لست أبي (1) * مميزة ومكتملة * سلسلة حكايات بنات

[Aya-Tarek]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكاتبة الزرقاء

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيفك حبيبتي
اعجبني الفصل كثيرا
طريقتك في طرح تفاصيل الرواية جيدة
اسامة ماينظره من اسيل كثيييير
با ترى مالذي تنوي هذه الطفلة قوله له
الرومانسية و القلوب المتطايرة من طرف طارقة ونشوى
هبة المسكينة صارت لقمة سائغة في افواه المعلمات
و لارا المسكينة ماذا سيكون مصيرها اتمنى ان يتمكن اسلام منة تبنيها
فصل حلو
بالتوفيق في بقية الفصول

وعليكم السلام، يا مساء السعادة ❤❤❤
تسلمي يا قمر، و إن شاء الله تفضل الفصول عجباكِ للأخر
و إن شاء الله الأحداث الجاية تُجيب عن كل تساؤلاتك
نورتيني

[سوزان محمد احمد]

جميلة اوووي يا اية
عبد الله عاوز يطمئن علي بنته اسيل قبل ما يموت وعاوز يجوزها
عشان يضمن ان امها ما تاخدهاش برا وتبقي زيها وبطباع الغرب والوسط الا كانوا عايشين فيه
ولجا لاخوه محمد ان ابنه طارق يتجوز ها وطبعا طارق بيحب
الست نشوي بنت خلته البت ديه وفسيتها وحشة ومش قد المسئولية
هي بتحب حب طارق واهتمامه بيها لكن اهم حاجة نفسها
لدرجة انها كشفت مرض عبد الله الا كانوا مخبينه عن اسيل
اسلام شهم وجدع اتاثر باطفال الميتم الا قابلهم
وخصوصا لارا
اطفال عايشين في دار بيشتغلوا فيها زي العبيد ومحرمين
من كل حاجة الاكل والعب وختي الامان
وعشان يقدر يتكفل بيها لازم يتجوز
وطبعا طارق حب يخلص من جوازته من اسيل
فاقنع اسلام انه يتجوزها هو وهو بعد ما يتجوز نشوي هيكفيل
لارا ويقدر اسلام يساعدها
مازن وهالة وموت رنيم اخته مازن محمل نفسه
الذنب في موت اخته
احساس صعب اووووي ربنا هيعوضهم اكيد
هبة وجعتني اوووي ااطلقت بسبب عدم الخلفة
وزميلها ده حيوان لم وجهته بالحقيقة بدل ما يبعد من سكات
شهر بيها وسط زمايلها
يا تري ربنا هيعوضها باسلام حاسا انهم اكتر اتنين لايقينزعلي بعض
وخصوصا ان هبة بتخب اسلام من بعيد
متشوقة لجاي يا يويو
ونشوف هي اسيل ناوية علي ايه مع اسلام

[Topaz.]

مساء السَعـْد 🍃

بارت جميل آية

نشوى طلعت مدللة
وشوية مغرورة 😕
ما ادري شنو الفايدة
من الّي سوّته .. هي
تعرف ان أسيل ما لها
رأي بموضوع زواجها
لكنها رادت تؤذيها 😒

طارق هَم واحد اناني
وما يهمه غير مصلحته

أسيل الله يستر من
لعبها الّي بدأ 😞

بنات الميتم الله يساعدهن
ويحرق المشرفة 😠

لارا لو صار وكفلها إسلام
فهل راح تترك اخواتها لو
شلون ؟..

يعطيچ العافية حبيبتي

[Khawla s]

وجع الي بصير بالدار مؤلم جداً😢😢يقصف عمرك ياسامية😒😒
يخرب بيتها شو صاير معها عشان هيك بتعامل البنات هالواطية
نشوى تصرفها حقييير زيها فعلاً اطلعتي حية 😒😒
اسيل لعبتها بلشت وبعد رؤية اسلام شو بتخطط الله يستر
هبة وجعت قلبي الواطي احمد بعد ماطلبها وحكتله عن عدم انجابها فضحها بكل المدرسة حقييييير😒😒
فصل رااائع ايوشتي 😘😘😘

[Aya-Tarek]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام رمانة

الفصل جميل جدا ،قطعتي قلبي عالبنات الأيتام ولكن ربنا على كل متجبر ظالم،
ومازن وأبيه وأمه وحزنهم عالصغيرة 😭😭😭، أما بقى عن البقية😏 نشوى
الغبية ازاي اسلام صدق بالسهولة دي ان واحدة زيها هتقبل تكفل طفلة ،
وأسيل اللي محيراهم دي ماهي اصلا صغيرة حتى على اتمام الزواج مايجوزوها
عرفي بطارق وهو يتجوز براحته ويعيش حياته عادي ولما اسيل تكبر يسيبها
مش شرط يبقى جواز ابدي

أنتِ أجمل يا حبيبتي ❤❤❤
المشكلة إنه المشرفات دول موجودين فعلاً في واقعنا..
نشوى دي هتحبيها مستقبلاً أوعدك هههههههه
ماهو ده اللي عبد الله طلبه، ورقة زواج تحمي بنته من أمها، لكن المشكلة تكمن في تقبل مشوى للأمر
نورتيني ❤❤

[Aya-Tarek]

كبسم الله الرحمن الرحيم
سيبدأ تنزيل الفصل الرابع الآن
أتمنالكم قراءة سعيدة

[Aya-Tarek]

الفصل الرابع
اقتحمت المشرفة سامية الغرفة الأخيرة بالدار مع مشرفتين آخرتين، لتصيح بصوت عالي غاضب، تكاد تهتز له الجدران:
استيقظن الأطفال على صوتها بفزع، و نظرن لها بخوف، و كل ما يدور في عقولهن الصغيرة أنهن علمن أنهن مَن أكلن الطعام أمس.
هتفت المشرفة بصوت قاسي: "ماذا فعلتن أمس؟"
ردت عليها ريناد بصوت مرتجف خائف: "نظفنا الدار كما أمرتينا".
ليسيطر الشك على ملامح سامية، و تنظر إلى كل واحدة منهن بتركيز، مراقبة أقل حركة يقومن بها، و قالت:
"فقط؟"
هتفت لارا بتأكيد: "فقط".
ليعلو صوت سامية باستنكار: "و مَن أكل الطعام الذي كان في الثلاجة؟"
حاولن الأطفال أن يخفن خوفهن، و يستدعن الهدوء ليزين ملامحهن، و قالت لارا:
"أي طعام، أنسيتِ أنكِ حرمتينا من وجبتنا أمس؟"
احتارت سامية فيمن ممكن أن تكون سرقت الطعام، فلقد أخبرتها الطاهية أن الثلاجة تكاد تكون فارغة، و كمية كبيرة من الطعام الذى كان موجوداً بداخلها اختفى، و ها هي بعد أن اقتحمت جميع غرف الدار، لم تعرف مَن التي سرقته، فأمرت المشرفات اللاتي معها:
"سنجمع كل الأطفال في غرفة المديرة، وهناك سيعترفن عمن فعلتها رغماً عنهن".
و تابعت و هى تنظر للأربعة أمامها: " هيا، إلى غرفة المديرة".
ارتجفت أقدامهن غير قادرين على الحركة، و لكن كان لابد من أن ينفذن أمرها، حتى لا تشك بهن.
سارن بتوتر، و هن ممسكين بأيادى بعضهن، و كأنهن يدعمن بعضهن، و يبعثن في نفوسهن الطمأنينة .
فبالتأكيد إن اكتشفن أنهن مَن أخذن الطعام أمس و أكلوه، سيرين ما لم يروه من قبل..
إذ كانوا على الشجار العادى او التذمر و الاعتراض، يعاقبن أشد عقاب، فماذا عن السرقة؟
بالرغم من أنهن لم يرتكبن أى خطأ، فلقد شعرن بالجوع و أكلن، و لكن حسب قوانين الدار، فهذا يعتبر جرم كبير ..
فكيف يأكلوا من دون إذن؟
و كأن الجوع يحتاج إلى إذن!
كيف يخرجن أغلى أنواع الطعام و يأكلوه؟
و كأنه محرم عليهن!
إن كان هناك خطأ فيما حدث، فهو أن ريناد أخذت الطعام دون إخبارهن.
و لكن هل لو كانت أخبرتهن كانوا سيسمحن لها بأخذه؟!
**********
تبادل أطفال الدار النظرات بينهن بخوف، و التي كانت تحمل التوسل و الرجاء لسارقة الطعام بالاعتراف، حتى لا يتعرضن جميعهن للعقاب بسببها..
وقفت مديرة الدار أمامهن، و هي تحمل في يدها عصا كبيرة، و قالت:
"ألن تعترفن؟
مَن منكن سرقت الطعام؟"
بقين الأطفال على صمتهن، و لكن أجسادهن كانت ترتجف من الخوف، و هن يرون العصا التى تحملها مديرتهن، و القسوة التى كانت تزين ملامحها..
لتتابع بعدها بتهديد: "إن لم تنطقن، سوف تعاقبن كلكن".
ظل الصمت و الخوف مسيطر على المكان، لتهتف سامية و قد تذكرت:
"سيدتى المديرة، لقد تذكرت الآن، اعتقد أن مَن فعلتها هي ريناد، فلقد قامت بسرقة الألعاب من قبل".
شحب وجه ريناد، عندما علمت أنهن من الممكن أن يكتشفوها، لتنقذها لارا قائلة:
"أمس نحن أُمِرنا بتنظيف الدار بأكمله، و عندما انتهينا كنا متعبين جداً، وغفينا فور دخولنا الغرفة".
لتهتف سامية بسخرية، غير مُقتنعة بحديثها: "أنتِ غفيتي، و لكن هي لا، بالتأكيد ذهبت لتأكل، لا يوجد سارقة غيرها هنا".
لتقول تسنيم بدفاع: "و بالتأكيد أيضاً هي لن تأكل في المطبخ، و إن كانت أكلت بالغرفة كنت سأشعر بها، فأنا استيقظ من أقل صوت".
هتفت حينها المديرة: "مَن التى سرقته إذاً؟"
لم ترد عليها إحداهن، لتبرز عروق وجهها من الغضب، و تحرك العصا بعشوائية، لتسقط على أحد الأجساد الصغيرة بلا رحمة، و تبعتها على باقي أجساد الأطفال، فتعالت الصيحات و البكاء فى الغرفة ، و لكن هذا لم يؤثر على قلبها القاسي، و قد أقسمت على ألا تتركهن إلا بعد أن يعترفن..
بعد فترة
جلست المديرة على مقعدها بتعب و غضب، فعلى الرغم من كل الضرب الذى أذاقته إياهن لم يعترفن..
لتهتف إلى المشرفات بقسوة: "جميعهن محرومات من الطعام حتى الغد، و ممنوع أن يخرجن من غرفهن مهما حدث، و مهما كان السبب".
ليبتسمن المشرفات سعيدين بقرارها، و يسحبن بعدها الأطفال المتألمات إلى غرفهن، غير مهتمين بصيحات الألم التي يطلقونها، و الجروح التي تملأ أجسادهن .
**********
كانت تحدق في الفراغ بشرود، على الرغم من حديث طارق معها، و إخبارها بأن زواج إسلام و أسيل سيتم، و لاداعي لخوفها و توترها، إلا أن حديثه لم يؤثر فيها، حدسها ينبئها بأن الأمور لن تسير بخير، و أن شيئاً ما سيحدث و سيقلب الوضع، و حدسها لم يخطئ من قبل، و هذا ما يزيد من خوفها.
أخذت تفكر و تخطط ما الذي ستفعله في حالة تورط طارق بأسيل مرة أخرى، و كيف ستمنع زواجهما وقتها، فلن تأتى طفلة صغيرة و تستحوذ على حب طفولتها بكل سهولة، لن تكون نشوى إن حدث ذلك!
دلفت منى إلى غرفة أبنتها لتجدها في عالم أخر.
اقتربت منها، و بدأت بالمسح على شعرها البنى المتوسط الطول بحنو، و هتفت: "ما بكِ حبيبتى؟"
لم تنتبه نشوى إلى وجودها، لتقوم منى بدفعها بخفة، و هي تصيح لكي توقظها من شرودها.
فتنتفض نشوى، و تشهق بخوف، و تأخذ أنفاسها بصعوبة، و تقول:
"افزعتني أمي".
نظرت لها والدتها باستغراب، فلقد كانت مختلفة اليوم ، بشرتها يبدو عليها الإرهاق، قليل من السواد يظلل تحت عينيها، مما يدل على سهرها، و ترتدي نفس الملابس منذ أن خرجت أمس!
سحبتها إلى أحضانها، و قالت بحنو:
"فيما كنتِ شاردة؟"
لترد بسخرية: "متى أخر مرة تحدثتي فيها مع خالتي سعاد أمي؟"
استغربت منى من سؤال أبنتها، و مع ذلك أجابتها: "منذ حوالي ثلاثة أيام أو أكثر، لا أتذكر، لِمَ تسألين؟"
هتفت نشوى بغضب، و شعور بالكره ينمو بداخلها:
"تخيلي، عمي محمد يريد أن يزوج طارق من أبنة عمه".
شهقة مصدومة صدرت من منى، لتقول بغضب يماثل غضب أبنتها:
"كيف يفعل ذلك؟
منذ زمن و نحن متفقان أن طارق لكِ و أنتِ له، ما الذى حدث ليجعله يريد تزويج أبنه من غيركِ الآن؟"
فوضحت نشوى بحقد: "كل ما اعلمه أن شقيقه مريض، و يريد الاطمئنان على أبنته قبل وفاته، فطلب من طارق أن يتزوجها".
و أردفت: "و طارق كي يتخلص من هذه العلقة، رشّح له إسلام ليتزوجها بدلاً عنه، و بالفعل وافق إسلام، و لكنني خائفة أمي، من الممكن أن يتراجع إسلام عن موافقته، و وقتها سيتورط طارق فيها مرة أخرى".
أعادت منى نشوى إلى أحضانها مرة أخرى، و طمأنتها قائلة:
"لا تقلقي حبيبتي، هذا لن يحدث أبداً، حتى لو اضطررت لتهديد أختي بقطع الصلة بيننا، إن لم يتزوج طارق منكِ، سأفعلها ..
طارق لن يكون سوى لكِ" .
هتفت نشوى بشك: "حقاً أمي".
لتبتسم لها والدتها، و تعدها قائلة: "نعم حبيبتي، ثقي بي".

يتبع

[Aya-Tarek]

حاولت بث أكبر قدر من الثقة بداخلها، و نجحت بالفعل ، حيث ألقت قنبلتها، قائلة بصوت قوي واثق، غير مبالية بنتيجة حديثها:
"يبدو أنك شخص مميز و لطيف، أرجو ألا يزعجك حديثي، أنا بالفعل ارتحت لك كثيراً، و لكنني أفضل الزواج من أبن عمي، فأنا سأكون مطمئنة على نفسي أكثر و أنا معه " .
شعر إسلام بالحرج و الإهانة من حديثها، فها هى طفلة لا تفقه شيئاً رفضت الزواج منه للتو، بغض النظر عن عدم حبه لها، و أنه كان سيتزوجها من أجل مساعدة صديقه، و لكنها أهانت رجولته برفضها له..
فما الذى يمتلكه طارق زيادة عنه لتختاره؟
و كيف لها أن تعرف مع مَن ستكون مطمئنة على نفسها و هى لم تراه سوى اليوم؟
أم أنها تخطط لشئ أخر، لذا تريد الزواج من طارق ؟
ابتسم وسط أفكاره ابتسامة جانبيه ساخرة، و هو يهمس بداخله :
" فلتتحملي نتيجة اختياركِ يا صغيرة " .
ثم نهض، ليهتف بصوت بارد جامد: "اتمنى لك الشفاء العاجل يا سيد عبد الله، و أن يطيل الله في عمرك و يحفظك لأبنتك".
و نقل نظراته لصديقه، فارتسمت ابتسامة مستمتعة على شفتيه رغماً عنه، و هو يرى ملامحه المتجهمة، و يدرك عدم رضاه عما فعلته أسيل.
فاقترب منه ليسحب يده يُربّت عليها بمواساة، و كتم ضحكته بقوة، و قال بعبث :
" مبارك لك يا صديقي، ييدو أن إحداهن ساقطة في هواك دون أن تدري" .
و التفت بعدها ليُودع محمد، و هو يرى سعادته الواضحة، و كأنه كان يتمنى أن تحدث معجزة و يتزوج طارق من أسيل.
و يبدو أن المعجزة قد حدثت!
فها هى أسيل من أجل الانتقام من فتاة، أخبرتها عن مرض والدها الخطير بكل برود، و كأنها تتحدث عن أخبار الطقس، طلبت الزواج من رجل لا يريدها، متسلحة بعناد الأطفال في اتخاذ قرارها،غافلة عما سيحدث إليها إثر هذا الزواج، مستغنية عن رجل حقيقي كإسلام .
و على صوت إغلاق الباب، أفاق طارق من صدمته، فيبدو أنه لم يكن يستوعب بعد حديث أسيل و رفضها الزواج من إسلام ..
لتكفهر ملامحه، و تشتعل عيناه، منبئة عن غضب لم يشعر به من قبل!
لم يُلقى بالاً لوجود والده او عمه، حيث اقترب منها و شدها من ذراعها بقوة، هاتفاً بنبرة حادة:
" هل لي أن اعلم ما الذي فعلتيه الآن؟
كيف ترفضين الزواج من إسلام؟
ألا تعلمين ماذا فعلت لكي يقبل الزواج منكِ؟ "
شعرت بقبضته القوية على ذراعها، فهمست متأوهة بألم، و هي تحاول تحرير ذراعها دون جدوى..
ولكنها تجاهلت ألمها، عندما سمعت توبيخه لرفضها لإسلام ، فنظرت له بمقلتبن تلمعين بالتحدي، و هتفت ببرود مستفز :
" ماذا؟، ألا يحق لي اختيار شريك حياتي؟ "
" ما هذا الهراء الذي تتفوهين به؟
و أي شريك تودين اختياره؟
هل تريدين أن تجننبني ؟ "
صاحها بغضب أعمى، و هو يتمنى في هذه اللحظة أن يقبض على عنقها بدلاً من ذراعها، و يعتصره بقوة، حتى يُنهى حياتها ، و كاد أن يفعلها لولا والده الذي أبعده عنها بالقوة، و دفعه بعيداً عنها .
**********
عبس بملامحه بضيق، فلقد جاءت خطته بنتيجة عكسية مخالفة عما كان يتوقعه..
لقد اقترح على عبد الله، أن يخبر طارق أنه فى حالة رفضه للزواج من أبنته، سيعرضها على أى شاب أخر ، و رغم معارضة عبد الله لاقتراحه، فأبنته ليست سلعة يعرضها على الشباب ليتزوجوا منها، و لكنه رضخ له، عندما أخبره محمد أنها مجرد خطة، ليحركوا رجولة طارق اتجاه أبنة عمه، فهو واثق أن أبنه لن يوافق على المساس بكرامتها ، و لكن على ما يبدو أن أبنه كان أذكى منه، و استغل رغبة عمه فى البحث عن أى شاب للزواج من أبنته، فعرض عليه صديقه الحميم.
ليهاتفه عبد الله، عندما كان هو بطريقه إلى نشوى، و يسأله عن إسلام صديق أبنه، و هو بكل سذاجة أخبره ما يعرفه عنه، دون الاستفسار عن كيفية معرفة شقيقه بإسلام، و ما يريده منه !
و ها هو الآن يرى نتيجة خطته، التى كان واثق من نجاحها، تفشل فشلاً ذريعاً ، فها هو إسلام جالس ينتظر أسيل، و ها هي الفتاة تخرج من غرفتها، و تجلس معهم، بادئة العد التنازلي لوقت زواجهما.
و لكن انزعاجه لم يدم طويلاً، فلقد تبدلت ملامحه مائة و ثمانين درجة، عندما سمع صوت أسيل الواثق، و هى ترفض إسلام بكل أدب، مقررة الزواج من طارق ، لتنفرج ملامحه بابتسامة واسعة أظهرت مدى سعادته بحديث أسيل.
ودع إسلام باعتذار ، ليعود بعدها و يرى أبنه ممسكاً بأسيل بغضب، و يصيح عليها بحدة، بينما الفتاة تقف أمامه بتحدي غير مبالية بغضبه.
اقترب منهما بسرعة، ليقوم بدفع طارق بعيداً عن أسيل ، و يسألها باهتمام :
" هل أنتِ بخير صغيرتي؟ "
مسحت أسيل على يديها بألم ، و مع ذلك ابتسمت إلى عمها، و قالت ببرود قاصدة استفزاز طارق :
"بخير عمي، و أشعر براحة و سعادة لم أشعر بهما من قبل" .
زمجر طارق بغضب، و اشتعلت عيناه بحقد، تحول إلى خوف بسبب ما رآه!
**********
بالرغم من أنه نفذ خطة شقيقه، ليحرك طارق و يجعله يوافق على الزواج من أسيل ، إلا أنه عندما اقترح عليه طارق إسلام للزواج منها بدلاً منه، و أخبره عن حياة إسلام و أخلاقه، و قام هو بدوره بسؤال شقيقه عن الشاب، و قد مدح شقيقه أخلاق الشاب بقوة، قرر الموافقة على هذا الاقتراح الجيد من وجهة نظره ، فهو لا يريد أن يجبر طارق على الزواج من أبنته، و التخلي عن حبه بسببها ، كما أنه أعجب بإسلام و ارتاح له، و يشعر أنه سيحمي أبنته.
و حتى الآن الأمور تسير على خير ما يرام، فها هى ابنته تجلس مع إسلام الذى يُحدّثها بلطف، مُحاولاً أن يجعلها تطمئن له .
و لكن يبدو أن أبنته حمقاء أكثر مما يتوقع، فها هي ترفض إسلام، معبرة عن رغبتها بالزواج من أبن عمها، و الذى يرفضها و يتمنى خروجها من حياته.
لم يرد على إسلام عندما تمنى له الشفاء، فكل ما يفكر به ماذا سيحدث..
هل سيوافق طارق على الزواج من أبنته؟، أم ستخسر أبنته إسلام من أجل اللاشئ ؟
كان ينظر لشجار طارق مع أبنته بعقل مُغيّب، لا يعي ما حوله، يشعر بألم يحتل كل جسده، فهرع سريعاً إلى الحمام ليبدأ بتقئ الدماء!
**********
يسير بتخبط لا يعلم إلى أين، ليجد نفسه أمام دار الأيتام الذى سجل عنوانه من قبل، دلف إليه لتستقبلة إحدى المشرفات ، رحبت به بفحاوة، و أخذته إلى غرفة المديرة، فجلس أمامها..
احتلت ابتسامة واسعة فم المديرة ، فهى - كما تعتقد - على وشك ضم المزيد من الأموال ، هتفت بترحبب :
" نورت الدار يا سيد " .
و صمتت قليلاً منتظرة أن يُعرّفها عن نفسه ..
" إسلام .. إسلام القاضي " .
" اهلاً بك سيد إسلام، كيف اخدمك؟ "
" سأتبرع للدار ببعض الأموال ، كما أننى أريد رؤية الأطفال " .
كانت المديرة مبتسمة بسعادة، لم تلبث أن تحولت إلى خوف و توتر، و هى تجده يطلب رؤية الأطفال ، و اللاتي أجسادهن ممتلئة بالجروح، و عيونهن لا تكف عن البكاء، منذ أن ضربتهن فى الصباح .
زاغت عينيها بتوتر، و هي تفكر بحل سريع لهذه المعضلة، فإن رأى الأطفال، معناه أن تمكث ليلتها بالسجن، و ليس الليلة فقط، بل لسنوات قادمة..
فمَن ذا الذى سيصمت على ضرب أطفال بهذه الوحشية لأي سبب كان؟
فما بالك لو كان السبب لا يستحق؟!
الغريب هنا أنها تعلم أن ما تفعله خطأ، أنه إن علم أحداً بما تفعله ستكون نهايتها الحبس لعدة سنوات ، و لكنها لا تهتم بكل ذلك، طالما تحصل على الكثير من الأموال بسبب التبرعات التى تأتي إلى الدار، و تخفى أثار ما تفعله بالأطفال جيداً، فلن يكتشفها أحد ، و ستظل تحصل على مزيد من الأموال، و تقسو أكثر على الأطفال .
أنقذتها المشرفة بجانبها، عندما قالت بهدوء تُحسد عليه، على الرغم من خوفها هي أيضاً:
" للأسف سيد إسلام ، الأطفال برحلة خارج الدار " .
شعر بالحزن، لقد كان يحتاج لرؤية هذه الطفلة التى سلبت لبه منذ أول يوم وقعت فيه عينيه عليها، بغضبها و ترجيها و سعادتها ثم حزنها، لقد أثرت فيه بقوة، و كم هو نادم الآن لأنه كان سيتخلى عنها، يشعر أن عدم زواجه من أسيل رسالة له من الله لكي يكفل هذه الطفلة، و يعوضها عما فقدته.
نظر للمديرة بتركيز ، لا يرتاح لها، توترها يبدو جليّاً، كأنها ارتكبت جريمة تخشى اكتشافها ، انتفض قلبه بخوف عند هذه الفكرة ..
هل يمكن أن تكون أذت طفلة منهن، لهذا تخشى أن يراهن؟
" للأسف، لقد كنت أود رؤيتهن ، إذاً سأغادر الآن و سآتي قريباً لأراهن " .
رأته يستعد للمغادرة، دون أن يتبرع لهن بالمال كما ذكر فى أول حديثه، فقالت :
" ما رأيك سيدي أن أعطيك نبذة عن الدار ؟ "
أومأ لها بالموافقة ، لتبدأ بالحديث عن الدار و عدد الأطفال اللاتي تضمهن، و بعدها بدأت بالشرح عن المشاكل الصعبة التى يواجهوها، و قلة الإمكانيات التي لديهن، مشيرة أن حجم التبرعات التي تصلهن لا تكفي لتلبية طلبات الأطفال.
بالرغم من أنه فهم تلميحها، و لكنه تظاهر بالعكس، ليهتف بهدوء :
" لديكِ كل الحق بما تقوليه، و لكن للأسف الناس أصبحت لا تهتم سوى بأنفسهن، ناسيين أن هناك مَن يعانون من ألم الفقد و الحرمان " .
وقف بعدها، و أردف : " سآتي إلى الدار لزيارة أخرى قريباً إن شاء الله لأرى الأطفال " .
و حيّاها و غادر ، بينما هى همست ببعض الكلمات، التي تعبر عن غضبها لعدم تبرعه بالأموال ..

يتبع

[Aya-Tarek]

تدور بي الدنيا لا اعرف لها حل، تأخذ مني آمالي وبسماتي، و أنا حائر بين الدنيا وقلبي..
أاقسو عليه وارتضي له الهم، أم اسعده وارتضي لي الخزي؟
معذور أنا
فأنا عاشق محب، لا أقوى على فراق نبضي، ولكن اااه و ألف اااه لم ترضى لي الدنيا لأحيا بعشقي، فحكمت علىّ و أنا أقف بين مفترق الطرق
أاختار قلبي ام مسئوليتي؟
على لسان طارق
بقلم عبير الحياة

أسنده طارق و اتجه به إلى السرير، ليستلقي عليه بتعب، بينما محمد يتذكر كلمات الطبيب، و يدعو ألا يكون موعد شقيقه اقترب.
و على باب الغرفة، كانت أسيل تراقب والدها، و هو بهذه الحالة الصعبة، أنّ قلبها الصغير بألم، و هي ترى وجهه الشاحب، و أنفاسه التى يلتقطها بصعوبة، لتبدأ بتأنيب نفسها، و أنها السبب فيما حدث له ، لقد كانت سعادته واضحة عندما أخبرها عن إسلام و أنه سيتزوج منها، لترفض هي إسلام بكل أنانية، متغافلة عن مشاعره و حزن أبيها عليها .
دلفت إلى الداخل، لتجلس على السرير بالقرب منه، و تمسك بيده، لتسقط دموعها على يده مباشرة ، همست بصوت حزين نادم:
" اعتذر أبي، أنا السبب، لم يكن علىّ أن ارفض إسلام اعلم، سامحني" .
دنت منه لتقبل يديه، ثم احتضنته بحب و خوف، و همست :
" إن أردت سأتصل بإسلام و اعتذر منه، و سأترجاه ليتزوج مني، المهم صحتك " .
مسح على شعرها بحنو، و قال : " لا عليكِ صغيرتي، أنسى ما حدث ، و أنا بخير لا تخافي، لقد اعتدت على هذا الألم " .
تابعت همسها، و كأنها لم تستمع لكلماته : "أنا أنانية، لم أفكر بشئ سوى نفسي، سوى انتقامي منها، لم أفكر بك و بما سيحدث لك، سامحني أبي أرجوك " .
" اهدأي صغيرتي، صدقيني أنا لست غاضباً منكِ ، أنا حزين لأننا لن نجد شخصاً مثل إسلام ليحميكِ في غيابي، اخشى عليكِ، و لا اعلم كيف ستعيشين إن حدث لي شيئاً".
" لا تقل هذا أبي أرجوك، أنت ستحيا من أجلي، لن تتركني وحيدة، أنت لا ترفض لي طلباً ، أليس كذلك ؟
ها أنا اطلب متك أن تتعالج من أجلي" .
كان طارق ينظر إليهما بحزن، و صراع يدور بين قلبه و عقله ..
قلبه يخبره ألا يتسرع ، حتى لا يفقد حبيبته ، مَن يتمناها مِن صغره ، و عقله يخبره أن ينظر لحالة عمه الصعبة، و يحقق له أمنيته و يتزوج من أبنته، و التى من الممكن أن تكون أمنيته الأخيرة.
هو طبيب و درس عن هذا المرض من قبل، و حالة عمه تنذر بأن هذه أيامه الأخيرة.
حسم قراره، بالرغم من رفض قلبه لما سيفعله!
اقترب من عمه، ليربت على كتفه، و يقول بحنو :
" لا بأس عمي، ستكون بخير أنا متأكد ، يجب أن تكون بخير حتى نكتب ورقتنا أنا و أسيل " .
نظر إليه عبد الله بعدم تصديق، و خيّل إليه أنه يتخيل هذه الكلمات، ليسأل أبن شقيقه بشك:
" طارق هل أنت متأكد مما تقوله؟
هل ستتزوج من أسيل حقاً ؟ ، و لكن " .
قاطعه طارق : " لا يوجد لكن عمي، أنا لن أجد أفضل منها زوجة لي ، المهم الآن صحتك " .
شعر بالسعادة، فها هى أمنبته ستتحقق و سيطمئن على أبنته، حاول النهوض بصعوبة، ليمنعه طارق قائلاً :
" إلى أين ؟ "
سنذهب للمحامي، لنعلم ما يجب علينا فعله و نكنب ورقتكما".
حاول طارق ثنيه عن قراره، و إخباره أن يرتاح اليوم، و سيتزوجا بالغد ، و لكن عبد الله كان مصمماً على إتمام زواجهما اليوم.
" صدقني، أنا سأكون بخير عندما اطمئن عليها معك، حينها سيرتاح قلبي، لا داعي لإهدار المزيد من الوقت".
**********
كان زوجها على حق عندما أخبرها أن أبنهما لا يبدو طبيعياً منذ وفاة صغيرتهما، تأملته بحزن، يجلس على سريره يحمل دمية من دمى ابنتها المفضلة، و يحركها بين يديه بشرود، احتضنته و هتفت بمرح مصطنع :
" لِمَ صغيري الوسيم يجلس لحاله ؟ "
" و مع مَن سأجلس أمي؟ ، و مَن كنت أجلس معها رحلت " ، قالها بحزن .
و أردف بعدها بنبرة بريئة، و هو يرسل لوالدته نظرات مترجيّة :
" أمي ، هل ما زلتِ تحبيني ؟ "
عقدت حاجبيها بصدمة من سؤاله الغير متوقع، و قالت : " لِمَ تقول هذا مازن؟، لِمَ لا احبك؟"
" لأنني السبب في موت رنيم " ، قالها بألم، و هو يخفي وجهه في وسادة سريره، و يبدأ في البكاء.
و تابع بندم : " لو لم أجري ورائها و أصر على الإمساك بها، لكانت الآن معنا " .
أبعدت الوسادة عنه، لتحيط بوجهه، و تنظر إليه بجدية، و تهتف بصرامة :
" لا أنت لا ذنب لك بما حدث، إنه يومها، الله أرادها بجانبه، و لا يحق لنا الاعتراض " .
" ولكنكِ منذ ما حدث، و أنتِ تختلين بنفسكِ في غرفتها، لا تأتي إلىّ لتريني أو لتطمئني علىّ ، فظننت أنكِ كرهتيني" ، همسها بصوت منخفض ، و هو يبعد عينيه عن عينيها...
شعرت أن قلبها شطر إلى نصفين من كلماته ....
يا إلهى ، أكنت ملتهية بحزني إلى هذا الحد ؟
أنسيت أن لدى طفل أخر يحتاج لحبي و رعايتي ؟
طفل حزين على وفاة شقيقته مثل حزني تماماً ، و مع إهمالي له وضع لوم ما حدث عليه ..
كيف فعلت كل هذا به ؟؟ ، لقد كان طه على حق عندما حذرني من حالته ..
ضمته إليها بحنو، و همست بالقرب من أذنه : " مازن ، أنت طفلي .. حبيبي.. وحيدي.. لم يعد لي سواك في هذه الدنيا، أنا مستحيل أن أكرهك حبيبي" .
نظر لها بسعادة لمعت فى مقلتيه، و قال : " حقاً أمي؟ "
" حقاً حبيبي، و اعلم أنه ليس هناك أم تكره أبنائها " .
و أردفت بحزن : " لقد ابتعدت عنك بسبب حزني على وفاة شقيقتك، كنت أحتاج أن أبقى لحالي كي أستوعب رحيلها، و ليس لأنني أكرهك " .
و سحبته من يده و هي تقول : " و الآن، ما رأيك أن نذهب إلى المطبخ و نعد وجبة لذيذة حتى يعود والدك ؟ "
وافقها بحماس ، لتقرر أن تكون قوية من أجل وحيدها، و سيبقى حزنها على صغيرتها في قلبها .
**********
عادوا إلى البيت و السعادة تظهر جليّة على وجوههم .. باستثناء طارق و الذى لم يقبل بهذا الزواج إلا من أجل عمه عندما لاحظ خطورة حالته، و أحب أن يشعره بالراحة ..
و لكن بداخل البيت كانت هناك أخرى رافضة لهذا الزواج .. تحولت مشاعرها اتجاه أسيل من الحب إلى الكره، عندما اجبرت ابنها على الزواج منها، مبعدة إياه عن حبيبته ، اقتربت منهم و هتفت بحقد :
" هل تم كل شئ ؟ "
" نعم ، لقد أصبحت أسيل زوجة طارق ، ألن تباركي لهما " ، قالها محمد بسعادة .
هتفت بسخرية : " مبارك عليكِ ابنى يا أسيل " .
استشعرت أسيل تغير معاملة زوجة عمها معها ، و لكن لم تلقى لها بالاً، يكفيها ما عانته اليوم، ردت عليها بنفس النبرة:
" بارك الله فيكِ زوجة عمى " .
و تابعت : " عن أذنكم، احتاج لبعض الراحة " .
" إذا احتجت لشيئاً أبى ناديني" ، قالتها و هي تقبل والدها بحب .
" ارتاحي صغيرتي ، سوف أنام فلا تقلقي " .
ابتسمت له لتتجه بعدها إلى غرفة أبنة عمها، و التي أصبحت غرفتها ، بينما نظر هو لطارق بامتنان و قال :
" شكراً لك يا طارق ، لا تعلم كم أشعر بالراحة الآن " .
فرد طارق على الرغم من حزنه: " لا داعي للشكر يا عمي ، المهم الآن أن تبدأ فى العلاج و تنتبه إلى صحتك، لا نريد أن نفقدك " .
" سأبدأ به من الغد إن شاء الله " .
تركهم و ذهب إلى غرفته ليرتاح بها ، بينما اقترب محمد من ابنه و احتضنه و هتف بفخر :
" كم أنا فخور بك ، كنت أعلم أنك لن تخذل عمك " .
" و لكننى فعلت ذلك على حساب قلبي " ، قالها بألم .
ربّت على كتفه و قال : " فى يوم ما، ستحمد الله على زواجك من أسيل، و ستعلم أني وافقت شقيقي على ما أراده من أجلك أيضاً " .
**********
استلقى على سريره و هو يتنهد يتعب ، يحمد الله أنه اطمئن على أبنته، أنه إن حدث له مكروه سيكون بجانبها رجل يحميها و عائلة تساندها، أن والدتها لن تستطع أخذها، لن تستطع السيطرة على عقلها بأفكارها الغريبة المتحررة..
حمد الله أنه أمد بعمره و رزق أبنته برجل كطارق ، بالرغم من حزنه عليه و على حبيبته، فهو لم يكن يريد لهما ذلك .. و لكنه أيضاً لم يكن يريد لأبنته أن تعاني من بعده، أن تتخبط في حياتها دون معرفة الصواب من الخطأ..
و مَن يعلم ماذا سيحدث فى المستقبل؟
ألا يمكن أن ينجذب طارق لأبنته و يحبها ؟ ، فلا أحد يعلم ما يخبئه القدر لنا .


يتبع

[Aya-Tarek]

ابتسامة بلهاء ارتسمت على فم محمود و هو يستمع إلى حديث طليق شقيقته مصطفى ، لا يصدق أن الحظ ابتسم لشقيقته أخيراً و أن مصطفى أشفق عليها و قرر إعادتها إلى عصمته، هذا يعنى أنه سيتخلص من حديث الناس عنها و شماتتهم بها، سيتخلص من الحصار الذى فرضوه على تصرفاتهم مانعين إياهم من القيام بأى شئ خوفاً من ردة فعلهم ...
ببساطة هكذا قرر تسليم شقيقته لطليقها، غير عابئ بما عانته معه، بمشاعرها اتجاهه، بأنها سوف تعود إليه كزوجة ثانية بعد أن تزوج هو من غيرها ليحصل على طفل يحمل اسمه، دافعاً إياها من حياته دون مبالاة ..
كل هذا ليس مهماً فى نظره، فالمهم هو نظرة الناس إليهم .. حديثها عنهم ، و كأن الناس هى مَن ستتزوجه لا شقيقته .. كأن الناس هى مَن ستعيش معه و ستتجرع الذل و المهانة .. كأن الناس هى مَن سترى معاملته لزوجته الاخرى و ابنهما تاركاً إياها تتجرع الحسرة و الألم ..
و لكن ما دخله هو بكل هذا؟
فالمهم بالنسبة له أن يعيش بسعادة مع زوجته و أبنائهما، غير مبالي بما سيحدث لشقيقته!
هتف مصطفى بثقة و غرور و هو يلاحظ سعادة شقيق طليقته و زوجته :
" كما أخبرتك يا محمود ، أنا أريد إعادة هبه إلى عصمتي ، فأنا ما زلت أحبها، و لم أتركها إلا للحصول على طفل " .
و تابع : " سآتى غداً و معى المأذون لنكتب الكتاب " .
هكذا بكل بساطة قرر مصيرها دون الأخذ برأيها ، بتنعت و غرور رجل يثق بأنها لن ترفضه..
و كيف ترفضه و هو يعلم ما تعانيه؟
ما تلقاه من كلمات و همسات شامتة ، ليأتى هو و يقرر أن يردها إليه راحماً إياها من معانتها، ناسياً بأنه مَن تسبب بها، مَن عرضها لكل هذا عندما طلقها لأنها لا تنجب، عندما استخف بعلاجها مخبراً إياها أنه لن يفيدها ...
كانت تنظر لهم ببرود منتظرة نهاية هذه المقابلة و ما سينتج عنها ، سمعت مصطفى و هو يقرر أنه سيأتي بالمأذون غداً ، لتنظر إلى شقيقها و ترى موافقته على ما يتفوه به، و زوجته بجانبه تكاد ترقص من السعادة، لم تتغير ملامح وجهها و لكنها هتفت باستفزاز :
" و من قال أني سأقبل أن أعود إليك مصطفى؟
هل أعود إلى الجحيم مرة أخرى بقدمي ؟ "
وصلها شهقة زوجة شقيقها إثر حديثها، و لكنها لا تبالي بردة فعلها، فهي لا يهمها سوى أن تتخلص منها حتى تستولي على الشقة..
بل نظرت إلى عيني مصطفى بتحدى و قوة، قوة فقدتها منذ زمن، منذ أن استسلمت له و لما يفعله بها حفاظاً على بيتها، حتى لا يتحدث الناس عليها ، و لكن كفى .. لن تصمت ثانية ، لن تستسلم له، يجب أن يعلم أنها تغيرت، أنها لم تعد تلك المرأة الخاضعة التى كانت تعيش في كنفه..
" أنا لن أعود إليك مصطفى " .
وقف شقيقها و صاح بغضب : " اصمتي يا هبه، لا أريد كلمة منكِ " .
ماذا ؟ ، لا يريد كلمة منها!
و مَن سيتحدث إذاً؟!
مَن سيقف أمام هذا المغرور و يخبره أنها لا تريده؟
أسيفعل هو ذلك و هو يسير خلف زوجته الحمقاء منفذاً ما تتفوه به مهما كان؟
أسيسلمها لمصطفى بعد ما فعله معها؟!
بعدما أهانها و بعثر كرامتها!
لا و ألف لا، لن يحدث هذا، لن يقرروا حياتها و يجبروها عما لا تريده ، هتفت بنبرة قوية لم تتأثر بغضب شقيقها :
" لن أصمت يا محمود، هذه حياتي و أنا مَن أقرر كيف سأعيشها " .
و نظرت لمصطفى و قالت : " و أنا لن أعيشها معك يا مصطفى، لن أعود إليك مهما فعلت، لذا وفر وقتك و جهدك و عد إلى زوجتك و أبنك" .
ابتسم بسخرية، و هتف ببرود متجاهلاً حديثها : " استمعي لشقيقكِ و اصمتي يا هبه، أنتِ لا تعلمين نتائج ما تتفوهين به " .
اقتربت منه تدفعه إلى خارج منزلها بقوة قائلة : " بل كل ما أعلمه أني لا أريدك يا مصطفى، أخرج من هنا و لا تعود ثانية، أنا لن أتزوج منك " .
وقف عند باب شقتها و صاح : " سأعود يا هبه، و ستتزوجيني رغماً عنكِ، أنا لن أترككِ" .
أغلقت الباب فى وجهه، و بدأت بالتقاط أنفاسها بصعوبة، في حين بدأت مشيرة بتوبيخها :
" حمقاء، أقسم أنكِ حمقاء، كيف ترفضيه؟
هل تعتقدين أن فرصة مثل هذه ستأتي إليكِ كل يوم؟
لِمَ لا تحمدي الله أنه عاد ليردك له؟
و كان أيضاً سيجعلكِ تعاونين زوجته فى تربية أبنها، و لكنكِ ضيعتِ كل شئ بحماقتكِ" .
هتفت هبه بغضب : " مشيرة لقد تحملتكِ كثيراً، أقسم إن لم تحترمين نفسكِ و تراعين حديثكِ معي سأطردكِ من البيت و لن أهتم لأحد " .
تخصرت مشيرة فى وقفتها و هتفت باستهزاء : " حقاً؟، ستطرديننى من البيت ؟! ، أضحكتينى " .ف
هتفت هبه بسخرية : " و قبل أن تضحكين لا تنسي أن تسألي
زوجكِ هذه الشقة ملك لمَن ؟ "
و تركتهما متجهة إلى غرفتها صافعة الباب خلفها .
**********
سار لوقت طويل يفكر فيما حدث له اليوم، كان حزيناً على ما فعلته أسيل و رفضها له و لا زال، و لكنه لا ينكر أن شعوراً بالراحة يغمره، يعترف أنه تسرّع فى الموافقة عليها من أجل مساعدة صديقه دون التفكير في تبعات ما يفعله، و على ما يبدو أن الله كان رحيماً به و خلصه من هذا الزواج حتى لا يندم عليه في المستقبل ، و الآن عليه التفكير بلارا .. مَن كان سيتخلى عنها بسهولة، و لكنه يقسم أنه لن يكرر خطأه ثانية، و لن يتخلى عنها مهما حدث، لن يتركها بأيدى قلوب لا تعرف سوى القسوة ، و مع ذلك لن يتسرع فى الزواج من أى إمرأة ، خوفاً من أن يتعرض للرفض مرة أخرى، خاصة و انه سيتزوج من أجل كفالة طفلة ، كما أنه يريد إمرأة عطوفة تعامل لارا كأبنتها و لا تقسو عليها .. فهو لن يأخذ الطفلة من عذاب ليلقيها فى عذاب أخر ..
وصل إلى بيته أخيراً لتصله أصوات صياح من الشقة التى تجاور شقته ، تبعها خروج رجل يهتف بكلمات مهددة .. دلف إلى شقته غير مبالي بما يحدث، فلقد تعود على ألا يتدخل بأى مشكلة تحدث في البناية التي يسكن فيها، على عكس بعض الجيرة التي تهرع للسماع و تقصي الأخبار، ليبدأوا بعدها بالحديث و إطلاق الإشاعات .
**********
بعد زواجها من أبنه، أخذ يفكر كيف سيقربها منه، كيف سيجعله يحبها، لا زال مصراً أن نشوى غير مناسبة لأبنه، أنها لن تسعده، ربما زوجته تستخف به و بمعتقداته، و لكن نشوى تربت ببيته و يعلم طباعها جيداً ..
ربما هو لا يعرف طباع أسيل ، و لكن يكفي بأنها طفلة، سيستطيع طارق تربيتها و تشكيل شخصيتها كما يريد ، و لكن نشوى ستتعبه في حياته بمشاكلها الكثيرة و طلباتها التى لا تنتهي، وجد أسيل تخرج من غرفتها متجهه إلى غرفة والدها، أوقفها قائلاً :
" أسيل، أيمكنكِ أن تنادي لى طارق من غرفته ؟ "
" حاضر عمى " ، قالتها لتغير اتجاهها إلى غرفة ابن عمها والذي أصبح زوجها..
زوجها!
كلمة غريبة عليها، و لكنها و يا للعجب تستلطفها !
طرقت على باب غرفته، لتدخل حينما أذن لها ، وجدته مستلقي على سريره لا يرتدي سوى السروال فقط بينما بقى صدره عارياً، شهقت بخجل و غطت عينيها بيديها الصغيرتين ، فاستقام طارق ليلتقط قميصه يرتديه و هتف بغضب :
" ما الذي أتى بكِ إلى هنا ؟ "
هتفت ببرود : " عمي بعثنى لأناديك " .
و أردفت باستفزاز : " هل أنت حقاً طبيب؟"
" ماذا ترين؟، سألها باقتضاب.
فهتفت ببراءة مبدية إعجابها به : " أرى رجل وسيم " .
و أردفت بعدما تذكرت ما فعله بها : " و لكنه أحمق و متعجرف و مغرور و " .
نبضة من نبضات قلبه هربت رغماً عنه مستسلمة إلى براءتها المغوية، لتتسع بعدها عيناه بذهول من كم الصفات التى ألقتها عليه ، لم يُرِد أن يرد عليها حتى لا ينتهي الأمر بشجارهما،فهتف ببرود :
" نعم ، انا طبيب صيدلي " .
و لكن على ما يبدو أنها مصرة على استفزازه حيث هتفت :
" و هل أي أحمق يلتحق بمثل هذه الكليات ببساطة ؟ "
حسناً لقد حاول تهدأة نفسه ، و لكن على ما يبدو أن هذه الصغيرة لن تصمت إلا إن أصمتها هو ، قفز من على سريره بسرعة ليقف أمامها و يلتقط ذراعها لاوياً إياه خلف ظهرها .
" اه " ، صدرت منها و هو يقوم بالضغط عليه ..
ليهمس بدوره : " اعتذرى " .
نظرت له بتحدى و همست : " لا " .
ضغط على ذراعها أكثر، ليحتقن وجهها من الألم، عضت على شفتيها بقوة مانعة نفسها من التأوه، و مع ذلك بقت ترسل إليه نظرات متحدية ، ليجن هو من عنادها و يشد ذراعها للخلف ، فتغمض هى عينيها بقوة من الألم، و لا زالت مصرة على عدم الاعتذار ..
و من حسن حظها أن اتاهما صوت عمها :
" طارق ، أين أنت ؟ "
ليتركها طارق بعنف مخلصاً إياها من ألمها و يخرج لوالده ، و لكن ليس قبل أن يقترب منها و يهمس :
" احترمي ألفاظكِ معى حتى لا تعاقبين يا صغيرة " .
**********
غريب أمرك يا عبد الله !
قضيت حياتك فى وطن غير وطنك، مع ناس ليسوا بأهلك ..
أعطيته وقتك و جهدك و عبقريتك باخلاً بهم على وطنك ..
لتأتي بعدها لتدفن فيه، و كأنه أصبح مقبرة لك و لأمثالك ..
يستقبلكم بأخر أيامكم، بعد أن تكونوا أفنيتوا عمركم بعيداً عنه.

اقتربت من والدها لتوقظه من نومه ، همست بهدوء :
" أبى استيقظ " .
لم يرد عليها، لتمسك بيده و تضغط عليها، فيرتحف قلبها من برودتها.
كذبت إحساسها و همست باستجداء :
" أبي " .
و للمرة الثانية لم يصلها أي رد، و مع ذلك طمأنت نفسها أنه مستغرق في النوم و لا يشعر بها، فبدأت بدفعه بخفه و خرج صوتها مبحوحاً خائفاً :
" أبي هيا استيقظ، يكفي نوم " .
سقطت دموعها لتقوم باحتضانه و يديها وجدت طريقها إلى قلبه، تضعها عليه منتظرة الشعور بدقاته ..
دقيقة .. دقيقتين .. ثلاث دقائق .. خمس دقائق .. و لا شئ .. لا توجد حتى نبضه واحده ..
دفنت وجهها بعنقه و همست :
" أبي أرجوك استيقظ، لا تتركني أرجوك، هيا أبي " .
دفعته بقوة و هى تترجاه أن يستيقظ، ألا يغادر و يتركها لحالها ، و همست :
" كابوس، هذا كابوس و أنا سأستيقظ منه، أبي بخير " .
ثم قامت بصفع نفسها عدة مرات بقوة و هي تردد :
" استيقظي أسيل .. استيقظي " .
لتصيح بعدها بصوت هز جدران المنزل، صوت يحمل الألم و العذاب، يحمل يتم طفلة فقدت والدها للتو، فقدت سندها و حاميها، فقدت مَن كان لها الأمان، مَن كان يغمرها بالحب .. صوت خرج محملاً بمعاناة ستبدأ في عيشها :
" أبي " .
لترتجف له قلوب مَن فى المنزل هارعين إلى الغرفة ليروا ما كانوا يخشوه!
انتهى الفصل قراءة سعيدة