آخر 10 مشاركات
تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )           »          9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - ع.ق (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          محبوبة الرئيس (45) للكاتبة: Susan Meier (كاملة) (الكاتـب : Gege86 - )           »          71 ـ طال إنتظاري ـ ع.ق ( كتبتها أمل بيضون)** (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          عاطفة من ذهب (123) للكاتبة: Helen Bianchin (الجزء الأول من سلسلة عواطف متقلبة) كاملة (الكاتـب : salmanlina - )           »          انتصار الإسباني (48) للكاتبة: Daphne Clair (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          245- احداث السحر - كارين فان - م.م .... حصرياااا (الكاتـب : angel08 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree6Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-11-19, 12:41 AM   #1131

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضور بانتظار الفصل من بدري



ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 12:44 AM   #1132

ponopono
 
الصورة الرمزية ponopono

? العضوٌ??? » 129151
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,099
?  نُقآطِيْ » ponopono is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور بانتظار الفصل

ponopono غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 01:05 AM   #1133

حناان محمد

? العضوٌ??? » 373975
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 516
?  نُقآطِيْ » حناان محمد is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضورررررر

حناان محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 01:58 AM   #1134

دريموند

? العضوٌ??? » 453900
?  التسِجيلٌ » Sep 2019
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » دريموند is on a distinguished road
افتراضي

طمنوني ما نزل فصل اليوم

دريموند غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 02:14 AM   #1135

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

شكله ما في فصل اليوم

ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 03:58 AM   #1136

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

القطعة الحادية والثلاثون
=====
_الجو برد عليكِ هنا يا ستي .
تهتف بها ياقوت بجزع وقد صعدت الدرج المؤدي إلى السطح لتفاجأ بثمر هناك جالسة على الأرض وقد أمسكت مسبحتها ..
فتلتفت الأخيرة نحوها بابتسامة راضية ناسبت قولها:
_الدفا دفا القلوب يا بنت قلبي ..تعالي .

تقولها وهي تفتح لها ذراعيها فتضحك ياقوت ضحكة رائقة لم تعرفها منذ زمن بعيد لتهرع إليها فتتوسد حجرها مستلقية على الأرض ثم تنظر للقمر الذي استدار كاملاً في وضع البدر قائلة :
_معاكِ حق يا ستنا ..الدفا دفا القلوب فعلاً .

ترمقها ثمر بنظرة متفحصة ثم تزيح غطاء رأسها الذي تعمدت به ياقوت إخفاء أذنيها لتسطع لمعة الياقوت الأحمر في هذه الظلمة فتغمغم ثمر بغموض ماكر:
_رجعتِ لبستيه !

ترفع إليها ياقوت عينين مغشيتين بعاطفتها ثم تسبل جفنيها بخجل يكفيها الرد ..
من ذا الذي يحتاج للكلام في حضرة ثمر التي تكشف عيناها خفايا القلوب؟!
تماماً كما فعلت الآن وهي تمسد على شعر ياقوت لتقول بيقين خبير:
_من يوم ما شفته في ودنك أول مرة وأنا قلت ده صوت قلبك اللي دق ليه ..عشان كده لما شفتك قالعاه قلت ابن الأكابر عمل حاجة وجعتك قوي ..بس لقيته جاي على ملا وشه يطلبك مني ..قلت أقرص ودنه عشان ما يكررهاش ..لكن الظاهر إنه راضاكِ ..عمل إيه ؟!

تنهدت ياقوت بحرارة وهي تشعر بوخز الذنب من إخفائها بعض الحقيقة لكنها استمعت لنصيحة إسلام فتخيرت كلماتها بحذر:
_قابل سامر !
_كنت عارفة إنه هيعملها ..النظرة اللي كانت في عينه يومها قالت إنه هيهد الدنيا لحد ما يوصللك ..المهم طمنيني ..آذي الجدع؟!
تسألها بقلق لتبتسم ياقوت وهي تهز رأسها نفياً مجيبة :
_لا ! هو بس قالله إنه هو عايز يخطبني وإني تقريباٌ موافقة ..وبعدها كلم إسلام وطلب إيدي منه .

ضاقت عينا ثمر بتفحص مع سؤالها:
_وأخوكِ قالله إيه ؟!
عادت ياقوت تمط شفتيها وهي تتلو لها نصاً ما قاله إسلام لتلتمع عينا ثمر بترقب ..
_وهو وافق؟!
أومأت ياقوت برأسها إيجاباً لترفع ثمر عينيها للسماء للحظات شعرت بها ياقوت كدهر خاصة مع قول ثمر بعدها:
_أهه ده كان امتحانه التاني .
_ونجح فيه يا ستي؟!
تسألها بوجل لتصمت ثمر بعدها قليلاً قبل أن ترد بشرود :
_مش هاخبي عليكِ يا بنت قلبي ..من يوم ما شفته وأنا خايفة أظلمه وأشوف فيه صورة حسين ..لكن كل مرة بلاقيه يأكد ظني إنه فعلاً مش كل صوابعنا شبه بعضيها ..يعلم ربي إني ماكنتش أتمنى ليك واحد زيه في فلوسه وجاهه ..كنت مستكفية بحد يحبك لطبعك وتحبيه لطبعه..لكن ربنا سبحانه وتعالى شاء إنه يجمع حلمي وحلمك سوا ..

_يعني راضية عنه يا ستي؟!
تهتف بها ياقوت وهي تنتفض مكانها بلهفة لتضحك ثمر عبر أسنانها المكسورة قائلة بمكر العجائز:
_هاعمل إيه ماهو واقف حالك ؟!..كل ما هيتقدم لك حد هيروح ويعمل معاه زي ما عمل مع زميلك إياه .

تضحك ياقوت ضحكة عالية أطلقها قلبها قبل شفتيها وهي تشعر بفخر حقيقي جعل عينيها تدمعان وهي تميل عليها لتحتضنها بقوة هاتفة بصوت أرجفه انفعاله :
_والله العظيم ..ويشهد عليا ربنا ..ما كنت بحلم غير باللحظة دي ..حد يرفع راسي قدامك ..ويرفع راسنا سوا قدام الناس .

دموعها تخونها في كلماتها الأخيرة فتربت ثمر على ظهرها ثم تبعدها لتحتضن وجهها بين كفيها المرتجفين قائلة بنفس اليقين الخبير:
_واحد زيه لما يصبر على قولة لأ لما تيجي في وشه مرتين يبقى معناها إن اللي في قلبه أكبر من غرور فاني ..بس أخوكِ معاه حق ..سيبي الأيام تغربل شوية الحصى اللي فاضل ..ماضيه مش هين ..والشيطان بيجري من ابن آدم مجرى الدم ..واللي بييجي رخيص بيروح ببلاش ..لكن اللي بنشقى عشان نوصلله بيفضل طول العمر فوق الراس .

تهز ياقوت رأسها موافقة وهي تعود لاحتضانها بقوة فتبتسم ثمر برضا وهي تطالع السماء من جديد بدعاء صامت ..

_سايبينني تحت بغسل الصحون وقاعدين هنا؟! الأحضان والدموع دي يعني عريس ..صح ؟! قولوا صح والنبي يمكن ينوبني م الحب جانب .

هتاف رابحة العالي يقاطع المشهد فتضحك كلتاهما لتهتف ثمر باستنكار حنون:
_يا مطيورة فكري في حاجة غير الجواز اللي واكل مخك ده ..لا حول ولا قوة إلا بالله ..وبعدين قلتلك ستين مرة ماتحلفيش غير باللي خلقك .

فتضحك رابحة وهي تندفع نحوهما لتتربع جالسة هاتفة بلهفتها المعهودة :
_وهي الست ليها غير الجواز؟!
_الست! الست يا مطيورة مش اللي لسة طالعة م البيضة أول امبارح.
تهتف بها ياقوت بغيظ مرح وهي تقرص وجنة الفتاة التي تأوهت لتهتف مشاكسة :
_ما أنا مش هاستنى أوصل سنك ..ذنبي إيه أصبر كل ده ؟!
_تصبري؟! تصبري يا قليلة الحيا ؟!
تعاود بها ياقوت قرصها بمرح لتضحك ثمر قائلة :
_شوفوا البت ! بنات آخر زمن صحيح!

يتشاركن الضحك للحظات قبل أن يعلو صوت الأذان فيصمتن ليرددنه سراً قبل أن تسند ياقوت ثمر لتساعدها في الوقوف بينما الأخيرة تقول بنبرة تخللها بعض القلق:
_هاصللي الفرض وأدعي لأختك ..معرفش قلبي واكلني عليها ليه .
_ما تقلقيش يا ستي ..كلمتها أنا وإسلام ومبسوطة قوي .
_ماجابتش سيرة حماتها؟!
تسأل ثمر وهي تتوجه نحو الدرج لترد ياقوت :
_لأ ..بس صوتها كان هادي .

تومئ ثمر برأسها بحركة رتيبة قبل أن تتركهما لتهبط الدرج فتعود ياقوت نحو رابحة التي كانت منهمكة تماماً في النظر لشاشة هاتفها ..
تختطفه منها فجأة لتطالع ما فيه فتشهق رابحة وهي تغطي وجهها بخجل ..
بينما تتسع عينا ياقوت بصدمة وهي تراقب "الجروب" الذي انضمت إليه الفتاة باسمه الصاعق ..
"كيف تشقطين ذكراً"!!!!!!!

_تشقطين ذكراً؟!!! تشقطين!!! يخرب بيتك!!
تهتف بها ياقوت باستنكار فتضم الفتاة كفيها معاً في وضع التوسل هامسة:
_وطي صوتك يا دكتورة .
_وش كسوف قوي يا بنت!
_والله العظيم ما عملت حاجة ..أنا دخلت بس قلت أستفيد .
_تستفيدي من إيه ؟! هتجلطيني!
تهتف بها ياقوت بنفس الاستنكار لكنها تحكم عقلها محاولة مجاراة الفتاة في سنها الحرج هذا الذي يواجه خطورة التكنولوجيا وقد فتحته على مجالات انحراف فكري مغايرة لجيلها هي الذي كان أكثر تحفظاٌ ..

_دول شوية ولاد وبنات بيتكلموا في أي حوارات ..قلت أشوف الجو من بعيد ..وبحساب وهمي محدش عارفه ..كله في السليم وربنا !

تهتف بها رابحة برجاء لتكظم ياقوت غيظها وهي تسحبها من كفها نحو الأسفل لتلحقا بثمر ..

_هنصلي جماعة مع ستي وبعدها تحكيلي بالنص اللي بيحصل فيه ..ولو كدبتي هاعرف وهاخللي أمك تعلقك !
تقولها ياقوت بصرامة فتومئ الفتاة برأسها موافقة لتمزج الأولى شدتها باللين مردفة:
_بس لو صارحتيني بكل حاجة وماخبيتيش هساعدك في كل حاجة تطلبيها ..ونفضل أصحاب زي ما احنا .

تبتسم الفتاة بسذاجة كاشفة عن قلبها الطيب لتتنهد ياقوت وهي تعاود مناولتها هاتفها لكنها تفاجأ بأيقونة لملف خارجي سمي ب..
"الكراش حُبعمري"!!!
هكذا دون فاصل بين الكلمتين الأخيرتين !

_يا لهوي ! وده مين ده كمان ؟!
تهتف بها ياقوت وهي تفتح الملف لتفاجأ بعدة صور ل"الصالح"!

_لا يا ست ياقوت ..ده حب بريئ والله ..بشوف صوره وأطمن عليه من بعيد لبعيد بس..وطي صوتك أحسن حد يسمع!
تهمس بها رابحة بحرج وهي تتلفت حولها لتخبطها ياقوت على مؤخرة رأسها هاتفة :
_والفضيحة اللي انتِ عاملاها ع الموبايل دي ! ده انتِ ناقص تكتبي اسمه على قفاكِ!

_كتبته في قلبي!
تهمس بها بهيام مبالغ فيه وهي تضم كفيها لصدرها فتبتسم ياقوت رغماً عنها وهي تشيح بوجهها متمتمة:
_هبلة ومسكوها طبلة صحيح!

ثم تعود لتهتف بالفتاة باستنكار:
_مش خايفة التليفون يقع في إيد أبوكِ واللا أمك ؟!
_مالهمش فيه ! دول بيردوا بالعافية ع المكالمات ..وبعدين أنا عاملة كلمة سر !
تهتف بها الفتاة بفخر ساذج لتمط ياقوت شفتيها يمنة ويسرة عدة مرات بسرعة بهذه الحركة الشهيرة ...
ثم تشد الفتاة من أذنها وقد وصلتا لنهاية الدرج هامسة بنبرة محذرة :
_نصلي كده ونقعد قعدة حلوة ..تحكيلي اللي عندك وتسمعي كلامي .
فتهز الفتاة رأسها بحماس قائلة :
_وربنا المعبود كنت هاعمل كده من غير حاجة ..عايزاكي تفيديني بخبرتك ..بيقولوا الدكاترة النفسيين دول ولا اللي مخاويين ..بيعرفوا المستور ويقربوا البعيد.. ويجلبوا الحبيب .
تقول عبارتها الأخيرة بهيام مبالغ فيه لتعاود ياقوت خبطها على مؤخرة رأسها قائلة بغيظ :
_لا يا حبيبتي دي الشيخة المغربية ! لكن احنا بنلبّس الجلابية البيضا بالمشقلب وبنحدف ع العباسية ..عارفاها ؟!

تضحك الفتاة ضحكة عالية وهي تتمسح في ذراع ياقوت كهريرة صغيرة قائلة :
_شربات يا زينة الدكاترة !
_الصلاة يا بنات!
تهتف بها ثمر من غرفتها فتهرع رابحة بحركتها الطائشة المعهودة لتلحق بالعجوز فيما تتسمر ياقوت مكانها للحظات ترقبها بغيظ هامسة :
_جيل عايز إعادة تأهيل وربنا ! تشقطين ذكراٌ! وجايالي أنا أفيدها ! نشنت ونشانها رشق !
=======
_هو عامل إيه ؟!
يسألها زين بقلق وهو يقف أمامها في صالة بيتهما لترد همسة بخفوت مشيرة للغرفة الجانبية :
_ياقوت معاه دلوقت ..زياراتها بتفرق قوي ..بس هو كالعادة كتوم ..مش راضي يتكلم معاها .
تقولها لتصمت لحظة قبل أن تسند رأسها على صدره لتهمس بين دموعها :
_خايفة أضعف يا زين ..خايفة ما أقدرش أسنده زي ما سندني .

فيزدرد ريقه بتوتر ورغم أنه كان يشاركها نفس الخوف لكنه اختار مساندتها في قرارها ليربت على ظهرها قائلاً بحسم:
_انتِ فاجئتينا كلنا بالقوة اللي جواكِ ..من سنة واحدة بس لو كان حد قاللي آنك هتوصلي للمرحلة دي كنت قلت زمن المعجزات انتهى ..عشان كده واثق فيكِ ..ما تخافيش ..أنا معاكم ..رائد بس محتاج وقت ..ومحتاجك ..أكيد مش هتخذليه زي ما هو ما خذلكيش .

دفنت وجهها في صدره قليلاً ليشعر بذراعيها يشتدان حول خصره كأنما تستمد منه قوتها قبل أن ترفع إليه وجهاً باسماٌ لتسأله بحزن ملائكي:
_انت شايف إن أنا السبب؟! أنا اللي قتلتها ؟!

والجواب يأتيها من خلفها بصوت ياقوت التي خرجت لتوها لتهمس لها بخفوت مخافة أن يسمعها رائد بالداخل:
_حقدها اللي قتلها ..وهم الماضي اللي سلمت له رقبتها لآخر لحظة ..فرحتكم مش ذنب المفروض تتحاسبوا عليه ..صدقي كده يا همسة عشان تخللي رائد كمان يصدق .

تلتفت نحوها همسة لتسطع عيناها بنظرة امتنان واثقة لتسألها بلهفة:
_وافق يحكي معاكِ واللا لسة رافض؟!

أومأت ياقوت برأسها إيجاباً لتلتمع عينا همسة بالمزيد من الراحة فيما التفتت ياقوت نحو زين باشتياق فضحه قمراها "الحرّان" ليقابلهما بنظرة أكثر اشتياقاً اتشحت بطيف عابر من "غيرة" لم يستشعرها سواها !

تعرف هذا الانفعال القوي الذي يكتمه فينفر له عرق جبينه رغم برود قسماته ..
هل هذا من زعم يوماً أنه آخر رجل في العالم قد يغار عليها هي؟!
غيرة غير منطقية تماماً مع وضع رائد معها لكنها ترضي غرور أنوثتها!
بينما بدت همسة بعيدة تماماً عن كل هذا وهي تهمس ببراءتها المعهودة :
_كنت واثقة إنك هتخلليه يخرج من عزلته دي .
_ياقوت ما تتقاومش .

يقولها زين بنبرة غريبة رزينة لا تشي بالعشق الهادر المتواري خلف هذه الحروف القليلة ..
نبرة جعلت خلاياها تذوب انتشاء وخجلاً فتسبل جفنيها هاربة من شعورها ..
لتنقل همسة بصرها بينهما بابتسامة حملت بعض الارتياح قبل أن تسألها باهتمام امتزج بقلقها:
_هيفضل رافض الخروج ؟! ده حتى كلامه معايا بالعافية !

فتنحنحت ياقوت وهي تتحسس موضع نظارتها لتنتبه لعدم وجودها فترمق زين بنظرة جانبية مختلسة صاحبت ردها :
_جزء من مشكلة رائد دلوقت خوفه عليكِ انتِ ..ريّحيه من ناحيتك وهو قوي كفاية عشان يتجاوز الباقي ..
ثم ابتسمت وهي تربت على كتفها لتقول بيقين:
_صدقيني لو قلتلك اللي بيحصل دلوقت ده رغم كآبته بس أنا بعتبره امتحانك الحقيقي ..آخر محطة في طريق علاجنا ..جه الوقت اللي الأدوار فيه تتقلب ..الوردة الرقيقة المقفول عليها في صوبة إزاز عشان خايفين عليها دلوقت بتثبت للكل إنها قادرة تتكيف مع أي جو وأي ظروف ..هو محتاجك ..وانتِ محتاجة تحسي إنه محتاجك ..الحب الصحي هو اللي العلاقة فيه تبقى متبادلة زي لعبة الميزان ..مش طرف على طول بيدي والتاني ياخد .

تهز همسة رأسها بتفهم وابتسامتها المرتجفة تزداد وثوقاٌ لتشد ياقوت على كتفها أكثر مردفة :
_أكتر حاجة فرقت مع رائد إنك فضلتِ معاه ..سكوته مش بُعد عنك أد ما هو خوف عليكِ ..طمنيه وهتلاقيه واحدة واحدة بيهرب ليكي مش منك .

يرمقها زين بنظرة إعجاب تخترقها كسهم نافذ لكنها تتجاهلها محاولة تركيز نظراتها مع همسة التي قبلت وجنتها بعفوية لتهمس لها ببراءتها المعهودة :
_انتِ نعمة في حياة أي حد ..يا بخت القريبين منك .

فتبتسم لها ياقوت وهي تشير نحو الغرفة هامسة :
_ادخليله واعملي اللي اتفقنا عليه ..هامشي دلوقت عشان عندي معاد مهم في المركز وهاجيله بكرة .
_خللي زين يوصلك ..الدنيا ضلمت .
تهتف بها همسة وهي تتوجه ببصرها نحو زين الذي هز كتفيه قائلاً بنفس النبرة الرزينة :
_معنديش مانع لو وافقت .

حروفه تتشح ببعض المكر كأنما يذكرها باتفاقه مع إسلام ..
لتهتف همسة باستغراب:
_وترفض ليه ؟!
ثم تلتفت نحوها هي مردفة:
_انتِ زعلانة منه في حاجة ؟!

_لا أبداٌ ..بس مش عايزة أعطله .
تقولها ياقوت بمكر يناظر مكره فتنقل همسة بصرها بينهما بحيرة قطعها زين وهو يشير بكفه نحو ياقوت كي تتقدمه بحركة مهذبة ناسبت قوله :
_اتفضلي .

تكتم ابتسامتها وهي تسير أمامه بارتباك عجزت عن التحكم به وهي تشعر به خلفها ..
كانت تتوقع أن تلقاه اليوم ..ليس اليوم فقط بل كل مرة تزور فيها همسة ..لهذا ارتدت هذه البدلة الأنيقة التي اختارها إسلام بذوقه ..بلون ليلكيّ هادئ مع قميص أبيض ووشاح بألوان هادئة مزجت اللونين معاٌ بنقوش صغيرة غاية في الرقة ..وقد ربطته بهذه الطريقة التي تظهر فيها طرفي أذنيها بقرط الياقوت كأنها تود لو تشهد الدنيا كلها على وجوده !

_بلاها مشية العسكري دي وامشي زي الستات بقا ..جننيه كده ! شعلليه !

تهتف بها العفريتة العابثة بداخلها فتتجاهلها بإصرار لكنها تعجز عن تجاهل أمرها التالي وهي تجد نفسها تسير معه في الحديقة لتتذكر موقفاً مشابها ..

_ارمي الشنطة عشان يجيبها ..اهي فاتحة كلام وربك يرزق بالباقي!

يقف مكانه وهو يلمح حقيبتها تسقط فتتوقف بدورها لتلتفت نحوه فينحني وهو يلتقطها قبل أن يستقيم ليناظرها بعينين متوهجتين ..
كادت تهتف به بنفس العبارة التي قالتها يومها "مش مقامك يا بيه" ..
لكن هذه النظرة المشعة في عينيه أخرستها ..
اختطفت من فمها الحروف وجعلت خفقاتها تتحاوز حد الجنون ..
خاصة وهو يقطع الخطوة الفاصلة بينهما فلا يكتفي بمناولتها الحقيبة كالمرة السابقة بل يضعها بنفسه على كتفها قبل أن يميل عليها هامساً جوار أذنها بمكر داعب لهجته الرزينة :
_وقعيها ألف مرة وهاجيبها لو ده اللي هيثبتلك مقامك عندي .

يقولها ثم يستقيم فجأة كأن لم يقل شيئاً لتحمر وجنتاها بخجل بينما "عفريتتها العابثة" تسخر منها :
_اتفقستِ يا مفضوحة !

لكنها تتجاهل كلماتها مع هذا الطوفان من المشاعر الذي اكتسحها في هذه اللحظة وهي تناظر عينيه بهذا القرب ..
كبرياؤها يستصرخها أن تنكر زعمه لكن مشاعرها التي صارت حرة من كل شيئ ترسم على شفتيها ابتسامة ..
ابتسامة بعمق أملها فيه !

بينما يرمقها هو بنظرة عاشقة هوجاء تناقض كل هذه الرصانة التي ترسمها ملامحه ..
يتلقف نظراتها ببعض الدهشة وهو يشعر بهالتها الجديدة تزيد من قوة أسره ..
هالة صنعتها ثقتها فيه ..فخرها به ..وأمانها معه !

لهذا عاود السير معها إنما جوارها -لا خلفها- هذه المرة !
تشعر بكفه يلامس كفها في حركتهما -عرضاً- فتسري في جسدها قشعريرة باردة يجد هو الآخر صدى لمثلها ..
يفتح لها باب سيارته أخيراً فتستقلها قبل أن يركب بدوره ليغلق زجاج النوافذ بحركته المعهودة التي كانت تعني لها قديماً "سجن الملكية " ..
لكنها الآن تفهمها بمراده الحقيقي "خصوصية الحميمية" !

صمته يطول وصمتها كذلك قبل أن تراه يشغل "كاسيت" السيارة بهذه القصيدة الشهيرة للقيصر ..
إنما بصوته هو المسجل !!!
كأنه يقصدها هي بها وقد انتظر هذه الفرصة كي يسمعها إياها !!
قلبها يخفق بقوة مع صدى صوته الفخم بهذه الكلمات التي توقن أنه يعنيها هي بها ..

يارب قلبي لم يعد كافياً
لأن من أحبها تعادل الدنيا
فضع بصدري واحداً غيره
يكون في مساحة الدنيا
حبك يا عميقة العينين
تطرف تصوف عبادة
حبك مثل الموت والولادة
صعب بأن يعاد مرتين ..

تشعر به مع الكلمات الأخيرة يلتفت نحوها وقد كانت في هذه اللحظة أكثر هشاشة من أن تبادله النظر ..
لكن أشعة عينيه كانت تخترقها بدفئها فتبذر في روحها ألف أمل ..واعداً بألف ألف جنة ..
تسترخي في مقعدها أكثر فيصلها المزيد من صوته المسجل ..

عدي على أصابع اليدين ما يأتي
فأولاً حبيبتي أنتِ ..
وثانياً حبيبتي أنتِ ..
وثامناً وتاسعاٌ وعاشراً
حبيبتي أنتِ

تعض شفتها بخجل والكلمات -مصادفةً- تعيد إليها حساب عناقاته التي تحفظها بعددها واحداٌ تلو الآخر ..
فتحترق وجنتاها تأثراً وهي تشعر برائحة عطره تتآمر مع صوته مع كلماته مع هذه العزلة الافتراضية لهما لتغرقها فيه أكثر وأكثر ..

لكنه يوقف "الكلمات" عند هذا الحد فتود لو ترجوه أن يتركها هكذا تسري في أذنيها للأبد ..
طالما كان يخبرها عن عشقه لصوتها وهي تقرأ ..
والآن تود لو تخبره أنها هي الأخرى تذوب هياماٌ بهذه الطريقة التي ألقى بها القصيدة !

تلتفت نحوه بنظرة مستنكرة حملت طيفاً من رجاء أن يكمل ما انقطع لكنه يحدجها بنظرة جانبية مختلسة ليعاود النظر للطريق مع قوله بنبرة متحفظة لم تخلُ من مكر:
_إحساس وحش قوي لما تتعلق بحاجة ونفسك تكمل ..بس تقف غصب عنك ..هه؟!

لم تملك ابتسامتها وهي تفهم مراده !
لا فائدة !
لايزال لا ينسى ثأره ويرده واحدة بواحدة !
ستبقى سجالاتهما المميزة بقوتهما المتقاربة هذه سر العلاقة الفريدة بينهما !
جبلان سيبقيان يتصارعان في طول قمتهما للأبد!!
تشيح بوجهها عنه محاولة الانشغال بالطريق لكنها كانت تعلم أنها لا تركز في شيئ الآن قدر حساب نظراته المختلسة لها والتي لا تزال تعبرها ..وتلفها في دوار لذيذ لا ينتهي ..
تنتظر بشوق أن تأتي هذه اللحظة التي تخبره فيها بمنتهى الصراحة ..بمنتهى الوضوح ..
كمراهقة لا تفقه شيئاً في فنون الدلال أنها تحبه ..
هكذا ببساطة وحسب!
تتمنى لو تعيش معه كل عصورها المفقودة ..
لو تعيد عيش كل يوم سبقه بين ذراعيه من جديد!
الخاطر الأخير يكتسحها بشعور غامر يلجلج قوتها المعهودة معه لكنها ولأول مرة تستلذ بوهنها قربه !
ربما لأنه يشبه وهن الصغير حين يركن لأبيه يحتمي بعباءته ..
لا كوهن الضعيف الذي يخشى البطش!


_نسيت نضارتي عندك .
تغمغم بها بارتباك تقطع هذا الصمت المتعمد بينهما وهي تشيح بوجهها ليصلها صوته المهيمن متشحا بعاطفته:
_ما اسمهاش عندي ..اسمها في بيتنا .
يضغط حروف كلمته الأخيرة ببطء متعمد فتحمر وجنتاها ليبتسم هو متشربا ملامحها بنظرات عاشقة حارة ناقضت برودة صوته:
_عموما هي معايا دلوقت.
_فين؟!
تسأله وهي تلتفت نحوه لتختلط برودة صوته ببعض العبث:
_في جيبي.
_هاتها.
تقولها منتبهة لهذا الانبعاج في جيب قميصه ببعض التحفز وعيناها هي الأخرى تتشربان بملامحه التي بدت لها في هذه اللحظة أكثر وسامة ..أكثر سحرا..وأكثر قربا ..
فتزداد وتيرة العبث في صوته وهو يهز كتفيه وقد تشبثت قبضتاه بمقود السيارة :
_لو عايزاها خديها .
_زين.
تهمس بها بنبرة أذابت قلبه بل صهرته صهرا!
بهذا الخجل الذي دغدغ حواسه مذكرا إياه بمذاقها بين ذراعيه ..
بهذا العشق الذي ربما لم تبح به حروفها وإن كانت تصرخ به خلاياها بصدى يرجه رجا ..
وبهذا العتاب المستنكر الذي يجعله يرمقها بنظرة عنيدة متحدية تكاد تقسم أنه لن يرجع عما برأسه مهما كان ¡

دقيقة كاملة مرت بينهما والعناد المتفجر بالعشق يشعل الصمت بينهما ..
لتحسم هي أمرها أخيرا فتمد أناملها بخفة تلتقط نظارتها من جيبه لكنه أطبق بقبضته على كفها في موضعه!
هناك ..أمام قلبه تماما !
فتتحول نظراته لمزيج دافئ من عشق واشتهاء ..
سراجا الشمس في عينيه يتوهجان ببريق يكاد يغشي عينيها ..
وبصوت بدا وكأن لا يخرج من شفتيه ..
بل يخترق من قلبه لقلبها كشعاع من نور..ونار:

_عارفة أد إيه نفسي دلوقت إن اللحظة دي ما تخلصش؟! نفضل طول العمر كده ؟! إيدك جنب قلبي مطمناه! مونساه! ..كل دقة فيه بتلمسك ..وبتحلفلك إنه هيفضل ليك انت ..انت بس ..

آهة قصيرة خائنة تغادر شفتيها فاضحة هذا الزلزال الذي يبعثر كيانها كله مع كلماته هذه ..
ثم يلملمه!

آهة يود لو يتلقفها بين شفتيه اللتين تعلقت بهما عيناه باشتياق أحرقهما معاً ..
لكنها سحبت كفها منه لتجد كلماتها تخرج رغماً عنها مشوشة مرتبكة فظة :
_خد بالك من الطريق محدش بيعمل كده وهو سايق ..وبعدين ما تنساش وعدك لإسلام ..انت قلتله إنك مش هتكلمني لحد ما يبلغك بموافقته ..ما تستغلش الظروف .

ابتسامته الماكرة مع إشاحته بوجهه تفضح تفهمه لسبب هذه الفظاظة المفاجئة التي جابهته بها ..ليرد بصوته الذي عادت إليه نبرة تحفظه المهيمنة :
_معاكِ حق ..مش هتتكرر .

ابتسامته جعلتها تلعن وسامته الطاغية هذه والتي تبقيها دوماً على حافة بئر عميق بلا قرار لا تكاد تنتظر سوى زلة قدم كي تسقط !

_دبش ! دبش! الراجل قرب يطلع قلوب من عينيه وانتِ عاملالي فيها أبلة الناظرة ! بقا دي عيون يتقال لها لأ ..يا جاحدة ! طب بلاش عينيه ..صوته ..كلامه ..واللا ..

تترك العفريتة العابثة لعربدتها بداخلها راضية بها هذه المرة ..
ليخفق قلبها بلوعة وهي ترى الطريق يقصر منذراً بفراق وشيك وقد بدا لها مبنى المركز من بعيد ..

تتوقف سيارته فتشعر بضيق حقيقي وهي تطرق برأسها مشبكة كفيها ..

_هتسيبيه كده من غير كلمة واحدة وياعالم هتشوفيه تاني امتى ؟! انطقي يا جبلّة ..قولي أي حاجة تصبره ! وتصبرني!!

تستمع لنصيحة "العفريتة العابثة" في سابقة نادرة فتتلفت حولها لتتأكد من خلو المرآب الذي ركن به سيارته ..
ثم تشير بعينيها لنظارتها في جيبه قائلة بنبرة عجيبة تأرجحت فيها الأنصبة العادلة بين عاطفة وفظاظة ومكر :
_زي ما قلعتهالي بإيدك ..لبسهالي .

تسمع صدى ضحكته المكتومة فتنطلق بداخلها ألف زغرودة عالية وهي تسبل جفنيها لتشعر به يستخرج نظارتها من علبتها ..
ترفع إليه عينيها بقمريها "الحُرّين المحلقين في سمائه" فتراه يقرب نظارتها لشفتيه فيما بدا كقبلة خاطفة لم تستغرق ثانية لكنها نفذت لقلبها كسهم مارق ..
ثم يلبسها إياها وعيناه تجزيانها عن صيام لسانه آلاف الكلمات !
الصيام الذي بدا عاجزاً عن المزيد منه وهو يشعر بأنفاسها اللاهبة تشارك أنفاسه اشتعالها ..

_كل ما بتوحشيني بشتري كتاب ..بحتفظ بيه من غير ما أقراه وأحلم باللحظة اللي هتقريهولي فيها ..وانتِ في حضني .

همساته الدافئة تشعل أحطاب روحها فتحس وكأن خلاياها كلها تنصهر بهذا القرب المهلك ..
لكنها تهرب من خجلها بمزيج فظاظتها ومكرها فتقول وهي تبعد وجهها عنه :

_كل ما بوحشك ؟! على كده اشتريت كام كتاب لحد دلوقت؟!
فيبتسم وهو يرفع أحد حاجبيه ليبتعد بدوره مسافة كالتي ابتعدتها ثم يرد بهدير عاطفته الماكر:
_قربت اخلص المكتبة .

ضحكتها القصيرة تحلق حرة فوق شفتيها وقد بدا وكأنما أعجبها الرد ..لتقول بمكر عابث:
_خلاص ..لما تخلص المكتبة نبقى نتفاهم .

فيصدر همهمة قصيرة وهو يدرك تلذذها بعذاب انتظاره لتلتمع عيناه ببريق أكثر مكراً وهو يميل برأسه قائلاً:
_يعني مش مستعجلة انتِ كمان تعرفي حكاية "مثلث برمودا" اللي عندك واللي هنكتشف أسراره سوا؟!

_مثلث برمودا ؟! عندي أنا؟!
تسأله بحيرة ليهز رأسه مؤكداً بغموض:
_مثلث صغير كده عندك له قصة ظريفة هابقى أحكيهالك بعدين .

التمعت عيناها بفضول حائر ترجوه المزيد لكنه أشاح بوجهه مردفاً بنبرة عاد إليها مكرها :
_لما أخلص المكتبة !

تبتسم بدورها وهي تدرك أنه يرد لها بضاعتها ويتركها مثله تتحرق على صفيح ساخن من شوق وترقب ..
تغادر السيارة لترمقه بنظرة أخيرة تلقفها بعمق عاطفته وعيناه تتعلقان بقرط أذنيها بنظرة راضية ..
قبل أن يبتسم لها ابتسامته الساحرة التي ودعتها قبل رحيلها ..

تتنهد بهيام وهي تخطو بخطوات متثاقلة نحو غرفتها بالمركز كأنما تجاهد نفسها كي لا تستدير عائدة إليه ..

تصل لمكتبها أخيراً فتغلق بابه خلفها ولم تكد تفعل حتى وصلتها هذه الرسالة الصوتية تكمل لها القصيدة بصوته كما تمنت ..
كأنه يجزيها عن بخل بوحها كرماٌ !

دعي نظراتك الحمراء تقتلني
ولا تكوني معي يأساً ولا أملا..
وقاوميني بما أوتيتِ من حِيلا ..
إذا أتيتك كالبركان مشتعلا ..
أحلى الشفاه التي تعصي ..
وأسوأها تلك الشفاه التي دوماٌ تقول بلى !
======
_قالوا لي إنك شاورتِ على صورتي؟!
تقولها ياقوت مخاطبة نجلاء -حالتها الجديدة- في المركز والتي بدت غير منتبهة تماماً مع نظرة الرعب في عينيها وهي تنظر لسترة ياقوت التي كانت من جلد الثعبان المرقط ..

انتبهت ياقوت لما تعنيه نظرتها فخلعت سترتها برضا لتخرجها ثم تعود إليها ..
النظرة المرتعبة تخف حدتها فتزداد يقيناً خاصة وقد تم تشخيص حالتها المبدئي بما يسمى "التريبوفوبيا" أو فوبيا الثقوب ..
هذا الرهاب الذي لم يعترف به بعد ك"فوبيا" حقيقية إلا من خلال بعض الدراسات ..
وهو رهاب يعانيه بعض الأشخاص من رؤية الثقوب أو الدوائر المتلاصقة مختلفة الأحجام ..
كصور الفراولة ..خلايا النحل ..جلد الثعبان ..ومثلها من صور الثقوب أو الدوائر المتلاصقة ..
رهابٌ تزداد شدته وتنقص بالظروف المحيطة لكن المزيد من الضغوط قد تؤدي لاضطرابات اكتئابية حادة ..
هذا الذي يبدو أنه قد حدث مع المسكينة هذه ..
والتي تصادف أن يتم اختطافها واحتجازها في أحد "المناحل" المملوكة لأحد الخاطفين ..
ليصنع لها رهابها المعهود -مع مشهد خلايا النحل- المزيد من الاضطراب ليدخلها في حالة الخرس الهستيري هذه ..
والذي لم تتخلص منه حتى بعد إنقاذها !

هذا الاستنتاج الذي وصل إليه سامر بذكائه مشخصاً هذه الحالة الغريبة وقامت هي بوضع خطة علاج تشبه هذه التي وضعتها لهمسة من قبل ..
نفس الرهاب -مع اختلاف المسمى- والذي يرتبط بضغط شديد يجعل أثره يتفاقم هذا الحد !

_نجلاء ..سامعاني؟!
تسألها من جديد وهي تضع صورتها هي جوار وجهها لتردف:
_أنا اهه ..لو عايزاني أفضل شاوري تاني ..

ترمقها الفتاة بنظرة زائغة تتركز رويداً رويداً حول الصورة ..
قبل أن تنتقل منها إلى وجهها هي ..
سبابتها ترتفع نحوها ببطء فتبتسم ياقوت وهي تربت على كتفها قائلة :
_ممتاز ! أنا اسمي ياقوت ..إيه رأيك حلو؟!

لكن الفتاة تعود لشرودها في الصورة كأنها تميل للوهم أكثر من الواقع ..
تحاول ياقوت لدقائق اجتذابها لأي حديث لكنها تبدو عاجزة عن إيجاد المزيد من جسور التواصل بينهما ..

_مساء الخير .

يهتف بها سامر وهو يدخل عليهما وقد كان يراقب الوضع عبر النافذة الزجاجية من الخارج ..
لتلتفت نحوه الفتاة ببعض الذعر لكنه يبتسم لها قائلاً بنبرته الودود :
_أخرج وأسيب ياقوت ؟!
لكن الفتاة ترمقه بنظرة غريبة طويلة قبل أن تلتوي شفتاها بشبه ابتسامة تجعله يخرج لها عروسا بلاستيكية شبيهة بما يهديها لريتال ..
هذه التي وضعها أمام عينيها قائلاً :
_واللا نخرج احنا الاتنين ونسيب دي؟!

ابتسامة الفتاة تتسع وهي تتناول منه العروس لتحتضنها ثم تقف معطية إياهما ظهرها ..
فيشير سامر لياقوت إشارة خاصة ثم يغادران معاً ليغلقا الباب خلفهما ..
وما كاد يفعل حتى سار جوارها واضعاً كفيه في جيبه قائلاً :
_زي ما توقعت ..بتميل للصور والمجسمات أكتر من البشر الحقيقيين في الفترة دي .
_بالظبط ..ودورنا نطمنها وننزل لمستواها وبعدين نرفعها واحدة واحدة ونخلليها تتقبلنا احنا .
_خصوصاً إنها بدأت تثق فيكي وتشاور عليكي.
_وانت كمان ابتسمت لك النهارده .
_تقدم ممتاز!!
يهتف كلاهما بالعبارة الأخيرة في نفس التوقيت فيتوقفا عن المشي ليضحك كلاهما للحظات قبل أن ترفع إليه عينين مرتبكتين فقد كانت المرة الأولى التي تتحدث إليه فيها بعد واقعة زين الأخيرة ..

لكنه تقبل ارتباكها بشماتة مصطنعة ظللت نظراته قبل كلماته :
_ما قلتليش بقا حكاية زين باشا "أيبك" ده يا "شجرة الدر"؟!
تعض شفتها بخجل تكتم ابتسامتها لطرافة التشبيه قبل أن تشيح بوجهها ليردف باعتراض:
_لا ده أنا قتيل الحكاية دي النهارده ! ده أنا دمي نشف وأنا مخطوف ومش عارف هارجع للست حلاوة واللا لأ.

يقول عبارته الأخيرة بمسكنة مصطنعة فتنطلق منها ضحكة قصيرة لكنها تتنحنح لتقول بارتباك خجول:
_كنت بعالج أخته و..
_وإيه؟!
_وبعدين هي خفت و...
_وإيه ؟!
مكر سؤاله يمتزج بخجلها فترمقه بنظرة عاتبة تجعله يقهقه ضاحكاً ثم يلوح بسبابته في وجهها قائلاً:
_المهم يكون يستاهل ..معلش ..أنا ما اترفضش لأقل من وزير ..أمير ..حاجة في الرينج ده !

تكتم ضحكتها بكفها معجبة بروحه المتسامحة التي تعرفها فيضحك بدوره مردفاً:
_ياللا يا عم الله يسهلله ..
ثم يصمت لحظة ليستطرد بجدية تامة هذه المرة والشجن الغريب يلون نظراته الشاردة :
_ربنا يوفقك بجد من كل قلبي ..وادعيلي ألاقي حب زي اللي شفته في عينيكم تحت في العربية .
_انت شفتنا؟!
تهتف بها بحرج فيبتسم وهو يرد متلذذاً بهذا الوجه الجديد الذي يراه منها كمراهقة خجول :
_ما تخافيش ..المرة اللي فاتت اضطريت أقول لإسلام عشان خفت عليكِ ..بس المرة دي هاستر عليكِ احنا برضه عندنا ولايا!
_سامر!
تهتف بها باستنكار مرح فيعاود الضحك ثم يشير لها جوار رأسه بتحية عارضة قبل أن يتحرك نحو مكتبه لكنها تستوقفه بندائها قبل أن تتقدم نحوه قائلة :
_أنا آسفة ..وبجد أتمنى لك تلاقي الإنسانة اللي تستاهل قلبك الطيب .
_من بقك لباب المأذون أحسن الست حلاوة خلاص قربت تعلق يافطة على ضهري وتقول عريس للبيع !
يقولها وهو يرفع كفيه في وجه الدعاء فابتسمت له بود حقيقي لينسحب من جديد نحو غرفة مكتبه الذي أغلق بابه خلفه قبل أن تتحول ملامحه لضيق خفي وهو يزفر بقوة ..

موقف ياقوت ذكره بلقائه بهذا العريس الذي تقدم لخطبة ريتال ..
الرجل لا يعيبه شيئ حقاٌ ..
يبدو مهذباً لطيفاً مثقفاً ..فلو أضفنا لهذا مركزه العلمي والمادي فهو فرصة حقاً كما تزعم هي ..
لكنه لا يدري سبب انقباضة قلبه هذه كلما تذكر أنها ستتركه وتبتعد !
لم تفعلها طوال سنوات عمرها هذه فكيف يتركها تفعل الآن ؟!
إنها صديقته وابنته و...
وماذا؟!
هو ما عاد يفهم نفسه حقاً !!
"باب النجار مخلع"كما يقولون!!

صوت وصول رسالة على هاتفه يقاطع أفكاره فيجدها منها ..

_كلمت الحاج جميل ؟! اقنعه بقا مادام شايفه كويس !

اللهفة تطير بين حروفها فيميزها حتى دون أن ترسل المزيد من الرسوم لأكفّ متضرعة متتالية كأنها ترجوه السرعة ..

_حاضر يا ست المستعجلة !

المرح الظاهر في حروفه يناقض هذه المرارة الخفية التي يشعر بها ..
خاصة وهو يرى ضحكتها التي ارتسمت عبر حروف الرسالة :
_أيوة أبوس إيدك ..ورانا طيارة وسفر ومستقبل بيضيع!

_هتوحشني شقاوتك يا بنت الإيه !
يرسلها لها مع وجه يضحك فترده له بمثله قبل أن تنطفئ النقطة المضيئة جوار اسمها معلنة خروجها من نطاق الاتصال ..

_مالك ؟! في إيه ؟! هتكره لها الخير واللا إيه ؟! واللا يمكن غيران عشان هتسافر وانت متدبس في البلد دي ؟! واللا ..؟!

خاطر غريب تحدثه به نفسه لكنه ينفضه عن ذهنه باستنكار ..
لا ..لا ..
هي أخته ولن تخرج يوماً عن هذا الإطار!!

ربما لهذا عاد يرفع هاتفه بانفعال متعجلاً ليتصل بأبيها و..
يحاول إقناعه بالعريس كما ترغب!
=======
م البداية قلتلك ان مش دايماً يكون الحب كافي
والحياة ليها حسبة تانية ..
يومها نزلت دمعة منك فوق كتافي

قلتي حاول قولت حاضر بس اوعي متكمليش
لو هتمشي امشي حالاً لو فضلتي متبعديش


يلملم حاجياته من غرفة السطح بأنامل مرتجفة وهو يقاوم وحش الحنين الذي يدرك أنه سينال منه لا محالة ما بقي له من عمر ..
لكن ما حيلته ؟!
بعض البحار -على اتساعها- متى تعكرت فلا تعود لسابق صفوها أبداً !
وبحرهما كان إياها!

تدمع عيناه وهو ينتهي مما يفعل لترتجف شفتاه بقوة وهو ينظر للفراش يستعيد صورتها ذاك اليوم عقب عودته من زفاف لجين ..
هاهنا كانت تنتظره باكية تعلم أنه لن يعود ..
ليته لم يفعل ..
ليته اكتفى وقتها بجرح لن تزيده الأيام إلا نزفاً !



انا ماكنتش عايز أعلق نفسي بحب نهايته جروح
ليالي أبني في وهم وحلم ..
وييجي في ثانية ده كله يروح

واديني خدت نصيبي من حبيبي جرح قاسي كبير
ساعات لما الجرح بيجي بسرعة بيبقا اهون بكتير

يتلفت حوله كأنه يبحث عنها لكنه كان يعلم أنها تملك من القوة ما يكفيها لتبتعد ..
وليته كان يملك ما يماثلها من القوة كي يقترب!!

يحمل حقيبته ليغادر الغرفة ثم تهرب منه عيناه تجولان في السطح حوله ..
يسترجع نظراتها ..كلماتها ..ضحكاتها التي كان يرسمها قلبها قبل شفتيها ..
فيرتعد قلبه بداخله خوفاً!
أجل خوفاً من أن يواجه العالم من جديد دونها !
هي كانت "تربيتة الأمان" ..كما كانت "صفعة الصدمة"!

_مش عارفة بتطيق تاكل السندويتشات سخنة نار كده إزاي ؟!
_أنا اللي مش عارف بيجيلك نفس إزاي تاكليها باردة كده !
_خلاص يا عم ! نصبر وناكلها سوا نص نص !

يتذكرها من ماضيهما المشترك فيدرك أن هذا كان دوماً عهد حبهما أن يتنازل كلاهما كي يتقابلا في منتصف الطريق ..
لكن هل يجوز هذا الآن ؟!
هل بقي من الأمر ما يسمح بأي تنازل ؟!
الجواب يفرض نفسه فيمد أنامله يمسح دمعة ترددت على حافة جفنه ..
سواد الدنيا في عينيه يشبه سواد هذا الليل حوله ..
فإن كان لهذا الليل قمره ..فمن لليله هو؟!!

يهبط الدرج بخطوات متثاقلة يتذكر كم مرة شاركته فيها هبوطه بخطواتها النزقة المناقضة لبطئه هو ..
دوماً إيقاعها صاخب هائج وهو لم يرجُ في حياته سوى نغم غنوة هادئة !

م البداية قلتلك وانتي كنتي حتى رافضة تسمعيني
والنهاردة انا بسألك اعمل ايه في قلبي اللي حبك فهميني

يصل لباب شقتها فيتجاوزه بسرعة مغمضاً عينيه مخافة أن يضعف فيطرقه ..
لكنه يتوقف مكانه فجأة كأنما استوقف قلبه "نداء قلبها"!
يلتفت خلفه ببطء ليجد الباب شبه مغلق ويراها هي عبر هذا الشق "الضيق جداً" ترمقه بنظرة غامرة فائضة رغم أنه لم يميز بوضعها هذا سوى عين واحدة فقط !

حلقه يجف فجأة وهو يشعر أنه يصارع نفسه كي لا يلقي حقيبته هذه ويهرع إليها فيضمها في عناق طويل يطمئنها ويطمئن نفسه قبلها ..
لكن قدميه تسمرتا مكانهما مدركاً أن حبهما صار كهذا "الشق الضيق" الذي تبرز هي -بالكاد- من خلفه ..
لا تنقصه سوى دفعة واحدة كي يغلق بابه تماماً !

دمعة منها تترقرق لامعة وسط الظلمة النسبية للمكان فيراها على هذا البعد ..
ميزها قلبه قبل عينيه !
يشعر بحقيبته تقع أرضاً فلا يدري هل هو من أسقطها عامداٌ أم أنها فقط تشارك كل تفاصيله السقوط ..
يقترب منها بمنتهى البطء مقتنصاً نظراتها كأنه يخزنها لطول جفاف العمر القادم ..
فيرى "نصف ابتسامتها" عبر شق الباب تلتحم بخيط دموع وصل شفتها بعينها الوحيدة الظاهرة ..
ورغم أن صوتها كاد لا يسمع بهذا الهمس المختنق ..
لكنه شعر به كأنما كل حرف ينفجر كلغم داخل روحه ..

_مهما حصل بيننا افتكر إني عمري ما حبيت ولا هاحب حد غيرك .

لم تكن أول مرة يسمعها منها لكنه كان يعلم أنها ستكون "الأخيرة" !
خاصة والشق الضيق يختفي رويداً رويداً حتى يرى الباب قد أغلق تماماً أمام عينيه !
صرخة كبيرة تضج بها روحه وتكتمها شفتاه باستماتة ..
أنامله تتحسس الباب المغلق بارتجافة قوية كأنه يطارد بقاياها ..
والدمعة المتأرجحة فوق جفنه تسقط أخيراٌ على وجنته التي ألصقها بالباب ..
دقيقة ..اثنتان ..عشرة ..ستون ..
لا يدري كم ظل واقفاً مكانه هكذا كأنما لا يريد لعمره أن يعترف بزمان بعدها ..
لكن اهتزاز هاتفه في جيبه برقم أمه يعيده لمرارة واقعه ..
فيرفع رأسه أخيراً ليبتلع غصة حلق يبدو أنها ستمرر ما بقي من أيامه ..
قبل أن يتحرك ليتناول حقيبته من جديد و..يرحل !

صعب اسامحك بعد جرحك ..
واللي اصعب اني اعيش
بس عارفة ؟!
هتوحشيني..
حتى لو ماسامحتكيش
=======

_لبست "روز" اهه لوحدي..مبسوط مني بقا؟!
تقولها نشوى أمام مرآتها وهي تعدل وضع ثوبها بينما تراقب بفخر أنثوي نظراته الساخنة التي التصقت بها بينما يستند على خزانة الملابس خلفها ..
ليبتسم ابتسامة عابثة وهو يقترب منها عيناه معلقتان بسلسلتها التي تحمل صورته على جيدها فيتناولها في راحته قائلاً :
_لو عايزاني أتبسط ما تطلعيش دي بره ..خلليها جوه على طول .
يقرن قوله بفعله وهو يدخل السلسلة عبر طوق ثوبها ليخفيها فتهتف باعتراض :
_ليه بس ؟! أنا عايزة الناس كلها تشوف صورتك وأنا لابساها

ورغم "المعنى الخفي اللذيذ" الذي حملته كلماتها العفوية لكنه يهز رأسه معترضاٌ وصوته يتشح بالمزيد من العبث :
_أولاً ..صورتي وأنا حر فيها ..ومن موقعي هذا بأكد لك إني هابقى مبسوط أكتر وأنا جوه ..

لم تكتم ضحكة خجلها هذه المرة من المعنى الوقح الذي حملته عبارته لكنها لكزته في كتفه بحركة دلال أقرب منها للاعتراض ..
ليضحك بدوره وهو يشير بسبابته في حركة دائرية نحوها مردفاً :
_وثانياً ..أي سلسلة هنا هتلفت النظر لامكانياتك اللي عاملة مشكلة دي ..وأنا لا سني ولا لياقتي يسمحوالي بخناقة مع كل حد هيبص لك وأخزق له عينه !

تضحك ضحكة رائقة طويلة وهي تبسط كفيها على كتفيه لتخفي وجهها في صدره تشعر -ولأول مرة منذ سنوات تقارب عمرها ..بالشبع بل ..بالتخمة !
تخمة عاطفة تسولتها على الرصيف "الخطأ" ولم تنلها ..
فلما اتخذت مقعدها "الصحيح" وجدتها تسقط وحدها في حجرها !!

_أنا بحبك قوي .

ترفع بها عينيها إليه فيحيط خصرها بكفيه شاعراً كعهده معها أنها عندما تتحرر من قيود "قشرتها الخارجية" تبدو ك"ريما" تماماً ..
طفلة منطلقة في التعبير عن مشاعرها دون تفكير !
لهذا ابتسم وهو يقربها منه أكثر رافعاٌ حاجبه بهمسه العابث:
_بتتكلمي بجد ؟!
فتبتسم بدورها وهي تفهم مراده لتسبل جفنيها ثم تطبع على شفتيه هديتها مجيبة :
_جد الجدّ !

يغيب معها في دوامتهما الخاصة من هذا الشعور الغامر الذي لم يعرفه كلاهما إلا بين ذراعي صاحبه ..
شعور "اكتمال" بعد طول نقص!
هو الذي كان يرى فيها شارة طهره ..بداية طريقه الجديد الذي وجد فيه نفسه ..
وهي التي كانت ترى فيه عوضها عن خذلان من سبقوه ..
كأنه جاء ب"المقاس المضبوط" ليكمل هذه القطعة الناقصة في لوحة أنوثتها ..
حتى وقاحته التي كانت تجدها سافرة ..الآن تدرك أنها تضفي "اللمعة المناسبة" لأنوثتها التي طالما ظنتها باهتة شاحبة !

تبعده أخيراً لتتنهد تنهيدة طويلة ثم تهمس بدلال عاتب:
_لو سبتك لكلامك الجد مش هنروح معادنا والناس مستنية !
لكنه يعاود تقريبها منه هامساً بنبرته الرخيمة المغوية :
_هو فيه أحلى من كلام الجد ؟!
تضحك وهي تقرص وجنته بخفة لتدفعه بعزم أكبر هذه المرة ثم تعطيه ظهرها لتلتقط وشاحها ثم تعاود الالتفات نحو مرآتها قائلة :
_شكلي كويس؟! ..مش متعودة ع الناس ..التجمعات عموماً بتخليني أتوتر .

_امال هتعملي إيه في الفرح؟!
يقولها ضاحكاً لتلتفت نحوه هاتفة بتردد :
_انت لسه مصرّ ع الموضوع ده ؟!
_جدا! مستني بس لجين ترجع بالسلامة عشان اللمة تكمل .
يقولها بحسم وهو يتناول سترته ليرتديها ثم يتوجه نحوها مردفاً:
_وبعدين دول مش غرب ..ده سيف عازمنا ع الغدا في بيته ع الضيق .
_ع الضيق؟! سيف ومامته وأخوه ومراته ومراة أخوه وعمو علاء وطنط إيناس ؟!
تقولها باستنكار وهي تعد على أصابعها ليضحك هاتفاً باستدراك:
_وكان عازم ماما وهيثم كمان بس اعتذروا عشان مشغولين بالنقل للبيت الجديد .
_صعبان عليا أخوك قوي !
تقولها بإشفاق وهي تقترب منه خطوة فتفضح عيناه هو الآخر حزناً خفياً يخفيه عادة خلف مزاحه ..
لكنه لم يتكلف الادعاء هذه المرة أمامها وهو يرد بصوت متحشرج:
_هيكبر وينسى ويتعلم إن الضربة اللي ما بتموتش بتقوّي .
فترمقه بنظرة طويلة مزجت حنانها بعاطفتها لتضم رأسه لصدرها بعناق دافئ ثم تقبل رأسه هامسة :
_اللي ليه أخ زيك ما يتخافش عليه ..انت نعمة !

يبتسم لها براحة غامرة وهو يزداد يقيناً يوماً بعد يوم أنه كان محقاً إذ رأى خلف شوكية قشرتها هذا الباطن الحلو ..بل شديد الحلاوة ..
يرد لها قبلتها بمثلها ثم يعترف أنه لايزال يفاجأ بوجهها شديد العفوية هذا في كل مرة تطلق فيها سراح عاطفتها لتحلق دون قيود ..
يعترف أنه كان يحتاج لامرأة مثلها تماماً في حياته ..
امرأة يثق أنه يمكنه الاستناد عليها دون خوف ..
يلقي على كتفها حموله دون حذر ..
ويعيش بها ولها ما بقي له من عمر .

يراقبها وهي تخرج لتأتيه بريما وقد ارتدت كلتاهما ثوباً وردياً لتبدوا في عينيه كنسختين متشابهتين بل متطابقتين ..
_شفتنا واحنا لابسين زي بعض ؟!
تهتف بها ريما بحماس طفولي ثم تغمز بعينها غمزة -صارت تجيدها تماماً مثله - وهي تردف تقلده :
_شكلنا عسل يا عسل !

ضحكاتهم الثلاثة تمتزج معاٌ للحظات ..
قبل أن يتحرك نحوهما ليبسط ذراعيه حولهما فيضمهما إليه بقوة حانية ثم يغادر نحو بيت صاحبه ..
=======
_سيف! اصحى يا حبيبي الناس على وصول .

تقولها غادة بحنان بعدما دخلت الغرفة لتجده لا يزال نائماً ..
ابتسامتها تتسع وهي تتأمل ملامحه النائمة التي تعشقها ..
والتي اختزلت أمان العالم كله في عينيها!
تراه يبتسم فتظنه استيقظ لكنها تفاجأ به يهز رأسه برفق مع تمتمة شفتيه كأنه يحدث أحدهم فتعاود هزه برفق ليفتح عينيه فجأة ثم يدور بهما حوله ببعض الدهشة ..
قبل أن يجذبها نحوه ليتشبث بها بقوة أدهشتها وجعلتها تهمس له بدلالها المعهود :
_وحشتك قوي كده الساعة اللي نمتها ؟!
لكنه لم يزد على أن ربت على ظهرها برفق يناقض تشبثه القوي بها ..
لتشعر بسخونة دمعة بللت وجنتها الملتصقة بوجنته !

_سيف!
تهمس بها بجزع حنون وهي ترفع عينيها إليه لتحتضن وجنتيه براحتيها مردفة :
_فيه إيه ؟!

فيغمض عينيه بقوة وهو يهز رأسه ببطء وملامحه تفضح انفعالاً قوياً يوازي تشبثه العجيب بها ..
فتكتفي بصمتها للحظات بينما تنثر قبلاتها على وجهه حتى تشعر بذراعيه المتشنجين حولها يتراخيان قليلاً ..
تعاود الهمس باسمه في تساؤل ليجيبها عبر جفنيه المغلقين :
_شفتهم سوا ..أول مرة أشوفها معاها .
_آنجيل؟!
تسأله وهي تعرف الجواب ليرد ولايزال مغمضاً عينيه بانفعال:
_وبنتي ! ملاك يا غادة ! أول مرة أشوفها واضحة كده ..بتجري عليا بتحضنني وتبوسني ..ووراها آنجي عينيها مسامحة ..بتشيلها وتبعد بيها وهم بيشاورولي ..عمري ما شفتهم واضحين كده زي النهارده .

كانت تشعر بغيرة طبيعية تفترض في موقف كهذا لكن ..
من مثلها قد يعذره وهي التي عاشت ماضياً مشابهاً ؟!!
لهذا تفهمت هذا الانفعال الذي يعصف به ويرجف حروفه بهذه الطريقة ..
لتنحني فتضم وجهه تخفيه في حنايا عنقها مع همسها:
_الحلم ده معناه إنك سامحت نفسك أخيراً وضميرك ارتاح ..
ثم تعاود رفع عينيها لتلتقي بعينيه اللتين فتحهما أخيراً مردفة ببعض المرح الذي تحاول به احتواءه :
_ويمكن معناه إنك عايز "بيبي" ومكسوف تفاتحني مثلاً؟!
يبتسم ابتسامة مرتاحة وأنامله تتخلل خصلات شعرها ليعانقها بنظراته قائلاً :
_ما تعرفيش أد إيه بحلم باللحظة دي ..أكتر حاجة اتمنيتها في حياتي بعدك هي طفل منك .
الصدق في حروفه ينتزع كل ما كدّر مشاعرها من غيرة ليبدلها بهذا النبع الصافي من الأمان المعهود معه ..
فتقبل جبينه بنعومة قائلة :
_وأنا كمان يا حبيبي مستنياه بفارغ الصبر ..
ثم يعود إليها مرحها لتتحرر من بين ذراعيه ثم تقف هاتفة :
_عيب عليا يعني! شيبوب اتجوز وخلف "أُرطة عيال" وأنا لسة .

فيبتسم وهو يزيح عنه الغطاء ثم ينظر في الساعة قائلاً بضيق:
_اتأخرت قوي .. زمانهم جايين!

_ما تقلقش ! أنا مع طنط من الصبح في المطبخ وكله تمام ..هانيا خلعت عشان مذاكرتها بس "محسوبتك" سدادة !
تقول عبارتها الأخيرة بخشونة مصطنعة وهي تربت براحتها على جانب رقبتها فيضحك ضحكة قصيرة وهو يحيط كتفيها براحتيه قائلاً بجديته الحنون :
_عمري ما شكيت !

تهز رأسها بدلال تعلم أنه يحبه خاصة مع حركة خصلات شعرها النبيذية على كتفيها والتي امتدت إليها أنامله تداعبها قبل أن يتنحنح ليقول بحرج:
_بالمناسبة دي ماما كلمتني في حاجة ..هي ممكن تبان لك تافهة بس هي فارقة معاها .
ترمقه بنظرة متوجسة ليرد بتردد :
_بتضايق من كلمة "طنط" دي ..عايزاكِ تقوليلها يا "ماما"!

تشحب ملامحها فجأة وكأنما اختفى المرح والدلال منهما في غمضة عين ليشعر بنظراتها تزيغ قليلاً قبل أن تغمض عينيها بقوة ..
ثم لم يدرِ من أين تفجرت فجأة كل هذه الدموع التي أغرقت صدره وهو يضمها إليه !
جسدها يرتجف بقوة أخافته حقاً وجعلته يشعر بالندم على طرقه لهذا الأمر ..
يعلم أنها متحفظة تماماً في الحديث عن أمها منذ وفاتها ..
بل إنها لم تحدثه عنها بكلمة واحدة منذ أزمتها الأخيرة !
هي تجاهلت ..وهو جبن عن أن يطرق باب هذه الذكرى المفجعة لكليهما !!
لكنها الآن وهي ترتعد بين ذراعيه بهذه الهشاشة تجعله يشعر بالندم على مشاركتها تجاهل هذا الحزن الدفين بداخلها !!

_أنا آسف .

كلماته قليلة كعهده لكن لغة جسده كعهدها معه تكفيها ..
خاصة وهو يغمرها بين ذراعيه مطوقاً إياها بهذا الحنان غير المحدود ..غير المشروط ..
وبهذه القوة التي تكفيها شر خوف الخذلان !

تستسلم لبكائها للحظات بين ذراعيه وذهنها يستعيد قسرياً كل مشاهد معاناتها مع أمها وانتهاء بليلة الحادث ..
الجرح ..اللوم ..الخذلان ..ثم التعاطف والإشفاق ..
طوفان المشاعر الذي غلف علاقتها الاستثنائية بوالدتها الراحلة يعود ليكتسحها ..
لكنها تملك من القوة ما يجعلها تنهض من عثرتها بعد لحظات لتمسح دموعها بأنامل مرتجفة ..
ثم تغتصب ابتسامة ترفع بها عينيها إليه لتقول بمزيج غريب من وهن وقوة :
_فهمها إني مش هاقدر أقول الكلمة دي لحدّ ..لا هي ولا "أنّا" ..العيب مش فيهم ..العيب فيا أنا ..
ثم ابتعدت عنه ما يسمح لها أن تتحسس بطنها بأناملها لتردف بشرود :
_يمكن بعدين ..لما أسمعها تتقاللي ومعناها في وداني يتغير ..يمكن ساعتها لساني يتصالح معاها .

يرمقها بنظرة مشفقة تتبدل لألف وعد بالأمان ترجمته قوة عناقه قبل أن تغمرها قبلاته كغطاء ناعم يغشى برودة جسد سقيم ..

صوت رنين الجرس يقاطع صخب خفقاتهما فيتنحنح وهو يبعدها قائلاً بضيق مصطنع:
_طول عمره إسلام ده هادم اللذات !

ضحكتها المهلكة العالية تزيد عذابه وهي تلتقط وشاحاٌ قريباٌ لتلفه حول رأسها هاتفة بدلال عاد يغزو صوتها :
_طب روح اغسل وشك وبالذات ودانك الحمرا دي ..هتفضحنا!
=======
_ياللا يا "هنايا" الناس وصلوا!
يهتف بها رامز بمرح وهو يقبل عليها بينما هي منكبة بظهرها أمام حاسوبها المحمول فوق منضدة السفرة كعادتها ..
لتردد خلفه بشرود :
_"هنايا"؟!
_امال!! قررت أدلعك من هنا ورايح "هنايا" ..
يقولها وهو يرفعها قسراٌ من مقعدها ليديرها نحوه مردفاً بنفس المرحة :
_وكما قال المرحوم فؤاد المهندس "يا سعدي وهنايا ..يا فرشي وغطايا"!

تنطلق ضحكتها شاحبة بشحوب ملامحها فيتأمل هالاتها السوداء التي تضاعفت مؤخراً بإشفاق ليستطرد بنبرة أكثر جدية رغم مرحه المعهود :
_وبعدين في "عيون الباندا" دي بقا ؟! يتوب علينا ربنا!

_شكلي متبهدل كده ؟!
تسأله بضيق غزا نبرتها المتعبة ليبتسم وهو يحيط وجنتيها بكفيه قائلاً بجدية :
_شكلك عظيم ..ربنا هيعوض تعبك خير بإذن الله ..بكرة كل ده يهون لما نوصل للي عايزينه !

وكأنما كلماته تملك هذه القدرة السحرية التي تحولها من حال لحال ..خاصة وهو يشير لنجاحها بضمير الجمع ..
فتأخذ نفساً عميقاً تملأ به صدرها قبل أن تزفره ببطء وهي تخفي وجهها في صدره قائلة :
_هانت يا رامز ..صدقني ما عدتش عايزة أنجح عشان نفسي وبس ..لكن عشان أفرحك بصبرك عليا ..
ثم رفعت وجهها لتقبله بخفة على شفتيه مردفة :
_صبركم كلكم ..انت وطنط ..ونبيلة اللي ما زرتهاش من شهر ويامن اللي بالعافية باعرف أرد عليه في التليفون ..واخواتي اللي مش عارفة أشوفهم ..دي حتى غادة اللي طبخت الأكل مع مامتك النهارده .

فيقرص أنفها برفق هاتفاً :
_هنقعد ونتحاسب بعدين ..الناس جت ياللا .
يقولها وهو يناولها وشاحها لترتديه بسرعة قبل أن تلحق به نحو شقة سيف حيث تجمع الحضور ..

المائدة الكبيرة تضمهم جميعاً بصخب الحديث الذي ترأسه إسلام بمشاكسته المعهودة مع علاء ..
إيناس بحنان تعليقاتها الأمومي ..
هانيا التي بدت شديدة الفخر بصديقتها حقاً وهي ترى لمساتها الأنثوية المميزة في المكان حولها ..
سيف الذي بدت عيناه معلقتين بغادة وحدها وكأنه لا يرى سواها وسطهم جميعاٌ..
غادة التي بدت بقمة سعادتها وهي تتلقى فخر حماتها بها وسط الحضور ..
عائلة حقيقية يزداد أفرادها يوماً بعد يوم بمذاق العوض عن سابق الحرمان ..
وأخيراً نشوى التي كان كفها يحتضن كف إسلام في مبادرة منها هي هذه المرة !
لا ..لم يكن هذا فقط هو ما اختلف عن لقائها السابق بغادة ..
بل نظرتها التي تشبعت بالثقة وهي تشعر بالغرابة إذ لم ترَ غادة بهذه الفتنة الخيالية التي غذاها شعورها بالنقص وقتها ..
كذلك لم يعد جسدها النحيف أيقونة الفتنة بل صارت ترى امتلاء جسدها هي الأفضل مادام هو كذلك بعينيه !
هل هذا هو ما يفعله بنا الحب الحقيقي عندما يملأ فراغات النقص في روحنا فيمنحنا صورة الكمال في مرايانا ؟!

والسؤال يجيبه إسلام وهي تراه يطعم ريما الجالسة على ساقيه قبل أن يميل بجسده ليطعمها هي ثم يغمزها خفية بهذه الطريقة التي تكاد تذيب عظامها ..
فتثمل عروقها بهذا الشعور الخاص الذي يتدفق دافئاً بداخلها ..
شعور فخر امرأة بعاشقها !

الدفء الحميم يغشى جلستهم بتعليقاتهم المتباينة وضحكاتهم التي امتزجت برضا قلوب عرفت جميعها الهناءة بعد طول شقاء ..
========
ترتب لجين الأطباق بشرود على المائدة في شقة والدة عابد التي اختار هو الإقامة فيها طوال مدة مكوثهما في ماليزيا..
رغم سعادتها بعاطفة عابد التي تحيطها بهالة أمان لا تنكَر لكنها تشعر بانقباضة قلبها منذ وصلا إلى هنا ..
ربما هو شعورها أن حماتها لا تتقبلها ..
وربما هو فقط شعورها بالغربة وافتقاد ثمر وياقوت رغم جمال البلد هنا ..
وربما هي غيرة خفية تجتاحها رغماً عنها من ذكرى خطيبته السابقة ..
وربما هو كل هذا !

_سلمت يداكِ يا حوريتي.

يهتف بها عابد بصوته الحنون وهو يحيطها بذراعيه من الخلف ليطبع على عنقها قبلة ناعمة ناسبت همسه :
_لا حرمني الله صباحاً يشرق بكِ أنتِ قبل شمسه .

فتضحك وهي تستدير نحوه لتقول باستغراب:
_مش عارفة بتجيب الكلام ده منين ؟!

_يجريه قلبي على لساني ..ألم أخبركِ قبلاً أنني رزقت حبك ؟!

يقولها غير مبالغ وهو يشعر أنه حقاً وجد فيها ضالته ..
كل الصفات التي تمناها في زوجة تشاركه الطريق ..
لا يدري هل هي بركة الحب الحلال التي زينتها في عينيه فلم يعد يرى من النساء سواها ..
أم أنها حقاً فاتنة الروح خلابة التفاصيل رغم بساطة ظاهرها ..
لكن النتيجة واحدة ..
هو صار مولعاً بها حقاٌ !

الخاطر الأخير يجعله يتفرس ملامحها التي زادها خجلها المعهود فتنة فيقطف من وجنتيها قبلتين ثم يهمس لها بصدق دغدغ قلبها برقته :
_سبحان من جعلكِ جنة دنياي!

فتعض شفتها بخجل مسبلة جفنيها لتهمس له بتلعثم :
_مابعرفش أقول كلام حلو زيك ..بس والله العظيم أنا زيك كده وأكتر .

يربت على رأسها برفق وهو يهم بالرد لكنه يلمح والدته قادمة بملامح متجهمة فيتوجه نحوها ليقبل رأسها ويدها قبل أن يلقي عليها تحية الصباح مبالغاً في إكرامها ..
كان يعلم أنها لا تزال لا تتقبل زواجه من فتاة ببساطة لجين لكنه كان يأمل أن تقرب الأيام بينهما ..

_لجين استيقظت مبكرة خصيصاٌ لتجهز الإفطار ..كل هذا صنعته وحدها !

يقولها بفخر وهو يسحب الكرسي على رأس الطاولة لأمه التي جلست مكانها لتغمغم بكلمات مبهمة مع تحية صباح تقليدية فسحب كرسياً مجاوراً للجين التي جلست بارتباك قبل أن يجلس هو بينهما ليسمي الله ويبدأ في تناول نوع من "المعجنات" صنعته لجين بنفسها ..
_ذوقي هذه !

يقولها وهو يقرب قطعة منها لفم أمه التي تقبلتها منه لتلوكها في فمها ..
_أرأيت كم هي ماهرة !
_كل الفلاحين كده !

اتسعت عينا لجين بصدمة من رد المرأة الفظ لتشحب ملامحها وهي تطرق برأسها دون رد فيما رمق عابد أمه بنظرة عاتبة جعلتها تستطرد بسرعة :
_أنا قصدي إنهم بيهتموا قوي بشغل البيت وستاتهم شاطرين .

_على هذه أشهد !
يقولها عابد بنبرة مرحة يحاول بها احتواء الأمور ثم يحتضن كف لجين تحت المائدة برفق فترفع الأخيرة عينين وجلتين نحو حماتها التي كانت تتفرس ملامحها باهتمام شابه بعض الضيق الذي ضخمته عين النقص كالعادة وجعلها تعاود الإطراق برأسها متناولة طعامها بصمت ..

فيما ظل عابد يتبادل مع أمه بعض الحوارات المتشعبة ..بين مرض خاله وبعض الأشغال المتعلقة بممتلكات والده الراحل هنا لكن لجين آثرت عدم المشاركة مكتفية بدفء كفه المعانق لكفها ..

_وانتِ لبستِ النقاب امتى؟!
تنتبه أخيراً أن السؤال لها فترفع عينيها لحماتها من جديد لتجيب بتلعثم :
_بعد العمرة على طول .
_ولبستيه ليه ؟! أنا أعرف إن النقاب ده بيلبسوه اللي جمالهم ملفت قوي لدرجة إنهم يخافوا من الفتنة !


لحظات صمت قليلة تمر بينهم بعد هذا السؤال الذي كهرب الجو فجأة !!
تشعر لجين برغبة مفاجئة في البكاء كمن تلقت صفعة على وجهها ..
لكن عابد الذي يدرك حساسية الأمر لديها كفاها الرد بقوله الحازم لأمه :
_أنا أراها هكذا جميلة حد الفتنة ..وهي فعلتها لترضي ربها ثم لترضيني .

فبدا الأسف على وجه المرأة وهي تبدو كمن يغالب انفعالاً عاصفاً لا يريد البوح به ..لتقول بما يشبه الاعتذار :
_ربنا يبارك لكم يا حبيبي ..ويسعدكم ببعض .

يرمقها عابد بنظرة عاتبة أشد قوة تجعلها تخاطب لجين بقولها :
_معلش ..أنا أعصابي تعبانة اليومين دول ومش مركزة في كلامي .

فتغتصب لجين ابتسامة تعودت منذ زمن مداراة حزنها بها لتتصنع المرح بقولها :
_لا أبداً عادي ..حضرتك ما قلتيش حاجة غلط ..
ثم تقف مكانها لتنتزع كفها من كف عابد برفق مردفة:
_أنا كمان الصحيان بدري مخليني مصدعة ..هاروح آخد أي مسكن .

يراقب عابد انصرافها بنظرات ضائقة ثم يعود ليخاطب أمه بخفوت عاتب:
_لم أعهدكِ هكذا ! لماذا تتعمدين إحراجها ؟!

فتزفر بقوة ثم ينفجر انفعالها كاملاٌ محاولة عدم رفع صوتها مثله :
_انت عارف م الأول إن الجوازة دي ماكانتش على مزاجي ..
_ليس هذا هو السبب ..كنت قد أقنعتك !
يقولها متوجساً فتعاود إطلاق زفرة قصيرة قبل أن تعجز عن الكتمان فتنسكب عبراتها مع كلماتها :
_قلبي مقبوض عليك من ساعة ما وصلت هنا ..خايفة الجماعة إياهم دول يكونوا لسه حاطينك في دماغهم .

فتتسع عيناه بصدمة وكأنه نسي تماماّ هذا الأمر ليرد مأخوذاّ:
_ألم يخبرني الصالح أنه قد تم القبض عليهم جميعاّ؟!

فتومئ برأسها لترد بخوف :
_بس احنا دايماً نسمع إن اللي زي دول ما بيخلصوش ..عشان أنا كده أنا بين نارين ..عايزة أقوللك ارجع مصر وابعد عن كل ده بس مش هاقدر أرجع معاك عشان ظروف خالك ..وفي نفس الوقت مش عارفة أقوللك افضل معايا هنا .

_لا حول ولا قوة إلا بالله !
يتمتم بها مطمئناّ قلبه قبل أن يعاود الالتفات إليها ليربت على كتفها مردفاً بيقين:
_قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ..الله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين ..لا تخافي ولا تجزعي ..من توكل على الله فهو حسبه .

_ونعم بالله يا حبيبي!
تقولها وهي تجفف دموعها فيبتسم لها مردفاٌ ببعض العتاب:
_وهذا ليس مبرراً لضيقك من لجين ..هي لا ذنب لها ..لو كنتِ تريدين لي السعادة حقاً فاعلمي أن جمال طباعها هو ما يزيد تعلقي بها كل يوم أكثر من سابقه ..هي صارت فرحة عمري .

هزت رأسها بتثاقل لترد بنبرة آسفة :
_انت عارف طبعي ..مابعرفش أتعامل مع القلق ..وشدة الأعصاب بتقلب معايا بقلة ذوق ..راضيها وما تخليهاش تزعل مني .

يبتسم لها مراعياً ثم يقف ليقبل رأسها بحب قبل أن يتحرك ليذهب إلى لجين ..

هي التي كانت واقفة أمام نافذة الغرفة تطالع الفراغ بشرود ..
تستعيد كلمات المرأة التي تعيد قذفها وسط جحيم هذا الشعور ..
هذا الشعور المقيت الذي لم تعرفه منذ وفاة حسين يعاود خنقها بقبضته الفولاذية ..
شعور المهانة ..التحقير ..
القدم الخفية التي تطأ رأسها لتدفنه في الرمل !

تشعر به خلفها فتتصنع رسم ابتسامة تلتفت بها نحوه ثم تبادره قبل أن يسأل لتهتف برضا مصطنع :
_سبتها بسرعة وجيت ليه ؟! أنا مش زعلانة .
_تكذبين ؟!
يسألها باستنكار عاتباً فتمتلئ عيناها بالدموع التي تجد ملاذها على صدره بينما يطوقها بين ذراعيه مردفاً :
_أعرف أن كلماتها كانت قاسية خاصة لامرأة بحساسيتك ..لكنكِ لا تعرفين أمي ..توترها يجعلها تنطق بما لا تقصده .
_وأنا سبب التوتر ده ؟!
تهمس بها شاعرة أن قدمها تنسحب للهوة السحيقة أكثر رغم جوابه لها بعدها :
_بل أنا !
ترفع إليه عينيها بتساؤل فيبتسم شارحاً بتفهمه الحنون :
_ابنها الوحيد! ..تذبذبها بين اضطرارها للبقاء هنا مع خالي بينما أنا مقيم في مصر ..ورغبتها في عودتي لماليزيا حيث ترى لي مستقبلاً أفضل لكنها تخاف عليّ البقاء هنا .
_من إيه ؟!
تسأله بقلق لكنه يؤثر ألا ينقل التوتر إليها فيرد بمواربة :
_عندما تصبحين أماً ستعلمين أن قلق الأمهات لا سبب له كما أنه لا يفنى ولا يستحدث ..خالد خلود الدهر .

ورغم المرح الذي حاول به صبغة كلماته لكنها بقيت على حالها من انقباض القلب فأطرقت برأسها دون رد ..
ليرفع هو ذقنها نحوه معانقاٌ إياها بنظراته الحنون التي بدت لها كمطر يغسل عن روحها ما علق بها من درن أوجاعها ..
قبل أن يصلها همسه :
_تسمحين لي بالاعتذار نيابة عن أمي؟!
لم ينتظر ردها وهو يميل عليها ليغمرها بعطايا شفتيه الناعمة التي تمزج عاطفته بحنانه فتذوب بين ذراعيه مستسلمة للحن عاطفته الهادئ لعله يمحو هذا الصخب الصارخ بداخلها ..
لكنه يبعدها أخيراّ محاولاً تغيير الموضوع بسؤاله :
_تشتاقين أن تكون أماٌ ؟!
_أشتاق أن أكون أم أولادك أنت!

تنطقها -بالفصحى- دون وعي كأنما امتزجت روحها بروحه في هذه اللحظة فصارت تتحدث بلسانه !
هذا الذي شعر هو به تماماً فانتشت به جوارحه وهو يضمها نحوه أكثر هامساٌ برقة رجولية نادرة :
_صرتِ تتحدثين مثلي!

فتتسع عيناها للحظة وهي تميز لتوها ما حدث ثم تمرغ وجهها في صدره دون رد تود لو تبقى هذه اللحظة بأمانها بين ذراعيه للأبد فلا تنتهي ..

لكنه يحني رأسه ليلصق وجنته بوجنتها متنشقاٌ عبير عطرها الذي يوقن أكثر من غيره أن لم تحمله يوماً سواها ..
ثم يهمس لها بنبرته الآسرة:
_أنتِ حوريتي ..قِبلة قلبي التي لا يجوز له الالتفات عنها ..سألتكِ بالله ألا تخفي يوماٌ حزنك عني ..دعينا نتشاركه فنمحوه معاّ أو نحمله معاّ ..أنتِ وعدتني بهذا يوماٌ فلا تخلفي وعدك .
_آسفة ..
تقولها بمزيج من اعتذار وامتنان لفيض هذه العاطفة التي لم تحلم يوماً بمثلها ليرد بصوته العذب وبريق عينيه المرح يناقض الوقار الظاهر لحروفه :
_أما علمتِ بأن لكل ذنب كفارة ؟! وكفارتك إطعام مسكين بين ضلوعي لن يشبعه إلا سخاء وصالك !

تضحك لطرافة التشبيه فيذوب صدى ضحكتها بين شفتيه وهي تستسلم من جديد للحن عاطفته الذي ازداد صخباّ هذه المرة وهو ينتهي بهما فوق فراشهما ..

صخباً أنساها مؤقتاً قسوة هذا الشعور المقيت الذي عاد يكتسحها بقوته القاهرة ..

لكن هذا الكابوس الذي تراه في نوم قيلولتها يعود ليذكّرها ..
صورة حسين تطاردها ومن خلفه أناس لا تعرفهم يحملون أحجارهم ليقذفونها بها ..
تعدو وتعدو فلا تجد لها ملاذاً إلا بيت ثمر ..
البيت الذي لا تميز فيه سوى حجرة الخزين السفلية ..
وبالتحديد هذه "الجرّة الفخارية" التي نبت لها ذراعان فتحتهما لها كأنها تناديها أن لا أمان لها إلا هنا !
هنا تنجو من حجارتهم بل وتعيد قذفها نحوهم فيرتدوا عنها!!


تشهق بقوة وهي تفتح عينيها مستيقظة لتجد نفسها وحدها في الفراش ..
تنهض بتشوش محاولة تخطي أحداث الحلم الغريبة التي عادت تطبق نفس القبضة حول عنقها لتخرج من الغرفة باحثة عنه لكن الخادمة تخبرها أنه قد خرج مع أمه ..
تتناول هاتفها لتجد رسالة قصيرة منه :
_اضطررت للخروج مع أمي لشأن ما ولم أرد إزعاجك ..كوني بخير يا حوريتي .

تبتسم ببعض الارتياح وهي تعود لغرفتها لكن قدميها تتوقفان فجأة أمام باب غرفة أمه ..
تتعلقان بهذه الثريا المتلألئة التي تتدلى من السقف ..
والتي ذكرتها بكل تلك البيوت التي سرقت أصحابها ..
الكابوس ..
الأحجار المقذوفة نحوها ..
صراخ الناس الهائجين عليها ..
الجرة تفتح ذراعيها لها ..

ثم لم تشعر بنفسها وهي تتقدم نحو الغرفة كالمسحورة مستجيبة للنداء القديم الذي ظنت نفسها لن تجيبه ..
=======
_تأخرت عليكِ !
يهتف بها عابد بنبرة اعتذار وهو يدخل عليها غرفتهما لتبتسم له بارتباك مع هزة رأسها الذي قبله بحنان مردفاً :
_عذراً ..المشوار استغرق أكثر من الوقت الذي توقعته ..لكن لا بأس ..سأعوضك ! سنخرج غداً في نزهة ل ...

تنقطع عبارته مع سماعه لهذا الصخب من الخارج حيث يعلو هتاف أمه الحاد مع الخادمة فيخرج معها إليهما ليفاجأ بأمه تصرخ بالفتاة باتهام:
_أنا قالعاه بإيدي وحاطاه ع التسريحة قبل ما أخرج ودلوقت مش لاقياه .
_ما شفتوش ..بحلفلك ما شفتوش .
تقولها الخادمة ب"لغتها" باكية فيهرع إليهما مستفسراً بقلق عما حدث لتلتفت نحوه أمه هاتفة بانفعال عصبي:
_العقد اللولي بتاعي مش لاقياه .

يمتقع وجه لجين وعيناها تتشحان برعب غامض فيما تشحب ملامحه وهو يحاول نفي الخاطر الذي فرض نفسه على تفكيره رغماً عنه ليهتف بأمه مهدئاّ:
_إن بعض الظن إثم ..ابحثي عنه جيداً في غرفتك قبل أن تتهمي الفتاة ..
ثم توجه للفتاة الباكية ببصره مردفاٌ بتلعثم :
_وأنتِ عودي لغرفتك الآن .
_أنا متأكدة إني سايباه ع التسريحة قبل ما أمشي ..هيروح فين يعني ؟!
تهتف بها أمه بعصبية قبل أن تتركه لتعود إلى غرفتها فتصفق بابها خلفها بعنف ..
ليطرق هو برأسه شاعراً أنه يكاد ينفجر حرجاٌ وخوفاً!!
هل فعلتها لجين مدفوعة بمرضها الذي يعرفه ؟!
هل ضعفت أمام تصرفات أمه الحادة معها فانتكست بعد شفائها الذي أخبرته عنه ياقوت ؟!
هل يلومها الآن وهو يراها مجرد مريضة ليس عليها حرج ؟!
لا ..لن يلومها ..لكن أمه ستفعل ..
وربما يقتضي الأمر فضح سر لن يرضيها فضحه !!
يالله !!
ما هذه المصيبة ؟!!

_يارب سلم ! يارب سلم !

يهمس بها في نفسه سراً بدعاء خاشع قبل أن يلتفت للجين التي وقفت مكانها وارتعادها الظاهر يفضح ذنباً لا تبوح به ..
يتحرك نحوها ببطء محاولاً البحث عن كلماته لكن هذه النظرة المرتعبة في عينيها تقتله ..
فليمت ولا يسبب لها حرجاّ كهذا !!

لهذا تكلف ابتسامة مصطنعة وهو يربت على وجنتها قائلاً :
_ستجده بالتأكيد ..أين سيذهب؟!
فتتكلف ابتسامة شبيهة وهي تكتف ساعديها قائلة بارتباك أكد ظنونه :
_أكيد ..أكيد هتلاقيه .

يعقد حاجبيه بضيق وهو يشعر بملامحها التي يعرفها تكاد تصرخ أنها تخفي شيئاٌ فيبتلع غصة حلقه وهو يهز رأسه بلا معنى للحظات ..
قبل أن يبسط ذراعه فوق كتفيها ليدخل بها غرفتهما ثم يغلقها خلفهما ليستوقفها أمامه للحظات محاولاٌ أن يبحث عن صيغة مناسبة للسؤال لا تجرحها ..
لكنه عجز عن فعلها !
حتى في موقف كهذا كره أن يكسر صورتها في عينيه !

_عابد!
همسها المرتعب يمزج خوفها بترقبها ودقات قلبها الهادرة يكاد صوتها يصله مكانه ..
فيجذبها نحوه ليضمها إليه بقوة حانية كأنما يريد تطبيبها بهذا الأمان غير المشروط رغم الخوف الذي يملأ صدره هو من أن تكتشف أمه شيئاّ أو البديل الأسوأ أن تتهم الخادمة ظلماّ!

الصمت بينهما يفضح عجز كل منهما عن البوح بما يجيش بصدره ..
لكنه يقطعه أخيراّ وهو يتجه بها نحو الفراش قائلاً بحنانه المعهود :
_كان يوماّ حافلاً ..تعالي كي ننام والغد لناظره قريب .

يشعر بارتجاف جسدها بين ذراعيه فيغزوه الإشفاق نحوها أكثر لكنه يستلقي جوارها على الفراش ليضمها بحنوّ محاولاً اجتذابها لأحاديث أخرى فرعية..
حتى شعر بها تستسلم للنوم أخيراً ..

ظل يتأمل ملامحها الساكنة لدقائق لا يدري عددها قبل أن يغادر الغرفة كي يتوضأ ويصلي ركعتين لقضاء الحاجة ..
ولم يكد ينتهي حتى عاد لغرفتهما وقد استقر على رأي ..
يتحرك بحذر ليفتش في أرجاء الغرفة بدقة محاولاً تبين المكان الذي قد تخفي هي فيه شيئاً كهذا ..
لكنه لم يجد شيئاّ!

يرفع عينيه للسماء باستجداء فتتعلق نظراته بحقيبة السفر فوق خزانة الملابس لتلتمع عيناه بترقب ..
يحرك كرسياً قريباّ بحذر ليقف فوقه ثم يمسك بالحقيبة لينزل بها أرضاً ..
يفتحها بأنفاس لاهثة ليفتش فيها بسرعة بين حاجياتها لكنه يفاجأ بالصوت خلفه ..

_كنت عارف؟!
=======
_دماؤهم قربان لرضا الله عز وجل ..لا تخف أن تقتل منهم واحداٌ واعلم أنك بذلك تحيي ألف شعيرة من شعائر الدين التي انتهكوها ..ميّتنا شهيد وميّتهم كافر ..ميّتنا في الجنة وميّتهم في النار !

الكلمات الرنانة بصوته الخطابي والتي تمزج السم بالعسل مستخدمة تعابير من القرآن والسنة تشعل القلوب أمامه فيهتفون له بحماس ..
في هذا المكان المنعزل الجديد الذي اتخذوه قاعدة لهم ..
فيرمقه مساعده من بعيد بنظرة إعجاب قوية وهو يدرك لماذا أسموه ب"الصقر"!

يظل يراقبه من بعيد وهو يتابع هذه التدريبات القتالية التي انتهت بتدريبهم على الرماية ..
قبل أن ينفض الجمع نحو ما يشبه الثكنات العسكرية ..
ليتوجه ساعتها نحوه فيرمقه الصقر بنظرة نافذة مع قوله :
_تبدو كمن يحمل خبراً جيداً !

يومئ مساعده له برأسه إيجابا ثم يقول بنبرة ظافرة تخللتها الكراهية :
_المارق المرتد محمد عابد عاد إلى بيته .

فتلتمع عينا "الصقر" بنظرة قوية ثم تلتوي شفتاه بشبه ابتسامة :
_أعرف .
_تعرف وتتركه ؟! هل نتخلى عن ثأرنا معه ؟! لقد تسبب في إلقاء القبض على معظم جماعتنا ..لن تكون دماؤنا حرة لو تركناه يعود إلى بلاده .

يهتف بها الرجل بشراسة فيتحرك "الصقر" بسلاحه نحو أحد الأهداف البعيدة ثم يطلق رصاصته فجأة تصيب الهدف وتشق الصمت بدوي هائل ..
قبل أن يلتفت نحو مساعده ليرفع أحد حاجبيه قائلاٌ بفحيح بارد :
_بل نتركه يعود لبلاده إنما نجهز له انتقاماً يليق به ..وبنا!
======
انتهى الفصل


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 04:46 AM   #1137

amira_adel

? العضوٌ??? » 271425
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 254
?  نُقآطِيْ » amira_adel is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايديكي يا نيمو تحفة بجد ❤❤❤

amira_adel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 04:53 AM   #1138

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amira_adel مشاهدة المشاركة
تسلم ايديكي يا نيمو تحفة بجد ❤❤❤
الغالية مبدعة الرفيوهات فرصة سعيدة بقا وانا فاضية اشكرك علي رفيوهاتك القيمة حقيقي تسلم ايدك ..


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 05:07 AM   #1139

amira_adel

? العضوٌ??? » 271425
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 254
?  نُقآطِيْ » amira_adel is on a distinguished road
افتراضي

اسعدتيني جدا و الله ان الريفيوهات بتعجبك ❤❤ انت اللي بتشجعيني اصلا اكتب ريفيوهات .. ان شاء الله اكتب عن الفصل الجامد ده بكرة عشان اكون أكثر تركيزا .. دمتي مبدعة حبيبتي 😍😍

amira_adel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 05:27 AM   #1140

ana shaimaa

? العضوٌ??? » 432558
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » ana shaimaa is on a distinguished road
افتراضي سينابون

بااااارت م امتع واجمل واعمق مايكون فصل فيه كميه عواطف واااو يااااا الله ع الجمال والا الحوار والسرد ابداااع وك كابلز قصه حبهم مااروعها ميرسي مدام نرمين ع ابداعك ودايما متالقه
شوشو💓💓💓💓


ana shaimaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:39 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.