08-08-18, 11:19 PM | #121 | ||||||||
| اقتباس:
مساء النور فعلا هناك أسرار في حياة "تيتريت" و سنعرف بافصول القادمة ما هي و هل فعلا هي ما دفعتها للعودة شكرا على مرورك و على تواجدك المتميز | ||||||||
08-08-18, 11:22 PM | #122 | ||||||||
| اقتباس:
شكرا جزيلا لمرورك | ||||||||
08-08-18, 11:30 PM | #124 | ||||||||
| اقتباس:
سمية يكفي العودة لفقرتها مع يحيى في الفصل الاول ونعرف أول ملامح شخصيتها ... و للآن سمية لا تعرف ان ل يحيى شقيقة لذا فهي في حالة دفاع عما تملكه "تيتريت" بعدما مرت به فهي لن تتوقف وتتفرج على آل ملاك وهو يظلمون شخصا آخر سنرى ماذا ستفعل أم زياد أنت الأروع عزيزتي و شكرا لك على تقييمك الرائع و مرورك الجميل مثلك | ||||||||
08-08-18, 11:37 PM | #126 | ||||||||
| اقتباس:
مليكة مجنونة بامتياز لا احد يضاهي جنونها يحيى و شريفة غموض علاقتهم سيحل بالفصول القادمة و كذلك قصة باتريك تيتريت عاشت الكثير بماضيها ولنرى هل سيعود الماضي ليطرق بابها زهرورة مرورك جميل كصاحبته شكرا على تعليقك المميز و أتمنى أن تنال الفصول القادمة إعجابك | ||||||||
09-08-18, 10:19 PM | #127 | ||||||||||
نجم روايتي و راوي القلوب وكنز سراديب الحكايات
| كلام تتيريت عن الماضي أثر في كل واحد فيهم !!!! و منهم عائشة اللي رفضت الزوااج .... فكرة الجمعية اللي اقترحتها تتيريت يا ترى هتتنفذ و تنجح فيها ..... اساامة و مليكة ..... ميكونش في مكاان واحد هاديين ابداا .... لاازم نااار ما بينهم كداا 🔥🔥🤣 هي دي سمية اللي يحيي كان معاها في الفصل الاول و عايزة توصل لآل ملاك ؟؟ 🤔 مين بقى الشخصية اللي خرجت من المستشقى دي و قلقانين منها ؟؟؟ يا ترى له علاقة بماضي تيتريت ؟؟؟ !!!! تسلم ايديك على الفصل .... و في انتظاار الجااي 🌷🌸 | ||||||||||
11-08-18, 11:01 PM | #128 | ||||||||
| اقتباس:
بالضبط المرأة اللي كانت مع يحيى بالفصل الأول هي نفسها سمية سنرى بالفصول القادمة ماذا سيغير كلام تيتريت و وجودها شكرا لك عزيزتي على مرورك المميز و أتمنى أن تنال الفصول القادمة إعجابك | ||||||||
11-08-18, 11:04 PM | #129 | |||||||
| الفصل التاسع : وحل مساء اليوم التالي يلقي التحية على القلوب والتي لم تحميها الضلوع. فبعضها مهزوم و الآخر موجوع وهناك المرعوب .... وهناك من جابه الظلمة لونا من قسوته. ترنح المساء يلمس القلوب يبحث مع من ينسج الأحلام أو ربما هناك قلب ينشد العزاء. ضاع بين قلوب من سكنوا المزرعة ... وتاه بين المشاعر المبهمة. بين الأسى والألم ... ربما سيسدد دينه لها. فمع كل مساء يزيد غرقه بوحل الوجع ... عند كل مساء يزوره إثمه متجسدا ليزيد ثقل كتفيه بذنبها ... وبات الآن المساء يحمل له كلماتها المنطوقة تحكي ألمها ليزيد ألمه ... لا يعلم إن كان سيخف الألم يوما ولا يعلم إن كان سيتبدد الوجع بعد ليل قاتم ... لكن ما يعلمه أنه سيبقى ما حيى أسير قيود ذنب عظيم لا يغتفر. عينيه التقطت نظرات "شريفة" المتهربة ... الفضولية ... "شريفة" ابنة قريته الأم ... لم يكن أباها مختلف عن جده ... مؤمن إيمانا قاطعا كما جده بتلك التقاليد المجحفة البالية ... فالنساء لا يدرسن ، لا يعملن و لا يتكلمن بأمور الرجال ، فلا رأي لهن ليبدينه و لا قرار يتخذنه ... فينحصر دور النساء بالنسبة لهم في عملها المنزلي فقط ... غالبا ما يعيب عليهم الكثير وهو منهم أحيانا التهميش الذي يمارسنه على أنفسهن لكن يعود مستدركا فكيف ينتظر غير ذلك مِن مَن مورس عليه التهميش و الاستبعاد. تنهد بتعب وتاه وهو ينظر لها يسأل نفسه أين المذنب بينهما .. أين الجاني وأين الضحية ؟ ما يعرفه أنه لم يكن الضحية يوما في هذه المعادلة لكنه أيضا لم يكن الجاني. *** وفي طرف آخر من المنزل كان "عمر" يقف أمام نافذة مكتبه ، يحيط به السكون فمساء الشتاء يفتقر للضجيج .. فلا حشرات لتعلن حضورها و لا نعيق بوم يخترق الصمت . لا طالما أحب سكون الليل لكنه مؤخرا بات يؤرقه بصدى كلماتها الموجعة ... كلماتها التي وشمت الوجع على قلبه ومنذ ذاك الحين وعند كل ليلة تزوره متجسدة بين عينيه فلا ترحمه ذكرياته ولا ترأف به أفكاره وهي تتكهن ما المكتوم. كيف سمحوا لأنفسهم أن تتوه عنها لسنوات ؟... كيف لعمه أن يتنازل عن حقه بها بكل تلك البساطة؟ ... كيف لهم الآن أن يزيلوا كل تلك السنين العالقة بينهم؟ ... كيف لهم أن يطمسوا كل الوجع الذي سكن روحها؟ مهمة صعبة جدا إن لم تكن مستحيلة ... في عرفه لا شيء مستحيل لكنه فعلا لا يتمنى أن يكون بمكان أشقائها أو حتى عمه الذي يعزل نفسه عنها. زفر منحيا أفكاره لعل النوم يزوره فغادر المكتب على مهل و الظلام يطغى على الممر سوى من قنديل في آخره حيث غرفة والده الهامدة لليلتين. كان يبحث بعقله عما يفتقده الليل و البيت فأدرك الآن أنه يفتقد مثلهما لضحكاتها التي كانت تخترق سكون الليل عندما كانت ترافق والده لغرفته. اعتاد بكل ليلة عند تواجده بالمنزل على سماع ضحكاتها المستمتعة تضاحك والده عندما يحتال عليها لمساعدته ... فيتسامرا الاثنين وترتفع ضحكاتهما تفسد عادات الليل البهيم و تشتت انتباهه هو عما يقوم به. *** بينما ذاك المنزل بالمدينة فاستقبل المساء لليوم الثاني على التوالي بزخات من الذكريات. رعب ... ألم ...ترح ...ووجع كلها خرجت من رحم الذكريات لتعود وتستقر بالقلوب . فناديا بقلبها النابض رعبا من كل ما حصل و ما يمكن أن يحصل تدفن نفسها بحضن "صالح". تستشعر دفء السكينة .. ضربات قلبه تحت رأسها تشعرها بالأمان ... لم يكن لها يوما سند بعد رب العباد سوى صالح ... كان لها الأب الذي لم تره و الأخ الذي لم تحصل عليه و الزوج الذي لن يعوض. هو لهم درعا يقيهم ضربات الحياة القاسية ... هو لهم كتلة الحنان التي لا تنضب ... هو الصديق والرفيق والمعلم. قبلت صدره ولسانها يردد الحمد الكثير لله العزيز على نعمة زوجها صالح .. لم تندم يوما على تخليها عن مهنتها كعارضة أزياء لتقترن بصالح الذي كان مدرسا بإحدى المدارس المخصصة للعرب بفرنسا. اعتنقت الإسلام عاشت معه تنهل من حبه ومن معرفته ... كان شديد الحرص عليها كما لم يكن احد من قبل و مازال .. وشديد التفاني في إظهار حبه و مساندته ومؤازرته. بذاكرتها يوم قد حفر ... يوم حفل العقيقة الذي أقامه "صالح" بمناسبة ولادة "مليكة" .. فلقد كانت الدعوة لأشخاص قلائل من بينهم "بولين" التي لم تستطع المكوث أكثر بسبب ظروف عملها فاضطرت لترك "تيتريت" معهم. تتذكر كيف كانت بغرفة النوم ترضع مليكة عندما اقتحم "صالح" الغرفة يحمل "تيتريت" الباكية مطالبا إياها بإرضاعها .. لم تكن لترفض وهي تنظر للفتاة التي لم تتجاوز السنة تشهق باكية بطريقة رهف لها قلبها ومنذ ذاك الحين لم تكن "تيتريت" سوى ابنتهما حتى بعدما اضطرا لتغيير المدينة بحكم عمل صالح و رفض "بولين" اصطحابهم لـ"تيتريت" معهم ... وكانت هاته أكبر هفوة قاما بها. *** "أسامة" كان يفعل ما يفعله منذ تلك الليلة التي يتذكر تفاصيلها ... يتذكر كيف ضرب الواقع على ذاكرته بوجود شقيقة منسية ... لا ينكر أن ذاك العنفوان الذي طالما رافقهم ...شُرخ. نقل عينيه إلى يده المضمدة بإحكام ، اعتصرها لعل القطب بها تنفك فتحدث ألما يفوق الألم التي تعتصر له حناياه. ضرب على جدع الشجرة حيث يجلس ... يحتاج لألم أقوى ينسيه ألمه ... منذ يومين وهو ينخرط بكل صباح بعمله بطاقة أكبر لعله يجرفه عن أفكاره ليأتي الليل محملا بثقل الذنب والألم و رنين المعاناة بكلماتها يجلده ... يقسم انه يشعر بسوط كلماتها التي حفظها عن ظهر قلب يحط على قلبه. الأمر الذي يبعث على السخرية أنهم باتفاق غير مسبق و غير منطوق لم يخوضوا مع بعضهم بما سمعوه ..و لا يظنهم سيفعلوا فهم أكثر جبنا من أن يقتحموا موضوعا يعلمون أن المكتوم فيه يفوق المنطوق. حامت حوله ضباب سجائره مغلفة إياه فتمنى وهو يغمض عينيه و يمتص من السيجارة حياتها لعلها تطفئ لهيب الجمر المشتعل لأعماقه. فتح عينيه على أصوات خطوات مقتربة فعاد يغمض عينيه وقد توقفت والدته أمامه ...تتأمله ... تعلم كما يعلم أن كل شيء تغير منذ تلك الليلة لكنها لم تسأل يوما ... لم تتدخل بما يحصل ... حتى بعدما حصل من أيمن اتجاه "تيتريت" فهي لم تناصره لكنها لم تلمه ... ربما هكذا أفضل. - ألم تقلع عن التدخين ؟ منذ متى عدت تدخن ؟ "أسامة" لم يجد الإجابة المناسبة ليرضي فضول أمه و هي لم تكن تنتظر ذلك فقد تابعت وهي تبعد نظراته عنه : - منذ مجيء "تيتريت" بمرارة هز رأسه و التوت شفتيه ليقول بصوت مبحوح : - بل منذ حصل وذكرنا بذنبنا العظيم ... منذ تجسد إثمنا أمامنا معلنا بكل ساعة عن خطئنا ...لا ...لا ... بل خطيئتنا. وأخفض رأسه يدفنه بين يديه ... وقد خلل أصابعه بشعره و سأل بنفس الهمس المبحوح : - أين أبي ؟ بنفس الهمس المثقل بالكثير أجابته والدته : - إنه نائم "نائم" ... "نائم" ... ترددت بعقل "أسامة" قبل ان تفجر ضحكه ... كان يضحك بمرارة تزيد من إدماء قلبه ... يضحك سخرية الموقف ككل ... يضحك لأن دموعه لا تريد طاعة قلبه المجروح فتتحرر ... حتى العبرات كانت تعذبه فتمردت عن أمره فؤاده و احتبست هناك تزيده ألما ... لم يجد سوى الضحك لعل الدموع ترحمه ... لكن ذلك لم يحصل فنهض من مكانه قائلا بعدم تصديق ساخر : - يا لا قلبه لتستوقفه والدته تسأله بنبرة تختلط بين العطف والرجاء : - أتلومه ؟ أتلوم أباك ؟ موليا ظهره لها رفع عينيه للسماء يستنشق هواء الشتاء البارد و كلماتها الأخيرة في الموشح الموجع التي تحرر دون قصد تسكن أذنيه كأن الرياح حملتها له فجعلته يقول من بين أسنانه و بخفوت : - وهل أستطيع ألا أفعل ؟ وتابع بعدها خطواته المنهزمة .. المتعبة .. المكللة بثقل ذنب يتعاظم ... و يا خوفهم من المكتوم ...و يا خوفهم من المكتوم. *** في الركن المضيء من الغرفة تجلس "مليكة" أمام حاسوبها .. أناملها تسير على الفأرة فتتوقف لتعدل نظراتها أو لتدون شيئا على المذكرة جانبها. كانت منغمسة فيما تفعله عندما قاطعتها زمجرة باكية من السرير من الطرف الآخر من الغرفة. اقتربت بحذر لتشرف على "تيتريت" النائمة ... تنهدت وجلست بجانبها تعيد خصلاتها المتناثرة بعيدا عن وجهها لتتطلع لملامحها المتغضنة بألم فترتفع ثانية زمجرتها الباكية ... كانت متيقنة أنها تصارع إحدى كوابيسها العديدة التي اعتقدوا أنها تخلصت منها. اضطجعت بجانبها و تدثرت ودثرتها قبل أن تحكم ذراعها حولها واقتربت بشفتيها من أذنها تهمس لها بوجودها بجانبها .. بوجودهم جميعا بجانبها .. قبل أن تبادر بقراءة القرآن كما كانت تفعل منذ سنوات. بعد دقائق عادت لتستكين لكن النوم كان قد غادر مقلتي "مليكة" .. فاقتات سهرها على الذكريات ... تلك الذكريات البعيدة التي تلاحقهم كالأشباح. عادت بذاكرتها يوم جاءت "تيتريت" و الخالة "بولين" للسكن بجوارهم .. كانت طيفا صغيرا .. نحيلا بكتلة شقراء فوق رأسها .. حتى أنه لم يكن هناك أحد ليصدق أنها هي "مليكة" تصغرها بسنة .. كانت منعزلة .. متوجسة .. تكره أن تُلمس .. كان أباها ووالدتها يفضلان إبقائها ببيتهم حتى و الخالة "بولين" موجودة و لم تكن تمانع فهي كانت وعادل بقلبي طفلين يحملان من الحماس بوجود شقيقة ما جعلهم يرحبون بالفكرة . كان قد مر ما يقرب شهرا على قدومهما يوم استيقظت "مليكة" مفزوعة وقد أيقظها صراخ مرعب و بكاء ... لا تذكر سوى أنها صرخت بدورها مما جعل والديها يقتحمان الغرفة عليهما ... بعدها شاهدت ما لم تستطع نسيانه .. فلقد كانت الشقراء رغم نحولها تنتفض كمن أصابها مس .. تنتفض صارخة .. تنتفض باكية و رافضة . كان والدها يقاومها ليحضنها إلى صدره إلى أنها كانت تصارعه .. ما تذكره بعد ذلك أن والدتها أخرجتها من الغرفة لكنها عادت رغم ذعرها لتتلصص فوجدتها متكومة بين ذراعي والدها .. محتمية به وكان أنينها هو الصوت الوحيد الذي يخترق صمت الغرفة ... أنين تلك الليلة مازال يرن بأذنيها لأنه تكرر لليال بعد ذلك وهكذا بعدما تقبلتها "تيتريت" قربها صارت تنام بجانبها ليلة بعد ليلة حتى بدأت كوابيسها تخف ... ومرت السنوات وقد صارت "تيتريت" الشقيقة لها ولعادل و الابنة البكر لوالديها لكن كانت هناك خالتها "بولين" أيضا. تنهدت بثقل مكتفية بهذا الكم من الذكريات التي فرشت الأسى عليهم لسنوات وغادرت السرير متمهلة .استقامت أمام السرير تتأمل بصعوبة مستعينة بالضوء المنبعث من المكتب ملامح "تيتريت" المسترخية قبل أن تتشوه الصورة أمامها ودموعها تحتل عينيها. لهثت تحاول تخفيف الألم الذي اشتد بحلقها لكن دموعها لم تمهلها وهي تسيل فسارعت تغادر الغرفة قبل أن تفلت شهقاتها. يتبع | |||||||
11-08-18, 11:07 PM | #130 | |||||||
| كان صباحا باردا .. مقفرا فقد اكتست الطرقات حلتها البيضاء .. ولجأ الجميع لبيوتهم الدافئة ... الدخان يتصاعد من البيوت رصاصيا يوازي لون السماء. كانت السيارة التي تمردت بلونها الأسود تسحق تحت عجلاتها الثلوج فتخترق الطريق .. وكانت هي تنقل نظراتها على القرية المختفية المعالم من تساقط الثلوج تتصنع تأمل المنظر أمامها بينما "يحيى" الذي ذهب لإحضارها يعرف تماما أنها تتملص من أسئلته التي تملأ ذهنه وتتجنب خوض أي حوار معه. كان الفضول يقتله ليعرف سبب استفسارات "صالح" التي بدت فضولا عاديا عن أمن المزرعة لكن الاهتمام المشع بعينيه جعل "يحيى" يدرك أن خلفها يكمن حرصا غريبا استغربه ، كما لم يغفل عن ابتسامة زوجته "ناديا" المهزوزة الشاحبة والتي كانت تشيع "تيتريت" بعينين تشعان خوفا و توجسا بينما كانت "تيتريت" تطمئنها بنظراتها العازمة. كان قد التزم الصمت بعد أجوبتها القاطعة المقتضبة لكنه عاد وسأل : - هل أنت متحمسة للجمعية ؟ أجابته بالموافقة بشرود أخمد حماسها الذي وصفه له عمه فغضن جبينه وقد تأكد أن ما استشعره بوقت سابق بوجود شيء ما صائب وقبل أن يغوص بأفكاره أكثر كانت "تيتريت" قد التفتت له تسأله : - أ شريفة تعلم بزواجك من الأخرى التفت لها "يحيى" بغية اكتشاف ما يكمن خلف سؤالها لكن ملامحها كانت جامدة أكثر من المعتاد و عينيها جليدية بازدياد فأجابها باقتضاب وقد حول عينيه عنها لينظر للطريق : - لا .. لا تعلم. أسامة و عمر من يعلمان فقط فلقد كانا شاهدين على زواجي من "سمية" و أضاف بعد برهة : - و أنت الآن تعلمين. أومأت وقد عادت تلتفت لتنظر للثلج على الطريق بينما "يحيى" قال بمرح مصطنع : - أنت لا تنوين إخبارها صحيح ؟ لم تلتفت له بل ظلت تنظر من النافذة وأجابته بنبرة باردة و قد هزت كتفيها بلامبالاة : - الأمر ليس من شأني ليقول بدوره بسخرية : - وهذا لم يمنعك من كرهها ... أقصد سمية الآن فقط استحوذ على انتباهها فقد التفتت له تتأمله قبل أن تقول بنبرة صادقة : - لماذا سأكرهها ...ربما لا أجد في نفسي قبولا لأمثالها لكن هذا لا يعني أنني أكرهها ... لأنني إن كنت أفعل فهي مهمة لدرجة أنني أكرهها و كما قلت الأمر برمته لا يهمني لتضيف وقد أشاحت بنظراتها عنه و نبرتها صارت جليدية ... جارحة ... يتخللها الشجن : - ربما أشفق عليها قليلا فهي لا تعلم أنها ستظل الغريبة وأن الغرباء لا مكان لهم وسط عائلة آل ملاك وعندما تكتشف ذلك ربما سيكون قد فات الأوان فلندع الله ألا يكون ذلك وبين يديها طفل. اعتصر المقود بعنف بين يديه وكلماتها تزيد الجرح الغائر عمقا فصرح بهمس وقد تلونت كلماتها بالتأنيب : - أتظنين أنني سأفعل ذلك ؟ التقط ابتسامتها الساخرة التي تحولت إلى تكشيرة قبل أن يسمع كلماتها : - أميل إلى قول نعم ... لكنني لن أظلمك وسأقول أنني لا أعرفك لأحكم و التفتت إليه ترفع حاجبيها إليه مستنكرة اللوم الخفي بين كلمات سؤاله واستطردت بتحد : - هل هذا كاف ليجيب على سؤالك ؟ لم يلتفت لها بدوره بل ظلت عينيه محدقة بالطريق أمامه وأجابها بجفاف لا يعبر عن الوجع الذي ينبض بقوة داخله. - نعم ... إنه أكثر منطقية من الإجابة الجازمة بنعم أم لا . و بكلماته هاته توقف الحديث وقد اجتازت السيارة البوابة الضخمة للمزرعة قبل أن تتوقف بالمكان المخصص للسيارات ... ترجلت من السيارة مستطلعة الطريق المعبد للمنزل الذي غطته الثلوج لكن يحيى كان قد توقف أمامها قبل أن تخطو مما جعلها ترفع إليه عينيها وقد ضيقتهما بتساؤل قبل أن تتوسعا وقد مد يديه يعدل الوشاح حول رقبتها و يبتسم لملامحها المستفسرة و قال : - سيتغير هذا "تيتريت" ... ظلمناك وهذا غير قابل للإنكار أو التبرير لأن لا مبرر إطلاقا لما فعلناه ... وربما لا مجال أن تسامحي أو تغفري لكنني لن أقبل بابتعادك بعد الآن ... يمكنك رمي الكلمات بوجهي لتقتليني بها .. يمكنك التشكيك بأفعالي وعدم الثقة بي لكنني لن أتنازل عن حقي بك ... بجفاء ردت و قد ابتعدت خطوة عنه : - لا حق لك عندي ولا داعي لكلام لا نفع له من الأساس أطبق "يحيى" شفتيه و تأملها بهدوء لا يخلو من التصميم ثم تحدث : - بلى يا صغيرتي ... أنت شقيقتي وستجدينني حولك ... شئت أم لا ... أنا هنا من أجلك. كانت مع كل كلمة تزم شفتيها تمنع كلماتها الغاضبة أن تتسرب ... "يحيى" يضيق الخناق حولها وهي لا تحتمل .. باتت لا تحتمل ... فاهتمامه بها يزيدها تمردا ورفضا ... و محاولاته لإدماجها في عائلة لن تكون يوما عائلتها ما تزيدها إلا تمنعا. وقبل أن تعبر عن رفضها كان أبوها البيولوجي قد دلف للمكان المخصص للركن المغطى ..فأخذ ينفض عن جلبابه الصوفي الثقيل الثلج مقتربا منها حتى صار أمامهما وقال : - كيف حالك "تيتريت" ؟ و كيف هي خالتك و زوجها ؟ أومأت "تيتريت" بهدوء يخفي ضيقا قد زاد وأجابته بحمد الله قبل أن يسترسل وعينيه لم تفارقها : - هل تحتاجين شيئا ؟ أجبرت نفسها على النفي بهدوء بينما كانت تشعر بالحنق بداخلها يدفعها للصراخ لذا فقد آثرت الاستئذان و الانصراف وهذا ما فعلته بكل هدوء تحت نظراتهما. **************** تلحفت بالبطانية الثانية وانكمشت على نفسها تطلب الدفء ... رفعت كفيها لفمها تنفخ لعل بعض الدفء ينتقل إليهما. كانت تشعر بالبرد يسكن بأطرافها منبعثا من أعماقها ... تشعر ببرودة الوحدة التي استوطنت قلبها جنحت لتشمل جسمها. لقد تداولت الأيام وصارت بالسابعة والثلاثين ... مطلقة وعقيم ووحيدة ... كانت تسأل نفسها منذ سجنت نفسها بغرفتها و ذلك منذ قالت لا عما هي عليه و عما تريده؟ وهي تتأمل وتعيد مراحل حياتها لم تجد وصفا يليق بها سوى الكلمة التي وصفتها بها "تيتريت" ... إنها شبح ... لكن ما لا تعلمه "تيتريت" أنها لا تستطيع سوى أن تكون كذلك ... صورة باهتة لامرأة سرقت ألوانها .. سلبت منها اختياراتها ... وتركت على قارعة الطريق تائهة وبائسة ... لا تتذكر نفسها سوى حطام فكيف تطلب من حطام أن يقاوم ... أن يتمرد. ابتسمت بشفتين مرتعشتين و الوسادة الباردة تفعل ما دأبت على فعله منذ سنوات وتمتص دموعها المذروفة ... فهمست بسخرية مريرة من نفسها : - حتى لا ... لم تكن سوى وفرة شجاعة سرعان ما اضمحلت **************** يتبع | |||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
عطر،حواء،عطر حواء، epilobe |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|