....... قبل ان يقرر ان يرحم عيناه من ضوء شاشة التلفاز البلازما الضخمة والتي ازدادت اثر العتمة المحاطة بالغرفة كلها ............ الغرفة الخالية منها هي !

تلك الصغيرة ........... ألم تمل من المبيت في غرفة أبنائه !


سحقاً لعنادها ............


زم فمه بحنق محدّقاً باب غرفة المغلقة ...... وقبل ان يفكر اكثر ...... وقف واتجه نحوه .... ليفتحه ويخرج من الغرفة


وقف وسط الصالة العلوية حائراً




ما الذي تفعله يا مراهق .......!


فلتتركها وشأنها تنم حيث تريد ..... هي اساساً جرحتك بكلماتها ويجب عليك ان تلقنها درساً على هذا ......


بين حيرته ....... وغضبه ........ وشوقه .........!


اقترب من باب غرفة ولداه ....... وفتحه بحذر


لكنه سرعان ما اتسعت عيناه بفاجعة ....... ما ان رآها مكومة قرب باب الحمام ..... وتبكي بصمت يكاد ينفجر من شهقاتها المختنقة المكتومة ............


اقترب منها بهلع وهو يهتف بخفوت كي لا يوقظ أبنائه: حناااااان .... حنان شبلااااج .....!!!

كانت تبكي بحرقة ..... برعب حقيقي ...... وادرك انها لم تستوعب الى الآن وجوده وما قاله ......



انزوت بجسدها وهي تغرس اكثر وجهها في حضنها وتبكي بخفوت متقطع ويبدو عليها الانهيار التام


عندما ادرك فظاعة الوضع ..... ادخل يداه اسفل جسدها وحملها وخرج بها الى الخارج .....


ملامحه شحبت من الخوف ....... ويعترف ان خفقاته ذابت ذوباناً لمنظرها المزري المثير للشفقة ..........




يالله ............... ما بها ............... لمَ تبكي وكأن احد احبائها قد توفي للتو !



جلس على الاريكة ..... وهي ما زالت في حظنه تبكي بوجع صافي



همس بحنان قلق: حنان ...... حبيبتي .... شبلاج ..... والله روعتيني عليج ...


حاول إزاحة يديها عن وجهها الا انها لم تزح يداها وظلت على وضعها .... عاد يهمس قرب اذنها وهو يغرس جسدها الصغير اكثر في صدره الصلب: بسم الله عليج الرحمن ... بسم الله عليج الرحمن ..


ومن غير تفكير ..... بدأ يقرأ على رأسها بعضاً من آيات الله المباركة .... علّها تهدأ قليلاً وتهدأ معها خفقاته المجنونة المرتعدة .....!





بعد دقائق قصيرة





سمعها تهمس بصوت مبحوح باكي مختنق حد اللامعقول: عـ ..... عـ ...... عوشة ......... حـ حلمت .......... حلمت ...... بـ عووووووشة .......


بلع ريقه الجاف وعيناه رغماً عنهما تشتعلان بالحيرة والارتباك ....... وقال: شبلاها عوشة ...؟!






لم يدرك انه نطق اسم قاتلته بسهولة ومن غير تردد .... لم يدرك ان الحقد لم يشوب كلماته ونبراته وخفقاته ..... لم يدرك ان الذي يسوق احاسيسه الآن هي فقط .......... هذه التي امامه ...... هي من جعلته لا يدرك شيئاً عدا وجودها الواقعي في حضنه وبين حناياه الملتاعة !


حنان بوجع يدمي القلوب ونبرة تختنق بالغصة/المرارة: و ...... والله كنت احبها ........ والله كنت اعشق ترابها ........ شحقه جيه تقوووووولي ........ شحقه جيه تررررمسني .......... آآآآه يا احمد ....... والله ما استاهل اللي يستويبي ..... و .... والله ......




وانخرطت مرة أخرى ببكاء علقمي ......... مخبرةً احمد من غير ان تفسر حرفاً واحداً مما قالته ....... انها تعيش الكابوس بحد ذاته !









نهــــاية الجــــزء الســــادس والستــــون




.
.





قراءة ممتعة حبايبي ......... وعيدكم مبارك مقدماً والله يتقبل ان شاء الله من حجاجنا وزوار بيت الله الحرام

باجر يوم الوقفة ...... صياماً مقبولاً ان شاء الله

حبيت اذكر الناسي .................. ذكروا هلكم وربعكم واللي حولكم بعد




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:03 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.