آخر 10 مشاركات
متوجةلأجل ميراث دراكون(155)للكاتبة:Tara Pammi(ج1من سلسلةآل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          صفقة طفل دراكون(156)للكاتبة:Tara Pammi(ج2من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          84-امرأة لورد الشمس - فيوليت وينسبير - ع.ج ( إعادة تنزيل)** (الكاتـب : * فوفو * - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          لُقياك ليّ المأوى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : AyahAhmed - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          من تحت سقف الشقى أخذتني . . للكاتبه نـررجسـي?? ، مكتملة (الكاتـب : لهيب الجمر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree214Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-03-20, 02:34 PM   #271

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


في العيادة النفسية


الضياع ،التشتت و الخوف من المجهول هو كل ما كانت تشعر به ،فقدت إحساسها بما حولها و حالتها النفسية ازدادت سوءً مع الأيام ،تدرك أن ما تمر به هو الخمس مراحل للحزن ،قد تجاوزت الإنكار لكن أمامها الكثير لتتقبّل خسارتها و فشلها
خابت و خاب مسعاها لنيل حب رجل استوطن قلبه حب امرأة أخرى ،يتنفسه و يحيا به
هي كانت مجرد زينة جانبية كقطعة أثاث وجودها لا يشكل فرقا من عدمه
لا تنكر أنه قد أحسن معاملتها و عاشرها بالمعروف و باحترام شديد
ظل قلبه عصيا و لا تلومه،فليس ذنبه أنه أحب غيرها و ليس ذنبها أنها أحبته
نحن لا نختار من نحب و متى نحب و حتما ليس بيدنا خيار إنهاءه
خطؤها كان أن جعلت من الحب نقطة ضعف و عذرا لأغلاطها المتكررة و كادت بذلك تضع كل ما امتلكته على المحك
ضميرها ...
عملها ...
سنوات عمرها التي قضتها تبني نفسها و تقويها ...
كادت تفقد كل شيء من أجل رجل ...
رجل!
أسبوعان ،أربعة أيام و خمس ساعات منذ انفصلا ،ليس و كأنها تحصي الأيام من شوقها له ،بل لأنها تضيع من عمرها و هي لا تريد أن تخسر المزيد
يكفيها ما خسرته ...
آذت و تأذت ...
أوجعت و توجّعت...
خسرت يعقوب و فازت بنفسها
و بئس فوز ناقص لم تذق حلاوته بل علقمه ،تحيط به الحسرة و يتنفس الوجع من كل جانب
التقطت الإطار الذي يحمل صورته و وضعته على أحد الأدراج ،رفقة كل ذكرياتها و مشاعرها و أوجاعها و أقفلت عليهم بإحكام
ستسير نحو بداية جديدة ،حياة جديدة بعيدا عن كل الحب و كل الوجع
رفقة ابنتها التي ستعلمها كيف تكون قوية دون أن تعتمد على رجل و تقول لها :" أحبي نفسك أكثر من أي أحد ..
و الشخص الذي لا يرتجف قلبه عند نظرة منك ..و لا تنسحب أنفاسه عند لمسة منك .. فهو لم يخلق لك ..و ليس ملكا لك "
كما لم يكن والدها ملكا لوالدتها ...
ابتسمت بحزن تتذكر ليلة أن استلقت بين ذراعيه تتوسد صدره ،و نبضات قلبه كتهويدة تساعدها على الاسترخاء ،كان كل يمثل لها جواب كل سؤال و مصدر كل سعادة
و دون تخطيط سألت :
– إن كان لنا عمر يا يعقوب ،أين سنكون برأيك بعد سنوات ؟ و كيف سيكون وضعنا ؟ .
لحظتها رأت الحيرة ترتسم على وجهه ،كأنه لم يسأل نفسه هذا السؤال سابقا ،لأنه أراد أن يعيش كل يوم بيومه ،و التخطيط و الحلم هو للعاشق في قصتهما ... هي .
فأجاب :– ربما ستكون الوكالة التي أريد إنشاءها قد كبرت و توسعت ،طفل أو أثنين أو أكثر ...لا أعلم حقا .
تجاهلت أنه لم يذكرها بل اكتفى بنفسه و هي التي نصبته سيدا و ملكا لكل أحلامها و نقطة ترتكز عليها حياتها
يا لحماقتها!
قد صارت أحلامها و كل خيالاتها هباءً منثورا ،نثرته رياح الأقدار بعيدا فما عادت تطالها و لو بمجرد النظر من بعيد ...
دخول مساعدتها جعلها تستعيد تركيزها فاستقبلتها بإيماءة بسيطة تمنحها الإذن بالدخول
– دكتورة ،وصلتك هذه الرسالة ،لكنها تبدو بدون عنوان .
التقطت الرسالة تقلبها بين أصابعها و بعد خروج مساعدتها فتحت الظرف لتخرج الورقة و قد شعرت بالأرض تميد بها و كأن زلزالا لا يقر قد هز ثوابتها
فهمست بخوف :– يا الهي! ...
أخذت تقرأ الكلمات التي كتبت بخط أنيق :
"– قد خاب أملي فيكِ حضرة الطبيبة ، بعد زيارتك الأخيرة لم تأتِ و أنا الذي كنت أتحرق شوقا لصحبتك الممتعة لأناقشك حول دميتي الجميلة ...هل ذكرت بأنني قد خرجت من السجن ؟ ،ربما سآتي إليك بنفسي لتكملي دراستك حولي و حول أفعالي و ربما تحضرين دميتي معكِ ؛ما رأيك ؟ "
لدي عمل لم أنهيه بعد ،حضرة الطبيبة ؛لذا أخبري ماريا أنني قادم و لقاؤنا سيكون قريبا و أكثر حميمة و قطعا سأنهي لوحتي هذه المرة "
وقعت الرسالة من بين أصابعها و كل جسدها يرتجف و أول رد فعل جاءت به هو الاتصال بيعقوب تسأله الحضور على عجل و ما هي إلا ربع ساعة و كان يدخل مكتبها نظراته القلقة تشملها كاملة
فتحت فمها لتتحدث فلم تغادر كلمة واحدة شفتيها و قد امتلأت عيناها بالدموع ما جعله يمسك بوجهها بين يديه يحثها على التنفس و الهدوء :
– نهى ! ...تنفسي بعمق و اهدئي ...اجلسي هيا .
نشجت :– يعقوب ...أنا آسفة ،لا أعرف كيف ...
– أنتِ بخير ،لكل شيء حل فاهدئي ،لا تتوتري و دعيني أفهم قصدك .
أشارت نحو الرسالة برأسها فالتقطها يعقوب يقرأ محتواها قبل أن يكوّرها بقبضته و يضرب سطح المكتب بقوة شديدة و عنف لم تره منه سابقا و قد هتف :
– الحقير ! ،سأقتله هذه المرة !!.
عندما انتقلت نظراته إليها شعرت كأنه سيغمى عليها من شدة الخوف فطفق يتنفس بعمق ثم تكلم بخفوت يحاول لجم جماح غضبه :
– لا تخافي مني ،لن أؤذيك بحق الله .
التقط هاتفه يتصل بأحد ما ثم سمعته يقول :
– حيان ،أريدك أن تجد لي شخصا ما ،سنلتقي و سأشرح لك كل شيء ،حسنا .
أعاد الهاتف إلى جيب بنطلونه العسكري ثم قال :
– سنذهب إلى شقتك لنجمع أغراضك ،ستعيشين في منزلي حتى تنتهي هذه المسألة اللعينة و يموت ذاك النذل .
أومأت توافقه الرأي ،ليس لأنها تريد الذهاب لتعيش معه تحت سقف واحد بل لأن منزله أأمن لها و لابنتها ...
ترى لوما في عينيه و تتقبّله فهذه إحدى تبعات غلطتها .
و لعل القادم أسوأ ...



انتهى الفصل


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:14 PM   #272

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع عشر


"لا تهرب من مخاوفك ،فإنها دوما تعثر عليك "



منزل المقدم خليل


يجلس خليل على طرف السرير و بجانبه نسيم ،تمسك بيديه و تنتظر بتوتر لسماع ما جاء من أجله ،و لأول مرة ترى والدها مرتبكا و تفر منه الكلمات ،فتنحنح بقوة و قال عابسا :
– أعلم أن منى و سهام قد سألتاك قبلا لكن أحتاج سماع الإجابة منك لأقتنع .
احمر وجهها بشدة و أخفضت نظراتها أرضا ما أن سأل :
– هل تقبلين بالارتباط بذاك النذل الذي كاد يقتلك بل و خدعنا كلنا ؟
نعم ،لم يكن تصرفا عادلا منه أن يشتم الرجل و يذكر عيوبه ،لكن نيته كانت حسنة ،يريد لابنته أن تتذكر حقيقته
– سمسم ،صغيرتي لا تخجلي مني و تكلمي .
بصعوبة شديدة ردت تتلعثم و تتعثر بين حرف و آخر :
– لا كلمة لي ...فوق كلمتك يا أبي .
رفع وجهها إليه فينظر عميقا داخل عينيها و قد قرأ إجابتها ،فتنهد بقلة حيلة ،يقربها منه و يحتضنها ،يشعر بنفسه على وشك البكاء و صغيرته ،طفلته ،و فرحته الكبرى تختار مغادرة بيته و أمانه إلى بيتها الخاص ...
ليس من العدل أن تفارقه و هو لم يكتف منها بعد ! ...
منح جبينها قبلة عميقة ثم غادر ،فتكون وجهته غرفة المعيشة حيث ينتظره هشام الذي ظل يناظره رافعا حاجبه بسخرية
– هل تأكدت الآن؟! .
– اخرس يا هشام،لا تنقصني استفزازاتك .
– ابنتك موافقة فتمنى لها الخير و عجّل في ارتباطهما .
ملامح خليل بدت فزعة و هو يهز رأسه نفيا ،ما يزال يرفض الفكرة ،ذاك الرجل لا يستحق ابنته و لن يفعل و لو بعد قرون ...
بل لا أحد يستحقها من الأصل ...
قال متجهما :– سنتحدث مع رجال عائلته و نتفاهم حول الشروط ،لن أعجّل في شيء .
زفر شقيقه بملل و قد تعب منه فعلّق:
– حتما حمزة سيطلب خطبة رسمية .
فيشتمه خليل في سره ثم يقول رافضا:
– خطبة فقط و الزفاف لن يقع حتى تلد منى .
– هل تريد لابنتك خطبة طويلة ؟ ..الرجل جاهز و يريد فقط إشارة واحدة ليتزوجها اليوم قبل الغد .
– لا يهمني .
اقترح هشام :– عقد قران و الزفاف بعد أن تلد منى .
فيراوغ الآخر:
– إذن نؤجل الخطبة ،فحتى موعد التحقيق و تجهيز رخصة الزواج له سيأخذ وقتا .
– كل شيء سيتم بسرعة ،لي معارفي .
– هشام ! ...
– ماذا؟
تهدل كتفي خليل و قد سكن الحزن صفحة وجهه و انكسرت نبرة صوته و هو يتساءل:– أنا ... إنها ابنتي بحق الله ...كيف ...كيف أسمح له بأخذها مني ؟ .
فاقترب منه هشام يربت على ساقه ،يبرز له دعمه و يبث فيه بعض المنطقية :
– يا أخي هذه سنة الحياة ،ابنتك ،ابنتنا كبرت و مصيرها الزواج الآن أو بعد عشر سنوات .
– كيف تتقبل أمرا كهذا ،ألا تقول بأنها ابنتك أيضا ؟
فيبتسم هشام بحنو :– ابنتي و أريد لها السعادة ،أنا و أنت لن نعيش للأبد ،تحتاج رجلا في حياتها ،فصلا جديدا .
– شرطي سيكون أن يكون منزلها قريبا مني و إلا لن أزوجها .
– خليل كن منطقيا !
– هذا هو الشرط الوحيد .
نهض شقيقه من مكانه ،و قد تعب حقا من محاولة إقناعه ،و كلما ظنّ أن الأمور تحسنت ،يخرج له الرجل بشرط جديد و يعقد الأوضاع فوق تعقيدها ...



*
*
*
*


الولايات المتحدة

أصعب ما في الحب ...الشوق
نيرانه تحرق القلب فتجعل نيران الجحيم تبدو أبرد ،يفني المرء و يخنقه
و ذاك هو حالها و هي لا تستطيع التركيز على شاشة حاسوبها و كل ذرة من أفكارها يحتلها ألكساندر بكل وسامته ،و جماله و تملكه ...
لساعات و كل ما يخطر على ذهنها هو قبلاته الحسية التي تنسيها اسمها ،حضنه الذي وسع كل شيء و يحمل بين كل جزء فيه حنانا دافقا
لأيام تحاول إغواءه و ما أن يحاول قطع خطوة أخرى وسط غمامة الشغف ،تجبن و تبعده
لكن ليس اليوم ... قطعا ليس اليوم ! ...
قد انتظرت بما فيه الكفاية و فقدت قدرتها على الصبر و لئن استمر حالها هكذا ستجن ...
أغلقت حاسوبها المحمول تتأفف بيأس ، ثم توجهت نحو المسبح الداخلي حيث يقبع مصطفى ، و عندما بلغت وجهتها و دخلت عليه لم ينتبه لها، فوقفت مكانها تراقبه و الشغف يملأ نظراتها ، لا تزال تجهل سبب كل المشاعر التي تنتابها اتجاهه بكل الجموح و كل الجنون ، شعور غريب بين الرهبة و الحماس ، تقربه الحذر منها، مراعاته لمخاوفها ،حنانه و تملكه ، حبه و حمائيته كلها صفات تثير زوابع الغرام في فؤادها
مصطفى لم يكن مجرد رجل دخل حياتها في أكثر أوقاتها تخبطا و لا الشخص الذي يفهمها و يعرفها أكثر مما تعرف نفسه ،فيقرأها ككتاب مفتوح و يهدئ مواجعها ، بل كان قدرها ، هو الرجل الذي خُلقت من أجله
و أفضل قرار اتخذته هو زواجها به ،رغم الاضطراب الذي تعيشه ، رغم التذبذب الذي تتميز به أفكارها و دواخلها
ما تزال متوترة و خائفة...
ما تزال تصارع أشباحا تلاحقها من الماضي و يبقى هو المأمن و المستقر...
وسط سهوها و سرحانها لم تنتبه لمصطفى الذي كان يستقر على حافة المسبح يراقبها و ابتسامة جميلة كجمال نظراته نحوها تزين ثغره فناداها :
- hey angle ..come here .
(أهلا يا ملاك ،تعالي )
اقتربت منه بخطوات مترددة ثم جلست على الحافة و ساقاها تتدليان داخل الماء أما ذراعي عاشقها فقد أحاطتا خصرها و قال :
– اشتقتِ إلي يا قطة؟
أومأت بخجل فتابع اكتساحه العاطفي لحصون قلبها :
– أريني كم اشتقت إليّ.
سابقا كان ليتوقع منها تمنعا أو ترددا لكن في الحالة التي صارت عليها فلم تفاجئه البتة و هي تميل نحوه تقبّل ثغره كأنها تعيش من أجل قبلة منه ...
تخبره عن احتاجها و تجتاح حصون قلبه و منطقه ...
عندما انقطع لقاء الشفاه غمغم و قبلاته تنتقل نحو عنقها لتصل إلى أذنها فيهمس :
– ما رأيك بدرس في السباحة ؟
أجابت:– لا ، لا أجيد السباحة ، لقد حاول معي سفيان و فشل .
:– لكنني لست شقيقك كتيونوك ، و لا تخافي، لن تغرقي و أنتِ معي .
حاولت دفعه بعيدا عنها قائلة :
– لا أريد ، كما أنني بثيابي ، و لا أملك ثوب سباحة .
فيشدد من احتضانها مرددا :
– الثياب يمكن نزعها، يمكنك البقاء بالداخلية منها ، أو نزعها كلها ..و أنا أفضل الخيار الثاني .
ضربت كتفه تخفي وجهها بين كفيها :
– توقف عن هذا!! .
ضحك يهمس لها :– لا تعلمين ما الذي أريد أن أفعله بك ما أن أحصل عليكِ بين ذراعي ّ .. لكن سأنتظر حتى يحين الوقت .
ظلت تناظره و الدمع يُغرق مقلتيها ، تدرك بأنها ما تزال تبقي حدودا بينهما ، و لولا صبره عليها لانتهى حالهما كحال زواجها الأول ، مع أنها تدرك الاختلاف بين الرجلين ، سواء من مشاعرها هي أو من تصرفاتهما ، مشاعر مصطفى تبدو حقيقية و تستهلكها فتجذبها نحوه رغما عنها ، أما أيوب قد يكون أحبها لكن ليس بالشكل الكافي الذي يجعله يحارب كل شيء من أجلها
دون وعي منها و تحت دهشة مصطفى كانت تنزع الفستان الذي ترتديه ، تجاهلت رغبتها في الانكماش على نفسها أو الهروب و الاختباء و أبقت نظراتها تحت أسر عينيه العاشقتين ، فعشقه لها يحميها من كل مخاوفها ، أما هو فقد نزلت عيناه نحو بطنها حيث تكمن جروح أخرى غير التي تزين _لا تشوه_ بشرة ذراعيها فسأل :
– هو المتسبب في هذه؟
أومأت فغمغم بغضب :– الحقير
و لدهشتها فقد مد يده بتردد يلمس ندوبها و لم تنفر ، ربما تتردد و تتخوف قليلا إلا أنها قطعا لا تنفر من لمسته ، و على حين غفلة كان يحيط خصرها بذراعه ثم يجذبها معه و هي بين أحضانها إلى داخل المياه فلم تجد سوى أن تتمسك بكتفيه بقوة مخافة الغرق
– ألكساندر ، لا تتركني ، لا تفلتني .
– لا تخافي و أنتِ معي ، لن تغرقي .
خففت من ضغط ذراعيها عليه فأخذ يبعد شعرها الناري عن وجهها و كتفيها و كم بدت له جميلة حينها ، بكل البراءة التي تمتلكها رغم خبرتها الكبيرة مع الوجع ، و كم يسره و يبعث فيه شعورا بالفخر كونها حافظت على جمال روحها وسط الظلام الذي كابدته
ويحه كم أن عشقها قاتل له !
ويله مما ينتظره مستقبلا إن هي قررت رفع الحدود بينهما !
مال نحوها يعقد لقاءً آخر بين الشفاه ، لقاء كان القصد منه القصر فطال و طال حتى امتد نحو الأبد
كان هو من تكلم :– ظننتنا سنتعلم السباحة اليوم .
أجابت رغم التردد :– أريد أن أتعلم كيف أحبك .
كرر القبلة و همس :– ستصيبينني بالجنون يوما ما ..هل أنتِ متأكدة ؟ ..يمكننا الانتظار .
التقطت نفسها عميقا ثم أجابت :
– أنا متأكدة ، أما عن السباحة يمكننا تأجيلها .
قال ضاحكا :– أمامنا الدهر كله لنتعلم السباحة والحب
همست :– ألكساندر .
فيدمدم بجنون :– لا تنطقي اسمي هكذا ،تعلمين تأثيره عليّ .
بقلة صبر رددت من بين قبلاتها لثغره :
– خذني إلى غرفتنا .
و سيكون ملعونا إن لم يستجب
و ها قد اجتمعا فاكتملا
من الحب و بالحب



يتبع...


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:18 PM   #273

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الولايات المتحدة
بعد بضعة أسابيع



الحب شيء عجيب ،يأخذ من المرء الكثير ،يستنزفه ،يستهلكه و يفنيه ،أحيانا لا يعطي شيئا في المقابل و أحيانا أخرى يذهلك بالعطاء
كحبه تماما ...
منحه إياها،بكل ما فيها من محاسن كملت في نظره ،بثقتها ،حبها ،احترامها و تعلقها به ،حتى و إن اختلفت طرقه في البداية و حارب من دون نزاهة ،تبقى النتيجة هي الأهم و ليس نادما البتة
قبّل جبينها بعمق ،في حين كانت تتوسد صدره و تنام بكل رقة و لذة تذهب العقل و تخطف القلب ،فأخيرا قد طبع على روحها بختم ملكيته و قد اضمحلت الحدود التي كانت تفصلهما و اكتملا ببعضهما البعض...
و تبقى مشكلته الوحيدة أنه لا يكتفي منها ،حتى و هي بين أحضانه يشتاقها
أمواج الهوى ابتلعته ففقد نفسه فيها ...
أصابعه داعبت ظهرها العاري و يشعر بنيران الغضب تتصاعد ألسنتها لتحرقه و هو يلامس أثارا للجلد التي تعرضت له ،قد رأى كل جرح فيها ،قبله ،أحبه لكن الغضب داخله لا يخفت ...ليس و الحقير الذي تسبب في وجعها بات حرا طليقا و هي لا تعلم ...ليس لها خبر و الكوابيس لا تفارقها و لئن علمت فستنهار نفسيتها حتما و هو ما لا يريده لها ...
تململت بين أحضانه ثم فتحت عينيها البهيتين لتقابل نظراته المبتسمة فأخفت وجهها في صدره و هو يهمس لها :
– صباح الخير كتيونوك.
أبعدها ينظر لوجهها المحمر ثم يقبل أرنبة أنفها ممازحا :
– تأخرت عن عملي لأنني لم يهن عليّ تركك،و إن بقيت على هذا الحال سأفلس حتما .
ضحكتها كانت كصلصلة عذبة تقع على مسامعه :
-lyubov moya .
(حبي)
فيدمدم و شفتاه تلامسان خدها الشهي :
– تحدثك بالروسية يصيبني بالجنون .
– أنا أتعلم ،و الأمر سهل لأنني أمتلك ذاكرة فوتوغرافية ،لذا امنحني بضعة أسابيع و لن تعرفني .
سيكون في ذلك دماره حتما ...
فلغته الأم تبدو من بين شفتيها مغرية و تثير الجنون ...
و بعد قبلة أخيرة على الجبين كان يبتعد عنها ،و من هنالك قضى أول ساعة من صباحه معها يشاركها الفطور و لأن اجتماعه مع أحد المستثمرين تأجل فقد طلب من "مكسيم" أن يأتيه ببعض الملفات ليتناقشا حول أمور العمل في منزله ،قريبا من زوجته ...
و الأخير لم يضيع فرصة كهذه ليعلق و هو يغلق باب المكتب من خلفه :
– يا رجل ،بت لا أعرفك ،صرت كسولا .
– من أين تأت بكل هذه الطاقة ليعمل فمك دون توقف لساعات ؟
– لدي مهاراتي الخاصة .
جعلا يتناقشان و يتباحثان حول مستجدات العمل و قد ضاع ٠نهما الزمن و عندما فرغا وجد ألكساندر مكسيم يسأله بجدية :
– ألا تخشى أن زوجتك قد تعرف بطريقة ما أنك السبب في سحب الجامعة لعرضهم ؟
أجاب على الفور :– لا ،لن تعرف .
– إذًا أخبرها أنت ،هكذا أفضل .
مرر يده على شعره ببعض الحنق :
– أنا أخشى خسارتها ، ألا تفهم !! ، إن عرفت الحقيقة سأخسر ثقتها . .
أجابه مكسيم و هو يحرك القلم بين أصابعه :
– ربما إن عرفت السبب قد تعذرك .
ضحك الآخر يسخر من حاله و قلة حيلته :
– تعذرني؟ ، هل ستعذرني إن علمت بأنني كنت سببا غير مباشرا في طلاقها ؟ ، بأنني لاحقتها في كل مكان تذهب إليه كالمجنون ؟ بل و عرضت دعما ماليا للجامعة فقط كي يسحبوا عرضهم بتوظيفها ؟ ..و بأنني ضاعفت مبلغ عرضي لشراء مشروعها فقط كي لا يأخذه آخر و يسرقها مني ؟ ما الذي ستعذره بحق الله؟
تنهد مكسيم بقلة حيلة :
– الأفضل أن تسمع منك أنت ، إن علمت بطريقة ما ،حينها ستكون النتيجة سيئة .
سحب مصطفى سيجارة يدخنها لعلها تطفئ ناره التي تستعر في جوفه فما تزيده سوى اتقادا ، فيقول بغضب :
– أنا لن أخسرها بعد كل الذي حاربت من أجله ، إنها ملكي و لي وحدي.
فيردد صديقه بذهول :– هوسك بها سيقودك إلى الجنون .
فيعترف :– المجنون لا يخش الجنون .
على صوت انكسار شيء ما كلاهما التفتا نحو الباب في إدراك للمصيبة و وقعها
خسارته كانت أقرب مما كان يظن و سفينته قد ارتطمت بجدار من الفشل
تقدم حتى فتح الباب و هناك وجدها ، تقف أمامه شاحبة الوجه تناظره بعينين شاخصتين مكذبتين ترجوانه دحض حقيقة أتت بها شفاهه و قد أوقعت فنجانين من القهوة جلبتهما لمكتبه
ناداها يهمس اسمها فابتعدت خطوتين للخلف ثم ثلاث حتى ركضت مبتعدة نحو غرفتهما و بقي هو مكانه يلعن نفسه و غباءه و قد عاد بهما إلى نقطة الصفر بعد المسافة الهائلة التي قطعاها ...لم يركض خلفها بل تركها تستجمع أنفاسها لبعض الوقت ،فاستدار ينظر لمكسيم الذي يطالعه بأسف شديد و قال :
– سنتحدث لاحقا .
نهض الآخر يربت على كتفه قبل أن يقول :
– تحدثا بهدوء ،و كل شيء سيكون بخير .
هز مصطفى رأسه بلا معنى ،صدقا يجهل خطوته القادمة و ما عليه فعله ،فماريا صعبة التوقع و لا يمكنه تصحيح خطأ لا يعترف به
فهو لا يرى نفسه مخطئا ...
يرى أن ما فعله هو عين الصح ..
يفتقر للنزاهة ،للاستقامة،أجل ... لكن لا يندم أبدا عليه .
و بخطوات هادئة و ثابتة أخذ يصعد درجات السلم باتجاه غرفته ،توقع أن يجد الباب موصدا فخاب ظنه ،فدخل و احتفظ بصمته يراقب ماريا التي وقفت أمامه دامعة العينين ،يحدد الوجع كل تفصيل من وجهها البهي
فأخذها على نفسه أن يبادر فيستهل بالقول :
– لو تعلمين أبعاد شغفي بك لعذرتني ، و ستكونين ظالمة لو لم تعذري.
ضحكت ساخرة تمسح دموعها بكفها و تسأل بغضب :
– أوه حقا؟ ...أنا فقط أتساءل لماذا ؟
– سأشرح لك .
هتفت بانفعال و قد فقدت أعصابها :
– هناك تفسير واحد لحالتك هو أنك تملك عقدة نفسية عليك حلها ، لا يحق لك أن تلعب دور المسيطر فتقرر ما تشاء ،سيطرت على حياتي دون إذن .
أكثر ما كان يستفزها هو هدوءه المثير للاستغراب ،هي مكانها تحترق بنيران الغضب و الغدر ،فيكتفي بالنظر إليها فحسب
دون اعتذار ...
دون أسف ...
– لو تعنين زواجك فقد كان مدمرا بالفعل ، صحيح جعلت طليقته تدخل حياته و بيته لكن ما أعقب ذلك فلا أعلمه و لا دخل لي به .
في لحظتها تلك و هي تسمع كلماته بدا لها كأنها لا تعرفه
اختلف كثيرا عن مصطفى الذي وثقت به و أحبته بل استأمنته على نفسها و قلبها و أسرارها
أرته جوانبها المظلمة تتمسك بنوره ...
نور خفت بريقه ...
رددت بحيرة تهز رأسها كمن ضاعت وسط متاهة من صنع يديها :
– بكل هذه البساطة تقولها ،و لا تبدو آسفا! .
أجاب ببعض الانفعال :
– لأنني لست كذلك و لو عاد بي الزمن لفعلت ذات الشيء مرارا ،كنت لأحرق الدنيا لتكوني لي .
اقترب منها فابتعدت تتخذ بضع خطوات للخلف ،تسعى لإبقاء أكبر مسافة بينهما ،بدا غريبا لعينيها ،بعيدا لقلبها و منفرا لروحها ...
لم يكن الرجل الذي أحبته ...
و يبدو أن حركتها كانت ضربة قاسية لقلبه و لسيطرته على نفسه فقد خسر ثباته و هتف :
– بحق الله لا تنظري إليّ هكذا ! أنا لن أؤذيك يا ماريا !
صرخت باكية :– أنت قد آذيتني بالفعل ، لقد بكيت أمامك بسبب عملي في الجامعة و كنت تكذب عليّ و أنت تنظر في عينيّ ،لماذا ؟ ...لأنك تريد تقييد حياتي و السيطرة عليّ ! .
أشارت نحو نفسها ،و قد بدت مشتتة ، لا يستقر لها قرار و عواصف الوجع تهز ثبات قاربها فيوشك على الغرق...
لوهلة ظنت أن كل شيء بخير و أن حياتها تمضي نحو الأفضل ؛حسبت أن الرجل الذي تزوجته مختلف ،لن يؤذيها ،لن يخدعها ...ليس بعدما منحته كل ما لديها من ثقة ،ثقة بخلت بها أشقائها ...
انكسر صوتها و هي تلومه ،تعاتبه :
– هل جعلتك للحظة تشك أنني قد أهتم بشخص آخر؟ ، أنت كل عالمي يا مصطفى ،و كل ساعاتي أقضيها سوى في المنزل أو في الشركة معك ،فمتى منحتك الانطباع بأنني قد أريد الابتعاد عنك ؟ .
العيب فيه و يدرك ذلك ...
هو أمر لا يملك حكما عليه ...و لا يمكن تفسيره
بانفعال مبالغ هدر :– أنتِ السبب ، كنت بخير حتى رأيتك ،نظرت لعينيك و أبواب الجحيم فُتِّحت أمامي ،لا أعرف كيف أو لماذا؟ ، و لا أجد تفسيرا لحالي سوى أنني جننت بك ،أردتك في حياتي ،كنتِ في عقلي ،في كل مكان أذهب إليه ،أراك في كل الوجوه ،صرت مهووسا بك.
و دون أن تفكر نطقت بما ندمت عليه على الفور خاصة و ألكساندر بدا كأنما الدماء سحبت فارقت جسده ،أوجعته
– قد عانيت بما يكفي من مهووس قبلا و لا ينقصني آخر في حياتي .
لم تقل ذلك !
لم تتفوه بما سمعه !
و كانت تلك القطرة التي أفاضت الكأس ففي لحظة خاطفة كان أمامها يمسك بذراعها ليقربها منه فترى حمم الغضب تغرق نظراته و تحجب عنه كل المنطق :
– إياكِ و وضعي في مرتبة واحدة مع ذلك المعتوه المختل ،أنا أحبكِ بحق الله ! ،ما فعلته كان شيئا فوق طاقتي ،لكن أن تقارنيني بحيوان سادي عذبك و ضربك بل كاد يقتلك ،فهنا يبدو لي أننا لم نعرف بعضنا جيدا .
غمغمت :– ألكساندر ...
أبعدها عنه و استدار على عقبيه يوليها ظهره ،طاقته قد استنفذت كاملة ،يحتاج بعض الهدوء كي لا يؤذيها بكلمات لا يقصدها
لكن سحقا له إن لم يكن قلبه ينبض وجعا ...
فلم يكن يريد أن يحزنها و لا أن يصل بهما الحال إلى هذه النقطة
أحبها و اختلفت طرقه في الظفر بها ...هذا هو عيبه .
– سأتأخر في العودة ليلا فلا تنتظريني .
و هكذا تركها و رحل ،رغما عنه و عن كل خلية فيه جعلت ترجوه البقاء
و بعد ساعات تلقى اتصالا من "تاتيانا" تخبره أن زوجته غادرت المنزل و لم تعد ...و كما كان يتوقع ،فقد هربت منه .


*
*
*

اليوم الموالي
قيادة الأمن العسكري



الهدف في الحياة ليس حول "من تكون" بل ما التأثير الذي تتركه" الأساس هو "ما تفعله" فأعمالك و أفعالك هي من تعرفك ..لا اسمك و لا شكلك ينفع ...
لم يترك تأثيرا طيبا لا في نفس لينا -و إن هي من فارقت - و هو يفرغ كل غضبه من نفسه و ما وصل إليه من حال عليها و يؤذيها بكلمات و توبيخات لا يقصدها ،قد زلت قدمه قليلا و نسي نفسه ؛ يريد الثبات و يأبى فؤاده إلا التقلب و الميل ،الإعوجاج الذي أصابه لا استقامة بعده
قد حاول ..رباه كم حاول ! و فشل في نسيانها أو إخراجها من قلبه ...بقيت هناك تسيطر عليه و تمتلك كل ذرة فيه ..
و هذا الشعور يخنقه، ما يجعله يوجه كل غضبه نحوها و يضع كلاهما تحت المجهر و قد فضح ما بينهما من "أزمة" أمام أعين كل زملائه من الجنود
و قطعا ترك جرحا في قلب نهى ،قد يكون أغلب الخطأ عليها لكن أذنب في حقها
لا يقول أن الارتباط بها كان خطئا يندم عليه ،بل يندم على التوقيت الخطأ ...
أراد أن ينسى حبه للينا بها ،ففشل و أوجعها ،أفقدها ثقتها في نفسها ،لم يعطها أمانا
الأمر لا يمنحها عذرا لكن تفهما لما وصلت إليه و ما ارتكبته من ذنب بحق شقيقته
لا ينكر أنه أحيانا يتساءل عن صحة القرار الذي اتخذه و مدى تأثيره على حياة طفلته مستقبلا ،فلا يريد لها أن ترث تخبطا و تشتتا و هي بعمر صغير
لكن دوما عائلته تبقى الأهم في نظره من "زواجه" ،بشكل أو بآخر سيعرف إخوته بما فعلته نهى و سيقع اللوم عليه و عليها
و إن أعادها له فسيخسر في المقابل أشقاءه و شقيقته الوحيدة و أمانة والديه
الخيار لم يكن يوما بين لينا أو نهى ...
بل بين الأخيرة و عائلته ...
مسحت نظراته مكتبه و قد باتت أيامه فيه معدودة ،فسرعان ما أن تنتهي مهمته الحالية سيكون خارج صفوف الجيش ،ليهتم بعمله مع نورس القاسمي و بابنته و لا شيء آخر ... الأمر لم يكن سهلا عليه ،فقد منح عمره و نزف دمه من أجل الوطن و من العسير عليه التأقلم على يوم يستيقظ فيه و لا يسعى ليحمي هذه البلاد من كل خطر محدق ...
لا شيء يدوم في هذه الحياة ...
لا الناس ...
و لا الوجع ...
إلا وجه الله ...
بعد ثلاث طرقات على الباب دخلت لينا مكتبه بملامح هادئة تضع ملفا أمامه و تقول :– هذا هو آخر التقارير ،هذه المرأة المسماة (....) قد شوهدت كثيرا مع أفراد خارجين عن القانون نضعهم تحت المراقبة ،و حسب المعلومة التي قدمتها لنا المخابرات الإسبانية حول الشحنة القادمة من الهيروين أظنها ستقابل "هدفنا" .
أخذ يقلب الصور بحاجبين معقودين ،فيرى بوضوح منطقية ما سمعه ،لأن المرأة تحوم حول أشخاص من معارف "هدفهم" ربما في محاولة منها لتلتقي به .
قال :– يجب علينا أن نحصل على معلومات حول اللقاء المزعوم و قطعا علينا معرفة كل التفاصيل التي سترد خلاله .
تململت لينا في وقفتها فرفع يعقوب رأسه ينظر إليها بحيرة و يرى أن لها كلاما تكتمه فحثها على النطق به :
– هل هناك خطب ما ؟
أجابت :– لدي خطة ،نقبض على المرأة و نحصل منها على معلومات حول مكان و زمان الاجتماع و أنتحل شخصيتها لأذهب بدلا منها .
لوهلة لم يصدق ما سمعه ،تلك لم تكن خطة بل انتحارا و هو لن يخاطر بحياتها
فرفض بشكل قاطع :– فكرة مرفوضة ،فيها مخاطرة شديدة .
– حضرة الرائد ،أنا أشبهها كثيرا و مع بعض التعديلات سأماثلها تقريبا .
– أتعرفين ما قد يفعلونه بك إن اكتشفوا أمرك ؟ .
– أعلم و جاهزة لكل شيء .
– لا ،مستحيل! .
لن تكذب و تقول أن خوفه عليها لا يسرها ،بل يزيدها غبطة ،فقد كان دليلا على اهتمامه بها
– قد أخبرت القيادة بالفكرة و وافقوا .
– ذهبتِ خلف ظهري لهم !.
هتفت:– لأن خوفك عليّ كان ليجعلك ترفض !.
نهض من مقعده و طفق يمرر يده على شعره و وجهه في دليل عكس حالة التوتر و التردد التي يعيشها ،فحاول أن يثنيها :
– لينا ،ما ستفعلينه خطير جدا ،قد تموتين هناك و لن أملك شيئا لأفعله ،لن أمتلك الحق لأقتحم المكان .
– أعلم .
– تعلمين؟ هذا كل ما لديك من كلام ؟
– هناك المزيد لكن الصمت خير لكلينا .
جعلا يتبادلان النظرات و قد سافرا إلى أفق آخر ،بعد آخر،حيث حياة أفضل لكليهما معا ،دون ماض ،أو أغلاط ،أو ندم ...
بتحية خافتة غادرته حاملة ما تبقى من عقله و قلبه معها


يتبع...


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:21 PM   #274

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساءً
منزل الإخوة بلقاسم



العجز ،الخوف ،القهر و القلق كلها مشاعر تمازجت و سكنت قلبه و فكره لتلون أيامه بلون أسود كئيب ،لا يجد موضعا يطأ عليه دون أن يتشتت ،فلا يستطيع التركيز في عمله و كل تفكيره منوط على "فؤاد" ،يخشى على نهى ،على ابنته ،على شقيقته و ما يزال يجهل الحل حتى هذه اللحظة
نزل السلالم حاملا بطانية خفيفة و اتجه إلى غرفة المعيشة حيث غفت نهى على الأريكة ،فدثرها و جلس مقابلا لها يعبث في هاتفه ،وجودها ثقيل عليه ،و حدود كبيرة بل أميال تفصلهما ،يلومها قليلا على ما يحصل لكن ليس باليد حيلة ،بطريقة أو بأخرى كان فؤاد ليبحث عن ماريا اليوم أو غدا ... نهى عجلت المحتوم فحسب ...
إلا أن ذلك لا يسقط نصف الذنب عنها ؛و حتى لحظته تلك لا يعرف ما سيقوله لإخوته ...
فجأة استيقظت تتأوه و يدها على بطنها فنهض من مكانه ليجلس بجانبها يسأل :
– هل تشعرين بألم؟
اعتدلت جالسة و ابتسمت بوهن :
– لا، لكن ابنتك تمارس الكونغ فو داخلي .
ضحك يرجع رأسه للخلف فتأوهت نهى تختطف يده بسرعة لتضعها فوق بطنها حيث ركلت ابنتهما فتتسع ابتسامة يعقوب و تعلو الدهشة ملامحه و هو يستشعر حركتها فيهمس بذهول :
– سبحان الله! .
بسعادة قالت :– أنت ضحكت و هي تحركت ،أظنها عرفتك .
أبعد يده ببطء و قد عبست ملامحه ،يفكر بمصير طفلته وسط حال والديها المبعثر ،لا يريد لها التشتت أو الضياع
فتكلمت نهى تتجاهل صمته :
– قد دخلت شهري السادس ، هل لديك اسم تقترحه ؟ .
– المهم أن تكونا بخير و بصحة جيدة ،كلاكما ...و أي اسم تختارينه أنا موافق عليه .
ابتسمت :– حياة ،هذا اسمها .
ربت يعقوب على يدها و عاد إلى مكانه الأول ،فقررت هي الصعود إلى غرفتها لترتاح أكثر و تترك له حرية التنفس
و بعد مدة ،تفاجأ بقرع صاخب على الباب فنهض ليفتحه ففزع لمنظر شقيقته و هي تحمل حقيبة صغيرة و يبدو عليه الحزن و التعب و قبل أن تسنح له الفرصة ليسأل كانت ترمي بنفسها بين أحضانه ،فيلف ذراعيه حولها و نظراته تبحث عن أثر لزوجها ،فلا يعقل أن يتركها الأخير تسافر لوحدها و هو على علم بخروج فؤاد من السجن ،كان مشوشا و خائفا فأدخلها البيت و هي بين ذراعيه و عندما ابتعدت تمسح دموعها قبّل جبينها يسأل بقلق :
– صغيرتي ،ما الذي تفعلينه هنا لوحدك؟ هل كل شيء بخير ؟
هزت رأسها نفيا :– لا ،تشاجرنا ،حملت نفسي و أتيت .
– و هل زوجك على علم بهذا؟
و هزة أخرى من رأسها جعلته يغمض عينيه يستجلب الهدوء لنفسه ،و لكي لا يظهر أي رد فعل ،احتضن وجهها بين يديه يطمئنها :
– لا بد أنك متعبة ،اذهبي لغرفتك و ارتاحي و بعدها سنتكلم ،اتفقنا ؟ .
أومأت و استجابت لطلبه ،فطفق يعقوب يتحرك في غرفة المعيشة بتوتر ،مصطفى قطعا في طريقه إلى الجزائر لكن ما يشغل تفكيره هو الجواب الذي سيمنحه لماريا ما أن ترى نهى في المنزل ،أو عندما يصر على عودتها مع زوجها ...
فليعنه الله على ما ينتظره ،فصوت داخله يهمس له أن مصيبة ما على وشك الوقوع
لكن فليتأذى هو و لتكن أخته بخير ..
قد تأذت بما فيه الكفاية و نالت الكثير من الأوجاع و لا تحتاج المزيد .
صعد إلى غرفة نهى و طرق الباب ففتحت له تدعوه للدخول ،فقال :
– ماريا هنا جاءت لوحدها،و إن سألت عن سبب وجودك سنقول بأن هنالك عطبا ما في شقتك و لأن العدة ما تزال سارية فمكوثك هنا أفضل .
حدقت فيه نهى بتوتر و أجابت بخفوت :
– عليك إقناعها بالعودة ،ذاك المختل بات طليقا .
أومأ يحاول لجم غضبه ،فلأيام يبحث عن فؤاد و لا أثر له ،كأن الأرض انشقت و ابتلعته ،لا أثر له لا في منزله القديم و لا في أي مكان
قالت :– السيكوباتيون أذكياء جدا ،سيظهر وجهه لأن دوافعه القهرية تحركه و سيفعل المستحيل لينال ما يريد،لهذا على ماريا العودة .
يعلم ذلك ،و هذا ما يخيفه ،لكن هذه المرة إن وضع إصبعا عليها فسيقتله دون تردد و لتذهب العواقب و كل القوانين إلى أعماق الجحيم ،لن يأبه ...
بعد ساعات ،كانت ماريا تجلس مقابلا له و نهى تطالعهما ببعض الحيرة ، هي امرأة ذكية جيدا و لا يبدو أن كذبتهما أقنعتها ،حتى أنها ظنتهما يخفيان حقيقة أنهما تراجعا عن قرار الانفصال ...ليتها تدري فحسب ...
فجأة و تصاعد صوت جرس المنزل و قد توقع الزائر على الفور و الذي ما أن انفتح الباب أمامه حتى كان يقتحم المكان و عيناه تبحثان عن "زوجته" ،حتى إذا ما رآها قبض على ذراعها يضمها إليه ...أمامه ! على مرأى منه!...
أبعدها عنه ثم هتف بالانجليزية :
– بحق الله ما الذي فعلته؟ كيف تسافرين هكذا لوحدك؟ كيف تهربين مني ؟ خضنا نقاشا صغيرا فحملت نفسك و غادرت البلاد ؟
صوت الرجل كان يرتجف حرفيا ،حتى يداه اللتان تمسكان بوجه ماريا كانتا ترتجفان ،و يبدو أن الأخيرة لاحظت حاله القلق و المتعب فوضعت يدها على صدره :
– ألكساندر ،أنا بخير ،والله بخير .
يبدو أن كلماتها أقنعته فقد تنهد بارتياح ثم أعادها لأحضانه فأشار يعقوب لنهى برأسه كي يتركا الثنائي على انفراد و اللذان انتقلا إلى غرفة ماريا و هناك أخذ مصطفى يوبخها :– لو تكررين فعلتك فسترين ما سأفعله و ستعرفين أبعاد جنوني حقا ! بأي عقل تفكرين؟ ماذا إن حدث لكِ مكروه ما ؟
ردت غاضبة :– لا تصرخ بوجهي ،ثم لا تنس ما فعلته ،أنت المخطئ هنا فلا تقلب الطاولة عليّ .
بحته بدت ظاهرة جدا بل إن لكنته الروسية ظهرت قليلا و هو يهتف بعدما اعتادته هادئا :
– إن كنتِ تنتظرين إعتذارا مني فانسي ذلك ،لو عاد بي الزمن لفعلت أكثر من ذلك لأحصل عليك و أبقيكِ معي ،سميه هوسا ،مرضا ،اختلالا عقليا ،لا أكترث!! ،أنتِ ملكي! ،تخصينني !.
أخذت تحدق فيه و الحيرة أخذت منها مأخذها ، مذنب و يتخذ دور القوي ،لا يتفهم موقفها و لا قلقها
و قبل أن تتحدث وجدته يجلس على طرف السرير نظراته عليها و قد عاد إليه بعض هدوئه :
– هذا هو عيبي ،لا أنتظر منك تفهما بل تقبلا ،لأنني لست رجلا كاملا ،كما لست امرأة كاملة لكن هذا هو الحب و لكِ الاختيار ،أن تتقبليني كما أنا أو ....
لم يكمل كلماته و قد رمت عليه وسادة صغيرة تخرسه بها ،نظراتها تعاتبه و تلومه ،تذبحه بحزنها
يشهد الله أن قلبه ضعيف ناحيتها لكن يريد منها بعض المحاربة ،بعض التقبل ...
– بهذه البساطة ! ،تخيرني بينك و بين ماذا ؟ تكلم يا مصطفى !! .
– انظري ...
– أنا أحبك ،افهمها ،أحبك كثيرا ،الأمر لا يتعلق بعدم قبولي لعيوبك بل لأنك لم تظهرها لي قبلا ،أخفيت عني جانبك السيء و أنا التي أريتك كل قطعة مني ،أشعرتني كأنك لا تثق بحبي لك .
تلألأت الدموع في مقلتيها ،فرق فؤاده و لهف لها ،خاصة و هي تجلس أمامه على ركبتيها تضع يديها على ركبتيه و تقول :
– الحب هو أن أعجب من نقصاني و لا أرى سوى تمامك ،أليس هذا ما قلته لي سابقا؟ أنت كامل في نظري يا ألكساندر ،و إن كانت بك عيوب الدنيا كاملة .
لامس خدها بكفه فاستندت عليها أكثر تستجدي دفء لمساته و تابعت :
– لسنوات عشت مقيدة بالخوف ثم بتحكمات يعقوب و منعت نفسي من فرص عدة و لا أريد منك أن تفعل ذات الشيء أيضا .
– لا تجعلي أي شيء يجعلك تشكين في حبي لك .
وقفت لتجلس على ساقه ،قريبة منه حد أن يغرق فيها و ينسى اسمه
– أنا أرتكز عليك يا ألكساندر ،أستند عليك ،لكن أريد حريتي كذلك .
– تريدين العمل ؟
– نعم .
تررد للحظات ثم أومأ :– حسنا ،لكن سأحتاج وقتا لأتأقلم و أتقبل الفكرة ،كما أنني لا أريد أن يكون لك دوام كامل ،بضع ساعات في الأسبوع فحسب ،أريدك معي .
مالت تحتضن ثغره بشفتيها ،لا تعرف كيف تحولت من غاضبة إلى مشتاقة في ظرف دقائق ،و قد كانت تتساءل أي لحظة غباء دفعتها للسفر فجأة هروبا من الرجل الذي تعشق بكل أنفاسها ...
بادلها العناق بالعناق ..
الشغف بالشغف ...
و اللهفة بأضعاف منها ...
فابتعدت تهمس لاهثة :
– لا يمكننا ،يعقوب هنا .
قلبها فكانت تستلقي على السرير و دمدم و وجهه مدفون بين حنايا عنقها :
– فليذهب شقيقك إلى الجحيم ،لن أطلب الإذن منه لأنال زوجتي كما أنني لم أنس معاقبتك على تهورك .
– و كيف ستعاقبني ؟ .
– سترين بنفسك .


*
*
*


يوم عقد القران
منزل المقدم خليل


الحب يتطلب صبرا و نفسا أطول و إصرارا لا ينتهي ،فتكلل نهاية طريق طويل من المحاربة لنيل الحبيب بالفوز مهما تعرض المرء لاعتراضات أو معيقات في مسيرته
الحب لم يخلق للضعفاء و لا الجبناء
إنه شعور قوي يحتاج قلوبا أقوى تصمد أمام المستحيل
و بعد أسابيع من الانتظار ،أيام من التوتر و الارتباك خوفا من اضمحلال الحلم ها هو ارتبط بحبيبته و المرأة الوحيدة التي عشق ،أخطأ في حقها ،خدعها لكن صحح ما اقترفه و حارب جاهدا من أجلها
باتت ملكه و ارتبط اسماهما بميثاق غليظ
أخذت بلابل قلبه تشدو و هو يصعد الدرجات رفقة حماته نحو غرفة نسيم ليتشاركا بضع دقائق سويا على انفراد
و ما أن بلغا وجهتهما حتى مازحته :
– مبارك لكما بني ،و لا تتأخر كثيرا قبل أن يقتحم خليل عليكما الغرفة .
ضحك يومئ لها برأسه ،و كلمات المقدم ما تزال ترن داخل أذنيه
"أنت لا تستحقها ،و لولا أنها تقبل بهذا الارتباط ما كنت لأزوجها لك ولو أتيت بالشمس بين كفيك ،لذا اشكر ربك و لا تفسد فرصتك ،لأنها إن اشتكت منك يوما ،فلن تخرج سليما من بين يدي" و قد وعده حمزة يومها أنه لن يفرط فيها و لن تهون عليه يوما ،فلم يصبر كل هذه المدة و لم يتحمل كل ذلك الإذلال من طرف والدها ليخسرها، هي له و ستبقى له حتى يفرقهما الموت
دخل الغرفة و أغلق الباب خلفه ،نظراته وقعت على أجمل منظر قد يراه في حياته فنسي كيف يتنفس ،نسيم بفستان وردي ناعم كنعومة خديها ،يداعب حنايا جسدها برقة تُرجف الفؤاد ، فأخذ يقترب و نظراته تجتاحها كليا دون تردد أو خجل ،فابتسم بانشراح عندما رفعت عينيها إليه و ابتسمت :
– ما زلت حيا يا رجل الكهوف؟
– كنتِ تتوقعين أن يقتلني والدك؟
– نوعا ما .
وقف أمامها يمسك بيدها و يرفعها نحو شفتيه ثم يطبع قبلة عميقة تعبر عن امتنانه على جبينها و همس :
– أخيرا اجتمعنا .
يداه كانتا ترتجفان من رهبة ما يختبره من أحاسيس ،أن تكون بين ذراعيه ،يتنفس رائحتها ،يرى و يستشعر حبها ...كان وسط هالة من الذهول و السعادة
شعور غريب !
هذه المرة ضمها إليه ، يريح قلبه بقربها في حضن يشبه الجنة ،كغرفة ماء يرتوي بها بعد عطش طويل
– نسيم .
– نعم .
– أحبك .
– و أنا أحبك .
أبقاها وسط حضنه و رفع رأسه يتشرب من ملامحها التي جمعت جمال الدنيا كاملة ،و عندما نزلت نظراته إلى ثغرها ،انهارت سيطرته ،و ضرب بالصبر و التعقل عرض الحائط و ما هي إلا بضع ثوان و كان يداعب شفتيها بتحية رقيقة جدا كنسمة ريح لطيفة تداعب ورقة زهرة ندية، كهمسة ناعمة
أنفاسه ضاقت داخل صدره من مجرد تلامس ، و عند اللقاء الثاني بدا أكثر إصرارا و إلحاحا
غمغم يسند جبينه على جبينها :
– رب ارزقني الصبر حتى تلد أمها .
فضحكت نسيم تمازحه :
– و أشهر أخرى بعد الولادة .
فتأوه بغيظ ،يريد أن تزف إليه كعروس اليوم قبل الغد ،و لأشهر سيضطر ليكون تحت رحمة المقدم خليل ...و يا له من حظ!
أخرج من جيب بذلته علبة مستطيلة فتحها ،فكشف عن عقد ذهبي يحمل أول حرف من اسميهما باللغة اللاتينية يتوسطها قلب صغير فابتسمت نسيم تمرر يدها على العقد و تهمس بانبهار :
– ذوقك جيد جدا .
– اخترتك أنتِ كزوجة لي ،بالطبع سيكون ذوقي جيدا .
ضربت ذراعه توبخه :
– و لا تنس ريهام أيضا ،لن أنسى لك ما فعلت و سأنتقم منك حتما .
فيميل ليختطف قبلة سريعة من شفتيها و يقول :
– فداكِ يا زوجتي العزيزة.
قبل أن ينال قبلة أخرى تفاجآ بطرق على الباب و صوت خليل يأتي من خلفه بحنق:
– أحتاجك في كلمة يا حمزة .
فيدمدم حمزة مغتاظا بشدة :
– حسبي الله و نعم الوكيل .
قبل أن يتركها استوقفته ،تمسك بيده ثم تمسح أحمر الشفاه عن شفتيه بإبهامها و تهمس :– لو رآك أبي هكذا فسيقتلك و أنا أحتاجك حيا .
– لأنك تحبينني؟
– بل لأنني أريد قتلك بنفسي .


يتبع....


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:36 PM   #275

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

في العيادة النفسية


لا ضمير ،لا إحساس بالذنب و لا ندم
انعدام في تحليل المشاعر و الأحاسيس أو في فهمها
تصرف معاد للمجتمع ,الاندفاع و صعوبة الإذعان أو إخضاع أفكاره تحت السيطرة
تلك هي بطاقة تعريفه النفسية ،ليس كأنه يهتم أو يرى نفسه مريضا ،بل إن ما حوله هو المريض ،عقول النساء مريضة ،هن وباء حل على الدنيا فأفسد كل شيء ،بوجوههن البريئة و ألاعيبهن القذرة ،يخضعن كل الرجال بجمالهن و أجسادهن
كما فعلت أمه مع والده ،تدعي خوفها منه نهارا لكن تجيد السيطرة عليه ليلا...ربما تحب قسوته عليها لهذا لم تبتعد عنه و بقيت معه ...و بعده أخذت تمارس عنفها عليه هو ...
لكن ليس بعد الآن ...فاليد العليا صارت له ...
فهو يرى حقيقتهن دون مواربة بل يستشعرها ،لذا يريد السيطرة عليهن ليكشف عن وجوههن الحقيقية
أمامه عمل واحد لم يكتمل يحتاج وضع نهاية له كي يمضي في طريقه ...ماريا .
و لكي ينال غايته كان يقف في زاوية مخفية، يترصد لنهى لتخرج من عيادتها ،لساعتين و هو مكانه ينتظر دون ملل ،فابتسم ما أن خرجت من باب البناية تقلب عن شيء ما داخل حقيبة يدها ،فأخذ يقترب منها بهدوء و ما أن صار خلفها وضع سكينا على ظهرها و قال بخفوت :– لا تصدري صوتا و إلا ستندمين .
وقعت الحقيبة من يدها و قد سرت رعشة قوية على طول جسدها و ازداد رعبها أكثر ما أن التقط فؤاد حقيبتها و مدها لها لتبحث عن المفتاح ثم أمرها لتتخذ مكانها خلف المقود و ركب بجانبها في حين ما يزال يلوح بالسكين أمام وجهها
فجعلت تتنفس بعمق تحاول دون جدوى تهدئة أنفاسها و قالت :
– أنت تقترف غلطة كبيرة .
– اخرسي ،و اتجهي إلى شقتك ،أمامنا حديث طويل .
ما كان أمامها سوى أن تنفذ أوامره ،هي أدرى بتبعات ما سيفعله إن رفضت أو قاومته ،عليها فقط التزام الهدوء ،لعلها بذلك تجد طريقة ما لتنجو بنفسها ...
ربما تخاف بعض الشيء_ على طفلتها خصوصا_ لكن تعرف بأن فؤاد يريد استغلالها كطعم ليصل لماريا و هذا ما يقلقها ...
بلغا الشقة ،فدفعها لتتقدمه ،و لسوء حظها فلم يظهر أحد من جيرانها ،الصراخ لن يساعدها بشيء بل قد يجعل خاطفها يغضب و يؤذيها ،و من حقيبة ظهر كان يحملها قيّد معصمها بحبل و أجلسها على الأريكة في غرفة الجلوس ثم تابع تقييد قدميها كي يبقيها في مكانها ...
قال ساخرا :– انظري أين كنا و أين أصبحنا ،أصبحت تحت رحمتي .. لكنني أعترف بإعجابي بك ،فلست فقط طبيبة ماريا بل زوجة شقيقها أيضا ...أحسنتِ.
لم ترد عليه فتابع :– هل يشدد الخناق حولك دوما أم أن هذه معاملة خاصة من أجلي؟ ، و كم أريد رؤية وجهه عندما تكون أخته و زوجته بين يديّ .
فردت له سخريته بأقسى منها :
– أنت لن تلمس شعرة مني ،أتعرف لماذا؟ لأنك شخص يتغذى على السيطرة ،تحتاج لتمارس طقوسك لتخضع ضحيتك ،ضدي ستخسر .
– و لماذا ؟
– لأنني لا أخافك .
التغيير الطفيف الذي استوطن ملامحه جعلها تدرك كونها أصابت هدفها فالمعتلون نفسيا كأمثال فؤاد (السيكوباتييون) يبحثون دوما عن أشخاص يخضعونهم لسيطرتهم ،أحيانا عن طريق التلاعب أو الإكراه و أحيانا أخرى بالتهديد أو العنف
يمكنهم تحديد الضعف و استشعاره ،كأنهم يملكون جهاز رادار خاص ،ما يمنحهم الأفضلية في انتقاء ضحايا هم ضعفاء إما نفسيا أو عاطفيا ،فيلعبون على ذلك الضعف دون ندم في سبيل نيل غايتهم و لأنهم إما يريدون حاجة ما من ضحاياهم أو يعتبرونهم شيئا يجب التخلص منه ،و لأن فؤاد لم يقتل ماريا كان عليها أن تسأل:
– ما الذي أردته منها بالضبط؟
– عقلها .
– لماذا ؟
– لأنني رأيت ما هو خلف وجهها البريء .
عقدت نهى حاجبيها بتدقيق شديد ثم علّقت :
– رأيت أمك فيها ،أليس كذلك؟
اقترب منها ثم مال قليلا و قرّب نصل السكين لوجهها ،فسعت جاهدة كي لا تظهر خوفها و أبقت تنفسها هادئا و هو يهمس بفحيح :
– ماريا خاصة جدا .. لكن فلتخرسي أفضل لك حضرة الطبيبة .
بعناد ردت عليه :– ليس هنالك شيء خاص بماريا تحديدا عدا كونها قد تفوقت عليك ،نجت و هربت منك و لم تستطع كسرها ،لهذا تريد إتمام مهمتك ،بأسرع وقت لتمضي إلى ضحيتك التالية .
فابتسم فؤاد يثني عليها بإعجاب بارز :
– أنتِ ذكية جدا ، جلستنا الممتعة لن تكتمل دون نجمة العرض ،أليس كذلك ؟ .
ابتعد عنها ،يخرج هاتفها من حقيبة يدها ثم يفتحه و قد اتسعت ابتسامته عندما وجد رقم ماريا فأخذ يلوح به أمامها و قد ضغط على رمز الاتصال
و على الطرف الآخر ،في غرفتها ، كانت تمسح وجهها الشاحب بمنشفة صغيرة بعدما أفرغت محتويات معدتها ، فرن هاتفها فمدت يدها تلتقطه و تجيب على اتصال نهى :
– نعم .
– دميتي الجميلة .
لوهلة خيّل لها أن ما سمعت كان من صنع ذهنها ،فأبعدت الشاشة تقرأ اسم طبيبتها و نفس الصوت يقول :– هل اشتقتِ إليّ؟
وقتها أدركت حقيقة ما سمعته و وقعه عليها فرمت الهاتف بعيدا و قد خانتها ركبتاها فسقطت أرضا تزحف حتى بلغ ظهرها الخزانة ،كل خلية فيها ترتجف خوفا ،تريد أن تصرخ فلا تجد لا صوتا و لا نفسا
صدرها يضيق عليها و كل الذكريات تتهافت على أبواب عقلها دفعة واحدة ،تكاد تدفعها إلى الجنون
لا يمكن ! ..لا يعقل ! بل مستحيل ! .
لقد كان في السجن ،من المفترض أن يكون في السجن ...
و لحظتها بات كل شيء منطقيا ،و كل القطع تتجمع فتفهم ما كان يحدث حولها ،إلحاح ألكساندر على عودتهما إلى بيتهما ،إصرار يعقوب على بقاءها و نهى في المنزل ...
كانا يعلمان ،كلهم على علم
لكن كيف وجدها ؟ ...كيف عثر عليها ؟
تجمعت الدموع داخل مقلتيها ،و أخذت تهز رأسها نفيا في حين تصم أذنيها بيديها
تريد أن تتنصل من جلدها ،أن تفنى ،أن تختفي و تضمحل إلى لا شيء
كي لا يراها أحد ،أو يؤذيها أحد ...
لقد كانت بخير ،كل شيء يسير على ما يرام ،فلماذا الآن؟ لمَ عندما نالت سعادتها و بدأت تستعيد نفسها القديمة تنقلب عليها الأيام و تعيد لها مواجعها ؟
زحفت على ركبتيها حتى بلغت الهاتف و التقطته بصعوبة بأصابع مرتجفة و بيدها الأخرى مسحت دموعها ،لكن الكلمات لم تجد طريقا للسانها فبقيت على صمتها
– إن لم ترغبي أن يصيب زوجة شقيقك و جنينها مكروه ما ،فتعالي إليّ.
أغمضت عينيها و دموع أكثر تسيح على خديها ما أن بلغتها صرخة نهى المتوجعة فهمست بتلعثم :
– تو...توقف ..أر..أرجوك ...سآتي إليك ...أرجوك ...
فيرد عليها :– و لا داعي لأحذرك ،إن أخبرت أحدا فسآخذ الطبببة و جنينها معي إلى العالم الآخر و سيقع الذنب عليك .
أومأت كأنه يراها و بعدما فصل الخط بقيت مكانها لا تعرف ما تفعله ،تلوم نفسها لأن وقوعها في فخه أول مرة وضع نهى في خطر و ها هي ستكون تحت رحمته مجددا ...
رباه ! ..أي ذنب تدفع ثمنه ؟
أين أخطأت كي ينقلب حالها لهذا السوء ؟
وقفت بصعوبة تلملم شتات ذاتها المبعثرة و بحركات متثاقلة أخذت ترتدي ثيابها ثم تضع حجابها و خطت بعدها خارج غرفتها حتى بلغت غرفة المعيشة ؛ و هناك عثرت على هاتف يعقوب الذي كان في الحديقة الخلفية الصغيرة للمنزل مع مصطفى ،فوضعته على الوضع الصامت ثم دسته داخل صدرها كي لا يظهر و غادرت البيت ...
أرسلت رسالة نصية إلى رقم نهى مفادها
"لقد خرجت من المنزل" .
فيأتيها الرد " تعالي إلى شقة الطبيبة و تخلصي من هاتفك " .
سيارة للأجرة ،نصف ساعة و بضع درجات سلالم و كانت أمام الباب الذي انفتح قبل أن تطرقه و وجدت نفسها مقابلا لأفظع كوابيسها ...رأت الموت أمامها .
يده أمسكت بذراعها و دفعها إلى الداخل ثم قبض على عنقها يضغط على مجرى تنفسها بأصابعه و دفعها لتصطدم بالجدار ، ثم همس بقسوة :
– لنرى من سينقذك مني الآن.


انتهى الفصل...


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:37 PM   #276

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن عشر و الأخير



"لا تنتهي كل القصص بنهاية سعيدة"


الموت لا يعني دوما النهاية أو حيث يتوقف كل شيء
قد يموت المرء و كل ما فيه يصرخ بالحياة
يتنفس ...
يشعر ...
لكن لا يحيا ...
هكذا كانت و هي أمامه ،تحت رحمته ،أصابعه تمنع الهواء عن رئتيها و كل ما تفعله هو التحديق ...
ترى حياتها أمامها كشريط فيلم سخيف يحمل نهاية أسخف
تشعر بكل شيء و لا شيء في الآن ذاته
كأنها ميتة و تحيا ...
تريد أن تتحرك فتبقى مكانها مستسلمة لمصيرها ،تنتظره دون مقاومة
ربما ضعفها ما يقيدها ،و عقلها الذي لا يتجاوب مع الصدمات إلا بالتجمد ،كتمثال ينتظر إعادة تشكيل من طرف صانعه
في حالتها ...تشويه ..
و من تحاول أن تخدع ؟ حتى و إن أرادت المقاومة ما الذي ستفعله ؟
هي الفريسة و هو المفترس..
هي الضعيفة و هو الأقوى ..
هي لاشيء ...
يقال دوما أن العينين دوما تفضحان دواخل المرء ،مرآة تعكس خباياه ،في حالة فؤاد كانتا تعكسان الفراغ ،فكانت تحدق في الخواء ،لطالما كانتا كذلك ،تفتقران للحياة
لكن يداه كانتا الموت ...
شهقت بعنف تلتقط أنفاسها بعدما أبعد أصابعه عن عنقها ودون أن يمنحها لحظة راحة كان يجرها لتدخل غرفة المعيشة حيث نهى المقيدة فلم تنظر إليها ..لم تكترث فكل تركيزها على نفسها و الذكريات التي تخدش جدران عقلها و ماضيها يختلط بحاضرها فتكاد تضرب رأسها عند أقرب جدار لتوقف كل ذلك الصخب و الطنين المتزايد
نزع عنها فؤاد حجابها ملقيا إياه أرضا، ثم حرر شعرها من رباطه و جعلها تستلقي أرضا
جسدها يستجيب، خوفا، جنونا ..لا تملك تفسيرا لأي مما يحصل ...و وسط كل الظلام الذي يحيطها كانت تردد في ذهنها اسم ألكساندر مرارا و تكرارا كتعويذة تحميها من هول ما سيصيبها ...
لم تكن تكترث لجسدها فلن يشوهه أكثر مما فعلا
صدقا، ما الفرق بين جرح أو آخر ؟
ركع أرضا بجانب رأسها و تكلم بحماس :
– ألم تتساءلي يوما لمَ لم أقرب وجهك ؟
فتصرخ نهى :– كنت جبانا مع أمك فلا تنتقم من الآخرين بسبب ضعفك !! .
فيضحك، ببساطة يضحك كأنها قد ألقت بنكتة على مسامعه
فتجاهل كلامها و أعاد تركيزه على ماريا التي كانت شاخصة البصر تنظر إليه دون أن تبصره، جسدها يرتجف و أنفاسها شديدة الاضطراب
و بين كل نفس و آخر يمر اسمه على شفتيها
ألكساندر ...
ألكساندر ...
– وجهك كان ليكون القطعة الأخيرة، لمستي الأخيرة فتكتمل لوحتي بعدما أقبض روحك .
لامس خدها بأصابعه و قرب النصل منها قائلا باستمتاع :
– سنلعب لعبة كم يمكنك البقاء دون أن ترمشي ؟
ألقت ماريا نظرة خاطفة، خائفة باتجاه نهى فأخذت الأخيرة تهمس باكية :
– آنا آسفة، آسفة .
أبقت عينيها على اتساعهما و رأس السكين يقترب من حدقتها ،تقاوم ، تحاول و الدموع التي ملأت جفنها تصعب الأمر عليها ...
مجرد لحظة فحسب ...شكلت الفارق بين ما كانت و ما ستكون عليه
نزلت دمعتها و أغلقت أجفانها فاختلط ألم روحها بآخر جسدي و جرح جديد يتشكل من أسفل عينها حتى منتصف خدها
لحظتها، تمازج الماضي بالحاضر و شعرت بنفسها تضيع ...
تغرق ...
تموت ...
تكون نسيا منسيا ...
و هي صامتة، لا يغادرها صوت، و لا أنين ...
لا تأتِ حتى بحركة بسيطة، كأن الحياة فارقتها ..
لم تشعر بشيء، لا بصوت الرصاصة التي اخترقت القفل و لا بالركلة التي دفعت الباب بعنف ...
و لا بوقوف فؤاد على قدميه ليندفع نحو نهى و يضع السكين على رقبتها بينما يتقدم منه قاسم بكل هدوء، دون أن ينظر لشقيقته فإن فعل فسيفقد أعصابه ...
– لا تقترب ! سأقتلها ! .
فيجيبه قاسم بكل برود :
– افعلها، في النهاية أنت لن تخرج من هنا حيا، لك مني كلمة رجال .
تأوهت نهى و السكين تنغرز في عنقها، فوضع قاسم المسدس على الطاولة و رفع يديه باستسلام
– ها أنا أعزل أمامك، أرني رجولتك، أم أنك لا تظهر ذلك إلا على النساء !.
في لحظة غضب اندفع فؤاد نحوه فكان الأمر يسيرا على قاسم ليعيق حركته و يجرده من السكين، ثم يلكمه بكل قوة و لا يتوقف إلا و الأخير على الأرض يتوجع ..
لم يكتف بعد ...
فخلع له ذراعه، كسر له ساقه و أضلعه ...
و مع كل صرخة كان ينتشي أكثر ...
لسنوات و هو يتمنى هذه اللحظة و لن يتوقف الآن ...
سيجعل أخته تعيش براحة، فيكفيها كل تلك السنوات التي أضاعتها في الخوف و الهرب ...
يداه انتقلتا إلى عنق فؤاد، يخنقه، و يميته و هو ينظر داخل عينيه، دون ندم، أو تردد ... حتى سكن جسده تماما فنفضه بعيدا ثم مضى نحو السكين يلتقطها و أمام عيني نهى الشاخصتين كان يجرح نفسه، على ذراعه ،صدره، و كذلك بطنه _لثبت أنه ما قتل فؤاد إلا دفاعا عن نفسه و أخته _ثم ألقاها جانبا و ركع أمام التي كانت في عالمها الخاص، و الدم يغلي في عروقه لمرأى الأذى الذي تركه ذلك النذل ....
و ما أن لامسها حتى أخذت تنتفض و تصرخ باكية، تضربه، تقاومه لتبكي مجددا ...
– هذا أنا قاسم يا صغيرة، اهدئي أرجوك، الإسعاف في الطريق و ألكساندر كذلك .
بقيت على حالها للحظات قبل أن يستسلم عقلها لغياهب الظلام التي ابتلعته، فيضمها قاسم إليه يبعد شعرها الذي اختلط بدمائها عن وجهها و شفتاه لا تفارقان جبينها و كل تفكيره أن من آذاها قد مات بسرعة و لم يتألم كما يستحق ...


*
*
*
*

مستشفى النورس الخاص

النهاية تسطرها الأيام و القصة ترويها الأوجاع و الأحزان
و في قصة "ماريا " الوجع كان البطل و هي مجرد شخصية شفافة، لا ترى، لا تعيش، و لا أهمية لها ...
كهذا عاشت، فاقدة للأمل، خائفة، و متخبطة، فأينما سارت تعثرت و أينما خطت سقطت، تنهض و تبني نفسها فتأتيها ضربة تسحقها أرضا
و كم يوجعه قلبه عليها ! ..
لا يملك أن ينسيها وجعها و لا أن يزيل عنها مخاوفها، أراد منحها حياة جديدة و يزرع أملا وسط أيامها، و في اللحظة الذي ظن فيها أن الحياة ابتسمت لها و أن السعادة طرقت أبوابها و بدأت تزرع لنفسها جذورا لتثبتها فتستقيم و لا يكون لها سقوط بعد ...اضمحل كل شيء و تحطمت أحلامها على صخرة القدر
و ها هو يقف في رواق المستشفى ينتظر ...
يكره الانتظار ...يمقته
يداه مقيدتان و لا يملك شيئا غير التفكير حتى يكاد دماغه ينفجر، لا أحد خرج له أو أخبره عن حالها و كل ما حصل عليه هو رواية شقيقها، يريد أن يراها، أن يضمها إلى صدره، فقد كانت كل ما يملك و من دونها لا حياة له ..
هي عائلته، هي قوته و فيها كل دماره ...
– كيف عرفت أنها ستكون هناك ؟
أجابه قاسم و هو على جلوسه :
– اتصلت بي، أخبرتني عن الاتصال الذي وردها و أنها ذاهبة إلى شقة نهى بسبب تهديد ذلك الحقير، و إن في حال لم أجدها هناك يجب أن أتعقب هاتف يعقوب (تنهد) طلبت منها الانتظار فلم تذعن و قد وصلتُ متأخرا .
هذا ما لم يفهمه، لقد كان بجانبها، قريبا منها، فلم لم تخبره؟
كان ليحميها لأنها أولوية في حياته، و ما كان تركها تذهب لذلك الحقير بقدميها لتلقى مصيرا بشعا يوقن أنه لن يزول أثره عنها بسهولة
هذه المرة كان سؤاله موجها نحو يعقوب :
– في مدينة بهذا الحجم، كيف وجدها، كيف عرف الحقير زوجتك و مكان عيادتها و هو لم يخرج إلا من بضعة أسابيع ؟ .
أمام النظرة التي احتلت عيني يعقوب : نظرة ندم ، خاف
بل ازدادت جحيمه سعيرا و فرضية ما تتشكل أمامه ...
عدو الإنسان لم يكن الغضب بل الخوف من الخسارة
و عند هذه النقطة، عند ماريا بالذات ينسى المنطق، لذا لن تكون تصرفاته عقلانية البتة إن كان شكه في محله
لم يجب الشقيق الأكبر حتى و شقيقه يلح عليه
– بسببي .
حطت كل الأنظار على نهى، فأخذت تدنو منهم بحالها المتعب و عينيها الباكيتين، دموع لم يكترث لها ألكساندر ...
– قمت بزيارته في السجن لمرات عدة، كنت أريد أن أحصل على معلومات حوله، لأفهمه لعلني أستطيع معالجة ماريا بشكل صحيح، لأنها كانت كتومة و لم نتقدم في العلاج، لكنه أستنتج أنني طبيبتها .
– نهى !.
تجاهلت نبرة التحذير في صوت يعقوب و تابعت :
– منحني قرصا صلبا يضم مشاهدا لتعذيبه لماريا، و في المقابل أعطيته صورتين لها .
صمت ثقيل أعقب قولها و قد تلاشى أسفها الذي همست به في الهواء، الحقيقة و إن كان وقعها مؤلما و نتيجتها أكثر ألما فالنطق بها أفضل من كتمها
و قد تعبت من الصمت، من جلد ذاتها و تعذيب ضميرها، لذا فليعرف الكل ما اقترفته و لينتهي كل شيء
– يعقوب، ما بك صامت ؟
السؤال نطق به سفيان الذي حضر ببذلته العسكرية و من خلفه إلياس، و قد لون الغضب ملامحهما، خاصة و شقيقهما الأكبر يقف من مقعده ليكون بجانب "طليقته "
– الذنب ذنبي، أنا من وافقت .
فقد ألكساندر أعصابه فهتف :
– و أظنك كنت موافقا على تغييرها لدواء ماريا و منحها جرعات عالية حتى كادت تفقد عقلها ؟! .
فأخذت تدافع عن نفسها :
– لم أقصد إيذائها، أقسم لكم، لم أكن أريد إلحاق الضرر بها، أنا آسفة .
– فلتذهبي بأسفك الغبي إلى الجحيم !، قد صمت قبلا احتراما لزوجك (أشار ليعقوب) و خوفا على ماريا كي لا تحزن، لكن هذه المرة سيكون حديثنا في المحكمة !.
نيران الغضب اشتعلت داخله، فلكم الجدار بجانبه و طفق يتحرك في الرواق بغير هدى، يسعى لتحرير ما بداخله بأي طريقة كي لا يتهور و يرتكب جريمة ما ...
الله وحده يعلم ما تعانيه زوجته، و ما سيكون حالها عليه ..
و عند ذلك الخاطر اندفع نحو يعقوب يقبض على تلابيب قميصه و يصرخ :
– ما أن تستيقظ سأخبرها بكل شيء، لتعرف أي أخ أنت !! ثم سأحملها و نعود إلى منزلنا و لا تحلم برؤيتها ! بئس الشقيق أنت! .
الرجل الآخر بدا صامتا، متقبلا لكل ما يسمعه، مستسلما على نحو غريب، و قد كان يرى نفسه مذنبا
ذنبه بدأ برفضه لتسليم ولاية أمر شقيقته لعمه، ربما ما كانت لتقع بين يدي فؤاد قبل سنوات و ما كان ليصل حالها إلى ما وصل إليه ..
مجرد تفكيره بأنها وثقت بقاسم و لم تثق به يقتله ...
لتلك الدرجة فشل في حماية أمانة والديه، عجز و سيخسرها حتما إن علمت ...
تكلمت نهى باكية :– يعقوب لا دخل له، الخطأ خطئي و لا...
انتفضت و قاسم يهدر بعنف:
– اخرسي ! و اختفي من أمامي قبل أن أرتكب فيك جريمة ما !.
أخافها فتراجعت خطوتين إلى الخلف و يدها تنزل إلى بطنها في حركة حماية لا إرادية، لطالما كان قاسم متباعدا، قلما يتحدث أو يبتسم، و بعدما رأته يجرح نفسه دون أن يرف له جفن تضاعف خوفها منه، لأنها تقرأ الناس، تعرفهم، و تدرك أنه رجل تتشابك خيوط المنطق و الجنون عنده و يوما ما سيرتكب أخطاء فادحة جدا؛ تراجعت أكثر و يعقوب يدفع مصطفى بعيدا عنه و قد تكلم محذرا شقيقه :
– قاسم، انتبه لما تقوله! .
فاندفع الآخر نحوه :– و إلا ماذا ؟ ما الذي ستفعله ؟
تدخل سفيان يمسك بذراع قاسم و يبعده قائلا :
– توقفا كلاكما (نظر لشقيقه الأكبر و تكلم ببرود ) خذ زوجتك إلى غرفتها و حسابنا سيكون لاحقا .
بكتفين متخاذلين و رأس مطأطأ استجاب الأخير، و اتجه إلى حديقة المستشفى يستنشق بعضا من الهواء
أما عند البقية فكان مصطفى على ثورته، كزلزال لا يقر و لا يهدأ، يهدد تارة، يصمت تارة أخرى و يكاد يشد شعر رأسه غيضا
يكره الانتظار ..يكرهه!
و ما أن رأى نورس القاسمي مقبلة عليهم حتى سارع الخطى نحوها، له بها معرفة سابقة كرجل أعمال، و توطدت معرفتهما بكونهما شريكين في مشروع يعقوب الجديد غير كونها ممن حضروا حفل زفافه
– هل هي بخير ؟ .
قالت :– أتريدون الخبر السيء أم الجيد أولا ؟ .
أخذ الكل يتبادل النظرات القلقة و دون أن تنال إجابة لسؤالها أكملت :
– جسديا هي بخير، إن تركنا الجرح على وجهها جانبا، لكن نفسيا ليست كذلك، قد كانت معها طبيبة نفسانية منذ لحظات لكن الأمور لن تكون هينة .
– و الخبر الجيد؟
ابتسمت :– ماريا حامل، و ربما هذا سيمنحها دافعا لتقاتل .
ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيه، و قد نبت أمل في قلبه، ربما هذا الطفل سيجعلها أقوى، و أكثر رغبة في المحاربة ...
– هل يمكنني رؤيتها ؟ .
– تعال معي .
تردد للحظات و هو يقف أمام باب الغرفة، ينقبض قلبه خوفا و هو الذي لم يكن يخشى شيئا ...
لو رأى انكسارها سينهار ...
فالتقط بضعة أنفاس يستجمع بها شجاعته التي فارقته ثم دخل، و لولا أن تمالك نفسه لخانته ساقاه و سقط أرضا، لتتبعثر أشلاءه لقطع صغيرة لن يستطيع أحد جمعها
منظر الضمادة على وجهها أرجف فؤاده، دمر داخله ...
و حتى في نومها بدت حزينة، منكسرة القلب ...
فاقترب يمسك بيدها ثم يرفعها نحو شفتيه يقبلها بقوة هامسا :
– أنا آسف، آسف جدا .
تجمعت الدموع داخل عينيه فمال يسند جبينه على جبينها، يستمد القوة من وجودها، من أنفاسها التي تدخل صدرها، يكفيه كونها على قيد الحياة، قريبة منه و إن كان الوجع يتصيد لهما من كل زاوية
سيداويها ...
سيحبها ...
و سيعتني بها كما تستحق ...
و كل شيء سيعود كما كان، بل أفضل، حتى الندبة ستزول و إن جمع كل أطباء العالم في مكان واحد ...
حطت قبلته على جبينها و يده تلامس أسفل بطنها :
– كوني بخير و عودي إليّ، من أجل طفلنا، من أجل حبنا .


يتبع...


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:40 PM   #277

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بعد بضعة أيام

غبطة، ابتهاج و سعادة، مزيج مسكر من المشاعر إن أضاف لها الحب فيكاد يهلك من فرط ما يشعر به و قلبه يتضخم مما يحمله ..
باتت تنتمي إليه، بكل ما فيها، بأقل تفاصيلها ...
بالاسم له ...
ابتساماتها له ...
عيناها له...
ضحكاتها له ...
كانت أغلى و أجمل ما امتلك، الوحيدة التي ألفها فؤاده فمال في غرامها دون استقامة، و ضلعه الأعوج لم يستقم إلى بها
الحب غريب، صدقا ...
يخنقك أحيانا حتى لا تكاد تتنفس
و يحررك أحيانا أخرى فلا تتنفس من هول مشاعرك التي يجيش بها صدرك ...
هو السجن الوحيد الذي ترضاه و تحبس نفسك فيه و لا تتمنى إخلاء سبيلك، يكفي فقط أن تختار الشريكة الصحيحة و التوقيت الصحيح
ابتسامة بلهاء تحتل وجهه فيبدو كالمغفل و هو يراقب نسيم تغني بصوت مرتفع وسط سيارته في طريقهما إلى مكان جميل كنزهة بسيطة
أحيانا يظنها مجنونة _لا يقول بأنه أقل منها جنونا _ لكنها مجنونة حقا ...فمنذ دقائق كانت تكاد تبكي بسبب ظفرها الذي انكسر و أنها لم تستطع تلوين أظافرها ثم وضعت أغنيتها المفضلة و رفعت الصوت عاليا فيكاد رأسه ينفجر، و أخذت تغني بصوت كله نشاز مزعج بينما تطلي أظافرها
مجنونة، صح؟
التفتت له فجأة، تقطع الموسيقى و تحذره :
– عليك أن تعيدني باكرا، أبي يظننا ذاهبين لنشتري بضعة أشياء لمنزلنا، و ما كان ليوافق على هذه النزهة .
تأفف بانزعاج :– والدك سيصيبني بضغط الدم و أنا في هذا العمر، ما خطبه ؟ يحقد عليّ كأنني الشيطان .
ضحكت :– هذا لأنك أخذت أغلى ما يملك (أشارت بأصابعها نحو نفسها بغرور ) أنا .
أوقف السيارة و ترجل تتبعه هي، حولهما بساط فسيح من اللون الأخضر، بحيرة على مقربة و هدوء تام إلا من زقزقة العصافير و حفيف ناعم للأشجار
تولى حمزة تجهيز المكان الذي سيجلسان فيه، و أخذ يفرغ السلة الكبيرة من محتوياتها في حين جعلت نسيم تشبع نظراتها من الجمال الذي تراه
– المكان رائع ..و هادئ جدا.
كلمتها الأخيرة حملت بعض الريبة فسأل :
– ما الذي تقصدينه بهادئ جدا؟
– هل أتيت إلى هنا من قبل ؟ .
– نعم .
– مع من ؟
– لوحدي و أحيانا مع العائلة أو بعض الاصدفاء .
حدقت فيه عاقدة حاجبيها :
– أصدقاء ها؟
– لا يعقل أنك تشكين بي ؟ .
– لقد خطبت ريهام ،بالطبع سأشك .
اقترب منها يحتضن وجهها بين كفيه ثم يميل ليقبل أنفها مداعبا :
– ألن تغفري لي غلطتي الوحيدة ؟
غمغمت مبتسمة :– لا، عقابك ما يزال ساريا .
يقربها منه أكثر :– و إن قبّلتك ؟ .
– لا قبل و لا أحضان، هذا ما قاله أبي لأمي .
فتفاجأ بها تدفعه بعيدا ثم تمضي نحو البساط الذي فرشه على العشب و تجلس بينما تفتح علبة الشطائر لتشرع في الأكل، فلم يجد سوى أن يجلس بجانبها، يراقبها عابسا و في داخله يشتم المقدم الذي يتعس حياته
– أظنه سيصر على مرافقتنا إلى غرفتنا يوم الزفاف أيضا ليرى ما سأفعل بابنته .
غصت في لقمتها فأخذت تسعل بشدة، و هو يضرب ظهرها و يمنحها كأسا من الماء تشربه، فلكمت كتفه تنهره :
– وقح ! كدت تقتلني.
– أنتِ قطة بسبعة أرواح لن تموتي بسبب لقمة أكل .
– اللهم لا حسد .
خلال الدقائق التي تلت جعلا يتحدثان حول المنزل و ما يحتاجانه، عن الزفاف و كيف يتصورانه
– بابا هشام وعدني بحفل زفاف أميرات، لهذا أحبه .
– لأنه يدللك؟
ردت :– لا، لأنه غني .
هز حمزة رأسه بقلة حيلة، فلم يوقعه حظه إلا في عشق امرأة مادية، و من مواهبها الفريدة، النوم، الأكل و المال
حتما هي دعوة قد دعتها عليه أمه في ليلة القدر و استجيبت، فرزقه الله بمن ستنبت له الشيب في شعره قبل أوانه
صمتت قليلا و قد تغير مزاجها لما قالت :
– لقد اتصلت بي شقيقة ريهام، و أسمعتني الكثير من الكلام المبهج .
– من منهن؟
ردت عابسة :– تلك التي تتكلم و هي تزم شفتيها كالفقمة .
غص فيما كان يتناوله و لم يستطع تمالك ضحكته، و بصعوبة سيطر على الوضع و علّق:
– حذريني عندما تنوين قول شيء كهذا، كدت أموت اختناقا .
ابتسمت، و كم تزداد لقلبه إبهاجا حينما تبتسم فتظهر له غمازتيها اللطيفتين، و لكي تقتل ما تبقى له من صبر، مازحته بعبث :
– حبيبي حتى لو اختنقت لا تقلق، أنا أجيد إجراء تنفس صناعي.. من الفم إلى الفم .
فيدمدم و هو يسحبها من معصمها نحو أحضانه، و كم حمد الله على العزلة التي كانا وسطها :
– لا يمكنك أن تجمعي كلمتي "حبيبي" و "فم" في جملة واحدة ثم تتوقعين مني السيطرة على نفسي .
أخذ يقبل ابتسامتها حتى اختفت و ثغره يزرع بتلات من الورود على شفتيها، لم تكن قبلتهما الأولى و لا الثانية ...سحقا و لا العاشرة
لكنه في كل مرة يعانقها يشعر كأنها الأولى فلا يكتف ...و لن يفعل يوما ...
همست :– أنا أحبك كثيرا يا رجل الكهوف .


*
*
*
*


ليلا
منزل الإخوة بلقاسم


أكبر معارك الإنسان هي الحياة
يحارب فيها خوفه، وجعه، الأكاذيب حوله و كل من يلحق به الأذى
و أكبر عدو له هو الاستغفال
كما حدث معها، تم استغفالها من طرف شقيقها و زوجته، تلاعبا بحياتها و لم يكترثا لما قد يلحق بها، و ها هي منذ أيام بعد مغادرتها المستشفى تبقى حبيسة غرفتها، تريد السفر و مصطفى يرفض بحجة أن إخوتها يحتاجونها في الوقت الحالي
باتت متباعدة، صامتة و أكثر ضياعا، و قد تراجعت مئة خطوة للخلف بعدما تقدمت بضع خطوات للأمام
ترفض النظر للمرآة خوفا من رؤية ندبة جديدة تشوه وجهها، فيزداد حالها سوءً
لم يبق منها الزمن شيئا لم يكسره و لا وجعا لم يزرعه داخلها
قد تعبت من الألم الذي يجيش به صدرها، و ضاقت عليها الأرض بما رحبت، تتمنى الموت و لا تجده فتبقى تعاني دون أن يسمع أنينها بشر
تجلس على طرف السرير و بين أصابعها نصل صغير، صديقها القديم و أنيس وجعها و وحدتها، تتردد و هي تقربه من بشرتها، دموعها تشوش عليها الرؤية، كل ما فيها يرتجف كورقة صفراء بالية ...
دخل عليها مصطفى الغرفة فتوقف ينظر لحالها بفزع :
– ماريا ؟ ما الذي تفعلينه ؟ .
نشجت باكية :– لا أستطيع، لا أستطيع ...
اقترب على مهل، يخاف أن تؤذي نفسها فلا يستطيع إنقاذها، و ما أن صار أمامها ركع على ركبتيه و أصابعه تسحب النصل من أناملها فلم تقاومه بل أغمضت عينيها لتغسل مزيد من الدموع خديها الشاحبين
– الذكريات يا مصطفى، تعبت ...
الصور تتلاحق على ذهنها فيكاد رأسها ينفجر وجعا و الرؤية تتشوش أمامها، كل جسدها يؤلمها فيكرر على مسامعها ما قالته الطبيبة النفسانية
– من الطبيعي أن تشعري بالألم بعدما تظهر على السطح ذكريات أبقيتها مغلقة .
لامس يدها فدفعته هاتفة :– لا تلمسني ! .
الجروح على ذراعيها خفقت بألم فخدشتها بأظافرها لتجد يدي ألكساندر تمنعانها و تكبلان حركاتها و يقول :
– لا، ستؤذين نفسك هكذا .
– إنها تؤلمني .
– عقلك يعيش الذكريات من جديد و يحاول أن يختلق شيئا جديدا ليجعل الألم يبدو منطقيا، قاومي شعورك .
صوته كان يرتجف مع كل كلمة يقولها، فما قاله هو ما شكل له الرعب طوال الأيام الماضية، فالطبيبة أوضحت بأن الألم قد يكون كبيرا لدرجة قد تصل بها لتقتل نفسها
همست وسط غمامة الدموع :
– ألكساندر ...
– حبيبتي .
جعلها تستلقي على السرير بين أحضانه، أصابعه تداعب منابت شعرها و بين لحظة و أخرى يقبل جبينها، فارتجف قلبه ما أن سألت :– هل أبدو بشعة ؟ هل ستشمئز مني؟ .
رفع وجهها إليه يمسح دموعها و يقول :
– هل تظنين أن ندبة قد تغير رأيي فيكِ؟ أنت أجمل و أنقى ما رأيت في حياتي، أحبك بكل ما فيكِ.
ارتجفت شفتها السفلى تنذر بنوبة بكاء أخرى :
– أخبرتك بأنني قد حجزت موعدا لدى أفضل الجراحين في الولايات المتحدة، هذه الندبة ستزول، أقسم لك .
أومأت تعود لتدفن رأسها داخل صدره تحتمي بدفئه و حنانه من أشباحها، فعاد ليرفع ذقنها ينظر إلى أعماق عينيها البهيتين و يفصح عمّا ظل يكتمه لأيام :
– يجب أن تتحلي بالقوة، إن لم يكن من أجلي أو من أجلك فمن أجل طفلنا .
غمغمت محتارة :– طفلنا ؟ .
فيبتسم يسرق قبلة من ثغرها :
– أنتِ حامل .
بدل أن تبتسم أو تفرح انفجرت بالبكاء، شهقاتها تكاد تخنقها، فجعل يمسح على ظهرها يهدئها بلمسات حانية في حين يهمس بكلمات العشق في أذنيها حتى سكنت تماما، لا يأتي منها سوى أنفاسها المتقطعة
و قبل أن يتحدث ارتفع صوت شجار الإخوة في الأسفل

في غرفة الجلوس كان النقاش محتدم، و قاسم يهتف بغضب، يكاد يلكم شقيقه :
– هي أم ابنتك أنت، أما أنا فلا يهمني من تكون، يجب أن تعاقب على ما فعلته ، ماريا رفضت أن يرفع زوجا شكوى ضد نهى لكنني سأفعل و إن لم يعجبك الأمر فتلك مشكلتك .
– لا تجعل الأمر يبدو كأنني لا أكترث لأمر ماريا، هي أختي أيضا و أخاف عليها، أخطات لا أنكر و أنا آسف .
– سحقا لأسفك و لأخوتك !.
تدخل سفيان يدفع قاسم بعيدا و يوبخه بنظراته، يجبره على الصمت احتراما له، تلك المرة كان دوره ليتحدث و يزرع بعض المنطق في عقل شقيقه الأكبر، الذي يبدو ضائعا و مشتتا خاصة و أن ماريا ترفض النظر إليه بعدما أطلعها زوجها على كل ما كان خفيا عنها
فقال :– أعدتَها لأنها حامل، لا ألومك فأي شخص منا كان ليفكر بمصلحة طفله، لكن ما كان عليك أن تجلبها إلى هنا.
أراد يعقوب ان يتكلم فقاطعه سفيان :
– رغم علمك بما فعلته، أعدتها لبيتك مع شقيقتك دون أن تبالي، ما الذي كانت لتفعله بعد ذلك؟ تقتلها مثلا ؟، ما كان يجب أن تثق بها ،لقد منحت مختلا صورا لأختك ، بأي عقل كنت تفكر ؟ .
تدخل قاسم :– بل لماذا أخفى الأمور عنا ؟.
فيلتفت له سفيان صارخا :
– قسما بالله إن لم تصمت أخرجتك ! .
كان" يعقوب" في موقف ضعف، يفهم فداحة ما جنت يداه و يتقبل غضب أشقائه، فقد كان يستحقه و لا يلومهم، فنظر نحو "إلياس" الذي لم يحدثه بكلمة منذ حادثة الاختطاف، لم يلمه، لم يعاتبه :
– و أنت ،أليس لديك ما تقوله؟
هز الآخر رأسه بضياع ثم تكلم ببرود :
– أنا لا أكترث بما تفعله بحياتك يا يعقوب ،تتزوجها أو تطلقها لا دخل لي ،لكن اعلم بأنك إن جلبتها إلى هذا المنزل فإني خارج منه .
نطق قاسم :– و أنا كذلك .
– سفيان؟ .
استدار الكل نحو ماريا التي وقفت على مقربة منهم، بدت منهكة القوى، شاحبة الوجه و حزينة الملامح، يتوجعون لحالها و لا يملكون حلا لمداواة جروحها
وقف يعقوب ينظر إليها بأسف، فاقتربت منه تنظر في عينيه الحزينتين بخيبة أمل و لو صفعته ما كان ليتألم كما فعل عندما غرزت سكين كلماتها وسط صدره :
– دوما تفشل في حمايتي، دوما تخذلني.
– ماريا ! .
تابعت باكية :– و في كل مرة مرة تنجح في منحي سببا لأكرهك .
تجمعت الدموع داخل عيني يعقوب فأشاح بوجهه بعيدا، يخفي قهره فلم ترحمه و هي تدفع صدره بقبضتيها :
– لقد كنت تنظر في عيني يا يعقوب، تركتني لوحدي معها، ألم تخف ؟ ألم تقلق عليّ؟ لماذا لا تضعني أولوية في حياتك؟ .
أمسك معصميها ثم احتجزها بين أضلعه ،يحتضن ضعفها و ضعفه على حد سواء :
– لا تقولي هذا أرجوكِ، لم أقصدك إلحاق الضرر بك، والله أنتِ أغلى ما لدي .
– كاذب! .
دفعته بعيدا عنها، تهرب من حضنه الذي لم تعد تثق به إلى حضن رجل آخر ...زوجها ...و ما أن أحاط ذراعيه حولها حتى همست:
-take me home Alexander ,I want to go home .
(خذني إلى منزلنا يا ألكساندر، أريد الذهاب إلى منزلنا )
قربها من صدره أكثر يضمها بقوة إلى أضلعه مرددا :
-shhh...I've got you baby ,everything will be okey .
(اششش...أنا معك حبيبتي، كل شيء سيكون بخير)



يتبع...


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:41 PM   #278

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

منزل المقدم كاسر إبراهيم

الندم كمرض يأكلك من الداخل ،ينهش كل ما فيك ، حتى تشعر كأنك بقايا عفنة من شخص كنته سابقا
لا تعرف نفسك و لا تميز انعكاسك في المرآة
لا ترى سوى أغلاطك و الأضرار التي ألحقتها
و في نظرها باتت لا شيء ...
لا تملك هوية و لا تعريفا سوى أنها من خانت قسمها و حنثت به، غدرت و آذت فتاة وثقت بها و استأمنتها على أسرارها ...
أيامها الماضية كانت جحيما ، استوطنها الخوف و القلق حتى ألزمتها طبيبتها بالراحة من أجل سلامة ابنتها ، لم يوجعها لوم إخوة يعقوب و لا تهديدهم لها برفع شكوى ضدها ،آلمتها مواجهتها لماريا فلم تستطع رفع عينيها من الأرض و الأخيرة تصرخ بوجهها باكية :
– انظري إليّ! أتيت إليه بقدمي من أجلك فتبين أنك أنت من سلطته عليّ ،أنتِ السبب في ما حصل .
فأخذت ترجوها المغفرة و دموعها تغسل خديها :
– أنا آسفة ،والله إنني آسفة على كل شيء .
فتصرخ الأخرى تقسو أكثر في عتابها :
– هل أسفك سيمحي حقيقة أن وجهي بات مشوها ؟ ما الذي سأفعله بأسفك ؟ لقد وثقت بك بحق الله ! فأين ذهب ضميرك؟ من أجل ماذا آذيتني ؟.
لم تجد في نفسها حاجة لتكتم أسبابها و إن كانت واهية أو مجرد أعذار أقبح من الذنب الذي أتت به
– من أجل يعقوب .
طفقت تفصح عما في صدرها ،تروي عن مخاوفها ،وجعها من حب من طرف واحد،زوج عاشق لامرأة أخرى و هي التي كانت مستعدة لتضع قلبها بين كفيه ،امرأة كانت تشعر بوجودها يظلل علاقتهما ،يهرب إليها بأفكاره ،بنظراته المشتاقة
وجع عشقها جعلها تتصرف بحماقة ...بل عته و أذنبت و تندم على كل لحظة عاشتها معه ...
على زواجها ...
على حبها ....
على عجزها ...
فقالت ماريا : – رجل لا يحبك لا يستحق منك نظرة واحدة ،لا أن ترخصي نفسك و تتمسكين به فتهدرين كرامتك ،بئس حب كهذا .
صمتت تتقبل كلماتها التي حملت حقيقة موجعة و كختام زلزلت ثباتها بقولها :
– أنا أشفق عليك .

تلك الجملة لا تغادر ذهنها ،قد تتقبل الكره ،اللوم ،أو أي نوع من العقاب إلا الشفقة ففيها ذل لها ،و انكسار لكرامتها و احترامها لذاتها
قد خسرت كل ما امتلكت و لم تخرج سوى بابنتها من وحل الحب و حطام الزواج الذي عاشته
علاقة استنزفت منها الكثير ،أخسرتها الكثير
أفقدتها توازنها
هي لم تكن يوما الشريرة في القصة ،و ليست البريئة حتما ،هي فقد امرأة عشقت ،توجعت ،خافت الفقد ،فأخطأت و زلت قدمها ...
تندم ،تحزن و لا تملك شيئا تفعله لتصحح غلطتها و تمحو أثر الأذى الذي ألحقته ...
أغمضت عينيها و ذكرى أخرى تنساب إلى خيالها ،ليعقوب بعدما دخل الشقة و من خلفه رجال الشرطة و المسعفين ،فركضت نحوه تحتمي بحضنه و تخفي خوفها هناك ، و بعدما تفحصها بنظراتها السريعة أبقى تركيزه على شقيقته التي تم نقلها إلى سيارة الإسعاف في حين رافق قاسم عناصر الشرطة
و طوال الرحلة إلى المستشفى ظل على صمته لا ينظر إليها لكن لا يبعد يدها التي تمسك بيده و كل ما قاله :
– هل أنتِ بخير؟ ألم يؤذك ؟
و كل ما أتت به هو هزة رأس نافية ، و بعد ساعات كانت مواجهتها مع إخوته و مصطفى ،لتحبس نفسها في غرفتها وحيدة حتى دخل عليها يعقوب يقول :
– ما كان كل هذا ؟ .
– إخوتك يستحقون الحقيقة و لم أكن لأسمح لهم بلومك .
فيجيب ساخرا : – أنتِ سمحت بأن تتعرض أختي للأذى _و الله وحده يعلم إن كانت ستخرج من هذه المصيبة سالمة _فما دخلك بلومهم لي ؟ .
أوجعها بقسوة كلماته ،فأخذت تحدق فيه دامعة العينين قبل أن تشعر بالدماء تنسحب من وجهها بل كأن دلوا من المياه الباردة سقط عليها
– هل لكِ يد فيما حصل ؟ .
فرددت بذهول ،مجروحة ،منكسرة القلب :
– حقا تتهمني؟ ...لم يكن لي يد في شيء يا يعقوب ،أقسم لك ،اختطفني من أمام سيارتي .
فيهتف : – لكنك السبب في وجوده هنا ،كل شيء بدأ بك ! .
-أنا آسفة .
– أسفك لا ينفع ! ،شقيقتي تدمرت بسببك ،بسببي ! و ها هي حامل ،ما يستوجب أن تكون بصحة نفسية و جسدية جيدة ،لكنها محطمة بالكامل .
تراجعت خطوتين للخلف و جلست على طرف السرير ،تكرر اعتذاراتها ،فكان كمن فقد السيطرة على أعصابه :
– ماذا لو لم يأت قاسم في الوقت المناسب ؟ هذا كل ما أفكر فيه ،لقد كدت أخسرها ،هذا إن لم أخسرها بالفعل ،و كله لأنني أحمق صدقتك ،صدقت حسن نيتك عندما عرضت فكرة زيارتك له في السجن اللعين .
تنفس بعمق يهدئ من روعه و يقول :
– نعم ،أخطأت في حقك ،ظلمتك ،و لم أتحكم بمشاعري و أنا آسف ،آسف جدا ،لكنك آذيتني في شقيقتي يا نهى ،أختي التي استأمنتك عليها و خنتِ ثقتي و البدلان لا يستويان أبدا .

بعدها كان ينسحب من حياتها نهائيا ،و لا يجمعها سوى ابنتهما التي سيقع عليها حمل أغلاطهما
هذه النهاية كانت أعدل للجميع ...
الحب لم ينفعها ...
يعقوب لم ينفعها ...
و خرجت مضعضعة النفس ،منكسرة القلب و الخاطر ...
ستعيش لذاتها و ابنتها فحسب
سمعت طرقات على الباب ثم إذ برأس نورس _التي استضافتها في منزلها_ يطل عليها من خلفه فتبتسم :
– هل تحتاجين شيئا ما ؟ .
– لا ، شكرا لكِ .
غادرت نورس غرفة نهى نحو غرفتها فتكون ذراعي كاسر في استقبال جسدها ، فطفق يقبل عنقها ثم يهمس :
– ما الذي يشغل تفكيرك ؟
أحاطت وجهه بكفيها ثم مالت نحو شفتيه تغترف من نهر حبه و شوقه في حين تغمغم – أنا فقط أحبك كثيرا .
كاسر قد لا يمنحها قدر ما تستحق
قد لا ينسيها أوجاعا مضت
إلا يقينها لا يحيد عن كونه سيحميها و يحبها حتى آخر نفس
مهما اختلفا ، تألما، أحبّا أو اختصما ، ستبقى نورس و هو كاسر اللذان اختلفا فتماثلا ..و اكتملا
حبهما يتنفس الوجع و يحيا به
هذا هو الحب
و ما جمع يعقوب بنهى كان وجعا لا يحمل من الحب مقدار ذرة و الفراق هو الأصح لأنها لم تكن بطلة قصته



*
*
*


نهاية الأسبوع
يوم المهمة


العقل البشري يستخدم خمسين نقطة رئيسية لتحديد و التعرف على الوجوه ،التبرج التكتيكي يهدف إلى التلاعب بتلك النقاط حتى يظن الدماغ أن الوجه الذي يراه هو الوجه الذي يتوقع رؤيته ،على هذه القاعدة بنيت أسس مهمتها الجديدة ،تنتحل شخصية المرأة التي باتت في قبضتهم بعد مهمة سرية للغاية ، تحضر الاجتماع الذي سنعقد في فندق يملكه "هدفها" و لعلها بذلك تحصل على معلومات إما لاعتقال الأخير أو قتله لما يشكله من خطر على الأمن القومي .
الخطر سيكون كبيرا على حياتها، قد تدخل و لا تخرج أبدا، و هذا ما جعلها تنفرد بنفسها طوال الأيام الماضية، كي لا تشغل ذهنها بأي شيء، و يبقى تركيزها عاليا
فنسيت معنى النسيان و خيال يعقوب يحوم حولها، كلما فرت منه عادت إليه، تنشغل به و بحاله المتعب و المشتت
لعل أكبر خصيمين هما حبيبان تباغضا...
فالبغظ أقسى درجات الخصومة ...
ربما يبغضها يعقوب قليلا لكن لا يكرهها ،يحاول أن يحمي نفسه و مشاعره منها بعدما جرحته و كسرت قلبه ...
إلا أن ذلك لا يخفي حقيقة حبه لها ،حب تراه في نظراته ،في غضبه ،في خوفه ...
فابتسمت لحالهما الصعب ثم ألقت على نفسها نظرة أخيرة في المرآة ،جهاز التنصت أسفل قميصها و داخل حذاءها سماعة لن تستعملها إلا عند الخطر ...
تحركت خارج الغرفة و مضت نحو غرفة الاجتماعات ،ليتم مراجعة الخطة للمرة الأخيرة ، و خلال دقائق مضت جعلت تنظر ليعقوب دون أن تستمع لكلمة مما كان يقول، تريد أن تملأ عينيها بصورته، أن تحتفظ به داخل خيالها ...
و ما أن انتهى اجتماعهم ،كانا آخر المغادرين فأمسك بمعصمها يوقفها و يغلق الباب عليهما
للحظات اكتفى بالنظر إليها ...
داخل عينيه كلام يحبسه ...
– كوني حذرة هناك، و عند أي لحظة خطر استعملي سماعتك .
ابتسمت :– حتى و إن حدث فليس هنالك شيء لتفعله .
– سأفعل .
اكتفت بإيماءة بسيطة، لا تريد مناقشته، و عندما حاولت المغادرة منعها مجددا يبقي معصمها بين أصابعه ،يتمسك بها ،كأنه يرفض ذهابها، ثم تنهد يقول بقلة صبر :
– مهما حدث، أنا معك .
ربتت على ذراعه تطمئنه :
– شكرا لك على كل شيء .
انطلقت المهمة، فترجلت من سيارة الأجرة أمام باب الفندق الضخم، لا تحتاج لتلتفت لترى سيارة سوداء مظللة تحمل فريقا للمخابرات من خمسة أفراد كاحتياط في الحالات القصوى، سحبت نفسا عميقا تخفف توترها ثم دخلت، تسير بخطواتها الثابتة نحو قاعة الاستقبال، فتجلس على إحدى الأرائك المصغرة في انتظار أحدهم و الذي لم يجعلها تنتظر طويلا فقد قال ما أن مد يده يصافحها :
– سيدة (....)؟
– نعم .
– أعطني هويتك؟
منحته بطاقة التعريف فأخذ ينظر بتدقيق إلى الصورة عليها و بعد لحظات خانقة قال :
– اتبعيني .
منحته إيماءة بسيطة ثم تبعته نحو المصعد ،ثم ردهة طويلة وصولا إلى الجناح المخصص للاجتماع ،فأخذ مرافقها منها حقيبة يدها يحتفظ بها عنده و سمح لها بالدخول ، فوجدت "الهدف" يستقبلها بابتسامة متعجرفة و يدعوها لتجلس مقابلا له :
– أخيرا التقينا ...سمعت عنك الكثير .
وضعت ساقا فوق الأخرى، فنزلت نظراته الوقحة على طول جسدها بافتتان واضح و سافر
قالت :– و أنت كذلك ...سمعتك تسبقك .
– بعض الناس يبالغون .
مد يده يسكب لها فنجانا من القهوة، فالتقطته تبقيه بين أصابعها، و نظراتها لا تفارق الرجل الذي يتربع على عرش تجارة المخدرات في البلاد ، فساده طال أجهزة أمنية و إطارات في الدولة فوجب التخلص منه بأي طريقة
– أخبريني قليلا عن عملك ،ما الذي يجعلني أعقد صفقة معك ؟ .
قبل أن تجيبه ،قاطعها صوت رنين هاتفه ،فوضع على أذنه يستمع إلى الطرف الآخر و نظراته عليها ،رفعة الحاجب، لغة جسده، تغير نبرة صوته كانت دلائل واضحة على اكتشاف أمرها ...
رمت بالقهوة الساخنة على وجهه ثم اندفعت عليه تنزع الوشاح من رقبتها ثم تلفه حول عنقه عندما حاول النهوض و بإحدى يديها تكتم فمه كي لا يخرج صوته
سكن جسده ...فخاطبت فريقها
– تمت تصفية الهدف ،بعدما اكتشف أمري ،عليّ أن أجد طريقة للخروج .
سحبت الجثة إلى الحمام ثم فتحت صنبور المياه ،عدلت ثيابها ثم غادرت و ابتسامة لطيفة على شفتيها ،و بعدما أخذت حقيبة يدها تكلمت مجددا :
– أنا خارج الجناح ،سأتجه إلى المصعد .
الرواق بدا طويلا جدا لا ينته ،قلبها يكاد يخرج من صدرها و تكبح نفسها بصعوبة كي لا تطلق ساقيها للريح
و قبل أن تضغط على زر المصعد سمعت هتاف أحدهم :
– اقبضوا عليها ! .
تمتمت :– سحقا ! .
اتجهت نحو السلالم تنزل العتبات بسرعة ،تعلم أن الفندق بأكمله محاط برجال الذي قتلته ، كانت لوحدها ،و عليها التفكير بحلول سريعة و فعالة
بلغت الطابق الثالث عندما رأت ثلاث رجال يصعدون السلالم و قد رأوها فخرجت إلى الرواق تلتفت يمينا و يسارا بغير هدى ...
رجلان آخران أقبلا عليها من الرواق الشرقي فاتجهت غربا حتى رأت أحدهم بصدد دخول غرفته فدفعته داخلا ثم أغلقت الباب عليهما لتلتقط كرسيا تضعه على المقبض لتعيق أي أحد من الدخول ،هددت صاحب الغرفة :
– اذهب إلى الحمام و اختبئ ،قد قتلت شخصا منذ خمس دقائق فلا تجعلني أقتلك أيضا .
سارع الخطى ينفذ أوامرها فتنهدت تفكر دون أن تجد حلا ...باتت محاصرة ،لا مفر لها ، و ستموت أفضل لها من أن تؤخذ كرهينة ،فلن يتدخل أحد لإنقاذها ، هي لوحدها دوما كانت و دوما ستكون ...
تطلبها كل هذا لتدرك أن هذا العمل يأخذ منها كل شيء و لا يمنحها شيئا ..
كم كان يعقوب محقا !
سحبت السماعة من حذاءها و وضعتها على أذنها و صوته يأتيها قلقا :– ما الذي حصل ؟ أين أنتِ؟
في معركة الصمود و الألم خانتها دموعها و شعور بالعجز داخلها يتعاظم ،فيزيدها ندمها ألما ،تندم على اللحظات التي ضيعتها بعيدا عنه ،على مفارقته و دفعه لأخرى
كان حبها له و حبه له الشيء الحقيقي الوحيد الذي امتلكته ،هو الدافع الذي يبقيها ثابتة ،مستقيمة و قوية
حتى و هي في لحظتها تلك، على بعد خطوة منها لا تفكر سوى بحبه و لا تتمسك سوى به ...
انكسر صوتها و ارتجف بنشيج مكتوم و هي تقترب من النافذة الطويلة للغرفة و تقول :
– سامحني على كل شيء ..أنا آسفة .
– لينا؟ .
خاف عليها و استشعر ضعفها فابتسمت ،لطالما كان الوحيد الذي يهتم ؛ الوحيد الذي يفهمها من نظرة عين دون أن تنطق بكلمة :
– أنا أحبك .
صمته دام لبضع ثوان قبل أن يهتف فزعا :
– ما الذي ستفعلينه ؟ لا تتهوري ! ،سأجد حلا ما !.
أخذ يصرخ يوجه أوامره للفريق كي يأتوا بحل ما فصرخت بدورها :
– لا تخاطر بأي شيء، عندما قبلت بالمهمة كنت أعلم العواقب و تقبلتها، أنا لا أملك وقتا كثيرا لذا اسمعني جيدا .
الاهتزاز الذي لامس نبرة صوته جعلها تضع يدها على فمها تحجب صوت بكائها عن مسامعه و بعد نفس مضطرب سحبته إلى رئتيها قالت :
– قد ارتكبت الكثير من الأخطاء في حياتي، و أنت أصح قرار، و نادمة جدا لأنني ضيعتك لذا ...
– اصمتي بحق الله ...
– لا تنساني، حسنا؟ لأنك كل ما لدي و ربما الوحيد الذي سيذكرني (ضحكت وسط دموعها ) إن بالخير أو الشر– المهم لا تنساني .
صرخ في أذنها :– أخرجي من هناك حالا!.
فقالت بهدوء مخيف :– سأخرج .
أتاها صوت تحطم شيء على الطرف الآخر من الخط و من خلف الباب تسمع دبيب خطوات و بعض الأصوات الغاضبة فعلمت أنها باتت محاصرة، و أخذت تتراجع للخلف و مع كل خطوة تنساب إلى ذهنها ذكرى لها و يعقوب
– حضرة الرائد، تشرفت بالعمل معك .
نزعت السماعة تمسكها بين أصابعها ثم أغمضت عينيها تتنفس بعمق
مجرد لحظة خاطفة من الزمن ،صمت فيها كل شيء
لحظة من السلام ...
من الوجع ...
لحظة وداع ...
و دون تردد ركضت باتجاه النافذة ، فتقفز لترمي بنفسها ،بأحلامها و بكل ذكرياتها إلى السماء لعلها تسعها، لعل الرياح ترفعها بعيدا، لعل الأرض تحتضنها و تكون أحن عليها من والدين لم تعرفهما ...
انكسر الزجاج كانكسار قلبها ..
فسقطت ...
تحطمت ...
و صمت كل ما فيها ...و كل ما حولها أظلم ...



يتبع...


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:47 PM   #279

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بعد أسابيع
الولايات المتحدة


المسألة لم تكن يوما تتعلق بما يفعله الآخرون بنا بل بما نفعله نحن بأنفسها ، خياراتنا هي التي ترسم طريقنا و تبني سعادتنا
طريقها لم يكن يسيرا، توجعت، حزنت، تحطمت لكن نهضت من جديد ...
باتت قوية بوجود شريك كافأتها الحياة به بعد طول عناء ،رجل بات يمثل لها الدنيا و ما فيه
يبدأ عالمه به و ينتهي به ...
و هو الذي منحها أملا أجمل و سببا لتعيش و تنزع عنها حلة الهزيمة ...ليس طفلا واحدا بل توأم ...
ابتسمت ترفع قميصها لتكشف عن بطنها البارزة، تراقبها كل يوم و تصور التغير الذي يطرأ على حجمها، شعور غريب يكتنفها و قطعتان من حبيبها تكبران داخلها ...
أصابعها ارتفعت إلى خدها، حيث كانت ندبتها التي اختفت بعد عملية تجميلية ...
أحيانا يخيل إليها أنها ما تزال هناك ،فتلامس مكانها دون إرادة منها ...
اختفت الندبة ...
و تبقى الذكريات ...
ما تزال تحارب أشباحها و ستحارب حتى آخر رمق، لكونها تملك أهدافا تقويها و تدفعها إلى المضي قدما ...
أحيانا تشعر بالفشل و الخيبة، أحيانا تود أن تستسلم لغمامة الحزن التي تريد أن تبتلعها، فترى نفسها لا تستحق أي ذرة سعادة ...
بعض المرات تغلق باب الحمام عليها و تبكي حتى تكاد روحها تفارق جسدها ثم تقف تغسل وجهها و تتابع يومها
تحاول أن تصرف النظر عن ملاحظة ألكساندر لها، و تقنع ذاتها أنه لم يرها و لا يرى ما بها من ألم و يأس
قد بدأت العلاج عند معالج نفساني هنا في الولايات المتحدة ،ما يزالان في المراحل الأولى إلا أنه يساعدها و دوما ما يذكرها أنها تمتلك زوجا و إخوة يسندون ظهرها و تشدد أزرها بهم و عليها أن تكون فخورة بنفسها على كل ما عاشته و صمدت، و لا يجب أن تسمح لعدوها بالانتصار عليها خاصة و أنه لم يعد موجودا ...
أحيانا تصدق ذلك ....
و مرات تكذبه ...
تنهدت تتوجهه إلى طاولة الزينة تلتقط زجاجة عطر خاصة بألكساندر ثم تجلس على طرف السرير و ترش قليلا من العطر على معصمها لتلعقه بلسانها فتستلذ بما تتذوقه
الرائحة تصيبها بالجنون، و تراها حتى في حلمها و تجعل زوجها يرش منها الكثير على نفسه حتى يكاد يختنق ...
و لا يملك الحق في التذمر ...
دخل عليها الغرفة فسارعت تخبئ الزجاجة خلف ظهرها، فقعد حاجبيه يناظرها بتوجس ثم أخذ يدنو منها يسأل مرتابا :
– ما الذي تخفينه؟
– لا شيء .
احمرار خديها فضحها، فمال نحوها يبقي عينيه على شفتيها، يصرف انتباهها عن يده التي امتدت خلفها بحثا عن ما تخفيه، و عندما رفعت رأسها إليه لتقبله ابتعد يرفع زجاجة العطر :
– هذا ما تخفينه؟ ما حكايتك بحق الله مع العطر؟
ردت بخجل :– يعجبني .
يجلس بجانبها ثم يجعلها تجلس على ساقه، يداعب ذقنها بسبابته و يناغشها بالقول :
– أخبريني كيف يعجبك؟
لامست عنقه بأنفها، تشم ذات الرائحة عليه فتشعر بأنها قد سكنت الجنة بالفعل و همست :
– أتذوقه.
ففزع يبعدها عنه لترى جديته :– ماذا؟ ماريا هل جننتِ؟ هذا خطير عليك.
أخذت تدافع عن نفسها :
– أنا حامل يا ألكساندر،و اشتهيت عطرك .
قال :– منذ بضعة أيام كنت تأكلين الصابون يا ماريا و الآن حان دور العطر ! .
ابتسمت ببراءة، تداعب خده بأناملها، تحاول أن تصرفه عن توبيخها، حيلة باتت تتقنها، خاصة و أنه ضعيف ناحية قربها و يشتاقها على الدوام ..
لم تكن منصفة أبدا ...
لامس بطنها برقة، لا يطيق صبرا حتى اليوم الذي يحمل فيه طفليه، و من دون شك سيكونان من أجمل أطفال الدنيا، لأنهما جزء من امرأة قوية و حملت كل جمال و دفء الدنيا ...
لامست عنقه بشفتيها ترسم حدودا لها على بشرته فتثير فيه عواصف من الجنون في حين أصابعها تحاول رفع قميصه عنه فأوقفها بحزم :
– كفاكِ عبثا !.
– ألكساندر، ما بك؟
فيقول ضاحكا :– والله منذ رأيتك لم أجد إجابة لهذا السؤال .
ابتعدت تنظر إليه بعينين موبختين و قبل أن تنطق بكلمة ما طبع قبلة على ثغرها و سأل :
– ماذا سنسمي أطفالنا ؟ .
ردت :– إن كانتا فتاتين فسيكون "ميلا " و "نور" .
ابتسمت يقبّلها مرة أخرى ف"ميلا" كان اسم أمه و سيكون أكثر من سعيد أن تحمل ابنته اسم جدتها .
– و إن كانا توأما من الذكور ؟ .
أجابت :– "مصطفى" لأنك لم تغير اسمك في أوراقك الرسمية و "إيساف " .
اكتفى بإيماءة من رأسه، يترك لها الحرية في اختيار ما تريد، يريدها سعيدة فحسب و بصحة جيدة و أن يعيشا حياة يلونها الحب ...
معا دوما ضد كل شيء ...
بعد صمت ثقيل سقط عليهما ،نظر لعينيها مطولا و سأل :
– كيف تشعرين؟
هزت كتفيها بقلة حيلة ،فيرى ضياعها و تخبطها و إن كانت تظهر عكس ذلك ،لا يفهم لمَ تخفي عليه وجعها ؟ فلم يعهدها كذلك ...تبقيه بعيدا و في الظلام لتخوض معاركها وحيدة ...
– ماريا، لا تفعلي هذا، الصراحة و الثقة هما أهم ما بيننا، لا تحاربي لوحدك و دعيني أساعدك.
غمغمت و قد ترقرقت الدموع داخل عينيها :
– لا أريد أن أخذلك، أو أحزنك .
ضمها إلى صدره في حين يقول :
– نحن في هذا معا، نحارب معا و ننتصر معا، اتفقنا ؟
– اتفقنا .
ما يزال أمامهما الكثير حتى يجتازا ما حدث، أسابيع مضت و أحرزا تقدما بسيطا لكن مهم ...
لديه العمر كله، ليداوي جراحها ،يحبها ،يحميها و يريها أنها أقوى مما تظن بكثير



*
*
*
*

مقر قيادة الأمن العسكري

الحب هو امتزاج نفسين بكل ما فيهما من حقائق و أكاذيب
عيوب و محاسن ...
خير أو شر ...
الحب يمنحك، يسعدك منه ما قد تنهل منه بلا شبع
و منه مر، كريه، تشبع منه و تعافه نفسك و قلبك دون أن تأكل منه أو تنهل
تختلف تعريفاته و مسمياته لكن تبقى الحقيقة المطلقة أن الوجع انعكاس له
تتثاقل أنفاسه و عيناه تلقيان نظرة أخيرة على مكتبه، بعدما ودع زملاءه و تمنى لهم كل التوفيق، فيمضي في حياته نحو مستقبل أأمن له و لطفلته التي اقترب موعد قدومها ...
مهمته الأخيرة كانت كارثة بالمعنى الحرفي، عاش خلالها خوفا لم يعرفه إلا عندما كاد يفقد شقيقته لمرتين ...
فوجد نفسه يودع لينا، و يجلس مكتوف اليدين، يستمع لوداعها و كلماتها الموجوعة ...
اهتز فؤاده بألم و قد حضرته الذكرى، صوت تهشم الزجاج ثم وقوع جسدها على السيارة بعدما قفزت من الطابق الثالث ...
حركة غبية منها ...
فضلت الموت ..
هربت كعادتها ..
يتذكر صمته، نظراته الشاخصة، أنفاسه تأبى دخول صدره و وجع عظيم يمزق بدنه
يأتيه صوت حيان الهلع و هو يردد :
– لينا ! بحق الله ما الذي فعلته ؟ يا إلهي ! ...
أحد رجاله يناديه، فلا يسمعه، ضاع، انمحى من الوجود و نسي كل شيء إلاها
تحرك يغادر غرفة تنسيق العمليات ،متجاهلا نظرات الذهول ممن معه، لم يعرف ما كان يفعله، لم يعرف نفسه...
خذله عقله ..قلبه ...ركبتاه ..
فجلس أرضا يستند على الجدار، رأسه يتدلى بين كفيه، يحاول أن يفهم، أن يستوعب
أماتت؟
هل فقدها ؟

انتزعه من بحر الذكريات قرع على الباب، و بطلة أفكاره تدخل عليه مكتبه ،بحالها المتعب و تستند على عكازين ،فاختلج الذي في صدره لمرأى ابتسامتها الصغيرة ما أن أقبلت عليه ...
لم يعرف مقدار حبه لها حتى دق الموت بابها و كاد يختطفها منه ،ربما لن يجتمعا ، ربما لن يكونا سويا لكنه يريدها آمنة و سعيدة ...
– كيف حالك يا لينا ؟
أجابت بمشاكسة :– لقد رأيتني البارحة، غير أنني مللت من رؤيتك، لم تفارقني طوال إقامتي في المستشفى، و تزورني حتى بعد خروجي .
و هل يلام على خوفه ؟
لا ...
يريد إبقائها أمام ناظريه ليتأكد من سلامتها بعد أن نجت بأعجوبة ..
ضلوع مكسورة، كسر على مستوى الفخذ و خلع للكتف ...هذا ما تسببت به لنفسها
تكلم يمازحها :– ما كان عليك أن تقذفي بنفسك من النافذة إذن .
ردت مبتسمة:– ارتجلت، كنت محاصرة .
اقتربت منه على مهل، تعانق النظرة أختها، في حوار مؤلم لا ينتظم وفق نسق صحيح
سألت:– ما الذي تخطط لفعله ؟
– أعمل، لقد افتتحنا الوكالة، و أنتِ؟ .
أخفضت نظراتها ،تهرب من عينيه ثم تعود إليهما ،فيلون الحزن ملامحها :
– لقد استلمت أوراق تسريحي من الخدمة و سأسافر .
عقد حاجبيه مندهشا ، لم يكن له علم بنيتها مغادرة صفوف المخابرات ،ربما الحادث أنهك جسدها لكن ليس لدرجة أن تطلب تسريحا
و إن صح ظنه ،فقد أتت لتودعه ...
ارتجف قلبه بين أضلعه عندما تكلمت بخفوت :
– لقد عنيت كل كلمة قلتها ذلك اليوم .
أشاح بوجهه عنها فتابعت و رجفة تسكن صوتها :
-و سأعنيها حتى آخر لحظة من عمري ،لقد جبنت سابقا و ارتكبت أكبر ذنب في حقنا لكن لا تشك أبدا في حبي لك .
كتم تأوها جاش به صدره و نظر لها ،حقا نظر ،فكانت لعينيه شديدة الجمال و هي تفصح عن حبها ، كانت في نظره كأن السحاب انفلق عن وجه فاتن كالقمر الطالع المكتمل
كلها شعاع كلها نور و كلها حسن
لامست ذراعه بيدها :
– شكرا لك على كل شيء يا يعقوب ،اعتن بنفسك و كن دوما بخير .
كادت تستدير و تغادر، فامتدت يده دون إذن منه تمنعها، تقربها أكثر، سقط العكازان أرضا و لم يأبه، بل جذبها إلى أضلعه يحتضنها
لا يهون عليه أن يتركها تذهب، فعملها كان منزلها و عائلتها و أن تترك كل هذا خلفها يعني أنها ستكون وحيدة و كان ذلك يوجعه
همس في أذنها :– لقد حاولت ،أتعلمين؟ ..رباه كم حاولت أن أتوقف عن حبك و التفكير بك ،لكن فشلت .
تمسكت بقميصه أكثر، تتنفس رائحته دون اكتفاء
غمغمت :– ما كان من المفترض أن ننتهي هكذا .
فيبعدها عنه يمسح دموعها بإبهاميه :
– لكن هذا ما كُتب لنا .
افترقا، تباعدا، و قبل أن تغلق باب المكتب، ودعته لمرة أخيرة بأن أشارت لنفسها بسبابتها ثم رسمت قلبا في الهواء و ختاما أشارت له
"أنا أحبك "
الأيام قد عصفت بهما لكن الغد سيجمعهما ..حتما سيجمعهما .. لأنهما مرتبطان ببعضهما، مهما اختلفت طرقها سيلتقيان مجددا في نقطة ما و حينها سيتمسك كل منهما بالآخر ..دون فراق ..أو أحزان
تراخى الزمن به و بها و فرق دربها عن دربه
و لقاؤهما هذا هو الأخير
كان وداعا ... و نقطة لنهاية قصتهما
فلم يستقرا لا على شاطئ الوجع و لا على شاطئ الحب
الوسط بينهما كان الأصح لهما و الأصدق ...
ذلك لم و لن يغير شيئا مما يحملان داخل قلبيهما ..لكن الفراق حتم


انتهى الفصل


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:49 PM   #280

bella snow

نجم روايتي وكاتبة في قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية bella snow

? العضوٌ??? » 348392
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,857
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » bella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond reputebella snow has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ننتقل أخيرا الى الخاتمة بعد تنزيل ما ضاع من الفصول


bella snow غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:35 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.