آخر 10 مشاركات
انتصار الإسباني (48) للكاتبة: Daphne Clair (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          245- احداث السحر - كارين فان - م.م .... حصرياااا (الكاتـب : angel08 - )           »          106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          سباستيان...أنيسة (112) للكاتبة: Abby Green (ج3 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree6Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-12-19, 03:57 AM   #1161

Mwatena mesrya

? العضوٌ??? » 370157
?  التسِجيلٌ » Apr 2016
? مشَارَ?اتْي » 241
?  نُقآطِيْ » Mwatena mesrya is on a distinguished road
افتراضي


قالت هيتاخر
ناموا واقروه الصبح




Mwatena mesrya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-19, 04:05 AM   #1162

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

القطعة الثانية والثلاثون
======

_كنت عارف؟!
صوتها الغارق في خزيه ..في خوفه ..وفي يأسه يجعله يلتفت نحوها بنظرة مصدومة ..
لكنه يلقي ما بيده جانباً لينهض متجهاً نحوها بنظرة لا تقل عنها خوفاً وان امتزج بحنانه المعهود ..
نظرة تلقفتها عيناها بما يشبه تشبث الغريق بطوق نجاته ..
قبل أن تشعر بجسدها كله مغموراً بين ذراعيه !
خفقات قلبه تشارك فؤادها جنونه والصمت الثقيل يفرض نفسه بينهما إلا من صوت أنفاسهما اللاهثة ..
يربت على ظهرها برفق محاولاً السيطرة على انفعاله وانفعالها معاٌ ..
ثم يقطع الصمت أخيراً بهمسه :
_لا تخافي ..أنا معك على أي حال ..لن يغير شيئٌ ما بيننا ..أي شيئ!

اليقين الراسخ الذي يلون حروفه كان كل ما تحتاجه لتهدأ خفقاتها الملتاعة قليلاً قبل أن ترفع له عينيها بتساؤلها :
_عارف من امتى؟!

فيغمض عينيه للحظة ثم يعاود فتحهما ليرد سؤالها بسؤال :
_هل هو وقت المصارحة ..لكلينا ؟!
تدرك ما يقصده من خلف سؤاله فتمنحه وعدها الصامت وهي تحاول قدر استطاعتها كتم دموعها كي لا تثنيه عن المضيّ فيما يريد الاعتراف به ..

فيأخذ نفساً عميقاً وهو يدعو الله سراً أن يلهمه قول ما يساعدها لا ما يزيد خزيها هذا .
يحكي لها عن رؤيته لها ذاك اليوم في بيت الشيخ ثم سماعه اعترافها له ..
ثم عن رؤياه التي شاهدها فيها بثوب عروس يناولها فيها طرحتها كي يكمل سترها ..
فتتسع عيناها بصدمة مع سؤالها:
_طول الوقت ده كنت عارف ؟! وقابل ؟!

ابتسامته الرائقة تهدهد خوفها وهو يربت على رأسها بقوله :
_إذا كان الله يرفع عنا الحساب عما استُكرهنا عليه ؟! فمن أنا كي أنصّب نفسي القاضي والجلاد ؟!

ثم يشرد ببصره ليردف بنبرة أكثر شجناٌ :
_ومادام هو وقت المصارحة فلنكشف كل الأوراق ..لا تظنيني بهذه المثالية التي يوحي بها مظهري الملتزم ..يوماً ما كدت أفقد نفسي في طريق قلّ من يعود منه سالماً ..كدت ألوث يدي بدم أبرياء !

تشهق بخوف وهي تتفحص ملامحه بعدم تصديق ليروي لها تفاصيل علاقته بذاك التنظيم الذي كاد يجر قدمه لهذه الهوة السحيقة لولا الحادث الذي أردي فيه والده قتيلاً ..

يزداد تكاثف الدموع في عينيها لكنها لا تزال تقاومها باستماتة ..
وقد كان دورها هي هذه المرة لتربت على ظهره بأنامل مرتجفة وهي تلمح هذا الحزن القاهر على وجهه لأول مرة يلوث سماحة ملامحه المعهودة..
_يعني فيه خطر عليك ؟!
تسأله برعب جمد ملامحها ليبتسم لها مطمئناٌ :
_لا تخافي ..أظن هذه الصفحة قد طويت للأبد ..


تحاول التمسك بهذه السكينة التي تغمر حروفه داحضة مخاوفها من هذه الناحية فتشعر به يتشبث بها أكثر وهو يستطرد بصدق دافئ:
_لهذا لا أبالغ لو قلت أن روحي رأتك قبل عيني ..كنت أميز داخلك صرخة صامتة تود لو يطلقون لها العنان لكنهم يخرسونها قهراً ..أستقرئ هذا الشعور الجليّ بالذنب الذي لا حيلة لنا فيه ..رأيتك وجهي الأبيض ..توأمي في عذاب لا يحس به إلا من ذاق وجعه ..وخفت عليكِ وجهي الأسود ..ذاك الذي كنت أرجم به غيري يوماً وكأنني بلا خطيئة ..
ثم صمت لحظة يزدرد ريقه متمالكاً انفعاله ليحيط وجنتيها براحتيه متطلعاً لعينيها قبل أن يسألها بوجل :
_لهذا أستحلفك أن تقولي الحقيقة ولا تخافي ..ولا تخجلي ..أنا مرآتك وسترك وظهر أمانك ..والله لا أخذلكِ أبداٌ مادام قلبي ينبض!

هنا فقط انهارت كل مقاومتها لتغرق دموعها صدره فيتأوه بخفوت وصوته يتحشرج بسؤاله :
_أنتِ فعلتها ؟!

تصمت للحظات تمر عليه طويلة حقاً قبل أن تهز رأسها على صدره نفياً فيحمد الله سراً مراعاة لها ..
بينما هي تهمس بين شهقات نحيبها :
_لما بسرق ما بكونش في وعيي ..ما بكونش شايفة غير حاجة بتبرق ..بتبرق قوي ..بتفكرني بحسين رجائي ..ما بكونش سامعة غير صوت جوايا بيقوللي احرميهم زي ما انت اتحرمتِ ..عمري ما عرفت أرد على كلمة وحشة اتقالتلي أو نظرة حد دبحني بيها ..كنت بضحك وأعمل نفسي مش هاممني ..كنت من جوايا ببقى عايزة أدافع ..آخد حقي ..بس آخده بإيه ؟! واحدة زيي تملك إيه ؟! في إيدها إيه ؟!

تدمع عيناه بتأثر وهو يشدد من قوة ضمته لها لكنها ترفع إليه عينيها لتردف بابتسامة باكية :
_بس النهارده أنا عندي كتير ..عندي انت ..اخواتي ..وفوق كل ده إحساسي إن ربنا راضي عني عشان مسخر لي كل ده ..عندي عين بقت تشوف الموجود مش اللي ناقص ..ولسان بيحمد ربنا ع اللي في إيدي مش طمعان في المحروم منه ..
ثم صمتت لحظة تلتقط أنفاسها لتغمض عينيها بقولها:
_وعندي قلب راضي ..راضي وفرحان قوي بعوض ربنا ..قلب سليم ماعادش مريض .

لم يشعر بنفسه وهو يميل عليها ليغرق وجهها بقبلاته ..
كلماتها على بساطتها ترفعها درجات ودرجات في عينيه ..
فتضحك ضحكة مكتومة بدت بائسة وسط كل هذه الدموع وهي تبعد وجهها عنه لتكمل فيض بوحها :
_أنا فعلاً دخلت أوضتها ..شفت العقد ومسكته بإيدي ..كنت خلاص هاخرج بيه من الأوضة وأنا حاسة بنفس الطعم الحلو اللي بيملاني كل مرة ..بس لقيتني فجأة وقفت مكاني ..الطعم الحلو بقا مر ..مر قوي علقم ..يمكن عشان شفتك انت قدامي بعينيك المليانة حب ..يمكن شفت إسلام وهيثم وحنيتهم اللي جت بعد شوق عمر ..يمكن شفت ياقوت ووعدي ليها إني مش هاخذلها ..يمكن شفت ستي ثمر وخوفي عليها ..ويمكن قبل كل ده شفت صورتي في المراية ..صورة ما بقتش ألاقيها وحشة زي زمان ..بالعكس بقت حلوة ..حلوة قوي ..بيكم كلكم !

_سبحانه من إذا أعطى أدهش بالعطاء ..الحمد لله !
يتمتم بها بخشوع وهو يعاود ضمها إليه فتتمتم بها مثله سراً قبل أن تعض شفتها لتهمس بتلعثم :
_أنا رميته من إيدي ومش فاكرة وقع فين ..لما سمعت والدتك بتقول مش لاقياه خفت أتكلم تعرف إني دخلت أوضتها وتسألني كنت بعمل إيه هناك ..وخفت تظلم الشغالة الغلبانة ..مابقيتش عارفة أعمل إيه .

فتنهد بحرارة ليبتسم لها مطمئناٌ :
_لا بأس ..غداً أبحث عنه بنفسي في الغرفة حتى أجده .

_زعلان مني؟!
تسأله بوجل مذنب لكنه يقبل رأسها بتقدير مجيباً :
_بل فخورٌ بكِ يا فضية ..ألا تعلمين أن جهاد النفس هو الجهاد الأكبر ..فما بالكِ بمن يصارع مرضه حتى يهزمه ..
ثم صمت لحظة ليداعب أنفها بأنفه مردفاٌ :
_كنتِ حوريتي ..فصرتِ بطلتي !

_عابد !
تهمس باسمه بهيام وهي عاجزة عن الرد فيضحك بابتهاج ليسمع صوت الأذان لصلاة الفجر فيردده معها بخشوع قبل أن يبتعد ليتجه نحو الحمام القريب فيتوضأ بسرعة ثم يقصد خزانة ملابسه كي يبدل ثيابه استعداداً للخروج للصلاة ..
فلحقت به تساعده بسرعة قائلة بنبرة اعتذار :
_آسفة ..ضيعت عليك القيام الليلة دي .
_لا بأس ..كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاته قيام الليل يعوضه صبيحة اليوم الذي يليه .
يقولها وهو يتم ارتداء ثيابه ليربت على رأسها برفق فهتفت به تودعه :
_هتصلي بيا الضحى جماعة لما ترجع .
فابتسم وهو يشير لها موافقاً متذكراً حديثهما عن هذا الأمر ورغبته دوماً رغم التزامه بالصلاة في المسجد أن يجعل لبيته نصيباً من صلاته ..

تتحرك لتتوضأ ثم ترفع عينيها في دعاء خاشع يمتلئ بالحمد لتؤدي صلاتها بدورها وتطيل ركوعها وسجودها شاعرة بأنها تتشبث أكثر بأستارها النورانية تمحو بها المزيد والمزيد من ظلماتها ..
حتى إذا ما انتهت مكثت مكانها تتذكر نصيحة ثمر لها عقب كل صلاة :أن تمكث مكانها تذكر الله بدعاء أهل الجنة (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) ولا تكون كالعبد الآبق الذي ينتظر انتهاء الصلاة كي يفر لأمر الدنيا !

تراه يعود أخيراً يتقدم نحوها ثم يتربع جالساٌ أمامها .. ليجذبها نحوه ثم يريح رأسها في حجره ل..يرقيها !

تبتسم بارتياح غامر وهي تشعر بحركته هذه تذكرها بثمر ..
فأتم ما يفعله ليقول بسماحته وبدعوته التي صارت تتبرك بها منه:
_أدام الله سرورك ..هنيئاً لقلب يستحق الفرح .

تفتح شفتيها وهي تهم بالرد لكن صوت طرقات خافتة على الباب المغلق يقاطعها مع صوت أمه :
_عابد ؟! انت صاحي ؟!

تشحب ملامحها رغماٌ عنها وهي تنهض من رقدتها بارتباك لكنه يشير لها بيده مطمئناّ ثم ينهض بدوره ليوقفها معه ..
قبل أن يتحرك نحو الباب ليفتحه ..

_لقيته !
تقولها أمه مبتسمة ليضحك هو بارتياح ناظراً للعقد في يدها بينما الأولى تردف بنبرة حانية :
_العقد ده بالذات له معزة عندي لأنه كان أول هدية من باباك الله يرحمه .
_رحمه الله وجمعنا به في جنته .
يتمتم بها ببعض الأسى فتتقدم أمه خطوتين داخل الغرفة وقد لمحت لجين تقف خلفه وجلة بإسدال صلاتها الذي أضفى على ملامحها نورانية محببة ..
تبتسم لها بما يشبه الاعتذار عن سابق معاملتها القاسية ثم تقترب منها أكثر لتلبسها العقد قائلة :
_اعتبريه اعتذار مني عن إني ماقدرتش أحضر فرحكم ..مش هلاقي هدية أغلى من دي أديهالك .

تدمع عينا لجين وهي تلتفت نحو عابد الذي تقدم منهما ليبسط ذراعيه حولهما معاً مانحاً لكل منهما قبلة على التوالي وبادئاّ بأمه التي تراجعت قائلة :
_ناموا انتو بقا ..تصبحوا على خير .

تقولها لتخرج مغلقة الباب خلفها برفق لتبسط لجين راحتها على شفتيها قائلة بانفعال وهي عاجزة عن منع دموعها التي عادت لجريانها :
_شفت اللي حصل ؟! انت مصدق؟!
فيبتسم لفرحتها ثم يتحسس العقد على جيدها قائلاٌ :
_ومن لا يصدق وعد الكريم الذي وعد بأنه مع كل عسرٍ يُسرَين ؟!..إن مع العسر يسراٌ ..إن مع العسر يسراً .

يقولها بيقين ينتقل منه إليها فتضحك ضحكة رائقة وهي ترفع عينيها للسماء بالحمد الذي كان يشاركها هو إياه ..
قبل أن تقول له برقّة :
_ده وقت "الوِرد" بتاعك ..مش هاضيع عليك القيام والوِرد كمان .

كانت تعلم أنه يختص هذا الوقت بقراءة ورده من القرآن وحده في الشرفة كي يستفتح يومه بهذه الطاعة ..
فابتسم وهو يربت على كتفها قائلاٌ :
_ستنامين؟!
_هاستناك .
تقولها وهي تهز رأسها نفياٌ لتتسع ابتسامته ثم يتركها ويغادر نحو الشرفة القريبة ..
يعود بعد قليل فيجدها جالسة أمام مرآتها وقد ارتدت ما هو كفيلٌ بخلب لبه ..
تمشط شعرها الأسود الطويل بدلال خجول وهي تنظر إليه عبر المرآة ..
قبل أن تمتد أناملها نحو زجاجة العطر التي خصها هي بها تهم باستخدامها ..
لكنه يسرع إليها لينحني فوقها فيمسك كفها بأحد كفيه وذراعه الآخر يضم ظهرها إلى صدره هامساً جوار أذنها بحرارة :
_لازلتِ تخطئين طريقة وضعك العطر يا فضية ..ولازلت أتوق كل مرة لتعليمك الطريقة الصحيحة .
=======
_وحشتيني يا "أوبرا"!
تقولها ياقوت بحنان صادق وهي تشاركها تشكيل أقراص العجين وقد جلست كلتاهما متربعة في صالة بيت ثمر التي انهمكت في شأن ما بالمطبخ لتميل لجين على شقيقتها هامسة :
_عايزة أحكيلك حاجة مهمة حصلت هناك ..

تقولها ثم تندفع تحكي لها بخفوت عما جرى لها هناك في ماليزيا وتجربتها الأخيرة مع مرضها لتتهلل أسارير ياقوت وهي تميل عليها تقبل وجنتها بقوة هامسة :
_الله أكبر عليكِ ..هو ده ! فرحتيني قوي !

فتبتسم لها لجين ببعض الخجل وهي تختلس نظرة نحو باب المطبخ تتأكد أن ثمر لا تسمع ..
لتعود إليها ببصرها هامسة :
_دلوقت اتأكدت إني خفيت خلاص ..والله ما هتصدقي يا توتا ..كأن الدنيا اتقلبت في غمضة عين ..حتى أمه اللي كانت مصدرالي الوش الخشب من يوم ما شافتني لقيتها اتعدلت معايا ..

تبتسم ياقوت وهي تحدق في عقد اللؤلؤ الذي يزين جيد شقيقتها ثم تضع كرة العجين التي في يدها مكانها على الصينية لتصنع أخرى وهي تهمس لها باعتزاز :
_تستاهلي الخير كله ..هم الحموات أغلبهم كده ..الحمد لله مش هيبقى عندي حما .

قالت عبارتها الأخيرة عفوياً لترفع لجين حاجبيها ثم تهمس لها بمكر :
_هااا؟! قلتيلي !! هو فيه حاجة غايبة عني ما أعرفهاش .
_حاجاااات!
تهز بها ياقوت كتفيها بمرح ماكر فتضحك لجين ضحكة عالية وهي تشعر بملامح ياقوت قد أشرقت أكثر كأنها قد عادت طفلة !
خاصة ووجنتاها تحمران مع ضحكتها الخجول فتهمس لها لجين بلهفة :
_كنت حاسة والله ..قولي بقا ما تبقيش بايخة ..هو مين وفين وإزاي ؟!

_شششش! وطي صوتك ..رابحة لو سمعت حاجة هتقلبه فرح بلدي وتفضحنا !
تضحك لجين عالياً مع عبارتها فتتنهد ياقوت بحرارة وهي تشعر لأول مرة أنها لا تخجل من البوح لشقيقتها بكل شيئ عن علاقتها بزين ..منذ البداية ..

كانت لجين تنصت إليها باهتمام وعيناها تتسعان بذهول مع التفاصيل حتى شعرت بخفقات قلبها تتسارع مع كل هذه الأحداث التي عايشتها شقيقتها وحدها ..
لتقاطعها في منتصف الحكاية وهي تميل عليها لتحتضنها بقوة هامسة :
_يا قلب أختك ! كل ده شفتيه لوحدك وأوله كان بسببي !

_إيدك والعجين يا أوبرا ..هتبهدلي البجامة انتِ عارفة دي بكام ؟!
تهتف بها ياقوت باستنكار فترفع لجين حاجبيها بدهشة ثم تضحك كلتاهما عالياٌ قبل أن تمد الأولى ذراعيها فتعانق لجين بقوة هامسة :
_اصبري عليا ..ماهي بقت فل وعشرة ..اسمعي الباقي ..

تقولها وهي تبتعد لتحكي لها بقية الحكاية التي تابعتها لجين بشغف ..
قبل أن تنهيها ياقوت بقولها مع تنهيدة حارة هائمة :
_بس يا ستي ..واهه أخوكي واقف حالي وحاله من يومها ..والجدع يا عيني صابر ما بيشتكيش ..

تضحك لجين ضحكة عالية تقابلها ياقوت بنظرة عاتبة مرحة فتكتمها براحتها لتهمس لها بمرح:
_اعذريني بس مش مصدقة إنك لقيتِ أخيراً راجل تتكلمي عنه كده ..ده أنا كنت قربت أشك إن معمول لك عمل .

_ماهو مش أي راجل ..ده زين الفايد ..حاجة كده تقول للقمر اقف وأنا أقعد مكانك ..لا ! ده يخللي الناس كده تنسى شكل القمر أصلاٌ أول ما تشوفه .

تهمس بها بهيام فخور ملوحة بذراعيها فتضحك لجين من جديد وهي تهز رأسها بعدم تصديق ..
لكنها كانت أكثر من راضية بهذه الهالة الجديدة التي تحيط شقيقتها ..
هالة من الاطمئنان والراحة بعيدة تماماً عن مثلث ألمها وتحفزها وخوفها السابق ..

_انتو بترغوا وسايبين العجين ؟! الفرن حمي ..اخلصوا .

تهتف بها ثمر وهي تتقدم نحوهما فتجدّ كلتاهما فيما تفعله لتردف ثمر مخاطبة ياقوت :
_شوفيلي حاجة ألبسها في فرح أخوكِ اللي عايز يعمله تاني ده .

_بجد يا ستي هتروحي؟!
تهتف بها كلتاهما في نفس اللحظة لتضحك ثمر عبر أسنانها المكسورة وهي تعدل وضع وشاحها على رأسها قائلة :
_هنروح لأعز منه يعني ؟!

_بس انتِ بتتعبي م السفر يا ستي!
تقولها ياقوت باستنكار مشفق لتبتسم ثمر مجيبة :
_الجدع الله يبارك له مش مقصر معانا في حاجة ..وربنا بعته عوض ليكم في وقته تمام ..يبقى فرحته فرحتنا ونروح له ولو على رموش عينينا !

_طول عمرك صاحبة واجب يا ستنا!
تهتف بها لجين بإجلال وهي تضع آخر كرة من العجين مكانها ثم تنهض بسرعة كي تحمل الصينية نحو الداخل ..
لكنها تترنح فجأة مكانها فتقف ياقوت بسرعة لتسندها ثم تنتزع الصينية منها هاتفة :
_على مهلك ..فيه إيه ؟!

لكن ملامح ثمر تشرق فجأة وهي تتقدم نحوهما لتتفرس وجه لجين بفراستها ثم تهتف لها بترقب:
_بشريني يا بنت قلبي وقولي إن اللي في بالي صح .

فيحمر وجه لجين وهي تومئ برأسها إيجاباً ليلهج لسان ثمر بالحمد فيما تنقل ياقوت بصرها بينهما بدهشة للحظات قبل أن تهتف بفرحة :
_حامل!! حامل يا أوبرا وما قلتليش !!

تقولها وهي تخبطها في كتفها برفق ثم تعانقها بقوة لكن ثمر تبعدها هاتفة بحنان :
_بالراحة على أختك ..تعالي يا بنت قلبي في حضني ..اللهم بارك ..اللهم بارك ..

تقولها وهي تضم لجين برفق لترقيها في هذا الوضع فتبتسم لجين صامتة حتى تنتهي ثم ترفع إليها عينيها قائلة :
_عايزاه ولد يا ستي عشان خاطرك انتِ .
_ولد واللا بنت كله بركة ونعمة ..الحمد ليك يا صاحب الفضل.
تهتف بها ثمر برضا وهي ترفع كفيها للسماء فتراقبهما ياقوت دامعة العينين وهي تشعر بطوفان الفرحة الذي يكتسحهن جميعاً في هذه اللحظة ..
كأنما أراد لهن القدر أن يغتسلن من وجع الماضي كله بغمسة في بحر النعمة الذي لا ينفد ..
تعلم أن ثمر عاشت -مثلهن- تفتقد السند الذكوري في حياتها لهذا كانت تشارك شقيقتها نفس الأمنية أن يكون أول أولادها -من زين- ذكراّ!

_ياشيخة اتنيلي ! مش لما تبقوا تتجوزوا الأول ! ده أنا حاسة إن القيامة هتقوم وانتو مقضيينها من بعيد لبعيد !

تهتف بها "عفريتتها العابثة" بسخط متذمر فتضحك ضحكة عالية وهي تتجاهلها كعهدها لتخاطب لجين بقولها:
_اخترتِ الاسم ؟!
_لو بنت هاسميها ثمر ..ولو ولد عابد عايز يسميه مؤمن .

تقولها لجين بخجل يمتزج بفرحتها وهي تمسد بطنها لتضحك ثمر من جديد وهي ترفع كفيها للسماء في وضع الدعاء ..
ثم تضم حفيدتيها لصدره بحنان قبل أن تبعدهما هاتفة :
_ياللا ع المطبخ بقا ..اتأخرنا .

تسير كلتاهما خلفها فينهمكن في الخبز قبل أن يصدح صوت هاتف ياقوت معلناً عن وصول رسالة ..
تنتزعه بخفة من جيبها لتجدها من زين ..
تتسع عيناها لأول وهلة قبل أن تكتم ابتسامتها كي لا تلاحظ ثمر ..
لكن لجين تنتبه فتميل رأسها جوارها كي تقرأ فترتسم على شفتيها نفس الابتسامة الواسعة ثم تلتقي عيناهما الضاحكتان والمتلذذتان بما قرأتاه للتو من اقتباسه من الشعر القديم:

لك الثلثان من قلبي ..وثلثا ثلثه الباقي ..
وثلثا ثلث ما بقي ..وباقي الثلث والباقي ..
========
_قمر يا مامي!
تهتف بها ريما وهي تقف أمامها في غرفة "الكوافير" لتبتسم نشوى بسعادة يكاد يرقص لها قلبها ..
تتأمل ثوبها الذي يشبه ثوب ريما تماماٌ -كما اختاره هو- بتفصيلته التي تحتضن حناياها بضيق مقبول مظهراً جمال جسدها مع ذيل طويل يكاد يسير خلفها ..
لونه الأبيض الذي يميل للكريمي ..مع خيط رفيع من الزهور الوردية التفت حول عنقه ثم سارت في خيط انسيابي ناعم على جانبه بتموج لتزداد كثافة في منطقة الذيل فحولته -شبه كاملاّ- للون وردي خلاب ..
طرحة الرأس كانت بلون الثوب مع تاج من الزهور الطبيعية بلون الورد منحها مظهراٌ أقل سناً بكثير ..
خاصة مع زينتها الناعمة التي لم تتكلفها المرأة هاهنا ..
ورغماً عنها تطوف بذهنها صورة باهتة ل"ثوب أصفر قديم"
مزقته لشرائط يوم خذلها من ظنته حبيبها ..
فتقارنه الآن بهذا الثوب الخلاب لتجد المقارنة حقاً مجحفة !!
شتان بين الثرى والثريا كما يقولون !!

_بابا هيفرح قوي !
تهتف بها ريما بسعادة وهي تحتضن خصرها فتضمها نشوى بقوة لتنحني نحوها قائلة بمرح حيوي اكتسبته من عشرتها معه :
_طب اخرجي اندهيله عشان يكون أول واحد يشوفني .

تضحك ريما بحماس وهي ترفع لها إبهامها بهذه الحركة الشهيرة فتستقيم نشوى مكانها وهي تبسط راحتها على صدرها شاعرة بالإثارة وكأنها أول ليلة زفاف لها ..
تتعمد أن تعطي ظهرها للباب فيهيأ إليها أن الدقائق تمر في عدوها ثقيلة كالساعات حتى تسمع صوت الباب يفتح وتشم رائحة عطره المميزة التي صار أنفها يميزها ولو وسط الزحام ..

تزداد خفقاتها جنوناٌ وهي تشعر به يقترب كأنما كل ما بينهما لم يكن ..
وكأنها تعيش حقاً إحساس عروس عذراء تجرب فرحتها هذه لأول مرة ..
تشعر بسبابته تنقر كتفها من الخلف بخفة فتنفلت منها آهة خافتة وهي تستدير نحوه ببطء ..
عيناها تتلقفان نظراته بعطش امرأة صارت تستسقي من نبع عشقه مذاق أنوثتها ..
تتسع عيناه قليلاً وهما تدوران على ملامحها ثم تمسح تفاصيل جسدها بنظرات هائمة ..

معه فقط تعلمت كيف يمكن أن تكون "النظرة" ك"عناق"!
أن تحتويها بهذه الهالة الخفية ..تحيطها بهذه الغلالة الشفافة غير المرئية ..تضمها بذراعين من نور ..لتزرعها فوق أعلى سماوات الحب ..

_قول حاجة تطمني بقا ..مش متعودة عليك ساكت كده .

تغمغم بها بارتباك خجول وهي تستند بكفيها على صدره مخفية وجهها في كتفه لتشعر بذراعيه يضمهانها بقوة لم تستشعرها بهذا الجموح من قبل حتى كادت تشعر أنها التصقت به للأبد ..
يهزها بين ذراعيه يمنة ويسرة برفق بينما همسه المشتعل يكاد يذيب أوصالها :
_هاقول إيه واللا إيه ؟! الجمال اللي أنا شايفه ده مالوش غير رد واحد ..
يهمس بها ثم يرفع ذقنها نحوه ليستخرج منديلاً من جيبه يمسح به زينة شفتيها لتطلق صيحة تذمر محاولة الابتعاد بوجهها ..
لكنه يثبت رأسها مكانه بقوة قبل أن يجتاحها بإعصار عاطفته الذي لا يبقي ولا يذر ..
الإعصار الذي لم تقاومه طويلاً وهي الأخرى تشعر بأنها تحتاجه ..
هو علمها كيف يمكن أن يكون في منتهى الاستسلام منتهى الانتصار ..
في منتهى الوهن منتهى القوة ..
في منتهى الدلال منتهى السلطة ..
هو علمها كيف توازن بين المتناقضات لترسم معه -وله- لوحة الكمال الخاصة بهما !!

لكنها تفيق من سحره أخيراٌ لتدفعه ببعض العنف هامسة :
_انت مجنون ؟! أي حد ممكن يدخل علينا دلوقت !
_ما يدخل! أنا متجوزك بدل المرة اتنين زيادة توكيد ..مفيش حد له حاجة عندي !
يغمزها بها بحركته المعهودة فتطلق ضحكة رائقة وهي تغرس نظراتها في عينيه لتهمس له بهيام:
_شكراً عشان المرة الأولانية ..وألف شكراٌ عشان المرة التانية ..ماتعرفش أنا حاسة بإيه دلوقت ..طايرة !

فيبتسم وهو يعدل لها ثوبها هامساٌ بوقاحته المعهودة :
_احتفظي بس بالروح الحلوة دي لحد ما نروح ..هنسرب ريما عند أشرف الليلة دي ..وبعدها نشوف البروجرام اللي محضرهولك ..

_بروجراماتك كترت يا هندسة !
تهمس بها ضاحكة بدلال وهي تقرص وجنته بخفة ليعاود غمزها بخفة مع رده :
_صلي ع النبي كده ما يحسد المال إلا أصحابه ..اللهم زيد وبارك يا عسل !

تعاود الضحك من جديد وهي تتفلت من بين ذراعيه لتتناول أحمر الشفاه كي تعيد طلاء شفتيها ..
لكنه ينتزعها منها ليضعها لها بنفسه ببطء متعمد قبل أن يزفر بقوة هاتفاٌ وهو يعيد مسحه :
_تؤ! لا ..لا ..والله ما هينفع !
_هو إيه اللي مش هين...!
تنقطع حروفها بين شفتيه وهو يعاود هجومه من جديد بقوة أكبر لكنها تدفعه بعتاب هامسة :
_وبعدين معاك ؟! الناس زمانها بتقول علينا إيه بره ؟!

_ما تحطيش البتاع ده ! كفاية إني سامحلك تلبسي الفستان بإمكانياتك دي ..الود ودي ألبسك شوال .
يهتف بها بسخط وهو يبتعد عنها مرغماٌ لكنها تحيط خاصرتها بكفيها في وضع استعراضي لتهتف بثقة مستحدثة هو من علمها إياها :
_حتى لو لبست شوال هيبقى شكلي يجنن ..الرك ع القالب يا هندسة !

فيخبط وجهه براحتيه ليقول ببؤس مصطنع:
_هاقول إيه ؟! علامي وتربيتي ! اللي يشوفك وأنا مستلمك قطة مغمضة ع المفتاح ما يشوفكيش دلوقت ..

ضحكتها العالية تصدح في أذنه وهي تقترب منه لترد بمرح يشبه مرحه :
_أبقاك الله زخراً لكل القطط المغمضة وجعلك نبراساً لقلة الأدب ..

لكنها تعاود قرص وجنته بغيرة لتبدو كمن يتدارك خطأه :
_لا لا ..كل القطط المغمضة إيه ؟! هي قطة واحدة وفتحت خلاص ..هه؟! قلت إيه يا عسل؟!

حاجباه يتراقصان في رد مشاكس ثم يضحك منتشياٌ بهذه الهالة الجديدة حولها وهو يهم برد وقح لكن صوت طرقات على الباب يقاطعه مع دخول "الكوافيرة" قائلة ببعض الحرج:
_جاهزين؟!

تتأبط نشوى ذراعه بفخر خجول وهي تغادر معه الغرفة لتلحق بهما ريما مع رانيا وأشرف الذي عانقها بقوة وهو يشعر أن شقيقته أخيراٌ قد وجدت أمانها ..
يتحركون نحو سيارته فيستقبله سيف معانقاٌ بحرارة وجواره غادة التي كانت تكاد تقسم في هذه اللحظة أنها ترى امرأة أخرى غير نشوى التي تعرفها ..
امرأة أكثر تألقاٌ وتوهجاّ وسحراً !!
لكن ..ما العجب؟!
ألم تجرب هي نفس عصا الحب السحرية مع سيف؟!

لهذا تعانقها بدفء أخوي ثم تقول لها برقتها الطبيعية :
_ما شاء الله ..حلوة قوي!

_حلوة بس ؟! دي قمر !
كانت هذه جيلان التي خرجت من سيارة العرس التي يتولى قيادتها هيثم لتتوجه نحوهما فتقبل جبين إسلام بحنان ..
قبل أن تحيط كتفي نشوى بكفيها قائلة بفخر حنون:
_ليه حق ابني يعمل فرح من جديد مادام العروسة كل يوم بتحلو كده .

تضحك نشوى بخجل وهي تشعر بشهادة حماتها هذه تعزز ثقتها في نفسها أكثر خاصة والأخيرة تميل عليها لتقبل جبينها بخفة هامسة :
_ربنا يسعدكم .


تستقل معه سيارة العرس التي زينت بالزهور الوردية كما طلب إسلام ليتوجه الجميع نحو القاعة الصغيرة التي يقام فيها الحفل ..
تستقبلهما ياقوت عند الباب بثوبها الذي اختارته بلون أصفر ليموني جعله يهمس في أذنها وهو يكز على أسنانه :
_مفيش فايدة ! ده لون تلبسيه في فرحي ؟! منك لله يا بعيدة !

فتضحك وهي تميل عليه هامسة بدورها :
_اللموني موضة إيش فهمك انت ؟!
يخبطها بخفة على مؤخرة رأسها ثم يضمها إليه بحنان فتهتف له بفرحة صادقة :
_مبروك يا عريس ..
ثم تتجه ببصرها نحو نشوى المبتسمة مردفة :
_مبروك يا عروسة .

تبادرها نشوى بالعناق وهي تستشعر أهمية الدور الذي لعبته في حياتهما الأيام السابقة لتهتف بها بصدق:
_عقبالك باللي يستاهلك .

العبارة تقذف باسم زين لخاطرها وإن كان لا يغادر قلبها أبداً لكنها تتجاهل هذا لتخاطب إسلام بقولها :

_عندي ليك مفاجأة ..ستي ثمر جوة أصرت تحضر عشان ..

تقطع ياقوت عبارتها وهي تنتبه لجيلان التي تقدمت نحوهم بملامح جامدة ليلتفت نحوها إسلام بدوره مدركاً سبب رد فعل ياقوت ..
لكنه يعود إليها ببصره ليقول مطمئناٌ :
_ما تقلقيش من ماما ..أنا معرفها إنكم كلكم جايين .

تهز رأسها وهي تتلاشى النظر نحو جيلان التي تجاهلتها بدورها وهي تدلف إلى داخل القاعة ..
برغم كل شيئ تبقى هناك رواسب لا تنسى!!

الخاطر الأخير نفسه هو الذي كان يجول بذهن هيثم وهو يراقب الموقف من بعيد كعهده مؤخراٌ ..
يجلس في زاوية القاعة البعيدة فيتفرس ملامح أمه التي تتبدل بين فرحتها بإسلام وضيقها الذي لم تستطع مداراته وهي ترى ثمر وحفيدتيها هناك ..
لا يلومها ..وكيف يفعل؟!
وهو نفسه لم يستطع تجاوز ما فعلته شهد !!
ربما تقبل أختيه وثمر لأنه اعتبرهما مجرد ضحايا ..
لكن عندما يتدخل شبح "الخيانة" فمن الصعب أن يصفو بئر الحب!!

ذكرياته معها تتكالب عليه خاصة مع رؤية إسلام وزوجته لكنه يقاومها بكل قوته وهو ينهض من مكانه محاولاً الاندماج مع المدعوين قليلي العدد ..

_خليفتي في الملاعب! أيوة بقاااا ..الله عليك يا حبيب والديك !
يهتف بها علاء مشاكساٌ وهو يعانق إسلام مكانه فتهتف إيناس جواره :
_فشر! قال خليفتك قال؟! إيش جاب خفة دمه لرخامتك انت؟! بطل تماحيك في القمر ده !
يضحك إسلام وهو يصافحها هاتفاّ بفخر مصطنع:
_أيوة بقا يا "أنّا" ..عايزين دعمك الحلو ده الليلة دي ..صيّتوني كده قدام المدام .
يقولها وهو يجذب نشوى نحوه ليلصقها به فتضحك الأخيرة هاتفة بمرح:
_انت مش محتاج صيت يا هندسة ..صيتك واصل من زمان والله !

يتشاركون الضحك للحظات قبل أن يميز إسلام وجود عابد جوار لجين وثمر فيتجه نحوهم ليقبل رأس ثمر بإجلال مقدراٌ مجيئها رغم ظروفها الصحية ..
ثم يعانق لجين بحنان قائلاً بمرح :
_حمدالله ع السلامة ..مبروك ع "العكروت" الصغير ..يوصل بس كده وسلميهولي ..سيبك من أبوه ده ..جو المشايخ ده ما يربيش عيال اليومين دول .

يقول عبارته الأخيرة وهو يلكز عابد في خاصرته مشاكساً ليضحك الأول بسماحة هاتفاّ:
_معك حق ..أنا أعلمه الأخلاق ..وأنت تعلمه "الفهلوة" ..فيصير نموذجاً يحتذى ل"الشيخ الفهلوي" !
_حلاوتك في الألش بالفصحى يا شيخ ! هو ده !
يهتف بها إسلام بمرح ضاحكاً ثم يميل على عابد قائلاً:
_أنا راعيت وجودك وقلتلهم بلاش أغاني ..بس هاستسمحك يا مولانا في أول أغنية ..ده واجب تركي أصحابي عاملينهولي مخصوص ..وما قدرش أكسفهم .

يبتسم له عابد بسماحة وهو يربت على كتفه قائلاً :
_بارك الله لك .

يغادرهم إسلام ليجلس معها على منصة العرس فتجلس ريما وسطهم على الأريكة لتلتفت نحوه هاتفة :
_هنرقص الرقصة اللي علمتهالي؟!
_أيوة يا أروبة ..هي هي اللي رقصناها في فرح أنكل سيف !

يقولها لتبدأ الموسيقا المميزة في العزف قبل أن يتجمع الرجال من الحضور حوله لتأدية رقصة "الزيبك" من الفلكلور التركي كما فعل ليلة زفاف سيف الذي كان أول من عانقه ليبدأ معه الرقصة ..
سيف ، أشرف، يامن ،مروان،رامز ، هيثم ،
كلهم يلتفون في حلقة حول إسلام الذي بدأ الرقصة بمهارته المعهودة وأمامه ريما تشاركه إياها كما علمها ..
ترمقهم جيلان من بعيد بسعادة غامرة وهي تشعر بأنهم في،سبيلهم لتجاوز الماضي خاصة مع قرارها الصائب بالانتقال لبيت جديد مع هيثم ..
تحين منها التفاتة نحو ثمر وحفيدتيها فتشعر بغصة في حلقها ..
وبمذاق الخيانة يسمم كيانها من جديد ..
لكن نظرة واحدة لوجه إسلام الضاحك مع هيثم الذي يشاركه الرقص يجعلها تطرق برأسها محاولة التغاضي عن المزيد من الخوض في بحار الماضي ..
تنهض من مكانها مستجمعة شجاعتها ..
ستذهب إليهم وتلقي بتحية عابرة إكراماً لابنيها فحسب !
لكنها تعود لتجلس على كرسيها شاعرة بصعوبة هذا ..
بل باستحالته !!

وفي مكانها كانت ياقوت تراقب الوضع برضا غامر ..
ابتسامة ثمر الوقورة وهي تجلس جوارها تربت على ركبتها من آن لآخر ..
فرحة لجين التي تكاد تصرخ ولو تحت نقابها وكف عابد لا يكاد يفارق كفها ..
جنون إسلام الراقص الذي يفضح فرحة حقيقية لم تعد تشوبها شائبة ..
يبقى هم هيثم الذي يبدو محفوراً على ملامحه رغم حركاته الراقصة التي يجاري بها الجمع المتحلق ..


لهذا ما كادت الرقصة تنتهي لينفض الجمع ويبدأ توزيع الطعام على المدعوين ..
حتى بحثت عنه لتجده يقف وحده في شرفة القاعة القصية ..

_وبعدين يا هيثم ؟!
تسأله مشفقة وهي تربت على كتفه ليلتفت نحوها بابتسامة مصطنعة قائلاً:
_وبعدين إيه ؟! ما أنا زي الفل أهه !

_لو كل واحد بقا كويس عشان بيعرف يقول إنه كويس ماكانش حد غلب !
تقولها بإشفاق عاتب وهي تنظر في عمق عينيه اللتين أغمضهما هارباٌ لتردف بنبرة قوية :
_أنا قلتلك م الأول محدش هيلومك على أي قرار هتاخده ..بس ما ترقصش ع السلم ..وانت خدت قرارك ..صحيح مااخبيش عليك ..كان نفسي حبك ليها ينتصر ..كان نفسي تحارب الدنيا بيها وليها ..بس أنا عارفة إن الزمن ده مش زمن رومنسيات فارغة وإن حكم القدر كتير بيبقى أقوى مننا ..

_هنساها؟!
صوته المرتعش عبر عينيه المغمضتين يثير المزيد من إشفاقها ..
خاصة بهذه النبرة التي نطقها بها بين استنكار ورجاء ..
لكنها ترتدي قناع مهنيتها الذي تحتاجه هاهنا لتشدد الضغط على كتفيه بقبضتيها كأنها تنقل قوتها منها إليه هاتفة :
_مش هاكدب عليك وأقوللك آه ..لا مش هتنساها ..هتفتكرها في كل طريق جمعكم ..في كل غنوة سمعتوها من بعض ..في كل حلم اتمنيتوا تحققوه سوا ولقيت نفسك بتحققه لوحدك ..هتفتكرها لما تشوف غيرها بنات حلوين وتلاقي نفسك بتقارنها بيهم ..مرة هي تكسب ومرة هم يكسبوا ..بس الأكيد إن ولا واحدة فيهم هتوصل لمكانتها في قلبك ..

_بتصعبيها عليا يا ياقوت !
يهمس بها عاتباً ومقاطعاً حديثها هذا الذي يثير شجونه ..
لكنها تعاود الضغط على كتفيه هاتفة بنفس القوة :
_لازم تبقى عارف إنت هتواجه إيه عشان تقدر تقاوم ..حبها يمكن يكون عظيم لدرجة إنك مش هتقابل زيه في حياتك أبداٌ ..لكن الحب لوحده مش كفاية ..ومادام انت اخترت يبقى ما تندمش ..كمل طريقك زي ما ضميرك طاوعك ..انت بدّيت رضا والدتك على قلبك ..وبيني وبينك بعد موقفك يوم ما الراجل اتحرش بيها في المحل أنا بقيت خايفة عليها منك ..كده الرؤيا بانت ..الشك اللي ملاك يومها كان هيفضل بينكم ..فخلاص بقا ..اعتبرها كانت حلم جميل ..بس محدش بيعيش عمره نايم بيحلم ..اصحى بقا يا هيثم ..اصحى وكمل حياتك .

_اهه دماغك دي اللي مصبراني على ذوقك العفش!
يهتف بها إسلام -الذي ظهر فجأة على الباب- باستحسان وقد بدا أنه قد سمع حديثهما ..
قبل أن يقترب منهما ليربت على كتف هيثم قائلاٌ بمرح:
_اسمع كلامها ياابني ..انت عارف الكلمتين اللي قالتهملك دول بيتدفع فيهم كام في الجلسة بره ؟!

_قل أعوذ برب الفلق ! انت باصصلي في رزقي يا جدع..أعوذ بالله !
تهتف بها باستنكار مرح وهي تبسط راحتها في وجهه بوضع "التخميس" الشهير ليضحك ثلاثتهم للحظات ..
قبل أن يقول إسلام بجدية تامة مخاطباً شقيقه :
_مش عايز أتكلم في الموضوع ده معاك تاني ..لو عايز رأيي انت محتاج تبعد ..عمو علاء مسافر مع سيف تركيا كمان كام يوم ..لو حابب ممكن تسافر لهم انت وماما غيروا جو ..ولو عجبتك الدنيا هناك ممكن أدبر لك شغل في أجازة الصيف ..هه إيه رأيك ؟!

يهز هيثم رأسه باستحسان لم يمحُ الهم من ملامحه لكنه عانق شقيقه هاتفاً بابتسامة واهنة :
_ياللا بقا ادخل يا عريس ..أحسن يقولوا طفشت !

يقولها وهو يدفعه ليعود به إلى الداخل بينما تبقى ياقوت مكانها في الشرفة ترمقهما من بعيد بنظرة عميقة قبل أن تدير ظهرها لترمق السماء بشرود ..
القمر العزيز يبدو لها كحبيب لا يغادرها أينما حلت ..
تماماً مثله هو ..زين !

زين؟!
هل هي سيارته حقاٌ أم أنها تتوهم ؟!
تستطيل بجسدها عبر سور الشرفة محاولة تبين السيارة التي اصطفت بفخامة تليق بصاحبها أمام مدخل القاعة لكن الزجاج المعتم حال بين رؤيتها المزيد ..
هو هنا ؟!

والجواب يأتيها في رسالة على هاتفها بصورة !
صورتها هي ترتدي نفس الثوب الذي تلبسه الآن وتعانق إسلام !
المجنون!!!!!
لن يكف عن غيرته مع كل عناق تمنحه لغيره !!
ألم يفعل المثل يوم خروج ثمر من السجن ليرسل لها صورتها وهي تعانقها كذلك !!

_ياختي جنانه حلووو! اتجوزيه بقا يا بت وارحميه وارحميني.

"العفريتة العابثة" بداخلها تكاد ترقص منتشية لكنها تقمعها كعادتها وهي تبحث عما يمكن أن ترسله له ..
لكنها لم تجد سوى أن تكتب :
_شكراً عشان كل مرة كنت بحتاج فيها إنك تشاركني لحظة مهمة في حياتي ماكنتش أبداٌ بتخذلني .

تنتظر طويلاً هذه المرة وهي تنقل بصرها بين هاتفها وسيارته مغلقة النوافذ ..
أو التي كانت مغلقة النوافذ ..
فهاهي ذي نافذته الأمامية تفتح ليطل وجهه خلفها يرمقها مكانه بنظرته العاشقة العميقة ..
قبل أن تصلها رسالته مكتوبة وعيناه تناجيان عينيها عبر هذا البعد :
_عمري ماحسيتها حاجة ممكن تشكريني عليها ..تفاصيلك مهما كانت صغيرة بالنسبة لي دنيا بحالها بتمنى أعيشها معاكي ..هافضل مستني اليوم اللي ما يكونش فيه بيني وبينك أي حواجز ولا حتى كاميرا ..أحضن كل نَفَس فيكي قبل ما يخرج منك ..أحضن كل كلمة هتقوليها قبل ما تفارق شفايفك ..أحضن كل حلم هتتمنيه قبل ما نحققه سوا ..وأحضن كل نظرة من عينيكي العندية قوي ..الدافية قوي ..الخطيرة قوي ..والطيبة قوي قوي ..

تظل تنقل بصرها لدقائق طويلة بين كلماته المكتوبة ووجهه البعيد نسبياٌ والذي يطل لها عبر هذا البعد فتشعر بسخونة قوية تكاد تذيب أوصالها ولا تقوى على تحملها ..
تعطي ظهرها للسور لتبسط راحتها على صدرها محاولة تهدئة خفقات قلبها ..
قبل أن تنتقل ببصرها نحو باب القاعة مميزة صورة إسلام من بعيد فتهمس له من بعيد بغيظ :
_منك لله يا إسلام ! ناس هايصة وناس لايصة صحيح!

لم تكد تتم عبارتها حتى وجدته يشير لها كي تأتي فابتلعت خيبتها وهي تعود ببصرها نحو زين ترمقه بنظرة مودعة أخيرة ..
قبل أن تعاود الدخول لتجد إسلام قد بدأ في التقاط الصور ..
واحدة تلو أخرى ..
لكن ما دغدغ قلبها حقاً هي تلك الصورة الأخيرة التي أصر أن تكون لأربعتهم فحسب ..
هو في المنتصف يبسط ذراعيه فوقها هي ولجين بينما يجلس هيثم على ركبته أمامه يرفع إليه وجهه بابتسامة بينما يمسك أحد كفيه بيد ياقوت والآخر بيد لجين ..
هذه الصورة التي لو كان لها أن تحمل عنواناً لكان ..
"إخوة دائماٌ رغم الظروف!"
=======
_اتفضلي يا عروسة !
يهمس بها بنبرته الرخيمة وهو يغلق باب شقتهما خلفه لتلتفت إليه بابتسامة واسعة ..
هذه التي تحسستها أنامله وهو يهمس لها :
_هو ده رهاني.
_رهانك ؟!
تسأله هامسة فيميل عليها ليقبل شفتيها بخفة عدة قبلات متتابعة ثم ينتقل لعينيها فيقبلهما بنفس الطريقة هامساٌ :
_الفرحة اللي في عينيكي وعلى شفايفك ..هي دي رهاني اللي كسبته !

تفتح عينيها لتتسع ابتسامتها رويداٌ رويداٌ حتى تتحول لضحكة قصيرة كأنما تصدق له على ما يقول ..
فيرفع أناملها ليقبلها واحداً واحداٌ ثم يستخرج من جيبه حلقة ذهبية يضعها في بنصرها ليهمس بين شفتيها :
_دلوقت بس ألبسك دبلتي وأنا مطمن !

تتنهد بعمق وهي تشعر به يضمها إليه بقوة حانية فتضطرب خفقاتها بهذا الشعور اللذيذ الذي صار شفرتها الخاصة معه ..
تتذكر حسرتها ليلة زفاف غادة ..
هذه النظرة التي ارتجتها ..
هذا الثوب الذي تمنت ارتداءه على جسد ينبض بالفرحة ..
هذا الحب الذي حلمت به بكل جوارحها ..
والآن يأتيها كل هذا ملوناً بطيفه هو !!

تشعر به يزيح عنها طرحتها ليسدل شعرها على كتفيها وعيناه تشتعلان بهذه النظرة التي تشعل أحطاب أنوثتها ..
انامله تعرف الطريق لسحاب ثوبها لكنها تدفعه برفق مشيرة بسبابتها في حركة محذرة تجعل عينيه يلتمعان بترقب ..

خاصة وهي تتعلق بذراعيها في عنقه هامسة بدلال فريد تخصه به وحده :
_انت فاكر إن انت لوحدك بتاع "البروجرامات"؟! أنا كمان عندي بروجرام !

يضحك ضحكة عالية وهو يبعدها ليصفق بكفيه هاتفاً بلهجته الساخرة المرحة :
_قلب المؤمن دليله !..كنت حاسس إنها هتبقى ليلة هنا وسرور ..اتفضلي يا ست نشويات ..ابهريني!

تضحك بدورها وهي تبتعد عنه بظهرها بينما ترمقه بنظراتها التي صارت تشبه عينيه في عبثهما ..
قبل أن تدخل غرفتهما لتغلق بابها خلفها ..

فيتنهد وهو يفرك كفيه بتحفز ثم يخلع سترته ورابطة عنقه ليتحرك نحو الغرفة ثم يقف ملاصقاً للباب ..

_اخلص يا شرِس ..أمي موصياني أنام بدري !
يهتف بها بنبرته العابثة وهو يطرق على الباب بما يشبه قرع الطبول ..
لتصله ضحكتها العابثة من الداخل مع عبارتها التي تتشبه بطريقة حديثه :
_اتقل تاخد نضيفة يا "سلمونتي"!

يضحك عالياً وهو يخبط جبينه في الباب عدة مرات معجباٌ بروحها هذه ..
قبل أن يشعر بالباب يفتح ليفاجأ بطلّتها المبهرة بهذا القميص الذي جمع اللونين الأسود والوردي ..
وبهذا التصميم الذي أظهر مفاتنها بإغواء متعمد ..

صفير إعجاب طويل يطلقه وهو يخبط بكفه على رأسه هاتفاً بمرحه المعهود الذي لم يخفِ اشتعال جوارحه تأثراً بها:
_واعرة جوي يا بوي!

فتضحك ضحكة عالية وهي تقترب منه ببطء متعمد ..
لتقلد غمزته بحركة بدت له مهلكة منها هي بالذات خاصة مع همسها بغنج:
_تعال نشوف بروجرام مين هيكسب ..يا عسل!
======
_شفتي المجرم وهو نايم زي الملايكة ؟! اللي يشوفه كده ما يشوفش الزن اللي مسهرني بيه طول الليل !
تهتف بها إحداهن في النادي وهي ترفع هاتفها أمام صديقتها تريها صورة ابنها الرضيع فتبتسم الأخيرة هاتفة بانبهار:
_سكر قوي ..بس هو فين ؟! سبتيه مع مين ؟!
_مع ماما ..زهقت من الحبسة بيه ..قلت أفك معاكم ساعتين هنا.
تقولها الأولى بملل لتهتف الأخرى باستحسان:
_كويس إنك ماجبتيهوش ..خافي عليه يتحسد وما تخرجيش بيه كتير ..
تلوح صديقتها بكفها بلامبالاة هاتفة :
_سها فين ؟!
_زمانها جاية ..خبي بقا موبايلك ده وإياك توريها صورة ابنك .
_إيه ؟! بلاش أفورة ! سها هتحسد ابني يعني؟!
تهتف بها باستنكار لترد الأخرى متلبسة دور الناصحة :
_وما تحسدوش ليه ؟! واحدة مابتخلفش وجوزها كان هيتجوز عليها عشان كده ودلوقت خلاص سابها ويمكن يطلقها..خبي خبي الموبايل ده اسمعي الكلام !

تقف سها خلفهما بذهول وعيناها تقدحان الشرر !
كلماتهما تجلدها بسياط ظنت نفسها اعتادتها لكنها تكتشف كل مرة أن ألمها يزيد لا ينقص!
هاتان هما أعز صديقاتها !!
أعز صديقاتها!!
يتحدثن عنها بهذه الطريقة وكأنها منبوذة محرومة يخفن نظراتها !!

الجرح النازف بروحها يفتت خلاياها ألماٌ وهي تشعر بالمزيد من الانهيار ..
منذ اختارت- بإرادتها - ألا تسامح ناصر وأن تعاقبه هجراً كي لا يكرر فعلته وهي تشعر أنها تعاقب نفسها معه !
تتظاهر بالقوة أللامبالية أمام الجميع لكنها توقن بداخلها أنها تحترق كشمعة لن يفتقد ضوءها أحد !

الجرح الذي تأبى الاعتراف به وتترجمه شخصيتها العنيدة لحدة متنمرة كهذه التي ظهرت على ملامحها الآن وهي تتقدم نحوهما لتنتزع الهاتف من يد صديقتها أم الرضيع فتقذفه بعنف جانباً ليتهشم تحت صرخات صديقتها المصعوقة بما تفعله هي :
_سها ! انتِ عملتِ إيه ؟!

لكنها تمسك الأخرى من ياقة قميصها لتجذبه بعنف كاد يمزقه وهي تهتف بها بشراسة تناقض الدموع التي جرت على وجنتيها كالسيل :
_مش سها اللي تحسد ! جوزي اللي بتتكلموا عنه ده بيموت في التراب اللي بمشي عليه ..أنا اللي رافضة أرجع له مش هو ..أنا اللي اتحايلت عليه يتجوز عشان يراضي والده ..أنا اللي اخترتهاله ..أنا اللي خليته يسيبها ليلة فرحهم ..وأنا اللي دلوقت رافضة أكمل معاه ..شوفي نفسك يا ناقصة انتِ وهي!

_انت اتجننتِ رسمي ! سيبيها !
تهتف بها الأخرى شاعرة بالإهانة خاصة مع صراخ سها العالي الذي أحرجهما لتحاول تخليص الأولى منها فيلتف حولهن بعض رواد النادي ..
الأولى التي احمر وجهها حرجاً وغضباً فلم تجد إلا أن تجرحها بالمزيد :
_انتِ مصدقة نفسك ؟! فاكرة إنه كان بيسمع كلامك ؟! ده يبقى جبار بجد لو أقنعك بكده ؟! وحتى لو اللي بتقوليه صح ..تبقي غبية ..اللي تفرط في جوزها لواحدة تانية تستاهل اللي يجرالها ..آه !

كلماتها تنتهي بصفعة سها القوية لها والتي ردتها لها -من كانت صديقتها- بمثلها وقد كان هذا آخر ما وعته الأخيرة قبل أن تشعر بالأيادي تحول بينهن لتبعدها عنهما ..

تهرول نحو سيارتها خارج النادي بخطوات متعثرة زادها كعب حذائها العالي تعثراٌ ..
تشعر بالعيون التي طالما لاحقتها إعجاباً الآن تلاحقها شفقة وشماتة !
عاجزة عن منع انهمار دموعها فترى حارس البوابة يمد لها محرمة ورقية لكنها تدفعه بخشونة كادت تسقطه لتعدو نحو سيارتها فتغلق نوافذها المعتمة ثم تنكب على المقود تسكب المزيد من دموعها ..
هذه هي نظرتهم إليها !
هذا ما يخفونه خلف واجهتهم المشفقة والمراعية !
كلهم يرونها ناقصة محرومة يخافون أن تحسد نعمتهم !
يرونها كسيرة ذليلة هجرها زوجها لغيرها!!
يرونها صارت مجرد سلعة راكدة في سوق النساء!!

ترفع عينيها أخيراً نحو مرآة السيارة فتفاجأ بوجهها المنتفخ من أثر البكاء وقد تلطخ بزينتها لتبدو لها ملامحها كمسخ مشوه ..
مسخ لا يختلف كثيراٌ عما تشعر بروحها قد آلت إليه !

ناصر!
كم تفتقده الآن!
وكم تلعنه !!
كم تود لو تعانقه ..لو تلقي على صدره آهاتها فيحتويها كما كان دوماً يفعل في مواقف كهذه ..
وكم تود لو تصفعه ..لو ترد له هذا العذاب الذي تحترق به أضعافاٌ ..
هو داؤها ..ودواؤها ..
هو حاميها ..وجلادها ..
كيف ترجو الشفاء من نفس اليد التي بدأت بالجرح ؟!

صوت طرقات على زجاج سيارتها يقطع أفكارها فتمسح بقايا دموعها مستعيدة قناعها المتنمر وهي تلتفت نحو الطارق تكاد تصرخ به ..
لكنها تفاجأ بإحداهن -ممن تعرفت عليها مؤخراً وتعمقت علاقتهما إلى حد ما- تفتح الباب لتنضم إليها قائلة بنبرة قوية:
_سيبك منهم ..كويس قوي إن وشهم الحقيقي بان ..غيرانين منك عشان ولا واحدة فيهم عندها اللي عندك !

فتهز رأسها وهي تدرك لماذا تقاربت كثيراً مع هذه المرأة بالذات مؤخراً ..ربما لأنها تسمعها بالضبط ما تود سماعه ..

خاصة وهي تشد على كتفها هي لتردف بنبرة أكثر قوة :
_كويس قوي إنك خدتي حقك بإيدك عشان كل واحدة تعرف مقامها قبل ما تكلمك ..انتِ لا ناقصة إيد ولا رجل ..هم اللي متخلفين ..بلا ولاد بلا وجع قلب ..يعني هي اللي عندها ولاد جوزها ما بيسيبهاش ؟! كلهم صنف نمرود تندب في عينه رصاصة .

تتنهد بحرارة وهي تشيح بوجهها شاعرة ببعض المواساة من حديثها فتبتسم الأولى وهي تغلق بابها لتهتف بها بنبرة حماسية :
_سيبيلي نفسك وأنا هاظبطلك المود ..هاسهرك سهرة تجنن زي كل مرة!

_فين؟!
تسألها سها ببعض الفتور وهي تشغل سيارتها لتهتف الأولى بغمزة مرحة :
_مكان أول مرة نروحه ..بس فكي نفسك كده وبلاش عقد ..
ثم ضحكت وهي تبعثر لها خصلات شعرها لتزيد من مظهره الفوضوي مردفة بحماس مغوٍ:
_انتِ عايزة تنسي ..وأنا هاخلليكِ تنسي ..دوسي ع الرابع بقا وسمعيني جمال ضحكتك !
======
_هايل يا ناصر ! الداخلية كلها مالهاش سيرة غير عمليتك الأخيرة ..نقطة بيضا تانية في ملفك !
يهتف بها مديره بفخر وهو يجلس أمامه على مكتب الأول فيبتسم ناصر ابتسامة باهتة لم تخلُ من شجن وحروفه تشرح السبب:
_كان نفسي بس تخلص نضيفة من غير دم .
_كنت هتعمل إيه يعني وزعيمهم رافع مسدسه في وشك ؟! بالعكس انت كالعادة اتصرفت بأكبر ثبات انفعالي ممكن ..قتلك ليه كان دفاع عن النفس وبشهادة كل اللي معاك .

يقولها مديره مدافعاً فيهز ناصر رأسه قائلاٌ بتبجيل:
_أي أوامر تانية معاليك ؟!
_لا يا بطل ..روح بيتك واستريح بقا يومين ..يحق لك بعد تعب الأيام اللي فاتوا .

يقولها مديره باعتزاز وقد سره كثيراً أن ينجز ناصر مهمته الأخيرة بمهارته المعهودة رغم خطورتها ..
فيتحرك ناصر ليغادر لكن الأول يستوقفه بندائه ..
قبل أن يغادر مقعده ليتوجه نحوه ثم يربت على كتفه ليقول بشفقة لم تخلُ من عتاب:
_انت ظابط شاطر ..بس يصعب عليا قوي ماتبقاش بالحزم والنجاح ده في بيتك .
_قصدك إيه معاليك؟!
يسأله ناصر بمواربة وهو يدعو الله سراٌ ألا يكون شأن تلك "الصور المخزية" لسها قد تسرب لكن مديره يهز رأسه بأسف مجيباً :
_انت سيد العارفين ..الناس بتحب الفضايح وفي بلدنا بتنتشر بسرعة الصاروخ ..

يغمض عينيه بحرج وهو يستعيد شعوره عندما وجد هذه الصور لها وقد انتشرت على مواقع التواصل ..
صوراً لها وهي تحتسي الخمر ثم ترقص بثياب مكشوفة !
لا يدري من التقط لها هذه الصور ولا كيف تجرأت هي لتفعلها ..
إنها لم تقرب الخمر يوماٌ !
المزيد من السقوط في بئر الوحل وهو عاجز عن فعل أي شيئ!
لو استسلم لحميته الصعيدية لطلقها دون رجعة حفاظاً على اسمه وسمعته خاصة بعد أفعالها الأخيرة ..
لكنه لا يجرؤ على فعلها ..
ليس وهو يشعر أنه هو السبب وأنه فقط يدفع ثمن أخطائه !

_أنا عارف سها كويس ..شفتها معاك أكتر من مرة ..ومتأكد إنها مش وحشة زي ما هو باين ..بس برضه عارف الناس بتحكم إزاي ..حل المشكلة بسرعة يا ناصر ..انت ظابط ناجح واللي زيك بتكون العين عليه ومستنيين له أي غلطة ..خليك حازم زي ما عرفتك ..الجراح الشاطر هو اللي يقدر يحدد امتى يضطر للبتر لو فقد الأمل في العلاج .

يقولها الرجل بحزم لم يخلُ من شفقة فيحمر وجه ناصر غضباً لم يستطع كبحه وتجلى في دمعة كبيرة غشت عينيه ..
لكن تبجيله للرجل يجعله يغمغم بصوت متحشرج :
_شكراٌ لنصيحة معاليك ..بعد إذنك .

يرمقه الرجل بنظرة آسفة تذبح كبرياءه أكثر وهو يغادر مطأطأ الرأس نحو مكتبه هو ..


_عفارم يا ناصر باشا!
_مبروك عليك ..فيها ترقية دي !
_مايجيبها إلا رجالها يا بطل !


التهاني تصادفه في طريقه لكنه لا يكاد يميز أصحابها ..
يرسم على شفتيه ابتسامة باردة تشبه صقيع روحه في هذه اللحظة ليتجاوزهم بهدوء محاذراً النظر لعيونهم ..
أجل ..كان يعلم أن عيونهم لن تحمل نفس الفخر الذي تلهج به الألسنة ..
عيونهم ستجلده بالفضيحة التي تسببت هي له بها ..
ضابط كفء لكنه زوجٌ (....)!!
اللفظة المناسبة هاهنا يعجز عن نطقها ولو بينه وبين نفسه فيتركها حقل ألغام تنفجر داخله واحداٌ تلو الآخر !

يصل لغرفته فيغلق بابها خلفه ليتحرك نحو مكتبه الذي جلس عليه وما كاد يفعل حتى رن هاتفه باسم والده ..
يشهق بلهفة لم ينكرها فقد كانت المرة الأولى التي يفعلها منذ ليلة زواجه الكارثية ..
ثم يفتح الاتصال ليرد بسرعة :
_إزيك يا حاج ؟! أخيراً رضيت عني ؟!

لكن صوت الرجل يأتيه هائجاً ثائراً كما لم يسمعه من قبل :
_رضيت عنك ؟! هي دي الست اللي انت معادي أبوك وعيلتك عشانها ؟! عمامك وولادهم روسهم في الطين من ساعة ما الصور دي اتشافت والبلد كلها مالهاش سيرة غير سعادة الظابط ال(...) اللي سايب مراته دايرة على حل شعرها .

السبة البذيئة التي أطلقها والده تصيب صدره كرصاصة خاصة والرجل يستطرد بنفس الهياج المنفعل:
_قسماً برب العزة لو ما رميت عليها اليمين واتجوزت اللي تجيب اللي يشيل اسمك لا انت ابني ولا أعرفك ..بيتي ومالي وأرضي حرام عليك ..وهاوصي أهل البلد لا تدفنني ولا تاخد عزايا ..هاقوللهم ابني مات ..انت فاهم ؟!

يغلق الاتصال بعنف لكن ناصر يبقي الهاتف في يده للحظات وقد التهمه شروده البائس ..
كل الأصوات تدعوه لطلاقها ..
كلها عدا قلبه ..وضميره !!
ربما لأنه أكثر من يفهمها ..
أكثر من يدرك أن كل ما تفعله هذا ليس سوى طريقتها الخاصة في الصراخ !!
قديماً كانت تسمح له باحتواء صرخاتها هذه بدفء عناقه ..
لكنهما الآن قد طردا من جنتهما بنقمة طمعهما !!
فأي عقاب!!

صوت طرقات على الباب يقاطع أفكاره فيلتفت نحوه ليدخل أحد العساكر بمظروف ما وضعه أمامه قائلاً :
_اللي طلبته يا فندم !

فيشير له بالانصراف وهو يفتح المظروف ليتطلع لمحتوياته قبل أن تتسع عيناه بصدمة ..
لقد صدق حدسه بشأن العملية الأخيرة التي ظن أنه قد أنجزها ..
الأمر أكبر من قضية مخدرات !!
لكنه لا يملك المزيد من الأدلة على سوى هذا ..
فكيف يتصرف ؟!

يفكر قليلاً ثم يأتيه الجواب في اسم بعينه ..
"باسل جرجس" ..
صديقه في قسم مكافحة الإرهاب والضابط الوحيد الذي يثق بأنه سيتدبر أمراً كهذا !!
لهذا نحى صراعاته الشخصية جانباٌ ليتصل برقمه وما كاد يسمع صوته حتى هتف به بنبرة خطيرة :
_باسل ..عندي معلومات خطيرة بس مش كافية ..العملية الأخيرة اللي عملتها ..أكيد سمعت عنها ..العصابة ماكانش آخرها مخدرات وبس ..دول مجرد دراع من تنظيم شكله إرهابي وله غرض في عملية قريبة ..هابعتلك المعلومات اللي عندي واعمل تحرياتك ..هو خيط رفيع بس أنا عارف إنك هتكمل وتوصل .
======
_كانت قاهرة القلوب فصارت قاهرة قلوب أبنائها .

تكتبها ريتال على حسابها وهي تقوم بمشاركة فيديو انتحار ذاك الطالب في كلية الهندسة والذي ألقى نفسه من فوق برج القاهرة يأساً وضيقاً من حياته ..

فيزفر سامر بقوة وهو يتصل برقمها دون أن يكتفي بمحادثة مكتوبة كعهده منذ علم عن موافقة والدها على الزواج وقرب رحيلها ..
كأنه يجمع من صوتها زاداً يكفيه للأيام القادمة !!
تشبيه غريب يجعله يتساءل عن حقيقة مشاعره نحوها ..
فيسخر من نفسه كعهده قائلاً :
_ملطشة القلوب صحيح ! هو انت ياابني ما بتحلاش في عينك إلا الواحدة اللي مش ليك ..سها وبعدين ياقوت ودلوقت ريتال ..ريتال؟! أختك الصغيرة !

_أيوة يا سامر!
صوتها المنفعل وهي تفتح الاتصال يفضح لها ثورتها كعهدها في مثل هذه المواقف فيشعر بالشفقة نحوها لكنه يتشبث بسخريته المعهودة :
_مش لقينا اللي ندبسك فيه ونجوزهولك ؟! لزومه إيه بقا النكد ده ! المفروض التايم لاين بتاعك دلوقت يبقى ورد ودباديب .

يسمع صوت بكائها على الجانب الآخر للاتصال فيرق له قلبه ليردف بنبرة أكثر ليناٌ :
_انت عارفة إن اللي بيحصل دلوقت ده أكبر غلط ؟! منظمات الصحة النفسية بتحذر دايماٌ من الإعلان عن حالات الانتحار وبتنصح بالتكتم عليها عشان الموضوع مايبقاش حافز لغيرهم يقلدهم ..فيه حاجة غريبة بقت تخللي الناس بتصدر طاقة سلبية لبعض ..الحزن معدي زي الفرح بالظبط ..

_شاف إيه ده عشان يخسر دنيته وآخرته ؟!
تهتف بها عبر دموعها كأنها لم تسمع كل ما قاله ليرد بجدية تلبستها طبيعة عمله :
_مش هافتي وأقول حرام وحلال ..بس اللي أنا متأكد منه إن اللي بينتحر ده ما بيبقاش في وعيه ساعتها ..أغلبهم ما بيبقاش يائس من رحمة ربنا بس بيبقى يائس من حزنه وظروفه ..احنا في زمن زادت فيه الضغوطات ..كل حاجة حوالينا بقت جدران بتطبق على نفسنا ..ربنا وحده العالم بيه وبكل اللي زيه ..ادعيله بالرحمة ده اللي هينفعه .

_الله يرحمه .
تتمتم بها عبر دموعها فيحاول تصنع المرح ليجذبها بعيداً عن كآبتها بقوله :
_وبعدين يا ستي أديكي سايبة البلد باللي فيها .

_سايباها بس هاسيب فيها روحي ..بابا وانت وأهلي وأصحابي .
_إيه ؟! غيرتِ رأيك ؟!
يقولها ببعض الأمل الذي كرهه في نفسه لترد بتردد :
_لأ ..مش بالظبط ..بس ..
_حبتيه ؟!
يسألها بوجل وصمتها يكويه بجواب لا يريد سماعه لترد هي أخيراً :
_هو إحساس تاني ..مش شبه إحساسي مع مروان ..إحساس مستقر هادي منظم شبه الرسم بالمسطرة ..يمكن عشان كده مطمنة أكتر .
_ربنا يسعدك .
يقولها صادقاً رغم هذه الغصة في حلقه فتتنهد بحرارة لتصمت للحظات قبل أن تهتف فجأة :
_طب اقفل بقا عشان هو ع الويتينج ..ب"يأفلم" لو ما ردتش على طول .

يشعر بغيرة خفية وهو يراها تغلق الاتصال بسرعة لكنه يبتلع مرارة حلقه وهو يحاول تذكير نفسه بمكانتها لديه ..
هي أخته الصغيرة فحسب !

يغادر مكتبه في المركز ليتوجه نحو غرفة نجلاء فيقف يراقبها عبر النافذة الزجاجية كعهده قبل دخوله ..
تبدو له كطفلة كبيرة وهي تلاعب عروستها فيتنهد بعمق ثم يطرق الباب ليدخل ..
لا تبدو أنها قد شعرت به في البداية لكنها يتقدم نحوها أكثر هاتفاً باسمها فجأة يختبر استجابتها للأصوات المحيطة ..
فتلتفت نحوه بحدة تجعله يبتسم ..
تطور جديد لحالتها التي كانت ترفض الاستجابة للمؤثرات كأنها لا تسمع !

_معايا عروسة جديدة ..تحبي تشوفيها؟!
عيناها تلتمعان بقوة ناظرة ليده التي اختفت في جيبه قبل أن يخرجها ..
ابتسامة كبيرة تحلق فوق شفتيها لكنها تتجمد عندما تشاهد ثوب العروسة الذي كان مرقطاً يحيي عقدتها من الثقوب المتلاصقة !

كان يدرك الصراع الذي تعيشه بين شيئ تحبه وشيئ تمقته لكنه كان يسير على خط العلاج الذي وضعه مع ياقوت بوضعها هي تحت تأثير المحفز الذي تخاف منه تدريجياً على فترات كي يتلاشى أثره الكريه عليها ..

لهذا كان أكثر من راضٍ وهو يراها تمد يدها بسرعة لتنزع عن العروسة ثوبها ببعض العنف تلقيه تحت قدميها وتضم العروسة نحو صدرها ..
قبل هذا كانت تكتفي بالصراخ وتغطية وجهها !

_برافو عليكِ ..هاجيبلك بكرة واحدة كمان .

يقولها باستحسان لكنها لم تكن تنظر إليه ولازالت كعهدها تفضل معايشة المجسمات عن البشر الحقيقيين ..
ومع هذا ابتسم برضا وهو يغادر غرفتها ليغلق بابها خلفه ..
يراقبها عبر زجاج النافذة فيراها تختلس نظرة جانبية نحوه منحته المزيد من الرضا ..
شفاء هذه الحالة بالذات سيكون انتصاراً مدوياً له ولياقوت ..
لعله يضفي البريق على حياته الباهتة بشعوره أنه يمنح غيره السعادة التي حرم هو منها !

يغادر المركز ليتمشى قليلاً في الشوارع مراقباً وجوه الناس بشرود ..
لسعة البرد المحببة تمنحه شعوراً بالانتعاش ..
رائحة شواء محببة تداعب أنفه فيلتفت نحو المطعم القريب ثم ينتهي به الحال وقد اشترى وجبة عشاء له ولأمه ..

_مساء الفل يا ست حلاوة ..كباب وكفتة يستاهلوا بقك .
يهتف بها وهو يدخل البيت ليغلق الباب خلفه فتتوجه إليه المرأة بخطوات متثاقلة وهي تضم شالها الأسود عليها هاتفة :
_ومكلف نفسك ليه يا ابني ؟!
_المهم تتبسطي كده ومزاجك يحلو !
يقولها وهو يفض اللفافة على المائدة ليستخرج محتوياتها فتمصمص شفتيها هاتفة باستياء:
_انت عارف اللي يبسطني بس عامل ودن من طين وودن من عجين .

يضحك بمواربة وهو يعلم أنها ستثير ذات الموضوع عن زواجه ..
بينما هي تردف مثيرة شجونه دون أن تدري:
_ريتال بنت عمك اهه ..هتتجوز ..ماعادش فاضل غيرك انت في العيلة عامل زي قرد قطع ..حسرة عليا وعلى بختي ..

يضع قطعة من اللحم في فمها مقاطعاً عبارتها فتضحك بطيبة وهي تلوكها في فمها هاتفة :
_شوفوا الواد ! بتسكتني بالأكل فاكرني عيلة ؟!
_ده انتِ ست الستات !
يقولها مداعباٌ وهو يغمس لها أحد أصابع الكفتة بالطحينة ليطعمها من جديد فتلتمع عيناها بحنان قائلة :
_وحق جلال الله ربنا هيراضيك ..بس انت اسمع كلامي .
_إيدي على كتفك .
يقولها مستسلماً فتشرح له ظروف العروس الجديدة التي اختارتها له لكنه يشرد عنها ببصره شاعراٌ بالخواء ..
عبث!
يشعر أن حياته كلها ضرب من العبث !!
ليس أسوأ على الإنسان من ألا يفهم نفسه فيتخبط في تيهه وحيرته !

_قلت إيه ؟!
تسأله أخيراً بلهفة فيزفر بقوة وهو يشيح بوجهه لتسأله بتوجس:
_انت لسه بتفكر في سها؟!

ابتسامة ساخرة ترتسم على شفتيه وتسيئ هي تأويلها لتردف بانفعال:
_انت ماشفتش فضيحة صورها الأخرانية ؟! ده انت تحمد ربنا إنه نجدك من واحدة زي دي!
يمسح يديه ليخلع نظارته ثم يمسد عينيه بقوة قائلاً بإرهاق:
_مشكلتكم إنكم بتتعاملوا مع سها إنها شخصية سوية ..سها بعد ليلة جواز ناصر عاملة زي البني آدم الدايخ اللي غصب عنه دماغه بتخبط في أي حيطة ..كل تصرفاتها المفروض محدش يحاسبها عليها ..هي نفسها أول واحدة هتندم عليها لما تقعد وتراجع نفسها ..

_بتدافع عنها ؟! يبقى لسة عينك منها يا موكوس!!
تهتف بها أمه بلوعة مستنكرة فيبتسم وهو ينظر إليها مطمئناٌ :
_لا يامه ..اطمني ..أنا خلاص شلتها من دماغي بس هي كلمة حق قلتها ..ولعلمك أنا أول واحد متأكد إن سها دلوقت مالهاش دوا غير ناصر .
_ياخويا! ماهم بيقولوا حفيان وراها وهي مش راضية ترجعله !
تقولها ملوحة بكفها في استهجان ليعاود ارتداء نظارته قائلاً :
_يمكن دي المشكلة ..يمكن ده الوقت إنه يجرب معاها طريقة تانية ..
_تانية واللا تالتة ربنا يهني سعيد بسعيدة ..المهم عندي تتجوز وأشوف عوضك قبل ما أموت ..
تهتف بها بتذمر وهي تترك المائدة كطفلة غاضبة تلاحقها نظراته المشفقة مع ابتسامته اليائسة ..
يلم بقايا الطعام شاعراً أنه قد فقد شهيته ..
يتوجه لغرفته ليبدل ثيابه ثم يستلقي على الفراش ..
أفكار هائجة تتناطحه من كل اتجاه ..
سها وشعوره بحاجتها إليه كطبيب لا كعاشق أو حتى قريب ..
ريتال التي يشعر بإحساس غريب نحوها يختلف تماماً عن شعوره المعهود بها ..
لكن الغريب والمذهل حقاً ..
أنه عندما استسلم للنوم أخيراً لم تشغل أحلامه سوى عينين واسعتين بريئتين ..وخطيرتين في ذات الوقت ..
عينين كانتا تقتربان منه بتؤدة ..فيشعر بهما تكتسحانه ..
ثم تبتعدان فيشعر أنه قد فقد معهما جزءاً من روحه ..
عينين يعرفهما لكنه لم يميز صاحبتهما إلا عندما استيقظ من نومه ..
ليجد نفسه يتمتم بذعر مصعوقاٌ :
_نجلاء! اهه ده اللي كان ناقصك يا "ملطشة القلوب"!
=======
_انتِ رايحة فين مش باباكِ قال مفيش خروج ؟!
تهتف بها والدتها بعصبية وهي تقف أمام باب البيت تمنعها الخروج لترد بانفعال مماثل:
_أنا مش صغيرة ..ومش في سجن .
_وعشان مش صغيرة لازم تحترمي سنك وتحترمينا مش كفاية فضيحة الصور !
تهتف بها أمها وهي تحاول منعها من الخروج لكنها تزيحها جانباً هاتفة بنبرة متمردة :
_أنا حرة ..أعيش حياتي بمزاجي .

تحاول أمها إثناءها عما برأسها العنيد لكنها تصر على الخروج بملامح متجهمة لا مبالية ..
تهبط الدرج شبه راكضة وهي تشعر برأسها يكاد ينفجر ..
هي لا تعلم لماذا تفعل هذا ..
ولا ماذا تريد أن تثبت ..
لا تعرف ماذا تنتظر ..
بل ماذا ينتظرها !
كل ما تعرفه أنها لا تريد البقاء وحدها متدثرة بغطاء "الأنثى الناقصة" التي يعيرونها بذنب ليس لها يد فيه !
تعلم أن فضيحة الصور الأخيرة تطاردها ..
فضيحة ضربها لصديقتها في النادي تطاردها ...
فضيحة هجران زوجها لها ورغبته الزواج بأخرى تطاردها ..
لكنها تتعلم الهرب من كل هذا ..
وستنجح ..
ستنجح بنفس الطريقة التي اعتادتها في كل أمور حياتها !
هي أقوى منهم ومن كل شيئ!!

الدموع التي تغرق وجهها تناقض الخاطر الأخير لكنها تمسحها بسرعة وهي تتجاوز المدخل وعيون البواب وبعض الجيران الفضولية لتتوجه نحو سيارتها ..
لكنها تفاجأ به مستنداً على مقدمتها عاقداً ساعديه يناظرها بعينين اعتادت ألمهما لكن الجديد هاهنا كانت هذه النظرة ..
نظرة وداع وشيك !
قرأها قلبها فكذبته وهي تتقدم نحوه بنظرات تصارعها الاشتياق والعناد بنفس الكثافة فلم يجد أحدهما غلبة على صاحبه !

_انت ما بتزهقش ؟! قلت لك خلاص احنا انتهينا !

نبرتها الحادة كانت تتخللها الآن هشاشة مرتجفة لكنها كانت تقاومها بكل ما أوتيت من قوة ..
تشعر كأنها على "مسرح كبير"تحيطها عيون الناس ..
تقذفها بالانتقاص ولا تريد سوى أن ترد لهم قذفهم بمثله .

تراه يومئ برأسه صامتاً فيرتجف قلبها بذعر وهي تتبين أنها المرة الأولى التي يوافقها فيها على رأيها ..
هل ..
هل يريد القول أن ما بينهما انتهى كذلك ؟!

جسدها يرتعد بوهن تكرهه فتكتف ساعديها بقوة وهي تتلفت حولها ..
يهيأ إليها أن عيون المارة جميعاً قد التصقت بها ..
المسرح الكبير يتسع ويتسع ..
النظرات لا تزال تقذفها بسهامها ..
وهي ..
هي وحدها !!

_اسمعيني لآخر مرة .
يقولها بنبرة غريبة على أذنيها ..
"كفنٌ أسود" يملأ ناظريها منذراً بدفن ميت لن يبعث ..
منذ متى يكون الكفن أسود؟!
فقط ..عندما تلحق الميت لعنته ..
وحبهما لا يفتقر لهذا !!

دموعها تغرق وجنتيها من جديد ..
تحرقها بهذا الألم الكاوي ..
لكنها لا ترى سوى ستار "المسرح الكبير" يسدل ببطء ..
فتكره أن يكون مشهد ضعفها هو النهاية !!

_مش هاسمع منك ولا كلمة غير لما تطلقني .

يهيأ إليها أنها تسمع "تصفيق الحضور" إعجاباً بهذه القوة ل"المرأة الناقصة" ..
لكن كلمته تهوي فوق رأسها كمطرقة ثقيلة :
_انتِ طالق!

تغمض عينيها بقوة وأصابع قدميها عبر صندلها المكشوف تتشبث بالأرض تحتها بقوة كأنها تتأكد أنها واقفة ..لم تقع !
لكنها على "المسرح الكبير" كانت ترى نفسها ساقطة على ظهرها ..
الستار مسدل ..
وصياح الجماهير المستاءة يذم آداءها الفاشل ..
الأضواء العلوية تبدو لها كعيون وحوش غاضبة ..
ثم صمت ..وصمت ..وظلمة !

_ممكن دلوقت تسمعيني !

هل كان يسأل أم يرجو ؟!
لا يهم ..لم يعد يهم ..
هو فعلها !

_انت طلقتني؟!
تشير نحوه بسبابتها بعينين زائغتين كأنها لا تصدق ..
فيغمض عينيه بقوة عن صورتها ليتجاهل سؤالها قائلاٌ :
_معاك حق تستغربي ..لو كان حد قاللي إني ممكن أفرط فيكي قبل ماروحي تفارقني كنت قلت عليه مجنون ..بس الحقيقة إن كل واحد فينا دلوقت بيموت التاني بالبطيئ ..انتِ عايزة تعاقبيني بإنك تحرميني منك ..وأنا هاسمحلك تعاقبيني يمكن ساعتها ترجعي لنفسك .

لكنها لم تبدُ وكأنها سمعت شيئاً مما يقول ..
فقط سبابتها كانت لا تزال على ارتجافتها تتمتم من جديد :
_انت ..طلقتني؟!

يفتح عينيه على دمعة مختنقة احترقت بها مقلتاه وهو يتشبث بكفيه في موضعهما من مقدمة السيارة كأنه يجاهد نفسه كي لا يضم خوفها هذا كعهده ..
لم يعد يثق في قدرته على منحها أي شيئ سوى الألم !
وكذلك هي !

_هاقولهالك ألف مرة أنا غلطت ..بس انتِ غلطتِ قبلي ..ليه مش عايزة تعترفي ؟! ليه مصرة تدبحينا سوا بالشكل ده ؟!

_انت ..طلقتني؟!
كأنها نغمة مبرمجة ثابتة تتردد على لسانها بصخب يمنعها سماعه ..
عيناها الزائغتان تميزان طفلاً صغيراً يسير وسط والديه في الطريق فترفع نظراتها لأمه ..
تراها بعينها ضمن جمهور "المسرح الكبير" تلعنها بنقصها متشفية في فقدها ..

لكنه كان يستشعر كل هذه الفوضى بداخلها ..
كل هذه النيران التي حذرها يوماً منها فلم تستجب زاعمة أنها ستمنحه الكمال ..
والآن يقف كلاهما على رصيف يأسه خاوي اليدين مفلساٌ يتسول بقايا عهد عشق مضى!

يعتدل في وقفته أخيراٌ ثم يقترب منها خطوة لكنها لم تكن تشعر بأي قرب ..
تشم رائحة عطر هي من اختارته يوماٌ ..
ترى ثياباً هي من انتقتها له ..
خصلات شعره هذه هي من اختارت له من يقصها ..
ذقنه الحليقة هي من اختارت نوعية ماكينة الحلاقة ونوع ال"كريم" ..
حتى ملامحه هذه هي من منحتها الوهج يوماٌ ..
هو لها ..ملكها ..يخصها ..كيف يمكن أن يزعم يوماً أحدهم شيئاً غير هذا ؟!

_أنا ماشي بس انتِ عارفة هترجعيلي إزاي ..ده لو كنتِ لسة عايزة ترجعيلي .
يقولها بعتاب متحسر وهو يلقي عليها نظرة أخيرة قبل أن يتحرك ليغادر تلاحقه نظراتها المصعوقة ..
لقد فعلها حقاٌ!
كيف استطاع ؟!
هل كان الحبل بينهما واهناً حقاً كما يزعمون ؟!
وماذا سيقويه؟!
إذا كانت هي لن تحمل طفله يوماٌ ؟!

تترنح مكانها وهي تشعر بالأرض حولها تدور ..

_عايزة حاجة يا ست سها؟!

صوت البواب المشفق خلفها يترجمه عقلها كشماتة ..
فتتحامل على نفسها لتركب السيارة متجاهلة عبارته ..
تنطلق بها شاعرة بتشوش الرؤية أمام عينيها اللتين لم تكونا تميزان وسط الشوارع إلا "صور الأطفال"!!
تكاد تعدهم عداً وهي تتمنى واحداً ..
واحداً فقط مثل هؤلاء يجبر كسر أنوثتها !!

رنين هاتفها يصدح فتتناوله بتشوش لتجدها صديقتها الجديدة التي أبدت انزعاجها من حالتها الغريبة لتسألها عن مكانها ثم ترجوها التوقف كي لا تقود في حالتها هذه ..
دقائق قليلة تمر بعدها ثم تلحق بها لتستقل السيارة جوارها وتضمها بين ذراعيها لتنتحب سها بصوت عالٍ فتربت هي على ظهرها ..
قبل أن تشعر الأولى برائحة غريبة نفاذة تغزو أنفها لتميز هذا البخاخ الصغير في يدها هي ..
وعيها يتسرب منها رغماً عنها فتنتظر المرأة حتى تفقده تماماً بين ذراعيها ثم تعيدها لتسندها على ظهر كرسيها برفق ..
قبل أن تتناول هاتفها لتتصل برقم ما ثم تقول بنبرة ظافرة :
_تمّ ! الحلوة معايا هاجيبها وأجيلكم .
=======
يتأمل يامن ملامحها النائمة -على الأريكة بصالة بيته- بعشق جارف وهو يرى يمنى الصغيرة جوارها مستيقظة فاتحة عينيها الواسعتين وتداعب الهواء بذراعيها مصدرة صوتها اللذيذ الذي يداعب قلبه بسحر خاص بها ..بها وحدها !

_شششش..ماما نايمة ..أول مرة ماتبقاش صاحية تستقبلني وأنا راجع من العيادة ..عملتِ فيها إيه طول النهار ؟! اعترفي!

يغلظ صوته قليلاً في كلمته الأخيرة فتقلب الصغيرة شفتيها وقد تقلصت ملامحها كأنها على وشك البكاء ..
لكنه يضحك لها ثم يداعب وجنتها بوجنته مردفاً وكأنها ستفهمه :
_دقني بتشوكك ؟! واللا بتحبيها زي ماما ؟!

والجواب يأتيه عملياً في ضحكة الصغيرة التي أشرقت ملامحها من جديد ..
ضحكة جعلته يطلق شبيهتها ثم يضمها لصدره مطلقاً تنهيدة رضا ..
قبل أن يتحرك بها نحو المطبخ القريب قائلاً:
_شكلك جعانة زيي ..تعالي ناكل سوا ..

دقائق قليلة تمر لتنتهي بهما وقد أرقدها في كرسيها المهتز واضعاً "الببرونة" في فمها قبل أن يجلس على كرسيه جوارها أمام مائدة المطبخ ليبدأ في تناول طعامه الذي سخنه لنفسه ..

_راحت أيام الدلع! عارفة مامتك اللي نايمة زي القتيل بره دي ؟! كانت زمان تستناني عشان آجي ألاقي الأكل لا سخن قوي ولا بارد قوي ..دلوقت خلاص راحت عليا ..صعبت عليك ؟!

يقولها بابتسامة لونت ملامحه وجعلت الصغيرة تفلت "الببرونة" لتضحك له ضحكة امتزجت بقطرات من اللبن فبدت له كملاك صغير ..
أزاح طعامه جانباً وهو يلتفت نحوها بكليته ليستمر في هزها برفق وعيناه تشردان في الفراغ ..
ابنه الراحل ..
ذنبه الذي لا يدري كيف سيكفر عنه ..
يستحضر صورته فيجده يشبه يمنى كثيراٌ ..
لكنه كان أكثر شبهاً به هو ، لا مزيجاً بينه وبين ياسمين كيمنى!
وسيلين التي ظلمها كذلك بشكوكه فيها بهذا الشأن !

_يمنى معاك ؟!
صوت ياسمين الناعس ينتزعه من شروده وهو يحمل ذعرها وقد استيقظت من نومها فلم تجد الصغيرة جوارها ..
فيشير لها بسبابته أن تصمت وقد أدرك نوم الصغيرة ..

ينهض ليتوجه نحوها فتعانقه بقوة هامسة :
_معلش ..كنت مقتولة من التعب ..معرفش نمت إزاي .

_لسه كنت بشتكي لبنتك ..بقوللها راحت عليا من يوم ما جت ! نسيتيني!

يهمس بها عاتباً فتبتسم وهي تحتضن وجنتيه براحتيها هامسة :
_عمري! انت أول ابن قلبي عرفه ..والأولاني دايماٌ أغلى!

يبتسم لها بهذه الطريقة التي تذيبها فتستطيل على أطراف أصابعها لتقبله بنعومة على وجنته ..ثم تبتعد بسرعة هامسة :
_هاحضر لك الأكل .
_أنا سخنته بس ..

صوت رنين هاتفها من الخارج يقاطعه فتشهق وهي تركض نحوه هاتفة :
_هيصحيها ..ما صدقت نامت .

يضحك وهو يلحق بها فيراها تفتح الاتصال لتقول بودّ:
_لوجي ..إزيك يا عروستنا ؟! واللا نقول يا مامي خلاص مادام الرؤيا ثبتت ؟!

يبتسم بود مشابه وهو يقترب منها أكثر لكنه يعقد حاجبيه وهو يرى ملامح ياسمين تتغير بينما صوت لجين المنفعل يصله بوضوح:
_عابد جالك ؟! سافر القاهرة النهارده الصبح وماقالليش ليه ..ومن ساعتها بكلمه تليفونه مقفول .

_لا ..ما شفتوش ولا كلمني .
تقولها ياسمين بقلق لتهتف لجين بارتباك:
_لو جالك أو عرفتِ أي حاجة كلميني !

تغلق معها الاتصال ثم تلتفت نحو يامن الذي كان يحاول الاتصال بعابد بدوره لكن النتيجة كانت كما هي ..
الهاتف مغلق!
=======
سيارة ناصر تنهب الطريق نهباً نحو المكان الذي أخبروه أنهم سيكونون فيه ..
ظلمة الليل حوله تكاد تضيئ من شعلة عينيه الهائجتين بغضب وهو يتذكر المكالمة التي وصلته منذ قليل ..

_سها عندنا ..تعال خدها بس لوحدك ..أي حركة غدر انت فاهم ممكن توصل لإيه ..
_عايزين إيه ؟!
_لما تيجي هنتفاهم ..أكيد مش هنختلف.


كالمجنون ظل بعدها وهو يهاتف والدتها لتخبره أنها لم تعد للبيت منذ خرجت..
حاول التقصي عن مصدر المكالمة لكنه لم يصل لشيئ ..
لم يحتمل مخاطرة أن يبلغ أحدهم أو يطلب عوناٌ وقد أدرك أن من يختطف زوجة ضابط شرطة لن يكون بهذا الغباء ..
بل من المؤكد أنه يستند لدعم قوي .
سينفذ له ما يريدونه ربما كان الأمر فقط مجرد فدية مالية ؟!
فدية مالية!!

الخاطر الأخير بدا له ساذجاً بل شديد السذاجة خاصة وهو يوقن أن طبيعة عمله تجعل له الكثير من الأعداء ..
لكنه كذلك كان يوقن أنه سيدفع أي ثمن كي يعيدها هي سالمة !!

يصل للمكان المطلوب على الطريق الصحراوي فيركن سيارته أينما أخبروه ثم يتوغل في الصحراء المجاورة نحو ما يشبه بيتاً خشبياً كانوا قد وصفوه له ..
يدور حوله مستكشفاً لدقائق وهو يمسك مسدسه في وضع متحفز ثم يقترب من النافذة المضيئة يمد رأسه ببطء نحو الداخل متفحصاً المكان الذي تبين أنه خالٍ تماماً قبل أن ..

صوت انفجار قريب يشق سكون الليل حوله فيكاد قلبه يتوقف انفعالاً وهو يصرخ بجنون:
_سها!

لكنه يتبين أنها سيارته هو تشتعل من بعيد في مكانها فيدرك أن الأوغاد قد فعلوها ..
يشعر بشيئ ثقيل يهوي على رأسه من الخلف فيلتفت بسرعة مصوباً مسدسه نحو من أمامه ..
لكن ضربة أخرى تهوي أثقل من سابقتها فتطيش رصاصته ليسمع صوتها مزلزلاً في أذنيه ..
وقد كان هذا آخر ما وعاه قبل أن يفقد وعيه تماماٌ وقلبه يخفق باسم واحد لم يعد يعنيه غيره ..
سها!
========
_ما تقلقيش يا لجين ..هيظهر بإذن الله !

يقولها إسلام وقد تحلقوا جميعاً حول لجين الباكية في صالة بيت ثمر ..
نبرته القلقة تناقض الطمأنينة التي يحاول بثها فيها ..
ليهتف هيثم جواره بجزع:
_معقول ما قالكيش أي حاجة عن نيته قبل ما يسافر ؟!

_قال مشوار مهم وهايقوللي لما ..لما يرجع .
تنتحب من جديد مع كلمتها الأخيرة وهي تهز رأسها فتربت ياقوت على أحد كتفيها بينما تربت رابحة على الآخر ..

_يارب ما تسوءني في "ولادي" يارب ..ولادي يارب!

تهتف بها ثمر بحرارة رافعة كفيها في وضع الدعاء فتلتفت ياقوت نحوها والدموع تتكدس في عينيها ..
ثمر كانت دوماً تقولها "بناتي" ..
والآن تضيف إليها عابد موحية أنه قد صار يحمل لها نفس المكانة ..
قلبها يخزها بقوة وهي تستحضر صورة زين ..
كعهدها يكون أول من يخطر بالها عندما تريد الشعور بالأمان ..
لهذا انسلت خفية من بينهم لتتوجه نحو غرفتها وتتناول هاتفها كي تتصل به وما كادت تسمع صوته حتى انهارت مقاومتها لتنتحب بقوة فيهتف بها بقلق:
_مالك يا ياقوت؟!
صوته الحنون المهيمن كان وحده يكفيها ليمنحها بعض الأمان الذي يهدهد خوفها لكن بكاءها لم ينقطع بعدها للحظات كادت تطير صوابه وهو يعاود هتافه بجزع أكبر:
_ردي عليا ..انتِ كويسة ؟! الحاجة كويسة ؟!
تمالكت بكاءها بصعوبة لتشرح له الوضع بخفوت شديد وبكلمات سريعة فاستغرق لحظات ليستوعب قبل أن يسألها :
_انتو شاكين إن الجماعة اللي كان متورط معاها هم اللي ورا اختفاءه ؟!
_ده إحساسي ! عابد مالوش عداوات ..وإسلام خلى معارفه يسألوا عليه في الأقسام والمستشفيات مفيش خبر عنه ..
_طب اقفلي دلوقت ..هاعمل اتصالاتي وأحاول أوصل لحاجة ..طمني الحاجة ثمر ..وما تخافيش .
يقولها باقتضاب ثم يغلق الاتصال فتتنهد بحرارة وهي ترفع عينيها في دعاء مبتهل ..
قبل أن تمسح وجهها كي لا تخرج على ثمر بهذه الدموع ..
لكنها تفاجأ بكف إسلام على كتفها يسألها بابتسامة شاحبة :
_بلغتيه التقرير ؟!
تلتفت نحوه بسرعة لتصطدم بعينيه الدامعتين المناقضتين للمرح الشاحب بعبارته ..
فتضمه إليها بقوة وهي تشعر بحاجة كليهما لهذا العناق مغمغمة بين دموعها :
_يمكن يقدر يعمل حاجة ..لو عابد جراله حاجة أختك هتروح فيها !
فيزدرد ريقه بتوتر وهو يسألها :
_انتِ شاكة في اللي أنا شاكك فيه ؟!
ترفع إليه عينيها بنظرة وجلة وكلاهما يصل لهذا الحدس أن شأن اختفائه مرتبط بهذه الجماعة التي كان ينتمي إليها ..
فتومئ برأسها لتقول بخفوت:
_الغريب لو كانوا هم ..ليه استنوا يرجع مصر ؟! ماهو كان في ماليزيا ؟!
_يمكن حاولوا هناك وما عرفوش ..ويمكن ..
_يمكن إيه ؟!
_مش عارف ..دماغي واقف مش قادر أفكر ..بقول يمكن ..

رنين هاتفه يقاطع كلامه فيتناوله بسرعة وقد رآه رقم أشرف ..
ولا يدري لماذا انتابه حدس ما أنه قد استعان به ودياً كما فعل المرة السابقة مع ريما ..
لهذا فتح الاتصال بسرعة وما كاد يفعل حتى وصله صوت أشرف اللاهث:
_ناصر موبايله مقفول رحت له مكتبه لقيت الداخلية مقلوبة ..هو ومراته مختفيين ومحدش يعرف مكانهم ..المصيبة أنهم شاكين في عابد وفاكرينه لسه تبع التنظيم إياه لأن ناصر من كام يوم كان طالب تحريات عنه !
=======
صداع غريب يكتسح رأسه فيحاول تمسيد جبهته لكنه يشعر بيديه مكبلتين ..
كذلك قدميه كانتا مربوطتين بإحكام جعله يشعر بتنميل خفيف فيهما ..
يحاول فتح عينيه لكنه يشعر أن جفنيه ثقيلين كجبلين ..
هو مربوط على كرسي ما ..
لكن أين هو؟!
رائحة عطنة تتسلل لأنفه فتتغضن ملامحه وهو يحاول إرهاف سمعه ..
صوت بكاء امرأة جواره يجعله يرهف السمع أكثر ليصله همسها المتحسر باسمه ..

_سها!
يفتح عينيه فجأة بهتافه كأنما استعاد وعيه فجأة لينقبض قلبه بترقب وهو يراها أمامه مقيدة مثله على كرسي ..
وجوارها ..
عابد !
زوج أخت إسلام الذي كان يريد جمع معلومات عنه ظناً منه أنه لايزال متورطاً مع هذا التنظيم ..
لكنه مقيد مثلهما على كرسيه !
ما الذي يحدث هنا؟!

_حمداً لله على سلامة الباشا ..ألف لا بأس عليك !

الهتاف القاسي المتشفي يشق الصمت فجأة فيلتفت نحوه بحدة زادت من وجع رأسه لكنه يميز ملامح الرجل ..
إنه ابن زعيم العصابة الذي أرداه قتيلاً في عمليته الأخيرة ..
هذا يفسر الحكاية كلها إذن ..
يريد الانتقام لأبيه لكن ماذا عن عابد ؟!

_معلش المكان مش قد المقام ..بس احنا هننقلك لحتة أحسن بكتير ..فوووق ..هه ؟!

يهتف بها الرجل بلهجة قميئة ساخرة وهو يشير للسماء ضاحكاً بتهكم ..
فيعقد ناصر حاجبيه وهو يختلس نظرة جانبية نحو سها المنهارة ليقول بصوت لم يفقد بأسه :
_سيبها هي ..تارك خده مني أنا .
_تاري هاخده م الكل يا باشا ..ما تشغلش بالك انت ..خسارة إنك مش هتشوف اللي هيحصل ..بس أنا مايخلصنيش ..هاحكيهولك لقطة لقطة ..

يقولها الرجل ببطء متشفّ قاسٍ قبض قلب ناصر أكثر خاصة والأول يردف مشيراً حوله :
_الأول أعرفك احنا فين ..احنا في محطة مَية ..
ثم يميل عليه ليردف بنبرة أكثر خطورة :
_في سينا!

_سينا!
تصرخ بها سها بلوعة وقد بدت هي الأخرى جاهلة تماماً بما حدث لها بعد فقدانها الوعي في سيارتها ..
بينما كز ناصر على أسنانه وهو يود لو يكون حدسه مخطئاً ..
لو لا يكونوا حقاً بهذه الدناءة !!

_ماذا يحدث هنا؟!
صوت عابد القلق ينبعث أخيراً وهو الآخر لا يفهم ما الذي يجري حوله ..
لقد جاء إلى القاهرة بعد مكالمة هاتفية من أحدهم ذكر له أنه كان صديق أبيه الراحل ويطلب منه أن يسلمه شيئاٌ قد تركه له ..
لم يشك بالرجل خاصة وهو يعرف أن والده حقاً له صديق مقرب بهذا الاسم ..
لكنه ما كاد يصل للشقة التي ذكر له عنوانها ويستقبله العجوز حتى فوجئ بغطاء ثقيل يسقط على رأسه وبخبطة قوية أفقدته وعيه الذي لم يسترده إلا هنا !
_لا ده انت بالذات نجم الحفلة ..الكبير محضر لك مفاجآت هتعجبك قوي .

يهتف بها الرجل بسخرية قميئة مخاطباً عابد الذي هتف به وهو يحاول تخليص معصميه من قيودهما دون جدوى :
_من تقصد ؟!

_أنا يا محمد ..هل نسيتني؟!

صوت "الصقر" الذي صدح فجأة يخلع قلب عابد وهو يتذكر ماضيهما المشترك ..
لا ..لا يصدق أن يعيش هذا الكابوس من جديد ..

يقترب الصقر منه فيغوص قلبه في ضلوعه أكثر وأكثر ..
كيف ظن يوماً أن قلباً بهذا السواد قد يعينه في طريقه إلى الجنة ؟!
كيف ظن يوماً أن عينين بهذه القسوة قد بكيتا من خشية الله ؟!
بل كيف ظن يوماً أن يداً تمسك السلاح لتزهق به الأرواح هي يد ارتفعت بدعائها للسماء؟!

_مرحباً بالابن الضال ..لا تعرف كم انتظرت هذه اللحظة كي أعد لك المصير الذي تستحقه كي تكون عبرة لمن ينشق عنا ..المرتد حده القتل كما تعلم أيها الشيخ !

القسوة الباردة تقطر من حروفه فيبتسم الرجل الأول بشراسة ملوحاٌ بذراعيه حوله قائلاً:
_كده قشطة قوي ..كلنا اتعرفنا على بعضينا ..أنا عن نفسي ماليش تار غير مع حضرة الظابط ..هاخللي الدنيا كلها تتحاكى عن جزاء اللي قتل أبويا ..

ثم يستخرج مسدسه من جيبه ليصوبه نحو ناصر مردفاٌ بغلّ:
_ودي دفعة تحت الحساب !

صرخات سها الملتاعة تدوي في أذنه مع هذا الألم الرهيب الذي شعر به في ساقيه إذ أطلق عليهما ذاك الوغد رصاصتين متتاليتين ..

يكز ناصر على أسنانه مقاوماً الصراخ فيتفصد جبينه عن عرق غزير مع ارتجافة جسده لكن الرجل يعاود الانحناء نحوه هاتفاً بنبرة تقطر كراهية :
_ماسك نفسك ليه يا باشا ؟! صرّخ وقول إنك بتتوجع ..يمكن ناري ع المرحوم تبرد شوية !
لكن ناصر يبصق في وجهه فجأة فيتراجع ليمسح وجهه وعيناه تقدحان الشرر ..
قبل أن يتوجه نحو سها ليجذبها من شعرها فتصرخ من جديد مع هتاف الوغد :
_ما كنتش عايز أعملها بس عشان حركتك دي هاوريك فيلم هيعجبك قوي .
يقولها وهو يدفع كرسي سها ليسقط أرضاً بها فتتوالى صرخاتها وهي تحاول تحريك قدميها ويديها المربوطة دون جدوى ..
قبل أن يمد يديه يمزق عنها ملابسها لكن صوت "الصقر" يعلو صارماً :
_توقف ..لم يعد هناك وقت .

تلتفت العيون كلها مع عبارته نحو الناحية التي أشار إليها لتتعالى شهقات عابد وسها بينما يزداد ارتعاد جسد ناصر وهو يعقد حاجبيه بمزيد من ألم ورعب ..

فهناك على أحد الأعمدة كانت قنبلة مثبتة يشير توقيتها الزمني أن ما تبقى على انفجارها هو ثلاثون دقيقة فحسب !

_لعنكم الله ! لعنكم الله !

يصرخ بها عابد بقهر وهو يحاول تخليص نفسه من قيوده فيلتفت نحوه الصقر بعينيه الحادتين مزاولاً ما يجيده :
_الله لا يلعننا ..الله ينصرنا لأننا جنده ..وأنت ومن مثلك تستحقون أن تذوقوا نار الدنيا قبل الآخرة .

_كفاك كذباً ! لم نعد في واحدة من محاضراتك الآثمة التي تقلب فيها الحقائق وتزور فيها الدين .
_أي دين أيها الشيخ ؟! دينك غير ديني ..ديني يضعني دوماً على القمة منتصراً بينما دينك لا يورثك سوى المهانة والهزيمة ..
ثم يمسك ذقن عابد يهزها بقوة مع استطراده المفعم بالكراهية :
_بعد نصف ساعة فقط ينفجر هذا المكان بمن فيه ..انشققت أنت عنا لكن هذه العملية ستحمل توقيعك أمام الجميع ..وبينما يكون انتباههم كلهم مسلطاٌ هنا ..نكون نحن هناك حيث هدفنا الآخر الأكثر دوياٌ ..
تتسع عينا عابد بارتياع مع هذه التفاصيل ليصرخ بحرقة مع استطراد "الصقر":
_مدرسة (....) الابتدائية !

_مدرسة أطفال يا ولاد ال"....."!!
يصرخ بها ناصر كأسد حبيس وهو يشعر أنه على وشك فقدان وعيه ألماً ..
لكن الصقر تجاهله تماماّ موجهاً كلامه نحو عابد :
_كلما كان الهدف أكبر كلما كان الصيت أعلى دوياٌ ..أرأيت قيمتك عندي أيها الشيخ ؟! عملية ضخمة ستخلد باسمك أنت ..مُت قرير العين يا رجل .

يقولها ليترك ذقن عابد بعنف فيصرخ الأخير بحرقة :
_أطفال !! أطفال أيها الوحوش!!

لكن صرخاته لا تلاقي أي صدى بينما الرجلان يرمقانهم بنظرة شامتة أخيرة قبل أن يركضا ليغادرا المكان الذي أوشك أن يتحول لقطعة من جحيم ..

_ناصر !
تصرخ بها سها بانهيار وهي عاجزة عن الحركة مكانها فيهتف بها عبر أنّات ألمه المكتومة التي جعلت صوته لاهثاً :
_ما تخافيش ..
ثم يتوجه نحو عابد مخاطباً :
_أنا آسف إني شكيت فيك في الأول ..كنت فاكرك معاهم ..المهم دلوقت هم رابطيننا بحبل بلاستيك مش هنعرف نفكه ..الحل الوحيد إنك تتحرك بالكرسي لحد العمود اللي هناك وتحاول تكسر دراعاته ..بسرعة يا عابد ..

يتحرك عابد بالكرسي كما طلب منه بصعوبة حتى يصل للعمود القريب فيضرب به الحائط محاولاً تكسيره لكن الأمر لم يكن يسيراّ ..
_كمان يا عابد ..اضرب أجمد ..دراع واحد بس يتفك وهتنجح .

فيحاول عابد من جديد تركيز قوة دفعه على مسند الكرسي الذي بدا ملتصقاً به وهو يخبطه بعنف أكبر في الحائط من جديد مرة تلو مرة ..
حتى تهشم مقعد الكرسي ليشعر بذراعه يتحرر ..فيهتف لاهثاّ:
_الحمد لله !

_الصفيحة اللي هناك دي ..اتصرف بغطاها وفك نفسك وسها .

لم يكن الفعل سهلاً كالقول لكن عابد يفعلها أخيراٌ بقبضتين صار الدم يتفجر منهما بغزارة ليحرر نفسه وسها ..
قبل أن يتحرك نحو ناصر محاولاً تحريره كذلك ..
لكن ناصر يشير بعينيه نحو القنبلة هناك قائلاٌ بصوت لاهث وهو يكاد يفقد وعيه :
_ماعادش غير عشر دقايق والمكان ينفجر ..مش هاتقدروا تتحركوا بيا وأنا كده ..سيبوني وامشوا .

_لا ..لا ...مش هاتحرك خطوة من غيرك !
تصرخ بها سها بانهيار وهي تنكب فوقه بجسدها لكنه يكتم صرخة ألمه بصعوبة قائلاً بسرعة جعلته يلهث :
_لازم تخرجوا من هنا عشان تبلغوا عن المدرسة المقصودة ويلحقوا ولاد ال"..." قبل ما يعملوها ! انتو الأمل الوحيد دلوقت !

يتجمد عابد مكانه وهو ينظر لساقي ناصر المصابتين شاعراّ أنه في صراع رهيب ..
لن يستطيع تركه وحده هنا ..
لكن انفجار القنبلة لن يحتاج سوى لدقائق ..
إنها ليست حياته وسها وحدهما ..بل حياة مئات من الأطفال على الجانب الآخر ..

_مفيش وقت يا شيخ ..اخرجوا بسرعة واتصل بالرقم ده (....)...ده خط ساخن هيوصلك باللي هيقدر يتصرف ..خدها وامشوا بسرعة ..

يتحدث ناصر بعجلة تناسب ضيق الوقت عبر أنفاسه اللاهثة وقد تحول وجهه لبركة من عرق ..

_لا يا ناصر ..سيبه هو يمشي وأنا هافضل معاك ..مش هاسيبك .
تصرخ بها سها وهي تحاول تحرير قيوده لكنه يصرخ بها بحدة :
_المدرسة يا سها ! اعتبري كل طفل فيهم ابننا اللي ما خلفناهوش ..روحي معاه واعملوا اللي تقدروا عليه ..خدها يا عابد ..أنا اللي بقوللك خدها واجري بسرعة من هنا ماعادش وقت..انت لسه ماتعرفش هتخرج من هنا إزاي ..

تنهمر دموعها غزيرة وهي تتشبث به فيغمض عينيه بقوة ليهمس لها :
_قولي للحاج أنا آسف ..كان نفسي أحقق أمله وأجيب له اللي يشيل اسمه عشان كنت عامل حساب يوم زي ده ..بس اللي هو مافهموش إنك انتِ ..انتِ كل ولادي !

_أنا آسفة ..أنا آسفة ..
تصرخ بها بين دموعها وهي تتشبث به أكثر لكنه يصرخ بعابد بحدة :
_خدها وامشي ..ياللا ...

فيتحرك عابد بسرعة ليبعدها عنه فتقاومه صارخة :
_سيبني معاه ..هنموت سوا زي ما عشنا سوا ..سيبني ..
_خدها وابعد !
يصرخ بها ناصر من جديد وهو يشعر أن المرئيات تهتز أمامه منذراٌ بفقدان وعيه ..
فيتحرك عابد بها يكاد يجرها جراً تحت صرخات مقاومتها ..
قلبها يكاد يتوقف رعباٌ وهي لا تميز حقيقة من خيال ..
لا ..هذا ليس واقعاٌ ..إنه كابوس ..

تصرخ باسمه بهستيرية وهي تتشبث بصورته التي تتباعد ..
كذلك هتافه المتكرر يتلاشى رويداٌ رويداّ مع ابتعادهما :
_المدرسة ..ولادنا يا سها ..ولادنا ..ولادنا ..

صوته يغيب عن أذنيها أخيراّ وهي عاجزة عن إدراك الوضع ..
تشعر بذراعي عابد تكبلانها بقوة تمنعها العودة إليه وهو يتحرك بها غير مدرك لأبعاد المكان ..

_يارب سلم ..لا إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ..يارب يارب ..

يهمس بها سراّ مع خيط من الدموع عجز أن يمنعه وهو لا يعرف كيف يغادر المكان ..
لم يشعر بالعجز في حياته كما يشعر الآن وهو يترك الرجل خلفه يعاني مصيره وحده لكن ما حيلته ؟!
يستجيب لحدسه وهو يتحرك بها عبر أروقة متداخلة ليجد نفسه معها أخيراّ في العراء ..
صحراء واسعة مظلمة قاسية كقسوة قلوب اختبرها لتوه ..


يتلفت حوله بخوف محاولاٌ البحث عن مساعدة وهو يشعر بها تكاد تسقط فاقدة لوعيها بين ذراعيه ..فيهتف بها لاهثاٌ برجاء:
_بالله عليكِ لا تحملينا ما لا نطيق ..اجري معي ..لا تدعي تضحيته هو هذه تذهب هباء !

تقف مكانها شاخصة البصر كالميتة لاهثة كمن تكاد تفقد روحها ..
لا تبدو كأنها تعي شيئاٌ مما يقول لكنه يجذبها من ذراعها ليجبرها على العدو معه مبتعديْن عن المكان ..

وأخيراٌ ..
صوت انفجار!!
صوت انفجار يدوي خلفهما ويجعلهما يسقطان على وجهيهما فجأة لتشعر بمذاق الرمل المبلل بالماء والدم في فمها ..
وبمذاق حارق كاوٍ في روحها كلها ..
تلتفت خلفها غير مصدقة فترى ألسنة اللهب تبدو كأذرعة وحوش ..
وفوقها دخان أسود كثيف يرتفع للسماء فيبدو لها وكأنه يرتفع بروحه معه ..
_ناااااااصر..

صرختها تدوي وسط سكون الصحراء فيردها الصدى أضعافاً ..
قبل أن يفرض الصمت المهيب نفسه و الفقد الغادر يبسط جناحيه القاسيين حولها ..
فلا كلام بعد ..ولا ندم ..
======
انتهى الفصل الثاني والثلاثون


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-19, 06:23 AM   #1163

Asmaa Shehata

? العضوٌ??? » 430503
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 373
?  نُقآطِيْ » Asmaa Shehata is on a distinguished road
افتراضي

لأ بجد كده كتير 😭😭😭😭😭
إيه القفلة دى يا نيمو مكنش العشم 😢😢😢
ناصر مااات
يعنى تبدأ بجوازة وتنتهى بجنازة
الفصل جميل أوى ومحزن أوى أوى أوى أوى أوى


Asmaa Shehata غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-19, 06:39 AM   #1164

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,963
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخير تسلم ايدك فصل زاخر بالأحداث المرحة لتتصاعد لأحداث مشوقة ومحزنة
مع كل لومي لناصر بس حدا هالأد مخلص بشغلو وبحبو
وسها راح.كون قاسية عليها لأنو من البداية كانت المسؤولة عن كلشي صار ولما الخيوط بلشت تفلت منها فقدت أعصابها وبرأت حالها من أفعال كانت شريكة ناصر فيها واتبعت تهورها ياللي وصلها ووصل ناصر للفخ شكرا نيمو للحلوة وناطرين الفصل القدم على أخر من الجمر


Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-19, 06:43 AM   #1165

بودي ريمي

? العضوٌ??? » 423161
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 39
?  نُقآطِيْ » بودي ريمي is on a distinguished road
افتراضي

الفصل نهايته رهيبة مش قادرة اتخيل إن دى نهاية ناصر
قلبى واجعنى أوى وأنا بتخيل آلاف منهم بيموتوا عشان يحمونا وخايفة ع الاولاد إللى فى المدرسة😥😥😥😥


بودي ريمي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-19, 07:19 AM   #1166

amira_adel

? العضوٌ??? » 271425
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 254
?  نُقآطِيْ » amira_adel is on a distinguished road
افتراضي

ايه اللي حصل ده يا ست الكل !!!!!
ليكي حق تختفي في الصومعة طول الاسبوع .. انا حاليا نفس صورة هاني رمزي اللي في البوست.. ده احنا اتضربنا في خلاط😑

طيب استهدي بالله بعد الانفجار ده و اجيب من الاول ..
عابد و لجين .. عندك حق ينزل لوحده قبل الفصل .. مشهد لكل تفصيلة فيه معني ..
عابد الله علي جمال حكمته في التعامل مع الموقف .. ازاي وصل للجين دعمه و حبه و شعور بالامان و المساندة و عدم اللوم و الجلد .. ازاي عري ذنبه مع ذنبها انها مش لوحدها اللي عندها قصور و انه محتاج دعمها له زي ما هي محتاجاه .. روعته و هو بيوصفها بالبطلة اللي بتجاهد نفسها .. احتواؤه ليها في حضنه .. طمأنته ليها انه هيلاقي العقد و يرجعه.. وصفه ليها انها الجانب الابيض منه و هو الجانب الأسود وصف رائع ..

وصف لجين لعقدتها و سببها و ازاي كانت بتشوف الناس في صورة حسين .. قد إيه المرض النفسي مؤذي و لا ارادي.. و ازاي مش مفروض نحكم علي انسان عاش حاجه معشنهاش .. لكل إنسان تاريخ بيحكم تصرفاته السوية و المرضية و الحكم السطحي منتهي الظلم .. من رحمة ربنا بينا انه هو بس اللي بيحاسبنا هو اعلم بكل نفس و هو ارحم ❤
والدة عابد و هي بتهدي ياسمين العقد .. مكافأة ربنا الفورية للجين علي جهادها لنفسها و ثباتها علي الطاعة و تقدير نعم ربنا عليها ..
عابد و بره لامه لما بدأ انه قبلها أولا لفتة جميلة 🌼

مشهد لجين و ياقوت و ثمر دافي .. بهجة و راحة بعد طول شقاء و ابتلاء و تعب في الدنيا من ماضي مخجل ملهمش ذنب فيه .. الوصول لبر السعادة اللي يستحقوها .. كلام ياقوت مع لجين .. في بداية علاقتها بزين كانت في غاية التكتم حتي عن اختها .. اما حاليا كلامها عنه بفخر بيقول قد ايه اتطمنت و وثقت فأعلنت حبها و سعادتها للدنيا ..
ثمر .. ذهابها لفرح اسلام و امتنانها ناحيته .. ست تصون الجميل و تعرف الواجب و الأصول .. حمل لجين و فرحتهم بيه .. افتقادهم للسند الذكوري مش عن ضعف لكن للعزوة .. الله علي جمال المشهد
رسالة زين .. مش اي حد يقول أي كلام برضو .. نوع الشعر اللي منقيه .. هو في كده ❤

فرح نشوي و اسلام .. اسلام❤ تفاصيل الزفاف .. فستانها المبهج و اللي زي فستان ريما .. العربية اللي مزينها بالزهور .. قاعة الاحتفال .. فرحة والدته بيها .. حقق لها اللي اتمنته و اللي افتكرت في وقت من الأوقات انه مش ليها.. خرجها من الجمود و الذبول اللي كانت فيه ..خلاها ازهرت و نورت .. جمالها الداخلي انعكس علي جمالها الخارجي .. خرج منها خفة الروح و الفرحة اللي من قلبها 💗💗
المشاعر اللي بين جيلان ناحية ياقوت و ثمر و لجين طبيعية حتي لو كانو ضحايا.. .. محاولتها للسلام عليهم ثم تراجعها بتقول ان مشاعرها غصب عنها مش عنجهية او تعمد .. بس يكفي ياقوت و لجين الخروج بأخين زي اسلام و هيثم .. وصفك للصورة الرباعية راااائع
هيثم و وجعه بوجع.. مش عارفة قصتهم كده خلاص و لا لسه في حاجه مقالتش .. اتمني و ان كنت مش عارفة اتوقع هيحصل ايه ( كالعادة يعني 😅) ..
زين .. تعبيره عن حبه مميز لانسانة مميزة 💙 حرام عليك يا اسلام اللي عامله في الراجل ده .. ده انا هفرح في اللي هعمله فيك بعد كده ..

سها .. مشاهدها كلها تخبط و ألم و يأس .. خربت حياتها و حياة ناصر .. العند و الثورة وصلو الذي كبير و خطأ التغاضي عنه صعب خصوصا مع انتشار صورها و ضغط والد ناصر عليه .. ناصر لما طلقها جايز ده يرجعهاله كان عنده حق . هي كانت محتاجه تتصدم الصدمة دي عشان تبطل تأذي نفسها و تأذيه ..وصفك احساسها انها في مسرح و الناس بتتفرج عليها أبهرني..
انواع الصديقات اللي حواليها.. اما اصدقاء منافقين خايفين علي حياتهم منها و شايفينها مادة للشفقة و اما صديقة مثل الافعي بتسمعها اللي عايزة تسمعه لغرض دنئ ..
سامر .. مبقتش عارفة سامر و ريتال و لا سامر و نجلاء .. لاااازم جزء تالت بقي 😀

يامن و ابنه .. احييكي علي تذكرك لانهاء كل تفصيلة من كل قصة النقطة دي من الفصل الأول و هي في بالي بس نسيتها مع زخم الأحداث

المشهد الأخير💣💥🏃‍♂️🏃‍♀️🙏 عرضتي فكر الجماعات المتطرفة اللي متعرفش عن الإسلام اي شئ .. و لا يعرفوا حرمة نفس و لا دم و لا اطفال و شايفين نفسهم الاعلي و الاحسن و اللي هيفوزوا في الاخر بعد كل الإجرام ده شرح لفكر حقير دموي للاسف عايشينه بكل قبحه حاليا .. يا ريت حد يكون لحق ناصر و نخرج بسلام من الموقف ده ياكش سها تعقل بقي ✋متفجر و نهاية قوية جدا ازاي هستني للفصل الجاي 😓

اسلام ايدك و موهبتك 💙💙


amira_adel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-19, 07:59 AM   #1167

حناان محمد

? العضوٌ??? » 373975
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 516
?  نُقآطِيْ » حناان محمد is on a distinguished road
افتراضي

مش قادرة اقولك عيطت قد ايه
كتت عارفة ان ناصر هو اللى هيموت
ناصر مات شهيد
يمكن سها تفوق من الضربة دى
قلبى وجعنى اوى اوى
الفصل بدايته فرح ونهايته موت
حبيبتى نيمو سلمت اناملك
فصل روعة


حناان محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-19, 08:25 AM   #1168

ايات يوبو

? العضوٌ??? » 370685
?  التسِجيلٌ » Apr 2016
? مشَارَ?اتْي » 304
?  نُقآطِيْ » ايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond reputeايات يوبو has a reputation beyond repute
افتراضي

ليه يا نيمو كده مات بجد

ايات يوبو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-19, 10:39 AM   #1169

ponopono
 
الصورة الرمزية ponopono

? العضوٌ??? » 129151
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,099
?  نُقآطِيْ » ponopono is on a distinguished road
افتراضي

انتي كاتبه متمكنه جدا من ادواتها وبجد مش عارفه اقول فيكي ايه الفصل رائع جدا انك تخدي من وقتك ووقت عيالك وبيتك وشغلك وتكتبي عشان توصلي رسايل كتير اوووووي طول مانتي بتكتبي فده لوحده يستحق اننا نقولك جزاكي الله خيرا
طبعا عارفه ان رضا الناس غايه لاتدرك فانتي طول مانتي ماشيه بعد القفله دي هتلاقي اللي بيهاجم واللي بيدافع من باب الحب مش الكره
وانا لاني معاكي عالجروب وعارفه حساسيتك ومشاعرك المرفهه كويس بقولك بالله عليكي متزعليش لو لقيتي رد الفعل مش زي منتي منتظراه
بصي انا مش عارفه هتشوفي تعليقي ده ولا لا بس حابه جدا انك تعرفي ان كل كلمه بتكتبيها بتفرق وبتوصل
كل مشهد لصلاه ولا لصوم ولالدعاء انتي كتبتيه ربنا يجعله في ميزان حسناتك
كل حدث حياتي حصل واالقيتي عليه الضوء ونبهتي وناقشتي من غير خوف ربنا يجعلهولك من باب الصدح بالحق
كل احساس بحلاوه الصبر واخره الرضا وجمال المنح بعد المنع ربنا يعطيكي ويرزقك مثله
طولت عليكي جدا بس اخر حاجه اني احبك فالله
اخر حاجه ومش عارفه هينفع تتعمل ولا لا بس بالله عليكي عشان بس في ناس بيختلط عليهم الامر مابين الارهاب والاسلامين المعتدلين وبيهيصوا وبيقذفوا ناس هي اصلا في مرار وملهمش اي دخل فلو ينفع حتي لو بالتوريه تبيني بس الفرق وجزاكي الله خير الجزاء حبيبتي


ponopono غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-19, 12:46 PM   #1170

Safo85

? العضوٌ??? » 396892
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 39
?  نُقآطِيْ » Safo85 is on a distinguished road
افتراضي

صباحك سكر يا نيمو
اولا فصل رائع مبدع ومتل العادة ما حدا بيخرجني عن صمتي الا ابداعك لانك بتستاهلي الثناء والكلمة الحلوة والتشجيع مقابل الابداع يلي عم تعطينا ياه. بس والله بنضل مقصرين بحقك قد ما قلنا. كل اللي بقدر اعطيكي ياه ويفيدك دنيا واخرة انه ادعيلك دائما وانا ما بنساكي بكل صلاة لانك غيرتيلي حياتي ونظرتي لامور كتيرة.
اما بالنسبة لناصر وسهى صراحة انا كنت حاسة هيك حيصير لانه نهايتن ما بتنفع غير هيك. اولا ما بينفع يرجعلا ويغضب ابوه ولا بينفع يبعد ويتزوج لانه ما بيقدر والا كان عملها مع نشوى وسها كانت راضية. والحصيلة موته ولكن كبطل لانك انت مستحيل تقبلي ولد من ولادك يبقى مكروه وهو ما بيستاهل هيك حتى لو غلط. وهون الابداع بجد. وهيدا بتستاهلي التقدير عليه. بس بتعرفي ليه بتستاهلي الاحترام لانه ما بهمك الshow off لرواياتك على قد ما بهمك انك تعالجي مشكلة وتوصلي رسالة هادفة للقراء. متل نهاية ناصر. لانك كل الاسبوع ويمكن من قبل عم تحضرينا لهيدا الشي من بوستاتك والكل صار حاضر يتلقى الضربة وما همك تحرقي احداث روايتك عقد ما همك انك تخففي الصدمة علينا ومع اني كنت محضرة بس صرت ابكي والله العظيم بكيت عليه. انا صرت مؤمنة بانه ما احكم على الناس شو ما كان موقفن وتصرفاتن وهيدا الشي بفضلك من ورا جملة قالتا ماسة عن لسانك بمعنى انه لو كل واحد عرف الي بقلب التاني لعذره. وبحب خبرك قديش هيدا الشي نفعني بحياتي الشخصية والمهنية لانه انا بشتغل بجمعية خيرية وبقابل ناس من مختلف المستويات الاغنياء منهم والفقراء والمحتاجين اللي عايشين تحت خط الحياة وصرت اتفهم ظروفن وتصرفاتن اللي كتير بستنكروها الناس.
واخيرا الله يوفقك دنيا واخرة. ونيال عيلتك ويلي حواليكي فيكي.


Safo85 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:13 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.