آخر 10 مشاركات
363- فتاة مثالية_ بولا هوبر _ روايات عبير المركز الدولي(كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          إعدام الزيزفون *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          عندما ينتهي الكذب - هيلين بيانشين - روايات ديانا** (الكاتـب : angel08 - )           »          عز الله ان حبي لك أكبر نقيصه...رواية من اجمل ما قرأت (الكاتـب : taman - )           »          جبروت رجال * مكتمله * (الكاتـب : warda baghdadia - )           »          نعم أهواك - قلوب أحلام زائـــرة - للكاتبة الرائعة * مروة ممدوح **مكتملة بالروابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          سيد القصر - جيم آدامز - غولدن كايدج** (الكاتـب : angel08 - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree71Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-03-21, 11:31 AM   #1551

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
:sss4:



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعد صباحكم بالخير والبركة 🌺🌷🌼🌴
اعزائي موعدنا اليوم مع فصل جديد وسيكون (ما قبل الاخير) بإذن الله
كونوا بالقرب فاحداث كثيرة تنتظركم مع الابطال
دمتم في حفظ الله ورعايته



دنيازادة غير متواجد حالياً  
التوقيع


❤ مواويل الوجد ❤ https://www.rewity.com/forum/t486242.html

هيمنة الصولجان ج٢سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t436486.html
توجان الشركسيةج١سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t393647.html
كوابيس قلب وإرهاب حب مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/forum/t285859.html
هلوســات مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/vb/t214816.html
زمــن الفــرح مميزة https://www.rewity.com/vb/t293352.html
رد مع اقتباس
قديم 17-03-21, 09:32 PM   #1552

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي


الفصل التاسع والعشرون
( قبل الأخير )

أثناء سيرها في المزرعة صادفت رنيم مجموعة من الرجال الغرباء يقومون بجولات ميدانية في المنطقة.. سألت عنهم أم مزنة فأجابتها:- أنهم تجار أتراك جاءوا لتعاقد مع المهندس هاني لشراء كميات من صنف تمر المدجول لتسويقه في بلادهم.

كانت تتكلم دون أن تتوقف عن عملها في التنظيف، دلقت وعاء الماء فوق المسطبات، ثم رفعت جذعها وأردفت تبتسم باعتزاز:- التربة في أغوارنا خصبة، ولهذا مزارع النخيل لدينا تنتج تمور بجودة ونخبة عالية.. كما أن أسعارنا مناسبة.

جلست رنيم على الشرفة تتأمل الغروب كعادة اكتسبتها منذ بدأت تتأقلم مع وضعها في المزرعة.
راقبت هاني وهو عائد من جهة المعمل، مشى ببطء واضعا يده على مؤخرة رقبته يمسدها.. ما ان صعد الدرجات عاجلته معاتبه:- تأخرت!!

- اعتذر عن التأخير.. كان نهارا مليئا بالعمل.. ولم أتمكن من المجيء لتناول وجبة الغداء.

اعتدلت بجلستها وقالت:- رأيتُ التجار الأتراك يجوبون هنا وهناك.. طمئني هل تم بينكم الاتفاق؟.

جلس على حافة السور الحجري لشرفة يجيبها:- الحمدلله قمنا بتوقيع العقود.

استدرك سريعا:- لكن ليس هذا سبب تأخري.. فلقد بدأنا عملية رش الأشجار للبؤر الموبؤة بسوسة النخيل.
زفر بضيق متابعا بخيبة:- وزارة الزراعة لا تقوم بحملات مسح لكل المزارع في الأغوار للقضاء نهائيا على الحشرات، رغم أنها تشكل تهديدا كارثيا وتضر الأشجار.

استمعت رنيم له بانتباه ثم علقت:- لهذا أنتم كمالكين مزارع تضطرون للقيام بعمليات الرش على حسابكم.

- صحيح، علينا يقع عاتق محاربة وباء السوس.
أضاف مسهبا:- وللأسف بعض أصحاب المزارع لا يستطيعون تحمل تكلفة عمليات الرش الدورية.. ولهذا الأمراض تصيب الأشجار، وتسمح بانتقال العدوى إلى كافة المساحات، مما يعرض لانتشار الوباء في كل المزارع المجاورة.

كشرت رنيم باستنكار:- إذا حدث ذلك ستفسد الثمار، وستكون مأساة كبرى على الجميع.

فوجئ هاني باهتمامها الحقيقي الواضح وتركيزها معه في ما يواجهه من هموم وأزمات.. أومأ يوافقها مبينا خطورة الوضع:- استنتاجك صحيح.. فساد الثمار سيؤدي لخسارتنا.. ولنتجنب وقوع هكذا كارثة نقوم بخطوات استباقيه، نتعاون كلنا يدا بيد في مسألة رش الأشجار بجميع مزارع أغوار الكرامة، خصوصا قبل وقت مواسم التلقيح.

عاد يدعك أسفل رقبته فسألته:- هل تتألم؟

- بقيتُ أعمل بشكل متواصل دون توقف، ويبدو ان عضلاتي أصيبت بالتشنجات.
بلهجة لطيفة لامته:- هل كان من الضرورة ان تقوم بالعمل بنفسك حد الإجهاد؟

أوضح لها هاني ان أهم المشاكل التي يعاني منها تتركز في ارتفاع أجرة العمالة الوافدة، ونقص الأيادي المدربة بمهارة لتعامل مع أشجار النخيل..

نظرت إلية بتأثر وقد بدا عليه التعب والإرهاق.. بعد لحظات من التفكير قالت:- ذات مره كنتُ في أحدى المنتجعات السياحية السويسرية للاستجمام.. وهناك نصحتني مدربة اللياقة البدنية بالمشاركة في دورة لتعلم رياضة اليوغا، كمحاولة لسيطرة على انفعالاتي العصبية والتخفيف من حدة نوبات غضبي الهستيري..
على الرغم من وجعه هاني لم يقاطعها أو يطالبها الاختصار، استمع بطول صبر لرنيم شاعرا ان كلامها ليس مجرد ثرثرة عبثية، بل من وراءه مقصدا:- في حصص التدريب أخذنا عن أهمية العلاج الطبيعي، وبعض الأساسيات في حركات تدليك عضلات الجسم..
توقفت لبرهة تزدرد ريقها، ومن ثم بادرت مقترحة:- استطيع عمل مساج لرقبتك وكتفيك.

غمغم بخفوت:- حقا!!.. أتعرفين فنون المساج!!
نهضت واقتربت منه تجيب بحماس:- نعم.
تساءل بتشكك:- هل أنتِ متأكدة؟
- كل التأكيد.
أكملت تمازحه:- لا تخاف.. لن أخلع عنقك.
ابتسم هاني مدهوشا وهو ير رنيم تنطلق على سجيتها فتتكلم بمرح بلا تكلف:- ثق بي.. أعدك أنك بعد العلاج الطبيعي سوف تشعر بالراحة.

رغم توجسه بقدراتها ومهاراتها، لكن عز عليه أن يكسر بخاطرها في أول مبادرة تقدمها لمساعدته.. استجاب يجاريها:- حسنا.. سأسلم لكِ رقبتي.

صفقت رنيم بسرور وأشارت له بالجلوس في الصالون ريثما تجلب من غرفتها مرهم كريم مرطب.. عندما عادت كان هاني قد فك أزرار قميصه
وشرع ينزعه ليضعه جانبا.. للحظة اتسعت عيناها وهي تنظر
إليه عاريا حتى الوسط.. تسمرت قدميها ووقفت في منتصف الصالون، ذلك استرعى ملاحظة هاني فتساءل:- هل غيرتِ رأيكِ؟

نفت بتلعثم:- لا .. ل.. لكن.. ليكن.. بعلمك.. أنا..
سحبت نفسا عميقا من الهواء:- أنا لستُ كما تظن ويتهيأ لك.. لم يسبق لي أن...

أشاحت وجهها عنه محرجه.. رفع هاني حاجبيه لأعلى مستفهما ببطء:- أتعني ان خبرتكِ تقتصر على النظري فقط!

أومأت إيجابا برأسها تضيف:- كما أيضا لم يسبق وأن دلكت جسد رجل من قبل.
زمت شفتيها تسأل:- أيزعجك هذا؟
غضن جبينه عابسا:- يزعجني!!
سحب كرسي عن طاولة السفرة وأداره ليستقر فوقه قائلا:- بالعكس تماما..
أردف غامزا بعينه:- يسعدني جدا ان تكون التجربة الأولى لكِ معي.

لوهلة بانت على ملامح رنيم مسحة حياء حاولت إخفائها بأن أسرعت لتقف وراء ظهره.. فركت كفيها بالكريم المرطب، ثم وضعتهما فوق كتفي هاني وشدتهما قليلا بضع ثوان قبل أن تدفعهما للأسفل، بأصبعي إبهاميها ضغطت تحت رقبته وبدأت تحركهما بليونة على شكل دوائر خفيفة صعودا إلى عنقه ورقبته..
أحست بعضلاته المتصلبة المتقلصة تنبسط وتسترخي شيئا فشيئا كلما كررت تدليك كتفيه ورقبته.. سألته :- هل تشعر بتحسن؟
اعترف متعجبا:- شيء لا يصدق!!.. خف الألم كثيرا..
أضاف يثني عليها:- رائعة رنيم... الحقيقة أذهلتيني!!.

- لتعرف أن لي أنا أيضا مواهبي التي تجهلها.
قالتها ضاحكة فالتفت هاني ينظر إليها بدهشة، رنيم تخلت عن جمودها وباتت أكثر مرحا وتبسطا بتعاملها..
استدركت تحثه على النهوض:- سيزول الألم تماما بعد أن تستحم بمياه دافئة.
لاحقا عندما جلسا على طاولة العشاء أخذا يتحادثان بسهولة وينتقلان من موضوع إلى آخر ببساطة وانسجام.. أصغت رنيم لضحكة هاني المثيرة بسعادة مبهمة.. فجأة غمغمت:- هل أقول لك شيئا؟
نظر إليها بعينين معبرتين:- كلي أذان صاغية.
تنحنحت:- عدني أنك لن تتضايق.
عقد حاجبيه:- هل ستقولين ما يضايقني؟
- ربما نعم .. ربما لا.
- حسنا سأحاول أن لا أتضايق.
انحنت للأمام وهمست:- أنت يا هاني كنت أكثر شخص كرهته في حياتي.
أطال النظر إليها، ثم قال :- تريحني جدا الصيغة الماضية بكلمة (كنتِ).

طيلة عامان كان أسم هاني يثير فيها الحنق والغضب، أما الآن مشاعرها اتخذت منحنى آخر.. خلال المدة التي أقامتها معه في المزرعة تعرفت على جانب مختلف من شخصيته.. استياءها منه بدأ ينحصر ويتلاشى، فهو ليس ذاك الوصولي البغيض الجاد الجلف الذي تزوجها لمصلحة شراكة مادية، بل رجل مسؤول يفكر بشؤون عائلته ومن حوله، يهتم بمساعدة الضعفاء المساكين، ويعمل من أجل خدمتهم بعاطفة صادقة.. يحب الموسيقى ويعزف على الأوتار بمنتهى الحساسية.. هاني استطاع ان يقلب لها أفكارها وأرائها رأسا على عقب.

______________________________


عاشت تالا مع دوشة البنائين ومعداتهم أثناء تنفيذ الترميمات والإصلاحات.. أبت الركون في القصر حتى انتهاء الأعمال، وتسليم المسؤولية بالكامل للمتعهد ومساعد المالك.. أرادت ان تكون موجودة يوميا لتراقب وترصد أدق الحيثيات والتعديلات والإجراءات، كي تؤكد لذاتها أن باستطاعتها التعامل مع شتى الظروف والمواقف والعقبات بجلادة وصلابة.. أحيانا كانت تلجأ إلى خالتها تغريد لتستشيرها وتستعين بمعلوماتها وخبرتها في بعض الأمور.. معا اختارتا ألوان الطلاء للجدران والأبواب، انتقتا بلاط وسيراميك الأرضيات، وكل ما تحتاجانه من أثاث وستائر لنوافذ والواجهات.. يوما بعد يوم كانت الأعمال تُنجز وتتضح معالم متجر الحلويات بتركيب اليافطات.. تلهفت تالا لمشروعها لتثبت قدرتها على النجاح كأنثى ناضجة مستقلة.
خلال تلك المدة لم يحدث ان التقت شهاب أو حتى صادفته. وهو لو أراد مقابلتها حقا لفعل.. لكنه فضل البقاء بعيدا حتى تتخذ قراراتها لوحدها دون أي تأثيرات أو ضغوطات.. وهذا أكد لها تخمينات الشريف طلال حين قال بأن شهاب ترك الأمر كله بين يديها..
حينما أتصل المحامي وطلب منها ان تزوره في مكتبه لاستكمال الأوراق القانونية بشأن الطلاق.. اعتذرت منه وادعت أنها لن تستطيع زيارته في الوقت الحاضر لعدم تفرغها، وانشغالها بمتابعة الأشراف على الديكور الداخلي لمشروعها الخاص الذي يستأثر في الوقت الراهن جل تركيزها واهتمامها..
ما فاجئها أن المحامي تقبل ذرائعها وحججها موافقا على تأجيل اللقاء دون أن يعارضها أو يجادلها، بل قال باحترام:- سيدتي خذي وقتك كما تشائين .. سأتصل بعد انتهـ...
سارعت تقاطعه تختصر الحديث لتقول بحزم ووضوح:- أرجو ان لا تُزعج حضرتك بالاتصال مجددا.. رقمك صار عندي، وسأعاود مكالمتك بنفسي لاحقا لتحديد موعد.
ولتمنع مجالا لأي سجال شكرته وأنهت المكالمة مغلقة الهاتف فورا. عضت تالا على شفتها السفلى بقوة، وطلبت من الله ان يغفر لها ويسامحها على كذبتها، فهي تعرف أن قلبها لن يطاوعها لتتصل بالمحامي أبدا.

تغيرت حياة تالا بسرعة وبطريقة جذرية، فبعد اكتمال التصليحات والصيانة انتقلت مع خالتها إلى المبنى الذي أصبح حديثا منسقا بغاية الأبهة.. الاثنتان أقامتا في شقتهما الصغيرة فوق المتجر واستهلتا بتفاؤل حياتهما..
في أجواء مفعمة بالحماس أتمت تالا استعدادات افتتاح متجر الحلويات.. الواجهات الأمامية للثلاجات الزجاجية امتلأت طوابقها بقوالب جاتوهات لكافة المناسبات بإشكال مبتكرة تخطف الأبصار في روعة وجمال زينتها الجاذبة.. كعكات بأنواع مختلفة منها الكريما والشوكولاته المغطية بعجينة السكر الملونة أعدتها تالا بمنتهى الإتقان والشغف والحب..
أصفات عديدة بأغلفة شفافة صُفت بداخلها بشكل هرمي حبات المعمول المحشي بالفستق الحلبي المعقود بالقطر، وبجانبها حبات من كعك العجوة.. صواني كبيرة غصب بقطع البقلاوة وحلاوة الجبن المحشوة بالقشطة والعسل..
الرفوف ألجداريه اكتظت بأصناف أخرى من الحلويات..فطائر مربيات الفاكهة والكراميل، إضافة إلى البسكويت بأشكاله وأنواعه..
ربطت تالا الشرائط الملونة حول علب صغيرة جهزتها لمن يرغب بالتذوق على سبيل الاستضافة..
صباح يوم الافتتاح وصلتها من شهاب باقة أزهار ضخمة جميلة فاحت بشذاها الأخاذ معطره المكان. أسعدتها لفتته وأشعرتها انه لم ينساها في خضم انشغالاته، وما زادها اغتباطا وأملا أن البطاقة المرفقة كتبها بخط يده ( تهانينا القلبية، أثق أنكِ ستحققين نجاحا باهرا)..
كانت منكفئة في وضع لمساتها الأخيرة هنا وهناك عندما فُتح الباب ودخل يعرب وهدى معا بيدان متشابكتان.. اندفعت نحوهما تستقبلهما بترحاب وتأخذ رأيهما في المعروضات.. قالت هدى:- نحن لم نحدد موعد الزفاف، لكننا للاحتياط نريد منذ الآن تسجيل اسمينا في قائمة الحجز من أجل كعكة العرس.
علق يعرب مبتسما:- ضروري جدا، فمن يدري قد لا يلحقنا الدور حين يبدأ الزبائن بالتهافت على المتجر، ليطلبوا الكعكات والحلويات لمناسباتهم السعيدة.

طمئنتما تالا بألفة:- مهما بلغ انشغالي سأكون رهن إشارتكما، وكعكة عرس فاخرة ستصل إليكما أينما أردتما.

حضرتا دينا وشاها معا ليتمنيان لها التوفيق.. وتلتهما دوناي التي طلبت منها عددا كبيرا من بطاقات التعريف عن المتجر لتوزعها على رفيقاتها وصديقاتها في صالون التجميل..
توافد إلى المتجر مدعوين تعرفهم ومعهم آخرين تراهم للمرة الأولى جاؤوا لما سمعوه عن مهارتها.. جميعهم أحاطوها وهم يتذوقون الحلويات ويتحادثون بأصوات ضاحكة..

همست تغريد لابنة أختها تالا بفخر:- الحاضرين لم يتوقفوا عن الإشادة والثناء على الأطايب اللذيذة التي تعدينها باحترافية.. أصبح لدينا زبائن.

رفعت دفتر وقرأت:- أب وأم يريدان التوصية بكعكة ضخمة لسبايدرمان في حفلة عيد ميلاد طفلهما.. عروسان يطلبان مقابلتكِ من أجل كعكة الزفاف، وحددت لهما موعدا بعد ظهيرة الغد.

اغرورقت عيناي تالا بدموع الفرحة وهي تر المتجر يغص بالحشود.. وقفت تلقي كلمة قصيرة بدأتها بحمد الله على فضله.. :- والرحمة والسلام لروح الشريفة حياة التي لولاها لما عرفتكم، وما كنتُ عرفتُ سعادة ان يكون لي أصدقاء مخلصين وأحبة أوفياء.. وجودكم جميعا نعمة في حياتي.. أشكركم جميعا.
اهتز المكان ضاجا بالتصفيق.. وبتلك اللحظة التي رفعت بها رأسها رأت شهاب واقفا قرب الباب يقامته المديدة المهيبة يناظرها بملامحه الرجولية المميزة،
حضوره للافتتاح كان مفاجئا وغير متوقعا.. شهاب لم يكتفي بإرسال الورود وبطاقة التهنئة فقط، بل جاء بنفسه ليؤازرها داعما مساندا مشجعا..
سارت باتجاهه كالمسحورة.. ذهلت حينما مد ذراعه لمصافحتها وقد لاحت على شفتيه ابتسامة واسعة.. بصمت ودهشة تأملت يده الممدودة لها، رفعت عينيها لوجهه ثم عادت تنظر ليده مرة أخرى وهي تمد يدها تصافحه، كانت قبضته ثابتة قوية، الحرارة المنبعثة من تلامس كفيهما بعثت موجة دفء بأوردتها فسرت رعشة خفيفة في دمها.
همست بابتهاج:- سررت بتشريفك لي..
أردفت تشير إلى الباقة الضخمة:- أشكرك على الورود والبطاقة.
قال معبرا بصدق:- تستحقين يا تالا أنتِ إنسانة طيبة رقيقة.. وطاهية بارعة تمتلكين طاقة إبداعية بموهبتك وكفاءتك العالية... سعيد جدا لكِ.

تأملت بشغف نظرة الحنان الخالصة التي تغمر عينيه كلما تطلع نحوها.. انسابت الكلمات من بين شفتيها:- أحس أني قوية ومحبوبة كما لم أكن من قبل. أشعر اليوم ولأول مرة بأني حرة..
- أنتِ كذلك فعلا.
تنهدت براحة وتلك السكينة التي انتظرتها طويلا تتسرب إلى روحها، بعد أن قبعت لسنوات كثيرة في قبضة الخوف وقد نال ما ناله منها..

____________________________


من بعيد وقف يتأملها بتمهل حيث جلست في الحديقة محتمية بظلال معرشات الدالية من أشعة الشمس التي ملأت الفضاء ولا تخفف حدتها ألا هبات نسمات ربيعية لطيفة.. تحت يديها وضعت كتب المباحث العلمية. عن يمينها تناثرت عشرات المجلدات المختلفة حول العمليات الجراحية والرسومات التوضيحية.. انكبت على مراجعاتها الدراسية بتركيزها القوي.. أخذ يراقب تفاصيل حركاتها، فعندما تفكر تقلب القلم بين أصابعها الرفيعة، وكلما استعصى عليها فهم أمر ما، تقطب حاجبيها وتزم شفتيها بتلك الطريقة اللذيذ.. كل لفته تصدر عنها تفتنه.. كل ما فيها يأسره ويستحوذ عليه.. حضورها يحتل كل مساحة في عقله ووجدانه وكيانه.. جاذبيتها تربكه، جمالها وذكائها يضفيان عليها ألقا خاصا..
حاول أن يتفهم حالتها المضطربة المتخبطة ولهذا أخر المواجهة معها، لكنه لم يعد يحتمل أكثر عزوفها وبعادها عنه.. سار نحوها قائلا :- لم نلتقي منذ مدة.. رغم وجودنا معا في مكان واحد بالمستشفى والحي، لكننا بالكاد أصبحنا نلتقي.

أجفلت دينا تشعر بانتفاضة قلبها.. قلبها الذي يأبى أن يطيعها بالصد والهجران، ويضل يهفو لعشق صاحب هذا الصوت الرجولي الرزين..
أضاف نارت وهو يقترب ليجلس قربها يعاتبها بلطف:- حتى إذا التقينا لا نجد الوقت الكافي لنجلس ونتكلم معا.

أخفضت رأسها تتحاشا نظراته، ففي الآونة الأخيرة وبعد ان خاضت التجربة العملية في المستشفى مع نارت واكتشفت واقع التباين والفوارق التي تفصلها عنه باتت تتجنب الانفراد معه، كي لا تقودها مشاعرها وتنجرف بضعف أكثر في عواطفها. أرادت ان تبقى مع نفسها لتكون متوازنة في تفكيرها وقراراتها..
تنفست بعمق وصارحته:- أنت جراح بارع عظيم يا نارت تحلق في الأعالي والكل يقدر نبوغك ويحترم مكانتك..
تهدج صوتها لتردف بحسرة:- أخشى أنني لن أتمكن يوما من مواكبتك.

ملامح الإرهاق اعتلت وجهه والضلال الداكنة تحت جفنيه تدل على إدراكه لحجم معاناتها طوال المدة الفائتة:- لستِ مضطرة لأن تواكبيني..

بحركة سريعة أغلقت كتبها:- أنا.. أنا مجرد طالبة طب متدربة.

تنبه نارت لتفاقم ارتباكها فعقب:- وأنا مثلكِ كنتُ يوما مجرد طالب طب متدرب.

قاومت دينا تلك الغصة التي استحكمت بحلقها لتقول محبطة بيأس:- لكني متدربة فاشلة، وربما لا استحق أن أكون طبيبة، فكل ما أفعله يبدو لي خاطئ.

- اعترض بشدة على ما تقولين.. لا أحد منا يبدأ الطريق من أخره، أنتِ مجتهدة وذكيه، الأخطاء يمكنك تلافيها وتجنب الوقوع بها من خلال الممارسة.. في مهنة الطب هنالك دائما وقت عصيب يجعلنا نفقد الثقة بجلادتنا وقدراتنا وقد ينتابنا شعور أننا فاشلون، لكننا لا نلبث وأن نستعيد استملاك شجاعتنا.

عضت شفتيها بقوة تعترف خائبة:- لا أستطع التحلي بالثبات في غرفة العمليات.

- ذلك لأنك تفكرين كثير بمن حولك، ولا تريدين ان تخيبي الظن فيكِ.

استطرد يحلل لها بعمق:- في العمليات لا تنفكين عن التفكير بمشاعر المصابين وما سينتج عنهم من تصرفات.. حساسيتك المفرطة تستبق الفجيعة وتهول الحدث بتخيل ردود أفعال المرضى حين يعودون لوعيهم ويدركون أنهم فقدوا إلى الأبد جزء من جسدهم..

أكمل بحكمته:- الطبيب عليه ان يفعل الصواب، يفكر كيف ينقذ حياة المريض.. ذاك الطفل الصغير سوف يستيقظ بعد الجراحة ويكتشف ان ذراعه مبتورة.. مؤكد سيبكي وقد يكرهني وربما يصرخ بي يطالبني بإعادتها.. سأبرر له غضبه وامتص احتقانه ليس لأني جراح بارد الأعصاب، بل لقناعتي أنه سيأت يوم ويدرك ان نعمة الحياة أهم بكثير.. تذكري دائما أن مهمتنا كأطباء الانتصار على المرض، والحيلولة دون موت أي كائن حي..

أومأت توافقه فتابع بجدية:- أمر أخر أريدك أن تعرفيه وتعيه.. ليس مطلوبا منكِ ان تضغطي أعصابكِ، وتضعيها على الدوام في دوامة متاهة المقارنات بيننا.. الحب الذي يجمعنا يجب أن يكون بمنأى عن أي هواجس..

- ما زلتُ أجهل أمور كثيرة ولا أستطيع الالتحاق بك..

- نحن لسنا في منافسة ضد بعضنا، بل نكمل بعضنا..
التقط يديها يضمهما بكفيه العريضين:- نجاحي نجاحك.. ونجاحك نجاحي..
استدرك مبتسما:- لا تقللي من قيمتكِ وقدراتكِ.. يوما ما ستلحقين بي وقد تسبقيني.. ستصلين إلى مرحلة أراك تحلقين عاليا في سماء المجد العلمي وتتبوئي أهم المناصب، ومن يدري ربما تعينين كأول وزيرة لصحة.. وحينها سأكون فخورا بكِ وأحبكِ، تماما كما أنا فخورا بكِ وأحبكِ الآن.
رفعت رأسها ترنو بشوق لعينيه اللتان تسحراها وتهيجان مشاعرها لتغوص في بحر موجهما العاتي دون ان تخشى الغرق..




دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-21, 09:35 PM   #1553

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



بعد مرور ثلاثة أشهر
حققت تالا نجاحا فاق كل التوقعات.. تألقت وأصبح متجرها معروفا يرتاده الزبائن ويزدادون يوما تلو يوم.. انهالت عليها عروض شركات تجهيز الحفلات وقاعات المناسبات وصالات الأفراح لتعد لهم قوالب الكعك وأطايب الحلويات..
ازدادت ثقتها بنفسها واكتسبت طاقة وحيوية وعطشا للحياة، شعرت ان الله عز وجل يمنحها العوض عن كل ما قاسته من عذابات..
ورغم انهماكها بالعمل كانت تالا تجد الوقت لتذهب إلى القصر لرؤية يحيى، وتحرص على أن تمضي معه نهار عطلتها..
الشريف شهاب بطبيعة الحال كان مطلع على مواعيد حضورها، وفي كثير من الأحيان ينظم إليهما ليشاركهما المشاوير والنزهات إلى الحدائق ومدينة ألعاب الأطفال..
كانا معا يقضيان أوقات غاية بالروعة كأسرة سعيدة.. وعندما يحل المساء يضعان يحيى في سريره ولا يبارحان مكانيهما حتى يتأكدا من نومه بارتياح وأمان.. ثم يغادران غرفته بهدوء، ويجلسان ليتناقشان بشأن كثير من التفاصيل المتعلقة بالصغير، تماما مثل أي أب وأم يهتمان بالتخطيط لمستقبل أبنهما..
في كل مرة زارت تالا بها القصر، الشريف طلال والشريفة تيتيان يصران على استبقائها لتناول العشاء معهم، فيتحلقون جميعهم حول المائدة المستديرة.. تالا وتيتيان تتواطأن معا في سبيل أن يتقارب شهاب ووالده الشريف طلال.. تثيران المواضيع التي يتوافقان عليها كالحديث عن يحيى وشقاوته وأهمية البدء بتعليمة السباحة وركوب الخيل.
همست تالا بقلق:- يحيى ما زال صغيرا ومن المبكر ركوبه الخيل.
رد الشريف طلال بفخر:- شهاب بدأ يعتلي الخيل منذُ بدأ يتعلم المشي.

التفتت تالا نحو شهاب الجالس إلى جوارها بشعره القاتم وملابسه المهندمة بأناقة، كان يقطع قطعة لستيك بصمت وكأن الحوار لا يدور حوله ولا يعنيه.. سألته لتشركه بالحوار:- ألم تشعر بالخوف والرهبة!

دون ان يرفع وجهه عن الطبق هز رأسه مجيبا بصوت جاف:- لا أعرف ماهية مشاعري وقتذاك، فأنا لا أذكر شيئا عن هذا الأمر.

تدخلت تيتيان قائلة:- منذُ مدة، بينما كنتُ أرتيب أغراض غرفة العلية وجدتُ صناديق بداخلها مجموعة ألبومات قديمة، وفي إحداها لمحتُ صورة لك يا شهاب وأنت فوق الحصان. أظن أني وضعتُ الألبوم في خزانة المكتب.
نهضت تيتيان وكأنها كانت تنتظر تلك اللحظة بفارغ صبر. بسرعة أحضرت الألبوم وفتحته تقلب صفحاته، سحبت منه صورة وأرتها لشريف طلال الذي هتف مبتسما:- هنا كان شهاب بعمر الثلاث سنوات، والتقطنا له هذه الصورة في النادي الملكي، حيث بدأ أول تدريب له على ركوب الخيل.

بقي شهاب محافظا على بروده فيما تحمست تالا لمشاهدة الصورة.. تيتيان أعطتها الصورة فما ان أبصرتها استدارت تمدها أمام شهاب تقول بتعجب:- يحيى نسخة طبق الأصل عنك.. أنظر.

لم يستطع شهاب مداراة فضوله بعد سماعه لملاحظة تالا.. رفع عينيه ينظر لصوره بشكل خاطف ثم يزيح بصره، لكنه ما لبث وأن عاد مجددا ليحملق بها وعلى تقاسيمه ارتسمت الدهشة.. لم يكن بالصورة لوحده معتليا صهوة الحصان ممسكا بلجام، فوالده الشريف طلال كان يقف بالقرب منه وبكفه يسند له ظهره داعما وعيناه تراقباه بحرص شديد.

قالت تالا:- صورة رائعة ومعبرة جدا عن الحب الأبوي.. لن أشعر بالقلق على يحيى من ركوبه الخيل، إذا كنت بجانبه وفعلت كما الشريف طلال.

علقت تيتيان وفي مضمون مداخلتها مغزى مبطن:- سبحان الله .. الأب والابن بينهما رابط متين لا تنفك أواصره، حتى وإن اختلفا بمعتركات أخطاء الحياة.. ليس هنالك أعظم من حب الأب لابنة.

__________________________


الجدة توجان تعدت المئة وأخذ يتكرر الماضي في كلامها أكثر من أفعال الحاضر.. كبرت بصورة أحزنت أحفادها الذين ما فتئوا يتناوبون على رعايتها في أدق تفاصيلها.. يتجمعون حول سريرها يتأملون بصمت وجهها الذي امتلآ بخطوط وكتل تجاعيد لحمية تبدأ بالاحمرار الداكن، ثم تميل للازرقاق الذي ينبئ بدنو الأجل أكثر.. حين تأكل تشعر أن خداها سيسقطان، خصوصا بعد أن فقدت كل أسنانها. رفضت بحزم فكرة تركيب طقم الأسنان واعتبرته إشارة صريحة للموت..
اعتدلت الجدة في جلستها فأسرعت دينا وشاها لترتبا الوسائد حولها ويرجونها ان تقص عليهم ما تذكره عن أجدادهم الأديغيين القدماء.. صدحت أصوات المتواجدين في الغرفة يؤيدون الاقتراح ويطالبون الجدة بحكاية أسطورية.. ابتسمت توجان فظهرت الخطوط الغائرة قرب فمها وهي تتجلى في سيرة الأولين:- كان يا ما كان بغابر الأزمان في إحدى القرى الأديغية.. كان يعيش رجل لديه زوجة نكدية تفتعل المشاكل.. دائمة التذمر والصراخ لدرجة أنها أنهكت زوجها بكثرة شكواها ونقيق تذمرها وعويلها, وقد تحمل الزوج هذا الوضع بما فيه الكفاية دون ان تتاح له فرصة للتنفس أو الراحة, وفي نهاية المطاف ولأنها دفعته ليكره نفسه, وأوصلته لمرحلة لم يعد قادرا قط على تحمل المزيد, فقرر أن يخفيها من الوجود.. واستهل التفكر بالطريقة التي يمكنه التخلص منها..
في ظهيرة اليوم التالي حين كان عائدا من الغابة يحمل ما احتطب وإذا به يصادف في طريقه شجرة تفاح بري تحمل كمية كبيرة من الثمار المحمرة اليانعة.. وعندما نزل تحت الشجرة ليلتقط من ثمارها تفاجأ بوجود هوة جحر هائل, فجوة سحيقة في عمق الأرض يلفحها السواد ولا يمكن إدراك قعرها.. في هذه اللحظة تيقظ الرجل، وخطرت بباله خطة ماكرة تمكنه من إخفاء زوجته النكدية..
جمع بعضا من أغصان الأشجار وفرشها على الدرب الموصل للهوة وغطى فتحتها بالـشاكؤه (عباءة الزي الشركسي), ثم هزّ جذع الشجرة فتساقطت ثمار التفاح الحمراء اليانعة فوق العباءة, جهز المكان بشكل لا تظهر فيه الهوة السحيقة.. ثم ركب العربة وأقلع بها للمسير.. وحينما وصل لدار استقبلته زوجته كعادتها بالتعنيف والصراخ.. قال الزوج وهو يفرغ من العربة حمولة الحطب ويضعها في المخزن:- على رسلك يا امرأة.. لتأخيري سببا.. لقد عثرت على شجرة تفاح مدهشة لم أر في حياتي مثل ثمارها.
تعجبت الزوجة ولكنها ما لبثت وان صاحت:- هيا .. علينا الذهاب بأقصى سرعة لإحضار الثمار قبل أن يكتشف أهل القرية تلك الشجرة .

قالت جملتها بطمع وشجع، ودون ان تترك لزوجها العائد لتوه من الاحتطاب مجالا ليرتاح أو ليتناول طعامه، قفزت على عجل داخل العربة وجعلته يذهب بها إلى الغابة، وعندما رأت ثمار التفاح المحمرة الرائعة منثورة على عباءة الـشاكؤه أسرعت لترتمي عليها وتجمع ما استطاعت بيديها بشراهة التملك..
الـشاكؤه والثمار ومعهم المرأة سقطوا جميعا في الهوة.
تنهد الرجل واستدار عائدا بالعربة إلى بيته قائلا:- الآن استطيع أن أعيش بهدوء.

أمضى الرجل ردحا من الوقت وهو يحضّر عصيدة الذرة ويأكلها هانئ البال لا يسمع صراخ المرأة النكديه التي كُتم صوتها..

لكنه ما لبث وأن شعر بالذنب وتأنيب الضمير، لام نفسه الأمارة بالسوء قائلا:- لا يصح هذا الأمر.. لأجل أن أحظى في الدنيا على شيءٍ من الراحة والهدوء إذا بي الآن أخسر آخرتي, لا بد أن أعود إلى حيث اختفت زوجتي وألقي نظرة.

في الحال قام وقصد الغابة, وعندما اقترب من شجرة التفاح سمع حشرجة ضجيج تحت الأرض وصوت ضخم يصدر من الهوة يندب:- يا حسرة.. أليس هنالك من شخص يساعدني.
قال الحطاب:- ما فعلته لا يجوز، ولا بد لي من إنقاذها.
اتجه إلى عربته وتناول منها سلة كبيرة وحبلاً متينا وهو يستغفر تائبا:- لقد ابتُليت بها زوجة ويجب ان أصبر.

عاد للمكان وأسقط السلة موثوقة بالحبل إلى الأسفل.. ولما شده ليرفعه شعر بالثقل الهائل, أمعن النظر في عتمة الحفرة العميقة فشاهد تنينا ضخما يصعد متشبثا بالحبل الغليظ..
الحطاب أسرع يستل خنجر القاما وهمّ بقطع الحبل..
استغاث التنين:- أرجوك لا تقطعه..
وأستدرك واعدا:- إن أنقذتني من هذه الهوة فإنني سأحقق لك ثلاثة من الأماني تطلبها مني مهما كان نوعها.

بعد تفكير سريع وافق الحطاب، وسحب التنين الذي ما أن خرج نفض جسمه وقال شاكرا:- إن ما قدمته لي من خدمة لن أنساه أبداً, لقد أمضيت مائة سنة في هذه الهوة مرتاح القلب هانئا.. لكن منذ دخلت فيها امرأة.. جعل الله شريكة عدوك مثلها, لقد كرهتني بالحياة وجعلت إقامتي داخل الهوة جحيم، ولم أدري إلى أين أهرب.. أشكرك كثيراً أيها الإنسان الطيب لأنك ساعدتني بالفرار من تلك النكدية.. وكما وعدتك سألبي لك الأمنيات الثلاث, ولكن إياك أن تتمادى وتطلب أكثر, فإن تجاوزت الأمنيات الثلاث ستحل بك مصيبة كبرى.

أومأ الحطاب برأسه واستفسر:- حسنا.. ولكن ما هي الطريقة التي ستنجز بها وعدك لتحقق الأماني.

أجابه التنين:- ها أنذا سأخبرك كيف سأقوم بذلك.. سأستلقي على محيط قريتكم, وبعد أن ألتف حولها متمدداً ويعجز القرويين عن امتلاك القوة الكافية التي يواجهونني بها, تنبري لهم أنت مبادرا وتقول:- إن طردت التنين وخلصتكم من حصاره, فماذا يمكنكم أن تقدموا لي لقاء ذلك؟..
وحين يقتنعون تماما بأنه لا خلاص أمامهم بوسيلة أخرى فسيلبون كل طلباتك, عندها خذ منهم ما يخطر ببالك وبقدر ما تشاء من الدواب والحلي، ثم أخرج سيفك من غمده وجابهني وأشهره عليّ, فأتظاهر بأنك أفزعتني وأغادر.. بعدها سأنتقل إلى قرية أخرى, وأحاصرها هي الأخرى بأن ألتف حولها بنفس الطريقة, فتحضر أنت إليها وتكرر نفس ما فعلته في قريتكم, ثم نعيد الكرة مع قرية ثالثة.. وعندها تكون قد غُنمت من القرى الثلاث أملاكاً تكفيك العمر كله.. ولكني أحذرك ألاّ تواجهني لمرة رابعة.
عاد الرجل وجلس في بيته, وتبعه التنين وارتمى حول قريته مطوقاً إياها, منع كل ذا روحٍ من الدخول أو الخروج من القرية, وفرض عليهم وضعاً صعباً لا يحسدون عليه، قطع عنهم الماء ما أدى أن وصل الحال بالدواب والأطفال إلى درجة الجفاف فالهلاك.. هم كل من يعتبر نفسه رجلاً من أهل القرية على المشاركة في طرد التنين، ولكن لم يكن لهم لا حول ولا قوة لصد بطشه.
في هذه الحال وقد أصبح كل أهل القرية في حرج من أمرهم, تقدم الحطاب مقترحا:- إن طردتُ لكم هذا التنين فماذا ستقدمون لي؟
ردوا جميعا:- اطرد أنت ذاك التنين وليس من شيء إلا ونقدمه لك.
وأهالوا على الرجل الكثير من النقود الذهبية والأملاك..
استل الحطاب سيفا وكرّ هاجما على التنين الذي تظاهر بالفزع وفارق القرية مغادرا وهو يقول:- هذه واحدة.
طار التنين إلى قرية أخرى وحاصرها باستبداد مانعا الماء مستوليا على مخازن مؤن الغذاء، ولأن أهلها كانوا قد سمعوا قصة الحطاب الفارس فأرسلوا إليه يستغيثون.. وكما في الحالة الأولى طلب الحطاب الكثير من الأغراض والحاجيات الثمينة، وحينما استجيب له استل سيفه وأعاد نفس العملية المتفق عليها طاردا التنين.. وفعل الأمر ذاته مع القرية الثالثة..
جمع الحطاب أملاكا وأموالا ما يفيض عن حاجته أبد الدهر وقرر الاستقرار في بيته، وإذ بالتنين ينسحب إلى قرية رابعة فيضرب عليها حصاراً, ولأن أهل هذه القرية أيضا كانوا قد سمعوا قصته مع التنين فأرسلوا إليه وبدؤوا يستنجدون به لتخليصهم من التنين. قال لهم:- لا يمكن أن يحصل هذا, فلم يعد لدي الحول والقوة على مجابهته.

إلا أنهم لم يدعوا له فرصة لخيار آخر.. تورط الحطاب في أمرٍ مستعصٍ ووقع في حيرة, فالتنين قد أوفى بوعده له ونفذ ما اتفقوا عليه, أما هذه الرابعة سيكون فيها هلاكه على يد التنين..
جلس الحطاب يطرق في التفكير لإيجاد حلّ معاتبا لائما نفسه:- ما الذي جعلني أطمع بالمال وأساعد التنين على الخروج من الهوة ليتسبب بأذى لناس، وفجأة رأى ضوءاً في نهاية النفق فقام قائلا:- إن لم أوفَق في هذا ففيها نهايتي, وإن كانت كذلك فإني أستحقها.

تحرك للمسير نحو القرية المنكوبة ببطش التنين، لكنه لم يصطحب معه السيف هذه المرة .
قبل وصوله ومن مسافة بعيدة رفع عن رأسه قبعته، وبدأ يلوح بها متظاهراً أنه في مأزق، أخذ يركض مهرولا مناديا على التنين الذي ما أن رآه نفث نيرانه وقال معنفا بغضب:- ألم أحذرك بأن لا تجابهني في المرة الرابعة.

رفع الحطاب يديه الخالية من السلاح وقال لاهثا:- كلا، ليس ذاك ما جئتك لأجله.. بل أتيت لأخبرك أن المرأة النكدية الصاخبة تلك قد خرجت من الهوة.
ما ان سمع التنين هذا الخبر، تخبط بفزع وأسرع يستجمع بعضه ململما ذيله ليغادر البلاد بأسرها دون رجعة.

أنهت الجدة توجان الحكاية فعلق أحد الشباب:- حتى التنين هرب من زوجة الحطاب النكدية!!
ضحك الحاضرين باستثناء موليجان التي غمغمت بغيظ:- حكايا الاساطير غير حقيقية، أنها مجرد هراء سخافات..

انتفضت واقفة وغادرت باستعجال.. في المساء دب الفزع بقلبها حينما رأت زوجها تامبر يفرز محاصيل المزرعة، ويركن جانبا قرب العتبة شوالين من حبوب القمح والفريكة خصصهما باسم الأرملة ثريا. قال مبررا الأمر:- المسكينة فُجعت بوفاة زوجها ولديها توأم أولاد صغار.

ناقوس الخطر رن في رأس موليجان. العطايا والهدايا تصنع المستحيلات عندما تمتاز بخصوصيتها.. هذا ما تبادر لذهنها فأخذت تفكر بوجل ان كان تامبر قد مل من عصبيتها ومشاحناتها المتكررة معه..
ضربت كفها على صدرها تتساءل في سرها:- هل تراوده رغبة الزواج من امرأة غيري؟.. أيعقل ذلك!... ولما لا!!، ثريا أرمله شابة، لديها الجمال وقد تلد له ولدا.
حاولت أن تبعد عنها تلك الأفكار:- اللهم أخزيك يا شيطان.
لكن الهواجس تنازعتها بين شك ويقين ان لا أحد احتمل تصرفاتها الغرائبيه ونكد جنونها كما فعل تامبر..
وقفت أمام المرآة تنظر لانعكاس صورتها. كانت تكره شكلها منذ حادثة مغارة البرية في طفولتها.. تكره شعرها الذي استحال رماديا داكنا ثم صار يتناقص، يقصر، ويتساقط على وسادتها عاما بعد عام مودعة شبابها مبكرا في الثلاثين..
تكره عيناها اللتان كانتا بلون العسل الصاف فأصبحتا تميلان إلى الاصفرار الباهت.. تكره وجهها الشاحب على الدوام.. ليست تلك الحلوة التي تستحق ان يتغزل بها زوجها..
لكن رغم كل ذلك تامبر أحبها.. رأى عيوبها واختارها من بين كل فتيات قبائل الاديغيين.. هي أيضا أحبته، تامبر وحده ولا أحد سواه ملأ عينيها وقلبها..
تذكرت موليجان ما قالته لوالدها عندما أنهت عدتها بعد وفاة المرحوم زوجها، وتقدم لها عم ابنتها شاها:- أنا لا أكاد أصدق خلاصي من أخيه، قسما بالله إذا اقترب مني سأشج جبهته بكعب حذائي.

عكس ذلك حدث عندما جاء تامبر طالبا يدها لزواج أعلنت قبولها في الحال والدنيا لا تسعها فرحا..

أخرجت موليجان من الخزانة رزمة ملفوفة، فتحتها فتوهج لمعان قماش الحرير الأحمر بلون الأنوثة المذهل يحرك فيها الأشواق.. قبل شهر أهداها تامبر القطعة الثمينة، يومها علقت باستهجان متبرمة:- ما هذا يا تامبر!!.. حرير أحمر!!
قال لها يحثها على لبسه:- النور المنبعث من لون الحرير سيكون جميلا عليكِ.
لامته مستهزئة:- أجننت يا رجل.. تريدني ان ارتدي الحرير الأحمر الصارخ بعد كل هذا العمر والكبر!

- عن أي عمر تتكلمين يا موليجان!!.. نحن في منتصف الأربعين، بأوج شبابنا... أما الكبر فأنت من استعجلتِ على زواج أبنتك شاها وأصبحتِ جدة.

رفع نظره نحوها واستدرك بصوت خافت حالم:- ومع ذلك يا موليجان ما زلتِ في مخيلتي تلك العفريته الشقية التي تتقافز في الروابي والوديان وتلاحقيني من مكان لأخر..

غمز تامبر يذكرها بما كان:- كنتِ مصممة على الانضمام إلى ما أفعله من تحديات مع الرفاق.. لم يهمك محاولات إبعادكِ عن ألعابنا في البراري.. تسابقينا في كل مكان بغض النظر عن مدى قسوة ما تواجهينه من عقبات توضع أمامكِ.. لم تقبلي يوماً بالاستسلام..

عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت:- عدم استسلامي أزعجكم.

نفى تامبر:- أنا لم أراكِ مزعجة كباقي أقراني، بل اعتبرتكِ مميزة بجرأتكِ، لا تخافين أبدا ولا تهابين المخاطر، مع ذلك كان فى اندفاعك الرهيب طهارة، جعلتني اشعر دائما بالرغبة في حبك وحمايتكِ..

أطلقت موليجان تنهيدة وعادت لواقعها الحالي تمرر يدها الخشنة على الحرير الناعم تمسده جيدا.. ثم أزاحت الغطاء عن ماكينة الخياطة وأعدته ليصير رداء لنوم.
ليلتها فوجئ تامبر بها وهي تتهادى أمامه في الحرير الأحمر ألامع الصارخ الذي يليق للهيب العشق.. ضمها بين ذراعية كما لم يفعل منذُ سنوات، همس يناديها بالاسم الذي كان يدللها به في الماضي:- سيبسا موليجان.. روحي موليجان.

________________________


لم تعد تالا مضطرة للقلق بشأن المال، لكنها وبحكم نشأتها بقيت حريصة على عدم التبذير، تنفق ضمن حاجتها فقط، وتضع في ميزانيتها مبلغا توفره لمبرة الأيتام..
كانت في جولة صباحية بالأسواق التجارية تتبضع الأغراض، سارت تحمل أكياس المشتريات تنظر إلى معروضات المحلات، وفجأة رأت شيئا استرعى اهتمامها، وقفت مطولا أمام أحدى الواجهات الفخمة تتأمل ساعة يد رجالية، بدون النظر إلى بطاقة السعر عرفت بأنها باهظة الثمن، وهج لمعان معدنها الفضي يشي بأن جودتها أصلية من ماركة عالمية.. دون تردد دلفت إلى داخل المتجر وابتاعتها.. انتابها شعور مبهم غامض لم تدري كنهه، سعادة خفية تملكتها عندما أغلقت الموظفة علبة ساعة اليد وغلفتها بعناية بالغة ثم أعطتها إياها..
راقبت عن كثب نظرة الدهشة التي بانت في عيني شهاب عندما قدمت له الهدية قائلة بارتباك:- ليست بالشيء الكثير.. وقد لا تقارن بما لديك..

تابعت بخفر:- كل ما في الأمر أني رأيتُها وأحببتُ ان أقدمها لك بمناسبة عيد ميلادك.

تساءل متفاجئا:- عيد ميلادي!!

أومأت رأسها، وما لبثت ان استدركت:- هل نسيت ان اليوم عيد ميلادك؟.

- الحقيقة نعم.
بدا متأثرا وهو يقول:- بعد وفاة أمي ما عاد أحد يذكرني بميلادي.

تلاشى صوته ببحة مختنقة دلت على مدى شعوره بالفقد والوحدة.

- الأميرة رحمها الله لطالما احتفلت بميلادك حتى في غيابك.. كانت تأخذني معها لشراء قالب الجاتو وتتركني أنتقيه بنفسي، وعند عودتنا للقصر نزينه بالشموع وننفخها، ثم تقطع الأميرة الحلوى وتدعوني لأكل براحتي.. كنتُ أنتظر بشوق عيد ميلادك عام تلو عام لأتناول ما أشتهي وما شئتُ من كمية.

ضحك شهاب من أعماق قلبه، فتالا تنشر جناحيها حوله برقة وتغيبه في حلاوة صدقها وبراءتها التي لم تدنسها الشوائب.. قال وكأن أستلم أشارة صريحة منها:- شكرا تاليا على هديتكِ الرائعة.

نطق اسمها بنبرة مثيرة جعلت قلبها يرتعش بعنف بين جنباتها ..
تابع مغتبطا:- هذه أول هدية أتلقاها منذ وقت بعيد.

بعد تلك المبادرة من تالا وفي مساء ذات اليوم رن هاتفها النقال طاغيا على أصوات رواد المتجر، رأت اسم شهاب فانسحبت مسرعة باتجاه ردهة الدرج الداخلي الصاعد لطابق الثاني حيث خفت الضجيج.. مررت أصبعها على الشاشة باتجاه اللون الأخضر وسألت بقلق في الحال:- هل ثمة أمر ما؟..
سمعت صوته الخشن يقول:- كنتُ على وشك طرح نفس السؤال.. في صوتك نبرة قلق.

أجابته سريعا:- اندهشت من اتصالك، ظننت ان هنالك حدثا طارئا.

- اسف لأنني جعلتك تقلقين.. أردتُ ان اطمئن عليكِ.

تنهدت بارتياح وقالت بعفوية:- أنا بخير ما دمت أنت ويحيى بخير.

رد بمرح:- ونحن سنكون بخير مادمتِ أنت بخير.
ضحكت تالا رغما عنها، ضحكة ناعمة رائقة بخفه.. عاد ليسألها:- هل قاطعتُ عملا هاما كنتِ تقومين به؟

ألقت تالا نظرة خاطفة على المتجر المكتظ بالزبائن، فعادتا نهاية الأسبوع حافل بطلبات الحلوى لأعياد الميلاد، وتستمر بالعمل لوقت طويل بحيث قد تمر ساعات قبل ان تدرك أنها لم تستريح..
تراجعت تالا للوراء وأغلقت باب الردهة الجانبي الفاصل بين الطابقين، جلست فوق الدرجات تجيبه بتظليل:- لا .. لم تقاطعني.
عضت شفتها قبل ان يزل لسانها وتكمل بأن لا شيء أهم منه.

سمعت تنهيدته فاستفسرت :- أهناك خطب ما؟.

قال لها:- الحقيقة افتقد وجودك كثيرا..
حبست أنفاسها بدهشة:- حقا !!

- كلما عدتُ إلى البيت أشعر بالفراغ الذي تركتيه وراءكِ.. لستِ هنا لترحبي بعودتي وتسأليني عن نهاري.

همست بتعجب:- لم أكن أعرف أن لأسئلتي تأثير!!..
أردفت بلا تمهل:- حسنا أعدك أن أتصل بك كل ليلة وأسألك عن يومك.

- قد تكونين مشغولة بعمل المتجر.

أجابته بعذوبة:- الأولوية دائما لك.. ولحبيب القلب يحيى.

بمرور الأيام توطدت علاقتها أكثر مع شهاب.. أصبحا يتواصلان بشكل دائم.. توالت المكالمات والاتصالات الليلية بينهما، أنفاس همساتهما تشي بنبضات اللهفة المحبوسة خلف قضبان الماضي..

ذات مرة فاجئها شهاب حين قال لها:- اشتريت قطعة ارض لبناء فيلا..
استفهمت باستغراب:- هل تفكر حقا بالانتقال والسكن خارج حدود القصر؟
- نعم ..
- هذا قد يحزن الشريف طلال والشريفة تيتيان.

- هما من اقترحا الأمر علي.. والحقيقة اقتنعت بوجهة نظرهما.. لا بد من التغيير الجذري لوضع حد لكل ما ينكأ الجراح ويجتر الحنين.

ذلك الحزن بصوته والذي لمسته في وضوح بكلماته دفعها لتقول:- مهما كانت ذكرياتنا أليمة أو مفرحة علينا أن لا نبقى عالقين بها.

اخترقت تنهيدته المتخمة بالشجن أذنيها، فانسلت الكلمات من بين شفتيها:- توجد دائما أماكن تنتظر منا ذكريات جديدة لنعيشها في الزمن القادم.

همس برقة أذابت كيانها:- الحديث معكِ يطيب الروح.

عجزت تالا عن الرد وطال صمتها.. ما لبث وأن قطع شهاب السكون مستأنفا الكلام:- أوكلت إلى شركة هندسية وضع المخطط والرسومات لبناء الفيلا.. ما رأيك ان ترافقيني غدا إلى مكتبهم لرؤية التصاميم؟.

بلا تردد أو تلكؤ سارعت تهمس:- سأكون مسرورة بمرافقتك أينما شئت.


نهاية الفصل التاسع والعشرون (قبل الأخير)
انتظر ارائكم وتوقعاتكم بشوق




دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-21, 09:38 PM   #1554

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



شكرا لحضوركم بتمنالكم قراءة ممتعة


دنيازادة غير متواجد حالياً  
التوقيع


❤ مواويل الوجد ❤ https://www.rewity.com/forum/t486242.html

هيمنة الصولجان ج٢سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t436486.html
توجان الشركسيةج١سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t393647.html
كوابيس قلب وإرهاب حب مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/forum/t285859.html
هلوســات مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/vb/t214816.html
زمــن الفــرح مميزة https://www.rewity.com/vb/t293352.html
رد مع اقتباس
قديم 17-03-21, 10:23 PM   #1555

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي


😍😍😍😍😍😍😍
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 22 ( الأعضاء 6 والزوار 16)
‏دنيازادة, ‏Shaymaa607, ‏Rinalka78, ‏yasser20, ‏نور الحيااة, ‏أسـتـر



دنيازادة غير متواجد حالياً  
التوقيع


❤ مواويل الوجد ❤ https://www.rewity.com/forum/t486242.html

هيمنة الصولجان ج٢سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t436486.html
توجان الشركسيةج١سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t393647.html
كوابيس قلب وإرهاب حب مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/forum/t285859.html
هلوســات مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/vb/t214816.html
زمــن الفــرح مميزة https://www.rewity.com/vb/t293352.html
رد مع اقتباس
قديم 17-03-21, 10:53 PM   #1556

Rinalka78

? العضوٌ??? » 410014
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 118
?  نُقآطِيْ » Rinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond reputeRinalka78 has a reputation beyond repute

ادعتي غاليتي دنيا صراحة الفصل حلو بحلاوة حلويات تالا 🥰🥰🥰فصل حط النقط على الحروف من دينا ونارت حبيت استعابه لمخاوفها ودعمه ليها وتشجيعه لتابع الطريق وتجتهد حتى توصل لمكانة افضل منه عجبني لما قاله نحن لسنا بسباق فعلا الزواج النجاح هو يلي الطرفين بكملوا بعض
رنيم وهاني طريقكم اخضر ياولاد 😂😂😂😂
مولجان ايه ياشيخة حرام عليك معيشة الرجال بجفاف وقحط عاتيفي هرمنا وهرم جوزك حتى شاف الأحمر عليك
💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃
شهابو الجنتل وتالا الكيوت والله انتم ما طريقكم أخضر لا عيب طريقكم بمبي وشوكولا وشوكر سويت وبالونات
🍬🍭🎂🍰🧁🥧🍫🍦🍧🍨🎈🎈🎈🎈🎈🎊🎉
شكرا الك دنيا لانك جعلتني مسانا بنقط حلاوة
😍😍😍😍😍


Rinalka78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-21, 11:19 PM   #1557

السامورااي
 
الصورة الرمزية السامورااي

? العضوٌ??? » 474059
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 71
?  نُقآطِيْ » السامورااي is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

السامورااي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-21, 04:30 AM   #1558

ام تميم166

? العضوٌ??? » 440028
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 54
?  نُقآطِيْ » ام تميم166 is on a distinguished road
افتراضي

سبحان الله وبحمده سبحان الله العطيم

ام تميم166 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-21, 01:10 PM   #1559

رشيدة أحمد

? العضوٌ??? » 441758
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 65
?  نُقآطِيْ » رشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond reputeرشيدة أحمد has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل جميل و جميل ان نارت عرف كيف يحتوي دنيا و متفهم لمشاعرها
موليجان افاقت لعيبها فكم هو صعب العيش مع شخص نكدي
تالا و شهاب بداية حياة جديدة و توافق في المشاعر
دمت مبدعة و بالتوفيق


رشيدة أحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-21, 02:33 PM   #1560

Maro Adel

? العضوٌ??? » 437354
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » Maro Adel is on a distinguished road
افتراضي

موفقه بإذن الله لك مني اجمل تحيه مع الشكر والتقدير

Maro Adel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:06 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.