قلبُكَ وطني (1) سلسلة قلوب مغتربة * مميزة ومكتملة *

[Shammosah]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سوزان محمد احمد

فصل جميل يا شموسة
البداية مع ماجدة والا بتقاوم قريبها السمج الا بيعمل المستحيل عشان ترجع له معجبة بموقفها
وائل موقفه من انجل انا شايفة ان صح طالما هى من جوها رافضة تكمل يبقى مش هتقدر تبقى زى الاول فيه
وموقف ماجدة برده صح انها خايفة انها تندم بعد كده وعاوزها تبقى قوية لنفسها بس اعتقد انها لو اخدتها بالمسايسة افضل من الاجبار وده عيب ماجدة
بانة وموقفها مع احمد ارحمى الراجل اعصابه باظت ههههههههههه بس عجبنى موقف احمد وسيطرته على نفسه واستحضاره لصورتها فى عقله عشان يبعد وميتهورش
موقفه مع عمرو ههههههههه منتهى الطفولية طبعا ههههههههه حد عاقل يعمل كده فى البدلة
عمرو بقا واررو واضح وصريح وخصوصا فى كلامه مع الهام ومدرك ومتقبل مخاوفها وهيحاول يعالجه ويستوعب والدته واحتياجاتها وفى نفس الوقت مش هيجى على اروى
اية واضح انها مشاعرها ملخبطة وبعد سيد ماثر عليها وبتخاول تغير من نفسها عشان تلفت نظره باى شكل
فعلا طفلة انا مش مستوعبة انها 21 سنة تصرفاتها تصرفات بنت لسه 15سنة
سيد وموقفه مه زهرة اليقطين واضح ان البنت مش بتعرفتقرا وانها اتعلقت برحمة يا ريت سيد يقدر يوصل لرحمة ويساعد زهرة من شربات وخليل
موقف احمد مع اية كان روووعة وكويس انه حس بيها عدم ثقتها فى نفسها بتدرية بالدلع والشقاوة الا بتعملها
قفلة هادية وفى انتظار العزومة ونشوف ام عمرو ناوية على ايه
حسا مارى منيب هتبقا قاعدة ههههههههههههههههههه

اهلا سوزي



دعمك وتشجيعك للرواية بيغمرني بالسعادة

ومش عارفة حقيقي اقولك ايه

مبسوطة انه الفصل عجبك

ويارب دايما ابقى عن حسن ظنك



ربنا ما يحرمني منك ابدا

[Shammosah]

لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 5 والزوار 2) ‏Shammosah, ‏ندى المطر, ‏shosho200, ‏hafsati, ‏هند

[موضى و راكان]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 4 والزوار 4)

‏موضى و راكان, ‏Arin15, ‏الدنيا هيك, ‏sama mohammad

[Shammosah]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 8 والزوار 2) ‏Shammosah, ‏Arin15, ‏shosho200, ‏منه ايمن, ‏الإغريقية, ‏الدنيا هيك, ‏gdg, ‏اريج العنبر

[Shammosah]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 32 ( الأعضاء 15 والزوار 17) ‏Shammosah, ‏Amani bani fadel, ‏AdamDado, ‏Arin15, ‏الدنيا هيك, ‏shosho200, ‏darinemounamaria, ‏rewaida, ‏jadayal, ‏KoToK, ‏seham26, ‏maha elsheikh, ‏Nan Moh, ‏انجيليتا, ‏shagrit eldor

[Shammosah]

مساء الخير



تنزل بدري كمان انهاردة



بعد ساعتين من دلوقتي





هننزل الفصل الخامس والعشرين ( الجزء الأول )

نظرا لأن الفصل طويل فهنزله على مرتين





وفي هذا الفصل



ايه الي عمله برقوق وأزعج أحمد سماحة لدرجة تهديده بإعاده عن الحي



ماهي وقائع زيارة عمرو الرسمية لبيت سماحة



ما هي ردود الافعال على تلك الزيارة



هل سينجح سيد في العثور على رحمة في ه

[Shammosah]

مساء الخير



تنزيل بدري كمان انهاردة



بعد ساعتين من دلوقتي





هننزل الفصل الخامس والعشرين ( الجزء الأول )

نظرا لأن الفصل طويل فهنزله على مرتين





وفي هذا الفصل



ايه الي عمله برقوق وأزعج أحمد سماحة لدرجة تهديده بإبعاده عن الحي ؟



ماهي وقائع زيارة عمرو الرسمية لبيت سماحة ؟



ما هي ردود الافعال على تلك الزيارة ؟





وايه هي المناقشة الجادة الي دارت بين عمرو ووالدته ؟


هل سينجح سيد في العثور على رحمة في هذا الفصل ؟





ان شاء الله يكون فصل على قدر التوقعات

[Shammosah]

الفصل الخامس والعشرين





فتح أحمد باب سيارته يركبها وهو يضع النظارة الشمسية على عينيه متعجبا أن هذا المستفز برقوق لا يستقبله وهو ذاهب إلى العمل ككل صباح بسحنته الباردة يطلب منه طلبا أو يوزع حضوره السقيعي حوله ..




تحرك بالسيارة وهو يتعجب من نفسه أن يتحمل هذا البرقوق بكل هذا الصبر فلا يجد مبررا لذلك سوى أنه يشفق عليه ويعامله بمبدأ ( إرحموا عزيز قوم ذل ) .





ابتسم بسخرية وبدأ في التفكير في عزومة اليوم والخطوات الرسمية لارتباط أروى بعمرو.. مازال الأمر بداخله لا يستصيغه وإن حاول إخفاء ذلك عن الجميع .. إنه مرتبط بأروى ويخشى من فقدانها أو انشغالها عنه .. ويخاف عليها أن تتألم .. لن يتحمل ذلك أبدا .. يرتعب من فكرة فقدان عمرو أيضا.. فأي تجاوز ولو بسيط في حق أروى لن يتهاون فيه وبالتالي ستتأثر علاقته بعمرو .






قبل أن يصل لآخر الشارع لمحت عيناه تجمهرا لعدد من الناس ولمح برقوق في وسط المشهد فركن السيارة بسرعة .

صرخت إمرأة عجوز تضع أنواع من الخضار في أقفاص صغيرة أمامها وهي تحسبن وترفع نظرها للسماء تدعو على برقوق.. الذي دفع بقدمه قفص الطماطم لتملأ أرض الشارع .. بينما بعض الناس يحاولون التدخل لمنعه مع بعض الخوف الواضح عليهم من حالته العقليه ..أما برقوق فينظر إليهم ببرود صقيعي واضعا يديه في جيبه .. ثم تحرك ناحية قفص آخر يهم بدفعه حتى أتاه صوت أحمد كالرعد يهدر باسمه .





توقف برقوق فجأة .. وأغمض عينيه يشتم من بين أسنانه أن أمسك به إبن سماحة في هذا الوضع .. فاستداره إليه يمنحه نظرة باردة كالعادة .. فاقترب منه أحمد بعصبية و أمسك نفسه على أخر لحظة من لمسه وهدرفيه من بين أسنانه "ماذا تفعل !!!"





لم يرد برقوق بل تطلع إليه في حرج يحك ذقنه .





رد أحد الوقفين" لقد بليتمونا به يا باشمهندس والله"




نظر أحمد لبرقوق شذرا بينما الأخير يصدِّر صدغه إليهم ببرود ..



بدأ الناس يلملمون الطماطم من على الأرض بينما العجوز تخبئ وجهها في طرف حجابها الأسود وتبكي بحرقة فهدر أحمد فيهم " أتركوها .. هو من عليه لملمتها "



ثم طالع برقوق بعينين تموجان بالغضب وهو يشير للأرض .



تسمر برقوق قليلا يتحاشى نظرات ابن سماحة وكأنه لم يسمع شيئا فتكتف أحمد أمامه يطالعه في تحدي بنظرات تخترقه .. فتحرك متململا .. وهو يكوم شفتيه باتجاه واجه في امتعاض .. وأخذ يلملم الطماطم في قميصه ببطء مستفز .





قالت العجوز لأحمد من بين دموعها "والله يا بني لم أفعل له شيئا .. أنا على باب الله كما ترى .. وكنت أجلس بأول الشارع فضايقني وطلب مني الرحيل .. جئت إلى هنا في نهاية الشارع ..فلم يرتكني في حالي .. واليوم جاءني يريد حزمة خس بنصف الثمن .. وعندما رفضت فعل ما رأيته "





عادت العجوز تخبئ وجهها وتبكي مجددا فأشفق عليها أحمد وقال بهدوء " لن يتعرض لك مجددا يا حاجة .. وإن فعلها اخبريني .. أسألي أهل الشارع عن إبن سماحة سيدلونك "






ثم استدار لبرقوق الذي يتهادى ببرود في لملمت الطماطم بينما بدأ بعض الواقفين الضحك فحدجهم بنظرات متوعدة ثم خص العجوز بنظرة غل واضحة فأبعدت الأخيرة نظرها عنه بخوف ترتب أقفاصها .





بعد قليل كان برقوق يقف أمام أحمد يصدر له صدغه في وقفه مسترخية يديه في جيبه ويحدجه بنظرات وملامح ممتعضة بينما أحمد يوبخه بعنف .





قال أحمد وهو ينهي كلامه ويستعد لركوب سيارته "هذا آخر تحذير لك يا برقوق ..أترك الناس وشأنهم ولا تشاكس خلق الله .. صدقني لو اشتكى منك أحدا مرة أخرى .. سأبعدك عن الحي تماما وتذهب لحال سبيلك .. نحن لم نقصر معك لكنك مصر على اختلاق المشاكل .. إفعل شيئا مفيدا يا برقوق فكر في شغل فراغك بأي عمل بسيط .. فكر في نوع العمل وأنا سأوفره لك ... وإياك أن يأتيني بسببك شكوى .. هيا إلى مكانك ولا تغادره "





مط برقوق شفتيه بعبوس طفولي وتحرك مطرق الرأس بقامته القصيرة النحيلة المائلة للإنحناء قليلا بينما زفر أحمد في عصبية وهو يعود لسيارته من جديد .





***





في المساء كان البيت كله متوتر على الرغم من أن كل منهم ينكر ذلك ..




والأمر ربما يعود لترقب زيارة أم عمرو التي فُهم ضمنيا أن موافقتها لم تكن إلا بضغط من إبنها .



إرتدى أحمد بنطالا من الجينز وبلوزة رياضية بعد أن رفضت والدته بعصبية أن يقابلهم بحلة رياضية بسيطة .. على أساس أنهم ليسوا أغرابا وأن الأمر لا يحتاج للرسميات.. لكنه أشفق على توترها فاستسلم ونفذ على مضض .





خرجت بانة للصالة تضع بعض الفضيات على المائدة فتفحصها بنظرات ذكورية جرئية .. كانت ترتدي بنطالا من الجينز هي الأخرى وبلوزة قصيرة ..فتجسد قوامها الذي يميل للإمتلاء قليلا أمامه بأنوثة مذيبة للأعصاب .. فتمتم في سره "يبدو أنني سأتركها تبيت هنا الليلة ..وأبيت أنا في في حوض مملوئا بماء مثلج في شقتنا حتى الصباح".



لمحته فالتمعت عيناها .. تتأمله بالجينز .. الذي لا يميل لارتدائه .. بل يتقيد دائما بالملابس الرسمية مفضلا الحُلّات الكاجوال ومحافظا على مظهره الأنيق .. بنفسية (النجم السنيمائي ) كما قابلته أول مرة .. وإن كان قد إنكسر بداخله الميل للمبالغة في ملابسه بعد النضج الذي حل بشخصيته منذ فترة فأصبح أنيقا دون مبالغة .. تمتمت بانة في سرها "السيد الأنيق دائما ".




تقدمت نحوه بابتسامة وأعترفت لنفسها أنها اشتاقت إليه منذ أن رحل في الصباح ..بات يلح عليها شعورا بافتقاد حضوره المشاكس حولها .. حتى حين عاد منذ ساعتين كانت مشغولة بالمطبخ وخمنت أن وجود أم شهد وأبنتها قد منعه من الدخول إليها .



استقبلها بابتسامته التي تحطم أسوارها فقالت تمازحه " هل تنازلت ولبست الجينز اليوم .. هذا تجاوز في حق الوجاهة ."



اتسعت ابتسامته ورد عليها وهو يتجول بعينيه في وجهها " لم أجد مفرا .. أمي مصرة ..وسأكون أبلها وأنا أرتدي حله رسمية في مناسبة عشاء مع جاري الذي كنت ألعب معه في الشارع (عسكر ولصوص) "





رنت ضحكتها فتمتم بهمس مسموع " يا منجي من المهالك يا رب !"





قالت وهي تتطلع إليه " لا استطيع التخيل أنك تجري في الشارع مثل الأولاد وتقع في الارض ويغطيك التراب وما إلى ذلك "



وضع يديه في جيبه ورد عليها بنباهة " كنت أخصص لبسا معينا للعب بالشارع أرتديه في كل مرة أخرج فيها حتى لا أهين ملابسي الباقية .. وعموما لم ألعب كثيرا بالشارع كان معظم تجمعنا ولعبنا بالنادي . وبما أن أربعتنا أعضاء فيه فكنا نتقابل هناك "



سألته بعينين تتلألأ فيهما النجوم "وكيف كان شكلك وأنت صغير ؟"



أمسك بذقنها بين أصابعه برقة وقال " أنت متخصصة في السؤال في أوقات غريبة وأماكن غريبة يا فتاة .. لقد قضينا اسبوعين كتماثيل الشمع في الشقة .. حتى الخروج من المنزل مثل باقي العرسان لم ترغبي فيه ولم أحب الضغط عليك "



لاح الألم في عينيها وهمست" أعرف أني أظلمك معي يا أحمد.. أعطني مزيدا من الوقت .. صدقا أنا أجاهد نفسي "



تأملها قليلا ثم همس بعشق " إن كان وجودك في حياتي ظلما لي .. فاظلميني يا بانة إلى الأبد ."



تخضبت بالحمرة تطالعه بانفاس متقطعة ولمح نظرة اعجاب في عينيها لقوامه ببنطاله الجينز فاقترب منها أكثر ليشملها بدفئه .. قبل أن تخرج أروى للصالة فجأة وهي تقول ساخرة " هل استطيع تعطيل المشهد العاطفي قليلا .. "



جز أحمد على أسنانه وسألها في غيظ "ماذا تريدين ؟؟؟!!"

قالت ببراءة مصطنعة " لا شيء فقط إفتح الباب واستلم من عامل التسليم "



عقد حاجبيه وهو يتحرك نحو الباب ويتمتم "هل طلبنا شيئا ؟"



أغلق الباب بعد دقائق وهو يحمل باقة كبيرة من زهور التيوليب البيضاء وطبق من الكريستال مليئ بالشيكولاتة ومغلفا بالسلوفان .



نظر إلي الهدية وقد فطن للمرسل فقال "ماهذا القرف ؟!"



ردت أروى بابتهاج طفولي " عمرو أرسلها "



فسألها باستنكار وهو يطالع ما يحمله بامتعاض "ولماذا فخامته لم يحضرهم معه؟!! "



ردت بنفس الابتسامة الطفولية الولهة" إنه يلف حول نفسه منذ ساعتين .. ويهاتفني كل عشر دقائق يبرطم بأنه لن يحمل هذه الأشياء ويمشي بها في الحي أمام الناس ولن يدخل بها من الباب"




ثم اتسعت ابتسامتها وأكملت "إنه متحرج من حملها ..فاقترحت عليه أن يطلب من عامل التوصيل أن يوصلها قبله "



هتف ساخرا " ما أروعه !!!"



خرجت آية تهتف بانبهار " وااااو .. ما هذا الجمال ؟!! "



رد أحمد بغيظ " بل قولي ما هذا الابتذال والنمطية !!"



طالعت آية الهدية وهتفت بانبهار" هل تعلمين يا أروى أن هذا الورد مستورد ؟.. أعتقد أنه بمبلغ ليس بالقليل ..كما أن هذه الشيكولاتة وهذا الطبق الكريستالي بمبلغ ليس بالقليل أيضا .. صدقا ذوقه رائع "



طحن أحمد ضروسه بغيظ ودفع بالباقة والسلة نحو أروى وأية .. وبمجرد أن أخرجت أروى البطاقة الملحقة خطفها بسرعة وفتحها بفضول بينما أروى تنفخ في غيظ .. وقرأ المكتوب ..ثم اعادها لأروى بقرف ..




حدجته بانة بنظرة موبخة فرد عليها بهمس حانق " لا أحب تمجيد أشياء عادية .. كما أنها ليست زوجته بعد .. ذكريني ماذا أحضرت لك في أول زيارة لآل غنيم؟"




زمت شفتيها ونظرت إليه نظرة خاوية فهرش برأسه وسألها بهمس محرج " لم أحضر شيئا ؟!!"



أومأت برأسها وهي تكتم ضحكتها .



فسألها بهمس وهو يشيح بوجهه بعيدا عن البنات "وماذا قالت عني الخالة سوسو ؟!!"



اطبقت بانة على شفتيها دون رد .



فأطرق برأسه وتمتم " ولماذا لم تنبهيني يا بانة؟!!"




فابتسمت وردت بنفس الهمس" خجلت أن أتحدث معك وقتها في أمر كهذا .. خاصة وأنا أجده سخيفا أن ندقق على هذه الأمور التافهة "



رد عليها بهمس حانق " لكنه يعيبني أمام من تعتبرينهم أهلك "



ابتسمت باشراق وقالت بنفس الهمس " لا تقلق لأنك أرسلت إليها في صباح اليوم التالي باقة ورد وطبقا من الفضة خلبا لبها "




رفع حاجبا وسأل بشك " أنا !!! " فغمزت له بعينها.

تملكته رغبة حارقة في تقبيلها قبلة طويلة تقطع أنفاسها .. الأن ..




حالا .. وفورا ..



تنحنح يسيطرة على أعصابه .. وتطلع للفتاتين اللتين مازالتا تتحدثان عن الهدية .. فخرجت إليهم إلهام وهتفت بعصبية " هلا وضعتم هذه الهدية على المنضدة بشكل أنيق بالله عليكم .. وكفى تحديقا فيها وكأنكما لم تشاهدا هدية في حياتكما .. وأنت يا أروى هل هذا ما ستلبسينه ؟!!! "



ردت أروى بهدوء " ما به لبسي يا أمي ؟"



كانت ترتدي فستانا باللون الليلكي الداكن يبرز نحولها مع أكمام تنتهي ببعض الانتفاخ عند الساعدين ثم تضيق حول رسخيها بأناقة كأكمام فساتين الأميرات .. وقد وضعت بعض الزينة الخفيفة وحجابا بسيطا .



قالت إلهام في حنق " هذا لبس يصلح للنادي!! .. ولماذا لا تلبسين أي مصوغات ذهبية .. الذي يراك يعتقد أنك لا تملكين ذهبا !!"



ردت أروى بهدوء "لا أحب أن أبدو مبالغة يا أمي المناسبة عادية "



تدخل أحمد يقول بدبلوماسية " أنا أتفق معها يا أمي .. وأرها ما شاء الله مبهرة " فأشاحت إلهام بذراعها بعصبية وتركتهم وهي تبرطم .



نظرت إليهم أروى وتمتمت " وأنا سأذهب لأضع اللمسات الأخيرة تعالي معي يا آية من فضلك "



في الطريق لغرفتها فتحت البطاقة بلهفة لتجد الجملة الغنائية :



يالشوقي واحتراقي في انتظار الموعد



أطرق أحمد في ضيق وشفقة من الحالة التي عليها والدته .. فتمتمت بانة وهي تهم باللحاق بها "إنها متوترة منذ بداية اليوم ..سأذهب إليها "



طالعها بنظرات ممتنة وهي تتحرك ثم لحقها بصوته يقول " هل ستقابلينهم بهذا البنطال يا بانة؟"




ردت بخجل " لا بالطبع سأرتدى فوقه رداء طويلا" ثم أسرعت إلى الداخل بوجنتين مشتعلتين.



دخلت على إلهام التي تقف متخصرة متحفزة فسألتها " لماذا أنت متوترة يا أمي "





صمتت إلهام قليلا وهي تعض على خدها من الداخل ثم قالت بصوت خفيض حتى لا تسمع ام شهد وابنتها الواقفتان بالمطبخ " اخشى على أروى من عفاف .. أنا أعرفها منذ أن كنا صغارا .. وأعرف عقلها الصغير .. وأعلم كيف هي مهووسة بابنها .. وما يعصبني أني قد لا أستطيع اطلاق لساني للرد على أي كلمة لا تعجبني حتى لا افسد الموضوع .. وأدعو الله أن يلهمني الصبر وأن يربط لساني .. فقط من أجل أروى وعمرو "




ابتسمت بانة في اشفاق ثم قالت "إن شاء الله سيمر الأمر على خير .. وأنا أرى أروى قوية وعاقلة .. وما يهمنا أن عمرو متمسك بها ويريدها بشدة "



زفرت إلهام وتمتمت" اللهم إن كان به خيرا فسهله يا رب "

مالت بانة عليها وطبعت قبلة على خدها ثم سألتها لتثير حماستها" وهل ستقابلينها بهذه الملابس ؟!"



حدجتها إلهام بنظرة ماكرة لامعة ثم رفعت حاجبيها بخيلاء وقالت " بل حضرت عباءة من الحرير بها بعض التطريز الرقيق على الأكمام والصدر مستوردة .. ستفجر مقلتيها تفجيرا."



علت ضحكت بانة وهي تحتضنها في محبة وإلهام تبتسم وتربت عليها بحنان .








يتبع

[Shammosah]

بعد ساعة كان الجميع حول منضدة الطعام يتظاهرون باللاشيء على الرغم من ملامح عفاف العابسة منذ أن دخلت .. تتعامل بجفاء ووجه مقلوب .. مما أشعر عمرو بالحرج على الرغم من تأكيده عليها مرارا قبل الحضور ألا تفسد الأمر مادامت قد اعطته موافقتها .





حاول عمرو الذي كان يجلس بين أروى على يمينه وأمه على يساره .. التعامل ببساطة متخفيا خلف الوجه المتحفظ ..



ضغطت إلهام على أعصابها لتمارس دور المضيفة رغم شعورها بالكبت والغيظ بسبب وجه عفاف المقلوب .. وبدأت في وضع الطعام أمامها تحثها على الأكل وعفاف تتجاوب ببطء .





سأل الحاج بلهجة غامضة وكأنه أراد وضع النقاط على الحروف في حضور الجميع " هل الشقة التي اشتريتها تحتاج عملا كثيرا يا عمرو "


رد عمرو بهدوء "بعض التعديلات البسيطة وخاصة غرفة النوم.. أنوي توسيعها مع الغرفة المجاورة وأقيم جزء منها حمام صغير ملحق بالغرفة .. كما أن أحمد سيساعدني في تركيب بعض الدعامات بالحمام وبعض التغيرات الأخرى لتناسب أروى أكثر ".


رد الحاج برضا "هذا جيد "


تمتمت عفاف بمصمصة " بصراحة لم أرى داعيا لشراء شقة جديدة .. شقتي واسعة وجديدة نسبيا .. هي فقط تحكمات غريبة ."


ساد الصمت وامتقع وجه إلهام بشكل واضح فرد عمرو بهدوء وصبر رغم حرجه " يا أم عمرو أنا أخبرتك من قبل أن هذه كانت نيتي منذ فترة .. وقد فاتحت فيها أبي رحمه الله أني حين أتزوج سأستقل في شقة خاصة .. و كنا ننتظر إخلاء أي شقة في العمارة وعرضها للبيع لأكون قريبا منكم وقد جاءت الفرصة الحمد لله ".



ردت عفاف بحزن "ومات الشيخ هل ستتركني وحدي بالشقة ؟!"



رد عمرو وقد تحرج أكثر أن تختار هذا التوقيت بالذات لمناقشة هذا الأمر " يا أماه أنا معك بنفس العمارة وسأكون معك يوميا .. الأمر فقط أني أحب لزوجتي أن يكون لها مكانا مستقلا بها .. كل زوجة من حقها أن تشعر بهذا الشعور ".


سكتت عفاف بوجه واجم .. فتدخلت إلهام تحاول إغلاق الموضوع " كلي يا عفاف لم تتذوقي هذا الطبق إنه من بلد بانة .. هل تذوقت هذا الطبق يا عمرو؟ "




ردت عفاف بسرعة " مرمورة لا يحب الباذنجان"






تجمدت يد عمرو بالملعقة قبل أن تصل لفمه وقد شعر بأعراض ذبحة صدرية وشيكة .. و طعنة مؤلمة في صميم رجولته وكرامته أمام أروى وأهلها.. بينما ساد صمت ذاهل بين باقي الحضور .






سرق أحمد المشهد لعدة ثوان حينما سعل بقوة يقاوم الاختناق .. وقد أشفق بشدة على صديقه .. فتطلعت إليه بانة بقلق من الجهة المقابلة للمنضدة بينما ربتت أروى التي تجلس بينه وبينه عمرو على ظهره بحزم .



حدج عمرو أمه بنظره غاضبة قبل أن تفلت من أروى ضحكة كتمتها بسرعة في مهمة انقاذ سريعة بالاتفاق مع أحمد..



استدار عمرو لأروى بنظرة عاتبة وإن كان قد هدأ توتره قليلا بعد أن وجدها تستقبل الموقف بضحك .


تدخل أحمد يقول لأروى التي تكتم ضكتها بيدها في تسلية " الآن أقتنعت بتوافقكما .. هل أفضحك وأخبرهم بالأسم الذي كنا نطلقه عليك ونحن صغار ؟".


ضحكت أروى ومدت كفها تغلق فمه فأزاله وهو يقول " أشك أن عمرو يتذكره .. فتخيلي حينما يعرف "


وضعت كفها تغلق فمه مجددا وقد انقشع التوتر وتصاعد بعضا من المرح في الأجواء فانطلقت آية تقول بإلحاح " قل يا أحمد قل "


رد عمرو بهدوء وشبح ابتسامة تلوح على وجهه "تقصد (البرادعي)؟؟؟ "


عبست أروى كالأطفال قبل أن ينفجر معظم الجالسين في الضحك بما فيهم أروى التي غطت وجهها بحرج ضاحكة .. بالطبع إلا شخص واحد كان مصر على الحفاظ على وجهه المقلوب .


فسر أحمد لبانة عبر المائدة "كان هناك مسلسلا قديما به عبارة شهيرة لمجرم متخفي اسمه البرادعي ..وكنا نلقبها بهذا الاسم ..لأنها كانت برغم ملامحها الرقيقة مخيفة و جبارة وحازمة خاصة في فترة المراهقة "


ردت بانة بلهجتها بعفوية " نعم اتذكر هذا المسلسل القديم "


غلظ أحمد صوته وردد العبارة بلهجة مخيفة " ( أنا البرادعي يا رشدي ) " .. ثم أطلق تلك الضحكة التي تحبها بانة .. فقبلته عيناها عبر المائدة بعشق .


تأمل عمرو أروى بطارف عينيه وضحكتها تدغدغ شغاف قلبه ... وظل يدعو في سره أن ينتهي هذا اليوم بسلام دون المزيد من كلمات والدته المحرجة له .. والذي لم يعد متأكدا هل تتعمد إفساد الأمر أم أنها تتعامل بعفويتها المؤذية أحيانا وعقلها البسيط .


غير أن أمله كان زائفا .. فسرعان ما سألت والدته أروى فجأة " وهل ستتمكنين من الطبخ يا أروى أم كيف ستدبروا أمركم؟.. أم تتوقعون أن أتولى أنا هذا الأمر بدلا منك ؟!"




رد عمرو بصوت خفيض " هل هذا الأمر مناسب الحديث عنه الأن يا أمي .. عموما سندبر حالنا أنا وأروى لا تقلقي علينا "


هذه المرة لم تستطع إلهام السكوت فردت بكبرياء "وأين أنا إذا اضطرت ابنتي للطبخ يا عفاف .. فتيات كثيرات في هذا الجيل يعتمدن على والدتهن في تلك الأمور في الفترة الأولى من الزواج .. وأنا سعيدة أنها لن تكون بعيدة المسافة عني حتى أستطيع أن أدللها كما أريد .. فما فائدتي في الحياة إن لم أدلل إبنتي .. حتى تذكرني بالخير حين أموت "


تمتمت أروى بتأثر" لا حرمني الله منك يا أمي"



ردت عفاف " أطال في عمرك يا إلهام لكن لا تؤخذيني نحن نكبر بالعمر سريعا والاعتماد علينا أمر غير واقعي ."


هزت آية ساقها تحت المنضدة بعصبية وغل.. تحاول التعقل وعدم التهور حتى لا تفسد الجلسة..



بينما تدخلت بانة لأول مرة في الحديث تقول بلباقة " لا تقلقي يا خالتي بهذا الشأن .. أطال الله بعمر أمنا .. وأنا موجودة وأساعد.. ولن تحتاج أروى لشيء بإذن الله"


ابتسمت لها أروى في امتنان بينما قالت عفاف لبانة بلهجة لطيفة " سلمت يداك بنيتي.. أعلم أنكم ما شاء الله .. تشتهرون بالمهارة في الطهي .. والحقيقة إن وجودكم شجع الكثير من شباب بلدنا الإقدام على الزواج منكن .. ما شاء الله جمال وكمال .. بالإضافة لأن طلباتكن ومهوركن بسيطة .. وترضين بأقل القليل رغبة في الستر"





عم صمت ذاهل .. ثم تباينت ردود الأفعال في الدقيقة التالية ..





إلتفت إليها عمرو باستنكار وقد اتسعت عيناه وانتفخت عروق رقبته ليهمس باستنكار " أمي !! ما هذا الكلام !! "


بينما أزاح أحمد كرسيه بحدة واقفا .. فكان الصرير الصادر عن احتكاك الكرسي بالسيراميك انعكاس لضروسه التي يطحنها محاولا التحكم في رد فعله .. كرامة لعمرو وأروى فهتف بلهجة خطرة " سلمت يداك يا أمي " ثم تطلع لبانة التي طمأنته بأنها بخير برغم الامتقاع الظاهر على وجهها .. فابتعد وخرج للشرفة .


في الوقت الذي حوقل فيه الحاج سماحة في نفاذ صبر وقد آثر الصمت منذ بداية الجلسة مراعاة لخاطر الشيخ وأبنه ...خاصة وأنه يتحرج أن يرد على امرأة .


أما إلهام فبمجرد أن قالت عفاف ما قالته ضربت بكفها على المنضدة بعنف ..وقد طفح بها الكيل .. فأصدرت أساورها الذهبية صوت تحذيري فلحقتها بانة التي تجلس بجوارها تمسك بذراعها .. قبل أن تتهور وتمتمت في همس " إهدئي يا أمي أرجوك .. لا تسمحي لها باستفزازك "


الوحيدة التي لم تستطع الصمود أمام هذا الكلام المستفز و فأجأت الجميع بانفعالها كانت آية التي ردت على عفاف قائلة بسخرية " فعلا يا خالتي جمال وكمال وطلباتهن ومهورهن بسيطة وترضين بأقل القليل .. ويسهل حملهن وطيهن وتخزينهن .. ويحتوين على إشعال ذاتي وإضاءة في الظلام .. وهناك من يكون محظوظا فيحصل على نوع فريد منهن يصفق بمجرد النظر إليه ".


نظر الحاج لآية بابتسامة فغزت له .


ردت عفاف في حرج وهي تطالع وجوههم برغم أنها لم تفهم ما الذي قالته فضايقهم" يبدو أنني قلت شيئا ضايقكم .. أنا لم أقصد أي إساءة "



تدخل عمرو يقول بحرج شديد وقد احمرت أذنيه "أعتذر لو فهم كلام أمي بشكل سيء .. آسف يا بانة "


ثم دفع الطبق من أمامه بعصبية رغم محاولته التماسك واستقام وهو يقول بصوت مخنوق "سلمت يداك يا خالتي "
ردت إلهام بإشفاق " لم تأكل يا بني .. الطعام أمامك كما هو "


ابتسم في مرارة وكرر الشكر ثم توجه بنظرات معتذرة للحاج سماحة ذو الملامح المتجهمة وتحرك ناحية الأريكة الكبيرة في الصالة متحاشيا التطلع في وجه أروى التي كانت تراقب الجميع في وجوم ..


جلس عمرو على الأريكة متحاشيا حتى الخروج لأحمد في الشرفة .. وقد بدأ اليأس يسيطر عليه في إتمام الأمر بعد الطريقة التي تعاملت بها والدته.



أما آية فأكملت كلامها وهي متكتفة " هل رأيت يا أبي لقد خُدعنا .. انظر لحجم المبالغ التي دفعناها لزواج أحمد من بانة .. كان من الممكن التوفير وتزويج أحمد بأربعة مرة واحدة من النوعية التي تتحدث عنها الخالة .. كنا حصلنا على المميزات مضروبة في أربعة بتكاليف أقل "..



ابتسم الحاج بينما تحركت عفاف تترك المائدة في جبن وهي تقول " سلمت يداك يا إلهام "


ردت إلهام ساخرة " لم تأكلي جيدا يا عفاف هل شغلك الكلام عن الأكل ؟"


ردت عفاف وقد عادت للوجه المقلوب " أكلت شكرا "


بمجرد أن تحركت استقام عمرو يقول في تهذيب على الرغم من التجهم البادي على وجهه " هيا يا أمي "


ردت إلهام تقول " إلى أين يا بني ؟"


قال عمرو " أعتقد أن أمي بحاجة للراحة فلا أريد أن أجهدها "


حملت عفاف حقيبتها في كبرياء لكن أروى تدخلت فجأة تقول بجدية " لكني أود الحديث مع خالتي عفاف أولا "


ثم أكمت بصوت أكثر لباقة " بمفردنا إن لم يكن لديها مانع "
تمتم عمرو معترضا " ولكن .. "


فقاطعته أروى بحزم " أنا أريد ذلك فإن وافقت الخالة سأكون ممتنة "


ردت عفاف بترفع " لا مانع طبعا بنيتي "


أشارت أروى بيدها لتسبقها نحو غرفة الصالون فتحركت عفاف نحو الغرفة بتحدي .




نظر الجميع لأروى فابتسمت لهم ابتسامة مشجعة وتحركت بكرسيها .. ليهمس عمرو عند باب الغرفة بتوسل " ليس هناك داعيا يا أروى "


ابتسمت له أروى بشجاعة ودخلت الغرفة التي ظل بابها مفتوحا .. فوقف عمرو بقلق يدعو الله أن تترفق أمه في اختيار ألفاظها .. فإن كان الأمر قد يتعثر أو يفشل فلا داعي لأن يكون بجرح أروى .. واستعد للتدخل في أي لحظة منهيا الحوار بحزم إذا ما تجاوزت أمه حد اللباقة في الحديث .



بادرت أروى بالحديث بشجاعة " تفضلي يا خالتي اسأليني كل الأسئلة التي تدور بمخيلتك وأنا سأجيب بمنتهى الصراحة "


قالت عفاف ببعض اللطف " لا تؤخذيني يا بنيتي لكني أم.. وأحب ولدي .. وأتمنى أن ينعم بالسعادة حينما يتزوج "




ردت عليها أروى بتفهم " طبعا بالتأكيد وبالنسبة للرد على سؤالك لي بشأن الطهي .. فأنا كنت أساعد أمي في المطبخ قبل الحادث .. لكن بعده لم أقم بأي محاولة .. لأنني لن أستطيع الوقوف أمام النار والتعامل معها حتى لو تم تصميم الموقد بمستوى الكرسي لن يكون الأمر آمنا.. لذا من الصعب التعامل مع النار وأنا على الكرسي.. أنا تكيفت مع الكثير من الأمور .. وأصبحت أتقنها لكل للأسف ليس من بينها الوقوف أنام النار أو التعامل مع الأشياء الساخنة مباشرة .


فكرت يوما أن استخدم الكرسي الذي يستخدمه مرضى الشلل.. حفظك الله فهو يستقيم واقفا بصاحبه المربوط به .. من كل ناحية لكني وجدته غير عملي وغير أمن لاستخدامه أمام النار ..


ماذا سنفعل في هذه الحالة ؟ ربما سنعتمد معظم الوقت على أمي بارك الله في عمرها .. وقد نلجأ لامرأة في المستقبل تطبخ لنا .. وقد يساعدني عمرو ويطبخ هو .. لا أعرف لكن هذا هو الوضع ."




ردت عفاف مستنكرة " أبني لا يعرف كيف يسلق بيضة ولن أحب أن أراه يتزوج ليخدم زوجته"


جز عمرو على أسنانه في الخارج يهم بالتدخل فأشار له الحاج ألا يفعل.. بينما تركت إلهام المكان وذهبت للداخل قبل أن ترتكب جريمة .


ردت أروى بثقة " إذن سنعتمد على أمي حتى أقرر إن كنت سأستعين بأحد يساعدني بهذا الأمر .. أو ربما يمن علي الله بالشفاء بعد حين "



ردت عفاف بسرعة " ولماذا تحملوا ميزانية البيت مصاريف خادمة "



تنهدت أروى وقالت " هذا هو الوضع يا خالتي للأسف "




سألتها عفاف ببعض التردد " هل صحيح ظهرك مكسور فقط أم أن هناك شلل يمنعك من .. من .."




احمر وجه عمرو واندفع للغرفة يقاطعها بحزم " أمي !!!!! "


تألمت أروى جدا .. وذبحها السؤال في صميم أنوثتها .. لكنها طلبت من عمرو بهدوء حازم " من فضلك يا عمرو اتركنا نكشف كل الأوراق مرة واحدة "


ثم همست في حرج " هل من الممكن أن تخرج من الغرفة ؟"


عاد بظهره ووجه محتقن لخارج الغرفة وهو يزم شفتيه في وجوم بينما عادت أروى لتقول لعفاف بنفس الوجه اللامبالي الذي تقنه" أنا أعاني من كسر بفقرات الظهر فقط .. وكان ربي رحيما بي فلم تتضرر الأعصاب .. وبالتالي ليس لدي أي شلل من أي نوع .. وأحس بكل ذرة من جسدي وأحرك قدماي وانزلها من على الكرسي "




وحركت قدميها وانزلتها من على الكرسي وأعادتها مرة أخرى أمام عفاف ثم اكملت " وبالتالي لا توجد لدي أي مشاكل تمنعني من الزواج "


سألت عفاف " والانجاب ؟"


ردت أروى وقد توقعت السؤال " منذ فترة كنت في زيارة لطبيبة نسائية وأخبرتني أنه لا توجد أي مشكلات بالنسبة للإنجاب .. وأيضا طبيب العظام الذي يتابع حالتي أكد عدم وجود مشكلة .. وإن كان قد أبلغنا أن وقتها سيكون هناك احتياطات خاصة وتعامل خاص مع حالتي "




صمتت عفاف فأكملت أروى " أنا أعلم مدى حبك لعمرو وأطلب موافقتك على أن نكمل الباقي من عمرنا سويا .. وأعدك أن أسعده بكل ما لدي من قوة .. وأن استثمر مشاعري تجاهه فلا أجعله يندم أبدا على قراره بالزواج مني ".



ثم أدارت وجهها نحو الباب تطالع عمرو الواجم وأكملت " وأعلم أيضا أن عمرو يحبك جدا يا خالتي .. لذا سأتفهم إذا ما قرر عدم المضي في الموضوع نزولا لرغبتك مادمت لست مرتاحة لهذه الزيجة .. وأفهمه جيدا وأتفهم أولوياته ومبادئه وهدفه الذي يعيش من أجله .. لذا فأنا لن أخذ أي قرار بشكل شخصي لأني أتفهم الوضع "




حدجها عمرو بنظرة عاتبة فعادت تنظر لعفاف التي تراقبهما بصدر يشتعل بالغيرة وأكملت" هل لديك أي أسئلة أخرى لي ؟"


تدخل عمرو يقول بحزم " يكفي هذا .. هيا يا أمي يبدو عليك الإجهاد "




تحركت عفاف بوجه واجم وسلمت على الجميع بفتور .. وإن خصت بانة ببعض نظرات الحسرة قبل أن تسبق عمرو لخارج الشقة ..





نظر عمرو لأروى نظرة لا يعلم إن كانت الأخيرة أو لا؟ ..
فمنحته ابتسامة مليحة مشجعة رغم الألم الذي يمزقها ..

وتساءلت هي الأخرى إن كان الحلم قد انتهى عند هذه اللقطة أو لا ؟.



تحرك بتثاقل يودع الجميع ولاحظ أن أحمد يلتزم الشرفة ولم يخرج إليه.. فخرج وهو يتمتم في سره " رب لا تحرمني ممن تعلقت بها روحي .. وأفوض أمري إليك "





شيعته بنظراتها وهو يغادر .. متحكمة في رغبة في التشبث بملابسه .. ثم ابتسمت وقالت بمرح" ما رأيكم في خطبتي العصماء .. لا أذكر أين شاهدت هذا المشهد من قبل ."

ابتسم الحاج وردد " أنا فخورا بك يا أروى "


رفعت ذراعيها نحوه كطفلة صغيرة فانحني يحتضنها ويربت عليها بحنان..







بينما هتفت آية في عصبية " اقسم بالله أني مارست تحكما خرافيا في نفسي حتى لا أتهور على هذه المرأة الوقحة وتقولون آية أفسدت الأمر"




ثم توجهت لأبيها تقول" أبي أريد أن أخرج قليلا .. سأموت يا أبي من الغيظ والعصبية "


رد الحاج " أين ستذهبين؟ الساعة السابعة مساء "


قالت " سأذهب لكرستين قليلا .. سأنفجر يا أبي اقسم بالله .. سأخذ توكتوك من أمام البيت "


قال الحاج باستسلام " حسنا أذهبي ولا تتأخري "




تحركت أروى تنظر لأحمد الذي مازال يلتزم الشرفة وحاولت تصنع المزاح فقالت " ماذا يفعل هذا بالشرفة هل يحب من جديد؟"


ربتت عليها بانة وقالت " اتركيه ولا تحملي همه سأذهب إليه أنا أعتقد أنك تردين الاختلاء بغرفتك قليلا "


اتسعت ابتسامة أروى التي تداري آلامها وقالت " أعتقد أن الحلقة الجديدة من المسلسل قد ترجمت سأذهب لأشاهدها "


وتركتهم وتحركت بكرسيها .. بينما تبادل الحاج وبانة النظرات المتألمة.


فقال الحاج بتماسك " إذهبي أنت لزوجك وسأذهب أنا لأطمئن على إلهام . "




يتبع

[Shammosah]

بمجرد أن دخلت أروى لغرفتها سقط قناع ( كل شيء على ما يرام ) من على وجهها وتحركت بوجوم نحو الحمام .. واستقرت بجانب الباب تدفن وجهها في كفيها وتطلق العنان لدموع حبستها طوال الوقت ..


ليست متألمة من معاملة أم عمرو بقدر رعبها من أن تكون تلك هي النهاية .. وقد تعمدت أن تعطيه الفرصة للتراجع حينما ختمت حديثها مع أمه بتفهمها إن قرر عدم المضي في الارتباط نظرا لحبه الشديد لوالدته ..إشفاقا عليه من حجم الضغط الواقع تحته والطريقة التي تبتزه بها أمه عاطفيا مستغله حرصه الشديد على برها .



ليست متألمة .. لكنها توشك على الموت ..
ليس بعد أن علمت بمشاعره نحوها ..
وليس بعد أن اعتادت على رفاهية الاستماع لصوته والتحدث معه ومشاكسته ..
وليس بعد أن أنبت الأمل بداخلها وعودا بالمزيد من الفرص لرؤيته .. لرسم تفاصيله بعينيها .. للأرتواء من حضوره في الجوار .


أين قدرتها على التكيف تحتاجها الآن وبشدة؟!! ..


أين إيجابيتها وحرفيتها في التعامل مع الأوجاع ؟! تحتاج لاستحضارها فورا ..


في مهمة انقاذ عاجلة ..


انقاذ من (جريمة أمل تبرعم في نفس يائسة ).


هل إذا توسلت إليه سيقبل أن يعودا عمرو القاضي و Mi Min ؟؟!!.


هل سيتخلى عن مبادئه ويبقى على تواصل معها دون رباط بينهما ؟!!.


كيف تقنعه بذلك ؟؟ ..
إن كان يحبها سيوافق ..
سيوافق على أن يظلا على إتصال ..
ستخبره أنها لن تطمع في أكثر من إتصال ..


وإن منعته المبادئ من أن يتواصلا عبر الهاتف فسترضي بالعودة للتواصل معه بالكتابة ..



سترضى ..
ستتكيف وترضى بأقل ما سيسمح به هو ..


إنها المتكيفة دائما بإمتياز !!.


وإنها ..


ذلك الكائن اليائس ..



المحتاج ..



العاشق إلى حد الوجع.



هل تتعذب مثلي يا عمرو ؟؟؟ ..



هل ستشتاقني كما أشتاقك ؟؟؟ ..


هل ستراني الأنثى الوحيدة في العالم كما أراك الرجل الوحيد على سطح هذا الكوكب ؟!!!.


ابتسمت من بين دموعها في سخرية مُرة وتمتمت" أفيقي يا أروى أنت في الواقع ولست في دراما كورية رومانسية "




***




دخلت بانة للشرفة واستشعرت قبل أن ترى وجهه تشنج عضلات جسده .. كان هادئا صامتا يدخن .. وخمنت أنها ليست السيجارة الأولى .


حين اقتربت كان واجما ولم يلتفت إليها فمسدت على ذراعه بحنان لينتبه لوجودها .. لكنه لم يقدر أكثر من رسم شبح ابتسامة على وجهه المرهق.


سألته بهدوء "هل سمعت الحديث بين أروى والخالة أم عمرو ؟"


أومأ برأسه وتمتم بحشرجة " أجل .. شرفة غرفة الصالون تنقل كل الصوت إلى هنا "


لم تدري كيف تخفف عنه فتمتمت " أرى أن أروى كانت شجاعة وتصرفت تصرفا سليما "


ابتسم لها ابتسامة شاحبة دون رد .



آلمها الحزن البادي على وجهه فسألته بقلق وهي تقترب منه حتى كادت أن تلتصق به " مالذي تفكر به ؟"


رد بهدوء " أشعر بالعجز وقلة الحيلة يا بانة .. أرى أختي تتعذب ولست قادر على فعل أي شيئ".



مدت ذراعها تمسد على ظهره وتلصقت به أكثر ثم تمتمت بإشفاق" أعرف ما تتحدث عنه جيدا .. إن الشعور بالعجز عن إسعاد من نحبهم أمرا مؤلما على النفس .. لكنك لست وحدك الذي تشعر بهذا الشعور . . ومادام الحل ليس بيدك فسلم الأمر لله "


رد بلهجة متألمة " ونعم بالله .. لكني أتألم لألمها ... ولا أعرف ماذا أفعل لأخفف عنها "


ابتسمت وقالت "ما بيدنا أن نفعله أن نواسيها .. أن شجعها .. أن نضحكها .. كما أننا لا نعلم أين الخير .. وعسى أن تحبوا وعسى أن تكرهوا .. إن كانت من نصيبه فلن يعرقلهما أحد إطمئن "


تأملها قليلا ثم مد يده وشدها نحوه برفق لتقف أمامه واحتضنها من الخلف .


فهمست بخجل " أحمد نحن في الشرفة !!"


رد بهدوء "الشرفة مظلمة .. لا تقلقي "


غمرها دفئه ورائحه عطره وقالت بخفوت " ألم تعدني بالتوقف عن التدخين ؟"


رد وهو يسند ذقنه على رأسها ويحدق في الفراغ أمامه " حاضر "


ردت بغيظ " أحمد أنت تشعرني أني سيئة"


رفع ذقنه وسألها مندهشا " لماذا؟ !!!"


ردت بغيظ " لأنك تعاملني جيدا .. وأن غير قادرة على إسعادك "


ابتعد عنها ودعك جبينه بإرهاق ثم قال بهدوء وهو ينظر أرضا " بانــــــــــــة " فاستدارت إليه ترد بنعم .


نظر إليها وقال بإرهاق" هل تعتقدي أني الآن في حالة تسمح لي بتحمل كرامتك المتورمة .. التي تفتق عنها مؤخرا احساسا بالتقصير .. والذي أعرف جيدا أنه سينمو ويستطيل ممزوجا بميلك الفطري للتفزلك لينعكس بقدرة قادر ليشكل أزمة دولية بين البلدين الشقيقين !"


تحكمت في ابتسامة ملحة ووقفت متخصرة في خيلاء متصنعة التأفف وتمتمت " قدري أن أتحمل فظاظتك "


ابتسم لها ابتسامة مستخفة وقال بسخرية وهو يعود للوقوف بجانب سور الشرفة " عاجزين عن الشكر والله ."


بعد قليل قالت بقلق " سأذهب لأطمئن على أروى"


كسى الألم ملامحه وقال " أجل اذهبي اليها .. لست قادرا على تحمل رؤيتها مكسورة القلب .. أشعر أني قد أرتكب جرما ... أرغب في الذهاب لتلك المرأة وخنقتها والتمثيل بجسدها .. "


تحركت لتغادر فأكمل " لا تجعليها تبكي كثيرا يا بانة.. ولا يغركم هذا العرض المسرحي الذي قدمته منذ قليل .. لا أحد يعرفها أكثر مني إنها الآن منزوية في أحد الأركان تبكي وحدها "


مسدت على ذراعه وقالت بحنان" لا تقلق يا حبيبي سأذهب إليها حالا .. كنت فقط امنحها بعضا من الوقت وحدها"


لو كان في مزاج يسمح لاستقبل كلمة ( حبيبي) منها بقلب مبتهج لكن الهموم جاثمة على روحه بيدها الثقيلة .







بعد قليل رن جرس الهاتف فرد أحمد" نعم وائل"


سأله وائل بقلق" طمئني ماذا حدث ؟.. عمرو لا يرد على هاتفه وأشعر بالقلق "


تنهد أحمد في ألم ثم أخبره بتفاصيل الجلسة مما جعل وائل معقود اللسان مصدوما لا يجد ما يعلق به ..



بعد قليل سأله "وهل الأمر قد أغلق من جانبكم ؟"


تنهد أحمد يقول" لا أعرف يا وائل لم اتناقش مع أبي وامي بعد ..وأعتقد أنهما أيضا ينتظران قرار عمرو النهائي "


فسأل وائل بإهتمام " وأنت ما رأيك ؟"


رد أحمد ببساطة " بالطبع أتمنى أن يلتقيا سويا .. فأروى تحبه .. وأعلم أنها من التطرف في مشاعرها بالقدر الذي لن تحب رجلا غيره أبدا .. فتاة تحبس بداخلها حب لشاب لأكثر من اثني عشر سنة هل من الممكن أن تنساه بسهولة؟.. وأنا بإرتباطي المريض بها لن أطمئن عليها إلا معه ..
خاصة بعدما تيقنت مؤخرا أن هذا الغبي يحبها.. بل إنه غارقا فيها منذ قرون سحيقة لكنه من الحمورية والغباء العاطفي والجلافة ما منعه من إدراك تلك الحقيقة .. مهدرا سنينا طويلة من عمريهما ..



أتعرف يا وائل .. كنت أود ألا تكون غارقة في حبه بهذا الشكل .. كنت عاقبته على حموريته هذه بأشد انواع التعذيب وحشية ..تتملكني رغبة في أن أضعه مثلا على كرسي كهربائي عالي الفولت ثم أقتلع أظافره بتلذذ وبعدها أقطع من لحمه شرائح صغيرة .. تكفيرا على هذه الجريمة العاطفية الغير مسبوقة ."


قهقه وائل أخيرا رغم الوجيعة ثم قال "أنا أيضا تأكدت من أنه يكن لها من والحب التقدير ما قد يذهلك .. وإذا أردت الأنصاف أنا أرى أن كلاهما غبيين أضاعا سنينا من عمريهما هدرا كل منهما يحمي الأخر بطريقة متطرفة .. "


صمت قليلا ثم قال بألم "أدعو الله أن ييسر لهما الأمر .. سأذهب للكنيسة أصلي من أجلهما الليلة .. "


رد أحمد بتأثر"اللهم آمين "


عاد وائل للمرح مجددا وهتف " وأعدك يا كونت بمجرد أن يستجيب الله لدعواتنا ويجتمعان سويا أن نُخضع هذا الجلف لدراسة متفحصة متأنية لاستكشاف مناطق الخلل والحمورية التي أدت إلى هذه الكارثة في حق العشاق والمغرمين .. إنه يستحق لقب أغبى عاشق في التاريخ "


فعقب أحمد بغيظ " صدقني يا اكسلانس .. سنكتشف حينها أنه نوع فريد من الكائنات يتوجب وضعه في متحف الكائنات ذات الطفرات الجينية المتحولة "



انفجر وائل في الضحك وهو يتخيل عمرو يخضع لجلسة تعذيب تضمه وأحمد وسيد





***




فتج باب الشقة وانزاح قليلا لتدخل والدته التي اسدارت بمجرد أن أغلق الباب لتقول بانفعال " أنا لا أفهم لما تكبرون الأمور وكأني أجرمت .. آل سماحة تعاملوا معي ببرود وبعض من الوقاحة .. وأنت عابس ولم تنطق منذ أن خرجنا من عندهم وكأنك قد فقدت أحدهم ..
ما المشكلة أني أوضحت رأيي في شراء شقة جديدة ؟!! .. أليس هذا تبذيرا مادمنا نملك شقة بالفعل .. والله لا يحب المبذرين .. إن دمي يغلي منذ أن علمت أنك وقعت العقد واشتريتها .. "




تأملها عمرو بصدمة غير قادر على استيعاب الطريقة التي تفكر بها .. بينما استمرت عفاف في الحديث دون توقف..


"وما المشكلة أني أبديت إعجابي بالبنات الوافدات؟!.. فإن كانوا أخذوا الكلام على كرامتهم فهذا يثبت كلامي أنهم يعلمون أن إبنتهم لا تساوي شيئا بين البنات ..
والله لقد دخلت الحسرة قلبي حينما قابلت كنتهم .. إنها المرة الأولى التي أراها .. ما شاء الله عليها .. جمال تبارك الخالق .. وصحة ونشاط .. وتبدو نبيهة وتخاف على إلهام كثيرا .. وكما سمعت من هنا وهناك أنهن لسن متطلبات في الزواج .."





غمغم عمرو محاولا التحكم في أعصابه " لا حول ولا قوة إلا بالله ! "



فأكملت عفاف بلهجة ذات مغزى" ليست سمراء.. نحيلة.. بظهر مكسور.. ومع هذا يتشرطون !!."


قاطعها عمرو في ذهول "كفى يا أمي .. كفى بالله عليك.. لم أعد قادرا على تحمل ما تتفوهين به في حق أروى .. كفاك .. لا يسخر قوم من قوم يا أم عمرو ".


ردت عفاف بانفعال " أنا لا أسخر .. أليست هذه هي الحقيقة ؟! .. والاسئلة التي سألتها لأروى أي أم مكاني كانت ستقلق وتسأل نفس الاسئلة .. صحيح أنها كانت شجاعة وصريحة في الرد و صحيح أني كنت أشفق على حالها من قبل ..ومعجبة بايجابيتها وكبريائها ولكن هذا لا يعني أن أضحي لها بأبني ."


انفلتت أعصاب عمرو وأصبح غير قادر على التحمل فهدر بانفعال " كفى يا أماااااه.. لن أتحمل مزيدا من كلام في حق أروى . "


جحظت عينا عفاف بذهول وترغرغت بالدموع وقالت " هل تصيح في وجهي يا عمرو !!! .. لم تفعلها أبدا من قبل !!.. لم تفعلها حتى وأنت مراهق .. هل جاء اليوم الذي تصيح فيه في وجهي يا بني ؟!! .. هل هذه وصية الشيخ لك ؟!"



رد عمرو بانفعال " وهل هذا حب ؟!!!! .. هل ما تفعلينه بي يتدرج تحت بند الحب ؟! .. ألست ولدك ومن الطبيعي أن تشعري بي ؟!.. ألم تلاحظي أن قلبي متعلق بها ؟! .. ألم تلاحظي أني لأول مرة أقدم على أمر الزواج دون تردد؟! ..
هل مناقشة أمر الشقة أمامهم يا أم عمرو بهذا الشكل الذي أظهرني رجلا تافها أمامهم.. حبا لي ؟!!.. هل الإصرار على إيصالهم معلومة انك رافضة لشراء شقة جديدة سيفيد بشئ ؟!..



هل المناقشة التي تلت ذلك أمامهم كانت شكلا يليق بي كرجل مسئول عن قراراته؟؟ .. وهي أصلا مناقشة مكررة تحدثنا فيها من قبل وأوضحت لك وجهة نظري .. أني أريد أن أشعر بالاستقلالية وأشعر ببيتي الخاص .. بالاضافة لأن عدم تقبلك لأروى يدفعي أكثر أن أفصل بينكما .. لتشعر كل واحدة منكما أنها ملكة في مكانها .. خصاصة وأني لن أبتعد أنا في نفس المبنى معك"




سحب نفسا طويلا في محاولة يائسة لتخفيف الألم الذي ينحر في صدره واكمل بنفس الانفعال " وهل عبوس وجهك أمام الناس كان حبا لي؟؟ وأنا أشعر أني أضغط على أمي فيما لا تطيق برغم انك قد سبق وأن أعطيتيني مباركتك .. أعلم أن العروس لا تروق لك لكنك أعطيتني مباركتك فلم أبديت في وجهم صراحة عدم ترحيبك بالمصاهرة ؟؟!.. وهل حبك لي يعطيك الحق في إحراج الناس وجرحهم بالشكل الذي فعلتيه يا أمي؟! .. كان من الممكن الاستفسار عن موضوع الطهي بشكل أكثر لباقة ورأفة .. وليس علنا ومع أول زيارة .. كما أن الأمر كان مفهوما دون سؤال فلماذا تعمدت طعنهم في كبريائهم يا أم عمرو ؟؟!! "




صمت قليلا يبتلع طعما مرا في حلقه وقال بتأثر "وهل حبك لي.. منعك من أن تكوني رحيمة بأروى وظروفها ..وتسأليها بشكل أكثر رفقا ورحمة .. تسأليها أسئلة تُصغِّرني أمامها وأمامهم وكأني .. وكأني طفلا صغيرا يرغب في لعبة وتأتي أمه لتتفحصها وتستفسر عنها لتقرر هل اختار اختيارا سليما أم عليها التدخل "




سحب نفسا عميقا ثم أَضاف بصوت أهدأ وهو ينهت " عموما يا أمي سواء أروى تستطيع الطهي أو لا .. تستطيع الإنجاب أو لا .. وسواء.." ..





بتر عبارته يقاوم الانفعال والتأثر وهو يسترجع حديث الصالون ..( وصورة أروى تحرك قدميها أمام أمه لتثبت لها أنا ليست مشلولة ) ثم أكمل والألم أوشك يقضي عليه

" وسواء كانت كاملة الانوثة أو لا .. مع كامل احترامي لك.. هذا شأني وحدي .. وأنا من سأتحمل تابعات هذا الاختيار .. لقد تفضلت مشكورة بتحذيري من مغبة الأقدام على هذه الزيجة .. ورأيك أحترمه وأوكد لك أنه لو كان باستطاعتي تنفيذه لفعلت .. فما أصعب على نفسي من أن أحزنك .. لكن صدقا .. هذا خارج عن تماما إرادتي"





تأملته ذاهلة ثم تمتمت" هذه الفتاة قلبت كيانك !!".




ابتسم لها في مرارة ورد بهدوء" ربما .. عموما أبشري يا أم عمرو ..

فغالبا نجحتِ في إفساد المشروع..

فمن سيزوج إبنته لرجل صغرته أمه أمامهم؟!! .. الحقيقة لن ألومهم..



وأبشري أيضا فلقد إتخذت قرارا مصيريا منذ أن استوعبت مشاعري تجاه أروى ..

وهو ( إن لم تكن أروى سماحة من نصيبي .. فلن أتزوج أبدا في حياتي ) ..



فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها وأنا بعدها لم أعد راغبا في النساء ..

فإن كنتِ على استعداد لتقبل أروى كزوجة لي.. فكثفي الدعاء أن يتعامل آل سماحة معي بكرم وينسوا أحداث الليلة ..

أو استعدي لعمر طويل يجمعنا أنا وانت فقط بين جدران هذه الشقة ."





حين غادر عمرو بعد قليل ليلحق بصلاة العشاء في المسجد أسرعت عفاف للهاتف وطلب زوجة أخيها وهتفت بانفعال
" آل سماحة سرقوا مني إبني يا سلوى "




يتبع