آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قصر لا أنساه - مارغريت مايلز- عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          79 - قسوة وغفران - شريف شوقى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          1 - من أجلك - نبيل فاروق (الكاتـب : حنا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-01-22, 12:40 PM   #3331

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم..
الجزء الأول من الطيف الثاني والأربعون
********

_لماذا خاطرت اليوم بالقدوم إليك؟! لماذا وأنا أعرف أن الموت قد يصيب سهمه هذه المرة فلا يخطئ كالسابقة ؟! لماذا وجدتكِ أول وجه يطفو لذاكرتي عندما أفقت بعد الحادث فلم يفارقني طيلة الأسابيع السابقة؟!
يقولها أديم وهو يجلس جوار فراش دينا التي لا تزال مستسلمة لغيبوبتها في المشفى.. يشبك كفيه مطرق الرأس وهو يردف بخفوت :
_أسألكِ وأنا أعرف الجواب يا "قلبية الثغر" .. لأنكِ شبيهتي في الإثم.. تظنين العهر للنساء فقط؟! الرجل كذلك قد يبيع شرفه.. قد يبيعه مجبوراً.. مقهوراً.. لأجل قطعة من قلبه.. تعرفين ما الأسوأ من العهر وقتها؟! الشعور بالقهر.. بالعجز.. بالمهانة.. وأنت تجد نفسك مخيراً أن تلوث يدك النظيفة بأحد الاثنين إما دنس الخيانة أو دماء من هو أقرب إليك من نفسك..
يقولها ليغص حلقه بمرارة ذاك اليوم البعيد.. :


من سنوات عديدة لكن الألم الطازج لا يزال يجد حرقته في قلبه..
الكف الصغير بسمرة تشبه سمرته.. بطلاء أظافر أحمر كانت تعشقه.. بخاتم ذهبي صغير ذي فص أحمر يتصل بسوار له فص بنفس اللون عبر سلسال رقيق كتب عليه اسمها.. بل اسميهما معاً وقد صممته أمها بنفسها بذاك التصميم..


_أعرف كم تحب ابنتنا..لم أعد أتعجب هذه الرابطة الخفية بينكما منذ ولادتها فلا يكاد يمسها ألم إلا وتشعر أنت به.. لعلها طبيعة عملك التي تجعلك تستشعر الخطر عن بُعد.. أو هو شعورك أننا - أنا وهي- عائلتك التي حظيت بها من هذه الدنيا.. أو هو شبهها الشديد بك كأنها نسخة مصغرة منك.. لا أعرف.. لكن ما أوقن به أنك استودعت جزءاً من روحك فيها.. ولا أبالغ لو قلت روحك كلها.

يتذكرها بصوت (زوجته الأولى) فتتجمع في عينيه دمعة كبيرة بلون أحمر..
أحمر الغضب.. أحمر الوجع..أحمر الموت!
أحمر ك(فص خاتم) ابنته.. كدمائها التي سالت على قارعة الطريق.. ولطخت كل ركن في قلبه!

يغمض عينيه بقوة كأنه يحاول التناسي كعهده.. ربما لو استطاع القبض على ذاك (الكوبرا) تعود يده نظيفة كما كانت..
ربما..
لكن تلك الحمرة التي تلطخ قلبه من سيمحوها؟!

_سمحوا لي بالخروج فلم أشعر بنفسي إلا وأنا آتي إليكِ.. صرتِ هوسي اللذيذ يا "قلبية الثغر".. صديقي الذي أوقن أنه لن يخون ولن يفضح السر..بقدر ما أتمنى أن تفيقي كي لا تكوني ذنباً آخر يثقب كيسي الثقيل.. بقدر ما أخشى أن أفتقد شعوري براحة البوح إليكِ.. أنتِ.. أنتِ بالذات.. ربما يمكنني أن أخبركِ يوماً ما..


_وماذا عني أنا؟! أظنك ستخبرني أنا الآن.

يلتفت أديم بحدة وهو ينتفض واقفاً مكانه ليشهر سلاحه بحركة عفوية نحو حسام الذي أظهر نفسه من خلف ستار الغرفة لتتواجه نظراتهما الصارمة..
يقترب حسام منه يتفحصه بعينيه الصقريتين قائلاً:
_لا تتعجب.. أعرف أنك اتخذت احتياطاتك لزيارتها بما يناسب شخصاً في وضعك.. لكنني لست هين الشأن أنا الآخر.

_ماذا سمعت؟!

يسأله أديم منعقد الحاجبين عبر أنفاسه المتلاحقة ولا يزال سلاحه مرفوعاً.. ليتفحصه حسام ببصره قارئاً لغة جسده..
هذا الرجل ليس فاسداً.. لعلهم أجبروه على فعلها.. لا يستبعد الأمر فقد رأى منه الكثير.. لكن ما يثير فضوله هو سبب تراجع أديم عن المزيد.. هل صحا ضميره فجأة؟!
لا يهم.. سيجبره أن يعترف بكل ما يعلمه..!

لهذا يزيح سلاح أديم جانباً بحركة مسيطرة ليتجاهل سؤاله قائلاً ببرود :
_لا يهم ما الذي سمعته الآن.. الخطير فعلاً هو ما عرفته منذ أيام فقط.. عن كونك كنت تعمل سابقاً مع.. الكوبرا.
يهمس بالكلمة الأخيرة في أذنه وهو يميل عليه لتشحب ملامح أديم وهو يتراجع خطوة للخلف.. لحظة واحدة اختلت فيها موازينه لكنه أجاد السيطرة عليها وهو يبتسم ساخراً بقوله:
_سلامة عقلك! من فينا الذي أثر الحادث على رأسه أنا أم أنت؟!
لكن حسام يبدو متوقعاً لردة فعله وهو يبتسم ساخراً بدوره ليهمس له بخفوت :
_لست وحدك.. معي القائمة كلها لغطائه الداخلي بجهاز الشرطة منذ أيام رفعت الصباحي.. ليست الأسماء فحسب.. بل والدلائل التي تدينها.
_كاذب! لو كنت تملك شيئاً كهذا لسلمته للشرطة ولم تكن في حاجة لتبلغني به.
يقولها أديم بثبات وهو يتحرك ليعطيه ظهره.. لكن حسام يتحرك بدوره ليواجهه بنظراته النافذة..
لم يخبر أحداً عن الفلاشة التي أعطتها له يسرا..
ربما لأنه لم يعد يثق بأحدهم بعدما عرفه ويخشى أن يصل الأمر للكوبرا فيعيد ترتيب أوراقه قبل أن يتمكن هو من استغلال عامل المفاجأة..
وربما لأن حدساً بداخله يكاد يوقن من نزاهة أديم رغم ما عرفه..
لعله هو الآخر يملك "ندوب سجائر" غير مرئية تشبه خاصته!!

_تعرف أنني لا أكذب.. سأسلم ما معي للشرطة فعلاً لكن في الوقت المناسب.
يقولها بحسم لتهتز عينا أديم للحظة قبل أن يغمضهما بقوة..
هل حانت لحظة الحقيقة؟!
غلطة واحدة ستقضي على تاريخه كله!!
لكن.. لا تزال هناك فرصة!!
لعل القدر منحه بعض الرحمة أن يكون حسام القاضي بالذات هو من بيده الزمام الآن..

_هل يعرف أحد عن هذا الأمر غيرك؟!
يسأله ولا يزال مغمض العينين ليتردد حسام قليلاً ثم يقول بحسم:
_لا.
لم يكد ينتهي منها حتى شعر بفوهة سلاح أديم تلتصق بصدغه مع قول الأول :
_ولن يعرف أحد.
======








*أحمر*
=======
_ظلم.. ظلم.. هذا ظلم.. أريد حقي.. أريد حقي..
لا يزال إبراهيم يصرخ بها بانفعال بعد صدور حكم المحكمة الذي صدر كما توقعه حسام تماماً..
براءتها بدعوى عدم اتزانها نفسياً مع الحكم بإيداعها مصحة نفسية يعلم أنها لن تمكث فيها إلا صورياً!!
يحاول من حوله تهدئته لكنه يندفع نحوها عبر القضبان..
هذه المرة لا يختلس النظر بل يمطرها بوابل من نظراته الحاقدة..
وابل يصيب هدفه فتترنح مكانها..
تشعر بكل نظرة من هاتين العينين اللتين طالما هطلتا بالعشق في واديها الآن تطعنها في صدرها!
تكاد تسقط فيتلقفها ذراعاه بلهفة!
لهفة أحيت الأمل بقلبها ونثرت الشظايا بقلبه!
كيف يكرهها كل هذا الحد؟! ويعشقها كل هذا الحد؟!
كيف يود الثأر منها بجعلها تتنفس آهات لوعتها..
وكيف يغار عليها أن تسقط فيضمها ذراعان غير ذراعيه؟!
كيف يود لو يصفعها.. لو يجلدها.. لو يزهق أنفاسها واحداً واحداَ بقدر ما خدعته..
وكيف يريد أن يخفيها بين ضلوعه.. يشكو إليها منها.. هي وحدها .. وهو يدرك أنها - كعهدها- ستجيد ترويض وجعه؟!

لهفة كرهها حد الموت وبالذات عندما رأى دبلته لا تزال في إصبعها..
هذه التي انتزعها بقوة ليطيح بها في الهواء هاتفاً بقسوة :
_انعمي بنفوذك يا ابنة أبيكِ.. لكن اعلمي أنني سأدعو عليكِ في كل صلاة.. أعرف أن مثلك لن تكترث بهذا.. لكنني أرجو أن تلاحقك اللعنة أينما حللتِ.. أن تحترقي بي كما احترقت بك.

تزم شفتيها بقوة وهي تتشبث بالقضبان بينهما مخافة أن تسقط وهي تدرك ان ذراعيه لن تتلقفاها هذه المرة..
تراه يغادر القاعة راكضاً كعاصفة فتنقل بصرها لربيع الذي رمقها بنظرة ملتاعة قبل أن يلحق به هو وأبناء عمه..
نظرة هبة الطويلة العاتبة كانت كل ما نالته منها قبل أن تغادر بدورها..

ترمق سمرا التي وقفت مرتعدة مكانها بنظرة خاوية وقد صدر لها حكم مخفف مع إيقاف التنفيذ..
فتسمح لنفسها أخيراَ بالتهاوي موقنة أن الستار قد أسدل على نهاية اللعبة في سابقة غريبة..
وقد خسر كل اللاعبين فلم يربح أحد!
=======





_وما المقابل؟!
يقولها حسام باستهانة وقبضته تطيح بسلاح أديم بخفة من يدرك أن صاحبه ليس بهذا الغباء كي يؤذيه..
فيرمقه أديم بنظرة طويلة صامتة ثم يطرق برأسه..
يقترب من فراش دينا حتى يكاد يلاصقه.. يتشبع من ملامحها بنظرة أخيرة قبل أن يغادر الغرفة بخطوات بطيئة ليلحق به حسام فيقول بترقب:
_أظنها ساعة الحقيقة يا أديم.. أم أناديك باسمك الحقيقي..يا (بِشر).
يلتفت نحوه بِشر ببعض الحدة ليردف حسام بصرامة :
_نحتاج لحديث طويل ليس هذا مكانه.
يهز له بشر رأسه وهو يتحرك ليغادرا معاً المشفى بعد تأمين مناسب ضمنه الأول، يستقلا سيارة كانت تنتظر تحت المشفى قادها بشر لمكان بعيد منعزل توقف فيه.. عيناه الخبيرتان تطوقان التفاصيل حوله باهتمام..
أصابعه السمراء القوية تنقر على مقود السيارة ببطء ليقول أخيراً :
_أيامها كنت لا أزال أعمل في جهاز الشرطة قبل أن أنتدب لعملي في جهتي الأمنية الحالية.. لم أعرف (الكوبرا) مباشرة.. لكن رسالته وصلتني عبر بعض رجاله.. التعاون لمرة واحدة فقط.. والعرض لا يمكن رفضه..
_يمكنني التخمين بأن الأمر يتعلق بابنتك..
يقولها حسام بحذر فيلتفت نحوه بشر بعينين ملتمعتين ليردف حسام بنبرة عملية لم تخلُ من تعاطف وقد مس الأمر (عقدته الخاصة) :
_جمعت بعض المعلومات عنك وتبينت حادثة اختفاء انتهت بعودتها سالمة.
يهز بشر رأسه ليقول بشرود :
_لن أهين ذكاءك بذكر تفاصيل.. الأمر كان واضحاً.. الطفلة مقابل تنفيذ أمره..
ثم تلتوي شفتاه بابتسامة بمذاق الدموع وهو يردف عبر شروده :
_اختارني لأنني كنت مشهوراً بين زملائي بشدة نزاهتي فلن يشك أحد في أمري.. اختطف الطفلة وجعلني أسمع صرخاتها المتوسلة.. الوغد أجاد اختيار نقطة ضعفي.. لم يكن اي شيء أو أي شخص في هذا العالم يجعلني أرضخ له سواها.. تعرف ما الذي يثير السخرية؟! ما الذي ينغرس كخنجر مسموم في صدري طوال هذه السنوات ؟! أنه أعادها لي سالمة لتموت اليوم التالي في حادث طريق؟! تخيل! أتوبيس المدرسة يصطدم بآخر فتموت ابنتي! هكذا ببساطة بعدما تلطخت يدي! شعرت وقتها أنه عقاب القدر لي على فعلتي.. ومن حينها وأنا أسعى خلفه بكل طاقتي..

يتنهد حسام بأسف حقيقي وهو يشعر بلوعته تنتقل إليه، لكنه يتجاوز عن هذا ليسأله بصوت متحشرج :
_وماذا كان هذا الأمر الذي احتاجك لأجله؟!
_هذا بالضبط ما قصدته ب"المقابل".. "الفلاشة" معك مقابل ما أعرفه عن الكوبرا.
يقولها بشر باختناق بدا وكأنه زاد من ظلمة ملامحه ليقول حسام بانفعال:
_أنا من أملك حق المقايضة وليس أنت!
_ما أعرفه يهمك أنت بالخصوص ولا أظن غيرك سيكون أكثر اهتماما به.
_ماذا تقصد؟!
_هذا يعني أننا اتفقنا؟!
_لم نتفق على شيء.. أنت في نظري حتى الآن مجرد خائن.. حتى لو تعاطفت معك وسلمت جدلاً أنه كانت لك دوافعك فما يجبرني على تصديقك؟!
_لو فكرت قليلاً فستدرك أنني أسعى خلفه مثلك تماماَ.. لا كمجرم فحسب.. لي معه حساب آخر.. هو أجبرني أن يكون النقطة السوداء الوحيدة في طريقي ولهذا لاحقتك أنت أول الأمر عندما رأيت في ملفك ما يشبه ما حدث معي.. ظننتنا سنصل لنفس النقطة لكنني وجدت طريقك مسدوداً.
يهتف بها بانفعال ليشيح حسام بوجهه مفكراً فيما يردف بشر :
_الفلاشة معك لا تساوي شيئاً.. لن توصلك لشيء وأظنك لست بهذه السذاجة لتدرك أن رجلاً بخطورته سيعلم عن الأمر بمجرد وصولها إلى الشرطة.. لكنها معي ستساوي الكثير.. أنا يمكنني الاستفادة من صلاحيات منصبي وتدبر الأمر على أكبر قدر من السرية.
يعود له حسام ببصره وقد بدا التوتر على ملامحه.. هل يخاطر بالأمر؟!
لن يخسر شيئاً على أي حال فالبيانات كلها منسوخة معه ولو أراد أديم إيذاءه فلن يمنعه شيء..
كما أنه لن يستفيد شيئاً من فضح أديم خاصة وهو يوقن أنه حقاً كان مجبوراً على فعلته..
_ما الذي تعنيه بالأمر الذي يخصني؟!
يبدو سؤاله وكأنه قد حسم الاتفاق بينهما ليرد أديم وهو يشيح بوجهه :
_الأمر الذي طلبه مني وقتها لم يكن هيناً.. كان يتعلق بتلفيق موت امرأة تعرضت لحادث مع أهلها منذ سنوات..
_أي امرأة؟! وماذا يخصني أنا؟! وماذا تعني بتلفيق موتها؟! ألا تزال على قيد ال..
يقطع حسام عبارته لتتسع عيناه رويداً رويداً وذكاؤه يلهمه الحقيقة قبل أن ينطق بشر بكلمة واحدة..
فيرتعد صوته وهو لا يدري كيف جذب بشر من ملابسه نحوه ليهدر بعنف :
_من هي؟!
ورغم توقعه لكن الإجابة تصفعه :
_فجر.
=======





*أحمر*
=======
_انتهت اللعبة يا أمي.. ورجعت..رجعت كما كنت.
تقولها يسرا وهي تجلس على فراش أمها، تحتضن كفها براحتيها، تحدثها رغم يقينها أنها شاردة عنها في عالم آخر، الأطباء يتحدثون عن تدهور حالتها المتوقع.. هل تتركها هي الأخرى؟!

_لا تتركيني يا أمي.. لا يكن هذا مزيداً من جزاء ذنوبي.. أنا أفلتت هذه المرة أيضاً من العقاب.. أفلتت بنفوذ الصباحي كالعادة.. تعلمين أنها المرة الأولى التي تمنيت فيها لو أعاقب أشد عقوبة.. لو ينحرون عنقي لعلي ألمح في العيون نظرة واحدة.. نظرة واحدة تشعرني أن أحدهم فقط رحمني.. كلهم رجموني بلعناتهم.. كلهم رفضوا أن يسمعوا.. حتى الذي كان يقضي لياليه بين ذراعيه يعدني كل مرة أنه سيسمع.. أخلف وعده وهو الذي لم يخلف وعداً أبداً.. ظلمني وهو الذي لم يظلم أبداً.. بخل عليّ بالشيء الوحيد الذي كنت أتسوله منه وهو الذي عهدته كريماً لا يرد سائلاً أبداً..

تنقطع كلماتها بنحيبها وهي تلقي نفسها على صدر أمها..
هي تعرف رائحة هذا العناق بالذات.. في هذا الموضع بالذات..
رائحة تزكم أنفها بمذاق الخيبة.. الفشل..
جربته طفلة وهي تعود مثقلة بشهادة دراسية..
ومراهقة تعود بسجل خساراتها..
جربته بعد طلاقها الأول من حسام..
والثاني من فهد..
والثالث من فادي..
وها هي ذي تجربه الأن من جديد..
كأنه المحطة التي يلف قطارها كل مرة ليعود إليها.. وقد تكسرت قضبانه وتآكلت عجلاته لكنه يصر كل مرة على رحلة جديدة لعل النهاية تختلف..
ولا تختلف.. لا تختلف!

_ابنتي.. يسرا.. هل رجعتِ؟!

تتمتم بها المرأة بما يبدو كالهذيان لكن حنانها الصادق كان نسمة باردة وسط الجحيم الذي تصطلي بها روحها فتمرغ وجهها في صدرها وهي تشدد من قوة عناقها هاتفة وسط شهقات بكائها :
_رجعت.. رجعت.. سامحيني أني قد تركتك.. لم تكن قسوة أو جحوداً كان خوفاً وأنتِ تعلمين.. رجعت.. رجعت خائبة ككل مرة.. ابنتك التي طرق رأسها كل جدران اليأس.. ظننت هذه المرة مختلفة.. ظننتهم أحبوني أنا.. أنا دون اسم.. لا يهم الاسم.. ماذا يهم الاسم؟! لكن.. لكن لعنة الاسم بقيت تلاحقني.. عدت يسرا وعادوا يجلدونني..

_من هم؟!
تسألها المرأة بحنان قلق في انتباه نادر لمثل حالتها لتبتسم يسرا وسط دموعها وهي تقبل كف أمها هاتفة بانفعال :
_وددت لو أحكي لك عنهم.. عن رجل تمنيته أبي.. عن فتاة تمنيتها أختي.. عن أهل تمنيتهم أهلي.. وعن رجل.. عن رجل صار أقرب إليّ من نفسي وصرتُ أبغض أهل الأرض لنفسه.
تنهار بعدها في بكاء طويل فتضمها الأم بحنو قبل أن تعود لشرودها..
تتمتم بين فينة وأخرى :
_ابنتي رجعت.. يسرا رجعت.. رجعت..
لترفع يسرا رأسها أخيراَ كأنما تلقت الكلمة بمعنى آخر..
تتجمد دموعها فجأة على وجهها..
تتوقف رعشة جسدها..
تقسو نظراتها وهي تردد بضحكة ساخرة :
_أجل.. رجعت.. لماذا لا ترجع؟! لماذا لا يرجع كل شيء؟! يرجع كل شيء ككل مرة؟!

تنهض لتغادر غرفة أمها نحو غرفتها..
تتفحص صورتها في مرآتها.. تمسح بقايا دموعها لتعتني ببشرتها وهي تدندن بلحن مبهج..
تتوجه نحو خزانة ملابسها تفتحها على مصراعيها..
تنتقي ثوباً عاري الذراعين والظهر بلون أحمر مثير تبتسم له كأنها تحدثه بلهجتها القديمة :
_يسرا الصباحي رجعت.. أرني مهارتك الليلة.. أريد أن أخطف الأبصار كلها..
ترتديه لتتفحص شكلها.. تضع المزيد من مساحيق التجميل تداري إرهاق ملامحها..
ترفع شعرها في عقصة ناعمة لتبدو استدارة كتفيها مثالية..
ترتدي حذاء بكعب عالٍ.. عالٍ جداً.. كأنها تعوض شعورها بالدونية..
تتزين ببعض الحلي الفاخرة حتى تصطدم عيناها بإصبعها الخالي من دبلته..
تتذكر مشهدها وهو يطيح بها لتطير في الهواء..
تراها تجدها يوماً؟!
لا.. ضاعت.. ضاعت مثلها تماماً.


تنتقي أفخم خاتم ماسي تملكه لتضعه في ذاك الإصبع لكن قلبها الخائن يخذلها في اللحظة الأخيرة فتطيح به بملء ذراعها كما فعل هو بدبلتها..
لا يليق بإصبع حمل خاتم ملكيته أن يحمل بعده آخر!

ترمق صورتها في المرآة بنظرة طويلة..
من هذه؟!
هذه يسرا.. يسرا التي يعرفها الجميع..
والتي ظنت أنها ستهرب منها!
تشعر ببعض الذنب وهي ترفع وجهها لأعلى لكن شيطانها يجعلها تصرخ بانفعال:
_كانوا أول الكاذبين.. كانوا أول المنافقين..كانوا يتحدثون عن التوبة وهم أول من أنكروها عليّ..كانوا يتحدثون عن العفو وهم اول من أغلقوا الباب في وجهي.. كلهم رفضوني.. كل صلواتي لم تشفع.. ما دامت النهاية هي هي فلماذا كان كل هذا العذاب؟! حسناً.. أنا سلمت.. سلمت أنني لن أتغير مهما دفعت من ثمن .. يسرا رجعت.. رجعت.. رجعت لكل شيء.

صراخها يتحول لضحكة هستيرية وهي تمنح صورتها في المرآة قبلة طائرة قبل أن تغادر غرفتها نحو الدرج المؤدي للأسفل في طريقها للخروج نحو النادي..
ستعود للشلة القديمة.. هذه المرة لديها أكثر الحكايات إثارة..
فمرحباً بالعودة للضلال القديم..!
ترمق الدرج من أعلى بخيلاء وهي تنظر لمرآة قريبة..
ستكون صورتها هذه حديث الناس لأيام..
ستعود لتكون مركز الحكايا.. ومن يدري ربما عثرت على لعبة أخرى أكثر إمتاعاً.. وأكثر فلاحاً!


(أحسِب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتَنون)

رعدة!

رعدة تسري في جسدها وعنقها يلتفت بحدة كادت تخلعه من مكانه مع الصوت العذب الذي انساب بالتلاوة..
يكررها مرة تلو مرة..
نفس الصوت الذي كان ينبعث من إذاعة القرآن الكريم بذاك المذياع القديم ببيت هبة..
خطواتها تنسحب مسحورة نحو مصدر الصوت الذي يتكرر كانه رسالة لها وحدها..
تتوجه نحو المطبخ القريب حيث يزداد الصوت علواً..

_آسفة يا (هانم).. الخادمة الجديدة هي من تعلي الصوت هكذا.. سأجعلها..

لا تسمع المزيد من صوت كوثر ولا تزال خطواتها تنسحب نحو المذياع الموضوع على طاولة قريبة..
تتلمسه أناملها كأن قدميها الملطختين بالوحل تطاردان وسط المطر أطياف (قوس قزح)!


ورغم أن الشيخ ينتقل بالتلاوة لآية تالية لكنها تبقى وحدها تدوي في أذنها.. بل في روحها..
تراها أخطأت الفهم؟!
لم تكن عقوبة.. بل ابتلاء!

مرآة جديدة.. بصورة جديدة..!!
لا تدري كيف صارت فجأة في الحمام المجاور..
قطرات الماء النقية تغسل وجهها وتزيح عنه أثر مساحيقه..
برودة الماء تطفئ الكثير من هذا اللهب المستعر داخلها..
تتوضأ..
تتوضأ..
تتوضأ..
تعيد الوضوء كل مرة كأنها تريد المزيد من التطهر..
هذه المرة لم تكترث بالإصبع الذي خلا من دبلته..
بالبطن الذي خلا من ابنه..
بالجسد الذي أضاع حقه فيه..
كفاها أنه ترك لها هذا القبس بروحها..
قبساً ستحرص ألا ينطفئ.. كي لا تنطفئ..
قبساً من الإيمان هو وحده ما يصلها بالسماء!

ترتدي حجابها كاملاً وهي تستقبل القبلة لتصلي الصلاة التي هجرتها بعد الحادث..
ربما لم تفهم الحكمة بعد.. لكنها فهمت الغاية..
ربما خسرتهم هم.. لكنها لن تخسر نفسها..
ربما لن يعودوا.. لكنها هي ستعود.. لن تعود يسرا ولن تعود سمرا.. بل ستعود لتعيش في (يسرا) كل الذي أحبته في (سمرا).

هذه المرة كان للسجود طعم آخر..
لم تعد تراه طريقاً للستر.. بل لصاحب الستر.. الستير..
لم تعد تراه طريقاً للود.. بل لصاحب الود.. الودود..
لم تعد تراه طريقاً للمغفرة.. بل لصاحب المغفرة.. الغفور..
لم تعد ترى نفسها.. ولا الناس.. بل رب الناس.

_ اجعلها خالصة لك.. لله.. لله رب العالمين.. توبة لا ترد.. تكون لي نوراً في الدنيا والآخرة.. ثبتني كي لا أعود..

تتمتم بها في سجودها فتعود!
تعود نفس القناديل المضيئة التي تلتمع وسط دموعها فيرتجف لها جسدها..
تختم صلاتها وهي ترفع رأسها لأعلى بابتسامة..
ابتسامة حقيقية هذه المرة..
هاقد تحرر كتفها من وزر الكذب.. الغش.. الخداع..
الآن تعود حيث يجب أن تعود..
تعود لأنها تريد أن تعود..

_سيدتي.. أحدهم يطلب رؤيتك.

تقولها كوثر وهي تتطلع إليها مشفقة من حالها الغريب فتهز رأسها وهي تنهض..
فتتنحنح كوثر لتسألها بتردد :
_ستقابلينه هكذا ؟!
تقولها مشيرة لجلباب يسرا الواسع وحجابها بشكله المناقض لهيئتها المعهودة هنا..
فتبتسم يسرا دون رد وهي تتجاوزها لتتحرك نحو بهو الفيللا..
ولم تكد تميز هيئة الزائر حتى شعرت بالدماء تضخ حارة بين عروقها..
تندفع راكضة نحوه لتلقي نفسها بين ذراعيه كمن ردت إليها الحياة هاتفة بلهفة :
_أبي.
=======


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-22, 01:22 PM   #3332

مريم ابو السعود

? العضوٌ??? » 477851
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » مريم ابو السعود is on a distinguished road
افتراضي

وعادت يسرا ربيع الصباحي كما توقعت ❤👏.. شكرا ل إبداعك اللا محدود 🌹🌹🌹

مريم ابو السعود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-22, 02:35 PM   #3333

شيرين الفاتح

? العضوٌ??? » 473676
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 72
?  نُقآطِيْ » شيرين الفاتح is on a distinguished road
افتراضي

جميييل جمييييل جمييييييييل... حبيت يسرا جداااا جدا في المشهد فرحت بعدم رجوعها لضلالها حبيتها اوي.
اديم زعلت اوي علي اللي جراله.. لسه امبارح بقول العبارة دي.. للحقيقه وجه اخر.. مش كل الظاهر هو الوجه الوحيد للحقيقة ساعات الوجه الاخر للحقيقة يكون الاكثر صدقا واكثر حقا من الوجه الظاهر.. عاجبني جدا تطور الشخصيات وتحولهم من حال لحال.. وعدم ارتدادهم للخلف.. حبيبتي نيمو تسلمي ويسلم قلمك❤️❤️❤️


شيرين الفاتح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-22, 03:20 PM   #3334

Mrmr8822

? العضوٌ??? » 408330
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 28
?  نُقآطِيْ » Mrmr8822 is on a distinguished road
افتراضي

الله يا نيمو تسلم ايدك ابدعتى الفصل روعة
يسرا بدأت تلاقى نفسها والحقائق بدأت تبان


Mrmr8822 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-22, 03:54 PM   #3335

منةالله ياسر

? العضوٌ??? » 485562
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 11
?  نُقآطِيْ » منةالله ياسر is on a distinguished road
افتراضي

جميلة اوووووى وكل فصل احلى من قبله وفعلا الرواية رائعة 💐💐💐

منةالله ياسر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-22, 04:15 PM   #3336

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

ابى الله على حمال الكلمه وقت الشده

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-22, 05:05 PM   #3337

Um-ali

? العضوٌ??? » 456412
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 172
?  نُقآطِيْ » Um-ali is on a distinguished road
افتراضي

ابدعتي استاذتي الغالية مشهد يسرى بعد سماع الآية و ما تلاها روعة سبحان الله اذا اراد ان يرجع عبده له يجعل قلبه متلهف و منفتح و لعل مجئ ربيع اليها يكون بداية الفرح

Um-ali غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-22, 05:22 PM   #3338

ماماسماح

? العضوٌ??? » 495260
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » ماماسماح is on a distinguished road
افتراضي

جميل جميل جميل نيموو تسلم ايدك حبيبتي فصل رائع كالعادة

ماماسماح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-22, 05:45 PM   #3339

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع سلمت يداك

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-01-22, 06:02 PM   #3340

هاديةضاهر

? العضوٌ??? » 475412
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 99
?  نُقآطِيْ » هاديةضاهر is on a distinguished road
افتراضي

يا الله ع مشهد يسرا مبهر عنجد مع كل حرف كان قلبي عم يدق يدق وكأنه صراعي مع نفسي ،وكأني أبحث عني… رائع 🤩🤩

هاديةضاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:47 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.