آخر 10 مشاركات
قلبي فداك (14) للكاتبة: Maggie Cox *كاملة+روبط* (الكاتـب : monaaa - )           »          عذراء فالينتي (135) للكاتبة:Maisey Yates(الجزء 3 سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          عشيقة ديسانتيس (134) للكاتبة: Maisey Yates (الجزء 2 من سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          طيف الأحلام (18) للكاتبة: Sara Craven *كاملة+روابط* (الكاتـب : nano 2009 - )           »          المتسابقة الأولى بمسابقة قصة من وحى أغنية "همس حائر" وقصتها آه يا حب (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عروس أكوستا (133) للكاتبة:Maisey Yates (الجزء الأول من سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-01-18, 08:41 PM   #1

محمد حمدي غانم

أديب وشاعر مصري


? العضوٌ??? » 209474
?  التسِجيلٌ » Nov 2011
? مشَارَ?اتْي » 773
?  نُقآطِيْ » محمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond repute
افتراضي حائرة في الحب * مميزة ومكتملة *






هل الحُبُّ اسْتكانة؟
اسْتكانةٌ أمْ سكينة؟
قارِبٌ مِن ورقٍ مُفضَّضٍ لا يَسْأَلُ التّيارَ عن اتّجاهِه، أم حُلْمٌ بلا نهاية، والحُلْمُ وقْتُه النّوم، والنّائمُ في ملكوتٍ آخر، تتحكّمُ فيه قوانينُ أُخَر؟
ما بين العقل والقلب، هل ستظل سماح حائرة في الحب؟


مذكراتي: حائرة في الحبّ
رواية رومانسية تعالج بعض القضايا العاطفية والفكرية في حياة الشباب في سن الجامعة.

كتبت في الفترة من يونيو 1997
إلى أكتوبر 2000

بقلم:
محمد حمدي غانم




روابط الفصول

المقدمة .. اعلاه
الفصل الاول والثاني .. في نفس الصفحة
الفصل الثالث والفصل الرابع ج1
الفصل الرابع ج2

الفصل الرابع ج3
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السايع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشرالأخير

ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 10-03-18 الساعة 01:55 PM
محمد حمدي غانم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-01-18, 08:42 PM   #2

محمد حمدي غانم

أديب وشاعر مصري


? العضوٌ??? » 209474
?  التسِجيلٌ » Nov 2011
? مشَارَ?اتْي » 773
?  نُقآطِيْ » محمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond repute
افتراضي

1 - بـدأ يهتـمُّ بـي
----------------------------------
تأمّلتُ صورتي في المرآة، والنّومُ ما زالَ يتعلّقُ بأهْدابي.
وهي تأمّلتْني من بينِ إسبالةِ رموشها بتراخٍ، وابتسامةٌ حالمةٌ تُزيّنُ شفتيها!
هي أيْضًا سعيدةٌ مثلي..
ذلك الإحْساسُ اللّذيذُ في أعْماقي تسرّبَ إلى سطْحِ المرآة، وصبغَ كلَّ شيءٍ بلونِ الزهورِ، ورقْصِ الفراشاتِ، وترنيمِ الغُدْران.
*****
بالأمسِ أحْسسْتُ في صوتِهِ دفئًا مَسّني.
نظراتُه أيضا لمْ تكنْ عاديّة.. كانت تشْملُني كلّي في حنانٍ رقيقٍ وأناقةٍ رائعة.
أحْسسْتُ أنّه يريدُ أنْ يمْتصَّني بعينيه، ليُخبّئَني تحتَ رموشِه عن كلِّ البشر، ويُرِيَني الممالكَ المسحورةَ الّتي أقامَها لي في قلبِه، ويحكيَ لي كلَّ الأساطيرِ البرّاقةِ الّتي جمعَها عنّي.
كلُّ كلماتِه كانت تؤكّدُ ذلك.. كلُّ حركاتِه.. كلُّ سَكَناتِه.
إنّها أجملُ ليلةِ رأسِ سنةٍ عِشْتُها في حياتي.
لا أكادُ أصدّق.
*****
لا لا.. تلك اللحظاتُ أجلُّ من أن أدوّنَ عنها خواطري فحسْب.. يجبُ أنْ أكتبَ كلَّ ما مرَّ بي لحظةً بلحظة، حتّى لا تسقطَ إحدى جواهرِها سَهْوًا في غياهبِ ذاكرتي.. (أَجْزمُ أنَّ هذا مستحيل!).
*****

في آخرِ نهارٍ للعامِ الفائت، كُنْتُ أجْلسُ و(رانيا) على بعضِ درجاتِ مدخلِ كلّيّةِ (الإعلام)، نقضي الفترةَ بينَ المُحاضَرتينِ الأولى والثانيةِ في ثرثرةٍ متّصلة، ونسْتمتعُ بالشمسِ الدافئة، ومشهدِ الطلبةِ والطالباتِ وما يمكنُ أن نتندّرَ به عليهم.
نتغامزُ عندما يمرُّ طالبٌ وطالبةٌ ذابتْ يداهُما في حُبّ، وهما يَسيرانِ لا يَشْعرانِ بالدنيا من حولِهما.
نتضاحكُ من منظرِ الفتياتِ المُتنقّبات، اللاتي لا يظْهرُ من أرديتِهنّ السودِ شيءٌ إلا عيونُهنّ، وهنّ يَسِرْنَ تجاهَ كلّيّةِ القرونِ السّحيقة: (دارِ علوم اللغة العربية)، أو ـ كما يُسمّونَها اختصارا ـ كليّةِ (دار العلوم) ـ القريبةِ من كلّيتِنا، والتي تُمثّلُ لِثُلَّتِنا موضوعَ تندُّرٍ كبير، خاصّةً أنّ غالبيّةَ طالباتِها يُصْرِرْنَ على أنْظمةٍ عجيبةٍ من الأزياء، لا تكْشفُ إلا عن وجوهِهنّ وأيديهنّ، ما بينَ لابسةِ نقابٍ، ولابسةِ خمارٍ، وما دونَه.
وهو شيءٌ ليس عجيبًا على كلّيّةٍ لا تُدرّسُ إلا النّصوصَ السحيقةَ من الأدب، وأغلبُ طالباتِها من الفلاحاتِ اللاتي نتراهنُ دَوما أنّهنّ لم يسْمعْنَ إطلاقًا عن شيءٍ اسمُه (الموضةُ) أو الأناقةُ أو خلافِه[1].
في مثْلِ هذا وفي غيرِه كنا (نتناقش)، حينما لكزتْني (رانيا) في انفعالٍ وهي تهمسُ في أذني:
- (سماح) الْحقي: لقد جاءَ (إياد).. هو ذا يَركنُ سيارتَه بجوارِ سورِ الجامعة.. آه.. يا لها مِن سيّارة!
اشْتعلتْ نبضاتُ قلبي، والْتفتُّ كالبرقِ إلى حيثُ أشارَتْ، فرأيتُه يغادرُ سيّارتَه في منتهى أناقتِه ورشاقتِه، وابتسامتِه الّتي لا تُفارقُ شفتيه، فأحْسَسْتُ بنيرانٍ مُتوهّجةٍ تَرتعُ في وجْنتيّ، وهمسْتُ تقريبًا بلا صوتْ:
- (إياد)!
همسَتْ (رانيا) بصوتٍ ضاحك:
- (سماح) تماسكي أرجوك.. لا تُصيبَنّكِ هذه البلادةُ كلَّما وقعَ بصرُكِ عليه!
- إنّه قادمٌ نحوَنا.
- بالتأكيد.. وهو يفعلُ هذا كلَّ يومٍ تقريبًا!
- (رانيا).. هل شكْلي على ما يُرام؟.. هل أبدو مقبولة؟
- بل تبدينَ ساحرة.. رغمَ أنّي مللْتُ هذا السّؤال!.. [ثمّ همسَتْ] احترسي.. لقد اقتربَ كثيرًا.
رَضَبْتُ رَوَالي[2] في ارتباك، ولمْ أجْرؤْ على الالتفات، وقلبي يزعقُ طالبًا الرّحمةَ من عنْفِ نبضاتِه.
ورنَّ صوتُه الرّخيمُ في أذني وقلبي ورُوحي ودنيايَ، وهو يُحيّينا:
- هاي.. كيف أصْبحْتُما؟.. أين باقي أفرادِ الثُّلَّة؟
اخْتلسْتُ نظْرةً فوجدْتُه يترصّدُني، فهَربْتُ منه سريعًا، و(رانيا) تُجيبُه:
- (سوزي) لم تَحْضُرْ، و(رشيد) و(صفاء) و(فكري) في زيارةٍ لأصْدقائِنا في كلّيّةِ التجارة، و(أحلام) مشْغولةٌ بنقلِ بعْضِ المحاضرات.. [و ضحكَتْ بسُخْرية] أمّا (كريم)، فلا بدَّ أنّه يقرأُ كتابًا هنا أو هناك.
- (كريم) هذا أغْربُ شخْصٍ في ثُلَّتِنا.. أحْيانًا أشْعرُ أنّه يحْتقرُنا، ويظنُّ نَفْسَه ـ ببعضِ التّفاهاتِ التي يقْرؤها ـ أذكى منّا.. كم أتعجّبُ: لماذا ينْضمُّ إلينا إذا كان يَزْدرينا؟
- رُبّما يُسْعدُه أنْ يَجدَ مَنْ يَسْتطيعُ ازدراءَه.. أَه.. لماذا لمْ تجْلسْ إلى الآن؟
- هذا إذا سَمَحَتِ الآنسةُ (سماح).
- عجبًا!.. لماذا هذه الرّسْميّاتُ العجيبة: (سَمَحَتْ).. (الآنسة)؟.. منذُ متى ظهرتْ هذه الفواصل؟
- [هزّ كتفيْه]: حقيقةً أُحسُّ منذُ فترةٍ أنَّ الـ.. الآنسةَ (سماح) تشْعُرُ بالتّضايُقِ في وجودي.
قُلْتُ باسْتنكار:
- أنا؟
- هذا ما أشْعرُ به، فأنتِ تَتَحَرَّدينَ بنفْسِكِ عن النّقاشِ حينما آتي: تكتفينَ بالصّمْتِ وتَشْردينَ بعيدا.. هل دَمِي ثقيلٌ إلى هذه الدّرجة؟
- على العكْسِ تمامًا.. حديثُكَ شيِّقٌ جدّا ولكنْ...
- [وهو ينْظرُ في عينيَّ مُباشرةً]: ولكنْ ماذا؟
سَحرَتْني نظْرتُه، فتوقّفَ عقلي كلّيّةً عن التفكير، وبلا إرادةٍ انْزلقْتُ في عينيه، واثقةً أنّه قد قرأ على ملامحي كلَّ ما في قلبي تجاهَه.
- [مُبْتسمًا]: لكنْ ماذا؟
وأزاح يدي من يدِ (رانيا)، وأشار لها لِتُفْسحَ قليلا، فجلسَ بينَنا، وما زالت يدي في يدِه.
- علي كُلٍّ سأتأكّدُ من الأمرِ بطريقتي الخاصّة.. ما رأيُكِ يا (سماح) أن أصْطحبَكِ و(رانيا) لقضاءِ سهرةِ الليلةِ في مكانٍ تختاران؟.. أمْ أنَّ لديكما خُططَكما الخاصّةَ لرأسِ هذه السّنة؟
قالت (رانيا) بسرعة:
- أنا عنْ نفسي خاليةٌ بعدُ من أيِّ ارتباط.
- جميل.. [وضغطَ كفّي في يدِه] وأنْتِ؟
ارتعدْتُ مع ضغْطتِه، وانْتفضْتُ قائلةً:
- أنا؟.. أنا... أنا أيْضًا لستُ مُرتبطة.
- هل يعْني هذا القبول؟
قَوِيتُ لأسْحبَ كفّي من كفّه أخيرًا، ووجدْتُني أُحيطُها بأصابعِ يدي الأخْرى، كأنّما أخْشى أن تضيعَ حرارةُ أصابعِه منها سُدى، وغمْغمْت:
- إن شاءَ الله [3].
- رائع.. هذه فرصةٌ طيّبةٌ لكي أُعرّفَكما بأخي (شادي) وأُخْتي (وفاء).. أينَ تُفضّلانِ قضاءَ سهْرَتَيْكما؟
قالتْ (رانيا) بسرعة:
- سنترُكُ لكَ اخْتيارَ المكانِ الذي تشاء.
سألني باهتمام:
- هل يُوافقُكِ هذا؟
أوْمأْتُ برأْسي في صمْت، وأنا أنْظرُ في عينيه دونَ أن أُحاولَ إخفاءَ خردلةِ سعادةٍ واحدةً عن وجْهي.
*****

هل الحُبُّ اسْتكانة؟
اسْتكانةٌ أمْ سكينة؟
قارِبٌ مِن ورقٍ مُفضَّضٍ لا يَسْأَلُ التّيارَ عن اتّجاهِه، أم حُلْمٌ بلا نهاية، والحُلْمُ وقْتُه النّوم، والنّائمُ في ملكوتٍ آخر، تتحكّمُ فيه قوانينُ أُخَر؟
ماذا فعلَ بي هذا الفتى؟.. كيف أكونُ أمامَه هكذا بلا حولٍ ولا قوّة؟
لا يَهمُّني.. أليستْ مُتْعةُ الدنيا كلِّها، أنْ تكوني في حمايةِ شخْصٍ تثقينَ به، بجوارِه تخلعينَ عنكِ الدنيا: همومَها وحَذَرَها وشكوكَها؟
أن تجدي مَن يحْملُ عنكِ عناءَك، ويمْنَحُكِ البهجةَ والتحليق؟
لي هو (إياد)، في حَضْرتِه أعْجزُ عنْ مُصانعةِ مَنْ حولي الكلامَ والمَرَح.. هو موجودٌ: إذن يكفي.. إذن فما معنى العقلِ، الكلامِ، المرحِ الزائفِ، التفاهات؟
فقط العينُ والأُذنُ والقلب، وكلُّ الإحْساسِ مُسَخَّرٌ للتفاعلِ مع ما تعيشُه.
لماذا أشغلُ ذِهني؟.. أحبُّه وهذا يكفيني.
*****

كنتُ سعيدة.. سعيدةً كأنّي تزوّجْتُه!
إنها أوّلُ مرّةٍ يهتمُّ بي فيها بمثلِ هذا الشّكل.. هل أخيرًا لاحظَ اهْتمامي به؟
اهتمامي؟.. (يَعْ)!.. ما أسْخفَه مِنْ لفظ!
الاهتمامُ مصطلحٌ هزيلٌ، مُصابٌ بأنيميا المَعاني، بجوارِ شعوري به.
أنا أعشقُه، أتمنّاه، أعيشُه.. إنّني...
طردتْني (رانيا) من جنّةِ أفكاري، حينما قالتْ في مَكر:
- هاه .. ماذا بعْدُ يا (سماح) (هانم)؟.. لي نصْفُ ساعةٍ أنتظرُ منكِ كلامًا، وأنتِ تكتفينَ بالصّمْتِ والشرودِ والبسْمةِ الحالمةِ هؤلاء.. هل ضيَّعْتِ لي مُحاضرتي ـ ونحنُ على شفا حُفرةٍ من الامتحانات ـ لأجلِ أنْ تربطيني هكذا بجوارِكِ بلا فائدة؟
انْتبهْتُ إلى أنّنا نجلسُ معًا، فوقَ أحدِ المُسطّحاتِ الخضراءِ في حرمِ الجامعة، ونظرتُ لأجدَ نظرةً في عينيها مكّارة، فابْتسمْتُ وسألتُها:
- لماذا تنظرينَ إليَّ هكذا؟.. ههْ؟.. [وتنهدتُ بنشوة] إيهِ يا (رانيا)!.. لقد اهتمَّ بي أخيرًا.. أخيرًا نجحْتُ في اسْتخْلاصِه مِن مُسْتنقعِ (صفاء) اللَّزج.
- [بحذر]: أنا أرى هذا استنتاجًا سابقًا لأوانِه.
- [بهُيام]: ولكنّه أمْسكَ راحتي في راحتِه.. ألَمْ تلاحظي ذلك؟.. ألَمْ تلاحظي نظراتِ عينيه وطريقَةَ كلامِه؟.. كان مُخْتَلفًا هذه المرّةَ بالتأكيد.
- وهو ما يُرْبكُني!.. هذا ما كنّا نبْغي ولكنْ!.. المجموعةُ كلُّها لاحظَتِ اهتمامَه الجمَّ بـ (صفاء) وانسجامَهما معا.. ما سرُّ هذا التحوّلِ المفاجئِ إذن؟.. لم نسمعْ حتّى عنْ قطيعةٍ بينَهما أو ما شابه!
- [في اسْترخاء]: هذا ما يبْعثُ على الطمأنينة.. على الأقلِّ نثقُ أنّه لا يستخدمُني كوسيلةٍ لإذكاءِ غَيْرَتِها.. لا بدَّ أنّه ملَّ مِن جمالِها المُصْطنع.. أنتِ تعرفينَ كيف تُلطِّخُ وجْهَها بالمساحيقِ والأصْباغ، ناهيكِ عنْ ملابِسها القصيرةِ والضّيّقةِ واللاصقة، وطرِيقتِها السّخيفةِ في الكلام، وضحكاتِها الخليعةِ و...
- [ضاحكةً]: مهلا مهلا.. أنْتِ تُبالغينَ في إهانةِ (صفاء)، بدرجةٍ تدلُّ على شدّةِ غَيْرتِكِ منها.
- [عقدْتُ حاجبيَّ في غضب]: أنا لا أُبالغ.. هذه هي الحقيقة.
- الحقيقة؟!!.. تدّعينَ أنّها غيرُ جميلة، وأنّ طريقةَ لبسِها وزينَتَها هما فقط سرُّ جاذبيّتِها، وتقولينَ إنّكِ لا تُبالغين؟.. آهٍ منكِ يا (سماح)!
- [في حدّة]: جميلةٌ أو غيرُ جميلة.. ماذا يعْنيني مِن أمرِها؟.. أرجوكِ لا تُضيّعي نشوَةَ اللّحظاتِ مِن وجداني، بكلامٍ غيرِ ذي جدوى.
- حسنًا حسنا.. لا داعي لكلِّ هذا العُنْف.. دعينا مِنها الآن.. [وأضافت بعمق] ولكنْ كوني حَذِرةً أيْ (سماح).. هذا فقط ما أنصحُكِ به.
*****

قُلْتُ لـ (رانيا) قبل أن نَفْترق:
- سأنْتظرُكِ في السّادسة.. لا تتأخّري.
قالَتْ بتعجّبٍ وارتباك:
- ولماذا هذا التّبكير؟.. ألنْ يأتيَ لأخذِنا في التّاسعة؟
- [بمكْر]: ربّما لأنّي أعملُ على إرضائِك!
- [بابتسامةٍ خَجْلَى]: ماذا... تقصدينَ بالضّبط؟
- ها ها.. أقْصدُ (رفيق) بالطّبع.. أتُنْكرينَ أنّكِ تشْتاقينَ لرُؤْيتِه؟!
لمْ تُحِرْ جوابًا، وهي تَشْخَصُ في نَظْرةٍ حالمة، فقلْتُ أُداعِبُها:
- لا بأس.. إذا كان وجودُه يُربكُك، فسأطلبُ منه مغادرةَ المنزلِ قبل مجيئِِك.
- [أنغضَتْ رَأْسَها وضيّقتْ عينيها]: أيّتُها الشّريرة!.. أهكذا تَتَّخذينَ من أقْربِ صديقاتِكِ مادّةً للسّخريةِ والتّندُّر؟.. أهذا جزائي أنْ بُحْتُ لكِ بسرّي؟
- [في أسفٍ مُصْطنع]: يا خَسارَة!.. لمْ يَعُدْ سرّا!
اتّسعَتْ عيناها، وخشعَتْ أنفاسُها، وسألتْني بتهيُّب:
- ماذا تَعْ.. تعنين؟
- [بلا مبالاة، وأنا أهزُّ كتفيّ]: للأسف: لقد انفلتَ عيارُ لساني، وأصابَ أذنَيْ أخي (رفيق) مُباشرةً.
أَطلَقَتْ صيحةً خافتة، واحمرّ وجهُها احمرارًا، وضربَتْني في كتفي ضربةً خفيفة، وهي تهتف:
- فَعَلْتِها؟!.. هل فَعَلْتِها يا (سماح)؟!.. ألمْ تعديني بالكتمانِ حتّى اللحظةِ المُناسبة؟
- سَلَّمْتِ القطَّ مِفتاحَ القلبِ الغافل!.. [وعلّقتُ حقيبتي على كتفي] المُهمّ: لا تَنْسَيْ مِيعادَنا.. السّادسةَ بالضّبط.. لا بدَّ أنْ آخذَ رأيَكِ في زينتي وفستاني الجديد.. [وفي رنّةِ إصرار] سأُبهرُه الليلةَ إبهارا.
- [وما زالتْ مُرتبكة]: كُنْتِ تتحدّثينَ عن وسائلِ (صفاء) في الإبهارِ منذُ لحظاتٍ بطريقةٍ مُختلفة!
- أه.. فيما بعدُ فيما بعد.. سأفْرَغُ لسَفْسَطَتِكِ بالتأكيدِ يومًا ما.
وأسْرعْتُ أبْتعد، فَهَتَفَتْ في لهفةٍ يُعرقلُها شيءٌ من الخجلِ والتّردُّد:
- (سماح): إلى أين؟.. لمْ تُخبريني ماذا حدثَ بعدَ أنْ أخْبرْتِه؟
- [وأنا أُطلقُ ضحكةً عابثة]: سأحكي لكِ إذا جئْتِ في السّادسةِ بالضبط.. حاولي ألا تتأخّري، فأخي (رفيق) سينْتظرُكْ.
لمحْتُ وجْهَها (مَخطوفًا)، فأردفْتُ ضحكةً أخرى، وابتعدْتُ وأنا أفكّرُ فيما أنا مُقدمةٌ عليه.

هوامش الفصل الأول:
-----------------------
[1] كلّ رأي بهذه الرواية خاصّ بقائله ولا يشترطُ أن أوافق عليه.. وعلى كلّ أن يتعب قليلا قبل أن يقتنع بأي رأي.. هذا تحذيرٌ سريع من اعتناق الأفكار الجاهزة بلا وعي!
[2] رَضَبَ رَوَالَه = ازدرد لُعابَه: ابْتلعَ ريقَه.
[3] صارت التعبيرات التي تحوي لفظ الجلالة مفرّغة من معانيها عند أكثرِ الناس، كأنّها مجرّد عباراتٍ اعتياديّة تُقالُ بَدَدا، فالرّاقصة تنْسبُ نجاحها إلى [توفيقِ اللّه]، والممثّلة [تحمدُ الله] على تسديد خُطاها في فيلمها الفاجر الأخير، واللّصّ يدعو الله أن [يسْترَها معه]!.. إلخ.. بل إن كتاب الأغاني صاروا يفرطون في ذكر لفظ الجلالة في أغانيهم، التي ترقص عليها الفاجرات في تصوير الفيديو!



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 29-01-18 الساعة 07:53 PM
محمد حمدي غانم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 04:01 PM   #3

محمد حمدي غانم

أديب وشاعر مصري


? العضوٌ??? » 209474
?  التسِجيلٌ » Nov 2011
? مشَارَ?اتْي » 773
?  نُقآطِيْ » محمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond repute
افتراضي

2 ـ الأحمقان

عُدْتُ إلى المنزلِ ولمْ أحطَّ إلى الأرضِ بعد.
كلّمني برقّة.. سيصْطحبُني في سهرة.. هذا الوسيمُ الذي تَحْفى فتياتُ الجامعةِ قاطبةً كي يَحْظَيْنَ بنظرةٍ عابرةٍ منه.
أعترفُ أنّي في البدايةِ كنتُ أحاولُ جذبَ انْتباهِه، حتّى أُثْبتَ لنفْسي وللجميعِ أنّي أجْدرُ من (صفاء) به: أجملُ وأكثرُ جاذبيّةً وذكاءً!
الغَيْرة؟.. أعترف!
ولكنَّ التّبدُّلَ الذي اعتراني كانَ أكْبرَ دليلٍ على صدقِ مشاعري:
خفقاتُ قلبي.. متاهةُ مشاعري.. حينما أراهُ لا أقْوى على الحركة، ولا على الكلام، ولا على التّظاهُر!
معه ـ لأوّلِ مرّةٍ في عُمْري كُلِّه ـ عَرَفْتُ كيف تخجلُ الفتاة.. كيف يحمرُّ خدّاها، وكيف لا تريدُ من الدنيا سوى وجودِه حَولَها.
آهِ كم أتمنّى أنْ يكونَ لي.. أنْ أكونَ له.. أنْ يمْتلِكَني، ويُفْرِدَ لي كلَّ أرففِ قلبِه وحياتِه.
يا كَرارِ كُرِّيه، ويا هَمْرَةُ اهْمِرِيهِ، إِن أقْبَلَ فَسُرِّيهِ، وإن أدْبَرَ فَضُرِّيهِ[1].
لا.. لا تضرّيه، لأنّني أحيا فيه.
*****


وجدْتُ (كريم) بالمنزل.. دعاه (رفيق) للغداءِ معنا.
قرّرْتُ أن أصافحَه في عُجالة، وأعتذرَ بإرهاقي لأَخْلُدَ إلى نومي.
تحرّكْتُ تجاهَ غرفةِ (رفيق)، وأنا أحلمُ باللّحظةِ التي سأسْتلقي فها في فِراشي، لأغوصَ في بحرِ أحْلامي، أُنقِّبُ بينَ أصْدافِ خيالاتي، عنْ لآلئِ أوقاتٍ سعيدة، عشْناها أنا و(إياد) معا، أو سنعيشُها معا، أو حتّّّى لا يُمْكنُ وجودُها على أرضِ الواقع.
حتَّى لقد طرَقْتُ البابَ شاردةً، ليُنبّهني صوتُ (رفيق) يأذنُ لي بالدّخول، ففعلتُ مُتمْتمة:
- مساءُ الخيْر.. مرحبا يا (كريم).
اسْترخى (رفيق) مُلقيًا ظهرَه على الفِراش، وهو يُتمتمُ في ضجرٍ تمثيليّ:
- آه.. حضرَ هادمُ اللذاتِ ومُفرَّقُ الجماعات!
أمّا (كريم)، فقد نهضَ لاسْتقبالي.
لاحظْتُ أنه رصدني بنظرةٍ واحدة سريعة: (البنطلونَ الجينزَ) الأسود، بحزامِه الفضّيِّ العريض، والقميصَ الأبيضَ قصيرَ الأكمامِ الذي حشوتُه به، والسلسلةَ الذّهبيةَ حولَ نحري، وشَعْري المُسْترسلَ وراءَ ظهري، تَنْسدلُ منه خُصْلتانِ صغيرتانِ على جانبَيْ جبيني.
رصدَ كلَّ ذلكَ في ثانيةٍ واحدة، وبنظْرةٍ جامدةٍ لا تحْملُ الإعجابَ الذي تعودّتُ أن يُضيءَ عيونَ كلِّ مَنْ يَراني، قبلَ أنْ يقول:
- مرحبًا يا (سماح).. لماذا لمْ تحْضري المحاضرةَ الأخيرةَ اليوم؟
- [بصوتٍ يُبْدي الإرهاق]: آه.. لمْ أقْوَ في الواقعِ يا (كريم).. ثمّ البركةُ فيكَ وفي نقلِكَ الجيّدِ للمحاضرات.
- بالطبع يُسْعدُني أنْ أُسديَ إليكِ هذه الخدْمة، فأنتِ لا تنقلينَ أيَّ محاضرة، حتّى وإنْ حضَرْتِها!
تمْتمْتُ بعبارةٍ ما، قبلَ أنْ أقولَ مُغيِّرةً مجْرى الحديث:
- كان بِوُدِّي أنْ أمْكثَ معكَ فَتْرةً أطولَ يا (كريم)، ولكنّي مُرهقةٌ وسأخْلُدُ إلى النّومِ الآ...
قفز (رفيق) من فِراشِه إلى الأرضِ واقفًا مُباشرةً وهو يَهتف:
- إلى أين؟.. أدخولُ حُجْرتي كالخروجِ منها؟.. وقّعي هنا بالموافقةِ أوّلا.
- أوافقُ على ماذا؟
قال بطريقةِ قائدٍ عسْكريٍّ، وأماراتُ الصرامةِ على وجْهِه، وبصوتٍ فخيم:
- قرارٌ عسكريٌ لنهايةِ هذا العام.. أصدرَ الصديقُ العامُّ (كريم شاكر) مرسومًـا مَلَكيًّا يَقْضي باصْطحابِنا في رحْلةٍ نيليّةٍ هـادئة.. وعليه، فقد صدرتْ إليكِ الأوامرُ المُباشرة، بالاسْتعدادِ الجيّدِ من الآنِ لسهرةِ العُمْرِ هذه.. [وتنحْنحَ في تردّد] كما صَدَرَتِ الأوامرُ بضبْطِ وإحْضارِ الآنسةِ (رانيا عوض) لاصْطحابِنا في هذه الرّحْلة.
أخذتْني المُفاجأةُ لحظة، ثمّ ابْتسمْتُ ابتسامةً باهتة، وهزَزْتُ رأسي مُتمْتمة:
- هل تُصدّقانِ هذا؟.. أنا و(رانيا) مُرتبطتانِ بالفعلِ بسهرةٍ أخرى.. أليسَ حظًّا سيِّئًا؟
تمْتمَ (كريم) برجاء:
- ولكنْ يا (سماح) أ.. ألا يُمْكنُكِ الاعْتذارُ عن موعدِكِ هذا؟.. أعني....
- [باستنكار]: أعتذر؟‍!.. أعتذر؟!!.. أيُّ قولٍ هذا بالضبط؟
قال (رفيق) وهو يتأمّلُني مُنْدهشًا:
- عَجَبًا!.. كأنّه يطالبُكِ بالانتحار!
بل الانتحارُ أهون!.. ولكنْ.. ما ذنبُ (كريم) في شيءٍ لا يعْلمُه؟
شَعَرْتُ بشيءٍ من الحَرَج، فأسْرعْتُ أقولُ في شبْهِ اعْتذار:
- أعْني أنّ ذلكَ سيُسبّبُ حَرَجًا شديدًا لي ولـ (رانيا).. لقد أعطينا وعدًا.
هيمنَ الصّمتُ علينا بُرهة، و(رفيق) يُداعبُ ذقْنَه بسبّابتِه، وخيبةُ الأملِ الباديةُ على وجهِه تكادُ تدفعُني إلى الضّحك، فقُلْتُ في مكر:
- على فكْرة: ستأتي (رانيا) إلى هنا في السادسة، وسنقْضي ثلاثَ ساعاتٍ معا قبلَ الانْطلاقِ إلى أمسيتِنا.
تهلّلَتْ أساريرُه وهتفَ في سعادة:
- حقًّا؟.. احم.. أعْني مَرْحبًا بها بالتّأكيد.
ابتسمَ (كريم) بهدوء، وضحكْتُ أنا بمرحٍ، وقُلْتُ أستفزُّه:
- على العمومِ إنّها محاولةٌ جيّدةٌ لمداراةِ سرِّكَ المفْضوح.
- [مُتظاهرًا بالحَيْرة]: أيُّ سرّ؟
- السّرُّ الذي اكتشفْتُه أنا من فترةٍ طويلة.. وكذلكَ (رانيا).. أتظنُّ أنّها أيْضًا لمْ تلاحظ؟.. ألا تخجلُ من نفسِكَ يا أستاذ؟.. لقد أدّى أسلوبُ المُراهقينَ الذي تتّبعُه معها كلّما أتَتْ إلى هنا، إلى إصرارِها على عدمِ زيارتي مرّةً أُخْرى.. وإلا أغْلظْتُ لها القَسَمَ، لَأُحَصّنَنَّها منكَ داخلَ حُجْرتي، ولَأَمْنَعَنَّكَ من محاولةِ رؤيتِها، لما قدِمَتِ اليومَ قطّ.
اربدَّ وجْهُ (رفيق) وغام، فكدْتُ أُطلِقُ ضحْكةً مُتشفّيَة، فكثيرًا ما أوقعَني في مقالبِه اللاذعةِ ودُعاباتِه القاسية، وها أنا ذي أردُّ له الصّاعَ أصْواعا.
(كريم) أيضًا بدا أنّه قد فهمَ لُعْبتي، إذ قالَ بنفسِ هدوئِه المعهود:
- أنتِ تُشدّدينَ الوَطْءَ على (رفيق) يا (سماح).. أنا مُسْتعدٌّ أنْ أشْهدَ أنّه في المرّاتِ التي ضمّتنا معًا، كان دَمْثًا في مُعاملتِه لـ (رانيا).. فقط في بعْضِ الأحيانِ يتصرَّفُ ببعْضِ الطُّرُقِ الصّبيانيّة، التي لا تليقُ بشابٍّ ناضجٍ مثْلِه!
أفْلَتَتْ منّي ضحكةٌ قصيرة، فصاحَ (رفيق) في غيظ:
- هكذا؟.. تآمرتُما عليَّ إذن؟.. لا بأس.. [ورَضبَ لعابَه بتوتّر] ثمَّ ماذا في تصرّفاتي مع (رانيا)؟.. أعتقدُ أنّي تصرّفتُ دائمًا بطريقةٍ مُهذّبة.. نعم أُوليها بعضَ الاهتمامِ الزّائد ولكنْ... ولكنّي أبدًا لمْ أحاولْ مُضايَقَتها.
قالَها وأطرقَ مُكتئبًا، فنظرْتُ له لحظة، وتبادلْتُ و(كريم) نظرةً باسمة، قبلَ أن ننفجرَ ضاحكَيْنِ في قوَّة، فنظرَ إلينا في حزنٍ وتمتم:
- اسخرا من أحزاني كما تشاءان.. لسْتُ في تَرَفٍ نفسيٍّ لأُبادلَكما سُخريةً بسخرية.
قلْتُ في مَرَح:
- ألمْ أقُلْ إنّكَ أحْمقُ شخْصٍ بالوجود؟.. إنّها تذوبُ في أنفاسِ حُبِّكَ يا أعمى!
ضحك (كريم) قائلا:
- نظّارةُ الحبِّ عمياءُ كما تعرفين.
نقلَ (رفيق) بصرَه بينَنا مذهولا، وهو يُفهْفِه:
- تُحِبْ.. تٌحبُّني؟ تُحبْ.. بُني؟.. حقًّا؟
ازددْنا ضحكًا على ضحك، فقالَ في شكٍّ منا مُريب:
- هل.. هذه مزحةٌ جديدةٌ من مزحاتِكما؟.. آه!.. كم أعرفُكما أيْ (سماح) وأيْ (كريم)!.. أرجوكُما.. هذا الأمرُ هامٌّ جدًّا لي.. أهمُّ شيءٍ في حياتي في الواقع.. احْذرا.. لنْ أسْمحَ لكما بالهَزْلِ في جدٍّ كهذا.. هل تفهمان؟
قُلْتُ ببساطة:
- واللهِ لقد قُلْنا ما لَحِظْناه.. أمّا إذا أردْتَ التّأكّدَ، فاسْألْها بنفسِكَ حينما تأتي!
- أسْ.. أَسْألُها؟
ضحِكْتُ، واكْتفى (كريم) بابْتسامةٍ وهو يتأمّلني في صمْت.
- هَهْ: هل ستتْركانني أستريح؟
هتف (رفيق) يستوقفُني:
- (سماح).. ماذا بشأنِ دعوتِنا لكِ؟
- تقصدُ لكما؟.. قلْتُ لكَ إنّنا مرتبطتان.
- [بحذر]: إذن لماذا لا تَصْحبانِنا معكما؟
- [بتهيُّب]: نَصْـ.. ـحبُكما؟
- نعم نعم.. تفينَ بوعْدِك، ولا تفْترقُ صُحْبتُنا.. ما رأيُك؟
ظهر التّردّدُ جليًّا على ملامحي، فقالَ (كريم):
- أرى أنّكَ بهذا تضعُها في موقفٍ مُحْرجٍ مع داعيها.. دَعْنا لا نُثْقلُ عليها هذه المرّةَ يا (رفيق).
قلتُ مُحْرَجةً:
- في الواقعِ ليسَ هناكَ أيُّ ثِقَلٍ في هذا لكـ...
انْقضَّ (رفيق) يُقاطعُني:
- لا بأس.. نذهبُ معًا إذن.
قالَ (كريم)، ويبدو أنّه لاحظَ حَرَجي:
- أنا عنْ نفسي أتمنّى لكم سهرةً سعيدة.. أعْتقدُ أنّ وجودي سيُسبّبُ إحْراجًا ما.. إنَّ وجودَكَ مع شقيقتِكَ أمرٌ منطقيٌّ، أمّا أنا...
أسرعَ (رفيق) يهْتف:
- ماذا تقولُ يا (كريم)؟.. إنّكَ أكثرُ من أخٍ بالنسْبةِ لنا: صديقُ طفولة، وزميلُ دراسةٍ لـ (سماح)، وزميلُ رياضةٍ لي.. لا.. لنْ...
- لا تأخذِ الأمْرَ بهذه الحساسية.. أنتَ تعرفُ أنّي لا أُحبُّ الصَّخَبَ والهَرَج.. دَعْنا نفْترقُ هذه المرّةَ يا (رفيق).
ونظرَ لي وهو يُردفُ في عُمْق:
- وأعدَكما أنّنا لنْ نفترقَ بعدَها.. أبدا.
*****



التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 03-02-18 الساعة 05:28 PM
محمد حمدي غانم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 07:34 PM   #4

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا بك استاذ محمد نورتنا بقسم وحي الاعضاء برواية جديدة بقلمك
تحياتي لك


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 07:57 PM   #5

محمد حمدي غانم

أديب وشاعر مصري


? العضوٌ??? » 209474
?  التسِجيلٌ » Nov 2011
? مشَارَ?اتْي » 773
?  نُقآطِيْ » محمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاردينيا73 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا بك استاذ محمد نورتنا بقسم وحي الاعضاء برواية جديدة بقلمك
تحياتي لك
شكرا لك كاردينيا
تحياتي


محمد حمدي غانم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 08:19 PM   #6

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

اللعبة القديمة قدم الازل وتتكرر عبر الازمان بادوات مختلفة فقط تناسب كل زمن بزمنه ...
لعبة البنت التي تقع في الهوى فتفسر وتحيك قصص من خيالها فحسب ترضي مشاعرها المتأهبة للوقوع في الحب .. فقط عاطفة عابرة دون عمق انساني حقيقي ...

ما تعيشه سماح هو تكرار لما تعيشه كثير فتيات يردن الوقوع بحالة الحب وكفى ...

بعد اذنك جمعت الفصل الاول بمشاركة واحدة حتى تكون اسهل للقراء خاصة مع وجود الهوامش باخر كل فصل ...
اتمنى ان تنزل باقي الفصل الثاني لاجمعه ايضا

تحياتي لك


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 08:30 PM   #7

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميل ما كتبت يا اخ محمد
سماح العاشقة لايادها الذى التفت اليها وسياخذها لسهرة
يا ترى اشو بيصير فى القادم
بانتظاره


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 08:59 PM   #8

محمد حمدي غانم

أديب وشاعر مصري


? العضوٌ??? » 209474
?  التسِجيلٌ » Nov 2011
? مشَارَ?اتْي » 773
?  نُقآطِيْ » محمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond repute
افتراضي

كاردينيا:
سأوصل نشرها كمشاهد لعل هذا يكون أيسر على القراء الذين لا يملكون وقتا كبيرا، وفي النهاية جمعيها أنت كما تريدين
تحياتي

قمر الليالي:
إن الرواية لم تتم فصولا
شكرا لمتابعتك
تحياتي


محمد حمدي غانم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 30-01-18, 02:49 PM   #9

محمد حمدي غانم

أديب وشاعر مصري


? العضوٌ??? » 209474
?  التسِجيلٌ » Nov 2011
? مشَارَ?اتْي » 773
?  نُقآطِيْ » محمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الثاني ... ج2

قضيتُ فترةَ نومٍ لذيذة، كلُّها في عالمِ (إياد)، وسْطَ عينه الواسعتينِ العميقتين، مُبْحرةً بقلبي الأبيض، وابْتساماتي تُحلّقُ حولَ أشْرعةِ سعادتي، وكلُّ ما أُدْركُه وأراه وأعيشُه هو: هو.
معًا، يدُه الدافئةُ الحنونُ تقبضُ على يدي، سعيدينَ، رُحْنا ننْطلقُ في مَرَحٍ بينَ مروجِ المتْعة، يرجوني أن ألامسَ كلَّ زهرةٍ بأنفاسي لتتشبّعَ من رحيقي، ويسْتوقفُ كلَّ فراشةٍ جميلة ـ وكلُّها جميلة ـ ليُشْهدَها على مدى حُبِّه لي، وأمْنحُه أنا كلَّ دقّةٍ في قلْبي، وكلَّ مُتَّكئٍ في وجْداني.
*****


لمْ أُدْركْ قَطُّ مردودَ دُعاباتي السَّمجة، ومقدارَ فائدتِها الجمّة، كما أدْركْتُ اليوم!
زقزقَ عُصفورُ جرسِ المنزلِ في السادسة، فهُرِعْتُ صَوْبَ الباب، فما إنْ وَلَجْتُ إلى الممرِّ المُفْضي إليه، حتَّى شاهدْتُ (رفيق) يفتحُه بالفعل بكلِّ لهفةِ الدّنيا، لتظْهرَ على عَتَبَتِه (رانيا).
تجمَّدَا بمكانَيْهما، وقَرْعُ قلبيهما يَصمُّ أُذنيّ، وحرارةُ أنْفاسِهما تكادُ تُشْعلُ حريقًا في المكان.
لمْ أرَ وجْهَ (رفيق) الذي يوليني ظهرَه، ولكنّي اسْتطعْتُ تمييزَ ملامحِ (رانيا)، وسْطَ النيرانِ التي انْدلعَتْ في وَجْنَتَيْها، وتمكَّنْتُ أنْ ألمحَ التماعةَ عينِها لحظةً واحدة، قبلَ أنْ تهويا إلى الأرضِ خجلا، وتغوصا لأغوارٍ سحيقة.
قرّرْتُ أنْ أَقفَ ساكنةً كاتمةً أنفاسي، لأرْقُبَ المَشْهدَ باسْتمتاع، رغمَ أنّي لو فجّرتُ بينَهما قُنْبُلةً نوويّة، لما نجَحْتُ في انتزاعِ عيْنَيْ (رفيق) من ملامِحِها، ولا إحساسِ (رانيا) من روعةِ قُرْبِه منها.
قرّرْتُ ثمّ أحْجمْت، خاصةً حينما طالَ وقوفُهما، حتَّى خَشِيتُ أنْ يأتيَ (إياد) في التّاسعة، فلا يسْتطيعُ دخولَ الشّقةِ بسببِهما!
لهذا اقْتربْتُ مُصمّمةً على إنهاءِ الموقف.
و كانتْ مفاجأة!
الوغْدان!
كانا قد قالا كلَّ ما يريدانِ بعيونِهما، وفوجئْتُ بأنَّ أناملَ (رانيا) نائمةٌ منذُ دهْرٍ بينَ أصابعِ (رفيق)، فَخِفْتُ إنْ أنا انْتظرْتُ ثانيةً زائدة، أن يكونا قد أنهيا بعيونِهما تحديدَ موعدِ الزّفافِ دونَ علْمِ والديّ!
لهذا أسرعْتُ أتنحْنحُ هاتفةً في ترحيب:
- أهْلا يا (رانيا).. تَفَضّلي.
انْتفضا كأنّما هاجمَهما صوتي كطلقاتِ رَصاصٍ مُميتة، وخرجا من لحْظتِهما الجميلة، كأنّهما (آدمُ) و(حوّاءُ) حينَ خرجا من الجنّة، فتلفّتا حَولَهما يبحثانِ عن (إبليسِهما)، حتَّى لقد خِلْتُ (رفيق) يريدُ أنْ يخنُقَني خنقًا مِن فرطِ نِقْمتِه عليّ، ولكنَّ ملامحَه لمْ تخْلُ منَ ارتباكٍ وخجل، وملامحَها كانت هي عينَ الارتباكِ والخجل، سيّما حينما بحثَتْ عن أصابعِها، فَوَجدَتْها ما تزالُ مُنْصهرةً في كفّيه، فأسرعتْ تسحبُها، و(رفيق) يتمسّكُ بها في رجاء، كأنّها رُوحُه تلكَ التي تُنْتزعُ منه، وقالتْ:
- أ.. أ.. لقد.. لقد جئْتُ في.. موعدي.. أليسَ كذلك؟
*****


وطبعًا استأثرَ بها (رفيق) في شرفةِ المنزلِ، طيلةَ السّاعاتِ الثلاثِ التالية!
يا لي مِن بائسة!
قُلتُ أوفّقُ بينَ قلبين، فكان جزائي أن خسرْتُ صديقتي الوحيدة، في لحظاتٍ أنا فيها مسيسةُ الحاجةِ إليها!
بلى خسرْتُها.. أوَتَحْسَبْنَ أنّ انتزاعَها من (رفيق) أمرٌ سهلٌ أو حتَّى ممكن؟
مستحيل!
أنا أتخيّلُ نفسي حينما أكونُ مع (إياد).. كلُّ الدنيا لا تعنيني لحظتَها في شيء.. حتَّى نفسي.. لو قتلوني وأنا أنظرُ في عينيه، فلن أنتبهَ قبلَ أنْ يزجرُني مَلَكا الحسابِ في القبرِ:
- أنتِ.. هيّا لنقتصَّ منكِ لكلَّ جرائمِك!
*****


يكبُرُني أخي (رفيق) بحَوْلين كاملين، لكنْ يُؤسفُني أن أقولَ إنّه أحمق!
فبرغمِ أنّ هذه آخرُ سنواتِ دراستِه في كلّيّةِ (العلوم)، وبرغمِ أنّه مِن هُواةِ لُعبةِ (التايكوندو)، يُواظبُ هو و(كريم) على تمريناتِها منذ كانا في المرحلةِ الثانويّة، ويُحرزانِ النصرَ في كثيرٍ من المُسابقات، ويتقدَّمانِ في مركزيهما.. وبرغمِ أنّه خفيفُ الظلِّ (كزجاجٍ نصفِ شفّاف!)، يُجيدُ الدُعابةَ حتَّى في أحْلكِ لحظاتِ الكآبة.
برغمِ ذَلِهَ كلِّه، إلا أنّه قليلُ الخبرةِ في الحبّ.
ما إن وقعَ بصرُه على (رانيا) لأوّلِ مرّة، في بدايةِ هذا العامِ الدراسيّ، حتَّى هوى فيها حُبًّا على الفور، ولمْ ينْهضْ بعد!
نعم!.. له ثلاثةُ شهورٍ، كلّما رآها حملقَ فيها كالمجْنونِ، دونَ أن ينْطقَ أو يَطْرِفَ له جَفْن، غائبَ الذّهنِ حتّى ليتسبَّب في كوارثَ مُفْجعة، يتعثّرُ في الكراسي والمناضد، ويؤدّي إلى إسقاطِ المِزهريّاتِ الثّمينة، وإهراقِ أكوابِ العصائر، وإفسادِ المفارشِ وملابسِ أيِّ تعيسِ حظٍّ بجانبِه!
أحمق!
رغمَ كلِّ لباقتِه في الحديث، لمْ ينجحْ في توجيهِ جملةٍ واحدةٍ مُفيدةٍ لها، يستطيعُ مِنْ خلالِها أنْ يُجامِلَها أو يُثيرَ ضحكَها أو أيَّ شيء.
إنّه حتَّى لم يطلبْ مساعدتي للتقريبِ بينَهما، باعتبارِي صديقتَها المُقرّبة، بل حتَّى لم يَبُحْ لي بما تُثرثرُ به عيناه وأفعالُه، باعتباري أختَه!.. تَصَوَّرْن!.. يظنُّ نفسَه كتوما!
(رانيا) أيضًا أكْثرُ منه حُمْقا، يُصيبُها الخَرَسُ في حضْرتِه، ولا تَقْوَى على اخْتلاسِ أكثرَ مِن نظرةٍ إليه، وكأنّ أعماقَها لا تحتملُ جُرعةً زائدةً من وسامتِه!
كانا كتائهينِ بالظلام، يتحسّسُ كلٌّ منهما طريقَه إلى الآخر، وظهراهما مُتلاصقان!
ارْتباكُه وخَجَلُها، وتَهيُّبُ كلٍّ منهما الآخر، وغيبوبةُ الحبِّ التي تغشاهما حينما يلتقيان، كلُّ ذلك جعلهما يعجزانِ عن اكتشافِ الحقيقةِ النّيّرةِ التي اكتشفَها كلُّ مَن رآهما معا ولو لمرّة: حقيقةِ أنَّ كلا منهما ذَوْبُ أَمانِيِّ الآخر، ومُبتغى أملِه وغايةُ دُنياه.
العجيبُ أنَّ حالَهما تزدادُ سوءًا باطّراد، يكادانِ ينْتحرانِ شوقًا، بسببِ الحواجزِ التي أقاماها بنفْسيْهما دونَ كيدِ عازل: فَقِلَّةُ تخاطبِهما أصْبحتْ فرضا، وتحفّظُهما قانونا، وتَحاشي النظراتِ إدمانا.. مما حداني إلى التدخّلِ الجراحيِّ العاجل.
أخذْتُ أُكثرُ مِن دعوةِ (رانيا) إلى منزِلِنا، وأصْطحبُ (رفيق) معي إلى كُلّيتي، وأدعوه للخروجِ معنا إلى النّزهِ والرّحلاتِ والسّينما، وفي كلِّ ذلكَ كنتُ أشقُّ قنواتٍ للحديثِ بينَهما، وأُجبرُهما على الاشتراكِ في النّقاش، ليعتادا أنْ يُواجهَ أحدُهما الآخر.
والحمدُ لله: أحرزْتُ تقدّمًا ملموسًا، فقد أصبحَتْ فتراتُ التقاءِ عيونِهما تتعدّى الثانيتين في بعضِ الأحايين، كما أصبح من المُعتادِ أن يُعقّبَ أحدُهما على الآخرِ بحرفٍ أو حرفين، على غِرار: (إمْ.. نعم.. بالطّبع)... وهكذا!
ثم لقد استدرجْتُ (رانيا) لتبوحَ لي بدخيلةِ نفسِها، ففعلَتْ وما كادتْ، لتؤكّدَ لي ما لمْ أكُنْ في حاجةٍ إلى تأكيدِه.
وأخيرًا قُمْتُ بتلك اللعبةِ التي أوهمْتُ فيها كلا منهما أنّ الآخرَ بات يعرفُ سرَّه.
لقد أرهقاني طويلا حقّا، ولكنِ الحمدُ لله: يبدو أنّي نجحْتُ أخيرا.
ولكن.. ماذا لو كانا في الشُّرفةِ صامتين، ينظرُ أحدُهما لأطَرَافِ أصابعِه أو حذائِه، والآخرُ للمارّةِ في الشّارع، دونَ أن يُحيرَا حَرفًا أو نَبْسة؟
ساعَتَها سأُصابُ بالجنونِ حتما!.. أُراهنُ أنّه حتَّى لن ينْتبهَ لفُسْتانِها وتسْريحتِها وأناقتِها، التي لمْ أَرَها على آنقَ منها قبلَ اليوم.. فما إنْ ينْظرْ في عينيها حتَّى تبتلعَ قطّةُ الصمتِ لسانَه، ويُجْدبُ حلقُه عن أن يُنْبتَ غيرَه!
وهي سيُسْكرُها وجودُه أن تنْتبهَ لنفْسِها أو لمرورِ الوقْت!.. أخشى أن يُضيّعَ الأحمقانِ الفُرصة!
قُلتُ هذا ثمّ قرّتْ نفسي، فهما معًا بمفردِهما لأوّلِ مرّة، وشوقُ أحدِهما يكادُ يلتهمُ الآخر، فغمْغمْتُ في نفسي:
- هيه.. حتَّى لو صمتا أيضًا هذه المرّة، فستقولُ العيونُ والقلوبُ ما تعجزُ عنه ألسنُ الشّعراء.
*****


على فكرة:
أنا ثرثارةٌ، وأحبُّ تدوينَ كلِّ ما يقعُ في حياتي وفلسفتِه بالنسبةِ لي.
كما أردْتُ أن أُثبتَ شيئًا هامّا على نفسي.. هل لاحظْـتُنَّه؟
إنّي أنا العبقرّيةُ التي تُخطّطُ وتُدبّرُ، وتسخرُ من عجْزِ (رفيق) و(رانيا) عن التعبيرِ عن مشاعرِهما، لا أخْتلفُ كثيرًا عنهما.
ولعلَّكُنَّ تذْكُرْنَ مواقفي مع (إياد)!
يبدو أنّ بيتي أنا أيضًا من زجاج.. هل مع إحداكُنَّ طوبة؟



________________
[1] كرارِ: اسم خرزة كانَ يُتعوّذُ بها في الجاهليّة، وكانت الكاهنة تردّدُ تلكَ التعويذة بنصّها.. لقد نهى الرسولُ صلى الله عليه وسلّم عن التعوّذِ بالخرزِ والتمائم، وأمر باستخدام الأدعية والأذكار بدلا من ذلك.



التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 03-02-18 الساعة 05:30 PM
محمد حمدي غانم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 30-01-18, 10:31 PM   #10

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:30 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.