آخر 10 مشاركات
هل يصفح القلب؟-قلوب شرقية(33)-[حصرياً]للكاتبة:: Asma Ahmed(كاملة)*مميزة* (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          أغلى من الياقوت: الجزء الأول من سلسلة أحجار كريمة. (الكاتـب : سيلينان - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          39 - ابنة الريح -روايات أحلام قديمة (الكاتـب : فرح - )           »          [تحميل] الــخــوف مــن الــحــب للكاتبة : bent ommha (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-03-21, 10:17 PM   #2381

هبه شناوي

? العضوٌ??? » 474939
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 474
?  نُقآطِيْ » هبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond repute
افتراضي




هبه شناوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-03-21, 10:18 PM   #2382

هبه شناوي

? العضوٌ??? » 474939
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 474
?  نُقآطِيْ » هبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond repute
افتراضي



هبه شناوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-03-21, 10:32 PM   #2383

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

منتظرين الفصل يا احلي نيموو ويا مساء التوت

Mummum غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-03-21, 11:46 PM   #2384

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

موعدنا بعد قليل باذن الله مع الجزء الثاني من الفصل السادس والعشرين من الرواية

نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 12:46 AM   #2385

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير تسجيل حضوررررررر

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 01:02 AM   #2386

اني عسوله
 
الصورة الرمزية اني عسوله

? العضوٌ??? » 390126
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » اني عسوله is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جمعة مباركة عليكم وعلينا 😍💗
بانتظار الفصل يا نيموو 😍 موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


اني عسوله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 02:00 AM   #2387

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور يا نيمو
ما فيش مساء التوت يا ربي


ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 02:10 AM   #2388

Ghufrank

? العضوٌ??? » 409436
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 34
?  نُقآطِيْ » Ghufrank is on a distinguished road
افتراضي

تسجييييل حضوووور

Ghufrank غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 02:15 AM   #2389

شروق سمير

? العضوٌ??? » 472266
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » شروق سمير is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور
اين الفصل


شروق سمير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 02:34 AM   #2390

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني من الطيف السادس والعشرين
********


أَعليكَ أبكي أم عليَّ
فلستُ أدري يا وطن

أتراكَ مثلي حائرٌ
أم أنتَ مثلي مفتتنْ

قد جارت الدنيا عليكَ
وأبَّنوكَ بلا كَفَنْ

نمشي بركب جنازتينِ
أنا وإياكَ معاً

(كلمات الشاعر زياد علان العينبوسي)

يقرأها جهاد سراً وقد سجلها على هاتفه ليتنهد بحرارة وهو يتحسس موضع سلسلة "حنظلة" التي صارت حبيسة جيبه كما هو حبيس يأسه !

يقلب في هاتفه يبحث عن أي معلومات على حساب زهرة ليجد منشورات عادية تتحدث عن رغبتها في بدايات جديدة تستحقها ..
فيغلق عينيه بألم وهو يزداد يقيناً في كل يوم أنه لم يكن سوى مغفل كبير استباح الجميع حرمات كبريائه ..!

يفتح عينيه بما يبدو كمقاومة لكل هذا الوجع داخله ليدور بهما في المكان حوله ..
مطعم أنيق تزاحمت فيه الوجوه لكنه بدا وكأنه لا يلمح وسطها إلا وجهي الخائنين ..ريان وزهرة !

يزدرد غصة حلقه مع الخاطر الأخير وهو يلمحها قادمة من بعيد ..
فدوى ..بل ..يولاند !

ينعقد حاجباه بضيق وهو يميز الثوب المكشوف الذي ترتديه كعهدها مؤخراً ..
تتخذ مجلسها أمامه ليطالع عينيها "الزائغتين " وتطالع هي عينيه "المهزومتين" وإن تشارك كلاهما طيف "الخذلان"!

_لن أسألك ماذا ستأكل ..أعرف ما تفضله .
تقولها بالفرنسية التي عادت إليها ليشيح بوجهه وهو يسمعها تخبر النادل عن طلبهما قبل أن تصرفه لتعود مخاطبة جهاد بنبرة عملية :
_سأعود لباريس .

يلتفت نحوها بدهشة لتردف عبر ابتسامة باردة:
_مجرد خطوة ..سأعود إلى هنا حتماً ..لكن لابد أولاً من الذهاب إلى هناك .

_ماذا يدور برأسك ؟!
يسألها بتوجس قلق لترد بنفس النبرة وهي تهز كتفيها :
_العودة .
_أي عودة بالضبط ؟!
يزداد انعقاد حاجبيه وهو يسمعها ترد بنفس البرود القاسي :
_لكل ما كنت عليه قبل صاحبك ..أو -الذي كان- صاحبك .

يطلق زفرة قصيرة ثم ينحني بجذعه للأمام مقترباً منها بقوله :
_أنا أعرف ما تشعرين به ..لكن لا تدعي الأمور تختلط ..لا تقلبي المائدة بكل ما عليها ..تشبثي بالجذور على الأقل .
_أي جذور تعني؟!
_الدين ..مثلاً .
_أي دين ؟!
كان الحوار بينهما كأغرب ما يكون وهو يصر أن يتحدث بالعربية فيما تصر هي على فرنسيتها ..ومع هذا كان كليهما يفهم صاحبه بأقوى ما يكون ..
لهذا عاد يزأر بحمية انتمائه:
_الإسلام يا فدوى !

فتطلق ضحكة مريرة وهي تشبك كفيها لتسند ذقنها فوقهما قائلة:
_ألم تفهم بعد ؟! أنا لم أعتنق الإسلام ..أنا اعتنقت "ريان" ..فلم يزدني إيماني به إلا ضلالاً ..

يستغفر الله بصوت مسموع وهو يرفع وجهه للسماء لترد بنبرة أكثر تشتتاً :
_أحياناً عندما أفكر ..أي دين كان عليّ التمسك به ..أشعر أن الله يعاقبني على تركي لليهودية لهذا خانني ريان و ..و..مات أولادي .

تتسع عيناه بارتياع وهو يميز أكثر الهوة السحيقة التي تجرفها إليها أفكارها بينما تستطرد هي بنفس المرارة الضائعة :
_أبي لم يخن أمي يوماً ..شقيقتي لارا فضلت الطرد من عملها يوماً على أن تخون أسرار بعض العملاء ..أنا عشت عمراً أهاجم الصهيونية لأنني أراها احتلالاً دموياً ..هذا هو ما كان عليه ديني قبل صاحبك الذي لم يكن أقل جرماً في عيني من الصهاينة قي عينك..فعماذا تحكي أنت الآن ؟!

_يا إلهي! ريان ! سامحك الله! ماذا فعلت ؟!
يتمتم بها بقنوط وهو يحاول البحث عن مدخل لها ليهتف بانفعال:
_لا تخلطي الأوراق ..الأديان كلها تدعو للأخلاق ..لا تقنعيني أنك لم تلتقي بيهود سيئي الأخلاق!
_وماذا رأيت في دينكم كي أتبعه ؟! ما رأيت إلا خائناً كصاحبك أو مستضعفاً مثلك !

تقولها بحدة فجرها ألمها لتردف بصوت ارجفه انفعاله :
_تدري ماذا قال صاحبك وهو يبرر لي خيانته ؟! قال إن دينه يبيح التعدد !! هو الذي لم يكن يحافظ على صلاته ولا صيامه لم يعرف من أمر دينه سوى هذا !
_ها أنتِ ذي قلتِها !! العيب ليس في الدين بل في التطبيق ..لا تتعجلي الحكم الآن فلستِ بمتزنة ..هل تسمعينني ؟! هل تسمعينني؟!

يكرر تساؤله الأخير بقلق وقد رأى شحوب وجهها عقب سماعها إشعاراً من هاتفها الذي فتحته ..
لكنها بدت كالموتى وهي متجمدة مكانها تناظر الشاشة بصدمة ..لم تلبث أن تحولت لألم ..ثم لغضب ..!!
غضب احمر له وجهها بشدة وجعله ينتزع منها الهاتف لتتسع عيناه بصدمة هو الآخر وهو يرى ما رأته !!

الوغد ريان شارك منشوراً بصورة لاختبار حمل بإشارة إيجابية وكتب فوقه ..(عوض الله ! أب من جديد )!

_لعنك الله يا ريان !!
يغمغم بها بانفعال دون وعي وهو يشعر بالدم يفور في عروقه ..
إذا كان هذا شعوره هو ..فماذا عن شعورها هي ؟!

_لا أعرف ماذا أقول لكِ ..فدوى ..هو لا يستحق أن ..
يغمغم بها بمزيج حارق من غضب وألم لكنها تقاطعه وجسدها كله يرتجف برعدة ظاهرة :
_يولاند ..يولاند ..هو ما كان ليفعل هذا بيولاند القوية ..لكنه استضعف فدوى ..فدوى التي ..

تنقطع كلماتها بفيض صامت من دموعها وهي تدفن وجهها بين كفيها لتدمع عيناه بعجز وهو يطرق بوجهه غير قادر على منحها أي مواساة ..
أي مواساة هاهنا؟!!!

الصمت الثقيل يظللهما لدقيقة كاملة عجزت هي فيها عن التحكم في انهيارها وهي تشعر بالنيران تلتهم روحها ..
وصول النادل بالطعام يجبرها على بعض التماسك فتتناول منديلاً قريباً لتمسح به دموعها بأنامل مرتعشة ..
تتصنع البرود من جديد وهي تتناول الطعام الذي كاد يغص به حلقها فيتنهد بحرارة وهو يشعر بالاختناق أكثر ..
متى صار العالم فجأة بكل هذه البشاعة ؟!
أم هو المغيب الذي كان يحيا في جنة المثاليات ؟؟!

يرفع عينيه إليها أخيراً ليلاحظ تعلق بصرها بشيء ما خلف ظهره فيلتفت ..
يالله!
ما هذه المصادفة القاتلة ؟!!

فعلى المائدة خلفه كان يجلس طفل مع أبيه يشبه كثيراً ابنها الأصغر الراحل ..
لم يكن التشابه متطابقاً لكنه كان كافياً ليذبح كليهما بسكين بارد ..

كافياً ليجعلها تنهض واقفة لتتحرك نحو الصغير الذي تحفز والده في جلسته بمزيج من دهشة وتوجس وهو يراها تقترب من ابنه لتنحني جالسة على ركبتيها أمامه ..
دموعها تسيل بصمت كالمغيبة ..فقط أنينها المتقطع يزاحم هذا الصمت !!

_عفواِ سيدي ..دعني أشرح لك .

يقولها جهاد بحرج وقد نهض بدوره ليميل على أذن الرجل شارحاً له الوضع باقتضاب فيهز الرجل رأسه بتفهم مشفق ثم يطلب من صغيره أن يعانقها ..

آهة تلو أهة تطلقها بحرقة وهي تضمه إليها بحرارة ..
دموعها تغرق كتف الصغير الذي يرفع عينيه إلى أبيه ببعض الخوف لكن جهاد يبتلع غصة حلقه ليربت على رأس الصغير بضحكة مصطنعة فضحتها دمعة ألم في عينيه ..

_ما اسمك ؟!
تهمس بها أخيراً دون وعي ..ليتنهد جهاد ببعض الارتياح وهو ينتبه أنها -عفوياً- نطقتها بالعربية !
لأول مرة يسمعها تنطق العربية منذ ما كان !!
_محمد .
يقولها الصغير بابتسامة مرتبكة لتقول بالعربية كذلك :
_أحبك يا محمد .

تتبع كلماتها بقبلة لرأس الصغير قبل أن تنهض واقفة لتتحرك بخطوات سريعة مغادرة المكان ..
يناديها جهاد لكنها لا تتوقف فيترك ثمن الطعام بسرعة على الطاولة قبل أن يهرول إليها ليلحق بها هاتفاً بأنفاس لاهثة:
_لم ننهِ حديثنا بعد .
_أنا فعلت .
تقولها وقد بدت كقارورة مكسورة حادة الشظايا تهدد كل من يقترب منها ليطلق زفرة حارقة وهو يسمعها تردف بتصميم :
_أنا سأعود لفرنسا ..لو أردت العودة معي فسأكون أكثر من مرحبة ..لا أظنك تملك فرصة هنا ..هناك يمكننا العثور على فرصة مناسبة ..خطوة ..مجرد خطوة ..سنعود بعدها إلى هنا ..لكن لو لم تكن راغباً فسأذهب وحدي .

تقولها لتعطيه ظهرها وتتحرك مبتعدة بخطوات شبه راكضة ..
يناديها من جديد لكنها لا تتوقف فيقف مكانه وهو يتلفت حوله بعجز ..
فارداً ذراعيه كأنه يعانق سراباً لا يناله ..
ماذا عساه يصنع ؟!
هو يشعر بمسئوليته نحوها !!
هو الذي عرفها إلى ريان !!
هو الذي دفعها في طريقه !
هو الذي عاملها كأخته طوال هذه السنوات !!
وهو أكثر من يدرك أي شتات تعيشه الآن مغيبة ..مذهولة بصدمتها في كل ما حولها !!

هو احترمها ك"يولاند" لكنه أرادها "فدوى" ..ولن يهنأ حتى يراها قادرة على الموازنة بينهما .
تريد منه السفر معها؟!
فليكن !!
كل البلاد له صارت غربة على أي حال !!

وفي غرفتها التي عادت إليها بذلك الفندق الذي تقيم فيه وقفت هي أمام مرآتها ترفع ثوبها ال "تايجر" بنقشة جلد النمر لتهمس من بين أسنانها :
_سيعود مقاسه ويلائمني ..وقتها سأذيقك أسوأ كوابيسك يا ريان ..سأسرد على مسامعك كل جرح جرحته لي ..وعندما أنتهي من الحكاية سيكون الموت أهون عليك من انتقامي ..وسترى!
======










*أحمر*
=====
_أرجوك يا إبراهيم ..دعني أراه .
تهتف بها يسرا برجاء فوق فراشها في غرفتها بالمشفى ..صوتها لا يزال واهناً إنما غارقاً بانفعالاته كعهدها كلما ذكرت "ربيع" ..
يبتسم إبراهيم بإشفاق وهو يتفحص ملامحها المنهكة ..لا يزال يذكر أول كلماتها عندما أفاقت من تأثير "البنج" :

_هو بخير ؟!
كان يعلم أنها تقصد أباه ولم يكد يجيبها بالإيجاب حتى شعر بعينيها تجوبان الغرفة بنظرة غريبة تمزج بين خيبة وأمل وهي تهمس بخفوت :
_أنا ..نجوت .
لا يدري لماذا شعر ساعتها أنها غير راضية كأنها كانت تأمل العكس !
ولو قرأ خبيئتها لأدرك أنها -ربما- كانت تطمح في خروج مشرف من "اللعبة" التي ما عادت لعبة !!

_إبراهيم !
همسها الخافت ينتزعه من شروده فيها لتتسع ابتسامته المشفقة وهو يراها تردف بلهفة :
_خذني إليه ..أنا صرت بخير ..لماذا لم تضعونا معاً في نفس الغرفة ؟!

تهتف بعبارتها الأخيرة بحدة منفعلة تجعل جرحها يؤلمها فتتأوه بخفوت وهي تغمض عينيها ليمسك هو كفها يقبله برقة مع قوله الراجي:
_اهدئي حبيبتي ..هو بخير ..لكن أنتِ لا يمكنك الحركة الآن .
_إذن ..اذهب وصوره لي على هاتفك .
تهتف بها بصوت متهدج دمعت معه عيناها لتردد بخفوت :
_أريد أن أراه ..أريد أن أراه ..

لم تعد هستيريتها المبالغة في مشاعرها نحوهم تثير عجبه بل صار مدمنها كعهده بكل ما يخصها ..
ربما لهذا رضخ لرغبتها في التبرع لأبيه بعدما كان رافضاً بشدة أول الأمر خوفاً عليها ..
جزء بداخله أخبره أنها تحتاج فعل هذا ..لا مجرد امتنان ولا رد جميل ..بل ..مزيد من شعورها أنها صارت حقاً تنتمي إليهم !

تنقطع أفكاره وهو يسمع رنين هاتفه ليمط شفتيه بضيق وهو يميز اسم جنة بينما اتسعت عيناها هي بذعر وهي تغمغم :
_ماذا تريد ؟!
يتنحنح بحرج وهو يعيد خصلات شعره للوراء قائلاً:
_اتصلت منذ قليل ..قالت إنها تريد القدوم لزيارة أبي .
_لا ..لا ..لا تجعلها تأتي ..أنتَ وعدتني قبل زفافنا أنها لن يكون لها مكان في حياتنا ..أنت قلت ..
_اهدئي حبيبتي ..بالله عليك اهدئي ..انفعالك هذا يضرك .
يهتف بها بجزع وهو يحاول تهدئتها لترمقه بنظرة عاتبة اكتسحها خوف لم يستطع تفسيره سوى بغيرة مفرطة ليزفر وهو يضغط كفها بين راحتيه مردفاً:
_لا أعرف من الذي أخبرها ..أنا لم أفعل ..ولا يمكنني منعها من زيارة أبي .

تتسع عيناها بالمزيد من الذعر وهي تسمع هاتفه يعاود الرنين ..
تكاد ترجوه ألا يرد لكنه يرمقها بنظرة معتذرة وهو يقبل كفها البارد قبل أن يفتح الاتصال ..
خفقات قلبها تعوي بجنون وهي تشعر كفأر وقع في مصيدة ..
جنة ستأتي هنا !
ستتعرف إليها !
سيعرفون الحقيقة!
بهذه السرعة سيموت الحلم ..وتموت هي معه !!

دموعها تسيل على خديها بصمت وهي تشعر بالوحدة ..
لا!
ليست وحدها !!

ترفع عينيها لأعلى في وضع الدعاء وهي تشعر أنها أضعف ما تكون ..

_يارب ..أنت تحبني ..لم تكن صدفة أن وضعتني على أول هذا الطريق ثم يسرت لي بقية خطواته ..أعرف أنني أفسدت الأمر بخداعي وكذبي ..لكنني لازلت أطمع في بقايا رصيدي عندك من الستر ..أنا لم أرد بهم سوءاً ..أنا فقط أردت لنفسي الخير ..يارب كما يسرت لي كل أمري ..فأتمم عليّ سترك ..

لم يعد قلبها يتردد في الدعاء كالسابق بعدما اختبرت حلاوة الجواب ..

_لا تترددي في الدعاء مهما بلغت ذنوبك ..الله سبحانه وتعالى يقول (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه) ..لم يقل يجيب (الصالح) أو يجيب (المحسن ) إنما أطلقها سبحانه وتعالى لكل مضطر ..الشيطان يدخل لنا من هذه الثغرة ..يجعلنا نغلّب سوء ظننا بنفسنا على حسن ظننا بالله كي يقنطنا من رحمته ..لكن الله رحيم ودود ..هو الذي قال في كتابه (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا) ..هو سبحانه يحب تضرعنا وقت الشدة ..يحب أن يغمرنا حسن ظننا في رحمته رغم ذنوبنا ..هو القائل في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي ..فليظن بي ما شاء) ..فاجعلي ظنك به دوماً أنه الوكيل الذي لن يضيعك .

تذكرها كما سمعتها يوماً من هبة لتنتابها قشعريرة تسري في جسدها فلا تدري هل تمنحها المزيد من الرهبة أم من السكينة ؟!
هل يقبلها الله على ما فيها؟!
هل بقي لها المزيد من عطايا الستر؟!

والجواب يأتيها بعدما أغلق إبراهيم الاتصال ليتنهد بارتياح وهو يرفع إليها عينيه بابتسامة :
_تعتذر عن الحضور ..أخت زوجها تضع مولودها واضطرت للحاق بها في المشفى .

تغمض عينيها على نظرة ممتنة للأعلى قبل أن يستجيب جسدها لإرهاق وجعه ..
لقد حُلّ الحبل قليلاً من حول عنقها هذه المرة لكنه لا يزال موجوداً !
ماسة تلد !
شبح ابتسامة يطوف على شفتيها وهي تسترجع ذكرياتها معها أيام زواجها هي من فهد الصاوي ..
يالله ! كأنه عمر غير العمر !!
وشتان بينهما!

الخاطر الأخير يجعلها تتحسس عنقها لتهتف فجأة بجزع غزا صوتها الواهن:
_السلسلة؟! أين هي ؟!
يبتسم مهدئاً وهو يعاود تقبيل كفها ليقول وهو يستخرجها من جيبه :
_خلعوها عنك قبل إجراء الجراحة .
_ألبسني إياها ..لا تخلعوها عني ثانية ..لا تفعلوها أبداً .
ربما كانت هستيريتها المنفعلة لتثير حفيظة رجل غيره ..لكنه كان يستوعب كل هذا الخوف الذي تفضحه عيناها ولا يعرف سببه ..
"العندليب الأخرس" في عينيها لا يزال حبيس غصنه !

لهذا يلبسها إياها ثم يقبل رأسها ليهم بالجلوس من جديد لكنها تضم رأسه بوهن إلى كتفها لتبقيه هناك للحظات تشم فيه عبق فردوسها المفقود ..
يكاد يسمعها منها رغم أنها لم تقلها:
(أحب رائحتك )!

_أنت بخير ؟!

صوتها الذي تبدلت نبرته من انفعال هستيري يقارب الجنون إلى هذا الحنان الصادق يداعب قلبه بهذه اليد التي لا تملكها سواها ..
ليرفع إليها عينيه هامساً بصوت أرجفته عاطفته:
_أنتِ التي تسألين؟!

لكنها تسبل جفنيها لتقول بخفوت :
_لستَ بأقل مني ألماً ..أدرك كم كنت قلقاً على أبيك وعليّ ..تبدو مرهقاً ..لابد أن تنام ..لكن هنا جواري على الفراش الآخر ..لا تتركني وحدي .

أنامله تمتد لتربت على وجنتها فتنساب منها أنّة طويلة تجعله يسأل ناظراً لمكان جرحها :
_هل يؤلم ؟!
سؤاله يبدو ساذجا لكنه يفيض بكل هذا الحنان القلق الذي يملأه لترد عبر عينيها المغمضتين :

_تصدقني لو قلت لك : هو الجرح الوحيد في حياتي الذي لم يكن ليؤلم ..بل يداوي .
يتفحص ملامحها بعمق عاطفته وهو يود في هذه اللحظة لو يخبئها بين ضلوعه فيمحو عنها كل هذا الخوف الذي لا يفهم سببه لكنه يشعر به يكتسحها بضراوة ..

_أعدك ..
يهمس بها بحروف ملؤها العشق لتتسع عيناها بلهفة وهي تطارد الحروف عبر شفتيه ..
_أعدك أن أسمع حينما يسد الجميع آذانهم ..أن أحنو حين يقسون..أن أرحم حين يرجمون ..أن أبقى..أن أبقى حين لا يبقى أحد ..وأن أحبك كما لم يحبك أحد .

يقولها ببطء مستشعراً لذتها في سماعها منه رغم تكرارها كل مرة ..ليميل أخيراً على وجنتها بقبلة ناعمة هامساً :
_كنتِ غائبة عن الوعي بالأمس فلم تسمعيها مني ..وأنا وعدتك أن أجدد عهدنا كل يوم .

تميل برأسها على رأسه لتبقيه أسير كتفها للحظات تتنشق فيها عبيره وهي تشعر أنها تزداد لتجديد عهدهما هذا كل يوم أكثر وأكثر ..


_من شادي؟!

سؤاله رغم براءة نبرته يجعلها تفتح عينيها بذعر لكنه يقول عبر ابتسامته :
_كنت ترددينها كثيراً وأنت تحت تأثير "البنج" ..كنتِ تنادين شادي هذا بكل لهفة ..كدت أقتلك غيرةً خاصة وقد ظن الجميع في غرفة العمليات أنني شادي هذا ..لكن إحدى الممرضات أخبرتني أنك كنتِ ترددين (أنا صرت أكبر ..وشادي بعد صغير )..أخبرتني أنها أغنية قديمة لفيروز عن طفل صغير ..احمدي ربنا ..شهادة المرأة أنقذتكِ من يدي .

مرحه يمتزج بعنفوان رجولته الغيور لكنه يتراجع أمام خيطي الدموع الذين سالا على وجنتيها بصمت مع كلماتها عبر عينيها المغمضتين:
_تغار عليّ من مجرد "هلوسة بنج"؟!

فيمسح دموعها بأنامله وقد كره أن يسبب لها المزيد من الخوف ليقبل كفها بين راحتيه من جديد هامساً بالمزيد من المرح :
_ولمَ لا؟! يقولون أن مواقف كهذه تفضح خبايا النفس ! الطبيب ظل يتندر معي عن حوادث طريفة حقيقية لأناس في نفس الموضع .

_هل قلت شيئاً آخر وقتها؟!
تحاول السيطرة على الخوف في نبرتها فيخرج صوتها مرتعشاً لكنه يربت على وجنتها ليرد عبر حروفه المغرمة :
_كنتِ تقولين أنكِ تحبيننا كثيراً ..أنا وأبي وهبة وسندس وسامي ..حتى الحرافيش .

تبتسم بوهن وهي تعاود فتح عينيها لتقول فجأة وقد تذكرت ما رأته تلك الليلة عندما خرجت معه في سيارته :
_سندس! أين هي؟!
_بالكاد أقنعتها أن تذهب مع هبة لتستريح ..واقفة على قدميها منذ الأمس هنا ..نامي أنتِ واستريحي .

ينعقد حاجباها بالمزيد من القلق على تلك الفتاة ..تريد التحدث إليها في أقرب وقت ..
كوثر كذلك ..يجب أن تحدثها وتطمئنها كي تستعيد منها أمانتها ..
يالله!
في كم جبهة عليها أن تحارب؟!
رأسها يكاد ينفجر من الصداع وجسدها كله ينبض بالألم لكنها تهتف به كاذبة:
_لن يمكنني النوم قبل أن أرى "مستر ربيع"..أشعر أن المسكنات قد أحدثت أثرها وقد خف الألم ..أرجوك يا إبراهيم ..خذني إليه ..

يظهر الرفض على ملامحه لكنها تعاود رجاءاتها بضراعة ليقف أخيراً قائلاً بتردد :
_سأسأل الطبيب ..إنما ستمتثلي لأمره أياً ما كان .

تومئ برأسها الذي ربت عليه برقة للحظات قبل أن يتحرك ليغادر الغرفة ..ولم يكد يفعل حتى تحركت بصعوبة كاتمة تأوهات وجعها لتتناول هاتفها القريب كي تتصل بكوثر تطمئنها بكلمات موجزة ثم تغلق بعدها الاتصال قبل أن تمسحه من سجل المكالمات ..

تطلق بعدها تنهيدة تعب وهي تحاول النهوض من الفراش متحاملة على نفسها لتكتم صرخات ألمها وهي تحاول الجلوس ..

_ماذا فعلتِ؟! لن يمكنك المشي الآن .
يهتف بها إبراهيم بجزع وهو يدخل الغرفة مع الطبيب الذي هتفت هي به بنبرة عاد إليها تسلطها القديم رغم وهنها :
_أريد رؤيته ..يمكنكم توفير كرسي متحرك لي أو ما شابه .

يعاتبها إبراهيم ببعض العنف الذي فجره قلقه لكن الطبيب يتفحص جرحها ليمنحها أخيراً الإذن بالذهاب إليه على كرسي متحرك بعد توسلاتها الضارعة تارة ك"سمرا"وأوامرها المتسلطة تارة أخرى ك"يسرا".

_أبي .

تهتف بها بلهفة وقد صارت أخيراً أمام ربيع الذي رمقها بنظرة ممتنة ..
الكلمة التي طالما كرهتها في عمرها "القديم" وهي تثير داخلها كل الرعب ..الآن تجري على لسانها طواعية مفجرةً داخلها كل ينابيع السكينة ..!

_كيف حالك الآن يا ابنتي ؟! لماذا أتعبتِ نفسك لا تزالين ..
يسألها ربيع بحنانه المعهود لكنها تقاطعه وهي ترفع كفه لجبينها تدفن فيه وجهها بشهقات متتابعة ..

_"ابنتي"! كنت تقولها من قبل فأشعر أن حالي كالجميع ..كلنا مغمورون بحنانك ..لكن الآن أحس أنها لي ..لي وحدي ..ابنتك ..أنا الآن حقاً ابنتك ..أنا ابنة ربيع .

تدمع عينا العجوز بتأثر وهو يرى كلماتها مخضبة بمزيج غريب من ابتسامتها ودموعها ..
لا يزال حدس بداخله يخبره أن هذه المرأة جبل ثلجي لا يبدو منه سوى قمة هزيلة فوق سطح الماء ..لكنه صار يوقن أنها حقاً تحبه وتحب ابنه ربما أكثر من حبها لنفسها ..
لم تكن مجبورة أن تفعل هذا الذي فعلته لأجله لكن إبراهيم أخبره أنها تمادت في إلحاحها على الأمر كأنها س"تأخذ" لا س"تعطي"!
لهذا يربت على وجنتها برفق قائلاً :
_كيف نوفي دينك يا ابنتي ؟!

_بل كيف أفعل أنا ؟!
تقولها وهي تهز رأسها لتمد أحد كفيها فتمسك يد العجوز ثم تحتوي كف إبراهيم بالآخر لتردف :
_أنا ولدت من جديد بينكم ..وسأعيش عمري فقط لأجعلك تفخر بامرأة تليق بأن تكون ابنتك ..
تقولها لتصمت لحظة ثم تستطرد مغمضة العينين كأنها تتلذذ بحروفها :
_ابنة ربيع .
========




*نيلي*
========
على متن الطائرة المسافرة لألمانيا حيث المصحة العلاجية التي حجزت لها فيها طيف مكاناً تحتل زهرة مكانها ..
وحدها !
لم تعد تكترث كثيراً لوضع كهذا عاشته تقريباً غالب عمرها ..
عمرها القصير الذي لا تأمل له بطول إنما ترجو فقط أن تنتهي رحلة عذابها سريعاً ولا تكلف من حولها عبئها كخالتها الراحلة ..

تفتح هاتفها حيث استوديو الصور ..
لتتوقف عيناها أولاً أمام صورة أمها ..
أين عساها تكون ؟!
ألا تزال هاربة من بطش أبيها؟!
تراها ستندم ذات يوم أنها لم تقض أيامها الأخيرة معها؟!

صورة أخرى لحسناء ..
تبتسم لها فيها وهي تلوح مودعة ..
تراه حقاً كان لقاءهما الأخير ؟!
تحملها الصورة لذكرى لقائهما الأخير وهي تهتف لها برجاء :
_أخبري جهاد يا زهرة ..أو دعيني أخبره أنا ..
_افعليها وسأقطع علاقتي بك تماماً ولن أكمل العلاج واحملي ذنبي وقتها !
تقولها مهددة بضراوة غريبة على طبعها الخانع لتعاود حسناء رجاءها اليائس :
_كيف ستعيشين وحدك ؟!
_تعودت .
_على الأقل ..كنت أنا معك ..الآن سنفترق .
_لا تقلقي ..لعل الوضع لن يطول ..
تقولها ب"منتهى اليأس" لكن حسناء تتلقاها ب"منتهى الأمل" وهي تربت على كتفها قائلة :
_أجل ..لن يطول ..ستعودين قريباً وقد تماثلتِ للشفاء ..ساعتها ستخبرين جهاد بنفسك ..لعله يسامحك وتدركينه قبل فوات الأوان .

تبتسم بسخرية مريرة للخاطر الأخير وهي تنتقل لصورة أخرى ..
صورة "طيف" ..
تنفث دخان سيجارتها بتحدّ وعيناها تتوهجان بقبس من قوة ندر أن تحمله عينا امرأة ..
تحملها الصورة لذكرى لقائهما القريب قبل إقلاع الطائرة ..
_كيف أشكرك ؟!
تقولها لها بامتنان لترد طيف بفظاظتها المعهودة والتي توقن زهرة الآن أنها تخفي خلفها أطيب قلوب الأرض :
_بنت ! بنت! جو "الصعبانيات" هذا لا يعجبني ..مرضٌ كغيره ستعالجين وتشفين منه وتعودين لتصدعي رأسي بحديثك عن طبيبك أزرق العينين شبيه الدمية هذا ..تطلبين مني النصيحة كي نعيده إليكِ بعدما صدق كذبتك كأي حبكة "مهروسة" في فيلم قديم !
تبتسم لها وسط دموعها فتتنهد طيف بحرارة وهي تتردد قليلاً قبل أن تضمها إليها بقوة هامسة في أذنها بخفوت:
_اسمعي ..لأول مرة أقولها لمخلوق وظني أنني لن أفعلها ثانية ..أنا خسرت أمي لأنني لم أكن أملك ثمن العلاج ..عشت طوال هذا العمر أخاف المرض ربما بأكثر مما أخاف الموت ..لهذا أنا التي أحتاجك وليس فقط أنتِ من تحتاجينني ..تحلي بالقوة وتشبثي بالحياة حتى تعودي إليّ ..ربما وقتها أرى فيكِ وجه راحلة افتقدتها ..هذا هو رد جميلي لو أردتِ أن تفعلي!

فترمقها بنظرة متأثرة وهي تومئ لها برأسها تمنحها وعدها ..لتستعيد طيف صلابة صوتها من جديد :
_عاصي دبر لك الأمر هناك ..عندما تصلين ستلتقين رجلاً يوصلك للمصحة هناك حيث ستقيمين ..كوني دوماً على اتصال بي ولو احتجت شيئاً فلا تترددي في طلبه .

تبتسم لها بامتنان وهي تتحسس سلسلة عنقها لتهمس لها برجاء :
_لو ..لو ..لو لم أعد ..أرجعيها لجهاد ..أخبريه أنني لم أخلعها كما أوهمته ..قولي له أن القلب الذي تعلم كيف يدق على يديه لم يكن ليلفظ آخر دقاته إلا على عهده .

فتدمع عينا طيف وهي تشيح بوجهها للحظات قبل أن تعود إليها ببصرها قائلة باستنكار فظ تداري خلفه تأثرها :
_تعشقين النكد كعينيكِ! نقول "ثور " يقولون :احلبوه! ستعودين يا حمقاء ! ستعودين! ستعودين سليمة معافاة بلسانين وعقل أكثر خواء من جيب موظف بائس! فلا داعي لكل هذه الدراما !

أناملها تنتقل لصورة أخرى ..
صورة ماسة ..تبتسم بملامحها الملائكية ..لقد تمنت لو بقيت حتى تحضر ولادتها ..لكن لا بأس ..لن تكون آخر مناسبة تفوتها ..!

تدمع عيناها للخاطر الأخير لكن أناملها تتوقف أخيراً أمام صوره هو ..جهاد !
فيعزف قلبها هذا اللحن الخاص الذي لم يعرفه إلا له ..

_أنتِ صرتِ مني ! غصنٌ لا يتمرد على جذعه ..وجذعٌ لا يتخلى عن غصنه ..هكذا نحن ..كنا.. وسنبقى يا نيلية !

تذكرها كما سمعتها بصوته يومها بعدما حكت له عن مأساتها مع والدها وقد ظنتها وقتها آخر عذاباتها ..
فتغمض عينيها على حريق دموعها وهي تتذكر ما روته لها حسناء عن احتمال زواجه بيولاند ..
تراه يفعلها ؟!
حسناء سجلت لها مكالمته الأخيرة لتسمعها كلها ..

_أخبريها أنني وإن عشت عمري في جهاد فلن تكون هي رفيقتي فيه ..أنني لن أنتظر عودتها نادمة معتذرة بل لن أنتظر عودتها أبداً ..أبداً ..

يرتجف جسدها للوعيد في نبرته كأنما يسمعها قلبها كل مرة بصوت لوعتهما معاً ..
آه لو يعلم !
لقد عاشت عمرها ترتضي الدور الذي منحه لها القدر ..
"عروس نيل" تلقي نفسها في النهر قرباناً لفيضه ..
ويبدو أنها ستبقى كذلك حتى تلفظ آخر أنفاسها ..
ربما لو تحلت ببعض الأنانية لارتضت أن يشاركها جهاد مشوارها الثقيل ..
لكن الأنانية ثقيلة على كرماء القلوب كما هو العطاء ثقيل على بخلائها !

تتنهد بحرارة وهي تغلق هاتفها أخيراً لتضمه لصدرها بقوة ..
ترى هل سينتقم من ريان حقاً بزواجه من يولاند ؟!
هل سيقوى على فعلها ؟!
هل سيسقط الفارس المشهود من فوق جواده ؟!

أناملها تمتد نحو حقيبتها حيث كراسة ورقية قررت أن تكتب فيها رسائلها إليه ..ليقرأها فيما بعد حية كانت أو ...!

تبتلع غصة حلقها مع الخاطر الأخير وهي تتحسس سلسلة عنقها لتكتب :
أخاف عليك من صباح لا تبدأه بدعاء قلبي لك..
من شروق شمس لا تمر عليّ قبلك فأوصيها عليك..
أخاف عليك من يوم لا يساوي أربعاً وعشرين ساعة من سؤالي على تفاصيلك..
من xxxxب ساعة تفتقد مكالماتي الطويلة.. ورسائلي الأطول..
أخاف عليك من عمر تعيشه دوني فتشبه أيامه بعضها كتوائم مشوهة!
أخاف عليك من امرأة لا تعرف كيف تضبط «وش» قهوتك ولا مذاق «القرنفل» في كوب شايك..
لا يمكنها التنبؤ بمزاجك من حمرة أذنيك.. ودرجة انعقاد جبينك.. وتمشيط شعث لحيتك!
أخاف عليك من فقدي وأنا الأعلم وقتها.. كم ستكون خسارتك!

تمسح بقايا الدموع على وجنتيها وهي تعاود الكتابة :
_أخاف عليك من نفسك ..ومن جرحي ..كنا وسنبقى يا فارسي ..أنت بدربك في جهاد ..وأنا بحبك في جهاد .

تسمع نداء الطائرة يعلن الوصول لمطار برلين فتأخذ نفساً عميقاً وهي تعيد الأوراق لحقيبتها قبل أن ترتدي نظارة كبيرة غطت نصف وجهها كأنها صارت زاهدة حتى في مواجهة العالم ..

تتحرك وسط الحشد لتغادر الطائرة قبل أن تنهي إجراءات المطار باعتيادية من تأقلمت على السفر ..
المطار الذي غادرته بعدها لتبحث بعينيها عن الرجل الذي أخبرتها عنه طيف ..

_آنسة زهرة !
تلتفت خلفها لصاحب اللهجة العربية الكسيرة الذي واجهها لتصطدم عيناها بزرقة عينيه فتذكرها بعيني جهاد ..قبل أن تنفض عنها الخاطر لتتفحص ملامحه التي بدت لها شديدة الدفء على عكس ما يشاع عن هذه الملامح الغربية ..
لكنه يفاجئها وهو يعرفها بنفسه بعربية سليمة إنما غربية اللكنة :
_صهيب ! السيد عاصي أوصاني بكِ ..لا تحملي هماً ..أنا مرشدكِ هنا .
======
انتهى الفصل السادس والعشرون


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:17 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.