آخر 10 مشاركات
و حانت العــــــــودة "مميزة و مكتملة" (الكاتـب : nobian - )           »          موريس لبلان ، آرسين لوبين .. الغريقة (الكاتـب : فرح - )           »          و أَمَةٌ إذا ما ابتُلِيَت في شرَكٍ ما جنتَ *مميزة* *مكتملة* (الكاتـب : فاطمة عبد الوهاب - )           »          خذني ..؟ -ج1 من سلسلة عشقٌ من نوعٍ آخر -قلوب قصيرة - للرائعة ملاك علي(كاملة& الروابط) (الكاتـب : ملاك علي - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          88 - لو كنت حبيبي - ربيكا ونترز (الكاتـب : فرح - )           »          موضوع مخصص للطلبات و الاقتراحات و الآراء و الاستفسارات (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          209. أنشودة الحب - مارغريت واي - عبير الجديدة ( اعادة تحميل ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          138- إذا كان له قلب - آن هامبسون - ع.ق (كتابة أكملتها strawberry )** (الكاتـب : أمل بيضون - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree71Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-02-18, 11:06 PM   #261

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جدران صمت الهوى (الفصل 15)




جدران صمت الهوى (الفصل 15)

هدوء كامل سيطر على المكان .. سكينة كان قد اعتادها منذ زمن لكنها في الفترة الأخيرة لم تعد ترضيه .. لماذا ... لانه ببساطة اعتاد عليها .. اعتاد على رائحتها التي تملأ الشقة .. اعتاد على الحياة التي انبثقت من الجدران معها .. ذلك الدفء الذي يستشعره بمجرد مرور طيفها .. لم يتوقع ان يدمن على تلك التفاصيل الصغيرة ولكن ... رائحة الطعام .. ذلك المصباح الصغير المضاء في طرف الصالة ليكسر حدة الظلمة .. رائحة معطر الجو التي يعبق بها الهواء .. ارضية الشقة وحماماتها وحجراتها ومطبخها الذي يلمع بنظافة دائمة .. ملابسه المغسولة والمطوية بعناية .. كل هذا اصبح كترياق لوحدة كسرتها فاستوطنت بداخل كل حنايا حياته حتى غدت من الاساسيات دون ان يشعر بذلك .. تنهد بقوة وهو يجول في الشقة ليلتقط اثارها فهذا هو الاسبوع الثاني الذي لم يقابلها فيه الا لماما ولثواني بسيطة فقط .. فلقد انشغل بثلاث رحلات طويلة وهي انشغلت برحلاتها فما ان يصل احدهما حتى يكون الاخر مغادرا وكأن القدر تعمد وضعهما بجداول تعاكس كلاهما .. وبصراحة .. لقد اشتاقها حقا .. فبعدما برد غضبه قليلا .. وبات الحزن شيئا مزمنا اعتاد عليه .. عاد حبها ليتحرك في احشائه .. وهذا الاسبوع .. عاني من غيرته دون ان يكون قادرا على شيء فلقد لمحها وهو متوجه الى طائرته و كانت هي قد عادت مع فريقها من رحلتهم .. منظرها وعلاء منحني باتجاهها وهي تضحك على ما يقوله جعل معدته تنقلب بألم وكانه تلقى لكمة في وسطها .. كم كان يتمنى لو رأها اليوم بعد عودته وقد قرر ان يحرجها كي تضطر وتجلس معه بعد ان علم انها ستكون في المنزل الا انه تفاجئ باستدعائها لرحلة قصيرة طارئة مع فريقها .. وهذا احبطه وبقوة .. نظر حوله للمرة الاخيرة بحيرة لا يعلم ما عليه فعله ليمضي الوقت حتى موعد عودتها فهو لا يود الذهاب الى اهله فلقد مل اسئلتهم عنها كما لا يود الخروج لانه متعب جدا .. في النهاية وجد قدماه تقودانه الى احدى الارائك المواجهة للتلفاز حيث جلس واخذ يقلب بين القنوات عله يجد شيئا يجذبه للمتابعة .
لم يعلم متى تحديدا غفت عيناه ولا كم مر عليه من الوقت وهو نائم الا انه في النهاية استيقظ وقد شعر بالألم في رقبته المتشنجة من نومه بهذا الطريقة فتأوه وهو يحركها يمنة ويسرة ويفرد يديه في حركة تمرينية تلين عضلاته التي تيبست مع نومه .. منظر لفت انتباهه على شاشة التلفاز جعله يعقد حاجبيه ويقف في حركة عنيفة وقلبه ينتفض بعنف مخيف بين اضلعه .. فلقد كان الشريط الاخباري الذي ظهر فجأة على الشاشة ينقل خبرا جعل كل اواصله ترتجف رعبا ( سقوط الطائرة التي تحمل رقم (560 ) والتابعة لشركة ( .. ) للطيران والقادمة من مطار تونس اثناء محاولتها الهبوط بعد تعطل احد محركاتها مما ادى الى اصطدامها العنيف على الارض وقد شبت النيران بالكامل فيها ولا يعلم احدا الان مصير ركابها وطاقمها بعد ان عجزت سيارات الاطفاء عن الاقتراب او السيطرة على النيران فيها الى هذه اللحظة)
لوهلة تشنج بالكامل وقد استولى عليه حدس ارعبه بقوة فالطائرة تابعة لشركتهم .. اخرج هاتفه الذي كان يهتز بقوة مع اهتزاز يديه وفتح الرسالة التي بعثتها له نسمة لتخبره باستدعائها ليتأكد من بيانات الرحلة والطائرة .. رجاء مخيف تعاظم في قلبه وروحه تناجي بارئها ان لا تكون هي نفس الرحلة التي كانت تستقلها .. في نفس اللحظة التي فتح فيها الرسالة كان التلفاز يعلن الخبر الاتي وهو ينقل الصورة حية من المطار للطائرة المحترقة ( الطائرة 560 القادمة من تونس والتي كانت بقيادة الكابتن علاء .... )
وبعدها لم يعد يستوعب شيئا ونفس الوجهة تقفز امام عيناه في رسالة نسمة .. تونس .. لم يصدق ما يسمع .. هل حقا عيناه تريان هذا المنظر .. هل حقا اذناه تسمعان هذا الخبر ... بالتاكيد هو يحلم .. بل هو كابوس .. كان خائف ان يزدرد لعابه .. خائف ان يرمش بعيناه .. كان خائف حتى ان ينبض قلبه .. وكيف سينبض وهو يسمع بانها غادرته .. بل غادرت كل هذه الدنيا .. هذه الدنيا التي ظلمتها بكل من فيها تركتها وذهبت هكذا .. بلا رجعة .. شعور بالبلل اغرق وجهه ليدرك ان دموعه تسيل على وجنتيه وتبلل لحيته .. حتى انفاسه اختنقت في صدره وسواد غشي عيناه .. كيف يستطيع ان يكمل يومه دون ان يراها .. انه حتى لا يتخيل ان يعيش لحظة بلاها .. انه لم يستطع ان يكمل الاسبوعين دونها .. تأوه عاليا دون سيطرة وهو يضرب بقبضته موضع قلبه صارخا ( لم اقل لها .. لم اقل لها باني احبها .. بل .. باني اعشقها .. كم اتمنى ان اراها دقيقة واحدة فقط لاموت انا بعدها )
انهار جالسا على الارض وقد اخذ جسده يرتعش بعنف متعاظم وصوته يصرخ دون ان يخرج الا كهمس مكبوت ( يااارب .. يااارب .. انا لله .. وانا .. اليه ... راج )
ولم يتمكن من اتمام كلمته وااه طويلة خرجت من اعماق صدره وقد احنى وجهه ليخفيه بين كفيه فيخفي دموعه التي اخذت تهطل كسيل لم يتمكن من السيطرة عليه ... لا يذكر انه بكى هكذا يوما حتى عندما كان طفلا ولكنه الان يعلن انهزامه .
نسمة التي استوطنت قلبه رغم كل شيء .. شعور بالندم اخذ يتصاعد حتى شعر بطعم العلقم في فمه .. لقد كان يحاول الابتعاد عنها طوال الفترة السابقة على أمل ان ينسى ما قامت به او ينساها .. والان .. كم يتمنى لو انه استغل كل دقيقة بل كل ثانية ليملي عيناه ويشبع روحه منها .. فلا احد يعلم متى يكون الاجل .. ولا احد يدرك تصاريف القدر .. .. كم يتمنى لو يعود الزمن به .. فهو يشتاق اليها كثييرا جدا .. تأوه بصوت اعلى وقد انهكته مشاعره المشتتة.. صوت جلبة غريبة جعلته يرفع راسه ببطء محاولا التأكد من مصدرها .. صوت مفتاح يدور في قفل باب الشقة جعله يقف ببطء ويده تمسح دموعه من على وجهه .. هل يعقل ان يكون اخاه تامر قد سمع الخبر واراد التأكد من كونه بخير .. وولكن .. لا احد معه مفتاح الشقة سواه و .... نسمة ... أجل .. كانت نسمة من اطلت برأسها وجسدها من الباب وهي تدخل ببطء للشقة ويدها تجر حقيبتها .. لم يعلم ان كان يحلم ام انها هي حقيقة .. بدت كملاك وقد رفعت عيناها نحوه فتفاجأت بوجوده .. عقدت حاجبيها باستغراب وتنحنحت ببطء وهي تتساءل ( نادر .. كيف حالك .. هل انت .. )
لم تكمل كلمتها وقد ذهلت مع تقدم نادر السريع نحوها قبل ان يجذبها بلهفة محتضنا اياها .. كانت المرة الاولى التي تشعر بها بذراعي نادر وهما يحيطانها بهذه القوة .. بهذا التملك .. بهذا الارتجاف .. وبكل احتواء .. كان ينتفض بعنف وهو يضمها بقوة كادت تسحق عظامها وتطبع تفاصيلها على تفاصيله .. استسلم جسدها بلذة وحيرة وهي تسمعه يلهج بالحمد بسرعة لاهثة وتمتمة جرحت بخشونة نبرته ( انت بخير .. انت .. بخير .. الحمد .. لله .. الحمد الله )
لم تكن تفهم تحديدا ما به ولكنها شعرت بيديه يبعدانها قليلا ولمساته الحنونة تسافر على وجهها وشعرها وعيناه تناجيانها ان تؤكد له بانها حقيقة وليست حلم من ابتداع خياله المتعب .. شعرت به يضمها مرة اخرى بقوة اكبر وقد تهدج صوته المتعثر بكلماته و الذي يسلبها لبها دوما .. ( الحمد لله انك عدتي لي .. الحمد لله )
ابعدها للمرة الثانية لتغرق غابة عينيها في بحور نظراته لها .. فرحة طغت على وجدانها وتركتها تتصرف بحرية كاملة معه .. فهذا زوجها .. اجل زوجها .. رفعت يدها المرتعشة لتضعها على وجنته فأغمض عيناه وانفاسه تعلو بتأوه ذائب .. تمتمت بنبرة امتلأت بتعطشها لعواطفه ( نادر .. نااادر .. انا .. بخير .. هل .. انت .. بخير ...ما بك)
كانت انفاسه تأبى الهجرة من صدره وتصر على الاحتباس في رئتيه .. نعومتها التي اذابته واذابت كل مقاومته جعلته يهمس بلا سيطرة وقد تأججت عواطفه نحوها ( الطائرة .. أنت .. ظننتك ... تأذيت .. لا أعلم .. المهم .. انت بخير ... أليس كذلك )
سؤاله المتردد جعل عيناها تتسعان بدهشة .. نبع الرجولة يسألها بهذا الحنان وهذا الضعف .. ابتسمت بسعادة وقد تعطل فهمها عن اي شيء سواه فلم تهتم بسبب ما اوصله لهذا بل ارادت ان تشبع نهمها الذي اشتاق لهفته ( اجل .. انا بخير .. امامك كقطعة واحدة .. حتى ان مت سالاحقك كشب..)
لم تكمل كلمتها المازحة وهو يسحقها على صدره وقد ارتفع صوته برجاء خانق ( لا تقولي هذا .. ارررجوكي .. فالموت ليس موضوع مزاح )
كان يعلم ان احاسيسه قد خرجت عن سيطرته .. فكرة ان يفقدها هزت كل اعماقه .. حياته التي تخيلها للحظة بلاها جعلت شكوكه تندحر امام عمق حبه لها ... انه يعشقها .. بل يهيم بانفاسها ... ان يشعر بها بين يديه .. في احضانه .. وصوتها يداعبه .. كل هذا طغى للحظة على المه العميق منها .. كل هذا رأب جسور قد هدتها في اول يوم لزواجهما .. ما اصعب ان يشعر الانسان بفقدانه لعزيز فما بالك ان كان العزيز هذا هو روحه نفسها .. استنشق رائحة شعرها بعمق وهو يرجو ان تكف اعصابه عن الارتجاف ويتمكن من التماسك .. فبالتاكيد هو اخافها بما فعله ومع ذلك لازالت تستكين بانوثتها الطاغية بجانب قلبه الراقص طربا .. لمحة من ألم عادت اليه لتذكره بمصيبة هو على وشك مواجهتها .. فكيف يا ترى ستتقبل وفاة زملائها الذين عملت معهم في الفترة الاخيرة ؟ .. مظهرها كان يؤكد انها لا تعلم شيئا مما حدث وهو نفسه لا يعلم كيف هي الان تقف امامه .. ابتعد قليلا مرة اخرى وقد بدأ يستولي على زمام نفسه فسألها بحروف لازالت ترتجف ( نسمة .. اين كنتي )
نظرت اليه مستغربة سؤاله ومع ذلك اجابته ( لقد بعثت لك برسالة لأخبرك عن خروجي في رحلة طائرة تم استدعائي اليها )
تردد سيطر عليه وهو يسألها بحذر ويداه لاتزال تضمانها وقد كان خائف من تبخرها ان تركها ( مع .. فريقك .. ام .. لوحدك )
مطت شفتيها مجيبة بأناة ( كان المفترض ان اذهب مع فريقي ولكني وصلت مبكرة وصدف ان كان فريق الكابتن ماجد يحتاج الى مساعد طيار بشكل سريع كي يتمكن من الاقلاع بعد ان اتصل مساعده ليخبره باحتجازه في زحمة الطريق وعدم تمكنه من الوصول قبل ساعة وهنا تم ايكالي بالمهمة بشكل رسمي على ان يحل مساعد الكابتن ماجد مع الكابتن علاء وقد وصلت بشكل ابكر من موعدي لذلك فالرحلة كانت الى ليبيا وهي تستغرق وقت
أقل من رحلة تونس.. لقد وصلت من ساعة ولكني تأخرت لان سيارة الاجرة التي كنت استقلها قد فرغ اطارها واخذ السائق بعض الوقت في ابداله .. الهذا كنت قلقا .. لاني تأخرت بالوصول الى الشقة بعد مغادرة المطار )
ازدرد نادر لعابه وقد احتار في كيفية ايصال المعلومة لها .. رفع كتفيه سريعا وقد بدأ يبتعد عنها ضاحكا بتوتر ( أجل .. يمكنك قول هذا .. ما رأيك ان تبدلي ملابسك وتستحمي ريثما أجهز الطعام فانا جائع واردت ان نأكل سويا لذلك كنت انتظرك.. هاتي حقيبتك كي ادخلها الى حجرتك )
كان يعلم انه يهرب من مواجهتها .. وقد رأى في عينيها نظر الشك ومع ذلك .. امتثلت لأمره وهي تعطيه حقائبها وقد اتجهت الى الحمام بعد ان ظهر على ملامحها التفكير العميق .. راقبها بخفية ويده تعبث بحقيبة يدها حتى وجد ضالته .. هاتفها .. تعمد تغير ضبطه على الوضع الصامت كي لا يصلها الخبر الا بعد ان يمهد لها الامر ومن ثم وضع حاجياتها في حجرتها واتجه الى المطبخ وقد اراد ان ينفرد بنفسه ليتدارك كل ما حدث معه الى الان .
من أصعب ما قد يواجه الانسان في حياته هو شعوره بالشك في نفسه .. بالحيرة .. بالضياع وعدم معرفة ما يريده .. نظرت نسمة الى انعكاس صورتها على مراة الحمام وقلبها يرتجف بجنون .. احتضانه لها بهذه اللهفة والحنان اوقظ فيها احاسيس الحاجة الى الامان التي كانت تفتقدها الا معه .. اه لو يعلم مدى تأثيره عليها وكيف باقل لمسة يذيب كل ثباتها وكل حصونها التي بنتها حول نفسها طوال تلك الاعوام .. تنهدت بألم متمتة (كيف اكسبك وقد خسرت معركتي معك .. كيف )
ودون ارادة منها قفز الى ذهنها كلام اسيل .. ايعقل ان تنفذ ما قالته لها .. كيف سيكون تأثير هذا على علاقتهما .. بلا شعور تمتمت ( سيحتقرني اكثر .. ثم انا .. لست جميلة ) انعكاس صدى كلماتها اغضبها من نفسها وتخاذلها وحماقة تفكيرها .. وبجنون متمرد اسدلت شعرها واخرجت علبة زينتها لتضع بعضها على وجهها .. وبعينها المنتقدة حاولت ان ترى انوثة ملامحها التي قد يراها غيرها .. لوهلة شردت بحنق في قسماتها ثم .. نفضت راسها مرة اخرى بعصبية ( حمقاء . حمقاااء .. لقد كسرتي كرامة الرجل وتظنين انه قد ينظر الى انوثتك المضحكة .. اخجلي على نفسك .. لقد فقدت عقلي بسبب ما سمعته) .. غيرتها اصبحت كالسم يسري بجسدها ومنظر انثى غيرها يجالس نادر في نفس كابينة القيادة يخطف انفاسها .. بلا اهتمام اعادت رفع شعرها وبدلت ثيابها سريعا دون ان تنتبه الى زينة وجهها .. خرجت بعنف من باب الحمام ولكنها اصدمت برعونة في نادر الذي كان يقف قريبا من باب الحمام وقد اعتلى القلق ملامحه .. بقوة حنونة امسك ذراعيها وهو يسندها على جذعه هاتفا ( انتبهي .. انتبهي .. هل انت بخير الان )
رفعت راسها وقد اختلط غضبها من نفسها ومما حدث ليزيد من حدة صوتها ( بخير .. كف عن سؤالي فانا .. )
لم تكمل كلامها مع مقاطعته لها وقد برقت عيناه بشكل غامض ( مالذي تضعينه على وجهك )
بذهول حانق رفعت يدها لتكتشف نسيانها للزينة مما زاد حنقها على نفسها ففركت فمها بطفولة مجيبة بتحدي ( لا شيء )
عقد نادر حاجبيه بعدم فهم لما يغضبها وبلا سيطرة ضحك على مظهر لون شفاهها الذي لطخ وجهها .. ولكنه تفاجأ بانتفاضتها وهي تدفعه عنها بحنق رقيق لتمر من جانبه دون ان تعقب على شيء .. تمتم باستغراب ضاحك ( نسمة .. مابك .. هل اغضبك شيء .. هل يعقل انك غاضبة لاني قلق عليكي )
راها تندفع الى المطبخ ثم تعود نحوه مرة اخرى هاتفة ( الا يمكن ان يكون السبب هو حيرتي معك .. منذ تزوجنا وانت تهملني والان .. فجأة .. اجدك قلق علي ومهتم بي وايضا .. ضممتني )
رفع حاجبيه ببرود مدروس ( حقا .. اتعترضين لاني ضممتك .. يبدو انك نسيت باني زوجك وان ما فعلته هو احد حقوقي التي تنازلت عنها بمزاجي )
رفعت حاجبيها بدورها ( انت قلتها .. لقد تنازلت .. ترى مالذي جد لتعود لمطالبتي بهذا )
تحولت نظرة نادر للتحذير المخيف وهو يتمتم بنبرة ثلجية متوعدة ( انا .. انا طالبتك بحقوقي .. اتعتبرين ضمي لك امرا يمسك ويغضبك هكذا .. اذن .. اسمعيني يا نسمة جيدا .. لا يحق لك ابدا ان تطالبي بشيء طالما انك تتهميني بهذا الاتهام .. افهمت .. لا تعظمي الامور واياك والتطاول علي )
وبسرعة تحرك باتجاه المطبخ دون ان يلتفت نحوها وقد شحب وجهها مع ادراكها لخطأ كلامها .. لم تعلم ما اصابها ولما تعاملت بهذا الغباء معه .. بخطوات مترنحة اتجهت الى الصالة وفتحت التلفاز لتغطي على صوت حركته في المطبخ والذي يصلها منبئا بغضبه المتعاظم ثم جرت قدميها لتجلس وعيناها تستقران على الشاشة .. لوهلة لم تفهم الخبر ولكن .. جرس انذار خلخل شرودها وعيناها تعودان لقراءة الخبر وقد وقفت على قديمها بذهول .. ما ان استوعب عقلها حتى شهقت بعنف ويدها ترتفع الى فمها لتغطيه وقد حجبت سحب دموعها الرؤية امامها .. سواد احاط بها تركها مترنحة تكاد ان تسقط من هول صدمتها قبل سماعها لصرخة نادر وشعورها بذراعيه اللتان احاطتاها وبيده التي ضمت راسها على صدره .. رائحته
وصوت نبضات قلبه ايقظاها من ذهولها المتشنج .. بجنون اخذ جسدها يرتعش بصدمة متأخرة وقبضة يدها تضرب على صدر نادر وهي تهتف ( لقد .. ماتو .. لقد ... يالهي .. كان يجب .. ان اموت .. انا .. يجب ان امووت معهم )
بقوة اكبر زاد نادر من ضمها الى صدره وهو يتمتم بعنف مرتجف ( لا تقولي هذا .. نسمة هذا قضاء الله ... لا تكفري )
اخذت تقاومه بلا وعي وضرباتها تزداد عنف عليه ( انا .. لقد ماتو .. كان هذا مكاني .. ياللهي .. لقد قتلت الرجل .. لديه عائلة .. انا وحيدة .. لا احد يحتاجني و ..)
هزها نادر ما بين اللطف والحزم وروحه تجن على كلاماتها وقد المه ما قالته .. بتهدج هتف وقد ضم وجهها بين كفيه ( بل هناك من يحتاجك .. لا اعتراض على حكم الله .. هذا قدرك واجلهم .. كيف تقولين هذا ..كيف .. )
قاطعته بانهيار وقد ضربت بيدها على صدرها ( انا كنت مساعد الكابتن علاء .. ياللهي ماذنب ذلك الذي ذهب ما ذنب من يحبه .. ماذنب عائلته .. )
صرخ فيها نادر ( كفى .. كفى .. لا تقولي هذا .. هل تودين الموت الى هذه الدرجة .. كلهم لديهم عائلة وقد ابتلاهم الله بمصابهم .. اهكذا تستقبلين الابتلاء )
بكل الم الدنيا اخفت وجهها بكفيها وانخرطت بنشيج صامت قطع كل انفاسها .. وبالم اكبر نظر اليها نادر وشعور بالعجز يكبله بجنون .. تلاحقت انفاسه وهو يهمس ( كيف .. كيف تعتقدين انه لا يوجد من يريدك .. كيف تتمنين الموت و ... ياللهي يانسمة )
عاد لضمها وفكرة فقدها تطفو على سطح مشاعره فتؤججها .. لم يعلم كم بقيا على هذه الحالة وعاصفة بكائها تتراوح بين السكون والانفجار .. جذبها بهدوء واجلسها على الاريكة وقد عاد لضمها كي يحتوي حزنها المنهار .. كانت يده تتغلغل بشعرها وتدلك فروة راسها ولسانه يردد بمواساة لها ( انا لله وانا اليه راجعون .. انا لله وانا اليه راجعون ).

نفس المكان .. نفس الخواء .. نفس الخوف الذي يستوطن صدرها ونفس البرد الذي يجمد اطرافها .. اخذت تركض في متاهة تزداد عمقا وظلما كلما تعمقت بها .. وهناك رأته .. ظل نادر الذي اخذ يسبقها .. حاولت ان تصرخ وتناديه ولكنه لم يكن ينظر اليها كما ان صوتها خرج مبحوحا خافتا .. وبلحظة لمع المكان بانعكاسة جذبت نظرها لترى السلاح الموجه الى نادر من وسط الظلام ..بلا وعي اخذت تركض نحوه وتصرخ لتنبهه .. برجاء علا صوتها وهي تنادي على نادر لتنبهه .. خوف وجنون اكتسحها وقيود اخذت ترجعها الى الخلف والخواء يبتلعها بظلمته بعيدا عن نادر دون ان يخرج صوتها .. اختناق شديد اصابها وصرخة كتمت بعنف في صدرها وابت الا الخروج وهي تنادي ( ناااادر )
وهبت جالسة بجنون مرعوب من النوم .. في تلك اللحظة شعرت بيدين تتلقفانها وبنادر يضمها الى صدره وهو يتمتم في اذنها ( انا هنا .. لا تقلقي .. انه كابوس .. كابوس وانقضى .. اهدئي نسمتي .. انت لن تموتي )
لفظة التدليل التي نطقها وذلك الدفئ الذي احاطها اشعرها بكم الحرمان والرعب والخواء الذي تحبس نفسها به ...كانت تتمسك بلا وعي باكتافه العارية وقد سكبت الم روحها في حروفها ( كلااا .. كلااا ليس كابوس ... ليس كابوس ..اؤلئك الذين ماتو وتركوني كان لديهم من يفتقدهم ويبكي عليهم .. اما انا .. انا .. انا حقا اود ان اموت.. اتعلم لم .. لأني اتالم .. انا .. اغرق .. لقد .. ابتلعني .. ذلك الظلام .. تلك الاحاسيس .. انت كنت ستموت وتتركني .. لقد .. لقد .. شعرت كاني جثة بلا روح .. جثة امراة تعلم انها خسرت كل شيء دون ارادتها .. اتعلم كم هو صعب هذا الاحساس .. احساس انني اخسر .. اضيع واتوه .. والفراغ يبتلعني .. احساس قاتل بفقد الشعور من شدة الخواء بفقد حتى حق الصراخ .. ان تستيقظ وقد خسرت كل شيء لدرجة ان تتمنى لو خسرت حياتك ) تلاحقت انفاسها ونبرتها المتوسلة تعلو ( نادر .. اريد ان اشعر بنفسي .. اريد ان اشعر باني اعيش ولكني .. لا اشعر .. يوجد هنا فجوة سوداء تبتلعني .. تجعلني اريد الموت .. انها هنا ..تلك الفجوة) واشارت الى صدرها في موضع قلبها وهي تكمل ( كم تخيفني .. وكانها لا تمدني سوى بالسموم .. اشعر بتجمد جسدي .. تلك المشاعر التي من حق كل انثى.. قيمتها وكبرياؤها .. ان يكون من حقها ان تحب شخصا .. ان تشعر بان هناك من يفتقدها .. بان هناك من يريدها لنفسها .. اتفهمني .. شعور اي فتاة بانها محبوبة ..شعورها .. بالارتجاف .. الخوف .. الترقب .. شعورها بلمسات رجل تحبه عليها لتكتمل عواطفها .. وتستسلم له .. او حتى شعورها بالرفض لرجل تكرهه فتقاومه .. احساسها بالالم .. بانوثتها .. بكنزها .. بكينونتها المكتشفة على يد شخص اخر تعشقه .. كل هذا فقدته .. خسرته فتبدلت روحي واحيطت بغشاء .. يقيدني .. يكبلني .. يقتلني بثلجيته .. لذا .. انا .. اود ان ارتاح .. اود لو اموت واريحك ايضا مني و )
قاطع كلامها بشهقة فورية وبلهفة مجنونة وهو يهزها محاولا فهم التخبط الذي تعاني منه ( لا تقووولي هذا ... هل جننتي .. من قال لك اني اود التخلص منك .. من هو الذي سلبك حقك وتركك بهذا الخواء .. تكلمي .. تكلمي وكفي عن
تمنيكي الموت هكذا )
بانهيار اجابته وقد اختلطت كل احزانها في تلك اللحظة فما عادت تعلم ما تقوله .. وكأن فقدان اصدقائها لحياتهم فتح عليها باب ذكرياتها الاسود واعادها الى ذلك اليوم الذي فقدت فيه نفسها .. بشهقات متتالية ويديها تتغلغلان شعر نادر ( لقد سلبتك حقك بالافتخار بعروسك .. كما سلبت ذلك الرجل حق الحياة عندما اخذت مكانه .. انا حقيرة .. ولكني .. ايضا سلبت حقي .. انا استيقظت يوما لاجد نفسي هكذا .. لاجد نفسي كخرقة لا تملك حتى حق الادعاء والبكاء .. منذ ذلك اليوم .. عندما فقدت اغلى ما املك .. فقدت حتى قيمتي واحساسي ) .. عقد نادر حاجبيه وقد بدأ يستوعب انهيارها .. نظراتها التائهة وصراخها .. تمتمت بخفوت (انت لم تسلبيني شيئا .. كما انك لم تفقدي شيئا .. اجل انت لم تفقدي احساسك ) نظرت اليه بضياع مستجدي وهي تقترب بجنون متهور منه ( هل انت صادق ..هل سيكون من حقي ان احب يوما .. ان اعيش انوثتي .. هل ساشعر يوما بتلك النبضات الهادرة ... بالحمم السائلة تسري بداخلي .. بدمي .. بدلا عن ذلك الثلج والفراغ المتعشش بروحي .. هل فقدت هذه المشاعر الى الابد .. هل فقدت هذا الحق .. هل .. )
كانت تبكي وتشكي وتحكي وتهذي وترجو ..انفجار تولد من روح هائمة لم تجد سبيلها بعد .. روح تاكلها نكران ما حدث لها .. ارتفعت يداه بلا ارادة منه وقلبه ينبض اضعافا .. احاط وجهها بكفيه واصابعه تلمس وجهها بحنان دافق ..غيرة مجنونة اكتسحته وهو يتخيلها تنال هذه الحقوق من رجل غيره .. ندائها المتألم وحاجتها التي عبرت عنها بجنون اثارا رجولته النابضة .. اراد ان يمدها من دفئه ليكسر ثلجها ويضيء خواءها ..ببطء اخذت اصابعه تستكشف قسمات وجه عشق قوته ليذوب غراما بضعفه الان.. لوهلة انكمشت وقد تلاحقت انفاسها المقاومة محاولة الانسحاب .. حرك راسه بالرفض متمتما برجاء هامس ( لا تقاوميني .. ثقي .. بي ) وعادت اصابعه تتلمس وجهها بحميمية اكبر وقد تدفقت الدماء هادرة بعروقه وهو يرى استسلامها الانثوي المتدرج .. سمع تاوهها الخافت وعيناها تنغلقان وقد انفرجت شفاهها باستجابة نهمة له .. لم يتمكن من منع نفسه اكثر وحاجته للمسها تتضاعف وقد ازداد احساسه بانتمائها له فانحنى ملتقطا دموعها من عينيها واه طويلة تخترق شفاهه .. بعشق تنقل متتبعا خط عبراتها على وجنتيها بشفاهه الحارة التي احرقت مواضع لثمها .. حتى وصل الى ثغرها .. نفسها المرتجف الذي اطلقته حرك كل كوامن روحه التي ظنت انها ستفقدها.. بانوثتها الخاوية المعطوبة استنهضت رغبته الدافقة بها .. ظن انها ستقاومه مرة اخرى لوهلة وقد مس بانفاسه فمها فارتجفت ..ولكنه تفاجأ بيديها تزيد من تشبثها باكتافه برجاء صامت واستسلام كامل وخجل انتشر بلونه الاحمر القاني ليزين وجهها الذائب بين لمسات يديه .. تأوه مرة اخرى بنفاذ صبر وقد اراد ان يبتعد قبل ان يغرق الا ان حصونه دكت فالتحم ثغره بشفاهها بقبلة عطشى طال انتظاره لها دون ان يشعر بهذا .. قبلها لينهل من ثلجية شفتيها بحريقه الذي تفجر بجنون صهر كليهما .. بشغف مستسلم ذاق كلاهما شهد الاخر في اول مرة ينصهران سويا ويقتربان بهذه الطريقة التي حرمت عليهما في السابق .. لذة بحتة اصابته وجوع للمزيد افقده عقله فلم يعلم كيف انحنى بها باتجاه السرير ويداه تتسللان على باقي جسدها الغض والمرتجف بتملك عاشق .. لمحة واحدة اوقفت اندفاعه فجأة ومخيلته ترسم شكل نسمة بثوب زفافها وراسها المنكسر وهي تخبره بانه ليس الاول ... بسرعة مهولة ابتعد عنها خاصة عندما سمع همستها الراجية ( كلا ) ليفهم انه في خضم احاسيسه فسر استجابتها بشكل خاطئ .. رأها تنتفض بدورها وتضم نفسها بقوة وقد اخفت وجهها سريعا عنه واه طويلة تخرج منها .. اه تبعها صوتها المتكسر ( اعتذر .. انا .. اعتذر .. لقد .. اجبرتك .. انت .. ياللهي )
كلامها ايقظه من ذهوله فاتجه نحوها ولكن ما ان مس كتفها حتى انكمشت اكثر وقد تضاعف انفجارها ( اتركني .. لا تقترب .. انا .. استحق ان تحرقني )
بتصميم رفعها قاضيا على مقاومتها حتى اصبح وجهها امام وجهه وهتاف غاضب يشق اركان نحيبها ( اهدئي .. كفى .. هيا .. يجب ان نتحدث .. كفاك انهيارا .. هيا )
تعمد الصرامة ليخرجها من حالاتها الغريبة التي ذكرته بانهيارها عند البحيرة .. رأى عيناها تغيبان لوهلة بمشاعر متنازعة وتمرد غاضب ولكن .. طأطأت راسها في النهاية هامسة ( ح.. حسنا )
كان هذا فقط ما قالته وقد ظهر الاستنزاف عليها .. تنهد نادر ويداه تساعدانها بتلقائية لتقف وهو يوجهها الى الحمام وكله امل ان تعود لطبيعتها وان يختلي هو بنفسه ليتحكم بذاته ورغبته التي احرقته بجنون مخالفة وعده لنفسه بالا يمسها كي لا يحدث تعقيد هو في غنى عنه.
لم تصدق نفسها وما حدث لها .. لم تستوعب كيف انتهى الامر بها هكذا وهي ترجوه ان يبثها حبه .. بخزي نظرت الى نفسها دون ان تجد اي مبرر لتصرفها .. هل يعقل انها نفسها التي كانت ترفض الحب والاحاسيس والمشاعر سابقا .. لقد استسلمت له بالكامل منذ سمعت خبر اصدقائها ..
حتى انها بكل انانية لم تفكر بهم بل فكرت بنفسها وبحياتها .. كيف نامت وهي في احضانه وكيف حلمت بذلك الكابوس وكيف لم تقاومه بل تشبثت به .. اسئلة ارتج لها كيانها .. بالتأكيد هو يحتقرها الان .. بل لا تستبعد ان يظن انها اغوت زميلها وتلاعبت به لذا فعل هذا معها وافقدها عذريتها .. صوت ضربة على باب الحمام انتشلها فقررت ان تكف عن الاختباء لتواجه ذنبها وذنب ضعفها .. ببطء غسلت وجهها ويدها تمر على شفاهها وبلا ارادة تتذكر ما كان بينهما .. نفضت راسها وخرجت بسرعة قبل عودتها للاستسلام .. وهناك رأته يجلس على احدى الارائك ينتظرها فتنهدت ببطء جعله يرفع راسه ويراها .. هربت بعينيها بسرعة وصوتها يهمس بتخاذل ( انا .. انا .. اعلم جيدا ما تظنه بى .. اعلم انك تشفق علي الان .. الفتاة التي تدعي القوة والرجولة كم هي ضعيفة .. بل كم هي .. بلا كرامة )
اضافت جملتها بتهدج الم روحها بقوة .. سمعته يسالها وهو يقف ببطء ( نسمة هل تخجلين من انوثتك .. هل تخجلين مني ومما حدث .. كيف تربطين كرامتك بحقك)
انتفضت بقوة مجيبة وعينيها تتحدى عيناه بقوة نبعت من كلماته ( لا افعل لان هذا ليس حقي .. طوال عمري وانا افتخر بانوثتي ومع ذلك افتخر ايضا بكياني المستقل .. منذ كنت صغيرة اخذت على عاتقي تحمل مسؤولية ابي .. حتى بعد ان تركنا اخي .. كنت كرجل المنزل .. ورفضت مساعدة اي شخص .. عملت حتى جمعت ما يكفيني لدراستي .. و.. سافرت .. كان يجب ان ادرس حتى وانا لم اجد شخصا يقف معي .. عندما حدث ما حدث وقفت على قدمي مرة اخرى .. رفضت ضعفي وانهزامي .. والان .. الان انهار امامك واترجاك وتقول حقي .. كلا .. انت قلتها يا نادر .. عندما خدعتك فقدت حقوقي .. وانا قبلت ذنبي .. )
رمشت اعين نادر للحظة وقد انقبضت كفاه بقوة ليتمكن من السيطرة على عصبيته من استفزازها .. حاول فهم ما تقوله تحديدا دون ان يتهور ( انت تعلمين ان ما حدث لك كان بسبب تركك دون رجل و )
قاطعته ( وهل كل انثى وحيدة يجب ان تنتظر وجود رجل كي يحميها .. ما حدث لي قد حدث .. ما حدث لي كان كصفعة لمراة وثقت كثيرا فخانها القدر .. اجل لم اجد من ابكي على كتفه ولا اعتقد انك ستكون هذا الشخص واصلا لا اطالبك بهذا .. ليس كل انثى محظوظة كاختك لتجد من يذود عنها .. ومع ذلك .. ومهما ضعفت .. ومهما اشفقت علي .. انا ساظل قوية على قدر استطاعتي )
جروحها التي استشعرها من كلماته .. وكدتها والمها وخيبة املها .. قوتها التي تتظاهر بها .. كل هذا اصابه بخناجر مسمومة .. بلا وعي تمتم ( اعتذر .. اعتذر لاني لم اكن هناك عندما احتجتيني )
كلمته العفوية صدمتها وهدمت كل قوتها بثانية لتترك قلبها عرضت لهجوم عشقه .. الالم الذي راته في عينيه اسال دموعها الغبية وقد انتفض كيانها بالحاجة اليه .. حاجة جعلتها تصرخ بالم ( ليس ذنبك .. كف فقط عن كونك سندي لانك ستتركني في النهاية .. ارررجوك )
بوجع انهارت جالسة تخفي وجهها كي تتهرب من اعصار احاسيسها .. صوت تحطم ارعبها ففتحت عيناها لتجد نادر وقد ادميت يده من زجاج الكأس الذي كسره على ما يبدو .. بلهفة ركضت نحوه هاتفة ( ياللهي .. هل انت بخير )
ابعد يده عنها منتفضا ( لا تهتمي .. فيبدو انني ساعتاد الجرح منك )
شحب وجهها وهي تتساءل بخفوت ( الجرح .. انا ؟ )
عقد حاجبيه لاهثا ( مالذي تحاولين فعله يا نسمة .. هل تعلمين اي سكين قتلتني به وانت تخبريني باني سأتخلى عنك .. هل تحمليني ذنب كونك وحيدة او كون اهلك تركوكي .. نسسسمة .. حلمك من اخذك على تلك البلاد .. وهو نفسه من منعك ان تطلبي معونة اخوكي .. اجل انتي المخطئة بوحدتك .. لو ترك الامر لاختي لما قبلت ان تتغرب عن اهلها مهما بدى الحلم جميلا )
تقهقرت نسمة وقد ازداد شحوبها وانقطعت انفاسها .. حركت راسها بالرفض في نفس اللحظة التي حاول فيها نادر الاقتراب منها .. بقوة غريبة خلقها المها ( معك حق .. انا .. مخطئة .. انا )
ولم تكمل كلامها بسبب ارتفاع صوت الهاتف الخاص بنادر .. اراد ان يتجاهله ولكن شكل نسمة صدمه وذلك الجمود يكسوها .. اراد ان يأخذ لحظة يسترجع بها ما حدث فرفع الهاتف ليرد .. صوت والده صدح بقلق ( بني .. هل انتم بخير .. الطائرة التي سقطت كانت تتبع شركتكم .. اليس كذلك )
سحب نادر انفاسه ببطء ويده تفرك جبهته مجيبا بنبرة حاول جعلها هادئة ( نحن بخير يا ابي .. اجل الطائرة تابعة لشركتنا )
علا صوت والده حتى تأكد نادر بانه شبه مسموع من نسمة التي كانت لا تزال منكمشة وقد ظهرت لامبالاتها الخارجية ( الى متى ستفعل بي هذا .. لم يبقى شيء لم تتعرض له يا نادر .. والان زوجتك ايضا .. هل تود ان تسبب لي جلطة مبكرة )
عاد نادر للتنهد محاولا التبسط لولاده ليمتص غضبه ( الف بعيد الشر عنك يا والدي .. انا بالطبع لن اتخيل ان اكون يوما سببا بغضبك او مرضك .. ولكن .. كل المهن قد يتعرض الانسان فيها للخطر )
عاد صوت والده مجلجلا ( الخطف .. الموت حرقا .. عدم الالتزام بالمواعيد ..شائعات تخرج عليك .. مالذي بقي يا نادر ولم يحدث ...ها ...اخبرنى..مالذي بقي ولم يحدث .. ثم .. كنا بك فقط واذا بنا نبتلى بزوجتك ايضا .. اين وعدك يا نادر )
تنحنح نادر وعيناه تلتقطان ارتجافة نسمة التي حاولت السيطرة عليها ( ابي .. نحن مازلنا في البدء و .. )
عاد صوت الاب بصرخة مقاطعا ( ناااادر .. لا حجج .. زوجة ابني لا يجب ان تعمل في هكذا وظيفة .. هل هذا واضح .. والان اقفل على الامر وتصرف على هذا الاساس والا .. اقسم ان اغضب عليك واصر عليك لتطلقها )
ضغط نادر على عينيه باصبعيه ليظل متماسك وقد هرب بعينه عن مظهرها وهو يجيب ( كما تريد يا ابي )
عاد صوت ابوه لينخفض وهو يتابع ( غدا .. ننتظرك انت وزوجتك .. فالجماعة الذين طلبو اختك سلمى سيزورونا لنقرأ الفاتحة ونعقد الخطبةونتفق على باقي الامور .. واحسب في حسابك ان تبقيا معنا لثلاث ايام لاننا سنحتفل بهذه المناسبة .. )
حرك نادر راسه بالموافقة ( كما تريد يا ابي .. جعلها الله زواج الدهر واول الخير )
ثم انهى المكالمة بتوديع والده قبل ان يلتفت اليها قائلا ( سأخذ اجازة لنا لثلاثة ايام .. من اجل خطوبة اختي .. حيث سنبيت في منزل عائلتي )
والتفت ينوي التهرب حتى تهدأ اعصاب الجميع الا انه سمع همسة نسمة المتسائلة ( بماذا وعدت والدك يا نادر )
مسح نادر وجهه بباطن كفه محوقلا قبل التفاته نحوها مجيبا بحزم ( وعدته ان اردت ان اجعلك زوجتي حقيقة ان لا تعملي بهذه المهنة .. واعتقد انه سيتكلم معك بهذا الخصوص )
تفاقم توتر نسمة حتى ارتجت يدها ( لم .. ما دخله بي .. وكيف تعد بهكذا وعد .. ام لاننا سننفصل قلت هذا )
رفع نادر حاجبيه متحدثا ببطء ( كيف ما دخله بك .. انت زوجة ابنه ومن حقه عليك الطاعة .. ثم .. انا اؤيده .. بعدما حدث البارحة .. والخوف الذي عشته .. بالتاكيد ساطلب منك ان تبتعدي عن الطيران )
ابتسمت بسخرية ( على اساس ان مهنتك مختلفة .. انت قلتها .. هذا الخطر نتعرض له في جميع المهن و .. )
قاطعها نادر ( يبدو انك لم تستوعبي الصورة كاملة بعد .. نسسسمة .. الم تري ما خسرتيه من اجل هذه المهنة .. هل حقا لازلت ترينها كحلمك .. البارحة كنت تبكين حقوقك المهدورة بسبب خطأ نجم عن ذهابك للدراسة وحدك .. هل نسيت اختطافنا .. هل نسيت كل الاخطار المحدقة بك .. لما .. لما تغامرين هكذا .. انا لا اعترض على عملك ولكن فلتعملي في مكان اكثر امانا )
صرخت نسمة وقد عاد هاجسها القديم للظهور ( ليس من حقك .. او من حق والدك .. الوقوف امام حلمي .. انت بنفسك تعلم عما تخليت عنه بسببه .. ليس وقد اصبحت قاب قوسين او ادني منه .. لقد كنت واثقة عندما عرضت علي الزواج انك لن تدعني اكمل ما احلم به ..اتعلم .. ربما من الافضل لك ان تتبع كلام والدك وتطلقني .. ودعنا ننهي هذه المهزلة .. فنحن .. لسنا زوجين .. وانت .. وكل عائلتك .. لا حق لكم علي .. ولا امر يمكنكم ان تفرضوه )
هدوء جليدي ساد المكان بعد الذي قالته .. كانت تعلم انها تجاوزت حدودها ولكن عظم الكبت الذي وقعت تحت طائلته جعلها تثور بجنون .. ببرود قاتل سأل نادر ( مالذي قلته عن زواجنا .. مهزلة .. اهكذا ترين الامر .. حتى .. بعدما حدث )
عيناه تحدتاها وهو يتعمد تذكيرها بما حدث بينهما قبل اضافته ببطء متعمد ( لقد اخبرتك سابقا .. عائلتي خط احمر .. وانت سترضخين لامري يا نسمة طالما ان اسمك يلتصق باسمي ..)
واقترب منها بخطوات ثابتة جعلتها تتقهقر قليلا الا انه توقف امامها واصبعه يرتفع ليضغط على جانب راسها ( ضعي في راسك السميك اني زوجك .. وكلمتي ستكون كالسيف على رقبتك .. اما عن الحقوق .. فالشرع والقانون يقف في صفي طالما انك زوجتي .. يعني ان قلت لك ان لا تعملي فعندها لن تعملي ولو انشقت الارض او السماء .. لذا .. احترمي نفسك يا نسمة فانا احاول مراعاة الله بك لذا لازلت اسمح لك بالذهاب للعمل كي لا اجبرك على شيء رغم عدم اقتناعي)
صخبت نبضات قلبها مع اقترابه وارتعش جسدها بين خوفها وغضبها وشوقها الغامض الذي اصابها نحوه .. تناثرت حروفها مع انفاسها المتلاحقة ( اجل .. معك حق .. ان تظلمني تحت مسمى الزواج فهذا ليس جديد على مجتمعاتنا .. ولكن .. ان كنت لهذه الدرجة تكره ان تعمل امراة بهذه المهنة .. لما وافقت ان تدرب مساعد طيار انثى اخرى )
عقد حاجبيه مجيبا ببرود خطير ( نسمة .. انتبهي في اثناء حديثك معي بهكذا نبرة .. ثم انا غير مطالب بان افسر افعالي لك ولكن مع ذلك ساجيبك .. انها انت من غيرتي افكاري .. اجل انتي )
كان جوابه صادم لها فصمتت غير قادرة على الكلام لوهلة .. وهلة سمحت له ان يتقدم نحوها ببطء مضيفا بحزم اقوى ( انها كرامتك التي احافظ عليها .. فكيف ارفض انثى كابتن وزوجتي انثى كابتن .. كيف اسمح لاي شخص بان يتجرا ويتطاول عليك ولو بنصف كلمة استهزاء .. لاجلك يا نسمة .. وبسببك فقط .. تنازلت عن الكثير عن معتقداتي .. وليس هذا فحسب بل اهتممت بالا تمس هيبتك مقابل هيبتي لانه في نظري هيبتك من هيبتي والعكس .. لذا كان يجب ان اوافق على تدريبها حتى وان كنت لست مقتنعا ... وحتى وانا لا ارى سواكي مساعد لي ولازلت اذكرك في كل ركن من الكابينة )
كلامه كان كدلو ماء مثلج اطفأها وتركها ترتعش بجنون .. عيناه اللتان اشتعلتا والتحمتا مع عينيها وكلاهما يعود لتلك اللحظة .. اللحظة التي ضعفا فيها وعبرا عن احتياجهما فانتهى الامر بقبلة .. قبلة كانت الاولى .. لكليهما
انتشلهما من تخبط ذكرياتهما صوت الهاتف مرة اخرى ولكنه كان هاتف نسمة التي سارعت بالهرب من امام نادر كي لا تضعف وتتنازل كالمجنونة عما حاربت بسببه الكون كله .. كانت اسيل التي اتصلت بها كي تطمئن عليها بعدما سمعت خبر سقوط الطائرة .

تنهدت اسيل بحيرة متألمة وروحها تتخبط بعنف في صدرها .. لم تعلم ما عليها فعله وقد كانت تأمل لو ساررت نسمة بما حدث معها كي تطلب منها النصيحة ولكن صوت نسمة كان متوترا جدا مما اشعرها بوجود مشكلة .. اسندت ظهرها الى كرسي مكتبها وذاكرتها تعود لما حدث معها وقد عاد السؤال ليلح عليها مرة اخرى .. هل كانت حقا مخطئة ليثور عليها ادهم بهذه الطريقة .. عندما انهت البارحة عملها مبكرا وخرجت الى المنزل كي تعد الطعام انشغلت مع الاطفال واخذت تلهو معهم وتلاعبهم .. لم يكن الامر متعمدا منها ولكنها لازالت تحاول ان تتأقلم مع شعور الامومة الذي اصبحت تشعر به حاليا بوجود اية وايهم في حياتها ونقل مسؤوليتهم على عاتقها .. لذا لازالت تحاول كسر حواجز خوفهم او عدم اعتيادهم عليها بأن تتقرب منهم عن طريق اللعب او جلب الهديا .. بطبيعتهما كانا طفلين مرحين ولكنهما متقوقعين لذا احتاجت للكثير من المجهود لتكسر قوقعتهما وقوقعتها هي الاخرى .. فأن تربي اولاد اية بنفسها كان امرا رائع ولكنه مثيرا لغيرتها الجنونية على ادهم مهما حاولت تجنب الامر .. ثم ان امه لأدهم لم تساعدها كثيرا وتعاملت معها بترفع بعدما اضطر ادهم ان يخبرها عن حالة اسيل .. تخبط كبير زلزل حياتها ومع ذلك حاولت الحفاظ على توازنها على قدر استطاعتها كي لا تقصر بحق احد .. لم تكن تعلم ان ادهم متعنت هو الاخر بحقوقه الا بعدما تعرضت له في اليوم السابق عندما عاد الى المنزل ووجدها تلهو مع الصغار دون ان تحضر الغذاء وهنا ثارت ثائرته .. كلماته التي لازالت تتذكرها بالحرف ( ماهذا يا اسيل .. اتسمين نفسك ام مسؤولة وانتي حتى توفير الطعام لم تقومي به .. مالذي تنتظرينه اذن .. ما اعرفه ان الزوج عندما يعود لمنزله فهو ينتظر ان يكون المنزل مهيء لاستقباله لا ان يجده كالنفاية وصغاره قد عاثو فسادا به وبملابسهم وبك انتي ايضا .. اهذه هي الامانة والمسؤولية التي حملتك اياها .. اهكذا ستربين ابناءك .. ان بقي الحال هكذا فانا لن اعود مطمئنا عليهم وانتي تدلعينهم هكذا وتنفذين طلباتهم .. يجب ان تكوني حازمة وحنونة ومنظمة .. يجب ان تكوني امهم حقيقة وليس مظهرا فقط .. ان تشعري بهذه الامومة تنبع من داخلك .. اليس هذا الشعور الذي كنت تبكين لانك لا تمتلكينه .. ها انت الان لديك اطفال .. اين امومتك السليمة )
حدة كلماته التي تعمد قولها كمن يحملها مسؤولية حدوث اي خلل في النظام الذي اعتاد عليه اطفاله طوال حياتهم .. نظام خنقها بصرامته ولكنها لم تستطع الاعتراض بشكل واضح لان والدته هي من عودت الصغار عليه منذ مولدهم .. وقفت بغضب حائر واخذت تذرع مكتبها جيئة وذهابا وهي تتمتم بحنق ( يعني .. حتى ان حطمت منظومة حياتهم قليلا هل يستلزم كل هذا الغضب منك يا أدهم باشا .. اووف )
وعادت للحركة بشكل اسرع وتمتمتها ترتفع ( البارحة لم تكلمني .. ورفضت تناول طعام الغذاء الذي اعددته .. اليوم خرجت الى العمل دون ان تنتظرني .. مالذي حدث يعني ليغضب كل هذا الغضب .. اووف منك يا ادهم .. دوما ما جنونك يوقعني بالحيرة والقهر .. والان ماذا .. )
وصمتت قليلا وعيناها ترتفعان بمناجاة متوسلة ( هل حقا ينتظر مني ان اعتذر له وانا لازلت غير مقتنعة اني اخطأت .. انهم اطفال .. ليس هكذا يربى الاطفال بهذه الصرامة .. اووف اوووف )
اخفضت راسها مسندة جبهتها على كفها ( ولكني .. اشتقت لك .. اين تلك الايام التي كنت تركض خلفي .. )
وبحزم فجائي رفعت راسها منتفضة ( حسنا ساخترع اي حجة لاكلمك والاكشك .. وسنرى كم ستصبر علي .. اجل اسيل .. احسنتي )
كان عزمها يزداد كلما اقتربت من مكتبه وشوقها يزداد عمقا له .. كبرياؤها وعنادها اللذان وقفا امام اعتذارها منه عادا ليهاجمها بقوة الان وهي تقف امام باب مكتبه المفتوح بشكل جزئي عندما رأت نادين بكامل هيأتها الجميلة وهي تقف امام ادهم وقد اخذت تصافحه وضحكتها تجلجل في ارجاء المكان مع لهجتها الممطوطة بدلال ( واخيييرا اصبحنا سويا في برنامج )
تلك الكلمات اخترقت قلب اسيل بقوة كسهم اصابها بوجع قاتل .. وقبل ان تتدارك نفسها وتستوعب ما سمعته انتبهت نادين عليها فاشارت لها ( اووه .. يبدو ان اسيل قد سمعت الخبر وجاءت لتبارك لنا .. يعني .. انها قفزة ضخمة في النهاية .. وانا واثقة اننا سنكتسح كل البرامج الاخبارية الاخرى )
تقدمت اسيل ببطء وقد حاولت اخفاء كل احاسيسها بقناع ثلجي غامض متمتمة بخفوت مرتجف وعيناها تبحثان عن اي تفسير في عيني ادهم الغامضتان بغضب ( بالطبع .. مبرووك .. انا سعيدة لكما )
رفعت نادين اكتافها بغنج وهي تغمز بوقاحة لها ( هيا يا اسيل .. لا تظهري خوفك هكذا فقد اظن انك تغارين مني )
قصف صوت أدهم في تلك اللحظة بنبرة حازمة جدية ( نادين .. الثقة بيننا انا وزوجتي في كل ركن من الكابينة )
كلامه كان كدلو ماء مثلج اطفأها وتركها ترتعش بجنون .. عيناه اللتان اشتعلتا والتحمتا مع عينيها وكلاهما يعود لتلك اللحظة .. اللحظة التي ضعفا فيها وعبرا عن احتياجهما فانتهى الامر بقبلة .. قبلة كانت الاولى .. لكليهما
انتشلهما من تخبط ذكرياتهما صوت الهاتف مرة اخرى ولكنه كان هاتف نسمة التي سارعت بالهرب من امام نادر كي لا تضعف وتتنازل كالمجنونة عما حاربت بسببه الكون كله .. كانت اسيل التي اتصلت بها كي تطمئن عليها بعدما سمعت خبر سقوط الطائرة .

تنهدت اسيل بحيرة متألمة وروحها تتخبط بعنف في صدرها .. لم تعلم ما عليها فعله وقد كانت تأمل لو ساررت نسمة بما حدث معها كي تطلب منها النصيحة ولكن صوت نسمة كان متوترا جدا مما اشعرها بوجود مشكلة .. اسندت ظهرها الى كرسي مكتبها وذاكرتها تعود لما حدث معها وقد عاد السؤال ليلح عليها مرة اخرى .. هل كانت حقا مخطئة ليثور عليها ادهم بهذه الطريقة .. عندما انهت البارحة عملها مبكرا وخرجت الى المنزل كي تعد الطعام انشغلت مع الاطفال واخذت تلهو معهم وتلاعبهم .. لم يكن الامر متعمدا منها ولكنها لازالت تحاول ان تتأقلم مع شعور الامومة الذي اصبحت تشعر به حاليا بوجود اية وايهم في حياتها ونقل مسؤوليتهم على عاتقها .. لذا لازالت تحاول كسر حواجز خوفهم او عدم اعتيادهم عليها بأن تتقرب منهم عن طريق اللعب او جلب الهديا .. بطبيعتهما كانا طفلين مرحين ولكنهما متقوقعين لذا احتاجت للكثير من المجهود لتكسر قوقعتهما وقوقعتها هي الاخرى .. فأن تربي اولاد اية بنفسها كان امرا رائع ولكنه مثيرا لغيرتها الجنونية على ادهم مهما حاولت تجنب الامر .. ثم ان امه لأدهم لم تساعدها كثيرا وتعاملت معها بترفع بعدما اضطر ادهم ان يخبرها عن حالة اسيل .. تخبط كبير زلزل حياتها ومع ذلك حاولت الحفاظ على توازنها على قدر استطاعتها كي لا تقصر بحق احد .. لم تكن تعلم ان ادهم متعنت هو الاخر بحقوقه الا بعدما تعرضت له في اليوم السابق عندما عاد الى المنزل ووجدها تلهو مع الصغار دون ان تحضر الغذاء وهنا ثارت ثائرته .. كلماته التي لازالت تتذكرها بالحرف ( ماهذا يا اسيل .. اتسمين نفسك ام مسؤولة وانتي حتى توفير الطعام لم تقومي به .. مالذي تنتظرينه اذن .. ما اعرفه ان الزوج عندما يعود لمنزله فهو ينتظر ان يكون المنزل مهيء لاستقباله لا ان يجده كالنفاية وصغاره قد عاثو فسادا به وبملابسهم وبك انتي ايضا .. اهذه هي الامانة والمسؤولية التي حملتك اياها .. اهكذا ستربين ابناءك .. ان بقي الحال هكذا فانا لن اعود مطمئنا عليهم وانتي تدلعينهم هكذا وتنفذين طلباتهم .. يجب ان تكوني حازمة وحنونة ومنظمة .. يجب ان تكوني امهم حقيقة وليس مظهرا فقط .. ان تشعري بهذه الامومة تنبع من داخلك .. اليس هذا الشعور الذي كنت تبكين لانك لا تمتلكينه .. ها انت الان لديك اطفال .. اين امومتك السليمة )
حدة كلماته التي تعمد قولها كمن يحملها مسؤولية حدوث اي خلل في النظام الذي اعتاد عليه اطفاله طوال حياتهم .. نظام خنقها بصرامته ولكنها لم تستطع الاعتراض بشكل واضح لان والدته هي من عودت الصغار عليه منذ مولدهم .. وقفت بغضب حائر واخذت تذرع مكتبها جيئة وذهابا وهي تتمتم بحنق ( يعني .. حتى ان حطمت منظومة حياتهم قليلا هل يستلزم كل هذا الغضب منك يا أدهم باشا .. اووف )
وعادت للحركة بشكل اسرع وتمتمتها ترتفع ( البارحة لم تكلمني .. ورفضت تناول طعام الغذاء الذي اعددته .. اليوم خرجت الى العمل دون ان تنتظرني .. مالذي حدث يعني ليغضب كل هذا الغضب .. اووف منك يا ادهم .. دوما ما جنونك يوقعني بالحيرة والقهر .. والان ماذا .. )
وصمتت قليلا وعيناها ترتفعان بمناجاة متوسلة ( هل حقا ينتظر مني ان اعتذر له وانا لازلت غير مقتنعة اني اخطأت .. انهم اطفال .. ليس هكذا يربى الاطفال بهذه الصرامة .. اووف اوووف )
اخفضت راسها مسندة جبهتها على كفها ( ولكني .. اشتقت لك .. اين تلك الايام التي كنت تركض خلفي .. )
وبحزم فجائي رفعت راسها منتفضة ( حسنا ساخترع اي حجة لاكلمك والاكشك .. وسنرى كم ستصبر علي .. اجل اسيل .. احسنتي )
كان عزمها يزداد كلما اقتربت من مكتبه وشوقها يزداد عمقا له .. كبرياؤها وعنادها اللذان وقفا امام اعتذارها منه عادا ليهاجمها بقوة الان وهي تقف امام باب مكتبه المفتوح بشكل جزئي عندما رأت نادين بكامل هيأتها الجميلة وهي تقف امام ادهم وقد اخذت تصافحه وضحكتها تجلجل في ارجاء المكان مع لهجتها الممطوطة بدلال ( واخيييرا اصبحنا سويا في برنامج )
تلك الكلمات اخترقت قلب اسيل بقوة كسهم اصابها بوجع قاتل .. وقبل ان تتدارك نفسها وتستوعب ما سمعته انتبهت نادين عليها فاشارت لها ( اووه .. يبدو ان اسيل قد سمعت الخبر وجاءت لتبارك لنا .. يعني .. انها قفزة ضخمة في النهاية .. وانا واثقة اننا سنكتسح كل البرامج الاخبارية الاخرى )
تقدمت اسيل ببطء وقد حاولت اخفاء كل احاسيسها بقناع ثلجي غامض متمتمة بخفوت مرتجف وعيناها تبحثان عن اي تفسير في عيني ادهم الغامضتان بغضب ( بالطبع .. مبرووك .. انا سعيدة لكما )
رفعت نادين اكتافها بغنج وهي تغمز بوقاحة لها ( هيا يا اسيل .. لا تظهري خوفك هكذا فقد اظن انك تغارين مني )
قصف صوت أدهم في تلك اللحظة بنبرة حازمة جدية ( نادين .. الثقة بيننا انا وزوجتي لا تحتاج منك لسخرية .. فنحن في العمل هنا مذيعين .. ارجو ان لا تكرري كلامك هذا حتى لو مزاحا )
تعجلت نادين بالرد الفوري ( اوه اعتذر يا ادهم .. كنت امازحها فقط .. بالتاكيد لا دخل لي .. والان ساستأذن لاترك العريسين الجديدين لوحدهما فلا اكون متطفلة )
ضرب ادهم سطح مكتبه معيدا كلامه بحزم اكبر ( نادين .. قلت لك ان لا تمزحي بهذا الامر .. فنحن فقط مذيعين هنا .. ولسنا زوجين او حتى عريسين )
رفعت نادين حاجبيها بطريقة مستفزة وقد وقفت عند باب المكتب ملوحة بيدها باهمال ( هيا يا ادهم .. لا تكن بهذه الجدية فكلنا نعلم انكما عصفوري حب .. كما انكما ستبقيان عريسين حتى تحمل اسيل بطفلك .. عندها ننقل المسمى ل الوالدين الجديدين )
وعلت ضحكتها بتعمد وهي تغادر المكتب متعمدة اقفاله ببطء جعل اعصاب أسيل تصل الى الذروة وقد تخبطت كل مشاعرها بسبب ما حدث .. التفتت الى ادهم الذي كان قد وقف وتوجه الى الباب ليفتحه قائلا بارتجاف عاتب وقد اصابها اخر تعليق لنادين بوجع مهول (لم .. لم تخبرني .. عن برنامجك )
التفت اليها أدهم متفرسا قبل ان يسألها ( هل .. انت بخير )
اخفضت اسيل رأسها بشكل فوري هاربة من عيناه ( اجل .. من الطبيعي ان ينتظر الجميع سماع خبر حملي بما انهم لا يعلمون .. انا قادرة على التعامل مع تعليقات من هذا النوع .. ولكن )
ورفعت راسها بألم حازم لتكرر سؤالها ( لم .. لم تخبرني عن برنامجك الجديد مع نادين .. الست زوجتك )
تنحنح أدهم كي يعطي لنفسه مجالا ليرد بعد ان اوجعه قلبه بدوره على أسيل ( لقد اردت اخبارك البارحة عندما وقعنا على العقد ولكن .. انت تعلمين ما حدث )
عقدت اسيل حاجبيها بذهول ( البارحة .. بعد التوقيع .. ياللهي .. انت لم تخبرني ابدا بالموضوع رغم انه على ما يبدو قد تم نقاشه من فترة طويلة .. هل كنت تنتظر ان تخبرني كالاغراب .. بعد ان ينتهي كل شيء )
ازداد توتر ادهم من صدمتها مما جعل صوته يزداد حدة ( يا اسيل .. انا معتاد الا اخبر احدا عن اسرار عملي .. يعني بطبعي لا احب النقاش في هذه المواضيع طوال عمري .. حتى اية لم اكن اخبرها بشيء .. ثم مالذي كنت ستستفيدينه من معرفتك سابقا للامر )
اقتربت اسيل بخطوات مترنحة مشيرة الى صدرها ( الان تقارنني باية .. ان كانت ايه تعتبر هذا الامر عادي فانا اعتبره جريمة .. نحن زوجين يا أدهم .. المفترض ان اسرارنا واحدة ولا يوجد حواجز بيننا .. هل ستقبل ان اتفق بدوري على برنامج اخر دون ان اعود اليك مثلا )
انتفض ادهم بغضب ( كلا بالطبع .. اصلا لم اكن لاسمح لك ببرنامج اخر .. يكفيك برنامجنا فانت بنفسك قد رأيت كيف انك لا تستطيعين الموازنة بين عملك وبيتك واطفالك .. ثم انا اخبرتك ان الامر عادة فقط وساحاول تغيرها ولكني اؤمن باني انا القادر على تحديد مصلحتي العملية فلم استشيرك الا لو كنت محتارا بامر .. ثم كفانا نقاشا هنا فلدينا منزل نتناقش به)
اصدرت أسيل صوتا هازئ ومستنكرا بذهول اكبر ( انت القادر على تحديد مصلحتك العملية وعندما يصبح الامر متعلق بي تخبرني انه يكفيني برنامجي .. لماذا .. لماذا تسعى انت للتطور وتطلب مني ان اوقف نفسي على برنامج واحد )
رفع ادهم كتفيه وقد بدأ الغضب يتسلل الى صوته ( الموضوع لا علاقة له بالتطور .. انا مسؤول من هذه العائلة ومطلوب مني ان اقدم افضل ما لدي لاوفي جميع الالتزامات المادية .. اما انت فمسؤوليتك تختلف .. وعندما تتعارض المسؤولية مع الطموح يجب ان تختاري مسؤوليتك .. بالعقل يا اسيل .. هل انت قادرة على ادارة برنامجين وادارة منزلنا وتربية الطفلين ومنحي حقوقي كزوج ومتابعة حالتك الصحية .. بالطبع كلا .. انت هكذا قد تتسببين باذية نفسك وانا لن اسمح لك بهذا .. نجاحك وطموحك قد حققتيه بالبرنامج .. وهذا يكفي .. لا تكوني طماعة .. انت الان زوجة وام ولستي كما كنت في السابق لست مسؤولة الا عن نفسك )
لم تستطع ان ترد .. فقط شعرت بانها طعنت بقسوة في ظهرها .. ادهم الذي كان يشجعها في السابق يطلب منها ان تكتفي بدورها .. حلمها الذي ساعدها على تحقيقه سلبه منها بكل بساطة .. رأت نظراته المترقبة نحوها كمن يراقب منتظرا ردة فعلها .. وضعت الملف الذي بيدها على مكتبه وهي تهمس بخفوت خائب ( هذا ملف المناقشات .. قد جهزته لك .. عن اذنك )
والتفت لتغادر مسرعة حتى مع سماعها لاسمها ينطلق من شفاهه .. ارادت فقط ان تختلي بنفسها بعيدا كي تحاول استيعاب ما حدث معها .. كانت قد وصلت الى مكتبها في نفس اللحظة التي رأت فيها نادين تمشي بالاتجاه المعاكس لها .. سحبت انفاسها بسرعة وحاولت لبس قناع برودها الا انها تفاجأت بيد نادين التي اخذت تربت على ساعدها قائلة بتعاطف تمثيلي ( اعذريني لاني ساقدم البرنامج الثاني مع ادهم فبالتاكيد انت تعلمين انه يخاف على صحتك كثيرا ولا يود ان يثقل عليك .. انا واثقة انه لو كان الامر متعلق باي شيء غير صحتك لكان تعامل بطريقة اخرى ولدعمك كما فعل سابقا )
اسلوب كلامها جعل الشك يتفاقم في صدر اسيل فسألتها بحذر ( ما بها صحتي.. انا بخير .. ثم مالذي تقصدينه بدعمه لي )
رفعت نادين حاجبيها بتعاطف مثير للغثيان ( يعني .. الجميع يعلم تلك الفرصة التي منحها لك لتنتقلي من مراسلة لمذيعة في برنامج يعد الانجح حواريا بسبب ادهم .. ثم .. يبدو انك لا ترين ذلك الارهاق الملازم لك منذ زواجك وشحوب وجهك الدائم .. يبدو .. انك .. تحتاجين للراحة نظرا لوضعك السابق )
كانت قد اضافت الجملة الاخيرة بايحاء جعل حاجبي اسيل ينعقدان اكثر وقد بدأت تتاكد من وجود امر تخفيه نادين .. امر يتعلق بها هي .. ارادت ان تواجهها بسؤال صريح الا ان نادين نظرت بلؤم الى ساعتها وهي تشهق قائلة ( اووه .. اعذريني .. لدي موعد الان مع المدير وادهم .. لنناقش طريقة عرض البرنامج .. عن اذنك )
ولوحت بيدها بشكل مستفز وقد اخذت تتمايل بمشيتها بثقة امام اسيل التي تلاحقت انفاسها وعصف بركان غضبها الجنوني بها .. اذن .. اهذا هو جزاءها ... اهذا هو ما يريده ادهم .. ان تحصل على شفقة الجميع وكانها لا تسوى شيئا وفاشلة بكل الامور وهو من انقذها .. تقدمت بسرعة الى مكتبها واغلقت بابها بطرقة عالية وروحها تبكي بجنون ما تعرضت له بخيانة مزدوجة .. ايعقل ان لا يكون أدهم يثق بها .. بلا وعي سقطت عيناها على صورة لكليهما وقد احاطهما الثلج من كل جانب وكلاهما تضيء ابتسامته وجهه بحب ..حملت الصورة ويدها تمر على وجهيهما عل بعض سعادتها يعود اليها وقد عادت ذاكرتها الى ذلك اليوم .. اليوم الذي احتفلت فيه بعيد ميلاد أدهم ..
كانت قد اعدت كل شيء لهذا الاحتفال قبل شهر من عيد ميلادها .. حيث اتفقت مع مدير القناة على تقديم موعد سفرهما لأجل احدى حلقات البرنامج لأسبوع بحجة ان الاشخاص الذين سيقابلونهم سيكونون متواجدين فقط في ذلك اليوم .. وعندما حاول أدهم ان يفهم اسبابها تدللت عليه ورجته ان يوافقها بتقديم السفر .. وبالفعل .. وصلا الى بلاد المغرب قبل يومين من موعد عيد ميلاده وتعمدت اسيل ان تقوم بمجهود جبار كي تتمكن من التفرغ في يوم عيد ميلاده .. وعندما حل اليوم قامت بخلق حجة فارغة كي يخرج أدهم من المنزل الخاص بالقناة لتتمكن من تجهيز كل شيء قبل عودته .. لازالت تذكر الامر جيدا وتذكر تماما ما حدث لها من مصائب في ذلك الوقت عندما غفت من التعب دون ان تقصد واستيقظت مذعورة وقد اختنقت مع رائحة الحرق المتصاعدة الى حجرتها فركضت بسرعة مهولة الى المطبخ متعثرة بخطواتها وقدميها الحافيتان اللتان تطآن الارض الثلجية و تزيدان من شعورها بالخدر وبرودة الجو حولها .. وهناك شهقت ذاهلة وهي ترى طبق اللحم بالخضار الذي اعدته محترقا بالكامل ورائحة الحرق تعبق في المطبخ مع دخان رمادي بدأ بالتصاعد بكثافة .. وعندها سارعت لتطفئ نار الموقد ودموعها تجري انهارا ولسانها يردد بهستيريا منهارة ( حمقاء .. حمقاء .. لقد افسدتي كل شيء .. حمقاء )
كانت اعصابها قد بلغت ذروتها من كل التخطيط الذي قامت به فجلست على ارض المطبخ واضعة راسها بين ركبتيها ونشيج بكائها يعلو بخيبة امل مريعة .. لحظات مرت وهي على هذه الحالة قبل سماعها لصوت مفتاح باب المنزل فازداد انكماشها خاصة مع صوت ادهم المنادي عليها بلهفة .. سمعت شهقته عندما دخل المطبخ ثم شعرت بيده الملهوفة التي حطت على راسها وصوته المرعوب يسالها ( اسييل .. حبيبتي .. ما بك .. مالذي يحدث )
صرخت بطفولة حانقة ( لا شيء .. اتركني يا ادهم ..اتركني الان فانا فاشلة ... افهمت .. فااااششلة )
شهق ادهم وهو ينظر حوله محاولا فهم ما يحدث قبل ان يهوله ارتجافها المنتفض امامه فعاد لينظر اليها ببطء متفحص وعيناه تدركان انها ترتدي ثوب اسود غاية في الاثارة بحمالتيه الرفيعتين جدا وطوله الذي لا يتعدى اول فخديها مظهرا كمال ساقيها ونعومتهما .. وبفضول لاهث وضاحك التف حولها ليكمل تأمله لظهرها العاري بالكامل الا من حبلين تقاطعا على شكل حرف الاكس بالانجليزية وقد تدلى من نقطة التقائهما حلية ماسية انتهت بقلب احمر صغير كانت قد رسمت عند طرفه في اسفل ظهرها وشم حناء باحرف اسمه المزخرفة بطريقة جعلت انفاسه تتلاحق باثارة وهو يتمتم ( ياللهي .. من هذا الملاك )
كانت اجابتها عليه عبارة عن شهقات متتالية من البكاء مع تكريرها لكلمة فاشلة بلا وعي .. في تلك اللحظة شعرت بيديه حولها وبه يحملها بين ذراعيه منهيا مقاومتها المبدأية .. استكانت مع دفء حضنه واخفت وجهها في تلابيب صدره بحرج باكي وقد استمرت بتكرار اعتراف فشلها الذي قاطعه بمزاح ضاحك وهو يسالها ( حسنا انت فاشلة ولكن .. الن تخبريني فيما تحديدا تشعرين بالفشل وتواجهيني كامراة بدلا من طفولتك العنيدة هذه )
كانت تعلم انه يتعمد استفزازها ..الا انها لم تحتمل فانتفضت بين يديه بقوة صارخة ( انزلني ...قلت لككك .. انننزلنني .. اددهم انززلني الست طفلة .. )
انزلها بعد كلامها على سجادة غرفة النوم .. فتخصرت وهي تكمل وقد استبد بها الغضب ( لما لا تذهب لامراة تشبع رجولتك .. اتركني .. الست فاشلة )
رفع حاجبيه وهو يضرب كفا بالاخرى ضاحكا ( بل انت مجنننووونة )
والتفت يبحث عن زر تشغيل التدفئة مضيفا ( صدقا .. الن تخبريني سبب ثورة جنيتي الحمراء )
لوحت بيدها شاهقة ( قلت لك اني اكره هذه الكنية فلا تكررها .. ثم ما دخلك بي .. انا حرة .. اتركني اثور كما اريد وان لم يعجبك ف.. )
في لحظة كان عندها وقد امسك يديها بغضب تمثيلي قائلا ووجهه يلوح بتهديد خطير اخرسها برعب ( لا تكرريها .. افهمت .. انا الان زوجك .. كيف تتهميني هكذا )
كلماته التهديدية تسببت بتسارع انفاسها خوفا ..فتحت فمها لتجيب ولكنه اعتصر خصرها ملصقا اياها بقوة اكبر به وهو يضيف ( لا تجيبي .. لقد مللت ثورتك المجنونة .. مالذي حدث .. تكلمي بوضوح )
ازدردت لعابها مجيبة بتلعثم ( ادهم .. اتركني .. انت ..ااه )
جذبها اليه بقوة اكبر مكررا بتهديد ( قلت .. اجيبي )
انطلقت الكلمات من فمها بلا قيد وشعور بالخزي يزيد معاناتها ( كنت .. قد اردت .. ان افاجئك .. بعيد ميلادك .. ولكن ..وانا انتظر ان ينضج اللحم .. غفت عيناي .. لا اعلم كيف .. استيقظت .. وقد احترق كل .. شيء .. هل ارتحت .. )
بدأ يخفف من ضغطه متسائلا ( الزينة الغير مكتملة بالخارج .. ؟ )
حركت راسها موافقة ( كان يجب .. ان انثر بعض .. بتلات الزهور .. على الارض المكسوة بالثلج )
رفع حاجبيه بتسلية حاول اخفاؤها ومظهرها المنكسر يثيره اكثر ( و .. الشموع المرتصة .. )
لم يكمل وقد قاطعته زفرتها الملتاعة ( حركة غبية .. اردت رسم قلب بها لنرقص في .. وسطه )
عض على شفاهه كي لا يضحك ومعاناتها بين يديه تثير فيه انواع شتى من المشاعر ( و .. هل كنت تخططين لهذا .. منذ كنا .. في مصر )
صمتت ..و ازداد ارتجافها بين يديه وهو لا يظهر اي تعاطف معها كما اعتادت منه ... لحظات مرت عليها حاولت فيها السيطرة على عاصفة دموع متزايدة .. اجابته بصوت غريب النبرات وقد استسلمت بالكامل واخفت وجهها المنحني بستر شعرها وتهدلت يداها بجانبها ( لقد .. خططت ..لان تكون .. سفرتنا هنا .. في هذا الوقت .. ونظمت موضوع الحلقة .. ليكون مناسبا لهذا .. كي احتفل .. بعيد ميلادك الاول معي .. بين الثلوج .. اردت كفتاة حمقاء .. ان اترك ذكرى جميلة .. مختلفة عن .. ذكريات اية .. التي تفاخرت فيها .. امامي .. وانت تخبرني ضاحكا .. بانها كانت .. تبدع بمفاجأتك دوما .. بطريقة احتفالها .. بعيد ميلادك .. بينما كنت تنسى انت .. عيد ميلادها )
تنهد ادهم بحرقة ولوعة باسمها كاهة عشق خالدة ( اوووه اسيييل .. اتغااريين علي .. من امراة .. متوفية )
رفع راسها مقبلا شفاهها بعنف متطلب ولكن .. واجهته بثلجية نبعت من داخلها الموجوع وطعم دموعها جعلاه يبتعد متأففا بثورة ( ماابك .. يا مجنونة انا اعشقك اكثر من خيالي .. ما فعلتيه ترك اثرا عميقا ب .. )
انقطعت كلماته مع ثورتها المفاجئة وهو تدفعه بعيدا عنها لتهرب الى حمام الحجرة صارخة ( كفى .. لا تكمل .. ابدو مثيرة للشفقة اكثر بكلماتك )
لحقها ادهم الا ان الباب المقفل عليها اوقفه فطرقه بلطف ( اي شفقة يا اسيل .. ارجوكي افتحي ولا تكوني كطفلة .. سنحتفل كما كنت تخططين .. فقط اخرجي وواجهيني .. لم اعهدك جبانة )
صمت منتظرا ردها ولكنها عاندته فعاد ليقول بنبرة تهديد ( اسيل .. افتحي او سأكسر الباب .. اقسم ان افعل .. تعلمين اني مجنون )
لحظات مرت في محاولة منها لتتحكم بذاتها ولتعيد كرامتها امامه بالطريقة التي ارادتها الا انه لم يعطها فرصة وقد عاد يطرق الباب بعنف اكبر و الغضب مستبد به ( افتحي .. انا )
وفتحت الباب لتخرج امامه بثقة بعد ان زينت وجهها بمكياج احمر صارخ ورفعت شعرها لتظهر كامل مفاتنها ونظراتها الشرسة التي ازدانت بكحل عينها الاسود بتحدي اخرسه .. بلحظة قبلته بقوة وتطلب وجرأة .. وما ان بدأ يستجيب معها ويرفع يديه حتى ابتعدت عنه بشكل فجائي .. نظر اليها مذهولا فقالت بحزم مخيف ( ساحتفل .. بالطريقة التي اريدها .. و .. انت .. ستجلس هنا .. دون ان تبدي اي حركة .. ريثما انظف المطبخ واعد طبق طعام اخر واكمل ما كنت اقوم به .. هل هذا واضح )
رأت استسلامه الضاحك عندما حرك راسه موافقا وهو يهمس وقد رسم عشقه جليا على قسمات وجهه ( انت مختلفة عن كل النساء الذين عرفتهم بجنونك الصامد العاشق ) وغمزها جاعلا اياها ترتجف بلا ارادة وقد اكتسحتها عواطفه... اضاف بخفوت ( الا يمكننا ان نتجاوز الفقرات ونقفز الى الفقرة الاخيرة او نعود بشكل عكسي ).
كلامه المبطن واشارته الموحية للسرير جعلتاها تعقد حاجبيها مزمجرة ( ادددهم )
رفع يداه باستسلام ( كنت .. اقترح فقط .. لا تغضبي .. حسنا .. كيف اساعدك .. لننهي طقوسك بسرعة )
عادت زمجرتها بشراسة اكبر ( اددهم )
زفر انفاسه باثارة وهو يجذبها اليه مقتربا بثغره منها راجيا ( يا روحه .. الا اخذ رشوة .. او لنقل قبلة تحت الحساب .. كيف ساصبر وانت بهذه الاثارة و )
كان قد ابتدأ بتقبيلها الا انها عضته فشهق مبتعدا وهو يصرخ ( اسيييل .. هل جننت )
نظرت اليه بحقد منتقم ( اجل .. مجنونة .. وطفلة .. ودكتاتورية .. وجنيتك الحمراء .. وانت .. ستنفذ ما اريد .. ان كنت تمانع او لا تهتم .. اخبرني .. لاذهب الى السرير وانام .. و )
وضع اصبعه على فمها متنهدا ( كفى .. قبل ان تقولي ما تندمين عليه مفسدة كل ما تعبت لاجله ..
هيا .. لنحتفل بعيد ميلادي يا متهورة كما اردت .، وليصبرني الله على جنونك ولكن )
انحنى ليخطف قبلة سريعة حارة ومفاجئة من شفاهها قبل ابتعاده عنها وعيناه تشعان بعبث ( هذه فقط كي اتماسك ريثما تنتهين )
رنين هاتف عاد بها من رحلة ذكرياتها فرأت انعكاس صورتها على زجاج مكتبها وقد ارتسمت ابتسامتها لتتخالط مع دموعها وهي تتذكر جوابها الصارخ في تلك اللحظة عندما طلبت منه ان يمشي امامها الى المطبخ لانها لا تثق به وما حدث في بقية الليلة وكيف تبادلا الغرام بعشق لا ينبض .. نفضت راسها وقلبها يخر صريع جنون ما تتعرض له فيتعبها اكثر .. كانت سما المتصلة لذا اجابتها سريعا كمن وجد قشة انقاذه ( اين انتي يا ابنتي .. لقد اشتقت لك كثيرا جدا .. ماذا .. حسنا انا قادمة .. هل اخبرت علي ايضا ... سأخبره انا )
اقفلت معها والقلق يشتد بها من نبرة صوت سما التي سمعتها .. كانت كمن يتكلم من بئر سوداء عميقة وقد فقدت حتى انفاس حياتها .. وقفت بحيرة قلبة ويدها تخطف هاتفها بسرعة لتتصل بعلي كي تخبره برغبة سما اللقاء معهما في مقهى قريب من جامعتها.

بقلق و حيرة يجلس دون ان يعلم ما عليه فعله .. وبكيان مشتت عاد لينظر الى هاتفه للمرة المليون كي يتأكد انها لم تتصل به بعد .. ( ترى .. اين انت الى الان يا علا )
سؤال سأله علي للمرة المئة دون ان يجد جواب يشفي غليله .. عادت عيناه الى تلك الورقة التي تمثل ابلاغ على شركتهم من الشركة المستفيدة من مناقصة البناء التي قامو بها تتهمهم فيها بالتلاعب بمواد البناء .. تهمة يعلم علي انها قد تهشم كل احلامه الى فتات يذره الريح ان ثبتت خاصة انه مدير الشركة الاساسي ..المشكلة انه الى الان لم يعلم تحديدا كيف من الممكن ان يقع هذا الامر او ان كان حقيقة او لا .. فلو ان هذا الابلاغ جاء في اي يوم اخر لسخر منه علي وبنفسه كان سيأخذ المفتشين الى موقع البناء ليفحصوه ولكن .. شحوب وجه علا وشهقتها الصارخة عندما رأت الابلاغ ثم خروجها كالمجنونة من امامه وهي تردد بانهيار ( لقد نفذ تهديده .. لقد نفذ تهديده .) كل هذا جعله يدرك ان في الامر مصيبة لا يعلم حيثياتها الا الله .. بحنق اكبر عادت اصابعه لتضرب رقم علا على امل ان ترد عليه قبل ان يضطر الى مغادرة الشركة لمقابلة سما ولكن .. مرة اخرى كانت الخيبة من نصيبه فانتفض بغضب متمتا وهو يتحرك خارجا من الشركة ( حسنا .. لنرى متى ستقررين المواجهة والكف عن الهروب ) .
لم يكن يعلم انه في تلك اللحظة كانت علا تنظر الى ارقام هاتفه وقد سالت دموعها بحرقة وهي ترفع عينيها صارخة في وجه زوجها ( لقد حذرررتك يا اياد .. انت تخرق اتفاقنا الان .. لم اتوقع ان تصل الى هذه الدرجة من الحقارة .. )
صوت اصبح مؤخرا ضيف كوابيسها ارتفع من خلفها ( اووه سيده علا .. لا يجب ان تظلمي زوجك هكذا )
ببطء التفتت نحوه قائلة بنبرة امتلأت اشمئزاز ( بالطبع .. كان يجب ان استنتج انه انت وراء كل هذا .. فمالذي ننتظره من شخص قتل زوجته الحامل )
ظلام مرعب انعكس في عيني احمد وعيناه تقتنصان عيني علا بجبروت تأكد فيه من فرض سطوته عليها وصوت اياد الشاهق يعلو ( مالذي ت .. )الا انه قاطعه ببرود ( اصمت ..) قبل اضافته بصوت بدا كمن يخرج من هاوية سحيقة ويداه تصفقان باستهزاء ( احسنتي .. لقد قمت بواجبك جيدا .. معك حق .. انا .. قتلت زوجتي .. واستطيع ان احرق الجميع بلا قلب .. لذا .. تأدبي يا امراة )
رفعت اصبعها المرتجف وصراخها يعلو ( انت .. كيف تجرؤ ان .... ااه .. اترك يدي )
كان قد قبض على ذراعها بقسوة ثم جذبها نحوه هامسا بتهديد اوقف نبض قلبها وسريان الدم في عروقها ( اجرؤ .. صدقيني اجرؤ .. والان .. هناك حل فقط امامك لتنقذي من تريدين .. ما حدث محبوك لدرجة ان علي سيجد نفسه خلف القضبان في يومين وعندها لن ينجو من اول محاكمة .. الا اذا )
والتمعت عيناه بخبث تلاحقت له انفاس علا التي انهار داخلها بعد ان تيقنت بان حكم اعدامها سيصدر قريبا مقابل نجاة علي من السجن .. فهل هي لديها تلك القوة لهذه التضحية حقا .

كيف لورقة واحدة ان تغير حياة شخص فتقلبها رأس على عقب .. سؤال غزا ذهن سما وهي تنظر الى ورقة فحص الحمل التي بين يديها بذهول مصدوم وقد استبد بها الخزي بكل خلية في جسدها .. سؤال اعمى عينيها وافقد بصيرتها حس ادراك الاتجاهات لوهلة فوجدت نفسها دون وعي تتدحرج على درج الجامعة بطوله والالم ينتشر كالهشيم في عظام جسدها المكدوم الذي استقر في الاسفل وسواد الدنيا من حولها يلفها بالتدريج مع صوت الصرخات المتتالية .. سواد رحبت به لتهرب من ما رأته في واقعها الذي سيزداد مرارا كالعلقم منذ تلك اللحظة .. لسعة الم شعرت بها على وجنتها وصوت بدا يتوضح لاذنها وقد اخذ عقلها يحاول استيعاب ما حدث من خلال لمحة فتحت بها عينيها فطالعها مجموعة من طلاب الجامعة المتجمهرين حولها ( سيدتي .. هل انت بخير .. )
ارادت ان تقوم لتستوعب جيدا مكانها الا ان الصوت عاد ليعلو بتحذير ويدين قويتين تعيدانها لمكانها مع اضافة( سيدتي لا تتحركي .. فالدماء تنتشر منك .. هل .. انت .. حامل سيدتي)
كلمة واحدة كانت كفيلة لتشحذ كل رعبها وتعيد تركيزها مع احساسها بالبلل اسفل منها .. كلمة انتشر الهمس بها كالنار في الهشيم والم مفاجئ في اسفل بطنها يعود ليضربها بقوة جعلتها تصرخ بألم كبير وهي تتشبث بذراع ذلك الشاب الذي كان منحنيا عليها يكلمها والذي ادركت من روبه الابيض بانه طبيب عيادة الجامعة .. برجاء لاهث بين صرخاتها هتفت وقد سمعته يصرخ مطالبا من حوله بالاتصال بالاسعاف ( انقذني .... ااااه ... انا ... لا اريييده ... ارجوووك .. دعه ... يذذهب )
كان اعترافها غير مسبوق وكلماتها زادت من ضجة من حولها وقد افقدها الالم الذي تواصل كضربات موجعة في بطنها اي تفكير او تركيز وقد عاد الشاب ليسألها ويده تمسك رسغها في موضع النبض ( ما اسمك .. حاولي ان تركزي معي وتتنفسي بهدوء قدر استطاعتك فانت الان تتعرضين لعملية اجهاض ونبضك ينخفض بجنون بسبب فقدانك لكل هذه الدماء )
كانت تحاول التركيز فيما يطلبه منها وسحب انفاسها الا ان الالم كان يتضاعف في كل جسدها هذه المرة ويدها التي حركتها تعلن تمردها وجعا فيما يبدو ككسر تعرضت له فصرخت بعلو صوتها بحروفها المتقطعة ( س... سما ... العو...العوضي )
اسم مر بلا ادنى معرفة من كل من حولها الا شخص واحد كان يراقبها وقد ارتسم على وجهه ذهول تحول الى خبث وهو يسمع همسات الطلاب المستنكرة حولها .. فرفع هاتفه ويداه تضربان ارقام ... وما ان سمع الصوت بالطرف الاخر حتى قال بتهدج لئيم ( سيدي .. استعد لخبر اجمل من خبر اضراب كلية الهندسة بسبب ارتفاع سعر الساعة الدراسية .. اتذكر سما العوضي .. ابنة رجل الاعمال الذي افلس وقد هرب زوجها وهي سجنت .. اجل .. هي .. للتو .. سقطت من على الدرج واصيبت .. و .. هي الان تجهض جنينها .. جنين لا يعلم احد من والده لان زملائها مصدومين .. فهم لا يعلمون بانها متزوجة ... حقا سيدي لا تعلم مالذي ستستفيده من هذه المعلومة ؟ .. غريبة .. الامر واضح .. تخيل ان قدمنا مقالا بالشكل التالي ( سما العوضي .. صاحبة الملاين السابقة .. والابنة الذهبية .. بعد ان رمتها الدنيا في السجن .. وسلبتها كل اموالها .. عادت لتلطمها مرة اخرى بسلبها جنينها اثناء سقوطها في الجامعة .. جنين يبدو ان والده مجهول ..فهل تردى الحال بسما حتى باعت كل شيء تملكه .. حتى .. نفسها ؟ .. وبعدها نتحدث عن اصحاب الثروات الذين ثبتت جرائمهم ومصائرهم المخزية وما فعله الله ببعضهم ليقتص للمساكين منهم )

انتهى الفصل
اتمنى ان تسامحوني على غيابي بسبب ظروفي
الفصل القادم باذن الله ليس هذه الاحد ولكن الاحد الذي يليه باذن الله
اتمنى ان تعجبكم القصة


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-18, 12:17 AM   #262

شمس الحق $

? العضوٌ??? » 403243
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 54
?  نُقآطِيْ » شمس الحق $ is on a distinguished road
افتراضي

الفصل قصييير😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭

شمس الحق $ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-18, 12:41 AM   #263

هازان محمد

? العضوٌ??? » 400146
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 223
?  نُقآطِيْ » هازان محمد is on a distinguished road
افتراضي

الفصل رائع تسلم ايديك واخيرا بعد غياب من كتر شوقي والله ماشبعت من الفصل حوريتي وجمال الاسلوب بالسرد الي يخليكي تندمجي وتعتزلي لعالم تاني عالم تعيش فيه الشخصيات وتندمجي معاهم 🔥🔥🔥😘😘😘😘😍😍 نجي لنادر ونسمه واخخخ منهم ومن وجعهم خوف نادر ع نسمه واحساسه بفقده وانو خسره وندمه ع كل لحظه ضيعه بدونه وبكاءه ع حبه الضائع وعشقه نادر بكل رزانته يبكي يالله 😭😭😭😭😭 نسمه ولحظة دخوله مشهد قمه الابداع والروعه احتضان نادر ليه لو بايديه كان دخله لجو قلبه ليحميه مشهد انهيارهم الاتنين وتشوشه نسمه من تغير نادر ولما دخلت الحمام وغيرته ولما سمعت الخبر ياالله انهيار نسمه كان فظيع فظيع بحيث انا بجد بكيت تمنيه الموت لانه تشعر بالوحده احتواء نادر ليه وحلمه بالكوابيس ولما صحيت وبلحظه ضعفهم استسلمو لعواطفهم بس رجع التخبط ليهم كلام ابوه نادر وخوفه ونسمه ورجع زي يتخبط بدون مايعرف شي ياترى شو مستنيهم باحتفال اخت نادر اسيل وادهم وغضب ادهم من اسيل وحزنه من ادهم ومن كل تخبطه تجي هالجزمه المعفنه نادين الحقيره ترمي كلام زي السم ع اسيل عجبني انو ادهم وقفه عند حده بس انا مع اسيل انو ادهم كا المفروض يقوله مش يخلي نادين تشمت باسيل وزي ماقالت المناقشه حلوه بين الزوجين ادهم ماعجبني برده ابدا اتعدل ياادهومي بدل مااشن عليك حرب وانت مش قدي بقولك اهو ههههههههههههههه اسيل وتذكره احتفاله بعيد ميلاد ادهم نادين مراح تهدي لتحرق كل شي هالمعفنه😏😏😏😴😴😴😣😣😣😮😮😥 علا وعلي والبلاغ اكيد احمد وراه وهل يخفى الشيطان مش عارفه ليه اتاكدت انو اياد زوج اخت احمد باين اياد مابيده شي احمد مسيطر ع كل شي ياترى احمد عاوز اي من علا واي شرطه ليسيب علي 😪😪😪😪🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔 سما وصدمته ياقلبي عليه والناس ماعم ترحم ومين هذا الي بدو يفضحه وجعني قلبي وهي تتوسل بالدكتور قفله مشوقه للقادم تسلم اناملك وقلمك الرائع يامبدعه😘😘😘😍😍

هازان محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-18, 01:26 AM   #264

شمس الحق $

? العضوٌ??? » 403243
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 54
?  نُقآطِيْ » شمس الحق $ is on a distinguished road
افتراضي

حووور😍😍 ياحووور نورتينا من جديد💞 بعد هالغيبة اشتقناالك جدا😭 واشتقنا لاحبابنا🚶🏽‍♀ كتيييير كتييييير البارت رائع😍 وجمييل وفيه كمية كبيرة من الوجع💔
منجي لحبايبي🧡
نادر ونسمة😇 اليوم نادر بيضها🤣 صح كنت انو بتمنى يعترفلها بالحب بس اكييد حور تاركة لوقت الاعتراف بالحب لمشهد يطيرنا☺ حبيت كتييير اعتراف نادر لنفسو بعشق نسما وشوقو االها اكتر مشهد حبيتو وقت رجعت نسما وحضنها عنجد بكييت😞 وكلامك بهالمشهد رجعلي ذكريات كتيير وانو كيف الشخص بس يسمع موت اعز انسان على قلبو مابينوصف بس انتي وصلتي الشعور للكل "صوته يصرخ دون ان يخرج الا كهمس مكبوت ( يااارب .. يااارب .. انا لله .. وانا .. اليه ... راج )
ولم يتمكن من اتمام كلمته وااه طويلة خرجت من اعماق صدره وقد احنى وجهه ليخفيه بين كفيه فيخفي دموعه التي اخذت تهطل كسيل لم يتمكن من السيطرة عليه ... لا يذكر انه بكى هكذا يوما حتى عندما كان طفلا ولكنه الان يعلن انهزامه ."
شو بكيييت هون كتتييير موجع هالمشهد
ذكرني بنفسي يوم سمعت وفاة جدو😭 وكيف ضليت اسبوع منصدمة😞
طبعااا زعلت كتيير على انهيارها 😭 وكميت الوجع يلي مخبيتو .... واكيييد نادر بس يعرف القصة كاملة رح يساعدها تجتازها💔 بس نادر كل مرة عم حبو اكتتتتر😍😍 بس سؤال راودني هل نسمة رح تتخلى عن حلمها! ،"ضعي في راسك السميك اني زوجك .. وكلمتي ستكون كالسيف على رقبتك"xونادر اعلن ملكيتو القائمة عليها بعد كلامو هاد
ادهم واسيل😒
ادهم اليوم سودها سود الله وجهه😂
يعني صح اسيل مجنونة وهبولة شوي بس هية حلاوتها بشقاوتها😍
اليوم ادهم زودها حبتين بكلامو هاد👈🏻( ماهذا يا اسيل .. اتسمين نفسك ام مسؤولة وانتي حتى توفير الطعام لم تقومي به .. مالذي تنتظرينه اذن .. ما اعرفه ان الزوج عندما يعود لمنزله فهو ينتظر ان يكون المنزل مهيء لاستقباله لا ان يجده كالنفاية وصغاره قد عاثو فسادا به وبملابسهم وبك انتي ايضا .. اهذه هي الامانة والمسؤولية التي حملتك اياها .. اهكذا ستربين ابناءك .. ان بقي الحال هكذا فانا لن اعود مطمئنا عليهم وانتي تدلعينهم هكذا وتنفذين طلباتهم .. يجب ان تكوني حازمة وحنونة ومنظمة .. يجب ان تكوني امهم حقيقة وليس مظهرا فقط .. ان تشعري بهذه الامومة تنبع من داخلك .. اليس هذا الشعور الذي كنت تبكين لانك لا تمتلكينه .. ها انت الان لديك اطفال .. اين امومتك السليمة )
صح معو ٢٠٪ حق بس اسلوبو خطأ😒 كلنا منعرف انو اسيل وحيدة كانت وماعندها مسؤليات وطول حياتها كانت وحيدة وعانت كتيير☹ واكيد مو فورا رح تتأقلم مع تغير ظروفها... فجأة صارت ام ومسؤلة عن طفلين فأكيد رح تحاول تعمل كلشي لتعوضهن عن امهن وليحبوها ويثقو فيها بس ادهم زودها اليوم 😟 ونادين!!!!!!؟ شو مخبيتلن !! طبعا كلامها بالمكتب وقاحتها مع اسيل وقصدها تذكر موضوع الاولاد ومع معرفتها بوضع اسيل وحكت هالكلام فأكيد عندها شي ولسا رح نشوف كتيير🙂
علا وعلي وسما
علا وعلي لأيمت المصايب رح تلاحقهن!! واحمد هاد شو موضوعوا!!! شو هدفوا واسبابو🙃 لهلأ مافهمت شي ليش بيكره علي شو ذنبو علي بلش يميل لعلا شكلو..وعلا طابسة😂 اياد زوجا كل مرة بأكدلي انو اسم ذكر خسارة فيه😒
سمااا😭😭
يعلى قلبي عليها😞
المنحوس منحوس وبضلو منحوس فوق مصايبها تكون حامل☹ وموقفها وجع قلبي😭 وكييف اجهضت عنجد زعلت عليها وسراج😏 وينو مابين ياترى شو رح يصير فيه بس يعرف انو سما حامل وخسرت الجنين😔
طبعاا ابدعتي❤💔


شمس الحق $ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-18, 01:37 AM   #265

Hamousa

? العضوٌ??? » 399409
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » Hamousa is on a distinguished road
افتراضي

اشتقنا حبيبتي
حمد لله على رجوعك
الفصل متل العادة خيال استمتعت بيه جدا خصوصا مع اشتياقي لكل الشخصيات
مع الاحداث المؤلمة الي عم تصير مع كل الكابلات حسيت بوجع كبير خصوصا من قسوة نادر و ادهم
رح ابلش بنادر برغم حبي الو و لشخصيتو و لاغلب مواقفو مع نسمة الا اني حسيتو انو قاسي كتير معها هي المرة مع انو معذور بسبب خوفو عليها و الصدمة الي اخدها لما فكرها ماتت بس مع هيك كان فيه يكون مراعي اكثر لحالتها النفسيه بعد ما عرفت انو زملاءها ماتو..
كمان تدخل ابوه و اتفجار نادر بطلبو الصعب مم نسمة انو تتخلى عن حلمها و وظيفتها بهيك وقت و هي تقريبا منهارة خطأكبير من طرفو لنشوف اذا رح يتداركو بعدين او لا
عذاب نسمة كتير بيوجع القلب و كتير اتعاطفت معها انا متمنية اشوفها مبسوطة و سعيدة بعد ما تتزواج كل هي العطوب و الجراح الي محفورة بروحها..
ادهم و اسيل
عنجد صدمني ادهم كتير بردة فعلو على تعامل اسيل مع اولادو كتير كان قاسي و غير مراعي حتى و لو فرضنا انو اسيل غلطت بتربية الاطفال بس مو هيك المفروض يتعامل معها
اما بخصوص شغلو و نادين فهو عنجد كتير استفزني باجوبتو و تبريرو المجحف بتمنى اسيل تاخد موقف منو و تعرفو غلطو..
علا و علي قصتهم عويصة
خصوصا علي الي دايما بوقع بالمشاكل برغم طيبة قلبو
ان شاء الله علا تقدر تنقذو و تنقذ نفسها..
اخيرا سما و عذاب سما و مصايبها الي ما عم تخلص
الله يعينها عنجد الفضيحة الي عم تواجهها ممكن ادمرها
اما نشوف حبيبتي كيف رح تطلعيها من هي المصيبة لاقل خسائر
تسلم ايدك حبيبتي فصل متكامل مثل العادة


Hamousa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-18, 02:56 PM   #266

kaj
alkap ~
 
الصورة الرمزية kaj

? العضوٌ??? » 143539
?  التسِجيلٌ » Nov 2010
? مشَارَ?اتْي » 803
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » kaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك action
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فصل مشحون عاطفيا منهك لحد الالم انا عيطت على نسمة اكتر حاجة بالنسبه لاسيل فتهورها واندفاعها هما مايسقطانها في الخطا دمتي بود في انتظار الباقي

kaj غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 04-03-18, 10:13 PM   #267

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جدران صمت الهوى (الفصل 16 )


الفصل طويل جدا من المفترض ان ينقسم الى قسمين الا انني وضعته كاملا لانه بمثابة اعتذار اقدمه لاني لن اتمكن من كتابة فصل جديد في يوم الاحد القادم بسبب انشغالي


جدران صمت الهوى (الفصل 16 )
سكون يسيطر على الطرقات والظلام ينتشر بسرعة .. أناس لم تعد تعرفهم ووجوه يمرون عليها دون ان تدرك عددهم .. تمشي بخطواتها المترنحة .. بلا مكان تعرفه .. ولا وجهة تتوجهها ..بضياع تقودها قدماها الى اللاهدف .. هل انتهت حقا .. هل هذه هي خياراتها في الحياة .. مهما هربت منها .. هل سيلحق بها .. الظلام .. هل هذا هو مآلها .. رغم كل حربها ضده .. والان .. الى اين .. بعد كل هذا الخذلان .. بعد كل هذه الخيبات .. هل آن اوان الغرق في العتمة .. وتقبل النهاية .. تقبل من هي .. اجل هي .. علا .. هل توقعت أن تهرب بذنبها ..هل تخيلت في يوم ان تدحض روحها المخيفة وتعيش بسعادة مسروقة .. واجل هي علا التي رغم كل ما كانت تعلله لنفسها وتحاول ان تظهره الا انها لم تنسى أبدا انها في يوم ما كانت انانية .. انانية لدرجة أن تتخلى عن حياة اخيها مقابل حياتها .. هل يا ترى يشفع لها سنها الصغير انذاك .. او هل يشفع لها أنها كانت خائفة ومرعوبة من الموت .. او ربما يشفع لها انها كانت عديمة الحيلة وليس امامها ما تفعله .. هل كل هذا يبرر شعورها الذي احسته في تلك اللحظات .. عندما كان الخاطفون يهددون اخوها بالقتل ان لم تخرج من مخبئها الذي هربت اليه وتعود اليهم .. احساسها بالراحة لانها هربت .. ولان اخوها هو من وقع في ايدي الخاطفين وليست هي ... ذلك الشعور بالذنب لانها حافظت على حياتها والثمن كان حياة اخيها .. شعور تعزز اكثر مع نظرات والديها لها .. وكأنهم يعلمون بجرمها .. حاكموها وادانوها دون ان تعلم كيف توصلو الى جريمتها .. هل يا ترى كان مظهرها عندما وجودها بعد هروبها ... هل كانت تلك الراحة التي استشعروها بها لأنها نجت بغض النظر عما دفعته كثمن .. سواد اكتشفته بقلبهافي ذلك اليوم .. سواد مهما حاولت محاصرته اخذ يتاكلها ويحولها الى انسانة قاسية .. انسانة لعوب .. انسانة تود لضميرها ان يموت كي لا تهتم سوى لنفسها .. مراهقتها .. لم تكن إلا سلسلة من الكوارث المتلاحقة لأهلها .. تجبر .. سخرية .. انانية .. اهمال.. عدم مبالاة بالغير وفجور .. كان هذا تحديدا ما قدمته لأهلها ... وفي لحظة صدق مع نفسها اخذت تراجعها وتعترف واخيرا .. انه في تلك اللحظات فقدت فرصتها .. فقدت كيانها لتصبح انسانة هامشية لا أحد ينتظر منها شيئا ولا احد يثق بها او يصدقها .. عندما كانت السبب ببكاء الكثيرات .. عندما تلاعبت بمصائر العديد من زملائها بلهو دون ادنى مسؤولية .. عندما كانت تستمد سعادتها من بكاء من حولها .. لانه ببساطة لم يكن سوى صدى لبكاء قلبها الرافض لما تقوم به وروحها المناضلة للنجاة من ظلمها لنفسها وتمردها على كل شيء ..حتى صفعتها الحياة بشخصيتها الحقيرة التي اصبحتها .. بكلمات لم تنساها ابدا طوال حياتها .. كلمات اعتبرتها لعنتها التي لاحقتها ( أنت ساحرة شيطانية سيعاقبك الله بالحرق والحرمان حتى لن يصدقك أحد .. وعندها .. عندما يستبد القهر بك ... عندما يحيطك الظلم من كل جانب .. عندما ترين نفسك لعنة تصيب كل من يعرفك او يحبك او يحاول مساعدتك .. عندها ستتذكريني .. ستتذكرين تلك اللحظات التي انهيت فيها حياتي بسببك انت ... انت فقط )
أجل انها تتذكرها جيدا الان ... تتذكر تلك الفتاة التي ظلمتها وأطلقت عليها اشاعات مغرضة تمس شرفها فحولت حياتها لجحيم متنقل.. كم كان عمرها وقتها ... فقط خمسة عشر عاما .. ومنذ ذلك الوقت .. عندما رأت الدماء تغرقها من معصم صديقتها .. ورغم انهم انقذوها .. الا انها هي من كسرت .. ان تكون سببا بموت اخر .. سببا لفقدان شخص اخر فقط لانها انانية . هنا انتفضت وحاولت العودة لذاتها .. حاولت ان تبني نفسها .. ان تبتعد عن كل حياتها السابقة .. ولكنها كانت قد خسرت في ذلك الوقت .. خسرت الصداقة .. خسرت الاخوة .. خسرت الدعم من اي شخص حولها . عندها اصبحت مصدر سخرية لكل من عرفها .. وعندها تخلو اهلها عنها وتعاملو مع اياد على انه ابنهم .. لم يهتمو بنجاحها .. بعذابها .. فقط اهتمو بكل شيء الا هي .. وهي بدورها اخذت تتلقى صفعات خيبتها المتتالية من الحياة .. من زواجها .. في قرارة نفسها كانت تشعر بانها تستحق هذا كي تدفع ثمن ذنوبها فتتحرر وتعيش بسعادتها المفقودة ... حتى عندما حاولت الانتحار بعد ان يئست من كل شيء .. بعد ان آمنت بانها لن تنجح ابدا .. وعندها بعث الله لها علي بطريقة ظنتها رسالة .. كملاك دخل حياتها وراى بداخلها نورا كانت تبحث عنه طويلا .. تبناها .. اشعرها انها من الممكن ان تكون قوية في الحق .. وان هذا حقها .. ان تقاوم .. اشعرها بوجود من يساندها .. وبانانية تقبلت كل هذا .. بانانية سمحت لنفسها ان تحبه .. كانت تعلم بان لعنتها ستصيبه ومع ذلك لم تهتم .. ارادت ان تعيش حلمها لمرة واحدة معه حتى لو تخلت عن كل شيء .. ولكنها فشلت .. فشلت بعد ان جذبت من احبته الى الدرك السفلي من العذاب .. وهاهي .. تضطر للاستسلام .. كيف علم احمد نقاط ضعفها ... كيف تسلل الى داخلها واكتشف ظلامها بعكس علي الذي راى نورها .. كيف اجج اللعنة لتصيبها في منتصف صدرها .. اياد كسرها دوما ولكنها حافظت على روحها .. حتى بعد ظلمه وخيانته واغتصابها وضربها بقيت تشعر ببعض الامل بانها في يوم قد تصل وينتهي ذنبها .. اما احمد فقد عراها وجعلها تواجه ذلك الظلام مرة اخرى .. جعلها تختار بين حياتها وحياة غيرها .. ومرة اخرى فشلت .. مرة اخرى اختارت ان تتخلى لاجل نفسها .. عند هذه النقطة شهقت وكأن انفاسها حتى خذلتها فلم تعد تود مغادرة رئتيها ... وبسيل دموعها كتمت صرختها بباطن كفها وهي تأن كحيوان جرح في مقتل بعد ان استندت على احد الاعمدة في الشارع ( اااه يا علي ... مالذي فعلته معك ... اااه .. لقد خسرتك .. لقد خسرت حبك .. حبك الذي كنت مستعدة ان اشتريه بكنوز الدنيا .. فقدته .. لان الثمن كان نفسي ... ولم استطع .. فقط .. لم استطع ان اتخلى عن ... نفسي )
وكأن نطق هذه الكلمات بصوت عالي جعلها تعترف وتقر بذنبها الذي اقترفته .. بانهيار بكت .. وبجنون ضمت نفسها وانينها يرتفع .. لقد بدا مظهرها لكل من مر عليها مؤلما .. يتوقفون ليرونها ثم يتحوقلون ويمشون بعد سماعهم لصرخاتها بان يتروكها لوحدها .. عيون أخذت تراقبها من بعيد وقلب للمرة الاولى يستشعر نصل السكين منذ فترة طويلة جدا .. رغم انها تستحق .. رغم كل ظلمها الذي يعرفه .. الا ان ما راه ايقظ فيه تلك النقطة البيضاء المتبقية في قلبه .. هزة واحدة فقط هي كل ما شعر به قبل ان ينتفض غاضبا من جبنه ويرفع هاتفه بسرعة ليخبر محدثه على الطرف الاخر ( نفذ فورا .. نظف كل شيء كما اتفقنا )
زادت قسوة نبرته وهو يسمعها تنادي على علي .. علي الذي واخيرا نجح بتقديمه كقربان ليأخذ الاضحية كاملة .. فلكي يحصل على علا كان عليه ان يقدم الثمن وينهي كل الحبال التي تعينها وتنقذها .. واولهم علي .. فهكذا فقط يستطيع ان يفعل بها ما يشاء .. دون ان يقف في وجهه احد .. عاد غضبه ليتفاعل اكثر مع عودتها لمناجاتها الحائرة الحزينة واسم علي يتردد بين طيات الهواء وذراته .
عالم ابيض يشعر فيه المرء بانه مفصول عن الدنيا ... عالم مليء بكافة المشاكل والمصائب حتى ليشعر الانسان بان مصيبته تهون امام مصائب غيره .. بصبر كان يقف علي مستندا على احدى جدران المشفى بانتظار السماح له بالدخول .. سما .. اخته الاقرب الى نفسه ... انهارت واخيرا .. اجل انهارت بعد ان قدمت كل ما تقدر عليه .. وفي النهاية .. فقدت الطفل الذي ما ان علمت بامره حتى علم كل من في الجامعة به .. يد مرتجفة تمسكت بكفه وصوت مهزوز بتهدج تسلل من جانبه ( ستكون بخير .. اليس كذلك .. ما يفعلونه امر عادي .. هكذا قالت الممرضة .. اليس كذلك يا علي .. ياللهي .. لقد كدنا ان نفقدها اليوم .. من كان يتصور .. من كان يتخيل .. انها حامل .. هل لهذا .. كانت تود ان تقابلنا )
كانت أسيل تهذي .. وكان هو يعلم انها تفعل هذا دوما كلما استبد القلق بها .. لم يكن يجد اي اجابة يجيبها بها .. او يطمئنها .. لانه هو نفسه قلق عليها .. لاول مرة يشعر بقلبه منقبضا هكذا .. وكأن انفاسه خانته وتسللت بعيدا عنه .. ان يحدث اي شيء لسما دون ان يتمكن من مساعدتها لهو كابوس يكره ان يراه او يعيشه .. بندم شعر بتقصيره معها .. عندما انشغل باحلامه وبعلا حتى ماعاد يراها او يرى عماد ابنها .. ومع ذلك لم تتذمر .. رغم انها معه في نفس العمل .. وامام عينيه .. لم تحاول ان تستأثر به .. او تكلمه .. وكأنها بعدما حدث لها من سراج اصبحت تأنف الدنيا كلها .. تلك الدنيا التي ابت ان تتركها ايضا فعادت لتصفعها وبقسوة مميتة .. صوت رنين هاتف انتشله بقوة من أفكاره فالتفت الى اسيل التي رفعت هاتفها بتلقائية مجيبة ( أجل يا ادهم ... انا .. عند سما .... ولكن ... كيف عرفت انها بالمشفى ... ماااااذا .. كيف يعني ...)
كلمات اسيل المتقطعة اججت نيران صدره المرعوبة وهو يراها تنهار بدموع كالسيل ما ان سمعت ما قاله ادهم لها .. بنبرة مرتجة هتف بحنق قلق ( مالذي يحدث .. لماذا تبكين هكذا )
بكلمة واحدة اجابته .. ( سما ) وبحركة مستسلمة اعطته هاتفها لتنهار جالسة على احد الكراسي المتناثرة وقد دفنت وجهها بيديها .. ببطء مرتعش وضع الهاتف على اذنه .. وبقلق سأل ( مالذي ... )
ولم يكمل سؤاله بعدما ادرك هوية المتصل لذا بسرعة اضاف ( مالذي يحدث يا ادهم .. مالذي قلته لأسيل)
ارتفع صوت ادهم بحدة طفيفة وهو يكرر ( علي .. استوعب معي ما سأقوله .. خبر سما انتشر في مواقع الانترنت بعد ان سربه احد المواقع التي تتناول الشائعات بطبيعتها .. الموضوع انتشر كما النار في الهشيم وقد تم تصوير سما وهي واقعة على الارض كدليل على صدق الخبر .. لقد سمعت بالامر عن طريق الصدفة في مبنى القناة ... انا الان في طريقي اليكم فقط بعدما تبلغني باسم المشفى .. وعندما اصل اليكم سنرى ما يمكننا فعله كي نقلل من حجم انتشار الخبر )
تلك الكلمات مثلت اعظم كابوس قد يراه علي وفكرة واحدة تسيطر عليه .. سمعة سما التي جاهدت طويلا لبنائها قد تهشمت وكفتاة مطلقة وغنية سابقة الجميع سيحكمون نفسهم كقضاة وجلادين ليحكمو عليها .. بلا وعي املى ادهم عنوان المشفى ثم اقفل الهاتف واعطاه لاسيل المنهارة ببكاء وشهقات متتالية ويده تبحث عن الخبر في الانترنت .. كلام ما ان راه حتى تشنج جسده بذهول من هوله وقد تاه في عظم الامر الذي يحدث لسما .. تشوش كامل اصابه وانفاسه تحبس في صدره دون ان يعلم ما عليه ان يفعله وكيف يجب عليه ان يتصرف في تلك اللحظة .. ولكن منظر واحد كان هو الفيصل بالنسبة له .. منظر سما التي اخرجوها في تلك اللحظة وهي نائمة ببراءة تحت تأثير المخدر وقد ظهر الشحوب المخيف على وجهها و لفت يدها بالكامل بالجبس المصلح للكسور كان كل ما يحتاجه من دافع ليرفع هاتفه ويتصل باخر شخص تصور انه سيتصل به .. رنين متواصل ثم صوت رجولي مستغرب يتساءل عن هوية المتصل .. لوهلة كاد ان يتراجع ويقفل الهاتف .. ولكن .. صدى صوت ادهم وهو يخبره عن انتشار الفضيحة شحذ همته فاجاب بصوت اخشوشنت نبراته ( انه انا يا سراج .. علي الشامي .. اعلم انك مستغرب اتصالي بعد هذه المدة ولكن ... عندما تكون حياة سما في خطر فلن اتردد عن فعل اي شيء لانقاذها )
بذهول خائف سمع صوت سراج المرتجف ( سما .. ما بها .. اخبرني .. هل حدث شيء )
بدأت القسوة تضرب صدر علي وروحه الحانقة تتمرد ( اجل .. حدث لها الكثير .. وانت فقط المذنب الوحيد في كل شيء .. سما في المستشفى بسبب انانيتك .. وانت .. كما في كل مرة تتخلى عنها عندما تحتاجك )
صمت ساد في الطرف الاخر قبل عودة صوت سراج الخافت المتلعثم ( ما .. مابها سما .. ارجوك .. اخبرني )
غيظ متفاقم اخذ يسيطر على علي مما جعله يقسو بكلماته التي تمنى لو انها رصاصات كي تصيب سراج في مقتل بعد كل شيء ( الان تظهر خوفك حقا .. لماذا فعلت هذا بها .. لقد كانت تعيش بكرامتها .. تعيش مرفوعة الراس رغم كل صفعات الدنيا لها .. ولكنك ابيت الا ان تلوثها .. ان تكسرها .. ان تصيبها بلعنتك المتكررة .. ثم .. تنسحب وكانك لم تفعل شيئا لتعيش حياتك في العلياء وتتركها تتمرغ في التراب )
صرخ سراج وقد استبد الرعب به ( تكلم يا علي .. مالذي حدث .. لست متفرغا لسماع كلماتك وتقريعك الان )
ابتسم علي بسخرية قاسية وهو يجيبه بحدة( اجل بالطبع لست متفرغا لشيء سوى لذاتك اللعينة وزوجتك الحرباءة .. فقط اخبرني .. مالذي استفدته مما فعلته بها .. مالذي استفدته من اعادة زواجك بها ومن ثم تركها كلقمة سائغة في يدي زوجتك الحقيرة ثم الصحافة التي نالت من شرفها )
عاد الصمت ليسيطر مرة اخرى قبل سماع علي لشهقة سراج المخنوقة وسؤاله المتقطع ( كيف .. من .. زوجتي من التي .. اي .. صحافة ... ياللهي يا علي كف عن التحدث هكذا وافهمني ما حدث .. ارجوك .. ارجوك )
نطق كلامه الاخير بصراخ مجنون جعل علي يدرك انه قد وصل لذروة احاسيسه .. تنهد ليسيطر على غضبه قليلا فهم من يحتاجون سراج الان ( زوجتك في البدء تسببت بسجن سما بتهمة لفقتها لها وكان ثمن خروجها هو ابتعادها عنك بالكامل هي وابنها .. ولكن زوجتك لم تكن تعلم بان هناك ضيف اخر قادم في الطريق .. ضيف ابى ان يغادر قبل ان يعلن للجميع عن وجوده وبأسوء طريقة .. سما يا سراج قد كانت حامل منك وقد سقطت عن درج الكلية مما ادى لاجهاضها الجنين امام جميع زملائها في نفس اللحظة التي نشر فيها خبر اجهاضها على مواقع الانترنت وقد اتهموها بشرفها عن طريق تساؤلهم الخبيث عن مصدر حملها دون ان يكون هناك خبر عن زواجها .. افهمت الان حجم ما تتعرض له سما .)
هذه المرة كان الصمت قاتلا ومرعبا دون حتى ان يسمع اي صدى لانفاس سراج .. دقيقة .. تلتها دقيقتين مرتا دون اي رد فعل من الطرف الاخر .. بتساءل تمتم علي ( سراج .. الازلت معي )..
صوت ازدرار لعاب كان الجواب قبل ان يسمع همسة بالكاد ظهرت ( اين .. هي .. سما الان )
قضم علي شفاهه وتوتره يتضاعف ( انها في المشفى بعدما قامو بعلاجها بعد الاجهاض كما انها تعاني من بعض الكسور .. هي لازالت لا تعرف بالمصيبة )
شهقة تلتها شهقة ثم صوت نحيب بكاء رجل انهار من عليائه ( زوجتي .. فعلت هذا .. وانا ... فعلت هذا .. ياللهي .. لقد قتلت الانسانة التي احببتها .. ياللهي .. ياللهي .. ما .. كيف .. علي .. مالذي علي فعله )
كلامه بهذه الطريقة خفف من غضب علي وحنقه فسحب عدة انفاس ليسيطر على غضبه ويفكر بهدوء قبل اجابته الحازمة لسراج ( اعلم ان وضعك صعب لانك متزوج زواج مدنيا ولكن .. يجب ان تعلن زواجك من سما على الملأ لتتبرء هي من التهمة المنسوبة اليها .. وهكذا من الممكن ان تبرر بقاء امر زواجكما سريا لانك متزوج من اجنبية فلا يجوز لك في قانون المانيا ان تتزوج من اخرى .. وصدقني .. لا يوجد امامك اي خيار اخر .. فهل انت مستعد لهذا الامر الذي سيؤثر عليك وعلى حياتك ومنصبك .. ام انك ستتراجع بجبن فقط)
علا صوت انفاس سراج واجابته تخرج من بين اسنانه ( لست جبانا يا علي واجل ساعلن زواجي منها رغم كل شيء .. اما ناتاشا فما قامت به يجعلها مذنبة ايضا لذا ليس امامها خيار سوى بقبولها هذا الوضع .. انا طلقت سما في نفس اللحظة طلقتان متتاليتان وقد سألت في الامر وعلمت بانها تحسب طلقة واحدة لذا .. ساعيد زواجي من سما بما يحفظ حقها وكرامتها وهذا اقل واجب اقوم به لام ابني بعد كل ما فعلته معها )
زفر علي انفاسه بقوة ويده تدلك جبهته وقد تهدلت كتفاه كمن ازيح عنه حمل ثقيل فظهر تعبه ( هذا جيد يا سراج .. عندما تستيقظ سما ساعلمها .. وبعدها سنرتب امر زواجكما بشكل معلن امام الجميع كي تخرس جميع الالسن .. والان .. عن اذنك ساذهب لاطمئن عليها )
هتف سراج بشكل فوري ( ارجوك .. طمني عليها عندما تستيقظ .. صدقني انا اعشقها رغم كل شيء .. الاشهر الماضية بدونها جعلتني ادرك كم قدمت لي وما جعلتها تعانيه .. صدقني سما تسري بداخلي مسرى الدم في عروقي وانا مستعد ان ادفع كل اموال الدنيا كي اعوضها لحظة من العذاب والهوان الذي راته معي .. كم .. كم اتمنى لو كنت معها الان لاحاول مواساتها )
ازدرد علي لعابه وشعور بانقباض صدره يؤرقه مع احساسه بالم غير متوقع في قلبه جعله ينهي الاتصال سريعا بكلماته الجافة ( حسنا يا سراج .. ساطمئنك عندما تستيقظ .. وداعا )
واقفل الهاتف بسرعة وعيناه تراقبان دخول ادهم لقسم الجراحة وعيناه اللتان اخذتا تبحثان عنهما حتى وجدتهما فاتجه اليهما سريعا وقد ظهر العزم بملامحه .. وبكلمات لا تقبل الجدل قال بعد ان وقف امام علي وصافحه ( يجب ان يعلن سراج زواجه من سما كي تنجو من الاقاويل .. هذا هو الحل الوحيد لدحض الخبر )
حرك علي راسه موافقا وهو يقول ( اجل لقد فعلت ذلك وابلغت سراج الذي وافق على اعلان الزواج عندما نتفق على الكيفية )
حرك ادهم راسه موافقا قبل التفاته باتجاه اسيل التي كانت تبدو وكانها في عالم اخر وقد شردت نظراتها وجفت دموعها على وجنتيها واسندت راسها بتعب على جدار المشفى .. وبقلب ارتجف بجنون امسك بكفها متسائلا ( حبيبتي .. كيف حالك .. هل انت بخير )
التفتت نحوه ببطء لثانية قبل ان تعود براسها الى موضعه الاول وقد اغلقت عينها وحركت راسها بحركة مبهمة .. من مظهرها ادرك حجم معاناتها فتألم اكثر لحالها .. خاصة بعد شجارهما سويا .. كم اراد لو يتكلم معها .. لو يصارحها .. لو يفهمها سبب تصرفه ولكن .. الوقت لم يكن مناسب لأي شيء .. لم يكن مناسب ليخبرها انها معها بعض الحق وانه تصرف معها كما اعتاد منذ بدأ يعمل فهو بطبعه لا يخبر احدا عن عمله وانه لم يقصدها هي تحديدا .. اجل.. وحتى عندما ثار عليها بسبب ابنائه فهذا لانه يود ان تكون كاملة معهم فلا ينقصهم شيء كما كانو مع والدته .. كان يعلم انه قد قسى عليها ولكنها ليست المرة الاولى خلال هذه الاشهر الثلاث التي تهمل في اعداد واجباتها ومسؤولياتها .. عدة مرات اهملت ببعض الامور وحاول ان يوصل اليها رسالته بطريقة متحضرة .. ولكن الامر كان بالنسبة لها عاديا .. مالمشكلة ان تأخر العشاء ساعة وسهر الاطفال .. مالمشكلة ان جلبنا غذاءنا من المطعم وتناولناه في المنزل .. مالمشكلة ان تأخرت في طي الملابس او تجهيز ملابس عملك .. مالمشكلة ان كان المنزل فوضويا فهذا امر طبيعي طالما وجد اطفال فيه .. ما ..ما .. ما .. حجج دوما كانت تصوغها امامه دون ان تقتنع بان هذه امور هو يراها مهمة .. لقد حاول مساعدتها في اعمال المنزل ولكنه لم يتمكن بالكامل من السيطرة على وقته بين عمله ومنزله ومسؤولياته .. لم يكن يشعر بهذه الاعباء مع والدته فلقد كان دوما ما يجد كل شيء في مكانه مجهزا في الوقت الملائم .. وبعد كل هذا يجدها تطلب العمل على برنامج اخر وهي لم تستطع بعد التحكم بحياتها بالاعباء المطروحة عليها .. انفجاره فيها في اليوم السابق كان نابع من محاولته ايقاظها على تقصيرها وتعمده الحد من طموحها كان حله الوحيد لتستيقظ على واقعها .. اليست هي من طلبت الامومة .. اليست هي من ابدت استعدادها بالكامل لتعتني بأطفاله رغم ان والدته قد عرضت عليها مساعدتها .. وبالطبع والدته منذ تزوجها وهي تراقبها عن كثب وتحاول اظهار اخطائها له وكانه ينقصه ذلك .. شعر بيدها تنقبض بين يديه فرفع نظره اليها ليجد عينيها تراقبان وجهه بتركيز حائر عاتب .. تنحنحت واعتدلت ما ان نظر اليها في نفس اللحظة التي اعلنت فيها الممرضة عن استيقاظ سما فهبت واقفة بسرعة كي تدخل عندها دون ان تتكلم باي كلمة له .. زفر انفاسه وهو يقف بدوره وقد شعر ان امامه مهمة طويلة كي يقنعها ويحاول جعلها تتاقلم مع حياته لتصبح كما يريد وتصل حياتهم الى الاستقرار الذي يتمناه .
كم هي غريبة هذه الدنيا عندما تصادفنا بابتلائاتها المتتالية حتى تصل بنا الى ان نصبح جثث متحركة وقد فقدنا شعورنا باي شيء فيها .. كان هذا تحديدا شعور أسيل وهي تراقب منظر سما والهدوء الذي ارتسم على محياها حتى غدت اقرب الى الموت منها الى الحياة .. لقد توقعت اي شيء .. ثورة .. غضب .. بكاء .. حنق .. ولكنها لم تتوقع هذا السكون وتلك القسوة المخيفة التي طلت من عيناها .. وبصوت كاد يقترب من الجمود سألتها ( اذن .. الخبر انتشر اليس كذلك )
بتلعثم اجابتها اسيل ( اجل .. ولكن .. حسنا ان علي وادهم قد اتفقا بان انسب حل يخرجك من هذه الورطة هو باعلان زواجك من سراج .. و ..سراج لم يعترض .. لذا .. لا تهتمي .. سيحل الامر قريبا )
ابتسامة ساخرة كانت رد سما على كلام اسيل وبصوت هازئ قالت ( اذن سراج سينزل من برجه العاجي ويقبل ان يتزوجني .. والله به الخير لم اتوقع هذه الشهامة المتاخرة منه .. هذا بالطبع ان وافقت السيدة ناتاشا على ما سيقوم به والا بالطبع ستحرمه من العز الذي يتمرغ فيه )
كلامها صدم اسيل التي اعتادت منها الدفاع الدائم عن سراج لكونه اب ابنها وحبيبها وزوجها السابق .. بتردد سألتها ( سما .. هل انت حزينة على فقدان الطفل )
رفعت سما عينيها وقد اكتستا بفولاذ ارعب اسيل اكثر ( حزييينة ! ... بالطبع كلا .. فانا لم اعد اود ان يربطني بسراج اي خيط اخر .. هذا الطفل .. ماكان عليه ان يأتي .. فلقد نتج عن غلطة .. والغلطة لا تنتج سوى غلطة .. وهكذا .. هو في النهاية اثر غير مرغوب به لزواج فاشل اهانني ولازال يصر على اهانتي )
لم تستوعب اسيل انها تحجز انفاسها الا عندما المها صدرها فاطلقت زفرة طويلة وروحها تأن بجنون .. من هذه التي تجلس امامها وتكلمها بكل صلف وبرود وتكبر .. من هذه الانسانة العديمة المشاعر .. هل يعقل ان تكون هي نفسها سما المليئة بالحيوية والطيبة والتفائل .. ببطء التفتت نحوها سما وعينيها تلمعان ببريق عزم اخاف اسيل وهي تسمعها تقول ( اريد ان ارى علي يا اسيل .. لوحدنا )
لوهلة ارادت التمرد .. ارادت ان تهز سما حتى تكسر هذا الجليد الذي يحيطها ولكن .. لمحة واحدة لقعر عينيها جعلها ترى ذلك الجرح العميق القابع فيهما .. جرح يأبى ان ينزف او يظهر قبل ان يجد الوقت الملائم لذلك .. بلا ارادة منها حركت راسها موافقة وهي تقف لتتجه الى باب الحجرة .. الا ان خفقة متمردة اصرت على الانفلات فالتفتت نحو سما وذهبت اليها بتصميم فاجئ سما قبل ان تمسك بها وتحتضنها وتقبل جبهتها وهي تتمتم بحب جارف ( الحمد الله انك بخير وانك معنا .. هذا فقط هو المهم .. اما الباقي فسيحل باذن الله )
بادرة حنان استقبلتها سما باهتزاز غشى عينيها بغيوم دمع ابت النزول .. وبيد مرتجفة ربتت على كتف اسيل هامسة ( اشكرك يا اختي )
كأن ما حدث ما هو سوى استراحة محارب لكليهما واعلان تجديد عقد دعم وشراكة بينهما .. عقد صداقة ختمتاه بحبهما الكامل الصادق .. تنهدت اسيل وهي تحاول السيطرة على دموعها ريثما تخرج من الحجرة وقد استبدت بها احاسيس متناقضة .. بانهيار رفعت عينيها لعلي وهي تقول له بنبرة تشبعت الما ( انها تريدك .. ولكنها ليست سما التي نعرفها يا علي .. فمن في الداخل خيال جثة تحولت لدمية فولاذية )
حرك علي راسه موافقا وقد بدا متوقعا لما حدث وهو يطرق باب الحجرة ثم يختفي خلفه بهدوء وقد حرك راسه باشارة مطمئنة لاسيل التي كانت تراقبه بعيناها وقد عاد دمعها يغلبها مرة اخرى وهي تجلس على المقعد وقد خانتها ساقاها .. وهنا عادت لتشعر بيدي أدهم تضمان كفيها وبصوته الحنون يسالها ( حبيبتي.. اهدئي ..هل انت بخير )
التفتت نحوه وعيناها تنبئان بشرودها في عالم اخر وبنبرتها التي فقدت رونق الحياة فيها فبدت مبحوحة خشنة محملة بطاقات من الالم اجابت( بخير ! ... لا أعلم .. لا أعتقد )
عقد ادهم حاجبيه ويداه تزيدان من ضم كفيها وهو يتمتم ( أسيل .. اهدئي .. انت اقوى من ذلك .. سما بحاجة اليك )
مطت اسيل شفتيها باهمال قبل ان تعود لشرودها وهي تتمتم ( اعتقد ان سما منذ اليوم لن تحتاج لاحد .. فمن رايتها بالداخل امراة لا تعرف للاحاسيس اي منفذ )
ربت أدهم على كفها مطمئنا ( اعذريها يا اسيل .. فما تعرضت له ليس ببسيط .. بالتاكيد هي مصدومة فلقد تلقت عدة صفعات متتالية .. الجنين .. فقدانه .. وسراج .. وفضيحتها .. وزواج اصبحت مضطرة له )
عادت اسيل لصمتها الشارد للحظات قبل خروج صوتها البائس بحزن ( انا .. اعذرها حقا .. ولكن .. رغم كل شيء ..ورغم أن هذا ما كان يجب ان يحدث الا اني قد حزنت بشدة على الطفل الذي مات دون ذنب .. اتعلم .. عندما سالتها عنه اجابت بكل قسوة انه غلطة ما كان يجب ان يعيش اصلا وانه من الجيد موته .. انا ...) تلاحقت انفاسها لوهلة مانعة الكلمات من الاسترسال قبل تحريكها لرأسها بعلامة الرفض وهي تكمل ( انا لا الومها .. يعلم الله اني مقدرة لوضعها فوجود طفل اخر من سراج في هكذا اوضاع سيكون كارثيا عليها وسيؤدي لتعقيد هي في غنى عنه .. ولكن )
وعادت مرة اخرى لصمتها كمن يحاول استجماع نفسه واحاسيسه قبل ان تكمل بصوت ارتجف وتبعثر ( بلا ارادة ..وبلا سيطرة مني .. لقد فكرت .. كيف يكون هناك اطفال يفرح اهلهم بتخلصهم منهم واشخاص يتمنون رؤية ظفر طفل يدخل السعادة عليهم )
وزفرت انفاسها بتهدج مرتجف قبل متابعتها لحديثها وقد لوحت بيدها باضطراب ( أعلم ان الله عادل .. وان هذه هي تصريفات القدر .. وبان لكل انسان نصيب من الدنيا كما انه ايضا مبتلى .. ولكن )
واشارت الى صدرها ( لازلت اشعر بذلك الفراغ الذي يملأ صدري ألما .. شعور ان اكون أم .. ان يتحرك جنين في احشائي .. ان ينتمي لي .. كله لي وحدي )
تمتم ادهم برجاء ويده تستقر على يدي اسيل اللتان عقدتا عند قدميها ( ولكن اية وايهم لك يا اسيل .. هم ابنائك حتى وانت لم تنجبيهم )
التفتت نحوه مبتسمة بحزن متألم وبنظرة غرست مئة سكين في قلب ادهم وهي تتمتم ( هل تعتقد حقا انهم لي .. وباني امهم .. اعذرني ان لم اصدق هذا فيبدو اني لن ارى نفسي كأم لهم طالما انك انت ووالدتك لا ترونني مناسبة لهذا المنصب وتحاولون املاء كل صغيرة وكبيرة علي لدرجة فقدت فيها حق الشعور بانتمائهم لي )
كلماتها صدمت ادهم بقسوتها فتمتم بخفوت ( لماذا يا اسيل .. لمَ تقولين هذا الان .. مالذي فعلته معك .. كيف اذنبت بحقك .. بل كيف اذنبت امي كما تقولين )
مطت اسيل شفاهها وقد ابعدت يديها عن اكف ادهم وضمتهما الى صدرها في موضع قلبها متمتمة بخفوت أكبر ( هل تظن يا ادهم باني لا اعلم عن كلام والدتك عني ومحاولتها الدائمة بان تظهر تقصيري الدائم باتجاهكم .. وتهول اخطائي امامك .. هذا غير حجتها باني لن استطيع النجاح والتوفيق في تربية ابنائك كما تريد انت لاني لست امهم ولست حريصة على مصلحتهم فهم ليسو من دمي لذلك سافسدهم بجهلي لاصول التربية الصحيحة ... )
كانت كلماتها تخرج سريعا مع انفاسها المتلاحقة .. كلمات تبعثرت ببطء قبل ان تتمها وقد التحمت عيناها بعيني أدهم بجرأة اصطنعتها ولم تعد تملكها حقيقة ( هل تعتقد اني لا اشعر بقسوتك علي ورغبتك أن أكون كاملة معهم فلا أفسد نظامهم الذي اعتادو عليه وذلك كرد فعل منك على والدتك كي تثبت عكس كلامها وتظهر اني قادرة على ذلك )
ثم سحبت نفسا طويلا وصوتها يزداد رجفة ( أدهم .. ربما امك على حق فهي تفتقد أحفادها الذين تشعر بانهم من حقها فهي من ربتهم منذ كان عمر ايهم سنة واية شهر فقط وانا ليس بمقدوري منازعتها هذا الحق ... فابناءك ايضا يرون جدتهم هي صمام امانهم وحجر ثباتهم واساس حياتهم ) وتنهدت بعمق تحمل بنفحات وجعها ( أدرك رغبتك في تعويضي لأمومتي ولكني لا أقبل ان اسرق هذه الامومة من شخص اخر .. هذا ليس من حقي .. لقد اعتدت على فكرة أني لن اكون اما لذا .. لا تحاول ان تبني بناءا على أرض متزلزلة كليا ) اضافت الجملة الاخيرة بتحذير صارم قبل وقوفها ببطء وهي تقضم شفاهها مشيرة بيدها نحوه ( أعتذر اني شغلتك عن عملك بمشاكلي و أشكرك على وجودك معي ومحاولتك المساعدة من اجل صديقاي .. اما الان فيمكنك الذهاب الى عملك فانا اعلم انك ستصبح مشغولا بالتنظيم لبرنامجين كبيرين )
وقف أدهم بدوره وقد بهتت ملامحه من هول صدمته وهو يراقب جمود ملامح اسيل متمتما ( أسيل .. مالذي تقولينه .. هل تعين ما تفعلينه الان .. انت تعيدين بناء كل الحواجز بيننا .. أسيل .. انا زوجك .. ترى هل نسيت هذه الحقيقة في خضم غضبك )
مطت اسيل شفتيها بلامبالاة وهي تجيب بنبرة ازدادت ثلجية ( أنا لا ابني شيء فأنت من بنيت هذه الحواجز يا ادهم عندما اخترت التعامل معي بتجاهل فيما يخص عملك .. وانا سافعل المثل فقط .. ان كنت ترى اننا لا يجوز ان نتشاور كزوجين في ما يخص عملنا فهذا تحديدا ما سأقوم به بدوري فقرارات عملي تخصني وحدي ولا يمكنك التدخل فيها فلقد خسرت هذا الحق عندما اتخذت قرارك بدوني .. وانا لست من النوع الذي يتنازل عن قناعاته او طموحه لاجل اي كان .. لذا فكما لن احاسبك على قناعاتك اتركني بدوري بقناعاتي وتأكد تماما ان مستقبلي المهني انا الوحيدة القادرة على التحكم به .. اما ابناؤك .. فساترك لك حرية التصرف معهم كما ترى مصلحتهم وساحاول ان اؤدي واجباتي قدر استطاعتي )
عقد ادهم حاجبيه ووجهه يزداد شحوبا مع كلماتها الحازمة وقد بدأ الغضب يتسلل الى نبرة صوته ( أسيل هل تعين ما تقولينه .. انت وكانك تخطين قرار انفصالنا .. هل انت جبانة لهذه الدرجة .. لقد اخبرتك انني تصرفت في عملي كما كنت معتادا .. وانت الان تتخلين عن كل شيء لاجل جنون واوهام صدقتها بنفسك دون دليل )
فركت اسيل جبهتها بيدها لتخفف من ثورة توترها بسبب كلام ادهم ثم رفعت راسها قائلة بخفوت متالم ( أتعلم .. دوما ما كنت تغار من ثقتي بعلي .. ربما ان الاوان ان تفهم لم اخترته كسند لي في هذه الدنيا .. علي دوما ما كان يخبرني رأيه .. وينصحني .. بل ويقسو علي في كلامه واتهاماته .. ثم يتركني لاتخذ قراري بقناعتي الذاتية دون ان يضغط علي .. وبعدها كان يدعمني بأي قرار اتخذه وكانه قراره .. مهما بدا هذا القرار خاطئا فيما بعد كان يقف الى جانبي ويعالج اي اثر يصيبني ويجد الحلول لي دون ان يقول لي للحظة واحدة .. ارايت .. لو انك اخترت هذا الذي قلته لما حدث ذلك .. افهمت لاي درجة وثق بي علي .. للدرجة التي لم تصلها انت يا ادهم رغم محاولتك ذلك ومحاولتي ان اتخذك كسند لي .. انت .. انت تتعمد اشعاري باني ضعيفة .. تتعمد اشعاري بالخذلان .. معك اشعر بانك تشفق علي .. وهذا .. هذا شعور صعب جدا .. ان تشعر بان حبيبك يشفق عليك ويعاملك كانك طفلا ويخفي عنك نفسه بحجة انه خائف عليك او غير واثق بك .. هذا تحديدا .. مالن اقبله منك يا ادهم .. لقد اخبرتك قراري الذي استشعر به بكرامتي .. و .. انت حر بكيفية تفسيرك لهذا القرار او بطريقة تعاملك معه .. ولكن .. اياك ان تجعلني خاطئة وتحاكمني وكأنني اتخلى عنك او اتراجع عن مسؤولياتي .. فانت السبب بشعوري وكاني اقف على هاوية انتظر ان اسقط فيها واخاف ان اخطئ كي لا اؤذيك او اخيب ظنك )
تلاحقت انفاس أدهم بشكل جنوني وقد اتسعت حدقتاه وكلامها يثير فيه شتى انواع الغضب والغيرة والخوف مما تقوله .. احساس بانه دون ان يشعر اذاها وقد اعتقد انه يحسن اليها .. بخفوت قاسي نجم عن تشتت احاسيسه ( اسيل .. انا الذي لن اقبل ابدا ان تحاكميني وتصدري قراراتك وكأني عنصر فائض كما لن اقبل بتاتا ان اوضع في مقارنة مع اي رجل اخر .. لا يوجد شخص يقبل على نفسه وكرامته ما قلته للتو .. خاصة انني لم اخطئ في حقك يا اسيل .. اجل لم اخطئ .. لقد صبرت كثيرا عليك ولاحقتك دوما ولكن يبدو بأن من لديه طبع الهرب سيستمر بذلك دوما .. وانا .. تعبت حقا يا اسيل .. تعبت من اختلاق الاعذار لتهورك وتقبل طيشك الذي احبه ومع ذلك اخاف منه .. ثم .. انا لم اشفق عليك يوما فلا تتهميني بهذه التهمة بلا دليل )
كانت المواجهة الاولى لها معه .. كما كانت المرة الاولى التي تتذوق فيها قسوة ادهم وصلابته وعناده .. لم تعلم ان كانت على خطئ بكلامها فثقته هزت ثقتها بنفسها .. هل حقا استعجلت وظلمته .. ام انه يحاول اخفاء جرمه برمي الذنب عليها .. حيرة قاتلة المتها اكثر وشوشت كل قرارتها التي قالتها بلحظة تهور والم وتشتت خاصة بعدما حدث لسما .. لحظة امتدت عندما خرج علي امامها لتنسى كل شيء وتشهق من منظره المخيف ونظرته التي فقدت كل عزيمتها وقد تهدل كتفاه باستسلام منهار .. هل يعقل ان يكون هذا نفسه علي الذي دوما ما استمدت قوتها منه ومن ايمانه بربه .. بلا وعي عادت دموعها تضبب رؤيتها وهي تمسك بكف علي متسائلة ( مالذي حدث .. مالذي قالته سما .. ما بك ياعلي .. ارجوك انت تخيفيني )
رفع عينيه اليها وبيده الحرة ربت على كتفها بحنان أخ تخلى واخيرا عن القتال وانهار في خضم معاركه .. وبنبرة راجية اجابها ( ما طلبته سما مني هو حقها الذي اتمنى ان امنحها اياه ان استطعت .. ولكن .. يبدو انني قد لا اتمكن من عمل اي شيء في الوقت الحالي .. فلقد .. انا .. )
وزفر انفاسه بتعب واضح مثيرا رعب اسيل بشكل اكبر دون ان تستطيع حتى حثه على الاكمال وقد شعرت بهول مصيبته خاصة عندما نقل انظاره الى أدهم قائلا ( أسيل بامانتك يا ادهم وانا واثق انك ستحافظ عليها .. انا ذاهب الى الشرطة فلقد تم استدعائي للتو للمثول بين يديها بسبب دعوى قضائية رفعت على الشركة بشكل كيدي لا احد يعلم ان كان حقيقة ام خيال .. والان .. ليس امامي سوى تسليم امري لله وللعدالة )
بلا سيطرة هتفت اسيل برعب ( وعلا .. لماذا انت .. اليست هي المديرة )
اقفل علي عينيه للحظة قبل ان يفتحهما وهو يزدرد لعابه ليجلو صوته من احاسيسه المتوترة ( انا المدير .. هي الممولة .. الخطأ باي امر انا الذي احاسب عليه .. ثم .. يبدو ان .. كل ما يحدث .. هو .. بسبب علا .. ولكن .. لازال الوقت مبكرا للحكم .. خاصة انها قالت قبل اختفائها انها ستحل الامر .. والان .. عن اذنكم .. اعتني بسما يا اسيل ريثما اعود )
قال جملته الاخيرة بمزاح متأمل جرح اسيل اكثر وهي تشعر بانه يودعها .. كانت تنتفض بجنون وقد اخذت تترنح الا انها شعرت بيد أدهم التي سندتها وبصوته الحازم وهو يقول ( ابقي مع سما وانا ساذهب لارى ما الامر مع علي .. لن اتركه لوحده هكذا )
بأمل رفعت عينيها اليه وهي ترجوه ( اجل .. ارجوك اذهب .. ارجوك اعده فهو مظلوم )
حرك راسه موافقا وربت على يدها متنهدا وهو يهمس ( هناك كلام عالق بيننا يجب ان نحاول ايجاد حل له فيما بعد .. فانا يا حبيبتي .. لن احتمل لحظة في هذه الدنيا وانت حزينة بسببي )
كان كلامه سريعا كاعتراف خجل ان يقوله سابقا كي لا يظهر ضعفه امامها .. وبنفس السرعة غادرها ليلحق بعلي وهي لا تزال متشنجة تحاول استيعاب كل ما حدث معها وما قاله ادهم في النهاية لها .. شعورها بانها وسط دوامة تزايد مع صوت سما التي خرجت وهي تترنح امامها وقد ارتدت كامل ملابسها فشهقت اسيل وهي تمسكها هاتفة ( مالذي تفعلينه يا سما .. ستؤذين نفسك هكذا .. انت لازلت ضعيفة )
حركت سما راسها بالرفض وهي تجيبها بحزم متعب ( انا بخير .. انها مجرد عملية تنظيفات للرحم بعد اجهاضي للطفل .. والان .. لا وقت للراحة .. يجب ان اجد علا واتحدث معها .. فانا .. لن اسمح لعلي ان يدفع ثمن جنونها وجنون زوجها .. وساحاربها حتى لو جعلتها تسلم نفسها مكانه .. هيا بنا )
تمسكت اسيل بسما وهي ترجوها ( فقط اخبريني .. اين تودين الذهاب .. لنحاول محادثتها بالهاتف اولا .. ارجوك يا سما .. لا اريد ان تسقطي بين يدي الان او يحدث لك اي شيء )
نظرة سما الحازمة وصوتها القاسي وهي تقول ( اسيل .. هي لم ترد على هاتفها مع علي .. و .. لا تخافي لن اسقط .. ثم لا وقت لتلاعبنا )
اغمضت اسيل عينيها بحيرة وقد ازداد تشوشها بسبب ما تلقته من صفعات متتالية ولكنها عادت لتفتحهما على اتساعهما مع الصوت الرجولي الذي قاطع كلامهم ( هل انت السيدة سما العوضي )
بهدوء حذر اجابت سما ( أجل .. من انت )
التفتت اسيل لتجد رجل بدا في اواخر الثلاثينات وقد بدت عليه الهيبة والغموض بملابسه الرسمية وبذلته السوداء .. قطع تأملها اجابة الرجل بهدوء اكبر ( واخيرا وجدتك سيدتي بعد ان فقدنا الامر بذلك .. انا محامي زوحك السابق الاستاذ أنور العوضي والذي توفي من شهرين وترك كل امواله باسمك كونك الوريثة الوحيدة له والقريبة التي اعترف بها كشخص يتصرف بما يملك ان حدث له شيء )
كان هذا الخبر بمثابة الصدمة التي لم يتوقعها احد .. صدمة تحولت لذهول اكبر وسما تردد بخفوت مستنكر ( أنور .. مات ... و .. انا وريثته .. اي مقلب هذا )
ابتسم الرجل بلطف مجيبا ( اعذريني سيدتي ان بدا الامر كمزحة سخيفة ولكنه حقيقة فعليه .. اعتقد ان المكان هنا غير مناسب للمناقشة فيه خاصة باني لست وحدي من توصل لمكانك فهناك بعض الصحافين الذين يقفون بالاسفل وعلى ما يبدو يودون لو يقومون معك بلقاء .. سيارتي تقف عند الباب الخلفي للمشفى ويبدو انك كنت تنوين الخروج فلم لا اصطحبك للمكان الذي تودين الذهاب اليه واحدثك بالطريق عن موكلي السيد انور وطريقة وفاته المفاجئة وسبب تحول كل امواله لك .. وهذه بطاقتي التي تثبت باني محام معروف فنظرات صديقتك تبدو وكانها رصاصات تتهمني فيها بالكذب )
رفعت اسيل راسها وقد فتحت فمها لتجيب بحدة وترفض الا انها تفاجأت بموافقة سما الهادئة بكل برود ويدها تقبض على يد اسيل كي تمنعها من الاعتراض ( حسنا استاذ سمير .. هل يمكنك ان تقلنا بسيارتك بعيدا عن الصحافة )
كانت كلماتها صفعة حقيقية لاسيل التي استبد بها الرعب وهي تشعر وكانها دخلت في مستنقع للمجانين وتسارع الاحداث يخيفها .. وبانفاسها المتلاحقة نظرت الى سما التي رجتها بعينيها بدورها ان تثق بها وتصاحبها قبل ان تلتفت لتلحق المحامي الذي تقدمهم ليدلهم على الطريق ..وكحل نهائي امامها تبعتها ويدها تبعث برسالة لنسمة التي كانت قد حاولت الاتصال بها سابقا ولكن هاتفها كان مقفلا .. رسالة تمنت لو تفهم نسمة فحواها وتتصرف على اساسها فلم يعد امام اسيل غيرها لتستنجد بها .

فوضى عارمة هي الوصف الامثل لما تتعرض له هنا .. في بيت اهل نادر .. وكأنهم يتعمدون اغراقها بشتى الامور ليشعروها بانها غريبة .. وبان مكانها ليس بينهم .. ومهما حاولت التلطف والتقرب ..واجهها الجميع بالصد والنفور .. وكأن هذه المشاعر تنقصها .. فمؤخرا اصبحت ترزخ تحت ثقل احاسيس تكرهها .. الوحدة .. الفراغ .. الضياع ..والخسارة .. حتى عملها الذي كانت تجد فيه المتعة سابقا .. لم تعد تستطيع تقبله بعد موت زملائها هكذا .. والان .. عندما رات نادر بين اهله .. كيف ينتمي اليهم .. كيف يحبونه ويحتونه .. كيف ينظرون اليه بفخر .. شعرت بالحسد .. فهي لم تشعر منذ زمن باحساس العائلة الذي تفتقده .. من اجل من تسعى للنجاح ان لم تجد احدا يفخر بها .. حتى فخرها بنفسها بدا تافها امام صدق دعاء ام نادر له ،، ضحكة اخته وسعادتها به .. وفرحة والده وحنانه الذي يغدقه عليه .. ثم مشاكسات اخيه اللذيذة وتمثيله للغيرة الاخوية .. حتى سمر بدت وسطهم وكأن هذا مكانها الطبيعي .. فالجميع يشركها بالراي .. والجميع يتعامل معها على انها ابنتهم .. هي وحدها من عزلوها دون ان يسعو حتى لمحاولة اشراكها معهم .. بنفاذ صبر اتجهت الى سطح المنزل وقد اخذت ادوات التنظيف معها بعد ان الحت على ام نادر لتمنحها عملا تساعدهم فيه فهي ليست ضيفة لتستسلم في النهاية وتطلب منها ان تنظف علية المنزل كي يضعو حاجيات العرس الزائدة فيه .. شعورها بانها لوحدها عندما دخلت المكان اراحها قليلا كي تتمكن من استجماع نفسها والعودة لقناع فولاذيتها الذي ترسمه امامهم .. بحيرة نظرت حولها لا تعلم من اين تبدأ فلقد كان المكان غارقا في الفوضى .. رفعت حاجبيها بتحدي وقد نوت ان تخوض الامر كمغامرة فخلعت قميصها لتبقى بالبلوزة القطنية الداخلية الخفيفة كما رفعت اطراف بنطالها الى ركبتيها وجمعت شعرها بعقدة فوضوية ووضعت دلو الماء امامها لتبدأ في عملها بهمة ونشاط مركزة جل تفكيرها على ما تقوم به .. لم تعلم كم مضى عليها من الوقت ولكنها كانت تشعر بان حلقها قد جف نهائيا من كثرة ما استنشقت من الغبار كما كانت تشعر بان جسدها المتعرق والمتسخ سيحتاج الى عدة حمامات لتزيل كل اثار الاوساخ عنه هذا دون ذكر شعرها الذي بدا ابيضا بدل لونه الاسود بسبب ما تراكم عليه عندما حاولت تنظيف سطح الحجرة بالمكنسة .. بلا قصد اصطدمت يدها بقوة في احد الارفف فصرخت بألم ثم اخذت تفرك معصمها وهي تزفر انفاسها بتعب وقد اخفضت راسها وأغمضت عينيها متأوهة ومتمنية لو تجد امامها كوب ماء بارد يخفف عطشها صوت رجولي متسائل جعلها تعتدل بشكل فوري وقد غزا الاحمرار وجهها بسبب الفوضى التي يغرق بها مظهرها ( هل انت بخير .. دعيني ارى .. هل اصيب معصمك )
لم تعلم لم منذ قبلها اصبحت كلما اقترب منها تتشنج كل اجزاء جسدها وتتمرد على عقلها وهي تخضع لهيمنة وجوده وعطره المتسلل بجنون الى خيشومها فتعود لتغرق في تلك اللحظات مرة اخرى .. عندما شعرت بنفسها كانثى يقبلها من تحب .. بهدوء احست بيده التي امسكت معصمها لتعاينه وقد ركز انظاره عليه فحمدت ربها انه لم يرى نظرتها التي تأكدت انها ستكون بلهاء مبهورة به رغم كل غضبها المتراكم عليه .. بتلعثم اجابت عندما راته يرفع عينيه بتساؤل ( لا عليك .. انها اصابة بسيطة لم اتأذى منها .. اشكرك على سؤالك )
حرك يدها وكأنه اراد التأكد من كلامها فصمدت ورفضت اظهار اي الم امامه وقد اصطبغت عينيها بتحدي جعله ينسى كل شيء ويذوب شاردا فيهما .. في تلك القوة التي اصبحت تجذبه كمغناطيس نحوها .. مظهرها للتو رغم انه مضحك ومتسخ الا ان قلبه خفق لها بجنون غريب .. راها تقضم شفاهها المتشققة فارتعش جسده بلا ارادة وحاول تجاهل الامر برفعه للكوب الذي كان يشرب منه وارتشافه للشاي كي توقظه السخونة فلا يقوم باي تصرف احمق .. وهنا رأى عينيها التائقة التي تبعت حركة يديه فبدت متوسلة راجية وهي تسأله ( اهذا .. شاي )
ياللهي .. كيف لسؤال بسيط كهذا ان يؤجج النيران في روحه ويغرقه في ذكرى قبلته لها .. تلك القبلة التي ذاق فيها شهد الجنة قبل ان يحرم نفسه منها بحماقة .. بلا تخطيط مد يده التي تحمل الكوب اليها وكانه يدعوها ان تشرب منه .. لم يتوقع سرعة استجابتها وتناولها للكوب بلهفة قبل ارتشافها لمحتوياته بنهم متلذذ اقشعر له جسده وقربها يحيل احاسيسه الى بركان متفجر .. بتنهد طفيف اخفضت الكوب وقد اكتسى وجهها ببعض الاحمرار وهي تمده له قائلة بحرج ( اعتذر .. لقد لوثت لك الكوب بفمي ويدي .. لقد كنت عطشى واحتاج لأن اشرب اي شيء .. سأذهب لأحضر لك غيره )
بتحدي استغربه من نفسه امسك بالكوب من فوق يدها ورفعه نحو شفاهه ليشرب من نفس موضع فمها عليه .. لم يعلم لم قام بهذا ولكنه اراد مشاكستها ..و اراد الاقتراب منها .. كما اراد لو تذوق هذا الثغر مرة اخرى ولو بشكل غير مباشر .. شعر بارتعاشها وتجاهله كما شعر بيدها التي ارادت ان تنسحب من اسفل يده فمنعها وهو يعيد لها الكوب مرة اخرى قائلا بتحدي مشاكس ( ها قد شربت حصتي .. وبقي القليل من حصتك ان قبلت بها طبعا والا .. يمكنك احضار كاس اخر ان اردت )
كان يعلم انها تستجيب لاي تحدي مهما كان .. وبشوق مجنون اراد ان يجرها الى هذا الفخ الذي ايضا استجابت له وعيناها تنافسا عيناه وهي ترفع الكأس لتشرب بدورها من نفس موضع فمه وقد زاد اصطباغ وجهها بالحمرة التي زادتها جمالا جعله يبتسم ويده ترتفع بتلقائية لترفع خصلة من شعرها كانت قد سقطت امام عينيها .. وهنا لاحظ تلاحق انفاسها وانكماشها الخجول بسرعة طفولية ادرك فيها كم هي بريئة وسهلة الاصابة بالعطب .. ملامحها المكشوفة ومشاعرها المضطربة وخجلها الزائد كل هذا جعله يستشعر براءتها وانعدام تجربتها وعذرية احاسيسها التي على ما يبدو لم تتحرك سابقا ولم تحاول التعرف على الجنس الاخر باي شكل كان .. كانت كالعصفورة المحجوزة بقفص خوفها مما حدث لها .. راها تتراجع ببطء فوجد نفسه يمسكها مانعا اياها وقد غلبت رغبته في التعرف عليها تعقله وتأنيه ورفضه السابق لاقترابه منها.. بمشاكسة اكبر وقد فتنته ردود افعالها اخذ ينفض الغبار عن شعرها ووجهها بمنديل اخرجه من جيبه .. راها تقضم شفاهها وشعر بانتفاضها العنيف فازداد جنونه لينخفض بيده نحو جيدها ويبدأ بازالة بقع الغبار ببطء من عليه .. سمع همستها الخافتة ( لا .. عليك .. سأقوم .. بهذا .. عندما .. انتهي )
غرور اصابه وهو يرى كيف يؤثر عليها وقد تضاعف احساسه بنقاءها وبانعدام تجربتها الكامل فرفع حاجبيه مجيبا اياها بلهجة ساخرة بلطف ( ترى .. من منا سيلحق الاخر )
عقدت حاجبيها بعدم فهم وانفاسها القصيرة التي تضرب يده تزيد من فقدانه لسيطرته على نفسه وقد هاله تغير احاسيسه الكامل نحوها خاصة بعدما قبلها وبعدما شعر بانه من الممكن ان يفقدها دون ان يشعر بها او يخبرها عن حبه وبعد ان تلذذ بعفوية وخجل استجابتها للمساته ( اقصد .. بان الاسطورة تقول .. من يشرب خلف الاخر فانه سيلحقه .. وفعليا .. كلانا شرب وراء الاخر .. فمن برايك سيلحق بمن )
انهى كلامه بضحكة وقد راى تحول ملامحها للذهول قبل انفجارها بالضحك بجنون شنجه وهي تهتف بتلعثم متقطع ( تخيل منظرنا ونحن نركض خلف بعضنا كالاطفال فما ان تمسكني حتى احاول ان امسكك وما ان تهرب حتى اهرب معك تماما كتوم وجيري)
كان كل ما يحدث جنونيا فانفجر بدوره من الضحك وقد رفع يده ليفرك وجهه الا انه تفاجأ بها تمسكها وهي تهتف ( انتظر .. ستلوث وجهك وتصبح كالهنود الحمر )
وهنا وجد نفسه يقربها ويضرب جبهتها بجبهته قائلا ( مالذي يحدث في عقلك .. تارة تجعلينا نلهو كتوم وجيري والان تجعليني كالهنود الحمر )
راقصت حاجبيها وبطفولة رفعت يدها الى وجنته ومررت اصابعها عليها قائلة ( انت اردت ذلك اذن احصل عليها )
حركتها اللطيفة اشعلت الاجواء مع اقتراب كليهما من بعضهما .. شرارات تقافزت بينهما وقد عادت ذكرى القبلة لتقفز الى السطح ويد نادر تثبت نسمة نحوه بينما يدها تستقر على وجنته .. راى انفراجة شفتيها فتاه باحساسه الا ان صوت جلبة ايقظه من لجة عواطفه فابتعد بشكل فوري عنها وقد تعمد اخفاءها خلفه وهو يسمع صوت اخيه المتسائل من على الدرج ( نادر .. اين انت .. والدي يسال عنك لتصلي معه المغرب .. هل انت بالداخل )
تنحنح نادر مجيبا( اجل يا تامر و لا تتقدم الى هنا فقط اسبقني عند والدك وانا سالحقك بعد ان اساعد نسمة في تجميع القاذورات كي اخذها معي الى الاسفل )
عاد صوت تامر ليرتفع وقد جلجلت ضحكته ( قاذورات يا اخي ! .. وعلية .. وانت وهي .. وترفض دخولي ايضا ... ياللهي يا نادر ... اذن ارجوك لا تتاخر فانت تعرف كيف يغضب ابي )
كلامه الموحي جعل نسمة تبدو كحبة الطماطم وهي تضرب كتف نادر بغضب لذيذ ( ياللهي .. ارايت ما فعلت )
التفت نحوها متسائلا بخبث ( ومالذي فعلته .. لقد صعدت اليك لارى ان كنت تحتاجين لشيء )
ضربت نسمة على جبهتها متأوهة ( الان اخوك سيتعمد احراجك امام امك وابيك وسيحاول اضفاء بعض الامور على ما حدث )
رفع نادر كتفيه متسائلا بخبث اكبر ( ولم انت متضايقة .. فانت زوجتي ومن الطبيعي ان يحدث اي شيء عندما نكون وحدنا .. فليقل ما يود قوله .. في النهاية والدي سيوبخه هو وليس انا )
نظرت اليه بذهول متسائل ( الا يهمك ما سيقوله او يوحيه لاهلك بانك معي و .. يعني تعلم ما حدث للتو )
اسلوبها الخجول جعل قلبه يتقافز وهو يسالها ( ولماذا اهتم يا مجنونة .. انت زوجتي .. ثم .. لم يحدث شيء للتو .. لذا لم تخجلين هكذا )
كان يتلاعب بها وقد اعجبه حركاتها التي لم يعتدها وقد كانت دوما مثالا للبرود والرزانة .. نظرة عينيها المستكشفة نحوه وارتفاع حاجبيها بتأنيب جعله يتنهد بضحك ويده تربت على كتفها ( حسنا .. لا تقلقي .. ساخذ القاذورات واغادر كي ترتاحي .. وانت .. لا تجهدي نفسك اكثر .. امامك عشر دقائق لتتبعيني والا ساعود اليك واخرجك من هنا عنوة فيكفيك ما قمت به من عمل حتى الان .، هل هذا واضح )
ولوح باصبعه بتحذير حازم اراد اخفاء تفجر احاسيسه نحوها فيه قبل هروبه من امامها باتجاه كومة من القاذورات كانت بالفعل قد جمعتها نسمة فحملها وغادر سريعا وهو سعيد مما حدث بل وممتن لاخيه لانه اراد ان يشعر اهله بحبه لنسمة .. فلقد لاحظ ما يقومون به وكيف يستثنونها وهذا جعله يود ان يؤكد في اذهانهم حقيقة كونها زوجته التي يود البقاء معها فيكفو عن دفع سمر في طريقه بشكل اصبح يغضبه مؤخرا .. وان لم يكن بيده اي شيء يفعله سوى اظهار امتعاضه للامر وتشبثه بنسمة علهم يفهمون عليه .. ففي النهاية هم اهله ولا يستطيع اغضاب والديه ابدا بشكل مباشر .
كان العشاء عبارة عن كارثة حقيقية .. فلقد تعمدت امه وسمر اظهار فرحتهم بسلمى اخته وبطريقة خطبتها وتغنيهم بعفتها بشكل كان يجرح نسمة أكثر فاكثر دون ان تستطيع اظهار مشاعرها فلا احد يعلم همها سواه .. ومع ذلك حاولت تجنب النظر اليه وهو يجلس امامها مخافة ان ترى ندمه على زواجه منها وهي التي بالتأكيد لم تكن عفيفة ولكنها تفاجأت به وقد بدأ يسكب لها المزيد من الطعام وفي عينيه نظرة اصبحت تراها مؤخرا وتعشقها .. نظرة رجل يشاكس فتاة تعجبه ويتعمد استفزازها .. وبهمس رقيق قال ( بما انك تعبت كثيرا اليوم ... فحصتك يجب ان تكون ضعف حصتي .. كما في الشاي .. اليس كذلك )
كلماته اشعلت وجهها وحبست انفاسها وهو يذكرها بتلك اللحظة وما حدث بينهما فيها .. لحظة لم تصدق انها كانت بينهم عندما تركها وغادر حتى انها لوهلة ظنتها حلم من احلامها .. تنحنحت بحرج وهي تشير بعينيها الى والده الا ان ابتسامته اتسعت بتحدي جعلها تقضم شفاهها باثارة وهي تتناول ملعقة كبيرة من طبقها وتضعها بفمها هامسة ( معك حق .. فنحن النساء نحتاج الى تعويض مضاعف عنكم لنحتمل ما تقومون به )
لم تكن تفصد شيء الا ان التماعة عيني نادر و سعال تامر المفاجئ ليخفي ضحكته عن والده وهو ينحني نحو اخيه ليقول له شيء في اذنه جعل نادر يضرب قدمه من اسفل الطاولة وهو يهمس بخشونة ضاحكة (تأدب ) جعلها تدرك بان كلماتها قد تفسر بشكل خاطئ تماما فهربت بعينيها وقد استبد الخجل بها دون ان تفهم شيئا الا ان عينيها اصطدمتا بعيني سمر التي كانت تنظر اليها كطلقات الرصاص القاتلة .. نظرة اربكتها اكثر فعادت بعينيها الى نادر بتلقائية في بحثها عن دعمه لترى نظرته التي امتلأت حنانا كانت قد نسيتها مع قسوته السابقة بعد زفافهما .. وبلا ارادة منها انارت ابتسامتها وجهها وقد بدأت بغض طرفها عنه وتعمد رفع الملعقة امام عينيه لتريه انها تأكل ما وضعه لها .. وللمرة الثانية تشعر بعيني جميع من على الطاولة وقد سلطت عليهما وبتامر يعود ليهمس بشيء في اذن نادر الذي شرق بطعامه وقد احمر وجهه بخجل كانت تراه نسمة للمرة الاولى وقد فتنت به وهو يعود بنظراته اليها بارتباك ويده تضرب اخاه للمرة الثانية في نفس اللحظة التي علا فيها صوت والد نادر بحزم غاضب ( تامر .. احترم الطعام الذي تتناوله انت ونادر .. وكفا عن مشاكستكما هذه .. انا لم اعلمكما هذا .. اليس كذلك )
بشكل فوري رفع الاثنان انظارهما الى والدهما باحترام وكلاهما يقول ( اجل .. نعتذر )
وقد عاد كليهما للتركيز على طعامه ولكنها تفاجأت بامه تقول بعتاب لائم ( العيب ليس منهما يا حاج .. العيب ممن تحاول ان تغازل زوجها دون حياء امام اخيه الاعزب وكانه لا توجد حجرة تضمهما ليقوما بهذا .. ولكن لم نستغرب ونحن لم نرى احد معها ليعلمها الاصول )
كلمات اخترقت صدرها بعنف مع ارتفاع انظارها المصدومة باتجاه ام نادر وقد انعقد لسانها لوهلة دون ان تعرف الطريقة المثلى للرد عليها .. صوت اخر ارتفع في نفس اللحظة ونادر يجيب امه بهدوء حمل في طياته غضبه ( لم أكن اعلم ان اهتمام الرجل باطعام زوجته امر محرم او يعد غزل فكل ما هنالك اني كنت امازحها وتامر احب ان يمازحني بدوره وليس هناك اي علاقة لنسمة فيما حدث لتهينيها هكذا )
ثم صمت لثانية قبل اضافته بتأكيد ( نسمة ضيفتكما يا ابي وامي اهكذا تعاملون الضيف وتهينون تربيته وطوال عمري اعلم انكم اهل العز والكرم )
كلمته احرجت والديه بشدة وجعلت والده يرفع راسه وهو يهتف بحنق غاضب ( ما عاش من يهين ضيفا لي وانا موجود .. اقبلي عذري يا ابنتي فزوجتي فقط تحاول ان تنصحك وان كانت قد اخطأت الاسلوب )
فخر وعزة كان شعورها في تلك اللحظة وهي ترى زوجها يدافع عنها بكل ادب وعمها يعتذر منها .. وبهدوء اجابت بأدب ( هي على رأسي من فوق واعتذر ان كنت قد تجاوزت حدي وساحاول ان اتعلم من خطأي )
نظرة الرضا الخجولة التي رمقها فيها والد نادر ونظرة الفخر التي زينت وجه نادر نفسه كما نظرة الخجل التي تضاعفت على وجه امه ونظرة الحقد التي اشتعلت بعيني سمر كل هذا كان خير تعويض لما تعرضت له من اهانة في تلك اللحظة .. فتنهدت بسعادة وهي تركز انظارها على طبقها الا ان والد نادر عاد ليقول بهدوء حازم ( نسمة .. بما ان الوقت ملائم الان فغدا سنبدأ باحتفالات قراءة الفاتحة والخطبة ولن نكون متفرغين .. فهل تسمحي لي يابنتي ان احدثك عن عملك .. لقد اخبرت زوجك بان هكذا عمل لا افضله لكنتي .. فنحن عائلة محافظة كما تعلمين فما رايك )
ساد التوتر بشكل كامل وقد شعرت نسمة بحجر يربض على صدرها في نفس اللحظة التي احست بارتباك نادر الذي عزته بانه خائف من ردها على والده .. رد كانت تعلم انه قد يفقدها او يكسبها الاحترام عند اهل زوجها .. بثقة رفعت عينيها وهي تجيب ( معك حق يا عمي ولكني فقط اريد ان انهي تعليمي لاحصل على رخصة الطيران فانت لن يرضيك ان اخسر كل هذه الاموال ولا استطيع الحصول على شهادتي التي كانت دوما حلمي وحلم والدي رحمه الله .)
هتفت سمر بنبرة حادة متعمدة ( اهذا يعني انك لن تعملي بعد حصولك على رخصة الطيران .. اذن ما فائدتها )
ازداد التوتر في المكان ومع ذلك تماسكت نسمة وهي تجيب بهدوء لا ينبئ بغضبها المتفاقم في تلك اللحظة ( هذا يعني بان الوضع سيختلف بالطبع بعد حصولي على رخصة الطيران .. ثم ليس كل فتاة تتعلم الجامعة تعمل بشهادتها ومع ذلك فهذا لا يعني ان لا تدرس بتاتا .. ما اود ايصاله بان حلمي وحلم والدي هو وعد قطعته لاحققه ولذلك يجب ان احققه اما فيما بعد فبالتاكيد ساتفق على ترتيب يرضي كلينا بالنسبة للعمل )
كان جوابها مفحما جعل الجميع يلتزم حدوده ونادر يحرك راسه بالموافقة والدعم وقد انارت ابتسامته وجهه وشعت ملامحه بالرضا الكامل في تلك اللحظة .. فبالرغم من كل عنادها معه الا انها بالفعل احترمته امام اهله وهذا جعله يدين لها بالكثير جدا .
لم تكن مأساة العشاء هي المشكلة الوحيدة التي واجهت نسمة فعلى ما يبدو فان مشاكلها تزداد مع مرور كل ثانية في اليوم ليكون اخرها تلك الحجرة التي دلوها عليها بعد ان انهت ترتيب المطبخ حيث ستنام مع نادر فيها فما ان دخلتها واقفلت الباب خلفها حتى نظرت حولها بحيرة قبل ان تعود عينيها على السرير المزدوج الوحيد الذي كان يتوسط الحجرة .. سرير حتى لا يمكن وصف حجمه بانه كبير بل هو اقرب الى ان يكون فرديا منه مزدوج .. عادت عيناها تدوران حولها ولكن جدران الحجرة من حولها كانت هي كل ما قابلها .. تمتمت بتذمر حائر ( ياللهي .. حتى انه لاتوجد اريكة وبالطبع سيضحكون علي لو طلبت فراش ارضي )

زفرت انفاسها بتعب وهي تدلك رقبتها بيديها لا تعلم ما يجب عليها ان تفعله .. فنادر اصبح كلما اقترب منها تحرقها مشاعرها بجنون لم تكن تعلم انها تملكه كمراهقة تتذوق كل شيء لاول مرة .. والان .. هل حقا سينام الى جانبها وستحتمل الامر وتتعامل معه كانه شخص عادي لايثير ضربات قلبها حتى تكاد تصل الى الضعف وما حدث في العلية كان خير دليل على تاثيره الفتاك عليها .. ضربت جبينها بيأس ورفعت الحقيبة الصغيرة التي تخصها لتخرج ملابسها .. وهنا واجهتها مشكلتها الثانية .. بغضب حانق رفعت قميص نومها الرقيق ذو الحمالات الرفيعة الذي اختارته بعشوائية دون ان تفكر بانها ستنام مع نادر في نفس الحجرة مع انشغال تفكيرها بالامور الاخرى التي سبقت مغادرتهما ..مرت بعينيها عليه بانتقاد ولونه الزهري الباهت ينبئ بعدد المرات المتتالية التي ارتدته فيها .. بيأس نادم عادت لتتمتم ( حسنا .. ليكن ما يكون .. هذا انا .. وهكذا انام .. وهذا منزل اهله .. هو حر بالطريقة التي سيتصرف بها ..)
وبجرأة عنيدة خلعت ملابسها وارتدت قميصها الذي يصل الى فوق ركبتيها ورفعت شعرها بربطة عشوائية .. وما ان وقعت عيناها على منظرها حتى ضحكت بخيبة محدثة انعكاس صورتها ( هل تظنين ان هذا منظر انثى قد يحرك اي رجل )
نفضت راسها بعنف فتساقطت بضع خصلات من شعرها حول وجهها في نفس اللحظة التي سمعت فيها طرقة بسيطة شنجت حركتها ثم تلاها دخول نادر وهو يقول ( نسمة .. انا ..س .. )
ولم يكمل كلامه وعيناه تقعان عليها .. وببطء معذب اكمل دخوله وقد اغلق الباب دون ان يستطيع ان يرفع عيناه عنها .. فمن كانت امامه ليست نسمة القوية التي تزوجها .. ولا نسمة التي شاركته مهامه بالطيران .. ولا نسمة التي قبلها فذابت اواصله وهو يكرر الامر بمخيلته مرارا وتكرارا .. ولا نسمة التي تتحداه وتشاكسه مرة تلو الاخرى .. من تقف امامه كانت نسمة التي لم يرها قبل اليوم ولكنه اصبح يتعرف على ملامحها تدريجيا .. فتاة خجولة بملامح مترقبة ويدين قد انعقدتا مع عينين هربتا استحياءا وصوت همس بتردد خافت .. ( انا .. انا .. لم اكن .. اعلم .. اننا .. سنتشارك .. الحجرة .. لذا )
واشارت الى نفسها وقد ازدادت حمرة وجهها حتى طغت على ما ظهر من جسدها وقد تلاحقت انفاسها .. لم يكن يستوعب انه قد حجز انفاسه حتى شعر بالالم في صدره .. لاول مرة يجد نفسه في هذا الموقف .. ولاول مرة يشعر باحاسيس تكتسحه بجنون عنيف حتى كاد ان يشعر بفقدانه لتوازنه .. لم يكن يعلم ما عليه فعله ولكنه شعر بانه يجب ان يهرب من امامها ان اراد الحفاظ على ما تبقى من سيطرته على نفسه.. ففي كل احلامه لم تظهر امامه نسمة بهذه الرقة .. وهذا الجمال .. وتلك البراءة والنقاء ..و .. انتشله من غرقه صوتها الخائب ( اعلم اني قد اخطأت ولكن اعتقد انه لا مشكلة لديك فبكل الاحوال .. لا اعتقد اني ساثير بك اي شيء .. اعذرني ساحاول النوم على طرف السرير وساترك لك بقيته )
بذهول رفع عينيه نحوها وقد استوعب بصعوبة ما قالته .. تلك المجنونة لا تعي حجم الاثارة التي تمثلها وتظن انه لم يتأثر بها وبان تشنجه ناجم عن اشمئزازه رغم كل تلميحاته لها في العلية .. وبلا وعي .. وبدون تخطيط .. وجد يده تجذبها وروحه تتوق للقياها بعد كل ما تراكم في كيانه من مشاعر اثارتها طوال اليومين السابقين .. بشوق احتضن وجنتيها وبجنون تملت عيناه من ملامحها المذهولة .. وبدون تردد .. وبدون تراجع .. انحنى على شفتيها ليمتلكهما كما حلم دائما .. فمهما كان ماحدث بينهما .. فهي في النهاية .. زوجته ... زوجته التي رغم كل عناده وابتعاده اكتشف انه لا يستطيع البقاء هاجرا لها .. ولن يتمكن من فراقها مهما حاول .. قبلة تليها اخرى وادراك يتلاحق مع اخر جعله يستوعب حجم تغلغل نسمة في عروق شرايين قلبه وهو لا يرى غيرها زوجة له .. الحياة .. قصيرة جدا ليقضيها مبتعدا عنها .. كان هذا خلاصة ما توصل اليه وهو يبتعد عنها ليلتقط انفاسه وقد زاده استسلامها شغفا لها .. عيناها المغمضتان وجسدها المنتفض وبشرتها التي خالط احمرارها سمارها وخضوعها اللامشروط له جعل من عقله وقلبه ساحة اتفاق بعد طول شجار بينهما منذ تزوجها .. وبابتسامة نبعت من قلبه تمتم بخفوت تحمل باحاسيسه الثائرة ( ما حدث .. ليس خطا .. يبدو انني ساظل اكرر امامك حتى تدركي ما اقوله .. نسمة .. انتي زوجتي على سنة الله ورسوله )
ببطء فتحت عينيها وبخوف غمغمت وقد شعرت بقيود تسلسل سعادتها ( زوجتك المؤقتة )
انكمش بتلقائية ولكنه قاوم ابتعادها عنه وتعمد التمسك بها وهو يجيبها بجدية ( هذا .. ما احدده انا يا نسمة .. فلقد وافقت انت ان اكون زوجك بشكل كامل واخفيت في ذلك الوقت سرك .. ولكن .. عندما امتنعت عنك فذلك كان لهدف في نفسي انا سياتي يوم واخبرك به .. الا ان هذا لم يكن ابدا اعتراض مني او رفض لحقيقة كونك زوجتي التي اجهر بها امام كل العالم .. لذا يا نسمة .. عندما اقترب منك فانا اقترب بكامل قناعتي .. وليس لاني اراك مؤقتة فهذا لا يسمى زواج شرعي ان احدد فترة زواجنا بوقت محدد .. اعلم ان هذا ما قلته في ثورة غضبي في ذلك الوقت الا انني فيما بعد نافيت اقوالي بافعالي وكان هذا حري بك لتعلمي اني استخطأت نفسي على ما بدر مني )
كلماته الصادقة والصريحة جلبت الدموع لعيني نسمة التي رفعت كفيها لتحتضن وجنتي نادر وهي تهمس له ( انا .. يعلم الله اني اعطيك كامل الحق في كل ما فعلته بل واشكرك لانك سترت علي ولم تعاملني بذنبي وجريرتي ولكن .. انا من حقي ان اطمئن على نواياك من ناحيتي فرغم كل شيء فاني لازلت اشعر ببصيص امل بانه سيأتي اليوم الذي يكافئني الله فيه على صبري فيما حدث لي .. سواء كان الامر معك او مع رجل اخر سيعذرني ويعاملني كضحية وليس كمذنبة كما يفعل الجميع )
غيرة مجنونة تفجرت كبركان في صدر نادر ما ان سمع من بين فمها نطق رجل اخر غيره .. غيرة جعلت عيناه تتوحشا وقلبه ينتفض بتمرد وهو يصرخ بانها له هو .. هو احق الناس بعذريتها التي رغم انها فقدتها كجسد الا ان مشاعرها لازالت تستصرخ بها .. وبتعمد شغوف اسند جبهته على جبهتها وهو يتمتم بحرقة ( انت تستحقين .. وسأعمل على ان اعطيك حقك عندما يبرء قلبي بالكامل من انكساره الذي اصبته فيه بسهام اخفاءك للامر .. فهل اطلب الكثير عندما اطلب منك القليل من الانتظار )
بتلكئ باكي حركت راسها بالرفض وقد خانها صوتها ونبضات قلبها المتقافزة تصم اذنيها بهديرها .. ان كان على احد ان يلخص حكايتها معه فما عليه سوى ان ينظر الى التماعة نظرتها ونظرته التي يحمل كل منهما في قعرها الكثير من الامل والكثير من الخوف والكثير من الحب والكثير الكثير من الكبرياء الذي دوما ما يختفيا خلفه مخافة ان تصدم مشاعرهما بما لا يتوقعانه .. تركها بهدوء وابتعد عنها وقد تحكم بابتسامته ليطمئنها وهو يشير على الارض بجانب السرير ( سنقتسم الفراش فانت ستنامين على السرير وانا ساخذ الملاءة وانام على الارض ولا تقلقي فانا معتاد على النوم هناك منذ كنت في العسكرية والان ساذهب لاسهر قليلا مع تامر فلقد مر وقت طويل منذ رايته وتحدثت معه .. تصبحين على خير .. لا تنتظريني )
وانحنى مقبلا جبهتها بخفة قبل مغادرته للحجرة وقد سرق قلبها معه فاخذت تتمتم بلهفة ( هل .. هل ستقبلني .. هل حقا ستقبلني يا نادر )
نطقتها كامنية وكدعاءوكرجاء قبل توجهها الى السرير لتفصل الملاءات وتجهز له ما يمكنه على النوم ليلا .
يومان تلا هذا اليوم وقد انشغل الجميع فيهما بالاحتفال بسلمى .. ومع ذلك كان هذان اليومان هما الاسعد في قاموس نسمة .. فرقة نادر وحنانه ومحاولته احتواءها والاقتراب منها كان له عظيم الاثر بروحها المنهكة من الحزن .. لم تصدق بان شعوره بوفاتها قد حوله لذلك الرجل الذي يراعيها ويخاف عليها .. الا انها بدورها لم تقصر معه فلقد احتملت لاجله كل تلميحات والدته وكلمات سمر المسمومة وغضب سلمى المخفي مع تجاهل تامر ووالده لها .. فبنظرها كل هذا لا يهمها طالما انها كلما تألمت منهم بحثت عن عيناه فوجدته يبثها الدعم والقوة لتستمر فيما تقوم به .. لذا .. ولانها تعلم قيمة اهله عنده حتى لو أخطأوا تعمدت بدورها الا تهينهم او تؤذي نادر باي شجار معهم كي يشعر بسعادة تزويجه لاخته وبفخره بها وهو يسلمها لعريسها امام كبار رجال الحي الذي يقطنه والدي نادر ... اما رحلة عودتهما الى شقتهما فلقد نامت فيها بسبب اجهادها واستنزاف طاقتها بعد ثلاثة ايام من العمل المضني واستقبال الضيوف الذين تعرفو عليها على انها الكنة الكبرى للعائلة واستقبلوها ما بين مرحب وحذر ومستنكر .. رحلة ارادت ان تنال قسط كامل من الراحة فيها لتستعد للعودة الى عملها حيث تم استدعاءها هي ونادر الى رحلتين طارئتين في نفس الوقت ما ان فتحا هاتفيهما الذي تعمدا اغلاقهما عندما ذهبا الى والديه حتى لا يتصل بهما اي شخص ويتمكنا من الهرب من الاستدعاءات الطارئة .. ولكن .. لم يكن هذا فقط ما شغل تفكير نسمة لبعض الوقت .. فلقد وجدت اتصال من سراج كما وجدت عدة اتصالات من اسيل مع رسالة طلبت فيها منها الاتصال بها عندما تتمكن من ذلك .. اتصال نوت ان تؤخره حتى رجوعها من الرحلة التي ستذهب اليها فلقد استشعرت وجود مشكلة ستشغل كامل تفكيرها وهذا مالا تريده خصوصا وهي ستحتاج لكامل طاقتها لتتغلب على احساسها بالفقد فهذه هي المرة الاولى التي ستطير بها مع الكابتن ماجد بعد وفاة الكابتن علاء وتغير كامل الطاقم الذي ستطير معه وليس هذا فحسب بل ايضا ستكون هذه الرحلة هي رحلة نادر الاولى ايضا مع مساعدة الكابتن طيار ( لمياء شرف) الانثى الثانية التي ستشارك زوجها كابينة القيادة وهذا .. بشكل خاص .. كان اكثر ما يؤرق نسمة ويثير غيرتها الجنونية التي حاولت اخفاءها بكل الطرق الممكنة .
المطار .. ارض معاركها وانتصاراتها .. هذه هي تسميته التي تعبر فيها نسمة عن عشقها له .. كما تعشق كل جزء فيه فهي تعتبره منزلها الثاني .. صالات الانتظار .. ورش الاصلاحات .. وممرات الطائرات .. ومدارج الهبوط والاقلاع .. ولكنها في هذه اللحظة كرهته من قلبها وهي ترى نادر بكامل هيئته التي تخطف الانظار وهو يقود فريقه وقد وقف الى جانبه فتاة ببذلتها الرسمية.. اقل ما يقال عنها انها خلابة رغم ملامح الجدية التي ترتسم على صفحة وجهها ثم تبعها فريق المضيفين والمضيفات بقيادة سامر الذي لم تره منذ فترة طويلة جدا .. منظر اشعل كل حسدها وهي تتذكر نفسها في ذلك المكان عندما كانت مجنونة بما يكفي لتتذمر على حظها الذي اوقعها في طريق نادر .. زفرت انفاسها الحانقة بغضب اكبر ولكنها حاولت اخفاءه بسرعة ما ان سمعت التحية التي القاها عليها الكابتن ماجد من خلفها فابتسمت والتفتت اليه بدورها مرحبة وهي تتلقى يده التي مدها ليصافحها بها فمن تجربتها السابقة معه تعرفت عليه وادركت بانه شاب لطيف ومرح ولكنه حازم بعمله ويحب ان يكون كل شيء على ما يرام وكما يريد هو .. وبصوت حمل في طياته جذلا سألها ( المفترض انك باجازة .. اهذا حقا تاثير الاجازة عليك .. تبدين كالجثث )
رفعت حاجبيها وقد اتسعت ابتسامتها مجيبة ( ليس كل البشر يأخذون الاجازة ليرتاحو فهناك من يأخذها كي يتمكن من تعويض غيابه الدائم في العمل بشكل يراكم عليه كل اعباء المنزل )
فرقع باصبعه وصوت ضحكته يعلو وهو يقول بمرح ( اوووه اصبت الهدف .. هذه فائدة كوني رجل واعزب .. اما انتن يا نساء فصدقيني انتن من تهوين تعذيب انفسكن باختيار اصعب الوظائف )
كانت متاكدة من انه لا يعني كلامه لذا اجابته بمرح مقابل متحدي ( يبدو انني ساضع نصيحتك امام عيني لانفذها ان اصبت بالجنون في يوم ما )
صوت رجولي قاطعها بشكل مفاجئ وبنبرة استشعرت فيها رغم مزاحها طاقات من الغضب ( لم اكن اعلم انك قاربتي الجنون مساعد كابتن نسمة والا لكنت خففت عنك اعباء المنزل )
بذهول التفتت لتجد نادر يقف خلفها وقد احاطت نظرته غموض وهو يركزها على ماجد وقد مد يده ليصافحه مضيفا ( لقد جئت لاسلم عليك ما ان سمعت صوت ضحكاتك المعتادة وايضا لاوصيك على زوجتي كي تنتبه عليها )
كلمات تبدو في ظاهرها عادية ولكن ما استشعرته نسمة فيها جعل انفاسها تحتبس ونادر يلقي عليها نظرة تحذيرية خاطفة قبل عودة عيناه لتراقبا ماجد الذي صافح نادر بحرارة وهو يجيبه بلهفة ( اهلا وسهلا بمعلمي وصديقي .. انها في عيني يا رجل فمن ذا الذي لا يخدم نسمة بروحه .. انها حقا ماهرة وهذا طبيعي طالما تعلمت على يديك )
اتسعت ابتسامة نادر بغموض اكبر وهو يحرك راسه بالموافقة قائلا ( هذا جيد يا رجل .. شهادتك في حقها ساحتاجها قريبا جدا .. والان ساستئذنكم لالحق بفريقي )
ثم التفت الى نسمة وقد تعمد ان يلتحم بنظراته النارية التي تشبعت بكافة التحذيرات بعينيها الحائرتين وقد لاحظت انحناءه الطفيف نحوها وهو يتمتم بخفوت ( انتبهي .. على نفسك .. وتصرفي كما عهدتك معي .. بصمت .. وكفاءة )
ثم اعتدل وغادر وقد بدت كلماته كشيفرة لم يفهمها احد سواها رغم انها لم تصدق ما حدث وقد شعرت بغيرته عليها وفهمت طلبه ان تلتزم جديتها فلا تتجاوز اي خطوط مع ماجد .. غيرة لاقت صداها في روحها هي فوجدت نفسها تلتفت الى ماجد الذي كان يتحدث معها دون ان تفهم ما يقوله الا ان اشارته لها لتتقدمه وصوت كبير المضيفين الذي اعلن انضمام فريق المضيفين لهم جعلها تهتف بعجلة ( كابتن ماجد .. امنحني خمس دقائق وسالحق بكم على الطائرة )
استئذان قابله ماجد بالموافقة فتحركت بسرعة ملهوفة الى حيث يوجد مصدر عذابها بتلك اللحظة .. وبتصميم دخلت على الممر الذي يقود الى طائرة نادر وقد بدأ المسافرون بدورهم التوافد اليها فعجلت من حركتها حتى وصلت الى باب الطائرة حيث تعرف عليها سامر وقد شهق بترحاب كبير ( نسمة .. اهلا وسهلا .. اي ريح طيبة حملتك الينا .. هل ستقلعين معنا ام ماذا )
حركت راسها بالرفض مجيبة ( كلا .. فقط اردت التحدث مع نادر لدقيقة .. هل يمكنني ذلك )
لمعة حزن ظهرت على محيا سامر الذي اشار اليها باتجاه الكابينة لتنفيذ ما طلبته فتحركت سريعا كي تستغل وقتها .. طرقت الباب ثم دخلت ما ان سمعت صوت نادر يأذن بدخول الطارق .. وهناك .. راته يجلس بكل عظمة كما اشتاقت له .. ورات لمياء تجلس بجانبه فثارت روحها بجنون .. غيرة ظهرت في عينيها بتوحش ليراها نادر الذي عقد حاجبيه بتساؤل اجابته دون ان ينطقه بصوتها الثلجي الذي يخفي حمم غضبها ( اود ان اتحدث معك على انفراد لدقيقة واحدة بعد اذنك .. و ... مبارك مساعد طيار لمياء مهمتك الاولى .. يجب ان تعلمي انك في موقع يحسدك عليه الجميع فالكابتن نادر خير من يتعلم المرء على يديه )
وافقتها لمياء وهي تبتسم ببشاشة قبل ان تغادر بعدما استأذنت منهما في نفس اللحظة التي التفتت فيها نسمة الى نادر الذي وقف مقابلا لها وعيناها تبثانه شرر ما يعتمل في صدرها .. وبنبرة لم تعلم كيف خرجت ثلجية هادئة سألته ( اذن .. تبدو متالف ولطيف معها رغم انك عندما كنت في مكانها يوما جعلتني اكره انوثتي )
بتحدي سألها ( وهل فعلت هذا ..اعذريني لم انتبه )
ابتسمت بتحدي اكبر ( ليس هذا فقط بل كنت تتعمد اهانتي والتقليل من حلمي .. ترى هل ستفعل هذا معها )
اجابها بابتسامة مستفزة ( بالطبع ساراعي مشاعرها .. اشكرك على نصيحتك وخوفك عليها )
كلماته زادت جنونها فقضمت شفاهها وهي تزيد من عنادها الثلجي ( المفترض ان لا تظلمها معك .. يكفي ان تطير معك في هذه الرحلة .. ففريق المهام الصعبة لا يجب ان يحوي انثى )
عقد حاجبيه بتساؤل ساخر ( اوليس هذا تعنصر ضد بنات جنسك .. لقد ظننتك ستشجعين غيرك .. لم اعلم انك انانية هكذا وتوين احتكار هذه المهنة )
بنبرة امتلأت بالتحذير هتفت وهي تقترب منه ملوحة باصبعها امامه ( نادر .. لا تقلب الامور هكذا .. ترى هل تعتقد انها ستكون مستعدة وقوية بما يكفي لتتحمل اسلوبك )
رفع حاجبيه مطلقا ضحكة صغيرة تبعها بنبرة تعمد جعلها ثلجية مستفزة ( الفتاة تبدو ماهرة وجدية اعتقد اني ساتأقلم معها وانها ستبهرني بمهارتها )
كخنجر غرس عميقا شعرت بكلمته تقتلها فابتعدت قليلا عنه وهي تساله بخفوت ( اولم اكن انا ماهرة .. الم اكن استحق منك ما تفعله الان من الدفاع عنها امامي .. ام انني استحققت رفضك فقط لي ولوجودي بالكامل )
شعر بألمها فاقترب منها قليلا بدوره وهو يسالها بحنان ( لم لا تقولي بأنك اثرت علي وجعلتني اتمكن من التعامل بلين مع من يستحق من الاناث )
برجاء غريب سألته ( وهل لو كنت لست زوجتك ستقبل ان اطير معك ايضا وستكون لينا معي )
ازداد اقترابا منها حتى حشر جسدها بين جسده والجدار وهو يجيبها بنبرة متهدجة ( كلا .. انت تحديدا لن اقبل ان اطير معك ابدا اتعلمين لم )
تلاحقت انفاسها وهي تجيبه بهمس موجوع ( لانك لا تثق بي .. لانك تكرهني )
بهدوء رفع راسها وبشغف غرق في عينيها وهو يتأوه هاتفا ( احقا تصدقين ما تقولينه هذا .. احقا لوهلة تعتقدين بعد كل شيء انني اكرهك ولا اثق بك .. هيا يا نسمة ساصدق انك تغارين من لمياء)
انتفضت بجنون وهي تجيبه بتلعثم حارق ( اجل .. اغار يا نادر .. اغار لانها ستحلق معك وانا قد حرمت هذا الشعور كما انك ترفضني بشكل واضح )
الصق جبهته على جبهتها وهو يلهث بضحكة خجولة امتلأت بروحه المغرمة ( ارفضك لاني لن اتمكن ابدا من التركيز في الطيران ان كنت بجانبي بل ساترك كل شيء لاتفرغ لك .. افهمتي يا مجنونة .. ثم انتي بدوري اغار الان عليك بجنون اكبر .. فبأي حق يستمتع ماجد بضحكتك .. بروحك الرائعة .. بهذيانك وروعتك .. بشرودك وقوتك .. باحلامك وجنونك .. باي حق يستمتع بكل هذا وانا محروم منك .. ارايت باي دوامة اغرقتيني يا نسمة .. ومع ذلك من اجل حلمك وحلم والدك فانا ساصبر وان كنت ساتصرف قريبا كي لا تحتاجي لاحد ولا احترق انا باتون الغيرة )
كانت قد تاهت بعالم اخر مع اعترافه لها وقد تشنج كل جسدها استجابة لقربه منها .. انفاسه التي احاطتها ورائحته التي ادمنتها وكفه التي احتضنت وجنتها متلمسة اياها بعشق جعلها تشتاق التمرغ باحضانه التي جربتها حديثا .. بخفوت مخنوق همست ويدها تمتد لتحتضن كفه وقد شعرت بخاتمها في اصبعه ( انت .. لم تخلع خاتمي )
ابتسم بدوره مجيبا ( وكيف اخلع رمز ملكيتك .. وهو منك يا نسمة )
ازدردت لعابها متمتمة ( لمياء .. ستحبك بالتاكيد .. اياك ان .. تجعلها تفعل )
ضحك بخفوت مشاكس ( ساحاول التقليل من روعتي كي امنعها .. ثم .. اعتقد ان ماجد ايضا سيتاثر بك لذا )
وابتعد قليلا وملامحه تنقلب للجدية ( الضحك ممنوع .. الكلام في غير العمل ممنوع .. النظر اليه ممنوع .. وحتى تنفسك بجانبه يجب ان يكون بحسبان .. لا نظرات حالمة الى السماء .. وكما يمنع عليك ان تساليه عن مهارتك .. فقط كوني كدمية اليه .. هل هذا مفهوم )
اتسعت عيناها بتساؤل جعله يضحك بخبث ( انا قلت لك اني اغااااار وبجنون .. لذا )
توقف عن الحديث في اللحظة التي رفعت هي نفسها بشكل فجائي وقبلته بسرعة ولهفة وشغف شنج كل جسده وقد احتبست انفاسه امام نظرتها المشاغبة وهي تستغل صدمته لتبتعد عنه متمتة ( هذه كي يبقى تفكيرك مستمرا بي طوال الرحلة .. والان .. علي المغادرة )
وخرجت هاربة من عواطفها التي تأججت فأججت بدورها عواطفه هو وقد تيقن بانه ماعاد يود الابتعاد عنها .. فمهما حدث في ماضيها فهو الان لا يراه سوى ماض اما الحاضر فلقد تاكد ان كل النساء امامها هباءا وهي وحدها ملكة قلبه المتوجة .. فحركة منها قادرة على جعله يفقد كل توازنه وهيبته ليضحك كالابله كما يفعل الان وهو يجلس في الكابينة لا يتذكر شيئا سوى قبلتها كما انه يعد الساعات كي يلقاها مرة اخرى ليغرق معها فيما هو حقه فيها .. فهو الان يود ان يتم زواجه بالكامل لينصهر كيانه بكيانها ويتذوق روعتها التي فتنته وافقدته صوابه
لم يكن حال نسمة بافضل من حال نادر فلقد عاشت كالحالمة طوال الرحلة حتى احتاجت لكل طاقتها وتركيزها كي تتمكن من اداء مهامها .. احاسيسها المشتعلة طغت على خوفها وانستها شعور الفقد الذي كانت تخافه فمارست واجباتها دون ان يسيطر الارتباك الخائف عليها وهذا ما جعلها اكثر امتنانا لنادر الذي اشبع ثقتها بكلامه عنها بهذه الطريقة .. نبع حب تفجر بروحها فلم تعد تعلم ما عليها فعله كي تتماسك امامه الا ان رغبتها بالا تضغط عليه انتصرت خاصة عندما تذكرت طلبه ان تنتظره ... ولكن .. في اروع احلامها لم تتوقع ما حدث معها بعدما هبطت بالطائرة في مطار القاهرة بعد ان انهت رحلتها لتفاجئ بسكيرتيرة الشركة تطلبها لمقابلة هامة مع رئيسها .. وهناك تفاجأت بابتسامته الواثقة وبقوله السعيد لها ( لقد قدم الكابتن نادر توصية خاصة بك وهذه تعد سابقة اولى من نوعها .. كي نمنحك رخصة الطيران بناءا على تقيم لجنة من قائدي الطائرات يقومون باختبار مهاراتك بشكل عادي في جهاز محاكاة الطيران بحيث يعوض هذا عدد الساعات القليلة المتبقية عليك لتتمي ما هو مطلوب منك كي تصبحي كابتن .. وقد وافقت الادارة على طلبه وحددت موعدا لامتحانك بعد اسبوع )
كانت كلماته بمثابة عقد غير منطوق من نادر لها يمنحها فيه ثقته الكاملة مع توصيته ويظهر رغبته بتحقيق حلمها حتى وهو غير مقتنع بالكامل بعملها .. تشوش واعصار من الاحاسيس اصابها في تلك اللحظة فدمعت عيناها وكل ذرة بجسدها تعترف بما قررت ان تقوله لنادر في اول لحظة ستراه فيها ( انا أحبك يا نادر أكثر من روحي )
انتهى الفصل




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 05-03-18 الساعة 10:49 AM
حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-18, 12:14 AM   #268

هازان محمد

? العضوٌ??? » 400146
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 223
?  نُقآطِيْ » هازان محمد is on a distinguished road
افتراضي

ويلي ع قلبي انا واه منك حوريتي ولك انتو الابداع قليل بحقك والله طب شو رئيك انا ماشبعت من الفصل ولا من منهم ابدا 😭😭😭😭😭😭 نبتدي الفصل بعلا واكتشاف مدى انانيته الي ابتدت من وهي صغيره بترك اخوه يواجه الموت في سبيل تنقذ نفسه وبس واهله الي خلو هل الفكره تترسخ بدماغه الي كان المفروض مايحاكمون طفله ابدا لان الطفل مهما فعل طفل الواجب ع الاهل يعرف اي الصح واي الغلط بس اهله اكتفو يحملوه ذنب اخوه وخلص فعلا عملت بده واستمرت باناتيه واتطورت لحقد ع الكل حتى الاقرب ليه صديقته الي اتهمته بشرفه مع الاسف علا لحد هلا الانانيه متاثره فيه الي قررت وخلته تختار نفسه وتفضله ع علي احمد ومراقبته لعلا من بعيد السوال الي يدور ببالي ايه السبب الي يخلي احمد يتكبل كل ده مشان يوصل لعلا حتى اياد بيدق هو يحركه 🤔🤔🤔🤔 يخرب بيتك يااحمد انت ومصايبك عجبني تصرف علي لما خابر سراج الجزمه الاهبل الي نايم بالشمس من غباءه اما نشوفك ياسبع البرونبه حتعمل اي سراج افندي 😏😏😏😏😏 سما وفقدانه لاي احساس وصدمه اسيل فيه والثروه الي طلعت لاسما من زوجه السابق كانه طريق النور ياترى هل صحيح حصلت ع ثروه علا وتهربه من السجن وخلت علي بوجهه المدفع المشهد الي حصل بين ادهم واسيل مشهد المصارح ع الرغم من انو هي اسيل متخبطه بس واجهته بالواقع وادهم صح مع نفسه ندم ع تصرفاته مع اسيل بس هو محتاجه يفهم اسيل ده 😭😭😭😭😭😭😭 كوبلي الشقي وجعو قلبي الفصل ده من حزنهم نجي للكوبل المنور بالفصل كوبل المفاجاءت الساره نادر ونسمه مشاهدهم اقل مايقال عنه اتجنن🤩🤩🤩🤩🤩🔥🔥🔥 مشهد الغرفه والشاي يمه قلبي عليهم ولا تامر ومشاكسته ليهم ولاسمر دي حيه حرباء عجبني دعم نادر لنسمه وكمان نسمه الي بمجرد وقف نادر معاه يخليه تقف قدام الكل حتى بكلام مع ابوه بخصوص الوظيفه ورده ع ام نادر السم مشهد المطار ده تعاي ياقلبي وشوفهم وشوف جمالهم نادر ده حعملو تمثال من روعته وجماله 😍😍🔥 تسلم افكارك الرائعه حوريتي

هازان محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-18, 03:38 AM   #269

lulu sy

? العضوٌ??? » 419534
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 14
?  نُقآطِيْ » lulu sy is on a distinguished road
افتراضي فصل المشاعرر الموجعه

المهم المهم المهم قلبي تقطع نياط قلبي تقطع ع اسيل وعلي بصير معها ع معركة الحياة الزوجيه الي عم تخوضها وهي حاسه حالها ناقصه ناقصه بأمومتها ناقصه بسبب مرضها وماتوقعت ادهم مايكون سند الها بعد ماركض وراها كل هركض وصح هو كمان وجعت نظرو فيها حق بس قلبي مع اسيل مش متخيله اديش انا متأثره بقصتها صراحه قريت قبل هيك شخصيه من هنوع معها مرض بس ما اثرت فيني ابدا ابدا زي اسيل حاسستك مخبيه مصايب لاهجوز راح توجع ألبي
علا شكلك راح تبدي بقصتها لجديده عشان هيك نبشتي الماضي تبعها صراحه الكلام لي حكيتي عن ماضيها فسرلي شخصيتها المهزوزه وعدم ثقة اهلها فيها حاسه هي واحمد راح يخلقو قصه قويه كتيرر
انا علي هون بئه انا توهت مني شو بدها منو سما وشوراحت تعمل علا عشانو
ربطتي بعلا وبسما وخليتي راسي يلف
خصوصي بعد حديثو الغامض مع سما وطلب الشرطه الو شو راح يصير بحياتو
سما لي اكلت هضربه القويه عفوا هضربات القويه طلعت هي الانسانه لي مشاعرها ماتت وقررت تشتغل بعقلها ومصلحتها بس لهيك انا بشك تقبل بعرض سراج اساسا خصوصي انو صدمتني شهامتو بعد الجبن لي شفتو منو
صراحه تعبت وانا بقرا كمية مشاعررررر بتخلي القلب يبكي كمية جراح وصلتني بحذافيرها
لحتى اجه نادر بحبو بعطاءو بشهامتو برجولتو بأفعالو بهلاحاسيس لي تفجرت بينو وبين نسمه بدفاعو عنها قدام اهلو قمة الرجوله صراحه
موقف امو بجد بخزي الظاهر كل الحموات اي بروايتك بدهن حرق هههههه
كتير حبيت المواقف لي خلقتيها بينهن الغيره والانتماء والاعترافات حسنتي مزاجي بعد وجع لقلب لي شفو
للامانه بس مش قادره اطلع من اسيل وادهم موجوعه عنجد 😭😭😭😭😭😭😭


lulu sy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-18, 07:05 PM   #270

Hamousa

? العضوٌ??? » 399409
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » Hamousa is on a distinguished road
Rewitysmile11

انا مصدومة
شو هالفصل عنجد صدمة
يا ويلي عن كمية المشاعر الي فيه و لا تواتر الاحداث و ترتيبها و تصاعدها و لا وصفك لحالة الشخصيات و صراعها النفسي و ردات افعالها عنجد اتفوقتي على نفسك حبيبتي
حوريتي لو تعرفي قديش انا فخوووووووووورة بيكي كاتبتي المبدعة و الرا؛عة الي لسى ما اخدت حقها من النجاح و الشهرة
انا بستنى اليوم الي يصيرو متابعينك فيه بالالااااف و عارفة انو جاي باذن الله..
نرجع للفصل و جمالو و روعتو..
اولا ابتداءا من علا و تقديمك لشخصيتها المبهمة من اول اارواية..
طريقة شرحك و وصفك لشخصيتها و حالتها النفسية على مدى سنين عمرها فوق الخيال برغم قصر فقرة الشرح مقارنة بشي الي وصلتيه الا انو وصفك العميق و الاجمالي اعطانا صورة واضحة نوعا ما عن نوعية هيك شخصيات.. هلا انا لسى ما حبيت شخصيتها او اتعاطفت معها بس حسيت انو وصلني الشي الي حابة توصليه النا و الي رح يساعدنا نفهم ردود افعالها بعدين..
بما انو عم نحكي عن علا خليني اكمل حكيي عن علي الي قدرو الغريب خلاه يرتبط بعلا بطريقة او باخرى و خلاه يوقع ضحية لعقد شخصيتها و مشاكل حياتها.. علي اطيب شخصية بالرواية.. احن شخصية و اكترها قدرة عالاحتواء يا ترى رح يقدر يحتوي ظلام قدرو و صعوبة ظروفو و المشاكل الي نازلة عليه و على اقرب الناس اليه و كيف رح يكون الفرج الي لازم رح يجيه بعد كل هالضيق و هالاحساس بالعجز ليساعد احب الناس اليه الي هي سما و الي عم يشهد انهيارها و احداث مفصلية بحياتها..
سما و اه من عذاب سما و قصة حياتها المأسوية الي تخلي الانسان ينحني لهيك شخصية قوية و شامخة بوجه المحن.. اجهاضها و فضيحتها و اهم شي انكسار كبريائها و اهانتهاقدام نفسها لانها بشكل او باخر كانت سبب لرجوعها لهيك مستنقع من الذل بقبولها الزواج السري من سراج..
كل هي الاحاسيس كانت سبب بموت جانبها البشري المتمثل بالاحاسيس و المشاعر و هذا بيدل عن هروبها من نفسها و جلدها لتقدر تواجه و تقوام اهوال العاصفة الي عم تخوضها لانو اكيد عارفة انو انهيارها هي المرة ما رح تكون في الها منو قومة..
نجي لاسيل و ادهم و معضلتهم و طريقتك لمعالجة قصتهم و علاقتهم مع كل نواقصهم و عقدهم.. كتير بعشق فيكي احترامك لعقول القراء و منطقيتك بعلاج عقد الشخصيات الي بتتراكم من ظروفهم و نواقصهم.. بالنسبة الي مشاكل اسيل و ادهم و تصادمهم بوجهات النظر و صعوبة فهمهم لاحتياجات بعض برغم عشقهم الكبير كتير مبرر بالنهاية اسيل شخصية كتير معقدة لانو كتير اتحملت و اتعايشت مع احساس النقص الي قيدها مع مرور الزمن بدون ما تحس..
ادهم الرجل العاشق بدون حدود عشقو لاسيل هو منهاج حياة بالنسبة الو بس بالرغم من هيك وجعو لوجعها عم يخليه يطمح ليغير احساسها بالنقص في نظرها قبل نظرو هو بانو يخليها تصير كاملة و بدون اي نواقص متعلقة بالحياة الزوجية و الحياة الخاصة و خصوصا الامومة.. كل هذا الشي بسبب ظفوط و سوء تفاهم متراكم عم يكبب بينهم الفجوات و الحواجز.. متشوقة كتير لطريقتك الرائعة بالتعامل مع هي المشاكل و كيف رح توصليهم لبر الامان..
بالاخير نادر و نسمة برغم انو مشكلتهم تعتبر اخف مشكلة بالرواية لانو عالقليلة ظلت منحصرة بينهم اتنيناتهم بس علاقتهم برأيي احلا علاقة و تدرجك بتطور مشاعرهم و قربهم لبعض مع توضيحك كيف عم يتخطو الحاجز العظيم الي بينهم كتير رائع
مشاعري انثارت بتأثري بقربهم الخجول من بعض رومنسيتهم رائعة و مواقفهم مع بعض و قدام عيلة نادر مبهرة خصوصا ردود نادر و نسمة عن تدخلات العائلة بينهم بينت مدى توافقهم و عمق زواجهم و ارتباطهم بلعض حتى لو لسى ما صار جواز فعلي..
بالنهاية الفصل بيجنن حبيبتي تسلم ايدك و انا بتشرف بصداقتك و بمتابعتك يا قلبي الله يوفقك يا رب


Hamousa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:38 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.