آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          بخصوص رواية قبلة المموت … (الكاتـب : فجر عبدالعزيز - )           »          1053ـ دليل الاتهام ـ جيسيكا ستيل. ع د ن (الكاتـب : عيون المها - )           »          واثق الخطى ملكاً فى قلبي *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : حياتى هى خواتى - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          متوجةلأجل ميراث دراكون(155)للكاتبة:Tara Pammi(ج1من سلسلةآل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          صفقة طفل دراكون(156)للكاتبة:Tara Pammi(ج2من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          84-امرأة لورد الشمس - فيوليت وينسبير - ع.ج ( إعادة تنزيل)** (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree183Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-07-19, 03:59 PM   #91

Reem1997

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Reem1997

? العضوٌ??? » 410013
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,948
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » Reem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


صحيح عهد لازم تنهي المهزلة الي هي فيها .. ما تعايشت معاه او ارضته وهي لس خطيبته كيف اذا تزوجته ..هي تخرب حياتها وحياته ...
وجزاء وبكر والنظرات القاتلة 😂😂😂😂😂
سلمت ي جميلة على هذا الفصل الاكثر من رائع ..
وشكرا لك على التزامك معنا 🌹💐💐


Reem1997 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-19, 09:49 PM   #92

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هنزل الفصل الرابع عشر حالا


الفصل الرابع عشر :
يقف في أقصى الحديقة بقلب يغلي يراقبها برفقة المدعو خطيبها بينما عقله يعمل في أكثر من اتجاه بل ويبتسم له برضى شيطاني و يخبره بأن خطته البسيطة بدأت تحصد نتائجها ..
فطوال الفترة الماضية اتخذ امين الصبر و السُخف منهجاً !
فإذا كانت اخلاقه تمنعه من اخبارها عن مشاعره و هي مرتبطة بغيره فلا مانع أن يدمر تلك الخطبة بأسلوب سلس بسيط هادئ مثله !
لم يقتضي منه الأمر أكثر من مكالمات هاتفية لا تنتهي يتحدث فيهم مع عهد عن اي شيء و كل شيء في العمل و خلافه متعمداً أن يسد الطريق على الاخر و يحرجها هي بعد أن صالحها رغماً عنه حتى ينفذ خطته كما يشاء !
اجل يشعر أنه نذل لكن كلمات بكر لا تنفك تتردد في أذنه و هو ينصحه بأن يخطف ما يراه من حقه و ما يريده .
لقد عاش من أجل العائلة عمراً بأكمله و الآن حان الوقت ليعيش قليلاً من أجل نفسه !
سيسمع نصيحة اخاه و سيستمتع بأنانيته دون أن يؤذي أحد ..
اجل لن تُؤذى عهد اذا انفصلت عن ذاك اللزج الذي يقف أمامها متبختراً بوسامته السخيفة مثله !
هو الأكثر دراية بعهد .. هو من يحفظها و يحفظ مفاتيحها عن ظهر قلب و هو أيضاً من سيستطيع اسعادها و لو بأقل الاشياء لأنه يدرك جيداً ما تحب و ما تكره .
اقترب امين بحذر حريصاً على عدم إصدار أي صوت ينبههم لوجوده غير مدركاً لعينا ادم التي تتابعه عن بعد !
استرق السمع قليلاً فجاءه صوته الهادئ بنبرة تحمل بين طياتها السخرية قائلاً بخفوت :
" هل انتِ واثقة ؟! .. هذا الأمر ليس به رجعة "
فتهز عهد رأسها على استحياء ليومئ لها أنس قائلاً بغرور ذكوري و هو يهم بالرحيل :
" حسناً .. اخبري اهلك بما قررنا و ارسلِ تحياتي لهم "
فتهمس عهد بما لم يصل لأذنه لكن رد أنس اوصل له مغزى الحديث :
" لا عليك ِ .. لم اخسر الكثير كما أن الأمر لم يكن بيدك على كل حال "
لتتسع عينا أمين بغير تصديق و تهتز وقفته حين رأى الآخر يسحب خاتمه من اصبع عهد و يغادر بينما ظلت هي مكانها تطأطأ رأسها ارضاً !
اقترب منها كالمسحور لا يصدق أن كابوسه انتهى بمثل هذه السهولة يشعر كما لو أنه في حلم لتتوقف خطواته حين سمع صوت نهنهتها و شهقاتها المكتومة فضرب السؤال عقله و ضميره :
( هل أحبته ؟! .. هل فرق بينهما و كسر قلبها ليحظى بها لنفسه بكل خسة ووضاعة ؟! )
عاد صوت أنانيته المستحدثة يرد بقوة مترددة :
( سأسعدها و اعوضها .. سأنسيها تجربتها معه و انسيها إياه كأنه لم يمر بحياتها يوماً )
و عند الخاطر الاخير دبت القوة في قدمه من جديد فأكمل خطواته ليقف خلفها تماماً فيصله صوت بكائها اكثر وضوحا ً فيهمس لسانه اسمها دون وعي منه ..
تخشب جسدها وهمسته رغم خفوتها تضرب قلبها العليل به فتسقطه صريعاً في اقل من ثانية !
التف امين حولها ووقف قبالتها يراقب دموعها المتدفقة على رحيل الآخر فيسألها بصوت مكتوم و قلب يحترق غيرة عليها ووجع لأجلها :
" هل احببتِ هذا الرجل ؟! .. هل تبكيه ؟! "
فتزداد دموعها اكثر فيعود ضميره يؤنبه ثم تعود أنانيته حديثة الولادة و تفرض وجودها فيقول بلا ذرة تفكير أو ندم :
" لا يهم ، هذا الرجل لم يكن يناسبك على أية حال .. انا متأكد انكِ ستنسين تجربتك معه مع الوقت "
حاولت عهد التحكم في دموعها ثم رفعت عينها الباكيتين الى من يقف أمامها و قالت تناجي فيه صداقته :
" لقد اذيته ، اهنت كرامته و كبريائه .. لكني لم اقصد ، اقسم بالله العظيم لم اقصد الأمر أبداً "
حدق فيها امين يتمنى لو أن باستطاعته أن يغمرها بين ذراعيه عله يخبرها عناقه عن ما جبن به لسانه لتهمس هي مجدداً بنشيج جلب الحزن لعينيه :
" ليتني ما قبلت به ، ليتني ما دخلت حياته .. اشعر انني حقيرة جداً "
وضع امين كفه فوق ذراعها ثم رد بثقة يحاول بثها إليها :
" بل انتِ افضل انسانة على وجه الأرض ، احن و اجمل امرأة رأتها عيني "
في وضع آخر كان من الممكن أن تجن و تعانقه بعد ما قال لكن هيئة انس و انكسار قلبه طغيا على قلبها و منعاه من ارتشاف حديث امين بسعادة فمسحت عهد عيناها و قد عاد إليها بعضاً من تماسكها ثم حاولت التحرك من أمامه بحركة خرقاء ليمسك هو بذراعها قائلاً بقلة صبر :
" انتظري يا عهد .. انا احبـ .... "
لا يوجد متعة تضاهي متعته الان و هو يقاطع اعتراف الاحمق المتأخر بمشاعره !
هكذا فكر ادم بشيطانية و هو يقترب و يفرض وجوده يهتف بإسم امين و هو يحدق في يده التي تمسك بذراع أخته بضيق غير مفتعل فتركها امين على مضض شاتماً بخفوت ليقف ادم اخيراً بينهما يكتف ذراعيه متقمصاً دور امين الشرطة فيما يقول بضيق واضح :
" ماذا يحدث هنا ؟! "
ثم التفت إلى عهد التي كانت تنظر له بلا تعبير محدد و البكاء يحدد معالم وجهها الناعمة فاستطرد سائلاً :
" وانتِ ما بكِ ؟! .. لما تبكين ؟! "
دمعت عيناها من جديد ثم قالت هي و امين في نفس اللحظة :
" لقد تشاجرت مع أنس و.... "
" لقد انفصلا هي و أنس "
نظر لهما ادم سوياً ثم هز رأسه بلا تعبير محدد و أحاط كتفي أخته يحثها على التحرك معه ثم وجه حديثه لأمين قائلاً بنبرة نجح في إخراجها باردة كالجليد :
" حسناً يا ابن خالي .. شكراً على مواساتك "
نظرت له عهد بعدم فهم لتصرفاته المريبة فهمس لها هو بمكر دون أن تبخل عيناه بالدعم الذي تحتاجه في هذه اللحظة :
" اتركيه يلهث خلفك قليلاً و تعالي الان حتى نفكر كيف سنخبر الحاج إمام بما حدث معك و اين سنبيت ليلتنا بعدها لأنني متأكد من أنه سيطردنا هذه المرة من البيت ؟! "
مسحت عهد وجهها و سيطرت على ارتجافها ليمازحها هو بعد لحظات و هو يدلف معها إلى الداخل :
" أشعر أن موتي سيكون على يديكِ يا ابنة امي و ابي "
.......................................
" ماذا حدث ؟! "
همست بها وصال بفضول قاتل حين وقف أمامها ادم بينما تتابع بعينيها عهد التي تورات خلف باب دورة المياه ليلتفت هو ينظر إليها بمكر و يرد لها مزحتها الأولى :
" كم ستعطيني لأخبرك ؟! "
ضحكت وصال ثم قالت بخفوت :
" أخبرني اولاً لأحدد الثمن "
ابتسم لها ادم لتفلت منه نظرة شفقة و هو يقول :
" لقد انتهى أمر أنس نهائياً على الأغلب "
ابتسمت له وصال بدعم فيما تقول بجدية :
" عهد تستحق الافضل .. أنس لم يكن شخصاً سيئاً لكنني شعرت دائما ً انه لا يليق بعهد و لا يناسبها "
نظر لها ادم يلوي شفتيه بشبه ابتسامة ساخرة بينما يسألها بنبرة ذات مغزى :
" و من يليق بها برأيك ؟! "
تكلمت وصال بما تؤمن به فقالت دون تردد و رغماً عنها مشاعرها تخونها و تهرع إليه من جديد خاصةً بوقفته المنعزلة عن الجميع كعادته و كأنه مصر على نفي نفسه و روحه بعيداً عنهم ..
و ليته يحلق في عالمه بمفرده مثلما كان يفعل بكر قبل عودة جزاء بل و للأسف هي أكثر الحاضرين إدراكا ً بأنه يعاني .. لا تدرك السبب .. لا تدرك الاحداث لكنها تشعر بمعاناته و تدركها دون حاجة إلى حروف أو إشارات ، يكفيها ألم قلبها لتفهم أنه يتألم :
" يليق بها من يفهمها و تألفه روحها .. من يتسبب في اسعادها و لو بأقل الاشياء ، من يفرحها مجرد حضوره و يؤذيها غيابه "
وضع ادم كفيه في جيوبه ليسألها بشكل مباشر دون أن يلاحظ ما تمر به :
" و هل ترين أن هذا الشخص هو امين ؟! "
اجفلت وصال للحظه بعد ان شردت و اخذها حديثها نحو شخصاً آخر فتمالكت نفسها و اجابت ادم بهدوء مفتعل :
" انا لا اتحدث عن امين بشكل خاص ، اعتبرها نصيحة ... إذا وجدت هذه الصفات تجمعت في شخص يرغب بأختك فلا ترفضه "
لمح ادم خروج عهد من دورة المياه فقال :
" سأذهب لأطمئن عليها "
أوقفته وصال و نهضت من على كرسيها فيما تقول :
" انتظر .. سأذهب انا "
لكنها توقفت فجأة حين هاجمها دوار شديد جعل الدنيا تظلم في عينيها للحظات ليمسك بها ادم قائلاً بقلق :
" ماذا بك ِ ؟! "
ابتسمت وصال بضعف و اجابته :
" لا شيء .. لقد أصابني الدوار حين نهضت فجأة "
تماسكت بعد عدة لحظات و تركت التجمع فيما تتحرك نحو الدرج حتى تعود إلى غرفتها قليلاً ليداهمها الدوار من جديد بشكل أقوى قبل أن تصعد اول درجة فتمسكت بسور الدرج بكل قوتها بينما تطن اذنها و يصلها حديث ادم الذي تحرك خلفها بسرعة بشكل مشوش :
" انتظري حتى يختفي الدوار قبل أن تتحركي .. ثم لما تبدين أكثر نحافة عن اخر مرة رأيتك بها ؟! ... هل تستخدمين نظام غذائي معين حتى تفقدين الوزن ؟! "
هزت وصال رأسها نفياً ثم كادت أن تتحدث لتجفل حين مد ادم يده فجأة إلى شفتها السفلية يبعدها فيما يقول بمهنية سيطرت عليه :
" و ما هذا ايضا ً ؟! .. لثتك تنزف ، ما الذي يحدث معك بالضبط يا وصال ؟! "
اغمضت وصال عينيها تهمس بتعب و ضعف يسيطر عليها رويدا رويدا :
" لا اعلم "
اجلسها ادم على مقعد بعيد عن عين العائلة بعض الشيء ثم وقف أمامها و سألها من جديد :
" ماذا عن نظام غذائك ؟! .. لم تجيبني "
هزت وصال كتفيها بإهمال فيما تجيبه :
" لا يوجد نظام محدد .. انا فقط لا اشتهي الطعام منذ فترة "
قطب ادم ثم قال بتقرير :
" و منذ فترة أيضاً اخبرتني عهد انكِ فقدتِ وعيك في الشركة "
لم ترد وصال بشيء فقال هو اخيراً بأمر :
" غداً تمرين عليّ في المستشفى .. سأنتظرك حتى اجري لكِ بعض التحاليل و الفحوصات "
قطبت وصال بطفولية و رفض غير منطوق فأكثر ما تكرهه في حياتها هو الابر و الحقن و شكل الدماء لترفع له رأسها بعد ذلك فيما تقول برفض مهذب :
" لا داعي لكل هذا .. كل ما في الأمر بعض الدوار ، انا بخير "
تخصر أمامها ادم ثم قال بحسم :
" اما ان اراكِ غداً في العاشرة صباحا ً أو سأذهب الى امك الان و اخبرها انكِ لستِ على ما يرام و أنتِ تعرفين الباقي ... اختاري "
نظرت له وصال بضيق ...
المستفز يستغل خوف امها المرضي الذي أصبح يلازمها منذ وفاة علياء و يضغط عليها به حتى ترضخ له و تذهب الى المستشفى !
تأففت أمامه كطفلة حانقة ثم قالت بعدها بنبرةٍ آمرة :
" حسناً .. لكن هذا الأمر سيكون بيني و بينك فقط ، لا اريد التعرض الى زوابع قلق و وصلات بكاء و اقسم بالله اذا سربت الخبر لأي شخص لن يحدث لك خير "
ابتسم لها ادم بخفة ثم قال :
" اتفقنا .. اراكِ في الصباح ، اعتني بنفسك "
" حسناً "
تركها بعدها و عاد إلى ذلك التجمع الذي أوشك على الانتهاء يضحك في سره على بكر الذي تركته عروسه في منتصف السهرة و صعدت إلى غرفتها تتعلل بالتعب بعد أن اختطفها و تحرش بها كما هو متوقع ليكمل المسكين حفل عقد قرانه يتحدث مع قصي الذي لم يصمت منذ بداية السهرة و كأنه كان جائع للحديث و الصحبة !
.....................
" لم اكن اعرف انكِ و ادم صديقان "
ألقاها جاسم الذي كان يحمل حقيبة صغيرة بها بعضاً من اغراضه ليأخذها معه وهو عائد الى شقته محاولاً اظهار اللامبالاة في نبرته فالتفتت له وصال تحاول السيطرة على جسدها ووهنه أمامه ثم قالت بخفه وهي تحرك كتفها باستهانة :
" و اين المشكلة ؟! .. ادم مثله مثلكم جميعاً ، ابن عمتي و صديقي "
هز جاسم رأسه متفهماً ثم سألها بلؤم مقصود دون أن يفهم ما دفعه لهذا السؤال :
" وهل انا في نفس خانة الصداقة مثلهم ؟! "
فردت هي لؤمه بثبات جبار حين اجابته :
" بالطبع .. جميعكم عندي في نفس الخانة "
لا يعلم ماذا داهاه ليقترب منها قائلاً ببعض السخرية من حديثها الكاذب :
" آه حقاً ! .. و انا ظننت ان وجعي يوجعك لأنني لست مثل أمين ! "
نظرت له وصال للحظات ثم أطلقت العنان لضحكتها الرنانة فيما تقول بسخرية اقوى و جرأة كبيرة تمثل دور الاندهاش ببراعة :
" ربااااااااه انت ماذا وصل اليك بالضبط من حديثي ؟! .. بحق الله يا جاسم لو كان أي شخص آخر من العائلة مكانك لقلت له نفس ما قلت لك من باب المواساة لا اكثر .. ألهذا تركتني و رحلت بهذا الشكل المريب يومها ؟! .. انت مضحك اقسم بالله "
ابتسم لها جاسم ساخراً فمن تقف أمامه و تتلاعب بذكاء تظن أنها ستتفوق عليه به لا تعلم أنه و بغض النظر عن اعترافها الغير مباشر الذي القته بوجهه اصبح يدرك ما تكنه له من ذلك الخطاب الذي وقع بين يديه بالصدفة البحتة لذلك مهما أنكرت أمامه الان و مثلت عليه سيظل هو متقدما ً عليها بخطوه ..
آه .. من كان يعتقد أنه سيأتي يوم و تقف أمامه تلك القصيرة التي كانت تصعد فوق كتفيه و تكن له المشاعر لكن تتدلل أمامه بل و تتحداه أيضاً !
بل من كان يظن أنه سيتحمل هذا الأمر و يقف ليشاهدها بفضول و شيء آخر يتولد داخله لا يدري كنهه فيشاهد براعتها التي مهما ازدادت لن تنطلي عليه !
عجيب تقلب القلوب و تغير النفوس !
وصال التي كان يتهرب منها حتى لا يرى وجه الأخرى فيها تقف أمامه الان وتطمس بشقاوتها و ذكاء ردودها ملامح من كانت تشبهها في عينيه بل و تثير داخله رغبة قوية في الاستمرار في حياته بعد أن اوقفها هو بكل غباء على من لا تستحق !
يعلم جيداً أنه لا يزال بحاجة إلى بعض الوقت حتى يتخطى ما حدث و ما اكتشفه فما عاش بداخله لأعوام لن يختفي بكبسة زر لكن الأمر أشبه بلوحة تتكون داخله ببطء و الأمر المثير للاهتمام أنه اكتشف ان قصيرة القامة هي من تضيف ألوانها على لوحته دون حتى أن تتقصد ذلك !
اجفل جاسم و اقترب بسرعة عندما ترنحت وصال رغماً عنها فأمسك بها هاتفا ً بقلق :
" ما بكِ ؟! "
شتمت وصال في سرها بغضب و داهمها الخوف لأول مرة مما يحدث معها لكن كل تلك المشاعر لم تظهر في اجابتها المرحة و هي تحاول استعادة ثباتها بكل طاقتها :
" و ماذا سيكون ؟! .. لم يطعموني منذ الصباح و يطلبون مني العمل مثل الثور ، طبيعي جدا أن تكون هذه نهاية يومي "
ابعدت وصال يده عنها فيما تكمل مسرحيتها تتجاهل تماماً انتفاضة جسدها التي داهمتها حين أمسك بها وقالت أمام عينيه القلقتين :
" سأذهب الى المطبخ حتى يطعموني شيئاً ما "
لتهمس بضحكة ساخرة مصطنعة قبل أن تغادره :
" و انت هيا اذهب و استعذ بالله من وساوس الشيطان التي نتجت عن حديث عابر "
ظل جاسم مقطباً يتابع اختفائها عن عينيه دون أن يغادره القلق !
فهذه المرة الأولى التي يرى وصال فيها شاحبة الوجه هزيلة الجسد بهذا الشكل الملفت !
ترى هل تسعى خلف وصفات التخسيس كعادتها ام إنها مريضة ؟!
لا .. لا ، بالتأكيد هذه الحمقاء مرهقة لأنها تتبع حمية غذائية جديدة رغم أنها ليست بحاجة إلى هذه السخافات !
هذا ما أخبر به جاسم نفسه و هو يستعد للرحيل مجدداً دون أن تفوته نظرة جده الغير راضية التي يرسلها إليه من بعيد لكنه لا يود العودة إلى هنا قبل أن يعود ولو قليلاً إلى نفسه ولا قبل أن يرتب أولوياته جيدا ً حتى يرى ما ستحمله له المرحلة المقبلة من حياته و يستعد لها فلا يتعرض لما تعرض له مسبقاً .
......................................
( صباح اليوم التالي )
" عهد ! .. ماذا تفعلين هنا ؟! "
توقفت حركتها تغمض عينيها بيأس بينما لم ينتظر هو التفاتها له و تحرك ليقف أمامها لتتسع عيناه وهو يرى ملامح ليلة بكاء طويلة تبدو جلية فوق صفحة وجهها فتنفس امين بعمق كابتا ً داخله كل ما يشعر به كما اعتاد أن يفعل ليقول في النهاية و بمنتهى الغباء و بعد لحظات طويلة من التوتر من جهتها :
" لم اكن اعلم انكِ أحببته بهذا القدر في هذه الفترة القصيرة "
جزت عهد على أسنانها و نظرت الى امين بغضب جلي ثم قالت بصوت مكتوم بنبرة صوت آمره لأول مرة تستخدمها معه :
" امين .. انا لا اريد كلام في هذا الأمر مجدداً "
حاولت بعدها تخطيه لتكمل طريقها الى مكتبها لكنه سد عليها الطريق بجسده فيما يقول بهدوء يصيبها بالجنون :
" هلا تحدثنا أولاً ! .. من فضلك رافقيني الى مكتبي فلا يصح أن نظل واقفين هكذا في منتصف الشركة "
تكلمت عهد من بين أسنانها بغضب لم يفهم هو سببه :
" قلت لا .. لا اريد "
لتتحرك بعدها و تتركه واقفاً مكانه ينظر في إثرها بتفهم ..
مؤكد تعرضت ليلة البارحة لكل انواع الأذى النفسي !
يستطيع تخيل رد فعل العم إمام الغاضب لأنها تخطته و أنهت هي الخطبة بالاتفاق مع أنس دون الرجوع إليه !
كما أنه متأكد انها لم تنم منذ ليلة البارحة و لم تنل طعم الراحة بسبب إصابتها بالقولون العصبي الذي لا يذيقها طعم الراحة اذا ما قرر مهاجمتها.
حتى إنه تعجب فور أن رآها أمامه ، لقد كان يعتقد انها لن تأتي اليوم حتى تريح اعصابها من كل ما حدث معها في الأيام الأخيرة !
فهو كان شاهد بنفسه على تعبها و ضيقها بل و تشوشها الذي كان هو مصدره بتصرفاته الاخيرة معها !
وقف امين مكانه مطرقاً للحظات قبل أن يتخذ قراره و يذهب خلفها مقسماً في نفسه انها سيسعى جاهدا إلى إخراجها من حالة الاكتئاب التي المت بها و ليعينه الله و يصبره اذا اعترفت أمامه بحبها للآخر !
دخل الى مكتبها دون استئذان كعادته ليجدها تجلس على كرسيها بينما تميل بنصف جسدها للأمام و تسند رأسها إلى سطح المكتب الخاص بها فتحرك ببطء إلى أن وقف أمامها ثم قال مرة واحدة :
" بحق الله ماذا تفعلين هنا يا عهد ؟! .. هل هذا مكان تهربين إليه من المنزل ؟! "
رفعت عهد رأسها بإجفال ثم سألته بعدم تركيز :
" هل طرقت الباب قبل دخولك ؟! "
قطب امين متفاجئاً من سؤالها ليرد بعد عدة لحظات بصوت محرج و هو يهرش في رأسه :
" غالباً لا ! "
زفرت عهد بقنوط لتغمض عينيها بغيظ منه تود لو تقذفه بإطار الصورة الصغير الموضوع أمامها !
فها هو عاد إلى تخاذله القديم بعد أن كاد ينطق ليلة البارحة بعد معاناة !
رباه هل وصل بها الحال لأن تظل مستيقظة لليلة كاملة بسبب كلمة حب ناقصة منه !!
زاد حنقها من نفسها و منه فقالت ببعض الوقاحة المطلوبة في مثل هذه اللحظات :
" انا اريد البقاء لوحدي لو سمحت "
اقترب منها امين فيما يقول بمراعاة يبرع في تقديمها :
" انا صديقك المقرب قبل اي شيء يا عهد و أنتِ تعلمين جيداً انني لا امانع ابداً مشاركتك فيما تمرين به "
بطنها تتقطع من الوجع ..
رأسها سينفلق نصفين من الصداع ..
ضغطها تشعر به منخفضاً للغاية ..
و هو يقف أمامها و لا يزال يقول صديقك !
ألا يفهم ؟! .. ألا يشعر ؟!
تنهدت و حشدت كل طاقتها حتى تخرج صوتها طبيعياً ثم قالت بكل ما اوتيت من صبر :
" شكرا ً لك يا صديقي لكني اريد البقاء بمفردي .. هل ستتركني بحالي ام اذهب و ابحث عن مكان آخر اجلس فيه بهدوء ؟! "
رغماً عنها ارتفعت نبرة صوتها في نهاية حديثها ليقطب امين قائلاً ببوادر غضب :
" لما تتحدثين معي هكذا ؟! .. ماذا فعلت لك انا لتتعاملي معي بهذا الأسلوب ؟! "
هل غضب ؟!!
هل تجرأ و أعطى لنفسه الحق بالغضب ؟!
يا الله !!!!!!
نهضت عهد و أمسكت بحقيبتها فيما تقول بغضب استولى عليها فوقعت فريسةً له :
" لا شيء ، انت لم تفعل أي شيء .. انا دائما ً من تفعل و انا ايضا ً من ستفعلها الان و تغرب عن وجهك "
تحركت لتتخطاه لكنه امسك بها يديرها ناحيته من جديد فيما يقول بغضب مكتوم :
" كل هذا الغضب لأجله ؟!! "
نزلت دموعها بقهر منه و من غبائه اللامحدود في كل ما يخصها فوجدت نفسها تصرخ بوجهه مره واحده و هي تخلص ذراعها منه :
" تباً لك ... ابتعد "
فركض هو خلفها و اغلق باب المكتب قبل أن تصل إليه ليقف أمامها قائلاً بغضب شديد و ما زال عقله لاه عن الإشارات :
" لم يكن يستحقك .. لم يكن سيحبك بالقدر الكافي "
أمسكت عهد ببطنها التي تصرخ ألماً ثم قالت بنشيج قطع نياط قلبه اكثر من توسلها نفسه :
" لوجه الله تتركني لحالي ، انا لست حمل هذا الحوار الان .. ارجوك "
لم يتحمل امين توسلها إليه فأمسك برأسها يضمها إليه يربت على ظهرها و هي كانت أضعف بكثير من أن تمانع أو تعترض على هذا القرب في هذه اللحظة بالذات فتركت نفسها تبكي حبه فوق صدره بينما يظن هو أنها تبكي اخر غيره فيهمس لها بما يرى أنه مواساة :
" ستجدين الافضل ، اعدك بذلك و غداً سترين بنفسك "
في عز بكائها اخترقت جملته سمعها فضحكت وسط بكائها بيأس و قلة حيلة ثم قالت ترد عليه دون أن يسمح لها هو بالابتعاد :
" اصمت يا امين .. اصمت لا اريد ان اسمع صوتك الان "
نفذ أمرها مكرهاً لتمسح هي دموعها و تبتعد عنه فتتسمر امام عينيه التي نشأت على حبها تنظر لها بعاطفة اجادت هي قراءتها !
و كيف لا تدركها من أول لحظه و هي التي عاشت عمرها بأكمله تحلم بمثل هذه النظرة التي تظلل عينيه ؟!
كيف لن تدرك حال قلبه حين ينبض لها و هي انتظرت أعوام و أعوام بقلب ينتظر من صاحبه مجرد الالتفات له ؟!
لم تدرك عهد انها غاصت و تاهت في نظرته إلا حين اقترب منها مبعداً شعرها عن وجهها الاحمر الذي يحمل اثار البكاء ليمسح ما تبقى من دموعها بيديه هامساً لها بثقة و إجلال :
" انتِ عهد .. يكفي أن تنظري بعينيكِ الفاتنتين هاتين لأي رجل فيعلن سقوط قلبه تحت سطوتك بكل سعادة و ترحاب "
سألت عهد تستجديه النطق :
" اي رجل ؟! "
فيجيبها هو دون أن يقدر على إبعاد عينه عنها للحظة :
" اي رجل "
فتعيد سؤالها من جديد بهمس خافت :
" اي رجل يا امين ؟! "
و يعيد هو إجابته بكل ثقة :
" اي رجل "
" حتى انت ؟!! "
لم تدري عهد انها نطقت بسؤالها الأخير الا حين اتسعت عيناه للحظه و التمع بهما الإدراك المتأخر فتورد وجها بحرج شديد تشتم نفسها على ما فعلت و ما باحت به في لحظة جنون لتتحرك بعدها بغير اتزان تحاول الهرب من أمامه فيمسك هو بها مجدداً قائلاً بصدمه :
" انتظري ... انا ؟!! "
" اتركني "
قالتها عهد بخفوت و عنف تتمنى لو أن الأرض تنشق و تبتلعها في تلك اللحظة بعد ما فعلت بنفسها !
لقد اعترفت له !!
توسلت إليه ضمنياً حتى يشعر بها !
اهانت نفسها و رخصتها و ......
" لكن أنا احبك "
هتف بها امين دون أن تختفي صدمته من بين حروفه لتتسمر هي بين ذراعيه تنظر إليه برهبة فقال مجدداً بثرثرة غريبة عن طبعه :
" انا ... انا اريدك و ارغب بك و اغار عليك و اريدك بجواري ، انا اعلم انني لست رومانسياً كأبطال احلامك لكني سأكون معك مثل ما كنا دائما ً بل و اقرب لأنني أريد هذا و اشعر به .. انا ..... تباً "
هتف بها امين بتوتر شديد حين ركز فيما يهذر به ليتنفس بعدها بعمق يطالع ملامح وجهها التي تنظر له بغير تصديق فيهمس مجدداً بذهن اكثر صفاء و كأنه استعذب ما يقوله :
" انا احبك جدا يا عهد "
و كأنها ليست نفس الفتاة التي شتمت نفسها لتهورها منذ لحظات إذ همست بغير تصديق مرتعبة من أن تجد كل ما تمر به الان مجرد حلم :
" حقاً ؟!! "
فيهز هو رأسه قائلاً بسذاجة قاتلة :
" اقسم بالله انا لا اكذب .. انا احبك "
نزلت دموعها مجدداً فأستطرد هو و قد ُقطع ما كان يلجم لسانه و يحجب رؤية حبها عن عينيه :
" انا اسف .. اعلم انني لست ذكياً بما يكفي في تلك الأمور و لا أدركها بسهولة لكن ..... "
كانت عهد صامته كلياً تستمع بل و تستمتع بما يقوله لها
تتشرب كل تفاصيله بنهم محرومة ليكمل هو بعد لحظات بأفكار مشوشه بصوت اكثر دفئاً مكرراً لها ما لن تمل من سماعه أبداً :
" انا احبك و أدركت أنني كنت احبك دون أن ادري و منذ زمن طويل .. احببتك منذ أن تعاهدنا على أن تظل صداقتنا في المقام الأول قبل كل شيء .. احببتك حين كنتِ تفهمين بمفردك ما يدور بخلدي و تتصرفين على أساسه ، احببتك حين كنتِ تفهمين ما أمر و أشعر به دون أن أتكلم ، انا ... رباه انا احبك لن اقدر على خسارتك من جديد ! "
حلق الصمت فوق رأسهما فكان هو يتنفس بعنف و كأنه وصل اخيراً بعد سباق طويل بينما كانت تقف هي قبالته بقلب رُدت إليه نبضاته تنظر إليه بلا شبع بعيون دامعه تعاكس تماماً ملامحها التي رُسم فوقها الارتياح و كأنها كانت تركض أميال و أميال بلا هوادة و أخيراً وجدت طريقها !
" ألن تقولي شيئاً ؟!! "
أخرجها سؤاله المتردد من أفكارها التي يحتلها هو فهزت رأسها نفياً فيما تقول بابتسامة عريضة شملت كل وجهها :
" لا ، لقد تكلمت كثيرا ً .. والان دورك انت ، تكلم يا امين .. إياك أن تصمت .. تكلم "
امتدت يده تبعد خصلة متسللة من شعرها للخلف ثم اقترب منها هامساً :
" تحبيني ؟!! "
ضحكت بخفه و فرت منها دمعة سعادة أخرى ثم هزت رأسها بلا أمل منه فيما تجيبه بنبرة مهتزة من البكاء :
" احمق "
مسح دمعتها بطرف ابهامه ليسألها من جديد و قد انتقلت ابتسامتها إليه :
" تشتاقين إليّ ؟! "
تغافلها دمعة أخرى و تسقط فيما ترد عليه من جديد بهمس خافت :
" غبي "
فيمسك بوجهها بين يديه كما امسك بقلبها منذ وقت بعيد و يهمس لها بحرارة :
" هل تتزوجيني ؟! .. و إذا شتمتني مجدداً سأقبلك يا عهد ولن يرحمك مني احد "
فتضحك هي بخفوت و تزداد دموعها انهماراً لترد بصوت يكاد لا يُسمع لكنه اخترق قلبه :
" انا احبك "
ازداد ضغط أصابعه على وجهها ليقربها منه يقبل جانب رأسها ثم يضعها بجوار قلبه زافراً بارتياح شديد بينما تصرفت هي بعكس طبيعتها المتحفظة و لفت ذراعيها حول خصره تنعم بوجودها اخيراً بين ذراعيه تتنفس عطره و تغمض عينيها براحة يشاركها هو بها ليظلا هكذا لدقائق معدودة قبل أن تبتعد هي عنه بعد أن اخرست صوت عقلها الذي يوبخها بفداحة ما تفعل بما يكفي فنظر هو في عينيها قائلاً بصوت مشحون :
" سآتي و اتحدث مع العم إمام الليلة "
" لا "
هتفت بها بإجفال فرفع امين حاجبيه باستغراب يسألها بعينيه عن السبب فتنهدت هي بضيق فيما توضح له :
" ليس الان .. ابي غاضب مني للغاية يا امين و إذا جئت له الان قد يرفض الأمر "
قطب امين يردد متفاجئاً و مستنكراً :
" يرفضني ؟! .. العم إمام ! "
" الأمر ليس له علاقة بشخصك يا امين بل بالتوقيت .. التوقيت خاطئ تماماً الان ، فلننتظر قليلاً حتى يهدئ الوضع أولاً ثم نفاتحه في الأمر "
اومئ لها متفهماً على مضض ثم قال مغيراً الموضوع :
" حسناً .. اريدك ان تأتي معي اليوم حتى نراضِ جدي ، لقد طال غضبه علينا هذه المرة "
ابتسمت له عهد موافقة ثم قالت بتردد بعد لحظات تشاركه أفكارها كما اعتادت :
" هناك أمر ما أعلم أن هذا ليس وقته لكني ..... "
انتبه لها يحثها على التحدث فتنهدت عهد فيما تقول بتعثر :
" يعلم الله اني لا اقصد شيئاً بعينه لكن يجب أن اخبرك انه في ذلك اليوم الذي سُربت فيه الملفات جزاء كانت في المكتب و حين رأيتها قالت إنها تبحث عنك لتعطيك شيئاً لكنها لم تكن تحمل شيئا ً من الأساس "
قطب امين ثم قال بتلقائية :
" لكن الكاميرات أظهرت دخول ..... "
قاطعته هي تكمل :
" أعلم .. اعلم لكني لا استطيع اخراج صورة ذلك الرجل حين أخذه بكر معه و هو يهتف بحرقه انه لم يفعل شيئاً من عقلي "
" هل تقصدين أن جزاء هي من اخذت الملفات و أعطتها لصخر ؟! .. لكن جزاء لا تعرف شيئاً عن صخر من الأساس ولم تقابله أبداً "
هزت عهد رأسها فيما تهتف :
" لا .. انا لا اقصد شيئاً بعينه ، انا فقط اخبرك بما اشعر .. هو مجرد احساس لكني لن اظلمها ابدا ً و ادّعي عليها بشيء "
ابتسم لها امين ثم قال بعدها بنبرة مطمئنة :
" لا تشغلِ رأسك بهذه الهواجس .. لقد أظهرت الكاميرات دخول وجدي الى المكتب في فترة الاستراحة كما أنه اعترف لبكر أنه يعمل لصالح صخر لذا من الواضح أن الأمر بعيد تماماً عن جزاء كما أنها لا تملك أي دافع لخيانتنا "
هزت عهد رأسها بتفهم و موافقة فقرص امين وجنتها فيما يقول :
" كثفِ جهودك في مصالحة اباكِ حتى اطلبك منه في اسرع وقت واتركِ ما تبقى عليّ "
ابتسمت له عهد بألق جديد عليها وعليه ثم ذهبت الى الحمام حتى تغسل وجهها بينما عاد امين الى مكتبه مقطباً بعدم ارتياح !
لما اتت جزاء الى مكتبه في غيابه ؟!
ما الذي أرادت إعطائه له ؟!
هل يمكن أن يكون ظن عهد في محله و أن جزاء فعلتها لكن بكر تصدى للأمر و اخفاها هي عن أعينهم ؟!!
هو أكثر من يدرك طبيعة بكر العاطفية خاصة ً حين يمس الأمر جزاء !
و الاحداث المتتابعة التي مروا بها جميعا ً تبدو له غير منطقية و خاصةً خطبة بكر وجزاء التي كانت ملامحها تشي بعدم الرضا في معظم الأوقات عن كل ما يحدث !
تباً ما هذه الدوامة ؟!!
تنهد امين بضيق يواجه نفسه بأن حتى لو كانت جزاء من فعلتها فمن المستحيل أن يجد دليل واحد يدينها لأن بكر سيكون قد أتلف كل ما يثير الشكوك حولها !
قاطع أفكاره طرقات فوق الباب ليدخل بعدها بعض الموظفين فيلتهي هو بعمله من جديد دون أن تغادر الشكوك عقله .
............................
" صباح الخير "
ألقت وصال تحيتها على مضض فالتفت ادم لها قائلاً بابتسامته التي قلما تغادر محياه :
" يا ألف اهلا وسهلا .. انرتِ مشفانا المتواضع بوجودك آنستي "
قطبت وصال بطفولية فيما تقول بعداء مضحك :
" توقف عن الاستظراف و هيا لننهي هذا الأمر "
ضحك ادم بانطلاق فجذب بعض الأنظار إليهما ثم أشار لها بمرافقته و هو يقول بمكر و استفزاز :
" لما تستخدمين هذا الوجه معي ؟! .. الا تزالين تخافين الابر ؟! "
نظرت له وصال بضيق فضحك هو و بدأ يطمئنها إلى أن وصلا إلى مكتب الأطباء فسألته وصال بقلق :
" أليس من المفترض أن نذهب للطوارئ ؟! "
ضحك ادم و هو يجلس على طرف مكتبه فيما يقول :
" الطوارئ لعامة الشعب اما ابنة الحسب و النسب لا يلائمها غير افخم مكان في المستشفى حتى نسحب منها عينة الدماء و نفحصها بعدها "
جلست وصال على الكرسي المقابل له فيما تقول بضيق و توتر :
" توقف عن هذا ، انا لست في مزاج يتحمل سخافاتك "
ضحك ادم بخفه ثم رفع يديه قائلاً باستسلام :
" حسناً لأعترف إذاً .. لا اريد فضائح في قسم الطوارئ ، إذا اخذتك الى هناك سيظل القسم يتحدث لعام مقبل عن قريبة الدكتور ادم التي تخاف الابر "
تنفست وصال تكبت ضيقها مما يحدث كله لولا أنها تخاف أن يخبر امها بشكوكه حولها و لولا أنها هي نفسها خائفة مما ألم بها في الأيام الأخيرة لما اتت الى هنا و لو على رقبتها !
ضغط ادم على زر بجواره فيما يقول مطمئنا ً :
" لا تخافي .. الامر كله لن يأخذ دقيقتين و لن تشعري بشيء "
اتسعت عينا وصال حين دخلت الممرضة التي تفحصتها للحظات ثم اخبرها ادم بما يريد لتمر بعدها عدة دقائق سألها فيها ادم عدة أسئلة متكررة عن نظام نومها و تغذيتها لتدخل بعدها الممرضة من جديد تحمل السرنجة و القطن ..
زحفت البرودة على طول عمودها الفقري و نهضت برعب فنهض ادم بالمقابل و اغلق باب المكتب تحسباً لأي فضيحة قادمة لا محالة ثم عاد إلى وصال التي ضمت قبضتها برعب و توتر و اتسعت عيناها تراقب عمل الممرضة بعينين دامعتين من الخوف دون أن تجرؤ على التحرك فيما تنظر إليه هو باستغاثة مضحكة !
" اجلسي و ارفعي كم القميص "
القتها الممرضة بعملية فازداد رعب وصال وقالت وهي تهم بمغادرة المكان :
" لا .. لقد غيرت رأيي ، لا اريد "
امسكها ادم قبل أن تخرج من الغرفة أمام عيني الممرضة التي كانت تنظر لها بحنق تتأفف في سرها من دلع فتيات هذا الجيل فيما قال ادم بتحفز :
" تعالي الى هنا ، الى اين أنتِ ذاهبه ؟! .. لا تخافي انا معك "
دمعت عيناها بطريقة كادت تضحكه بعلو صوته لكنه احترم خوفها خاصة ً و برودة يدها بين يديه توضح له معاناتها في هذه اللحظة بينما همست له هي بخوف :
" لا اريد يا ادم .. ارجوووك "
ابتسم لها حتى يطمئنها ثم سحبها الى الداخل مجدداً فيما يقول بمهادنة كأنه يخاطب طفلة :
" سيستغرق الأمر اقل من دقيقة .. و سأمسك بكِ ، هيا يا صولا أنتِ اشجع من هذا "
عوجت الممرضة شفتيها يميناً ويساراً و هي ترى الطبيب المحترم يُجلس تلك المائعة فوق الكرسي مجدداً و يجلس القرفصاء بجوارها يساعدها في رفع كمها دون أن يتوقف عن مهادنتها للحظة لتمسك هي بها اخيراً و تغرس الإبرة في وريد المائعة التي أطلقت صرخة قصيرة بوجع و خبئت وجهها في كتف دكتور ادم و بكت بطفولية لزجة !
سحبت الممرضة العينة ثم جمعت حاجياتها دون أن تتوقف عن البرطمة ليشكرها ادم بكياسة متجاهلاً اخر ما سمعه منها عن الدلال الزائد لينظر بعدها إلى كف وصال التي كانت تقبض على معصمه بقوه فربت عليها قائلاً بهدوء :
" انتهى الأمر يا بسكوتة ، هيا اتركيني و كفي عن البكاء "
نهنهت وصال بشكل مضحك ثم ابتعدت عنه تمسح وجهها بيدها (السليمة) فيما تشتكي بنبرة مضحكة :
" لقد غرستها بكل قوتها .. هذه الممرضة تقصدت ايذائي "
ضحك ادم ثم ضربها على رأسها بخفه فيما يقول و هو ينهض اخيراً و يجلس أمامها قائلاً بمزاح :
" اجل .. لقد كرهتك من اول نظرة لهذا تخطط لقتلك بالحقن "
نظرت له بغير رضا بينما مد هو يده لها بمنديل ورقي ثم أشار إلى الحمام خلفها فيما يقول :
" انهضي و اغسلي وجهك .. لقد تلطخ بالكحل "
اخذت منه وصال المنديل و نهضت لكنها توقفت تسأله بخوف ما زال يؤثر عليها :
" ما الخطوة التالية ؟! "
ابتسم لها ادم و استرخى في جلسته ثم قال :
" لا شيء .. سنكتفي بتحليل الدم مؤقتاً ، و الآن اذهبِ و تعالي نجلس قليلاً حتى تظهر نتيجة التحليل "
" بهذه السرعة ؟! "
ضحك ادم ثم أجابها بغرور مصطنع :
" بالطبع .. هذا نتيجة وجودي معك ، حتى تعرفي اهميتي ايتها الجاهلة "
ضحكت له وصال بخفة و اختفت خلف باب الحمام للحظات ثم عادت من جديد لتجده احضر لها كأس عصير ثم ناوله لها فيما يقول بمزاح لا ينتهي عله يخفف من حدة توترها البادي عليها :
" اشربي و عوضي ما سحبناه منكِ .. من حظك الجيد قلة عدد الحالات اليوم ، سنجلس دون مقاطعات "
ابتسمت له بمجاملة ثم تسامرت معه قليلاً لتمر نصف ساعة أو أكثر حين عادت إليهم نفس الممرضة السابقة تحمل ورقة النتائج بيدها فابتسم ادم حين رأى القلق والتوتر يعودان إليها ثم قال بخفوت :
" لا تخافي بهذا الشكل .. ان شاء الله خير "
" إن شاء الله "
همهمت بها وصال بينما بدأ هو بقراءة النتائج بملامح غامضة و لم يغيب عن عينيها تغير نظرته لينهض هو بعدها و يجلس أمامها من جديد قائلاً بهدوء مقلق و ملامح وجهه تخبرها أن ما ستسمعه لن يعجبها على الاطلاق :
" وصال .. عادةً في مثل هذه الحالات يستخدم الطبيب الأسلوب المباشر في......... "
قاطعته وصال فيما تقول بملامح صلبة تستخدمها كدرع صلب يحميها في مثل هذه المواقف :
" بدون مقدمات يا ادم لو سمحت .. ما الذي أعاني منه ؟!! "
قطب ادم ثم تنهد وقد اختفى المرح من فوق صفحة وجهه تماماً ثم مد يده بحذر و امسك بيديها الباردتين بدعم فيما يقول بهدوء دون أن تحيد عينيه عن عينيها :
" للأسف الشديد .. نحن نواجه سرطان الدم "

نهاية الفصل الرابع عشر

قراءة سعيدة ❤❤


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-19, 09:52 PM   #93

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة reem1997 مشاهدة المشاركة
صحيح عهد لازم تنهي المهزلة الي هي فيها .. ما تعايشت معاه او ارضته وهي لس خطيبته كيف اذا تزوجته ..هي تخرب حياتها وحياته ...
وجزاء وبكر والنظرات القاتلة 😂😂😂😂😂
سلمت ي جميلة على هذا الفصل الاكثر من رائع ..
وشكرا لك على التزامك معنا 🌹💐💐
شكرا ليكي انتي يا احلى ريم منوراني بمتابعتك


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-19, 09:58 PM   #94

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Msamo مشاهدة المشاركة
اخيرا كدة بكر يقدر يلاعبها صح
عهد يجب أن تنهي مهزلة خطبتها
سلمت اناملك
تسلمي حبيبتي نورتيني


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-19, 10:24 PM   #95

Reem1997

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Reem1997

? العضوٌ??? » 410013
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,948
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » Reem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 4 والزوار 8)
‏Reem1997, ‏amana 98, ‏princess of love, ‏طيف فراشة


Reem1997 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-19, 10:03 PM   #96

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هنزل الفصل حالا


الفصل الخامس عشر :
( بعد عدة أيام )
ملل .. ملل .. ملل
منذ عدة أيام فقط كان المنزل يضج بالحركة و الان يبدو لها كمقبرة جماعية !
مقفر و صامت و كأن ساكنيه قد هجروه !
في العادة هي لا تعطي اي أهمية لمثل هذه الأمور لأنها تقضي معظم وقتها في غرفتها لكنها اليوم تشعر بالسأم لأنها جلست في المنزل و لم تذهب إلى الشركة كما اعتادت في الفترة الأخيرة ..
فحين استيقظت شعرت بالتعب و الارهاق و بعد أن تفحصت تاريخ اليوم أدركت أن دورتها الشهرية هي السبب ففضلت الراحة اليوم لكنها ندمت فيما بعد ..
فمنذ الصباح و هناك شيء غير طبيعي في الأجواء !
شيء له علاقة بعمها أو بحماها المستقبلي ..
ذاك الرجل الذي يختفي كعادته كل صباح بعد الفطور ثم يعود بعد الظهيرة بقليل اليوم اختفى نهائيا ً و قبلها أيضا لاحظت ان معظم العاملين اليوم يتجنبون التحدث معه !
تأففت جزاء بضجر ثم أمسكت بجهاز تحكم التلفزيون و اشغلته لتسلي وقتها لكنها لم تجد ما يثير اهتمامها لكن قبل أن تغلقه وجدت بكر يدخل الى حيث تجلس بغرفة الجلوس بملامح هادئة عكس عادته معها فأزداد توجسها مما يحدث حولها و لا تفهمه .. فهذا ليس موعد عودته من الأساس !
ترى ما الذي جلبه باكراً ؟!
جلس بكر جوارها على الأريكة بصمت ثم اجفلها حين مال بجسده مرة واحدة و وضع رأسه على فخذها متخذاً وضع الاستلقاء مما جعلها تهتف بخفوت و هي تحاول إزاحته عنها :
" ما الذي تفعله ؟! .. لا يصح أن يراك احد هكذا "
تنهد بكر باحثاً بيده عن يدها الى ان وجدها و امسك بها قائلاً بصوت هادئ .. خالي من اي انفعالات :
" ليس اليوم يا جزاء ، دعي النقار في وقت لاحق "
كادت أن تسبه و تخبره انها تتحدث بجدية لكن بدلاً من ذلك وجدت نفسها تتنهد بصبر ثم تسأل بفضول خاصة ً و انها و لأول مرة تراه هادئاً بهذا الشكل :
" ما الذي يحدث اليوم ؟! .. هناك شيئاً غير طبيعي في الأجواء "
اراح بكر رأسه جيداً فوق حجرها ثم فتح عينيه بعد ذلك قائلاً بهدوء :
" ألم يخبرك أحد ؟! "
" عن ماذا ؟! "
زفر بعمق ثم اغمض عينيه مجدداً فيما يقول بصوت مكتوم :
" اليوم ذكرى وفاة امي "
اجفلت جزاء للحظات ولم تدري ماذا عليها أن تقول لتجد نفسها تحدق فيه لأول مرة بتمعن وعجز مستغلة اغماضه لعينيه ثم قالت بعدها بصوت خفيض :
" لم اكن اعلم .. البقاء لله "
فتح بكر عينيه يطالع ملامحها ثم ابتسم بحزن يجيبها بما يقال عادةً في مثل هذه المواقف لتسأله هي بعد لحظات بفضول لا ينتهي و هي تتهرب من عينيه المتفحصتين :
" الى اين ذهب اباك ؟! .. هل ذهب إلى المقابر ؟! "
امسك بكر بيدها و وضعها فوق صدره يربت فوق قلبه بها مما اربكها اكثر ثم أجاب سؤالها غير آبهاً لرجفتها :
" ابي يذهب إلى زيارة امي مرتين كل اسبوع و يقضي هذا اليوم دائما ً كله معها "
" واضح انه كان متعلق بها كثيرا ً "
ابتسم بكر بدفء دون أن يفتح عينيه ليهمس بعد عدة لحظات بصوت خفيض للغاية :
" جداً .. لم ارى رجلاً يحب امرأته مثلما كان يحبها "
ترحمت جزاء عليها من جديد ليفتح هو عينيه و يداعب أطراف شعرها فيما يقول بثرثرة :
" هل اروي لكِ قصتهما معاً ؟! "
شعرت جزاء انه بحاجة إلى الثرثرة فلم تبخل عليه بما يريد و اومأت له بخفه فأبتسم لها بتقدير ثم أغمض عيناه من جديد قائلاً بخفوت :
" ابي كان رجلاً هادئ الطباع للغاية و كان حلمه الالتحاق بكلية الهندسة لكن جدي وقف أمامه و أصر على التحاقه بكلية الشرطة معوضاً فيه فشل عمي فاروق في اختبارات الكلية .. ففي رأي جدي كان لابد أن يكون للعائلة ذراع في الداخلية لا لشيء سيء لكن كنوع من أنواع تسهيل أمور العمل و المصالح "
طالعت جزاء ابتسامته الساخرة التي احتلت وجهه بترقب ليكمل هو بعد لحظات :
" و أمام إصرار جدي وافق ابي مرغماً رغم ضيقه من الأمر برمته لكنه لم ينسى الأمر ابداً لجدي، و بعد فترة و رغم انكسار قلبه مما حدث استسلم ابي للأمر الواقع و كون العديد من الصداقات كان من بينهم اشرف زين عبد الناصر الذي أصبح خالي بالمناسبة .. لتمر السنوات و يزداد تقاربهم حتى ُكللت صداقتهم بالمصاهرة بعد أن وقع ابي في حب امي بشقاوتها التي أخذت منها وصال اختك الكثير دون أن أفهم السبب وراء ذلك بصراحة "
قال اخر كلماته ضاحكاً بخفه فابتسمت له جزاء تنتظر منه أن يكمل ليتنهد هو ثم يقول بعدها :
" المهم .. تزوجا و انجبانا و حياتنا كانت طبيعة كأي أسرة إلى أن قبض ابي على رجل اعمال مهم بتهمة غسيل الأموال و رغم محاولات الرجل المستميتة لنفي التهمة عن نفسه إلا أن ابي كان يكبله بأدلة إدانة لا حصر لها لينتهي به الأمر محكوماً عليه بالسجن لمدة طويلة "
صمت بكر قليلاً و تغيرت ملامح وجهه فعلمت أن الجزء الأصعب من القصة قد حان و لم يخيب ظنها إذ استطرد بعدها :
" اعتقدنا أنها النهاية لكن الرجل بدا كالثور الهائج بعد ما حدث له و ارسل من عبث بسيارة ابي و شاء القدر أن تقرر امي في هذا اليوم الخروج معه لسبب لا اذكره لتنقلب بهم السيارة لعدة مرات مما أدى إلى إصابة ابي بجروح خطيرة دخل على إثرها في غيبوبة لعدة اسابيع بينما توفيت امي بعد دخولها المستشفى بسبب نزيف داخلي لم يستطيع الأطباء السيطرة عليه فأودى بحياتها "
دمعت عينا جزاء لكنها تماسكت تستغرب الوجع الذي تسلل إلى قلبها بينما فتح هو عينيه أخيراً مكملاً بصوت مكتوم :
" حين استفاق ابي من غيبوبته و أخبرناه بما حدث شعرت بأن هناك جزء منه مات معها ، الجزء الاغلى على الاطلاق .. الجزء الذي يبقيه حياً .. رأيت بأم عيني المعنى الحقيقي لكلمة ميت على قيد الحياة "
كان بكر في تلك اللحظة لا يتعجب من نفسه الثرثارة التي تحررت و باحت بما لم تبوح به لشخص سابقاً ..
و لما العجب ؟!!
ألم يفقد عقله في كثير من الأحيان و تخيل وجودها حوله مراراً و أدار هذا الحوار معها ؟!!
ابتسم بكر ساخراً من أفكاره بينما كان الفضول يسيطر على جزاء فسألته بهدوء دون أن تلاحظ أن أصابعها بدأت تداعب شعره بلا وعي :
" ألهذا ترك عمله ؟!! "
ارتجف جسده من شعوره بملمس أصابعها لكنه كان يدرك انها تفعلها بغير عمد فتجاهل التعليق على الأمر يستمتع بما تفعله به و اومئ محافظاً على الهالة التي أحاطت بهما قائلاً بخفوت و كأنه يخاف جرح الهدوء الذي يسيطر على الأجواء :
" بعد أن تعافى و عاد إلى عمله بحث خلف الرجل اكثر و توصل إلى الكثير من المخالفات و الاعمال غير المشروعة التي تربط بين هذا الرجل و العديد من رجال الأعمال حتى إنه ارسلني انا و امين قهراً الى الخارج حفاظاً على سلامتنا و لم يقبل بعودتنا إلا بعد أن أنهى أمر هذا الحقير نهائيا ً ليفاجئنا جميعاً بعدها و يقدم استقالته رغم أن الجميع كان يتوقع ترقيته بعد فضحه لهؤلاء الـ.... و كان جدي اكثرنا سعادة و ترقباً لترقيته حتى أنه تقريباً نسى أن ابي فعل ذلك من باب الانتقام "
لم تتحكم جزاء بابتسامة سخرية ملحة فيما تقول باستنتاج :
" و بالطبع ثار جدي و أقام الدنيا فوق رأس ابيك "
بادلها بكر الابتسامة مستمتعاً بثرثرتها معه التي طالت هذه المرة على غير عادة منها فيما يجيبها :
" كانت حرباً طاحنة لكن ابي رفض تسلط جدي هذه المرة و أصر على موقفه .. فأبي كان قد فاض الكيل به من تسيير جدي لشؤونه بهذه الطريقة وهو رجل على ابواب الخمسين "
اومأت له جزاء بتفهم بينما نهض هو من نومته وجلس معتدلاً فيما يقول بصوت خفيض :
" بيني و بينك لطالما شعرت أن ابي يُحمل جدي الذنب فيما آل إليه الوضع و بعدها لم تعد العلاقة بينهما كما كانت سابقاً بل أن ابي أعلنها صريحة وقال انه لم يعد له دخل بشؤون العائلة فيكفيه ما خسره من أجلها كما أنه رفض التحاقي بكلية الشرطة رغم أنني اردت ذلك وقتها "
قطبت جزاء بعدم فهم فأبتسم لها بكر ثم قال مفسراً :
" كان يعلم انني ارغب بالالتحاق بها حتى اكمل مسيرته و انتقم ممن حرموني من أمي .. فأنا لم اكتفي وقتها أبداً بسجن هذا الرجل ، اردت قتله بنفسي و امين أيضاً لا اذكر اني رأيته منهاراً بهذا الشكل من قبل ، كنا نتوعد و نهتف دائما ً بأنه لن يكفينا الا موته لكن ابي كان خائفا ً من فقدنا نحن أيضاً فأرسلنا سوياً للخارج حتى هدأت الأمور "
مسحت جزاء دمعة غافلتها بينما اخرج بكر محفظته من جيبه و اخرج منها صورة امه فيما يقول بحنين وهو يناولها لها :
" هل تعلمين ! .. أمي هي الشخص الوحيد الذي اجتمع اهل هذا البيت على حبه "
همست جزاء بحنين مشابه و هي تنظر الى هيئة تلك المرأة الضاحكة بانطلاق :
" رحمها الله .. امي كانت تحبها و تذكرها دائما ً بالخير "
لم تختفي ابتسامته و هو يأخذ منها الصورة و يعيدها الى مكانها فيما يقول مغيراً الموضوع :
" على فكرة .. حضري نفسك لأننا سنذهب غداً الى مدينة ( .... ) سوياً ، سآخذك حتى تشاهدي كيف نبرم الصفقات مع الشركات "
لم تكن جزاء بكامل تركيزها معه بل كانت تنظر الى ما يخبئ في محفظته فهتفت مرة واحدة باستغراب وهي تسحب محفظته من بين يديه :
" ما هذا ؟!! "
قالتها و هي تفتح المحفظة لتخرج منها صورة لها لم تراها من قبل !
ظلت تحدق جزاء في صورتها لعدة لحظات ثم قالت من جديد :
" ما هذا ؟! .. من اين اتيت لي بهذه الصورة ؟! "
هز بكر كتفيه دون أن يرد بشيء فاستفزها لتهتف هي من بين أسنانها ببوادر غضب :
" هل كنت تدخل غرفتي و تلتقط لي الصور و انا نائمة ؟!! "
ظل على صمته ينظر لها مبتسماً بهدوء مستمتعاً بتحولها عليه فلكزته هي في خاصرته بغل فيما تقول بصوت مرتفع و قد طارت حمامة السلام البيضاء التي كانت ترفرف حولهما منذ لحظات :
" انطق يا مستفز "
توجع بكر ضاحكاً ثم قال متصنعاً الحزم :
" عيب .. لقد أصبحت زوجك ولا يصح أن تتحدث ِ معي هكذا "
" لا يصح !! .. و هل يصح أن تصورني و انا نائمة ؟! .. هل انت مخبول ام ماذا ؟!! "
ضحك فازداد غضبها من قلة إحساسه فتركته واندفعت بغضب تذهب الى غرفتها ..
لا تصدق جرأته !
كيف سمح لنفسه ؟! .. كيف دخل الى غرفتها و متى ؟!
بل كيف لم تشعر به ؟!
دخلت غرفتها ترغي و تزبد لتجده يدخل في إثرها قائلاً بهدوء ساخر مستفز :
" سبحان مغير الاحوال ! .. لقد كنتِ مثل النسمة منذ دقائق ، ماذا حدث لكِ ؟!! "
هتفت جزاء بغضب و قد كرهت استباحته لها :
" اخرج من غرفتي "
نظر لها بكر ببرود مصطنع ثم قال بعد لحظات من الصمت :
" اعطيني صورتي لأذهب "
جزت على أسنانها فيما تقول بغضب عارم :
" هذه صورتي انا .. انا لا أصدق انك سمحت لنفسك بدخول غرفتي و تصويري أثناء نومي ! "
تأفف بكر مدركاً خطأه لكنه رغم ذلك قال بمكابرة :
" التقطت لكِ صورة و انتهى الأمر .. ثم هل علي ّ أن اذكرك كل يوم انكِ زوجتي ؟!! "
اقتربت منه جزاء فيما تسأله بسخرية سوداء :
" حقاً ! .. و هل كنت زوجتك حين دخلت و التقطت لي هذه الصورة ؟!! "
اشاح بكر برأسه عنها ثم عاد لأول حديثه قائلاً بهدوء مصطنع محاولاً إنهاء هذا الحديث العقيم معها :
" اعطيني صورتي "
قلدت نبرته مما فاجئه و جلب الابتسامة الى شفتيه :
" اخرج من غرفتي "
ضحك بكر و نظر لها بمشاكسة يخبئ خلفها رغبته القاتلة في تقبيلها مجدداً .. فمنذ يوم عقد قرانهما و هي تتبخر من أمامه كلما رأته و كأنها تعاقبه على استسلامها اللذيذ له ليلتها و هو أيضاً لم يرغب في الضغط عليها بمشاعره و فضّل أن ينتظرها حتى تأتيه لحالها و ها هو يتلظى بنار الشوق بمفرده :
" هذه ستكون غرفتي أيضاً بالمناسبة .. سنهدم هذا الحائط الذي يفصل بيننا في اقرب وقت و نفتح الغرفتين على بعضهما لهذا أنتِ لا تملكين الحق في اخراجي من هنا "
قالها ضاحكاً حتى يخرج نفسه من أفكاره المنحرفة بينما جزت على أسنانها للمرة الألف فيما تنظر إليه شزراً فهجم هو عليها مرة واحدة محاولاً اخافتها فيما يقول بمرح و هو يحاول اخذ الصورة منها :
" اعطيني صورتي "
" هذه لي و لن تأخذها "
هتفت بها وهي تخبئ كفيها خلف ظهرها تتلوى و تدور حول نفسها حتى تمنعه من الوصول إلى ما بيديها ليكبل هو حركتها بذراعيه مستمتعاً بمناوشتها لتجد نفسها في النهاية أصبحت اسيرته من جديد فقالت بلهاث حين رأت تغير نظرته لشيء آخر لا ترغب في التفكير به الان :
" ابتعد "
تركزت نظراته على شفتيها المنفرجتين قليلاً للحظات ثم ارتفعت بعدها ببطء إلى وجنتيها المتوردتين لتنتهي اخيراً على عينيها التي كانت تتهرب منه بخوف و .... خجل !
رباه .. معنى أن تخجل جزاء منه و من قربه أنه يؤثر بها
معناه انه لمس ولو جزء صغير من قلبها !
هكذا حدثه قلبه فمال عليها قائلاً بمكر ممتزجاً باضطراب حاول ألا يظهره أمامها حتى لا تكتشف ضعفه تجاهها و تستغله ضده :
" لما اضطربتِ ؟!! .. اعطيني ما اريد حتى ارحل "
تكلمت جزاء بعد عدة لحظات محاولةً التحكم في اهتزاز نبرتها فيما تقول بذكاء و مساومة ترغب في إبعاده بينما هناك جزء آخر منها صغير للغاية مختفي في أعمق قطعة من روحها يترجاه أن يبقى :
" ابتعد عني و سأعيد لك الصورة "
حدق بكر في عينيها للحظات مدركاً تخبطها الذي تفضحه ضربات قلبها و تنفسها السريع و بالطبع توردها ثم همس لها :
" اريد شيئاً آخر "
" لا "
قالتها قاطعة .. حازمة ... مرتعبة !
فقطب هو متصنعاً التأثر فيما يسألها بتلاعب :
" ألن تسألي أولاً عما اريد ؟!! "
كانت تعلم أنه يلاعبها لكنها مع ذلك لم تخاطر و قالت ببساطة مغيظة له و هي تحاول تحرير نفسها من بين يديه :
" أيا ً كان ما تريد لن اعطيه لك .. فقط اتركني و خذ تلك الصورة اللعينة و ارحل من هنا "
ابتسم لها بكر وحدق فيها للحظات بدت له كعمر آخر يحيياه بقربها !
أجمل ما فيها انها تذوب مثل قطعة الشكولاتة بين يديه دون أن تستطيع السيطرة على نفسها ..
روحها أصبحت تألفه و تسعد بقربه و تقربه ..
تتمنع و تكابر لكن الطفلة التي تقبع بداخلها تخونها و تظهر لعينيه تطالبه بالدلال و تستجدي قربه فيقترب هو بلا حول ولا قوة رغم عنجهية من تقابله و لسانها الطويل !
مال بكر عليها وقبل أسفل اذنها بخفة ثم همس يسترضيها :
" حسناً سأتركك .. لكن اريدك ان تعلمي شيئاً ما "
نظرت له جزاء بتوتر فحرر أحد ذراعيها ثم أشار إلى قلبها قائلاً بثقة لا يعلم من اين تحط عليه :
" انا أدرك ما يدور هنا ، و افهم ما يدور هنا "
أنهى كلامه مشيراً لرأسها ليترك ذراعها بعد ذلك فيما يستطرد بحنان مس عمق قلبها :
" علمي عقلك أن لا يستهين بي ، أما قلبك فاتركيه لي .. انا اعلم جيدا ً أنه سيكون حليفي ضدك و عما قريب لأنه هو الوحيد وسط تركيبتك المعقدة الذي يعرف قدره عندي "
ختم بكر كلامه غامزاً لها ثم سحب الصورة من بين أصابعها بسهولة شديدة لتدرك انه استطاع بحديثه أن يرخي اعصابها المشدودة دوماً في حضرته خاصةً من بعد أن تواصل معها بتلك القبلة التي زلزلت كيانها و التي لا تعلم حتى الآن كيف تاهت بها و كأنه القى عليها تعويذة ثبتتها مكانها و ابقتها أسيرة ذراعيه !
لكنها حقاً لا تزال مشتتة ..
خاصة ً وهي تستقبل منه تلك العاطفة القوية نحوها و التي لا تفهم متى تكونت لديه !
ما سره و ما الذي يربطه بها بهذا الشكل ؟!!
تابعت رحيله الهادئ من غرفتها و أدركت أنه كان يرفه عن نفسه بما يفعله معها حتى لا يسمح لحزنه على موت امه أن يهزمه أمامها فتشوشت أفكارها حوله أكثر لتهمس في اثره و كأنه يسمعها :
" سأعرف ما تخفيه عاجلاً أم آجلا ووقتها سنتحدث مطولاً دون أقنعة أو ألغاز "
و على الجانب الآخر خرج بكر من غرفتها هارباً من تأثيرها القاتل عليه مدركاً عظم ما أوقع نفسه به حين دخل خلفها من الأساس و عالماً بأن ليلة سهاد أخرى في انتظاره بسبب قربها المهلك لأعصابه !
فما اصعب ان تكون حبيبتك حلالك و على بُعد خطوتين منك و انت مجبر على الانتظار و غير مسموح لك الا بمشاهدة تعذيبيه لا تسمن ولا تغني !
أخرجه من أفكاره رنين هاتفه فأمسك به ليجد اسم ادم أمامه فاستقبل المكالمة هاتفاً بمزاح :
" انظروا من تذكرني ! .. هل هنت عليك تتركني بضعة أيام دون سخافتك يا قاسي القلب ؟! "
لكن و لأول مرة لم يستجب ادم لمزاحه و قال بصوت جاد للغاية :
" بكر .. انا احتاجك في شيء لكن دون استفسارات "
قطب بكر و قد انتقلت جدية صاحبه إليه فقال بلا لحظة تردد :
" ماذا تريد ؟! "
" اوصلني إلى وصال .. ضع هاتفك و لو قهراً فوق اذنها حتى اتحدث معها لأن الغبية لا ترد علي ّ "
رفع بكر حاجبه بتعجب من طلب صاحبه ثم قال رغماً عنه :
" وصال ! .. منذ متى و انت تتقرب منها دون علمي يا نذل ؟! "
على الناحية الأخرى تنهد ادم بضيق ثم قال باختصار:
" لست متفرغاً لمزاحك .. كما انني قلت لك دون استفسارات "
تحركت خطوات بكر ناحية غرفة وصال فيما يقول باستفزاز :
" و هل أحتاج إلى استفسارات ؟! .. الأمر واضح و صريح "
ليبعد بكر الهاتف عن اذنه حين هتف ادم و قد نفذ صبره :
" انجز و اعطيها الهاتف اللعين "
" حسناً .. حسناً انتظر .. انا امام غرفتها "
قالها بكر وهو يطرق على باب غرفة وصال و قد لاحظ للتو انها حقاً مختفية عن أنظار الجميع منذ يوم عقد قرانه تقريباً لكنه لم يكن متفرغ ليتتبع اخبارها !
..........................................
متكومة فوق سريرها بوضع الجنين تحتضن نفسها ، تختبئ من الجميع و أولهم نفسها !
تهمس لروحها بتشجيع كاذب أجوف لم يتوقف للحظة منذ أن علمت بما أصابها !
( لن ابكي .. لن أسقط .. لن انهار )
( انا وصال الغانم و اعلم قدر نفسي جيداً ! )
( لم ينتهي العالم و لن تنتهي رحلتي به بهذا الشكل المريع )
( انا اقوى من كل سوء يصيبني )
( لن أسقط .. لن ابكي .. لن انـ ....... )
( آاااااااااااااااااااااااا اه )
روحها تصرخ و تصرخ و تأن و تستغيث لكن وجهها ...
هادئ للغاية .. واهن للغاية ..
ميت للغاية !!
اسوء شيء أن تكتشف انك حاضر لدرجة النسيان !
فوصال دائما ً موجودة حول الجميع ، حاضرة بمزاحها بسخريتها و بدعمها اللامحدود ..
فظن الجميع انها من فرط ما تُعطى لا تحتاج ..
من فرط ما تهب لا تنتظر !
لكنها الآن أكثرهم احتياجاً ، أكثرهم فقراً و عجزاً و لكن اين هم منها ؟!!
دمعت عيناها لكنها تماسكت تستغرب شعورها بالغربة و الوحدة الذي تولد داخلها منذ أن اخبرها ادم بحقيقة مرضها ..
لم تجد من تشاركه حملها برغم انها شاركت الجميع حمله ..
وقتها شعرت أنها ليست سوى شبح و آن وقت احتراقه !
ابتسمت بانكسار لا يظهر بحضور أحد وواجهت نفسها بأنها حقاً لم تمثل لهم سوى شبح .. وجه اخر بديل لعلياء !
علياء الطموحة ، القوية ، الجذابة التي ناقضتها هي في كل الصفات فولدت متهورة .. قنوعة و غير مرئية في معظم الأحيان .
حتى امها منذ موت علياء و هي تحاول احيائها فيها من جديد و كأنها ترفض تصديق رحيل ابنتها فترسم وجودها فوق كل شيء حتى هي !
محاولاتها المستميتة لتزوجها من أمين ..
تدخلاتها التي لا تنتهي في تصرفاتها حتى تجعلها وجه آخر لمن تركتهم في منتصف الطريق رغبةً منها في لفت نظر كبير العائلة المنتظر رافضة رفض قاطع الاقتناع بأنه لم يمثل لها سوى اخ !
و الآخر الذي اهدته قلبها بلا ثمن فأهانه و خسف بكرامته الأرض ..
محق ! .. فمن يأخذ بلا ثمن لا يُقدر قيمة ما أخذه !
تنهدت بتعب شديد هاجمها منذ علمت بحقيقة مرضها وكأنه السرطان يعلن وجوده صريحاً يجري بين عروقها و ينخر في جسدها نخراً بلا رحمة .
رن هاتفها للمرة المليون فتجاهلته مدركة أنه اتصال اخر من ادم !
ادم الذي بعد أن فجر قنبلته في وجهها حتى أصابها الخرس أمامه و زحفت البرودة فغلفت قلبها بغلاف من جليد فأقترب هو منها تحت انظارها الذاهلة و اخبرها بضرورة الخضوع لفحوصات ادق حتى يستطيع معرفة أبعاد حالتها و أدق تفاصيلها مطمئنا ً إياها و مثرثراً عن مدى تقدم الطب و عدد الحالات التي شُفيت من هذا المرض لكنها لم تكن معه أبداً !
كانت كمن سقط في بئر عميق أو كمن غاص في عالم اخر بعيد كل البعد عن ما حوله و انفصل تماماً عن واقعه !
صوته كان يأتيها مشوشاً ..
بعيداً للغاية عن مداركها و كأنها في حلم بشع تتداخل فيه الاصوات مع بعضها ..
حتى وجهه اختفى خلف غلالة دموعها التي لم تدرك أنها تبكيها إلا حين اقترب ادم منها مطوقاً إياها بذراعيه لتنهار بعدها الواجهة القوية التي تظهرها عادةً و تتحطم أسوار كبريائها العتيد أمام ما تمر به لتنخرط في بكاء طويل على صدره بلا تحفظ ..
سيطرت عليها فكرة الموت فقهرتها و ارعبتها !
بكاءها لم يوقفه تربيت ادم الذي لم ينتهي على ظهرها و لا كلامه المطمئن ووعوده بأن يبذل كل جهده حتى تشفى في اسرع وقت .
ليمر بعدها وقت طويل حتى هدأ انهيارها قليلا ً فوجدت نفسها تطلب منه أن يخفي الأمر عن الجميع خاصة ً امها خوفاً من أن يصيبها شيء هي الأخرى ثم هربت منه في النهاية لا تدري كيف تحركت ولا كيف عادت ؟!!
فقط وجدت نفسها هنا تختبئ في غرفتها تحاول شحذ همتها كما اعتادت حتى تستطيع مواجهة واقعها من جديد دون خسائر !
لكن هذه المرة الصمت كان موحشاً و كأنه نذير شؤم يحلق فوق رأسها ..
ترى هل اقتربت نهايتها ؟!!
سمعت طرقات فوق بابها فأغمضت عينيها بضيق دون أن ترد لكن الطارق لم يتوقف حتى نهضت هي بصعوبة و فتحت الباب لتجد أمامها بكر الذي تراجع للخلف وهتف مشاكساً إياها :
" سلام قولا ً من رب رحيم .. ما هذا المنظر ؟! "
نظرت له وصال بلا تعبير ثم قالت بصوت واهن :
" ماذا تريد ؟! "
نظر لها بكر قليلاً لا يفهم ماذا ألم بها ثم قال بعد ذلك و هو يعطيها هاتفه :
" تكلمي مع ادم .. يريدك و لا يستطيع التواصل معك "
تأففت و اخذت الهاتف منه ثم وضعته على اذنها و تكلمت مع ادم تسأله بنفس البرود :
" ماذا تريد ؟!! "
رفع بكر حاجبيه تعجباً من حال هذه الفتاة بينما تكلم ادم قائلاً بحزم لا تراجع فيه مدركاً أن عليه أن يكون صارماً معها :
" اسمعي يا وصال .. انا لا أحب الغباء .. هل تظنين أنه من الصعب عليّ المجيء إلى بيت جدي و الوصول إليكِ ؟! .. انا فقط احترم كلمتي لكِ حتى الآن لكن قسماً بالله إن لم تأتِ غداً الى المستشفى سآتي انا الى البيت و أخبر الجميع بنتيجة تحاليلك "
صمتت وصال قليلاً و اغمضت عينيها بيأس ثم قالت باختصار أمام عين بكر النافذتين :
" لكنك وعدتني "
فيأتيها صوته المصمم بنبرة لم تسمعها منه من قبل :
" انا قلت ما لدي .. و بالمناسبة انا قادم لكِ بعد قليل .. اريد التحدث معك اولاً بعيدا ً عن جو المستشفى ، سآتي و لكني لن أدخل و سأنتظرك في الحديقة حتى اتحدث معكِ على انفراد "
" حسناً .. انتظرك "
همست بها وصال قبل أن تنهي المكالمة ليقطب بكر بريبة فيما يسألها بحذر و قد استشعر جدية الأمر :
" ما الذي يحدث ؟! .. هل أنتِ بخير ؟!! "
فردت عليه قبل ان تختفي خلف بابها و تغلقه في وجهه بفظاظة :
" لا تشغل بالك "
لتعود بعد ذلك إلى ظلمتها تستسلم الى قدرها ..
تعطي نفسها حق الانهيار بشكل كامل قبل أن يحين موعد ارتدائها قناع القوة و التماسك من جديد أمام ادم .
..................................
" هل اعطلك ؟!! "
رفعت عهد رأسها تنظر له بإشراق يُكذب حديثها معها حيث قالت بغير رضا :
" يا امين هذه خامس مره تمر الى مكتبي اليوم .. هكذا سيظن الموظفين أن هناك شيئاً ما يحدث بيننا "
ابتسم لها امين ثم خطى الى داخل مكتبها قائلاً بغرور مصطنع :
" و الله هذه شركتي و شركة عائلتي و لذلك انا حر ادخل المكتب الذي يعجبني في الوقت الذي يعجبني "
ابتسمت عهد حين جلس أمامها تكاد لا تصدق انها حقاً تحيا هذه الأيام لتتمالك نفسها ثم تقول بمشاكسة وهي تغلق شاشة حاسوبها المحمول :
" و ما سبب مجيئك هذه المرة يا صاحب الشركة ؟!! "
ضحك امين بخفه فيما يجيبها ببساطة :
" لا شيء محدد .. اردت رؤيتك فأتيت "
اتسعت ابتسامتها الغير مصدقة لما تعيشه بينما قال هو بصوت متحمس :
" ما رأيك أن نقضي يوماً انا و أنتِ و قصي معاً ؟! .. أنا متأكد من أنه سيفرح للغاية حين أخبره بأمر ارتباطنا "
صمتت عهد قليلاً ثم قالت بخفوت :
" انا بالطبع ارغب في قضاء كل وقتي معكما لكن كما تعلم حالياً الوضع في البيت متأزم للغاية و أبي فرض على الجميع حالة الطوارئ بعد ما حدث "
قطب امين ثم سألها بعد لحظات :
" هل ارتباطك بأنس كان يمثل له كل هذه الأهمية ؟! "
غشى الحنان حدقتيها ثم قالت بخفوت :
" ابي لم يكن سيفرض عليّ وضع لا أريده أبداً .. لكنني خذلته بشكل ما حين تخطيته و الغيت الخطبة بيني وبين أنس دون الرجوع إليه .. ابي هو صاحبي و شريكي في معظم قرارتي كما تعلم ، كما أنه أراد أن يطمئن قلبه عليّ بعد كل هذه السنوات التي وهبت نفسي فيها لـ ..ـلعمل فقط "
تداركت نفسها في اخر حديثها قبل أن تخبره بسذاجة انها كانت تهب نفسها له بينما اتسعت ابتسامته هو متأملاً ملامحها الناعمة مرة بعد مرة ليهمس في النهاية بنبرة حانية تدك كل حصونها :
" اعدك أن اطمئن قلبه و اريح عقله من ناحيتك تماماً .. اما أنتِ فوعدي لكِ أن اُهديكِ قلبي و اهبك عمري و ابقى لك الصديق قبل الحبيب حتى تزهق أنفاسي "
و يلومونها على عشقها اليائس له !
بحق الله من تجد أمامها رجل متدفق العطاء حتى بنظراته بهذا الشكل و لا تسقط صريعة هواه ؟!
من وجهة نظرها أمين خُلق ليُعشق ..
و كأنه يحاكي أفكارها و يسمعها إذ همس بمشاكسة :
" لا تنظري لي هكذا فأنتِ تحرضيني "
قطبت عهد وتورد وجهها ثم سألته بعدم فهم :
" احرضك على ماذا ؟! "
لتتسع ابتسامته هو ثم يجيبها بوقاحة :
" منذ ذلك اليوم الذي اخبرتني فيه انكِ تحبينني و انا امنع نفسي عن الانغماس بكِ بمعجزة لذا ارجوكِ حبيبتي لا تزيدي الطين بلة بنظراتك الكارثية هذه "
كان وجهها الاحمر دليل حي على الفتنة في نظره فبقى ينظر لها دون شبع يلتهم كل لمحة منها دون أن يرحم خجلها و عذرية مشاعرها بينما كانت هي هائمة في مناداته لها بحبيبتي تكاد تطلب منه أن يظل يرددها عليها اعواماً و أعوام عله يروي بها ظمأ سنوات عجاف مرت عليها بدونه !
رفع ذقنها بإصبعيه ليقابل عينيها الهاربتين بخجل منه ثم همس معترفاً :
" أتعلمين .. أشعر هذه الأيام أنني اراكِ و أتعرف عليكِ من جديد و كأنني كنت غريباً و مغيباً عن كل ما حولي و استيقظت اخيراً للتو فأتذوق حلاوة القرب منكِ "
رغم حيائها من حديثه وجدت عهد نفسها تهمس بعتب :
" لأنك فعلاً كنت مغيب ، دفنت نفسك مع علياء و لم تعد نفس الشخص من بعدها و كأنك تستكثر على نفسك الحياة من بعدها "
شعرت عهد بتغير الأجواء حولهما بعد ما قالت خاصة ً بعد أن شعرت بأصابعه تشتد على ذقنها فيما يقول بصوت مكتوم :
" دعينا لا نفتح هذا الموضوع .. انا لا أفضل الحديث عن ما مضى "
لم يعجبها ما قاله فوجدت نفسها تحدق في عينيه بتركيز و تسأله بترقب شديد :
" و هل مضى و انتهى حقاً يا امين ؟!! "
للحظة اجفلت حين رأت غضبه المهول يشتعل في عينيه لكنه اخمده و كأنه لم يكن ثم قال بعد ذلك بغموض لم تستسيغه بنفس النبرة التي تمقتها :
" دعي ما دُفن يبقى مكانه و لنبقى نحن مع القادم "
كادت عهد أن تتحدث لكن قاطعهم و أبعد امين عنها صوت طرقات على الباب تبعها دخول جاسم فشعرت بتحفز جسد امين جوارها لكنها أعطت اهتمامها لجاسم الذي سأل بلا مقدمات :
" اين وصال ؟!! .. بحثت عنها في الشركة و اتصلت بها لم تجيب "
أوشكت عهد أن ترد عليه لكن سبقها امين الذي كان ولأول مرة يظهر أمامها بمثل هذا الغضب مما أصابها بالعجب :
" ماذا تريد منها ؟! "
شاهدت عهد كيف نظر له جاسم باستهانة دون أن يعيره اي اهتمام ثم عاد بنظره لها من جديد سائلاً بصوت هادئ :
" ألم تأتي اليوم ايضا ً ؟!! "
هزت عهد رأسها نفياً فأومئ هو متفهماً ثم تركهما و رحل لتجفل عهد حين شتم امين بخفوت فنظرت له بصمت مطبق تنتظر تفسير تصرفاته ليتدارك هو نفسه قائلاً ببعض التوتر :
" لقد ضايقها في شيء ما .. لقد رأيتها في ذلك اليوم الذي فقدت فيه وعيها .. كانت خارجة من مكتبه و سقطت "
ردت عليه عهد بهدوء مخالف لكم التشوش الذي تشعر به من تقلباته :
" لكنها قالت انها فقدت وعيها لأنها لم تتناول افطارها و حتى لنفترض انك محق و أنه ضايقها في شيء ألا يمكن أن يكون يبحث عنها الان ليسترضيها ؟! "
اشاح امين بوجهه دون أن يرد عليها فعقبت هي تقول باستغراب وضيق دون أن تدري بأنها تضغط على جرحه القديم :
" لم افهم يوماً سر العداء الذي ولد بينكما في يوم و ليلة ..هل يمكن أن تحول المنافسة في العمل صديقان مقربان مثلكما الى غريبين بهذه الطريقة المقيتة ؟!! "
ضم امين قبضته يكبت عنف يتولد داخله بمجرد ذكر الآخر بينما استطردت هي لاهية تماماً عما يمر به من يجاورها :
" أتعلم انني كنت أغار من علاقتكما ونحن صغار ؟! .. كنت دائماً أراه منافسي الوحيد على صداقتك ، لكنني حزنت و صُدمت بحق منذ أن تغير شيئاً ما بينكما و جعل منكما ما بتم عليه كنت اظنـ...... "
" انتهينا يا عهد .. لا داعي لفتح هذا الموضوع "
هتف امين بصوت حاد موقفاً حديثها المؤذي الذي ينبش في جراح حارب لدفنها و ليتها دُفنت !
فليس هناك اقسى من ان يكون عدوك هو اعز صديق ..
ما افظع أن يطعنك في ظهرك من كان يسند ضعفك ..
من كان يركض إليه يشتكي همه أصبح هو سبب بلاءه في هذا العالم !
انتبه امين لنظرة عهد الحادة بعد أن صرخ بوجهها فتنهد و مسح وجهه بكفيه ثم اقترب منها محاولاً التحكم في أعصابه فيما يقول :
" انا آسف .. لم اقصد مضايقتك ، و لكن لي عندك طلب إذا سمحت "
ظهر التساؤل بعينيها فقال مستطردا ً :
" دعينا لا نجري هذا الحديث مجدداً فما هُدم بيني وبين جاسم لن يصلحه شيء أبداً "
كادت عهد أن تتحدث مجدداً لكنه قاطعها قائلاً بإرهاق :
" ارجوكِ يا عهد "
فأومأت له هي بلا اقتناع حتى تريحه الآن لكنها وعدته ووعدت نفسها سراً أن تفعل المستحيل حتى تعيد المياه إلى مجاريها بينهما من جديد.
........................................
تحرك جاسم عائداً الى مكتبه بخطوات متثاقلة بعد أن بحث عنها في كل مكان في الشركة دون نتيجة فعرف انها تغيبت لليوم الرابع على التوالي !
هل فقدت شغفها بالعمل و ملت منه ؟!!
هل لم تعد ترغب بالتواجد في محيطه ؟!
هل يمكن أن تكون مريضة و هو لا يدري عنها شيئاً ؟!
آخر مرة رآها لم تكن بخير على الاطلاق ..
كانت هزيلة و مرهقة و لا تبدو على طبيعتها !
تباً لما أصبح وجودها و اختفائها يمثلان له كل هذه الأهمية ؟!
قلبه يخبره أن بها شيئاً ما ..
شيء اكبر بكثير من جرحه الغبي لها !
دخل مكتبه و امسك بهاتفه ثم حاول الاتصال بها مرة أخرى لكن أيضا ً دون نتيجة فشتم بغضب ثم كاد يتصل برغدة لكنه تذكر أن اليوم جدول محاضراتها مزدحم و سينتهي بوقت متأخر .
جلس جاسم متأففاً لا يعرف ماذا عليه أن يفعل و لا لما يبحث عنها من الأساس !
بحق الله ما المفيد الذي سيخبرها به اذا توصل إليها ؟!
ماذا سيقول لها ؟!!
هل سيقف أمامها مثل الحائط ينظر لها بحماقة فيما يخبرها بأنه شعر بأنها ليست بخير فأتى يستفسر عن حالها ؟!
ستظن أنه يتقرب منها وسترد لها ما فعله بها دون قصد و تهينه من جديد !
اللعنة ما كل هذا التعقيد الذي يحيا به ؟!!
نهض جاسم ممسكاً بسلسلة مفاتيحه محدثاً نفسه بضيق و هو يتحرك مغادراً الشركة إلى حيث تبقى تلك المستفزة القصيرة :
" لتظن ما تظنه .. لا يعقل أن تختفي بهذا الشكل المريب و أظل انا هنا اشحذ أخبارها من الراحل و القادم "
( و لما أصبحت اخبارها تهمك الى هذه الدرجة ؟!! )
تجاهل جاسم ذلك الصوت الماكر الذي يصدر عن عقله و تحرك متبعاً صوت قلبه لأول مرة منذ زمن بعيد غير مدركاً لما ينتظره !
............................
نزلت وصال تجرجر خطواتها المرهقة مثلها حتى تستقبل ادم الذي اتصل بها منذ عدة دقائق و اخبرها بأنه وصل و ينتظرها في الحديقة كما اتفق معها و من حسن الحظ لم تجد في طريقها احد مما وفر عليها ثرثرة لا ترغب بها حالياً و لا طاقة لها بها من الأساس ..
خرجت إلى الحديقة فوجدته يقف في ركن قصي فتحركت نحوه بينما بقى هو واقفاً ينتظر اقترابها بصبر وهدوء يعاكس رغبته الشديدة في الشجار معها الان حتى يكسر ذلك الوجه المتخشب الذي تصدره له !
وقفت أمامه فقال ساخراً :
" لا يبدو انني بحاجة لأن أسأل عن حالك "
نظرت له وصال بلا تعبير ثم قالت بعدها بصوت ميت :
" لما جئت ؟! .. ألم أقل لك انني سأحضر الى المستشفى ؟! .. ما فائدة قدومك الان ؟!! "
قطب ادم ثم أجابها بعد ذلك بصبر مدركاً عظم ما تمر به :
" جئت لأراكِ .. لأعرف احوالك بعد أن اختفيتِ تماماً و لم استطع الوصول إليكِ "
ابتسمت وصال بسخرية شديدة فيما تقول بصوت مختنق بالبكاء :
" محق .. يجب أن تراني ، أتعلم انا أيضا ً يجب أن أرى نفسي الان و احفظ شكلي جيداً حتى استطيع تذكره فيما بعد .. بعد أن يتغير فور أن أبدأ جلسات العلاج "
تنهد ادم بعجز يكبله .. لا يدري ماذا عليه أن يقول ليخفف عنها !
لقد اعتاد دائما ً رؤيتها منطلقة ، ضاحكة و الآن ها هي تقف أمامه مثل الطيف الباهت و كأن القيامة قد قامت في قلبها و نجوم دنياها الوردية سقطت و احترقت !
صغيرة للغاية و هشة للغاية على ان تحمل هذا الحِمل !
اقترب منها مجدداً يهمس بهدوء أبعد ما يكون عن ما يدور في خلده :
" افهمي يا وصال .. استسلامك بهذا الشكل هو أكثر ما يضرك كما يجب أن يعرف الجميع في اقرب وقت لأن سيتم حجزك في المستشفى "
نظرت له نظره شطرت قلبه بما تحويه من حزن و ألم بينما هتفت من بين أسنانها بغضب عارم على قدرها فيما تحاول خفض صوتها حتى لا يكتشف أحد ما يحدث معها و هي ليست جاهزة بعد لأي مواجهة من اي نوع :
" اخبرتك انني اريد بعض الوقت .. ماذا؟! .. أليس من حقي ؟!! "
هتف ادم هو الآخر و قد فاض به الكيل من عنادها معه :
" يا غبية كلما تأخر العلاج كلما تأخرت الحالة .. لما لا تفهمين ؟! "
دمعت عيناها بقهر مسه في الصميم و هتفت بنشيج منهار و قد تصدع قناع تماسكها من جديد أمامه :
" انت من لا يفهم .. انا مريضة سرطان .. سرطااااان ، بمعنى أن حياتي أصبحت على طرف الهاوية .. هل تعتقد انني جاهلة ولا اعرف الاعراض الجانبية لجلسات العلاج ؟! .. الأمر سيبدأ بتساقط شعري و سينتهي بتدمير أعضاء جسدي و قد اُحرم من أن أكون ام .. كيف لم تفهم بعد ؟! .. انا بدأت أحتضر يا ادم "
خبئت وصال وجهها في كفيها تبكي بانهيار وقد طار كل حديثها مع نفسها عن القوة و التحمل ادراج الرياح فلم يتمالك ادم نفسه خاصة ً حين سقطت أمامه على ركبتها كورقة ذابلة خانتها الفصول كتفيها متهدلين باستسلام و عجز فنزل هو الآخر امامها وأمسك بها يضمها غير مبالياً بموقعهم المكشوف نوعاً ما فيما يهتف بصوت حزين لأجلها :
" و أين ذهبت انا ؟!! .. ألم تخبرينني اكثر من مرة انني الاكثر شبهاً بأخيكِ الخيالي الذي لطالما تمنيتِ وجوده ؟! .. هل تظنين انني سأتركك تعانين بمفردك ؟! .. مستحيل يا غبية .. مستحيل "
تعالى صوت بكائها تشعر بضعف لم تشعر بمثله سابقاً و برعب رهيب يتغذى عليها فضمت نفسها إليه اكثر دون أن تدري بمن دخل للتو الى الحديقة و وقف مبهوتاً يشاهد العرض الذي امامه ثم همست بخفوت وضعف :
" أنا خائفة .. خائفة جداً "
ربت ادم الذي يعطي ظهره الى جاسم على رأسها بحنان فيما يرد عليها بوعد صريح :
" لا تخافي ولا تجزعي يا بسكوتة انا معك و سأبقى معك حتى النهاية "

نهاية الفصل الخامس عشر


قراءة سعيدة ❤💚💙


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-19, 10:09 PM   #97

Reem1997

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Reem1997

? العضوٌ??? » 410013
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,948
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » Reem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 4 والزوار 3)
‏Reem1997, ‏باسم محمد ابراهيم, ‏دلال عمر, ‏عشق النور

يا اهلا فيك ي مبدعة دائما في موعدك 💖


Reem1997 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-19, 10:40 PM   #98

Reem1997

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Reem1997

? العضوٌ??? » 410013
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,948
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » Reem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ظن الجميع انها من فرط ما تُعطى لا تحتاج ..
من فرط ما تهب لا تنتظر !
لكنها الآن أكثرهم احتياجاً ، أكثرهم فقراً و عجزاً و لكن اين هم منها ؟!!


قد ايش هذا الفصل مليئ بمشاعر وصال وكيف اوصلتي لنا شعورها ...لما حسيت عيوني دمعوا 😢
عايلة كبيرة وكل حد ما يعرف عن الم الثاني شيء ...
آدم صاحب القلب الكبير والروح الجميلة حبيت كيف وقف مع وصال وسندها ...بس باين مش خارج منها سليم بياخذ له حبتين على راسه من جاسم 😂
كان اجمل فصل كتبتيه ابدعتي فيه من جد 😍
تحياتي لك 💖


Reem1997 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-07-19, 02:05 AM   #99

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Reem1997 مشاهدة المشاركة
ظن الجميع انها من فرط ما تُعطى لا تحتاج ..
من فرط ما تهب لا تنتظر !
لكنها الآن أكثرهم احتياجاً ، أكثرهم فقراً و عجزاً و لكن اين هم منها ؟!!


قد ايش هذا الفصل مليئ بمشاعر وصال وكيف اوصلتي لنا شعورها ...لما حسيت عيوني دمعوا 😢
عايلة كبيرة وكل حد ما يعرف عن الم الثاني شيء ...
آدم صاحب القلب الكبير والروح الجميلة حبيت كيف وقف مع وصال وسندها ...بس باين مش خارج منها سليم بياخذ له حبتين على راسه من جاسم 😂
كان اجمل فصل كتبتيه ابدعتي فيه من جد 😍
تحياتي لك 💖
ربنا يخليكي يا ريم و الله مبسوطة جداااااااااااااااا بوجودك و متابعتك معايا


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-07-19, 05:09 AM   #100

Reem1997

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Reem1997

? العضوٌ??? » 410013
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,948
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » Reem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hager haleem مشاهدة المشاركة
ربنا يخليكي يا ريم و الله مبسوطة جداااااااااااااااا بوجودك و متابعتك معايا


انا مبسوطة اكثر منك 😍😍
انتي موهوبة جدا ...وانا احب ان اتابع معك الرحلة باذن الله 😚


Reem1997 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.