آخر 10 مشاركات
عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          152 - الحلم الممنوع - مارغريت بارغيتر (الكاتـب : حبة رمان - )           »          7-هل يعود الحب -مارغريت كالغهان - روايات ناتالي (الكاتـب : Just Faith - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          و حانت العــــــــودة "مميزة و مكتملة" (الكاتـب : nobian - )           »          إلى مغتصبي...بعد التحية! *مميزة ومكتملة *(2) .. سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-01-18, 08:40 PM   #611

Khawla s
 
الصورة الرمزية Khawla s

? العضوٌ??? » 401066
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,978
?  نُقآطِيْ » Khawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond repute
افتراضي


تسجيل حضور متاخر
شوي بس اجيت كيفك
ياقمر ❤❤❤


Khawla s غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-18, 09:34 PM   #612

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



الفصل السادس عشر


أخذت تفتح أدراج الخزانة واحدا بعد الأخر.. صاحت بصوت متحشرج:- أين اختفى؟!!

انتقلت زويا إلى الدولاب وغاصت برأسها تتطلع بداخله، مدت يدها تتحسس الزوايا الخالية بعد أن ألقت المحتويات على الأرض.. تنهدت بنرفزة وهي تحك شعرها المشعث تنظر إلى أكوام الأغراض المبعثرة والحاجيات المرمية بفوضوية.. مجموعة قمصان فضفاضة متشابهة في موديلها تختلف بألوانها، سراويل جينز كلاسيكية عادية عملية بدون أي بهرجة..

سألتها الجدة توجان :- مابكِ فدتكِ روحي؟.. عما تبحثين؟..

رفعت زويا رأسها بارتباك لبرهة ثم عادت تواصل التقاط قطع الثياب لتنفضها بحركات عصبية، احتقن وجهها بالاحمرار لعلمها ان الجدة تنتظر أجابتها، استدارت نحوها تعرف ان لا مفر من أخبارها بالحقيقة.. تنحنحت وهي تقترب لتجثو على ركبتيها قرب مقعد الجدة تمسك بيديها، اعترفت باستياء بصوت خافت :- لقد أضعتُ سنسالي.

- لم أراك يوما تضعين في عنقك أي سنسال.

- هذا لأني أخفيه تحت ملابسي فلا يظهر للعيان..

أكملت توضح :- صحيح أني أمقت الحلي وإكسسوارات الزينة لكن هذا السنسال بالذات أحبه جدا واضعه باستمرار بل أني لا انزعه أبدا من عنقي ذلك لأنكِ..


كادت تقول "أنتِ من أهديتني إياه.." لكن ما دامت الجدة ناسيه فضلت زويا ان لا تذكرها .. أخفضت رأسها للأسفل مستدركه:- حقا لا أعرف كيف فقدته!!.. أنا ألبسه حول رقبتي منذُ كنتُ في عمر العاشرة.

مدت الجدة بكفها تربت على شعرها:- لا تحزني.. اذا كان لكِ خير به ستجدينه.. ربما سقط في مكان ما.

فجأة خطرت لزويا فكرة احتمال سقوط السنسال من رقبتها أثناء عراكها مع شهاب..

قامت على عجل تهبط الدرجات الرخامية تغادر القصر..

كانت الشمس غائبة وراء الغيوم الرمادية الملبدة.. أجواء الطقس تنذر بقدوم عاصفة غبار كثيفة عنيفة ورعد مطري..

سارت مسرعة تتبع الاتجاه الذي سلكته ليلا محنية رأسها للأسفل تنظر أرضا تنقب بإمعان.. تاهت بين الممرات الدهليزيه في الحديقة الشاسعة ثم التقطت غصن شجرة أخذت تنبش به وتفتش بطريقها بين العشب الأخضر.. دارت ودارت مرات ومرات تطرق الغصن في الأرض الترابية غير أبهة لما تحدثه من ضجيج مزعج جعل العصافير تتقافز وتطير بين الأشجار الباسقة بزقزقتها المرتعبة..
وجدت نفسها أخيرا أمام الفسحة المتسعة لبيت شهاب.. الطائرة المروحية لم تكن في الموقع فهمست زويا لنفسها:- هذا يعني انه لم يعد ومازال في مهماته مع قوات الأمن.

انتابها الضيق وهي تبحث عن السنسال المفقود بالمكان مستعيدة الأحداث.. انهالت بضوضاء تضرب التراب وتنعفه بغصن الشجرة تفرغ شحنة حنقها.. شهاب رد لها الصاع صاعين، أرعبها بشكل لم تصل له من قبل في حياتها، قلبها كاد يتوقف فزعا.. لكن لا تنكر أنها اقترفت خطأ فادحا بتهورها وتماديها البالغ في أهانتها واستفزازها له.

تعترف أن مشاعرها متناقضة اتجاهه.. شهاب غريب الأطوار وهو يثير حيرتها وهواجسها بغموضه.. أحيانا يكون طيبا لطيفا لبقا فتشعر بالارتياح بالحديث معه لكن ما ان ينقلب ويظهر بشخصية المحقق المخيف مصدرا أوامره بعنجهيته حتى تتصاعد وتحتدم المواقف..

تذكرت تنبيهه لها بعدم الاقتراب من محيط مكان بيته باعتبارها منطقة محظورة.. هزت كتفها بغير اكتراث قائلة بصوت مرتفع:- ها أنا اخترق حظر التجول الذي تفرضه ولن تستطيع منعي يا سيادة البيك شهاب..

بحثت دون جدوى.. لم تجد شيئا فتساءلت ان كان السنسال وقع منها في بيت شهاب!!..
ترددت للحظة متوجسة من كاميرات المراقبة التي بالتأكيد موضوعة وان لم تكتشفها.. قلبها خفق بشدة حين تقدمت.. تملكها شعور غريب بحدسها أن هناك من يتلصص عليها متعقبا كافة تحركاتها وأن لم تلمح شيئا صريحا يشي بذلك.. سكنها أحساس أنها مراقبة والمكان كله مزروع بكل أنواع الأجهزة الخفية!!.. منذُ مجيئها للقصر أصبحت تعاني من رهاب العيون ألامرئية..
تمنت ان تعثر على السنسال ولا تكون مجازفة مغامرتها بلا طائل.. اقتربت ملصقة جانب رأسها الأيمن بالباب الخشبي لتلتقط أذنها أي أصوات.. بحذر وانتباه أمسكت مقبض الباب وحركته ببطء قليلا، توقفت ثوانِ مستعدة لسماع انطلاق صفارات الإنذار الموصولة الكترونيا بلاسلكي، لكن ما حدث ان شيئا لم يصدر!!
همهمت :- هل من المعقول ان يكون جهاز الإنذار معطل !!

أكملت بجرأة فتح الباب، استغربت حينما وجدته غير موصد بالأقفال!!..

ثبتت مشدوهة يعتريها الذهول.. لا كاميرات مراقبة، جهاز إنذار معطل وباب غير موصد بالأقفال!!! كان الأمر غريبا جدا بالنسبة لرجل أمن مخابرات!! حتى وان كان المكان محاط بالأسوار والحرس فشهاب لن يغفل عن أمور تعتبر من بديهيات الدواعي الأمنية..

تمتمت وهي تلج متسللة لداخل: - ربما نسي أو غفل عن تشغيل أجهزت الحماية.. بكل الأحوال ذلك من حسن حظي.

طافت بعينيها في إرجاء البيت لتراه بوضوح وإمعان في ضوء النهار، كان الصالون بسيطا واسعا مفتوحا على مطبخ نظيف مرتب، الأثاث فخم لكنه عملي ومريح.. الجدران تزدان بالنياشين والميداليات والشهادات أضافه لكثير من اللوحات التشكيلية.. وقفت زويا أمام واجهة من الصور التذكارية المعلقة لشهاب مع شخصيات بارزة وقادة عسكريين، أخذت تتأمله منبهرة.. كان وسيما بقامته وهيبة رجولته في بدلته العسكرية المرصعة بالأوسمة.

أشاحت ببصرها لبرهة لكنها عادت لتدقق بصوره موضوعة فوق مكتب خشبي بالركن، اتجهت كما لو ان شيئا يجذبها، تسمرت للحظات متفاجئة تبحلق لصورة لها حينما كانت طفلة تم التقاطها مع العائلة في حديقة منزل الجدة توجان.. لم تكن تتذكر المناسبة التي جمعتهم.. ولم تتذكر وقوفها بجانبه!! لم تتذكر أنها التقت به أصلا من قبل!!..

قرب الصورة رأت كتابا.. استرعى انتباهها فتناولته وفتحته تقلب صفحاته، ديوان أشعار لنزار قباني وضع شهاب تحت بعض الأبيات بقلمه خطوط بلون أحمر.. شعرت حينها بالصدمة الحقيقية..
خامرها أحساس أنها تقف على نقطة تحول هامه.. فكلما انزاح وانقشع الظلام المحيط حول شهاب تكتشف شيئا مهما وحيويا.. زوال غموض ما يختزنه من أسرار يوضح الكثير..
كانت تعلم أن الأفكار ستبقى تطاردها بفضول عارم إذا لم تستطلع محتوى مكتبته الضخمة، تاقت لمعرفة ما في طياتها..

نسيت أمر السنسال وأخذت تبحث بين مقتنياته ومحتويات الرفوف لا عن شيء معين بل عن ما يعكس شخصية شهاب واهتماماته من خلال عناوين الكتب التي يقرأها..
استرخت جالسه على ذراع مقعد تطالع أحد كتبه وتقرأ ما دونه بخط يده على الهوامش الجانبية وبين السطور من أفكار وملاحظات.. بعض الصفحات واضح انه أعاد قراءتها بتركيز مرات ومرات..

اندمجت زويا تماما بالقراءة تقلب الصفحات مستغرقة في كل حواسها..
باغتها صوت رجولي خشن غاضب:- حياة ماذا تفعلين هنا ؟..



يتبع >>>>>>>




دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-18, 09:35 PM   #613

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



اندمجت زويا تماما بالقراءة تقلب الصفحات مستغرقة في كل حواسها.. باغتها صوت رجولي خشن غاضب:- حياة ماذا تفعلين هنا؟..

شهقت مذعورة وهبت واقفة متبلدة متصلبة فاقدة النطق تنظر لشهاب وقد تجمدت الدماء في عروقها.. قلبها انتفض بين ضلوعها وهي تجيبه متلعثمة كمن تبرأ نفسها من تهمه :- لاااا.. لا شيء ..

تقلصت عضلات فكه بقسوة فاستدركت مبرره بصوت مشدود خرج من حنجرتها بصعوبة وكافحت ليبقى معتدلا:- فقدتُ سنسال واتيت باحثه عنه..

ساد الصمت وجف حلقها من نظراته العميقة المحدقة بها راصداً ملامحها وانفعالاتها، سألها بانتقاد لاذع بطريقة المحقق البارع: - السنسال الذي تبحثين عنه موجود بين مقتنياتي الشخصية وكتبي الخاصة؟!..

اهتزت يديها الممسكة بالكتاب وأسرعت لتتخلص منه بإعادته حيث كان فوق الرف..

ظل يحدجها بنظراته فخفق قلبها وداهمتها موجات من الحرارة.. فتحت فمها لكنها لم تتمكن من التفوه بكلمة واحدة تبرر فعلتها.. شعرت وكأنه قبض عليها متلبسة بالجرم المشهود.. احتاجت لقوة جبارة لتبق متماسكة ثابتة مكانها مقاومة دافعا داخليا يحثها على أن تلوذ بالفرار من أمامه لفرط إحراجها وإحساسها بالتطفل..

تمتمت :- غريب لم اسمع ضجيج هدير الطائرة!!

قال ساخرا :- أتنقل مستعملا الطائرة فقط في حالة الطوارئ.. صدقي نحن أيضا نسير على الأقدام ونستعمل السيارة في الشوارع.

قطب جبينه وتابع باستهجان :- انتهزتِ غيابي لتستغلي الفرصة وتتحدي أوامري من جديد!!


أردف متجهما يعاتبها مؤنبا بصوت أجش مبحوح :- ألم يكن كافيا ما حدث ليلة أمس.. ألا ترتابين من وجودكِ معي بعد ما حدث؟


اعترفت بصدق :- كنتُ كذلك قبل اكتشافي ان لك ضميرا وتخاف الله.

رفعت ذراعها وأشارت بيدها إلى كتاب القران الكريم فوق مكتبه وسجادة صلاة موضوعة على ذراع الكرسي.
- الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.. وازعك الديني سيمنعك من اقتراف الخطيئة.


رد بنبره متهدجة :- مع ذلك ما كان عليكِ ان تأتي إلى بيتي ضاربه تحذيراتي عرض الحائط.


أشاحت بصرها عنه وقالت بنزق:- ما كنتُ جئتُ لو لم أفقد سنسالي.

علق عابسا بمزاج متكدر:- جهاز المراقبة ابلغني بإشعار عن وجود حركة غريبة، رأيتكِ بالكاميرات الخفية تتجولين وتدورين في الحديقة مثيرة ضجيج الشغب حولك!! شاهدتكِ تقتربين أكثر وتقتحمين بيتي!! قلتُ قليلا وستذهبين في سبيلك، لكنكِ بدلا من ذلك لم تكفي عن العبث بأشيائي فاقتضى الأمر لتدخلي.

بدا واضحا جليا عليه الاستياء والتعب كمن لم يتمكن من النوم بشكل جيد معانيا الأرق وجاءت هي لتزيد بضوضائها الأمر سوء..

- تأكد لم ألمس ملفاتك ولا وثائق أوراقك السرية.. اعتذر لأني سببتُ لك الإزعاج.. سأغادر حالا.

قال بنفاذ صبر كمن يستعجل ذهابها:- مع السلامة.

أردف بفظاظة :- والأفضل ان لا أراكِ هنا في بيتي مرة ثالثة.

سارت بخطوات حانقة للباب تفتحه وقد همت بالانصراف، صدمتها زوابع الغبار والأتربة الحمراء بوجهها.. كانت الرياح هوجاء شديدة تزمجر وتكاد تخلع الأشجار من جذورها بقوتها الرهيبة.. بكلتا يديها دفعت الباب لتغلقه ووقفت مستنده عليه بظهرها حائرة مترددة ثم صرحت بصوت مرتفع ليسمعه: - الرياح عنيفة جدا.. لن استطيع السير فالرؤيا معدومة.

بقيت واقفة متسائلة ان كان سيقوم بطردها قائلا:- أخرجي فورا من بيتي وتحملي عواقب حماقتك.. لا شأن لي بكِ.

حانت منها التفاته جانبية نحو النافذة فلاحظت أن العاصفة الرملية تضرب أشجار السرو المحيطة بالبيت وترمي ظلالا شبحيه مترنحة مع الريح التي تعوي..


رفع شهاب رأسه بوجه مكفهر يختلج بشدة في ضيق وتوتر مكبوت، لم يعجبه احتجاز العاصفة لهما ليبقيا معا لوحدهما.. هو يشعر بقوة انجذاب جبارة نحوها، لم تكن هناك أنثى عرفها من قبل جذبته وأرادها بكل كيانه مثلما فعلت به زويا.. تجعله يفقد السيطرة على ضربات قلبه منجرفا بعواطفه المحمومة الملتهبة بشكل ينحرف فيه عن أخلاقة ومبادئه.. أصبح يخشى من رد فعله عليها، ما كان سيغفر ويسامح نفسه لو سبب لها أي خدش أو أذى.. لهذا قرر نصب الحواجز عاليا بينهما ويتجنبها بكافة السبل ليمنع أي احتكاك..

استعاد الحوار الذي جرى مع عمته الشريفة إيمان عندما ذهب لمقابلتها حالما عاد من مهمته، صارحها بمكنوناته فهتفت:- لم تجد ألا زويا لتختارها عروسا وزوجة لك!!..

استدركت سريعا:- لا تظن أني أعترض ذما لسوء بها حاشا لله بالعكس تماما زويا فتاة مثقفة وابنة حسب ونسب يفتخر بها وأنا أحبها جدا..

أكملت بصوتها الخافت بارتباك وهي تراقب رد فعل شهاب :- لكنها لن تصلح لك أبدا ولا لطبيعة حياتك.. كل منكما له مواقفه وأرائه المتمسك فيها بصلابة وحتى لو تجاوزتما خلافات توجهاتكما السياسية لا من مجال لأي ارتباط بينكما..


- نختلف سياسيا لكننا نتفق وطنيا .. أعتقد أن كل منا قادر على استيعاب الأخر.

تنهدت الشريفة بعمق :- تذكر أن الاديغيين الشركس لا يزوجوا بناتهن من خارج عشيرتهم.. وكما فهمت من تيتيان هناك على ما يبدو اتفاق مبدئي شفهي لخطوبة زويا من أحد أقاربهم، نعم هي ترفض وتمانع لكنهم لن يتركوها حتى تمتثل وترضخ..

قال بحرقة:- هل كتب علينا ان لا نتزوج ممن نحبهم من أجل ان نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا.


- اختار أي فتاة غيرها وسأطلبها لك الآن.

استنكر ساخرا:- لأتزوج وأصبح كأبي غير مكترث بمباهج الحياة.. دائم الانشغال في المشاريع والاستثمارات متمنيا ان يتحول النهار إلى أربع وعشرين ساعة من العمل المتواصل ولا يأتي الليل كي لا أضطر للعودة إلى المنزل لممارسة واجباتي مع زوجة لا أحبها.. أبي لم يحب أمي يوما.. لم يحبها قط.. لكنهما استمرا في التظاهر بأنهما زوجان متفاهمان ورائعان.

تماوجت الدموع في عيني الشريفة واستجدته:- أرجوك يا حبيبي لا تكرر مأساة عذاب أبيك.. أفعل ما تريده وأنا معك..


يتبع >>>>>>>



دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-18, 09:36 PM   #614

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



جلس فوق الأريكة وأخذ رأسه بين يديه يدعك صدغه النابض بألم الصداع الفتاك..

خيم صمت ثقيل وكئيب، أخذت زويا تحدق أثناءها في شهاب، أحست به حزينا جدا.. مشاعر رقيقة انتابتها ودفعتها لتسأله بلطف :- هل كانت المهمة شاقة؟؟

كان متعبا مستنزفا كمن قضى وقتا عصيبا في مناورات أنهكته بإجهاد.
- نجحنا بإحباط مخططاتهم.. استطعنا القبض على عناصر الخلية التخربية دون وقوع ضحايا بأرواح المدنيين، لكن الخطر ما زال قائما فتنظيمهم الإرهابي التكفيري يحاول التوغل بين الشباب لاستقطابهم..


نهض متجها بخطوات مثقلة نحو ماكينة تحضير القهوة الفورية.. غير الموضوع بسؤاله:- هل وجدتِ سنسالك ؟

هزت رأسها يمينا ويسارا بخيبة.
استفسر بإيجاز :- كيف تحبين القهوة؟..

- سادة.. لا أحب القهوة المحلاة بالسكر أو نكهات مختلفة.

- نتفق للمرة الثانية.

رفعت بصرها والتقت بعينيه.. لمحة واحدة من زويا كانت كفيلة لتذيب برود الجليد الذي يحاول أن يحيط به نفسه..
تقدم نحوها فمدت يدها وتناولت من يده فنجان القهوة تشكره بلباقة..
استطرد وهو يسير مبتعدا عنها:- نحن لم نراعِ القواعد الطبيعية لتعارف، تخطينا البدايات بمراحل.. لم نتصارح ونتبادل الأحاديث الاعتيادية حول الأمور الحياتية العادية.

استنشقت زويا رائحة القهوة بشغف، أدنت الفنجان من شفتيها وارتشفت القليل مستمتعة بطعمها.. سألته:- وحول ماذا سنتكلم؟!

أشار للكتاب الذي كانت تحمله بيديها لحظة فاجأها بوجوده:- ما رأيك بهذا الكتاب ؟.. هل قرأتيه؟..
أومأت إيجابا:- المحاكمة .. لقد أبدع كافكا برواية مأساة الإنسان المحكوم بلا جريمة على أنها ذروة المأساة الوجودية.

أسهبت: - حينما كتب كتابه هذا لم يعلم أن هنالك ظلما أشد هولاً في وطننا العربي لم يعيره أحد ما يستحقه من التفات، حجز حرية المواطن بجعله موقوف عن الحياة بل وإدانته بتهم لا يعرفها ودون أن يقدم إلى المحاكمة ليدافع عن نفسه من أجل إثبات براءته ذلك أشد أنواع الإذلال والقهر..
وضعت فنجان القهوة فوق المنضدة بجانبها:- صدقا فوجئت أنك تحب المطالعة !!. عادتا الثوريين هم من يحبون الفلسفة والقصائد.

أجابها :- كل منا في لحظة قادر ان يصبح شاعرا.

دوى الرعد فجأة وتبعه البرق الخاطف للبصر.. أجفلت زويا باهته من قوة الصوت المزلزل.. سألته سريعا لتشتت انتباهها عن العاصفة بالحديث:- لديك الكثير من الرسومات!!.. جدران بيتك مليئة باللوحات الفنية.. هل تهتم بالمعارض؟.

رد وهو يلتفت يتأمل اللوحات :- هذه كلها لأمي.. كانت تحب الفنون الجميلة واقتناء اللوحات التشكيلية.

اكتنفها اهتمام فاستفسرت:- لم أقابل والدتك!.. هل هي مسافرة؟

انقبضت عضلات وجهه ومرت لحظات قبل ان يجيبها بغصة:- أمي توفيت .

قالت مرتبكة: - اسفه لم أكن أعرف.. ليرحمها الله.

التزمت الصمت ولم تكمل عبارات التعزية حين قال بأسى وحسرة:- ماتت دون ان تعرف السعادة يوما.

أحست بملامحه طابعا من المرارة، بدا تعيسا معذبا كمن ينوء بحمل ثقيل في قلبه ويعاني من كآبة تجثم على أنفاسه وتخنقه بقوة.. انتابها شعور دافق بمواساته والتخفيف عنه:- إذا أردت أن تحكي عن الأمر سأنصت إليك.

الرقة التي غمرت صوتها بلهجة مفعمة بالدفء والهدوء جعلته يلتفت إليها، ضل كل انتباهه منصبا عليها يرمقها بدهشة .. أكملت بلطف:- تراكمات كبت الحزن مؤذي ومؤلم.. أحيانا من المفيد ان نتكلم عن شجونا ومشاكلنا مع أحد... أقول ذلك من تجربة خاصة.. أخبرتك أني ولدتُ عليلة الجسد وفوجئ الكل ببقائي على الحياة بقدرة الخالق سبحانه..

أومأ برأسه واقترب باهتمام ليجلس على الأريكة قبالتها.. وجدت زويا نفسها تتحدث بصراحة كما لم تفعل من قبل.. باحت بتفاصيل لم تقولها لمخلوق:- جهاز مناعتي ضعيف.. لدى خلل خلقي في الخلايا ذلك أدى لمشكلة اضطرابات بإنتاج المضادات الحيوي بفعالية طبيعية في جسمي.. لهذا كنتُ أمرض كثيرا وقضيتُ أغلب طفولتي بالانتقال بين العيادات الطبية للعلاج، تستطيع أن تقول أني مررتُ على كل الأطباء والمستشفيات.. كانوا لضرورة توفير حمايتي من الملوثات والميكروبات والجراثيم يضطرون لاحتجازي بغرفة العزل الصحي المعقمة لأبقى بها وحيدة بين أربع حيطان بعيده عن الجميع ولا يدخلها ألا الأطباء والممرضات.. أجلس لساعات أضيع الوقت سدى في صمت فراغ مروع ولا أعرف الليل من النهار ولا يوجد من أحدثه.. كنتُ أقابل الزائرين من وراء حاجز زجاجي.. حتى أبي وأمي عندما التقي بهما أضع كمامة ولا يسمح لهما الاقتراب مني باحتضاني أو ملامستي.. كانت فترة صعبه وتجربة عميقة قاسية وظروف بالغة الصعوبة تعلمت فيها تنمية ذاتي لأكون مستقلة بعزيمة قوية لمواجهة مصيري وحدي..


بانت بعينيه عاطفة تأثر لكنه لم يقطع استفاضتها بالكلام:- لهذا لم أحظى بطفولة حقيقية أو صداقات متينة.. وجدتُ السلوى في مطالعة الكتب، قرأت الكثير من القصص والروايات.. دروسي تابعتها من على سرير الشقاء، وحينما تعلمت ذات صباح في كتاب العلوم أن البكتيريا تتكاثر بالانقسام سيطرت هذه المعلومة على عقلي تماما.. عند المساء زارتني للمرة الأولى صديقة تشبهني كثيرا، كان أسمها أيضا حياة!! تعارفنا وأصبحتُ أنتظرها بموعد يومي لأتحدث معها وأبوح بما يعتريني من أوجاع ووحده.. أنا ورفيقتي حياة انسجمنا بوئام واتفاق، كنا نتسلى ونشاهد عبر التلفاز أفلام الكرتون معا ونضحك كثيرا.. أحيانا نتشاجر وقد نتخاصم لكننا أبدا لم نفترق.. وعندما احتجتُ للمزيد من الصديقات لنلعب معهن انقسمت وانشطرت حياة لأربع، وهكذا حصلتُ على صديقات جديدات كلهن يشبهنني ويحببنني كثيرا واستطيع التحدث معهن وقتما وكيفما أشاء بدون موعد زيارة محدد ولا حاجز زجاج..


شهاب ازدرد ريقه بصعوبة مصغيا بتركيز تام :- صديقاتي الوهميات الشفافات الرائعات اللواتي لا يراهن مخلوق غيري ويختفين في غمضة عين إذا ما جاء أحد لغرفتي كن مع الوقت يتكاثرن حسب حاجتي ويكبرن مثلي لتكون لكل واحدة شخصية ذات مزاج وصوت مختلف.. فإذا أساء أحد لحياة الرقيقة اللطيفة تخرج حياة الشجاعة القوية للدفاع عنها، وحينما تنفعل حياة المتهورة المشاكسة تنهرها حياة المسالمة الهادئة، أما حياة المرحة الظريفة تضحكنا بالطرائف وخفة ظلها.. وحياة المثقفة تقرأ الكتب بنهم وتعيد قصها وسردها.. وفي الأزمات الطارئة والمحن العصيبة أجلس معهن لنضع الخطط المناسبة لإيجاد الحلول.. جميعهن يتكاتفن لمواجهة الكوارث معي بل أنهن يتناوبن للبقاء بجانبي ولا يفكرن بتركي أبدا..
عندما سمحوا لي الأطباء بالخروج من المشفى ورجعتً مع أهلي للمنزل فزعوا لأني أتكلم مع نفسي .. لم يفهموا أني لو لم أفعل ذلك لكنتُ يئست بوحدتي.. أخذوني إلى الطبيبة النفسية فقالت لهم أن هناك من وضعه أصعب بكثير من حالتي.. لم أعلق على كلامها فقد توقفتُ عن مقارنة ما يحدث لي بما يحدث للآخرين.. كل معاناة بحد ذاتها تترك جرحا عميقا في داخل الروح وألم قد يكبر أكثر وأكثر إذا لم نبوح به ونتكلم..


عيناه توغلت في عينيها وهو يسألها:- هل تحسنت صحتك ؟..

- تقصد النفسية؟!.. بالبداية رفضتُ التخلي عن شبيهاتي اللواتي استنسختهن بخيالي لكن بعد ذلك أجبرتهن على الاتحاد بداخلي وهكذا بتُ قبيلة من الشخصيات لا انهزم ولا استسلم.

قالت جملتها الأخيرة وهي ترفع إصبعيها بإشارة النصر عاليا.. فابتسم شهاب لها واستفسر:- ماذا بشأن الخلل الخلقي بالخلايا؟

- الأدوية التي أتناولها الآن بشكل يومي لا تعتبر كافيه ولن تفيدني على المدى البعيد.. ربما تمهلني لأعيش بضع سنوات أخرى.

تشنج شهاب باهتا يردد مصدوما بقوة :- بضع سنوات !!

صرحت زويا ببساطة:- نعم .. قد لا استطيع العمل لانجاز الكثير بها لكن وان لم يبق في عمري ألا ساعة سأبقى أناضل حتى أخر رمق.. لن اقبل ان يكتم أحد صوتي ويمنعني من الكلام..


حدق بها مذهولا من روح معنوياتها العالية وتصالحها مع فكرة موتها متحررة من كل خوف..

- الا يوجد لمرضك علاج شافي ؟!!

أومأت برأسها إيجابا :- الأطباء المتخصصين قالوا أني احتاج لأجراء عملية زرع خلايا جذعيه.. لكن حتى الآن لم أجد متبرع ومازلتُ على لائحة الانتظار.

خاطبت شهاب مباشره:- إياك ان تقول لي الكلام لم يجدي نفعا بعلاجك من المرض.. قد لا نجد الحل بالتكلم لكن صدقني سوف تحس بارتياح وتشعر كأنك تخلصت من عبء ثقيل..



يتبع >>>>>>>>>>>>




دنيازادة غير متواجد حالياً  
التوقيع


❤ مواويل الوجد ❤ https://www.rewity.com/forum/t486242.html

هيمنة الصولجان ج٢سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t436486.html
توجان الشركسيةج١سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t393647.html
كوابيس قلب وإرهاب حب مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/forum/t285859.html
هلوســات مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/vb/t214816.html
زمــن الفــرح مميزة https://www.rewity.com/vb/t293352.html
رد مع اقتباس
قديم 27-01-18, 09:39 PM   #615

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



رغم علاقتهما الشائكة الشديدة التعقيدات المحفوفة بالمخاطر، وقائمة المحظورات والممنوعات أزداد شهاب غراما وعشقا لزويا، سرت في شرايينه واحتلت قلبه ليقع صريعا بهواها..
أحبها بعنفوانها برقتها بجموح شراستها بشجاعتها وصمودها في مواجهة مرضها المزمن.. وبكل قبيلة الشخصيات التي تملكها..

وبدلا من ابتعاده عنها أصبح يتوق أكثر لمقابلتها ويجد المبررات للقائها، يشعر برغبة بتقليص تلك الفجوة التي تفصل بينهما وإيجاد نقاط تفاهم وقواسم مشترك ليتقاربا أكثر وأكثر ليجعل بضع السنوات المتبقية في عمرها الأجمل والأحلى والأبهى.

كان جالسا مع الجدة توجان والشريفة ايمان يشربون الشاي ويتجاذبون أطراف الأحاديث بتودد .. سمعها تتناقش بمكالمة هاتفية مع صديقتها حول فيلم أجنبي يعرض بالسينما: - لم أشاهد الفيلم لهذا لا يمكنني التعليق أو التعقيب، لكني سأحاول رؤيته بأقرب وقت.

لمعت عيني شهاب وقال بعدما أغلقت الجهاز:- يعجبني بكِ حرصك على المصداقية وعدم أعطاء أي أفاده.
أجابته بروية :- ما يحدث في فيلم نشاهده أو رواية نقرأها أو واقع معاش له وزنة ودلالته من زاوية رؤيتنا الخاصة لهذا لا يجب ان نقع في فخ ترديد ما يقوله الآخرين لنبني أفكار وأراء جزافا.

- سأذهب في المساء لحضور الفيلم.. يسعدني ان ترافقيني.

تطلعت زويا إلى الجدة توجان كمن تطلب منها الاستئذان فأغمضت عينيها كإشارة لموافقتها..
ابتسمت لهما بطيبتها وبصوتها العذب قالت :- كنتُ بعز شبابي عندما تم افتتاح أول دار سينما في عمان.. كان ذلك بالثلاثينات وأقيم مبناها على أرض يملكها شركسي من عائلة ميزرا، كانت المقاعد خشبية والصالة بسيطة يوجد بها مقصورة خاصة في اللوج لجلالة الملك عبدالله الأول..


حثتها زويا:- أخبرينا أكثر يا جدتنا الحلوة.. هل تذكري أسمها؟

بدت ساهمة شاردة كمن تغوص في عمق ذاكرتها تنهدت بحرارة وانسابت الكلمات متدفقة من ذاكرتها: - كان أسمها سينما البتراء وأقيمت في وسط البلد بمنطقه خلف المسجد الحسيني بجانب سوق السكر بالقرب من مقهى المنشية الذي كان يجتمع فيه كبار التجار ووجد به فيما بعد رواد السينما ملاذا لهم بالانتظار وقضاء الوقت إلى ان يحين موعد الفيلم الذي يريدون مشاهدته..
شاشة عرض السينما آنذاك كان يتم تشغيلها بواسطة ماتور كهربائي خاص وتعرض أفلامها صامته بدون صوت للممثليين.. اعترض كثير من الناس على افتتاحها واعتبروا عروض المسارح والأفلام السينمائية مغايره للسائد ولا تتناسب مع العادات والتقاليد المحتشمة.. ألا ان الفضول جعل الأغلبية يتوافدوا لمشاهدة شارلي شابلن الذي ذاع صيته بحركاته المضحكة.. لكن ذات مرة حدث ان جاءت لقطه من فيلم أجنبي حيث يقبل البطل البطلة فهاج الحضور باستياء.. وصدف ان كان حاضرا العرض أحد الفرسان الأديغيين فقام غاضبا ليسحب سلاحه مطلقا الرصاص على الشاشة بسبب هذا العمل المشين الغير أخلاقي من البطل..

أكملت الجدة توجان :- في البداية كان محظورا علينا نحن النساء الذهاب إلى دار السينما واقتصر الحضور على الرجال.. لكن الحركات النسائية لم تسكت وقدموا شكوا فاستجابت الحكومة وتم التعديل بالسماح لسيدات ارتياد السينما لكن دون اختلاط بالرجال.. لهذا خصص يوم واحد في الأسبوع بعروض من الصباح حتى الظهر لسيدات فقط.. كنا نحتفي فرحا بمجيء ذاك اليوم فنجتمع جميعا نحن النسوة بالصباح الباكر في ساحة حي لمهاجرين وننطلق معا لنشاهد الأفلام المصرية ونستمتع بتمثيل وغناء أسمهان وأم كلثوم ..


__________________________________________________ __________________________________________________ _________



جلسا متجاوران بمقاعدهما في صالة السينما المعتمة ليشاهدا الفيلم، ومع أول لقطة علقت زويا :- الشركات التجارية يدفعون بسخاء لإنتاج أفلام وإذا طلبنا منهم ان يتبرعوا بنسبة من أموالهم يدعون متذرعين أن الميزانية مديونة وهم على وشك الإفلاس!!.


- لا نستطيع إجبارهم أو لومهم اذا رفضوا تقديم المساعدات لأنهم شركة تجارية ربحية وليست جمعية خيرية.. لكن معك حق في أنهم يبالغون بإنتاج أفلام بعضها تهريج سخيف ولا تستحق حتى نفقات العرض.

في منتصف الفيلم مالت زويا لجهة شهاب الذي أنحنى نحوها، سمعها تهمس له :- مسدسك معك؟؟؟ هل تعيرني إياه؟..

تلفت شهاب يمينا ويسارا مستطلعا وجوه رواد السينما من حولهما.. تابعت زويا بخفوت:- بي رغبة بإطلاق بعض العيارات النارية على الشاشة.. كيف يتجرؤون على عرض هكذا فيلم في دور السينما ببلادنا.

أمسكها من يدها وسحبها برفق عن المقعد ليخرجا من الصالة إلى الردهة الخالية.. قالت محتجة بغضب:- هذه سفالة سينمائية.. لو القوا علينا قنابل غازية مسيلة للدموع لكانت أهون من قبح الفيلم المعروض.. ما يحتويه أشد خطرا وفظاعة..

أجابها: - هذا الفيلم حقق خلال أسبوعين متواصلين أعلى نسبة مشاهدة وأرباح طائلة.


- ذلك يدل على أن صناع هكذا أفلام يتبعون وسائل ترويجية ودعائية ممنهجة لتزوير الوقائع والحقائق بما تناسبهن.. هم يعملون ضمن إستراتيجية توظيف الحضارة في خدمة الحقارة.. علينا أن نتحرك لتنظيم حملة إعلانية تدعوا لمقاطعة هكذا أفلام هدامة تسيء لتاريخنا وحضارتنا العربية..
رفع شهاب حاجبيه متعجبا.. قالت زويا:- لما أنت متفاجئ هكذا!!.. لستُ اقل عروبة عن أي عربي.. هكذا أفلام مضللة وجزء من حرب الدول الاستعمارية ضدنا، يحاولون غسل أدمغتنا بأفكارهم وانحلالهم حتى نعتاد عليها، وحين يرسلون بذريعة حربهم ضد الإرهاب آلات دمارهم المعدة لقتلنا لا يجدون من يجابهم فيحققوا مطامعهم ولا يبقى لأحد منا وطن.. للاسف نحن منكبين على صناعاتهم ومنتجاتهم، نساهم في بناء اقتصادهم المكرس أصلا لابتكار أسلحة أبادتنا.. دون وعي ندفع ثمن ترشيحنا للقتل..



أخذا يتجولان في السوق التجاري الضخم.. دخلا إلى المكتبة الفخمة، أفصحت زويا وهي تستطلع عناوين الكتب:- نمر في فترة انحطاط خطيرة جدا على كل الأصعدة..

أكملت وهي تتناول كتابا من واجهة الرفوف:- مجاعة فكرية تهدد الأدب العربي المنغلق في داء عشق السخافات حتى تكاد تخلو الساحة من كل مضمون فكري أو رؤيا أبداعية، صارت التفاهات الرصيد الرائج الوحيد الذي يمكن صرفه في كل مكان ويلقى قبولا جماعيا!!.. الكتابات الصادقة التي يتجرأ الكاتب على تسطيرها تصادر أو تمنع هذا في حال السماح بنشرها دون تشويه مقص الرقيب..

تنحنح شهاب متململا لينبها أنها بدأت تخترق حدود سقف المسموح به.. عاتبها بلطف :- يبدو أننا سنحظى بسجال مناظرات.. أليس كذلك؟

قالت زويا بإصرار: - نعاني من ازدواجية المواقف.. أصبح كثير من المفكرين الكّتاب يجبرون على بيع قلمهم وفكرهم الذي كان حرا لسلطة يحملون لها الكثير من اللااحترام..


قاطعها بحزم:- هل تريدين أن نستأنف مشاجراتنا يا حياة؟!

زمت شفتيها ورمقته بنظره جانبية ثم ما لبثت أن هزت رأسها :- بصراحة.. لا أرغب بالخناق معك.

ابتسم هامسا برقه بصوت خافت اكتسى بإيقاع مختلف:- وأنا لا أشبع من ثرثرة أحاديثك ولا من مشاكسات السجال والشجار معكِ.

أخفضت عينيها وأشاحت وجهها تخفي ابتسامة سعادة ظهرت على وجهها.. تابعا جولتهما بالمكتبة التي تحتوي كتباً بأثمان عالية جداً.. أراد شهاب ان يشتري لها كتابا نال إعجابها فاعترضت زويا :- إياك أن تشتري كتاباً واحداً لا لي ولا لك.

- ولماذا جئنا للمكتبة أذن؟!.

وقفت قبالته ورفعت كتفيها تقول بعفوية: - طبعاً لنتفرج فقط.
- لكن ..

همست له:- الكتاب الواحد هنا يباع بسعر أربعة كتب من أكشاك ودكاكين وسط البلد.. أتعهد بأن أبتاع من هناك نسختين واحده لي وأخرى لك.

ارتسمت على ملامحه - لتكن هذه المرة استثناء واسمحي أن اشتري النسختين من هنا.

قطبت حاجبيها، وقالت باستهجان مشدده على كلماتها: - لاااا مستحيل.

فوجئ شهاب ذاهلا عندما وضعت زويا يديها الاثنتان تحت مرفق ذراعه اليسرى وجذبته بتلقائية ليخرجا من المكتبة وهي تشرح له بهدوء وجهة نظرها:- القضية بالنسبة لي قناعة ومبدأ.. أصحاب أكشاك الكتب البسطاء أحق بالربح فهم بحاجة أكثر لأموالنا ليسددوا بها مستحقات فواتيرهم أخر الشهر.. تخيل فرحت الأبناء الصغار عندما يدخل عليهم والدهم البيت في المساء بعد يوم شاق بالعمل طوال النهار وهو يحمل لهم طعاما وفيرا ليأكلوا بشبع أو حلوى شهية..



كانا يستمتعان بمذاق الذرة المشوية ويتسكعان بالشوارع عندما رن هاتف نقال شهاب باتصال لم يستطع إهماله بعدم الرد..
ابتعد قليلا متحدثا لبضع دقائق.. أنهى المكالمة ثم رجع ليقول لها أنه مدعو لحضور سهرة هامه متمنيا ان ترافقه..

حال عودتهما للقصر أبلغت زويا الجدة توجان عن السهرة فابتسمت وسألتها:- هل تريدين الذهاب مع الشريف شهاب؟!

أومأت برأسها إيجابا دون مراوغة، فتابعت الجدة توجان:- ستضطرين إلى ارتداء فستان.

أسرعت زويا بلهفة تقفز نحو الخزانة تقول وعيناها تضيء فرحا:- العمة تيتيان أرغمتني على جلب فستان.. أظنه سيكون مناسبا لسهرة..



نهاية الفصل السادس عشر






التعديل الأخير تم بواسطة دنيازادة ; 27-01-18 الساعة 10:32 PM
دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-18, 09:42 PM   #616

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



شكرا لحضوركم اعزائي بتمنى الفصل ينال اعجابكم
بانتظار تعليقاتكم وتوقعاتكم وارائكم .. قراءة ممتعة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 6 والزوار 2)
‏دنيازادة, ‏تالا الاموره, ‏وردة شقى, ‏Zaaed, ‏Khawla s, ‏Mrs.hamdallah



دنيازادة غير متواجد حالياً  
التوقيع


❤ مواويل الوجد ❤ https://www.rewity.com/forum/t486242.html

هيمنة الصولجان ج٢سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t436486.html
توجان الشركسيةج١سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t393647.html
كوابيس قلب وإرهاب حب مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/forum/t285859.html
هلوســات مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/vb/t214816.html
زمــن الفــرح مميزة https://www.rewity.com/vb/t293352.html
رد مع اقتباس
قديم 27-01-18, 10:36 PM   #617

تالا الاموره

? العضوٌ??? » 320247
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,200
?  نُقآطِيْ » تالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond repute
افتراضي

واااااو ع الفصل الجمييييل الهادي
مررررره حبيت زويا وشهاب بالوجه الاخر، اعني من غير شجار
حبيت تفاهمهم وانجذابهم لبعض، فعلا زويا تنحب ماالوم شهاب بحبه لها وانجذابه لها، وشفنا وجه شهاب المحب والحنون والمتفهم، واضح حبه لها عميق، حتى بعد معرفته بمرضها زاد تعلقه بها ،، صحيح ليه كذا دنيا مرضتي البنت الرائعة ذات الروح العاليه والراقيه حرام عليك😭😭 حزنت عليها ، تكفين طلعي لها متبرع زي ماخليتيها مريضه🤗
وزويا ياعيني عليها وقعت بقوه بحب شهاب، لا ورضت تلبس فستان سهره😍

حبيت فصل اليوم جداااااااا، سلمت اناملك يامبدعه ع الفصل الطويل الممتع كثييير
كلي شوق لتكملة القصه🌹


تالا الاموره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-18, 11:10 PM   #618

ندى المطر

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377861
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,332
?  نُقآطِيْ » ندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond repute
افتراضي

هالفصل كتير لطيف
حب بريء واعجاب بدأ ينمو بين قلبين
متابعين معك عزيزتي


ندى المطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-18, 12:26 AM   #619

reman111

? العضوٌ??? » 129065
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 26
?  نُقآطِيْ » reman111 is on a distinguished road
افتراضي

...................

reman111 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-18, 12:36 AM   #620

خدوج30

? العضوٌ??? » 359664
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 295
?  نُقآطِيْ » خدوج30 is on a distinguished road
افتراضي

كاتبه مبدعه وروايه جميله

خدوج30 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:53 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.