11-12-19, 02:52 AM
| #752 | ||||||
| نجم روايتي و كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء 
|  الحلم الرمادي ..... الفصل الثاني والاربعون الحلم الرمادي الحلم الرمادي الفصل الثاني والاربعون............. (عندما تبكي القلوب) هبطت هتان السلالم ببطء ودموعها بعينيها وتطلعت الى ريتاج وعمتها بشفاه مرتجفة وقلب متوجع حيث كانت مختبئة بسطح المنزل منه لتقول ريتاج بتأثر: "لا تخافي هتان .... نحن معك وبظهرك ويجب ان نلقن جاسر هذا درس على وقاحته وظلمه لك .... انزلي حبيبتي .... واطمئني" لم تتمكن من نطق كلمة واحدة وكأنها عجزت عن التعبير عما تشعر به بهذه اللحظات لأنه أليم الى درجة كبيرة وكان قلبها ملبد بغيوم الهم والعذاب فالنتيجة التي وصلت لها اليوم ليست بهينة انها تتخفى منه كالسجين الهارب من تنفيذ حكم الإعدام .... لا تريده ان يعرف مكانها لأن لا قابلية لقلبها على تحمل رؤيته ولا سماع صوته ولأنها أدركت ان المواجهة ليست مجدية وليست بصالحها ولا هناك علاج لجرحها بعد الذي عرفته وليس لأي قرار يتخذه يمكن ان يرمم ما كسره فالصدع الذي بداخلها أكبر من ان يصلحه باعتذار او ندم او حتى غضب وتسلط لم تعد تستجيب لأي شيء يبدر منه. بقيتا تراقباها بتفحص حتى اتجهت الى الغرفة ودخلت هناك وجلست وحدها واخفت وجهها بيديها ولم تتمالك نفسها فانفجرت باكية! تطلعتا واحدة بوجه الأخرى بتجهم لتقترب ريتاج وتهمس بأذن أمها وبدت متأثرة: "لنتركها وحدها ترتاح انها بحاجة الى ذلك فمنذ وصلت الينا ولا دمعة سقطت من عينيها وكأنها كانت تكابر وتكبت وتداري الوجع وبمجيء جاسر فتح جرحها من جديد .... اسمعي يا امي بغض النظر عن كل طموحك وحرصك علي وعلى اولادي وولائك لي وكل ما تصبين للوصول اليه انا سأقف الى جانب هتان هذه المرة ومن واجبي ان اساعدها .... بل يتحتم علينا كلنا ان نقدم لها ولو جزء بسيط مما قدمته لنا هي ووالدها من دعم وايواء وتفهم .... هذه شقتها ونحن بالفعل ضيوف هنا ومن واجب الضيف الشكر والامتنان لصاحب المكان والعرفان على فتح بابه له وهتان ولا مرة واحدة جرحتنا او اسمعتنا كلمة محرجة ولا مرة طالبت ببيتها وبأغراضها وممتلكاتها انها كريمة جدا كخالي بليغ ومهذبة وهادئة الطبع وصبورة ومنها تعلمت دروس بليغة في الإنسانية والادب والصبر على الظالم .... هتان ليست ضعيفة بقدر ما هي محترمة ودافئة ونقية ومن هذه اللحظة توقفي يا امي عن التفكير بي وبنفسك لنضع أيدينا متكاتفين على يدها ونخرجها من محنتها" أطرقت والدتها وبدت كالمترددة المتحفزة التي تصارع بين الخير والشر بداخلها .... ان الوقوف الى جانب هتان يعني الخسارة الفادحة التي تعود على الجميع اولهم هتان نفسها. .................................................. ....................... عند الساعة الثامنة صباحا أجفل جاسر إثر رنين هاتفه واعتدل في جلسته بمقعد سيارته التي أمضى ليلته فيها وهو يجوب الشوارع والطرقات حتى أنهكه التعب وسرقته غفوة لدقائق لينتبه على اتصال زكي! قال زكي بصرامة وصوت مرتفع: "جاسر اذ لم تأتي فورا وتفسر لي ما حصل سأتخذ اجراء قاس جدا .... تعال الان انا بانتظارك" واغلق الخط بوجهه دون ان ينتظر الرد! انزل جاسر الهاتف ببطء وبوجه خال من الملامح هذه المرة لم تستفزه عصبية زكي وصرامته وجفاف أسلوبه ولم يأبه لما يفكر به ولا يهمه ان يعرف ماذا حدث أصلا ليثور عليه هكذا .... وكأن ذلك لم يعد بأهميته السابقة بالنسبة له وكأن إرضاء زكي والعمل بأكمله لم يعد من أولى أولوياته ولا يعتقد ان الذي سيخسره أكبر مما خسره! تطلع امامه عبر النافذة وتأمل السماء الشاحبة واشجار الريف الكثيفة وحركة الطيور الرتيبة واوراق الشجيرات التي تتحرك قربه بكآبة وبدى باهت ومستغرب.... ما به كل شيء فقد لونه ورونقه؟ ما بها الحياة كأنها اختلفت وأصبحت بلا طعم؟ كأن دقائق النوم التي سرقته قد عبرت به وجعلته يتجاوز سنوات من عمره! كأنه صحي على حياة أخرى وعالم اخر! عالم بلا ألوان .... لماذا كل شيء حوله أصبح بارد وقاس وصعب؟ لماذا كأنه فقد الدفأ فجأة وكأنه بلا مأوى! ......................................... قالت هتان بعيون متورمة وانف احمر محتقن وشفاه جافة وهي تداعب فنجان القهوة الذي قدمته لها ريتاج: "لا ريتاج انكم لم تفهمونني كفاية .... انا لم ابك عليه ولا على الزواج الذي وصل الى حافة النهاية وقصتنا التي شارفت على الانتهاء بأكبر الخسائر وأفدحها .... انا ابكي على حالي .... على الغدر الذي تعرضت له من كل جانب الطعن الذي تعرضت له بكل انحاء قلبي منهم كلهم دون استثناء العدو والحبيب تكالب علي ونهش شيئا غاليا مني .... كلهم غدروا بي كل من حولي التف علي ليس جاسر وحده .... فالتي ظننتها صديقة وفتحت لها قلبي وائتمنتها اسراري والتي بسببها اجد نفسي أغرق كل يوم دون ان اعلم ما السبب وكيف الضربات تتوجه الي من كل زاوية وكأنها تتقصدني؟ كنت من السذاجة التي أتساءل كل يوم عن السبب وكأن هناك ايدي خفية تقودني الى الهلاك لاكتشف بالنهاية انها ايدي بيلسان لاكتشف ان الصديقة كانت بوجهين احدهما يستدرجني والأخر يحفر لي ليوقعني!.... والتي ظننتها ضحية وانسانة رغم ما فعله الزمان بها والتي احترمت كرمها وهيبتها وتعقلها ويدها التي مدتها لي لتنقذني وتنتشلني تبين لي انها كانت تضع قناع تخفي به غلها وغيرتها وحقدها علي وانها جاءت لتنتقم مني وتعتقلني هي والشيطان شقيقها جاءت لتخضعني وتذلني من اجل الثأر لنفسها ولخيانة زوجها لها .... فقد تربصا بي وعبثا بحياتي وعشت بسببهما أقسى الليالي وانا اعاني الخوف والقلق وقلة النوم والندم .... وعشت ليال موحشة والندم ينهشني لأني تزوجت رجل متزوج وكأني الفتاة الوحيدة في العالم التي تهورت واخذت رجل من زوجته مع اني لم اخذه ابدا ولا مرة اخذته منها بالعكس انا التي اتخذت من نفسي .... ندمت وشعرت انني ارتكبت جرما مع ان زواج رجل بمثل ظروفه من أخرى كان مشروع لعدة أسباب أولها واهمها عدم قدرتها على الانجاب بغض النظر عن الأسباب التي اوصلتها الى ذلك فهي كانت عاجزة عن ان تسعده .... انها زوجة مريضة نفسية وصدرها مليء بالشك وكانت أيامه معها عبارة عن رتابة وتوتر وريبة وتبريرات ولا احد غيره يمكنه ان يصبر على ذلك" اومأت ريتاج بحزن وتفهم لتواصل هتان بحرقة قلب: "اما عن جاسر جبل القسوة والظلم فهنا جروح قلبي كلها تنزف بمجرد ذكر اسمه امامي .... اه منه ومن ظلمه مهما تكلمت لم تسعفني الحروف ولا الكلمات كي أصف ماذا فعل معي وبي .... جاسر وجه لي طعنات الغدر لأعماق أعماق روحي وكل فترة اقضيها معه اكتشف اسرار جديدة ومؤامرات وظلم جديد وغدر أقسى وكذب ونفاق وخداع ونهم وجوع لتمزيقي .... يمكن ان اصنف جاسر أقسى رجل على وجه الأرض واكثرهم انانية" قاطعتها ريتاج وباستكشاف كأنها تستجوب اعماقها بضغط: "ومع ذلك يبقى الرجل الوحيد الذي احببته ومازلت تحبينه رغم كل ذلك صحيح؟" استفزتها العبارة وهزت رأسها قائلة باستنكار شديد: "لا .... لا ابدا .... لا أقدر ان احبه .... انا توقفت عن ذلك منذ زمن لكنني كنت امنحه الفرص الأخيرة ليصلح حاله معي ويحسن صورته بعيني .... كنت اريد ان أخلص ضميري معه لكن الذي اكتشفته بالنهاية كان اسوء ما يمكن ان اتخيله منه" ريتاج وبتأمل: "هتان .... ارجوك توقفي وتطلعي بي .... الكلام واللوم والعتاب وجلد الذات لم يعد يجدي نفعا بالعكس ان ذلك يزيدك تدهور ويقوقعك بدائرة الحزن .... اعتبريها تجربة فاشلة بحياتك وابدئي من جديد .... جربي حياة أخرى وجديدة ونظفي قلبك من اوساخ الحب القديم وخيطي جروحك بيديك لان لا احد قادر على ذلك سواك .... مغامرتك بالزواج مرتين من الرجل ذاته اسفرت عن فشل ذريع وبذلك دليل قاطع على ان حياتك معه مستحيلة .... ان جاسر تركك بقايا حطام وجاء اليوم ليكمل عليك وكأنه لم يكتف .... هتان انت تستحقين حياة جديدة مع رجل اخر" خفقت اهداب هتان وتغيرت تعابيرها وكأنها تلقت صدمة! ريتاج وبسرعة: "ما بك؟ لا تقدرين على ذلك؟ مازال جاسر لم يخرج منك؟" هي وبانهيار: "لا قلت لا .... لا تكلميني هكذا ارجوك .... ارجوك" تطلعت بها ريتاج بحيرة وقالت باعتذار: "انا اسفة .... اعلم ان ذلك الكلام مبكر وغير مناسب لكن صدقيني الحل الأمثل برأيي ان تتطلقي وتتزوجي رجل غيره لانك لو انفصلت عنه وبقيت حرة لن يتركك سيبقى يطالب باسترجاعك" هتان وباستنكار: "كيف تتكلمين عن الزواج هكذا؟ وكأن الامر بيدي؟ وكأني بلا مشاعر؟ وكأن الطفل ليس له وجود! .... كوني منطقية بالله عليك فالذي بيننا طفل .... لست حرة .... وبصدري قلب متهرأ من الجراح بسبب الزواج فكيف لي ان افكر ان اعيد الكرة؟ ريتاج انت مقتنعة بما تقولين الان؟ انا لازلت على ذمة رجل وانت تتكلمين هكذا؟" ريتاج وبابتسامة مرة: "اردت ان اكسر الحاجز بداخلك .... انها مجرد مهارة المواجهة التي تعلمتها من كتاب علم النفس .... اردت فقط ان اختبر مقدرتك بالضغط على اعصابك ووضعك وجه لوجه امام مخاوفك الداخلية .... اردت ان اواجهك مع نفسك لتعيشي ذلك الصراع وتفكرين ان كنت قادرة بالفعل وبنفس الإصرار هذا على الطلاق وإنك فكرت مليا ام انك لا تطيقين الحياة من دونه وستندمين؟ اردتك ان تعترفين لنفسك على الأقل بالحقيقة فأنا أخشى ان يكون كل ما قلتيه لي مجرد كلام تحت تأثير الغضب وسرعان ما تزيل الأيام فورة الغضب وتجدين بقايا مشاعر تبقى تحرمك من السعادة .... لأني .... لأني ما زلت اعاني من نفس السم من ذات الكأس .... انا .... انا ما زلت افكر بطليقي وأتمنى ان انساه .... لكن النسيان صعب" .................................................. ............................. بعد مرور شهر .... خطى جاسر في أروقة المعمل بخطوات مضطربة والقلق مسيطر عليه لأنهم منعوه من الدخول الى أي مرفق في البناية وتوقفت كل صلاحياته باستخدام حتى الأشياء التي كانت تابعة له وحتى غرفته الخاصة مقفلة والكل اخبره انه موقوف عن العمل ولما وصل الى غرفة زكي حاول احد العاملين منعه لكنه ابعده وفتح الباب بخشونة لتتغير تعابيره عندما وجد منى جالسة خلف المكتب وهمس: "منى!" ! وضعت ساق فوق أخرى وتطلعت به من الأسفل الى الأعلى ورفعت حاجبها قائلة: "منى؟ الأستاذة منى .... كان عليك ان تطلب الاذن وتنتظر ان كنت اسمح لك بالدخول او لا؟" تلاحقت أنفاسه وقال بانفعال: "ما الذي يحصل؟ اين زكي؟ اريد ان أتكلم معه" نهضت ببطء وخرجت من خلف المكتب وهي تتمايل بجسدها المثير امامه ثم اتكأت بساعديها على المنضدة خلفها وكانت قريبة جدا منه وقالت بنبرة مستفزة: "انت موقوف عن العمل .... بأمري" عقد حاجبيه وقال بنبرة خافتة: "عن أي حماقة تتكلمين؟ انا قدمت إجازة الى زكي ووقع الموافقة عليها وجئت اليوم لأباشر عملي كيف اجد كل ذلك قد حصل دون ان يبلغني احد؟" هي وبثقة ووقاحة: "الأستاذ زكي سافر وانا هنا من يدير العمل .... تريد ان تنتظره يعود بعد ستة أشهر ليؤكد لك كلامي؟ .... الأستاذ زكي سلم إدارة المكان لي واعطاني كافة الصلاحيات للتصرف وانا وجدتك فائض عن الحاجة" تتطلع بها باستنكار وقال بغيظ: "ليس من حقك ولا حتى من حق والدك ان يوقفني .... انا قدمت الكثير لهذا المكان وبذلت جهود مضنية من اجل النهوض بإنتاج المعمل ولسنوات وانا اكافح وابذل طاقاتي ومنحت خبرتي وجهدي وبسبب ظروفي الشخصية اضطررت ان اتغيب لفترة كيف يكون هذا جزائي؟ لم يكن هذا الكلام الأخير بيني وبين والدك ..... ان زكي مدين لي بالكثير ولي حقوق كثيرة هنا وانت .... انت لأسباب شخصية وغير موضوعية تريدين القضاء على مهنتي ومستقبلي؟ تريدين اذلالي لتصفية حسابات لا اكثر" هي وبعصبية: "اخرج من هنا انت مطرود .... لا اريد ان أرى وجهك مرة أخرى .... اخرج" احتقنت عيناه وهو يتطلع بها بغيظ كبير حتى قبض على ذراعها وجذبها بعنف لترتطم بصدره وقال بقوة: "انا اكن لك مشاعر وعليك ان تعرفينها اليوم .... انت تقرفينني .... مدللة فاسدة ومستهترة وبحياتي لم أفكر ان اخضع لك مهما حاولت .... لست انا من تسيره وتقوده امرأة .... لست ممن يفرض عليه امر ويخضع .... اجتهدت وجاهدت كي اتزوجك وانا اقولها للمرة الالف انا لا اريدك لكن احسنت قدرت ان تؤثري اليوم على حياتي بإيقافي عن العمل وقطع مصدر رزقي لما فشلت بالتأثير علي بكل ما لديك من انوثة هذا اكثر ما يمكنك الوصول اليه .... لعل ذلك يرجع لك شيء من كرامتك لتثأري لأنوثتك المهدورة على قدمي" ثم زجها بخشونة لتتراجع خطوات الى الخلف وتتمسك بحافة منضدة المكتب وقال باحتقار: " انا أيضا لا يشرفني ان اعمل في مكان تديره قذارة مثلك" قالت عبر شفاه مرتجفة: "اخرج" خرج بخطى سريعة واندفاع حتى بدأت خطواته تتباطيء وهو يغادر المبنى الى الشارع ودعك جبينه ببطء وكأن كل قواه قد خارت تماما امام ما تعرض له من جرح لكرامته ورجولته. نزلت دموع منى وهي تبتسم ابتسامة الانتصار لكن انتصار ممزوج بخزي كبير بداخلها .... انت تستحق .... لو كنت رضيت بالزواج لتغير حالك ولاستلمت القيادة هنا وفي البيت وبكل حياتي لكنك غبي .... غبي. ............................................ كان يقود السيارة بلا تركيز وهو يتذكر اخر لقاء له مع زكي اذ كشف له كل أكاذيب منى التي زعمت بوجود عقد عرفي بينهما وأعرب له عن عدم امكانيته بالزواج منها لانه متزوج باثنتين وشرح له الصعوبات التي يواجهها وكذلك عن ملاحقة ابنته له على الدوام واختلاقها الأكاذيب وزكي اعترف له بأن ابنته تعاني من اضطرابات نفسية وانها تعالج على يد طبيب نفسي وابلغه اسفه واعتذاره عما بدر منها وانه كان يسايرها فقط وظن ان زكي اعقل مما تبين له اليوم فالذي اتضح له ان زكي مجنون هو الاخر كابنته ليسلمها إدارة معمل فخم ويسافر! .... لقد ضيعوا مستقبله الانذال. .................................................. ........... فتح وائل الضمادة التي تحيط عنقها بدقة فائقة وهي امام المرآة مغمضة العينين حتى انتهى وهمس: "افتحي عينيك ديم لا تخافي" وضغط على كف يدها واناملها المرتجفة الباردة جدا ليدعمها قائلا: "لا تخافي" رفعت اهدابها ببطء شديد وقبل ان تتطلع همست: "أخبرني النتيجة لا اريد ان أرى" وائل وعبر عيون حمراء جدا: "تطلعي ارجوك" نزلت دموعها دون ان تنظر وقالت بغصة: "كنت اود ان يكون جاسر موجود بهذه اللحظة وهو الذي يشد على يدي ويخبرني لكن" جاسر ومن خلفها: "انا موجود .... انا دائما موجود لكنك لم تقدري يوما ذلك .... لم تشعري بأهمية وجودي ولا بأهمية كل ما أقدمه" وجوده بظهرها وصوته ولد عندها الشجاعة الكافية لتتطلع بالمرآة لكنها لم تنظر الى عنقها بل تطلعت بجاسر عبر المرآة وقالت: "انا اشعر بوجودك لكنني اطمع بالمزيد دائما .... لأن الحب هكذا .... لا يكتفي الحبيب من حبيبه .... انا طماعة يا جاسر وأريد ان استحوذ على كل ما فيك" أسدل وائل اهدابه وتراجع خطوات ثم انسحب وخرج. اجهشت ديم بالبكاء على صدر جاسر واغرقته بدموعها فهو الوحيد الذي تعيش امامه بكل مشاعرها ولا تخشى من ان تظهر ضعفها وهشاشتها بحضنه لأنه حبيبها وابوها واخوها وصديقها وزوجها وكل شيء وكانت ترتجف بيديه وتهمس: "انا فعلت كل ذلك لأجلك .... كي ارضيك .... انا اريد ان املأ عينك وتراني جميلة دائما" احاطها بذراعيه واعتصرها قائلا: "لا بأس .... انا اراك أجمل امرأة سواء قبل الحادث او بعده ولا مرة وجدتك بخلاف ذلك وكل سنوات عمري كنت ابرر لك واقنعك لكنك تصرين على عكس ذلك .... لا بأس يا ديم .... النتيجة جيدة وهناك عملية أخرى كما فهمت .... لا تحزني ارجوك انا راض بتلك النتيجة" .................................................. ................ خلع وائل نظارته الطبية عبر انامل مضطربة وهو جالس في سيارته ورغما عنه وجد نفسه يبكي كالطفل وهذه المرة الثانية التي يبكي بسبب ديم مرة عندما تزوجت جاسر وهذه المرة لانه لم يقدر ان يدخل السعادة الى قلبها .... العملية لم تكن ناجحة تماما والتشوه مازال ظاهرا للعيان .... انا اسف يا ديم تمنيت ان اخفف عنك واسعد قلبك .... اسف حبيبتي. .............................................. تنهد جاسر عندما نامت ديم تماما وابتعد عن السرير وهو يشعر بأن قلبه على وشك الانفجار .... ان الذي بداخله لا يمكن لاحد ان يفهمه ويعرفه .... ان الذي بداخله يخصه وحده ولا يريد ان يكشفه امام أحد. .................................................. .................... ابتسمت هتان وبدت مستمتعة وهي تتطلع بواصف الذي ضرب على يد ابن ريتاج الصغير بملاطفة ثم بدأ يلاكمه ويتظاهر بالهزيمة امامه وقالت ام عابد وهي تنهض: "هيا يا واصف الوقت تأخر وعلينا العودة الان" وضع واصف يده في جيب سترته واخرج محفظته ثم اخرج مبلغ من المال ووضعه على الطاولة دون ان يقول شيئا لتقول هتان بسرعة: "ما هذا الذي فعلته؟" واصف وهو ينهض: "انه دين عليك .... تردين لي كل شيء بعد الولادة وانا ساقيد ذلك بالدفتر كي لا ننسى .... بالمناسبة انا وجدت لك المستشفى المناسبة القريبة وسنحجز لك بها عند اقتراب موعد ولادتك بأذن الله فمن تلك الناحية اطمئني لأنني تأكدت من مستوى النظافة والخدمات والعناية فيها .... أي شيء تواجهينه هنا اتصلي بي ولا تترددي ثانية .... ستجديني دائما قريب .... هتان انت مهمة عندي جدا تعرفين لماذا؟ لأنك تشبهين اختي جدا" بهتت ملامح هتان وهي تتطلع به واسدلت ريتاج اهدابها وهي منبهرة بكل ذلك! وتطلعت عمتها اليه والى هتان بنظرة متفحصة ومرتابة وقالت ام عابد: "هيا واصف هيا" عندما خرجا وأغلقت عمتها الباب تهاوت هتان على الاريكة وتطلعت بالمبلغ واغمضت عينيها .... اخته! .... انا بمثابة اخته! أغلقت ريتاج الباب على نفسها وتنهدت .... واصف .... انه شخصية تثير الاهتمام .... ترى ما سبب كل ما يفعله؟ هكذا لله بدون اهداف ودوافع؟ معقول في هذا الزمان توجد رجال هكذا؟ هذه المرة الثانية التي يزورهم ويأتي بالهدايا للأطفال ويبدي شهامة وكرم وعطاء بلا مقابل .... خدوم ومهتم ومتفاني و .... وجذاب .... جذاب الى ابعد الحدود .... ترى ما بداخله اتجاه هتان؟ ابتلعت ريقها وهي تشعر باضطراب كبير بداخلها وتشتت فمنذ رأته وقد اختل التوازن الذي بداخلها وأصبحت شخصيته محط اهتمامها! رفعت عمتها حاجبها وهي تتطلع بهتان بنظرة مغرضة وقالت: "جزاه الله خيرا الشاب" تنفست هتان بعمق وكمية من الراحة والاطمئنان ملأت صدرها فالمبلغ الذي تركه كانت بأمس الحاجة اليه وكانت تفكر ان تخرج وتبحث عن عمل ورغم بطنها الكبير هذه وظرفها الصحي المضطرب ارادت ان تعمل لكن الله اسعفها .... انت ملاك بهيئة رجل يا واصف .... اشكرك .................................................. ..................... نزل جاسر من سيارته بعد الغروب ووقف امام المنزل وتطلع به بإحباط وهو يشعر ان ذلك المنزل يشبهه كثيرا يشبه احلامه واماله التي توقفت فجأة وليس له ان يفعل شيء لانعاشها وهو يراها تحتضر لأن ما باليد حيلة .... توقف المنزل الى هذا الحد ليشعره بمدى فشله وعجزه وليصغره امام نفسه ويثبت له انه ليس برجل وانه لايستحق ان يسمى رجل .... يريد ان يكمل بناء البيت؟ لماذا؟ ولمن؟ ان كانت صاحبته غائبة ولا يعرف شيئا عنها وينام ويصحو ويأكل ويشرب وهي غائبة عن حياته ولا يمتلك الشجاعة لاسترجاعها ..... لست رجل انت لست برجل. اقترب منه العامل قائلا: "انا اريد اجرتي يا أستاذ ....صبرت كثيرا" تجاوزه جاسر وكأنه لم يسمعه واقترب من الباب وفتحه ودخل يتجول بين اروقته الباردة المظلمة حتى اسند ظهره على احد الاعمدة ونزل بجسده الى الأرض ليجلس ويطرق بالأرض .... انها لكبيرة على كرامته ان يوقف البناء لأشهر بسبب عدم امتلاكه المال وان العمال يطالبونه وان هتان مختفية ولا يعرف لها طريق ولا يعلم مصيرها ومصير طفله .... كل يوم يذهب الى الكوخ هناك وينتظر بالساعات وكل فترة يذهب الى بيت عمتها ولا يجد لها اثر .... يعرف انها مختفية بارادتها لانها هاربة منه ولا تريد رؤيته لكنه يعيش بحالة من الخوف والقلق المستمر والبحث .... ان ولادتها قريبة وذلك ما يحز بنفسه كثيرا..... فقد عمله وفقد زوجته وفقد سعادته مع ديم وفقد ثقته بنفسه لأي ذنب يا ترى؟ كيف تحولت حياته هكذا رأس على عقب؟ ايجب عليه ان يبقى يتحمل الصدمات؟ صدمة الحادثة وموت طفله وتشوه زوجته لازال جرحها اخضر ولم يشفى ليتبعها جرح هتان! .................................................. ....................... ام جاسر وبعيون متلهفة: "جاسر!" كانت جالسة في الصالة عندما دخل عليها فجأة وبقيت تتطلع به منتظرة منه اي كلمة لكنه لم ينطق بل جلس على الاريكة امامها ! عرفته متضايق ومهموم لكنه لا يحب ان يحكي كعادته تعرف طبعه كتوم ويحرق بداخله تأملت شكله وقالت بنبرة التأنيب: "ماذا تفعل بحالك؟ ما هذا الذقن الاشعث؟ منذ متى وانت لم تتطلع بالمرآة؟" بقي يتطلع بالفراغ وانزلت بصرها على كفيه لتلاحظ ارتجافه خفيفة بأنامله وأدركت انه بحال سيء فنهضت واتجهت اليه وجلست قربه جدا ثم شدت على يده وقالت بنبرة خافتة: "اعرف ما بك .... اعلم ان غيابها قد أنهك قلبك .... اشعر بك وان انكرت وان كابرت وان غضبت تبقى الحقيقة واحدة .... انت تحبها دون ان تعلم .... انها متغلغلة بداخلك دون ان تظهر لها وللأخرين ذلك .... اكتشفت بغيابها انك لا تقدر بدونها وانها مهمة جدا عندك" اطرق وبقي هكذا حتى صرخت امه بفزع: "جاسر!" اذ خرج الدم فجأة من انفه وبغزارة! التعديل الأخير تم بواسطة هند صابر ; 11-12-19 الساعة 03:19 AM | ||||||
|  |
|
11-12-19, 03:22 AM
| #754 | |||||||
| نجم روايتي و كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
|  اقتباس:
حبيبتي اعتذر ان شاء الله اعوضكم شكرا لاهتمامك ومتابعتك الحلوة | |||||||
|
| |
|
11-12-19, 10:42 AM
| #755 | ||||
| نجم روايتي  
| 💔💔💔💔💔💔💔 شكراً لأنك جعلتني أكرهُك جداً أحتاج مزيداً من الوقت لأكرهك فقد أضعت وقتي بك ولم اعد أملك الحب الكافي لأهدره عليك فأنا إما مشغوله مرضاً منك وإما مشغوله شقاءاً بسببك ...اكررررهك💔 ............................. مقتبس | ||||
|
| |
|
11-12-19, 10:50 AM
| #757 | ||||
| نجم روايتي
| .... ما به كل شيء فقد لونه ورونقه؟ ما بها الحياة كأنها اختلفت وأصبحت بلا طعم؟ كأن دقائق النوم التي سرقته قد عبرت به وجعلته يتجاوز سنوات من عمره! كأنه صحي على حياة أخرى وعالم اخر! عالم بلا ألوان .... لماذا كل شيء حوله أصبح بارد وقاس وصعب؟ لماذا كأنه فقد الدفأ فجأة وكأنه بلا مأوى! ......................................... | ||||
|
| |
|
11-12-19, 10:54 AM
| #758 | ||||
| نجم روايتي
| الكلام واللوم والعتاب وجلد الذات لم يعد يجدي نفعا بالعكس ان ذلك يزيدك تدهور ويقوقعك بدائرة الحزن .... اعتبريها تجربة فاشلة بحياتك وابدئي من جديد .... جربي حياة أخرى وجديدة ونظفي قلبك من اوساخ الحب القديم وخيطي جروحك بيديك لان لا احد قادر على ذلك سواك ... | ||||
|
| |
|
11-12-19, 08:26 PM
| #760 | ||||
| جاسر خسر كل شئ بما في ذلك هتان اللي ادرك اخيرا قيمتها عنده لكن بعد فوات الاوان و بعد ما خسرها ...عنجد حاله صار يحزن يا ترى مخباياله ايه كمان و شو سبب نزول الدم من انفه ؟ هتان حسيت انه ما عجبها لما واصف قاللها انها تذكره باخته معقول صارت تحبه او هي فقط تعلقت فيه لانه ساعدها و وقف جنبها ؟ و واصف يقصد ما قاله فعلا او قال هيك حتى يحميها من انه تتعلق به اكثر ؟ ديم اكثر شخصية تحيرني و ما بعرف اتعاطف معها او اكرهها احزنتني هذا الفصل ... المشهد هي و جاسر لما نزعت الضمادة لتشوف نتيجة العملية كان مؤلم جدا 💔 الفصل كان حزين على جميع الشخصيات لكن اكيد راااائع كالعادة يعطيكي العافية بانتظار الفصل القادم بشوق ❤❤❤ | ||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
4Likes
العرض العادي
