آخر 10 مشاركات
حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          52 - خداع المرايا - أجاثا كريستي (الكاتـب : فرح - )           »          ليالي صقيلية (119)Notti siciliane ج4من س عائلة ريتشي:بقلمي [مميزة] كاملة و الرابط (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )           »          269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-10-20, 11:36 PM   #1381

عبورة الورد

? العضوٌ??? » 310101
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 515
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عبورة الورد is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc
افتراضي


🔮🔮🔮🔮🔮🔮🔮
🍹 Good evening! 🍹
🍹 🍹
🍹 🌙👸 🍹
🍹 👋👗🌹 🍹
🍹 👖 🍹
🍹 👠👠 🍹
🍹 🍹
🔮🔮🔮🔮🔮🔮🔮


عبورة الورد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-20, 11:54 PM   #1382

MerasNihal
 
الصورة الرمزية MerasNihal

? العضوٌ??? » 410863
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 252
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » MerasNihal is on a distinguished road
افتراضي

يا مساء الخيراااااااااات
ويا هلاااااا ويا هلاااا بالخميييييس....
تسجيل حضوور لأحلى أستاذة...
في إنتظار الفصل🥰


MerasNihal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-20, 12:07 AM   #1383

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي

تسجسللل حضووووور

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-20, 12:34 AM   #1384

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي

هو مفيش فصل ولا ايه

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-20, 01:09 AM   #1385

MerasNihal
 
الصورة الرمزية MerasNihal

? العضوٌ??? » 410863
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 252
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » MerasNihal is on a distinguished road
افتراضي

يا ترى الأستاذة بتحب في مين من أبطال اليوم!😁😁😅

MerasNihal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-20, 01:22 AM   #1386

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الطيف السادس عشر
======
*بنفسجي*
======
_ديمة!
الهتاف الحاد خلفها يجفلها فتقبض كفها بسرعة وهي تلتفت نحوه ..
أديم!!
ما الذي جاء به إلى هنا؟!
هو يراقبها حقاً !!
نظراته العاصفة تبدو لها كسياط تجلدها فتغطي وجهها بذراعيها بتلك الحركة الدفاعية هاتفة ب"وجهها الأزرق":
_لا تؤذني! لا تؤذني ! لم أكن سأفعل شيئاّ..صدقني.

لكنه يجذبها من مرفقها ليخرج بها من الغرفة فيتحول هتافها لنشيج خافت وهي ترتجف بين ذراعيه :
_لم أفعل شيئاً ..لم أفعل شيئاً .



_بالطبع لم تفعلي شيئاً ! أنتِ أجبن من أن تفعلي شيئاً !
بصوت غازي تسمعها فتنفصل المرئيات عن عينيها ..
الكون كله يتحول لسطح مرآة عريض تحتله أشباحها ..
ولايزال صوت غازي الساخر يصفعها :
_من تظنين نفسك ؟! من مثلك قمامة خُلقت لتدوسها الأقدام! دعي الانتقام لمن يجيده !

صفعته تهوي على وجهها فتصرخ ..
تستنجد بشبح هالة الأبيض لكنها لا تزال تعرض عنها عاتبة ..
بينما شبحها هي الأرجواني يرمقها بنظرة آسفة مكتفياّ بوقفته الصامتة ..
فيقترب شبح غازي ليصفعها من جديد ..
صفعة خلف صفعة ..
صرخة خلف صرخة !!

_ما الذي يحدث؟!
صوت حسام يبدو وكأنه يكسر "مرآتها" لتعود لوعيها فجأة ..
فترمقه بهذه النظرة المرتعبة التي تجد صداها في صدره !!

يحاول تخليصها من قبضة أديم المحكمة على مرفقها لكن أديم يتشبث بها هاتفاً بصرامة :
_أخبرتك أن تبتعد عنها !
فيكز حسام على أسنانه بقوة وهو ينقل بصره بينهما بتفحص ..
لكن مشهد ديمة الباكية بهذه النظرة المرتعبة لا يدع له المزيد من التفكير فيجذبها بقوة لا تنقصه ليزيحها خلف ظهره قبل أن يواجه أديم بنظراته الصقرية قائلاً :
_وأنا أخبرتك أنني لست الرجل الذي يتلقى الأوامر!

يحمر وجه أديم بانفعال طاغٍ وهو يكاد يفقد أعصابه !!
كل هذا الضغط الذي عاشه طوال الأيام السابقة لا يدع له مجالاً للراحة ..
وهاهي ذي ديمة تزيد الضغط عليه بإصرارها على المضي في هذا الطريق !!
كيف يساعدها دون أن يفضح مخططها؟!
دون أن يهددها بخطر من نوع آخر؟!
كيف يحميها من شر نفسها وهي تصر على إبعاده ؟!
وكيف يضمن أن يكون موجوداّ كل مرة كي ينقذها من ورطة كهذه التي أوشكت أن تضع نفسها فيها ؟!

_اتركها ترحل يا حسام واعتنِ بأمك ..أنا سأوصلها.
يقولها صارماً محاولاً تمالك غضبه لكن ديمة تهتف باكية من خلف ظهر حسام :
_لا! لن أرحل معك .
_ديمة ! لا تجعليني أفقد صبري وإلا ..
يهتف بها أديم بحدة وقد انفلتت كل انفعالاته من عقالها ليحاول سحبها قسراً نحوه لكن حسام يدفعه ببعض العنف كي يبعده عنها هاتفاً ببرود قاسٍ:
_ماذا تفعل هنا أصلاً؟!

يضم أديم قبضته في وضع هجومي ومظهر ديمة المختبئة خلف ظهر حسام يكاد يصيبه بالجنون !!
فليفضح له خبيئتها ولينتهِ كل هذا العبث!!

لكن ديمة تقرأها في عينيه ليشتعل الصراع بين وجهيها (الأحمر والأزرق) من جديد ..
الرعب يكاد يوقف قلبها فلا تملك دموعاً يذرفها وجهها الأزرق ..
لكن وجهها الأحمر يتملك الزمام فتهتف بين دموعها:
_لا تصدق أي كلمة يقولها ..أنا ضقت ذرعاً بملاحقته إياي ..منذ كنت زوجة لغازي وكان يتنكر في صورة حارسه ..هو مثل الجميع يظنني لقمة سائغة لأنني بلا أهل ..منذ وفاة غازي وهو يطاردني كظلي ..أنا مثلك فوجئت به هنا !

تتسع عينا أديم بصدمة للحظة من افترائها البين بينما يعقد حسام حاجبيه بغضب وهو يشعر بانهيارها الباكي خلف ظهره ..
شعور رهيب بالحمية نحوها يتملكه فلا يفكر لحظة في تكذيبها ..
لهذا عندما عاد أديم يهتف بغضب:
_بماذا تهذين ؟!
لم يمنحه الفرصة لإكمال عبارته وهو يرفع قبضته في وجهه هاتفاً بنبرته الصارمة :
_لا أجد أي مبرر لوجودك هنا ..وسأرد لك بضاعتك فأقول لك ابتعد عنها ..انتهى الكلام!

_افهم يا "بني آدم"! هذه المرأة ..
يهتف بها أديم بحدة ملوحاً بذراعه نحو ديمة التي عادت تغطي وجهها بوضع حمائي ليبتر أديم عبارته دون أن يكملها ..

ذبذبات الغضب تشحن الجو كله حول ثلاثتهم فيبدو المكان وكأنه سيتحول لساحة حرب قريباً ..
لكن أديم يحكم عقله فيؤثر الانسحاب المؤقت خاصة وقد أدرك أن أي كلام سيقوله الآن سيكون بلا صدى ..

_انتبه لحالك ..
يقولها مخاطباً حسام الذي قست ملامحه قبل أن يلتفت نحو ديمة ليردف بغيظ مكتوم :
_سأرحل ..لكن اعلمي أنك تحت عيني ..دوماً تحت عيني .
يقولها وهو يرمقها بنظرة عجيبة مزجت سخطه بإشفاقه خاصة وهو يرى انهيارها الباكي بعدما قالته والذي يوقن أنها لا تدعيه كباقي افترائها ..
_هل تهددها؟!
يهتف بها حسام بغضب فيلتفت نحوه قائلاً بصرامة :
_لنا كلام طويل فيما بعد ..ليس هذا مكانه !

يرمقه حسام بهذه النظرة الصقرية النافذة وهو يراقب انصرافه لينعقد حاجباه بضيق مشتعل ..
هو لم يخطئ تأويل نظرة أديم العاطفية لديمة ..ألهذا أمره بالابتعاد عنها ؟!
لكن ما أثار هلعه بحق هو هذا الشعور العاصف الذي يكاد يقتلع جسده من مكانه ..
شعور لم يعرفه من قبل مع أي من نسائه ..
شعور ب"الغيرة"!!
شعور كارثي حقاً لشخصية مثله !!

لهذا كانت استدارته نحوها من العنف بمكان وهو يرمقها بنظرة حادة لانت قليلاً وهو يراها الآن كما كانت في "حلمه" تماماّ ..
طفلة باكية مذعورة ..
والآن تحتمي به !!

عيناه تهبطان نحو إحدى تلك الندوب التي تركتها سجائره على ذراعه فيغمضهما بقوة وهو يشعر بحاجته لوجه أبيض جديد يمحو عنه بعض أوزاره ..
لكن ..هل هي كذلك فحسب؟!
خفقات قلبه الهادرة التي تعوي الآن بجنون داخل صدره تنبئه بالجواب ..
لكنه يتجاهله وهو يربت بكفيه بخفة على كتفيها قائلاً بنبرته التي لم تفارقها صرامتها رغم رقة محتواها:
_الطبيب طمأنني ..أمي صارت بخير ..لن تفيق قبل الصباح ..دعيني أوصلك لبيتك .

_لا!
تهتف بها برعب وهي تخشى أن يراه عاصي معها لكنه يكرر بنفس النبرة الصارمة :
_تعلمين كم الساعة الآن؟! لن أتركك ترحلين وحدك في هذا الوقت ..أنا أقدّر أنك تقيمين وحدك وليس من اللائق أن يرانا أحدهم لهذا سأتركك على مسافة مناسبة من بيتك وأراقبك من بعيد حتى تصلي بأمان .

لم يمنحها فرصة الرفض وهو يدفعها برفق أمامه ليغادرا المشفى قبل أن يستقلا معاً سيارته ..
يسألها عن العنوان فتعطيه إياه بصوت مرتجف وعيناها الزائغتان في الفراغ لا تكادان تميزان شيئاً سوى خسارتها الجديدة هذه الليلة ..
هي عجزت عن الانتقام منه ..
كما عجزت عن الانتقام من غازي ..
هي حقاً أضعف من أن تؤذي من آذاها لهذا ستعيش عمرها كله تدوسها الأقدام!

تسند رأسها لظهر مقعدها عاجزة عن منع دموعها فيختلس نظرة جانبية نحوها وهو يشعر أن هذه الليلة قاربت بينهما بأكثر مما تصور ..
كيف يمكن لبضع ساعات أن تختزل مسافات بهذا الطول؟!
فقط ..عندما يتدخل القلب!
القلب؟!
هل عدت تسمع صوت القلب يا حسام؟!

يعقد حاجبيه بقوة عند الخاطر الأخير وهو يزيد من سرعة سيارته كأنما يريد تقصير المسافة والخلاص من كل هذا الشتات ..
لكنه يعود فيختلس نظرة أخرى نحوها تجعله يبطئ السرعة من جديد ..
فلتبقَ معه ..
فقط فلتبقَ معه دون أي حسابات !!

_هلا كففتِ عن البكاء وأخبرتني أكثر عن أديم هذا وعلاقتك به ؟!

نبرته الصارمة لاتزال تنجح في إخفاء شعوره خلفها لكنه لا يتلقى منها جواباً سوى المزيد من الدموع ..
فيزفر بحنق وهو يستعيد ما أخبره به أديم في لقائهما تلك الليلة بمشفى دينا ..
لم يخبره أنه كان متنكراً بصورة حارس غازي ..
ولا عن معرفته الشخصية بديمة !
لكنه لا يريد تصديق أنه حقاً بهذه البشاعة كي يطارد امرأة مثلها!!

يتوقف بالسيارة أخيراً على مسافة مناسبة من العنوان الذي وصفته ثم يلتفت نحوها قائلاً :
_انظري إليّ!

يرتعد قلبه بهذه الطريقة التي يشعر فيها ببعض الندم على طلبه بعدما تلاقت عيناهما ..
"حلقة الزعفران" في عينيها تومض بهذا الألق الخطير وسط زرقة عينيها القاتمة فتبدو له كشاطئ ذهبي مغرٍ وسط موج هادر ..
لكنه يتمالك نفسه أخيراً ليتخير كلماته :

_خذي وقتك واهدئي وبعدها أخبريني بكل شيئ ..أعرف أن ما مررتِ به يجعلكِ لا تمنحين ثقتك بسهولة لأحدهم ..لكنني لا أملك سوى أن أمنحك كلمتي "أنا معكِ"..

يهيأ إليه أن حلقة الزعفران في عينيها تزداد اشتعالاً ..
الشاطئ الذهبي يزداد إغراء ..
الزرقة القاتمة تبتلعه أكثر ..
فيود لو تقصر المسافة بينهما أكثر وأكثر ..

لكنه يصطدم بفردة قرطها المتأكسدة !!
ولا يدري لماذا يزداد شعوره بالنفور منها في هذه اللحظة بالذات !!
تباً لهذا الغموض الذي يحيط بهذه المرأة !!
لابد أن يحيط بكل تفاصيلها ..لابد!!

_أنا معكِ ولن أسمح لأحد أن يؤذيكِ ..أنا معكِ في كل ما تريدين ..أنا معكِ في كل ما تختارين ..قريباً تكسبين القضية ويكون لك مالك الخاص ..يمكنك بدء مشروع صغير يناسبك ..أو لعلك تريدين إكمال تعليمك ..أو ربما ترغبين في العودة لبلدك ..لا تزال السبل كلها مفتوحة أمامك ..لا داعي لكل هذا الخوف والدموع .

تتحرك شفتاه بنبرته العملية محافظاً على لباقته المعهودة بما لم يبدُ غريباً عليه ..
لكن الغريب حقاً كان هذه الطريقة التي يتفاعل بها قلبه مع كل تغير في ملامحها ..
اضطراب أنفاسها ..
تشتت نظراتها ..
هذه الطريقة التي ترفرف بها أهدابها كأنها تحتجز ألف سرب حمام يريد الهروب من سجنه ..
هذه الرعشة المغوية لشفتيها المحمرتين بأثر البكاء ..
هذه الاختلاجة لجسدها الذي يحتضنه ذراعاها فيود لو يفك تشابكهما فيتولى هو هذه المهمة !
تباً!
أي سحرٍ ألقته عليه هذه الأرجوانية؟!
وأي سر تخفيه خلف حلقة الزعفران هذه ؟!

_ديمة ..لن تقولي شيئاً؟!
كان يعلم أنه لن يتلقى منها جواباً مع هذه الحالة التي بدت عليها ..
لهذا فاجأته بقولها وهي تغتصب ابتسامة مرتعشة:
_شكراً ..سأتصل بك ل..ل...لأطمئن على والدتك .

يهز لها رأسه وعيناه لا تزالان عالقتين بملامحها ثم يمد لها يده مصافحاً ..ومختبراً!
نفس ردة الفعل ككل مرة !!
التردد ..الاستسلام ..النفور ..ثم ..الهرب!!
يراها وقد غادرت السيارة لتركض في الطريق الخالي في هذا الوقت من الليل فيلحقها بسيارته بسرعة مناسبة حتى يراها تدخل ذاك البيت .
يدور بعينيه مراقباً المكان حوله بخفة متفحصة قبل أن يقرر المغادرة ..
موقناً هذه المرة أنه ترك شيئاً ما خلفه ..
شيئاً ..ك"قلبه"!
=======
















*أحمر*
======
_شعرك جميل!
تقولها يسرا صباحاً بود مخاطبة هبة التي شهقت بخجل وهي تقف أمام مرآتها لتحاول تغطية شعرها هاتفة :
_متى دخلتِ؟!
تضحك يسرا من خجلها المبالغ فيه وهي تقترب منها لتخبط كفيها ببعضهما هاتفة:
_ما كل هذا الخجل؟! ماذا لو كان رجلٌ ما هو من دخل ؟! أنتِ حنبلية فعلاً !!

لكن هبة تحافظ على صرامة ملامحها رغم حمرة الخجل التي خضبتها وهي ترد بحمية :
_يظلمون الإمام أحمد بن حنبل فيسمون أي متشدد بالحنبلي ..رغم أن مذهبه كان يحوي تيسيراً لكثير من أمور الدين ..لكنه فقط تمسك بأمر عقيدته فرفض أن يقول بأن القرآن مخلوق لهذا تعرض للتعذيب في عصره ومن هنا ظهرت تسمية كل متشبث برأيه بالحنبلي ..لكن الحقيقة أن الإمام أحمد ..

_هبة! هبة! أرجوكِ ! هذا ليس وقت استعراض معلوماتك الأزهرية ..الصداع ملازمٌ رأسي منذ استيقظت .
تقاطع بها عبارتها فترمقها هبة بنظرة حنون تناقض صرامة ملامحها قبل أن تفتح درجاً قريباً لتستخرج منه شريط أقراص ناولته إياها ..
لكن يسرا ترمقه بنظرة شاردة وجسدها يرتجف رغماً عنها !!
منظر الأقراص المرتصة في شريط كهذا لم يعد يحمل لها سوى ذكرى سوداء ..
منامة صغيرها الملوثة بالدم !

لهذا تزيحه جانباً بعنف تلقيه أرضاً بما بدا كحركة شديدة الفظاظة فترمقها هبة بنظرة مندهشة لتغتصب هي ضحكة عصبية مع قولها:
_لا أحب الأدوية !

تعاود هبة تفحصها بنظراتها لكنها تهرب منها وهي تنحني لتلتقط الشريط فتضعه مكانه ثم تغلق الدرج لتلتفت نحو هبة محاولة تغيير الحديث بقولها الممازح:
_أكلمك عن جمال شعرك وخجلك والرجال فتكلمينني عن الإمام أحمد بن حنبل؟!

تعود هبة لتورد وجنتيها وهي تعقص شعرها على رأسها لكن يسرا تفرده لها قسراً هاتفة :
_دعيه يتنفس يا "شيخة"! كدت أظنكِ هكذا خلقتِ بالطرحة التي لا تخلعينها عن رأسك ..أقول لك شيئاً وتسامحينني؟!
ترمقها هبة بنظرة تساؤل متوجسة فترد يسرا وهي تتراجع خطوة للخلف:
_ظننتكِ صلعاء أو ما شابه !

تشهق هبة بعنف قبل أن تتشارك كلتاهما ضحكة طويلة وجدت صداها في قلبيهما ..
خاصة يسرا التي كانت تشعر بدفء هذه العلاقة بينهما يهزم جبال صقيعها ..
هبة لم تعد مجرد رفيقة أو جارة ..
بل صارت قدوة ..جبلاً تود لو تصل يوماً لقمته ..
أختاً تود لو "تشتريها" كما اشترت كل حياتها الجديدة هنا ..
الغريب أنها لاتزال تستعمل لغة الشراء والبيع كما اعتادت "يسرا الصباحي" أن تفعل ..
لكن مفهوم "الثمن" هو ما اختلف هنا في حياة "سمرا"!!
الثمن الذي تود حقاً لو تعرفه ..
لو تملكه ..
لو تدفعه !!
لهذا يجيئ سؤالها بهذه النبرة المرتجفة بين تضرع وشك :
_تحبينني؟!

فترمقها هبة بنظرة طويلة متفحصة قبل أن ترد :
_تعودت أن أثق بقلبي ..قلب المؤمن دليله ..وأنتِ طيبة وتستحقين الحب!

تشرق ملامح يسرا ببشر عجيب فتبدو كزهرة تتفتح براعمها لتعانق أشعة الشمس ..
كانت تحتاج حقاً هذا التصريح ..
تحتاج هذه الصورة لنفسها في مرآة أحدهم ..

لكن هبة تردف بغيظ:
_صحيح أنكِ تغيظينني كثيراً بتصرفاتك وتحررك الزائد ..لكن لا بأس ما دمتِ ترجعين لصوابك في النهاية ..عندما طلب مني خالي ربيع أن تقيمي معي كدت أرفض باستماتة فلم أعتد السكنى مع أحد ..لكنكِ حقاً آنستِ وحدتي ..غريب! رغم كوننا مختلفتين بل متناقضتين في طباعنا !

فتضحك وهي تمسك كتفي هبة لتغمزها قائلة :
_بمناسبة الحديث إذن عن الخجل والرجال والتحرر وكوني آنست وحدتك وجلسة الصراحة الحلوة هذه ..أخبريني ..هل عرفت هبة الحنبلية الحب يوماً ؟!

ترفع هبة حاجبيها باستنكار وهي تحرر كتفيها منها لتعطيها ظهرها لكن يسرا تعاود سؤالها بإلحاح ..
لا ..لم يكن سؤالاً بريئاً!
هي حقاً كانت تريد المعرفة ..لأنها ببساطة كانت تخاف!
أجل !!"إبراهيم"!!
منذ صرحت له -ضمنياً- بمشاعرها في مطبخ بيته وهو يتحاشى لقاءها ولا تعرف السبب!!
هو يحبها !!
تكاد تقسم على هذا !!
فلماذا إذن يبتعد ؟!
عقلها لم يهدها لجواب سوى ..هبة !!
هل هي ما تقف ما بينهما ؟!
ستكون مصيبة بحق!!
هي لا تريد أن تخسر هبة !

لهذا جاء جواب هبة مريحاً نوعاً ما وهي ترد بنفي قاطع:
_لا! أنا أستعير جملة إبراهيم التي يقولها دوماّ أدخر قلبي ل"حلالي)
_تقصدين أن قلبك لم يغافلك يوماً ويخفق لأحدهم ؟!
تعاود يسرا سؤالها بإلحاح وقد تحسست من ذكر ابراهيم في موضع كهذا ..
فتتنهد هبة بحرارة وعيناها تغيمان بنظرة شاردة :
_تعرفين؟! كدت أنسى لولا أن ذكرني حديثك ..مرة واحدة فقط عرفت فيها شعوراً مختلفاً لأحدهم .
يخفق قلب يسرا مرتعداً وهي تخشى الجواب ..
لكن هبة تبدو في عالم آخر وهي ترد بنفس النظرة الشاردة :
_ليس لي في حديث الحب وميوعة البنات هذا ..ولا أعرف تفسيراً لما شعرت به نحوه هو بالذات ..ربما هي مجرد شفقة نحو واحد بظروفه ..أجل ..مجرد شفقة ..لا أظن الأمر يتعداها ..لكنني بعد مرور كل هذه السنوات أتساءل ..هل يحفر أحدهم هذه البصمة في القلب لمجرد الشفقة ؟!

يختلج قلب يسرا بالمزيد من الرعب ..
تخشى الحديث كي لا ينقطع سيل البوح النادر الذي فاضت به كلمات هبة المتحفظة دوماً ..
والتي بدت وكأن شرودها ابتلعها تماماً وهي تستطرد :
_أول مرة رأيته فيها كنا صغاراً ..خالي ربيع اصطحبني معه للمدرسة التي كان يعمل فيها والتي كانت تعمل فيها أمه كذلك ..

تتنهد يسرا بارتياح غامر وهي ترى مخاوفها تتبدد تماماً فتركز أكثر في تفاصيل الحكاية :
_كان اسمه إياد ! أخوه الأصغر لعب معي في الفناء بينما بقي هو جالساً مكانه يرقبنا بهذه النظرة الغريبة ..نظرة من يرغب في اللعب لكنه يشعر أنه ليس من حقه ..كان يجلس وكأنه مقيد مكانه ..لا يحرك يداً ولا قدماً ..فقط عيناه كانتا تركضان! تدوران حولنا ونحن نلعب كأنه يشاركنا بصمته ..كان غريباً ربما لهذا لم أنسه ..عندما عدت مع خالي لبيته سمعت يكلم زوجته رحمها الله عنه ..يحكي لها قصته وكيف أن أمه تزوجت بعد طلاقها من أبيه الذي سافر به لسنوات إلى العراق قبل أن يقرر تركه لأمه ..لم أنسَ يومها جملة زوجة خالي وهي تقول (مسكين! ماذا جنى في هذا العمر كي يعرف هذا الشعور أن ترميه أمه في البداية ثم يرميه أبوه ؟!).

_وماذا بعد ؟! قابلتِه ثانية ؟!
تسأل يسرا بإشفاق لم يخلُ من فضول لتومئ هبة برأسها وهي تلاعب خصلات شعرها المفرود على كتفيها بشرود :
_بعد سنوات جعلت منه شاباً مهيب الهيئة لكنها لم تنزع من عينيه نفس النظرة ..نظرة من يرغب لكنه يرى أنه لا يستحق ..نظرة يتم لا يمحوها الزمن مهما طال ..كان يزور أمه في نفس المدرسة وكنت أقصد خالي كي ينجز لي أمراً ما بخصوص دراستي ..كان يرتدي ثياباً عسكرية لأنه كان يؤدي الخدمة العسكرية وقتها لكنني لم أره إلا في نفس الصورة التي عرفته بها أول مرة ..طفل منبوذ ..لهذا لم أتعجب عندما سمعت خالي ربيع بعدها يخبر زوجته عن أنه اختفى بعد خطبة أخيه دون أن يخبر أحد عن مكانه ..ساعتها شعرت بوخزة في قلبي وأنا أتصور كل الأسباب المحتملة لما فعله ..لكن ما أرقني -ولا يزال- هل هي مصادفة حقاً أن ألتقي به في المرتين فأسمع وأعرف عنه كل هذا ثم ..لا شيئ؟! أم أن القدر وضعه في طريقي لسبب لا أعرفه ؟! لن أكذب فأزعم أنني أفكر فيه كثيراً ..أو أن قلبي تعلق به كما يصورون في الأفلام ..لكنني عندما أتذكره ..أشعر بشيئ غريب لا يسعني وصفه ..

تتسع عينا يسرا بدهشة وهي تشعر بالغرابة من كل هذا الذي تسمعه ..
لم تتصور أن خلف شخصية هبة المتحفظة الصارمة هذا الوجه الحساس شديد الهشاشة ..
خاصة والأخيرة تردف بينما تهز رأسها كأنها تنفض عنها أفكارها:
_شعوري به لا يجعلني أشعر بالخجل فلم أفعل ما يشين ..إنما هو فقط شعور يشبه الحدس ..كأنني ..كأنني ..
تتردد في قولها فتحثها يسرا بسؤالها :
_كأنك ماذا ؟! قولي ..أنا أفهمك !
_كأنني أنتظره !
تقولها بتعجب وهي تهز كتفيها لتبتسم وهي تعطي يسرا ظهرها بينما تعود لتعقص شعرها على رأسها مردفة :
_كلام فارغ! صحيح؟! واحد لم ألتق به سوى مرتين بالمصادفة وإحداهما كان مجرد مجرد مراهق ..بل إنه حتى لا يعرفني ..ومع هذا أزعم أنني أنتظره ؟! لعلكِ تكونين سعيدة بتخاريفي الصباحية هذه مادام حديثي عن الإمام أحمد يصيبك بالصداع!!

تنهي حديثها وقد أحكمت وضع حجابها على رأسها فتبتسم يسرا وهي تتحرك لتقف قبالتها تتأمل ملامحها بود حقيقي لتقول :
_حديث القلوب ليس تخاريف ! لكنه يحتاج فقط لمن يؤمن به ..ربما عمر معرفتنا قصير لكنني أثق في قلبك الطيب ..من يدري ؟! ربما حدسك يغلب عقلك هذه المرة ..ربما تكون لكما حكاية تستحق فعلاً الانتظار .

_انسي!
تقولها هبة وقد عادت لها صرامتها لتردف :
_لا تتحدثي معي في هذا الأمر ثانية ..ساعة فضفضة وراحت لحال سبيلها .
لكن يسرا تعاود سؤالها بتردد :
_ذكرتِ إن إبراهيم له مقولة (أدخر قلبي لحلالي) ..تعنين أنه لم يرتبط بإحداهن من قبل؟!

فتعاود هبة تفحصها وقد شعرت بمغزى سؤالها لترد :
_"الدرويش" لم يكن متفرغاً لهذه الأمور ..خالي ربيع تعب كثيراً بعد موت حسن في إقناعه بأن يتزوج لكنه كان يرفض لأسباب غير منطقية ..أذكر أنه قد عرض عليه يوماً فتاة رائعة لا يعيبها أي شيئ ..تدين ومال وجمال ونسب وأصل ..تعرفين لماذا رفضها ؟!
تهز يسرا رأسها بترقب لترد هبة :
_كانت مخطوبة قبله ومات خطيبها ..قال إنه لن يتزوج واحدة خفق قلبها لغيره !

يسقط قلب يسرا بين قدميها ووقع الكلمات ينال منها كالسياط ..
بينما تردف هبة غافلة عن كل هذا :
_أنا أفهمه ..حقه أن يرغب في واحدة مثله ..عفت قلبها قبل جسدها ..لكن خالي ربيع وقتها كان يرى أنه يبحث فقط عن ذريعة ليتهرب من الزواج ..كأنه يتحرج من الفرحة بعد موت توأمه !

تشحب ملامح يسرا رغماً عنها وهي تشعر بالهوة السحيقة بينهما تزداد عمقاً ..
ماذا لو عرف ؟!
لو عرف ماذا ؟!
قد تكون يسرا قد تزوجت ثلاث مرات ..
لكن مالها ويسرا ؟!
هي الآن سمرا !!
سمرا التي لم تعشق سواه !!

_دورك!
تنتزعها بها هبة من أفكارها فترفع إليها عينين شاردتين لتهز الأولى كتفيها هاتفة :
_من الصباح تتقمصين دور المحقق ..مرة معي ومرة مع إبراهيم ..دورك لتخبريني عنكِ .

فتغتصب ابتسامة مرتجفة وأناملها ترفع خصلات شعرها الشقراء عن وجهها ..
كيف يبدو الآن مذاق الكذب بكل هذه المرارة ؟!
لكن ..من قال إنها تكذب ؟!
هي الآن سمرا وسمرا لا تكذب!
وبهذا اليقين تنتقي كلماتها :
_مثلكما! أنا مثلكما! لم أعرف الحب قبل أن آتي إلى هنا !
_وبعدما أتيتِ؟!
تسألها هبة بمكر فتسبل جفنيها هاربة لكن هبة تربت على كتفها لتقول لها بنبرة وجدتها غريبة :
_أنا فتحت لك قلبي قبل بيتي ..ويشق عليّ كثيراً أن أعلم أنكِ تخفين عني شيئاً .

_لا شيئ! أنا لا أخفي أي شيئ ..حياتي كلها أبسط من أن تحوي أي أسرار ..مجرد فتاة يتيمة بلا أهل ولا سند وجدت فيكم مأواها .
_وإبراهيم؟!
_إبراهيم حلم ! إبراهيم لواحدة مثلي حلم ! وأظن هذا الزمان لا يحقق الأحلام !
تهمس بها مغمضة عينيها بقنوط وهي تتذكر تباعده الغريب عنها منذ أيام ..
فتتنهد هبة تنهيدة طويلة وهي تعاود التربيت على كتفها :
_أسأل الله أن يختار لكليكما الخير ..فقط تذكري أن ما عند الله لا ينال بمعصيته ..احفظي حدودك معه حتى يقضي الله بأمره بينكما .

كانت قد بدأت تفهم هذه "اللغة" الجديدة عليها فابتسمت لها بما يشبه الوعد قبل أن تتراجع لتضع وشاحها فوق رأسها بسرعة ..

_هاهو ذا الدبوس كما نصحتني سندس كي لا ينزاح من على رأسي ..افتقدتها هذه الحمقاء ..لم أرها بالأمس والكشك كان مغلقاٌ ..
تقولها ببعض المرح ثم تعدل وضع قميصها الأحمر لتردف :
_وقت نزولي إلى الفرن ..مستر ربيع لا يحبني أن أتأخر.

تدعو لها هبة بالبركة فتقبل جبينها بود ثم تندفع بخطوات راكضة نحو الفرن ..
لكنها لم تكد تغادر مدخل البيت حتى وجدت سندس تفتح الكشك ..
عيناها تبحثان عن "سامي" كعهدها لكن سندس تشير لها من بعيد نحو الفرن كأنها فهمت سؤالها فتعود ببصرها للفرن لتبصر المشهد الذي رج قلبها رجا..
فهناك كان إبراهيم يقف محتضناً سامي الصغير وقد أغمض عينيه بينما كفه الكبير يتحرك على رأسه وطول ظهره مع تمتمة شفتيه الخافتة بما لم تسمعه مكانها ..

_يرقيه!

تهمس بها سندس -التي جاءت لتوها- جوار أذنها بخفوت فترمقها يسرا بنظرة متسائلة ..
لترفع سندس حاجبيها مردفة:
_لا تعرفين الرقية ؟! يقرأ عليه القرآن ! الولد حاله ليس على ما يرام منذ يومين وأولاد الحرام عيونهم "تندب فيها رصاصة"! ليس من عادته أن ينزل للفرن في هذا الوقت لكنني طلبت منه أن يرقيه ففعل!

تهمس بها بثرثرتها المعهودة فتعود يسرا ببصرها نحوهما وخطواتها تقترب رغماً عنها أكثر وأكثر ..
عيناها مثبتتان فوق "هوس" قلبها الصغير والكبير ..
كأنما الدنيا بأسرها قد اخترلت الآن فيهما فحسب!

نظراتها ملتصقة بأنامل إبراهيم تدور مع حركتها ..
ومن جديد تسأل ..بكم "تشتري" مثل هذا ؟!
وكم تدفع لتنساب هذه الأنامل فوق ظهرها هي ؟!
لتنال عناقاً مثل هذا دون محاذير؟!
وتنعم بتمتمة شفاه مثل هذه تدعو لها ؟!
كم تدفع؟!
كم تدفع؟!
كل ثمن مباح ..فقط لو تملكه !!

يفتح إبراهيم عينيه أخيراً فيصطدم بنظرتها ..
قبل أن يتوه فيها !!
راميته القرمزية لاتزال تجيد تصويب سهامها !
عندليبها الأخرس لايزال يتأرجح متردداً فوق غصنه ..
فينبت لقلبه ذراعان يودان لو يتلقفانه ..وشفتان تودان لو تقبلان جناحيه ..وألف أذن تود لو تسمع شدوه !!
افتقدها؟!
يظلم قلبه كثيراً بهذا الوصف وهي تكاد تصحو وتغفو كل يوم بين جفنيه ..
لكنه منح أباه وعده منذ أخبره برغبته في الزواج منها آخر مرة ..
لن يكلمها حتى يستفيض أبوه في السؤال عنها ثم يعرض عليها الأمر !

_"را ...را..."!
يهتف بها سامي الصغير وقد انتبه لها فتبتسم يسرا له وهي تسمعه يناديها هكذا كعهده ..فقط "را ..را .." !
عجباً!
كأن فطرته النقية كشفت الحُجب فاختارت المشترك بين الاسمين "يسرا وسمرا" كي لا يكذب في نداء!!

تقترب أكثر فينتزع إبراهيم عينيه عنها انتزاعاٌ ثم يتنحنح وهو يضع الصغير أرضاً ليتحدث بصوت عالٍ كأنه لا يختصها بالحديث:
_أبي يريد الراحة ..لن يأتي اليوم ..لو احتجتم شيئاً ،عم "...."سيقوم بالواجب.

يقولها ثم يتحرك للخارج ليقترب منها أكثر لكنه لا ينظر إليها ..
تتحرك سندس لتداعب أخاها فتتحفز يسرا مكانها لكنه يتجاوزها بخفة ليعطيها ظهره ..

_إبراهيم!
تناديه بلهفة حقيقية وهي تلحق به لتقف قبالته فيقول بصوت متحشرج دون أن ينظر إليها :
_تريدين شيئاً؟!

تدمع عيناها بخوف وهي تشعر بتباعده لتغمغم بصوت مرتعد :
_لماذا تبتعد ؟! هل فعلت ما يسوؤك؟!

يهز رأسه نفياً وهو يرفع عينيه نحوها ليصطدم بدموعها فتنفرج شفتاه دون وعي ..
لكنه يتذكر وعده لأبيه فيعاود إطباقهما بقوة !

_لو كان كلامي يومها ضايقك فانسَه ..انسَه تماماً كأنني لم أقله لكن لا تغضب مني .

تهمس بها بخفوت وبخوف بدا له طفولياً بريئاً -كما يراها بعينيه- والغريب أنها حقاً في هذه اللحظة لم تكن تشعر بنفسها سوى كذلك ..
مجرد طفلة خائفة !!!
كل سنوات العمر تبخرت ..
كل المواقف تلاشت ..
فلم تعد تهتم سوى بوجودها هنا ..
بينهم -كسمرا-
سمرا التي ولدت هنا وستحرص أن تعيش العمر كله هنا !!
مهما كان الثمن !!

وأمامها كان هو يجاهد نفسه كي لا يخلف وعده لأبيه لكنه لم يستطع منع كلماته :
_لست غاضباً .
ورغم اقتضاب كلماته لكن ابتسامته "الكاملة" التي تلونت بها ملامحه أخيراً شقت لها نهراّ من كلمات !
كلمات لم تسمعها بأذنيها إنما تلقفها قلبها كما يتلقف الطفل قطرات مطر!!

_الشاي !
تهتف بها سندس التي ظهرت جوارهما فجأة تحمل صينية معدنية لتقطع سيل تواصلهما غير المرئي ..
فيتنحنح إبراهيم ليقول بسرعة:
_أنا متعجل ..لدي موعد مهم !
_أبداً! اشرب الشاي أولاً!
تهتف بها سندس بعفويتها التي امتزجت ببعض المكر وهي ترقب وجهيهما الفاضحان لكل مشاعرهما ..

_النعناع يا إبراهيم!
تهتف بها المرأة التي تجلس على الرصيف المقابل وقد فرشت حزم النعناع الخضراء أمامها بصوت عالٍ..
فلا يجد بداً من التوجه نحوها ليلتقط منها حزمة وينقدها ثمنها مضاعفاً فتدعو له بالبركة ..

_سأغسله أنا ..ابقَ فقط ..قليلاً !
تقولها يسرا بنبرة راجية وهي تتناول منه النعناع فيهم بالرفض لكنه يفاجأ ب"الحرافيش" خلفه .

_حلو! "الشيئ لزوم الشيئ"! "الطعمية" ساخنة والفول "زبدة" والخبز لايزال طازجاٌ من الفرن ..وبعدها "نحبس" بالشاي!
يهتف بها قيس بمرحه المعهود وهو يرفع أكياس الطعام بيده فلا ينتظر رد إبراهيم وهو يدلف لداخل الفرن يفرش الطعام فوق طاولة جانبية ويدعو العمال لمشاركته ..

يتردد إبراهيم وهو يختلس نظرة جانبية نحو يسرا التي اندفعت لتغسل النعناع ..
يشير له روميو كي يقترب بينما يطلق عنتر صفيراّ عالياً في دعوة أخرى له فلا يجد بداً من العودة للداخل ..

ورقة نعناع خضراء تسقط في كوبه ..!
تتلوها أخرى ..وأخرى ..
كأنما تناجيه أناملها بهذه الطريقة فيرفع إليها عينيه وهو يشعر بجفاف حلقه ..
لكنها تتجاوزه لتفعل المثل بجميع الأكواب فيخفق قلبه بغيرة جنونية ..
كيف سيصبر يوماً آخر بل ساعة أخرى قبل أن تصبح حلاله فيخفيها عن كل الأعين ويحتويها في كنفه ..هو فقط؟!

وبعيداً في غرفته خلف نافذته نصف المغلقة كان ربيع يراقبهم من أعلى بنظرات مزجت حذرها بقلقها ..
يرى إبراهيم وقد تعالت ضحكاته مع أبناء عمه بالأسفل فيرتجف قلبه برضا وهو يدرك حقيقة سر هذه الضحكات ..
سمرا!!
لقد أرسل يسأل عنها بتمحص في حيها الذي كانت تسكنه ..في المحل الذي كانت تعمل فيه ..وحتى في قريتها ..
كلهم يصفونها بالطيبة والأخلاق الحميدة !
لكن ثمة وسواس في رأسه لا يغادره ..
هو لا يشعر بكامل الارتياح نحوها وحدسه لم يكذبه أبداٌ!!

إبراهيم يتعجله الرد في أمر زواجهما ولا يجد سبباً مقنعاً للتأجيل ..
لم يعد لديه إذن سوى الخطوة الأخيرة ..
أن يتحدث إليها هي فيصارحها برغبة ابنه في الزواج منها ..
لعلها وقتها تزيح اللثام عن كل ما يؤرقه بشأنها !
=======








تصعد فدوى الدرج نحو هذه الشقة التي وصفتها لها المرأة على الهاتف بخطوات شبه راكضة ..
تقف متقطعة الأنفاس أمام الباب المنشود ترفع قبضتها تهم بالدق لكنها تتوقف فجأة ..
دقات قلبها تبدو لها مسموعة كأنما تصرخ ككل ما فيها الآن ..
تهم بالطرق من جديد لكنها كذلك تتوقف ..
تخاف!
أجل ..تخاف!!
تخاف الحقيقة التي ستهدم كل أسوار قلعتها وتذرها في العراء ..
بلا هوية !!

تنتبه لمرآة جانبية فتناظرها لتبدو لها صورتها كأبشع ما رأت نفسها يوماً ..
بدينة ..قبيحة ..مهملة !
تشيح بوجهها عن صورتها في المرآة بغضب يدفعها للدق هذه المرة ..
فليفتح الباب ..ولتفتح معه أبواب الجحيم !!

دقة خلف دقة خلف دقة ..
ينفتح الباب أخيراً لتبدو خلفه هذه المرأة التي رمقتها بنظرة مستفزة كأنها كانت تنتظرها ..
تدمع عيناها بقهر وهي تميز ما ترتديه ..
قميص نوم يفضح رشاقة جسدها بدت منه مفاتنها واضحة وقد عجز مئزرها الشفاف عن مداراتها..
تتخصر المرأة بوضع استعراضي وهي تحرك رأسها للخلف متباهية بشعرها الأسود الكثيف الطويل ..
فتتحرك عينا فدوى لتتفحص ملامحها وهي تشعر بالنيران تشتعل في أحشائها ..
تشبهها !!
تشبهها عندما كانت "يولاند"!!
تشبهها لا تشابه ملامح ..بل تشابه روح !!
روح امرأة جميلة ..تعرف أنها جميلة ..وتراها في عيون كل من يحبونها !!
الآن هي فدوى!
امرأة قبيحة ..مشوهة ..مهمَلة ..في عيون نفسها قبل الكل!!
يالله!
كم بينهما!!
أي سنوات فعلت بها هذا؟!
بل ..أي رجل؟!!

_ريان!

صوتها يرتعش بغضب رغماً عنها فتبتسم المرأة بتشفٍّ وهي تناديه بصوت عالٍ ..
ترتجف فدوى مكانها وهي تتشبث لآخر لحظة بأن هناك خطأ ..
خدعة ما ..!
تشابه أسماء ..!
وشاية رخيصة ..!
لكنها تفقد آخر حدود تماسكها وهي تراه يظهر أخيراً في الصورة بوجه ممتقع الملامح ..

_فدوى!

يتمتم بها مصعوقاً وهو يتراجع خطوة للخلف فتتنحى المرأة عن المشهد تاركة لهما إكمال ما بقي من مشهد النهاية ..

تتقدم بضع خطوات بقدمين فقدت سيطرتها عليهما ..
تجول ببصرها في المكان حولها ثم تعود إليه ..
تتلمس منامته الحريرية السوداء بأناملها فتراها وقد حُلت أزرارها ..
تعيد إغلاقها ببطء تحت نظراته الوجلة ..وأناملها تنافس جسدها ارتجافاً ..

_قلبك يدق بجنون!

تتمتم بها بعينين زائغتين وهي تبسط راحتها فوق قلبه ..
كأنما تبحث فيه ..هنا بالذات ..عما بقي منها !!

_من أخبرك؟!

يغمغم بها بصوت لاهث متجاهلاً عبارتها وهو يشعر كفأر وقع في مصيدة فترتجف شفتاها بشبه ابتسامة وهي تبسط ذراعيها حولها على اتساعهما قائلة :
_الدنيا كلها أخبرتني ..

يكز على أسنانه بغضب وهو يراها تستطرد بنفس اللوعة المقهورة:
_الدنيا التي أشهدتها يوماً كم أحببتك ..الدنيا التي بعتها يوماً لأجلك ..والدنيا التي خدعتني بوجودها بين ذراعيك ..كيف ظننتَ يوماً أنها لن تفضحك ؟!

تنهار بدموعها عند كلماتها الأخيرة فيقترب منها ليطوقها بذراعيه لكنها تنفضهما عنها هاتفة :
_ابتعد ! إياك أن تمسني! طوال الأيام السابقة وما بيننا يحتضر ..وحده الشك كان يبقيني على رصيف الانتظار ..والآن ..يقتلنا اليقين معاً ..صرنا موتى !

تنفلت منها كلماتها الأخيرة بلغتها الأم "الفرنسية" دون أن تشعر كأنما يتمرد كل ما فيها على كل ما يتعلق به !

_أنا لم أفعل شيئاً خطأ ..أنا تزوجت ..ديني يبيح لي التعدد ..ديني الذي ارتضيته أنتِ ولم أرغمك عليه .

يقولها بتخبط محاولاً الخروج من مأزقه فتلتوي شفتاها بابتسامة ساخرة وهي تمسح دموعها هاتفة :
_صحيح؟! ودينك هذا أيضاً الذي جعلك تخون أعز أصدقاءك وتحاربه في عمله ؟!

_من أخبرك؟!
يهتف بها بشحوب وهو يشعر أنه يتقزم أمامها أكثر وأكثر ..
فتهز رأسها هاتفة باحتقار:
_كيف عميت عن رؤيتك طوال هذه السنوات؟! كيف استطعت خداعي؟!

_لا تتحدثي بهذه الطريقة ..
يهتف بها بغضب وهو يعتصر ذراعيها بقبضتيه هاتفاً :
_كل هذا فعلته لأجلكم ..لأجلك ولأجل أولادي ..إدارة المشفى تقوم بتصفية العمالة منذ فترة ..جهاد لا يزال لا يحمل سوى هم نفسه لكنني أنا مربوط في عنقي حبل أسرة بأكملها ! هو يمكنه العثور على عمل آخر بسهولة لكنني أنا ماذا سأفعل؟!

تغمض عينيها باستهانة يسيئ تأويلها فيحسبها قد تفهمت منطقه ..
لتلين قبضتاه حول ذراعيها وهو يضمها نحوه ليهمس في أذنيها بخفوت:
_وهذه المرأة التي تزوجتها لها علاقات مهمة بالكثيرين هنا ..لن أعيش العمر كله مجرد طبيب مغترب ..هي ستساعدنا كي نستثمر المبلغ الزهيد الذي ادخرناه ..لا تكوني سطحية فكري بعقلك ماذا يمكن أن ..

تتشوش بقية كلماته في أذنيها وهي تشعر به يسقط ..
يسقط من عينها ..
يسقط من قلبها ..
يسقط من حساباتها ..
حتى وإن بقي واقفاً على قدميه !!

تتراجع عنه بظهرها فيحاول ضمها من جديد لكنها تتخشب مكانها قائلة بجمود :
_طلقني !

يحمر وجهه بالمزيد من الانفعال وهو يربت على رأسها قائلاً :
_اهدئي وسنتحدث فيما بعد ..انتظريني ريثما أبدل ملابسي وسأعود معكِ إلى البيت كي ..

_طلقني!
تقاطع بها كلماته فيهتف بحدة :
_تهددينني؟! تظنينني الخاسر بالطلاق؟! إلى أين تحسبين نفسك ذاهبة بعد فراقي؟! نحن ارتبطنا ببعضنا للأبد شئتِ أم أبيتِ !

_طلقني!
والثالثة صحبتها صفعة على وجهه !!
صفعة أودعتها كل القهر والكبت والخذلان ..
صفعة ودت لو تستعيد معها ما باعته من العمر ..
صفعة ودت لو تمنحها لنفسها قبله عقاباً لها على سوء الاختيار!!

_ماذا فعلتِ ؟! تضربينني؟! هل جننتِ؟!
يصرخ بها بهياج وقد أخذته العزة بالإثم وعز على رجولته أن تعرف زوجته الأخرى بما فعلته ،فعاد يصرخ بنفس الهياج وهو يدفعها للخارج بعنف:
_تريدين الطلاق؟! إذن ..أنتِ طالق ..طالق ..طالق ..

يصفع الباب خلفها بعنف ثم يخبطه بقبضته بقوة تكاد تحطمه ..
فيما تبقى هي واقفة مكانها للحظات ..
دموعها جفت فجأة ..ككل ما فيها !!
تعود ببصرها للمرآة الجانبية كأنما تواسي صورتها فيها !!

تهبط الدرج خطوة خطوة كأنما تودع مع كل درجة ذكرى من ذكرياتها معه ..

تستقل سيارتها نحو بيتها ولايزال جحيم روحها يدفعها نحو الدرك الأسفل ..
لا تدري كيف صارت أخيراً في غرفتهما ..
هذه الصورة رسمها لها يومها بيديه ..
هذا الفراش كم شهد معارك عاطفته ..
هذه المرآة حملت دوماً صورتهما معاً فكيف بعد اليوم ستقبل صورة أحدهما دون صاحبه ؟!
تتوجه نحو خزانة ملابسها فتستخرج ثوبها "التايجر" بنقشة جلد النمر ..
تصر أن ترتديه فيتقطع في موضع الصدر لكنها لا تبالي ..
شديد الضيق حد الابتذال لكنها لا تهتم ..!

_ماما! لماذا تبكين؟!
يهتف بها ابنها الأكبر بدهشة فتلتفت نحوه قائلة بجمود مستخدمة الفرنسية:
_تجهز مع إخوتك ..سنغادر .
_إلى أين ؟!
_مفاجأة .
تحاول تقنيع جمودها ببعض المرح الذي لم يخدع الصبي لكنه امتثل لأمرها وهو ينادي إخوته ..

تجمع بعض أوراقها المهمة فتضعها في حقيبتها ثم تترك كل شيئ خلفها ..
حتى ثيابها !!

_ماما ! ستخرجين هكذا ؟!
يهتف بها ابنها الأكبر بدهشة وهو يرى ثوبها وشعرها المكشوف لكنها لا ترد ..
تضم أبناءها الثلاثة لصدرها ثم ترمق الشقة بنظرة أخيرة قبل أن تستقل المصعد نحو الأسفل

_سيدة فدوى!
يهتف بها ناطور البناية ببعض الدهشة وهو يلاحظ تغير هيئتها ليفاجأ بها تصرخ به بالفرنسية :
_يولاند ..اسمي يولاند !

_بسم الله الرحمن الرحيم !
يتمتم بها الرجل سراً وهو يظنها قد أصابها مس من الجان بعدما سمعها تنطق بلغتها فيبتعد عنها محصناً نفسه بأذكاره ..
فيما تستقل هي السيارة مع أبنائها لتنطلق بها ..
إلى أين ؟!
السفارة الفرنسية !
هناك سترى كيف يمكن أن يساعدوها في السفر مع أبنائها حتى لو رفض هو !!
هناك ستستعيد كينونتها ك"يولاند" كاملة ..
كاملة !!

_ماما ..هدئي السرعة قليلاً أنا خائف!
يقاطع بها ابنها الصغير أفكارها فتلتفت نحوه بحدة عصبية هاتفة :
_اصمت ..هكذا نصل أسرع .
_لماذا تتحدثين بالفرنسية ؟!
يسألها الأوسط بدهشة فتهتف بنفس الانفعال:
_لأنها لغتي الأصلية وستكون لغتكم كذلك !
_إلى أين سنذهب دون بابا؟!
يهتف بها الأكبر بقلق فتصرخ فيه دون وعي:
_ تعوّدوا من اليوم أن تعيشوا دونه ..من اليوم ليس لكم أب ..هل تفهمون؟!
صرختها تنقطع بصرخة أخرى مرتعبة وهي تميز الشاحنة الضخمة التي اعترضت طريقها فجأة لتفقد هي السيطرة على السيارة ..
صرخات أولادها تدوي في أذنيها هادرة فيتوقف قلبها بهلع وهي تشعر بالاصطدام يقتلعها من مكانها ..
قبل أن تظلم الدنيا في عينيها فجأة ويظلم معها كل شيئ!
=====
_هل ستبقى هكذا طوال الليل ؟! مادمت مبتئساً هكذا لماذا طلقتها ؟!
تسأله زوجته الأخرى بغيرة وهي تميز حالة انهياره منذ غادرت فدوى ليهتف ريان بانفعال :
_أنا مغادر كي لا أضايقك بحالي المبتئس!

_ريان ..ريان!
تهتف بها خلفه لكنه يغادر الشقة صافقاً بابه خلفها بعنف ..
يجوب الطرقات بلا هدف وهو يشعر بانقباض قلبه ..
يتناول هاتفه ليتصل بها أو بابنه الأكبر لكن الهاتفين مغلقين !!
يستقل سيارة أجرة ليتوجه بها نحو شقتهما فيستقبله الناطور بحكايته حول ما كان !!

يجن جنونه وهو لا يدري أين يذهب الآن ولا كيف يجدهم !!
يصعد نحو الشقة لعله يجد رسالة منها لكن الخيبة تجرفه بسيلها ..
يتصل بكل معارفهم فلا يجني سوى الخذلان !!

أنامله تمتد دون وعي لرقم جهاد كعهده كلما واجهته مشكلة كهذه ..
لكنه يعود ليتذكر الحقيقة فيخبط رأسه في الحائط للحظات وهو يشعر بمزيد من الغضب ..ومن الضياع !!

_ستعود بهم ! أين عساها تذهب؟! هي لم يعد لها أحد سواي!

يقولها مطمئناً نفسه وهو ينهار جالساً فوق أحد الكراسي لينتفض مكانه وهو يسمع رنين هاتفه فيفتح الاتصال بسرعة :

_سيد ريان .

تشحب ملامحه وهو يرد شاعراً أنه سيسمع ما يسوؤه لكن الفاجعة كانت أكبر من احتماله :
_زوجتك وأولادك تعرضوا لحادث كبير على الطريق ..السيدة فدوى في قسم العناية المركزة ..
يجف حلقه وهو يشعر بروحه تنسحب منه فتملأ الدموع عينيه لكنه يسأل بصوت متحشرج :
_والأولاد ؟!
صمت قصير يذبحه ترقباٌ قبل أن يصله الجواب كالصاعقة :
_آسف سيدي ..حاولنا بذل كل ما بوسعنا ..لكنهم وصلوا المشفى موتى.
=========












*أبيض*
=======
_انظر ماذا أحضرت لك !

يقولها عاصي بحنان مخاطباً سند وقد اقترب منه حاملاً له أحدث ألعاب أحضرها له ولولديه مثله ..
لكن الصغير يتراجع للخلف دون رد كعهده ثم ينزوي في ركن الغرفة ليرمقه بنظرات مترقبة بينما يعتصر "بطته الصفراء" بين أنامله كأنه يناشدها الأمان !

يحاول عاصي اجتذابه للعب كما يفعل مع ضياء لكن الصغير يصر على وقفته المتشنجة وقد بدا على وجهه أنه يقاوم البكاء!

يتنهد عاصي بضيق وهو ينسحب بخسارته نحو الخارج فتقول له ماسة مواسية :
_لا تيأس ! هو يتحسن لكن بعض الرواسب لا تزال باقية .

يهز لها رأسه ثم يتخذ مقعده فوق منضدة السفرة متسائلاً :
_أين الصغيران؟!
_لا يزالان نائمين !
تقولها بهدوء وهي تتخذ مقعدها جواره لتردف :
_لن أستطيع تناول الكثير من الطعام معك ..سأنتظر حتى تستيقظ ديمة فنتناول الإفطار معاً ..سند لم يعد يأكل سوى معها .

يبدو المزيد من الضيق على ملامحه وهو يتناول منها شطيرة قد صنعتها ليقول بنبرة غامضة :
_لا توقظيها مبكراً فهي قد تأخرت في الخارج بالأمس .

تضطرب ملامحها وهي تشعر بالارتباك ..
كانت تعلم ما يقول لكنها خشيت أن تلفت نظره ..
تماماً كما خشيت أن تخبره عن رؤيتها لصورة حسام على هاتفها ..
لهذا يتحشرج صوتها بالسؤال :
_تعلم أين كانت ؟!

فتلتوي شفتاه بابتسامة مسيطرة ذكرتها ب"عهده القديم" وغابات الزيتون في عينيه تضطرم فيها نيران باردة :
_تظنين أنني سأدخل امرأة لبيتي دون أن أعلم عنها كل شيئ؟!

ورغماً عنها تبتسم للذكرى لتسند ذقنها على كفيها المتشابكين هامسة :
_يوماً ما قلتَ لي عني نفس العبارة !

فيضع ما بيده جانباً ثم يحيط كتفها بقبضته بمزيج من تملك واحتواء لا يجيده مثله ..بينما كلماته تؤطر بقوته المعهودة :
_أنتِ وأولادي وسند دائرة مقدسة لن أسمح لأحد أن يقترب حتى من حدودها دون أن آمنه .
_ألا تأمن ديمة ؟!
تسأله بقلق فتغيم زيتونيتاه بنظرة غامضة وهو يعود ليتناول طعامه ببطء ..

فتتنهد لتعاود سؤاله :
_عاصي! قل أي شيئ! أخبرني حتى أين كانت بالأمس .
_اسأليها !
يهز بها كتفيه ثم يلوح بسبابته في وجهها مردفاً :
_لكن لا تلحي في السؤال .
_لا أحب هذه الطريقة وأنت تعلم! أخبرني ماذا يدور في رأسك كي ..

رنين الجرس يقاطع كلماتها فتنهض من مكانها ليبتسم هو بمكر يجعلها تهتف مغتاظة :
_لا تظن نفسك ستهرب من إخباري ..مَن السخيف الذي يزورنا هكذا في هذا الوقت دون موعد ؟!

_لا أعرف.
يقولها صادقاً وهو يقف بدوره لتهتف ببعض الشماتة :
_ها! ها هو ذا عاصي الرفاعي العظيم لا يعرف شيئاً أخيراً .

يبتسم لها بحب وهو يقبل رأسها بما يشبه الاعتذار ثم يزيحها جانباً برفق ليتوجه نحو الباب فيفتحه ..
تتسع عيناه بصدمة لوهلة وهو يميز الوجه الذي لم يره لسنوات ..
وإن حلم بلقائه كل ليلة !!
هي!
هي حقاً هنا!!
جاءت بقدميها دون إلحاح ..دون إجبار ..!!
هي .."أخته"!
طيف!!
========
انتهى الفصل السادس عشر


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-20, 01:58 AM   #1387

Malak assl

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وقاصة وقلم مشارك في منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات ونجمة كلاكيت ثاني مرة و راوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية Malak assl

? العضوٌ??? » 387951
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,870
?  نُقآطِيْ » Malak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond repute
افتراضي

انا لازم احد يصورني واني اقرا الفصل. .

حنى تشوفين كل ردود افعالي


شنو انتي من استاذة ..شنو انتي من عبقرية ..
والله والله ..

فصولج كل مرة اشوفها اقوى واقوى ..انا عاجزة عن التعبييير
حروفي قدام حروفج صغيرة وما الها معنى

وواااووو

لحد الان قلبي يرجف ..


Malak assl غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملاك عسل
رد مع اقتباس
قديم 16-10-20, 01:59 AM   #1388

Malak assl

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وقاصة وقلم مشارك في منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات ونجمة كلاكيت ثاني مرة و راوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية Malak assl

? العضوٌ??? » 387951
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,870
?  نُقآطِيْ » Malak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond repute
افتراضي

هبة وااايااااد
ايااااد ما غيره

يمممه يمممه شنو من ثنائيات

اويلي اويلي


Malak assl غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملاك عسل
رد مع اقتباس
قديم 16-10-20, 02:01 AM   #1389

Malak assl

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وقاصة وقلم مشارك في منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات ونجمة كلاكيت ثاني مرة و راوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية Malak assl

? العضوٌ??? » 387951
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,870
?  نُقآطِيْ » Malak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond repute
افتراضي

وفدوى وكارثة فدوى

وريان طلع كلب ..

كلهم خونة ..ياريته هو الي مات وانسحل تحت الشاحنه
ولا اطفالها


حتقعد مجنونة ..بلمحة خسرت كل شيء


ياارربي عالوجع ..

انه امتحان الثبات ..فعل ستنجح به


Malak assl غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملاك عسل
رد مع اقتباس
قديم 16-10-20, 02:12 AM   #1390

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة malak assl مشاهدة المشاركة
انا لازم احد يصورني واني اقرا الفصل. .

حنى تشوفين كل ردود افعالي


شنو انتي من استاذة ..شنو انتي من عبقرية ..
والله والله ..

فصولج كل مرة اشوفها اقوى واقوى ..انا عاجزة عن التعبييير
حروفي قدام حروفج صغيرة وما الها معنى

وواااووو

لحد الان قلبي يرجف ..
حبيبتي يا ميرو متعرفيش سعادتي بتعليقك حقيقي شهادة اعتز بيها تسلمي ياقلبي


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:04 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.