09-12-17, 08:04 PM
| #342 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة  
|  الفصل العاشر عمان / وادي السير 2011م رمت زويا بجسدها فوق السرير تسأل ابنة عمها الواقفة قرب النافذة وقد شملها سكون وبرود غريب: - ما بكِ دينا؟! ردت بكآبة وخيبه دون أن تلتفت لها :- لا شيء . - يبدو أن الخبر الذي سمعتُه صحيح. تلكأت قليلا قبل أن تتابع :- الطبيب نارت سافر صباحا إلى دمشق. لم تكد تنهي كلامها حتى انتفضت دينا ملتفتة نحوها وعاجلتها تستفسر بتوق العاشقة:- وهل عرفتِ سبب سفره الاضطراري؟!! أو مدة غيابة؟!. هزت زويا رأسها بالنفي فعلقت دينا متأففة باستهجان:- أوليس غريبا أنه بالآونة الأخيرة أصبح لا يستقر بمقامه؟!! بالكاد وصل عمان!!!.. ما الأمر الذي دفعه ليستعجل السفر من جديد؟!! - ربما لأن والدته عميمه مالقت في دمشق ولا يمكنه تركها هناك لوحدها فترة طويلة دون السفر للاطمئنان عليها. ردت دينا باستياء: - لا أفهم لماذا لا تأتي إلى عمان وتعيش هنا بيننا؟!.. سنضعها تاج على رؤوسنا. أنا بنفسي سأذهب إلى منزلها كل يوم وأخدمها. ضحكت زويا بسخرية لطيفه: - طبعا أم الحبيب.. واثقة أنك ستقيمين عندها ليل نهار. صدحت بصوتها تشدو بأغنية كاظم الساهر" يضرب الحب شو بذل.. يضرب الحب" دينا لم ترد عليها، ما زالت ساهمة بشرودها أسيرة لأحاسيسها المرهفة وتشعر بنارت منحني قبالتها يحتضن كفيها الدافئة ويغمرها بنظرات شغف المحب.. كم تمنت لو أطاع الجدة توجان ليرقص معها الزافكؤ لكنه رفض ضاحكا متحججا أن القيام بأمر كهذا غير لائق بالمشفى. ******************************** سحبت زويا ابنة عمها الحزينة من ذراعها غصبا عنها تشدها إلى غرفة الجدة توجان لتستقرا بجانبها فوق السرير.. - جدتنا الحلوة أخبرينا عن مهرجانات البطولات؟. ابتسمت توجان وهي تسترجع عبق الماضي الجميل :- مهرجانات البطولات تلك من عاداتنا الجميلة القديمة التي تعود للأزمنة السحيقة ربما منذُ زمن مجالس النارتيين وحملناها معنا من القفقاس وللأسف أصبحت غريبة عنكم يا أحفادنا الأعزاء.. كنا نقيم مهرجانات الفروسية وبطولات ألعاب القوى أثناء احتفالاتنا بالنيروز موسم قدوم الربيع وازدهار الأرض... الكل يستعد بتوق وابتهاج للحدث السنوي الهام، كنتُ للمناسبة أخيط ملابس خاصة لنيازي وزينب الصغيرة التي تدور راقصة بثوبها الشركسي ضاحكة بخجل.. في ذلك اليوم كان الجميع يحرص على ارتداء الأزياء الفلكلورية الشعبية.. عوائل العشائر الشركسية يجتمعوا منذُ الصباح الباكر في دغله بعد مدينة عمان وقبل منطقة الزرقاء، غابة خضراء جميلة على طرف هضبة تزدحم بأشجار السرو الباسقة والصنوبر بأريجها العطر الخفيف الذي ينشر الحبور فيتذكر كبارنا غابات بلادنا فردوسنا المفقود.. نمد الموائد تحت ظلال أشجار الكينا الضخمة المخشخشة.. نجلس بالفسحة المستوية المخضرة وهناك يبدأ المسنين بسرد الأساطير عن الأقدمين.. بعدها تعزف الفرقة الموسيقية الألحان الشجية على الأكورديون والناي وترقص الفتيات والشباب الجكوات وتتاح لهم الفرصة ليتعارفوا على بعضهم ويتحادثوا أمام مرأى مراقبة الأهل، وكثيرا ما تتم خطوبة أغلبية العازبين بعد ذلك النهار.. وعلى الجانب المقابل من حلقات الرقص والغناء يكون الفرسان الشباب يستعرضون مهاراتهم وقدراتهم بالفروسية ويتسابقون على ظهور جيادهم قبل أن تبدأ مباريات ألعاب القوى لانتخاب بطل الموسم.. يقف بطل موسم العام السابق بالمصارعة في منتصف الحلبة المحددة كدائرة كبيرة فوق التراب، ويتقدموا المرشحين الجدد لمنازلته على البطولة.. وكان البطل السابق شديد البأس ضخم مفتول العضلات وافر القوة واسع الحيلة وبسهولة استطاع أن يهزم المنازل الأول واتبعه الثاني والثالث على التوالي كاسرا أذرعهم حتى واجه المرشح العاشر الأخير.. أخذ يدور حوله يناوره ويحاوره مداعبا لإمتاع المشاهدين الحضور وإضحاكهم قليلا، ثم لم يلبث ان انتصر عليه بضربة حرة مباشرة ضمن أصول اللعبة. وقف وسط الحلبة رافعا ذراعية باعتداد وفخر وهو يهتف بشيء من الاستهزاء :- أليس بينكم من منازل جديد؟!!.. ألن يتجرأ أحد منكم ويتقدم لمنازلتي؟!! باباج أنزور العجوز بلحيته الرمادية الطويلة وظهره المقوس قال وهو يطقطق بعكازه على الأرض ليتكأ فوقها متظاهرا باستعداده لنهوض :- ان لم يبق بين الفرسان شاب سأنازل أنا هذا المتبجح ولنر أين يقوده غروره. الرجال الكبار أمسكوا أبي وشدوه ليجلس في مقعده ضاحكين قائلين:- لا يجوز أنت ضمن لجنة التحكيم. شاهدتُ أبني نيازي يقفز من بين المتفرجين ويتقدم من مجلس كبار التحماديين، أنحنى لهم احتراما وقال بأدب جم :- أرح نفسك جدنا، سأقوم أنا بالمهمة عنك أن سمحتم لي. أجاب باباج أنزور وهو يتأمل حفيده من تحت حاجبيه الكثين مبتسما بلطف:- لنؤجل المنازلة حتى يكتمل نمو ما تحت أنفك، فأنت لم يكد يخط الزغب شاربك. رد نيازي بإلحاح :- ربما استطعت أن اخفف من غطرسة ذاك المتباهي.. واعتقد أنني استطيع ذلك فأعمامي بالجولان دربوني على رفع الأثقال والمصارعة. كان البطل يدور محمحما بالحلبة:- دعوني أتسلى بهذا الفصعون للحظة.. أعدكم أن لا أرفع يمناي عليه، سألمسه بيسراي مسا رقيقا دون لوي يديه بقسوة.. تحفزتُ بتأهب للوقوف مستنفره لكن يد ياميه ستناي جذبتني :- إياكِ يا توجان .. تدخلك لن يجدي نفعا ولن تغيري شيئا، بل سيعيد ذلك عليكِ بالمضرة لأنكِ ستحرجي أبنك أمام الحضور، وحينها يوصم ويدمغ نيازي بمتخاذل مدلل أمه وتجلبي له الصيت السيئ بخوفك عليه.. هداكِ الله أجلسي يا أبنتي. لم أستطع فعل شيء كنتُ أتابع ما يحدث وأنا أغلي بقلبي ويداي مغلولة الرسغين. صرخ البطل السابق :- هيا.. اقبلوا وأطيلوا أمد تمتعكم قليلا.. أعدكم أن أرفق بالفتى ولا أكسر رجله... لن أكون خشنا. التمعت النظرات عابثة بكثير من الإشفاق .. تمتم الكبار :- هيا يا أنزور اسمح له بجولة لقد تعهد بطلنا أن لا يمسه بيمينه. آخرين هتفوا:- الصبي لن يصبح فارسا قويا يتقن حمل السيف ان لم يصب بجراح. رغم قلقي لكني لم أتكلم فالرجال محقين بوجهة نظرهم.. أومأ باباج أنزور برأسه موافقا:- حسنا .. لا بأس .. هيا أرنا ما يخرج عنك.. ولا حرج عليك أن هزمك. انحنى نيازي بأدب أمام مجلس كبار التحماديين وتراجع دون أن يدير ظهره وهو ما يزال مخفضا رأسه كما الأصول بحضور المسنين. عقب كبير المخاتير :- فتى رائع مؤدب يفهم بالأصول.. اخبرنا أبن من تكون؟ أجاب باعتزاز:- أنا نيازي أبن الشهيد نارت. رد عليه:- أهااا.. أذن أنت أبن القائد الشهم نارت بطل معركة الجولان.. ليكن الله في عون الذي ستنازله لأنه بحاجة إلى أكثر من ساعدين ليواجه فتى مثلك شجاع كأبيك رحمة الله عليه.. قلبي خفق بشدة وأنا أشاهد أبني والبطل السابق يدوران حول الحلبة قبل أن يتماسكا الأيادي بشدة.. كان نيازي معتدل القامة والبنية لكن جسده مازال ضئيل خفيف لم يثقل على سطح الأرض تحت قدميك.. فجاه وفي لحظة رفع نيازي البطل السابق بين يديه فوق رأسه كما لو أنه طفلا صغيرا ودار به دورة سريعة ثم قذفه إلى الأرض. كبار مجلس التحماديين وقفوا جميعا وتبعهم الحضور بحالة ذهول ثم صفقوا بحرارة وهم يهزون رأسهم تشجيعا يهتفوا:- والحق أنك يا فتى لا تحتاج إلى شارب ولا لحية. تمت دعوة نيازي ليتقدم ويستلم الميدالية الذهبية وكأس البطولة من لجنة التحكيم وكبار التحماديين وبهذا أصبح بطل موسم ذاك العام.. شكرهم بفصاحة:- أطال الله في أعماركم يا شيوخنا الكبار ومد في الزمن الذي تفيئون به علينا، أنتم الوطن والجذور.. بوجودكم نظل نحمل بصمتنا وببقائكم تبق لنا وجوهنا وملامحنا ونحفظ هويتنا.. وبلمس أياديكم وتقبيلها نلمس تراب بلادنا ونقبله. رد كبير التحماديين وهو ينظر إليه بافتتان:- أنت لست قوي البدن وحده يا فتى بل إن لسانك أقوى من بدنك.. تتميز بعقل راجح وقلب مخلص بالوفاء. كبار مجلس التحماديين رفعوا عن رؤوسهم قبعات القلبق وهذه أشارة تقدير لا تمنح ألا لأصحاب المقامات العالية، قال كبيرهم وهو يتأمل نيازي بإعجاب:- بوركت.. رحم الله والدك في مرقدة والعمر المديد لأمك وأعمامك الذين أحسنوا تربيتك ورعايتك بارك الله فيهم.. فعلك جميل وقولك أجمل. يتبع >>>>>>>>>> | |||||||
|  |
|
09-12-17, 08:12 PM
| #343 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| شب الولدان عن الطوق وكبرا، نيازي كان يسافر ليقضي الصيف في الجولان عند أعمامه بين مروج الهضاب وحقول المزروعات مهتما بأملاكنا من الأراضي الشاسعة فازداد قوة وعافية.. سار على نهج وخطى أبيه الشهم نارت وانضم للجيش بقوة الحدود.. ارتدى البزة العسكرية ذات اللون الخلاب وأدار رؤوس الصبايا بقامته وبوسامته. أما سعدالدين فمنذ صغره كان يحب العلم، لا نراه ألا وقد حمل الكتب الصفراء الكبيرة التي لأوراقها رائحة خاصة عطرية قريبة من البخور ولحاء الأشجار بنكهة جافة.. درس بجد وسافر ليكمل تعليمه في القاهرة.. لم يبق معنا في البيت تؤنسنا ألا زينب الجميلة مصدر بهجتنا وفرحنا العائلي الدائم.. لم تكن مدللة أبيها مستافة فقط بل أخويها سعدالدين ونيازي كانا يتسابقان للاهتمام والاعتناء بها وما تطلبه يلبى في الحال دونما أي تأخير.. كانوا عندما يجتمعوا في الأجازات يجلسون في مزاج رائق بالحوش يتمازحون وتقوم زينب الفرحة بقدوم أخويها تقطف العنب عن الدالية وتغسله لتضعه أمامهما قائلة:- لشدة سروري بحضوركما غير قادرة على النوم.. لا أحد منهم يشعر بالنعاس فينهض نيازي ويرقص الاديغي مع أخته زينب وسعدالدين يصفق مشجعا وسط صخب ضحكاتهم.. ثم يمضون الليل بالثرثرات المرحة إلى أن يرتفع صوت المؤذن، الجامع لم يكن بعيدا، سعدالدين ونيازي ينهضا للوضوء ويخرجا لصلاة. سعدالدين لم ينفك بغسل دماغ أخته زينب بأهمية أكمال تعليمها، كان يخبرها عن زميلاته بالجامعة في القاهرة ونضالهن من أجل ان يصبحن عناصر فاعلة بتطور المجتمع وإنمائه.. أحضر لها من مصر أم الدنيا الكثير من الكتب والروايات والقصص لتقرأ وتثقف نفسها.. وكانت كلما سافر أخيها نيازي لسوريا وسألها كالمعتاد عما تحب أن يجلب لها من هدايا توصيه بأحدث إصدارات دور النشر من كتب في الشام وبيروت.. نمت وكبرت زينب وبين يديها تحمل الكتب تلتهمها تواقة للعلم والثقافة وكانت تخبرني ما بها من أعاجيب العالم.. يا الله ما أكثر المتغيرات والتطورات التي جرت بفترة زمنية قصيرة سرت الأخبار ان جامعة ستقام في عمان، مستافه وعد زينب الدراسة بها إذا ما تحقق الأمر فعلا.. وفي عام 1962م تم إصدار إرادة ملكية من جلالة الملك الحسين بإنشاء الجامعة الأردنية. وبعد أن حققت زينب النجاح باجتهادها وتفوقها الباهر بشهادة التوجيهي وحصولها على معدل مرتفع أوفى مستافه بوعده لها وقام بتنفيذه عندما سجلها بكلية الآداب فكانت بلائحة دفعة أوائل الطالبات اللواتي ذهبن لدراسة في الجامعة الأردنية بعد افتتاحها رسميا.. ابنتي زينب كانت جميلة وديعة، طيبة ومطيعة.. دخولها للجامعة سبب لها بعض المنازعات مع خطيبها أبن عمها الذي اعترض بشدة وأراد الزواج منها دون تأجيل.. وافق مستافه لكنه اشترط عليه أن تكمل زينب تعليمها بالجامعة بعد زواجهما.. ذلك لم يعجب أبن أخيه الذي لم يكن يحب العلم وترك الدراسة وهو بالمرحلة الإعدادية مفضلا العمل بالتجارة.. المواقف احتدمت بعصبية بين زينب وخطيبها، كان بينهما فروقات بالتوجهات وتفاوت في الأمزجة والرؤيا.. لكل منهما مسارات متباينة بالحياة.. مستافه انفرد بحديث مطول مع زينب في غرفتها ليستفهم ويسمع منها مصغيا بتركيز.. بعدها صلى واستخار لثلاثة أيام متتالية ثم حسم الأمر.. خاطب شقيقه بحزم وهدوء:- الحياة بين الزوجين لا تكون بانسجام وتناغم إلا إذا كان هناك تكافؤ بينهما، متفاهمان فكريا ووجدانيا لتصبح العشرة متيسرة.. دون ذلك لا تستمر الرابطة الزوجية بنجاح بل تتفكك المودة وتضعف الرحمة.. ويبدو أن أبنائنا لا يجمعهما التقارب لعدم توفر التوافق ولهذا لن تتحقق الكفاءة في زواجهما.. الحمدلله أنهما اكتشفا ذلك الآن وهما على البر.. وليرزق الله كل منهما بنصيب يناسبه ليجدا راحتهما. بعد فسخ الخطوبة انقطعت زيارات شقيق مستافه لنا لفترة لكن ذلك لم يطول فبعد شهرين كنا نحن أول الوافدين لبيتهم لتهنئتهم والمباركة لهم بزواج أبنهم.. ثم مع الأيام والسنوات عادت العلاقات بيننا طيبة. نيازي قمتُ بتزويجه من نسه شابسوغيه وعاشا يتنقلان بين سوريا والأردن ورزقهما الله بالكثير من البنين والبنات.. الأطفال تعلقوا بي كثيرا فكانوا يقيمون في عمان بشكل شبه دائم وملئوا البيت وحياتي بالسعادة.. سعدالدين بعد تخرجه عاد من القاهرة واشتغل في الحكومة.. مستافه قام ببناء بيت له قريب منا في الحي وزوجه ابنة عمه المزيونة.. في ليلة زفافه رقصتُ الدحية.. أنا حرمتُ من الرقص الاديغي بسبب ظروفي ولهذا تعلمتُ من العرب رقص الدحّية.. رقصة مثيرة جدا تتطلب التوافق بين الأداء الحركي والتنفسي لمجاراة المشاركين.. فرحتي كانت عارمة بعرس سعدالدين، حملتُ السيف واتجهتُ لساحة أمام مضارب الخيام التي تم نصبها للاحتفال بها قبالة البيت، هلل الجميع بالتباريك لدى رؤيتهم لي فأنا أم العريس، الأم من تربي وتتعب ويشهد الله أنه كان بمثابة ابني الروحي الذي لم يلده رحمي.. وجه سعدالدين الواقف بين صفوف الرجال أشرق سرورا ورفع كتفيه فخرا لقدومي.. أخذتُ أدبك بالعباءة الفضفاضة ملتفتة بكل الاتجاهات ملوحة بالسيف وسط حماس التصفيق المحموم وأصوات الفحيح الحلقي المبحوح المرددة:- (هلا هلا به ياهلا... ) كان الرجال يقفون متلاصقين بحلقة دائرية وهم يتمايلون إلى الأمام والخلف ثم يضربون أكفهم الممتدة ببعضها بميلان للأسفل، يسحبون الأكف العليا حتى منتهى الأصابع بإيقاع متقطع وهم يفحون مخرجين أصوات مضخمة خشنة:- (دحّيا.. دحّيا.. دحّيا..) زينب في سنتها الدراسية الثالثة خطبها أستاذ بالجامعة أحبها وأحبته.. كان شابا مهذبا راقيا من الأكابر أبن شريف من الأمراء.. تزوجا في عرس فخم مبهر بالقصر وبقي الناس يتحدثون عنه لمدة طويلة بعد أن نشرت الصحف صور زفافهما.. عاشت زينب بسعادة في رخاء وثراء.. أنجبت صبي وبنت غاية بالجمال والذكاء، وكانت كلما سافرت لخارج البلاد مع زوجها تجلب ولديها الشريف طلال والشريفة إيمان ليقيمان عندي وهكذا تربيا مع تيتيان ابنة نيازي الصغرى التي تعلقت بي كثيرا منذُ طفولتها وكانت ترفض الذهاب مع أهلها إلى دمشق حتى لا تفارقني بتاتا، فدتها عيوني عاشت وكبرت في حضني وبقيت قربي العمر كله. يتبع >>>>>>>>>>>>> | |||||||
|
| |
|
09-12-17, 08:13 PM
| #344 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| عمان / وادي السير 2011م تشاغلت زويا تنقل الأطباق لتعد المائدة.. تبادلت النظرات مع عمتها التي بدت قلقة وقد جاهدت ليخرج صوتها محايدا: - لزم أن نتكلم.. لقد تباحث عمك تامبر(الرزين الصبور) بمكالمة هاتفية طويلة مع والدك بأميركا.. قلبا الوضع من كل الأمور وتوصلا إلى القرار الصائب.. الأفضل أن تقبلي الزواج من ميرزا . انتفضت زويا وانقلبت لأنثى حادة وقد شب الحريق في صدرها قائلة باحتدام متبرمة :- دائما هناك من يفكر عنا ليتخذ القرار دون أن يأبهوا باستشارتنا.. هذه حياتي أم حياتهم تلك التي يتلاعبون بها كالكرة!!.. - واجبك أن تطيعي. لكن زويا رفضت الامتثال واستمرت قائلة بطريقة لاذعة :- وماذا سيفعلون أذا لم أطيعهم وأقبل عرض ميرزا بالزواج؟! .. لن يفرضوا عليي أرادتهم كما فعلوا معكِ .. ارتبكت العمة تيتيان وهي تجيب متلعثمة:- هم لم يفرضوا أرادتهم.. أنا التي اتخذت قراري بنفسي وفضلت البقاء عزباء دون زواج. تدفقت الكلمات سريعا من فم زويا:- ارتأيتِ ذلك لأنهم اعترضوا على زواجك من الشريف طلال أبن الجدة زينب. بدت العمة مصدومة بألم لوهلة، أخذت نفسا عميقا وردت بروية:- لا أنكر أن بعض أفراد العشيرة لم يقبلوا بزواجي من عربي لكن أبي نيازي رحمه الله لم يرفض ابن أخته طلال بل ترك لي كامل الحرية بالاختيار.. تابعت بغصة متحشرجة:- الزواج في الشرق ليس ارتباط شاب وفتاة يحبان بعضهما ويستقرا معا تحت سقف بيت يضمهما.. بل علاقة عائلتان وكل عائلة تنتمي لعشيرة تختلف بعاداتها وتقاليدها وأسلوب معيشتها.. ما تسمح به اديغتنا قد يكون مستهجن للآخرين، ما تربينا عليه من قيم وقواعد ونعتبره أهم ركائز حياتنا مغاير تماما لنهج ونمط ومنطق غيرنا.. - كل ذلك يمكن تجاوزه ولا يعتبر عائق إذا كان ارتباط الشريكين مبني على أسس متينة وثقة متبادلة وعلاقة أواصلها وثيقة. عضت العمة على شفتها السفلى تقول بحسرة :- الحب الذي جمعنا لم يصمد بمواجهة أي تحديات.. طلال لم يتفهم رفضي له بل أعتبر موقفي غدر لعواطفه وأهانه لكرامته.. قبل مرور أقل من شهر على افتراقنا تزوج أميرة من عائلة أبيه وبعد تسع شهور ولد أبنه الذي أصبح الآن شابا طموحا واعدا كضابط بمنصب هام في أمن مخابرات الدولة.. أنتِ لم تقابليه حينما جاء مع أبيه الشريف طلال لزيارة الجدة توجان في المشفى، ماشاءالله عنه له حضورا وجاذبية خارقة سيكون في المستقبل من أهم رجالات القيادة. ارتسمت علامات التأثر بوضوح على قسمات وجه زويا وهي تقول:- ضاع حبكما بسبب عنادكما!!.. لم تحاولا التنازل من أجل ذاك الغرام!! أنتِ تمسكتِ بالجذور ملتزمة باديغتنا الخابزة وهو شعر بالخذلان وظن أنكِ لم تحبيه بما فيه الكفاية!!.. - لا تضغطي على مكمن الجرح. - لكن يا عميمه القوانين وجدت لتنظم حياتنا لا لتقهر وتفرق القلوب. ردت العمة مغمضه عينيها بوجع ا:- كفى عن النبش داخل جرح أغلقته منذُ ثلاثين عاما.. - جرحك ما زال ينبض بعد ثلاثين عاما!!.. ألهذا رفضتِ الكثيرين من الرجال لأنكِ لم تستطيعِ تجاوزه؟!! - جرحي غير قابل لشفاء. أردفت كمن تغلق موضوعها :- الزواج قسمه ونصيب.. وأنا لم يكن لي نصيب بالزواج من الشريف طلال ولا من غيره . أكملت العمة وهي تزن الكلمات مخفيه الإشفاق من أن يعتري نبرات صوتها :- دعيكِ من المراوغة وتحويل المواضيع لتبتعدي عن لب حديثنا.. هل هناك ما يعيب ميرزا ؟ أجابت زويا بنزق متأففة : - ألن يكفوا عن العيث في تقرير مصير حياتنا!!.. أشعر بالتقزز من كل هذا الجهل والتخلف والبدائية بالتعامل!! زجرتها العمة:- تكلمي عن الكبار بحشمة يا بساشة " يا فتاة" . راحت زويا تقطع غرفة المعيشة ذهابا وإيابا بتوتر ثم قالت: - أعتقد أن الوقت ما زال مبكر جدا لزواجي. التفتت العمة لها، أومأت بهزه خفيفة من رأسها إيجابا توافقها : - نعم مبكر .. لكنها استدركت :- رغم ذلك يجب أن ترسي على بر الأمان لنطمئن.. صرخت زويا بانفعال غاضبة : - تطمئنوا إلى ماذا؟.. فشلت العمة في تلين موقفها فواجهتها بحقيقة مخاوف العائلة: - هل نسيتِ ما فعلتِ الأسبوع الفائت؟ قطبت زويا حاجبيها ومطت شفتيها تلويها:- لا أتذكر أني ارتكبت أي تصرف مشين فيه خطأ!! - أقصد مشاركتك في تجمع الإصلاح والتغيير!!.. حانت من زويا التفاتة استنكار حانقة، هاجت بغضب متصاعد:- وهل تظنون أن زواجي بميرزا سيجعلني مطيعة راضخة لحكم الأمر الواقع ويمنعني من الانضمام إلى حشود المتظاهرين؟.. أهكذا تعتقدون بأن العقدة أنحلت!!.. ثارت بقوة :- لاااا .. لاااا لن يكون ذلك أبدا.. أبدا.. لن أسمح لأحد بأن يفرض عليي الزواج، ما هذا الهراء!!.. لي حق اختيار الرجل الذي أجده مناسبا لحياتي دون تحكم الآخرين.. هذا أذا ما قررت الزواج يوما، ولن أفعل قبل ان أحقق ذاتي وأحلامي وكل ما أصبو أليه من انجازات.. اقتربت العمة منها وربتت على كتفها بتعاطف ورقة: - زويا يا حبيبتي فدتك عيوني معك حق في ما تقولينه.. لكن عليك أن تمتثلي وتلتزمي لأوامر الكبار.. ردت زويا بنفاذ صبر: - وهل قرار الكبار نهائي قاطع غير قابل للنقاش أو التفاوض!! عميمة أنت من أعضاء الاتحاد النسائي الشركسي وعليكِ أن تكوني متعاونة معنا لنغير ونتطور.. تنهدت العمة بنبرة محذرة : - الفتاة عندنا تتمتع بحرية كبيرة حقا لكن بمواجهة الكبار لا يبقَ أمامها ألا الطاعة وأنتِ تعرفين ذلك. تذكري اديغتنا الخابزة عاداتنا وتقاليدنا.. زفرت زويا باستهزاء:- ألا ترين يا عمة أننا أصبحنا في زمن مختلف تماما؟.. أومأت توافقها : - صحيح .. لكن التغيير ليس سهلا وأحيانا لا يكون للأفضل.. تروي .. فكري بغيرك .. تنفست العمة تيتيان بعمق واسترسلت: - هل خطر ببالك أن مواقفك السياسية المعارضة قد تسبب الإحراج لوالدك وأعمامك وكل أفراد العشيرة... أغلبهم من كبار الشخصيات القيادية ودبلوماسيين سفراء في دول العالم.. ومنهم ضباط في القوات المسلحة والجيش العربي بعضهم متقاعدين وآخرين مازالوا على رأس عملهم بمراكز هامة بالغة الحساسية في القصور الملكية. انتفضت زويا :- لا أحد يستطيع المساس بولائنا وإخلاصنا للعهد الملكي.. تاريخنا مشرف ونفتخر به.. تنفست بعمق واسترسلت:- نحن نعارض الحكومات الفاسدة والاختلاسات التي تحدث من نهب لخزينة الدولة.. من أجل تسوية عجز الميزانية يقومون بفرض ضرائب على المواطنين تثقل كاهلهم وتقصم ظهورهم.. نحن ننتقدهم لأننا نريد إصلاحات اقتصادية سياسية وإنمائية لننهض من حالات الحضيض التي تؤدي بنا إلى التهلكة، الأوضاع متردية لقد انتشرت البطالة وازداد الفقر.. إلى متى سنبقى في حالة احتضار؟!.. الأفضل حسم الأمور.. همهمت العمة: - لماذا أشعر وكأنك على وشك تفجير مصائب جديدة في وجوهنا؟!. رفعت زويا رأسها بشموخ وصرحت : - لقد شكلنا لجنة التجمع الشبابي في الجامعة من أجل الدفاع عن حقوقنا.. أطلقنا رسميا حركتنا الوطنية في بيان من قوى وفعاليات طلابية مع عدد من مؤسسات مجتمعنا المدني لإسقاط قرارات رفع الرسوم واستنكار العقلية القمعية ضدنا.. وغدا سنقوم بتنظيم اعتصام بالجامعة الأردنية للمطالبة بالحرية لزملائنا الطلبة الذين تم اعتقالهم من الجهات الأمنية ليوقفوا استجوابهم والتحقيق معهم، بل والإفراج عنهم دون أي تأخير.. الجدة توجان بأجفانها المثقلة المتراخية أصغت لحوارهما بصمت، العمة تيتيان وزويا اعتقدتا أنها نائمة لكنهما التفتا نحوها ذاهلتان حينما تكلمت:- هل ترى حفيدتك الصغرى أيها الشهم نارت؟؟. لقد انجرت إلى سياسة المعارضة ولا أحد يستطيع كبح حماها أبدا. دارت زويا حول نفسها بكل الاتجاهات تستطلع المكان وتسأل بحيرة:- الجدة من تخاطب؟!! ردت العمة بوجه ممتقع وصوت خافت كمن تحدث نفسها:- يبدو أنهم اخذوا يتدفقوا!! باستغراب سألت زويا: - من هم؟! أشارت لها العمة بالسكوت عندما تابعت الجدة تقول:- كنتُ في السابق عندما أفكر بلحظة حضور أطيافكم يسكنني الفزع لكن ها أنا ذا تبدو لي الأشياء وكأنني لا أزال في تلك الأيام الخوالي.. ما أكثر الأمور التي فآتتكم جميعا معرفتها بخروجكم المبكر من الحياة.. على كل لا يهم.. أخبروني هل هناك عندكم تعيشون بسلام وأمان بين بعضكم أم كما عندنا إضرابات ومظاهرات؟؟.. احتجاجات وعنف واقتتال على رغيف خبز ؟! نهاية الفصل العاشر | |||||||
|
| |
|
09-12-17, 08:14 PM
| #345 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| مساء الورد البنفسجي اعزائي اتمنى لكم قراءة ممتعة  لا تحرموني من أرائكم وتعليقاتكم وتوقعاتكم فأنا أنتظرها بشوق  والف شكر للجنرال الجميلة خولة على التصميم الراااااائع تسلم الايادي | |||||||
|
| |
|
09-12-17, 10:11 PM
| #347 | ||||
 
| حبيبتي دنيا مبسوطة انو عجبك التصميم وافتخر ان يكون بقدمة الرواية الرائعة الفصل اكتر من رائع عجبتني زويا وتفكيرها بئثبات نفسها وقلبي وجعني على عميمة وحبها لشريف طلال انتي مذهلة بكل حرف وسطر انتي مبدعة تسلم ايدك ياقلبي عالرواية الشركسية الرائعة ❤❤ | ||||
|
| |
|
10-12-17, 03:21 AM
| #348 | ||||
| مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء 
| فجر الخير... فصل رااائع تسلم اناملك المبدعة المميزة عليه... اذا تنصل نارت من الرقصة واعتقد لانه خاف ان تظهر مشاعره واضحة في تلك الرقصة واعتقد ان الجدة اختارتها لذاك السبب ولا اعتقد انها من اجل تواجدهم في المستشفى او خوفاً على هيبته ك طبيب فيه وايضاً المرجح انه هرب الى الشام لشعوره بالخطر من مشاعره او شطح خيالي بعيداً وانه ذهب لإحضار والدته من اجل الخطبة... نيازي انجب العديد من الاولاد يعني ان هناك غير والد زويا ووالدة دنيا ووالدة نارت وتيتيان وهاهو هو عم جديد ظهر ويطلب زويا لابنه روميرا واكيد سيظهر غيرهم لكن زويا المعارض والتي كنت اعتقد انها ترى الحب تافهة اخطأت فهمها ف هاهي تدافع عن الحب والمشاعر وبل تطلب ان يكون ما يجمع بينها وبين زوجها هو الحب وليس قررات الاهل فهل سيتحقق ما كان سيكون بين طلال وتيتيان لان اعتقد ان المظاهرة التي ستخرج فيها وتطالب بإطلاق سراح اصدقائها ستدخل هي معهم بدل ان تخرجهم وممكن يتدخل ابن طلال باعتبار منصبه واللقاء الذي فاتها ممكن يتحقق المهم زويا الثائرة اظهرت ان لديها احلام عن الحب والزواج كما لديها طموح اخرى... تيتيان الم ترى ان الجدة توجان كانت مثال حية على مقدرة المعايشة والاندماج او ان السبب هو انها لا تريد ان تكون مثل الجدة توجان وبصراحة رفضها لم يعجبني وسبب الرفض لم يقنعني لأنها من البداية تعلم الفوارق بينهما وخاصة انها لمسته في الجدة توجان التي كانت امامها مثال حي وكانت من البداية تعلم انها غير قادرة ان تكون كالجدة توجان لذلك السؤال الذي يطرح نفسه لماذا بادلت طلال المشاعر اذا هي تعمل انها ابداً لن ترضى بالزواج من غير ملتها... مصطفى كما كان زوج رااااائع اثبت ايضاً انه اب راااائع مع زينب وهاهي زينب تزوجت زيجة لم تكن في الحسبان وسؤال بما انه كان اب رااائع ل زينب واكيد ل سعدالدين و نيازي لماذا تم تجاهله عند مدح نيازي اعلم انهم يتكلمون عن التربية الاديغية لكن المفترض كانوا يشكرون ايضاً مصطفى الذي له جزء في تلك التربية واكيد بصمته على نيازي موجودة... نيازي الذي كان فخوراً بوالده الشهيد والذي اتخده المثال الذي احتدا به وسار على دربه ومع انه ايضاً كان يهتم ب املاكه واعتقد انه ايضاً ابناءه مقسمين بين سوريا والأردن والسؤال هل استشهد هو الآخر في معركة ما او مات موت طبيعي، مشهد القتال ذكرني ان لا استهانة بإي احد لان الله يضع سره في اضعف خلقه وبالتالي ذاك المتبجح الذي استهان ب نيازي لم تدم فرحته الا دقائق بفوزه على المتسابق الذي فاز على تسع زائد الذي فاز عليه العام الماضي ولا اعتقد انه تبجح مثله والا ما كان هذا استفز باباجي ونيازي المهم هل نيازي فاز العام الذي بعده لم نعلم ... حالة الجدة توجان من كلام العمة تيتيان انها حالة متكررة والا كنت رجحت ان الجدة توجان تودع لان يقولون ان الاحياء الذين اقتربت ساعتهم يرون الأحبة الذين سابقوهم ومما فهمت انها تحادث الشهم نارت ومصطفى ونيازي وممكن زينب وسعدالدين وغيرهم من الأحفاد اذا هناك من مات منهم طبعاً ووالدها ووالدتها... من الجيد الحفاظ على العادات والتقاليد الجيدة لانها هوية تلك الشعوب ومن تركها طارت هويته... اعتذر عن التعليق الذي ليس بمستوى الفصل... موفقة بإذن الله تعالى... في حفظ الله ورعايته... | ||||
|
| |
|
10-12-17, 03:26 AM
| #349 | |||||
| مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
| |||||
|
| |
|
10-12-17, 04:05 PM
| #350 | ||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| اقتباس:
| ||||||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
9Likes
.png)
العرض العادي
